5.
مجلد{5}
النهاية في غريب الحديث والأثر لمجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم
الشيباني الجزري ابن الأثير (المتوفى: 606هـ)
وَمِنْهُ
حَدِيثُ الدُّعَاءِ «ألِّفْ «1» جَمْعَهم وأَوْتِرْ بَيْنَ مِيَرِهِم» أَيْ لَا
تَقْطَع المِيرَة عَنْهُمْ، واجْعَلْها تَصِل إِلَيْهِمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّة.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَا بأسَ أنْ يُوَاتِرَ قَضاء رَمَضان»
أَيْ يُفَرّقه، فَيصُومَ يَوْمًا ويُفْطر يَوْمًا، وَلَا يَلْزَمُه التَّتَابُعُ
فِيهِ، فيقْضِيه وِتْراً وِتْرا.
(هـ) وَفِي كِتَابِ هِشَامٍ إِلَى عَامِلِهِ «أنْ أَصِبْ لِي نَاقَةً مُوَاتِرَة»
هِي التَّي تَضَع قَوائِمهَا بِالْأَرْضِ وِتْراً وِتْرا عِنْدَ البُروك. وَلَا
تَزُجُّ نَفْسَها زَجَّاً فيَشُقَّ عَلَى راكِبهَا. وَكَانَ بِهِشَامٍ فَتَقٌ.
(هـ) وَفِيهِ «مَن فاتَتْه صلاةُ العَصْر فكأنَّما وُتِرَ أهْلَه ومَالَه» أَيْ
نُقِص. يُقَالُ:
وَتَرْتُهُ، إِذَا نَقَصْتَه. فكأنَّك جَعَلْته وِتْراً بَعْد أَنْ كَانَ كَثِيرا.
وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الوِتْر: الجِنَايَة التَّي يَجْنيها الرجُل عَلَى غَيْرِهِ،
مِنْ قَتْل أَوْ نَهْب أَوْ سَبْي. فشبَّه مَا يَلْحق مَن فَاتَتْه صلاةُ العصْر
بمَن قُتِل حَمِيمُه أَوْ سُلِبَ أهْلَه ومَالَهُ.
[وَ] «2» يُروْى بنَصْب الْأَهْلِ ورَفْعِه، فَمَنْ نَصب جَعَله مَفْعولا ثانِيا
لِوُتِر، وَأضْمَر فِيهَا مَفْعُولًا لَمْ يُسَمّ فاعِلُه عَائِدًا إِلَى الَّذي
فاتَتْه الصَّلَاةُ، وَمَنْ رَفَعَ لَمْ يُضْمِرْ، وَأَقَامَ الْأَهْلَ مقام مالم
يُسَمّ فاعِلُه، لأنَّهم المُصابُون المأخُوذون، فَمن رَدَّ النَّقص إِلَى الرجُل
نَصَبهما، ومَن رَدّه إِلَى الْأَهْلِ والمالِ رفَعَهُما.
وَمِنْهُ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمة «أَنَا الْمَوْتُورُ الثَّائر» أَيْ
صاحِب الوِتْر، الطَّالبُ بالثَّأر.
والمُوْتُور: المفْعُول.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «قَلِّدُوا الخَيْلَ وَلَا تُقَلِّدوها الْأَوْتَارَ»
هِيَ جَمْع وِتر، بالكَسْر، وهِي الجِنَاية: أَيْ لَا تَطْلُبوا عَلَيْهَا
الأوتارَ الَّتِي وُتِرْتُمْ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
وَقِيلَ: هُوَ جَمع وَتَرِ القَوْس. وَقَدْ تَقدّم مَبْسُوطًا فِي حَرْفِ
الْقَافِ.
وَمِنَ الْأَوَّلِ حَدِيثُ عَلِيٍّ، يَصِف أَبَا بَكْرٍ «فأدْرَكْت أوْتارَ مَا
طَلَبوا» .
__________
(1) في الأصل: «اللهم ألِّفْ» وما أثبت من ا، والنسخة 517، واللسان. وفيه:
«وواتِرْ» .
(2) من ا، واللسان.
(5/148)
(س)
وَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي الشُّورَى «لَا تُغْمِدُوا السُّيوفَ عَنْ
أعْدائِكم فَتُوتِرُوا ثَأْرَكُم» «1» قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هُو مِنَ الوِتْر.
يُقَالُ: وَتَرْتُ فُلانا، إِذَا أصَبْتَه بِوِتْر، وأوْتَرْتُه:
أوْجَدْتُه ذَلِكَ. والثَّارُ هَاهُنَا: العَدُوّ؛ لأنَّه مَوْضعُ الثَّأر.
الْمَعْنَى لَا تُوجِدُوا عَدُوّكُم الوِتْرَ فِي أنْفُسِكم.
وَحَدِيثُ الْأَحْنَفِ «إنَّها لَخَيْلٌ لَوْ كَانُوا يَضْرِبُونَهَا عَلَى
الْأَوْتَارِ» .
وَمِنَ الثَّانِي الْحَدِيثُ «مَن عَقَد لِحْيَتَه أَوْ تَقلَّد وَتَراً» كَانُوا
يَزْعُمون أَنَّ التَّقَلُّد بالأوتارِ يَرُدُّ العَينَ، ويَدْفَع عَنْهُمُ
المَكارِه، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أمَرَ أنْ تُقْطَعَ الأوتارُ مِنْ أَعْنَاقِ الخَيْل»
كَانُوا يُقَلِّدونها بِهَا لأجْل ذَلِكَ.
وَفِيهِ «اعْمَل مِن ورَاءِ البَحْر فَإِنَّ اللَّهَ لَن يَتِرَكَ مِن عَمَلِك
شَيْئًا» أَيْ لَا يَنْقُصُك.
يُقال: وَتَرَهُ يَتِرُهُ تِرَةً، إِذَا نَقَّصه.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنْ جَلَس مجْلسا لَمْ يذْكر اللَّه فِيهِ كَانَ عَلَيْهِ
تِرَةً» أَيْ نَقْصاً.
وَالْهَاءُ فِيهِ عِوَض مِنَ الواوِ الْمَحْذُوفَةِ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِالتِّرَةِ
هَاهُنَا التَّبِعَة.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْعَبَّاسِ «كَانَ عُمرُ لِي جَاراً، وَكَانَ يَصُوم
النَّهارَ ويَقوم اللَّيْلَ، فلمَّا وَلِيَ قُلْتُ: لأنْظُرَنّ إِلَى عَملِه،
فَلَمْ يَزل عَلَى وَتِيرَةٍ واحِدَة» أَيْ طريقَة واحِدة مُطَّرِدَة يَدُومُ
عَلَيْهَا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ زَيْدٍ «فِي الْوَتَرَةِ ثُلُثُ الدِّية» هِيَ وَتَرَة الأنْف
الحاجِزَة بَيْن المَنْخَرَيْن.
(وَتِغَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الإمارَة «حَتَّى يَكونَ عَمَلُه هُو الَّذِي يُطْلِقُه أَوْ
يُوتِغُهُ» أَيْ يُهْلِكه. يُقَالُ: وَتِغَ «2» وَتَغاً، وأَوْتَغَهُ غيرُه.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَإِنَّهُ لَا يُوتِغُ إِلَّا نَفْسَه» .
(وَتَنَ)
- فِي حَدِيثِ غُسْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «والفَضْل
يَقُولُ: أرِحْني أرِحْني،
__________
(1) سبق في مادة (وبر) : «آثارَكم» .
(2) في الأصل، وا: «وَتَغَ وتْغاً» والضبط المثبت من اللسان. وهو من باب وَجِل،
كما فى القاموس.
(5/149)
قَطَعْتَ
وَتِيني، أرَى شيأً يَنْزِل عَلَيَّ» الْوَتِينُ: عِرْق فِي القَلْب إِذَا انْقَطع
مَاتَ صاحِبُه.
(س) وَفِي حَدِيثِ ذِي الثُّدَيَّة «مُوتَنُ اليَدِ» هُو مِنْ أَيْتَنَتِ
المرْأةُ، إِذَا جَاءَتْ بِوَلَدها يَتْناً، وَهُوَ الَّذِي تَخْرج رجْلاه قبْل
رأسِه، فقُلبت الواوَ يَاءً لِضَمَّة الْمِيمِ. والمشهورُ فِي الرِّوَايَةِ
«مُودَنٌ» بِالدَّالِ.
(هـ) وَفِيهِ «أمَّا تَيْمَاءُ فَعَيْنٌ جارِية، وَأَمَّا خَيْبرُ فَماءٌ وَاتِنٌ»
أَيْ دَائمٌ.
بَابُ الْوَاوِ مَعَ الثَّاءِ
(وَثَأَ)
(س) فِيهِ «فَوُثِئَتْ رِجْلي» أَيْ أصابَها وَهْنٌ، دُون الخَلْع والكَسْر.
يُقال:
وَثِئَتْ رجلُه فَهِيَ مَوْثُوءَةٌ، ووَثَأْتُهَا أَنَا. وَقَدْ يُترك الْهَمْزُ.
(وَثَبَ)
(س [هـ] ) فِيهِ «أَتَاهُ عامرُ بنُ الطُّفَيْل فَوَثَّبَهُ وِسَادة» وَفِي
رِوَايَةٍ «فَوَثَّبَ له وسادة» أي ألقاها له وأقعده عليا. والْوِثَابُ: الفِراش،
بِلُغةِ حمْير.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ فَارِعَةَ أختِ أميَّة بْنِ أَبِي الصَّلت «قَالَتْ: قَدِم
أَخِي مِنْ سَفَر فَوَثَبَ عَلَى سَرِيري» أَيْ قَعَد عَلَيْهِ واسْتَقَرّ.
والْوُثُوبُ فِي غَيْرِ لُغَةِ حِمْير بِمَعْنَى النُهوض والقِيام.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّين «قَدَّمَ لِلْوَثْبَةِ يَدًا وأخَّر
للنُّكوص رِجْلا» أَيْ إِنْ أَصَابَ فُرْصة نَهَض إِلَيْهَا، وَإِلَّا رَجَع
وتَرَك.
(س) وَفِي حَدِيثِ هُزَيل «أيَتَوَثَّبُ أَبُو بَكْرٍ عَلَى وَصِيّ رَسُولِ اللَّه
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَدَّ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ وَجَدَ عَهْدا مِن
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ خُزِمَ أنْفُه
بِخِزَامةٍ» أَيْ يَسْتَوْلي عَلَيْهِ ويَظْلِمُه. مَعْنَاهُ: لَوْ كَانَ عَلِيٌّ
مَعْهُودًا إِلَيْهِ بالخِلافة لَكَانَ فِي أَبِي بَكْرٍ مِنَ الطَّاعَةِ
والانقِياد إِلَيْهِ مَا يَكُونُ فِي الجَمَل الذَّليل الْمُنْقَادِ بِخِزَامَتِه.
(وَثَرَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ نَهى عَنْ مِيثَرَةِ الأُرْجُوانِ» الْمِيثَرَةُ بالكسرِ:
مِفْعَلة، مِنَ الوَثَارة. يُقَالُ: وَثُرَ وَثَارَةً فَهُوَ وَثِيرٌ: أَيْ
وَطِيءٌ لَيِّن. وأصلُها: مِوْثَرة، فقُلبت الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ الْمِيمِ.
وَهِيَ مِنْ مَراكِب العَجَم، تُعْمل مِنْ حَرِيرٍ أَوْ دِيباج.
والأُرْجُوانُ: صِبْغ أحْمَر، ويُتَّخَذ كالفِراش الصَّغير ويُحْشىَ بقُطْن أَوْ
صُوفٍ، يَجْعَلها
(5/150)
الرَّاكب
تَحْتَه عَلَى الرِّحال فَوقَ الجِمال. ويَدخُل فِيهِ مَيَاثِرِ السُّروج، لأنَّ
النَّهْيَ يَشْمَل كلَّ مِيثَرَةٍ حَمْراء، سَوَاءٌ كانتْ عَلَى رَحْلٍ أَوْ
سَرْج.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «قَالَ لِعُمَر: لَوِ اتَّخذْتَ فِراشاً
أَوْثَرَ مِنْهُ» أَيْ أوطَأَ وألْيَن.
(س) وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَر وعُيَيْنة بْنِ حِصْن «مَا أخَذْتَها بَيْضاءَ غَريرةً،
وَلَا نَصَفاً وَثِيرَة» .
(وَثِقَ)
- فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ «وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسول اللَّه صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَة العَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى
الْإِسْلَامِ» أَيْ تَحالَفْنا وتَعاهَدْنا، والتَّوَاثُقُ: تَفاعُل مِنْهُ.
والْمِيثَاقُ:
العَهْدُ، مِفعالٌ مِنَ الْوِثَاقُ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ حَبْلٌ أَوْ قَيْدٌ
يُشَدّ بِهِ الْأَسِيرُ والدَّابَّة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ذِي المِشْعار «لَنَا مِن ذَلِكَ مَا سَلَّموا بالمِيثاق وَالْأَمَانَةِ»
أَيْ إِنَّهُمْ مأمُونون عَلَى صَدَقاتِ أمْوالِهم بِمَا أُخِذَ عَلَيْهِمْ مِنَ
المِيثاق، فَلَا يُبْعَثُ إِلَيْهِمْ مُصَدِّقٌ وَلَا عاشِر. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي
الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ مُعَاذٍ وَأَبِي مُوسَى «فَرَأَى رجُلا مُوثَقاً» أَيْ مَأْسُورًا
مَشدودا فِي الوَثَاق.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعاء «واخْلَع وَثَائِقَ أفئدتِهم» جَمْعُ وِثَاق، أَوْ
وَثِيقَة.
(وَثَمَ)
(س) فِيهِ «أَنَّهُ كَانَ لَا يَثِمُ التَّكبير» أَيْ لَا يَكْسِرُه، بَلْ يَأْتِي
بِهِ تَامًّا.
والْوَثْمُ: الكَسْر والدَّقّ. أَيْ يُتِمُّ لفظَه عَلَى جِهة التَّعْظِيمِ، مَعَ
مُطابَقة اللِّسَانِ والقلْب.
وَفِيهِ «وَالَّذِي أخْرَج العِذْق مِنَ الجَرِيمة، والنَّار مِنَ الوَثِيمة»
الْوَثِيمَةُ: الحَجَر الْمَكْسُورُ.
(وَثَنَ)
- فِيهِ «شارِبُ الخَمْر كعابِدِ وَثَنٍ» الْفَرْقُ «1» بَيْنَ الْوَثَنِ
والصَّنَم أنَّ الْوَثَنَ كلُّ مَا لَه جُثَّة مَعْمولة مِنْ جَواهِر الْأَرْضِ
أَوْ مِنَ الخَشَب والحِجارة، كصُورة الآدَميّ تُعْمَل وتُنْصَب فتُعْبَد.
والصَّنَم: الصُّورة بِلا جُثَّة. وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَفْرُق بَيْنَهما،
وأطلَقَهما عَلَى المَعْنَيَين. وَقَدْ يُطْلَق الوَثَن عَلَى غَيْرِ الصُّورة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَديِّ بْنِ حَاتِمٍ «قَدِمْتُ عَلَى النَّبي صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي عُنُقي صَليبٌ مِنْ ذَهَب، فقال لي: ألْقِ هذا الوثَنَ
عنك» .
__________
(1) هذا من شرح الأزهري، كما في الهروي.
(5/151)
بَابُ
الْوَاوِ مَعَ الْجِيمِ
(وَجَأَ)
(س) فِي حَدِيثِ النِّكَاحِ «فَمَنْ لَمْ يَسْتَطع فَعَلَيْه بالصَّوم فإنَّه لَهُ
وِجَاءً» الْوِجَاءُ: أنْ تُرَضَّ أُنْثَيا الفَحْل رَضّاً شَديدا يُذْهِبُ
شَهْوةَ الجِماع، ويَتَنَزَّل فِي قَطْعِهِ مَنْزِلَةَ الْخَصْيِ. وَقَدْ وُجِئَ
وِجَاءً فَهُوَ مَوْجُوءٌ.
وَقِيلَ: هُوَ أَنْ تُوجَأَ العُروق، والخُصْيَتانِ بِحالِهما. أَرَادَ أنَّ
الصَّومَ يَقْطَعُ النِّكاح كَمَا يَقْطَعه الوِجَاء.
ورُوِيَ «وَجًى» بِوَزْن عَصاً. يُرِيدُ التَّعَب والحَفَى، وَذَلِكَ بَعِيدٌ،
إِلَّا أَنْ يُراد فِيهِ مَعْنى الفُتُور؛ لأنَّ مَن وُجِيَ فَتَرَ عَنِ المَشْي،
فشَبَّه الصَّوم فِي بَابِ النِّكاح بالتَّعَبِ فِي بَابِ المَشْيِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ ضَحَّى بِكَبْشَيْن مَوْجُوءَيْنِ» أَيْ
خَصِيَّيْن. وَمِنْهُمْ مَن يَرْويه «مَوْجَأَيْنِ» بِوَزن مُكْرَمَيْن، وَهُوَ
خَطأ. ومِنهم مَنْ يَرْويه «مَوْجِيَّيْنِ» بِغَيْرِ هَمْز عَلَى التَّخفيف،
وَيَكُونُ مِنْ وَجَيْتُهُ وَجْياً فَهُوَ مَوْجِيٌّ.
(هـ) وَفِيهِ «فلْيأخُذْ سَبْعَ تَمَراتٍ مِنْ عَجْوة المَدينة فَلْيَجَأْهُنَّ»
أَيْ فَلْيَدُقَّهُنَّ. وَبِهِ سُمِّيت الْوَجِيئَةُ، وَهُوَ تَمْر يُبَلُّ
بِلَبَنٍ أَوْ سَمْن ثُمَّ يُدَقّ حَتَّى يَلْتَئِم.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ عَادَ سَعْداً فَوَصَف لَهُ الوَجِيئة» .
(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي راشِد «كنتُ فِي مَنَائِخِ أَهْلِي فَنَزَا مِنْهَا بَعير،
فَوَجأتُه بِحدِيدة» يُقَالُ: وَجَأْتُهُ بالسِّكِّين وَغَيْرِهَا وَجْأً، إِذَا
ضَرَبْتَه بِهَا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «مَن قَتَل نَفْسَه بِحَديدة فَحِديدَتُه فِي
يَدِه يَتَوَجَّأ بِهَا فِي بَطْنِه فِي نارِ جَهَنَّمَ» .
(وَجَبَ)
(س) فِيهِ «غُسْلُ الجُمُعة واجِبٌ عَلَى كلِّ مُحْتَلِمٍ» قَالَ الخطَّابي:
معْناهُ وجُوب الاخْتيار والاسْتِحْباب، دُونَ وُجُوب الْفَرْضِ وَاللُّزُومِ.
وَإِنَّمَا شَبَّهه بِالْوَاجِبِ تَأْكِيدًا، كَمَا يَقُولُ الرَّجُل لِصَاحِبِهِ:
حَقَّك عَلَيَّ واجبٌ. وَكَانَ الحَسن يَراهُ لَازِمًا. وحُكي ذَلِكَ عَن مالِك.
يُقَالُ: وَجَبَ الشَّيء يَجِبُ وُجُوبا، إِذَا ثَبَت ولَزِم.
(5/152)
والوَاجب
والفَرْض عِنْدَ الشَّافِعِيِّ سَواء، وهُو كُلُّ مَا يُعاقَب عَلَى تَرْكه، وفَرق
بَيْنَهُما أَبُو حَنِيفة، فالفَرْض عِنده آكَدُ مِن الواجِب.
(هـ) وَفِيهِ «مَن فَعل كَذا وكَذا فَقَد أوْجَب» يُقَالُ: أَوْجَبَ الرجلُ، إِذَا
فَعل فِعْلاً وجَبَت لَهُ بِهِ الجنَّة أَوِ النَّار.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أنَّ قَوماً أتَوْه فَقَالُوا: إِنَّ صَاحِبًا لَنا
أوْجَب» أَيْ رَكِبَ خَطِيئةً اسْتَوجَب بِهَا النَّار.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «أوْجَب طَلْحَةُ» أَيْ عَمِلَ عَمَلا أوْجَب لَهُ الجنَّة.
وَحَدِيثُ مُعَاذٍ «أَوْجَبَ ذُو الثَّلاثة والاثْنَيْن» أَيْ مَن قَدَّم ثَلاثةً
مِنَ الوَلَد أَوِ اثْنَيْن وَجَبَت لَهُ الجنَّة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ طَلْحَةَ «كَلمة سَمْعتها مِنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وسلَّم مُوجِبَة، لَمْ أسْأله عَنْهَا، فَقَالَ عُمَرُ: أَنَا أعْلَم مَا
هِيَ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه» أَيْ كَلِمَةٌ أوْجَبَتْ لِقائِلها الجَنَّة،
وجَمْعُها: مُوجِبات.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتك» .
وَحَدِيثُ النَّخَعِيّ «كَانُوا يَرَوْن المَشْيَ إِلَى المسْجد فِي اللَّيْلَةِ
المُظْلِمة ذَاتِ المَطر والرِّيح أنَّها مَوجِبَة» .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ مَرّ برَجُلَين يَتَبايَعان شَاةً، فَقَالَ
أحدُهُما: واللَّهِ لَا أزِيد عَلى كَذَا، وَقَالَ الآخَرُ: واللَّه لَا أنْقُصُ
[مِن كَذا] «1» فَقَالَ: قَد أَوْجَبَ أحَدُهُما» أَيْ حَنِثَ، وَأوْجَب الإثْمَ
والكَفَّارة عَلَى نَفْسِه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أنَّه أَوْجَبَ نَجِيباً» أَيْ أهْداه فِي حَجّ أَوْ
عُمْرة، كَأَنَّهُ ألزَم نَفْسَه بِهِ.
والنَّجِيبُ: مِن خِيار الْإِبِلِ.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ عادَ عبدَ اللَّه بْنَ ثَابِتٍ فَوَجَده قَدْ غُلِبَ،
فَصاحَ النِّسَاءُ وبَكيْن، فجَعل ابنُ عَتَيِك يُسَكِّتُهُنّ، فَقَالَ: دَعْهُنّ،
فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكَيِنّ باكِيةٌ، قالوا: ما الْوُجُوبُ؟ قال: إذا مَات» .
__________
(1) ساقط من ا، والنسخة 517.
(5/153)
(هـ)
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ «فَإِذَا وَجَبَ ونَضَب عُمْره» وأصْل الْوُجُوبُ:
السُّقوط والوُقوع.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الضَّحِيَّة «فلمَّا وَجَبَتْ جُنُوبُها» أَيْ سَقَطَت إِلَى
الأرضِ، لِأَنَّ المُسْتَحَبَّ أَنْ تُنْحَر الإبلُ قيَاماً مُعَقَّلَة.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «سَمِعْتُ لَهَا وَجْبَةَ قَلْبه» أَيْ خَفقانَه.
يُقَالُ: وَجَبَ القَلْب يَجِبُ وَجِيباً، إِذَا خَفَقَ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي عُبَيدة وَمُعَاذٍ «إِنَّا نُحَذِّرُك يَوْماً تَجِبُ فِيهِ
القُلُوب» .
(س) وَفِي حَدِيثِ سَعِيدٍ «لَوْلا أصْوَاتُ السَّافِرة لَسمِعْتُم وَجْبَةَ
الشَّمس» أَيْ سُقُوطَها مَعَ المَغِيب. والْوَجْبَةُ: السَّقْطة مَعَ الهَدَّة.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ صِلَةَ «فَإِذَا بِوَجْبَةٍ» وَهِيَ صَوْت السُّقُوط.
وَفِيهِ «كنْتُ آكُلُ الْوَجْبَةَ وأنْجُو الوَقْعة» الْوَجْبَةُ: الأكْلة فِي
اليَوْم واللَّيلة مرَّةً وَاحِدَةً.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الحسَن فِي كَفَّارة اليَمِين «يُطْعِم عَشَرة مَساكِين
وجْبَةً واحِدَة» .
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ خَالِدِ بْنِ مَعْدَان «مَن أجابَ وجْبَةَ خِتان غُفِرَ
لَهُ» .
(س) وَفِيهِ «إِذَا كَانَ البَيْعُ عَنْ خِيارٍ فَقَدْ وَجَبَ» أَيْ تَمَّ ونَفَذ.
يُقَالُ: وَجَبَ البَيْعُ يَجِبُ وُجُوباً، وأَوْجَبَهُ إِيجَاباً: أَيْ لَزِم
وألْزَمهُ. يَعْنِي إِذَا قَالَ بَعْد العَقْد: اخْتَر رَدّ البَيْع أَوْ
إنْفاذَه، فاخْتارَ الإنْفاذَ لَزِم وَإِنْ لَمْ يفْتَرِقا.
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّه بْنِ غَالِبٍ «أَنَّهُ كانَ إِذَا سَجد تَوَاجَبَ
الفِتيْانُ فَيضَعون عَلَى ظَهْرِه شَيئاً ويَذهَب أحَدُهُم إِلَى الكَلاءِ وَيجيء
وَهُوَ سَاجد» تَوَاجَبُوا: أَيْ تَراهَنوا، فَكَأَنَّ بَعْضَهم أَوْجَبَ عَلَى
بَعْضٍ شَيئاً.
والكَلاء، بالمَدّ والتَّشْديد: مَرْبَطُ السُّفُن بالبَصرة، وَهُوَ بَعيدٌ منْها.
(وَجَجَ)
- فِيهِ «صَيْدُ وَجٍّ وعِضَاهُه حَرامٌ مَحَرَّم» وَجٌّ: مَوْضعٌ بنَاحية
الطَّائف.
(5/154)
وَقِيلَ:
هُوَ اسْمٌ جَامع لِحُصُونها. وَقِيلَ: اسمُ واحدٍ منْها، يحتَمِل أَنْ يكَون
عَلَى سَبيل الحِمَى لَهُ، ويَحْتَمِل أَنْ يكُونَ حَرَّمَه فِي وقْتٍ مَعْلوم
ثُمَّ نُسِخَ. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ كَعْبٍ «إنَّ وَجّاً مَقَدّسٌ، منْه عَرَجَ الرَّبُّ إِلَى
السَّمَاءِ» .
(وَجَحَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّهُ صَلَّى صَلاةَ الصُّبْح، فلمَّا سَلَّم قالَ:
مَنِ استَطاع مِنْكُمْ فَلَا يُصَلِّيَنَّ وَهُوَ مُوجَحٌ» وَفِي روَاية «1»
«فَلَا يُصَلِّ مُوجَحاً، قِيلَ: وَمَا الْمُوجَحُ؟ قَالَ:
المُرْهَقُ مِنْ خَلاءٍ أَوْ بَوْل» يُقال: وَجَحَ يَوْجَحُ وَجْحاً، إِذَا
التَجَأَ. وقَد أَوْجَحَهُ بَوْلُهُ فَهُوَ مُوجَحٌ، إِذَا كظَّهُ وضَيَّقَ
عَلَيْهِ. والْمُوجَحُ: الَّذِي يُمْسِك الشَّيْءَ ويَمْنَعُه. وثَوبٌ مُوجَحٌ:
غَلِيظ كَثِيف.
والْمُوجِحُ: الَّذِي يُخفِي الشَّيءَ، مِنَ الْوِجَاحِ «2» ، وَهُوَ السِّتْر،
فَشَبَّه بِهِ مَا يَجدُه المُحْتَقِن مِنَ الامْتِلاء.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ «3» : الْمَحْفُوظُ فِي المَلْجأ تَقْدِيمُ «4» الْحَاءِ
عَلَى الجِيم، فَإِنْ صَحَّت الرِّوَايَةُ فلعَلَّهُما لُغتان.
ويُروَى الْحَدِيثُ بفَتْح الجِيم وكَسْرها، عَلى المَفْعول والفاعِل.
(وَجَدَ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى «الْوَاجِدُ» هُوَ الغَنيُّ الَّذِي لَا
يَفْتَقِر. وَقَدْ وَجَدَ يَجِدُ جِدَةً: أَيِ اسْتَغْنَى غَنىً لَا فقْر بَعْدَه.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَىُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عُقوبَتَه وعِرْضَه» أَيِ
الْقادِرِ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِه.
وَفِي حَدِيثِ الْإِيمَانِ «إِنِّي سائلُك فلاَ تَجِدْ عَلَيَّ» أَيْ لَا تَغْضَبْ
مِنْ سُؤالي. يُقال:
وَجَدَ وَجِدَ «5» عليه يَجِدُ وَجْداً ومَوْجِدَةً «6» .
__________
(1) وهي رواية الهروي، وفيه: «مُوَجِّحا» .
(2) مثلَّث الواو، كما في الصحاح.
(3) انظر الفائق 3/ 147. وهذا النقل الذي عزاه المصنَّف إلى الزمخشري ليس بألفاظه
في الفائق. وهو بهذه الألفاظ في اللسان عزواً إلى الأزهري.
(4) في الأصل: «بتقديم» والمثبت من: ا، واللسان.
(5) بالفتح، والكسر، كما في القاموس.
(6) في القاموس: «يَجِدُ ويَجُدُ وَجْداً، وجِدَةً، ومَوْجِدَةً» وزاد في الصحاح:
«وِجْداناً» .
(5/155)
(س)
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَمْ يَجِدِ الصَّائمُ عَلَى المُفْطِر» وَقَدْ تَكَرَّرَ
ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ، اسْما وَفِعْلا ومَصْدرا.
وَفِي حَدِيثِ اللُّقَطة «أيُّها النَّاشِد، غَيْرُكَ الْوَاجِدُ» يُقَالُ: وَجَدَ
ضالَّتَه يَجِدُهَا وِجْدَاناً «1» ، إِذَا رَآهَا ولقِيَها. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي
الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وعُيينة بْنِ حِصْن «واللَّهِ مَا بَطْنُها
بِوَالِد، وَلا زَوْجُها بِوَاجِد» أَيْ أنَّه لَا يُحِبُّها يُقَالُ: وَجَدْتُ
بِفُلانَة وَجْداً، إِذَا أحْبَبْتَها حُبّاً شَديدا.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فمَن وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَاله شَيْئاً فلْيَبِعْه» أَيْ
أحَبَّه واغْتَبَط بِهِ.
(وَجَرَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّه بْنِ أُنيس «فَوَجَرْتُهُ بالسيفِ وَجْراً» أَيْ
طَعَنْتُه.
والمَعْروف فِي الطَّعْن: أَوْجَرْتُهُ الرُّمْح، ولعلَّه لُغَة فِيهِ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «وانْجَحَرَ انْجِحَارَ «2» الضَّبَّة فِي جُحْرِها،
والضَّبُعِ فِي وِجَارِها» هُوَ جحْرُها الَّذِي تَأْوِي إِلَيْهِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ «لَوْ كُنْت فِي وِجَارِ الضَّبّ» ذَكَره
للمُبالَغة، لِأَنَّهُ إِذَا حَفَر أمْعَنَ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الحَجّاجِ «جِئْتُك فِي مِثْلِ وِجارِ الضَّبُع» قَالَ
الخطَّابي: هُوَ خَطَأ، وإنَّما هُو «فِي مِثْلِ جارِّ الضَّبُع» يُقَالُ: غَيْثٌ
جَارُّ الضَّبُع: أَيْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا فِي وِجَارِها حَتَّى يُخْرِجَها
مِنْهُ، ويَشْهَد لِذَلك أنَّه جَاءَ فِي رِواية أخْرى «وجِئتُكَ فِي ماءٍ يَجُرّ
الضَّبُع، ويَسْتَخْرِجُها مِنْ وِجَارها» .
(وَجَزَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ «قَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: إِذَا
قُلْتَ فَأَوْجِزْ» أَيْ أسْرِع واقْتَصرْ. وكَلامٌ وَجِيزٌ: أَيْ خفيفٌ
مُقْتَصِد. وأَوْجَزْتُهُ إِيجَازاً. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(وَجَسَ)
- فِيهِ «دخلْتُ الجنَّة فسَمِعْتُ فِي جانِبِها وَجْساً، فَقِيلَ: هَذَا بِلالٌ»
الْوَجْسُ:
الصَّوتُ الخَفيُّ، وتَوَجَّسَ بالشَّيء: أحَسَّ بِهِ فتَسَمَّعَ لَهُ.
__________
(1) في القاموس: «وجْداً، وجِدَةً، ووُجْداً، ووُجُوداً، ووِجْداناً، وإجْداناً،
بكسرهما» .
(2) في الأصل: «وانحجر انحجار» بتقديم الحاء. والتصحيح من: ا، واللسان.
(5/156)
[هـ]
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أنَّه نَهَى عَن الْوَجْسِ» هُوَ أَنْ يُجامِعَ الرجُل
امْرأَته أَوْ جَارِيتَه وَالْأُخْرَى تَسْمَع حِسَّهُمَا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ، وَقَدْ سُئِل عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «كَانُوا
يَكْرِهُون الوَجْس» .
(وَجَعَ)
- فِيهِ «لَا تَحِلّ المسْألةُ إِلَّا لذِي دَمٍ مُوجِعٍ» هُوَ أنْ يَتَحَمَّل
دِيَةً فيَسْعَى فِيهَا حتَّى يُؤدِّيَها إِلَى أوْلِياء المقْتول، فَإِنْ لَمْ
يُؤدِّها قُتِل المُتَحَمَّلُ عَنْه، فَيُوجِعُهُ قَتْلُه.
(س) وَفِيهِ «مُري بَنِيكِ يُقَلِّموا أظفارَهُم أنْ يُوجِعُوا الضُّرُوعَ» أَيْ
لِئلا يُوجِعُوها إِذَا حَلَبُوهَا بِأَظْفَارِهِمْ.
(وَجَفَ)
- فِيهِ «لَمْ يُوجِفُوا عَلَيْهِ بِخَيْلٍ ولاَ رِكَاب» الْإِيجَافُ: سُرْعَة
السَّيْر. وَقَدْ أَوْجَفَ دَابَّتَه يُوجِفُهَا إِيجَافاً، إِذَا حَثَّها.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ليْس البِرُّ بِالْإِيجَافِ» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «وأَوْجَفَ الذِّكْرَ بِلسَانِه» أَيْ حَرَّكه
مُسْرِعاً.
وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «أهْوَن سَيرِها «1» فِيهِ الْوَجِيفُ» هُوَ ضَرْبٌ
مِنَ السَيْرِ سَريعٌ. وَقَدْ وَجَفَ البعِيرُ يَجِفُ وَجْفاً ووَجِيفاً. وَقَدْ
تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(وَجِلَ)
- فِيهِ «وَعَظَنَا مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا القُلوب» الْوَجَلُ: الفَزَعُ.
وَقَدْ وَجِلَ يَوْجَلُ ويَيْجَلُ، فَهُوَ وَجِلٌ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي
الْحَدِيثِ.
(وَجَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهُ لَقِيَ طَلْحَةَ فَقَالَ: مَا لِي أرَاك
وَاجِماً» أَيْ مُهْتَمَّا.
والْوَاجِمُ: الَّذِي أسكَته الهَمُّ وعَلَتْه الكآبةُ. وَقَد وَجَمَ يَجِمُ
وُجُوماً. وَقِيلَ: الْوُجُومُ: الحُزن.
(وَجَنَ)
[هـ] فِي حَدِيثِ سَطِيح:
تَرْفَعُنِي وَجْناً وتَهْوِي بِي وَجَنْ
الْوَجْنُ والْوَجَنْ والْوَجِينُ: الْأَرْضُ الْغَلِيظَةُ الصُّلْبة. ويُروَى
«وُجْناً» بالضَّم، جَمْع وَجِينٍ.
وَفِي قَصيد كَعْبِ بْنِ زهير:
__________
(1) في ا: «سيرهما» .
(5/157)
وَجْناءُ
«1» فِي حُرَّتَيْها لِلْبَصيرِ بِهَا
وَفِيهَا أَيْضًا:
غَلْباءُ وَجْناءُ عُلْكومٌ مُذَكَّرةٌ
الْوَجْنَاءُ: الغَليظة الصُّلبة. وَقِيلَ: الْعَظِيمَةُ الْوَجْنَتَيْنِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ سَواد بْنِ مُطَرِّف «وَأد الذِّعْلِب الوَجْناء» .
(س) وَفِي حَدِيثِ الْأَحْنَفِ «أَنَّهُ كَانَ نَاتِئَ الوَجْنة» هِيَ أَعْلَى
الخَدِّ.
(وَجَهَ)
[هـ س] فِيهِ «أَنَّهُ ذَكَر فَتناً كوُجوه البَقَر» أَيْ يُشْبِهُ بَعْضُها
بَعْضاً، لِأَنَّ وجُوه البَقَر تَتَشابَه كَثِيرًا. أَرَادَ أَنَّهَا فَتِنٌ
مُشْتَبهة، لَا يُدْرَى كَيْف يُؤتَى لَها.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «وَعِنْدِي أَنَّ المُرادَ «2» تَأتي نَواطِحَ «3»
لِلنَّاسِ. ومِن ثَمَّ قَالُوا: نَواطِحُ الدَّهْرِ، لِنوائِبه» .
وَفِيهِ «كَانَتْ وُجوه بُيُوتِ أَصْحَابِهِ شارِعةً فِي الْمَسْجِدِ» وَجْهُ
الْبَيْتِ: الحَدُّ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ بابُهُ: أَيْ كَانَتْ أبوابُ بُيوتِهم
فِي الْمَسْجِدِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِحدّ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ البابُ:
وجهُ الْكَعْبَةِ.
(س) وَفِيهِ «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفكم أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بيْن
وُجُوهِكُمْ» أَرَادَ وُجوه القُلوب، كحدِيثه الآخَر «لَا تَخْتَلِفوا فتَخْتَلِفَ
قَلوبُكُم» أَيْ هَواها وإرادتُها.
وَفِيهِ «وُجِّهَتْ لِي أرضٌ» أَيْ أُرِيتُ وجهَها، وأُمِرْتُ باسْتِقبالِها.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَيْنَ تُوَجِّهُ؟» أَيْ تُصلِّي وتُوَجِّه وَجْهَكَ.
وَالْحَدِيثُ الآخر «وَجَّهَ هاهنا» أي تَوَجَّهَ. وقد تكرر في الحديث.
__________
(1) في شرح ديوانه ص 13: «قنواء» . وسبق في (قنا) .
(2) في الفائق 3/ 147: «المعنى» .
(3) ضبط في الأصل، وا: «نواطحُ» بالضم. وضبطته بالفتح من اللسان، والفائق. وفيه:
«الناس» .
(5/158)
(س)
وَفِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْداء «أَلَّا تَفْقَهُ «1» حَتَّى تَرى لِلقرآن وُجوها»
أَيْ تَرى لَهُ مَعَانِيَ يَحْتَملُها، فتَهابُ الإقْدامَ عَلَيْهِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أهلِ البيْت «لَا يُحبنا الأحْدبُ المُوجَّه» هُوَ صَاحِبُ
الحَدَبَتيْن مِن خَلْف وَمِنْ قُدّام.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ «قَالَتْ لِعَائِشَةَ حِينَ خَرَجَت إِلَى البَصرة:
قَدْ وَجَّهْتُ سِدافَتَه» أَيْ أخْذتِ وجْهاً هَتَكْتِ سِتْركِ فِيهِ.
وَقِيلَ «2» : مَعْنَاهُ: أزَلْتِ سِدافَتَه، وَهِيَ الحِجاب مِنَ الموضِع الَّذِي
أُمِرْتِ أَنْ تَلْزَمِيه وجَعَلْتِهَا أمَامَكِ. والْوَجْهُ: مُسْتَقْبَل كلِّ
شَيْءٍ.
وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الْخَوْفِ «وطائِفةٌ وِجَاهَ وُجَاهَ العَدُوّ» أَيْ
مُقابِلَهم وحِذاءَهُم. وتُكْسَر الْوَاوُ وتُضَمّ.
وفي رواية «تِجَاهَ تُجَاهَ العَدُوّ» وَالتَّاءُ بدلٌ مِن الواوِ، مِثْلُهَا فِي
تُقاة وتُخَمة. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «وَكَانَ لِعَلِىٍّ وَجْهٌ منَ النَّاسِ حياةَ
فَاطِمَةَ» أَيْ جاهٌ وَعزٌ، فَقَدَهُما بعدها.
باب الواو مع الحاء
(وَحَدَ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى «الْواحِدُ» * هُوَ الفَرْد الَّذِي لَمْ يَزل
وحدَه؛ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ آخَرُ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الفَرْق بَيْنَ
الْوَاحِدِ والْأَحَدِ أَنَّ الأحَد بُنِي لنَفي مَا يُذْكر مَعَه مِنَ العَدد،
تَقُولُ: مَا جَاءَنِي أَحَدٌ، وَالْوَاحِدُ: اسمٌ بُنِيَ لِمُفْتَتَح الْعَدَدِ،
تَقُولُ: جَاءَنِي واحِدٌ مِنَ النَّاسِ، وَلَا تَقول: جاءَني أحدٌ، فالواحِد مُنْفَرِد
بالذَّات، فِي عَدم المِثْل والنَّظير، والأحدُ مُنْفَرِد بِالْمَعْنَى.
وَقِيلَ: الْوَاحِدُ: هُوَ الَّذِي لَا يَتَجَزَّأ، وَلَا يُثَنَّى، وَلَا يَقْبَل
الانقِسام، وَلَا نَظيرَ لَهُ وَلَا مِثْل.
وَلَا يَجْمَع هذين الوصفين إلا الله تعالى.
__________
(1) في الأصل: «لا تَفْقَهْ» . وفي اللسان: «لا تَفْقَهُ» وما أثبتُّ من: ا،
والنسخة 517 وفيها: «ألا تَفَقَّهْ» بالتشديد.
(2) القائل هو القتيبي، كما ذكر الهروى.
(5/159)
(س)
وَفِيهِ «إِنَّ اللَّه تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بِالْوَحْدَانِيَةِ لأحدٍ غيرِه،
شِرارُ أمّتِي الْوَحْدَانِيُّ المُعجب بدِينه المُرائي بعَمَلَه» يُريد
بالوَحْدانِيّ المُفارِقَ للجَماعة، المُنْفَرِدَ بِنَفسِه، وَهُوَ مَنْسُوبٌ
إِلَى الوَحْدة: الانفِراد، بِزِيَادَةِ الألِف وَالنُّونِ، للمُبالَغة.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الحنْظَليَّة «وَكَانَ رَجُلًا مُتَوَحِّداً» أَيْ
مُنْفَرِداً، لَا يُخالِط النَّاسَ وَلَا يُجالِسُهم.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ، تَصفُ عُمر «لِلَّهِ أمٌّ حَفَلَت عَلَيْهِ
وَدَّرَتْ، لَقَدْ أَوْحَدَتْ بِهِ» أَيْ وَلَدَتْه وَحِيداً فَرِيدا، لَا نَظيرَ
لَهُ.
وَفِي حَدِيثِ العِيد «فصَلَّينا وُحْدَاناً» أَيْ مُنْفَرِدين، جَمْع واحِد،
كَراكِبٍ ورُكْبانٍ.
(س) وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ «أوْ لُتُصَلُّنّ وُحْدَانًا» .
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «مَن يَدُلُّني عَلَى نَسِيجِ وَحْدِهِ؟» .
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ تَصِف عُمر «كَانَ نَسِيجَ وَحْدِه» يُقال: جَلَسَ
وَحْدَه، وَرأيتُه وَحْدَه: أَيْ مُنْفَرِداً، وَهُوَ مُنْصُوب عِنْدَ أهْل
الْبَصْرَةِ عَلَى الْحَالِ أَوِ المَصْدر، وَعِند أهْل الكُوفَة عَلَى الظَّرْف،
كأنَّك قُلْتَ: أوْحَدْتُه بُرؤَيتِي إيحَاداً: أَيْ لَمْ أرَ غَيْره، وَهُوَ
أَبَدًا مَنْصوب وَلَا يُضَافُ إِلَّا فِي ثَلاثَة مَواضِع: نَسيجُ وحْدِه، وَهُوَ
مَدْحٌ، وجُحَيْشُ وَحْدِه، وَعُيَيْرُ وَحْدِه، وَهُمَا ذَمٌّ. وَرُبَّما
قَالُوا: رُجَيْلُ وَحْدِهِ، كَأَنَّكَ قُلْتَ: نَسِيجُ أفْرَاد.
(وَحَرَ)
- فِيهِ «الصَّومُ يُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْر» هُو بالتَّحريك: غِشُّه ووَساوِسُه.
وَقِيلَ: الحِقْد والغَيْظ. وَقِيلَ: العَداوَة. وَقِيلَ: أَشَدُّ الغَضَب.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ المُلاعَنَة «إِنْ جاءَت بِهِ أحْمرَ قَصِيراً مِثْلَ
الْوَحَرَةِ فقَد كَذَب عَلَيها» هِيَ بالتَّحريك: دُوَيْبَّة كالعَظَاءةِ تَلْزَق
بِالأرض.
(وَحِشَ)
(هـ) فِيهِ «كَانَ بَيْن الأوْس والخَزْرَج قِتالٌ، فَجاء النبيُّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وسلم، فلمَّا رَآهُم نَادَى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ» الْآيَاتِ، فَوَحَّشُوا بأسْلِحَتِهم، واعْتَنَق بَعْضُهم
بَعْضاً» أَيْ رموها.
(5/160)
(هـ)
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «أَنَّهُ لَقِيَ الخَوارِج فَوَحَّشُوا بِرمَاحِهم
واسْتَلُّوا السُّيوف» .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ لِرسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
خاتَمٌ مِنْ ذَهَب، فَوَحَّشَ بيْن ظَهْرَانَيْ أصْحابِه، فَوَحَّشَ النّاسُ
بِخَواتِيمهم» .
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «أَنَّهُ أتاهُ سَائلٌ فَأَعْطَاهُ تَمْرةً فَوَحَّشَ
بِهَا» .
(هـ) وَفِيهِ «لَقَدْ بِتْنَا وَحْشَيْنِ «1» مَا لَنَا طَعَام» يُقَالُ: رَجُلٌ
وَحْشٌ، بِالسُّكُونِ، مِن قَومٍ أَوْحَاشٌ، إِذَا كَانَ جَائِعًا لَا طَعَامَ
لَه، وَقَدْ أَوْحَشَ، إِذَا جَاعَ، وتَوَحَّشَ للدَّواء، إِذَا احْتَمَى «2»
لَهُ.
وَجَاءَ فِي رِوَايَةِ التِّرمِذيِّ «لَقَدْ بِتْناَ لَيْلَتَنا هَذِهِ وَحْشَى»
كَأَنَّهُ أَرَادَ جَماعِةً وَحْشىَ «3» .
(هـ) وَفِيهِ «لَا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ المعرُوف؛ وَلَوْ أنْ تُؤنِسَ
الْوَحْشَانَ» الْوَحْشَانُ: المُغْتَمُّ وقومٌ وَحَاشَى، وهُو فَعْلان، مِنَ
الْوَحْشَةِ: ضِدُّ الأُنْس. والْوَحْشَةُ: الخَلْوَة والهَمّ. وأَوْحَشَ المكانُ،
إِذَا صَارَ وَحْشاً. وَكَذَلِكَ تَوَحَّشَ. وَقَدْ أَوْحَشْتُ الرَّجُلَ
فَاسْتَوْحَشَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّه «أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّه
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأرضِ وَحْشاً» أَيْ وحْدَه لَيْسَ مَعه
غَيْرُهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ «أَنَّهَا كَانَتْ فِي مكانٍ وَحْشٍ،
فخِيفَ عَلَى ناحِيتَها» أَيْ خَلاءً لَا سَاكِنَ بِهِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمَدِينَةِ «فيَجِدَانِها «4» وَحْشاً» كَذَا جَاء فِي رِواية
مُسْلم.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الْمُسَيَّبِ «وسُئل عَنِ المَرأة وهي في وَحْشٍ من
الأرض» .
__________
(1) في اللسان: «وَحْشينَ» .
(2) في اللسان: «وتوحّش فلان للدواء، إذا أخلى مَعِدَته»
(3) في اللسان: «جماعةَ وَحْشِيّ» .
(4) في الأصل، وا، واللسان: «فيجدانه» والتصويب من صحيح البخاري (باب من رغب عن
المدينة، من كتاب الحج) وصحيح مسلم (باب في المدينة حين يتركها أهلها، من كتاب
الحج) قال النووى 9/ 161: «قيل: معناه يجدانها خلاء، أى خالية ليس بها أحد. قال
إبراهيم الحربي: الوحش من الأرض: هو الخلاء. والصحيح أن معناه يجدانها ذات وحوش،
كما في رواية البخارى» وانظر زيادة شرح فى النووى. 21- النهاية 5.
(5/161)
(س)
وَفِي حَدِيثِ النَّجاشيِّ «فنَفَخَ فِي إحْليلِ عُمَارة فاسْتَوْحش» أَيْ سُحِر
حَتى جُنّ، فصَار يَعْدو مَع الوَحْش فِي البَرِّيَّة حَتَّى مَات.
وَفِي رِوَايَةٍ «فَطار مَعَ الوحْش» .
(وَحَفَ)
(س) فِي حَدِيثِ ابْنِ أُنَيْسٍ «تَناهَى وَحْفُهَا» يُقَالُ: شَعْرٌ وَحْفٌ
ووَحَفٌ:
أَيْ كثيرٌ حَسَن. وَقَدْ وَحُفَ شعْرُه، بِالضَّمِّ.
(وَحَلَ)
(س) فِي حَدِيثِ سُراقة «فَوَحِلَ بِي فَرسِي وَإِنِّي لَفِي جَلَدٍ مِنَ
الْأَرْضِ» أَيْ أوْقَعَني فِي الوَحَل، يُريد كَأَنَّهُ يَسير بِي فِي طِينٍ،
وَأَنَا فِي صُلْبٍ مِنَ الْأَرْضِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أسْرِ عُقبة بْنِ أَبِي مُعَيط «فوَحِل بِهِ فَرسُه فِي جَدَد
مِنَ الْأَرْضِ» قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: «الْوَحَلُ بِالتَّحْرِيكِ: الطِّينُ
الرَّقِيقُ. والْمَوْحَلُ، بِالْفَتْحِ: المصْدر، وَبِالْكَسْرِ: الْمَكَانُ.
والْوَحْلُ بِالتَّسْكِينِ لُغَةٌ رَديئة. ووَحِلَ، بِالْكَسْرِ: وَقَع فِي
الوَحَل. وأَوْحَلَهُ غَيْرُهُ» ، إِذَا أوقَعَه فِيهِ.
وَالْجَدَدُ: مَا اسْتَوَى مِنَ الْأَرْضِ.
(وَحَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الْمَوْلِدِ «فَجَعَلت آمِنةُ أُمّ النبيِّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوْحَمُ» أَيْ تَشْتَهي اشْتِهاءَ الحامِل. يُقال: وَحِمَتْ
تَوْحَمُ «1» وَحَماً فَهِيَ وَحْمَى بَيِّنة الْوِحَامِ.
(وَحْوَحَ)
- فِي شِعْرِ أَبِي طَالِبٍ يَمْدَحُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ:
حَتَّى يُجالِدَكم عَنْهُ وَحَاوِحَةٌ ... شِيبٌ صَنادِيدُ لَا تَذْعَرْهُمُ الأَسَلُ
هِيَ جَمْع وَحْوَح، أَوْ وَحْوَاح، وَهُوَ السَّيّد، وَالْهَاءُ فِيهِ
لِتَأْنِيثِ الجَمع.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الَّذِي يَعْبُر الصِّراط حَبْواً «وَهُمْ أصحابُ وَحْوَح»
أَيْ أصحابُ مَن كَانَ فِي الدُّنْيَا سَيِّدًا. وَهُوَ كَالْحَدِيثِ الْآخَرِ
«هَلَك أَصْحَابُ العُقْدة» يَعْنِي الأمَراء. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ
الْوَحْوَحَةِ، وَهُوَ صَوْت فِيهِ بُحُوحة، كَأَنَّهُ يَعْنِي أصحابَ الجِدال
والخِصام والشَّغَب فِي الْأَسْوَاقِ وَغَيْرِهَا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «لَقَدْ شَفَى وَحَاوِحَ صدْري حَسُّكم إيَّاهُم
بالنِّصال» .
__________
(1) في الأصل، وا «وحَمَتْ تَوْحِمُ» وأثبتُّ ضبط اللسان. قال في القاموس: «وقد
وَحِمَتْ كوَرِثَتْ ووَجِلَتْ» .
(5/162)
(وَحَا)
(هـ) فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ «الوَحَا الْوَحَا» أَيِ السُّرْعَةَ السُّرْعَةَ،
ويُمَدّ ويُقصر.
يُقَالُ: تَوَحَّيْتُ تَوَحِّياً، إِذَا أسرَعْتَ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى
الإغْراء بفعلٍ مُضْمَر.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِذَا أرَدْتَ أمْراً فَتَدَبَّرْ عاقِبَتَه، فَإِنْ كَانَتْ
شَرّاً فانْتَهِ، وَإِنْ كَانَتْ خَيْرا فَتَوَحَّهْ» أَيْ أسرِع إِلَيْهِ.
وَالْهَاءُ للسَّكْت.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ «قَالَ عَلْقَمة: قَرأتُ الْقُرْآنَ فِي
سَنَتَين، فَقَالَ الْحَارِثُ:
الْقُرْآنُ هَيّنٌ، الْوَحْيُ أَشَدُّ مِنْهُ» أَرَادَ بالقرآنِ القراءةَ،
وبالوَحْي الكِتابةَ والخَطّ. يُقَالُ: وَحَيْتُ الكتابَ وَحْياً فَأَنَا وَاحٍ.
قَالَ أَبُو مُوسَى: كَذَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الغافِر. وَإِنَّمَا المَفْهُوم مِنْ
كَلَامِ الْحَارِثِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ شيءٌ تَقولُه الشَّيعة أَنَّهُ أوحِيَ
إِلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيءٌ فخَصَّ بِهِ أَهْلَ
الْبَيْتِ. واللَّه أَعْلَمُ.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ «الْوَحْيِ فِي الْحَدِيثِ. ويَقَع عَلَى الكِتابة،
وَالْإِشَارَةِ، والرِّسالة، والإلْهام، وَالْكَلَامِ الخفِيِّ. يُقال: وَحَيْتُ
إِلَيْهِ الكلامَ وأَوْحَيْتُ.
باب الواو مع الخاء
(وَخَدَ)
(س) فِي حَدِيثِ وَفَاة أَبِي ذَرٍّ «رَأى قَوْمًا تَخِدُ بِهِمْ رَواحِلُهم»
الْوَخْدُ: ضَرْب مِنْ سَيْر الْإِبِلِ سريعٌ. يُقَالُ: وَخَدَ يَخِدُ وَخْداً.
وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ ذكْر «وَخْدَةَ» هُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ
الْخَاءِ: قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى خَيْبَر الحَصِينة، بِهَا نَخْل.
(وَخَزَ)
(هـ) فِيهِ «فَإِنَّهُ وَخْزُ إخوانِكم مِنَ الجِنّ» الْوَخْزُ: طَعْن لَيْسَ
بنافِذ.
وَمِنْهُ حَدِيثِ عَمْرو بْنِ الْعَاصِ، وذَكَر الطاعونَ، فَقَالَ «إِنَّمَا هُوَ
وَخْزٌ مِنَ الشَّيْطَانِ» وَفِي رِوَايَةٍ «رِجْز» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ المُغيرة «قُلْتُ للحَسن: أرأيَت التَّمر
والبُسْر أيُجْمَع بينَهما؟
قَالَ: لَا. قُلْت: البُسْر الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْوَخْزُ» أَيِ الْقَلِيلُ
مِنَ الإرْطاب. شَبَّهَه فِي قِلَّته بالوخْزِ فِي جَنْب الطَّعن.
(5/163)
(وَخُشَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «وَإِنَّ قَرْنَ الكَبْش مُعَلَّقٌ فِي الكَعْبة
قَدْ وَخُشَ» وَفِي رِوَايَةٍ «إِنَّ رأسَه مُعَلَّق بقَرْنَيه فِي الْكَعْبَةِ
وَخُشَ» أَيْ يَبِسَ وتَضاءَلَ. يُقَالُ:
وَخُشَ الشَّيْءُ، بالضَّم وُخُوشَةً: أَيْ صَارَ رَدِيئاً. والْوَخْشُ مِنَ
النَّاسِ: الرَّذْلُ، يَسْتَوي فِيهِ المُذَكَّر والمؤنَّث، وَالْوَاحِدُ
والجَمْع.
(وَخَطَ)
- فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ «كَانَ فِي جِنَازة فَلَمَّا دُفِنَ الميِّت قَالَ: مَا
أنْتُم بِبَارِحين «1» حَتَّى يَسْمَعَ وَخْطَ نِعالِكم» أَيْ خَفْقَها وصَوْتَها
عَلَى الْأَرْضِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي أُمامة «فَلَمَّا سَمِع وَخْطَ نِعالنا» .
(وَخَفَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ سَلْمان «لَمَّا احْتُضِر دَعَا بِمسْك ثُمَّ قَالَ لامْرَأته:
أَوْخِفِيهِ فِي تَوْرٍ وانْضَحيه حَوْلَ فِراشِي» أَيِ اضْرِبيه بِالْمَاءِ.
وَمِنْهُ قِيلَ للخِطْمِيّ المَضْروب بِالْمَاءِ: وَخِيفٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ النَّخَعِيّ «يُوخَفُ للميِّت سِدْرٌ فيُغْسَل بِهِ» وَيُقَالُ
لِلْإِنَاءِ الَّذِي يُوخَف فِيهِ: مِيخَفٌ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ قَالَ للحَسن بْنِ عَلِيٍّ:
اكْشِف لِي عَنِ المَوْضِع الَّذِي كَانَ يُقَبّله رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منْكِ، فكَشَف لَهُ عَنْ سُرَّته كَأَنَّهَا مِيخَفُ لُجَيْن»
أَيْ مُدْهُنُ فِضَّة. وَأَصْلُهُ: مِوْخَف. فقُلِبَت الْوَاوُ يَاءً لِكسْرة
الْمِيمِ.
(وَخُمَ)
- فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْع «لَا مَخافَةَ وَلَا وَخَامَةَ» أَيْ لَا ثِقَلَ
فِيهَا. يُقَالُ: وَخُمَ الطّعامُ، إِذَا ثَقُل فَلَمْ يُسْتَمْرأْ، فَهُوَ
وَخِيمٌ. وَقَدْ تَكُونُ الوَخامَة فِي الْمَعَانِي. يُقال: هَذَا الأمرُ وَخِيمُ
الْعَاقِبَةِ: أَيْ ثَقيلٌ رَدِيء وَمِنْهُ حَدِيثُ العُرَنِيِّين «واسْتَوْخَمُوا
الْمَدِينَةَ» أَيِ اسْتَثْقَلوها، وَلَمْ يُوَافِق هَواؤها أبْدانَهم.
(س) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «فاسْتَوْخَمنا هَذِهِ الأرضَ» .
(وَخَا)
(هـ) فِيهِ «قَالَ لَهُمَا: اذْهَبا فَتَوَخَّيَا واسْتَهِما» أَيِ اقْصِدا الحقَّ
فِيمَا تَصْنَعانِه مِنَ
__________
(1) في ا: «بنازحين» .
(5/164)
القسْمة،
وليأخُذْ كُلُّ واحِدٍ منكُما مَا تُخْرجُه القُرْعة مِنَ القِسْمَة. يُقَالُ:
تَوَخَّيْتُ الشيءَ أَتَوَخَّاهُ تَوَخِّياً، إِذَا قصَدْتَ إِلَيْهِ وتعَمَّدت
فِعْلَه، وتَحرَّيْت فِيهِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ.
بَابُ الواو مع الدال
(وَدَجَ)
(س) فِي حَدِيثِ الشُّهداء «أَوْدَاجُهُمْ تَشْخَبُ دَماً» هِيَ مَا أَحَاطَ
بالعُنُق مِنَ العُروق الَّتِي يَقْطَعُهَا الذَّابح، واحِدُها: وَدَجٌ،
بِالتَّحْرِيكِ: وَقِيلَ الْوَدَجَان: عِرْقان غَليظان عَنْ جَانِبَيْ ثُغْرَة
النَّحر.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كُلُّ مَا أفْرَى الْأَوْدَاجَ» .
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «فانتَفَخَت أوْدَاجُه» .
(وَدِدَ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى «الْوَدُودُ»
هُوَ فَعُول بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، مِنَ الْوُدُّ: المحبَّة.
يُقَالُ: وَدِدْتُ الرَّجُلَ أَوَدُّهُ وُدّاً، إِذَا أحبَبْتَه. فاللَّه تَعَالَى
مَوْدُودٌ: أَيْ مَحْبوب فِي قُلُوبِ أَوْلِيَائِهِ، أَوْ هُوَ فَعْول بِمَعْنَى
فَاعِلٍ: أَيْ أَنَّهُ يحبُّ عِبَادَهُ الصَّالِحِينَ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَرْضَى
عَنْهُمْ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «إِنَّ أَبَا هَذَا كَانَ وُدّاً لعُمَر» أَيْ صَديقا،
هُوَ عَلَى حَذْف الْمُضَافِ، تقديرُه: كَانَ ذَا وُدّ لعُمَر: أَيْ صَديقا،
وَإِنْ كَانَتِ الواوُ مكْسُورة فَلَا يُحْتَاج إِلَى حَذْفٍ، فَإِنَّ الْوِدَّ،
بالكَسْر: الصَدِّيق.
وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ «فَإِنْ وافَق قَولٌ عَمَلاً فآخِهِ وأَوْدِدْهُ» أَيْ
أحْببْه وصَادِقْه، فأظْهَر الْإِدْغَامَ للأمْر، عَلَى لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ.
وَفِيهِ «عَلَيْكُمْ بتَعَلُّم العربيَّة فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى المُروءة
وتَزيد فِي الْمَوَدَّةِ» يُريد مَوَدَّة المُشاكَلَة.
(وَدَسَ)
[هـ] فِي حَدِيثِ خُزَيْمَةَ، وذكَر السَّنَة، فَقَالَ «وأيْبَسَتِ الْوَدِيسَ»
هُوَ مَا أخْرَجَت الأرضُ مِنَ النَّبات. يُقَالُ: مَا أَحْسَنَ وَدْسَهَا.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْوَدْسُ: أَوَّلُ نَبات الْأَرْضِ.
(وَدَعَ)
(هـ) فِيهِ «لَيَنْتَهِينَّ أقوامٌ عَنْ وَدْعِهِم الجمُعَاتِ، أَوْ لَيْخْتَمَنّ
عَلَى قُلُوبِهِمْ»
(5/165)
أَيْ
عَنْ تَرْكِهم إيَّاها والتَّخَلُّف عَنْهَا. يُقَالُ: وَدَعَ الشيءَ يَدَعُهُ
وَدْعاً، إِذَا تَركَه. والنُّحاة يَقُولُونَ: إنَّ الْعَرَبَ أمَاتوا ماضِي
يَدَعُ، ومصدَرَه، واسْتَغْنَوا عَنْهُ بَتَركَ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفصَح. وَإِنَّمَا يُحْمَل قولُهم عَلَى قِلة اسْتعمالِه،
فَهُوَ شاذٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ، صَحِيحٌ فِي القِياس. وَقَدْ جَاءَ فِي غَيْرِ
حَدِيثٍ، حَتَّى قُرِىء بِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى مَا وَدَعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى
بِالتَّخْفِيفِ.
(س [هـ] ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِذَا لَمْ يُنْكِرِ الناسُ المُنْكَرَ فَقَدْ
تَوَدَّعَ مِنْهُمْ» أَيْ أُسْلِموا إِلَى مَا اسْتَحقُّوه مِنَ النَّكير
عَلَيْهِمْ، وتُرِكُوا «1» وَمَا اسْتَحَبُّوه مِنَ المَعاصي، حَتَّى يُكْثِروا
«2» مِنْهَا فَيَسْتَوْجِبوا العُقوبة» .
وَهُوَ مِنَ المَجازِ، لأنَّ المُعْتَنِيَ بِإِصْلَاحِ شأنِ الرجُل إِذَا يئِس
مِنْ صَلاحِه تَركَه واسْتَرَاح مِنْ مُعاناةِ النَّصَب مَعَهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قولِهم: تَوَدَّعْتُ الشيءَ، إِذَا صُنْتَه فِي
مِيدَعٍ، يَعْنِي قَدْ صَارُوا بِحَيْثُ يُتَحَفَّظُ مِنْهُمْ ويُتَصوَّنُ، كَمَا
يُتَوَقَّى شِرارُ النَّاسِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «إِذَا مَشَتْ هَذِهِ الأمّةُ السُّمَّيْهاءَ فَقَدْ
تُوُدِّعَ مِنْهَا» .
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «اركَبوا هَذِهِ الدَّوابَّ سالِمةً، وايتَدِعُوهَا «4»
سَالِمَةً» أَيِ اتْرُكُوهَا ورَفِّهوا عَنْهَا إِذَا لَمْ تَحْتاجوا إِلَى
رُكوبها، وَهُوَ افْتَعَل، مِنْ وَدُعَ بِالضَّمِّ وَدَاعَةً ودَعَةً: أَيْ سَكَن
وتَرفَّه، وايتَدَعَ فَهُوَ مُتَّدِعٌ: أَيْ صاحِب دَعَةٍ، أَوْ مِن وَدَعَ، إِذَا
تَرك. يُقَالُ: اتَّدَعَ وايتَدَعَ، عَلَى الْقَلْبِ والإدْغام والإظْهار.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «صلَّى «5» مَعَهُ عبدُ اللَّه بْنُ أُنَيْس وَعَلَيْهِ
ثوبٌ مُتَمزِّق «6» فَلَمَّا انْصَرَفَ دَعا لَهُ بِثَوبٍ، فَقَالَ: تَوَدَّعْهُ
بِخَلَقِكَ هَذَا» أَيْ صُنْه بِهِ، يُرِيدُ الْبَسْ هذا الذي دَفَعْتُ
__________
(1) في الهروي: «كأنهم تُرِكوا وما استحقُّوه» .
(2) في الهروي: «حتى يصيروا فيها» .
(3) بعد هذا في الهروي زيادة: «فيُعاقَبُوا» .
(4) في الأصل: «وابتدعوها» بالباء الموحدة. والتصحيح من ا، واللسان.
(5) في الهروي: «سَعَى» .
(6) في الهروى: «فتمزّق» .
(5/166)
إِلَيْكَ
فِي أوقاتِ الاحتِفال والتَّزَيُّن. والتَّوْدِيعُ: أَنْ تَجعل ثَوْبا وِقايَةَ
ثوْبٍ آخَرَ، وَأَنْ تَجْعَله أَيْضًا فِي صُوَانٍ «1» يَصُونه.
(س) وَفِي حَدِيثِ الخَرْص «إِذَا خَرَصْتُم فَخُذوا ودَعُوا الثُّلُث، فَإِنْ
لَمْ تَدَعُوا الثُّلُث فَدَعُوا الرُّبُع» .
قَالَ الخطَّابي: ذَهَبَ بعضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ يُتْرَكُ لَهُمْ
مِنْ عَرَضِ الْمَالِ، تُوْسِعةً عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ إِنْ أُخِذَ الحقُّ
مِنْهُمْ مُسْتَوْفَىً أضرَّ بهِم، فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْهُ السَّاقِطةُ
والهالِكةُ وَمَا يأكُله الطَّيرُ وَالنَّاسُ. وَكَانَ عُمَرُ يأمُر الخُرّاص «2»
بِذَلِكَ. وَقَالَ بعضُ العُلماء: لَا يُتْرك لَهُمْ شيءٌ شائِع فِي جُمْلةِ
النَّخْل، بَلْ يُفْرَدُ لَهُمْ نَخَلاتٌ معدُودة قَدْ عُلِم مقدارُ ثَمَرِها
بالخَرْص.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يَرْضَوْا بِخَرْصكم فدَعُوا لَهُمُ
الثُّلُث أَوِ الرُّبُع، ليَتَصَرَّفوا فِيهِ ويَضْمَنوا حَقَّه، ويَتْركوا
الباقِيَ إِلَى أَنْ يَجِفَّ ويؤخَذَ حقُّه، لَا أَنَّهُ يُترك لَهُمْ بِلَا عِوَض
وَلَا إِخْرَاجٍ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «دَع دَاعِىَ اللَّبَن» أَيِ اتْرك مِنْهُ فِي الضَّرْع
شَيْئًا يَسْتَنْزِل اللَّبَنَ، وَلَا تَسْتَقِص حَلَبه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ طَهْفَةَ «لَكُمْ يَا بَنِي نَهْدٍ وَدَائِعُ الشِّرْكِ» أَيِ
الْعُهُودِ والمَواثيق. يُقَالُ:
تَوَادَعَ الْفَرِيقَانِ، إِذَا أعْطَى كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا الآخَرَ عَهْداً
أَلَّا يَغْزوَه. وَاسْمُ ذَلِكَ الْعَهْدِ:
الْوَدِيعُ «3» . يُقَالُ: أعْطَيْتُه وَدِيعاً: أَيْ عَهْدا.
وَقِيلَ: يَحْتَمِل أَنْ يُريد بِهَا مَا كَانُوا اسْتُودِعُوه مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ
الَّذِينَ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ: أَرَادَ إحلالَها لَهُمْ؛ لِأَنَّهَا
مالُ كافِرٍ قُدِر عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عَهْد وَلَا شَرْط. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ
قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: «مَا لَمْ يَكُنْ عَهْدٌ وَلَا مَوْعِدٌ» .
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ وَادَعَ بَنِي فُلَانٍ» أَيْ صالَحهم وسالمَهُم
عَلَى تَرْك الحَرب والأذَى. وَحَقِيقَةُ الْمُوَادَعَةِ: المُتَاركة، أَيْ يدَعُ
كلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَا هُوَ فِيهِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَكَانَ كعبٌ القُرَظِيّ مُوَادِعاً لِرَسُولِ اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم» .
__________
(1) الصوان، مثلَّث الصاد، كما في القاموس.
(2) ضبط فى ابفتح الخاء المعجمة.
(3) بعد ذلك في الهروي: «قال ذلك أبو محمد القتيبي» .
(5/167)
وَفِي
حَدِيثِ الطَّعَامِ «غَيْرَ مَكْفُورٍ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنىً عَنْه
رَبَّنا» أَيْ غَيْرَ مَتْروك الطَّاعة. وَقِيلَ: هُوَ مِن الْوَدَاعِ، وَإِلَيْهِ
يَرْجع.
(هـ) وَفِي شِعْرُ الْعَبَّاسِ يمدَحُ النَّبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مِنْ قَبْلِها طِبْت فِي الظّلاَلِ وَفِي ... مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ
الوَرَقُ
الْمُسْتَوْدَعُ: الْمَكَانُ الَّذِي تُجْعل فِيهِ الوَدِيعة. يُقَالُ:
اسْتَوْدَعَتْهُ وَدِيعَةً، إِذَا اسْتَحْفَظْتَه إيَّاها، وَأَرَادَ بِهِ الموضعَ
الَّذِي كَانَ بِهِ آدمُ وحَوَّاءُ مِنَ الْجَنَّةِ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ
الرَّحِم.
(هـ) وَفِيهِ «مَنْ تَعَلَّق وَدَعَةً لَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ» الْوَدَعُ،
بالفَتْح والسُّكون: جَمْع وَدَعَة، وَهُوَ شيءٌ أبيضُ يُجْلَب مِنَ البَحْر
يُعَلَّق فِي حُلُوق الصِّبْيان وغَيْرِهم. وإنَّما نَهَى عَنْهَا لِأَنَّهُمْ
كَانُوا يُعَلِّقُونها مَخافَةَ العَيْن.
وَقَوْلُهُ: «لَا وَدَعَ اللَّه لَهُ» : أَيْ لَا جَعَله فِي دَعَةٍ وسُكُون.
وَقِيلَ: هُوَ لَفْظٌ مَبْنيٌّ مِنَ الوَدَعَةَ: أَيْ لَا خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُ
مَا يَخَافُه.
(وَدَفَ)
(س) فِيهِ «فِي الْوُدَافِ الغُسل» الْوُدَافُ: الَّذِي يَقْطُر مِنَ الذَّكَر
فوقَ المَذْي، وقَد وَدَفَ الشَّحْمُ وغيرُه، إِذَا سَال وقَطَر.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فِي الْأَدَافِ الدِّيَة» يَعْنِي الذَّكَر. سَمَّاه
بِمَا يَقْطُر مِنْهُ مَجازاً، وقَلَبَ الواوَ هَمْزَةً. وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(وَدَقَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «فتَمثَّل لَهُ جِبريلُ عَلَى فَرسٍ وَدِيقٍ»
هِيَ الَّتِي تَشْتَهِي الفَحْل. وَقَدْ وَدَقَتْ وأَوْدَقَتْ واسْتَوْدَقَتْ،
فَهِيَ وَدُوقٌ ووَدِيقٌ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ:
فإنْ هَلَكْتُ فَرَهْنٌ ذِمَّتي لَهُمُ ... بِذَاتِ وَدْقَيْنِ لَا يَعْفُو لَهَا
أَثَرُ
أَيْ حَرْب شَدِيدَةٍ. وَهُوَ مِن الْوَدْقِ والْوِدَاقُ. الحِرْص عَلَى طَلَب
الفَحْل؛ لأنَّ الحَرْب تُوصَف باللِّقاح.
وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْوَدْقِ: المَطَر، يُقال لِلْحَرْبِ الشَّديدة: ذاتُ
وَدْقَيْنِ، تَشْبيها بسَحَابٍ ذَاتِ مَطْرَتَيْن شَدِيدَتَيْن.
(5/168)
(س)
وَفِي حَدِيثِ زِياد «فِي يَوْمٍ ذِي وَدِيقَة» أَيْ حَرٍّ شَديد، أَشَدَّ مَا
يَكُونُ مِنَ الحَرِّ بالظَّهَائِر.
(وَدِكَ)
- فِي حَدِيثِ الْأَضَاحِيِّ «وَيَحْمِلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ» هُو دَسَم
اللَّحْمِ ودُهْنُه الَّذِي يُسْتَخْرَج مِنْهُ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(وَدَنَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ مُصْعَب بْنِ عُمَير «وَعَلَيْهِ قِطْعَةُ نَمِرَة قَدْ وَصَلَها
بإهابٍ قَدْ وَدَنَهُ» أَيْ بَلَّه بِمَاء لِيَخْضَعَ ويَلين. يُقَالُ: وَدَنْتُ
الْقِدَّ والجِلْدَ أَدِنُهُ، إِذَا بَللْتَه، وَدْناً ووِدَاناً، فَهُوَ
مَوْدُونٌ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ظَبْيان «إنَّ وَجّاً كَانَتْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ «1» ،
غَرَسُوا وِدَانَهُ» أَرَادَ بِالْوِدَانِ مَواضِعَ النَّدَى والْمَاء الَّتِي
تَصْلح لِلْغِراس.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ذِي الثُّديَّة «أَنَّهُ كَانَ مَوْدُونَ اليَدِ» وَفِي روَاية
«مُودَنَ اليَدِ» أَيْ ناقِصَ اليَدِ صَغِيرَها. يُقال: وَدَنْتُ الشيءَ
وأَوْدَنْتُهُ، إِذَا نَقَصْتَه وصَغَّرتَه.
وَفِيهِ ذِكر «وَدَّان» فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَهُوَ بفَتْح الوَاوِ وتَشْديد
الدَّال: قَرْيَة جامِعَة قَريباً مِنَ الجُحْفة.
(وَدَا)
(س) فِي حَدِيثِ القَسَامة «فَوَدَاهُ مِنْ إبِلِ الصَّدَقة» أَيْ أعْطَى ديَتَه.
يُقَالُ:
وَدَيْتُ القَتِيلَ أَدِيهِ دِيَةً، إِذَا أعْطَيْتَ دِيَتَه، واتَّدَيْتَهُ: أَيْ
أخَذْتُ دِيَتَه، وَالْهَاءُ فِيهَا عِوَض مِنَ الواوِ الْمَحْذُوفَةِ. وجَمْعُها:
دِيَاتٌ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنْ أحَبُّوا قَادُوا، وإنْ أَحبُّوا وَادُوا» أَيْ
إِنْ شَاءُوا اقْتَصُّوا، وَإِنْ شَاءُوا أخَذُوا الدِّيَةَ. وَهِيَ مُفَاعَلَة
مِنَ الدِّية. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ مَا يَنْقُض الْوُضُوءَ ذِكْر «الْوَدْىِ» هُوَ بِسُكُونِ الدَّالِ،
وبكَسْرها وتَشْديد الْيَاءِ: البَلَلُ اللَّزِج الَّذِي يَخْرُج مِنَ الذَّكر
بَعْد البَوْل. يُقال: وَدَى وَلَا يُقَالُ: أَوْدَى «2» . وَقِيلَ:
التَّشْديدُ أصحُّ وأفْصَحُ من السُّكون.
__________
(1) في الهروي: «لبني فلان» .
(2) في الأصل: « ... وَدِىٌّ. ولا يقال: وَدْىٌ» والمثبت من ا، واللسان.
(5/169)
(س)
وَفِي حَدِيثِ طَهْفة «مَات الْوَدِىُّ» أَيْ يَبِسَ مِنْ شِدّة الجَدْب والقَحْط.
الْوَدِىُّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ: صِغَارُ النَّخْل، الْوَاحِدَةُ: وَدِيَّة.
(س [هـ] ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَمْ يَشْغَلْني عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَرْسُ الوَدِيِّ» وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي
الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَوْفٍ:
وأوْدَى سَمْعُه إِلَّا نِدَايَا
أَوْدَى: أَيْ هَلَك. ويُريدُ بِهِ صَمَمَه وذَهابَ سَمْعِه.
بَابُ الواو مع الذال
(وَذَأَ)
(هـ) فِيهِ «أنَّ رَجُلًا قَامَ فَنَالَ مِنْ عُثْمَانَ فَوَذَأَهُ عَبْدُ اللَّه
بنُ سَلَامٍ فَاتَّذَأَ» أَيْ زَجَرَه فازْدَجَر «1» . وَهُوَ فِي الْأَصْلِ:
العَيْبُ وَالْحَقَارَةُ.
(وَذَحَ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ «أمَا واللَّه لَيْسَلَّطنَّ
عَلَيْكُمْ غُلامُ ثَقيف الذَّيَّالُ الميَّالُ، إيهٍ أَبَا وَذَحَةَ» الْوَذَحَةُ
بِالتَّحْرِيكِ: الْخُنْفُسَاءُ، مِنَ الْوَذَحِ: وَهُوَ مَا يتَعَلَّق بِأَلْيَة
الشَّاة مِنَ البَعْر فيَجِفّ، الواحدةُ: وَذَحَةٌ. يُقَالُ: وَذِحَتِ «2» الشَّاة
تَوْذَحُ وتَيْذَحُ وَذَحاً. وبعضُهم يقولُه بِالْخَاءِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَجَّاجِ «أَنَّهُ رَأَى خُنْفَساءةً فَقَالَ: قاتَلَ
اللَّهُ أَقْوَامًا يَزُعمون أَنَّ هَذِهِ مِنْ خَلْقِ اللَّه تَعَالَى، فَقِيلَ:
ممَّ هي؟ قال: مِن وَذَحِ إبليس» .
(ودر)
(هـ) فِيهِ «فأُتينَا بثَريدةٍ كثيرةِ الْوَذْرِ» أَيْ كَثِيرَةِ قِطَع اللَّحْمِ.
والْوَذْرَةُ بالسُّكون: القِطْعة مِنَ اللَّحْمِ. والْوَذْرُ بِالسُّكُونِ
أَيْضًا: جَمْعُها.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُثْمَانَ «رُفِع إِلَيْهِ رَجُل قَالَ لِآخَرَ: يَا ابنَ
شامَّةِ الْوَذْرِ» هَذَا القَولُ مِنْ سِباب العَرب وذَمِّهم. ويُريدون بِهِ يَا
ابْنَ شامَّة المَذاكِير، يَعْنون الزِنا، كَأَنَّهَا كَانَتْ تَشَمُّ كَمَراً
مُخْتَلِفة. والذَّكَرُ: قِطْعَة مِنْ بَدَن صَاحِبِهِ.
__________
(1) في الهروي، واللسان: «فانزجر» .
(2) ضبط في الأصل بفتح الذال المعجمة. والتصحيح من ا، واللسان. وهو من باب فَرِح،
كما في القاموس.
(5/170)
وَقِيلَ:
أَرَادَ بِهَا القُلَفَ، جَمْعُ قَلَفَة الذَّكَر، لِأَنَّهَا تُقْطع.
وَفِيهِ «شَرُّ النِّسَاءِ الْوَذِرَةُ الْمَذِرَةُ» هِيَ الَّتِي لَا تَسْتَحيِي
عِنْدَ الْجِمَاعِ.
وَفِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْع «إِنِّي أخافُ أَلَّا أَذَرَه» أَيْ «1» أخافُ أَلَّا
أتْرُكَ صِفَتَه، وَلَا أقْطَعَها مِنْ طُولها.
وَقِيلَ «2» : مَعْنَاهُ أَخَافُ أَلَّا أقْدِرَ عَلَى تَرْكِه وفِراقِه؛ لأنَّ
أَوْلَادِي مِنْهُ، وَلِلْأَسْبَابِ الَّتِي بَيْني وبَيْنَه.
وحُكْمُ «يَذَرُ» فِي التَّصْريف حكم «يدع» وأصله: وَذِرَهُ يَذَرُهُ، كَوَسِعَه
يَسَعُه. وَقَدْ أُمِيتَ ماضِيه ومَصْدَرُه، فَلَا يُقَالُ: وَذِرَه، وَلَا
وَذْراً، وَلَا وَاذِراً. ولكنْ تَركَهُ تَرْكاً، وَهُوَ تاركٌ.
(وَذَفَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ نزَل بِأُمِّ مَعْبَد وَذْفَانَ «3» مَخْرَجه إِلَى
الْمَدِينَةِ» أَيْ عِنْدَ مخرجِه، وَهُوَ كَمَا تَقُولُ: حِدْثانَ مَخْرَجه،
وسُرْعانَه. والتَّوَذُّفُ: مُقَارَبَة الخَطْو والتَّبَخْتُر فِي المَشْي.
وَقِيلَ: الْإِسْرَاعُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الحجَّاج «خَرَجَ يَتَوَذَّفُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أسماءَ»
.
(وَذِلَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَمْرٍو «قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: مَا زِلْت أرُمُّ أمْرَك
بِوَذَائِلِهِ» هِيَ جَمْع وَذِيلَةِ، وَهِيَ السَّبيكة مِنَ الفِضَّة. يُرِيدُ
أَنَّهُ زَيَّنَه وَحسَّنه.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «أَرَادَ بِالْوَذَائِلِ جَمْعَ وَذِيلَةَ، وَهِيَ
المرآةُ، بلُغَة هُذَيل، مَثَّل بِهَا آرَاءه الَّتِي «4» كَانَ يَراها
لِمُعَاوِيَةَ، وَأَنَّهَا أَشْبَاهُ المَرايا، يَرى فِيهَا وُجُوه صَلاح أمرِه،
واستقامةِ مُلْكِهِ: أَيْ مازلت أرُمّ أمْرَك بِالْآرَاءِ الصَّائبة، والتَّدابير
الَّتِي يُسْتَصْلح المُلْكُ بِمثْلِها» .
(وَذَمَ)
(هـ) فِيهِ «أُرِيتُ الشيطانَ، فَوَضعتُ يَدي عَلى وَذَمَتِهِ» الْوَذَمَةُ
بالتَّحريك:
سَير يُقَدُّر طُولاً، وجَمْعُه: وِذَامٌ، ويُعْمَل مِنْهُ قِلادَةٌ تُوضَع فِي
أعْناق الكِلاب لِتُرْبَط بِها، فشَبَّه الشَّيطانَ بالكَلْب، وَأَرَادَ
تَمَكُّنَه مِنْهُ، كَمَا يَتَمكَّن القابضُ على قِلادَةِ الكَلْب
__________
(1) هذا شرح ابن السِّكِّيت، كما ذكر الهروي.
(2) القائل هو أحمد بن عبيد. كما جاء في الهروي.
(3) في ا: «وذَفان» بفتح الذال المعجمة.
(4) في الفائق 2/ 159: «التي كانت لمعاوية أشباه المرائي» .
(5/171)
(هـ)
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «وسُئِل عَنْ كَلْب الصَّيد فَقَالَ: إِذَا
وَذَّمْتَهُ وأرْسَلْتَه وذَكَرتَ اسْم اللَّه فكُلْ» أَيْ إِذَا شَدَدْتَ فِي
عُنُقِه سَيْرا يُعْرَف بِهِ أنَّه مُعَلَّمٌ مُؤدَّب.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «فَرَبَط كُمَّيْة بِوَذَمَةٍ» أَيْ سَيْر.
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ، تصِف أَبَاهَا «وأوْذَمَ السِّقَاءَ» أَيْ شَدّه بالوَذّمَة.
وَفِي روَاية أُخرى: «وأَوْذَمَ العطِلَة» «1» تُرِيدُ الدَّلو التَّي كَانَتْ
مُعَطَّلَة عَنِ الإسْتِقاء، لِعَدَم عُراها وانْقِطاع سُيُورها.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «لَئن وَلِيتُ بَنِي أمَيَّة لأنْفُضَنَّهم نَفْضَ
القَصَّاب الْوِذَام الترِبَة» وَفِي رِواية «التِّرابَ الْوَذِمَة» «2» أرَادَ
بِالْوِذَامِ الحُزَزَ مِنَ الكَرِش، أَوِ الكَبِد السَّاقِطَة فِي التُّراب.
فالقَصَّابُ يُبَالِغُ فِي نَفْضِها. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَرْفِ التَّاءِ
مَبْسُوطًا.
باب الواو مع الراء
(وَرِبَ)
[هـ] فِيهِ «وإنْ بايَعْتَهم وَارَبُوكَ» أَيْ خادَعُوك، مِنَ الْوَرَبِ، وَهُوَ
الفَساد.
وَقَدْ وَرِبَ يَوْرَبُ. ويَجُوز أنْ يَكُونَ مِنَ الْإِرْبِ، وَهُوَ الدَّهَاء،
وقَلَبَ الهَمْزَةَ وَاواً.
(وَرِثَ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى «الْوَارِثُ» هُو الَّذِي يَرِثُ الخلائِقَ،
ويَبْقَى بَعْد فَنائِهم.
(هـ س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «اللَّهُمَّ مَتِّعْني بَسَمْعي وَبَصَرِي،
واجْعَلْهُما الوَارِثَ مِنّي» أَيْ أبْقِهما صَحِيحَين سَليمَيْن إِلَى أنْ
أمُوتَ «3» .
وَقِيلَ: أَرَادَ بَقَاءَهُما وقَوتَّهُما عِنْدَ الكِبَر وانْحِلال القُوَى
النَّفْسانِيَّة، فَيَكُونُ السَّمْع والبَصَر وَارِثَيْ سَائِر القُوى،
والبَاقِيَيْن بَعْدَها.
وَقِيلَ: أرَاد بالسَّمْع وَعْيَ مَا يَسْمَع والعَمَلَ بِهِ، وبالبَصر الإعتبارَ
بِمَا يَرى.
وَفِي رِوَايَةٍ «واجْعَلْه الوَارِثَ مِنِّي» فَرَدّ الْهَاء إلى الإمْتَاع،
فلذلك وحّده
__________
(1) ضبط في الأصل بفتح الطاء المهملة. وهو كفَرِحة، كما في القاموس. وسبق في (عطل)
.
(2) وهى رواية الهروى.
(3) هذا قول ابن شُمَيل، كما في الهروي.
(5/172)
وَفِيهِ
«أَنَّهُ أمَر أنْ يُوَرِّثَ «1» دُورَ المُهاجرين النِّساءُ» تَخْصيصُ النِّسَاءِ
بتَوْريث الدُّور يُشْبِه أنْ يَكُونَ عَلَى مَعْنى القِسْمَة بَيْنَ الوَرَثَة،
وخَصَّهُنّ بِها؛ لأنَّهُنَّ بِالْمَدِينَةِ غَرائِبُ لَا عَشِيرةَ لَهُنَّ،
فاخْتارَ لَهُنَّ الْمَنَازِلَ للسُّكْنَى.
ويَجوز أَنْ تَكُونَ الدّورُ فِي أيْديِهنَّ عَلَى سَبيل الرِّفْق بِهنَّ لا
للتَّمليك، كما كانَت حُجَرُ النَّبي صلى اللَّه عليه وسلم فِي أَيْدِي نِسائه
بَعْدَه.
(وَرَدَ)
(هـ) فِيهِ «اتَّقُوا البِرازَ فِي الْمَوَارِدِ» أَيِ المَجاري والطُّرُق إِلَى
الْمَاء، واحِدُها: مَوْرِدٌ، وَهُوَ مَفْعِل مِنَ الْوُرُودِ. يُقَالُ: وَرَدْتُ
الماءَ أَرِدُهُ وُرُوداً، إِذَا حَضَرْتَه لِتَشْرَب.
والْوِرْدُ: الْمَاءُ الَّذِي تَرِدُ عَلَيْهِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهُ أخَذَ بِلسانه وَقَالَ: هَذا الَّذي
أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ» أرَادَ المَوارِدَ المُهْلِكة، واحِدَتُها: مَوْرِدَة.
قَالَهُ الْهَرَوِيُّ.
وَفِيهِ «كَانَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرين يَقْرآن الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى
آخرِه وَيَكْرَهَان الْأَوْرَادَ» الْأَوْرَادُ: جَمْعُ وِرْد، وَهُوَ
بِالْكَسْرِ: الجُزْء. يُقال: قَرَأْتُ وِرْدِي. وَكَانُوا قَدْ جَعَلوا
الْقُرْآنَ أجْزاءً، كُلُّ جُزْءٍ مِنْهَا فِيهِ سُوَرٌ مُخْتَلِفة عَلَى غَيْرِ
التَّألِيف حَتى يُعْدِّلوا بَيْن الأجْزاء ويُسَوُّوها.
وَكَانُوا يُسَمُّونها الأوْرَاد.
وَفِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ «مُنْتَفِخَة الْوَرِيدِ» هُو العِرْق الَّذِي فِي
صَفْحة العُنُق يَنْتَفِخ عِنْدَ الغَضَب، وهُما وَرِيدَانِ، يَصِفُها بِسُوء
الخُلُق وكَثْرة الغَضَب.
(وَرَسَ)
(س) فِيهِ «وَعليه مِلْحَفَةٌ وَرْسِيَّة» الْوَرْسُ: نَبْتٌ أصْفَرُ يُصْبَغ
بِهِ.
وَقَدْ أَوْرَسَ المكانُ فَهُوَ وَارِسٌ. والقِياس: مُورِسٌ. وَقَدْ تَكَرَّرَ
ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ. والْوَرْسِيَّةُ:
المَصْبُوغة بِهِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْحُسَيْنِ «أنَّه اسْتَسْقَى فأُخْرِج إِلَيْهِ قَدَحٌ
وَرْسِىٌّ مُفَضَّض» هُوَ المَعْمول مِنَ الخَشب النُّضَار الأصْفَر، فَشُبّه به؛
لِصُفْرته.
__________
(1) في اللسان: «تورّث» .
(5/173)
(وَرَضَ)
[هـ] فِيهِ «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُوَرِّضْ مِنَ اللَّيل» أَيْ لَمْ يَنْوِ.
يُقال:
وَرَّضْتُ الصَّوْمَ وأَرَّضْتُهُ، إِذَا عَزَمْتَ عَلَيْهِ. والأصْل الهمْز،
وَقَد تقدَّم.
(وَرَطَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ «لَا خِلاَط ولاَ وِرَاطَ» الْوِرَاطُ «1» : أنْ
تُجْعَل الغَنَمُ فِي وَهْدَةٍ «2» مِنَ الْأَرْضِ لتَخْفَى عَلَى المُصَدِّق.
مأخوذٌ مِنَ الْوَرْطَةِ، وهيَ الهُوّة العَمِيقَة فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ اسْتُعِير
للنَّاس إِذَا وقَعُوا فِي بَلِيَّةٍ يَعْسُر المَخْرَجُ مِنْهَا.
وَقِيلَ: «3» الْوِرَاطُ: أَنْ يُغَيِّبَ إبِلَهُ أَوْ غَنَمَه فِي إبِل غَيره
وغَنَمِه.
وَقِيلَ «4» : هُوَ أنْ يَقول أحَدُهم للمُصَدِّق: عِنْدَ فَلان صَدَقَةٌ، وليسَت
عِنده. فهُو الْوِرَاطُ والْإِيرَاطُ. يُقَالُ: وَرَطَ وأَوْرَطَ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «إنَّ مِن وَرَطَاتِ الأمورِ التِّي لَا مَخْرجَ
مِنْهَا سَفْكَ الدَّم الحَرام بِغَيْر حِلّه» .
(وَرِعَ)
(س) فِيهِ «مِلاَكُ الدِّين الْوَرَعُ» الْوَرَعُ فِي الأصْل: الكَفُّ عَنِ
المَحارِم والتَّحَرُّج مِنْه. يُقَالُ: وَرِعَ الرَّجُل يَرِعُ، بالكَسْر
فِيهِمَا، وَرَعاً ورِعَةً، فهُو وَرِعٌ، وتَوَرَّعَ مِنْ كذا، ثم اسْتُعِير للكفّ
عن المباح والحلا. وَيَنْقَسِمُ إِلَى ... «5» .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «وَرِّعِ اللّصَّ وَلَا تُرَاعِهِ» أَيْ إِذَا
رَأيْتَه فِي مَنْزلك فاكْفُفْه وادْفَعْه بِمَا اسْتَطَعْت. وَلَا تُرَاعِهِ:
أَيْ لَا تَنْتَظِر فِيهِ شَيْئًا وَلَا تَنْظُر مَا يَكُونُ مِنه. وَكُلُّ شَيْءٍ
كفَفْتَه فَقَدْ ورَّعْتَه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «أَنَّهُ قَالَ للسَّائِب: وَرِّعْ عَنِّي فِي
الدِّرْهَم والدِّرْهَمَيْن» أَيْ كُفَّ عَنّي الخُصُومَ، بِأَنْ تَقْضِيَ
بَيْنَهُم وتَنُوبَ عَنّي في ذلك.
__________
(1) هذا قول أبي بكر الأنباري، كما ذكر الهروي.
(2) في الهروي: «هُوَّة» .
(3) القائل هو شَمِر، كما ذكر الهروي.
(4) القائل هو أبو سعيد الضرير، كما ذكر الهروي أيضا.
(5) بياض بالأصل وا. وجاء بهامش الأصل: «هكذا بياض في جميع النسخ» والحديث وإن كان
في كتاب أبي موسى، كما رمز إليه المصنف، إلا أني لم أجد هذا الشرح في كتاب أبي موسى
المسمى «المغيث في غريب القرآن والحديث» المحفوظ بجامعة الدول العربية برقم (500
حديث) .
(5/174)
وَحَدِيثُهُ
الْآخَرُ «وَإِذَا أشْفَى وَرِع» أَيْ إِذَا اشْرف عَلَى مَعْصِيَةٍ كَفَّ.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ «ازدَحَمُوا عَلَيْهِ، فَرَأَى منْهُم رِعَةً سَيّئة،
فقال: اللهمّ إليك» يريد بالرّعة هاهنا الاحْتِشَامَ والكَفَّ عَنْ سُوء
الْأَدَبِ، أَيْ لَمْ يُحْسِنوا ذَلِكَ. يُقال: وَرِعَ يَرِعُ رِعَةً، مِثْل
وَثِقَ يَثِقُ ثِقَةً.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ «وأعذْني مِنْ سُوء الرِّعَةِ» أَيْ سُوء الكَفّ
عَمَّا لَا يَنْبَغَي.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَوْفٍ «وبِنَهْيه يَرِعُونَ» أَيْ يَكُفُّون.
(هـ) وَحَدِيثُ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ «فَلَا يُوَرَّعُ رجُلٌ عَنْ جَمَل
يَخْتَطِمُه» أَيْ يُكَفُّ وَيُمْنَع.
(هـ) وَفِيهِ «كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يُوَارِعَانِهِ» يَعْني عَلِيًّا: أَيْ
يَسْتَشِيرانِه. والْمُوَارَعَةُ:
المُناطَقة والمُكالَمةُ.
(وَرِقَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ المُلاعَنة «إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَوْرَقَ جَعْداً» الْأَوْرَقُ:
الأسْمَر. والْوُرْقَةُ:
السُّمْرة. يُقَالُ: جَمَلٌ أَوْرَقُ، وناقَةٌ وَرْقَاءُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الْأَكْوَعِ «خَرَجْتُ أنَا وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمي وهُو
عَلَى نَاقةٍ وَرْقَاء» .
وَحَدِيثُ قُسّ «عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ» .
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لِعَمَّار: أنْتَ طَيِّبُ الْوَرَقِ» أَرَادَ
بِالْوَرَقِ نَسْلَه، تَشْبِيهاً بوَرَق الشَّجَر، لخُروجها مِنْهَا. ووَرَقُ
الْقَوْمِ: أحْدَاثُهم «1» .
(س) وَفِي حَدِيثِ عَرْفَجة «لمَّا قُطِعَ أنْفُه [يَومَ الكُلاب] «2» اتَّخَذَ
أنْفاً مِنْ وَرِقٍ فأنْتَن، فاتَّخَذَ أنْفاً مِنْ ذَهَب» الْوَرِقُ بكسْر
الرَّاء: الفِضَّة. وقَد تُسَكَّن. وحَكَى القُتَيْبي عَنِ الْأَصْمَعِيِّ أنَّه
إنَّما اتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرَقٍ، بِفَتْحِ الرَّاءِ، أَرَادَ الرَّق «3»
الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ، لأنَّ الفِضَّة لَا تُنْتِن. قَالَ: وَكُنْتُ أحْسَبُ
أَنَّ قَول الأصْمَعي أنَّ الفِضَّة لَا تُنْتِن صَحِيحًا، حَتَّى أخْبرني بعضُ
أَهْلِ الخِبْرة أنَّ الذَّهَب لَا يُبْليه الثَّرى، وَلَا يُصْدِئه النَّدى،
وَلَا تَنْقُصه الأرضُ، وَلَا تأكُله النَّار.
فأمَّا الفِضَّة فإنَّها تَبْلَى، وتَصْدَأ، وَيَعْلُوها السَّوادُ، وَتُنْتِنُ.
__________
(1) هذا قول ابن السّكّيت، كما فى الهروى
(2) ساقط من من ا، واللسان. وفي اللسان: «فأنتن عليه» .
(3) بالفتح، ويكسر، كما في القاموس.
(5/175)
(هـ)
وَفِيهِ «ضِرْس «1» الكافِر فِي النَّار مِثْلُ وَرِقَانٍ» هُوَ بوَزْن قَطِرانٍ:
جَبَلٌ أسْودُ بَيْن العَرْج والرُّوَيْثَة، عَلَى يَمين المَارِّ مِنَ
الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّة.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «رَجُلانِ مِن مُزَيْنَةَ ينْزِلان جَبَلاً مِنْ جِبال
العَرب يُقَالُ لَهُ وَرِقَان، فَيُحْشَر النَّاسُ وَلَا يَعْلمَان» .
(وَرِكَ)
(هـ) فِيهِ «كَرِه أَنْ يَسْجُدَ الرجُل مُتَوَرِّكاً» هُوَ أنْ يَرْفَعَ
وَرِكَيْهِ إِذَا سَجَد حَتَّى يُفْحِشَ فِي ذَلِكَ.
وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يُلْصِقَ أَلْيَتَيْه بِعَقِبَيه فِي السُّجُودِ.
وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: التَّوَرُّكُ فِي الصَّلاة ضَرْبَان: سُنَّةٌ ومَكْروه،
أمَّا السُّنَّة فأن ينخّى رِجْلَيْه فِي التَّشهُّد الأخِير، ويُلْصِقَ مَقْعَده «2»
بِالْأَرْضِ، وَهُوَ مِنْ وَضْع الْوَرِكِ عَلَيْهَا. والْوَرِكُ: مَا فَوق
الفَخِذ، وَهِيَ مُؤَنَّثَة.
وأمَّا المَكْروه فَأَنْ يَضَعَ يَدَيْه عَلَى وَرِكَيه فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ
قَائِمٌ. وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ مُجَاهِدٍ «كَانَ لَا يَرى بَأْسًا أَنْ يَتَوَرَّكَ الرجُل
عَلَى رِجْله اليُمْنَى فِي الأرضِ المُسْتَحيلةِ، فِي الصَّلَاةِ» أَيْ يَضع
وَرِكَه عَلَى رِجْله. والمُسْتَحِيلة: غَيْرُ المُسْتَوِية.
وَمِنْهُ حَدِيثُ النَّخَعيّ «أَنَّهُ كَانَ يَكْره التَّورُّكَ فِي الصَّلَاةِ» .
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَعَلَّك مِنَ الذَّين يُصلُّون عَلَى أَوْرَاكِهِمْ»
فُسِّر بأنَّه الَّذِي يَسْجُد وَلَا يَرْتَفِع عَنِ الْأَرْضِ، ويُعْلِي وَرِكَه،
لَكنّهُ يُفَرّج رُكْبَتَيْه، فَكَأَنَّهُ يَعْتَمد عَلَى وَرِكه.
(س) وَفِيهِ «جَاءَتْ فاطمةُ مُتَوَرِّكَةً الحَسن» أَيْ حَامِلَتَهُ عَلَى
وَرِكِها.
(هـ س) وَفِيهِ «أَنَّهُ ذَكَرَ فِتْنَةً تَكُونُ، فَقَالَ: ثُمَّ يَصْطَلِح
الناسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَع» أَيْ يَصْطَلحون عَلَى أمْرٍ وَاهٍ لَا
نِظامَ لَهُ وَلَا اسْتِقامَة؛ لأنَّ الوَرِك لَا يَسْتَقيم عَلَى الضِّلَع وَلَا
يَتَرَكَّب عَلَيْهِ؛ لاخْتلاف مَا بَيْنَهما وبُعْدِه.
وَفِيهِ «حَتَّى إِنَّ رأسَ ناقتِه ليُصيبُ مَوْرِكَ رَحْله» الْمَوْرِكْ
والْمَوْرِكَة: المِرْفَقة الَّتِي تَكُونُ عِنْدَ قادمِةِ الرَّحل، يَضَعُ
الرَّاكِبُ رِجْلَه عَلَيْهَا ليَسْتريح مِنْ وَضْعِ رِجْلِه فِي الرِّكَاب.
__________
(1) في الهروي: «سِنّ» .
(2) في الهروي «ويُلْزِق مقعدته» .
(5/176)
أرادَ
أنَّه كَانَ قَدْ بَالَغ فِي جَذْب رَأسِها إِلَيْهِ، ليكُفَّها عَنِ السَّيْر.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى أَنْ يُجْعَلَ فِي وِرَاكٍ
صَلِيبٌ» الْوِرَاكُ: ثَوْبٌ يُنْسَجُ وَحْدَه، يُزَيَّنُ بِهِ الرَّحْلُ.
وَقِيلَ: هِيَ النُّمْرُقَة الَّتي تُلْبَسُ مُقَدَّمَ الرَّحْل، ثُمَّ تُثْنَى
تَحْتَه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ النَّخَعِيّ، فِي الرجُل يُسْتَحْلَف «إِنْ كَانَ مَظْلُوماً
فَوَرَّكَ إِلَى شيءٍ جَزَى عَنْهُ» التَّوْرِيكَ فِي اليَمين: نِيَّةٌ يَنُوِيها
الحالِفُ، غَيْرَ مَا يَنْوِيه مُسْتَحْلِفُهُ، مِنْ وَرَّكْتُ فِي الْوادي، إِذَا
عَدَلْتَ فِيهِ وَذَهَبْتَ.
(وَرِمَ)
(س) فِيهِ «أَنَّهُ قَامَ حَتَّى وَرِمَتْ قدماهُ» أَيِ انْتَفَخَتْ مِنْ طُول
قِيامِه فِي صَلاة اللَّيْلِ. يُقال: وَرِمَ يَرِمُ، وَالْقِيَاسُ: يَوْرَمُ،
وَهُوَ أحدُ مَا جاءَ عَلَى هَذَا البِنَاء.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ «وَلَّيْتُ أمُورََكُمْ خَيْرََكُمْ،
فَكُلُّكُم وَرِمَ أنْفُهُ عَلَى أَنْ يكُونَ لَهُ الأمْرُ مِنْ دُونِه» أَيِ
امْتَلأ وانْتَفَخَ مِنْ ذَلِكَ غَضَباً. وخَصَّ الأنْفَ بالذِّكْر لأنَّه
مَوْضِعُ الأنَفَة والكِبْر، كَما يُقال: شَمَخَ بأنْفِه.
وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَا يُهَاجُ إِذَا مَا أنْفُه وَرِمَا
(وَرِهَ)
(س) فِي حَدِيثِ الْأَحْنَفِ «قَالَ لَه الْحُتَات: واللَّهِ إِنَّكَ لَضَئِيل،
وَإِنَّ أمَّك لَوَرْهَاءُ» الْوَرَهُ بالتَّحريك: الخَرَق فِي كُلّ عَمل.
وَقِيلَ: الحُمقُ. ورَجُلٌ أَوْرَهُ، إِذَا كَانَ أحْمَقَ أهْوَجَ. وَقَدْ وَرِهَ
يَوْرَهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ: «قَالَ لرجُل: نَعَمْ يَا أَوْرَهُ» .
(وَرَا)
(هـ) فِيهِ «كانَ إِذَا أرادَ سَفَراً وَرَّى بِغَيْرِهِ» أَيْ سَتَره وكَنَى
عَنْهُ، وأوْهَم أَنَّهُ يُريد غَيْره. وأصلُه مِنَ الْوَرَاءِ: أَيْ ألْقَى
البَيَانَ وراءَ ظَهْره.
وَفِيهِ «لَيْسَ وَرَاءَ اللَّه مَرْمىً» أَيْ لَيْسَ بَعْدَ اللَّه لِطَالبٍ
مَطْلَبٌ، فَإِلَيْهِ انتِهت العُقُول وَوَقَفَت، فَلَيس وَرَاءَ مَعْرفته
وَالْإِيمَانِ بِهِ غايةٌ تُقْصَد. والمَرْمَى: الغَرضُ الَّذِي يَنْتَهِي
إِلَيْهِ سَهْم الرَّامي. قال النابغة «1» :
__________
(1) الذَّبْياني. وصدر البيت:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة
مجموعة خمسة دواوين ص 12:
(5/177)
وَلَيْسَ
وَرَاءَ اللَّهِ لِلمَرْءِ مَذْهَبُ
وَمِنْهُ حَدِيثُ الشَّفَاعَةِ «يَقُول إِبْرَاهِيمُ: إنِّي كُنْتُ خَلِيلًا مِن
وَرَاءَ وَرَاءَ» هَكَذَا يُرْوَى مَبْنِيّاً عَلَى الْفَتْحِ: أَيْ مِنْ خَلْفِ
حِجاب.
وَمِنْهُ حَدِيثُ مَعْقِل «أَنَّهُ حَدَّث ابْنَ زِياد بِحَدِيثٍ، فَقَالَ:
أشَيْءٌ سمعْتُه مِنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ
وَرَاءَ وراءَ؟» أَيْ مِمَّن جَاءَ خَلْفَه وبَعْدَه.
وَفِي حَدِيثِ الشَّعْبِيّ «أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ رَأَى مَعَهُ صَبِيَّاً: هَذَا
ابْنُك؟ قَالَ: ابنُ ابْنِي. قَالَ:
هُوَ ابْنُكَ مِنَ الوَراء» يُقَالُ لِوَلَدِ الوَلَد: الْوَرَاءُ.
(هـ) وَفِيهِ «لأَنْ يَمْتلىءَ جَوْفُ أحدِكم قَيْحاً حَتَّى يَرِيَه خَيْرٌ لَه
من أن يَمْتَلِيءَ شِعْرا» هُو «1» مِنَ الْوَرْي: الدَّاءِ؛ يُقَالُ: وُرِيَ
يُورَى «2» فهُو مَوْرِيٌّ، إِذَا أَصَابَ جَوْفَه الدَّاءُ.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْوَرْيُ، مثَال الرَّمْي: دَاء يُداخل الجَوف. يُقَالُ:
رَجُلٌ مَوْرِيٌّ، غَير مَهْمُوزٍ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُو الْوَرَى، بِفَتْحِ الرَّاءِ.
وَقَالَ ثَعْلب: هُوَ بالسُّكون: المَصْدَرُ، وبالفَتْح: الِاسْمُ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: «وَرَى القيحُ جَوْفَهُ يَرِيَهُ وَرْياً: أكَلَه» .
وَقَالَ قَوْمٌ: مَعْنَاهُ: حَتَّى يُصيبَ رِئتَه. وأنْكَره غَيْرُهُم؛ لِأَنَّ
الرِّئةَ مَهْمُوزَةٌ، وَإِذَا بَنَيْتَ مِنْهُ فِعْلا قُلتَ: رَآه يَرْآه فَهُوَ
مَرْئيٌّ.
وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: إِنَّ الرِّئَةَ أصْلُها مِنْ وَرَى، وَهِيَ مَحْذُوفَةٌ
مِنْهُ. يُقَالُ: وَرَيْتُ الرجُلَ فَهُوَ مَوْرِيٌّ، إِذَا أصَبْتَ رئتَه.
وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّئَةِ الهَمْزُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ تَزْوِيجِ خَدِيجَةَ «نَفَخْتَ فَأَوْرَيْتَ» يُقَالُ: وَرَى»
الزَّنْدُ يَرِي، إذا
__________
(1) هذا قول أبي عبيد، كما ذكر الهروي.
(2) في الأصل: «وَرَى يَوْرِي» وأثبتُّ ضبط ا، واللسان، والهروي.
(3) ضبط في الأصل: «وَرِيَ» وأثبته بالفتح من ا. وهو من باب وعد. وفي لغة: وَرِيَ
يَرِي. بكسرهما. قاله في المصباح.
(5/178)
خَرَجَتْ
نارُه، وأَوْرَاهُ غَيْرُهُ، إِذَا اسْتَخْرج نارَه. والزَّنْد: الوَارِي الَّذِي
تَظْهر نارُه سَرِيعَةً.
قَالَ الْحَرْبِيُّ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يقولَ: قدَحْتَ فَأَوْرَيْتَ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «حَتَّى أَوْرَى قَبَساً لِقابِس» أَيْ أظْهَر
نُوراً مِنَ الْحَقِّ لِطَالِبِ الهُدَى.
(س) وَفِي حَدِيثِ فَتْحِ أصْبَهان «تَبْعَث إِلَى أَهْلِ البَصْرة فَيُوَرُّوا»
هُو مِن وَرَّيْتُ النارَ تَوْرِيَةً، إِذَا اسْتَخْرَجْتَها. واسْتَوْرَيْتُ
فُلانا رَأياً: سَألتُه أَنْ يَسْتَخْرِجَ لِي رَأْيًا.
ويَحتَمل أَنْ يَكُونَ مِنَ التَّوْرِيَةِ عَنِ الشَّيْءِ، وَهُوَ الْكِنَايَةُ
عَنْهُ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أنَّ امْرَاةً شَكَت إِلَيْهِ كُدُوحاً فِي ذِراعَيْها
مِنِ احْتِراش الضِّبَاب، فَقَالَ: لَوْ أخَذْت الضَّبَّ فَورَّيْتِه، ثُمَّ
دَعَوْتِ بِمِكْتَفَةٍ «1» فَأَمَلْتِهِ كَانَ أشْبَعَ» وَرَّيْتِه: أَيْ «2»
رَوَّغْتِه فِي الدُّهْن والدَّسَم، مِنْ قَوْلِكَ: لَحْمٌ وَارٍ: أيْ سَمين.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الصَّدقَة «وَفِي الشَّوِيِّ الْوَرِيِّ مُسِنَّة» فَعِيل
بِمَعْنَى فَاعِلٍ.
باب الواو مع الزاي
(وزر)
- فيه «لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى» * الْوِزْرُ: الحِمْل والثِّقْل،
وَأَكْثَرُ مَا يُطْلَق فِي الْحَدِيثِ عَلَى الذَّنْب وَالْإِثْمِ. يُقَالُ:
وَزَرَ يَزِرُ فَهُوَ وَازِرٌ، إِذَا حَمل مَا يُثْقِل ظَهْرَه مِنَ الْأَشْيَاءِ
المُثْقَلة وَمِنَ الذُّنُوبِ. وجَمْعُه: أَوْزَارٌ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «قَدْ وَضَعَتِ الحَرْبُ أوْزارَها» أَيِ انْقَضَى أمْرُها
وخَفَّت أثْقالُها فَلَمْ يَبْقَ قِتَال.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ «3» » أَيْ
آثمات. وقياسه: موزورات.
__________
(1) فى الأصل، وا: «بمكنفة» بالنون. وأثبتّه بالتاء من الهروي، واللسان، ومما سبق
في مادة (ثمل) .
(2) هذا شرح شمر، كما ذكر الهروى.
(3) فى الأصل، وا: «مأجورات غير مأزورات» والتصحيح من المصباح، واللسان، والقاموس.
والحديث أخرجه ابن ماجه فى (باب ما جاء فى اتباع النساء الجنائز، من كتاب الجنائز
1/ 503. وجاء فى الأصل وا: «أى غير آثمات» وأسقطت «غير» ليوافق الشرح المتن.
(5/179)
يُقَالُ:
وُزِرَ فَهُوَ مَوْزُورٌ. وَإِنَّمَا قَالَ: مَأزُورات للأزْدِوَاج بِمأجورات.
وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ مفْردا وَمَجْمُوعًا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ السَّقيفة «نَحنُ الأُمَرَاء وأنْتُم الْوُزَرَاءُ» جَمْع
وَزِير، وَهو الَّذِي يُوازِرُه، فيَحْمِل عَنْهُ مَا حُمِّلَه مِنَ الأثْقال.
وَالَّذِي يَلْتَجيءُ الأمِير إِلَى رَأيه وتَدبِيره فَهُوَ مَلْجَاٌ لَهُ
ومَفَزَع.
(وَزَعَ)
(هـ) فِيهِ «مَنْ يَزَعُ السُّلْطانُ أكْثَر مِمَّن يَزَعُ القُرآنُ» . أَيْ مَن
يَكُفُّ عَنِ ارْتِكَابِ العَظائِم مَخَافَةَ السُّلطان أكْثرُ مِمَّن يَكُفُّه
مَخافَةَ القرآنِ واللَّهِ تَعَالَى. يُقال: وَزَعَهُ يَزَعُهُ وَزْعاً فَهُوَ
وَازِعٌ، إِذَا كَفَّه ومَنَعَه.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إنَّ إبليسَ رَأَى جبريلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ
بَدْر يَزَعُ الْمَلَائِكَةَ» أَيْ يُرَتِّبَهم ويُسَوِّيِهم ويَصُفُّهم للحرْب،
فَكَأَنَّهُ يَكُفُّهُم عَنِ التَّفَرّق وَالِانْتِشَارِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ «إنَّ المُغيرةَ رجُلٌ وَازِعٌ» يُرِيدُ أنَّه
صالِح للتَّقدُّم عَلَى الجَيْش، وتَدْبيرِ أمرِهِم، وتَرْتِيبِهم فِي قِتالهم.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهُ شُكِيَ إِلَيْهِ بَعْض عُمَّالهِ
ليَقْتَصَّ مِنْهُ، فَقَالَ: أُقِيدُ مِن وَزَعَةِ اللَّه؟» الْوَزَعَةُ: جَمْعُ
وَازِعٍ، وَهُوَ الَّذِي يكُفُّ الناسَ ويَحْبِسُ أوَّلهم عَلَى آخرِهِم. أَرَادَ:
أُقيِدُ مِنَ الذَين يَكُفُّون الناسَ عَنِ الإقْدام عَلَى الشَّرّ؟.
وَفِي رِوَايَةٍ «أنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: أقِصَّ هَذا مِن هَذَا
بأنْفِه، فَقَالَ: أَنَا لَا أُقِصُّ مِنْ وَزَعَةِ اللَّه فأَمْسَكَ» .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ لَمَّا وَلِيَ القَضَاءَ قال: لا بُدَّ للنَّاس
مِنْ وَزَعَةٍ» أَيْ مَن يَكُفُّ بَعْضَهم عَنْ بَعْض. يَعْني السُّلطانَ
وأصْحابَه.
(س) وَفِي حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ «لَا يُوزَعُ رجُلٌ عَنْ جَمَلٍ يَخْطِمهُ»
أَيْ لَا يُكَفُّ وَلَا يُمْنع.
هَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَى فِي الواوِ مَع الزَّاي. وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ
فِي الواوِ مَع الرَّاءِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ «أرَدْتُ أَنْ أكْشِفَ عَنْ وجْه أبِي لَمَّا قَتِل،
وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
(5/180)
وَسَلَّمَ
ينظُر إليَّ فَلَا يَزَعُني» أَيْ لَا يَزْجُرني وَلَا يَنْهاني.
وَفِيهِ «أَنَّهُ حَلَقَ شَعْرَه فِي الْحَجِّ ووَزَّعَهُ بيْن النَّاسِ» أَيْ
فَرَّقَه وقَسَّمَه بَيْنَهُم. وَقَدْ وَزَّعْتُه أُوَزِّعُهُ تَوْزِيعاً.
وَفِي حَدِيثِ الضَّحايا «إِلَى غُنَيْمةٍ فَتَوَزَّعُوهَا» أَيِ اقْتَسَمُوها
بَيْنَهُم.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أَنَّهُ خَرَجَ لَيْلةً فِي شهْر رَمضان والنَّاسُ
أَوْزَاعٌ» أَيْ مُتَفَرّقون.
أَرَادَ أنَّهم كَانُوا يَتَنَفَّلون فِيهِ بَعْدَ صَلاة العِشاء مُتَفَرّقين.
وَمِنْهُ شِعر حسَّان «1» :
بِضَرْبٍ كإِيزَاعِ المَخاضِ مُشَاشُهُ
جَعل الْإِيزَاعَ مَوضعَ التَّوْزِيعِ، وهو التّفريق. وأراد بالمشاش هاهنا البَول.
وَقِيلَ: هُوَ بالغَيْن المُعْجمة، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ.
[هـ] وَفِيهِ «أَنَّهُ كَانَ مُوزَعاً بالسِّواك» أَيْ مُولَعاً بِهِ. وَقَدْ
أُوزِعَ بِالشَّيْءِ يُوزَعُ، إِذَا اعْتَادَهُ، وأكْثَرَ مِنْهُ، وأُلْهِم.
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الدُّعَاءِ «اللَّهُمّ أَوْزِعْنِي شُكْرَ نِعْمَتك» أَيْ
ألْهِمني وَأوْلِعْني بِهِ.
(وَزَغَ)
(س) فِيهِ «أنَّهُ أمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ» جَمْع وَزَغَةٍ، بالتَّحْريك، وَهِيَ
الَّتِي يُقال لَهَا: سَامُّ أبْرَص «2» . وجَمْعُها: أَوْزَاغٌ ووُزْغَان.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «لَمَّا أُحْرِقَ بَيْتُ المَقْدِس كَانَتِ
الْأَوْزَاغُ تَنْفُخه» .
وَحَدِيثُ أُمِّ شَرِيك «أنَّها اسْتَأمَرَت النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم فِي
قَتْل الْوُزْغَانِ، فأمَرها بِذَلِكَ» .
(هـ) وَفِيهِ «أنَّ الحَكَم بْنَ أَبِي العاصِ أَبَا مَرْوانَ حاكَى رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَلْفِه، فَعَلِمَ بِذَلِكَ
فَقَالَ: كَذَا فَلْتَكُنْ، فأصَابه مَكَانَهُ وَزْغٌ لَمْ يُفارِقْه» أيْ
رِعْشَة، وهي سَاكِنَة الزَّاي.
__________
(1) انظر الحاشية (3) فى صفحة 333 من الجزء الرابع. وقد ضبط فى الأصل: «مشاشه»
بالفتح.
(2) ضبط فى الأصل: «أبرص» بالضم. وصححته بالفتح من ا، واللسان، والقاموس.
(5/181)
وَفِي
رِواية «أنَّه قَالَ لمَّا رَآهُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِهِ وَزْغاً» فَرَجَفَ
مكانَه وارْتَعَش.
(وَزَنَ)
(هـ) فِيهِ «نَهَى عَنْ بَيْع الثِّمار قَبْل أَنْ تُوزَنَ» وَفِي رِوَايَةٍ
«حَتَّى تُوزَن» أَيْ تُحْزَرَ «1» وتُخْرَص. سَمَّاهُ وَزْناً؛ لِأَنَّ الخارِصَ
يَحْزِرُها ويُقدِّرُها، فَيَكُونُ كَالْوَزْنِ لَهَا.
ووجْه النَّهْي أَمْرَانِ: أحدُهما: تَحْصين الْأَمْوَالِ، وَذَلِكَ أَنَّهَا فِي
الغالِب لَا تأمَنُ العاهَةَ إِلَّا بَعْدَ الْإِدْرَاكِ، وَذَلِكَ أوانُ الخَرْص.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ إِذَا باعَها قَبْلَ ظُهُور الصَّلاح بشَرْط القَطع، وقَبْل
الخَرْص سَقْط حقوقُ الفُقَراء مِنْهَا، لِأَنَّ اللَّهَ أوجبَ إخراجَها وقْتَ
الحَصَاد.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «نَهى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ النَّخْل حَتَّى يؤكَلَ مِنْهُ، وَحَتَّى يُوزَن» قَالَ
أَبُو البَخْتَرِيّ: «قلتُ: مَا يُوزَنُ؟ فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَهُ:
حَتَّى يُخْرَص» .
(وَزَا)
- فِي حَدِيثِ صَلَاةِ الْخَوْفِ «فَوَازَيْنَا العَدُوَّ وصافَفْناهم»
الْمُوَازَاةُ: المُقابَلة والمُواجَهة. وَالْأَصْلُ فِيهِ الْهَمْزَةُ. يُقَالُ:
آزَيْتُهُ، إِذَا حاذَيْتَه.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: «وَلَا تَقُل: وَازَيْتُهُ» وغيرُه أَجَازَهُ عَلَى
تَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ وقلْبِها. وَهَذَا إِنَّمَا يصحُّ إِذَا انفَتَحت
وَانْضَمَّ مَا قَبْلَها نَحْوُ: جُؤَن وسُؤال، فيصِح فِي الْمُوَازَاةِ، وَلَا
يَصِحُّ فِي وَازَيْنَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَها ضَمَّة مِنْ كَلِمة
أُخْرَى، كقِراءة أَبِي عَمْرو «السُّفَهاءُ وَلا إنهم» .
باب الواو مع السين
(وَسَدَ)
(س) فِيهِ «قَالَ لِعَديّ بْنِ حَاتِمٍ: إِنَّ وِسَادَكَ إذَنْ «2» لَعَريضٌ»
الْوِسَادُ والْوِسَادَةُ: المِخَدَّة. وَالْجَمْعُ: وَسَائِدُ، وَقَدْ
وَسَّدْتُهُ الشيءَ فَتَوَسَّدَهُ، إِذَا جَعَلْتَه تحتَ رأسِه، فكَنَى بالوِسادِ
عَنِ النَّوم، لِأَنَّهُ مَظِنَّتُه.
أَرَادَ إِنَّ نَوْمَك إذَنْ «3» كَثيرٌ. وكَنَى بِذَلِكَ عَنْ عِرَض قَفاه
وعِظَمِ رأسِه. وَذَلِكَ دَلِيلُ الغَبَاوة. وتَشْهَدُ لَهُ الرِّوَايَةُ
الْأُخْرَى «إنك لعريض القفا» .
__________
(1) فى الأصل: «تحرز» بتقديم الراء. وصححته من ا.
(2) في ا: «إذاً» .
(3) في ا: «إذاً» .
(5/182)
وَقِيلَ:
أَرَادَ أنَّ مَن تَوسَّد الخَيْطَين المَكْنيَّ بِهِمَا عَنِ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ لَعَرِيضُ الوِساد «1» .
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ ذُكِر عندَه شُرَيْحٌ الحَضْرَميُّ، فَقَالَ:
ذَلِكَ رَجُلٌ لَا يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ» «2» يَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ مَدْحاً
وذَمَّاً، فالمَدْح مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَنام اللَّيلَ عَنِ القُرآن وَلَمْ
يَتَهَجَّد بِهِ، فَيَكُونُ الْقُرْآنُ مُتَوَسِّداً مَعَهُ، بَلْ هُوَ يُداوِم
قِراءتَه ويُحافِظُ عَلَيْهَا. والذَّمُّ مَعْنَاهُ: لَا يَحْفَظ مِنَ الْقُرْآنِ
شَيْئًا وَلَا يُديمُ قراءتَه، فَإِذَا نامَ لَمْ يَتَوسَّدْ مَعَهُ الْقُرْآنَ.
وأرادَ بِالتَّوَسُّدِ النَّوْمَ.
وَمِنَ الْأَوَّلِ الْحَدِيثُ «لَا تَوَسَّدُوا القرآنَ واتْلوه حَقَّ تِلاوتِه» .
(هـ) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «مَن قَرأ ثلاثَ آياتٍ فِي لَيْلة لَمْ يَكُنْ
مَتَوَسِّداً للقُرآن» .
وَمِنَ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي الدَّرْداء «قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي أُريد أَنْ
أطلُبَ العِلم وأخْشَى أَنْ أُضَيِّعَه، فَقَالَ: لأَنْ تَتَوَسَّدَ الْعِلْمَ
خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتَوَسَّدَ الجَهْل» .
(س) وَفِيهِ «إِذَا وُسِّدَ الأمرُ إِلَى غَيْرِ أهلِه فانْتَظرِ السَّاعَةَ» أَيْ
أُسْند وجُعِل فِي غَيْر أهلِه.
يَعْنِي إِذَا سُوِّدَ وشُرِّف غيرُ المُسْتَحِقّ للسِّيادة والشَّرف.
وَقِيلَ: هُوَ مِن الوِسادة «3» : أَيْ إِذَا وُضِعَتْ وِسادةُ المُلْك
وَالْأَمْرِ والنَّهْي لغيرِ مُسْتَحِقّها، وَتَكُونُ إِلَى بِمَعْنَى اللَّامِ.
(وَسُطَ)
(س) فِيهِ «الجالِسُ وَسْطَ «4» الحَلْقة مَلْعُون» الْوَسْطُ بِالسُّكُونِ.
يُقَالُ فِيمَا كَانَ مُتَفَرِّقَ الْأَجْزَاءِ غيرَ مُتَّصِل، كَالنَّاسِ
والدوابِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِذَا كَانَ مُتَّصِلَ الأجْزاء كالدَّارِ والرَّأس
فَهُوَ بِالْفَتْحِ.
وَقِيلَ: كلُّ مَا يَصْلُح فِيهِ بيْنَ فَهُوَ بِالسُّكُونِ، وَمَا لَا يَصْلُح
فِيهِ بَيْن فَهُوَ بِالْفَتْحِ.
وَقِيلَ: كُلٌّ مِنْهُمَا يَقَع مَوْقِعَ الآخَر، وكأنَّه الأشبَه.
وَإِنَّمَا لَعَن الجالسَ وَسْط الحَلقة؛ لِأَنَّهُ لَابُدَّ وَأَنْ يَسْتَدْبرَ
بَعْضَ المُحِيطِين بِهِ، فَيُؤذِيَهم فَيَلْعَنُونه ويَذُمُّونه.
__________
(1) في ا: «الوسادة» .
(2) هذا قول ابن الأعرابي، كما في الهروي.
(3) في اللسان: «السيادة» .
(4) في ا: «في وسط» .
(5/183)
وَفِيهِ
«خَيْر الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا» كُلُّ خَصْلَة مَحْمُودَة فَلَها طَرَفَان
مَذْمُومان، فإنَّ السَّخاءَ وَسَطٌ بَيْن البُخْل والتَّبْذير، والشَّجاعَة
وَسَطٌ بَيْن الجُبن والتَّهَوُّر، والإنسانُ مأمورٌ أنْ يَتَجَنَّبَ كُلَّ وَصْفٍ
مَذْموم، وَتَجَنُّبُه بالتَّعَرِّي مِنْهُ والبُعدِ عَنْه، فكُلَّما ازْدَادَ
مِنه بُعْداً ازْدادَ مِنْهُ تَعَرِّياً.
وأبْعَدُ الجِهات والمَقادِير والمَعانِي مِنْ كُلّ طَرَفَيْن وَسَطُهُما، وهُو
غَايَةُ البُعْد عَنْهُمَا، فَإِذَا كَانَ فِي الوَسطَ فَقَد بَعُد عَن الأطْراف
المَذْمومةِ بَقَدْر الإمْكان.
(س) وَفِيهِ «الولدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّة» أَيْ خَيْرُها. يُقَالُ: هُوَ
مِنْ أوْسَط قَومه: أَيْ خِيارِهِم.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ كَانَ مِنْ أوْسَطِ قَوْمِهِ» أَيْ مِنْ أشْرَفِهِم
وأحْسَبِهم: وَقد وَسُطَ وَسَاطَةً فَهُوَ وَسِيطٌ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ رُقَيقة «انْظُروا رَجلاً وَسِيطاً» أَيْ حَسِيبا فِي
قَوْمه. وَمِنْهُ سَمِّيَت الصلاةُ الْوُسْطَى؛ لِأَنَّهَا أفْضَلُ الصَّلاة
وأعْظَمُها أجْراً، وَلِذَلِكَ خُصَّتْ بالمُحافَظَة عَليها.
وَقِيلَ: لأنَّها وَسَطٌ بَيْنَ صَلاتَيِ اللَّيْل وصَلاتَيِ النَّهار، وَلِذَلِكَ
وَقَع الخِلاف فِيهَا، فَقيل:
العَصْرُ، وَقِيلَ: الصُّبْح، وَقِيلَ غيرُ ذَلِكَ.
(وَسِعَ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى «الْوَاسِعُ» هُو الذِي وَسِعَ غِنَاه كُلَّ
فَقيرٍ، ورَحْمَتُه كُلَّ شَيْءٍ. يُقال: وَسِعَهُ الشَّيءُ يَسَعُهُ سَعَةً
سِعَةً «1» فَهُوَ وَاسِعٌ. ووَسُعَ بالضَّم وسَاعَةً فَهُوَ وَسِيعٌ.
والْوُسْعُ الْوِسْعُ «2» والسَّعَةُ: الجدة والطّافة.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إنَّكم لَن تَسَعُوا النَّاسَ بأمْوَالِكُم فَسَعُوهُمْ
بأخْلاقِكم» أَيْ لَا تَتَّسِعُ أمْوَالُكُم لعَطائِهم فَوَسِّعُوا أخلاقَكم
لِصُحْبَتهم.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ جَابِرٍ «فَضَرب رسولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَجُزَ جَمَلي وَكَانَ فِيهِ قِطَافٌ، فانْطَلَق أَوْسَعَ جَمَلٍ
رَكِبْتُه قَطُّ» أَيْ أعْجَل جَمَلٍ سَيْراً. يُقَالُ: جَمَلٌ وَسَاعٌ،
بِالْفَتْحِ: أَيْ وَاسعُ الخَطْو، سريع السَّيْر.
__________
(1) كَدَعَةٍ، وَزِنَة. قاله في القاموس.
(2) مثلثة الواو، كما في القاموس.
(5/184)
(س)
وَمِنْهُ حَدِيثُ هشَام يَصف ناقَةً «إِنَّهَا لَمِيسَاعٌ» أَيْ واسِعَة الخَطْو،
وَهُوَ مِفعَال، بالكَسْر مِنْهُ.
(وَسُقَ)
(هـ) فِيهِ «ليْس فِيمَا دُون خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» الْوَسْقُ، بالفِتْح:
سِتُّون صَاعًا، وَهُوَ ثلاثُمائة وعِشْرون رِطْلا عِنْدَ أهْل الحِجاز،
وأربَعمائة وَثَمَانُونَ رِطْلا عنْد أهْل العِراق، عَلَى اخْتِلافِهِم فِي
مِقْدار الصَّاع والمُدِّ.
والأصْل فِي الْوَسْقِ: الحِمْل. وكُلُّ شيءٍ وَسَقْتَهُ فَقَدْ حَمَلْتَه.
والْوَسْقُ أَيْضًا: ضَمُّ الشَّيء إِلَى الشَّيء.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أُحُدٍ «اسْتَوْسِقُوا كَمَا يَسْتَوْسِقُ جُرْبُ الغَنَم»
أَيِ اسْتَجْمِعوا وانْضَمُّوا.
(هـ) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَجُوزُ المسْلمين وَيَقُولُ:
اسْتَوْسِقوا» .
وَحَدِيثُ النَّجاشيّ «واسْتَوْسَقَ عَلَيْهِ أمْرُ الحَبَشة» أَيِ اجْتَمَعُوا
عَلَى طاعَتِه، واسْتَقَرّ المُلْكُ فِيهِ.
(وَسَلَ)
- فِي حَدِيثِ الْأَذَانِ «الَّلهُمَّ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ» هِيَ فِي
الأصْل: مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى الشَّيْء ويُتَقَرَّبُ بِهِ، وجَمْعُها:
وَسَائِل. يُقال: وَسَلَ إِلَيْهِ وَسِيلَةً، وتَوَسَّلَ. والمُراد بِهِ فِي
الْحَدِيثِ القُرْبُ مِنَ اللَّه تَعَالَى.
وقِيل: هِيَ الشَّفاعة يومَ القِيامة.
وقِيل: هِيَ مَنْزِلة مِنْ مَنازِل الجنَّة كَمَا «1» جَاءَ فِي الْحَدِيثِ.
(وَسُمَ)
(س) فِي صِفَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَسِيمٌ قَسِيمٌ» الْوَسَامَةُ:
الحُسْنُ الوَضِيءُ الثَّابِت. وَقَدْ وَسُمَ يَوْسُمُ وَسَامَةً فَهُوَ وَسِيمٌ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «قَالَ لحَفْصَة: لَا يَغُرُّك أنْ كانَت جارتُك
أَوْسَمَ مِنْك» أَيْ أحْسَن، يَعْنِي عَائِشَةَ. والضَّرّة تُسَمَّى جارَةً.
(س) وَفِي حَدِيثِ الحَسن وَالْحُسَيْنِ «أَنَّهُمَا كَانَا يَخْضِبَانِ
بِالْوَسْمَةِ» هِيَ بِكَسْرِ السِّينِ، وَقَدْ تُسَكَّن: نَبْتٌ. وَقِيلَ: شَجَرٌ
باليمَن يُخْضَب بوَرَقِه الشَّعر، أسْوَدُ.
__________
(1) في الأصل: «كذا» وأثبتُّ ما في ا، واللسان.
(5/185)
(س)
وَفِيهِ «أَنَّهُ لَبِثَ عَشْرَ سِنين يَتْبَعُ الحاجَّ بِالْمَوَاسِمِ» هِيَ
جَمْعُ مَوْسِم، وَهُوَ الوَقْت الَّذِي يَجْتَمِع فِيهِ الحاجُّ كلَّ سَنَة،
كَأَنَّهُ وُسِمَ بِذَلِكَ الْوَسْم، وَهُوَ مَفْعِل مِنْهُ، اسْمٌ لِلزَّمَانِ،
لِأَنَّهُ مَعْلَمٌ لَهُمْ. يُقَالُ: وَسَمَهُ يَسِمُهُ سِمَةً ووَسْماً، إِذَا
أثَّر فِيهِ بكَيّ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ كَانَ يَسِمُ إبِلَ الصَّدقة» أَيْ يُعَلّمُ
عَلَيْهَا بالكَيّ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَفِي يَدِهِ الْمِيسَمُ» ، هِيَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي
يُكْوَى بِهَا. وأصْلُه: مِوْسَم، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً، لكَسْرة الْمِيمِ.
(س) وَفِيهِ «عَلَى كُلِّ مِيسَمٍ مِنَ الْإِنْسَانِ صَدَقة» هَكَذَا جَاءَ فِي
رِوَايَةٍ، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَالْمُرَادُ بِهِ أنَّ عَلَى كُلِّ عُضوٍ
مَوْسُومٌ بصُنْع اللَّه صَدَقة. هَكَذَا فُسِّر.
(هـ) وَفِيهِ «بِئْسَ لَعَمْرُ اللَّهِ عَمَلُ الشَّيْخِ الْمُتَوَسِّمِ،
وَالشَّابِّ المُتَلَوِّم» الْمُتَوَسِّمُ: المُتَحلِّي بِسمَة الشَّباب «1» .
(وَسِنَ)
- فِيهِ «وتُوقِظُ الْوَسْنَانَ» أَيِ النَّائِمَ الَّذِي لَيْسَ بمُسْتَغْرِقٍ
فِي نَوْمِه. والْوَسَنُ:
أوّلُ النَّوْم. وَقَدْ وَسِنَ يَوْسَنُ سِنَةً، فهُو وَسِنٌ، ووَسْنَانُ.
وَالْهَاءُ فِي السِّنة عِوَضٌ مِنَ الواوِ الْمَحْذُوفَةِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ قليلٌ حَتَّى
يَقْضِيَ الثَّعْلَبُ وَسْنَتَهُ بَيْنَ سارِيَتَيْن مِنْ سَوَارِي المَسْجِد»
أَيْ يَقْضِيَ نَوْمَتَه. يُرِيدُ خُلُوَّ الْمَسْجِدِ مِنَ النَّاسِ بِحَيْثُ
يَنَامُ فِيهِ الوَحْش.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أنَّ رَجُلًا تَوَسَّنَ جَارِيَةً فَجَلَدَه وَهَمَّ
بِجَلْدها، فَشَهِدُوا أَنَّهَا مُكْرَهَة» أَيْ تَغَشَّاها وَهِيَ وَسْنَى
قَهْراً: أَيْ نَائِمَةٌ.
(وَسْوَسَ)
- فِيهِ «الْحَمْدُ للَّه الَّذِي رَدّ كَيْدَه إِلَى الْوَسْوَسَةِ» هِيَ حديثُ
النَّفْس والأفكارُ.
وَرَجُلٌ مُوَسْوِسٌ، إِذَا غَلَبَتْ عَلَيْهِ الوَسْوَسَة. وَقَدْ وَسْوَسَتْ
إليه نَفْسُه وَسْوَسَةً ووَسْوَاساً،
__________
(1) في الأصل، وا، واللسان، والفائق 3/ 161: «الشيوخ» وما أثبتُّ من الهروي. وفيه:
«بئس لَعَمْرُ اللَّه الشيخُ المتوسِّمُ» . وزاد الزمخشري في الفائق قال: «ويجوز
أن يكون المتوسم: المتفرِّس. يقال: توسْمتُ فيه الخيرَ، إذا تَفرَّستَه فيه، ورأيت
فيه وَسْمَه، أي أثره وعلامته» .
(5/186)
بِالْكَسْرِ،
وَهُوَ بِالْفَتْحِ: الِاسْمُ، والْوَسْوَاسُ أَيْضًا: اسْمٌ لِلشَّيْطَانِ،
ووَسْوَسَ، إِذَا تَكَلّم بكلامٍ لَمْ يُبَيِّنْه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُثْمَانَ «لمَّا قُبِض رسولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وسلم وُسْوِسَ ناسٌ، وكُنْت فِيمَنْ وُسْوِس» يُريد أَنَّهُ اخْتَلَط كلامُه
ودُهِشَ بِمَوْتِه.
بَابُ الْوَاوِ مَعَ الشين
(وَشَبَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الحُدَيْبِيَة «قَالَ لَهُ عُرْوة بنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفي:
وإنِّي لأَرَى أَوْشَاباً مِنَ النَّاسِ لَخَلِيقٌ أَنْ يَفِرُّوا ويَدَعُوك»
الْأَشْوَابُ، والأوْبَاش، والْأَوْشَابُ: الْأَخْلَاطُ مِنَ النَّاسِ والرَّعاع
«1» .
(وَشَجَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ خُزَيمة «وأفْنَتْ أصُولَ الْوَشِيجِ» هُوَ مَا الْتَفَّ مِنَ
الشَّجَر.
أَرَادَ أنَّ السَّنَةَ أفْنَتْ أُصُولَهَا إِذْ لَمْ يَبْقَ فِي الْأَرْضِ ثَرىً.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «وتَمَكَّنت مِنْ سُوَيْداءِ قُلُوبهم وَشِيجَةُ
خِيفَتِه «2» » الْوَشِيجَةُ: عِرْق الشجَرة، ولِيفٌ يُفْتَل ثُمَّ يُشَدّ بِهِ
مَا يُحْمَل. والْوَشِيجُ: جَمْع وَشِيجَة. ووَشَجَتِ العُرُوق والأغْصان، إِذَا
اشْتَبَكَتْ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «ووَشَّجَ بينَها وَبَيْنَ أزْواجِها» أَيْ خَلَط وألفَ.
يُقال: وَشَّجَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ تَوْشِيجاً.
(وَشِحَ)
(س) فِيهِ «أَنَّهُ كَانَ يَتَوَشَّحُ بثَوْبه» أَيْ يَتَغَشَّى بِهِ. والأصْلُ
فِيهِ مِنَ الْوِشَاحِ وَهُوَ شَيءٌ يُنْسَجُ عَريضا مِنْ أَدِيمٍ، ورُبَّما
رُصِّع بالجَوْهَر والخَرَزِ، وَتَشُدُّه الْمَرْأَةُ بَيْنَ عاتِقَيْها
وكَشْحَيْها. وَيُقَالُ فِيهِ: وِشَاحٌ وإِشَاحٌ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «كَانَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَتَوَشَّحُنِي ويَنَالُ مِنْ رأسِي» أي يُعانِقُني ويُقَبِّلُني.
__________
(1) في الأصل: «الرِّعاع» بالكسر. وهو خطأ شائع.
(2) في الأصل، واللسان: «خَيْفِيَّة» وأثبتُّ ما في ا، والنسخة 517. وشرح نهج
البلاغة 6/ 424.
(5/187)
(س)
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «لَا عَدِمْتَ «1» رَجُلاً وَشَّحَكَ هَذَا الْوِشَاح» أَيْ
ضَرَبَك هَذِهِ الضَّرْبة فِي مَوضِع الوشَاح.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمَرْأَةِ السَّوْداء:
ويَوْمُ الوِشَاحِ مِن تَعاجيب رَبِّنا ... على أَنَّهُ مِنْ دَارَةِ الكُفْرِ
نَجَّاني «2»
كَانَ لِقَوْمٍ وِشَاحٌ فقدُّوه، فاتَّهَموها بِهِ، وَكَانَتِ الحِدَأةُ أخذَتْه
فألْقَتْه إِلَيْهِمْ.
وَفِيهِ «كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِرْعٌ تُسَمَّى
ذاتَ الوِشاح» .
(وَشِرَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ لَعَنَ الْوَاشِرَةَ والْمُوتَشِرَةَ» الْوَاشِرَةُ:
الْمَرْأَةُ «3» الَّتِي تُحَدِّدُ أسنانَها وتُرَقِّق أطرافَها، تَفْعَلُه
الْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ تَتَشَبَّه بالشَّوابّ والْمُوتَشِرَةُ: الَّتِي تأمُر
مَن يَفْعَل بِهَا ذَلِكَ، وَكَأَنَّهُ مِن وَشَرْتُ الخَشَبَةَ بِالْمِيشَارِ،
غَيْرُ مَهْموز، لُغَةٌ فِي أشَرْت.
(وَشَظَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الشَّعْبيّ «كَانَتِ الْأَوَائِلُ تقول: إيّاكم والْوَشَائِظَ»
السَّفِلة، وَاحِدُهُمْ: وَشِيظٌ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: «الْوَشِيظُ: لَفيفٌ مِنَ النَّاسِ، لَيْسَ أصلُهم
وَاحِدًا» وبَنُو «4» فُلَانٍ وَشِيظَةٌ فِي قَوْمِهم: أَيْ حَشْوٌ فِيهِمْ.
(وَشِعَ)
(هـ) فِيهِ «والمسجدُ يَوْمَئِذٍ وَشِيعٌ بسَعَفٍ وخَشَب» الْوَشِيعُ: شَرِيجَةٌ
مِنَ السَّعَف تُلْقَى عَلَى خَشَب السَّقْف. والجمعُ: وَشَائِعُ.
وَقِيلَ: هُوَ عَريشٌ يُبْنى لِرَئِيسِ الْعَسْكَرِ يُشْرِف مِنْهُ عَلَى
عَسْكَرِهِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ رَسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَشِيعِ بَدْر» أَيْ فِي الْعَرِيشِ.
(وَشَقَ)
(هـ) فِيهِ «أُتِيَ بِوَشِيقَةٍ يَابِسَةٍ مِنْ لَحْم صَيْد، فَقَالَ: إِنِّي
حَرامٌ» الْوَشِيقَةُ:
أَنْ يؤخَذ اللَّحْمُ فيُغْلَى قَلِيلًا وَلَا يُنْضَج، ويُحْمل فِي الْأَسْفَارِ.
وَقِيلَ: هي القَديدُ. وقد وَشَقْتُ اللحمَ واتَّشَقْتُهُ.
__________
(1) ضبط في الأصل: «عدمتُ» بالضم. وضبطتَه بالفتح من اللسان.
(2) في الأصل: «ويومَ» بالفتح. وضبطته بالضم من اللسان. وفيه: ألا انه من بلدة.
(3) هذا شرح أبي عبيد، كما في الهروي.
(4) هذا قول الكسائي، كما في الصحاح.
(5/188)
وَمِنْهُ
حَدِيثُ عَائِشَةَ «أُهْدَيتْ لِي وَشِيقَةُ قديدِ ظَبيٍ فردَّها» وتُجْمَع عَلَى
وَشِيقٍ، ووَشَائِقَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ «كُنَّا نَتَزَوّدُ مِنْ وَشِيقِ الْحَجِّ» .
وَحَدِيثُ جَيْش الخَبْط «وتَزَوَّدْنا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ «أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أخْطَأوا بِأَبِيهِ، فجَعَلوا
يَضْرِبونه بسيوفِهم وَهُوَ يَقُولُ: أَبِي أَبِي، فَلَمْ يَفْهَموه حَتَّى
انْتَهى إِلَيْهِمْ، وَقَدْ تَوَاشَقُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ» أَيْ قَطَّعوه وَشائقَ،
كَمَا يُقَطَّع اللَّحْمُ إِذَا قُدِّد.
(وَشُكَ)
- قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ كَذَا وَكَذَا» أَيْ
يَقْرُب ويَدْنُو ويُسْرِع. يُقَالُ: أَوْشَكَ يُوشِكُ إِيشَاكاً، فَهُوَ مُوشِكٌ.
وَقَدْ وَشُكَ وَشْكاً ووَشَاكَةً.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «تُوشِكُ مِنْهُ الفِيئَة «1» » أَيْ تُسْرِع
الرجُوعَ مِنْهُ. والْوَشِيكُ:
السَّريعُ وَالْقَرِيبُ.
(وَشَلَ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «رِمَالٌ دَمِثَةٌ، وعُيونٌ وَشِلَة» الْوَشَلُ: الْمَاءُ
الْقَلِيلُ. وَقَدْ وَشَلَ يَشِلُ وَشَلَاناً.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الحجَّاج «قَالَ لِحَفَّارٍ حَفَر لَهُ بِئْراً: أخَسَفْتَ
أَمْ أَوْشَلْتَ؟» أَيْ أنْبَطْتَ ماءاً كَثِيرًا أَمْ قَلِيلًا «2» ؟
(وَشَمَ)
(هـ) فِيهِ «لعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَةَ والْمُسْتَوْشِمَةَ» ويُرْوَى
«الْمُوتَشِمَةَ» الْوَشْمُ:
أَنْ يُغْرَز الجِلْدُ بإبْرة، ثُمَّ يُحْشَى بكُحْل أَوْ نِيلٍ، فيَزرَقّ أثَرُه
أَوْ يَخْضَرُّ. وَقَدْ وَشَمَتْ تَشِمُ وَشْماً فَهِيَ وَاشِمَةٌ.
والْمُسْتَوْشِمَةُ والْمُوتَشِمَةُ: الَّتِي يُفْعل بِهَا ذَلِكَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ «لَمَّا استَخْلف عمرَ أشْرفَ مِنْ كَنيفٍ،
وأسماءُ بنتُ عُمَيْسٍ مَوْشُومَةُ اليَدِ مُمْسِكَتُه» أَيْ مَنْقُوشةُ الْيَدِ
بالحِنَّاء.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «واللَّهِ مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً» أَيْ كَلِمة. حَكَاهَا
الْجَوْهَرِيُّ عَنِ ابْنِ السِّكِّيت «مَا عَصَيْتُه وَشْمَةً» أَيْ كلمةً.
__________
(1) في الأصل: «الفِئة» وفي اللسان: «يوشك منه الفَيْئَة» والتصحيح من ا، ومما سبق
في مادة (فيأ) .
(2) في الأصل: «قليلا أم كثيرا» . والتصحيح من ا، واللسان.
(5/189)
(وَشْوَشَ)
- فِي حَدِيثِ سُجُودِ السَّهو «فلمَّا انْفَتَل تَوَشْوَشَ القَوْمُ»
الْوَشْوَشَةُ:
كَلامٌ مُخْتَلِط خَفِيٌّ لَا يَكادُ يُفْهَم. وَرَوَاهُ بعْضُهم بِالسِّينِ
المُهْمَلة. ويُريد بِه الكَلامَ الخَفيَّ.
والوَسْوَسَة: الحَرَكةَ الخَفيَّة، وكلامٌ فِي اخْتِلاطٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(وَشَا)
(س) فِي حَدِيثِ عَفِيف «خَرَجْنا نَشِي بِسَعْدٍ إِلَى عُمَرَ» يُقال: وَشَى بِهِ
يَشِي وِشَايَةً، إِذَا نَمَّ عَلَيْهِ وسَعَى بِهِ، فَهُوَ وَاشٍ، وجمعُه:
وُشَاةٌ، وأصلُه: اسْتِخْرَاجُ الْحَدِيثِ باللُّطْفِ والسُّؤال.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الإفْك «كَانَ يَسْتَوْشِيهِ ويَجْمَعُه» أَيْ يَسْتَخْرِج
الْحَدِيثَ بالبَحْث عَنْهُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الزُّهْرِي «أَنَّهُ كَانَ يَسْتَوْشِي الْحَدِيثَ. «1» » .
(س) وَحَدِيثُ عُمَر والمرأةِ العَجُوز «أجاءَتْني النَّائِدُ «2» إِلَى
اسْتِيشَاءِ الأباعِدِ» أَيْ ألْجأتْني الدَّوَاهِي إِلَى مَسْألة الأباعِدِ،
واسْتِخْرَاجِ مَا فِي أيْدِيهم.
(هـ) وَفِيهِ «فَدَقَّ عُنُقَه إِلَى عَجْبِ ذَنَبِه فَائْتَشَى «3»
مُحْدَوْدِباً» يُقال: ائْتَشَى «4» العَظْمُ، إِذَا بَرأَ مِنْ كَسْرٍ كَانَ
بِهِ. يَعْنِي أَنَّهُ بَرَأَ مَعَ احْدِيدَابٍ حَصَلَ فِيهِ.
بَابُ الواو مع الصاد
(وَصَبَ)
- فِي حَدِيثُ عَائِشَةَ «أنَا وَصَّبْتُ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ» أَيْ مَرَّضْتُه فِي وَصَبِهِ. والْوَصَبُ: دَوام الوَجَع ولُزومُه،
كَمرّضْتُه مِن المَرَض: أَيْ دَبَّرْتُه فِي مَرضِه.
وَقَدْ يُطْلق الْوَصَبُ عَلَى التَّعَب، والفُتُورِ فِي البَدَن.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ فَارِعَةَ، أُخْتِ أُمَيَّةَ «قَالَتْ لَهُ: هَلْ تَجِدُ
شَيئاً؟ قَالَ: لَا، إِلَّا تَوْصِيباً «5» » أي فُتُوراً.
__________
(1) في الهروي: «أي يستخرجه بالبحث والمسألة، كما يستوشي الرجل جَرْيَ الفرس، وهو
ضرْب جَنْبَيه بِعَقِبَيْه وتحريكه ليجري. يقال: أوشى فرَسه، واستوشاه» .
(2) في الأصل: «أجَأَتْنِي النائِد» والصواب من ا. وقد حرّرتُه في مادة (نأد) .
(3) في الأصل، وا: «فايتشى ... ايتشى» بالياء. وأثبته بالهمز من الهروى، واللسان،
والقاموس.
(4) في الأصل، وا: «فايتشى ... ايتشى» بالياء. وأثبته بالهمز من الهروى، واللسان،
والقاموس.
(5) يروى «توصيما» بالميم، وسيجيء. قال الهروي: «والتوصيب والتوصيم واحد، كما
يقال: دائب، ودائم، ولازِب ولازم» .
(5/190)
(وَصَدَ)
- فِي حَدِيثِ أَصْحَابِ الغَارِ «فَوَقَعَ الجَبَل عَلَى بابِ الكَهْف فأوْصَدَه»
أَيْ سَدْهُ. يُقال: أَوْصَدْتُ البابَ وآصَدْتُهُ، إِذَا أغْلَقْتَه. ويُرْوَى
بِالطَّاءِ.
(وَصَرَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ شُرَيح «إِنَّ هَذا اشْتَرى مِنّي أَرْضًا وَقَبَضَ وِصْرَهَا،
فَلا هُو يَرُدّ إليَّ الْوِصْرَ، وَلَا هُو يُعْطيني الثَّمَنَ» الْوِصْرُ، «1»
بِالْكَسْرِ: كِتابُ الشِّرَاءِ. والأصْل فِيهِ: الإصْر، وَهُوَ العَهْد، فَقُلِبت
الهمزةُ وَاوًا، وَسُمِّي كِتابُ الشِّراء بِهِ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ العُهُود.
وَقَدْ رُوى بالهَمْزَة عَلَى الاصْل.
(وَصَعَ)
(هـ) فِيهِ «إنَّ العَرْشَ عَلَى مَنْكِب إسْرافِيلَ، وَإِنَّهُ لَيَتَواضَعُ
لِلَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الْوَصْعِ» يُرْوَى بِفَتْحِ الصادِ
وَسُكُونِهَا، وهُو طَائِرٌ أصْغَرُ مِنَ العُصْفورِ، والجَمْع:
وِصْعَان «2» .
(وَصَفَ)
(هـ) فِيهِ «نَهى عَنْ بَيْع الْمُوَاصَفَةِ» هُوَ»
أنْ يَبيعَ مَا لَيْس عنْده ثُمَّ يَبْتَاعه، فيَدْفَعه إِلَى المُشْتَرِي. قيلَ
لَهُ ذَلِكَ؛ لأنَّه باعَ بالصِّفَة مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَلَا حِيازَة مِلْك.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «إِنْ لَا يَشِفَّ فإنَّه يَصِفُ» يُريد الثَّوْبَ
الرَّقيقَ، إِنْ لَمْ يَبِنْ مِنْهُ الجَسدُ، فَإِنَّهُ لرِقَّته يَصِف البَدن،
فيْظْهَر مِنْهُ حَجْمُ الأعْضاء، فَشَبَّه ذَلِكَ بالصِّفَة.
(هـ) وَفِيهِ «ومُوْتٌ يُصيب الناسَ حَتَّى يكونَ البيتُ بالوَصيف» الْوَصِيفُ:
العبْد.
والأَمة: وَصِيفَةٌ، وجَمْعُهما: وُصَفَاءُ ووَصَائِفُ. يُرِيدُ «4» يَكْثُر
الموتُ حَتَّى يَصيرَ مُوْضِعُ قَبْرٍ يُشْتَرى بِعَبْد، مِنْ كَثْرة المُوْتَى.
وقَبْرُ الْمَيِّتِ: بَيْتُه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ أَيْمَنَ «أنَّها كانَتْ وصِيفَةً لِعَبْد المُطَّلب» أَيْ
أمَةً.
(وَصَلَ)
- فِيهِ «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَطُولَ عُمْرُه فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» قَدْ تَكَرَّرَ
فِي الْحَدِيثِ ذِكر صِلَةِ الرَّحِم. وَهِيَ كِنَايَةٌ عَنِ الإحْسان إِلَى
الأقْرَبينَ، مِنْ ذَوِي النَّسَب والأصْهار، والتَّعَطُّفِ عَلَيْهِمْ،
والرِّفْقِ بِهِمْ، والرِّعايةِ لأحْوالِهم. وَكَذَلِكَ إنْ بَعُدُوا أَوْ
أسَاءوا. وَقَطْعُ الرِّحِم
__________
(1) هذا شرح القتيبي، كما ذكر الهروي.
(2) ضبط في الأصل «وُصْعان» بالضم، وصوابه بالكسر، كغِزْلان، كما ذكر صاحب
القاموس.
(3) هذا شرح القتيبي، كما ذكر الهروي.
(4) هذا قول شَمِر، كما ذكر الهروي.
(5/191)
ضِد
ذَلِكَ كُلِّه. يُقال: وَصَلَ رَحِمَهُ يَصِلُهَا وَصْلًا وصِلَةً، وَالْهَاءُ
فِيهَا عِوَض مِنَ الْوَاوِ المَحْذوفة، فَكَأَنَّهُ بالإحْسان إِلَيْهِمْ قَدْ
وَصَلَ مَا بَينه وبَينَهم مِنْ عَلاقة القَرابة والصِّهْر.
وَفِيهِ ذِكْرُ «الْوَصِيلَةِ» هِيَ الشَّاةُ إِذَا وَلَدَتْ سِتَّة أبْطُن،
أُنْثَيَيْنِ أُنْثَيْين، وولَدَت فِي السَّابِعَةِ ذَكرا وأنْثَى، قَالُوا:
وَصَلْتَ أَخَاهَا، فأحَلُّوا لَبَنَها لِلرِّجال، وحرَّموه عَلَى النِّساء.
وَقِيلَ: إِنْ كَانَ السَّابِعُ ذَكَراً ذُبِحَ وَأَكَلَ مِنْهُ الرِجالُ
والنِساء. وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى تُركَتْ فِي الغَنَم، وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا
وأنْثَى قَالُوا: وَصَلْتَ أَخَاهَا، وَلَمْ تُذْبح، وَكَانَ لَبنُها حَرَامًا
عَلَى النِّسَاءِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «إِذَا كُنتَ فِي الْوَصِيلَةِ فأعْطِ
راحِلَتَك حَظَّها» هِيَ العِمارَةُ والخِصْبُ.
وَقِيلَ: الْأَرْضُ ذاتُ الكَلأ، تتَّصِل بِأُخْرَى مِثلِها.
(هـ) وفى حديث عمرو «قال لمعاوية: مازلت أرُمُّ أمْرَك بِوَذَائِلِه، وأَصِلُهُ
بِوَصَائِلِهِ» هِيَ ثِيابٌ حُمْرٌ مُخْطَّطة يمانيَة «1» .
وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْوَصَائِلِ مَا يُوصَل بِهِ الشيءْ، يَقُولُ: مَا زِلتُ
أدَبِّر أَمْرَكَ بِمَا يَجب أَنْ يُوصَل بِهِ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَا غِنَى
«2» بِهِ عَنْهَا، أَوْ أَرَادَ أَنَّهُ زَيَّن أَمْرَهُ وحَسَّنه، كَأَنَّهُ
ألبَسه الْوَصَائِلَ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ أوّلَ مَنْ كَسا الكعبةَ كُسْوةً كَامِلَةً
تُبَّع، كسَاها الأنْطَاعَ «3» ، ثُمَّ كَسَاهَا الْوَصَائِلَ» أَيْ حِبَر
الْيَمَنِ.
(هـ س) وَفِيهِ «أَنَّهُ لَعن الْوَاصِلَةَ والْمُسْتَوْصِلَةَ» الْوَاصِلَةُ:
الَّتِي تَصِل شَعْرَها بشَعْرٍ آخرَ زُورٍ، والْمُسْتَوْصِلَةُ: الَّتِي تأمُر
مَن يَفْعَل بِهَا ذَلِكَ.
ورُوي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: ليْست الواصِلة بِالَّتِي تَعْنون، وَلَا
بَأْسَ أَنْ تَعْرَى المرأةُ عَنِ الشَّعَر، فتَصل قَرْنا مِنْ قُرُونها بصُوفٍ
أسوَد، وَإِنَّمَا الْوَاصِلَةُ: الَّتِي تَكُونُ بَغِيّاً فِي شَبيبتِها، فَإِذَا
أسَنَّتْ وصَلْتها بِالْقِيَادَةِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنبل لَمَّا ذُكر لَهُ ذَلِكَ: مَا سَمْعتُ بأعْجَبَ من
ذلك.
__________
(1) ضبط فى الأصل وا: «يمانيّة» بالتشديد. وصححته بالتخفيف من الهروي.
(2) في الأصل: «غِنىً» بالتنوين. وأثبته بالتخفيف من ا، واللسان.
(3) في ا: «الأنماط» .
(5/192)
(هـ)
وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهى عَنِ الوِصالِ فِي الصَّوم» هُوَ أَلَّا يُفْطِرَ يَوْمَيْن
أَوْ أيَّاما.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمُوَاصَلَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَقَالَ: إنَّ
امْرأً وَاصَل فِي الصَّلَاةِ خَرَجَ مِنْهَا صِفْراً» قَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: مَا كُنّا نَدْري مَا المُواصَلة فِي الصَّلَاةِ، حَتَّى
قَدِم عَلَيْنَا الشَّافِعِيُّ، فَمَضَى إِلَيْهِ أَبِي فَسَأَلَهُ عَنْ
أَشْيَاءَ، وَكَانَ فِيمَا سَأَلَهُ عَنِ الْمُوَاصَلَةِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ
الشَّافِعِيُّ:
هِيَ فِي مَواضِعَ، مِنْهَا: أَنْ يَقُولَ الإمام «وَلَا الضَّالِّينَ» فَيَقُولُ
مَن خَلْفَه «آمِينَ» مَعاً: أَيْ يقولَها بَعْد أَنْ يَسْكُت الْإِمَامُ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَصلَ الْقِرَاءَةَ بالتَّكْبير.
وَمِنْهَا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّه، فيَصِلُها بالتَّسْليِمة
الثَّانِيَةِ، الأولَى فَرْضٌ وَالثَّانِيَةُ سُنَّة، فَلَا يُجْمَع بَينهما.
وَمِنْهَا: إِذَا كَبَّر الْإِمَامُ فَلَا يُكَبِّرْ مَعَهُ حَتَّى يَسْبِقَه
وَلَوْ بواوٍ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّهُ اشْتَرى منِّي بَعيراً وَأَعْطَانِي وَصْلًا
مِنْ ذَهَب» أَيْ صِلةً وهِبَة، كَأَنَّهُ مَا يَتَّصِل بِهِ أَوْ يَتَوصَّل فِي
مَعاشِه. ووَصَلَهُ إِذَا أَعْطَاهُ مَالاً. والصِّلَةُ:
الْجَائِزَةُ والعَطيَّة.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُتْبَةَ وَالْمِقْدَامُ «أَنَّهُمَا كَانَا أسْلَما فتَوصَّلا
بالمُشْركين حَتَّى خَرجا إِلَى عُبَيْدة بْنِ الحارِث» أَيْ أرَيَاهم أَنَّهُمَا
مَعَهُمْ، حَتَّى خَرجا إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وتَوَصَّلَا: بِمَعْنَى تَوسَّلا
وتَقَرّبَا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ النُّعْمان بْنِ مُقَرِّن «أَنَّهُ لَمَّا حَمل عَلَى العَدُوّ
مَا وَصَلْنَا كَتِفَيْه حَتَّى ضَرب فِي القَوْم» أَيْ لَمْ نَتَّصِل بِهِ وَلَمْ
نَقْرُب مِنْهُ حَتَّى حَمل عَلَيْهِمْ، مِنَ السُّرْعَة.
(هـ) وَفِي الْحَدِيثِ «رأيتُ سَبَباً وَاصِلًا مِنَ السماءِ إِلَى الْأَرْضِ»
أَيْ مَوْصُولا، فاعِل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، كماءٍ دافِق. كَذَا شُرِح. وَلَوْ
جُعِل عَلَى بَابِهِ لَمْ يبْعُد.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «صِلُوا السُّيوفَ بالخُطا، والرِّماحَ بِالنَّبْلِ»
أَيْ إِذَا قَصُرَتِ السُّيُوفُ عن الضّربية فَتَقَدّموا تَلْحَقوا. وَإِذَا لَمْ
تَلْحَقْهُم الرِماح فارْمُوهُم بالنّبل.
(25- النهاية)
(5/193)
وَمِنْ
أحْسَن وأبْلَغ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ زُهَير «1» :
يَطْعَنُهم مَا ارتَمُوْا حَتَّى إذا طعنوا ... ضارَبَهم فَإِذَا مَا ضارَبُوا
اعْتَنَقَا
(هـ) وَفِي صِفَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ كَانَ فَعْمَ
الْأَوْصَالِ» أَيْ مُمْتَلِئَ الْأَعْضَاءِ، الْوَاحِدُ: وُصْل «2» .
وَفِيهِ «كَانَ اسمُ نَبْلة صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُوتَصِلَةَ»
سَمِّيَتْ بِهَا تَفاؤلا بوُصولِها إِلَى العَدُوّ. والمُوتَصِلة، لغةُ قُرَيش،
فَإِنَّهَا لَا تُدْغِم هَذِهِ الواوَ وأشباهَها فِي التَّاء، فَتَقُولُ:
مُوتَصِل، ومُوتَفِق، ومُوتَعِد، ونَحْو ذَلِكَ. وَغَيْرُهُمْ يُدْغِم فَيَقُولُ:
مُتَّصِلٌ، ومُتَّفِق، ومُتَّعِد.
(هـ) وَفِيهِ «مَن اتَّصَل فأعِضُّوه» أَيْ مَنِ ادَّعى دَعْوى الجاهِليَّة،
وَهِيَ قَوْلُهُمْ: يَا لَفُلَانٍ.
فَأَعِضُّوهُ: أَيْ قُولُوا لَهُ: اعْضُضْ أَيْرَ أَبِيكَ. يُقَالُ: وَصَلَ
إِلَيْهِ واتَّصَلَ، إِذَا انْتَمَى.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أُبَيّ «أَنَّهُ أعَضَّ إِنْسَانًا اتَّصَل» .
(وَصُمَ)
(هـ) فِيهِ «وإنْ نَامَ حَتَّى يُصْبِحَ أصبَحَ ثَقِيلاً مُوَصَّماً» الْوَصَمُ:
الفَتْرةُ والكَسَلُ والتَّوَاني.
(هـ) وَمِنْهُ كِتَابُ وَائِلِ بْنِ حُجْر «لَا تَوْصِيمَ فِي الدِّين» أَيْ لَا تَفْتَروا
فِي إِقَامَةِ الحُدود، وَلَا تُحَابُوا فِيهَا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ فَارِعَةَ، أُخْتِ أُمَيَّةَ «قَالَتْ لَهُ: هَلْ تَجِدُ
شَيْئًا؟ قَالَ: لَا، إِلَّا تَوْصِيماً في جَسَدِي» ويُرْوَى بالْبَاء. وقد
تقدّم.
__________
(1) ديوانه ص 54، والرواية فيه:
يَطْعَنُهم ما ارتَمُوْا حتى إذا اطَّعَنُوا ... ضارَبَ حتى إذا ما ضارَبُوا
اعْتَنَقَا
(2) في الأصل: «وَصْل» بفتحة. وفي ا: «وَصَل» بفتحتين. وكل ذلك خطأ. إنما هو
بالكسر والضم، كما في القاموس، بالعبارة، واللسان، بالقلم.
(5/194)
باب
الواو مع الضاد
(وَضَأَ)
- قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ «الْوَضُوءَ والْوُضُوءَ» فَالْوَضُوءُ،
بالفَتْح: الْماء الَّذِي يُتَوَضَّأ بِهِ، كالفَطُور والسَّحور، لِمَا يُفْطَر
عَلَيْهِ ويُتَسَحَّر بِهِ. والْوُضُوءُ، بالضَّم: التَّوَضُّؤُ، والفِعلُ
نَفْسُه. يُقَالُ: تَوَضَّأْتُ أَتَوَضَّأُ تَوَضُّؤاً ووُضُوءاً، وَقَدْ أثْبَت
سِيبَوَيْه الْوَضُوءُ والطَّهُور والوَقُود، بِالْفَتْحِ فِي المَصادر، فَهِيَ
تَقَع عَلَى الِاسْمِ والمَصْدر.
وأصْلُ الكَلِمَة مِنَ الْوَضَاءَةِ، وَهِيَ الحُسْن. ووُضُوءُ الصَّلَاةِ
مَعْرُوفٌ. وَقَدْ يُرادُ بِهِ غَسْلُ بَعْض الأعْضاء.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تَوَضَّأوا مِمَّا غَيَّرتِ النارُ» أَرَادَ بِهِ
غَسْلَ الْأَيْدِي والأفْواه مِنَ الزُّهُومة.
وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ وُضُوء الصَّلَاةِ. وذَهَب إِلَيْهِ قَوْم مِنَ الفُقَهاء.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ «الوُضُوء قبْلَ الطَّعام يَنْفِي الفَقْر،
وبَعْدَه يَنْفي اللَّمَم» «1» .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ قَتادة «مَن غَسَل يَدَه فَقَدْ تَوضَّأ» .
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «لقَلَّما كانَت امْرَأةٌ وَضِيئَةٌ عِنْد رَجُل
يُحِبُّها» الْوَضَاءَةُ: الحُسْن والبَهْجة. يُقَالُ: وَضُأَتْ فَهِيَ وَضِيئَةٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمر لحَفْصَة «لَا يَغُرُّك أنْ كَانَتْ جارتُك هِيَ أَوْضَأَ
مِنْك» أَيْ أحْسَنَ.
(وَضَحَ)
- فِيهِ «أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْه فِي السُّجود حَتَّى يَبِينَ وَضَحُ
إبْطَيْه» أَيِ البَياض الَّذِي تَحْتُهُما. وَذَلِكَ للْمُبالَغَة فِي رَفْعَهِما
وتَجافِيهما عَنِ الجَنْبَيْن. والْوَضَحُ: الْبَيَاضُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «صُومُوا مِنَ الْوَضَحِ إِلَى الوَضَح» أَيْ مِنَ
الضَّوء إِلَى الضَّوء.
وَقِيلَ: مِنَ الهِلال إِلَى الهِلال، وَهُوَ الوَجْه؛ لأنَّ سِيَاق الْحَدِيثِ
يَدُلُّ عَلَيْهِ. وتَمَامُه «فإنْ خَفِيَ عَلَيْكُمْ فأتِمُّوا العِدّةَ ثلاثين
يوما» .
__________
(1) بعده في الهروي: «وأراد التوضؤ الذي هو غسل اليد» .
(5/195)
(هـ
س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أمَرَ بِصِيَام الْأَوَاضِحِ» يُريدُ أيَّامَ اللَّيالِي
الأوَاضِح: أَيِ الْبَيْضِ. جَمْعُ وَاضِحَة، وَهِيَ ثَالِثُ عشَر، وَرَابِعُ
عَشَر، وَخَامِسُ عَشَر. والأصْلُ: وَوَاضِح، فقُلِبَتِ الواوُ الْأُولَى هَمْزة.
(هـ س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «غَيِّروا الْوَضَحَ» أَيِ الشَّيْب، يَعْنِي
اخْضِبُوه.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «جَاءَ رَجُلٌ بِكَفِّه وَضَحٌ» أَيْ بَرَصٌ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الشَّجَاج ذِكر «الْمُوضِحَةِ» فِي أحاديثَ كَثِيرَةٍ. وَهِيَ
الَّتِي تُبْدِي وَضَحَ العَظْم: أَيْ بياضَه. وَالْجَمْعُ: الْمَوَاضِحُ.
وَالَّتِي فُرِض فِيهَا خَمْسٌ مِنَ الإبلِ هِيَ مَا كَانَ مِنْهَا فِي الرَّأْسِ
والوَجْه. فَأَمَّا الْمُوضِحَةُ فِي غَيْرِهِمَا فَفِيهَا الحُكُومَة.
(هـ) وَفِيهِ «أنَّ يَهودِيّاً قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا» هِيَ «1»
نَوْع مِنَ الحُلِّيِ يُعْمَل مِنَ الفِضَّة، سُمِّيت بِهَا؛ لِبَيَاضِهَا،
واحِدُها: وَضَحٌ.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ كَانَ يَلْعَب مَعَ الصِّبْيان بعَظْمِ وَضَّاحٍ» هِيَ
لُعْبَةٌ لِصِبْيان الْأَعْرَابِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَرْفِ الْعَيْنِ.
ووَضَّاحٌ: فَعَّال، مِنَ الْوُضُوحِ: الظُّهور.
(س) وَفِيهِ «حَتَّى مَا أَوْضَحُوا بضاحِكة» أَيْ مَا طَلَعوا بضاحِكة وَلَا
أبْدَوْها، وَهِيَ إِحْدَى ضَوَاحِكَ الْأَسْنَانِ «2» الَّتِي تَبْدُو عِنْدَ
الضَّحِك. يُقَالُ: مِنْ أيْنَ أَوْضَحْتَ؟ أَيْ طَلَعْت.
(وَضَرَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ رَأَى بعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف وَضَراً مِنْ صُفْرة، فَقَالَ:
مَهْيَمْ» أَيْ لَطْخاً مِنْ خَلُوق، أَوْ طِيبٍ لَهُ لَونٌ، وَذَلِكَ مِنْ فِعل
العَرُوس إِذَا دَخَلَ عَلَى زوْجَته. والْوَضَرُ:
الأثَر مِنْ غَيْرِ الطِّيب.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَجَعَلَ يَأْكُلُ ويَتَتَبَّع باللُّقْمة وَضَرَ
الصَّحْفَة» أَيْ دَسَمَها وأثَرَ الطَّعَام فِيهَا.
ومنه حديث أمِّ هانىء «فَسَكَبْتُ لَهُ فِي صَحْفَةٍ إنِّي لأَرى فِيهَا وَضَر
العَجِين» .
(وَضَعَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الْحَجِّ «وأَوْضَع فِي وَادِي مُحَسِّر» يُقَالُ: وَضَعَ
الْبَعِيرُ يَضَعُ وَضْعاً، وأَوْضَعَهُ راكِبُه إِيضَاعاً، إِذَا حَمله على
سُرْعَة السَّير.
__________
(1) هذا شرح أبي عبيد، كما في الهروي.
(2) هكذا في الأصل، وا. وفي النسخة 517، واللسان: «الإنسان» .
(5/196)
وَمِنْهُ
حَدِيثُ عُمَرَ «إِنَّكَ واللَّهِ سَقَعْتَ الحاجِبَ، وأَوْضَعْتَ بالراكِب» أَيْ
حَملْته عَلَى أنْ يُوضِع مَرْكُوبَه.
وَمِنْهُ حَدِيثِ حُذَيْفة بْنِ أسِيد «شَرُّ النَّاسِ فِي الفتْنة الراكِبُ
الْمُوضِعُ» أَيِ المُسْرِع فِيهَا. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِيهِ «مَن رَفَع السلاحَ ثُمَّ وَضَعَهُ فدَمُه هَدَرٌ» وَفِي رِوَايَةٍ
«مَن شَهَر سَيْفَه ثُمَّ وَضَعَه» أَيْ مَن قاتَل بِهِ، يَعْني فِي الفتْنة.
يُقَالُ: وَضَعَ الشَّيءَ مِنْ يَدِه يَضَعُهُ وَضْعاً، إِذَا أَلْقَاهُ،
فَكَأَنَّهُ ألقاهُ فِي الضَّرِيبَةِ.
وَمِنْهُ قَوْلُ سَدَيْف للسَّفَّاح:
فَضَعِ السَّيفَ وارْفَعِ السَّوطَ حتَّى ... لَا تَرى فَوْق ظَهرِها أُمَوِيَّا
أَيْ ضَعِ السَّيْفَ فِي المَضْرُوب بِهِ، وارْفَعِ السَّوطَ لِتَضْرِبَ بِهِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ «لَا يَضَع عَصاه عَنْ عاتِقه» أَيْ
أَنَّهُ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ.
وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرة أسْفارِه؛ لِأَنَّ المُسافِر يَحْمِل عَصَاهُ
فِي سَفَره.
وَفِيهِ «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ» أَيْ
تَفْرِشُها لتَكُون تَحْتَ أقدامِه إِذَا مَشَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ
مُسْتَوْفىً فِي حَرْفِ الْجِيمِ.
(س) وَفِيهِ «إِنَّ اللَّهَ وَاضِعٌ يَدَه لُمِسِيء اللَّيْلِ لِيَتُوبَ
بِالنَّهَارِ، ولُمِسِيء النَّهَارِ لِيَتُوبَ بِاللَّيْلِ» أراد بالوضع هاهنا
البَسْط. وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى «إِنَّ اللَّه باسِطٌ
يَدَه لُمِسِيء اللَّيْلِ» وَهُوَ مَجَازٌ فِي البَسْط واليَد، كَوَضْع أجْنِحَة
الْمَلَائِكَةِ.
وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْوَضْعِ الإمْهَالَ، وَتركَ المُعاجَلة بالعُقُوبة. يُقَالُ:
وَضَعَ يَدَه عَنْ فُلَانٍ، إِذَا كَفَّ عَنْهُ. وَتَكُونُ اللَّامُ بِمَعْنَى
عَنْ: أَيْ يَضَعُها عَنْهُ، أَوْ لامُ أجْلِ: أَيْ يَكُفُّها لأجْلِه.
وَالْمَعْنَى فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَتَقاضَى المُذْنِبين بالتَّوْبَة
لِيَقْبَلَها مِنْهُمْ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّهُ وَضَعَ يَده فِي كُشْيَةِ ضَبٍّ، وَقَالَ:
إِنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُحَرِّمْه» وَضْعُ اليدِ:
كِناية عَنِ الأخْذ فِي أكلِه.
(س) وفيه «يَنْزِل عيسى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَضَعُ الجِزْيةَ» أَيْ
يَحْمِل الناسَ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ، فَلَا يَبْقَى ذمِّيٌّ تَجْري عَلَيْهِ
الْجِزْيَةُ.
(5/197)
وَقِيلَ:
أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَبْقَى فَقيرٌ مُحْتاج؛ لإستِغناءِ النَّاسِ بكَثْرة
الأمْوال، فتُوضَع الجِزْية وتَسْقُط، لِأَنَّهَا إِنَّمَا شُرِعَت لِتزيدَ فِي
مَصالح الْمُسْلِمِينَ وتَقْوِيةً لَهُمْ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ مُحْتاجٌ لَمْ
تُؤْخَذ «1» .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ويَضَعُ العِلَم» أَيْ يَهْدِمُه ويُلْصِقُه بِالْأَرْضِ.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «إِنْ كنتَ وضَعْتَ الحرْبَ بيْنَنا وَبَيْنَهُمْ» أَيْ
أسْقَطْتَها.
(هـ) وَفِيهِ «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً أَوْ وَضَع لَهُ» أَيْ حَطَّ عَنْهُ مِنْ
أَصْلِ الدَّيْن شَيْئًا «2» .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَإِذَا أحدُهُما يَسْتَوْضِعُ الآخَرَ ويَسْتَرْفِقُه» أَيْ
يَسْتَحِطُّه مِنْ دَيْنِه.
وَفِي حَدِيثِ سَعْدٍ «إِنْ كَانَ أحدُنا ليَضَعُ كَمَا تَضَع الشَّاةَ» أَرَادَ
أَنَّ نَجْوَهُم كَانَ يَخْرُج بَعْراً؛ ليُبْسِه مِنْ أكلِهم وَرَقَ السَّمُر،
وعَدَمِ الغِذاء الْمَأْلُوفِ.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ طَهْفَةَ «لَكُمْ يَا بَنِي نَهْدٍ وَدَائِعُ الشِّرْكِ،
ووَضَائِعُ المِلْك» الْوَضَائِعُ:
جَمْعُ وَضِيعَةٍ وَهِيَ الْوَظِيفَةُ الَّتِي تَكُونُ عَلَى المِلْك، وَهِيَ مَا
يَلْزم الناسَ فِي أموالِهم؛ مِنَ الصَّدقة وَالزَّكَاةِ: أَيْ لَكُمُ الوظائِفُ
الَّتِي تَلْزمُ الْمُسْلِمِينَ، لَا نَتجاوَزُها مَعَكُمْ، وَلَا نَزيدُ
عَلَيْكُمْ فِيهَا شَيْئًا.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَا كَانَ مُلوكُ الجاهليَّة يُوظِّفون عَلَى رعيَّتِهم،
ويَسْتأثرون بِهِ فِي الْحُرُوبِ وغيرِها مِنَ المَغْنَم: أَيْ لَا نأخُذ مِنْكُمْ
مَا كَانَ مُلوكُكم وظَّفوه عَلَيْكُمْ، بَلْ هُو لَكم.
(هـ) وَفِيهِ «إِنَّهُ نَبيٌّ، وَإِنَّ اسمَهُ وصُورتَه فِي الوَضائع» هِيَ كُتُبٌ
تُكْتَب فِيهَا الحِكْمة. قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.
وَفِي حَدِيثِ شُرَيح «الْوَضِيعَةُ عَلَى الْمَالِ، والرِّبْحُ عَلَى مَا
اصْطَلَحا عَلَيْهِ» الْوَضِيعَةُ:
الخَسارة. وَقَدْ وُضِعَ فِي البَيْع يُوضَعُ وَضِيعَةً. يَعْنِي أَنَّ الخَسارة
مِنْ رأسِ الْمَالِ.
(س) وَفِيهِ «أَنَّ رجُلاً مِنْ خُزاعَةَ يُقَالُ لَهُ: هِيتٌ كَانَ فِيهِ
تَوْضِيعٌ» أَيْ تَخْنيث.
(وَضَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عُمَرَ «إِنَّمَا النساءُ لَحْمٌ عَلَى وَضَمٍ، إِلَّا مَا ذُبَّ
عَنْهُ»
__________
(1) قال صاحب اللسان: «هذا فيه نظر، فإن الفرائض لا تُعَلَّل، ويطَّرد على ما قاله
الزكاةُ أيضا، وفي هذا جُرأةٌ على وَضْع الفرائض والتعبُّدات» .
(2) الذي في الهروي: «أي حَطَّ له من رأس المال شيئا» .
(5/198)
الْوَضَمُ:
«1» الْخَشَبَةُ أَوِ الْبَارِيَةُ الَّتِي يُوضَعُ عَلَيْهَا اللَّحْمُ، تَقيه
مِنَ الْأَرْضِ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «الوَضَم: [كلُّ] «2» مَا وَقَيْتَ بِهِ اللَّحْمَ مِنَ
الْأَرْضِ» . أَرَادَ أنَّهُنّ فِي الضُّعف «3» مثلُ ذَلِكَ اللَّحْمِ الَّذِي لَا
يَمتَنع عَلَى أحدٍ إِلَّا أَنْ يُذَبَّ عَنْهُ ويُدْفَعَ.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: إِنَّمَا خَصَّ اللحمَ عَلَى الوَضَم وشَبَّه بِهِ
النِّسَاءَ؛ لأنَّ مِنْ عَادَةِ العَرب إِذَا نُحِر بَعيرٌ لِجَمَاعَةٍ يَقتَسمون
لَحمه أَنْ يَقْلَعُوا شَجَراً «4» ويُوضَمُ بعضُه عَلَى بَعْضٍ، ويُعَضَّى اللحمُ
ويُوضَع عَلَيْهِ، ثُمَّ يُلْقَى لَحمُه عَنْ عُرَاقه، ويُقَطع عَلَى الْوَضَمِ،
هَبْرًا لِلْقَسْمِ، وتُؤَجّج النَّارُ، فَإِذَا سَقَطَ جَمْرُهَا اشْتَوَى مَنْ
حَضَرَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ «5» ، عَلَى ذَلِكَ الْجَمْرِ، لَا يُمْنَعُ مِنْهُ
أَحَدٌ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْمُقَاسِمُ حَوَّلَ كلُّ واحدٍ قِسْمه عَنِ الوَضَم
إِلَى بَيْتِه، وَلَمْ يَعْرِض لَهُ أَحَدٌ. فشَبَّه عُمر النِساءَ وقلَّةَ
امتناعِهنّ عَلَى طُلابِهنّ من الرجال باللحم مادام عَلَى الوَضَم.
(وَضَنَ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «إِنَّكَ لَقَلِقُ الوَضِين» الْوَضِينُ: بِطانٌ مَنْسُوج
بعضُه عَلَى بَعْضٍ، يُشَدّ بِهِ الرَّحل عَلَى الْبَعِيرِ كالحِزَام للسَّرج.
أَرَادَ أَنَّهُ سَرِيعُ الحَركة. يَصفه بالخِفَّة وقلَّة الثَّبات، كَالْحِزَامِ
إِذَا كَانَ رِخْوا.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:
إلَيْكَ تَعْدُو قَلِقاً وَضِينُها
أَرَادَ أَنَّهَا قَدْ هُزِلَتْ ودَقَّت للسَّير عَلَيْهَا.
هَكَذَا أخْرجه الهَروِي والزَّمخشري عَنِ ابْنِ عُمَر. وأخْرَجه الطَّبرانيّ فِي
«المُعْجَم» عَنْ سَالِم عَنْ أَبِيهِ: أنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفاضَ مِنْ عَرفاتٍ وَهُوَ يَقول:
إلَيْكَ تَعْدُو قَلِقاً وضِينُها
__________
(1) هذا شرح الأصمعي، كما ذكر الهروي.
(2) ليس في الفائق 2/ 411
(3) هكذا بالضم فى الأصل، وفى ابالفتح. قال صاحب المصباح: «الضَّعْف، بفتح الضاد
في لغة تميم. وبضمها في لغة قريش» .
(4) في الهروي: «شَجراً كثيراً» .
(5) في الهروي: «شُوَايةً بعد شواية» .
(5/199)
باب
الواو مع الطاء
(وَطَأَ)
(هـ) فِيهِ «زَعَمَتِ الْمَرْأَةُ الصَّالحة خَوْلَةُ بنْتُ حَكِيم أنَّ رَسُولَ
اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرج وَهُوَ مُحْتَضِنٌ أَحَدَ ابْنَيِ
ابْنَتِهِ وَهُوَ يَقول: إنَّكم لَتُبَخِّلون وتُجَبِّنُون وتُجَهِّلُون،
وَإِنَّكُمْ لَمِن رَيْحانِ اللَّه، وإنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ وَطِئَهَا «1» اللَّهُ
بِوَجّ» أَيْ تَحْمِلون عَلَى البُخْل والجُبْن والجَهل.
يَعْنِي الأوْلاد، فإنَّ الأبَ يَبْخَل بإنْفاق مَالِه ليخَلِّفَه لهُم، ويَجْبُن
عَنِ القِتال لِيَعيشَ لهُم فيُرَبَّيَهم، ويَجْهَل لأجْلِهم فَيُلاعِبهم.
وَرَيْحان اللَّه: رِزْقه وعَطاؤه.
وَوَجّ: مِنَ الطَّائِفِ.
والْوَطْءُ فِي الْأَصْلِ: الدَّوْس بالقَدَم، فسُمَّيَ بِهِ الغَزْوُ
وَالْقَتْلُ؛ لأنَّ مَن يَطَأُ عَلَى الشَّيء بِرِجْلِه فَقَدِ اسْتَقْصَى فِي
هَلاكه وَإِهَانَتِهِ. والمعْنَى أنَّ آخِرَ أخْذَةٍ وَوَقْعةٍ أوْقَعَها اللَّه
بالكُفَّار كَانَتْ بِوَجّ، وكانَت غَزْوَة الطَّائف آخِرَ غَزَواتِ رَسُولِ
اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنَّه لَمْ يَغْزُ بَعْدَها إلاَّ
غَزْوةَ تَبُوك، وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا قِتال.
وَوَجْه تَعَلُّق هَذَا الْقَوْلِ بِمَا قَبْلَه مِنْ ذكْر الأوْلادِ أنَّه إشَارة
إِلَى تَقْلِيل مَا بَقِيَ مِنْ عُمُره، فكَنى عَنْهُ بِذَلِكَ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «اللَّهُم اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ»
أَيْ خُذْهُم أخْذاً شدِيدا.
وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَوَطِئْتَنا وَطْأً عَلَى حَنَقٍ ... وَطءَ المُقَيَّدِ نَابِتَ الهَرْمِ
وَكَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمة يَرْويه «اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْدتَك عَلَى مُضَر»
والوَطْدُ: الإثْباتُ والغُمْزُ فِي الْأَرْضِ.
[هـ] وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ للخُرّاص: احْتاطُوا لِأَهْلِ الْأَمْوَالِ فِي
النَّائِبة والواطِئة» الْوَاطِئَةُ: المَارّة والسَّابِلَة، سُمُّوا بِذَلِكَ
لوَطْئِهم الطريقَ. يقُول: اسْتَظْهِرُوا لَهُم
__________
(1) رواية الهروي: «أخر وطأةٍ للَّهِ بوج» .
(5/200)
فِي
الْخَرْصِ، لِمَا يَنُوبُهُمْ وَيَنْزِلُ بِهِمْ مِنَ الضِّيفان.
وَقِيلَ: الْوَاطِئَةُ: سُقَاطَة التَّمر تَقَع فَتُوطَأُ بالأقْدام، فهيَ فاعِلَة
بِمَعْنَى مَفْعولَة.
وَقِيلَ «1» : هِيَ مِنَ الْوَطَايَا، جَمْع وَطِيئَة، وَهِيَ تَجْري مَجْرَى
العَريَّة، سُمِّيَت بِذَلِكَ لأنَّ صاحِبَها وَطَّأَهَا لِأَهْلِهِ: أَيْ
ذَلَّلَهَا وَمَهَّدَهَا، فَهِيَ لَا تَدْخُلُ فِي الخَرْص.
وَمِنْهُ حَدِيثُ القَدَر «وآثَارٍ «2» مَوْطُوءَةٌ» أَيْ مَسْلُوكٍ عَلَيْها
بِمَا سَبق بِهِ القَدَرُ، مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرّ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ألاَ أُخْبِرُكم بأحَبِّكُم إِلَيَّ وأقْرَبِكم مِنّي
مَجالِسَ يَوْمَ القِيامة؟
أحاسِنُكم أخْلاقاً، الْمُوَطَّأُونَ أكْنافاً، الَّذين يَألَفُون ويُؤْلَفُون»
هَذَا مَثَل، وحقيقَتُه مِنَ التَّوْطِئَةِ، وَهِيَ التَّمهيد والتَّذليل.
وَفِرَاشٌ وَطِىءٌ: لَا يُؤذِي جَنْبَ النَّائم. والأكْنافُ: الجَوانِب. أرادَ
الَّذِينَ جوانِبُهم وَطِيئَةٌ، يتمكَّن فِيهَا مَن يُصاحِبُهم وَلَا يَتأذَّى.
(هـ) وَفِيهِ «أنَّ رِعاءَ الإبِل وَرعَاءَ الغَنَم تَفاخَرُوا عِنده،
فَأَوْطَأَهُمْ رِعَاءَ الإبِل غَلَبَةً» أَيْ غَلَبُوهُم وقَهُرُوهم بالحُجّة.
وأصْلُه أنَّ مَن صَارعْتَه أَوْ قاتَلْتَهُ فَصَرعْتَه أَوْ أثْبَتَّه فقَد
وَطِئْتَهُ وأَوْطَأْتَهُ غَيْرَك. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ جَعَلَهُم يُوطَأُونَ
قَهْراً وغَلَبَة.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، لَمَّا خَرَج مُهاجِراً بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فجَعَلْتُ أتَّبِعُ مَآخِذَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطَأ ذِكْرَهُ حتَّى انْتَهَيْت إِلَى العَرْج» أَرَادَ:
إِنِّي كنتُ أغطِّي خَبَره مِن أَوَّلِ خُروجي إِلَى أَنْ بَلَغْت العَرْج، وَهُوَ
مَوْضِع بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. فكَنَى عَنِ التَّغْطِيَة وَالْإِيهَامِ
بالوطءِ، الَّذِي هُوَ أبْلَغ فِي الْإِخْفَاءِ والسَّتْر.
(س) وَفِي حَدِيثِ النِّساء «وَلَكُمْ عَلَيْهنّ أَلَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكم
أَحَدًا تَكرهونَه» أَيْ لَا يَأذَنّ لأحدٍ مِنَ الرِّجَالِ الأجانِب أَنْ
يَدْخُلَ عليهِنَّ، فيَتَحدَّثَ إليْهنَّ. وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ،
لَا يَعْدّونه رِيبَة، وَلَا يَروْن بِهِ بَأْسًا، فَلَمَّا نزَلت آيَةُ الحِجاب
نُهُوا عَنْ ذَلِكَ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَمّار «أَنَّ رَجُلًا وَشَى بِهِ إِلَى عُمَر فَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَذَب فاجْعَلْه
__________
(1) القائل هو أبو سعيد الضرير، كما ذكر الهروي.
(2) ضبط في الأصل: «وآثارٌ» بالرفع، وأثبتُّه بالجر من ا، واللسان.
(5/201)
مُوَطَّأَ
العَقِب» أَيْ كَثيرَ الأتْباع. دَعَا عَلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ سُلْطاناً أَوْ
مُقَدَّما أَوْ ذَا مَالٍ، فَيَتْبَعُهُ النَّاسُ وَيَمْشُونَ وَرَاءَهُ.
(هـ) وَفِيهِ «إِنَّ جِبْرِيلَ صَلّى بِيَ العِشاء حِينَ غَابَ الشَّفَقُ،
واتَّطَأَ العِشاء» هُوَ افْتَعل، مِنْ وَطَّأْتُهُ. يُقَالُ: وَطَّأْتُ الشَّيءَ
فَاتَّطَأَ: أَيْ هَيَّأته فتَهَيَّأ. أَرَادَ أَنَّ الظَّلَامَ كَمُلَ ووَاطَأَ
بَعْضُه بَعْضًا: أَيْ وافَق.
وَفِي الْفَائِقِ: «حِينَ غَابَ الشَّفق وأنطى العِشاءُ» قَالَ: وَهُوَ مِنْ قَوْلِ
بَني قَيْس:
«لَمْ يَأْتَطِ «1» الجِدادُ. وَمَعْنَاهُ: لَمْ يأتِ «2» حِينُه. وَقَدِ ائْتَطَى
يَأْتَطِي، كَائْتَلَى «3» يَأْتَلِي» ، بِمَعْنَى الْمُوَافَقَةِ والمُسَاعَفَة.
قَالَ: «وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّهُ «4» افْتَعَل مِنَ الْأَطِيطِ؛ لأنَّ
العَتَمة وقْتُ حَلْب الإبِل، وَهِيَ حِينَئِذٍ تَئِطُّ، أَيْ تَحِنّ إِلَى
أوْلادِها، فَجعل الفِعْل للعِشاء وهُو لَهَا اتِّسَاعا» .
وَفِي حَدِيثِ لَيْلَةِ القَدْر «أرَى رُؤياكُم قَدْ تَوَاطَتْ فِي العَشْر
الْأَوَاخِرِ» هَكَذَا رُوِي بِتَرْك الْهَمْزِ، وَهُو مِنَ الْمُوَاطَأَةِ:
الموافَقَة. وحَقيقَتُه كَأَنَّ كُلاًّ منهما وَطِىءَ مَا وَطِئه الآخَر.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّه «لَا نَتَوضأ «5» مِنْ مَوْطَأٍ» أَيْ مَا يُوطَأ
مِنَ الْأَذَى فِي الطَّرِيقِ.
أرادَ لَا نُعِيدُ «6» الوُضوءَ مِنْهُ، لَا أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَغْسِلُونه.
(هـ) وَفِيهِ «فأخْرَج إلَيْنا ثَلاثَ أُكَلٍ مِنْ وَطِيئَة» الْوَطِيئَةُ:
الغِرَارة يَكُونُ فِيهَا الكَعْكُ والقَدِيدُ وغيرُه.
__________
(1) قبل هذا في الفائق 3/ 170: «لم يأْتَطِ السِّعْرُ بعدُ، أي لم يطمئن ولم يبلغ
نهاه ولم يستقم» .
(2) الذي في الفائق: «لم يَحِنْ» .
(3) في الأصل وا: «ايتطى ... كايتلى» بالياء. وأثبته بالهمز من الفائق، واللسان.
(4) فى الفائق 3/ 171: «وهو أن الأصل: ائتَطَّ، افتعل» .
(5) في الأصل، وا: «لا تتوضأ» بتاء، وأثبته بالنون من اللسان.
(6) في الأصل: «يعيد» بياء. وأثبته بالنون من ا، واللسان.
(5/202)
وَفِي
حَدِيثِ عَبْدِ اللَّه بْنِ بُسْر «أتَيْناه بِوَطِيئَةٍ» هِيَ طعامٌ يُتَّخَذ
مِنَ التَّمر كالحَيْس.
ويُرْوَى بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَقِيلَ: هُوَ تَصْحيف.
(وَطِبَ)
- فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّه بْنِ بُسْر «نزَل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي فَقَرَّبْنا إِلَيْهِ طَعَامًا، وَجَاءَهُ
بِوَطْبَةٍ فأكَلَ مِنْهَا» رَوَى الحُمَيْدِيّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِهِ
«فَقرّبْنا إِلَيْهِ طَعَامًا وَرُطَبةً فَأَكَلَ مِنْهَا» وَقَالَ: هَكَذَا جَاءَ
فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ نُسَخ كِتَابِ «1» مُسْلِمٍ «رُطَبَة» بِالرَّاءِ، وَهُوَ
تَصْحيف مِنَ الرَّاوي. وَإِنَّمَا هُو بِالْوَاوِ.
وَذَكَرَهُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِي وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقانيّ فِي
كتابَيْهما بِالْوَاوِ. وَفِي آخِرِهِ:
قَالَ النَّضر «2» : الوَطْبَة: الحَيْسُ، يُجْمَعُ بَيْنَ التَّمر والأقِط
والسَّمْن. ونَقَله عَنْ شُعْبة عَلَى الصِّحَّةِ بِالْوَاوِ.
قلتُ: وَالَّذِي قَرَأتُه فِي كِتَابِ مُسْلم «وَطْبَة» بِالْوَاوِ. وَلَعَلَّ
نُسَخَ الحُمَيْدِيّ قَدْ كَانَتْ بِالرَّاءِ «3» كَمَا ذُكِرَ. واللَّه أَعْلَمُ.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ أُتي بوَطْبٍ فِيهِ لَبَنٌ» الْوَطْبُ: الزِّقُ الَّذِي
يَكُونُ فِيهِ السَّمْن وَاللَّبَنُ وَهُوَ جِلْدُ الجَذع فَمَا فَوْقَه، وجمْعُه.
أَوْطَابٌ ووِطَابٌ «4» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ زَرْعٍ «خَرَج أَبُو زَرْعٍ والأوْطَابُ تُمْخَضُ
لِيَخْرُجَ زُبْدُها» .
(وَطَحَ)
- فِي حَدِيثِ غَزْوَةِ خَيْبَرَ ذِكْر «الْوَطِيحِ» هُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ
وَكَسْرِ الطَّاءِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: حصْنٌ مِنْ حُصُون خَيْبَر.
__________
(1) انظر رواية مسلم في صحيحه (باب استحباب وضع النوى خارج التمر، من كتاب
الأشربة) .
(2) هو النضر بن شُمَيل، كما في النووي 13/ 225.
(3) قال الإمام النووي: «وهذا الذي ادعاه [أي الحميدي] على نسخ مسلم هو فيما رآه
هو، وإلا فأكثرها بالواو ... ونقل القاضي عياض عن رواية بعضهم في مسلم: وَطِئة.
بفتح الواو وكسر الطاء، وبعدها همزة ... والوطئة بالهمز عند أهل اللغة: طعام يتخذ
من التمر كالحيس» .
(4) زاد في القاموس: «أَوطُبٌ» قال: وجمع الجمع: أواطب.
(5/203)
(وَطَدَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَتَاهُ زِيادُ بْنُ عَدِيّ فَوَطَدَهُ «1»
إِلَى الْأَرْضِ» أَيْ غَمَزَهُ فِيهَا وَأَثْبَتَهُ عَلَيْهَا وَمَنَعَهُ مِنَ
الْحَرَكَةِ. يُقَالُ: وَطَدْتُ الأرضَ أَطِدُهَا، إِذَا دُسْتَها لتَتَصَلَّب.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ البَراء بْنِ مَالِكٍ «قَالَ يومَ اليَمامة لِخَالِدِ بْنِ
الْوَلِيدِ: طِدْنِي إليكَ» أَيْ ضُمَّنِي إِلَيْكَ واغْمِزْني.
وَفِي حَدِيثِ أَصْحَابِ الْغَارِ «فَوَقَعَ الْجَبَلُ عَلَى بَابِ الْكَهْفِ
فَأَوْطَدَهُ» أَيْ سَدّه بالهَدْم.
هَكَذَا رُوِيَ. وَإِنَّمَا يُقَالُ: وَطَدَهُ. ولَعَلَّه لَغَةٌ «2» .
(وَطَسَ)
(س) فِي حَدِيثِ حُنَيْن «الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ» الْوَطِيسُ: شِبْه
التَّنُّور.
وَقِيلَ: هُوَ الضِّرابُ فِي الحَرْب.
وَقِيلَ: هُوَ الوَطْء الَّذِي يَطِسُ النَّاسَ، أَيْ يَدُقُّهُم.
وَقَالَ الأصْمَعي: هُوَ حِجارَةٌ مُدَوّرَةٌ إِذَا حَمِيَتْ لَمْ يَقْدِرْ أحَدٌ
يَطَؤها. وَلَمْ يُسْمع هَذَا الْكَلَامُ مِنْ أحَد قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهُوَ مِنْ فَصيِح الْكَلَامِ. عَبَّر بِهِ عَنِ
اشْتِباك الحَرْب وَقِيَامِهَا عَلَى سَاقٍ.
(وَطِفَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَد «وَفِي أشْفارِه وَطَفٌ» أى فى شفر أَجْفَانه
طُولٌ.
وقَدْ وَطِفَ يَوْطَفُ فَهُوَ أَوْطَفُ.
(وَطِنَ)
- فِيهِ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ نَقْرة الغُرَاب، وَأَنْ يُوطِنَ الرجُلُ فِي
الْمَكَانِ بالمَسْجد، كَمَا يُوطِنُ البعيرُ» قِيلَ: مَعْناه أنَ يَأْلَفَ
الرَّجُل مَكانا مَعْلوما مِنَ الْمَسْجِدِ مَخْصوصاً بِهِ يُصَلِّي فِيهِ،
كالبَعير لَا يَأوِي مِنْ عَطَنٍ إِلَّا إِلَى مَبْرَكٍ دَمِثٍ قَد أَوْطَنَهُ
واتَّخَذه مُنَاخا.
وَقِيلَ: مَعْناه أَنْ يَبْرُك عَلَى رُكْبَتَيْه قبْل يَدَيْه إِذَا أرادَ
السُّجود مثْل بُروكِ البَعير. يُقال:
أَوْطَنْتُ الْأَرْضَ ووَطَّنْتُهَا، واسْتَوْطَنْتُهَا: أَيِ اتَّخَذْتُها وطنَاً
ومَحَلاً.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ نَهى عَنْ إِيطَانِ المساجِد» أَيِ اتّخاذِها
وَطَناً.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِي صِفَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ لَا
يُوطِنُ الأمَاكِن» أَيْ لَا يَتَّخِذُ
__________
(1) في الهروي: «فوطَّده» بالتشديد.
(2) قال الهروي: «وكان حماد بن سلمة يروي: اللهم اشدد وطْدَتك على مضر» اهـ وانظر
(وطأ) .
(5/204)
لِنفْسِه
مَجْلِساً يُعْرَف بِهِ. والْمَوْطِنُ: مَفْعِل مِنْهُ. ويُسَمَّى بِهِ المَشْهَدُ
مِنْ مَشاهد الحَرْب.
وجَمْعُه: مَوَاطِن.
ومِنْه قَوْلُهُ تَعَالَى لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ.
(وَطْوَطَ)
(س) فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «لمَّا أُحْرِق بَيْتُ المَقْدِس كَانَتِ الْوَطْوَاطُ
تُطْفِئُه بأجْنِحَتِها» الْوَطْوَاطُ: الخُطَّافُ. وَقِيلَ: الخُفَّاش.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَطاء «سُئل عَنِ الوَطْوَاطِ يُصِيبُه المُحْرِم فَقَالَ:
دِرْهَم» وَفِي رِوَاية «ثُلُثَا دِرْهم» .
بَابُ الْوَاوِ مَعَ الظاء
(وَظَبَ)
- فِي حَدِيثِ أَنَسٍ «كُنَّ أمَّهاتي يُوَاظِبْنَنِي عَلَى خِدْمَتِه» أَيْ
يَحْمِلْنَنِي ويَبْعَثْنَني عَلَى مُلازَمَة خِدْمَتِه والمُدَاوَمَةِ عَلَيْهَا.
ورُوِي بالطَّاء المُهْملة والهَمْز، مِنَ المُوَاطأة عَلَى الشَّيْء. وَقَدْ
تَكَرَّرَ ذِكْر «الْمُوَاظَبَةِ» فِي الْحَدِيثِ.
(وَظَفَ)
(س) فِي حَدِيثِ حَدِّ الزِّنَا «فَنَزَع لَهُ بِوَظِيفِ بَعِيرٍ فَرَماهُ بِه
فَقَتَلَه» وَظِيفُ البَعِير: خُفُّه، وهُوَ لَهُ كالحَافِر للفَرس.
باب الواو مع العين
(وَعَبَ)
(هـ) فِيهِ «إنَّ النِّعْمَةَ الواحِدَةَ لَتَسْتَوْعِبُ»
جَميعَ عَمَل العَبْد» أَيْ تَأتِي عَلَيْهِ.
والْإِيعَابُ والِاسْتِيعَابُ: الاسْتِئصال والاسْتِقْصاءُ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فِي الأنْفِ إِذَا اسْتَوْعَبَ جَدْعُه الدِّيَةُ»
وَيُرْوَى «أَوْعَبَ كُلُّه» أَيْ قُطِع جَمِيعُه.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ حُذَيْفة «نُوْمَةٌ بَعْد الجِماع أَوْعَبُ لِلْماء» أَيْ
أحْرَى أنْ تُخْرِجَ كُلَّ مَا بَقِي في الذَّكَر وتَسْتَقْصِيه.
__________
(1) في الهروي: «تستوعب» .
(5/205)
(هـ)
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُوعِبُونَ فِي النَّفِير مَع
رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أَيْ يَخْرُجون بأجْمَعِهم فِي
الغَزْوِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَوْعَبَ المهاجِرون والأنْصَارُ معَ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومَ الفَتْح» .
[هـ] وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «أوْعَبَ الأنْصارُ مَعَ عَليّ إِلَى صِفِّين» أَيْ
لَمْ يَتَخَلَّفْ مِنْهُمْ أحدٌ عَنْهُ.
(وَعَثَ)
(هـ) فِيهِ «اللهمَّ إنَّا نَعوذُ بِكَ مِنَ وَعْثَاءِ السَّفَر» أَيْ شِدّتِه
ومَشَقَّتِه. وأصلُه مِنَ الْوَعْثِ، وَهُوَ الرَّمْل، والمَشْيُ فِيهِ يَشْتَدّ
عَلَى صاحِبه ويَشُقُّ. يُقَالُ: رَمْلٌ أَوْعَثُ، ورَمْلَةٌ وَعْثَاءُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَثَل الرِّزْق كمَثَل حائِط لَهُ بابٌ، فَمَا حَوْلَ
الْبَابِ سُهولَةٌ، وَمَا حَول الْحَائِطِ وَعْثٌ ووَعْرٌ» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ زَرْع «عَلَى رأسِ قُورٍ وَعْثٍ» .
(وَعَدَ)
- فِيهِ «دَخَل حَائِطًا مِنْ حِيطانِ الْمَدِينَةِ فَإِذَا فِيهِ جَمَلانِ
يَصْرِفان ويُوعِدَانِ» وَعِيدُ فَحْل الْإِبِلِ: هَدِيرُه إِذَا أَرَادَ أنْ يَصُول.
وَقَدْ أَوْعَدَ يُوعِدُ إِيعَاداً.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذكرُ «الْوَعْدُ والْوَعِيدُ» فالوَعْدُ يُستعمل فِي الخَير
والشرِّ. يُقَالُ: وعَدْتُه خَيْراً وَوَعَدْتُه شَرّاً، فَإِذَا أسْقَطُوا الخيرَ
والشَّر قَالُوا فِي الْخَيْرِ: الوَعْد والْعِدَة، وَفِي الشَّرِّ الإيعادُ
والوعيدُ.
وَقَدْ أوعَدَه يُوعِدُه.
(وَعُرَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْع «لَحْم جَمَلٍ غَثّ، عَلَى جَبَلٍ وَعْرٍ» أَيْ
غليظٍ حَزْن، يَصْعُبُ الصُّعودُ إِلَيْهِ. وَقَدْ وَعُرَ بِالضَّمِّ وُعُورَةً.
شَبَّهَتْه بلَحْمٍ هَزِيلٍ لَا يُنْتَفَع بِهِ، وَهُوَ مَعَ هَذَا صَعْب الوُصُول
والمَنال.
(وَعَظَ)
(س) فِيهِ «وَعَلَى رأسِ الصِّراط وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كلِّ مُسْلِمٍ»
يَعْنِي حُجَجَه الَّتِي تَنْهاهُ عَنِ الدُخول فِيمَا مَنَعه اللَّه مِنْهُ
وحَرَّمه عَلَيْهِ، والبَصائر الَّتِي جَعَلَهَا فِيهِ.
(هـ) وَفِيهِ «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمانٌ يُسْتَحل فِيهِ الرِّبا بالبَيْع،
والقتلُ بِالْمَوْعِظَةِ» هُوَ أَنْ يُقْتَل البَريءُ لِيَتَّعِظَ بِهِ المُريب،
كَمَا قَالَ الحجَّاج فِي خُطْبَتِه: «وأقْتُلُ البرىء بالسّقيم» .
(5/206)
(وَعَقَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عُمَرَ، وذَكَر الزُّبَير فَقَالَ «وَعْقةٌ لَقِسٌ» الْوَعْقَةُ،
بِالسُّكُونِ:
الَّذِي يَضْجَرُ ويَتَبَرَّم. يُقَالُ: رجلٌ وَعْقَةٌ ووَعِقَةٌ أَيْضًا،
ووَعِقٌ، بِالْكَسْرِ فِيهِمَا.
(وَعَكَ)
(س) قَدْ تَكَرَّرَ فِيهِ ذِكْرُ «الْوَعْكِ» وَهُوَ الْحُمَّى. وَقِيلَ: ألَمُها.
وَقَدْ وَعَكَهُ المرضُ وَعْكاً. ووُعِكَ فَهُوَ مَوْعُوكٌ.
(وَعَلَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَا تَقُومُ الساعةُ حَتَّى تَعْلُوَ
التُّحوتُ وتَهْلِكَ الْوُعُول» أَرَادَ بالوُعُول الأشرافَ والرُّءُوس.
شَبَّهَهُم بِالْوُعُولِ، وَهُمْ تُيوسُ الجَبَل، واحِدُها:
وَعِلٌ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ. وضَرَب المَثَل بِهَا لِأَنَّهَا تأوِي شَعَفَ
الْجِبَالِ. وَقَدْ رُوي مَرْفُوعًا مِثْلُهُ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَيَحْمِلُ عَرْشَ
رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ قِيلَ: ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ» أَيْ
ملائكةٌ عَلَى صُورة الأوْعال.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «فِي الوَعِلِ شَاةٌ» يَعْنِي إِذَا قتَلَه
المُحْرِم.
(وَعْوَعَ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «وَأَنْتُمْ تَنْفِرُون عَنْهُ نُفورَ المعْزَى مِنْ
وَعْوَعَةِ الأسَدِ» أَيْ صَوته. ووَعْوَاعُ النَّاسِ: ضَجَّتُهم.
(وَعَا)
(هـ) فِيهِ «الاسْتِحياءُ مِنَ اللَّهِ حقَّ الْحَيَاءِ: أَلَّا تَنْسَوُا
المقابرَ والبِلَى، والجَوْفَ «1» وَمَا وَعَى» أَيْ مَا جَمَع مِنَ الطَّعَامِ
وَالشَّرَابِ، حَتَّى يَكُونَا مِنْ حِلِّهما «2» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ الإسْراء «ذكَر فِي كُلِّ سَماءٍ أنبياءَ قَدْ سَمَّاهم،
فَأَوْعَيْتُ مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِي الثَّانِيَةِ» هَكَذَا رُوِي. فَإِنْ صحَّ
فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: أدخَلْته فِي وِعَاءِ قَلْبي. يُقَالُ: أَوْعَيْتُ الشيءَ
فِي الوِعاء، إِذَا أدْخَلتَه فِيهِ.
وَلَوْ رُوي «وَعَيْتُ» بِمَعْنَى حَفِظْتُ، لَكَانَ أبْيَنَ وأظْهَر. يُقَالُ:
وَعَيْتُ الْحَدِيثَ أَعِيهِ وَعْياً فَأَنَا وَاعٍ، إِذَا حَفِظْتَه وفِهِمْتَه.
وفلانٌ أَوْعَى مِنْ فُلان: أَيْ أحْفَظُ وأفْهَم.
__________
(1) في الهروي: «ولا تَنْسَوا الجوفَ» .
(2) قال الهروي: «وأراد بالجوف البَطْنَ والفرج، وهما الأجوفان. ويقال: بل أراد
القلب والدماغ؛ لأنهما مَجْمعا العقل» اهـ. وانظر (جوف) .
(5/207)
(هـ)
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقالَتي فوَعاها، فَرُبَّ
مُبَلَّغٍ «1» أَوْعَى مِنْ سامِعٍ» .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ «لَا يُعَذِب اللَّهُ قَلْباً وَعَى
القُرآن» أَيْ عَقَلَه إِيمَانًا بِهِ وعَمَلا. فأمَّا مَنْ حَفِظَ ألْفاظَه
وضَيَّع حُدُودَهُ فَإِنَّهُ غَيْرُ وَاعٍ لَه. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَفِيهِ «فَاسْتَوْعَى لَهُ حَقَّه» أَيِ اسْتَوْفاه كُلّه، مَأْخُوذٌ مِنَ
الوِعاء.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «حَفِظْتُ عَنْ رسولِ اللَّه صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ مِنَ العِلْم» أَرَادَ الكِنايَةَ عَن مَحَلِّ
العِلْم وجَمْعِه، فاسْتَعارَ لهُ الوِعَاءَ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا تُوعِي فَيُوعَى عَلَيكِ» أَيْ لَا تَجْمَعِي وَتَشِحِّي
بالنَّفقة، فَيُشَحَّ عَلَيْكِ، وتُجَازَيْ بِتَضْيِيِقِ رِزْقِكِ.
(س) وَفِي مَقْتل كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ أَوْ أَبِي رَافِعٍ «حَتَّى سَمِعْنَا
الْوَاعِيَةَ» هُوَ الصُّرَاخُ عَلَى الْمَيِّتِ ونعْيُه. وَلَا يُبْنى مِنْهُ
فِعْلٌ.
وَقِيلَ: الْوَعْيُ كَالْوَغَى: الْجَلَبَةُ وَالصَّوْتُ الشَّدِيدُ.
بَابُ الْوَاوِ مَعَ الْغَيْنِ
(وَغَبَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الْأَحْنَفِ «إيَّاكُمْ وَحَمِيَّةَ الْأَوْغَابِ» هُمُ
اللِّئامُ والأوغادُ.
والوَاحِد: وَغْبٌ وَوَغْد. ويُرْوَى بِالْقَافِ.
(وَغَرَ)
- فِيهِ «الهَدِيَّة تُذْهِب وَغَرَ الصَّدْر» هُوَ بالتَّحرِيك «2» : الغِلُّ
والحَرارَةُ.
وأصْلُه مِنَ الْوَغْرَةِ: شِدّةِ الحَرِّ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ مازِن:
مَا فِي القُلُوبِ عَلَيْكُم فاعْلَمُوا وَغَرُ
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ المُغيرة «وَاغِرَةُ الضَّمِيرِ» وَقِيلَ: الْوَغَرُ:
تَجَرُّعُ الغيظ والحقد.
__________
(1) ضبط في الأصل: «مبلِّغ» بالكسر. وهو خطأ. انظر مثلا سنن ابن ماجه (باب من بلغ
علما. من المقدمة) 1/ 85.
(2) وبالسكون أيضا، كما في القاموس.
(5/208)
(س)
وَمِنْهُ حَدِيثُ الإفْك «فأتَيْنَا الجَيْش مُوغِرِينَ فِي نَحْر الظهِيرَة» أَيْ
فِي وقْتِ الهاجِرَةِ، وَقْتَ تَوَسُّطِ الشَّمْس السَّماءَ. يُقال: وَغِرَتِ
الهاجرةُ وَغْراً، وأَوْغَرَ الرَّجُل: دَخَل فِي ذَلِكَ الوَقْت، كَمَا يُقال:
أظْهَرَ، إِذَا دَخَل فِي وقْت الظُّهْر.
ويُرْوى «مُغَوِّرِينَ» . وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(وَغَلَ)
(هـ) فِيهِ «إنَّ هَذَا الدِّينَ متِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْق» الْإِيغَالُ:
السَّيْر الشَّديِد.
يُقَالُ: أَوْغَلَ القومُ وتَوَغَّلُوا، إِذَا أمْعَنوا فِي سَيْرِهِم. والْوُغُولُ:
الدُّخول فِي الشَّيء. وقَدْ وَغَلَ يَغِلُ وُغُولًا. يُريدُ سِرْ فِيهِ بِرفْقٍ،
وابْلغ الغَايَةَ القُصْوَى مِنْهُ بالرِّفْق، لَا عَلى سَبيل التَّهافت والخُرق،
وَلَا تَحْمِل عَلَى نَفْسِكَ وتُكَلِّفْها مَا لَا تُطِيق فَتَعْجِزَ وَتَتْرُكَ
الدِّينَ والعَمَل.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «المُتَعَلِّق بِهَا كالوَاغِل المُدَفَّع» الْوَاغِلُ:
الَّذِي يَهْجُمُ عَلَى الشُّرَّاب لِيَشْرَبَ مَعَهُم وَلَيْسَ مِنهُم، فَلَا
يَزالُ مُدَفَّعاً بَيْنَهُم.
وَمِنْهُ حَدِيثُ المِقْداد «فلمَّا أنْ وَغَلَتْ فِي بَطْنِي» أَيْ دَخَلَتْ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عِكْرمة «مَنْ لَمْ يَغْتَسِل يومَ الجُمعة
فَلْيَسْتَوْغِلْ» أَيْ فَلْيَغْسِلْ مَغَابِنَه ومَعَاطِفَ جَسَدِه. وهُو
اسْتِفْعالٌ مِنَ الوُغُول: الدُّخُول.
(وَغَمَ)
(س) فِيهِ «كُلُوا الْوَغْمَ واطْرَحوا الَفْغم» الْوَغْمُ: مَا تَساقَط مِنَ
الطَّعام.
وَقِيلَ: مَا أخْرجَه الخِلالُ. والْفَغْمُ: مَا أخْرَجْتَه بِطَرَفِ لسَانِك مِنْ
أسْنَانِك. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَرْفِ الْفَاءِ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «وَإِنَّ بَنِي تَمِيمٍ لَمْ يُسْبَقُوا بِوَغْمٍ فِي
جاهِليَّة وَلَا إسْلام» الْوَغْمُ: التِّرَةُ، وجَمْعُها: أَوْغَامٌ. ووَغِمَ
عَلَيْهِ بالكَسْر: أَيْ حَقِدَ. وتَوَغَّمَ، إذا اغْتَاظ.
باب الواو مع الفاء
(وَفَدَ)
- قَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ «الْوَفْدِ» فِي الْحَدِيثِ وهُم القَوْم يَجْتَمعُون
ويَرِدُونَ الْبِلَادَ، واحدُهم: وَافِدٌ. وَكَذَلِكَ الَّذِينَ يقصِدُون الأمَراء
لزيارةٍ واسْتِرْفادٍ وانتِجاع وغَيرِ ذَلِكَ. تَقُول:
وَفَدَ يَفِدُ فَهُو وَافِدٌ. وأَوْفَدْتُهُ فَوَفَدَ، وأَوْفَدَ عَلَى الشَّيء
فهُو مُوفِدٌ، إذا أشرف.
(27- النهاية)
(5/209)
(س)
فمِن أَحَادِيثِ الوَفْد قَوْلُهُ: «وَفْدُ اللَّهِ ثَلَاثَةٌ» .
(س) وَحَدِيثُ الشَّهيد «فَإِذَا قُتِل فَهُوَ وافِدٌ لِسَبْعين يَشْهَدُ لَهُمْ»
.
وَقَوْلُهُ «أجِيزُوا الوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيِزُهُم» .
(س) وَفِي شِعْرِ حُمَيد:
تَرَى العُلَيْفيَّ عَلَيْهَا مُوفِدَا «1»
أَيْ مُشْرِفاً.
(وَفَرَ)
- فِي حَدِيثِ أَبِي رِمْثَة «انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي نَحْوَ رَسُولِ اللَّه
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ ذُو وَفْرَةٍ، فِيهَا رَدْعٌ مِنْ
حِنَّاء» الْوَفْرَةُ: شَعر الرَّأْسِ إِذَا وَصَل إِلَى شَحْمَة الأذُن.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «وَلَا ادَّخْرتُ مِنْ غَنَائِمها وَفْراً» الْوَفْرُ:
الْمَالُ الْكَثِيرُ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِهِ أَيْضًا «الْحَمْدُ للَّه الَّذِي لَا يَفِرُهُ المَنُع» أَيْ لَا
يُكْثره، مِنَ الْوَافِرِ: الْكَثِيرِ «2» .
يُقَالُ: وَفَرَهُ يَفِرُهُ، كَوَعَدَه يَعِدُه.
(وَفَزَ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «كُونوا مِنْهَا عَلَى أَوْفَازٍ» الْوَفْزُ والْوَفَزُ:
العَجَلة. والجمْع:
أَوْفَازٍ. يُقال: نَحن عَلَى أَوْفَازٍ: أَيْ عَلَى سَفَرٍ قَدْ أشْخَصْنا.
(وَفَضَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ أمَر بصَدَقةٍ أنْ تُوضَعَ فِي الْأَوْفَاضِ» هُم «3» الفِرَق
والأخْلاط مِنَ النَّاسِ. مِن وَفَضَتِ الإبِل، إِذَا تَفَرَّقَت.
وَقِيلَ «4» : هُم الَّذِينَ مَعَ كُلّ واحِدٍ مِنْهُمْ وَفْضَةٌ، وَهِيَ مثْل
الكِنَانَة الصَّغيرة، يُلْقِي فِيهَا طعامَه.
وَقِيلَ: هُم الفُقَراء الضِّعاف، الَّذِينَ لَا دِفاعَ بِهِمْ، واحِدُهم: وَفْضٌ
«5» .
وقيل: أراد بهم أهْلَ الصُّفَّة.
__________
(1) في ديوانه ص 77: «مُؤْكَدا» وفي حواشيه إشارة إلى روايتنا. وانظر (وكد) فيما
يأتي.
(2) في ا: «المال الكثير» .
(3) هذا قول أبي عبيد، كما ذكر الهروي.
(4) القائل هو الفرّاء، كما ذكر الهروي.
(5) هكذا بالتسكين في الأصل. وفي ا «وَفَض» بفتحتين. وأهمل الضبط في اللسان.
(5/210)
وَمِنْهُ
الْحَدِيثُ «أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَالِي كُلُّه صَدَقَة، فأقْتَر أبوَاهُ
حَتَّى جَلَسا مَعَ الْأَوْفَاضِ» أَيِ افْتَقَرا حَتَّى جَلَسَا مَعَ
الْفُقَرَاءِ.
(هـ) وَفِي كِتَابِ وَائِلِ بْنِ حُجْر «وَمن زَنَى مِنْ بِكْر فاصقَعُوه
واسْتَوْفِضُوه عَامًا» أَيِ اضْربُوه واطِرُدُوه وانْفُوه، مِنْ وَفَضَتِ الإبلُ،
إِذَا تَفَرَّقَت.
(وَفَقَ)
- فِي حَدِيثِ طَلْحَةَ والصَّيد «أَنَّهُ وَفَّقَ مَن أكَله» أَيْ دَعَا لَهُ
بالتَّوفيق، واسْتَصْوَب فِعْلَه.
(وَفَهَ)
(هـ) فِي كِتَابِهِ لِأَهْلِ نَجْرَان «لَا يُحَرَّك راهِبٌ عَنْ رَهْبَانِيَّته،
وَلا وَافِهٌ عَنْ وَفْهِيَّتِهِ «1» » الْوَافِهُ «2» : القَيّم عَلَى البَيْت
الَّذِي فِيهِ صَليب النَّصارى، بلَغَة أَهْلِ الجَزِيرَة.
وُيُرْوَى «وَاهِفٌ» وسَيجيء. وبَعْضُهم يَرْوِيه بِالْقَافِ. والصوابُ الْفَاءُ.
(وَفَا)
(هـ) فِيهِ «إِنَّكُمْ وَفَّيْتُمْ سَبْعين أمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُها» أَيْ تَمَّت
العِدَّة بِكُمْ سَبْعين.
يُقَالُ: وَفَى الشَّيء، ووَفَّى، إِذَا تَمَّ وَكَمُل.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَمرَرْت بقَوْمٍ تُقْرَضُ شِفاهُهُم، كُلَّمَا قُرضَتْ
وَفَتْ» أَيْ تَمَّتْ وطالَتْ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَوْفَى اللَّهُ ذِمَّتك» أَيْ أتمَّها. ووَفَتْ ذِمَّتُك:
أَيْ تَمَّتْ. واسْتَوْفَيْتُ حَقِّي: أخَذْتُه تَامّاً.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ألَسْتَ تُنِتِجُها وَافِيَةً أعْيُنُها وآذانُها؟» .
(س) وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ «وَفَتْ أُذُنك وصَدّق اللَّه حَدِيثَك»
كَأَنَّهُ جَعل أُذُنَه فِي السَّماع كالضَّامِنَة بتصْديق مَا حَكَتْ، فَلَمَّا
نَزَلَ القُرآنُ فِي تَحْقيق ذَلِكَ الخَبَر صارَت الأُذُن كَأَنَّهَا وَافِيَةٌ
بِضَمانها، خارجَةٌ مِنَ التُّهْمَة فِيمَا أدَّتْه إِلَى اللِّسَانِ.
وَفِي رِوَايَةٍ «أَوْفَى اللَّهُ بأُذُنِه» أَيْ أظْهَر صِدْقَه فِي أخْبارِه
عَمَّا سَمِعَت أذُنُه. يُقَالُ: وَفَى بالشَّيء وأَوْفَى ووَفَّى بمعْنىً.
وَفِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ «أَوْفَى عَلَى سَلْعٍ» أَيْ أشْرَف واطَّلَعَ.
وقد تكرر في الحديث.
__________
(1) في الهروي: «وفَهِيَّته» بفتح الفاء.
(2) هذا شرح الليث، كما في الهروي.
(5/211)
باب
الواو مع القاف
(وَقَبَ)
(هـ) فِيهِ «لَمَّا رَأَى الشمسَ قَدْ وَقَبَتْ قَالَ: هَذَا حِينُ حِلِّها»
وَقَبَتْ: أَيْ غابَتْ. وحينُ حِلِّها: أَيِ الْوَقْتُ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ
أدَاؤها، يَعْنِي صلاةَ المَغْرِب. والْوُقُوبُ: الدُّخُول فِي كُلِّ شَيْءٍ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «تَعَوَّذي باللَّه مِنْ هَذَا الغاسِقِ إِذا وَقَبَ
» أَيِ اللَّيل إِذَا دَخَل وَأَقْبَلَ بِظَلَامِهِ.
وَفِي حَدِيثِ جَيْشِ الخَبَط «فاغْتَرَفْنا مِنْ وَقْبِ عَيْنه بالقِلال
الدُّهْنَ» الْوَقْبُ: هُوَ النُّقْرة الَّتِي تَكُونُ فِيهَا العَيْن.
وَفِي حَدِيثِ الْأَحْنَفِ «إيَّاكم وَحَميَّةَ الْأَوْقَاب» همُ الحَمقَى.
واحِدُهم: وَقْبٌ «1» .
(وَقَتَ)
- فِيهِ «أنهُ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفة» قَدْ تَكَرَّرَ
ذِكْرُ «التَّوْقِيتِ والمِيقات» فِي الْحَدِيثِ. والتَّوْقِيتُ والتَّأْقِيتُ:
أَنْ يُجْعَل لِلشَّيْءِ وَقْتٌ يَخْتَصُّ بِهِ، وَهُوَ بَيانُ مِقدَار المُدَّة.
يُقَالُ: وَقَّتَ الشيءَ يُوَقِّتُهُ. ووَقَتَهُ يَقِتُهُ، إِذَا بَيَّن حَدَّه.
ثُمَّ اتُّسع فِيهِ فأُطْلِق عَلَى الْمَكَانِ، فَقِيلَ لِلْمَوْضِعِ: مِيقَات،
وَهُوَ مِفْعال مِنْهُ. وأصلُه: مِوْقاتٌ، فقُلِبت الْوَاوُ يَاءً، لِكَسْرَةِ
الْمِيمِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَمْ يَقِتْ رسولُ اللَّه صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الخَمْر حَدّاً» أَيْ لَمْ يُقَدِّرْ وَلَمْ يَحُدَّه
بَعَددٍ مَخْصوص.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى كِتاباً مَوْقُوتاً
أَيْ مُوَقَّتاً مَقَدَّرا، وَقَدْ يَكُونُ وَقَّتَ بِمَعْنَى أوْجَب: أَيْ أوْجَب
عَلَيْهِمُ الإحْرامَ فِي الحَجِّ والصلاةَ عِنْدَ دُخول وقْتها. وَقَدْ تَكَرَّرَ
فِي الْحَدِيثِ.
(وَقَذَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عُمَرَ «إِنِّي لأعْلَم مَتَى تَهْلِك العَرَبُ، إِذَا سَاسَها
مَن لَمْ يُدْرِك الجاهِليةَ فيأخُذ بأخْلاقِها، وَلَمْ يُدْرِكْه «2» الإسلامُ
فَيَقِذُهُ الوَرَعُ» أَيْ يُسَكِّنه، ويَمْنَعه مِنِ انْتِهاك مَا لَا يَحلّ
وَلَا يَجْمُلُ. يُقَالُ: وَقَذَهُ الحِلْمُ، إِذَا سَكَّنَه. والْوَقْذُ فِي
الْأَصْلِ: الضرب المُثْخِنُ والكسر.
__________
(1) سبق بالغين المعجمة.
(2) في الهروي: «ومن لم يدرك الإسلامَ» .
(5/212)
[هـ]
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «فَوَقَذَ «1» النِّفاقَ» وَفِي رِوَايَةٍ «الشيطانَ»
أَيْ كَسره ودَمَغَه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِهَا أَيْضًا «2» «وَكَانَ وَقِيذَ الجَوانح» أَيْ مَحْزُونَ
القَلْب، كأنَّ الحُزْنَ قَدْ كَسَره وَضعَّفَه، والجوانحُ تُجِنُّ القَلْبَ
وتَحْويه، فاضافَت الْوُقُوذَ إِلَيْهَا.
(وَقَرَ)
(س) فِيهِ «لَمْ يَفْضُلْكُم أَبُو بَكْرٍ بكَثْرة صَومٍ وَلَا صَلَاةٍ،
وَلَكِنَّهُ بِشَيْءٍ وَقَرَ فِي الْقَلْبِ» وَفِي رِوَايَةٍ «لِسرّ وقَرَ فِي
صَدْره» أَيْ سَكَن فِيهِ وثَبَت، مِنَ الوَقارِ: الْحِلْمُ والرَّزانة.
وَقَدْ وَقَرَ يَقِرُ وَقَاراً.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «يُوضَع عَلَى رأسِه تاجُ الْوَقَارِ» .
(س) وَفِيهِ «التَّعلُّم فِي الصِّغَر كَالْوَقْرَةِ فِي الْحَجَرِ» الْوَقْرَةُ:
النُّقْرة فِي الصَّخْرة. أَرَادَ أَنَّهُ يَثْبُتُ فِي القَلْب ثَباتَ هَذِهِ
النُّقْرة فِي الحجرِ.
وَفِي حَدِيثِ عُمر وَالْمَجُوسِ «فألْقَوْا وِقْرَ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَين مِنَ
الوَرِق» الْوِقْرُ بِكَسْرِ الْوَاوِ:
الحِمْل. وَأَكْثَرُ مَا يُستَعْمل فِي حِمْل البَغْل والحِمار. يُرِيدُ حِمل
بَغْلٍ أَوْ بَغْلين أخِلّةً مِنَ الفِضَّة، كَانُوا يأكُلون بِهَا الطَّعام،
فأعطَوْها ليُمَكَّنوا مِنْ عَادَتِهِمْ فِي الزَّمْزَمة.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَعلَّه أَوْقَرَ راحِلَتَه ذَهَبا» أَيْ حَمَّلَها
وِقْرا.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «تَسْمَع بِهِ بَعْدَ الْوَقْرَةِ» هِيَ المَرّة، مِنَ
الوَقْر، بِفَتْحِ الْوَاوِ: ثِقَلِ السَّمع.
وَقَدْ وَقِرَتْ أذُنه تَوْقَرُ وَقْراً، بِالسُّكُونِ.
(س [هـ] ) وَفِي حَدِيثِ طَهْفة «ووَقِيرٌ كثيرُ الرَّسَل «3» » الْوَقِيرُ:
الغَنَم. وَقِيلَ: أصحابُهَا.
وَقِيلَ: القَطيع مِنَ الضَّأن خاصَّة. وَقِيلَ: الغَنم والكِلاب والرِّعاء
جَميعا: أَيْ أَنَّهَا كَثِيرَةُ الإرْسال فِي المَرْعَى.
(وَقَشَ)
(هـ) فِيهِ «دخَلْت الجَنَّةَ فسمِعْت وَقْشاً خَلْفي فَإِذَا بلالٌ» الْوَقْشَةُ
والْوَقْشُ:
الْحَرَكَةُ. ذَكَرَهُ الْأَزْهَرِيُّ فِي حَرْفِ السِّينِ وَالشِّينِ،
فَيَكُونَانِ لُغَتَيْنِ.
__________
(1) في الهروي: «ووقذ» .
(2) تصف أباها رضي اللَّه عنهما. كما ذكر الهروي، والزمخشري. الفائق 1/ 531.
(3) ضبط في الأصل، والهروي: «الرِّسْل» بكسر فسكون. وصححته بفتحتين من ا، واللسان،
ومما سبق في مادة (رسل) .
(5/213)
(وَقَصَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ رَكِبَ فَرَساً فَجَعَلَ يَتَوَقَّصُ بِهِ» أَيْ يَنْزُو
ويَثِبُ، ويُقارِبُ الخَطْو.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ حَرام «ركِبَتْ دابَّةً فَوَقَصَتْ بِهَا فسقَطَتْ عَنْهَا
فَمَاتَتْ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ المُحرم «فوقَصَت بِهِ ناقَتُه فَمَاتَ» الْوَقْصُ: كَسَرَ
العُنُق. وَقَصْتُ عُنُقَه أَقِصُهَا وَقْصاً. ووَقَصَتْ بِهِ راحِلَتُه،
كَقَوْلِكَ: خُذِ الخِطَامَ، وخُذ بالخِطام. وَلَا يُقال: وَقَصَتِ العُنُقُ
نَفْسُها، ولكِنْ يُقال: وُقِصَ الرجُلُ فَهُوَ مَوْقُوصٌ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «قَضَى فِي القارِصة والقامِصَة والْوَاقِصَةِ
بالدِّيَة أَثْلَاثًا» الْوَاقِصَةُ:
بِمَعْنَى المُوقُوصَة. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ فِي الْقَافِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ مُعاذ «أَنَّهُ أُتِيَ بِوَقَصٍ فِي الصَّدَقَة فَقَالَ: لَمْ
يأمُرْني فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ»
الْوَقَصُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَا بَيْن الفَرِيضَتَيْن، كالزِّيادة عَلَى الخَمْس
مِنَ الْإِبِلِ إِلَى التِّسْع، وَعَلَى العَشْر إِلَى أرْبَعَ عَشرة. والجَمع:
أَوْقَاصٌ.
وَقِيلَ: هُوَ مَا وَجَبَتِ الغَنمُ فِيهِ مِنْ فَرائِضِ «1» الْإِبِلِ، مَا بَيْن
الخمْس إِلَى العِشْرين. وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَل الْأَوْقَاصَ فِي البَقَر
خاصَّة، والأشْناقَ فِي الْإِبِلِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ «وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ، فخالَفْتُ بَيْنَ
طَرَفَيْها، ثُمَّ تَوَاقَصْتُ عَلَيْهَا كَيْلا تَسْقُطَ» أَيِ انْحَنَيْت
وتَقاصَرْت لأُمْسِكَها بعُنُقي. والْأَوْقَصُ: الَّذِي قَصُرتُ عُنُقُه خِلْقَةً.
(وَقَطَ)
(هـ) فِيهِ «كَانَ إِذَا نَزل عَلَيْهِ الوَحْيُ وُقِطَ فِي رأسِه» أَيْ أَنَّهُ
أدْرَكَه الثِّقَلُ فَوَضَع رأسَهُ. يُقال: ضَربه فَوَقَطَهُ: أَيْ أثْقَلَه.
ويُرْوَى بالظَّاء بِمعْناه، كأَنّ الظَّاءَ فِيهِ قَدْ عاقَبَت الذَّالَ، مِن
وَقَذْتُ الرجُلَ أَقِذُهُ، إِذَا أثخَنْتَه بالضَّرب.
(وَقَظَ)
- فِي حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ وأُمية بْنِ أَبِي الصَّلْت «قالَت لَهُ هِنْد عَن
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَزْعُم أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ،
قَالَ: فَوَقَظَتْنِي» قَالَ أَبُو مُوسَى: هكذا جاء في الرواية،
__________
(1) في الهروي: «من فرائض الصدقة في الإبل» .
(5/214)
وأظُنّ
الصَّواب «فَوَقَذَتْني» بالذَّال: أَيْ كَسَرَتْني وهَدَّتْني.
(وَقَعَ)
(هـ) فِيهِ «اتَّقُوا النارَ وَلَوْ بِشِقّ تَمْرَة «فإنَّها تَقَعُ مِنَ
الْجَائِعِ مَوْقِعَها مِنَ الشَّبْعان» قِيلَ: أَرَادَ أَنَّ شِقَّ التَّمرة لَا
يَتَبَيَّن لَهُ كَبيرُ مَوْقِعٍ مِن الْجَائِعِ إِذَا تناوله، كما لا يتبيّن على
شبع الشّعبان إِذَا أكَله، فَلَا تَعْجِزوا أَنْ تَتَصَدَّقوا بِهِ.
وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَسْأَلُ هَذَا شِقّ تَمْرة، وَذَا شِقّ تَمْرة، وَثَالِثًا
وَرَابِعًا، فَيَجْتَمِع لَهُ مَا يَسُدُّ بِهِ جَوْعَتَه.
وَفِيهِ «قَدِمَتْ عَلَيْهِ حَليمَة فَشَكَتْ إِلَيْهِ جَدْبَ الْبِلَادِ، فكَلَّم
لَهَا خَديَجةَ فأعْطَتْها أرْبَعين شَاةً وبَعِيراً مُوَقَّعاً للظَّعِينة»
الْمُوَقَّعُ: الَّذِي بِظَهره آثارُ الدَّبَرِ، لكَثْرَة مَا حُمِل عَلَيْهِ
ورُكب، فَهُوَ ذَلُولٌ مُجَرَّب. والظَّعِينة: الهَوْدَج هاهنا.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثِ عُمَرَ «مَن يَدُلُّني عَلَى نَسيج وحْدِه؟ قَالُوا: مَا
نَعْلَمُه غَيرك، فَقَالَ:
مَا هِيَ إِلَّا إبِلٌ مُوَقَّعٌ ظُهُورُها» أَيْ أنَا مِثْل الإبِلِ المُوَقَّعَةِ
فِي العَيْبِ [بِدَبَرِ ظُهُورِها «1» ] .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أُبَيّ «قَالَ لِرَجُل: [لَوَ] «2» اشْتَرَيت دابَّةً تَقيك
الْوَقَعَ» هُوَ بِالتَّحْرِيكِ:
أَنْ تُصِيب الحِجارَةُ القَدَمَ فتُوهِنَها. يُقَالُ: وَقِعْتُ أَوْقَعُ وَقْعاً.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ابنُ أَخِي وَقِعٌ» أَيْ مَرِيضٌ مُشْتَكٍ. وأصْلُ
الْوَقَعِ: الحِجَارة المحدَّدَة.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «فَوَقَعَ بِي أَبِي» أَيْ لامَنِي وَعَنَّفَني.
يُقال: وَقَعْتُ بفُلان، إِذَا لُمْته ووَقَعْتُ فِيهِ، إِذَا عِبْتَهُ
وَذَممْتَه.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ طارِق «ذَهَب رَجُلٌ ليَقَعَ فِي خَالِدٍ» أَيْ يَذُمَّه
ويَعِيبَه ويَغْتَابَه.
وَهِيَ الْوَقِيعَةُ. والرَّجُل وَقَّاعٌ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِيهِ «كُنْتُ آكُلُ الوَجْبَةَ وأنْجُو الوَقْعَةَ» الْوَقْعَةُ: المَرَّة مِنَ
الوُقُوع: السُّقُوطِ.
وأنْجُو: مِنَ النَّجْو: الحَدَث. أَيْ آكُلُ مَرَّةً وأُحْدِثُ مَرَّةً فِي كُلِّ
يَوْم.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلمة «قَالَتْ لِعَائِشَةَ: اجْعَلي حِصْنَك بَيْتَك،
ووِقَاعَةَ السِّتْر
__________
(1) تكملة من ا، واللسان. وفي الهروي: «المُوَقَّع: الذي تكثر آثار الدَّبَر
بظَهْره. أراد: أنا مثل تلك الإبل في العيب» .
(2) تكملة من ا، واللسان، والهروى.
(5/215)
قَبْرَك»
الْوِقَاعَةُ، بِالْكَسْرِ: مَوْضِع وُقُوع طَرَفِ السِتر عَلَى الْأَرْضِ إِذَا
أُرْسِل، وَهِيَ مَوْقِعُه ومَوْقِعَتُه.
ويُرْوَى بِفَتْحِ الْوَاوِ: أَيْ سَاحةَ السِّتر.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «نَزَلَ مَعَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
الْمِيَقَعَةُ والسِّنْدَانُ والكَلْبَتَان» هِيَ المِطْرَقَةُ. وَقَدْ
تَقَدَّمَتْ فِي الْمِيمِ.
(وَقَفَ)
(هـ) فِيهِ «الْمُؤْمِنُ وَقَّافٌ مُتَأنٍّ» الْوَقَّافُ: الَّذِي لَا يَسْتَعجِلُ
فِي الْأُمُورِ.
وَهُوَ فَعَّال، مِنَ الوُقُوف.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الزُّبَيْرِ «أقْبَلْتُ مَعَهُ فوَقَفَ حَتَّى اتَّقَفَ
الناسُ» أَيْ حَتَّى وقَفُوا.
يُقَالُ: وَقَفْتُهُ فَوَقَفَ واتَّقَفَ. وَأَصْلُهُ: أوتَقَفَ عَلَى وَزْنِ
افْتَعل، مِنَ الْوُقُوفِ، فقُلبت الْوَاوُ يَاءً، لِلْكَسْرَةِ «1» قَبْلَهَا،
ثُمَّ قُلبت الْيَاءُ تَاءً وأُدْغِمَت [فِي] «2» التَّاءِ بَعْدَهَا، مِثْلُ
وَصَفْتُه فاتَّصَف، ووَعَدْته فاتَّعَد.
[هـ] وَفِي كِتَابِهِ لِأَهْلِ نَجْرانَ «وَأَلَّا يُغَيَّرَ وَاقِفٌ مِن وِقِّيفَاهُ»
الْوَاقِفُ: خادِم البِيعة؛ لِأَنَّهُ وَقَفَ نفسَه عَلَى خِدْمَتِها.
والْوِقِّيفَى، بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ والقَصْر: الخِدْمَةُ، وَهِيَ مَصْدَرٌ
كَالْخِصِّيصَى وَالْخِلِّيفَى.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكر «الوَقفْ» فِي الْحَدِيثِ. يُقَالُ: وَقَفْتُ الشَّيءَ
أَقِفُهُ وَقْفاً، وَلَا يُقَالُ فِيهِ:
أَوْقَفْتُ، إِلَّا عَلَى لُغَة رَدِيئة.
(وَقَلَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْع «لَيْسَ بِلَبِدٍ فَيُتَوَقَّلَ» التَّوَقُّلُ:
الإسْراعُ فِي الصُّعود.
يُقَالُ: وَقَلَ فِي الجَبَل وتَوَقَّلَ، إِذَا صَعِدَ فِيهِ مُسْرِعا.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ ظَبْيان «فَتَوَقَّلَتْ بِنَا القِلاصُ» .
وَحَدِيثُ عُمَرَ «لمَّا كَانَ يَوْمُ أحُدٍ كُنْتُ أَتَوَقَّلُ كَمَا تَتَوَقَّل
الأُرْويَّة» أَيْ أصْعَد فِيهِ كَمَا تَصْعَد أُنْثَى الوُعُول.
(وَقَمَ)
- فِيهِ ذِكْر «حَرَّة وَاقِمْ» هِيَ بِكَسْرِ الْقَافِ: أُطُمٌ مِنْ آطَامِ
الْمَدِينَةِ. وَإِلَيْهِ تُنْسَب الحَرَّة.
__________
(1) عبارة اللسان: «لسكونها وكسر ما قبلها» .
(2) تكملة وضعتها ليلتئم ليلتئم السياق. والذي في اللسان: «وأُدْغِمت في تاء
الافتعال» .
(5/216)
(وَقِهَ)
(س) فِي كِتَابِ نَجْرانَ «وَأَلَّا يُمْنَعَ وَاقِهٌ عَنْ وَقْهِيَّتِهِ» هَكَذَا
يُرْوَى بِالْقَافِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالْفَاءِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(وَقَا)
(هـ) فِيهِ «فَوَقَى أحَدُكُم وجْهَه «1» النارَ» وَقَيْتُ الشَّيءَ أَقِيهِ،
إِذَا صُنْتَه وسَتَرْتَه عَنِ الْأَذَى. وَهَذَا اللَّفْظُ خَبَرٌ أريدَ بِهِ
الْأَمْرُ: أَيْ لِيَقِ أحَدُكم وجَّهَه النارَ، بِالطَّاعَةِ والصَّدَقة.
وَفِي حَدِيثِ مُعَاذٍ «وتَوَقَّ كَرائمَ أموالِهِم» أَيْ تَجَنَّبْها، لَا
تأخُذْها فِي الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهَا تَكْرُم عَلَى أَصْحَابِهَا وتَعِزُّ، فَخُذ
الوَسَط، لَا العالِيَ وَلَا النازلَ. وتَوَقَّى «2» واتَّقَى بمعْنَىً. وأصْلُ
اتَّقَى: أوْتَقَى، فقُلبت الْوَاوُ يَاءً لِلْكَسْرَةِ قبْلَها، ثُمَّ أبْدلَتْ
تَاءً وأُدغمت.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تَبَقَّهْ وتَوَقَّهْ» أَيِ اسْتَبْقِ نَفْسَك وَلَا تُعَرِّضْها
للتَّلَف، وتَحَرَّزْ مِنَ الآفاتِ واتَّقِها.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ «الِاتِّقَاءِ» فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «كُنَّا إِذَا احْمرَّ البأسُ اتَّقيْنا بِرَسُولِ
اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أَيْ جَعْلناه وِقَايَةً لنَا مِنَ
العَدُوّ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَن عَصَى اللَّه لَمْ تَقِهْ مِنَ اللَّهِ وَاقِيَةٌ»
.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ لَمْ يُصْدِقِ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَكْثَرَ مِنْ
ثِنْتَيْ عَشْرَة أوقيَّةً وَنَشّ» الْأُوقِيَّةُ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ
وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ: اسْم لِأَرْبَعِينَ دِرْهَما. وَوَزْنُهُ: أُفْعُولة،
وَالْأَلْفُ زَائِدَةٌ.
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «وُقِيَّة «3» » بغَيْر أَلِفٍ، وَهِيَ لغةٌ
عامِّيَّة. وَالْجَمْعُ: الْأَوَاقِىُّ، مُشَدَّدا. وَقَدْ يَخَفَّف. وَقَدْ
تَكَرَّرَتْ فِي الْحَدِيثِ، مُفْرَدَة ومَجْموعة.
__________
(1) في الهروي: «من النار» .
(2) في الأصل، وا: «وتوقَّ» .
(3) في الأصل: «وَقِيّة» بفتح الواو. وصححته بالضم من ا، والقاموس.
(5/217)
باب
الواو مع الكاف
(وَكَأَ)
(س) فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ «قَالَ جَابِرٌ: رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَاكِئُ «1» » أَيْ يَتَحامَلُ عَلَى يَدَيْه إِذَا
رَفَعَهُما ومَدَّهُما فِي الدُّعَاءِ. وَمِنْهُ التَّوَكُّؤُ عَلَى العَصَا،
وَهُوَ التَّحامُل عَلَيْهَا.
هَكَذَا قَالَ الخطَّابي فِي «معالِم السُّنَن» . وَالَّذِي جَاءَ فِي السُّنَن
عَلَى اخْتِلَافِ نُسَخِها وَرِوَايَاتِهَا بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ.
وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَهُ الخَطَّابي.
وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْر «الِاتِّكَاءِ والْمُتَّكِئِ» . وَقَدْ
تقدَّم فِي حَرْفِ التَّاء، حَمْلاً عَلَى لَفْظِه.
(وَكَبَ)
(س) فِيهِ «أنَّه كَانَ يَسير فِي الإفاضَة سَيْرَ الْمَوْكِبِ» الْمَوْكِبُ:
جَماعَةٌ رُكَّابٌ يَسيْرون بِرِفْق، وهُم أَيْضًا القَوْم الرُّكوبُ للزِّينَة
والتَّنَزُّه. أَرَادَ أنَّه لَم يكُن يُسْرِع السَّيْرَ فِيهَا.
وَقِيلَ: الْمَوْكِبُ: ضَرْب مِنَ السَّيْر.
(وَكَتَ)
(هـ) فِيهِ «لَا يَحْلِفْ أحَدٌ وَلَوْ عَلى مَثَلِ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ إِلَّا
كَانَتْ وَكْتَةً فِي «2» قَلْبِه» الْوَكْتَةُ: الأثَر «3» فِي الشَّيْءِ
كالنُّقْطَة مِنْ غَيْرِ لَونِه. والجَمْع: وَكْتٌ. ومِنه قِيلَ لِلْبُسْرِ إِذَا
وَقَعَتْ فِيهِ نُقْطَةٌ مِنَ الْإِرْطَابِ: قَدْ وَكَّتَ.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ حُذَيفة «فَيَظَلُّ أثَرُها كأثَرِ الْوَكْتِ» .
(وَكَدَ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «الْحَمْدُ للَّه الذَّي لَا يَفِرُهُ المنْعُ، ولاَ
يَكِدُهُ الإعْطاءُ» أَيْ لَا يَزِيدُه المَنْعُ وَلَا يَنْقُصُه الإعْطاءُ. وقد
وَكَدَهُ يَكِدُهُ.
__________
(1) في الأصل: «يَتَواكَأُ» وفي النسخة 517: «يتواكى» وما أثبت من: ا، واللسان.
ومعالم السُّنَن 1/ 254، وفيه: «يواكي» بغير همز.
(2) في الأصل: «على» . وما أثبتُّ من: ا، واللسان، والهروي.
(3) في الهروي: «الأثر اليسير» .
(5/218)
(س)
وَفِي شِعر حُميَد بْنِ ثَوْر:
تَرَى العُلَيْفِيَّ علَيْها مُؤْكَدَا
أَيْ مُوثَقا شَديدَ الأسْرِ. يُقال: أَوْكَدْتُ الشَّيء، ووَكَّدْتُهُ،
وأَكَّدْتُهُ، إِيكَاداً وتَوْكِيداً وتَأْكِيداً، إِذَا شَدَدْتَه.
ويُروَى «مُوفِدا» . وَقَدْ تقدَّم.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ، وَذَكَرَ طالِبَ العِلْم «قدْ أَوْكَدَتَاهُ
يَدَاهُ، وأعْمَدَتَاه رِجْلاه» أَوْكَدَتَاهُ: أَيْ أعْمَلَتاه «1» . يُقال:
وَكَدَ فُلانٌ أمْراً يَكِدُهُ وَكْداً، إِذَا قَصَدَه وَطَلَبه. تَقُول:
مَا زَال ذَلِكَ وُكْدِي «2» : أَيْ دَأْبي وَقَصْدِي.
(وَكَرَ)
(س) فِيهِ «أنَّه نَهَى عَنِ الْمُوَاكَرَةِ» هِيَ المُخابَرَة. وَأَصْلُهُ
الهمْز، مِنَ الْأُكْرَةِ، وَهِيَ الحُفْرَة، والْوَكِيرَةُ: الطَّعام عَلَى
البِنَاء. والتَّوْكِيرُ: الإطْعَام.
(وَكَزَ)
[هـ] فِي حَدِيثِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ «فَوَكَزَ الفِرْعَوْنِيَّ
فَقَتَلَه» أَيْ نَخَسَه.
والْوَكْزُ: الضَّرْبُ بِجُمْع الكفِّ «3» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ المِعْراج «إذْ جَاءَ جِبْرِيلُ فَوَكَزَ بَيْنَ كَتِفَيَّ» .
(وَكَسَ)
(س) فِي حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ» الْوَكْسُ: النَّقْصُ.
والشَّطَطُ: الجَوْرُ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «مَن باعَ بَيْعَتَيْن فِي بَيْعةٍ فلَه
أَوْكَسُهُمَا أَوِ الرِّبا» قَالَ الخطَّابي:
لَا أعْلم أحَداً قَالَ بِظاهِر هَذَا الحديثِ وَصَحَّحَ البَيْعَ بِأَوْكَسِ
الثَّمنَين، إِلَّا مَا يُحْكى عَنِ الأوزاعِيّ، وَذَلِكَ لمَا يَتَضمَّنُه مِنَ
الغَرَرِ والجَهالة. قَالَ: فإنْ كَانَ الحديثُ صَحيحاً فَيُشْبه أنْ يكون ذلك
__________
(1) في الهروي: «أعلمتاه» بتقديم اللام. وفي اللسان: «حَمَلتاه» .
(2) ضبط في الأصل: «وَكْدِي» بفتح الواو. وأثبتُّه بالضم من الهروى. قال فى
اللسان: «ويقال: مازال ذلك وُكْدِي، بضم الواو، أي فِعلي ودَأْبي وقَصْدِي. فكأن
الوُكْد اسم، والوَكْد المصدر» .
(3) زاد الهروي: «ويقال: ضربه بالعصا» .
(5/219)
حُكُومَةً
فِي شَيْءٍ بِعَيْنه، كَأَنَّهُ أسْلَفَه دِينَارا فِي قَفِيز بُرّ إِلَى أجَل، فلمَّا
حَلَّ طالَبَه، فَجَعله قَفِيْزَين إِلَى أمَدٍ آخَر، فَهَذَا بَيْعٌ ثَانٍ دَخَلَ
عَلَى البَيْع الأوْل، فيُرَدَّانِ إِلَى أوْكَسِهِما، أَيْ أنْقَصِهِما، وَهُوَ
الأوَّل. فإنْ تَبايَعا البَيْعَ الثَّانِيَ قَبْلَ أَنْ يَتَقابضا كَانَا
مُرْبِيَيْنِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ «أنَه كَتَب إِلَى الحُسَين بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ
اللَّه عَنْهُمَا: إِنِّي لَمْ أخِسْكَ وَلَمْ أكِسْكَ» أَيْ لَم أَنْقُصْك
حَقَّك، وَلَمْ أنْقُضْ عَهْدَك.
(وَكَظَ)
(س) فِي حَدِيثِ مُجاهد «فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ
قائِماً: أَيْ مُوَاكِظاً» يُقال: وَكَظَ عَلَى أمْرِه ووَاكَظَ، إِذَا واظَب
عَلَيْهِ.
(وَكَعَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ المَبْعَث «قَلْبٌ وَكِيعٌ واعٍ» أَيْ مَتِينٌ مُحْكَم.
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ «سِقَاءٌ وَكِيع» إِذَا كَانَ مُحْكَمَ الخَرْزِ.
(وَكَفَ)
(هـ) فِيهِ «مَن مَنَحَ مِنْحَةً وَكُوفاً» . أَيْ غَزِيرةَ «1» اللّبَن.
وَقِيلَ: الَّتِي لَا ينْقَطع لَبنُها سَنَتَهَا جَمِيعَها، وهُو مِن وَكَفَ
البَيْتُ والدَّمْعُ، إِذَا تَقَاطَر.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ تَوَضَّأ واسْتَوْكَفَ ثَلَاثًا» أَيِ
اسْتَقْطَر المَاءَ وصَبَّهُ عَلَى يَدَيْه ثلاثَ مَرَّاتٍ، وبَالَغ حتَّى وَكَفَ
منهُما الماءُ.
(هـ) وَفِيهِ «خِيارُ الشُّهَداء عِنْدَ اللَّه أصحابُ الوَكَف، قِيلَ: ومَن
أصحابُ الْوَكَفِ؟ قَالَ:
قَوْمٌ تُكْفَأُ مَراكِبُهُم عَلَيْهِمْ فِي البَحْر» الْوَكَفُ فِي البَيْت: مثْل
الجَناح يَكُونُ عَلَيْهِ الكَنيف.
وَالْمَعْنَى أَنَّ مراكِبَهُم انْقَلَبَتْ بِهِمْ فَصَارَتْ فَوْقَهُم مثْل
أَوْكَافِ البيُوت. وأصلُ»
الْوَكَفِ فِي اللُّغَةِ:
المَيْلُ والجَوْر.
(هـ) وَفِيهِ «لَيَخْرُجَنَّ ناسٌ مِنْ قُبورِهم عَلَى صُورةِ القِرَدَة، بِمَا
داهَنوا أهلَ المَعاصِي، ثُمَّ وَكَفُوا عَنْ عِلْمِهم وَهُمْ يَسْتَطيعون» أَيْ
«3» قَصَّرُوا ونَقَصوا. يُقَالُ: مَا عليك من ذلك وَكَفٌ:
أي نَقْصٌ.
__________
(1) هذا قول أبي عبيد، وما بعده قول ابن الأعرابي، كما ذكر الهروي.
(2) هذا قول شَمِر، كما ذكر الهروي.
(3) وهذا شرح الزَّجَّاج، كما ذكر الهروي أيضا.
(5/220)
(هـ)
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «البَخيل فِي غَير وَكَفٍ» وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ:
«الْوَكَفُ: الوُقُوع فِي المَأثَم والعَيْب. وَقَدْ وَكِفَ يَوْكَفُ وَكَفاً،
وَهُوَ مِنْ وَكَفَ المَطَرُ، إِذَا وَقَع» وتَوَكَّفَ «1» الخبَرَ إِذَا انْتَظَر
وَكْفَه: أَيْ وقُوعَه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَير «أهلُ القُبور يَتَوَكَّفُونَ الأخْبارَ» أَيْ
يَتَوقَّعُونها، فَإِذَا ماتَ الميّتُ سَأَلُوهُ: مَا فَعل فلانٌ، وَمَا فَعَلَ
فُلَانٌ؟
(وَكَلَ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى «الْوَكِيلُ» هُوَ القَيِّم الكَفيل بِأَرْزَاقِ
العِباد، وحقيقتُه أَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِأَمْرِ الْمَوْكُولِ إِلَيْهِ.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ «التَّوَكُّلِ» فِي الْحَدِيثِ. يُقَالُ: تَوَكَّلَ
بالأمرِ، إِذَا ضَمِنَ القِيام بِهِ.
ووَكَلْتُ أَمْرِي إِلَى فُلَانٍ: أَيْ ألْجأته إِلَيْهِ واعتَمَدْتُ فِيهِ
عَلَيْهِ. ووَكَّلَ فلانٌ فُلَانًا، إِذَا اسْتكْفاه أمرَه ثِقَةً بكفايَتِه، أَوْ
عَجْزاً عَنِ القِيام بِأَمْرِ نفسِه.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ «لَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسي طَرْفَةَ عَيْنٍ فأهْلِكَ»
.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ووَكَلَهَا إِلَى اللَّه» أَيْ صَرَف أمرَها إِلَيْهِ.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «مَن تَوَكَّلَ بِمَا بَيْنَ لَحْيَيْه ورِجْلَيْهِ
تَوَكَّلْتُ لَهُ بِالْجَنَّةِ» وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى تَكَفَّل.
(هـ) وَحَدِيثُ الفَضِل بْنِ الْعَبَّاسِ وابنِ «2» رَبِيعَةَ «أتَياه يَسألانِه
السِّعاية «3» فَتَوَاكَلَا الكلامَ» أَيِ اتَّكَلَ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا عَلَى
الآخَر فِيهِ. يُقَالُ: اسْتَعَنْتُ القَومَ فَتَوَاكَلُوا: أَيْ وَكَلَنِى بعضُهم
إِلَى بَعْضٍ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ يَعْمَر «فظنَنْتُ أَنَّهُ سَيَكِلُ الكلامَ إليَّ» .
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ لُقْمَانَ «وَإِذَا كَانَ الشأنُ اتَّكَلَ» أَيْ إذا وَقَعَ
الأمرُ لا يَنْهَضُ فيه،
__________
(1) الذي في الفائق 2/ 427: «ومنه توكّفُ الخبر، وهو توقّعه» .
(2) هو عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، كما في الفائق 3/ 179.
(3) في ا، واللسان: «السِّقاية» وما أثبتُّ من الأصل، والفائق. وانظر الحديث في
صحيح مسلم (باب ترك استعمال آل النبي على الصدقة، من كتاب الزكاة) .
(5/221)
ويَكِلُه
إِلَى غَيْرِهِ. وأصلُه: أوتَكَل، فقُلبتِ الْوَاوُ يَاءً، ثُمَّ تَاءً وأُدِغَمت.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهى عَنِ المُواكَلة» قِيلَ: هُوَ مِنَ الاتِّكال فِي
الأمُور، وَأَنْ يَتَّكِلَ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا عَلَى الأخَر. يُقَالُ: رجُلٌ
وُكَلَةٌ، إِذَا كثُر مِنْهُ الِاتِّكَالُ عَلَى غَيْره، فَنَهى عَنْهُ؛ لِمَا
فِيهِ مِنَ التَّنافُرِ والتَّقاطُع، وَأَنْ يَكِلَ صاحبَه إِلَى نفسِه وَلَا
يُعينَه فِيمَا يَنُوبُه.
وَقِيلَ: إِنَّمَا هُوَ مُفاعَلة مِنَ الْأَكْلِ، وَالْوَاوُ مُبدَلة مِنَ
الْهَمْزَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَرْفها.
وَفِيهِ «كَانَ إِذَا مَشَى عُرِف فِي مَشْيه أَنَّهُ غَيْرُ غَرِضٍ وَلَا وَكِلٍ»
الْوَكَلُ والْوَكِلُ:
البليدُ والجَبانُ. وَقِيلَ: العاجزُ الَّذِي يَكِلُ أمرَه إِلَى غَيْرِهِ.
وَمِنْهُ مَقتل الْحُسَيْنِ «قَالَ سِنانٌ «1» قاتِلُه لِلْحَجَّاجِ: ولَّيتُ «2»
رأسَه امْرَأً غَيرَ وَكَلٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «وَكَلْتُه «3» إِلَى غَيْرِ وَكَل»
يَعْنِي نَفْسَه.
(وَكَنَ)
(س) فِيهِ «أقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى وُكْنَاتِهَا» الْوُكْنَاتُ، بِضَمِّ
الْكَافِ وَفَتْحِهَا وَسُكُونِهَا: جَمْعُ وُكْنَة، بِالسُّكُونِ، وَهِيَ عُشُّ
الطَّائِرِ وَوَكْرُه.
وَقِيلَ: الْوَكْنُ: مَا كَانَ فِي عُشّ، والوَكْر: مَا كَانَ فِي غَير عُشّ.
وَقِيلَ: الْوُكْنَاتُ: مَواقع الطَّير حَيْثُما وقَعَتْ.
(وَكَا)
(س) فِي حَدِيثِ اللُّقَطة «اعرِفْ وِكَاءَهَا وعِفاصَها» الْوِكَاءُ: الخَيْط
الَّذِي تُشَدُّ بِهِ الصُّرَّة والكِيسُ، وَغَيْرُهُمَا.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «العَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ» جَعل اليَقَظَة للاسْتِ
كالوِكاء للقِرْبة، كَمَا أَنَّ الوِكاء يَمْنعُ مَا فِي القِرْبة أَنْ يَخْرُج،
كَذَلِكَ اليَقظَة تَمْنَع الاسْتَ أَنْ تُحْدِث إِلَّا باخْتيار. والسَّهُ:
حَلْقَةُ الدُّبُر. وكَنَى بالعَين عَنِ اليقَظَة، لِأَنَّ النَّائِمَ لَا عَيْنَ
لَه تُبْصِرُ.
(س) وَفِيهِ «أَوْكُوا الأسْقِيَة» أَيْ شُدُّوا رُؤوسَها بالوِكاء، لِئلا
يَدْخُلَها حيوانٌ، أو
__________
(1) في الهروي: «سنان بن أنس» .
(2) ضبطته بضم التاء من اوالهروى وقد أُهمل في الأصل ضبط التاء في «ولَّيت» وضُبطت
بالفتح في «وكلته» وجاء بحواشي اللسان: «قوله: وليت رأسه، ضبط في الأصل والنهاية
بفتح التاء، والظاهر أنه بضمها» .
(3) ضبطته بضم التاء من اوالهروى وقد أُهمل في الأصل ضبط التاء في «ولَّيت» وضُبطت
بالفتح في «وكلته» وجاء بحواشي اللسان: «قوله: وليت رأسه، ضبط في الأصل والنهاية
بفتح التاء، والظاهر أنه بضمها» .
(5/222)
يَسْقُطَ
فِيهَا شَيء. يُقَالُ: أَوْكَيْتُ السِّقاء أُوكِيهِ إِيكَاءً فَهُوَ مُوكًى.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «نَهى عَنِ الدُّبَّاء والمُزَفَّت، وَعَلَيْكُمْ
بِالْمُوكَى» أَيِ السِّقاء المَشْدُودِ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّ السِّقاءَ المُوكَى
قَلَّما يغفُل عَنْهُ صاحبُه لِئَلَّا يَشْتَدَّ فِيهِ الشَّراب فينَشَقّ، فَهُوَ
يَتَعَهَّدُهُ كَثِيرًا.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَسْمَاءَ «قَالَ لَهَا: أعْطِي وَلَا تُوكِي فَيُوكَى
عليكِ» أَيْ لَا تَدَّخِرِي وَتَشُدِّي مَا عِنْدَك وتَمْنَعي مَا فِي يَدَيْك
فتَنْقَطِعَ مادَّةُ الرِّزق عَنْك.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الزُّبَير «أَنَّهُ كَانَ يُوكِي بَيْنَ الصَّفا والمروةِ
سَعْياً» أَيْ لَا يَتَكلَّم، كَأَنَّهُ أوْكَى فاهُ فَلَمْ ينْطِق.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ «1» : الإِيكَاء فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يَكُونُ بِمَعْنَى
السَّعْي الشَّديد. واسْتَدلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ الزُّبَير. ثُمَّ قَالَ:
وَإِنَّمَا قِيلَ لِلَّذِي يَشْتَدُّ عَدْوُهُ: مُوكٍ؛ لِأَنَّهُ «2» قَدْ مَلأ
مَا بَيْنَ خَوَى رِجْلَيْهِ، وأَوْكَى عليه.
باب الواو مع اللام
(وَلَتَ)
(س) فِي حَدِيثِ الشُّورَى «وتُولِتُوا أعمالَكُم» أَيْ تَنْقُصُوها. يُقَالُ:
لاتَ يَلِيتُ، وأَلَتَ يَأْلِتُ. وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ أَوْلَتَ يُولِتُ،
أوْ مِنْ آلَتَ يُولِتُ، إِنْ كَانَ مَهْمُوزاً.
قَالَ القُتيبي: وَلَمْ أسمَع هَذِهِ اللغةَ إِلَّا مِن هَذَا الْحَدِيثِ.
(وَلَثَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عُمَرَ «أنه قال لِلْجَاثَلِيقِ: لَوْلا وَلْثُ عَقْدٍ لَكَ
لأمَرْتُ بضَرْب عُنُقِك» الْوَلْثُ: العَهْد غَير المُحْكَم والمؤكَّدِ. وَمِنْهُ
وَلْثُ السَّحاب، وَهُوَ النَّدَى اليَسيرُ، هَكَذَا فسَّره الْأَصْمَعِيُّ.
وَقَالَ غيرُه: الْوَلْثُ: العَهْد المُحْكَم.
وَقِيلَ: الْوَلْثُ: الشّيء اليسير من العهد.
__________
(1) الذي في الهروي: «قال الأزهري: وفيه وجهٌ آخر هو أصح، وذلك أن الإيكاء ... »
الخ
(2) فى الهروى: «كأنه ملأ ما بين ... » .
(5/223)
(هـ)
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ سِيرين «أَنَّهُ كَانَ يَكْرهُ شِراء سَبْيِ زَابُل «1»
قَالَ: إِنَّ عثمانَ وَلَثَ لَهُم وَلْثاً» أَيْ أعطاهُم شَيْئًا مِنَ العَهْدِ.
(وَلَجَ)
(س) فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْع «لَا يُولِجُ الكَفَّ لِيعْلَمَ البَثَّ» أَيْ لَا
يُدْخِلُ يَدَه فِي ثَوْبِها ليَعْلَم مِنْهَا مَا يَسُوءُها إِذَا اطَّلع
عَلَيْهِ، تَصِفُه بالكَرَم وحُسْنِ الصُّحْبة.
وَقِيلَ: إِنَّهَا تَذُمُّه بِأَنَّهُ لَا يَتَفَقَّدُ أحوالَ البَيْتِ وأهْله.
والْوُلُوجُ: الدُّخول. وَقَدْ وَلَجَ يَلِجُ، وأَوْلَجَ غَيْرَه.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «عُرِضَ عَلَيَّ كُلُّ شيءٍ تُولَجُونَهُ» بِفَتْحِ اللَّامِ:
أَيْ تُدْخَلُونه «2» وتَصِيرون إِلَيْهِ مِنْ جَنَّةٍ أَوْ نارٍ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «إيَّاكَ والمُناخ عَلَى ظَهْرِ الطَّريق،
فَإِنَّهُ مَنْزِلٌ لِلْوَالِجَةِ» يَعْنِي السِّباعَ والحيَّاتِ. سُمّيَتْ
وَالِجَةً لاسْتِتَارِها بِالنَّهَارِ فِي الْأَوْلَاجِ، وَهُوَ مَا وَلَجَتْ
فِيهِ مِنْ شِعْب أَوْ كَهْف، وَغَيْرِهِمَا.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «أنَّ أنَساً «3» كَانَ يَتَوَلَّجُ عَلَى
النِّسَاءِ وهُنَّ مُكَشّفات الرُّؤوس» أَيْ يَدْخُل عليِهن وَهُوَ صَغِيرٌ فَلَا
يَحْتَجِبْنَ مِنْهُ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «أقَرَّ بالبَيْعَة وادَّعَى الوَلِيجَةَ» وَلِيجَةُ
الرَّجُل: بِطانَتُه ودُخَلاؤُه وخاصَّتُه.
(وَلَدَ)
(س) فِيهِ «واقِيَة كَواقية الْوَلِيدِ» يَعْنِي الطِّفْل، فَعِيل بِمَعْنَى
مَفْعُولٍ. أَيْ كَلاءَةً وحِفْظا، كَمَا يُكْلأ الطِّفْل.
وَقِيلَ: أَرَادَ بالوَليد مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً أَيْ كَمَا وَقَيْتَ مُوسَى شَرَّ فرْعَون وَهُوَ
فِي حِجْرِه فَقِنِي شَرَّ قَوْمي وَأَنَا بَيْن أظْهُرِهِم.
__________
(1) زابُل: كورة واسعة قائمة برأسها جنوبي بلخ وطخارستان. ياقوت. وأثبتها بالضم،
كما نص عليه ياقوت. وقد ضبطت في الأصل، وا، واللسان بالفتح. وقد نص صاحب القاموس
على أنها كَهَاجَر.
(2) ضبط في الأصل: «تَدْخُلُونه» وأثبتُّ ضبط ا، واللسان.
(3) في الأصل «انسانا» والتصحيح من ا، واللسان.
(5/224)
(س)
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الْوَلِيدُ فِي الْجَنَّةِ» أَيِ الَّذِي مَاتَ وَهُوَ
طِفْلٌ أَوْ سِقْط.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا تَقْتُلُوا وَلِيداً» يَعْنِي فِي الغَزْوِ، والجمعُ:
وِلْدَانٌ، وَالْأُنْثَى وَلِيدَةٌ.
وَالْجَمْعُ: الْوَلَائِدُ. وَقَدْ تطْلَق الْوَلِيدَةُ عَلَى الْجَارِيَةِ
والأمَةِ، وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تَصَدَّقْت عَلَى أمِّي بِوَلِيدَةٍ» يَعْنِي جَارِيَةً.
(س) وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِعَاذَةِ «وَمِنْ شَرِّ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ» يَعْنِي
إبليسَ وَالشَّيَاطِينَ.
هَكَذَا فُسِّر.
وَفِيهِ «فأعْطَى شَاةً وَالِداً» أَيْ عُرِفَ مِنْهَا كَثْرَةَ النِّتَاج.
وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنِ ابْنِ السِّكِّيت: شاةٌ وَالِدٌ: أَيْ حاملٌ.
(س) وَفِي حَدِيثِ لَقيط «مَا وَلَّدْتَ يَا راعِي؟» يُقَالُ: وَلَّدْتُ الشَّاةَ
تَوْلِيداً، إِذَا حَضَرْتَ وِلادتَها فَعالَجْتَها حَتَّى يَبِينَ الوَلَدُ
مِنْهَا. والْمُوَلِّدَةُ: القابِلة. وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَقُولُونَ: «مَا
وَلَدَتْ» يَعنُون الشَّاةَ. وَالْمَحْفُوظُ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ، عَلَى الخِطاب
للرَّاعي.
وَمِنْهُ حَدِيثِ الْأَقْرَعِ وَالْأَبْرَصِ «فأنْتَجَ هَذان وولَّد هَذَا» .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ مُسافِع «حَدَّثَتْني امرأةٌ مِنْ بَنِي سُلَيمْ قَالَتْ:
أَنَا وَلَّدْتُ عامَّة أهلِ دَارِنَا» أَيْ كنتُ لَهُمْ قَابِلَةً.
وَفِي الْإِنْجِيلِ «قَالَ لِعِيسَى: أَنَا وَلَّدْتُكَ» أَيْ رَبَّيْتُك،
فَخَفَّفه النَّصَارَى وجَعلوه لَهُ ولَداً، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا
يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيرًا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ شُرَيح «أنَّ رَجُلًا اشْتَرى جَارِيَةً وشَرطُوا «1» أَنَّهَا
مُولَّدة، فوجَدَها تَلِيدةً» الْمُوَلَّدَةُ: الَّتِي وُلِدَتْ بَيْنَ الْعَرَبِ
ونَشأتْ مَعَ أولادِهم، وتَأدَّبَتْ بِآدَابِهِمْ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: «رجُلٌ مُوَلَّد: إِذَا كَانَ عَرَبيّاً غيرَ مَحْض» .
والتَّلِيدَةُ: الَّتِي «2» وُلدَتْ بِبِلَادِ الْعَجَمِ، وحُمِلَت فنشأتْ
بِبِلَادِ الْعَرَبِ.
(وَلِعَ)
(س) فِيهِ «أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشّرِّ وَلُوعاً» يُقَالُ: وَلِعْتُ بِالشَّيْءِ
أَوْلَعُ وَلَعاً.
__________
(1) في الهروي: «وشرط» .
(2) هذا شرح القتيبي، كما ذكر الهروي.
(5/225)
ووَلُوعاً،
بِفَتْحِ الْوَاوِ، المَصْدَرُ وَالِاسْمُ جَميعا. وأَوْلَعْتُهُ بِالشَّيْءِ،
وأُولِعَ بِهِ فَهُوَ مُولَعٌ، بِفَتْحِ اللَّامِ:
أَيْ مُغْرىً بِهِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ كَانَ مُولَعاً بالسِّواك» .
(س) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «أَوْلَعْتُ قُرَيشاً بِعَمَّارٍ» أَيْ صَيَّرتُهم
يُولَعون بِهِ.
(وَلَغَ)
(س) فِيهِ «إِذَا وَلَغَ الكلبُ فِي إِنَاءِ أحدِكم» أي شَرِب منه بِلسانه. يقال:
وَلَغَ وَلِغَ يَلَغُ ويَلِغُ وَلْغاً «1» ووُلُوغاً. وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ
الوُلوغ فِي السِباع.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بَعَثَه لِيَدِىَ قَوْماً قتَلهم خالدُ بنُ الْوَلِيدِ، فَأَعْطَاهُمْ
مِيلَغَةَ الكَلْب» هِيَ الْإِنَاءُ الَّذِي يَلَغُ فِيهِ الْكَلْبُ، يَعْنِي
أَعْطَاهُمْ قيمةَ كلِّ مَا ذَهَب لَهُمْ، حَتَّى قيمةَ المِيلَغة.
(وَلَقَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «قَالَ لِرَجُلٍ: كَذَبْتَ واللَّهِ ووَلَقْتَ»
الْوَلْقُ والْأَلْقُ:
الِاسْتِمْرَارُ فِي الْكَذِبِ. يُقَالُ: وَلَقَ يَلِقُ وأَلِقَ يَأْلَقُ، إِذَا
أَسْرَعَ فِي مَرِّه.
وَقِيلَ: الْوَلْقُ: الكذِب، وأعادَه تَأْكِيدًا لاخْتِلاف اللَّفْظِ.
(وَلَمَ)
- قَدْ تَكَرَّرَ فِيهِ ذِكْرُ «الْوَلِيمَةِ» وَهِيَ الطَّعام الَّذِي يُصْنَع
عِنْدَ العُرْس. وَقَدْ أَوْلَمْتُ أُولِمُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَا أَوْلَمَ عَلَى أحدٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَى
زَيْنَب» .
(هـ) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «أَوْلِمْ ولوْ بِشَاةٍ» .
(وَلْوَلَ)
- فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا «فَسمِع تَوَلْوُلَهَا تُنَادِي:
يَا حَسَنَانِ، يَا حُسَيْنَانِ» الْوَلْوَلَةُ: صَوْتٌ مُتَتَابِعٌ بِالْوَيْلِ
وَالِاسْتِغَاثَةِ. وَقِيلَ: هِيَ حِكَايَةُ صَوْتِ النَّائِحَةِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَسْمَاءَ «جَاءَتْ أمُّ جَمِيل، فِي يَدِها فِهْرٌ وَلَها
وَلْوَلَةٌ» .
وَحَدِيثُ أَبِي ذَر «فانْطَلَقَتَا تُوَلْوِلَانِ» .
(هـ س) وفي حديث وقعة الجمل:
__________
(1) من باب نفع، كما في المصباح. وزاد: «وولِغَ يلِغ، من بابَيْ وَعَد، ووَرِث
لغة، ويَوْلَغ، مثل وَجِل يوجَل، لغة أيضا» .
(5/226)
أَنَا
ابنُ عَتَّابٍ وسَيْفي وَلُوَلْ «1» ... والمَوْتُ دونَ الجمَلِ المُجَلَّلْ
هُوَ اسْم سَيْف كَانَ لأبِيه، سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَقْتُل بِهِ
الرِّجال، فَتُوَلْوِلُ نِساؤُهم عَلَيْهِمْ.
(وَلِهَ)
(هـ) فِيهِ «لَا تُوَلَّهُ والِدَةٌ عَنْ وَلَدِها» أَيْ «2» لَا يُفَرَّق
بَينَهُما فِي البَيْع. وكُلُّ أنْثَى فارقَتْ ولدَها فَهِيَ وَالِهٌ. وَقَدْ
وَلِهَتْ «3» تَوْلَهُ، ووَلَهَتْ تَلِهُ، وَلَهاً ووَلَهَاناً، فَهِيَ وَالِهَةٌ
ووَالِهٌ.
والْوَلَهُ: ذَهاب الْعَقْلِ، وَالتَّحَيُّرُ مِنْ شِدَّة الوَجْد.
وَمِنْهُ حَدِيثُ نُقَادة الْأَسَدِيِّ «غَير أَلَّا تُوَلِّهِ ذَاتَ «4» وَلَدٍ
عَن وَلَدها» .
وحديث الفَرَعة «تُكفِىء إنَاءك وتُولِهُ نَاقَتَك» أَيْ تَجْعَلُها والِهَةً
بذْبحِك وَلَدَها. وَقَدْ أَوْلَهْتُهَا ووَلَّهْتُهَا تَوْلِيهاً.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أنَّه نَهَى عَن التَّوْلِيهِ والتَّبْرِيح» .
(وَلَا)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى «الْوَلِىُّ» هُوَ النَّاصر. وَقِيلَ:
الْمُتَوَلِّي لِأُمُورِ العَالَم والخَلائِق القائِمُ بِهَا.
وَمِنْ أَسْمَائِهِ عَزَّ وَجَلَّ «الْوَالِي» وَهُوَ مَالِك الأشْياء جَمِيعها،
المُتَصَرِّفُ فِيهَا. وَكَأَنَّ الْوِلَايَةُ تُشْعِرُ بالتَّدْبِير والقُدْرة
والفِعْل، وَمَا لَمْ يَجْتَمِعْ ذَلِكَ فِيهَا لَمْ يَنْطَلِق عَليه اسْم
الْوَالِي.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْع الْوِلَاءِ وهِبَتِه» يَعْني وَلاءَ
العِتْق، وهُو إِذَا ماتَ الْمُعْتَقُ وَرِثَهُ مُعْتِقُه، أَوْ وَرَثَةُ
مُعْتِقِه، كَانَتِ العَرَب تَبِيعُه وتَهَبُه فنُهِي عَنْهُ، لأنَّ الْوِلَاءَ
كالنَّسَب، فَلَا يَزول بالإزَالَة.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الْوِلَاءُ لِلْكُبْر» أَيِ الأعْلَى فالأعْلَى مِنْ وَرَثة
المُعْتِق.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنْ تَوَلَّى قَوْماً بِغَيْرِ إذْن مَوَالِيهِ» أي
اتّخَذَهُم أَوْلِيَاءَ لَهُ» ظاهِرُه
__________
(1) في الهروي:
أنا ابن عتَّابٍ وسيفي الوَلْوَلُ
برفع الولول. وانظر حواشي اللسان. والرجز لعبد الرحمن بن عتَّاب بن أسيد. كما في
اللسان.
(2) هذا شرح أبي عبيد، كما ذكر الهروي.
(3) قال في المصباح: «من باب تَعِب. وفي لغة قليلة: ولَهَ يَلِه، من باب وَعَدَ» .
(4) في الفائق 2/ 228: «غير ألا تُوَلَّه ذات ... »
(5/227)
يُوهِمُ
أَنَّهُ شَرْط، وَلَيْسَ شَرْطاً، لأنَّه لَا يَجوز لَهُ إِذَا أذِنوا أَنْ
يُوالِيَ غَيْرَهُم، وإنَّما هُو بمعْنَى التَّوْكيد لِتَحْريمه، والتَّنْبيه
عَلَى بُطْلانِه، والإرْشادِ إِلَى السَّبَب فِيهِ، لِأَنَّهُ إِذَا اسْتأذنَ
أوْلِياءَه فِي مُوَالَاةِ غَيرهم مَنَعُوه فَيَمْتنع. وَالْمَعْنَى: إنْ سَوّلَتْ
لَهُ نَفْسُه ذَلِكَ فَلْيَسْتأذِنْهم، فإنَّهُم يَمْنَعُونه. وَقَدْ تَكَرَّرَ
فِي الْحَدِيثِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الزَّكَاةِ «مَوْلَى القَوْمِ مِنهم» الظَّاهِر مِن المَذاهِب
والمَشهورُ أَنَّ مَوالِيَ بَنِي هاشِم والمُطَّلِب لَا يَحْرُم عَلَيْهِمْ أخْذُ
الزَّكاة؛ لاِنْتِفاء النَّسَب الَّذِي بِهِ حَرُم عَلَى بَنِي هاشِم والمُطَّلِب.
وَفِي مَذْهَب الشافِعي عَلى وجْهٍ أَنَّهُ يَحْرُم عَلَى المُوالِي أخْذُها،
لِهَذا الْحَدِيثِ.
ووَجْه الجَمع بَيْنَ الْحَدِيثِ ونَفْيِ التَّحريم أَنَّهُ إنَّما قَالَ هَذَا القولَ
تَنْزِيهاً لَهُم، وبَعْثاً عَلَى التَّشَبُّه بِسَادَتِهم والإسْتِنَان
بِسُنَّتِهم فِي اجْتِنَاب مَالِ الصَّدقة التَّي هِيَ أوْسَاخ النَّاس.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ «المَوْلَى» فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ اسْمٌ يقَع عَلَى
جَماعةٍ كَثيِرَة، فَهُوَ الرَّبُّ، والمَالكُ، والسَّيِّد، والمُنْعِم،
والمُعْتِقُ، والنَّاصر، والمُحِبّ، والتَّابِع، والجارُ، وابنُ العَمّ،
والحَلِيفُ، والعَقيد، والصِّهْر، والعبْد، والمُعْتَقُ، والمُنْعَم عَلَيه.
وأكْثرها قَدْ جَاءَتْ فِي الْحَدِيثِ، فَيُضاف كُلّ واحِدٍ إِلَى مَا يَقْتَضيه
الحديثُ الوَارِدُ فِيهِ. وكُلُّ مَن وَلِيَ أمْراً أَوْ قَامَ بِهِ فَهُو
مَوْلاهُ وَوَليُّه. وَقَدْ تَخْتَلِف مَصادرُ هَذِهِ الأسْمَاء. فَالْوَلَايَةُ
بالفَتْح، فِي النَّسَب والنُّصْرة والمُعْتِق. والْوِلَايَةُ بالكسْر، فِي
الإمَارة. والوَلاءُ، المُعْتَق والمُوَالاةُ مِن وَالَى القَوْمَ.
(هـ س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَن كُنْتُ مَوْلاه فَعَليٌّ مَوْلاه» يُحْمَل «1»
عَلَى أكْثر الأسْمَاء المذْكورة.
قَالَ الشَّافعي رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: يَعْني بذَلِك وَلَاءَ الإسْلام،
كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ
الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ.
وَقَوْلِ عُمَرَ لعلىٍّ «أصْبَحْتَ مَوْلَى كُلِّ مُؤمِن» أَيْ وَلِيَّ كُلِّ
مُؤْمِنٍ.
وَقِيلَ: سَبب ذَلِكَ أنَّ أُسامةَ قَالَ لِعَلِيّ: لَسْتَ مَوْلايَ، إنَّما
مَوْلاي رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه
__________
(1) في الهروي: «قال أبو العباس: أي من أحبّني وتَوَلَّانِي فَلْيَتَوَلَّهُ. وقال
ابن الأعرابي: الْوَلِيُّ: التابع المُحِبّ» .
(5/228)
وَسَلَّمَ،
فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَن كُنْتُ مَوْلاهُ فَعليٌّ مَوْلاه»
.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أيُّما امْرأةٍ نَكَحَت بِغَيْرِ إِذْنِ مَولاها
فنكاحُها باطِل» وَفِي رِوَايَةٍ «وليِّها» أَيْ مُتَوَلّي أَمْرِهَا.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مُزَيْنة وجُهَيْنة وأسْلَم وَغِفَارٌ مَوالي اللَّهِ
وَرَسُولِهِ» «1» .
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «أسألُك غِنَايَ وغِنَى مَوْلاي» .
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «مَن أسْلَم عَلَى يَدِه رجلٌ فَهُوَ مَوْلاه» أَيْ يَرِثُه
كَمَا يَرِثُ مَن أعْتَقَه.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ سُئِل عَنْ رَجُلٍ مُشْرِك يُسْلِم عَلَى يَدِ رَجل
مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ:
هُوَ أَوْلَى الناسِ بمَحْياه ومماتِه» أَيْ أحقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ. ذهَبَ قومٌ
إِلَى العَمل بِهَذَا الْحَدِيثِ، واشْتَرط آخَرون أَنْ يُضِيفَ إِلَى
الْإِسْلَامِ عَلَى يَدِهِ الْمُعَاقَدَةَ وَالْمُوَالَاةَ.
وذَهب أكثَر الْفُقَهَاءِ إِلَى خِلاف ذَلِكَ، وجَعَلوا هَذَا الحديثَ بِمَعْنَى
الْبِرِّ والصِّلة ورَعْيِ الذِّمام.
وَمِنْهُمْ مَنْ ضَعَّفَ الْحَدِيثَ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ألْحِقُوا المالَ بالفَرائِض، فَمَا أبْقَتِ السِّهامُ
فَلِأَوْلَى رجُلٍ ذَكَرٍ» أَيْ أدْنَى وأقرَبَ فِي النَّسَب إِلَى المَوْرُوث.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَنَسٍ «قَامَ عَبْدُ اللَّه بْنُ حُذافة فَقَالَ: مَن أَبِي؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبُوكَ حُذافة، وسَكَت
رسولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: أَوْلَى لَكُمْ
وَالَّذِي نَفْسي بِيدِه» أَيْ قَرُبَ مِنْكُمْ مَا تَكْرَهون، وَهِيَ كَلمةُ
تَلَهُف، يقولُها الرَّجُلُ إِذَا أفْلَتَ مِنْ عَظِيمَةٍ.
وَقِيلَ: هِيَ كَلمة تَهدُّد وَوَعيد. قَالَ الأصمَعي: مَعْنَاهُ: قارَبَه مَا
يُهْلِكُه.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الحنفيَّة «كَانَ إِذَا ماتَ بعضُ وُلْده قَالَ:
أوْلَى لِي، كِدْت أَنْ أكونَ السَّوادَ المُخْتَرَم» شَبَّه كادَ بِعَسَى، فأدخَل
فِي خَبَرها أنْ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «لَا يُعْطَى مِنَ المَغانم شيءٌ حَتَّى تُقسم، إلاَّ
لِرَاعٍ أَوْ دليلٍ غَيْرَ مُولِيهِ، قُلْتُ: مَا مُوليه؟ قَالَ: مُحابِيه» أَيْ
غَيْرَ مُعطِيه شَيْئًا لَا يَسْتَحِقُّه، وَكُلُّ مَنْ أعْطَيْتَه ابْتِدَاءً
مِنْ غَيْرِ مُكافأة فقد أوليته.
__________
(1) فى الهروى: «قال يونس: أى أولياء الله» .
(5/229)
وَفِي
حَدِيثِ عَمّار «قَالَ لَهُ عُمَر فِي شَأْنِ التّيَمُّم: كَلا، واللَّهِ
لَنُوَلِّيَنَّكَ مَا تَوَلَّيْتَ» أَيْ نَكِلُ إِلَيْكَ مَا قلتَ، ونَرُدُّ
إِلَيْكَ مَا وَلَّيْتَه نفسَك، ورَضِيتَ لهَا بِهِ.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ سُئل عَنِ الإبِل، فَقَالَ: أعْنَان الشَّيَاطِينِ، لَا
تُقْبِل إِلَّا مُوَلِّيَةً، وَلَا تُدْبر إِلَّا مُوَلِّيةً، وَلَا يَأْتِي نَفْعُها
إِلَّا مِنْ جَانِبِهَا الْأَشْأَمِ» أَيْ إِنَّ مِن شأنِها إِذَا أقْبَلَت عَلَى
صاحِبها أَنْ يَتَعَقَّبَ إقبالَها الإدْبارُ، وَإِذَا أدْبَرتْ أَنْ يَكُونَ
إدبارُها ذَهاباً وفَناءً مُسْتأصِلا. وَقَدْ وَلّى الشيءُ وتَولّى، إِذَا ذَهَب
هَارِبًا ومُدْبراً، وتَولّى عَنْهُ، إِذَا أعْرَض.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَجلِسَ الرجُلُ عَلَى الْوِلَايَا» هِيَ
البَراذِع. سُمِّيَت بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَلِي ظَهْرَ الدَّابّة. قِيلَ: نَهى
عَنْهَا، لِأَنَّهَا إِذَا بُسِطَت وافْتُرِشَت تَعَلَّقَ بِهَا الشَّوك والتُّراب
وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَضُرُّ الدوابَّ، وَلِأَنَّ الجالِسَ عَلَيْهَا رُبَّما
أصابَه مِنْ وَسَخِها ونَتْنِها ودَمِ عَقْرها.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ «أَنَّهُ باتَ بِقَفْرٍ، فَلَمَّا قَامَ
لِيَرْحَل وجَد رَجُلاً طُولُه شِبْرَانِ، عَظِيمَ اللِّحْية عَلَى الوَليَّة،
فنَفَضَها فَوَقَع» .
(س) وَفِي حَدِيثِ مُطَرِّف الباهِليِّ «تَسْقيه الْأَوْلِيَةُ» هِيَ جَمْعُ
وَلِىٍّ، وَهُوَ الْمَطَرُ الَّذِي يجيءُ بَعْد الوَسْمِيّ، سُمِّي بِهِ،
لِأَنَّهُ يَلِيهِ: أَيْ يَقْرُب مِنْهُ ويَجيءُ بَعْدَه.
بَابُ الْوَاوِ مَعَ الميم
(وَمَدَ)
(س) فِي حَدِيثِ عُتْبة بْنِ غَزْوان «أَنَّهُ لَقِي المشركِين فِي يَوْمِ
وَمَدَةٍ وعِكَاكٍ» الْوَمَدَةُ: نَدًى مِنَ البَحْر يَقَعُ عَلَى النَّاسِ فِي
شِدَّة الحَرِّ وسُكُون الرِّيح. وَيَوْمٌ وَمِدٌ ولَيْلةٌ وَمِدَةٌ.
(وَمَضَ)
(هـ) فِيهِ «هَلا أَوْمَضْتَ إليَّ يَا رسولَ اللَّه» أَيْ هَلا أشَرْتَ إِلَيَّ
إِشَارَةً خَفِيَّةً. يُقَالُ: أَوْمَضَ البَرْقُ، ووَمَضَ إِيمَاضاً ووَمْضاً
ووَمِيضاً، إِذَا لَمع لَمْعاً خَفيَّا وَلَمْ يَعْتَرِض.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ سَأَلّ عَنِ البَرْق فَقَالَ: أخَفْوًا أمْ
وَمِيضاً؟» .
(وَمِقَ)
(س) فِيهِ «أَنَّهُ اطَّلَع مِن وافِد قَوْمٍ عَلَى كَذِبة، فَقَالَ: لَولا سَخاءٌ
فِيكَ وَمِقَكَ اللَّهُ عَلَيْهِ لشَرَّدْتُ بِكَ» أَيْ أحَبَّك اللَّه عَلَيْهِ.
يُقَالُ. وَمِقَ يَمِقُ، بِالْكَسْرِ فِيهِمَا مِقَةً، فَهُوَ وَامِقٌ ومَوْمُوقٌ.
(5/230)
باب
الواو مع النون
(وَنَا)
- فِي حَدِيثُ عَائِشَةَ تَصِفُ أَبَاهَا «سَبَق إذْ وَنَيْتُمْ» أَيْ قَصَّرْتُم
وفَتَرْتُم. يُقَالُ:
وَنَى يَنِي وَنْياً، ووَنِيَ يَوْنَى وُنِيّاً، إِذَا فَتَر وقَصَّر.
وَمِنْهُ «النَّسيم الْوَانِي» وَهُوَ الضَّعيفُ الهُبوبِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «لَا تَنْقَطِع أسبابُ الشَّفَقَة مِنْهُمْ فَيَنُوا فِي
جَدّهِم» أَيْ يَفْتُروا «1» فِي عَزْمِهم واجْتِهادِهِم.
وحَذَف نُونَ الجَمْع، لجوابِ النَّفْيِ بالْفَاء.
باب الواو مع الهاء
(وَهَبَ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى «الْوَهَّابُ» *
الْهِبَةُ: العَطيَّة الخاليَة عَنِ الأعْوَاضِ والأغْراض، فَإِذَا كَثُرَتْ
سُمِّيَ صاحبُها وَهَّاباً، وَهُوَ مِنْ أبْنِيَةِ المُبالَغَة.
(هـ) وَفِيهِ «لَقَدْ هَمَمْتُ أَلَّا أَتَّهبَ إِلَّا مِنْ قُرَشيّ، أَوْ
أنْصارِيّ، أَوْ ثَقَفِيّ» أَيْ لَا أقْبَل هَديَّةً إِلَّا مِنْ هَؤُلَاءِ؛
لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ مُدُنٍ وَقُرىً، وهُم أعْرَف بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ،
وَلِأَنَّ فِي أَخْلَاقِ الْبَادِيَةِ جَفاءً وذَهَاباً عَنِ المُروءة، وطَلَباً
لِلزِّيَادَةِ.
وأصْلُه: أوْتَهِبُ، فقُلِبت الْوَاوُ تَاءً وأدغِمت فِي تَاءِ الِافْتِعَالِ،
مِثْلُ اتَّزَن واتَّعَدَ. مِنَ الْوَزْنِ والوَعْد. يُقَالُ: وَهَبْتُ لَهُ
شَيْئًا وَهْباً، ووَهَباً، وهِبَةً، وَالِاسْمُ: الْمَوْهِبُ والْمَوْهِبَةُ،
بِالْكَسْرِ.
والِاسْتِيهَابُ: سُؤَالُ الهِبة. وتَوَاهَبَ القَوْمُ، إِذَا وَهَبَ بَعْضُهم
بَعْضاً.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْأَحْنَفِ:
وَلَا التَّوَاهُبُ فِيمَا بَيْنَهُمْ ضَعَةٌ
يَعْنِي أَنَّهُمْ لَا يَهَبُونَ مكرهين.
__________
(1) فى الأصل، وا، واللسان: «يفترون» بإثبات النون. قال صاحب مغنى اللبيب 1/ 71:
وما بعد أى التفسيرية عطف بيان على ما قبلها أو بدل.
(5/231)
(وَهَزَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ مُجَمِّع «شَهِدْنا الحُدَيْبِيَةَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا انْصَرفْنا عَنْهَا إِذَا الناسُ يَهِزُونَ
الأباعِرَ» أَيْ يَحُثُّونَها ويَدْفَعُونها. والْوَهْزُ: شِدّة الدَّفْع
والْوَطْء.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أَنَّ سَلَمة بنَ قَيْس الأشْجَعيّ بَعث إِلَى عُمَر
مِن فتْح فارِس بَسَفَطَيْن مَملُوءَيْن جَوْهَراً. قَالَ: فانْطَلَقْنا
بالسَّفَطَيْن نَهِزُهُمَا حَتَّى قَدِمْنا الْمَدِينَةَ» أَيْ نَدْفعُهما ونُسْرع
بِهِمَا. وَفِي رِوَايَةٍ «نَهِزُ بِهِمَا» : أَيْ نَدْفَع بِهِمَا البَعير
تَحْتَهُما. ويُروَى بِتَشْدِيدِ الزَّايِ، مِنَ الهَزِّ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمة «حُمَادَيَات النّسَاء غَضُّ الأطْراف وقِصَرُ
الْوِهَازَةِ» أَيْ قِصَرُ الخُطَا. والْوِهَازَةُ: الْخَطْوُ. وَقَدْ تَوَهَّزَ
يَتَوَهَّزُ، إِذَا وَطِئَ وَطْئا ثَقِيلًا.
وَقِيلَ: الْوِهَازَةُ: مِشْيَة الخَفِرَاتِ.
(وَهَصَ)
(هـ) فِيهِ «إِنَّ آدَمَ حَيْثُ أُهْبِطَ مِنَ الْجَنَّةِ وَهَصَهُ اللَّه إِلَى
الْأَرْضِ» أَيْ رَماه رَمْياً شَدِيدًا، كَأَنَّهُ غَمَزه إِلَى الْأَرْضِ.
والْوَهْصُ أَيْضًا: شِدّة الوَطءْ، وكَسْر الشَّيء الرِخْو.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «إِنَّ العبدَ إِذَا تَكَبَّر وَعَدَا طَوْرَه
وَهَصَهُ اللَّه إِلَى الْأَرْضِ» .
(وَهَطَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ ذِي المِشْعار «عَلَى أَنَّ لَهُمْ وِهَاطَها وعَزَازَها «1» »
الْوِهَاطُ:
المَواضعُ المُطْمَئنَّة، واحِدُها: وَهْطٌ. وَبِهِ سُمِّيَ الوَهْطُ، وهُو مالٌ
كَانَ لعَمْرو بنْ الْعَاصِ بِالطَّائِفِ.
وَقِيلَ: الْوَهْطُ: قَرْيةٌ بالطَّائف كانَ الكَرْمُ المّذْكُور بهَا.
(وَهَفَ)
(هـ) فِي كِتَابِ أَهْلِ نَجْرَانَ «لَا يُمْنَعُ وَاهِفٌ عَن وَهْفِيَّتِهِ»
ويُرْوَى «وِهَافَتِهِ» الْوَاهِفُ فِي الأصْل: قَيِّم البِيعَة. ويُرْوَى
«الوَافِهُ والواقِهُ» وَقَدْ تقَدّما.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «2» «قَلَّدَه رسولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَهْفَ الدِّين» أَيِ القِيَامَ بِهِ، كأنَّها أرادَتْ أمَرَه بالصَّلاة
بالنَّاس في مَرَضِه.
__________
(1) في الأصل: «عِزازها» بالكسر، وصححته بالفتح من ا، والهروي. وانظر (عزز) فيما
سبق
(2) تصف أباها رضي اللَّه عنهما، كما ذكر الهروى.
(5/232)
وَفِي
رِوايَة «قَلَّدَه وَهْفَ الأمَانَةِ» قِيلَ: وَهْفُ الْأَمَانَةِ: ثِقَلُها.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ قَتادة «كُلَّما وَهَفَ لَهُم «1» شيءٌ مِنَ الدُّنيا أخَذُوه»
أَيْ كُلَّما عَرَض لَهُمْ وَارْتَفَع.
(وَهَقَ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «وأعْلَقَت المَرْءَ أَوْهَاقُ المَنيَّة» الْأَوْهَاقُ:
جَمْع وَهَق- بالتَّحريك- وَقَدْ يُسَكَّن، وَهُوَ حَبْلٌ كالطِّوَل تُشَدُّ بِهِ
الإبِلُ والخَيْل، لِئلا تَنِدَّ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ «فانْطَلَقَ الجَمَلُ يُوَاهِقُ ناقَتَهُ مُوَاهَقَةً»
أَيْ يُبَاريهَا فِي السَّيْر ويُماشيها. ومُوَاهَقَةُ الْإِبِلِ: َمدُّ أعناقِها
فِي السَّيْر.
(وَهَلَ)
- فِيهِ «رأيتُ فِي المَنام أنِّي أُهاجِرُ مِن مَكَّة، فذَهَب وَهْلِي إِلَى
أنَّها اليمَامةُ أَوْ هَجَرُ» وَهَلَ إِلَى الشَّيء، بالفَتْح، يَهِلُ، بالكسْر،
وَهْلًا، بالسكُون، إِذَا ذَهَبَ وَهْمُه إِلَيْهِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «وَهَلَ «2» ابنُ عُمر» أَيْ ذَهَب وَهْمُه إِلَى
ذَلِكَ. ويَجوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنى سَهَا وغَلِطَ. يُقال مِنْهُ: وَهِلَ فِي
الشَّيء، وعَن الشَّيْء، بالكَسْر، يَوْهَلُ وَهَلًا، بالتَّحريك.
وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ «وَهِلَ أنَس» أَيْ غَلِط.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَيْف أنْت إِذَا أتاكَ مَلَكان فَتَوَهَّلَاكَ فِي
قَبْرك؟» يُقَالُ: تَوَهَّلْتُ فُلاناً. إِذَا عَرَّضْتَه لأنْ يَهِلَ: أَيْ
يَغْلَطَ. يَعْني فِي جَواب المَلَكَيْنِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ قَضَاء الصَّلاة والنَّوم عَنْهَا «فَقُمْنَا وَهِلِينَ» أَيْ
فَزِعِين. الْوَهَلُ بالتَّحريك:
الفَزَع، وقَدْ وَهِلَ يَوْهَلُ فَهُوَ وَهِلٌ.
(هـ) وَفِيهِ «فَلَقِيتُه أوّلَ وَهْلَةٍ» أَيْ أوّلَ شَيء. والْوَهْلَةُ:
المَرَّة مِنَ الفَزَع: أَيْ لَقِيتُه أوَّل فَزْعَةٍ فَزِعْتُها بِلقَاء «3»
إنسَان.
(وَهِمَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ صَلَّى فَأَوْهَمَ فِي صَلاتِه» أَيْ أسْقَطَ مِنْها شَيئاً.
يُقَالُ: أَوْهَمْتُ الشَّيءَ، إِذَا تَرَكْتُهُ، وأَوْهَمْتُ فِي الْكَلَامِ
وَالْكِتَابِ، إِذَا أسْقَطْتَ مِنه شَيئا. ووَهَمَ إلىَ الشَّيء،
__________
(1) رواية الهروي: «له ... أخذه»
(2) من باب وَعَد، كما ذكر صاحب المصباح.
(3) هكذا في الأصل، واللسان. وفي ا: «تلقاء» وفي الهروي: «لِلقاء» .
(5/233)
بالفَتْح،
يَهِمُ وَهْماً، إذَا ذَهَب وَهْمُه إِلَيْهِ. ووَهِمَ يَوْهَمُ وَهَماً،
بالتَّحريك، إِذَا غَلِطَ.
(هـ) وَمِنَ الْأَوَّلِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «أنَّه وَهَمَ فِي تَزْوِيج
مَيْمونَة» أَيْ ذَهَب وَهْمُه إِلَيْهِ.
(هـ) وَمِنَ الثَّانِي الْحَدِيثُ «أنَّه سَجَدَ لِلْوَهَمِ وَهُو جَالِسٌ» أَيْ
لِلْغَلَط.
(هـ) وَفِيهِ «قِيلَ لَهُ: كأنَّك وَهِمْتَ؟ قَالَ: وكَيْف لَا إِيهَمُ؟» هَذا
عَلَى لُغَة بَعْضِهم، الأصْل: أَوْهَمَ «1» ، بالفَتح وَالْوَاوِ، فكَسر
الهَمْزَة، لِأَنَّ قَوماً مِن العَرَب يَكْسِرون مُسْتَقْبَل فَعِلَ، فيَقولُون:
إعْلَمُ، ونِعْلَم، وتِعْلَم. فلمَّا كَسَر هَمْزة «أوْهَمُ» انْقَلَبَت الواوُ
يَاءً.
(وَهَنَ)
- فِي حَدِيثِ الطَّوَاف «قَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ» أَيْ أضْعَفَتْهُم.
وَقَدْ وَهَنَ الإنسانُ يَهِنُ، ووَهَنَهُ غيرُه وَهْناً، وأَوْهَنَهُ،
ووَهَّنَهُ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «وَلا وَاهِناً فِي عَزْم» أَيْ ضَعيِفاً فِي رَأيٍ. وَيُرْوَى
باليَاء.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عِمْران بْنِ حُصَين «أنَّ فُلاناً دَخَلَ عَلَيْهِ وَفِي
عَضُدِه حَلْقَةٌ مِن صُفْر» وَفِي رِوَاية «وَفِي يَدِه خاتَمٌ مِنْ صُفْر،
فَقَالَ: مَا هَذا؟ قَالَ: هَذَا مِنَ الوَاهِنَة. قَالَ: أمَا إنَّها لَا تَزيدُك
إِلَّا وَهْناً» الْوَاهِنَةُ: عِرْقٌ يأخُذ فِي المَنْكِب وَفِي اليَدِ كُلِّها
فَيُرْقَى مِنْهَا.
وَقِيلَ: هُو مَرَضٌ يأخُذ فِي العَضُد، ورُبَّما عُلِّق عَلَيْهَا جِنْسٌ مِنَ
الخَرَز، يُقال لَها «2» : خَرَزُ الوَاهِنَةِ. وَهِيَ تأخُذ الرّجالَ دُونَ
النِّساء.
وإنَّما نَهاه عَنْهَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا اتَّخَذَها عَلَى أَنَّهَا تَعْصِمُه
مِنَ الألَم، فَكَانَ عِنْدَهُ فِي مَعْنَى التَّمائِم المَنْهِيِّ عَنْهَا.
(وَهَا)
(هـ) فِيهِ «المؤمنُ وَاهٍ راقِعٌ» أَيْ مُذْنِبٌ تائبٌ. شَبَّهه بِمَنْ يَهِي
ثَوْبُه فَيَرْقَعُه.
وَقَدْ وَهَى الثّوبُ يَهِي وَهْياً، إِذَا بَلِىَ وتَخَرّقَ. والمرادُ
بِالْوَاهِي ذُو الْوَهْىِ.
ويُروَى «المؤمنُ مُوهٍ راقِعٌ» كَأَنَّهُ يُوهِي دِينَه بمَعْصِيَتِه، ويَرْقَعُه
بتُوْبَتِه.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ مَرّ بِعَبْدِ اللَّه بْنِ عَمْرو وَهُو يُصْلِح
خُصَّاً لَهُ قَدْ وَهَى» أَيْ خَرِبَ أو كادَ.
__________
(1) وبهذا يصحح الخطأ الواقع في مادة (رفغ) .
(2) في الهروي: «له» .
(5/234)
وَمِنْهُ
حَدِيثُ عَلِيٍّ «وَلَا وَاهِياً «1» فِي عَزْم» ويُرْوَى «وَلَا وَهْي فِي عَزْم»
أَيْ ضَعيف، أو ضعف.
باب الواو مع الياء
(وَيْبَ)
- فِي إِسْلَامِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
ألاَ أبْلِغَا عَنِّي بُجَيْراً رِسالَةً ... عَلَى أيِّ شَيءٍ وَيْبَ غَيرِكَ
دَلَّكَا «2»
وَيْبَ: بِمَعْنَى وَيْلَ. يُقَالُ: وَيْبَكَ، ووَيْبَ زَيْدٍ. كَمَا تَقُولُ:
وَيْلَك، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ. فَإِنْ جِئتَ بِاللَّامِ رَفَعْتَ
فَقُلْت: ويبٌ لِزَيْدٍ، وَنَصَبْتَ مُنَوّناً فقُلْتَ:
وَيْباً لزَيْد.
(وَيْحَ)
(هـ) فِيهِ «قَالَ لِعمَّارٍ: وَيْحَ ابنِ سُمَيَّةَ، تَقْتُلُه الفِئةُ
الباغِيةُ» وَيْحَ: كَلمةُ تَرَحُّمٍ وتَوَجُّعٍ، تقالُ لِمَنْ وَقَع فِي هَلَكةٍ
لَا يَسْتَحِقُّها. وَقَدْ يُقَالُ بِمَعْنَى الْمَدْحِ والتَّعجُّب، وَهِيَ
مَنْصُوبَةٌ عَلَى المصدَر. وَقَدْ تُرْفَعُ، وتُضافُ وَلَا تضافُ. يُقَالُ. ويحَ
زَيدٍ، ووَيْحاً لَهُ، وويحٌ لَهُ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «وَيْحَ ابنِ أُمِّ»
عبَّاس» كَأَنَّهُ أُعْجِبَ بقَوْله. وَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي الْحَدِيثِ.
(وَيْسَ)
- فِيهِ «قَالَ لِعَمَّارٍ: وَيْسَ ابنِ سُمَيَّةَ» . وَفِي رِوَايَةٍ «يَا وَيْسَ
ابنِ سُمَيَّةَ» وَيْسَ: كَلِمَةٌ تُقَالُ لِمَنْ يُرْحَمُ ويُرْفَقُ به، مِثل
وَيْح، وحُكْمُها حُكْمُها.
__________
(1) سبق بالنون.
(2) الذي في شرح ديوان كعب 3، 4:
ألا أبلغا عني بُجيرا رسالةً ... فهل لك فيما قلتُ بالخَيْفِ هَلْ لَكا
.... وخالفْتَ أسبابَ الهُدَى وتَبِعْتَه ... على أيِّ شَيءٍ وَيْبَ غَيرِكَ
دَلَّكَا
(3) هكذا في الأصل، وا، ونسخة من النهاية برقم 520. وفي نسخة أخرى برقم 517: «ابن
أم سلمة» .
(5/235)
وَمِنْهُ
حَدِيثُ عَائِشَةَ «أَنَّهَا تَبِعَتْه وَقَدْ خَرَجَ مِنْ حُجْرتِها لِيْلاً،
فوجَدَ لَها نَفَساً عَالِيًا، فَقَالَ:
ويْسَها مَا لَقِيتِ اللَّيْلَةَ؟»
(وَيْلٌ)
(س) فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «إِذَا قَرأ ابْنُ آدَمَ السَّجْدة فَسَجَد
اعْتَزَل الشَّيْطَانُ يَبْكِي. يَقُولُ: يَا ويلَه» الْوَيْلُ: الحُزْنُ والهَلاك
والمشَقَّة مِنَ الْعَذَابِ. وكلُّ مَن وَقَع فِي هَلَكة دَعا بالويْل. وَمَعْنَى
النِّداء فِيهِ: يَا حُزْني وَيَا هَلاكِي وَيَا عَذابي احْضُرْ فَهَذَا وَقْتُك
وأَوَانُك، فَكَأَنَّهُ نادَى الوَيْل أَنْ يَحْضُرَه، لمَا عَرَضَ لَهُ مِنَ
الْأَمْرِ الفَظيع، وَهُوَ النَّدَم عَلَى تَرْكِ السُّجود لآدَمَ عَلَيْهِ
السَّلَامُ. وأضافَ الوَيْل إِلَى ضَمِيرِ الغائِبِ، حَمْلا عَلَى الْمَعْنَى وعَدَل
عَنْ حِكَايَةِ قَوْلِ إبليسَ «يَا وَيْلِي» كَراهةَ أَنْ يُضِيفَ الوَيْلَ إِلَى
نَفْسِه.
وَقَدْ يَرِدُ الْوَيْلُ بِمَعْنَى التَّعَجُّب.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِي قَوْلِهِ لِأَبِي بَصِير: «وَيْلُمِّهِ مِسْعَرُ حَرْب»
تَعَجُّباً مِنْ شَجَاعَتِهِ وَجُرْأَتِهِ وَإِقْدَامِهِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «وَيْلُمِّه كَيْلاً بِغَيْرِ ثَمَنٍ لَوْ أَنَّ
لَهُ وِعاءً» أَيْ يَكِيلُ العُلومَ الجَمَّة بِلا عِوَض، إلا أنه لا يُصادِف
وَاعياً.
وَقِيلَ: وَيْ: كلمةٌ مُفْرَدة، وَلِأُمِّهِ مُفْرَدة، وَهِيَ كَلِمَةُ تَفَجُّع
وتَعَجُّب. وحُذِفت الهمزةُ مِنْ أمِّه تَخْفيفا، وأُلْقِيَتْ حركَتُها عَلَى
اللَّامِ. ويُنْصَبُ مَا بَعْدها عَلَى التَّمْيِيزِ.
(5/236)
حرف
الهاء
بَابُ الْهَاءِ مَعَ الْهَمْزَةِ
(هَا)
(هـ) فِي حَدِيثِ الرِّبا «لَا تَبيعُوا الذَّهبَ بالذَّهب إِلَّا هَاءَ وهَاء»
هُو أَنْ يَقُولَ كُلُّ واحِدٍ مِنَ البَيِّعيْن: هاءَ «1» فيُعْطِيه مَا فِي
يَدِه، كَحديثِه الآخَر «إِلَّا يَداً بِيَدٍ» يَعْني مُقابَضَةً فِي المَجْلس.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: هَاكَ وهَاتِ: أَيْ خُذْ وَأعْطِ.
قَالَ الخطَّابي: أصحابُ الْحَدِيثِ يَرْوُونه «هَا وهَا» ساكنَةَ الألِفِ.
وَالصَّوَابُ مَدُّها وفَتْحُها، لِأَنَّ أصْلَها هَاكَ: أَيْ خُذْ، فحُذِفَتِ
الْكَافُ وعُوِّضَتْ مِنْهَا المَدَّة والهَمْزَة. يُقَالُ للواحِد: هَاء،
وللاثْنين: هَاؤُمَا، وَلِلْجَمِيعِ: هَاؤُم.
وغَيْرُ الخطَّابي يُجيز فِيهَا السُّكون عَلَى حَذْفِ العِوَض، وتَتَنَزَّلُ
مَنْزلة «هَا» الَّتِي للتَّنْبِيه.
وَفِيهَا لُغَاتٌ أُخْرَى.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ، لِأَبِي مُوسَى «هَا، وَإِلَّا جَعَلْتُك عِظَةً» أَيْ
هَاتِ مَن يَشْهَدُ لَك عَلَى قَوْلِك.
ومنه حديث علي «ها، إنّ هاهنا عِلْماً، وأوْمَأَ بيَدِه إِلَى صَدْرِه، لَوْ
أصَبْتُ لَهُ حَمْلَةً» هَا مَقْصُورة: كَلِمَةُ تَنْبيه للمخاطَب، يُنَبَّه بِهَا
عَلَى مَا يُساقُ إِلَيْهِ مِنَ الْكَلَامِ. وَقَدْ يُقْسَم بِهَا. فَيُقَالُ:
لَا هَا اللَّهِ مَا فَعَلْتُ: أَيْ لَا واللَّهِ، أُبْدِلَتِ الْهَاءُ مِنَ
الْوَاوِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي قَتادة يومَ حُنَين «قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا هَا اللَّهِ
إِذًا، لَا يَعْمِدُ إِلَى أسَدٍ مِنْ أُسْد اللَّه، يُقاتِلُ عَنِ اللَّه
وَرَسُولِهِ فيُعْطيك سلبه» هكذا جاء الحديث «لاها اللَّه إِذًا» وَالصَّوَابُ
«لاَ هَا اللَّهِ ذَا» بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ، وَمَعْنَاهُ: لَا واللَّهِ لَا يكونُ
ذَا، أَوْ لَا واللَّهِ الأمْرُ ذَا، فَحُذِفَ
__________
(1) في الأصل: «ها» وما أثبت من ا، واللسان.
(5/237)
تَخْفيفا.
وَلَكَ فِي أَلِفِ «هَا» مَذْهَبان: أحدُهُما تُثْبِتُ ألفَها؛ لِأَنَّ الَّذِي
بَعْدَها مُدْغَمٌ، مِثْل دَابَّة، وَالثَّانِي أنْ تَحْذِفَها لاْلتقاءِ
السَّاكِنَيْن.
بَابُ الهاء مع الباء
(هَبَبَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لامْرأةِ رِفَاعة: لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَه،
قَالَتْ: فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي هَبَّةً» أَيْ مَرَّةً واحِدَة، مِنْ هِبَابِ
الفَحْل، وَهُوَ سِفَادُه.
وَقِيلَ: أرادَتْ بِالْهَبَّةِ الوَقْعَةَ، مِنْ قَوْلِهِمُ: احْذَرْ هَبَّةَ
السَّيف: أَيْ وقْعَتَه.
(س) وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ «هَبَّ التَّيْسُ» أَيْ هَاج للسِّفاد. يقال: هَبَّ
يَهِبُّ يَهُبُّ «1» هَبِيباً وهِبَاباً.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمر «فَإِذَا هَبَّتِ الرّكابُ» أَيْ قامَتِ الإبِلُ
للسَّير. يُقَالُ: هَبَّ النَّائمُ هَبّاً وهُبُوباً [أَيِ «2» ] اسْتَيْقَظ.
(هـ) وَفِيهِ «لقَد رأيتُ أصحابُ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَهُبُّون إلَيْها كَمَا يَهُبُّون إِلَى المَكْتُوبة» يَعْني رَكْعَتي المَغْرِب
«3» : أَيْ يَنْهَضُون إِلَيْهَا. والْهِبَابُ: النَّشاط.
(هَبَتَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ قَتْل أُمَيَّة بْنِ خَلَف وابْنه «فَهَبَتُوهُمَا حَتَّى
فَرَغُوا مِنْهُمَا» أَيْ ضَربُوهما بالسَّيْف.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «لمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بنُ مَظْعُونٍ عَلَى فِراشَه
قَالَ: هَبَتَهُ المَوْتُ عِندي مَنْزِلةً حَيْث لَمْ يَمُتْ شَهيدا» أَيْ حَطَّ
مِنْ قَدْره فِي قلْبي. وهَبَط وَهَبَتَ أخَوَان.
(س) وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ «نُوْمُه سُبَاتٌ، ولَيْلُه هُبَاتٌ» هُوَ مِنَ
الْهَبْتِ: اللِّينِ وَالِاسْتِرْخَاءِ. يُقَالُ: فِي فلانٍ هَبْتَةٌ «4» : أَيْ
َضعْف.
(هَبَجَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى «دُلُّوني عَلَى مَوْضع بئرٍ يُقْطَع «5» به هذه
الفَلاةُ،
__________
(1) بالكسر والضم، كما في القاموس.
(2) ساقط من ا، والنسخة 517.
(3) في الهروي: «الفجر» .
(4) ضبط في ا: «هُبْتة» بالضم.
(5) في الهروي: «تُقْطَع» .
(5/238)
فَقَالَ:
هَوْبَجَةٌ تُنْبِتُ الْأَرْطَى» الْهَوْبَجَةُ: بَطْنٌ مِنَ الْأَرْضِ
مُطْمَئِنٌّ.
(هَبَدَ)
(س) فِي حَدِيثِ عُمر وَأمّه «فزَوَّدَتْنا مِنَ الْهَبِيدِ» الْهَبِيدُ:
الحَنْظَل يُكْسَر ويُسْتَخْرَجُ حَبُّه ويُنْقَع؛ لِتَذْهَب مَرَارَتُه،
ويُتَّخَذ مِنْهُ طَبيخٌ يُؤكَلُ عِنْدَ الضَّرُورة.
(هَبَرَ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «انْظُرُوا شَزْراً واضرِبُوا هَبْراً» الْهَبْرُ: الضَّرْب
والقَطْعُ.
وَقَدْ هَبَرْتُ لَهُ مِنَ اللَّحْم هَبْرَةً: أَيْ قَطَعْتُ لَهُ قِطْعة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أَنَّهُ هَبَرَ الْمُنَافِقَ حَتَّى بَرَدَ» .
(هـ) وَحَدِيثُ الشُّرَاة «فَهَبَرْنَاهُمْ بالسُّيوف» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «فِي قَوْلِهِ تعالى: كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ
قَالَ: هُوَ الْهَبُّورُ قِيلَ: هُوَ دُقاق الزَّرْع، بالنَّبَطِيَّة.
ويَحْتَمل أَنْ يَكُونَ مِنَ الْهَبْرِ: القَطْع.
(هَبَطَ)
(هـ) فِيهِ «اللَّهُمَّ غَبْطاً لَا هَبْطاً» أَيْ نَسْألُكَ الغِبْطَةَ ونَعُوذُ
بِكَ مِن الذُلِّ والإنْحِطاطِ والنُّزُول. يُقَالُ: هَبَطَ هُبُوطاً، وأَهْبَطَ
غيرَه «1» .
(هـ) وَمِنْهُ شِعْرُ الْعَبَّاسِ:
ثُمَّ هَبَطْتَ البِلادَ لا بشر ... أنت وَلَا مُضْغَةٌ وَلَا عَلَقُ
أَيْ لمَّا أهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ إِلَى الدُّنيا كُنْتَ فِي صُلْبِه، غيرَ بالغٍ
هَذِهِ الأشْياء.
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي العَصْفِ المأكُول. قَالَ: «هُوَ الهَبُوطُ»
هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ بِالطَّاءِ. قَالَ سُفْيَانُ: هُوَ الذَّرُّ
الصَّغير.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: أُراه وَهْماً، وَإِنَّمَا هُوَ بِالرَّاءِ. وَقَدْ
تَقَدَّمَ.
وَفِي حَدِيثِ الطُّفَيْل بْنِ عَمْرٍو «وَأَنَا أَتَهَبَّطُ إِلَيْهِمْ مِنَ
الثَّنيَّة» أَيْ أتَحَدَّرُ. هَكَذَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ. وَهُوَ بِمَعْنَى
أنْهَبِط وأهْبِط.
(هَبَلَ)
- فِيهِ «مَن اهْتَبَلَ جَوْعَةَ مُؤْمِنٍ كَانَ لَهُ كَيْتَ وكَيْتَ» أَيْ
تَحَيَّنَها واغْتَنَمَها، مِنَ الْهُبَالَةِ «2» : الغَنيمة.
__________
(1) في ا: «وهَبَطَ غَيْرَه» . قال في القاموس: «وَهَبَطَه، كَنَصَره: أنْزَلَه.
كأهْبَطَه» .
(2) هكذا ضُبِط بالضم في الأصل، واللسان. وضبط في ا: «الهَبالة» بالفتح.
(5/239)
(هـ)
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «واهْتَبَلُوا هَبَلَهَا» .
(هـ) وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ «فَاهْتَبَلْتُ غَفْلَتَه» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْإِفْكِ «والنِّساء يَوْمَئِذٍ لَمْ يُهَبِّلْهُنَّ
اللَّحْمُ» أَيْ لَمْ يَكْثُر عَلَيْهِنَّ. يُقَالُ:
هَبَّلَهُ اللَّحْمُ، إِذَا كَثُر عَلَيْهِ وركِب بعضُه بَعْضًا. وَيُقَالُ
للمُهَيَّجِ المُرَبَّلِ: مُهَبَّلٌ، كَأَنَّ بِهِ وَرَماً مِنْ سِمَنِه.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، حِينَ فَضَّل الوَادِعيُّ سُهْمانَ الخَيل عَلَى
المَقاريف، فأعْجَبه فَقَالَ:
«هَبِلَتِ الوادِعيَّ أُمُّه، لَقَدْ أذْكَرَتْ بِهِ» يُقَالُ: هَبِلَتْهُ أمُّه
تَهْبَلُهُ هَبَلًا، بِالتَّحْرِيكِ: أَيْ ثَكِلَتْه.
هَذَا هُوَ الأصلُ. ثُمَّ يُسْتَعْمل فِي مَعْنَى المَدْح والإعْجاب. يَعْنِي مَا
أعْلَمَه وَمَا أصَوبَ رَأْيَهُ! كقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
«ويْلُمِّه مِسْعَرُ حَرْب» وَقَوْلِ الشَّاعِرِ «1» :
هوتْ أُمُّه مَا يَبعثُ الصُّبْحُ غادِياً ... وَمَاذَا يُرَى فِي اللَّيل حِينَ
يُؤُوبُ
وَقَوْلِهِ: «أذكَرَتْ بِهِ» : أَيْ ولَدَتْه ذَكَراً مِنَ الرِّجال شَهْماً.
وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «لأمِّك هَبَلٌ» أَيْ ثُكْلٌ «2» .
(س) وَحَدِيثُ الشَّعبْيّ «فَقِيلَ لِي: لأُمِّك الْهَبَلُ» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُراقة «ويْحَكِ، أوهَبِلْتِ؟» هُوَ
بِفَتْحِ الْهَاءِ وكسر الباء.
وقد استعاره هاهنا لفَقْد المَيْز والعَقْل مِمَّا أَصَابَهَا مِنَ الثُّكْل «3»
بوَلَدِها، كَأَنَّهُ قَالَ: أفَقَدْتِ عَقْلَكِ بفَقْد ابْنِك، حَتَّى جَعَلْتِ
الجِنانَ جَنَّةً وَاحِدَةً؟
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «هَبِلَتْهُمُ الْهَبُولُ» أَيْ ثَكِلَتْهم الثَّكُول،
وَهِيَ- بِفَتْحِ الْهَاءِ- مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي لَا يَبْقى لَهَا وَلَدٌ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ «قَالَ يَوْمَ أحُد: اُعْلُ هُبَلُ» هُبَلْ بِضَمِّ
الْهَاءِ: اسم صَنَم لهم معروف كانوا يَعْبُدونه.
__________
(1) هو كعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه. الصحاح واللسان (هوى) وفيهما: «وماذا يؤدِّي
اللَّيلُ» .
(2) في الأصل، واللسان: «ثكل ... الثّكل» وضبطته بالضم ن ا. وهو بوزن قُفْل، كما
في المصباح. وذكر صاحب القاموس أنه بالضم. قال: ويُحَرَّك.
(3) فى الأصل، واللسان: «ثكل ... الثّكل» وضبطته بالضم ن ا. وهو بوزن قُفْل، كما
في المصباح. وذكر صاحب القاموس أنه بالضم. قال: ويُحَرَّك.
(5/240)
(هـ)
وَفِيهِ «الخَيْرُ والشَّرُّ خُطَّا «1» لِابْنِ آدَمَ وَهُوَ فِي الْمَهْبَلِ»
هُوَ بِكَسْرِ الْبَاءِ: موضعُ الوَلدِ مِنَ الرَّحِم. وَقِيلَ: أقْصاه.
وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ «فتَحْمِلُهم فتَطْرحهم بِالْمَهْبَلِ» هُوَ الهوَّة
الذاهِبةُ فِي الْأَرْضِ.
(هَبْلَعَ)
(س) فِي شِعر خُبيب بْنِ عَدِيّ:
جَحْم نارٍ هَبَلَّعِ «2»
الْهَبَلَّعُ: الأكُول. وَقِيلَ: إِنَّ الْهَاءَ زَائِدَةٌ، فَيَكُونُ مِنَ
البَلْع.
(هَبَنْقَعَ)
(س) فِيهِ «مَرَّ بِامْرَأَةٍ سَوْدَاء تُرَقِّصُ صَبِيّاً لَهَا وَتَقُولُ «3» :
يَمْشي الثَّطَا ويَجْلِس الْهَبَنْقَعَة
هِيَ أَنْ يُقْعِيَ ويَضُمَّ فَخِذَيه ويَفْتَح رِجْليه. والْهَبَنْقَع
والْهَبَاقِع: الْقَصِيرُ المُلَزَّزُ الخَلْق، والنُّونُ زائِدَة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الزِّبْرِقان «تَمْشِي الدِّفِقَّى وتَقْعُدُ الهَبَنْقَعَة» .
(هَبْهَبَ)
(س) فِيهِ «إِنَّ فِي جهَنّم وادِياً يُقَالُ لَهُ: هَبْهَبْ، يَسْكُنه
الجبَّارون» الْهَبْهَبْ:
السَّريع. وهَبْهَبَ السّرابُ، إِذَا تَرَقْرَقَ.
(هَبَا)
(س) فِي حَدِيثِ الصَّوم «وَإِنْ حَالَ بَيْنَكم وبَيْنَه سَحابٌ أَوْ هَبْوَةٌ
فأكْمِلُوا العِدّة» أَيْ دُون الْهِلَالِ. والْهَبْوَةُ: الغَبَرة. ويُقالُ لِدُقاقِ
التُّراب إِذَا ارْتَفَع: هَبَا يَهْبُو هَبْواً.
__________
(1) في الهروي: «حَظٌّ» .
(2) البيت بتمامه، كما في السيرة النبوية، لابن هشام 3/ 185:
وما بِي حِذارُ الموتِ إنِّي لَمَيِّتٌ ... ولكن حِذارِي جَحْمُ نارٍ مُلَفّعِ
وفي الأصل، وا، واللسان: «حجم» بتقديم المهملة على المعجمة. وأثبته بتقديم المعجمة
على المهملة من السيرة. والجحم: اضطرام النار. وفي اللسان: «هِبْلَع» قال صاحب
القاموس: الهَبَلَّعُ، كعَمَلَّسٍ وقِرْطاسٍ ودِرْهَم: الأكول العظيم اللَّقْم.
(3) انظر مادة (ذأل) فيما سبق 31- النهاية 5.
(5/241)
وَفِي
حَدِيثِ الْحَسَنِ «ثُمَّ اتَّبَعَه مِنَ النَّاس رَعاعٌ «1» هَبَاءٌ» الْهَبَاءُ
فِي الْأَصْلِ: مَا ارْتَفع مِنْ تَحْت سَنابِك الخَيْل، والشَّيءُ المُنْبَثُّ
الَّذي تَراه فِي ضَوْء الشمسِ، فَشَبَّه بِهِ أتْباعه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ سُهَيل بْنِ عَمْرٍو «أقْبَلَ يَتَهَبَّى كَأَنَّهُ جَملٌ
آدَمُ» التَّهَبِّي: مَشْيُ المُخْتال المُعْجِب، مِنْ هَبَا يَهْبُو هَبْواً،
إِذَا مَشَى مَشْياً بَطِيئًا. وَجَاءَ يَتَهَبَّى، إِذَا «2» جَاءَ فارِغاً
يَنْفُضُ يَدَيْه.
وَفِيهِ «أَنَّهُ حَضَر ثَرِيدَةً فَهَبَّاهَا» أَيْ سَوَّى مَوْضِعَ الأصابِع
مِنْهَا. كَذَا رُوِيَ وشرح.
باب الهاء مع التاء
(هَتَتَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ إراقَةِ الْخَمْرِ «فَهَتَّهَا فِي البَطْحاءِ» أَيْ صَبَّها
عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى سُمِعَ لَها هَتِيتٌ: أَيْ صَوْت.
(هـ) وَفِيهِ «أقْلِعُوا عَن الَمعاصِي قَبْل أنْ يأخُذَكُم اللَّهُ فيَدَعَكُم
هَتّاً بَتّاً» الْهَتُّ: الكَسْر.
وهَتَّ ورقَ الشَّجَر، إِذَا أخَذَه. والبَتُّ: القَطْع. أَيْ قَبْلَ أنْ
يَدَعَكُم هَلْكَى مَطْرُوحين مَقْطُوعين.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الحسَن «واللَّه مَا كَانُوا بِالْهَتَّاتِينَ، ولكنَّهم كَانُوا
يَجْمَعون الكَلامَ ليُعْقَلَ «3» عَنْهُمْ» الْهَتَّاتُ: المِهذار. وهَتَّ
الْحَدِيثَ يَهُتُّهُ هَتّاً، إِذَا سَرَدَه وتابَعه.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ عَمْرو بْنُ شُعَيب وفُلان يَهُتَّانَ الكَلام» .
(هَتَرَ)
(هـ) فِيهِ «سَبَق المُفَرِّدون «4» ، قَالُوا: وَمَا المُفَرِّدون «4» ؟ قَالَ:
الَّذِينَ أُهْتِرُوا فِي ذِكر اللَّه عَزَّ وجَلّ» وَفِي رِوَايَةٍ
«الْمُسْتَهْتِرُونَ بِذكْر اللَّه» يَعْني الَّذِينَ أُولِعُوا بِهِ. يُقال:
أُهْتِرَ فُلان بكذا،
__________
(1) ضبط في الأصل: «رِعاع» بالكسر. وهو خطأ شائع.
(2) هذا شرح الأصمعي، كما ذكر الهروي.
(3) في الهروي: «فيعقل» .
(4) في الأصل واللسان: «المُفْرِدُون» بالكسر والتخفيف. وفي الهروي:
«المُفْرَدُون» بالفتح والتخفيف. وضبطته بالكسر مع التشديد من ا، ومما سبق في مادة
(فرد) وهي رواية مسلم (باب الحث على ذكر اللَّه تعالى، من كتاب الذكر والدعاء
والاستغفار.
(5/242)
واسْتُهْتِرَ،
فَهُوَ مُهْتَرٌ بِهِ، ومُسْتَهْتَرٌ: أَيْ مُولَع بِهِ لَا يَتَحَدّث بغَيره،
وَلَا يَفْعَلُ غَيرَه.
وَقِيلَ: أَرَادَ بقَوله «أُهْتِرُوا فِي ذِكْرِ اللَّه» كَبِرُوا فِي طاعَتِه
وهَلَكَت أقْرانُهم، مِنْ قَوْلِهِمْ: أُهْتِرَ الرجُل فَهُوَ مُهْتَرٌ، إِذَا
سَقَط فِي كلامِه مِنَ الكِبَرِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «المُسْتَبَّانِ شَيْطانَانِ، يَتَهاتَرانِ
ويَتَكاذَبانِ» أَيْ يَتَقاوَلانِ ويَتَقابِحَانِ فِي القَوْل. مِنَ الهِتْر،
بالكَسْر، وَهُوَ الباطِل والسَّقَط مِنَ الْكَلَامِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «أعوذُ بِك أَنْ أكُونَ مِن
الْمُسْتَهْتَرِينَ» أَيِ المُبْطِلين فِي القَول والمُسْقِطِين فِي الكَلام.
وَقِيلَ: الذَّين لَا يُبالُون مَا قِيلَ لهُم وَمَا شُتِمُوا بِهِ.
وَقِيلَ: أَرَادَ المُسْتَهْتَرِينَ بالدُّنْيا.
(هَتَفَ)
(س) فِي حَدِيثِ حُنَين «قَالَ: اهْتِفْ بالأنْصار» أَيْ نادِهِم وادْعُهُم.
وَقَدْ هَتَفَ يَهْتِفُ هَتْفاً. وهَتَفَ بِهِ هِتَافاً، إِذَا صَاحَ بِهِ
وَدَعاه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ بَدْرٍ «فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ» أَيْ يَدْعُوهُ
وَيُنَاشِدُهُ.
(هَتَكَ)
- فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «فَهَتَكَ العَرْصَ «1» حَتَّى وقَعَ بِالْأَرْضِ»
الْهَتْكُ: خَرْق السِّتْر عَمَّا وَرَاءه. وَقَدْ هَتَكَهُ فَانْهَتَكَ، والاسْم:
الْهُتْكَةُ. والْهَتِيكَةُ: الفَضيحةُ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ نَوْف البِكَاليِّ «كُنْتُ أبِيتُ عَلَى بَابِ دَارِ عَليِّ،
فَلَمَّا مَضَتْ هُتْكَةٌ مِنَ اللَّيل قُلْتُ كَذا» الْهُتْكَةُ: طائِفة مِنَ
اللَّيل. يُقال: سِرْنا هُتْكَةً مِنَ اللَّيْلِ، كَأَنَّهُ جَعَل اللَّيْلَ
حِجَاباً، فُكُلّمَا مَضَى مِنْه ساعةٌ فَقَدْ هُتِكَ بِهَا طائِفةٌ مِنْه.
(هَتَمَ)
(س) فِيهِ «أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِهَتْمَاءَ» هِيَ التَّي انْكَسَرت
ثَناياهَا مِنْ أصْلِها وانْقَلَعَت.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أنَّ أَبَا عُبَيدَة كَانَ أَهْتَمَ الثَّنايَا»
انْقَطَعَتْ ثَناياهُ يومَ أحُدٍ لمَّا جَذَب بِهَا الزَّرَدَتَيْن اللَّتَيْن
نَشِبتَا فِي خَدِّ رسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
__________
(1) في اللسان: «العِرْض» وانظر الخلاف فيه في مادة (عرص) فيما سبق.
(5/243)
باب
الهاء مع الجيم
(هَجَدَ)
- فِي حَدِيثِ يَحْيى بْنِ زكَريَّا عَلَيْهِمَا السَّلام «فنَظر إِلَى
مُتَهَجِّدي عُبَّاد بَيْتِ المَقْدِس» أَيِ المُصَلِّين بِاللَّيْلِ. يُقال:
تَهَجَّدْتُ، إِذَا سَهِرْتَ، وَإِذَا نِمْتَ، فَهُوَ مِنَ الأضْداد. وَقَدْ
تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ.
(هَجَرَ)
(س) فِيهِ «لَا هِجْرَةَ بَعْد الفَتْح، ولكِنْ جهادٌ ونِيَّة» .
(س) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «لَا تَنْقَطِع الْهِجْرَةُ حتَّى تَنْقَطِعَ التَّوبَة»
الهِجْرة فِي الأصْل: الاسْم مِنَ الْهَجْرِ، ضِدّ الوَصْلِ. وَقَدْ هَجَرَهُ
هَجْراً وهِجْرَاناً، ثُم غَلَب عَلَى الخُرُوج مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ، وتَركِ
الْأُولَى للثَّانية. يُقال مِنْهُ: هَاجَرَ مُهَاجَرَةً.
والْهِجْرَةُ هِجْرَتَانِ: إحْدَاهُما الَّتِي وَعَدَ اللَّه عَلَيْهَا الْجَنَّةَ
فِي قَوْلِهِ «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ
وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ» فكَان الرَّجُل يَأتي النبيَّ صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويَدَعُ أهْلَه وَمَاله، لَا يَرْجِع فِي شَيْءٍ
مِنْهُ، ويَنْقَطِع بِنَفْسه إِلَى مُهاجَرِه، وَكَانَ النبيُّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَه أَنْ يَمُوت الرَّجُلُ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَر
مِنْهَا، فَمِن ثَمَّ قَالَ: «لكِن البَائِس سَعْد بنُ خَوْلَةَ» ، يَرْثي لَهُ
رسولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ ماتَ بِمَكّة. وَقَالَ حِينَ
قَدِمَ مَكَّةَ: «اللَّهُمَّ لَا تَجْعَل مَنَايَانَا بِهَا» . فلمَّا فُتِحَتْ
مَكّةُ صارَت دَارَ إسْلام كالمدِينَة، وانْقَطَعت الهِجْرَة.
والهِجْرة الثَّانِيَة: مَن هَاجَرَ مِن الأعْرابِ وغَزَا مَعَ المُسْلمين، وَلَمْ
يَفْعَلْ كَمَا فَعَل أصْحابُ الهِجْرة الْأُوْلَى، فَهُوَ مُهَاجِرٌ، ولَيْس
بِدَاخِل فِي فَضْل مَنْ هاجَر تِلْك الهِجْرَة، وهُو المرادُ بِقَوْلِهِ: «لَا
تنْقَطِع الهجرةُ حَتَّى تَنْقَطِع التَّوبَة» .
فهَذا وجْه الجَمْع بَيْن الْحَدِيثَيْنِ. وَإِذَا أُطْلِق فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ
الهِجْرَتَيْن فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِمَا هِجْرةُ الحَبَشَة وهجْرةُ
الْمَدِينَةِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «سَتَكون هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ، فَخِيَارُ أَهْلِ
الْأَرْضِ أَلْزَمُهُمْ مُهَاجَرَ إِبْرَاهِيمَ» الْمُهَاجَرُ، بِفَتْحِ الْجِيمِ:
موضِع المُهاجَرَة، ويُريدُ بِهِ الشَّامَ؛ لأنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ
السَّلَامُ لَمَّا خَرج مِنْ أَرْضِ العرَاق مَضَى إِلَى الشَّام وَأَقَامَ بِهِ.
(5/244)
(هـ)
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «هَاجِرُوا وَلَا تَهَجَّرُوا» أَيْ أخْلِصُوا الهِجْرةَ
للَّه، وَلَا تَتَشَبَّهوا بالمهاجِرين عَلَى غَيْر صحَّة مِنْكُمْ. يُقَالُ:
تَهَجَّرَ وتَمَهْجَرَ، إِذَا تَشَبَّه بالمُهاجِرين.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْر هَذِهِ الكَلِمَة فِي الْحَدِيثِ، اسْماً وفِعْلا،
ومُفْرداً وجَمْعاً.
(س) وَفِيهِ «لَا هِجْرَةَ بَعْد ثلاثٍ» يُرِيدُ بِهِ الْهَجْر ضِدّ الوَصل.
يَعْني فِيمَا يَكُون بَيْن الْمُسْلِمِينَ مِنْ عَتْب ومَوْجِدَة، أَوْ تَقْصِيرٍ
يَقَع فِي حُقُوق العِشْرَة والصُّحْبَة، دونَ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فِي جَانِبِ
الدِّين، فإنَّ هِجْرة أهْلِ الأهْواء والبِدَع دَائمة عَلَى مَرِّ الأوقاتِ، مَا
لَمْ تَظْهر منْهُم التَّوْبة والرُّجُوع إِلَى الحقِّ، فإنَّه صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَافَ عَلَى كعْب بْنِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ النِّفاقَ
حِينَ تَخَلّفوا عَنْ غَزْوة تَبوك أمَر بِهِجْرانِهم خَمْسين يَوْماً. وَقَدْ
هَجَرَ نِساءَه شَهراً، وهَجَرَتْ عَائِشَةُ ابنَ الزُّبَير مُدَّة. وَهَجر
جَمَاعةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ جَماعةً مِنْهُمْ وماتُوا مُتَهَاجِرِينَ. وَلَعَلَّ
أحَدَ الأمْرَيْن مَنْسُوخٌ بالآخَر.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مِنَ الناسِ مَنْ لَا يَذْكُر اللَّهَ إِلَّا
مُهَاجِراً» يُرِيدُ هِجْرَان القَلْب وتَرْكَ الإخْلاص فِي الذِّكْر. فكأنَّ
قَلْبَه مُهاجرٌ للسَانه غَيْرُ مواصلٍ لَهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ «وَلَا يَسْمَعون القُرآنَ إِلَّا هَجْراً
«1» » يريدُ التَّرْكَ لَهُ والإعْراضَ عَنْهُ. يُقَالُ: هَجَرْتُ الشَّيءَ
هَجْراً «2» إِذَا تَرَكْتَه وأغْفَلْتَه.
وَرَوَاهُ ابنُ قُتَيْبَة فِي كِتَابِهِ «وَلَا يَسْمَعون القَوْلَ إِلَّا
هُجْراً» بِالضَّمِّ. وَقَالَ: هُوَ الخَنَا والقَبيحُ مِنَ الْقَوْلِ.
قَالَ الخَطَّابي: هَذَا غَلَطٌ فِي الرِّوَايَةِ وَالْمَعْنَى، فَإِنَّ
الصَّحِيحَ مِنَ الرِّوَايَةِ «وَلَا يسْمَعون الْقُرْآنَ» .
ومَن رَواه «القَوْلَ» فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْقُرْآنَ، فَتَوهَّم أَنَّهُ
أَرَادَ بِهِ قَوْلَ النَّاسِ. والقرآنُ ليْسَ مِنَ الخَنَا والقَبيحِ مِنَ
القَول.
(هـ) وَفِيهِ «كُنت نَهَيْتُكم عَنْ زِيَارَةِ القُبُور فزُورُوها وَلَا تَقُولوا
هُجْراً» أَيْ فُحْشا.
يُقَالُ: أَهْجَرَ فِي مَنْطقه يُهْجِرُ إِهْجَاراً، إِذَا أفْحَش. وَكَذَلِكَ
إِذَا أَكْثَرَ الْكَلَامَ فِيمَا لَا يَنْبَغِي.
وَالِاسْمُ: الْهُجْر، بِالضَّمِّ. وهَجَرَ يَهْجُرُ هَجْراً «3» ، بِالْفَتْحِ،
إِذَا خَلَط فِي كَلَامِهِ، وإذا هَذَى.
__________
(1) في ا، واللسان: «هُجْرا» بالضم.
(2) في اللسان: «هُجْرا» بالضم أيضا.
(3) ضبط في الأصل: «هَجَراً» بفتحتين. وليس في المعاجم.
(5/245)
(هـ)
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِذَا طُفْتُمْ بالبَيْت فَلَا تَلْغُوا وَلَا تَهْجِرُوا»
يُروَى بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ، مِنَ الفُحْش وَالتَّخْلِيطِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثِ مرضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَالُوا:
مَا شأنُه؟ أهَجَرَ؟» أَيِ اخْتَلَف كلامُه بِسَبَبِ المرضِ، عَلَى سَبِيلِ
الِاسْتِفْهَامِ. أَيْ هَلْ تَغَيَّر كلامُه واخْتَلَط لِأَجْلِ مَا بِهِ مِنَ
الْمَرَضِ؟
وَهَذَا أحْسَنُ مَا يُقَالُ فِيهِ، وَلَا يُجْعل إِخْبَارًا، فَيَكُونُ إمَّا
مِنَ الفُحْش أَوِ الهَذَيان. وَالْقَائِلُ كانَ عُمَرَ، وَلَا يُظَنُّ بِهِ
ذَلِكَ.
(هـ) وَفِيهِ «لَوْ يَعْلَمُ الناسُ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ»
التَّهْجِيرُ: التَّبْكِيرُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ والمُبادَرَة إِلَيْهِ. يُقَالُ:
هَجَّرَ يُهَجِّرُ تَهْجِيراً، فَهُوَ مُهَجِّرٌ، وَهِيَ لُغَةٌ حجازِيَّة، أرادَ
المبادَرة إِلَى أوَّلِ وَقْتِ الصَّلَاةِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْجُمُعَةِ «فَالْمُهَجِّرُ إِلَيْهَا كالمُهدى بَدَنَةً»
أَيِ المُبَكِّر إِلَيْهَا. وَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِيهِ «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْهَجِيرَ حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ» أَرَادَ
صلاةَ الْهَجِيرِ، يَعْنِي الظُّهْر، فحَذَف الْمُضَافَ. والْهَجِيرُ
والْهَاجِرَةُ: اشتدادُ الحَرِّ نصفَ النهار. والتَّهْجِيرُ، والتَّهَجُّرُ،
والْإِهْجَارُ:
السَّيْر فِي الْهَاجِرَةِ. وَقَدْ هَجَّرَ النهارُ، وهَجَّرَ الرَّاكِبُ، فَهُوَ
مُهَجَّرٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو «وَهَلْ مُهَجِّرٌ كَمَنْ قَالَ؟» أَيْ هَلْ
مَن سَارَ فِي الْهَاجِرَةِ كَمَنْ أَقَامَ فِي الْقَائِلَةِ؟ وَقَدْ تَكَرَّرَ
فِي الْحَدِيثِ، عَلَى اخْتِلَافِ تَصَرُّفه.
وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ «مَاءٌ نَمِيرٌ ولَبَنٌ هَجِيرٌ» أَيْ فائقٌ فَاضِلٌ.
يُقَالُ: هَذَا أَهْجَرُ مِنْ هَذَا:
أَيْ أَفْضَلُ مِنْهُ. وَيُقَالُ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «مَا لَهُ هِجِّيرَى غَيْرَها» الْهِجِّيرُ
والْهِجِّيرَى: الدَّأبُ والعَادَةُ والدَّيْدَنُ.
(س) وَفِي حَدِيثِهِ أَيْضًا «عَجِبْتُ لتَاجِرِ هَجَرٍ وَرَاكِبِ الْبَحْرِ»
هَجَرٌ: اسْمُ بَلَدٍ مَعْرُوفٍ بالبَحْرَيْن، وَهُوَ مُذَكَّر مَصْروفٌ،
وَإِنَّمَا خَصَّها لِكَثْرة وبَائِها. أَيْ إنَّ تاجِرَهَا وراكِبَ الْبَحْرِ
سواءٌ فِي الْخَطَرِ.
(5/246)
فأمَّا
هَجَر الَّتِي تُنْسَب إِلَيْهَا القِلالُ الْهَجَرِيَّة فهي قَرْية من قُرَى
الْمَدِينَةِ.
(هِجْرِسٌ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّ عُيَيْنة بْنَ حِصْن مَدّ رجْلَيْه بَيْنَ يَدَي رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ فُلَانٌ «1» : يَا عَيْنَ
الْهِجْرِس، أتَمُدّ رِجْلَيْك بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّه؟» الْهِجْرِسُ:
وَلَدُ الثَّعْلَبِ. والْهِجْرِسُ أَيْضًا: القِرْد.
(هَجَسَ)
(س) فِيهِ «وَمَا يَهْجِسُ «2» فِي الضَّمَائِرِ» أَيْ مَا يَخْطُر بِهَا ويَدُورُ
فِيهَا مِنَ الْأَحَادِيثِ وَالْأَفْكَارِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ قُباث «وَمَا هُوَ إِلَّا شَيءٌ هَجَسَ فِي نَفْسِي» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «فَدَعَا بِلَحْمٍ عَبِيط وخُبْزٍ مُتَهَجِّسٌ» أَيْ
فطَيرٍ لَم يَخْتَمِر عَجِينُه.
وَرَوَاهُ بعضُهم بِالشِّينِ، وَهُوَ غَلَط.
(هَجَعَ)
(س) فِي حَدِيثِ الشُّورَى «طَرَقَنِي بَعْد هَجْعٍ مِنَ الليلِ» الْهَجْعُ
والْهَجْعَةُ والْهَجِيعُ: طائفةٌ مِنَ اللَّيل. والْهُجُوعُ: النَّومُ لَيْلاً.
(هَجَلَ)
(هـ) فِيهِ «دَخَل المسْجدَ وإذَا فِتْيَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَذْرَعُون المسجدَ
بِقَصَبَةٍ، فأخَذ القَصَبَة فَهَجَلَ بِهَا» أَيْ رَمَى بِهَا. قَالَ
الْأَزْهَرِيُّ: لَا أعْرِفُ هَجَلَ بِمَعْنَى رَمَى، ولَعلَّه نَجَل [بِهَا] «3»
.
(هَجَمَ)
(هـ) فِيهِ «إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ العَيْنُ» أَيْ غَارَت ودَخَلَت
فِي مَوضِعها.
وَمِنْهُ الْهُجُومُ عَلَى القُوْم: الدُّخُول عَلَيْهِمْ.
وَفِي حَدِيثِ إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ «فضَمَمْنا صِرْمَتَه إِلَى صِرْمَتِنا
فكانَتْ لَنَا هَجْمَة» الْهَجْمَةُ منَ الْإِبِلِ: قَريبٌ مِنَ الْمِائَةِ.
__________
(1) هو أُسَيْد، كما صرَّح به الهروي. والزمخشري في الفائق 3/ 194.
(2) هكذا بالكسر في الأصل، وا، والقاموس، ضبط القلم. ونص صاحب المصباح على أنه من
باب قتل.
(3) زيادة من ا، والهروي.
(5/247)
(هَجَنَ)
(هـ) فِي صِفَة الدَّجَّالِ «أزْهَرُ هِجَانٌ» الْهِجَانُ: الأبْيض. ويَقَع عَلَى
الواحِد والاثْنَين والجَميع والمؤنَّث، بلَفْظ واحِد.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الهِجرة «مَرَّا بَعَبْدٍ يَرْعَى غَنَما، فاسْتسْقَاهُ مِنَ
اللَّبَن، فقال:
والله ما لي شَاةٌ تُحْلَب غَيْرَ عَنَاقٍ حَمَلَت أوّلَ الشِّتاء فَما بِهَا
لَبَن وَقَدِ اهْتُجِنَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: ائتِنَا بِها» اهْتُجِنَتْ: أَيْ تَبَيَّن حَمْلُها. والْهَاجِنُ:
الَّتِي حَمَلتْ قبلَ وقتِ حَمْلِها.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: «اهْتُجِنَتِ الْجَارِيَةُ، إِذَا وُطِئت وَهِيَ
صَغِيرَةٌ» . وَكَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ مِنَ الْبَهَائِمِ.
وَقَدْ هَجَنَتْ هِيَ تَهْجِنُ «1» هُجُوناً. واهْتَجَنَهَا الفَحْل، إِذَا
ضَرَبَها فألقَحها.
وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبٍ
حَرْفٌ أخُوها أبُوها مِن مُهْجَّنَةٍ
أَيْ حُمِلَ عَلَيْهَا فِي صِغَرِها.
وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْمُهَجَّنَةِ أَنَّهَا مِن إبِلٍ كِرام. يُقَالُ: امرأةٌ
هِجَانٌ، وناقةٌ هِجَان: كَرِيمة.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ
هَذَا جَنَاىَ وَهِجَانُه فيهْ
أَيْ خالِصُه وخِيَارُه. هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ «2» . والْهَجِينُ فِي
النَّاسِ والخَيْلِ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، فَإِذَا كَانَ الأبُ
عَتِيقاً والأمُّ لَيْسَتْ كَذَلِكَ كانَ الوَلَدُ هَجِيناً. والإقْرافُ مِنْ
قِبَلِ الأبِ.
(هَجَا)
(هـ) فِيهِ «اللَّهُمَّ إنَّ عَمْرو بْنَ الْعَاصِ هَجَانِي وَهُوَ يَعْلم أنِّي
لسْتُ بشاعِر، فَاهْجُهْ، اللَّهُمَّ والْعَنْه عَدَدَ ما هَجانِي، أو مكان
ماهجانى» أَيْ جازِه عَلَى الْهِجَاءِ جَزاء الهِجَاء. وَهَذَا كَقَوْلِهِ «مَنْ
يُرَائِي يُرائِي اللَّه بِهِ» أَيْ يُجازِيه على مُراآتِه.
__________
(1) بالكسر والضم، كما في القاموس.
(2) انظر مادة (جنى) فيما سبق.
(5/248)
باب
الهاء مع الدال
(هَدَأَ)
(س) فِيهِ «إيَّاكُم والسَّمَرَ بَعْدَ هَدْأَةِ الرِّجْل» الْهَدْأَةُ
والْهُدُوءُ: السُّكون عَنِ الحَرَكاتِ. أَيْ بَعْدَ مَا يَسْكُن الناسُ عَنِ
المَشْي والاخْتلافِ فِي الطُّرُق.
وَمِنْهُ حَدِيثُ سَواد بْنِ قَارِبٍ «جَاءَنِي بَعْدَ هَدْءٍ مِنَ اللَّيْلِ»
أَيْ بَعْد طَائِفَةٍ ذَهَبَتْ مِنْهُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سُلَيم «قَالَتْ لِأَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِها: هُوَ
أَهْدَأُ مِمَّا كَانَ» أَيْ أسْكَنُ، كَنَتْ بِذَلِكَ عَنِ المَوْت، تَطْيِيباً
لِقَلْب أَبِيهِ.
(هَدَبَ)
(س) فِي صِفَتِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ أَهْدَبَ الأشْفارِ»
وَفِي رِوَايَةٍ «هَدِبَ الأشْفارِ» أَيْ طَويلَ شَعَر الأجفانِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ زِياد «طَويلُ العُنُقِ أَهْدَبُ» .
(س) وَفِي حَدِيثِ وفْد مَذْحِج «إنَّ لَنا هُدَّابَهَا» الْهُدَّابُ: وَرَقُ
الْأَرْطَى. وكلّ مالم يَنبَسِط وَرَقُه، كالطَّرْفاء والسَّرْوِ، وَاحدَتُها:
هُدَّابَة.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كأنِّي أنظُر إِلَى هُدَّابِها» هُدْبُ الثَّوب،
وهُدْبَتُهُ، وهُدَّابُهُ: طَرَفُ الثَّوْب مِمَّا يَلِي طُرَّتَه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ امْرَأَةِ رِفاعة «إنَّ مَا «1» مَعَه مِثلُ هُدْبَةُ
الثَّوْب» أرَادَتْ مَتَاعَه، وَأَنَّهُ رِخْوٌ مثلُ طَرَف الثَّوب، لَا يُغْني
عَنْهَا شَيْئًا.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ «لَهُ أذُنٌ هَدْبَاءُ» أَيْ مُتَدَلِّية
مُسْتَرخِيَة.
وَفِيهِ «مَا منْ مُؤمن يَمْرَضُ إِلَّا حَطَّ اللَّهُ هُدْبَةً «2» مِن خَطايَاه»
أَيْ قِطْعَة مِنْهَا وطائفَة.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «هِيَ مِثْل الْهِدْفَة، وَهِيَ القِطْعَةُ، وهَدَبَ
الشَّيءَ، إِذَا قَطَعَه، وهَدَبَ الثَّمَرة، إِذَا اجْتَناها «3» » يَهْدِبُهَا
هَدْباً.
__________
(1) في الأصل: «إنما» وما أثبت من ا، واللسان.
(2) في ا: «هِدْبة» بالكسر.
(3) في الفائق 3/ 197: «قطفها» .
(5/249)
(هـ)
وَمِنْهُ حَدِيثُ خبَّاب «ومِنَّا مَن أيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرتُه فَهُوَ
يَهْدِبُهَا» أَيْ يَجْنيها.
(هَدَجَ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «إِلَى أَنِ أبْتَهَج بِهَا الصَّغِيرُ وهَدَجَ إِلَيْهَا
الكَبير» الْهَدَجَانُ بِالتَّحْرِيكِ: مِشْيَة الشَّيخ. وَقَدْ هَدَجَ يَهْدِجُ،
إِذَا مَشَى مَشْياً فِي ارْتِعاش.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَإِذَا شَيْخٌ يَهْدِج» .
(هَدَدَ)
(هـ) فِيهِ «اللَّهُمّ إِنِّي أعُوذ بِكَ مِنَ الْهَدِّ والْهَدَّةِ» الْهَدُّ:
الهَدْم، والْهَدَّةُ: الخَسْف.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الِاسْتِسْقَاءِ «ثُمَّ هَدَّتْ ودَرَّتْ» الْهَدَّةُ: صَوْتُ
مَا يَقَعُ مِنَ السَّحَابِ. وَيُرْوَى «هَدَأَتْ» : أَيْ سَكَنَت.
(س) وَفِيهِ «إِنَّ أَبَا لَهَبٍ قَالَ: لَهَدَّ مَا سَحَركُم صاحِبُكُم» لَهَدَّ:
كَلمة يُتَعَجَّب بِهَا.
يُقَالُ: لَهَدَّ الرجُلُ: أَيْ مَا أجْلَدَه! وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَهَدَّ
الرجُلُ: أَيْ لَنِعْم الرجُل، وَذَلِكَ إِذَا أثْنِي عَليه بِجَلَدٍ وشِدَّةٍ،
وَاللَّامُ لِلتَّأْكِيدِ.
وَفِيهِ لُغَتَانِ: مِنْهُمْ مَن يُجْريه مُجْرَى المَصْدر، فَلَا يُؤنِّثُه وَلَا
يُثَنِّيه وَلَا يَجْمَعه، وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤنِّث ويُثَنِّي ويَجْمَع،
فَيَقُولُ: هَدَّاكَ، وهَدُّوكَ، وهَدَّتْكَ.
(هَدَرَ)
(س) فِيهِ «أَنَّ رَجُلًا عَضَّ يَدَ آخَر، فنَدَرَ سِنُّه فَأَهْدَرَهُ» أَيْ
أبْطَلَه. يُقَالُ:
ذَهَبَ دَمُه هَدَراً وهَدْراً، إِذَا لَمْ يُدْرَك بثأرِه.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنِ اطَّلَع فِي دَارِ [قَوْمٍ] «1» بغَير إذْنٍ فقد
هَدَرَتْ عَيْنُه» أي إنْ فَقَأوها ذَهَبَتْ باطِلةً لَا قِصاصَ فِيهَا وَلَا
دِيَة. يُقَالُ: هَدَرَ دَمُهُ يَهْدِرُ»
هَدْراً: أَيْ بَطَلَ. وأَهْدَرَهُ السُّلْطَانُ.
وَفِيهِ «هَدَرْتَ فأطْنَبْتَ «3» » الْهَدِيرُ: تَرْدِيدُ صَوْتِ البَعير في
حَنْجَرَتِه.
__________
(1) زيادة من ا. وهي في مسند أحمد 2/ 385، 414، 527 من حديث أبي هريرة.
(2) بالكسر والضم، والمصدر: هَدْراً، وهَدَراً، كما في القاموس.
(3) في ا: «فأطنيت» بياء مثناة تحتية.
(5/250)
وَفِي
حَدِيثِ مُسَيْلِمة ذكرُ «الْهَدَّارِ» هُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ
الدَّالِ: ناحِيَة باليَمامَة كانَ بِهَا مَوْلِدُ مُسَيْلِمَة.
(هَدَفَ)
(هـ) فِيهِ «كانَ إذَا مَرَّ بِهَدَفٍ مائِلٍ أسْرَع المَشْيَ» الْهَدَفُ: كلُّ
بِناء مُرْتَفِع مُشْرِف.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ «قَالَ لَهُ ابْنُه عبدُ الرَّحْمَنِ. لَقَدْ
أَهْدَفْتَ لِي يَوْمَ بدْر فَضِفْتُ عنكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَكِنَّك لَوْ
أهْدَفْتَ لِي لَمْ أضِفْ عَنْكَ» يُقَالُ: أَهْدَفَ لَهُ الشيءُ واسْتَهْدَفَ،
إِذَا دَنَا مِنْهُ وانْتَصَب لَهُ مُسْتَقبِلا. وضِفْتُ عَنْك: أَيْ عَدَلْتُ
ومِلْتُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الزُّبَيْرِ «قَالَ لَعَمْرو بْنِ الْعَاصِ: لَقَدْ كُنْتَ
أَهْدَفْتَ لِي يَومَ بَدْرٍ، ولكنِّي اسْتَبْقَيْتُك لِمثل هَذَا اليَوْم»
وَكَانَ عبدُ الرَّحْمَنِ وعَمْرو يوْمَ بَدْر مَعَ الْمُشْرِكِينَ.
(هَدَلَ)
(س) فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أعْطِهِم صَدَقَتك وإنْ أَتَاكَ أَهْدَلُ «1»
الشَّفَتَيْن» الْأَهْدَلُ: المُسْتَرْخِي الشَّفَة السُّفْلَى الغَليظُها. أَيْ
وَإِنْ كَانَ الآخِذُ أسْوَدَ حَبَشِيّاً أَوْ زِنْجيّاً.
وَالضَّمِيرُ فِي «أعطِهم» لِلُولاةِ وأُولِي الأمْر.
وَمِنْهُ حَدِيثُ زِياد «أهْدَب أَهْدَلَ» .
وَفِي حَدِيثِ قُسّ «ورَوْضَة قَدْ تَهَدَّلَ أغْصانُها» أَيْ تَدَلَّت
واسْتَرْخَت، لِثَقَلِها بالثَّمرة.
(س) وَحَدِيثِ الْأَحْنَفِ «مِن ثِمارٍ مُتَهَدِّلَةٍ» .
(هَدَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ بَيْعَة العَقَبة «بَلِ الدَّمَ الدَّمَ والْهَدْمَ الهَدْمَ»
يروَى بِسُكُونِ الدَّالِ وفتحِها، فَالْهَدَمُ بالتَّحريك: القَبْرُ. يَعْنِي
إِنِّي أُقْبَرُ حَيْث تُقْبَرُون. وَقِيلَ: هُوَ المَنْزِل: أَيْ مَنْزِلُكُم
مَنْزِلي، كحَديثه الْآخَرِ «المَحْيَا مَحْياكُم والمَمات مَمَاتُكُم» أَيْ لَا
أُفارِقُكُم.
والْهَدْمُ بِالسُّكُونِ وَبِالْفَتْحِ أَيْضًا: هُوَ إهْدَارُ دَم القَتيل.
يُقَالُ: دِمَاؤُهمْ بَيْنَهُمْ هَدْمٌ: أَيْ مُهْدَرَةٌ. وَالْمَعْنَى إنْ طُلِبَ
دَمُكُم فَقد طُلِبَ دَمِي، وإنْ أُهْدِرَ دَمُكُم فَقد أُهْدِرَ دَمِي،
لاسْتِحْكامِ الأُلْفَةِ بَيْنَنا، وَهُوَ قولٌ مَعْروف لِلعَرَب، يَقُولون: دَمِي
دَمُك وهَدْمِي هَدْمُك، وذلك عِنْد المُعاهَدة والنُّصْرة.
__________
(1) في ا: «أهدلَ» بالنصب.
(5/251)
وَفِي
حَدِيثِ الشُّهَدَاء «وصاحِبُ الْهَدَمِ شَهِيد» الْهَدَمُ بالتَّحريك: البِنَاءُ
المَهْدُوم، فَعَلٌ بِمَعْنى مَفْعُول. وبالسُّكُون: الفِعْل نَفْسُه.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «منْ هَدَمَ بُنْيانَ رَبِّهِ فهُو مَلْعُون» أَيْ مَن
قَتل النَّفْس المُحَرّمة، لأنَّها بُنْيانُ اللَّهِ وتَركيبُه.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ كَانَ يَتَعَوَّذ مِن الْأَهْدَمَيْنِ» هُوَ
أَنْ يَنْهَارَ عَلَيْهِ بِنَاء، أَوْ يَقَعَ فِي بِئرٍ أَوْ أُهْوِيَّة.
والْأَهْدَمُ: أفْعَلُ، مِنَ الهَدَم، وَهُوَ مَا تَهَدَّمَ مِن نَواحِي البِئر
فَسقَط فِيهَا.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «وَقَفَتْ عَلَيْهِ عَجُوزٌ عَشَمَةٌ بِأَهْدَامٍ»
الْأَهْدَامُ: الأخْلاق مِنَ الثِّياب، واحِدُها: هِدْمٌ، بِالْكَسْرِ. وهَدَمْتُ
الثَّوْب، إِذَا رَقَعْتَه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «لبسْنا أهْدَامَ البِلَى» .
(س) وَفِيهِ «مَنْ كَانَتِ الدُّنيا هَدَمَهُ «1» وسَدَمَه» أَيْ بُغْيَتَه
وشَهْوَتَه. هَكَذَا رَوَاهُ بعضُهم. والمحفُوظ «هَمّه وسَدَمَه» .
(هَدَنَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الفِتْنَة «هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ» الْهُدْنَةُ: السُّكون.
والْهُدْنَةُ:
الصُّلْح والمُوادَعَة بيْن المُسْلمين والكُفَّار، وبَيْن كُلِّ مُتَحارِبَيْن.
يُقَالُ: هَدَنْتُ الرَّجُل وأَهْدَنْتُهُ، إِذَا سَكَّنْتَه، وهَدَنَ هُوَ،
يَتَعَدّى وَلَا يَتَعَدّى. وهَادَنَهُ مُهَادَنَةً: صَالحَه، والاسْم مِنْهُما:
الْهُدْنَة.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «عُمْيَاناً فِي غَيْب الهُدْنَة» أَيْ لَا
يَعْرِفون مَا فِي الفِتْنَة مِنَ الشَّرّ، وَلَا مَا فِي السُّكُونِ مِنَ
الخَيْر.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ سَلْمان «مَلْغَاةُ أوَّل اللَّيل مَهْدَنَةٌ لآخِره»
مَعْناه إِذَا سَهِر أَوَّلَ اللَّيل وَلَغَا فِي الْحَدِيثِ لَمْ يَسْتَيْقِظ فِي
آخِره للتَّهَجُّد والصَّلاة، أَيْ نَوْمُه آخِرَ اللَّيْلِ بِسَبب سَهَره فِي
أوَّله.
والمَلْغَاة والْمَهْدَنَةُ: مَفْعَلَة، مِنَ اللَّغْو والْهُدُونُ: السُّكون:
أَيْ مَظِنَّةٌ لَهُما.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ «جَبَاناً هِدَاناً» الْهِدَانُ: الأحْمَق الثَّقيل.
(هَدَهَ)
(س) فِيهِ «إِذَا كَانَ بِالْهَدَةِ بَيْنَ عُسْفَانَ ومَكَّة «2» » الْهَدَةُ
بالتَّخْفيف: اسْمُ
__________
(1) في الأصل «هَدْمه» بالسكون. وضبطته بالتحريك من اواللسان.
(2) في ياقوت: بين مكة والطائف.
(5/252)
مَوْضِعٍ
بالحِجاز، والنِّسْبة إِلَيْهِ: هَدَوِىٌّ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. ومنْهُم مَنْ
يُشَدِّد الدَّال. فأمَّا الهَدَاة التَّي جَاءَتْ فِي ذكْر قَتْلِ عَاصِمٍ،
فَقِيلَ: إنَّها غَيْرُ هَذِهِ. وَقِيلَ: هيَ هيَ.
(هَدْهَدَ)
(هـ) فِيهِ «جَاءَ شيطانٌ إِلَى بِلال فَجَعَلَ يُهَدْهِدُهُ كَمَا يُهَدْهَدُ
الصَّبيُّ» الْهَدْهَدَة:
تَحْريكُ الأمِّ ولدَها لِيَنَامَ.
(هَدَا)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى «الْهَادِي» هُوَ الذَي بَصَّر عِبَادَه
وعَرَّفَهُم طَريقَ مَعْرِفَتِه حتَّى أقّرُّوا بِرُبُوبيَّتِه، وهَدَى كُلَّ
مَخْلُوق إلى ما لا بُدَّ لَهُ مِنْهُ فِي بقائِه وَدَوامِ وجودِه.
وَفِيهِ «الْهَدْيُ الصَّالح والسَّمت الصَّالح جُزءٌ مِن خَمْسة وعِشْرين جُزْءاً
مِنَ النُّبُوّة» الْهَدْيُ:
السِّيرة والهَيئة والطَّريقَة.
ومَعْنى الْحَدِيثِ أنَّ هَذِهِ الخِلاَل مِنْ شمَائل الْأَنْبِيَاءِ ومِن جُمْلَة
خِصالهم، وأنَّها جُزء مَعْلُوم مِنْ أَجْزَاءِ أفْعَالِهم. وَلَيْسَ المعْنى أنَّ
النُّبوّة تَتَجزَّأ، وَلاَ أنَّ مَن جَمع هَذِهِ الخلالَ كَانَ فِيهِ جزءٌ مِنَ
النُّبُوَّة، فإنَّ النبوَّة غيرُ مكْتَسَبة وَلَا مُجْتَلبَة بالأسْباب، وإنَّما
هِيَ كرامَة مِنَ اللَّه تَعَالَى.
وَيَجُوزُ أَنَّ يَكُونَ أرادَ بالنُّبُوَّة مَا جَاءَتْ بِهِ النُّبُوّة ودَعَت
إِلَيْهِ، وتَخْصِيصُ هَذَا العددَ ممَّا يَسْتَأثر النبيُّ بمعرِفته.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «واهْدُوا هَدْيَ عَمَّار» أَيْ سِيرُوا بِسِيرَته
وَتَهَيَّأُوا بِهَيْئَته. يُقَالُ: هَدَى هَدْيَ فُلانٍ، إِذَا سَار بِسِيرَته.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «إنَّ أحْسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ»
.
(هـ) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «كنَّا نَنْظُر إِلَى هَدْيِهِ وَدَلِّه» وَقَدْ
تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لِعليّ: سَلِ اللَّهَ الْهُدَى» وَفِي رِوَايَةٍ «قُلِ
اللَّهُمَّ اهْدِني وسَدِّدْني، واذكُر بالهُدى هِدايَتكَ الطّريقَ، وبالسَّداد
تَسْديدَكَ السَّهْمَ» الْهُدَى: الرَّشاد والدّلالةُ، ويُؤَنث ويُذَكّر. يُقال:
هَدَاهُ اللَّه لِلدِّين هُدًى. وهَدَيْتُهُ الطّريقَ وَإِلَى الطَّرِيقِ هِدايةً:
أَيْ عَرَّفْتُه. وَالْمَعْنَى إِذَا سَأَلْتَ اللَّه الْهُدَى فأخْطِرْ بِقَلْبِك
هِدايَة الطَّرِيقِ، وسَلِ اللَّه الاسْتِقامَة فِيهِ، كَمَا تَتَحرَّاهُ فِي
سُلوك الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّ سالِكَ الفَلاة يَلْزَم الْجَادَّةَ وَلَا
يُفَارِقُهَا، خَوفاً مِنَ الضَّلَالِ. وَكَذَلِكَ الرَّامي إِذَا رَمَى شَيْئًا
سَدَّد السَّهْم نَحْوَه ليُصيبَه، فأخْطِرْ ذَلِكَ بِقَلْبِك لِيكون مَا تَنْوِيه
مِنَ الدُّعاء عَلَى شاكِلَة مَا تَسْتَعمِله فِي الرَّمْي.
(5/253)
وَمِنْهُ
الْحَدِيثُ «سُنَّةُ الخُلَفاء الرَّاشِدين الْمَهْدِيِّينَ» الْمَهْدِىُّ:
الَّذِي قَدْ هَداه اللَّه إِلَى الحَقّ.
وَقَدِ اسْتُعْمِل فِي الْأَسْمَاءِ حَتَّى صَارَ كالأسْماء الغالِبَة. وَبِهِ
سُمِّي المَهْديُّ الَّذِي بَشَّر بِهِ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَجيء فِي آخِر الزَّمان. ويُريد بالخُلَفاء المَهْديِّين أَبَا
بَكْرٍ وعُمر وَعُثْمَانَ وعَليّا، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ عَامًّا
فِي كُلّ مَنْ سارَ سَيرَتَهُم.
(س) وَفِيهِ «مَنْ هَدَى زُقاقاً كَانَ لَهُ مِثْل عِتْق رَقَبَة» هُو مِنْ
هِدَاية الطَّرِيقِ: أَيْ مَنْ عَرَّف ضَالًّا أَوْ ضَريراً طَرِيقَهُ.
ويُروَى بِتَشْدِيدِ الدَّال، إمَّا للمُبالَغة، مِنَ الهِداية، أَوْ مِنَ
الهَديَّة: أَيْ مَنْ تَصَدَّق بزقاقٍ مِنَ النَّخْل: وَهُوَ السِّكَّة والصَّفُّ
مِنْ أشْجارِه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ طَهْفة «هَلَكَ الْهَدِىُّ وماتَ الوَدِيُّ» الهَديُّ
بِالتَّشْدِيدِ كالهَدْيِ بِالتَّخْفِيفِ، وَهُوَ مَا يُهْدَى إِلَى البَيْت
الحَرام مِنَ النَّعَم لِتُنْحر، فأُطْلق عَلَى جَميع الإبِل وَإِنْ لَمْ تَكُنْ
هَدْياً، تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ ببَعْضِه. يُقال: كَمْ هَدْىُ بَني فُلان؟ أَيْ
كَمْ إبِلُهُم. أَرَادَ هَلَكَت الْإِبِلُ ويَبِسَتِ النَّخِيلُ.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ «الهَدْي والهَدِيِّ» فِي الْحَدِيثِ. فَأَهْلُ
الْحِجَازِ وبَنُو أسَدٍ يُخَفِّفُون، وتَيْم وسُفْلَى قَيْسٍ يُثَقِّلونَ. وقد
قرىء بِهِمَا. وواحِد الْهَدْيِ والْهَدِىِّ: هَدْيَةٌ وهَدِيَّةٌ. وجَمْعُ
المخَفَّفِ: أَهْدَاءٌ.
وَفِي حَدِيثِ الْجُمُعَةِ «فَكَأَنَّمَا أَهْدَى دَجاجة، وكأنَّما أهْدَى
بَيْضَة» الدَّجاجَة والبَيْضَة لَيْسَتا مِنَ الهَدْيِ، وإنَّما هُوَ مِنَ الإبِل
والبَقَر، وَفِي الغَنَم خِلافٌ، فَهُو مَحْمول عَلَى حُكْم مَا تَقَدَّمَه مِن الْكَلَامِ؛
لِأَنَّهُ لمَّا قَالَ «أهْدَى بدَنةَ وأهْدَى بَقَرةَ وَشَاةً» أتْبَعَه
بالدّجاجَة والبيْضة، كَمَا تَقُول:
أكَلْتُ طَعاماً وشَراباً، والأكْلُ يَخْتَصُّ بالطَّعام دُون الشَّرَابِ. ومثْله
قوْلُ الشَّاعِرِ:
مُتَقَلِّداً سَيْفاً وَرُمْحاً «1»
والتّقَلُّد بالسَّيْف دُونَ الرُّمْح.
__________
(1) صدره كما في الصحاح (قلد) :
يا ليتَ زوجَكِ قد غَدَا
(5/254)
(س)
وَفِيهِ «طَلَعَت هَوَادِي الخَيْل» يَعْني أوائِلَها. والْهَادِي والْهَادِيَةُ:
العُنُق؛ لأنَّها تَتَقدَّم عَلَى البَدَن، ولأنَّها تَهْدِي الجسَد.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «قَالَ لِضُباعَة: ابْعَثِي بِهَا فإنَّها هَادِيَةُ
الشَّاةِ» يَعْني رَقَبَتَها.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ خَرج فِي مَرَضه الَّذِي ماتَ فِيهِ يُهَادِي بَيْنَ
رَجُلَين» أَيْ يَمْشي بَيْنَهما مُعْتَمِداً عَلَيْهما، مِنْ ضَعْفه وتَمايُلِه،
مِن تَهَادَتِ المَرأةُ فِي مَشْيها، إِذَا تَمايَلَتْ. وكُلُّ مَن فَعَل ذَلِكَ
بأحَدٍ فَهُوَ يُهَادِيهِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ «بَلَغَني أَنَّ عَبْدَ اللَّه بْنَ
أَبِي سَلِيط «1» قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حارِثَة- وَقَدْ
أخَّر صَلَاةَ الظُّهْرِ- أَكَانُوا يُصَلُّون هَذِهِ الصلاةَ الساعَةَ؟ قَالَ:
لَا واللَّه، فَمَا هَدَى ممَّا رَجَع» أَيْ فَمَا بَيَّن، وَمَا جَاءَ بِحُجَّةٍ
مِمَّا أجابَ، إِنَّمَا قَالَ: لَا واللَّه، وسَكَتَ. والمَرْجوع الجَواب، فَلَمْ
يجيءْ بِجَواب فِيهِ بَيانٌ وحُجَّة لِمَا فَعَلَ مِنْ تَأخِير الصَّلَاةِ.
وهَدَى بمعْنَى بَيَّنَ، لُغَة أهْل الغَوْر، يَقُولون: هَدَيْتُ لَك بِمَعْنَى
بَيَّنْتُ لَك. ويُقال: بِلُغَتِهم نَزَلَتْ «أوَلَم يَهْدِ لَهُم» .
باب الهاء مع الذال
(هَذَبَ)
(هـ) فِي سَريَّة عَبْدِ اللَّه بْنِ جَحْش «إِنِّي أخْشَى عَلَيْكُم الطَّلَبَ
فَهَذِّبُوا» أَيْ أسْرِعُوا السَّيْر. يُقال: هَذَبَ وهَذَّبَ وأَهْذَبَ، إِذَا
أسْرَعَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي ذَر «فَجَعَل يُهَذِّبُ الرُّكُوع» أَيْ يُسْرع فِيهِ
ويُتَابعُه.
(هَذَذَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «قَالَ لَهُ رجُل: قَرَأتُ المُفَصَّلَ
اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: أهَذّاً كَهَذِّ الشِعْر؟» أرادَ أتَهُذُّ القُرآن هَذًّا
فَتُسْرِع فِيهِ كَمَا تُسْرع فِي قِرَاءة الشِّعْر؟. والْهَذُّ: سُرْعَةُ
القَطْعِ. ونَصَبه على المَصْدرِ.
__________
(1) في الأصل: «سُلَيْط» بضم ففتح. وضبطته بفتح فكسر من ا، واللسان. وانظر المشتبه
367.
(5/255)
(هَذَرَ)
(هـ س) فِي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَد «لَا نَزْرٌ وَلَا هَذَرٌ «1» » أَيْ لَا
قَلِيلٌ وَلَا كَثيِر.
والْهَذَرُ، بالتَّحريك: الهَذَيَانُ، وَقَدْ هَذَرَ يَهْذِرُ ويَهْذُرُ هَذْراً
بالسُّكون، فَهُوَ هَذِرٌ، وهَذَّارٌ ومِهْذَارٌ: أَيْ كَثير الكَلامِ. والاسْمُ
الْهَذَرُ، بالتَّحريك.
(س) وَفِي حَدِيثِ سَلْمان «مَلْغاةُ أَوَّلِ اللَّيلِ مَهْذَرَةٌ لآخِره» هَكَذا
جَاء فِي رِوَاية. وَهُوَ مِنَ الهّذْر: السُّكُون. والروَايةُ بالنُّون. وَقَدْ
تَقَدَّمَ «2» .
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «مَا شَبِع رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِن الكِسَر الْيَابِسَةِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا، وَقَدْ
أَصْبَحْتُمْ تَهْذِرُونَ الدُّنيا» أَيْ تَتَوَسَّعُون فِيهَا. قَالَ
الْخَطَّابِيُّ: يُرِيد تَبْذِيرَ المَال وتَفْريقَهُ فِي كلِّ وَجْه.
ورُوِي «تَهُذُون الدُّنْيَا» وَهُوَ أشْبَه بالصَّواب. يَعْنِي تَقْتَطِعُونَها
إِلَى أنْفُسِكم وتَجْمَعُونَها، أَوْ تُسْرِعُون إنْفاقَها.
وَفِيهِ «لَا تَتَزَوَّجَنَّ هَيْذَرَةً» هِيَ الكَثيرة الْهَذْرِ مِن الْكَلَامِ.
وَالْيَاءُ «3» زَائِدَةٌ.
(هَذْرَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «لأَنْ أقْرَأ القُرآن فِي ثلاثٍ أحَبُّ إِلَيَّ
مِنْ أنْ أقْرأه فِي ليلةٍ كَمَا تَقْرَأ «4» هَذْرَمَةً» .
وَفِي رِوَاية «قِيلَ لَهُ: اقْرَأ القُرآن فِي ثلاثٍ، فَقَالَ: لأنْ أقْرَأ
البَقَرةَ فِي لَيْلةٍ فادّبّرَها أحَبُّ إليَّ مِن أَنْ أَقْرَأَ كَمَا تَقُولُ
هَذْرَمَةً» الْهَذْرَمَةُ: السُّرْعَةُ فِي الْكَلَامِ والمَشْي. ويُقال
للتَّخْليط: هَذْرَمَةٌ.
وَأَخْرَجَ الهَروي حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ «وَقَدْ أصْبَحْتمْ تُهَذْرِمُونَ
الدُّنيا» وَقَالَ: أَيْ تَتَوَسَّعون فِيهَا. وَمِنْهُ هَذْرَمَةُ الْكَلَامِ،
وهُو الإكْثارُ والتّوسُّع فِيهِ.
(هَذَمَ)
(س) فِيهِ «كُلْ ممَّا يَليك، وَإِيَّاكَ والْهَذْمَ» كَذَا رواه بعضهم بالذال
المعجمة،
__________
(1) في الأصل واللسان: «هَذْر» بالسكون. وأثبتُّه بالتحريك من ا، ومما سبق في مادة
(نزر) .
(2) انظر (هدن) .
(3) في الأصل، وا، واللسان: «والميم» ولا ميم هنا. والزائد هو الياء، كما أشار
مصحح الأصل.
(4) في الأصل: «يُقْرأ» وأثبتُّ ما في ا، والنسخة 517. وفي اللسان: «تقول» .
(5/256)
وَهُوَ
سُرْعَةُ الأكْلِ. والْهَيْذَامُ: الأكُولُ. قَالَ أَبُو مُوسَى: أظُنُّ الصَّحيحَ
بالدَّال المُهْمَلةَ، يُريدُ بِهِ الأكْل مِن جَوانِب القَصْعَة دُونَ وسَطِها،
وهُو مِنَ الهَدَمِ: مَا تَهَدَّم مِنْ نَواحي الْبِئْرِ.
باب الهاء مع الراء
(هرب)
(هـ) فيه «قال له رجل: ما لي ولعيالى هارب ولا قارب غيرها» أى ما لي صَادِرٌ عَنِ
المَاء وَلَا وَارِدٌ سَوَاهَا، يَعْني نَاقَتَه.
(هَرَتَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ أكَلَ كَتِفاً مُهَرَّتَةً» أرَاد قدَ تَقَطَّعت مِنْ
نُضْجهَا. وَقِيلَ: إِنَّمَا هُو «مُهَرَّدَةٌ» بالدَّال. ولحْمٌ مُهَرَّدٌ، إِذَا
نَضِجَ حتَّى تَهَرَّأَ «1» .
(س) وَفِي حَدِيثُ رجَاء بْنِ حَيْوَة «لَا تُحَدِّثْنا عَنْ مُتَهَارِتٍ» أَيْ
مَتَشَدِّقٍ مِكْثَارٍ، مِنْ هَرَتِ الشِّدْقِ، وَهُوَ سَعَتُهُ، وَرجُلٌ
أَهْرَتُ.
(هَرَجَ)
(هـ) فِيهِ «بَيْن يَدَيِ السَّاعةِ هَرْجٌ» أَيْ قِتالٌ واخْتِلاطٌ. وَقَدْ
هَرَجَ النَّاسُ يَهْرِجُونَ هَرْجاً، إِذَا اخْتَلَطُوا. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي
الْحَدِيثِ. وأصْلُ الْهَرْجِ: الكَثْرةُ فِي الشَّيء والاتِّساعُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «فَذَلِكَ حِينَ اسْتَهْرَجَ لَهُ الرَّأيُ» أَيْ
قَوِيَ واتَّسَعَ. يُقَالُ: هَرَجَ الفَرَسُ يَهْرِجُ، إِذَا كَثُر جَرْيُه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «لأكُونَنَّ فِيهَا مِثْلَ الجَملِ الرَّدَاحِ،
يُحْمَلُ عَلَيْهِ الحِمْلُ الثَّقيلُ فَيَهْرَجُ فَيبْرُكُ وَلَا يَنْبَعِثُ
حَتَّى يُنْحَر» أَيْ يَتَحَيَّرُ ويَسْدَرُ. يُقَالُ: هَرِجَ البَعيرُ يَهْرَجُ
هَرَجاً، إِذَا سَدِرَ مِنْ شِدَّة الحرِّ وثِقَل الحِمْل.
(س) وَفِي حَدِيثِ صِفَة أهلِ الجنةِ «إِنَّمَا هُم هَرْجاً مَرْجاً» الْهَرْجُ:
كَثْرَةُ النِّكَاحِ. يُقَالُ:
بَات يَهْرُجُهَا لَيلَتَه جَمْعاءَ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي الدَّرداء «يَتَهَارَجُونَ تَهَارُجَ البَهائم» أَيْ
يَتَسافَدُون. هَكَذَا
__________
(1) في الأصل، والنسخة 517: «تَهَرَّى» وما أثبتُّ من ا، والقاموس (هرأ) 33-
النهاية 5.
(5/257)
أَخْرَجَهُ
أَبُو مُوسَى وشَرَحَهُ. وَأَخْرَجَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ
وَقَالَ: أَيْ يَتَسَاوَرُون «1» .
(هَرَدَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ «أَنَّهُ يَنْزل بَيْنَ
مَهْرُودَتَيْنِ» أَيْ فِي شُقّتَيْن، أَوْ حُلّتَيْن. وَقِيلَ: الثَّوبُ
الْمَهْرُودُ: الَّذِي يُصْبَغ بالوَرْسِ ثُمَّ بالزَّعْفَران فيَجيء لَوْنُه
مِثْلَ لَوْنِ زَهْرة الحَوذَانَة.
قَالَ القُتَيْبي: هُوَ خَطأ مِنَ النَّقَلة. وأرَاه: «مَهْرُوَّتَيْن» : أَيْ
صَفْراوَيْن. يُقَالُ: هَرَّيْتُ العِمَامَة إِذَا لَبسْتَها صَفْرَاء. وكأنَّ
فَعَلْتُ منْه: هَرَوْتُ، فَإِنْ كَانَ مَحْفوظاً بِالدَّالِ فَهُوَ مِنَ
الْهَرْدِ: الشَّقّ، وخطّىء ابن قتيبة فى استداركه واشْتقاقِه.
قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: القَولُ عندَنا فِي الْحَدِيثِ «بَيْن
مَهْرُودَتَيْنِ» يُرْوَى «2» بِالدَّالِ وَالذَّالِ: أَيْ بَيْن مُمَصَّرَتَيْن،
عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، وَلَمْ نَسْمَعه إِلَّا فِيهِ. وَكَذَلِكَ أشياءُ
كثيرةٌ لَمْ تُسْمَع إِلَّا فِي الْحَدِيثِ. والمُمَصَّرَةُ مِنَ الثِّيَابِ:
الَّتِي فِيهَا صُفْرة خَفيفَة. وَقِيلَ: الْمَهْرُودُ: الثوبُ الَّذِي يُصْبَغ
بالعُروق، والعُروقُ يُقَالُ لَهَا: الْهُرْدُ.
(س) وَفِيهِ «ذابَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى صَارَ مِثْلَ
الْهُرْدَةِ» جَاءَ تفسيرُه فِي الْحَدِيثِ «أَنَّهَا العَدَسَةُ» .
(هَرْذَلَ)
(س) فِيهِ «فأقْبَلَتْ تُهَرْذِلُ» أَيْ تَسْترخي فِي مَشْيها.
(هَرَرَ)
- فِيهِ «أَنَّهُ نَهى عَنْ أكْل الْهِرِّ وثَمَنِه» الْهِرُّ والْهِرَّةُ:
السِّنَّوْرُ. وَإِنَّمَا نَهى عَنْهُ لِأَنَّهُ كالوَحْشِيّ الَّذِي لَا يَصحُّ
تَسْلِيمُه، فَإِنَّهُ يَنْتَابُ الدُّورَ وَلَا يُقيِم فِي مكانٍ واحِدٍ، وَإِنْ
حُبِسَ أَوْ رُبِطَ لَمْ يُنْتَفَع بِهِ، وَلِئَلَّا يَتَنازَع الناسُ فِيهِ إِذَا
انْتَقَل عَنْهُمْ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا نُهيَ عَنِ الوَحْشِيّ مِنْهُ دُونَ الإنْسِيّ.
وَفِيهِ «أَنَّهُ ذَكَرَ قَارِئَ الْقُرْآنِ وَصَاحِبَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ
رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّه أرأيْتَكَ «3» النَّجْدَةَ الَّتِي تَكُونُ فِي
الرَّجُل، فَقَالَ: ليْسَت لهُما بِعِدْلٍ، إنَّ الكَلْبَ يَهِرُّ مِنْ وراءِ
أهْلِه» مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّجاعَة غَريزَة فِي الْإِنْسَانِ، فَهُوَ يَلْقَى
الحُروب ويُقاتِل طَبْعاً وحَمِيَّةً لَا حِسْبَةً، فَضربَ
__________
(1) الذي في الفائق 3/ 202: «أي يتسافدون» وفي الدر النثير: «يتثاورون» .
(2) في ا: «ويروى» .
(3) في الأصل: «أرأيتُكَ» بالضم. وهو خطأ. انظر مادة (رأى) .
(5/258)
الكَلْب
مَثَلا، إذْ كَانَ مِنْ طَبْعَه أَنْ يَهِرَّ دُونَ أهْلِه ويَذُبَّ عَنْهُمْ.
يُريد أنَّ الجهَاد والشَّجاعَة ليْسَا بمِثْل الْقِرَاءَةِ والصَّدقَة. يُقال:
هَرَّ الكلبُ يَهِرُّ هَرِيراً، فَهُوَ هَارٌّ وهَرَّارٌ، إِذَا نَبَحَ وكَشَر
عَنْ أنْيابه. وَقِيلَ: هُوَ صَوْتُه دُونَ نُباحه.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ شُرَيح «لَا أعْقِل الكَلْبَ الْهَرَّارَ» أَيْ إِذَا قَتَل
الرجُلُ كَلْبَ آخَر لَا أوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا إِذَا كَانَ نَبَّاحاً؛ لأنهُ
يُؤذِي بنُبَاحِه.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي الْأَسْوَدِ «الْمَرْأَةُ الَّتِي تُهَارُّ زُوْجَها»
أَيْ تَهِرُّ فِي وَجْهه كَمَا يَهِرُّ الكلبُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ خُزَيْمَة «وَعَادَ لَها المَطِيُّ هَارّاً» أَيْ يَهِرُّ
بَعْضُها فِي وَجْه بَعْضٍ مِنَ الجَهْد.
وَقَدْ يُطْلَق الْهَرِيرُ عَلَى صَوْت غَير الكَلْب.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إنِّي سَمْعتُ هَرِيراً كَهَرِير الرَّحا» أَيْ صَوْتَ
دَوَرَانها.
(هَرَسَ)
(هـ) فِيهِ «أنَّه عَطِشَ يَوْم أُحد، فَجاءه عَلِيٌّ بِمَاء مِنَ الْمِهْرَاسِ،
فَعافَه وغَسَل بِهِ الدَّمَ عَنْ وَجْهِه» الْمِهْرَاسُ: صَخْرة مَنْقُورَة تَسَع
كَثيِرا مِن المَاء، وَقَدْ يُعْمَل مِنْهَا حِياضٌ لِلماء.
وَقِيلَ: الْمِهْرَاسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: اسْم ماءٍ بأحُدٍ. قَالَ «1» .
وقَتِيلاً بِجانِبِ المِهْراسِ
(هـ) وَمِنَ الْأَوَّلِ «أَنَّهُ مَرَّ بِمِهْرَاسٍ يَتَجاذَوْنَه «2» » أَيْ
يَحْملونَه ويَرْفَعُونه.
وَحَدِيثُ أَنَسٍ «فَقُمْتُ إِلَى مِهْراسٍ لَنا فَضَربْتُه بأسْفَله حتى
تَكَسَّرتْ» .
__________
(1) هو شبل بن عبد الله، مولى بني هاشم يذكر حمزة بن عبد المطلب، وكان دُفن
بالمهراس. وصدر البيت:
واذكُرُوا مَصْرعَ الحسينِ وزَيْدٍ
الكامل، للمبرد، ص 1178. ونسب ياقوت في معجم البلدان 4/ 697 هذا الشعر لسُدَيف بن
ميمون: والرواية عنده:
واذْكُرَنْ مقتل الحسين وزَيْد
(2) في الأصل، وا: «يتحاذونه» بالحاء المهملة. وصححته بالمعجمة من الهروي،
واللسان، ومما سبق في مادة (جذا) .
(5/259)
(هـ)
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «فَإِذَا جِئْنَا مِهْرَاسَكُمْ «1» هَذَا كَيْفَ
نَصْنَع؟» .
(س) وَفِي حَدِيثِ عَمْرو بْنِ الْعَاصِ «كأنَّ فِي جَوْفي شَوْكَةَ الْهَرَاسِ»
هُوَ شَجَرٌ أَوْ بَقْلٌ ذُو شَوْك، وهُو مِنْ أحْرارِ البُقُول.
(هَرَشَ)
- فِيهِ «يَتَهَارَشُونَ تَهَارُشَ الكِلاب» أَيْ يَتَقَاتَلونَ وَيَتَواثَبُونَ.
والتَّهْرِيشُ بَيْن الناسِ كَالتَّحْرِيشِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «فَإذا هُم يَتَهَارَشُونَ» هَكَذَا رَواه
بعضُهم. وفسَّره بالتَّقاتُل. وَهُوَ فِي «مُسْند أَحْمَدَ» بالوَاو بَدَلَ
الرَّاء. والتَّهَاوُشُ: الاخْتِلاط.
(س) وَفِيهِ ذِكْرُ «ثَنِيَّة هَرْشَى» هيَ ثَنِيَّة بَينَ مَكَّة وَالْمَدِينَةِ.
وَقِيلَ: هَرْشَى: جَبَلٌ قُرْبَ الجُحْفَة.
(هَرَفَ)
(هـ) فِيهِ «أنَّ رُفْقَةً جَاءَتْ وهُم يَهْرِفُونَ بصَاحِبٍ لهُم» أَيْ
يَمْدَحُونه ويُطْنِبُون فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ.
وَمِنْهُ الْمَثَلُ «لَا تَهْرِفْ قَبْل أنْ تَعْرِف» أَيْ لَا تَمْدحْ قَبْلَ
التَّجْرِبَة.
(هَرَقَ)
(س) فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمة «أنَّ امْرَأةً كانَت تُهَرَاقُ الدّمَ» كَذَا جَاءَ
عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فاعِلُه. والدَّمَ مُنْصُوب. أَيْ تُهْراقُ هِيَ الدَّمَ.
وَهُوَ مَنْصُوب عَلَى التَّمييز وَإِنْ كَانَ مَعْرِفة، وَلَهُ نَظائر، أَوْ
يَكُونُ قدْ أُجْريَ تُهَرَاق مُجْرَى: نُفِسَت المَرأةُ غُلاماً، ونُتِجَ
الفَرَسُ مُهْراً.
ويَجُوز رَفْع الدَّمِ عَلَى تَقْدِير: تُهَرَاقُ دِمَاؤها، وتَكون الألِفُ
واللامُ بَدَلاً مِنَ الإضَافَة، كَقَوْلِهِ تَعَالَى أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي
بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ أَيْ عُقْدَة نِكاحِه أَوْ نِكاحِهَا.
وَالْهَاءُ فِي هَرَاقَ بَدَلٌ مِنْ هَمْزة أرَاقَ. يُقَالُ: أَرَاقَ المَاء
يُرِيقُهُ، وهَرَاقَهُ يُهَرِيقُهُ، بفَتْح الهَاء، هِرَاقَةً. ويُقالُ فِيهِ:
أَهْرَقْتُ المَاءَ أَهْرِقُهُ إِهْرَاقاً، فيُجْمَع بَيْن البَدَلِ والمُبْدَل.
وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هِرَقْلُ)
(س) فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ «لمَّا أُرِيدَ عَلَى
بَيْعَةَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فِي حَياة أَبِيهِ، قَالَ: جِئتم بِهَا
هِرَقْلِيَّةً وقُوقِيَّةً» أرادَ أَنَّ البَيْعَة لأوْلادِ المُلوك سُنّة مُلوكِ
الرُّوم والعَجَم وهِرَقْل: اسْم مَلِك الرُّوم. وقد تكرر في الحديث.
__________
(1) في الهروي، واللسان: «إلى مهراسكم» .
(5/260)
(هَرِمَ)
(س) فِيهِ «اللَّهْمّ إِنِّي أعوذُ بِكَ مِنَ الْأَهْرَمَيْنِ، البنَاءِ وَالبئر»
هَكَذَا رُوي بالرَّاء، والمَشْهور بِالدَّالِ. وَقَدْ تقدَّم.
(س) وَفِيهِ «إنَّ اللَّه لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَع لَهُ دَوَاءً إِلَّا
الْهَرَمَ» الْهَرَمُ: الكِبَر. وقَد هَرِمَ يَهْرَمُ فهُو هَرِمٌ. جَعَل
الْهَرَمَ دَاءً تَشْبِيهاً بِهِ، لأنَّ المَوْتَ يَتَعَقَّبه كالأدْوَاء.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تَرْكُ العَشاءِ مَهْرَمَةٌ» أَيْ مَظِنَّة لِلْهَرَم.
قَالَ القُتَيْبي: هذِه الكَلِمَة جارِيَة عَلَى ألْسِنَة النَّاس، ولَسْتُ أدْرِي
أرسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَدأهَا أَمْ كانَتْ تُقالُ
قَبْلَه؟
(هَرْوَلَ)
- فِيهِ «مَن أتَانِي يَمْشِي أتَيْتُه هَرْوَلَةً» الْهَرْوَلَةُ: بَيْنَ المَشْي
والْعَدْوِ، وَهُو كِنَايَة عَنْ سُرْعَة إجَابة اللَّه تَعالى، وقَبُولِ تَوْبَة
العَبْد، ولُطْفه وَرَحْمَته.
(هَرَا)
(س) في حديث أبي سَلَمة «أنه صلى اللَّه عليه وسلم قَال: ذَاك الْهِرَاءُ شَيْطانٌ
وُكِّلَ بالنُّفُوس» قِيل: لَمْ يُسْمَعِ الْهِرَاءُ أَنَّهُ شَيْطَانٌ إِلَّا فِي
هَذَا الْحَدِيثِ. والْهُرَاءُ فِي اللُّغة:
السَّمْح الجَوَاد، والهَذَيَانُ.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لَحِنيفَة النَّعَم، وَقَدْ جَاءَ مَعَهُ بِيتيم
يَعْرضه عَلَيْهِ، وَكَانَ قَدْ قَارَب الاحْتِلامَ، وَرَآه نَائِما فَقَالَ:
لَعَظُمَتْ هَذه هِرَاوَةُ يَتيم» أَيْ شَخْصُه وجُثَّتُه. شَبَّهه بالهِرَاوة،
وَهِيَ العَصَا، كَأَنَّهُ حِينَ رَآهُ عَظَيمَ الجُثَّة اسْتَبْعَد أنْ يُقالَ
لَهُ يَتيم، لأنَّ اليُتْمَ فِي الصِّغَر.
وَمِنْهُ حَدِيثُ سَطِيح «وخَرج صاحِبُ الهِرَاوة» أرادَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنَّه كَانَ يُمْسِك القَضِيبَ بِيدِه كَثِيرا.
وَكَانَ يُمْشَى بالعَصَا بَين يَدَيه، وتُغْرَزُ لَهُ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا.
(5/261)
باب
الهاء مع الزاي
(هَزَجَ)
- فِيهِ «أدْبَر الشيطانُ ولَهُ هَزَجٌ ودَزَجٌ» وَفِي رِوَاية «وَزَجٌ» «1»
الْهَزَجُ:
الرَّنَّة، والوَزَجُ دُونه، والْهَزَجُ أَيْضًا: صَوْتُ الرَّعْد والذِّبَّان،
وضَرْبٌ مِن الأغانِي، وبَحْرٌ مِنْ بُحور الشِّعْر.
(هَزَرَ)
(س) فِي حَدِيثِ وَفْد عَبْدِ القَيْس «إِذَا شَرِبَ قَامَ إِلَى ابْنِ عَمِّه
فَهَزَرَ سَاقَه» .
الْهَزْرُ: الضَّرْبُ الشَّدِيدُ بالخَشَب وَغَيْرِهِ.
(س) وَفِيهِ «أنَّه قَضَى فِي سَيْلِ مَهْزُورٍ أنْ يُحْبَسَ حَتَّى يَبْلُغَ
المَاءُ الكَعْبَيْن» مَهْزُورُ:
وَادِي بَني قُرَيْظَة بالحِجازِ، فأمَّا بتَقْديم الرَّاء عَلَى الزَّايِ
فَموْضِع سُوقِ المَدينَة، تَصَدَّق بِهِ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَلَى المُسلِمين.
(هَزَزَ)
(هـ) فِيهِ «اهْتَزَّ العَرْشُ لِمَوْت سَعْد» الهَزُّ فِي الأصْل: الحَرَكَة.
واهْتَزَّ، إِذَا تَحَرَّك. فاسْتَعْمَلَه فِي مَعْنى الارْتِياح. أَيِ ارْتاحَ
بصُعُودِه «2» حينَ صُعِدَ بِهِ، واسْتَبْشَر، لكرَامتِه عَلَى رَبِّه. وكلُّ مَنْ
خَفَّ لأمْرٍ وارْتاحَ لَهُ فَقَد اهْتَزَّ لَهُ.
وَقِيلَ: أرادَ فَرِح أهْلُ العَرْش بمَوْته.
وَقِيلَ: أرادَ بالعَرْش سَرِيرَه الَّذِي حُملَ عَلَيْهِ إِلَى القَبْر.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «فانْطَلَقْنا بالسَّفَطَيْن «3» نَهُزُّ بِهِمَا» أَيْ
نُسْرِع السَّيْر بِهما. ويُرْوى «نَهِزُ» ، مِنَ الوَهْز، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(س [هـ] ) وَفِيهِ «إنِّي سَمِعْتُ هَزِيزاً كَهَزِيزِ الرَّحَا» أَيْ صَوْتِ
دَوَرَانِهَا.
(هَزَعَ)
- فِيهِ «حَتَّى مَضَى هَزِيعٌ مِنَ اللَّيْل» أَيْ طَائِفَةٌ مِنْهُ، نَحو
ثُلُثِه أَوْ رُبُعِه.
__________
(1) في الأصل: «وزَجٌّ» بالتنوين. وأثبتُّه مخففا من ا، واللسان.
(2) في الهروي: «بروحه» .
(3) في اللسان: «بالسِّقْطَيْن» .
(5/262)
وَفِي
حَدِيثِ عَلِيٍّ «إيَّاكُم وتَهْزِيعَ الأخْلاقِ وَتصَرُّفَها» هَزَّعْتُ الشَّيء
تَهْزِيعاً:
كَسَّرْتُه وفَرَّقْتُه.
(هَزَلَ)
(س) فِيهِ «كانَ تَحْتَ الْهَيْزَلَة» قِيل: هِيَ الرَّايَة، لأنَّ الرِّيحَ
تَلْعَبُ بِهَا، كأنَّها تَهْزِلُ مَعَها. والْهَزْلُ واللَّعِب مِنْ وَادٍ
وَاحدٍ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَر وأهْلِ خَيْبَر «إنَّما كانَت هُزَيْلَة مِن أَبِي القاسِم»
تَصْغِير هَزْلَة، وَهِيَ المَرّة الواحِدة مِنَ الهَزْل، ضِدِّ الجِدِّ. وَقَدْ
تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ مازِن «فأذْهَبْنا الأمْوالَ، وأَهْزَلْنَا الذَّرارِيَّ
والعِيَالَ» أَيْ أضْعَفْنَا. وهِي لُغَة فِي هَزَل، ولَيْسَت بِالعَالِيَة.
يُقال: هُزِلَتِ الدَّابَّةُ هُزَالًا، وهَزَلْتُهَا أنَا هَزْلًا، وأَهْزَلَ
القَوْمُ، إِذَا أصَابَتْ مَواشِيَهم سَنَةٌ فَهُزِلَتْ. والْهُزَالُ: ضِدُّ
السِّمَن. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هَزَمَ)
(هـ) فِيهِ «إِذَا عَرَّسْتُم فاجْتَنِبُوا هَزْمَ الْأَرْضِ، فإنَّها مَأْوَى
الْهَوَامِّ» .
هُوَ مَا تَهَزَّمَ مِنْها: أَيْ تَشَقَّق. ويَجُوز أَنْ يَكُونَ جَمْعَ هَزْمَةْ،
وهُو المُتَطامِنُ مِنَ الْأَرْضِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَوَّلُ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ فِي الْإِسْلَامِ
بِالْمَدِينَةِ فِي هَزْمِ بَنِي بَياضَة» هُوَ مَوْضع بِالْمَدِينَةِ.
(هـ) وَفِيهِ «إِنَّ زَمْزَمَ هَزْمَةُ جِبريلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ» أَيْ
ضَرَبَها برِجْله فَنَبَعَ الماءُ.
والْهَزْمَةُ: النُّقْرَة فِي الصَّدْر، وَفِي التُّفَّاحَة إِذَا غَمَزْتَها
بِيَدِك. وهَزَمْتُ الْبِئْرَ، إِذَا حَفَرْتَها.
(س) وَفِي حَدِيثِ المُغِيرة «مَحْزُون الْهَزْمَةِ» يَعْني الوَهْدَة الَّتِي فِي
أعْلَى الصَّدْرِ وتَحْتَ العُنُقِ. أَيْ إنَّ المَوْضِعَ مِنْهُ حَزْنٌ خَشِنٌ،
أَوْ يُريدُ بِهِ ثِقَلَ الصَّدْرِ، مِن الحُزْنِ وَالْكَآبَةِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «فِي قِدْرٍ هَزِمَةٍ» مِنَ الْهَزِيمِ، وَهُوَ
صَوْتُ الرَّعْد. يُريدُ صَوْتَ غَلَيَانِهَا.
(5/263)
بَابُ
الْهَاءِ مَعَ الشِّينِ وَالصَّادِ وَالضَّادِ وَالطَّاءِ
(هَشَشَ)
- فِي حَدِيثِ جَابِرٍ «لَا يُخْبَطُ وَلَا يُعْضَدُ حِمَى رسولِ اللَّه صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكنْ هُشُّوا هَشّاً» أَيِ انْثُروه نَثْراً بِلِينٍ
وَرِفْقٍ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «لَقَدْ راهَنَ النبيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ يُقَالُ لَهَا سَبْحَةُ» فَجَاءَتْ سابِقَةً
فَلَهَشَّ لِذَلِكَ وأعْجَبَه» أَيْ فَلَقَدْ هَشَّ، وَاللَّامُ جوابُ القَسَم
المَحْذُوف، أَوْ لِلتَّأْكِيدِ.
يُقَالُ: هَشَّ لهذا الأمر يَهَشُّ يَهِشُّ «1» هَشَاشَةً، إِذَا فَرِحَ بِهِ
واسْتَبْشَر «2» ، وارْتاحَ لَهُ وخَفَّ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «هَشِشْتُ يَوْمًا فقَبَّلْتُ وَأَنَا صائِمٌ» .
(هَشَمَ)
- فِي حَدِيثِ أحُد «جُرحَ وَجه رَسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وهُشِمَتِ البَيْضَةُ عَلَى رأسِه» الْهَشْمُ: الكَسْر. والْهَشِيمُ مِنَ النباتِ:
اليابِسُ المُتَكَسِّر. والبَيْضَة: الخُوذَة.
(هَصَرَ)
(س) فِيهِ «كَانَ إِذَا رَكَعَ هَصَرَ ظَهْرَه» أَيْ ثَناهُ إِلَى الْأَرْضِ.
وأصْلُ الْهَصْرِ: أَنْ تَأخُذَ برَأسِ العُود فَتَثْنِيَه إِلَيْكَ وتَعْطِفَهُ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبِي طَالِبٍ فنَزلَ تَحْتَ شَجَرةٍ
فَتَهَصَّرَتْ أغصانُ الشَّجَرَةِ» أَيْ تَهَدَّلَتْ عَلَيْهِ.
(هـ) وَفِيهِ «لمَّا بَنَى مسجدَ قُبَاء رَفَعَ حَجَراً ثَقيلاً فَهَصَرَهُ إِلَى
بَطْنِه» أَيْ أضافَهُ وأمالَهُ.
(س) وَفِي حَدِيثُ ابْنِ أُنَيس «كَأَنَّهُ الرِّئبال الْهَصُور» أَيِ الأسَدُ
الشَّدِيدُ الَّذِي يَفْتَرِسُ ويَكْسِر. ويُجْمَع عَلَى: هَوَاصِرَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ مُرَّة:
ودَارَتْ رَحَاها بالُّليُوثِ الهَواصِرِ
[هـ] وَفِي حَدِيثِ سَطِيح:
__________
(1) من بابَيْ تِعب وضرب. كما ذكر صاحب المصباح.
(2) في الأصل: «واستَسرَّ» وما أثبت من ا، والنسخة 517.
(5/264)
فَرُبَّما
[رُبَّما] «1» أضْحَوْا بِمَنْزِلَةٍ تَهابُ صَوْلَهُمُ الأُسْدُ المَهاصِيرُ
جَمْع مِهْصَارٍ، وَهُوَ مِفْعالٌ مِنْهُ.
(هَضَبَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي سَفَرٍ، فَناموا حَتَّى طلعتِ الشَّمْسُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نَائِمٌ، فَقَالَ عُمرُ: أَهْضِبُوا لِكَيْ يَنْتَبِهَ رسولُ اللَّه»
أَيْ تَكَلَّموا وامْضُوا. يُقَالُ: هَضَبَ فِي الْحَدِيثِ وأَهْضَبَ، إِذَا
اندَفَع فِيهِ، كَرِهُوا أنْ يُوقِظُوه، فَأَرَادُوا أَنْ يَسْتَيقِظَ بكلامِهم.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ لَقِيط «فأرْسَل السماءَ بِهَضْبٍ» أَيْ مَطَرٍ، ويُجْمَع
عَلَى أَهْضَابٍ، ثُمَّ أَهَاضِيب، كقَولٍ وأقْوَالٍ وَأَقَاوِيلَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «تَمْرِيه الجَنُوبُ درَرَ أَهَاضِيبِهِ» .
وَفِي حَدِيثِ قُسّ «ماذَا لَنَا بِهَضْبَةٍ» الْهَضْبَةُ: الرَّابِيَة،
وجَمْعُها: هِضَبٌ «2» وهَضَبَاتٌ، وهِضَابٌ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ذِي المِشْعار «وأهْل جِنَاب الْهِضَبِ» والجِنَابُ بالكَسْر:
اسْمُ مَوْضع.
(س) وَفِي وَصْفِ بني تميم «هَضْبَةٌ حَمْراء» قيل: أَرَادَ بالهَضْبَة المَطْرةَ
الكَثيرةَ القَطْر.
وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ الرَّابِيَة.
(هَضَمَ)
(هـ) فِيهِ «أنَّ امْرَأَةً رأتْ سَعْدا مُتَجَرِّداً وَهُوَ أميرُ الْكُوفَةِ،
فَقَالَتْ: إِنَّ أميرَكُم هَذَا لَأَهْضَمُ الكَشْحَيْن» أَيْ مُنْضَمُّهُما.
الْهَضَمُ بِالتَّحْرِيكِ: انضِمامُ الجَنْبَيْن. ورجلٌ أَهْضَمُ وامرأةٌ
هَضْمَاءُ. وأصْلُ الْهَضْمِ: الْكَسْرُ. وهَضْمُ الطَّعَامِ: خِفَّتُه.
والْهَضْمُ: التَّواضُع.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ، وذكَرَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ «واللَّهِ إِنَّهُ
لَخَيْرُهُم، وَلَكِنَّ المؤمنَ يَهْضِمُ نَفْسَه» أَيْ يَضَع مِنْ قَدْرِه
تَواضُعاً.
__________
(1) ساقط من الأصل، وا، والنسخة 517، واللسان. وقد تُرك مكانَه بياض، وقال مصححه:
إنه هكذا بالأصل. وقد استكملته من اللسان مادة (سطح) .
(2) في الأصل: «هَضَب» وفي ا: «هَضْب» وأثبته بكسر ففتح من القاموس. قال في
اللسان: والجمع: هَضْبٌ، وهِضَبٌ، وهِضاب» .
(5/265)
(س)
وَفِيهِ «العَدْوُّ بِأَهْضَامِ الغِيطَان» هيَ جَمْع هِضْمٍ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ
المُطْمَئِنُّ مِنَ الْأَرْضِ. وَقِيلَ: هيَ أسَافلُ من الأوْديَة، مِنَ
الْهَضْمِ: الكَسْر، لِأَنَّهَا مَكَاسِرٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «صَرْعَى بأثْناءِ هَذَا النَّهْر، وأَهْضَام هَذَا
الغَائط»
(هَطَعَ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «سِرَاعاً إِلَى أمْرِه مُهْطِعين إِلَى مَعَادِه»
الْإِهْطَاعُ: الإسْراعُ فِي العَدْو. وأَهْطَعَ، إِذَا مَدَّ عُنُقَه وصَوّبَ
رأسَه.
(هَطَلَ)
(هـ) فِيهِ «اللَّهُمَّ ارزُقْني عَيْنَيْن هَطَّالَتَيْنِ» أَيْ بَكَّاءَتَيْن
ذَرَّافَتَيْن للدُّمُوع.
وَقَدْ هَطَلَ المَطَرُ يَهْطِلُ، إِذَا تَتابَع.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْأَحْنَفِ «إِنَّ الْهَيَاطِلَةَ لمَّا نَزلَتْ بِهِ بَعِلَ
بِهِمْ» هُمْ قَوْمٌ مِنَ الهنْدِ.
وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ، كَأَنَّهُ جَمْعُ هَيْطَلٍ. وَالْهَاءُ لِتَأْكِيدِ
الجَمْع.
(هَطَمَ)
(س) فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي شَرَابِ أهلِ الْجَنَّةِ «إِذَا شَرِبُوا مِنْهُ
هَطَمَ طَعَامَهُم» الْهَطْمُ: سُرْعَةُ الهَضْم. وأصْلُه الحَطْمُ، وَهُوَ
الكَسْر، فقُلبتِ الحَاءُ هاءً.
باب الهاء مع الفاء
(هَفَتَ)
(هـ) فِيهِ «يَتَهَافَتُونَ فِي النَّارِ» أَيْ يَتَساقَطُون، مِنَ الْهَفْتِ:
وَهُوَ السُّقُوط قِطْعَةً قِطْعَةً. وأكْثَر مَا يُسْتَعْمَل التَّهَافُتُ فِي
الشَّرِّ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرة «والقَمْلُ يَتَهَافَتُ عَلَى وَجْهِي» أَيْ
يَتَساقَط. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هَفَفَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، فِي تَفْسِيرِ السَّكينَة «1» «وَهِيَ ريحٌ هَفَّافَةٌ»
أَيْ سَريعَة المُرورِ فِي هُبُوبِها.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: «الرِّيحُ الْهَفَّافَةُ: السَّاكنَةُ الطيِّبة» .
والْهَفِيفُ: سُرْعَة السَّيْر، والخِفَّةُ.
وَقَدْ هَفَّ يَهِفُّ.
__________
(1) التي في قوله تعالى: وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ
يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ كما ذكر الهروي.
(5/266)
(هـ)
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ، وذَكَر الحَجَّاج «هَلْ كَانَ إِلَّا حِمَاراً
هَفَّافاً؟» أَيْ طَيَّاشاً خَفيفاً.
(س) وَفِي حَدِيثِ كَعْبٍ «كانَت الأرضُ هِفّاً عَلَى الْمَاءِ» أَيْ قَلِقَةً لَا
تَسْتَقِرُّ، مِنْ قَوْلِهم:
رَجُلٌ هِفٌّ: أَيْ خَفِيفٌ.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَر «واللَّهِ مَا فِي بَيْتِك هِفَّةٌ وَلَا سُفّة»
الْهِفَّةُ: السَّحابُ لَا مَاءَ فِيهِ.
والسُّفَّة: مَا يُنْسجُ مِنَ الخُوصِ كالزَّبِيل: أَيْ لَا مَشْرُوبَ فِي بَيْتِك
وَلَا مَأكُول.
وَقَالَ الجَوْهري: الْهِفُّ، بالكَسْر: سَحَابٌ «1» رَقيق لَيْسَ فِيهِ مَاءٌ.
(هـ) وَفِيهِ «كَانَ بَعْضُ العُبَّاد يُفْطِرُ عَلَى هِفَّةٍ يَشُوِيها» هُوَ
بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ: نَوْع مِنَ السَّمك. وَقِيلَ: هُوَ الدُّعْمُوص «2» .
وَهِيَ دُوَيْبَّة تَكُون فِي مُسْتَنْقَع الْمَاءِ.
(هَفَكَ)
(س) فِيهِ «قُلْ لأمَّتِكَ فَلْتَهْفَكْه فِي القُبور» أَيْ لِتُلْقِه فِيهَا.
وَقَدْ هَفَكَهُ، إِذَا ألقاهُ. والتَّهَفُّكُ: الاضْطِراب والاسْترْخاء فِي
المشْي.
(هَفَا)
(هـ س) فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ «أَنَّهُ وَلّى أبَا غَاضِرَةَ الْهَوَافِي» أَيِ
الإبلَ الضَّوالَّ، واحِدَتُها: هَافِيَةٌ، مِنْ هَفَا الشّيءُ يَهْفُو، إِذَا
ذَهَب. وهَفَا الطَّائر، إِذَا طارَ. والرِّيحُ، إِذَا هَبَّتْ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «إِلَى مَنَابِتِ الشِّيح ومَهَافِي الرِّيح» جَمْعُ
مَهْفًى، وَهُوَ مَوْضِع هُبُوبِها فِي البَراريّ.
(س) وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ «تَهْفُو منْه الرِّيحُ بِجَانِبٍ كَأَنَّهُ
جَنَاحُ نَسْرٍ» يَعْني بَيْتاً تَهُبُّ مِنْ جانِبه رِيحٌ، وَهُوَ فِي صِغَرِهِ
كَجَنَاحِ نَسْرٍ.
باب الهاء مع القاف والكاف
(هَقَعَ)
(س) فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «طَلِّقْ ألْفاً يَكْفيك منها هَقْعَةُ الجوزاء»
الْهَقْعَةُ:
__________
(1) في الصِحاح: «السحاب الرقيق» .
(2) في الهروي: «قال المبرّد: الهفّ: كبار الدّعاميص» .
(5/267)
مَنْزِلَة
مِنْ مَنازل القَمر فِي بُرْج الجَوْزاء، وَهِيَ ثَلاثَةُ أنْجُمٍ كالأثَافِيّ:
أَيْ يَكْفِيك مِنَ التّطْلِيق ثَلاثُ تَطْليقَات.
(هَكَرَ)
- فِي حَدِيثِ عُمر وَالعجوز «أقْبَلتُ مِنْ هَكْرَانَ وكَوْكَب» هُمَا جَبَلانِ
مَعْرُوفانِ بِبِلادِ العَرَب.
(هَكَمَ)
- فِي حَدِيثِ أُسامة «فخَرجْتُ فِي أثَرِ رَجُل مِنْهُم جَعَلَ يَتَهَكَّمُ بي»
أي يَسْتَهْزِىءُ بِي ويَسْتَخِفُّ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ حَدْرَد «وَهُوَ يَمْشِي
القَهْقَرَى ويقُول: هَلُمَّ إِلَى الجَنّة، يَتَهَكَّم بِنَا» .
[هـ] وَقَوْلُ سُكَيْنَة لِهِشَامٍ «يَا أحْولُ، لقَدْ أصْبَحْتَ تَتَهَكَّم
بِنَا» .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَلَا مُتَهَكِّم» .
بَابُ الْهَاءِ مع اللام
(هَلَبَ)
[هـ] فِيهِ «لَأَنْ يَمْتَلِئَ مَا بَيْن عانَتِي وهُلْبَتِي» الْهُلْبَةُ: مَا
فَوْقَ العَانَةِ إِلَى قَريبٍ مِن السُّرَّة.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «رَحِمَ اللَّهُ الْهَلُوبَ، ولَعَن اللَّهُ الهَلُوب»
الْهَلُوبُ: المَرْأة «1» الَّتِي تَقْرُب مِنْ زَوْجها وَتُحِبُّهُ،
وَتَتَبَاعَدُ مِنْ غَيْرِهِ. والْهَلُوبُ أَيْضًا: التَّي لَها خِدْنٌ تُحِبُّه
وتُطِيعُه وتَعْصِي زَوْجَها.
وهُو مِن هَلَبْتُهُ بِلِسَانِي، إِذَا نِلْتَ مِنْهُ نَيْلاً شدِيداً، لأنَّها
تَنَال إِمَّا مِنْ زَوْجِها وإمَّا مِنْ خِدْنِها.
فَتَرَحَّمَ عَلَى الْأُولَى ولَعَنَ الثَّانِيَةَ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ خَالِدٍ «مَا مِنْ عَمَلي شيءٌ أرْجَى عِنْدِي بَعْد لَا إلهَ
إِلَّا اللَّهُ مِن لَيْلَةٍ بِتُّهَا وَأَنَا مُتَتَرِّسٌ بِتُرْسِي والسَّماءُ
تَهْلُبُنِي» أَيْ تُمْطِرُني. يُقَالُ: هَلَبَتِ السَّماءُ، إِذَا مَطَرَتْ «2»
بِجَوْدٍ.
(س) وَفِيهِ «إنَّ صاحِبَ رَاية الدَّجَّال فِي عَجْبِ ذَنْبَه مِثْلُ ألْيَة
البَرَق، وَفِيهَا هَلَبَاتٌ
__________
(1) هذا شرح ابن الأعرابي، كما ذكر الهروي.
(2) في الهروي: «أمطرت» .
(5/268)
كَهَلَبَاتِ
الفَرَس» أَيْ شَعَرَاتٌ، أوْ خُصَلاتٌ مِنَ الشَّعر، وَاحِدَتُها: هَلْبَةٌ.
والْهُلْبُ: الشّعَر.
وَقِيلَ: هُوَ مَا غَلُظَ مِن شَعَر الذَّنَب وغيْره.
وَمِنْهُ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ «أفْلَتَ «1» وانْحَصَّ الذَّنَبُ، فَقَالَ: كَلا،
إِنَّهُ لَبِهُلْبِهِ» وفَرَسٌ أَهْلَبُ، ودَابَّةٌ هَلْبَاءُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ تَمِيم الدارِيّ «فَلَقِيَهُم دَابَّةٌ أَهْلَبُ» ذَكَّر
الصِّفَة؛ لأنَّ الدَّابَّة تَقَعُ عَلَى الذَّكَر والأنْثَى.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَمْرٍو «2» «الدَّابَّةُ الْهَلْبَاءُ التِّي
كَلَّمَتْ تَمِيماً الدَّارِيَّ هِيَ دَابَّةُ الْأَرْضِ الَّتِي تُكَلّمُ
النَّاس» يَعْني بِهَا الجَسَّاسَة.
وَمِنْهُ حديث المغيرة «ورَقَبَةٌ هَلْبَاءُ» أي كثيرة العَشّر.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ «لَا تَهْلُبُوا أذْنابَ الخَيْل» أي لا تَسْتَأصِلُوها
بالجَزِّ والقَطْع.
يُقَالُ: هَلَبْتُ الفَرَسَ، إِذَا نَتَفْتَ هُلْبَهُ، فَهُوَ مَهْلُوبٌ.
(هَلَسَ)
(س) فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فِي الصَّدَقة «وَلَا يَنْهَلِسُ» الْهُلَاسُ: السِّلّ،
وَقَدْ هَلَسَهُ المَرضُ يَهْلِسُهُ»
هَلْساً. وَرَجُلٌ مَهْلُوسٌ العَقْل: أَيْ مَسْلُوبُه.
وَمِنْهُ حَدِيثُهُ أَيْضًا «نَوازِعُ تَقْرَعُ العَظْمَ وتَهْلِسُ اللَّحْم» .
(هَلَعَ)
[هـ] فِيهِ «مِن شَرِّ مَا أعْطِيَ العَبْدُ شُحٌّ هَالِعٌ وجُبْنٌ خَالِعٌ»
الْهَلَعُ: أشَدُّ الجَزَع والضَّجَر. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ هِشَامٍ «إنَّها لَمِسْيَاعٌ هِلْوَاعٌ» هِيَ التَّي فِيهَا
خِفَّة وحِدّة.
(هَلَكَ)
(هـ) فِيهِ «إِذَا قَالَ الرَّجُل: هَلَكَ النَّاسُ، فَهُو أهْلَكُهم» يُرْوَى
بفَتْح الْكَافِ وضَمِّها، فمَن فَتَحها كَانَتْ فِعْلاً ماضِياً، ومَعْناه أنَّ
الغَالِينَ الَّذين يُؤيْسُون النَّاس مِن رحْمة اللَّه يَقُولون: هَلَكَ النّاسُ:
أَيِ اسْتَوْجَبوا النَّارَ بِسُوء أعْمَالهم، فَإِذَا قَالَ الرَّجُل ذَلِكَ
فَهُوَ الَّذي أوْجَبَه لَهُم
__________
(1) هكذا ضبط في الأصل، وا، واللسان، ومجمع الأمثال 2/ 14. وسبق في مادة (حصص) :
«أفْلَتَّ» .
(2) في الأصل: «ابن عمر: والدابة» وما أثبت من ا، واللسان.
(3) في الأصل، وا: «يَهْلُسُه» بالضم. وأثبتُّه بالكسر من القاموس.
(5/269)
لَا
اللَّهُ تَعالى، أَوْ هُوَ الَّذِي لَمَّا قَالَ لَهُم ذَلِكَ وآيَسَهُم حَمَلَهُم
عَلَى تَرْك الطَّاعَة والانْهِماكِ فِي الْمَعَاصِي، فَهُوَ الَّذِي أوْقَعَهُم
فِي الْهَلَاكِ.
وَأَمَّا الضَّمُّ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إِذَا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ فَهُوَ
أَهْلَكُهُمْ: أَيْ أكْثَرُهُم هَلاكا. وَهُوَ الرَّجُل يُولَعُ بعَيْب النَّاسِ
ويَذْهَب بنَفْسِه عُجْباً، ويَرَى لَهُ عَلَيْهِمْ فَضْلا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّال، وذَكَر صِفته، ثُمَّ قَالَ «ولكنَّ الْهُلْكَ «1»
كُلَّ الهُلْكِ أَنَّ ربَّكم ليْس بأعْوَرَ» وَفِي رِوَايَةٍ «فإمَّا هَلَكَتْ
هُلَّكٌ «2» فَإِنَّ رَبَّكم ليْس بأعْوَرَ» الْهُلْكُ: الهَلاك.
ومَعْنى الرِّوَايَةِ الْأُولَى: الْهَلَاكُ كُلُّ الْهَلَاكِ للدَّجَّال؛
لِأَنَّهُ وَإِنِ ادَّعَى الرُّبُوبِيَّة ولَبَّسَ عَلَى الناسِ بِمَا لَا يَقْدِر
عَلَيْهِ البَشَرُ، فَإِنَّهُ لَا يَقْدِر عَلَى إِزَالَةِ العَوَر، لِأَنَّ
اللَّه تَعَالَى مُنَزَّه عَنِ النَّقائص والعُيُوب.
وَأَمَّا الثَّانية: فَهُلَّكٌ- بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ- جَمْعُ هَالِكٍ: أَيْ
فإنْ هَلَكَ بِهِ ناسٌ جَاهِلُونَ وضَلُّوا، فاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه لَيْسَ
بِأَعْوَرَ. تَقُولُ الْعَرَبُ: افْعَلْ كَذَا إمَّا هَلَكَتْ هُلَّكٌ، وهُلُكٌ،
بِالتَّخْفِيفِ، مُنَوّناً وغَيْرَ مُنَوْنٍ. ومَجْراه مَجْرى قَوْلهم: افْعَل
ذَاك عَلَى مَا خَيَّلَتْ «3» : أَيْ عَلَى كُلِّ حالٍ.
وهُلُكٌ: صِفَةٌ مُفْرَدَة بِمَعْنَى هَالِكَة، كَناقَةٍ سُرُحٍ، وامرأةٍ عُطُلٍ،
فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَكَيْفَمَا كَانَ الْأَمْرُ فإنَّ ربَّكم لَيْسَ بأعوَرَ.
(هـ) وَفِيهِ «مَا خَالَطَتِ الصَّدَقَةُ مَالاً إِلَّا أَهْلَكَتْهُ» قِيل: هو
حَضٌّ عَلَى تَعْجيل الزَّكَاةِ مِنْ قَبْل أنْ تَخْتَلطَ بِالْمَالِ بَعْدَ
وجوبِها فِيهِ فتَذْهبَ بِهِ.
وَقِيلَ: أَرَادَ تَحْذير العُمَّالِ عَنِ اخْتِزال شَيْءٍ مِنْهَا وخَلْطِهِم
إيَّاه بِهَا.
وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يأخذ الزكاة وهو غَنِيٌّ عنها.
__________
(1) في الأصل، واللسان: «ولكن الهلكُ» وأثبته بالنصب من ا، والهروي، والفائق 1/
554
(2) في الهروي: «فإمّا هَلَكَ كُلَّ الهلك» وفي اللسان: «فإما هلك الهُلُك» ويوافق
ما عندنا الفائق 1/ 555.
(3) في الأصل، وا: «تَخَيَّلْتَ» وما أثبت من اللسان والفائق. قال في الأساس:
«وافعل ذلك على ما خَيَّلَتْ: أي على ما أَرتْكَ نَفْسُك وشبّهت وأوهمت» .
(5/270)
(س)
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أتَاهُ سائِل فَقَالَ لَهُ: هَلَكْتُ وأَهْلَكْتُ» أَيْ
هَلَكَتْ عِيَالي.
وَفِي حَدِيثِ التَّوبَة «وَتَرَكَهَا بِمَهْلَكَةٍ» أَيْ مَوْضع الْهَلَاكِ، أَوِ
الهلاكِ نَفْسِهِ، وجَمْعُها:
مَهَالِكُ، وتُفْتَح لامُهَا وتُكْسَرُ، وهُمَا أَيْضًا: المَفازَة.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ زَرْع «وَهُوَ أَمامَ القَوْم فِي المَهالِك» أَيْ
فِي الْحُرُوبِ، فَإِنَّهُ لثِقَتِه بِشجاعَتِه يَتَقَدَّم وَلَا يَتَخَلَّف.
وَقِيلَ: أرادَتْ أَنَّهُ لِعلْمِه بالطُّرُق يَتَقَدَّم القَوْمَ يَهْدِيهم
وَهُمْ عَلَى أَثَرِه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ مَازِنٍ «إنِّي مُولَعٌ بالخمْر والْهُلُوكِ مِنَ النِّساء»
هِيَ الفاجِرَة، سُمِّيت بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَتَهَالَكُ: أَيْ تَتَمايَلُ
وتَتَثَنَّى عِنْدَ جِمَاعِها. وَقِيلَ: هِيَ المُتساقِطَة عَلَى الرِّجَالِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَتَهَالَكْتُ عَلَيْهِ [فسألتُه «1» ] » أَيْ سَقَطْتُ
عَلَيْهِ ورَمَيْتُ بنَفْسي فَوْقَه.
(هَلَلَ)
(هـ) قَدْ تَكَرَّرَ فِي أَحَادِيثِ الْحَجِّ ذِكْرُ «الْإِهْلَالِ» وَهُوَ رَفْع
الصَّوْت بالتّلْبِيَة.
يُقَالُ: أَهَلَّ المُحْرم بِالْحَجِّ يُهِلُّ إِهْلَالًا، إِذَا لَبَّى وَرَفَعَ
صَوْتَه. والْمُهَلُّ، بضمِّ الْمِيمِ: مَوضِع الْإِهْلَالِ، وَهُوَ الميقاتُ
الَّذِي يُحْرِمُون مِنْهُ، ويَقَع عَلَى الزَّمان والمصْدر.
وَمِنْهُ «إهْلالُ الْهِلَالِ واسْتِهْلَالُهُ» إِذَا رُفع الصَّوتُ بالتَّكْبير
عنْد رُؤيَتِه.
واسْتِهْلَالُ الصَّبيِّ: تَصْويتُه عِنْدَ ولادَتِه. وأَهَلَّ الهِلالُ، إِذَا
طَلَع، وأُهِلَّ واسْتَهَلَّ، إِذَا أُبْصِرَ، وأَهْلَلْتُهُ، إِذَا أبْصَرْتَه.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أنَّ نَاساً قَالُوا لَهُ: إنَّا بَيْن الجِبَال لَا
نُهِلُّ الهِلالَ إِذَا أهَلَّه الناسُ» أَيْ لَا نُبْصِرُه إِذَا أبْصَرَه
الناسُ، لأجْلِ الجبَالِ.
(هـ) وَفِيهِ «الصبِيُّ إِذَا وُلِدَ لَمْ يَرِثْ وَلَمْ يُورَثْ حَتَّى
يَسْتَهلَّ صَارِخاً» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ الجَنِينِ «كَيْفَ نَدِيَ مَن لَا أكَل وَلَا شَرِب ولاَ
اسْتَهَلَّ» وقد تَكررت فيهما الأحاديث.
__________
(1) زيادة من ا، واللسان.
(5/271)
وَفِي
حَدِيثِ فَاطِمَةَ «فَلَمَّا رَآهَا اسْتَبْشَر وتَهَلَّلَ وجْهُه» أَيِ
اسْتَنَارَ وظَهَرَتْ عَلَيْهِ أمَارَاتُ السُّرُور.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ النابِغَة الجَعْدِيّ «فَنَيَّفَ عَلَى المِائِة، وَكَأَنَّ
فَاهُ البَرَدُ المُنْهَلُّ» كُلُّ شَيْءٍ انْصَبَّ فَقَد انْهَلَّ. يُقال:
انْهَلَّ المَطَرُ يَنْهَلُّ انْهِلَالًا، إذَا اشْتَدَّ انْصِبَابُه «1» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ الإسْتسقاء «فالَّفَ اللَّه السَّحابَ وهَلَّتْنَا» هَكَذَا
جَاءَ فِي رِوَاية لِمُسْلِم «2» .
يُقال: هَلَّ السّحابُ، إِذَا مَطَر بِشِدَّة.
وَفِي قَصِيدَةِ كَعْبٍ:
لَا يَقَعُ الطَّعْنُ إِلَّا فِي نُحُورِهِمُ ... ومَا لَهُم «3» عَن حِياضِ
المَوْتِ تَهْلِيلُ
أَيْ نُكُوصٌ وتَأخُّر. يُقال: هَلَّلَ عَنِ الأمْر، إِذَا وَلَّى عَنْه ونَكَص.
(هَلُمَّ)
- قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ «هَلُمَّ» «4» ومَعْنَاه تَعَالَ. وفِيه
لُغَتَان: فأهْلُ الحِجاز يُطِلِقُونَه عَلَى الواحدِ والجَمِيع، والاثْنَيْنِ
والمُؤَنَّثِ بِلَفْظٍ واحِدٍ مَبْنِّيٍ عَلَى الفَتْح. وبَنُو تَمِيم تُثَنِّي
وتَجْمَع وتُؤَنِّث، فتَقُول: هَلُمَّ وهَلُمِّي وهَلُمَّا وهَلُمُّوا.
(هَلَا)
- فِي حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «إِذَا ذُكر الصَّالحُون فَحَيّ هَلًا بعُمَر» أَيْ
فأقْبِلْ بِهِ وأسْرِع. وَهِيَ كَلِمَتَان جُعِلتَا كَلِمَةً واحِدَة، فَحَيَّ
بمعْنى أقْبِل، وهَلًا بمعْنَى أَسْرِعْ، وَقِيلَ:
بِمَعْنَى اسْكُنْ عِنْد ذِكْرِه حَتَّى تَنْقَضِيَ فَضائلُه. وَفِيهَا لُغات.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ «هَلا بِكْراً تُلاعِبُها وتُلاعِبُك» هَلَّا
بالتَّشْدِيد، حَرْف مَعْناهُ الحَثُّ والتَّحْضِيضُ.
__________
(1) زاد الهروي، قال: «وسمعت الأزهري يقول: انهل السماءُ بالمطر هَللا. قال: ويقال
للمطر: هَلَلٌ وأُهْلُول» .
(2) انظر حواشي ص 361 من الجزء الرابع.
(3) في شرح ديوانه ص 25: «ما إن لهم» .
(4) ذكر الهروي فيه حديثا، وهو: «لَيُذادَنَّ عن حَوْضِي رِجالٌ فأناديهم: ألا
هَلُمَّ» قال: أي تَعالَوا.
(5/272)
باب
الهاء مع الميم
(هَمَجَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «وسَائِر النَّاس هَمَجٌ رَعَاعٌ» الْهَمَجُ: رُذَالَةُ
النَّاس.
والْهَمَجُ: ذُبَابٌ «1» صَغِير يَسْقَطُ عَلَى وُجُوه الغَنَم والحَمير. وَقيل:
هُو البَعُوضُ، فشَبَّه بِهِ رَعَاع النَّاس. يُقال: هُمْ هَمَجٌ هَامِجٌ، عَلَى
التَّأكيِد.
وَمِنْهُ حَدِيثُهُ أَيْضًا «سُبْحان مَن أدْمَجَ قَوائِم الذَرَّةِ والْهَمَجَةِ»
هِيَ واحدَة الْهَمَجِ.
(هَمَدَ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «أخْرَج بِهِ مِنْ هَوَامِدِ الْأَرْضِ النَّبَاتَ» أرضٌ
هَامِدَةٌ:
لَا نَباتَ بِهَا ونَبَاتٌ هَامِدٌ: يابِسٌ. وهَمَدَتِ النَّار، إِذَا خَمِدَتْ
«2» ، والثَّوبُ، إِذَا بَلِيَ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ مُصْعَب بْنِ عُمَير «حَتَّى كادَ يَهْمُدُ مِن الجُوع»
أَيْ يَهْلِك.
(هَمَزَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الاستِعاذَة مِنَ الشَّيطان «أمَّا هَمْزُه فالمُوتَةُ»
الْهَمْزُ: النَّخْسُ والغَمْزُ، وكُلّ شَيْءٍ دَفَعْتَه فَقَد هَمَزْتُهُ.
والموتَة: الجُنُون «3» . والْهَمْزُ أَيْضًا: الغِيبَةُ والوَقِيعَةُ فِي
النَّاسِ، وذِكْرُ عُيوبِهم. وَقَدْ هَمَزَ يَهْمُزُ يَهْمِزُ «4» فهُو هَمَّازٌ،
وهُمَزَةٌ لِلمُبالَغَة. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هَمَسَ)
- فِيهِ «فجَعَل بَعْضُنا يَهْمِسُ إِلَى بَعْضٍ» الْهَمْسُ: الكَلام الخَفِيُّ
لَا يَكادُ يُفْهَم.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كانَ إِذَا صَلَّى العَصْرَ هَمَسَ» .
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ كانَ يَتَعَوّذ مِن هَمز الشَّيْطان وَهَمْسِه» هُو مَا يُوَسْوِسُه
فِي الصُّدُور.
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا «5»
هُوَ صَوْتُ نَقْلِ أخْفافِ الإبل.
__________
(1) هذا شرح ابن السِّكِّيت، كما ذكر الهروي. وقبله: «الهَمَجُ: جمع هَمَجَة. وهو
... » .
(2) من بابي نَصَر وسَمِع، كما في القاموس.
(3) هذا شرح أبى عبيدة، كما ذكر الهروي.
(4) بالضم، والكسر، كما في القاموس.
(5) انظر مادة (رفث) 35- النهاية 5.
(5/273)
(س)
وَفِي رَجْز مُسَيْلِمة «والذِّئب الْهَامِسُ، واللَّيل الدَّامِس» الْهَامِسُ:
الشَّديدُ.
(هَمَطَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ النَّخَعيِّ «سُئِل عَن عُمَّالٍ يَنْهَضُون إِلَى القُرَى
فَيَهْمِطُونَ النَّاسَ، فَقَالَ: لَهُمُ المَهْنَأُ، وَعَليهم الوِزْرُ» أَيْ
يَأخُذُون مِنْهُم عَلَى سَبيل القَهْر والغَلَبة. يُقَالُ: هَمَطَ مَالَه
وطَعَامَه وعِرْضَه، واهْتَمَطَهُ، إِذَا أخَذَه مَرَّةً بَعْدَ مَرَّة مِنْ غَيْر
وَجْه.
وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «كَانَ العُمَّال يَهْمِطُونَ، ثُمَّ يَدْعُون
فيُجَابُونَ» يُريدُ أَنَّهُ يَجُوز أكلُ طَعَامهم وَإِنْ كَانُوا ظَلَمة، إِذَا
لَمْ يَتَعَيَّن الحَرامُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّه «لا غزو إِلَّا أكْلَةٌ بِهَمْطَةٍ»
اسْتَعْمل الْهَمْطَ فِي الأخْذِ بِخُرْق «1» وعَجَلة ونَهْب.
(هَمَكَ)
(س هـ) فِي حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ «إِنَّ الناسَ انْهَمَكُوا فِي
الخَمْرِ» الِانْهِمَاكُ:
التَّمادِي فِي الشَّيْءِ واللَّجَاجُ فِيهِ.
(هَمَلَ)
- فِي حَدِيثِ الحَوْض «فَلَا يَخْلُصُ مِنْهُمْ إِلَّا مِثْلُ هَمَلِ النَّعَم»
الْهَمَلُ: ضَوَالُّ الْإِبِلِ، واحِدُها: هَامِلٌ. أَيْ إِنَّ النَّاجيَ منْهُم
قَلِيلٌ فِي قِلة النَّعَم الضَّالّة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ طَهْفة «ولَنَا نَعمٌ هَمَلٌ» أَيْ مُهْمَلَةٌ لَا رِعَاءَ
لَهَا، وَلَا فِيهَا مَن يُصْلحُها ويَهْديها، فهي كالضالّة.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ سُراقة «أتَيْتُه يَوْم حُنَيْن فسألتُه عَنِ الْهَمَلِ» .
(هـ س) وَمِنْهُ حَدِيثُ قَطَن بْنِ حَارِثَةَ «عَلَيْهِمْ فِي الْهَمُولَةِ
الراعِيَةِ فِي كُلِّ خَمْسِينَ ناقَةٌ» هِيَ الَّتِي أُهْمِلَتْ، تَرْعَى
بِأَنْفُسِهَا وَلَا تُسْتَعْمَلُ، فَعُولَة بِمَعْنَى مفْعُولَة.
(هَمَمَ)
(هـ) فِيهِ «أصْدَقُ الْأَسْمَاءِ حارِثٌ «2» وهَمَّامٌ» هُوَ فَعَّال، مِنْ هَمَّ
بِالْأَمْرِ يَهُمُّ، إِذَا عَزَم عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا كَانَ أصْدَقَها لِأَنَّهُ
مَا مِنْ أحَدٍ إِلَّا وَهُوَ يَهُمُّ بأمرٍ خَيْراً كَانَ أو شَرّاً.
__________
(1) في الأصل: «بِخَرَق» بفتحتين. وأثبته بضم فسكون من ا، واللسان. وكلا الضبطين
صحيح، كما في القاموس.
(2) الذي في الهروي: «أحبُّ الأسماء إلى اللَّه عبد الله وهمام؛ لأنه مامن أحدٍ
إلا وهو عبد اللَّه، وهو يَهمّ بأمرٍ رَشِد أم غَوِي» . وانظر (حرث) فيما سبق.
(5/274)
(هـ)
وَفِي حَدِيثِ سَطِيح:
شَمِّر فَإِنَّكَ ماضِي الْهَمِّ شَمِّيرُ
أَيْ إِذَا عَزَمْتَ عَلَى أمرٍ أمْضَيتَه.
(س) وَفِي حَدِيثِ قُسّ «أيُّها المَلِكُ الْهُمَامِ» أَيِ العظيمُ الهِمَّةِ.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ أُتِيَ برجُلٍ هِمٍّ» الْهِمُّ بِالْكَسْرِ: الكَبير
الْفَانِي.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «كَانَ يأمُر جُيوشه أَلَّا يَقْتُلُوا هِمّاً وَلَا
امْرَأَةً» .
وَمِنْهُ شِعْرُ حُمَيْد:
فحَمَّلَ الهِمَّ كِنَازاً جَلْعَدَا «1»
وَفِيهِ «كانَ يَعُوّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَيَقُولُ: أُعِيذُكُمَا
بكَلِماتِ اللَّه التَّامَّة، مِنْ كُلِّ سامَّة وهَامَّةٍ» الْهَامَّةُ: كُلُّ
ذاتِ سَمّ يَقْتُل. والجمعُ: الْهَوَامُّ. فأمَّا مَا يَسُمُّ وَلَا يَقْتُل
فَهُوَ السَّامة، كالعَقْرب والزُّنْبُور. وَقَدْ يَقَع الهوامُّ عَلَى مَا
يَدِبُّ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَإِنْ لَمْ يَقْتُل كالحَشراتِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ كَعْب بْنِ عُجْرَة «أتُؤذيك هَوَامَّ رأسِك؟» أَرَادَ
الْقَمْلَ.
وَفِي حَدِيثِ أولادِ الْمُشْرِكِينَ «هُمْ مِنْ آبائِهم» وَفِي رِوَايَةٍ «هُمْ
مِنْهُمْ» أَيْ حُكْمُهُم حُكْمُ آبائِهِم وأهْلِهم.
(هَيْمَنَ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى «الْمُهَيْمِنُ» هُوَ الرَّقيبُ. وَقِيلَ:
الشَّاهِدُ. وَقِيلَ:
المؤتَمَنُ. وَقِيلَ: الْقَائِمُ بِأُمُورِ الخَلْق. وَقِيلَ: أصْلُه: مُؤَيْمِنٌ،
فأُبْدِلتِ الْهَاءُ مِنَ الهَمزة، وَهُوَ مُفَيْعِل مِنَ الْأَمَانَةِ.
وَفِي شِعر الْعَبَّاسِ:
حَتَّى احْتَوى بَيْتُك المُهَيْمنُ مِن ... خِنْدِفَ عَلْياءَ تَحْتَها النُّطْقُ
أَيْ بَيْتُك الشاهدُ بشَرَفِك.
وَقِيلَ: أَرَادَ بالبَيْتِ نفسَه، لأنَّ البَيْتَ إِذَا حَلَّ فَقَدْ حلَّ به
صاحِبُه.
__________
(1) في ديوان حميد ص 77:
فحَمِّلِ الهَمَّ كلازاً جَلْعَدَا
(5/275)
وَقِيلَ:
أَرَادَ ببَيْتِه شَرَفَه. والْمُهَيْمِنُ مِنْ نَعْتِه، كَأَنَّهُ قَالَ: حَتَّى
احْتَوى شَرَفُك الشاهدُ بفَضْلِك عُلْيَا الشَّرَف، مِنْ نَسَب ذَوي خِنْدِفَ
الَّتِي تَحْتَها النُّطُقُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عِكْرِمَة «كَانَ عليٌّ أعْلَمَ بِالْمُهَيْمِنَاتُ» أَيِ
القَضايَا، مِنَ الْهَيْمِنَةِ، وَهِيَ الْقِيَامُ عَلَى الشَّيء، جَعَل الفِعل
لَهَا، وَهُوَ لأرْبابِها القَوّامِين بِالْأُمُورِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «خَطَبَ فَقَالَ: إنِّي مُتكلِّمٌ بكلماتٍ فَهَيْمِنُوا
عَلَيْهِنَّ» أَيِ اشْهَدُوا.
وَقِيلَ: أَرَادَ أمِّنُوا، فقَلَب «1» الهمْزةَ هَاءً، وإحْدَى المِيمَين يَاءً،
كقولِهم: إيْمَا، فِي إِمَّا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ وُهَيْب «إِذَا وَقَعَ الْعَبْدُ فِي أُلْهَانِيَّةِ الرَّبِّ
ومُهَيْمِنِيَّةِ الصِّدِّيقِين لَمْ يَجدْ أَحَدًا يَأْخُذْ بِقَلْبِهِ»
الْمُهَيْمِنِيَّةُ: منْسُوبٌ إِلَى المُهيْمِنِ، يُرِيدُ أمانَة الصِّدِّيقِين،
يَعْنِي إِذَا حَصَل الْعَبْدُ فِي هَذِهِ الدَّرجة لَمْ يُعْجِبه أحدٌ، وَلَمْ
يُحِبَّ إِلَّا اللَّهَ تَعَالَى.
(س) وَفِي حَدِيثِ النُّعمان يَوْمَ نَهَاوَنْد «تعاهَدُوا هَمَايِنَكُمْ فِي
أحْقِيكم، وأشاعكم فِي نِعَالِكُمْ» الْهَمَايِنُ: جَمْعُ هِمْيَانٍ، وَهِيَ
المِنْطَقةُ والتِّكَّة، والأحْقِي: جمْعُ حَقْوٍ، وَهُوَ مَوضع شَدِّ الإزارِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ «حَلَّ الْهِمْيَانُ» أَيْ
تِكَّة السَّراويل.
(هَمْهَمَ)
(س) فِي حَدِيثِ ظَبْيان «خَرَجَ فِي «2» الظُّلْمة فسَمِع هَمْهَمَةً» أَيْ
كَلَامًا خفِيّاً لَا يُفْهَمُ. وَأَصْلُ الْهَمْهَمَةُ: صَوْت الْبَقَرِ.
(هَمَا)
(س) فِيهِ «قَالَ لَهُ رجلٌ: إنَّا نُصِيبُ هَوامِيَ الْإِبِلِ، فَقَالَ: ضالَّةُ
المُؤمن حَرَقُ النَّار» الْهَوَامِي: المُهْمَلة الَّتِي لَا راعِيَ لَهَا وَلَا
حافِظَ، وَقَدْ هَمَتْ تَهْمِي فَهِيَ هَامِيَةٌ، إِذَا ذَهَبَتْ عَلَى وجْهِها.
وكُلُّ ذاهِبٍ وجارٍ مِنْ حَيَوانٍ أَوْ ماءٍ فَهُوَ هَامٍ.
وَمِنْهُ «هَمَى المطرُ» ولعلَّه مقلوبُ هام يَهِيمُ.
__________
(1) عبارة الهروي: «فقلب إحدى الميمين ياء فصار: أيمنوا، ثم قلب الهمزة هاءً» وفي
اللسان: «قلب إحدى حرفي التشديد في «أمِّنوا» ياءً، فصار: أيمنوا، ثم قلب الهمزة
هاءً، وإحدى الميمين ياءً، فقال: هَيْمِنوا» .
(2) في ا: «إلى» .
(5/276)
باب
الهاء مع النون
(هَنَّأَ)
- فِي حَدِيثِ سُجُودِ السَّهْوِ «فَهَنَّاهُ وَمَنَّاهُ» أَيْ ذَكَّرَهُ
الْمَهَانِئَ والأمانيَّ.
وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَعْرِضُ للإنسانِ فِي صلاتِه مِنْ أَحَادِيثِ النفسِ
وتَسْويل الشَّيْطانِ. يُقَالُ: هَنَأَنِي الطَّعامُ يَهْنُؤُنِي، ويَهْنِئُنِي،
ويَهْنَأُنِي. وهَنَأْتُ الطَّعام: أَيْ تَهَنَّأْتُ بِهِ. وكُلُّ أمْرٍ يأتيِك
مِنْ غَير تَعَبٍ فَهُوَ هَنِيءٌ. وَكَذَلِكَ الْمَهْنَأُ والْمُهَنَّأُ:
وَالْجَمْعُ: الْمَهَانِئُ. هَذَا هُوَ الْأَصْلُ بِالْهَمْزِ. وَقَدْ يُخَفَّف.
وَهُوَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أشْبَهُ، لأجلِ مَنَّاهُ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي إِجَابَةِ صَاحِبِ الرِّبا إِذَا دَعَا
إِنْسَانًا وَأَكَلَ طعامَه «قَالَ:
لَكَ الْمَهْنَأُ وَعَلَيْهِ الوِزْرُ» أَيْ يَكُونُ أكْلُكَ لَهُ هَنِيئاً، لَا
تُؤاخَذُ بِهِ، وَوِزْرُه عَلَى مَنْ كَسَبَهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ النَّخِعيِّ فِي طَعَامِ العُمَّال الظَّلَمة «لهُمُ المَهْنأ
وعليهِم الوِزْرُ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «لأنْ أُزَاحِمَ جَمَلاً قَدْ هُنِئَ
بالْقَطِرانِ أحَبُّ إليَّ مِنْ «1» أنْ أُزاحِمَ امْرَأَةً عَطِرَةً» هَنَأْتُ
البعيرَ أَهْنَؤُهُ، إِذَا طَلَيْتَه بِالْهِنَاءِ، وَهُوَ القَطِرانُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي مالِ الْيَتِيمِ «إنْ كُنْتَ تَهْنَأُ
جَرْبَاهَا» أَيْ تعالِجُ جَرَبَ إبِله بالقَطِران.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لأبِي الهَيْثَم بن التَّيِّهَان: لا أرَى لك
هَانِئاً» قال الخطّابى: المشهور فى الرواية «ما هنا» وَهُوَ الخادِم، فإنْ صَحَّ
فَيَكُونُ اسمَ فاعِل، من هَنَأْتُ الرَّجُلَ أَهْنَؤُهُ هَنْأً، إِذَا أعْطَيْتَه.
والْهِنْءُ بِالْكَسْرِ: العَطَاء. والتَّهْنِئَةُ: خِلافُ التَّعْزية. وَقَدْ
هَنَّأْتُهُ بالْوِلاية.
(هَنْبَثَ)
(هـ) فِيهِ «أنَّ فاطمَةَ قَالَتْ بَعْدَ مَوتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ:
قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أنْبَاءٌ وهَنْبَثَةٌ ... لَوْ كُنْتَ شاهِدَها لَمْ يَكْثَرِ
الخَطْبُ «2»
إنَّا فَقَدْناكَ فَقْدَ الأرضِ وابِلَهَا ... فاخْتَلَّ قَوْمُك فاشْهَدْهُمْ ولا
تَغِب
__________
(1) في الهروي: «أحبُّ إليَّ من مال كذا» .
(2) في اللسان، والفائق 1/ 52، 3/ 217: «لم تكثُرِ الخُطَبُ» .
(5/277)
الْهَنْبَثَةُ:
واحدَة الْهَنَابِثِ، وَهِيَ الْأُمُورُ الشِّدادُ المُخْتلِفَةُ. والْهَنْبَثَةُ:
الاخْتِلاطُ فِي القوْل.
والنُّونُ زَائِدَةٌ.
(هَنْبَرَ)
(س) فِي حَدِيثِ كَعْبٍ، فِي صِفة الْجَنَّةِ «فِيهَا هَنَابِيرُ مِسْكٍ يَبْعَثُ
اللَّهُ عَلَيْهَا رِيحاً تُسَمَّى المُثِيرَةَ» هِيَ الرِّمالُ المُشْرِفة،
واحِدُها: هُنْبُورٌ، أَوْ هُنْبُورَةٌ. وَقِيلَ: هِيَ الْأَنَابِيرِ، جَمْع
أَنْبَارٍ، فَقُلبتِ الْهَمْزَةُ هَاءً، وَهِيَ بِمَعْنَاهَا.
(هَنْبَطَ)
(س) فِي حَدِيثِ حَبِيب بْنِ مَسْلَمة «إِذْ نَزَل الْهُنْبَاطُ «1» » قِيلَ: هُوَ
صاحِبُ الجَيْش بالرُّوميَّة.
(هَنَعَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عُمَرَ «قَالَ لرجُل شَكَا إِلَيْهِ خالِداً، فَقَالَ: هلْ
يَعْلَم ذَلِكَ أحَدُ مِنْ أَصْحَابِ خالِدٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، رجُلٌ طوِيلٌ فِيهِ
هَنَعٌ» أَيِ انْحِناء «2» قليلٌ. وَقِيلَ: هُوَ تَطامُنُ العُنُقِ.
(هَنَنَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أَبِي الأحْوص الجُشَميِّ «فتَجْدَع هَذِهِ وَتَقُولُ: صَرْبَى،
وتَهُنُّ هَذِهِ وَتَقُولُ: بَحيرة» الْهَنُ والْهَنُّ، بالتَّخفيف
وَالتَّشْدِيدِ: كِنَايَةٌ عَنِ الشَّيْءِ لَا تَذْكُره باسْمِه، تَقول:
أتانِي هَنٌ وهَنَةٌ، مُخَفَّفًا وَمُشَدَّدًا، وهَنَنْتُهُ أَهُنُّهُ هَنّاً،
إِذَا أصَبْتَ مِنْهُ هَناً. يُرِيدُ أَنَّكَ تشُقُّ أُذُنَها أَوْ تُصِيبُ
شَيْئًا مِنْ أعضائِها.
قَالَ الْهَرَوِيُّ: عَرَضْتً ذَلِكَ عَلَى الْأَزْهَرِيِّ فأنْكَره. وَقَالَ:
إِنَّمَا هُو «وتَهِنُ هَذِهِ» : أَيْ تُضْعِفُه. يُقَالُ: وَهَنْتُهُ أَهِنُهُ
وَهْناً فَهُوَ مَوْهُونٌ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَنِي» يَعْنِي الفَرْجَ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَن تَعزَّى بعَزَاء الجاهِليَّة فأعِضُّوه بِهَنِ
أَبِيهِ وَلَا تَكْنُوا» أَيْ قُولوا لَهُ: عَضَّ أيْرَ أبيكَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ «هَنٌ مِثْلُ الخَشَبَة غَيرَ أَنِّي لا أكْني»
يَعْني أنه أفْصَحَ باسْمِه؛
__________
(1) هكذا ضُبِط بالضم في الأصل. وضبط فى ابالكسر، وفي اللسان بالفتح. وذكره صاحب
القاموس في (هبط) : «الهَيْباط» بياء تَحتيه. وصَوَّبه الشارح بالنون.
(2) هذا قول شَمِر، كما ذكر الهروي.
(5/278)
فيكُون
قَدْ قَالَ: أَيْرٌ مثْلُ الخَشَبَة، فلمَّا أَرَادَ أَنْ يَحْكِيَ كَنَى عَنْهُ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وذَكَر لَيْلَة الجِنِّ فَقَالَ «ثُمَّ إِنَّ
هَنِيناً أتَوْا عَلَيْهِمْ ثِيابٌ بِيضٌ طِوالٌ» هَكَذَا جَاءَ فِي «مُسْنَد
أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ» فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ حديثِه مضْبُوطا مُقيَّدا، وَلَمْ
أجِدْه مشْروحاً فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُب الغرِيب، إِلَّا أنَّ أَبَا مُوسَى ذَكَر
«1» فِي غَرِيبه عَقيبَ أَحَادِيثِ الهَنِ والهَنَاة «2» :
[س] وَفِي حَدِيثِ الجِنّ «فَإِذَا هُوَ بهَنِينٍ كأنَّهم الزُّطُّ» ثُمَّ قَالَ:
جَمْعُهُ جَمْعَ السَّلامة، مِثْل كُرَةٍ وكُرِين، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ
الْكِنَايَةَ عَنْ أشخاصِهِم.
(هَنَا)
- فِيهِ «ستكُونُ هَنَاتٌ وهَنَاتٌ، فَمْن رأيْتُموهُ يَمْشِي إِلَى أمْة
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليُفَرِّقَ جماعَتَهم فاقْتُلوه» أي
شُرُورٌ وفساد. يقال: فِي فُلَانٍ هَنَاتٌ. أَيْ خِصَالُ شَرّ، وَلَا يُقَالُ فِي
الخَيْر، وواحِدُها: هَنْتٌ، وَقَدْ تُجْمع عَلَى هَنَوَاتٍ. وَقِيلَ: واحِدُها:
هَنَةٌ، تأنيثُ هَنٍ، وَهُوَ كِنَاية عَنْ كُلّ اسْمِ جنْس.
وَمِنْهُ حَدِيثُ سَطِيح «ثُمَّ تَكُونُ هَنَاتٌ وهَنَاتٌ» أَيْ شَدائدُ وأمُورٌ
عِظامٌ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَفِي البَيْت هَنَاتٌ مِن قَرَظٍ» أَيْ قَطَعٌ مُتَفَرِّقة.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الْأَكْوَعِ «قَالَ لَهُ: ألاَ تُسْمِعُنا مِنْ هَنَاتِكَ»
أَيْ مِنْ كَلِماتِك، أَوْ مِنْ أرَاجِيزِك. وَفِي رِوَايَةٍ «مِنْ هُنَيَّاتِكَ»
عَلَى التَّصْغير. وَفِي أخْرى «مِنْ هُنَيْهَاتِكَ» عَلَى قَلْب الْيَاءِ هَاءً.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ أَقَامَ هُنَيَّةً» أَيْ قَلِيلًا مِنَ الزَّمان، وَهُوَ
تَصْغِير هَنَةٍ. وَيُقَالُ:
هُنَيْهَة، أَيْضًا.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وذَكَر هَنَةً مِنْ جِيرَانِه» أَيْ حَاجَةً، ويُعَبَّرُ
بِهَا عَنْ كُلّ شَيء.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْإِفْكِ «قُلْتُ لَهَا: يَا هَنْتَاهُ» أَيْ يَا هذِه،
وتُفْتَح النُّون وتُسَكَّنُ:
__________
(1) في الأصل واللسان. «ذكره» وما أثبت من ا، والنسخة 517.
(2) وكذلك ذكره صاحب اللسان في مادة (هنا) .
(5/279)
وتُضَمُّ
الهاءُ الْآخِرَةُ وتُسَكَّن. وَفِي التَّثْنِيَة: هَنْتَانِ، وَفِي الْجَمْعِ:
هَنَواتٌ وهَنَاتٌ، وَفِي المُذكَّر:
هَنٌ وهَنَانٌ وهَنُونَ. وَلَكَ أَنْ تُلْحِقها الْهَاءَ لِبيان الحركة، فتقول: يا
هَنَهْ، وأنْ تُشْبِع الْحَرَكَةَ فَتصير ألِفاً فَتَقُولَ: يَا هَنَاهْ، وَلَكَ
ضَمُّ الْهَاءِ، فَتَقُولُ: يَا هَنَاهُ أقْبِلْ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: «هَذِهِ اللَّفْظَة تَخْتصُّ بالنِّداء» .
وَقِيلَ: مَعْنَى يَا هَنْتَاهُ: يَا بَلْهاء، كأنَّها نُسِبَت إِلَى قِلَّة
المَعْرِفة بِمكَايدِ الناسِ وشُرُورِهم.
وَمِنَ المذكَّر حَدِيثُ الصُبَيّ بْنِ مَعْبَد «فقُلْت: يَا هَنَاهُ إِنِّي
حَرِيصٌ عَلَى الجِهادِ» .
بَابُ الهاء مع الواو
(هَوَأَ)
[هـ] فِيهِ «إِذَا قَامَ الرَّجُلُ إِلَى الصَّلاة وَكَانَ قلبُه وهَوْؤُهُ إِلَى
اللَّهِ انصرَفَ كَمَا وَلَدَتْهُ أمُّه» الْهَوْءُ بِوَزْن الضَّوْءِ: الهِمَّة.
وفُلان يَهُوءُ بنَفْسِه إِلَى المَعالِي: أَيْ يَرْفَعُها ويَهُمُّ بِها.
(هَوَتَ)
(هـ) فِيهِ «لمَّا نَزَل وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» بَاتَ يُفَخِّذُ
عَشِيرَتَهُ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَقَدْ بَاتَ يُهَوِّتُ» أَيْ يُنَادِي
عَشِيرَتَه. يُقَالُ: هَوَّتَ بِهِم وهَيَّتَ، إِذَا نَادَاهُم.
والأصْلُ فِيهِ حِكايُةُ الصَّوتِ.
وَقِيلَ: هُوَ أنْ يَقُولَ: يَاهْ يَاهْ. وَهُوَ نِدَاء الرَّاعِي لِصَاحِبه مِنْ
بَعِيد. ويَهْيَهْتُ بِالْإِبِلِ، إِذَا قُلْتَ لهَا: يَاهْ يَاهْ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ «وَدِدْتُ أنَّ مَا بَيْنَنا وبَيْن العَدُوّ
هَوْتَةٌ لاَ يُدْرَك قَعْرُها إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ» الْهَوْتَةُ بِالْفَتْحِ
وَالضَّمِّ: الْهُوَّةُ مِنَ الْأَرْضِ، وَهِيَ الوَهْدةُ العَمِيقة. أَرَادَ «1»
بِذَلِكَ حِرْصاً عَلَى سَلامَة المُسْلِمينَ، وحَذَراً مِنَ القِتَال. وَهُوَ
مِثْلُ قَوْل عُمَر: وَدِدْتُ أنَّ مَا وَرَاء الدَّربِ جَمْرةٌ واحِدة ونَارٌ
تُوقَدُ، يأكُلون مَا وَرَاءه ونَأكُلُ مَا دُونَه.
(هَوَجَ)
(س) فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ «هَذَا الْأَهْوَجُ البَجْباجُ» الْأَهْوَجُ:
المُتَسَرِّع إِلَى الْأُمُورِ كَمَا يَتَّفِقُ. وَقِيلَ: الأحْمَقُ القَليلُ
الهِدَايَة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أمَا واللَّه لَئِنْ شَاء لَتَجِدنَّ الأشْعَثَ أَهْوَجَ
جَريئاً» .
__________
(1) هذا قول القتيبي، كما ذكر الهروي.
(5/280)
(س)
وَفِي حَدِيثِ مَكْحول «مَا فَعَلْتَ فِي تِلْكَ الْهَاجَةِ؟» يُريدُ الحاجَة،
لأنَّ مَكْحُولاً كَانَ فِي لِسَانِهِ لُكْنَةٌ، وَكَانَ مِنْ سَبْيِ كابُلَ، أوْ
هُو عَلَى قَلْب الحَاءِ هَاءً.
(هَوَدَ)
[هـ] فِيهِ «لَا تأخُذه فِي اللَّهِ هَوَادَةٌ» أَيْ لَا يَسْكُن عنْدَ وُجُوب
حَدٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا يُحَابِي فِيهِ أحَداً. والْهَوَادَةُ: السُّكُون
والرُّخْصَة والمُحابَاةُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أُتِيَ بِشَارِبٍ، فَقَالَ: لأبْعَثَنَّك إِلَى
رَجُلٍ لَا تأخُذُه فِيكَ هَوَادَةٌ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثُ عِمران بْنِ حُصَين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «إِذَا مُتُّ
فَخَرجْتُم بِي فأسْرِعُوا المَشْيَ وَلَا تُهَوِّدُوا كَمَا تُهَوِّدُ اليَهُودُ
والنَّصَارى» هُو المَشْيُ الرُّوَيْدُ المُتأنِّي، مِثْل الدَّبيبِ ونَحْوِه،
مِنَ الهَوادَةِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «إِذَا كُنْتَ فِي الجَدْب فأسْرِعِ
السَّير وَلَا تُهَوِّدْ» أَيْ لَا تَفْتُر.
(هَوَرَ)
(هـ) فِيهِ «مَنْ أطاعَ رَبَّه فَلا هَوَارَةَ عَلَيْه» أَيْ لَا هَلاكَ. يُقَالُ:
اهْتَوَرَ الرجُلُ، إِذَا هَلَك.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وُقيَ الْهَوْرَاتِ» يَعْني
المَهالِكَ، واحِدَتُها: هَوْرَةٌ.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّهُ خَطَبَ بالبَصْرة فقال: مَنْ يَتَّقِي اللَّهَ
لَا هَوَارَةَ عَلَيْهِ. فلَم يَدْرُوا مَا قَالَ، فَقَالَ يَحْيى بْنُ يَعْمَر:
أَيْ لَا ضَيْعَةَ عَلَيْهِ» .
(هـ) وَفِيهِ «حَتَّى تَهَوَّرَ اللَّيلُ» أَيْ ذَهَب أكْثَرُه، كَمَا يَتَهَوَّرُ
البِنَاءُ إِذَا تَهَدَّم.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الصَّبْغاء «فَتَهَوَّرَ القليبُ بِمَنْ عَلَيْه» يُقَالُ:
هَارَ البِنَاءُ يَهُورُ، وتَهَوَّرَ، إِذَا سقَطَ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ خُزَيمة «تَرَكَتِ الْمُخَّ رَارًا وَالْمَطِيَّ هَارًا»
الْهَارُ: السَّاقِطُ الضَّعِيف.
يُقَالُ: هُو هَارٍ، وهَارٌ، وهَائِرٌ، فأمَّا هَائر فَهُوَ الأصْلُ، مِنْ هَارَ
يَهُورُ. وأمَّا هَارٌ بِالرَّفْعِ فَعلى حَذْفِ الهَمْزَة. وأمَّا هَارٍ
بالجَرِّ، فَعَلى نَقْل الهَمْزة إِلَى [مَا «1» ] بَعْدَ الرَّاء، كَمَا قَالُوا
فِي شَائِكُ السِّلاح:
شَاكِي السِّلاح، ثُمَّ عُمِل بِهِ مَا عُمِلَ بالمَنْقُوصِ، نَحْوُ قاضٍ ودَاعٍ.
__________
(1) تكملة يلتئم بها الكلام.
(5/281)
ويُرْوَى
«هَارّاً» بِالتَّشْدِيدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ «1» .
(هَوَشَ)
(هـ س) فِي حَدِيثِ الإسْرَاء «فَإِذَا بَشَرٌ كَثِيرٌ يَتَهَاوَشُونَ» الْهَوْشُ:
الِاخْتِلَاطُ: أَيْ يَدْخُل بَعْضُهُمْ فِي بَعْض.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «إيَّاكُم وهَوْشَاتِ الأسْواق» ويُرْوَى
بالْيَاء. أَيْ فِتنَها وَهَيْجَها.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ «كُنْتُ أُهَاوِشُهُمْ فِي الجَاهِليَّة»
أَيْ أُخَالِطُهُم عَلَى وَجْهِ الإفْسَاد.
(هـ) وَفِيهِ «مَن أَصَابَ مَالًا مِن مَهَاوِشَ أذْهَبَه اللَّه فِي نَهابِرَ»
هُو كُلُّ «2» مَالٍ أُصِيبَ مِن غَير حِلِّهِ وَلَا يُدْرَى مَا وَجْهُه.
والْهُوَاشُ بالضَّمِّ: مَا جُمِع مِنْ مَالٍ حَرَامٍ وَحَلالٍ؛ كَأَنَّهُ جَمْعُ
مَهْوَش، مِنَ الْهَوْشِ: الجَمْعِ والخَلْطِ، والمِيمُ زَائِدَةٌ.
وَيُرْوَى «نَهَاوِشُ» بِالنُّونِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَيُرْوَى بالتَّاء وَكَسْرِ
الْوَاوِ، جَمْعُ تَهْوَاشٍ، وهُو بِمَعْناه.
(هَوَعَ)
(س) فِيهِ «كَانَ إِذَا تَسَوَّك قَالَ: أُعْ أُعْ، كَأَنَّهُ يَتَهَوَّعُ» أَيْ
يَتَقَيَّأُ.
والْهُوَاعُ: القَيءُ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلْقَمة «الصَّائم إِذَا تَهَوَّعَ فَعَلَيْه القَضاءُ»
أَيْ إِذَا اسْتَقَاء.
(هَوَكَ)
(هـ) فِيهِ «أنَّه قَالَ لِعُمَر فِي كَلَامِ: أمُتَهَوِّكُونَ أنْتمْ كَمَا
تَهَوَّكَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ لقَدْ جئتُ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً»
التَّهَوُّكُ كالتَّهُوُّر، وَهُوَ الوُقُوع فِي الأمْرِ بِغَيْرِ رَوِيَّة.
والْمُتَهَوِّكُ: الَّذِي يقَعَ فِي كُلِّ أمْرٍ. وَقِيلَ: هُوَ التَّحَيُّر.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «أنَّ عُمَر أَتَاهُ بصَحِيفَةٍ أخَذَهَا مِن بَعْض أَهْلِ
الكتَاب، فَغَضِبَ وَقَالَ:
أمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْن الخَطَّاب؟» .
(هَوَلَ)
(س) فِي حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ «إِنَّ مُحمَّداً لَمْ يُنَاكِر أحَداً قَطُّ
إِلَّا كانَتْ
__________
(1) وسيجيء: «هاماً» .
(2) هذا شرح أبي عبيد، كما ذكر الهروي.
(5/282)
معَه
الْأَهْوَالُ» هِيَ جَمْع هَوْلٍ، وَهُوَ الخَوْفُ والأمْرُ الشَّديدُ. وَقَدْ
هَالَهُ يَهُولُهُ، فَهُوَ هَائِلٌ ومَهُولٌ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي ذَر «لَا أَهُولَنَّكَ» أَيْ لَا أُخِيفُك فَلَا
تَخَفْ مِنِّي.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الوَحْي «فَهُلْتُ» أَيْ خِفْتُ ورَعَبْتُ، كقُلْتُ مِنَ
القَول.
(س [هـ] ) وَفِي حَدِيثِ المَبْعَث «رَأَى جِبريلَ يَنْتَثِر «1» مِنْ جَنَاحِه
الدُّرُّ والتَّهَاوِيلُ» أَيِ الأشْيَاء المُخْتَلفة الْأَلْوَانِ. وَمِنْهُ
يُقَالُ لِمَا يَخْرُج فِي الرِّيَاضِ مِنْ ألْوانِ الزَّهْر: التَّهَاوِيلُ،
وَكَذَلِكَ لِمَا يُعَلَّق عَلَى الهَوادِج مِنْ ألوانِ العِهْنِ والزِّينَة.
وَكَأَنَّ واحِدَها تَهْوَالٌ. وأصْلُها مِمَّا يَهُولُ الإنْسَانَ ويُحَيّره.
(هَوَمَ)
(هـ) فِيهِ «اجْتَنِبُوا هَوْمَ الأرضِ، فإنَّها مَأوَى الهَوامِّ» كَذَا جَاءَ
فِي رِوَايَةٍ.
وَالْمَشْهُورُ بالزَّاي. وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَقَالَ الخطَّابي: لَسْتُ أدْري مَا
هُوْمُ الْأَرْضِ. وَقَالَ غَيْرُه: هَوْمُ الْأَرْضِ: بَطْنٌ منْها، فِي بَعْضِ
اللُّغَاتِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ رُقَيْقَة «فَبَيْنَا أنَا نَائِمةٌ أَوْ مُهَوَّمَةٌ»
التَّهْوِيمُ: أوْلُ النَّوْم، وهُو دُون النَّوْم الشَّديد.
(هـ) وَفِيهِ «لَا عَدْوى وَلَا هَامَةَ» الْهَامَةُ: الرَّأسُ، واسْمُ طائرٍ.
وَهُوَ المُرادُ فِي الْحَدِيثِ. وَذَلِكَ أنهُم كَانُوا يَتَشَاءَمُون بِهَا.
وَهِيَ مِنْ طَير اللَّيل. وَقِيلَ: هِيَ البُومَةُ. وَقِيلَ:
كانَتِ العَرَبُ تَزْعُم أنَّ رُوحَ القَتِيل الَّذِي لَا يُدْرَكُ بِثَأرِه
تَصِير هَامَةً، فتَقُول: اسْقُوني، فَإِذَا أُدْرِكَ بِثَارِه طَارَتْ.
وَقِيلَ: كانُوا يَزْعُمُون أَنَّ عِظام الْمَيِّتِ، وَقِيلَ رُوحه، تَصِيرُ
هَامَةً فتَطِيرُ، ويُسَمُّونه الصَّدَى، فنَفَاه الإسْلامُ ونهاهُمْ عَنْهُ.
وذَكَره الْهَرَوِيُّ فِي الْهَاءِ وَالْوَاوِ. وذَكَره الْجَوْهَرِيُّ فِي
الْهَاءِ وَالْيَاءِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ والنَّسَّابَةِ «امِنْ
هَامِهَا أَمْ مِنْ لَهَازِمِهَا؟» أى
__________
(1) فى الأصل، وا: «ينتشر» بالشين المعجمة، وأثبته بالثاء المثلثة من اللسان، ومن
تصليح بحواشى الهروى. ويؤيده ما فى مسند أحمد 1/ 412، 460، من حديث عبد الله بن
مسعود.
(5/283)
مِن
أشْرَافِها أنْتَ أَمْ مِن أوْسَاطِها؟ فشَبّه الأشْرافَ بالهَامِ، وَهِيَ جَمْعُ
هَامَةٍ: الرَّأسِ.
وَفِي حَدِيثِ صَفْوانَ «كُنَّا مَعَ رسولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ إذْ نَادَاه أعْرابي بِصَوْتٍ جَهْوَرِيّ: يَا مُحمَّدُ،
فَأَجَابَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنحْوٍ مِنْ صَوْته:
هَاؤُمْ» هَاؤُمْ: بمعْنَى تَعَالَ، وَبِمَعْنَى خُذْ. وَيُقَالُ للجماعة، كقوله
تعالى: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ. وَإِنَّمَا رَفَع صَوْتَه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ مِنْ طَريق الشَّفَقَة عَلَيْهِ، لِئَلَّا يَحْبَطَ عَمَلُه، مِنْ
قَوْلِهِ تَعَالَى لَا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ فَعَذَره
لِجَهْله، ورَفَع النَّبيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَه حَتَّى
كَانَ مِثْلَ صَوْتِه أَوْ فَوْقَه، لِفَرْطِ رأفِتَه بِهِ.
(هَوَنَ)
(هـ س) فِي صفَته عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «يَمْشِي هَوْناً» الْهَوْنُ:
الرِّفْق وَاللِّينُ والتّثَبُّتُ. وَفِي رِوَايَةٍ «كانَ يَمْشي الْهُوَيْنَا»
تَصْغِير الْهُونَى، تَأنِيثُ الْأَهْوَنِ، وَهُوَ مِنَ الْأَوَّلِ.
(هـ) وَمِنْهُ «1» الْحَدِيثُ «أحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْناً مَّا» أَيْ حُبّاً
مُقْتَصِداً لاَ إفْرَاطَ فِيه.
وإضَافَةُ «مَا» إِلَيْهِ تُفيد التَّقْلِيل. يَعْني لَا تُسْرِفْ فِي الحُبِّ
والبُغْضِ، فَعَسى أَنْ يَصيرَ الحَبيبُ بَغيضاً، والبَغيضُ حَبِيباً، فَلَا
تَكُون قَدْ أسْرَفْتَ فِي الحُبّ فتَنْدَمَ، وَلَا فِي البُغْضِ فتَسْتَحِييَ.
(هَوَهَ)
(س) فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «كُنْتُ الْهَوْهَاةَ الْهُمَزَةَ»
الْهَوْهَاةُ: الأحْمقُ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: «رَجُلٌ هُوهَةٌ بِالضَّمِّ: أَيْ جَبَان» .
(س) وَفِي حَدِيثِ عَذابِ القَبر «هَاهْ هَاهْ» هَذِهِ كَلمَة تُقال فِي الإبْعاد،
وَفِي حِكَايَةِ الضَّحِك.
وَقَدْ تُقال للتَّوجُّع، فَتكُون الْهَاءُ الْأَوْلَى مُبْدَلَة مِنْ هَمْزَة
آهْ، وَهُوَ الألْيَقُ بِمَعْنى هَذَا الْحَدِيثِ. يُقَالُ:
تَأَوَّهَ وتَهَوَّهَ، آهَةً وهَاهَةً.
(هَوَا)
- فِي صِفَتِه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «كأنَّما يَهْوِي مِن صَبَب» أَيْ
يَنْحَطُّ، وَذَلِكَ مِشْيَة القَوِيّ مِنَ الرِّجَالِ. يُقَالُ: هَوَى يَهْوِي
هَوِيّاً، بِالْفَتْحِ، إِذَا هَبَط. وهَوَى يَهْوِي هُوِيّاً، بِالضَّمِّ، إِذَا
صَعِدَ. وَقِيلَ بالعَكْس. وهَوَى يَهْوِي هُوِيّاً أَيْضًا، إِذَا أسْرَع فِي
السَّير.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ البُراق «ثم انْطلق يَهْوِي» أي يسرع.
__________
(1) أخرجه الهروى من حديث على كرّم الله وجهه.
(5/284)
(س)
وَفِيهِ «كُنْتُ أسْمَعُه الْهَوِيُّ مِنَ اللَّيْلِ» الْهَوِيُّ بِالْفَتْحِ:
الحِينُ الطَّويل مِنَ الزَّمانِ.
وَقِيلَ: هُوَ مُخْتَصٌّ باللَّيل.
(س [هـ] ) وَفِيهِ «إِذَا عَرَّسْتُم فاجْتَنِبُوا هُوِىَّ «1» الأرضِ» هَكَذَا
جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَهِيَ جَمْع هُوَّة، وَهِيَ الحُفْرةُ والمُطْمَئِنّ مِنَ
الْأَرْضِ. وَيُقَالُ لَهَا الْمَهْوَاةُ أَيْضًا.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «وَوَصَفَتْ أباهَا قَالَتْ: وامْتَاحَ مِنَ
الْمَهْوَاةِ» أَرَادَتِ الْبِئْرَ الْعَمِيقَةَ.
أَيْ أَنَّهُ تَحَمَّلَ مَا لَمْ يَتَحَمَّلْه غَيْرُه.
(س) وَفِيهِ «فَأَهْوَى بِيَدِه إِلَيْهِ» أَيْ مَدّها نَحْوه وأمَالَها إِلَيْهِ.
يُقَالُ: أهْوَى يَدَه وبِيَده إِلَى الشَّيء لِيَأخُذَه. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي
الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ بَيْع الخِيَار «يَأخُذُ كُلُّ واحِدٍ مِنَ البَيْع مَا هَوِيَ»
أَيْ مَا أحَبَّ. يُقَالُ مِنه:
هَوِيَ بِالْكَسْرِ، يَهْوَى هَوًى.
وَفِي حَدِيثِ عَاتِكَةَ:
فهُنَّ هَوَاءٌ والحُلُومُ عَوَازِبُ
أَيْ خالِيَةٌ بَعِيدَة العُقُول، من قوله تعالى وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ.
باب الهاء مع الياء
(هَيَأَ)
(س) فِيهِ «أقِيلُوا ذَوِي الْهَيَئَاتِ عَثَراتِهِم» هُمُ الَّذين لَا يُعْرَفُون
بالشَّرِّ، فَيَزِلُّ أحَدُهم الزَّلَّة.
والْهَيْئَةُ: صُورَةُ الشَّيء وشَكْلُه وحَالَتُه. ويُريدُ بِهِ ذَوي الهَيْئاتِ
الحَسَنَةِ الذَيِن يَلْزَمُون هَيْئَةً وَاحِدَةً وسَمْتاً وَاحِدًا، وَلَا
تَخْتَلفُ حَاَلاتُهم بالتَّنَقُّل مِنْ هَيْئَة إِلَى هَيْئَةٍ.
(هَيَبَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عُبَيد بْنِ عُمير «الْإِيمَانُ هَيُوبٌ» أَيْ يُهَابُ أهْلُه،
فَعول بِمَعْنَى مَفْعُول. فالنَّاسُ يَهَابُونَ أهْلَ الإيِمان، لأنَّهم
يَهَابُون اللَّه تَعَالَى ويَخافُونَه.
وَقِيلَ: هُوَ فَعُولٌ بِمَعْنَى فاعِل: أَيْ أنَّ المُؤمِنَ يَهَابُ الذُّنُوبَ
فيتّقيها. يقال: هَابَ
__________
(1) فى ا: «هوى» .
(5/285)
الشَّيءَ
يَهَابُهُ، إِذَا خَافَهُ وَإِذَا وَقَّرَهُ وعَظَّمَه.
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «وقَوَّيْتَنِي عَلَى مَا أهَبْتَ بِي إِلَيْهِ مِنْ
طَاعَتِك» يُقَالُ: أَهَبْتُ بالرَّجُلِ، إِذَا دَعَوْتَه إلَيْك.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الزُّبير فِي بِناء الكَعْبَة «وأَهَابَ النَّاسَ
إِلَى بَطْحِهِ» أَيْ دَعَاهُمْ إِلَى تَسْوِيَته.
(هَيَجَ)
- فِي حَدِيثِ الِاعْتِكَافِ «هَاجَتِ السَّماءُ فمُطِرْنَا» أَيْ تَغَيَّمَتْ
وكَثُرَتْ رِيحُها.
وهَاجَ الشَّيءُ يَهِيجُ هَيْجاً، واهْتَاجَ: أَيْ ثَارَ. وهَاجَهُ غَيْرُه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ المُلاعَنة «رَأى مَعَ امْرأتِه رَجُلاً، فَلَم يَهِجْهُ» أَيْ
لَمْ يُزْعِجْه وَلَمْ يُنَفِّرْه.
وَفِيهِ «تَصْرَعُها مَرَّةً وتَعْدِلُها أُخْرَى، حَتَّى تَهِيجَ» أَيْ تَيْبَسَ
وتَصْفَرَّ. يُقَالُ: هَاجَ النَّبْتُ هِيَاجاً، إِذَا يَبِسَ واصْفَرَّ.
وأَهَاجَتْهُ الرِّيحُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كُنَّا مَعَ النبيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فأمَرَ بِغُصْنٍ فَقُطع أوْ كانَ مَقْطُوعاً قَدْ هَاجَ وَرَقُه» .
(هـ) وَحَدِيثُ عَلِيٍّ «لَا يَهِيجُ عَلَى التَّقْوَى زرْعُ قَوْمٍ» أرادَ مَنْ
عَمِلَ للَّه عَمَلاً لَمْ يَفْسُدْ عَمَلُه وَلَمْ يَبْطُل، كَمَا يَهِيجُ
الزَّرْعُ فيَهْلِك.
وَفِي حَدِيثِ الدِّيات «وَإِذَا هَاجَت الإبِلُ رَخُصَتْ ونَقَصَتْ قِيمتُها»
هَاجَ الفَحْلُ، إِذَا طَلَبَ الضِّرَابَ، وَذَلِكَ ممَّا يُهْزِلُه فَيَقِلُّ
ثَمَنُه.
(س) وَفِيهِ «لَا يَنْكُلُ فِي الْهَيْجَاءِ» أَيْ لَا يَتَأخَّر فِي الحُروب.
والهَيْجَاء تُمَدُّ وتُقْصَر.
وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبٍ:
مِنْ نَسْجِ دَاوُدَ فِي الهَيْجَا سَرابِيلُ
(هَيَدَ)
(هـ) فِيهِ «كُلُوا واشْرَبُوا وَلَا يَهِيدَنَّكُمْ الطَّالِعُ المُصْعِدُ» أَيْ
لَا تَنْزَعِجُوا للفَجْر المُسْتَطِيل فَتمْتَنِعُوا بِهِ عَنِ السُّحُور»
، فإنَّه الصُّبح الكاذب. وأصل الْهَيْدِ:
__________
(1) فى الأصل، وا، واللسان: «السَّحور» بالفتح. وانظر مادة (سحر) فيما سبق.
(5/286)
الحَرَكة،
وَقَدْ هِدْتُ الشَّيءَ أَهِيدُهُ هَيْداً، إِذَا حرَّكْتَه وأزْعَجْتَه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ «مَا مِنْ أحدٍ عَمِل للَّه عَمَلاً إِلَّا سَارَ
فِي قَلْبِه سَوْرَتَانِ، فَإِذَا كَانَتِ الأُولَى للَّه فَلَا تَهِيدَنَّهُ
الآخِرةُ» أَيْ لَا تُحَرّكَنَّهُ وَلَا تُزِيلَنَّه عَنْهَا. وَالْمَعْنَى: إِذَا
أرَادَ فِعْلاً وصَحَّت نِيَّتُه فِيهِ فوَسْوَسَ لَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ:
إِنَّكَ تُريد بِهَذَا الرِّياءَ فَلَا يَمْنُعه ذَلِكَ عَنْ فِعْله.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «قِيلَ لَهُ فِي مَسْجِدِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
هِدْهُ، فَقَالَ: بَلْ عَرْشٌ كعَرْشِ مُوسَى» أَيْ «1» أصْلِحْهُ. وَقِيلَ «2» :
هُوَ الإصْلاحُ بَعْد الهَدْم.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «يَا نَارُ لَا تَهِيدِيهِ» أَيْ «3» لَا تُزْعِجِيهِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «لَوْ لَقِيتُ قَاتِلَ أَبِي فِي الْحَرَمِ
مَا هِدْتُهُ» .
(س) وَفِي حديث زَيْنب «مَا لي لَا أزَالُ أسْمَع اللَّيلَ أجْمَعَ: هِيدْ هِيدْ.
قِيلَ:
هَذِهِ عِيرٌ لعَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف» هِيدْ بِالْكَسْرِ: زَجْر للإبِل،
وضَرْبٌ مِنَ الحُدَاء. وَيُقَالُ فِيهِ:
هَيْدٌ هَيْدٌ، وهَادٌ.
(هَيْدَرَ)
(س) فِيهِ «لَا تَتَزَوَّجَنَّ هَيْدَرَةً» أَيْ عَجُوزاً أدْبَرَت شَهْوَتُها
وحَرارَتُها.
وَقِيلَ: هُوَ بالذَّال الْمُعْجَمَةِ، مِنَ الهَذَر، وَهُوَ الْكَلَامُ
الْكَثِيرُ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ.
(هَيَسَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أَبِي الْأَسْوَدِ «لَا تُعَرِّفُوا عَلَيْكُمْ فُلاناً
فَإِنَّهُ ضَعيفٌ مَا عَلِمْتُه، وعَرِّفوا عَلَيْكُمْ فُلاناً فَإِنَّهُ أَهْيَسُ
ألْيَسُ» الْأَهْيَسُ: الَّذي يَهُوسُ: أَيْ يَدُور. يَعْنِي أَنَّهُ يَدُورُ فِي
طَلَب مَا يَأكُلُه، فَإِذَا حَصَّلَه جَلَسَ فَلَم يَبْرَح. والأصْل فِيهِ
الوَاوُ، وإنَّما قَالَ بِالْيَاءِ لِيُزَاوِجَ ألْيَس.
(هَيَشَ)
(هـ) فِيهِ «لَيْسَ فِي الْهَيْشَاتِ قَوَدٌ» يُريدُ القَتِيلَ يُقْتَل فِي
الْفِتْنَةِ لَا يُدْرَى مَن قَتَلَه. وَيُقَالُ بِالْوَاوِ أَيْضًا.
(هـ) وَكَذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «إيَّاكُم وهَيْشَاتِ الأسْواقِ» .
__________
(1) هذا شرح ابن قتيبة، كما في الهروي.
(2) القائل هو أبو عبيد، كما في الهروي.
(3) وهذا شرح ابن الأعرابي، كما ذكر الهروي أيضا.
(5/287)
(هَيَضَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «لمَّا تُوفيّ رَسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَتْ: واللَّهِ لَوْ نَزَل بالجِبال الرَّاسيَات مَا نَزل بِي
لَهَاضَهَا» أَيْ كَسَرَها: والْهَيْضُ: الكَسْرُ بَعْدَ الجَبْر. وهُو أشَدّ مَا
يَكُون مِنَ الكَسْر. وَقَدْ هَاضَهُ الأمْرُ يَهِيضُهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ والنَّسَّابة:
يَهيضُه حِيناً وحِيناً يَصْدَعُهْ
أَيْ يَكْسِرهُ مَرَّةً ويَشُقُّهُ أخْرى.
(هـ) وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ «قِيلَ لَه: خَفِّضْ «1» عَلَيْكَ فإنَّ هَذَا
يَهِيضُكَ» .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَر بْنِ عَبْدِ العَزيز «2» «اللَّهُمَّ قَدْ هَاضَنِي
فَهِضْهُ» .
(هَيَعَ)
(هـ) فِيهِ «خَير الناسِ رجُلٌ مُمْسِكٌ بعِنَانِ فَرَسِه فِي سَبيل اللَّه،
كُلَّما سَمِعَ هَيْعَةً طارَ إليْها» الْهَيْعَةُ: الصَّوتُ الَّذِي تَفْزَع
مِنْهُ وتَخَافُه مِنْ عَدُوّ. وَقَدْ هَاعَ يَهِيعُ هُيُوعاً «3» إِذَا جَبُنَ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كُنْتُ عِنْد عُمَر فَسَمِعَ الْهَائِعَة، فَقال: مَا
هَذا؟ فَقِيل: انْصَرَفَ الناسُ مِن الوِتْر» يَعْنِي الصِّياحَ والضَّجَّة.
(هَيَقَ)
(هـ) فى حديث أحد «انحزل عَبْدُ اللَّه بنُ أُبَيّ فِي كَتِيبَةٍ كأنَّه هَيْقٌ
يَقْدُمُهُمْ» الْهَيْقُ: ذَكَر النَّعام. يُرِيدُ سُرْعَةَ ذَهَابِه.
(هَيَلَ)
(هـ) فِيهِ «أنَّ قَوْمًا شَكُوْا إِلَيْهِ سُرْعَة فَنَاء طَعامِهم، فَقَالَ:
أتَكِيلُونَ أمْ تَهِيلُونَ؟ قَالُوا: نَهِيلُ، قَالَ: فَكِيلُوا وَلا تَهِيلُوا»
كُلُّ شَيْءٍ أرْسَلْتُه إرْسالاً مِن طَعام أَوْ تُرَابٍ أَوْ رَمْلٍ فَقَدْ
هِلْتَهُ هَيْلًا. يُقَالُ: هِلْتُ المَاءَ وأَهَلْتُهُ، إِذَا صَبَبْتَه
وأرْسَلتَه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ العَلاء «أوْصَى عِند مَوْتِهِ: هِيلُوا عليَّ هذا الكَثيبَ
ولا تَحْفِروا لِي» .
__________
(1) في الهروي: «خَفِّف عليك فإن هذا مِمّا يَهيضك» .
(2) وهو يدعو على يزيد بن المهلّب، لما كسر سجنه وأفلت. كما ذكر الهروي.
(3) زاد الهروى: «وهيعانا» .
(5/288)
(هـ)
وَمِنْهُ حَدِيثُ الخَنْدَق «فَعادَت كَثِيباً أَهْيَلَ» أَيْ رَمْلاً سَائِلا.
(هَيَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الاسْتسقاء «أغْبَرَّتْ أرْضُنَا وهَامَتْ دَوَابُّنا» أَيْ
عَطِشَت. وقَد هَامَتْ تَهِيمُ هَيَمَاناً، بالتَّحريك.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «أنَّ رَجُلاً باعَه إبِلاً هِيماً» أَيْ
مِرَاضاً، جَمْع أَهْيَمَ، وَهُوَ الَّذِي أصابَهُ الْهُيَامُ، وَهُوَ دَاءٌ
يُكْسِبُها العَطَش فَتَمُصُّ الْمَاءَ مَصّاً وَلَا تَرْوَى.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «فِي قَوْلِهِ تَعالى: فَشارِبُونَ شُرْبَ
الْهِيمِ
. قَالَ: هَيَامُ الْأَرْضِ» الْهَيَامُ بالفتْح: تُرَاب يُخالِطُه رَمْل يُنَشِّف
المَاءَ نَشْفاً.
وَفِي تقَديره وَجْهان: أحَدُهُمَا: أَنَّ الْهِيمَ جَمْع هَيَامٍ، جُمِعَ عَلَى
فُعُل ثُمَّ خُفِّف وكُسِرتِ الهَاء لأجْلِ اليَاء.
والثَّاني: أَنْ يَذْهَب إِلَى المَعْنى، وأنَّ المُرادَ الرّمالُ الْهِيمُ،
وَهِيَ الَّتِي لَا تَرْوَى. يُقَالُ:
رَمْلٌ أهْيَمُ.
وَمِنْهُ حديثُ الخَنْدَق «فعادَتْ كثيِباً أَهْيَمَ» هَكَذَا جَاءَ فِي
رِوَايَةٍ، والمَعْروف «أَهْيَلَ» .
وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَدُفِنَ فِي هَيَامٍ مِن الأرْضِ» .
وَفِي حَدِيثِ خُزَيمة «وَتَرَكتِ المَطيَّ هَاماً «1» » هِيَ جَمْع هَامَة، وهِي
الَّتي كَانُوا يَزعُمُون أنَّ عِظامَ الميِّت تَصيرُ هَامَةً فتَطِيرُ مِنْ
قَبْرِه. أَوْ هُوَ جَمْع هَائِمٍ، وهُو الذَّاهبُ عَلَى وجْهِه، يُريدُ أَنَّ
الْإِبِلَ مِن قِلَّة المَرْعَى مَاتَتْ مِن الجَدْب، أوْ ذَهَبَت عَلَى وَجهِها.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عكْرمة «كَانَ عَليٌّ أعلمَ بِالْمُهَيِّمَاتِ» كَذَا جَاء فِي
رِوَايَةٍ. يُرِيدُ دَقائِقَ المَسائل الَّتي تُهَيِّمُ الإنسانَ وتَحَيِّرهُ.
يُقَالُ: هَامَ فِي الأمْرِ يَهِيمُ، إِذَا تَحَيَّر فِيهِ. ويُرْوَى
«الْمُهَيْمِنَات» .
وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(هَيَنَ)
(هـ) فِيهِ «المُسْلِمُون هَيْنُونَ لَيْنُون» هُمَا تَخْفِيف الهَيِّنِ
واللَّيّن. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: العَرَب تَمْدَحُ بِالْهَيْنِ اللَّيْن،
مُخَفَّفَيْن، وتَذُمُّ بهمَا مُثَقَّلَين. وهَيِّنٌ: فيعل، من الهون،
__________
(1) سبقت «هارا» 37- النهاية 5.
(5/289)
وَهُوَ
السَّكينَة والوَقَارُ والسُّهولَة، فَعَيْنُه وَاوٌ. وشيءٌ هَيْنٌ وهَيِّنٌ: أَيْ
سَهْلٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «النِّسَاءُ ثَلَاثٌ، فَهَيْنَةٌ لَيْنَةٌ عَفِيفَةٌ» .
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ سَارَ عَلَى هِينَتِهِ» أَيْ عَلَى عَادَتِه فِي السُّكون
والرِّفْق. يُقَالُ: امْشِ عَلَى هِينَتِكَ: أَيْ عَلَى رِسْلِكَ.
وَفِي صِفَتِه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَيْس بالجَافي وَلَا الْمُهِين»
يُرْوَى بِفَتْحِ الْمِيمِ وضَمِّها، فالفَتْح مِنَ الْمَهَانَةِ، وَقَدْ
تَقَدَّمَ فِي حَرْفِ الْمِيمِ. وَالضَّمُّ مِن الْإِهَانَةِ: الاسْتِخْفَافِ
بالشَّيء والإسْتِحْقار.
وَالِاسْمُ: الْهَوَانُ. وَهَذَا بَابُه.
(هَيْنَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ إِسْلَامِ عُمَرَ «مَا هَذِهِ الْهَيْنَمَةُ؟» هِيَ الكلامُ
الخَفيُّ لَا يُفْهَمُ.
وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الطُّفيل بْنِ عَمرو «هَيْنَمَ فِي المَقَامِ» أَيْ قَرأ فِيهِ
قِراءةً خَفِيَّة.
(هِيهِ)
(س) فِي حَدِيثِ أميَّة وَأَبِي سُفيان «قَالَ: يَا صَخْرُ هِيهِ، فقُلْتُ:
هِيْهاً» هِيهِ بمَعْنَى إِيهِ، فأبْدلَ مِنَ الهَمْزَة هَاءً. وَإِيهٍ: اسْمٌ
سُمِّيَ بِهِ الفِعْل، ومَعْنَاهُ الأمْرُ. تَقُول للرَّجُل: إِيهِ، بغَير تَنْوين،
إِذَا اسْتَزَدْتَه مِنَ الْحَدِيثِ المَعْهُود بَيْنَكُما، فَإِنْ نَوَّنْتَ:
اسْتَزَدْتَه مِن حَديثٍ مَا غَيْرِ مَعْهُود، لأنَّ التَّنْوين للتَّنْكير،
فَإِذَا سَكَّنْتَه وكَفَفْتَه قُلْتَ: إِيهاً، بالنَّصْب. فالمَعْنَى أنَّ أميَّة
قَالَ لَهُ: زِدْنِي مِنْ حَديثِك، فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيانَ: كُفَّ عَنْ
ذَلِكَ.
وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ «هَيْهَاتَ» وَهِيَ كَلِمَة تَبْعيد
مَبْنيَّةٌ عَلَى الْفَتْحِ. ونَاسٌ يَكْسِرُونَها. وَقَدْ تُبْدَل الْهَاءُ
هَمْزَةً، فَيُقَالُ: أَيْهَاتْ، ومَن فَتَحَ وَقَفَ بالتَّاء، ومَنْ كَسَر وَقَفَ
بالهَاء.
(5/290)
حرف
الياء
بَابُ الْيَاءِ مَعَ الْهَمْزَةِ
(يَأْجَجَ)
- فِيهِ ذِكْرُ «بَطْنِ يَأْجِجٌ» هُو مَهْمُوز بِكسْر الْجِيمِ الْأُولَى: مكَانٌ
عَلَى ثَلاَثِة أمْيَال مِنْ مَكَّة. وَكَانَ مِنْ مَنازل عَبْدِ اللَّه بنِ
الزُّبير.
(يَأْسٌ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَد «لَا يَأْسَ مِنْ طُول» أَيْ أَنَّهُ لَا يُؤْيَسُ
مِنْ طُولِه، لِأَنَّهُ كَانَ إِلَى الطُّول أقْرَبَ مِنْهُ إِلَى القِصَر.
والْيَأْسُ: ضِدُّ الرَّجَاء، وَهُوَ فِي الحَديث اسْمٌ نَكرة مَفْتُوح بِلَا النَّافية.
وَرَوَاهُ ابنُ الأنْبارِي فِي كِتابه «لَا يَائِسٌ مِنْ طُول» وَقَالَ: مَعْناه:
لَا مَيْؤُوسٌ مِنْ أجْلِ طُولِه:
أَيْ لَا يَيْأَسُ مُطَاوِلهُ مِنْهُ لإفْرَاطِ طُولِه، فَيَائِسٌ بِمَعْنى
مَيْؤوس، كَماءٍ دَافِق، بِمَعْنَى مَدْفُوق.
(يَأْفَخُ)
- فِي حَدِيثِ العَقِيقة «وتُوضَعُ عَلَى يَافُوخِ الصَّبيِّ» هُوَ المَوْضِع
الَّذِي يَتَحرّك مِنْ وَسَطِ رَأسِ الطِّفلِ، ويُجْمع عَلَى يَآفِيخِ. وَالْيَاءُ
زائدة. وإنّما ذكرناه هاهنا حمْلاً عَلَى ظَاهِرِ لَفْظه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «وَأَنْتُمْ لَهَامِيمُ العَرب، ويَآفِيخ الشَّرَف»
اسْتَعار للشَّرَف رُءوساً وجَعَلَهُم وسَطَهَا وأعْلاها.
(يَأَلَ)
- فِي حَدِيثِ الحَسن «أُغَيْلَمةٌ حَيَارَى تَفَاقَدُوا مَا يَأَلَ لَهُم أنْ
يَفْقَهُوا» يُقَالُ:
يَأَلَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا يَوْلًا، وأَيَالَ لَهُ إِيَالَةً: أَيْ آنَ لَهُ
وانْبَغَى. ومثْلُه قَولُهُم: نَوْلُك أنْ تَفْعَلَ كَذَا، وَنَوالُك أنْ
تَفْعَلَه: أَيِ انْبَغَى لَك.
باب الياء مع التاء والثاء
(يَتِمَ)
- قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْر «الْيُتْمِ، والْيَتِيمِ، والْيَتِيمَة،
والْأَيْتَامُ، والْيَتَامَى» ومَا تَصَرَّف مِنْهُ. الْيُتْمُ فِي النَّاسِ:
فَقْدُ الصَّبيِّ أباهُ قَبْل البُلُوغِ، وَفِي الدَّوابِّ: فَقْدُ الْأُمِّ.
وَأَصْلُ
(5/291)
الْيُتْمُ
بالضَّم وَالْفَتْحِ: الانْفَرادُ. وَقِيلَ: الغَفْلَة. وَقَدْ يَتِمَ الصَّبيُّ،
بِالْكَسْرِ، يَيْتَمُ فَهُو يَتِيمٌ، والأنثَى يَتِيمَة، وجَمْعُها: أَيْتَامٌ،
ويَتَامَى. وَقَدْ يُجْمَع الْيَتِيمُ عَلَى يَتَامَى، كأسِير وأسَارَى. وَإِذَا
بَلَغَا زَالَ عَنْهُما اسْمُ اليُتْم حَقيقَة. وَقَدْ يُطْلَق عَليْهِما مجَازاً
بَعْد البُلُوغ، كَمَا كانُوا يُسَمُّون النبيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَهُوَ كَبِير: يَتِيمَ أَبِي طَالِب، لِأَنَّهُ رَبَّاه بَعْد مَوْتِ أبِيه.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تُسْتَأمَرُ اليَتيمةُ فِي نَفْسها، فإنْ سَكَتَتْ
فَهُوَ إذْنُها» أرادَ باليَتِيمة البِكْرَ البَالِغَةَ الَّتِي مَاتَ أبُوهَا قَبْل
بُلُوغِها، فَلَزِمَها اسْمُ اليُتْم فَدُعيَتْ بِهِ وَهِيَ بالِغَة، مَجَازاً.
وَقِيلَ: المرأةُ لَا يزوُل عَنْهَا اسْمُ اليُتْم مَا لَمْ تَتَزوّج، فَإِذَا
تَزَوّجَتْ ذَهَبَ عَنْهَا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الشَّعْبِي «أنَّ امْرأةً جَاءَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: إنِّي
امْرأة يَتِيمَةٌ فَضَحِك أصْحابُه، فَقَالَ: النِّساء كُلُّهُنَّ يَتَامَى» أَيْ
ضَعَائِفُ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «قَالَتْ لَهُ بِنْتُ خُفافٍ الغِفَاريّ: إنِّي
امْرَأَةٌ مُوتِمَةٌ تُوُفِّيَ زَوْجي وتَركَهُم» يُقَالُ: أَيْتَمَتِ المرأةُ
فَهِيَ مُوتِمٌ ومُوتِمَةٌ، إِذَا كانَ أولادُها أيْتَاماً.
(يَتَنَ)
(س) فِيهِ «إِذَا اغْتَسل أَحَدُكُمْ مِنَ الجَنَابَة فَلْيُنْقِ الْمِيتَنَيْنِ،
ولْيُمِرَّ عَلَى البَراجِم» قِيلَ: هِيَ بَواطِن الأفْخاذِ. والبَراجِم: عَكْسُ
«1» الأصابِع.
قَالَ الخطَّابي: لَسْت أعْرف هَذَا التَّأْوِيلَ. وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ تَكُونَ
الرِّوَايَةُ بتَقْديم التَّاءِ عَلَى الْيَاءِ، وَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الدُّبُر.
يُريد بِهِ غَسْل الفَرْجَيْن.
وَقَالَ عَبْدُ الغَافِر: يَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ المُنْتِنَين، بنُون قَبْلَ
التَّاءِ، لأنَّهما مُوْضع النَّتْنِ. والميمُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ زائدةٌ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «مَا وَلَدَتْنِي أُمِّي يُتْناً» الْيُتْنُ: الوَلَدُ
الَّذي تَخْرُج رِجْلاه مِنْ بَطْن أُمِّهِ قَبْل رَأْسِهِ. وَقَدْ أَيْتَنَتِ
الأمُّ، إِذَا جَاءَتْ بِهِ يَتْناً.
(يَثْرِبُ)
- فِيهِ ذكْرُ «يَثْرِبُ» وَهِيَ اسمُ مَدِينَة النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَدِيمةٌ، فَغَيَّرها وَسَمَّاها: طَيْبَة، وطَابَة، كَراهِيَةً
للتَّثْرِيب، وَهُوَ اللَّوم والتَّعْيِير. وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ أرْضِها. وَقِيلَ:
سُمِّيت باسْمِ رَجُل مِنَ العَمَالِقَة.
__________
(1) في الأصل: «عُكَنُ» وأثبتُّ ما في ا، والنسخة 517، واللسان. وانظر (برجم) فيما
سبق.
(5/292)
باب
الياء مع الدال
(يَدٌ)
[هـ] فِيهِ «عليكمُ بالجَماعة، فإنَّ يَدَ اللَّهِ عَلَى الفُسْطَاطِ»
الفُسْطَاطُ: المِصْرُ الجَامِعُ. ويَدُ اللَّهِ: كِنَايَةٌ عَنِ الحِفْظِ
والدِّفَاع عَنْ أهْلِ المِصْر، كأنَّهُم خُصُّوا بِوَاقِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى
وحُسْنِ دِفاعه.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الآخَر «يَدُ اللَّه عَلَى الجَماعَةِ» أَيْ أنَّ الجَمَاعَةَ
المُتَّفِقَةَ مِنْ أَهْلِ الإسْلامِ فِي كَنَفِ اللَّه، وَوِقَايَتُه «1»
فَوْقَهُم، وهُمْ بَعِيدٌ مِنَ الأذَى والخَوْف، فأقِيمُوا بَيْن ظَهْرَانَيْهِم.
وأصْل الْيَدِ: يَدْيٌ، فَحُذِفَتْ لامُها.
(هـ) وَفِيهِ «اليَدُ العُلْيا خيرٌ مِن اليَد السُّفْلَى» العُلْيَا:
المُعْطِيَة. وَقِيلَ: المَتَعَفِّفَة. والسُّفْلَى:
السَّائِلة. وَقِيلَ: المَانِعَة.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي مُنَاجاتِه
رَبَّه: وَهَذِهِ يَدِي لَك» أَيِ اسْتَسْلَمتُ إِلَيْكَ وأنْقَدْتُ لَكَ، كَمَا
يُقال «2» فِي خِلافِه: نَزَعَ يَدَه مِنَ الطَّاعة.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُثْمَانَ «هَذِهِ يَدِي لَعَمَّارٍ» أَيْ أنَا
مُسْتَسْلِمٌ لَهُ مُنْقَاد، فلْيَحْتَكِمْ عليَّ.
(هـ) وَفِيهِ «المسْلِمُون تَتَكافَأ دِمَاؤهُم، وهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُم»
أَيْ هُمْ مُجْتَمِعُونَ عَلَى أَعْدَائِهِمْ، لَا يَسَعُهُم التَّخاذُلُ، بَلْ
يُعَاوِنُ بَعْضُهم بَعْضًا عَلَى جَمِيعِ الْأَدْيَانِ والمِلَلِ، كَأَنَّهُ
جَعَل أيْدِيَهُم يَداً واحدَة، وفِعْلَهم فعْلاً وَاحِدًا.
وَفِي حَدِيثِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ «قَدْ أخْرَجْتُ عِبَاداً لِي، لَا يَدَانِ
لأحَدٍ بِقِتَالِهِم» أَيْ لَا قُدْرَةَ وَلَا طَاقَة. يُقَالُ: مَالِي بِهَذَا
الأمْر يَدٌ وَلَا يَدَانِ، لأنَّ المُبَاشَرةَ والدِّفَاع إِنَّمَا يَكُونُ
باليَدِ، فَكَانَّ يَدَيْهِ مَعْدُومَتَان، لِعَجْزه عَنْ دَفْعِه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ سَلْمان «وأعْطُوا الجِزْيَة عَنْ يَدٍ» إنْ أريدَ باليَدِ يَدُ
المُعْطِي، فَالْمَعْنَى: عَنْ يَدٍ
__________
(1) في ا: «وواقيته» .
(2) فى الأصل: «تقول» وأثبت ما فى اوالنسخة 517، واللسان.
(5/293)
مُواتِيَةٍ
مُطِيعَةٍ غَيْر مُمتَنِعَة؛ لأنَّ مَنْ أبَى وامْتَنَع لَمْ يُعْطِ يَدَه. وإنْ
أريدَ بِها يدُ الآخِذِ، فَالْمَعْنَى: عَنْ يَدٍ قاهِرَةٍ مُسْتَوْليةٍ، أَوْ
عَنْ إنْعَامٍ عَلَيْهم، لِأَنَّ قَبُولَ الجِزْيَةِ مِنهم وتَرْكَ أرْوَاحِهِم
لَهُمْ نِعْمَةٌ عليهِم.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لِنسائه: أسْرَعُكُن لُحوقاً بِي أطْوَلُكُنَّ يَداً»
كَنَى بطُولِ الْيَدِ عنِ العَطَاء والصَّدَقَة. يُقَالُ: فُلانٌ طَويلُ اليَدِ،
وطَويلُ البَاعِ، إِذَا كَانَ سَمْحاً جَواداً، وَكَانَتْ زَيْنَبُ «1» تُحِبُّ
الصَّدَقَةَ، وَهِيَ مَاتَتْ قَبْلَهُنَّ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ قَبِيصَة «مَا رأيْتُ أعْطَى لِلجَزِيلِ عَنْ ظَهْرِ يَدٍ
مِنْ طَلْحَة» أَيْ عَنْ إنْعَامٍ ابْتِداءً مِنْ غَيْر مُكَافَأة.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «مَرَّ قَوْمٌ مِنَ الشُّرَاة بقَوْمٍ مِنْ أصْحابِه
وهُم يَدْعُون عَلَيْهم، فَقالُوا: بِكُم اليَدَانِ» أَيْ حَاقَ بِكُم مَا
تَدْعُونَ بِهِ وتَبْسُطُون بِهِ أيْدِيَكُم؛ تَقُول العَرَبُ: كانَت بِهِ
اليَدَانِ: أَيْ فَعَل اللَّهُ بِهِ مَا يَقُولُه لِي.
وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «لَمَّا بَلَغَه مَوتُ الأشْتَرِ قَالَ: لِلْيَدَيْنِ
ولِلفَمِ» هَذِهِ كَلِمَةٌ تُقَال لِلرّجُل إِذَا دُعِيَ عَلَيْهِ بالسُّوء،
مَعْناه: كَبَّه اللَّه لِوَجْهِه: أَيْ خَرَّ إِلَى الْأَرْضِ عَلَى يَدَيْهِ
وَفِيهِ.
وَفِيهِ «اجْعَل الفُسَّاقَ يَدَاً يَدَاً، ورِجْلاً رِجْلاً، فإنَّهم إِذَا
اجْتَمعُوا وَسْوَس الشَّيْطانُ بَيْنَهم بالشَّرِّ» أَيْ فَرِّقْ بَيْنَهم.
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ «تَفَرَّقُوا أَيْدِي سَبَا «2» ، وأَيَادِي سَبَا «3» » أَيْ
تَفَرَّقُوا فِي الْبِلَادِ.
(هـ س) وَفِي حَدِيثِ الهِجْرة «فأخَذَ بِهِم يَدَ البَحْرِ» أَيْ طَريقَ
السَّاحِل.
(يَدَعَ)
- فِيهِ ذِكْرُ «يَدِيع» هُو بِفَتْح الْيَاءِ الأولَى وكسْر الدَّال: نَاحِية
بَيْن فَدَك وخَيْبَر، بِهَا مِيَاهٌ وعُيُون، لِبَني فَزَارَةَ وَغَيْرِهِمْ.
بَابُ الْيَاءِ مَعَ الراء
(يَرَرَ)
(هـ) فِيهِ «ذُكِرَ لَهُ الشُّبْرُمُ فَقَالَ: إِنَّهُ حَارٌّ يَارٌّ» هُوَ
بالتشْدِيد: إتْبَاع لِلحَارِّ.
يقال: حَارٌّ يَارٌّ، وحرّانُ يَرَّانُ.
__________
(1) الذي في الهروي: «فكانت سَوْدة رضي الله عنها، وكانت تحب الصدقة» .
(2) يُنَوَّن ولا يُنَوَّن. انظر اللسان.
(3) ينوّن ولا ينوّن. انظر اللسان.
(5/294)
(يَرْبُوعٌ)
- فِي حَدِيثِ صَيْدِ المُحْرِم «وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرةٌ» الْيَرْبُوعُ: هَذَا
الحَيَوانُ المَعْروف. وَقِيلَ: هُوَ نَوْع مِنَ الْفَأرِ. والياءُ والواوُ
زائِدَتَان.
(يَرَعَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ خُزَيمة «وعَادَ لَها الْيَرَاعُ مُجْرَنْثِماً» اليَرَاعُ:
الضِّعَافُ مِنَ الغَنَم وغَيْرِها. والأصلُ فِي اليَراع: القَصَب، ثُم سُمِّيَ
بِهِ الجَبَانُ والضَّعيفُ، واحِدَتُه: يَرَاعَة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسَمعَ صَوْتَ يَرَاعٍ» أَيْ قَصَبَةٍ كانَ يُزْمَرُ بِها.
(يَرْمُقُ)
- فِي حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ صَفْوانَ «الدّرهمُ يُطْعِمُ الدَّرْمَقَ، ويَكْسُو
الْيَرْمَقَ» هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وفُسِّر الْيَرْمَقُ أنهُ القَبَاء،
بالفَارِسيَّة، وَالْمَعْرُوفُ فِي القِباء أَنَّهُ اليَلْمق، بِاللَّامِ،
وَأَنَّهُ مُعَرَّبٌ، وَأَمَّا الْيَرْمَقُ فَهُوَ الدِّرْهَم، بالتُّركِيَّة.
ورُوي بِالنُّونِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(يَرْمَكَ)
- فِيهِ ذِكْر «الْيَرْمُوكُ» وَهُوَ مَوْضِع بالشَّام كانَتْ بِهِ وَقْعَة عظِيمة
بَيْن المسْلِمين والرُّوم، فِي زَمَن عُمَر بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّه
عَنْهُ.
(يَرْنَأَ)
- فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا «أنَّها سألتُ النبيَّ صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْيُرَنَّاءِ «1» ، فَقَالَ: ممَّن سَمِعتِ
هَذِهِ الكَلِمَة؟ فَقَالَتْ: مِنْ خَنْسَاء» قَالَ القُتَيبْيّ «2» :
الْيُرَنَّاءُ:
الحِنَّاء، وَلَا أعْرِف لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي الْأَبْنِيَةِ مَثَلًا «3» .
بَابُ الْيَاءِ مع السين
(يَسَرَ)
- فِيهِ «إنَّ هَذا الدِّينَ يُسْرٌ» الْيُسْرُ: ضِدّ العُسْرِ. أرادَ أنَّه
سَهْلٌ سَمْحٌ قَلِيلُ التَّشْدِيد. وقد تكرر فى الحديث.
__________
(1) في الأصل: «اليَرنّاء» بفتح الياء. وأثبته بالضم من ا، والنسخة 517، واللسان،
والقاموس، وفيه: «قال ابن بَرِّي: إذا قلت: اليَرَنَّأ، بفتح الياء همزتَ لا غير،
وإذا ضممتَ جاز الهمز وتركه» .
(2) في الأصل: «الخطّابي» وأثبتّ ما في ا، والنسخة 517، واللسان.
(3) في الأصل: «وَزْناً» وأثبت ما فى ا، والنسخة 517، واللسان.
(5/295)
وَمِنْهُ
الْحَدِيثُ «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا» .
(هـ) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «مَنْ أطاعَ الإمَامَ ويَاسَرَ الشَّريك» أَيْ
سَاهَلَه.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «كَيْفَ تَرَكْتَ البِلاد؟ فَقَالَ: تَيَسَّرْتَ» أَيْ
أخْصَبَتْ. وهُو مِنَ اليُسْر.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ» وَقَدْ تَقَدَّمَ
مَعْناه فِي العَيْن.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تَيَاسَرُوا فِي الصَّدَاق» أَيْ تَسَاهَلُوا فِيهِ
وَلَا تُغَالُوا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الزَّكَاةِ «ويَجْعَل مَعَها شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا
لَهُ، أَوْ عِشْرين دِرْهَماً» اسْتَيْسَرَ: اسْتَفْعَلَ، مِنَ اليُسْر: أَيْ مَا
تَيَسَّرَ وسَهُل.
وهَذا التَّخْيير بَيْن الشَّاتَيْن وَالدَّرَاهِم أصْلٌ فِي نَفْسِه، ولَيْس
بِبَدَلٍ، فَجَرَى مَجْرَى تَعْدِيل القِيمَة، لاخْتِلاف ذَلك فِي الأَزْمِنَة
والأمْكِنَة. وإنَّما هُوَ تَعْويض شَرْعِيٌّ، كالغُرَّة فِي الجَنِين، والصَّاعِ
فِي المُصْرَّاةِ. وَالسِّرُّ فِيهِ أَنَّ الصَّدَقَةَ كَانَتْ تُؤْخَذُ فِي
البَرارِيّ، وَعَلَى المِيَاه، حَيْثُ لَا تُوجَد سُوقٌ وَلَا يُرى مُقَوِّم
يُرْجَع إِلَيْهِ، فَحُسنَ مِنَ الشَّرْع أنْ يُقَدِّرَ شَيْئًا يَقْطَع النِّزاعَ
والتَّشَاجُر.
(هـ) وَفِيهِ «اعْمَلُوا وسَدِّدُوا وقارِبُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ
لَهُ» أَيْ مُهَيَّأٌ مَصْرُوفٌ مُسَهَّل.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَقَدْ يُسِّرَ لَهُ طَهُورٌ» أَيْ هُيِّئَ لَهُ وَوُضِع.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «قَدْ تَيَسَّرَا لِلْقِتَال» أَيْ تَهَيَّآ لَهُ
واسْتَعَدَّا.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «اطْعُنُوا الْيَسْرَ» هُوَ بفتْح اليَاء وسُكون
السِّين: الطَّعْنُ حذَاءَ الوَجْهِ.
(هـ) وَفِي حديثه الآخر «إنّ المسلم مالم يَغْشَ دَناءةً يَخْشَعُ لَها إِذَا
ذُكرت، وتُغْرِى بِهِ لِئَامَ النَّاسِ كالْيَاسِر الفالِج» الْيَاسِرُ: مِنَ
الْمَيْسِرِ، وَهُوَ القِمَار. يُقال: يَسَرَ الرجُل يَيْسِرُ، فَهُوَ يَسَرٌ
ويَاسِرٌ، والجمْعُ: أَيْسَارٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «الشِّطْرَنْجُ مَيْسِرُ العَجَم» شَبَّهَ اللَّعِبَ
بِهِ بالمَيْسِر، وهُو القِمَارُ
(5/296)
بالْقِداح.
وكُلُّ «1» شَيْءٍ فِيهِ قِمَارٌ فَهُو مِنَ المَيْسر، حتَّى لَعِبُ الصِّبْيان
بالجَوْز.
[هـ] وَفِيهِ «كَانَ عُمَرُ أعْسَرَ أَيْسَرَ» هَكَذَا «2» يُرْوَى. والصَّواب
«أعْسَرَ يَسَراً» «3» وهُو الَّذِي يعْمَل بِيَدَيْه جَميعاً، ويُسَمَّى
الأضْبَطَ.
وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
تَخْدِي عَلَى يَسَرَاتٍ وَهْيَ لاحِقَةٌ «4»
الْيَسَرَاتُ: قوائمُ النَّاقَةِ، واحدُها: يَسَرَة.
(س) وَفِي حَدِيثِ الشَّعْبيِّ «لَا بأسَ أنْ يُعَلَّقَ الْيُسْرُ عَلَى
الدَّابَّة» الْيُسْرُ بالضَّم: عُودٌ يُطْلِقُ البَوْلَ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ:
هُو عُودُ أُسْرٍ لَا يُسْرٍ. وَالْأُسْرُ: احْتِبَاسُ الْبَوْلِ.
بَابُ الياء مع الطاء
(يَطَبَ)
- فِيهِ «عَلَيْكُم بِالأسْوَدِ مِنْه، فإنَّهُ أَيْطَبُهُ» هِيَ لُغة صَحِيحة
فَصِيحَةٌ فِي أطْيَبه، كَجَذَب وجَبَذَ.
باب الياء مع العين
(يَعَرَ)
(س) فِيهِ «لَا يَجيء أحَدُكم بِشَاةٍ لَها يُعَارٌ» .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «بشَاةٍ تَيْعِرُ» يُقَال: يَعَرَتِ العَنْزُ تَيْعِرُ،
بالكَسْر، يُعَاراً، بالضَّم: أَيْ صَاحَت.
(س) وَمِنْهُ كِتَابُ عُمَير بْنِ أفْصَى «إنَّ لهُم الْيَاعِرَةَ» أي ما له
يُعَارٌ. وأكثر ما يقال لصوت المعز.
__________
(1) هذا قول مجاهد، كما ذكر الهروي.
(2) هذا قول أبي عبيد، كما في الهروي.
(3) في الأصل: «أعْسَرَ يَسَر» وفي ا: «أعْسَرُ يَسَرٌ» وأثبتّ ما فى الهروى.
(4) فى اوالنسخة 517: «لاهِيةٌ» والمثبت من الأصل، ويوافقه ما في شرح الديوان ص
13.
(5/297)
(س)
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «مَثَلُ المُنافِق كالشَّاةِ الْيَاعِرِةِ بَيْنَ
الغَنَمَيْن» هَكَذَا جَاءَ فِي «مُسْنَد أحْمد» ، فيَحْتَمِل أَنْ يكونَ مِنَ
الْيُعَارِ: الصَّوْتِ، ويَحْتَمل أَنْ يكونَ منَ المَقْلوب، لأنَّ الرِّوَايَةَ
«الْعَائِرَة» وَهِيَ الَّتِي تَذْهَبُ كَذَا وَكَذَا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْع «وتُرْويهِ فِيقَةُ الْيَعْرَةِ» هِيَ بِسُكُونِ
العَيْن: العَنَاق، والْيَعْرُ «1» : الجَدْيُ. والفِيقَةُ: مَا يَجْتَمِع فِي
الضَّرْع بَيْن الحَلْبَتَيْن.
وفي حديث خُزَيْمة «وعَادَ لها الْيَعَارُ مُجْرَنْثِماً» هَكَذَا جَاءَ فِي
رِوَايَةٍ. وفُسِّر أنه شَجَرة فى الصّحراء تأكلها الإبل.
(عسب)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «أنَا يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، والمَالُ يَعْسُوب
الكُفَّار» وَفِي رِوَايَةِ «الْمُنَافِقِينَ» أَيْ يَلُوذُ بِيَ الْمُؤْمِنُونَ،
ويَلُوذُ بالمَالِ الكُفّارُ أَوِ الْمُنَافِقُونَ، كَمَا تَلُوذ النَّحْل
بِيَعْسُوبها. وَهُوَ مُقَدَّمُها وسَيّدُها. والياءُ زَائِدَةٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ
«الْيَعْسُوبُ» فِي حَرْفِ العَيْن فِي أحادِيثَ عِدَّة.
(يَعْفَرَ)
- فِيهِ «مَا جَرى الْيَعْفُورُ» هُوَ الخِشْفُ «2» وَولدُ البَقَرةَ
الوَحْشِيَّة. وَقِيلَ:
هُو تَيْسُ الظِّباء. والجَمْع: الْيَعَافِيرُ. وَالْيَاءُ زائدةٌ.
(يَعْقَبَ)
- فِي حَدِيثِ عُمر «حَتَّى إِذَا صَارَ مِثْلَ عَيْن الْيَعْقُوبُ أكَلْنَا هَذَا
وشَرِبْنَا هَذَا» الْيَعْقُوبُ: ذَكَر الحَجَلِ. يُريد أنَّ الشَّراب صارَ فِي
صَفاء عَيْنِه. وجَمْعُه: يَعَاقِيبُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ «صُنِع لَهُ طَعَامٌ فِيهِ الحَجَلُ والْيَعَاقِيبُ
وَهُوَ مُحْرِمٌ» وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(يَعَلَ)
- فِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
منْ صَوْبِ سَارِيَةٍ بِيضٌ يَعالِيلُ
الْيَعَالِيلُ: سَحائِبُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، الوَاحِدُ: يَعْلُولُ.
وَقِيلَ: الْيَعَالِيلُ: النُّفَّاخات الَّتِي تَكُونُ فَوقَ الْماءِ مِن وَقْع
المَطَرِ. والياء زائدة.
__________
(1) هذا شرح أبي عبيد، كما ذكر الهروي.
(2) الخِشْف، مثلّث الخاء: ولد الظبى.
(5/298)
(عوق)
- قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْر «يَعُوقَ» وَهُوَ اسْمُ صَنم كَانَ لِقَوم
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. هُوَ الَّذِي ذَكَره اللَّه فِي كِتابِه الْعَزِيزِ.
وَكَذَلِكَ «يَغُوث» بالغَيْن الْمُعْجَمَةِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ: اسْمُ
صَنم كَانَ لَهُم أَيْضًا، وَالْيَاءُ فِيهِمَا زَائِدَةٌ.
باب الياء مع الفاء والقاف
(يَفَعَ)
(هـ) فِيهِ «خَرَجَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَمَعَهُ رسولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَيْفَعَ أَوْ كَرَبَ» أَيْفَعَ الغُلامُ فَهُوَ يَافِعٌ،
إِذَا شَارَف الاحْتِلامَ ولَمَّا يَحْتَلمْ، وَهُوَ مِنْ نَوادِر الأبْنِيَة.
وغُلامٌ يَافِعٌ ويَفَعَة. فمَنْ قَالَ يَافِع ثَنَّى وجَمَع، وَمَنْ قَالَ
يَفَعَة لَمْ يُثَنِّ وَلَمْ يَجْمَع.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «قِيلَ [له] «1» : إنّ هاهنا غُلاماً يَفَاعاً لَمْ
يَحْتَلِم» هَكَذَا رُوِي، ويُريدُ بِهِ الْيَافِع. الْيَفَاعُ: المُرْتَفِع مِنْ
كُلِّ شَيء. وَفِي إطْلاقِ اليَفَاع عَلَى الناسِ غَرابَةٌ.
وَفِي حَدِيثِ الصادِق «لَا يُحِبُّنَا أهلَ البَيْت كَذَا وَكَذَا، وَلا وَلَدُ
الْمُيَافَعَةِ» يُقَالُ: يَافَعَ الرَّجُلُ جَارِيَةَ فُلان، إِذَا زَنى بِهَا.
(يَفَنَ)
- فِي كَلَامِ عَلِيٍّ «أيُّها الْيَفَنُ الَّذي قَدْ لَهَزَهُ القَتِير»
الْيَفَنُ بالتَّحْريك: الشَّيْخُ الكَبِير. والقَتير: الشَّيْبُ.
(يَقَظَ)
- قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْر «الْيَقَظَة، والِاسْتِيقَاظِ» وَهُوَ
الانْتِباهُ مِنَ النَّوْم.
ورَجُلٌ يَقِظٌ، ويَقُظٌ، ويَقْظَانُ، إِذَا كَانَ فِيهِ مَعْرفَةٌ وفِطْنَة.
(يَقَقَ)
- فِي حَدِيثِ وِلَادَةِ الحَسن بْنِ عَلِيٍّ «وَلَفَّه فِي بَيْضَاءَ كأنَّها
الْيَقَقُ» الْيَقَقُ:
المُتَناهي «2» في البَياض. يقال: أبْيَضُ يَقَقٌ يَقِقٌ. وَقَدْ تُكْسَرُ
الْقَافُ الْأُولَى: أَيْ شَدِيدُ البياض.
باب الياء مع اللام والميم
(يَلَمْلَمُ)
- فِيهِ ذِكْرُ «يَلَمْلَم» وَهُوَ مِيقَاتُ أهْل اليمنِ، بَيْنَه وبَيْن مَكَّةَ
لِيْلَتَان. وَيُقَالُ فِيهِ «أَلَمْلَمْ» بالهَمْزَة بدل الياء.
__________
(1) تكملة من ا، والنسخة 517، واللسان.
(2) في الأصل: «التَّناهي» وأثبتّ ما فى اوالنسخة 517، واللسان.
(5/299)
(يَلْيَلَ)
(هـ) فِي غَزْوة بَدْرٍ ذِكْرُ «يَلْيَلْ» وَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءَيْنِ وَسُكُونِ
اللَّامِ الْأُولَى:
وَادِي يَنْبُع، يَصُبُّ فِي غَيْقَةَ.
(يَمَمَ)
- فِيهِ «مَا الدُّنيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَل أحَدُكم
أُصْبَعُه فِي اليَمّ، فَلْيَنْظُر بمَ تَرْجِعُ» الْيَمُّ: الْبَحْرُ.
وَفِيهِ ذِكْر «التَّيَمُّمُ للصَّلاة بالتُّرابِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ» وأصْلُه
فِي اللُّغَة: القَصْد. يُقَالُ:
يَمَّمْتُهُ وتَيَمَّمْتُهُ، إِذَا قَصَدْتَه. وأصلُه التَّعَمد والتَّوخِّي.
وَيُقَالُ فِيهِ: أَمَّمْتُهُ، وتَأَمَّمْتُهُ بِالْهَمْزَةِ، ثُمَّ كَثُرَ فِي
الِاسْتِعْمَالِ حَتَّى صَارَ التَّيمُّم اسْماً عَلَماً لَمسْح الوَجه واليَدَين
بالتُّراب.
وَمِنْهُ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ «فَيَمَّمْتُ بِهَا التَّنُّور» أَيْ
قَصَدْتُ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِيهِ ذِكْرُ «الْيَمَامَةُ» وَهِيَ الصُّقْع الْمَعْرُوفُ شَرْقيَّ الْحِجَازِ.
ومدينتُها العُظْمَى حَجْرُ اليَمَامة.
(يَمَنَ)
(هـ) فِيهِ «الإيمانُ يَمَانٍ، والحِكْمةُ يَمَانِيَة «1» » إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ
لأنَّ الإيمَان بَدَأ مِنْ مَكَّة، وَهِيَ مِنْ تِهَامَةَ، وتِهَامةُ مِنْ أرْضِ
الْيَمَنِ، وَلِهَذَا يُقال: الكَعْبَة الْيَمَانِيَةُ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ قَالَ هَذَا القَوْل وَهُوَ بِتَبُوك، ومَكَّةُ والمدينَةُ
يَوْمَئِذٍ بينَه وَبَيْنَ الْيَمَنِ، فَأَشَارَ إِلَى ناحيَة الْيَمَنِ وَهُوَ
يُرِيدُ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ.
وَقِيلَ: أَرَادَ بِهَذَا القَوْل الأنْصَارَ لأنَّهم يَمَانُونَ، وَهُمْ نَصَرُوا
الْإِيمَانَ وَالْمُؤْمِنِينَ وآوَوْهُم، فَنُسِبَ الإيمانُ إِلَيْهِمْ.
وَفِيهِ «الحَجَرُ الأسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الأرضِ» هَذَا الكلامُ تَمْثيلٌ
وتَخْييلٌ. وأصلُه أنَّ المَلِك إِذَا صافَحَ رَجُلاً قَبَّلَ الرَّجُل يَدَه،
فكأنَّ الحجَر الأسْوَدَ للَّهِ بمَنْزِلة الْيَمِينِ للمَلِك، حَيْثُ يُسْتَلَم
ويُلْثَم.
__________
(1) في الأصل: «يمانِيَّة» بالتشديد. وأثبتُّه بالتخفيف من ا، والهروي. وهو
الأشهر، كما ذكر صاحب المصباح.
(5/300)
(س)
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «وكِلتَا يَدَيْه يَمِينٌ» أَيْ أنَّ يَدَيْه
تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِصِفَةِ الْكَمَالِ، لَا نَقْصَ فِي واحِدَة مِنْهُمَا،
لأنَّ الشِّمال تَنْقُصُ عَنِ اليمينِ.
وَكُلُّ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ مِنْ إِضَافَةِ اليَدِ والأيْدِي،
واليمينِ وغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَسْمَاءِ الجوارِح إِلَى اللَّه تَعَالَى فَإِنَّمَا
هُوَ عَلَى سَبِيلِ المجَازِ وَالِاسْتِعَارَةِ. واللَّه مُنَزَّه عَنِ التَّشْبيه
والتَّجسيم.
(س) وَفِي حَدِيثِ صَاحِبِ الْقُرْآنِ «يُعْطَى المُلْكَ بِيَمِينه والخُلْدَ
بِشماله» أَيْ يُجْعلان فِي مَلَكَتِه. فاسْتَعار اليَمين والشِّمال؛ لِأَنَّ
الأخْذَ والقَبْضَ بِهِمَا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، وَذَكَرَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الفَقْر فِي
الجاهِليَّة، وَأَنَّهُ وأُخْتاً لَهُ خَرَجَا يَرْعَيان ناضِحاً لَهُما قَالَ
«لَقَدْ ألْبَسَتْنا أمُّنَا نُقْبَتَها وَزَوَّدَتْنا يُمَيْنَتَيْهَا مِنَ
الهَبِيد كُلَّ يَوم» قَالَ أَبُو عُبيد: هَذَا «1» الكلامُ عِنْدِي
«يُمَيِّنَيْهَا» بالتَّشديد، لأنَّه تَصْغير يَمِين، وَهُوَ يَمَيِّنٌ، بِلا
هَاء.
أَرَادَ أنَّها أعْطَتْ كُلَّ واحِدٍ مِنْهُمَا كَفًّا بِيَمِينِهَا.
وَقَالَ غيرُه: إنَّما اللَّفْظَةُ مُخَفَفَّة، عَلَى أنَّه تَثْنِيَة يَمْنَة.
يُقَالُ: أعْطَى يَمْنَةً ويَسْرَةً، إِذَا أعْطاهُ بيَده مَبْسُوطَةً، فَإِنْ
أعْطَاهُ بِهَا مَقْبوضَةً قِيلَ: أعْطَاه قبْضَةً.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وهُمَا تَصْغِير يَمْنَتَيْنِ «2» .
أَرَادَ أنَّها أعْطَتْ كُلَّ واحدٍ مِنْهُمَا يمْنَةً.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «الْيُمَيْنَة: تَصْغير اليَمِين عَلَى التَّرخِيم،
أَوْ تَصْغِيرُ يَمْنَة» يَعْنِي كَمَا تَقَدَّمَ.
(هـ) وَفِي تَفْسِيرِ سَعِيدِ بْنِ جُبَير «فِي قَوْلِهِ تَعَالَى كهيعص هُو كافٍ
هادٍ يَمينٌ، عَزيزٌ صادِق» أَرَادَ اليَاء مِنْ يَمين. وَهُوَ مِنْ قَولك: يَمَنَ
اللَّهُ الإنْسَانَ يَيْمُنُهُ «3» يَمْناً، فَهُوَ مَيْمُونٌ.
واللَّه يَامِنٌ ويَمِينٌ، كقادِرٍ وقَدِيرٍ.
__________
(1) في الهروي واللسان: «وجه الكلام» .
(2) في الأصل: «يَمِينَتَيْن» وفي الهروي: «يمينين» وفي اللسان: «يَمْنَتَيْها»
وأثبتُّ ما في ا، والنسخة 517. غير أن الياء فيهما مضمومة. وجاء في الصحاح في شرح
هذا الحديث: «فيقال: إنه أراد بيُمْنَتَيْها تصغير يُمْنَى، فأبدل من الياء الأولى
تاءً، إذ كانتا للتأنيث» .
(3) في الأصل: «ييمنه» بفتح الميم. وأثبته بضمها من ا. وهو من باب قتل، كما ذكر في
المصباح.
(5/301)
وَقَدْ
تَكَرَّرَ ذِكْرُ «الْيُمْنِ» فِي الْحَدِيثِ. وَهُوَ البَركة، وضِدُّه الشُّؤم.
يُقَالُ: يُمِنَ فَهُوَ مَيْمُونٌ. ويَمَنَهُمْ فَهُوَ يَامِنٌ.
وَفِيهِ «أنَّه كَان يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي جَمِيعِ أَمْرِهِ مَا اسْتَطَاعَ»
التَّيَمُّنُ: الِابْتِدَاءُ فِي الأفعالِ باليدِ اليُمْنى، والرِّجْلِ اليُمْنَى،
والجانِبِ الأيْمَن.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَأمَرَهم أَنْ يَتَيَامَنُوا عَنِ الغَمِيم» أَيْ
يَأْخُذُوا عَنْهُ يَميناً.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَدِيّ «فيَنْظُر أَيْمَنُ مِنْهُ فَلَا يرَى إِلَّا مَا قَدَّم»
أَيْ عَن يَمِينه.
[هـ] وَفِيهِ «يَمِينُك عَلَى مَا يُصَدِّقُك بِهِ صاحِبُك» أَيْ يَجِبُ عَلَيْك
أَنْ تَحْلِفَ لَهُ عَلَى مَا يُصَدِّقُك بِهِ إِذَا حَلَفْتَ لَهُ.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ عُرْوة «لَيْمَنُكَ، لَئِن ابْتَلَيْتَ لَقَدْ عَافَيْتَ،
ولَئنْ أخَذْتَ لَقَدْ أبْقَيْتَ» لَيْمُنُ، وأيْمُنٌ: مِن ألْفاظِ القَسَم.
تَقُول: لَيْمُنُ اللهِ لأفْعَلَنَّ، وأيْمُنُ اللَّه لأفْعَلَنَّ، وايْمُ «1»
اللَّهِ لأفْعَلَنَّ، بِحَذْف النُّونِ، وَفِيهَا لُغات غَير هَذَا. وأهْلُ
الكُوفَة يَقُولُون: أَيْمُنْ: جَمْع يَمِين: القَسَم، والألِفُ فِيهَا ألفُ
وصْلٍ، وتُفْتَح وتُكْسَر. وَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كُفِّنَ فِي يُمْنَةٍ»
هِيَ بِضَمّ اليَاء: ضَرْبٌ مِنْ بُرودِ الْيَمَنِ.
بَابُ الْيَاءِ مَعَ النون
(ينبع)
- يَنْبُع هِيَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وسُكُون النُّون وَضَمِّ البَاءِ المُوحَّدة:
قَرْيَةَ كَبيرة، بِهَا حِصْنٌ عَلَى سَبْع مَراحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ، مِنْ
جِهَةِ الْبَحْرِ.
(يَنَعَ)
[هـ] فِي حَدِيثِ المُلاعَنة «إنْ جَاءتْ بِهِ أُحَيْمِرَ مثْل الْيَنَعَة فَهُو
لِأَبِيهِ الَّذِي انْتَفَى منْه» الْيَنَعَةُ بِالتَّحْرِيكِ: خَرَزةٌ حَمْرَاء،
وجَمْعُه: يَنَعٌ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ العَقيق مَعْروُف، ودَمٌ يَانِعٌ:
مُحْمارٌّ.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ خَبَّاب «ومِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُه فَهُوَ يهْدِبُها»
أَيْنَعَ الثّمرُ يُونِعُ،
__________
(1) في الأصل: «وأيْمُ» بألف القطع. وأثبته بألف الوصل من ا. وقد نص المصنف على أن
ألفه ألف وصل.
(5/302)
ويَنَعَ
يَيْنَعُ يَيْنِعُ «1» ، فَهُوَ مُونِعٌ ويَانِعٌ، إِذَا أدْرَك ونَضِج. وأَيْنَعَ
أكثَرُ اسْتِعْمالاً.
وَمِنْهُ خُطْبة الحَجّاج «إِنِّي أرَى رُءوساً قَد أَيْنَعَتْ وَحَان قِطَافُها»
شَبَّه رُءوسَهم لاسْتِحْقاقِهم القَتْلَ بِثِمارٍ قَدْ أَدْرَكَتْ وَحَانَ أن
تقطف.
باب الياء مع الواو
(يُوحِ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا «هَلْ طَلَعَتْ
يُوحِ؟» يَعْني الشَّمْسَ. وَهُوَ مِن أسْمَائِها، كَبَراحِ، وهُما مَبْنِيَّان
عَلَى الكَسْر. وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ «يُوحَى» عَلَى مِثال فُعْلَى. وَقَدْ
يُقَالُ بالبَاء الْمُوَحِّدَةِ لظُهُورها، مِنْ قَوْلِهم: بَاحَ بالأمْرِ
يَبُوحُ.
(يَوَمَ)
- فِي حَدِيثِ عُمَرَ «السائِبَةُ والصَّدَقَةُ لِيَوْمِهِمَا» أَيْ ليَوْم
الْقِيَامَةِ، يَعْنِي يُرادُ بِهما ثَوابُ ذَلِكَ اليَومْ.
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ المَلِك «قَالَ للحَجَّاج: سِرْ إِلَى العِراق غِرارَ
النَّوْم، طَويلَ الْيَوْمِ» يُقَالُ ذَلِكَ لَمَنْ جَدَّ فِي عملِه يَوْمَه.
وَقَدْ يُرادُ بِالْيَوْمِ الوَقْتُ مُطْلقاً.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تِلْكَ أَيَّامُ الْهَرْجِ» «2» أَيْ وَقْتُهُ. وَلَا
يَخْتَصُّ بِالنَّهَارِ دون اللّيل.
باب الياء مع الهاء
(يَهَبَ)
- فِيهِ ذِكْر «يَهَابْ» ويُرْوَى «أَهَابْ» وَهُوَ مَوْضِعٌ قُرْبَ الْمَدِينَةِ.
(يَهَمَ)
[هـ] فِيهِ «أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَتَعَوَّذُ مِنَ
الْأَيْهَمَيْن» هُما السَّيْل والحَريقُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُهْتَدَى فِيهِمَا
كَيْفَ العَمَل في دفعهما.
__________
(1) من باب مَنَع وضَرَب. والمصدر: يَنْعاً، ويُنْعاً، وينوعا. كما فى القاموس.
(2) في الأصل: «الهَرَج» بفتح الراء. وأثبته بسكونها من ا، والصحاح، واللسان.
(5/303)
وَقَالَ
ابْنُ السِّكِّيت»
: الْأَيْهَمَانِ عِنْدَ أهْلِ البَادِيةَ: السَّيْلُ والجَمَلُ [الصَّؤول «2» ]
الهَائجُ، وَعِنْدَ أهْل الأمْصَارِ: السَّيْلُ والحَريقُ.
والْأَيْهَمُ: البَلَدُ الَّذِي لَا عَلَمَ بِهِ. والْيَهْمَاءُ: الفَلاةُ الَّتِي
لَا يُهْتَدَى لِطُرقِها، وَلَا ماءَ فِيهَا، وَلَا عَلَمَ بِهَا.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ قُسّ.
كُلُّ يَهْمَاءَ يَقْصُرُ الطَّرفُ عَنْهَا ... أَرْقَلَتْهَا قِلَاصُنَا
إِرْقَالَا
بَابُ الْيَاءِ مَعَ الياء
(يَيْعُثُ)
- فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأقْوَالِ شَبْوَةَ
ذِكْر «يَيْعُثُ» هِيَ بِفَتْح اليَاء وضَمِّ العَيْن المُهْمَلَة: صُقْعٌ مِن
بِلادِ اليَمنِ، جَعَلَه لَهُمْ. واللَّه أعلم.
[هذا آخر كتاب «النهاية في غريب الحديث والأثر» للإمام مجد الدين ابن الأثير
والحمد لله فاتحة كلِّ خير وتمام كلِّ نعمة] القاهرة في جمادى الأولى سنة 1385 هـ
سبتمبر سنة 1965 م.
__________
(1) حكاية عن أبي عبيدة، كما في إصلاح المنطق ص 396.
(2) ليس في إصلاح المنطق، وهو فى الصحاح عن ابن السّكّيت أيضا. {{{ قلت المدون :اخر الكتاب والحمد لله رب العالمين}}}
======