Translate بادي -8-7707-

الخميس، 14 أبريل 2022

2.كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس

 

2.كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس
المؤلف : محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني ،
أبو الفيض ، الملقّب بمرتضى ، الزَّبيدي 

عنكُم الطَّاعونُ ويَفِيضَ فيكم شَنَآنُ الشِّتَاءِ ، قيل : ما شَنَآنُ الشتاءِ ؟ قال : ( بَرْدُه ) استعار الشَّنَآنَ للبَرْدئِ لأَنه بَغيضٌ في الشِّتاءِ ، وقيل : أَراد بالبَرْدِ سهُولةَ الأَمْرِ والرَّاحةِ ، لأَن العرب تَكْنِى بالبَرْد عن الراحة ، والمعنى : يُرْفَع عنكم الطاعونُ والشِّدَّة ، ويكثُر فيكم التباغُض أَو الرَّاحَة والدَّعَة .
(*! وتَشَانَئُوا ) أَي ( تَباغَضُوا ) كذا في ( العباب ) .
شوأ : ( *!-شاءَني : سَبَقَنِي . و ) شَاءَني ( فلانٌ : حَزَنَني ، وأَعْجَبَني ) ضدٌّ ، وتقول في مُضارعه ( *!يَشُوءُ ) على الأَصل (*!- ويشِيءُ ) كيَبيع ، إِن كان مضارِعاً *!لِشَاءَ ، وزعم أَنه مقلوب أَيضاً لِشَأَي يَشْئِي كَرَمي يَرْمِي فهو غَلَظٌ ، لأَن مادّة شَأَي مهموزُ العَيْنِ معتلّ اللام بالتحْتيّة مهملة ، وإِن أَراد أَنه استعمل كَبَاع يَبيع بمعنَى سَبَق فالمادَّة الآتية متّصلة بهذه ، ولم يذكرْ هو ولا غيرُه أَن الشَّيْءَ كالبيْعِ بمعنى السَّبْقِ ولا لهم شَاءَ كباعَ ، إِنما قالوا : شَاءَ يشَاءُ كخَافَ يَخافُ ، قاله شيخُنا ( قَلْبُ *!-شَآنِي ) كدَعَاني بمعنى سَبَقَني فيهما وزناً ومعنى .
( *!والشَّيِّئَانُ كشَيِّعَانٍ ) في وِزَان تَثنية السَّيِّد : ( البَعيِدُ النظرِ ) الكثيرُ الاستِشْرافِ إِمّا على حقيقته أَو كناية عن الرجل صاحب التأَنِّي والتَفكُّرِ والناظرِ عواقِب الأُمورِ ، وقد ذكره الصاغانيُّ في المادّة التي تليها .
( *!وشُؤْتُ به ) كقُلْت ( : أُعْجِبْتُ ) بِحُسْنِ سَمْتِه ( وفَرِحْتُ ) به ، عن اللَّيْثَ ، كذا في ( العُباب ) .
شيأ : (*! شِئْتُه ) أَي الشيءَ ( *!أَشَاؤُه *!شَيْأً *!ومَشِيئَةً ) كخَطِيئَة (*! وَمَشَاءَةً ) كَكَراهة ( *!ومشَائِيَةً ) كعَلانِية : ( أَردْتُه ) قال الجوهريُّ : المَشِيئَة : الإِرادة ، ومثلُه في ( المُصباح ) و ( المُحكم ) ، وايكثرُ المتكلّمين لم يُفرِّقوا بينهما ، وإِن كانتا في الأَصل مُختلِفَتَيْنِ فإِن *!المَشيئَة في اللُّغة : الإِيجاد ، والإِرادةُ : طَلبٌ ، أَوْمَأَ إِليه شيخُنا ناقلاً عن
____________________

(1/292)


القُطْب الرَّازِي ، ولس هذا مَحَلَّ البسْطِ ( والاسمُ ) منه ( *!الشِّيئَة كَشِيعة ) عن اللِّحيانيّ ، ومثله في ( الرَّوْض ) للسُّهَيْلي ( و ) قالوا : ( كلُّ شَيْء *!بِشِيئَةِ اللَّهِ تعالى ) بكسر الشين ، أَي بمَشيئَته ، وفي الحديث : أَنّ يَهودِيًّا أَتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلمفقال : إِنكم تَنْذِرُون وتُشْرِكُون فتقولون : ما *! شاءَ اللَّهُ *!وشِئْتُ ، فايمرهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأَن يقولوا : ( ما شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ *!شِئْتُ ) وفي ( لسان العرب ) و ( شرح المُعلَّقات ) : المشيِئَةُ ، مهموزة : الإِرادة ، وإِنما فَرَقَ بين قولِه : ما شَاءَ اللَّهُ وشِئْتُ ، ( وما *!شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ *!شِئْتُ ) لأَن الواو تُفيد الجمْعَ دون الترتيبِ ، وثُمَّ تَجْمِعُ وتُرتِّب ، فمع الواوِ يكون قد جمعَ بينَ الله وبينَه في المشيئَة ، ومع ثُمَّ يكون قد قدَّم مَشيئَةَ اللَّهِ على مشِيئَتِه .
( *!-والشيْءُ م ) بين الناسِ ، قال سيبويه حين أَراد أَن يجعل المُذكَّر أَصلاً للمؤنث : أَلاَ تَرى أَن الشْيءَ مُذكَّرٌ ، وهو يقع على كُلِّ ما أُخْبِرَ عنه ، قال شيخنا : والظاهر أَنه مصدرُ بمعنى اسمِ المفعول ، أَي الأَمر*!- المَشِيءُ أَي المُرادُ الذي يتَعَلَّق به القَصْدُ ، أَعمُّ مِن أَن يكون بِالفِعْلِ أَو بالإِمْكانِ ، فيتناوَلُ الوَاجِبَ والمُمْكِنَ والمُمْتَنِعَ ، كما اختاره صاحبُ ( الكشَّاف ) ، وقال الراغبُ : الشيْءُ : عِبارة عن كُلِّ موجودٍ إِمَّا حِسًّا كالأَجسام ، أَو مَعْنَى كالأَقوال ، وصرَّح البَيْضاوِيُّ وغيرُه بأَنه يَخْتَصُّ بالموجود ، وقد قال سيبويه : إِنه أَعمُّ العَامِّ ، وبعض المُتكلِّمينَ يُطلِقه على المعدوم أَيضاً ، كما نُقِلَ عن السَّعْدِ وضُعِّفَ ، وقالوا : من أَطلقَه مَحجوجٌ بعدم استعمالِ العرب ذلك ، كما عُلِم باستقْراءِ كلامِهم وبنحْوِ { كُلُّ *!شَيْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } ( القصص : 88 ) إِذا المعدومُ لا يَتَّصِفُ بالهَلاكِ ، وينحْوِ { وَإِن مّن شَىْء إِلاَّ يُسَبّحُ بِحَمْدَهِ } ( الإسراء : 44 ) إِذ المعدوم لا يُتَصَوَّرُ منه التسبيحُ . انتهى . ( ج *!أَشياءُ ) غير مصروف (*! وأَشْيَاوَاتٌ ) جمعُ الجمعِ لشْيءٍ ، قاله شيخنا ( و ) كذا (*! أَشَاوَاتٌ *!وأَشَاوَى ) بفتح الواو ، وحُكِي كَسْرُها أَيضاً ، وحكى الأَصمعيُّ
____________________

(1/293)


أَنه سمع رجلاً من أَفصح العرب يقول لِخَلَف الأَحمرِ : إِنَّ عِندك *!-لأَشَاوِي ( وأَصلُه أَشَايِيُّ بثلاثِ ياآتٍ ) خُفِّفت الياءُ المشدّدة ، كما قالوا في صَحَارِيُّ صَحار فصار أشايٍ ثم أُبدل من الكسرة فتحة ومن الياءِ أَلف فصار أَشايا كما قالوا في صَحَار صَحَارَي ، ثم أَبدلُوا من الياءِ واواً ، كما أَبدلوا في جَبَيْت الخَراجَ جبَايةً وجِبَاوَةً ، كما قاله ابن بَرّيّ في ( حواشي الصِّحاح ) ( وقولُ الجوهريِّ ) إِنّ ( أَصله أَشَائِيُّ ) بياءَين ( بالهمز ) أَي همز الياء الأُولى كالنُّون في أَعناقِ إِذا جمعته قلت أَعانِيق ، والياءُ الثانِية هي المُبدلة من أَلف المدّ في أَعناقٍ تُعْدل ياءً لكسر ما قبلها ، والهمزةُ هي لامُ الكلمة ، فهي كالقاف في أَعانِيق ، ثم قُلِبَت الهمزةُ لتطَرُّفِها ، فاجتمعتْ ثلاثُ ياآتٍ ، فتوالَتِ الأَمثالُ فاستُثْقِلت فحُذِفت الوُسْطَى وقُلِبت الأَخيرةُ أَلفاً ، وأُبْدلَت من الأُولى واواً ، كما قالوا : أَتَيْتُه أَتْوَةً ، هذا ملخص ما في ( الصحاح ) قال ابن بَرّيّ : وهو ( غَلَطٌ ) منه ( لأَنه لا يصِحُّ همْزُ الياءِ الأُولى لكَوْنِها أَصلاً غيرَ زائدة ) وشرْطُ الإِبدال كونها زائدةً ( كما تَقولُ في جمع أَبْياتٍ أَبايِيتُ ) ثَبتت ياؤُها لعدم زِيادتها ، وكذا ياءُ مَعايِشَ ( فلا تَهْمِزُ ) أَنت ( الياءَ التي بعد الأَلف ) لأَصالتها ، هذا نص عِبارة ابن بَرِّيّ . قال شيخنا : وهذا كلام صحيح ظاهر ، لكنه ليس في كلام الجوهريّ الياءُ الأُولى حتى يردّ عليه ما ذكر ، وإِنما قال : أَصله أَشائيّ فقُلبت الهمزة ياء فاجتمعت ثلاثُ ياآت . قال : فالمراد بالهمزة لام الكلمة لا الياء التي هي عين الكلمة ، إِلى آخر ما قال .
قلت : وبما سقناه من نصّ الجوهري آنفاً يرتفع إِيراد شيخنا الناشيء عن عدم تكرير النظر في عبارته ، مع ما تَحامل به على المصنِّف عفا اللَّهُ وسامح عن جسارته ( ويُجْمَع أَيضاً على أَشَايَا ) بإِبقاء الياء على حالها دون إِبدالها واواً كالأُولى ، ووزنه على ما اختاره الجوهريّ أَفائِلُ ، وقيل أَفَايَا ( وحُكي *!أَشْيَايَا ) أَبْدلوا همزتَه ياء وزادوا أَلفاً ،
____________________

(1/294)


فوزنه أَفعَالاَ ، نقله ابنُ سيده عن اللّحيانّي ( *!وأَشَاوِهُ ) بإِبدال الهمزة هاءً ، وهو ( غَرِيبٌ ) أَي نادر ، وحَكَى أَن شيخاً أَنشد في مجلس الكِسائيِّ عن بعض الأَعراب :
وَذلِكَ مَا أُوصِيكِ يَا أُمَّ مَعْمَرٍ
وبَعْضُ الوَصَايَا فِي أَشَاوِهَ تَنْفَعُ
قال اللحيانيُّ : وزعم الشيخ اين الأَعرابي قال : أُرِيد أَشَايَا ، وهذا من أَشَذِّ الجَمْعِ ( لأَنَّه ليس في الشيءِ هاءٌ ) وعبارة اللحيانيِّ ، لأَنه لا هاءَ في الأَشياءِ ( وتصغيره*!- شُيَيْءٌ ) مضبوط عندنا في النسخة بالوجهين معاً ، أَي بالضمّ على القياس ، كَفلْسٍ وفُليْسٍ ، وأَشار الجوهريُّ إِلى الكَسر كغيره ، وكأَنّ المؤلف أَحال على القياس المشهور في كُلِّ ثُلاثِيِّ العَيْنِ ، قال الجوهريُّ و ( لا ) تقل ( شُوَيّ ) بالواو وتشديد الياء ( أَو لُغيَّةٌ ) حكيت ( عن إِدريسَ بنِ مُوسى النَّحْوِيِّ ) بل سائر الكوفيين ، واستعمَلها المُولَّدُون في أَشعهارهم ، قاله شيخنا ، ( وحِكايةُ ) الإِمام أَبي نصر ( الجوهريِّ ) رحمه الله تعالى ( عن ) إِمام المذهب ( الخَليل ) بن أَحمد الفراهِيدِيّ ( أَن أَشياءَ فَعْلاءُ ، وأَنها ) معطوف على ما قبله ( جَمْعٌ على غيرِ واحدةٍ كشاعرٍ وشُعَراءَ ) كون الواحد على خلاف القياس في الجَمْع ( إِلى آخِره ) أَي آخر ما قال وسَرَد ( حِكَايةٌ مُختَلَّة ) وفي بعض النسخ بدون لفظ ( حكاية ) أَي ذات اختلالٍ وانحلالٍ ( ضَرَبَ فيها ) أَي في تلك الحكاية ( مَذهَبَ الخليلِ على مذْهبِ ) أَبي الحسن ( الأَخْفَشِ ولم يُمَيِّزْ بينَهما ) أَي بين قولَي الإِمامين ( وذلك أَن ) أَبا الحسن ( الأَخْفَشَ يَرَى ) ويذهب إِلى ( أَنها ) أَي أَشياءَ وزْنُها ( أَفْعِلاَء ) كما تقول هَيْنٌ ، وأَهْوِنَاء ، إِلا أَنه كان في الأَصل أَشْيِئَاء كَأَشْيِعَاع ، فاجتمعت همزتان بينهما أَلف فَحُذِف الهمزةُ الأُولة ، وفي شحر حُسام زادَه على منصومة الشافيَة : حُذفت الهمزةُ التي هي اللام تخفيفاً كراهة همزتين بينهما أَلف ، فوزنها أَفْعَاء ، انتهى . قال
____________________

(1/295)


الجوهريّ : وقال الفراءُ : أَصل شَيْءٍ شَيِّيءٌ على مثال شَيِّعٍ ، فجُمع على أَفْعَلاءَ مثل هَيِّن وأَهْيِنَاءَ ولَيِّنٍ وأَلْيِنَاءَ ثم خُفِّفَ فقيل شَيْءٌ ، كما قالوا : هَيْنٌ ولَيْنٌ ، فقالوا أَشْيَاءَ ، فحذفوا الهمزَةَ الأُولى ، وهذا قول يَدْخُل عليه أَن لا يُجْمَع على أَشَاوَي ( وهي جَمْعٌ على غير واحِده المُستعْمَلِ ) المَقِيس المُطَّرِد ( كشَاعِرٍ وشُعَراءَ ، فإِنّه جُمِعَ على غيرِ واحدهِ ) قال شيخنا : هذا التنظيرُ ليس من مذهب الأَخفش كما زعم المُصنّف ، بل هو من تَنْظير الخَليل ، السَّخاوِيُّ ، وبه صَرَّح ابنُ سيده في المُخَصّص وعزاه إِلى الخَليل .
قلت : وهذا الإِيراد نصّ كلام ابن بَرّيّ في حواشيه ، كما سيأْتي ، وليس من كلامه ، فكان ينبغي التنبيهُ عليه ( لأَنَّ فاعِلاً لا يُجْمَع على فُعَلاَءَ ) لكن صرَّح ابنُ مالكٍ وابنُ هشامٍ وأَبو حيّانَ وغِيرُهم أَن فُعَلاَءَ يَطَّرِد في وَصْفٍ على فِعيلٍ بمعنى فاعِلٍ غير مُضَاعَفٍ ولا معتَلَ كَكَرِيم وكُرماء وظَرِيف وظُرفاء ، وفي فاعلِ دالَ على مَعْنى كالغَرِيزة كَشاعِرٍ وشُعراء وعاقِل وعُقَلاَء وصالِح وصُلَحاء وعالم وعُلَماء ، وهي قاعِدَةٌ مُطَّرِدة ، قال شيخنا : فلا أَدْري ما وَجْه إِقرار المصَنّف لذلك الجوهريّ وابنِ سيده ( وأَمّا الخليلُ ) ابن أَحمد ( فيرى أَنها ) أَي أَشياءَ اسمُ الجمع وزنها ( فَعْلاَءُ ) أَصْله شَيْئَاءُ ، كحمْراء فاستُثقِل الهمزتانِ ، فقلبوا الهمزةَ الأُولى إِلى أَوَّل الكلمةِ ، فجُعِلت لَفْعَاء ، كما قَلبوا أَنْوُق فقال أَيْنُق ، وقلبوا أَقْوُس إِلى قِسِيَ ، قال أَبو إِسحاق الزجاج : وتصديقُ قولِ الخليل جمْعهم أَشياء على أَشَاوي وأَشَايا وقولُ الخليلِ هو مذهبُ سِيبويهِ والمازِنيِّ وجميعِ البصريِّينَ إِلا الزِّيادِيَّ منهم ، فإِنه كان يمِيل إِلى قولِ الأَخفشِ ، وذُكِر أَن المازنيَّ ناظر الأَخفشَ في هذا فقطعَ المازِنيُّ الأَخفَشَ ، قال أَبو منصور :
____________________

(1/296)


وأَما الليث فإِنه حكى عن الخليل غير ما حكي عنه الثِّقاتُ ، وخَلَّط فيما حكَى وطَوَّل تَطْوِيلاً دلَّ على حَيْرَته ، قال : فلذلك تركْتُه فلم أَحْكِه بِعَيْنِه . ( نائبةٌ عن أَفْعَالِ وبَدَلٌ منه ) قال ابنُ هشامٍ : لم يرِد منه إِلاَّ ثلاثةُ أَلفاظٍ : فَرْخٌ وأَفْرَاخ ، وزَنْد وأَزْناد وحَمْل وأَحْمال ، لا رابع لها ، وقال غيره : إِنه قليل بالنسبة إِلى الصحيح ، وأَما في المعتل فكثير ( وجَمْعٌ لِوَاحِدِها ) وقد تقدّم من مذهب سِيبويهِ أَنَّها اسمُ جمعٍ لا جَمْعٌ فليُتَأَمَّلْ ، ( المُستَعْمَل ) المطَّرِد ( وهو شْيءٌ ) وقد عرفت أَنه شاذٌّ قليلٌ ( وأَمَّا الكِسائيُّ فيرى أَنها ) أَي أَشياءَ ( أَفعالٌ كَفَرْخ وأَفْرَاخٍ ) أَي من غير ادِّعاء كُلْفةٍ ، ومن ثم اسْتَحْسَنَ كثيرُونَ مَذهبَه ، وفي ( شرح الشافية ) ، لأَن فَعْلاً مُعْتَلَّ العينِ يُجمع على أَفعال .
قلت : وقد تقدّمت الإِشارة إِليه ، فإِن قلت : إِذا كان الأَمر كذلك فكيف مُنِعَت من الصرف وأَفْعَال لا مُوجِب لِمَنْعه .
قلت : إِنما ( تُرِك صَرْفُها لكَثرةِ الاستعمالِ ) فخَفَّتْ كثيراً ، فقابلوا خِفَّتها بالتثقيل وهو المنع من الصرف ( لأَنها ) أَي أَشياءَ ( شُبِّهَتْ بِفَعْلاءَ ) مثل حمْراءَ في الوزن ، وفي الظاهر ، و ( في كَوْنِها جُمِعَتْ على *!أَشْيَاوَات فصَارَتْ كخَضْرَاءَ وخَضْراوَاتٍ ) وصَحْرَاءَ وصَحْرَاوات ، قال شيخُنا : قوله : لأَنها شُبِّهت ، إِليخ من كلام المُصَنِّف جواباً عن الكسائي ، لا من كلام الكسائيِّ .
قلت : قال أَبو إِسحاق الزجّاج في كتابه في قوله تعالى : { لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآء } ( المائدة : 101 ) في موضِع الخفض إِلاّ أَنّها فُتِحت لأَنها لا تنصرِف . قال : وقال الكسائيُّ : أَشبَه آخِرُها آخِرَ حَمراءَ وكثُرَ استعمالُها فلم تُصْرَف . انتهى ، فعُرِف من هذا بُطْلان ما قاله شُيْخُنا ، وأَن الجوهريّ إِنما نَقله من نَصِّ كلام الكسائيّ ، ولم يأْتِ من عِنْده بشيءً ( فحِينئذٍ لا يَلْزَمُه ) أَي الكسائيَّ ( أَن لا يصْرِفَ أَبْنَاءَ وأَسْمَاء كما زعم
____________________

(1/297)


الجوهريُّ ) قال أَبو إِسحاق الزجّاج : وقد أَجمع البصريّونُ وأَكثرُ الكُوفِيِّين على أَن قول الكسائيِّ خطأٌ في هذا ، وأَلزموه أَن لا يصرِف أَبناءً وأَسماءً . انتهى . فقد عرفْتَ أَنَّ في مثل هذا لا يُنْسب الغلطُ إِلى الجوهريّ كما زعم المؤلّفُ ( لأَنهم لم يَجْمَعُوا أَبناءً وأَسماءً بالأَلف والتَّاءِ ) فلم يَحْصُل الشَّبَهُ . وقال الفراءُ : أَصلُ شَيْءٍ شَيِّيءٌ على مِثال شَيِّعٍ ، فجُمِع على أَفْعِلاء مثل هَيِّنْ وأَهْيِنَاء وليِّن وأَلْيِنَا ، ثم خُفِّف فقيل شَيْءٌ كما قالوا هَيْنٌ ولَيْنٌ ، فقالوا أَشياء ، فحذفوا الهمزة الأُولى ، كذا نصُّ الجوهريُّ ، ولما كان هذا القولُ راجعاً إِلى كلام أَبي الحسن الأَخفش لم يَذْكُرْهُ المؤلف مستقلا ، ولذا تَرى في عبارة أَبي إِسحاق الزجّاج وغيرِهِ نِسبةَ القوْلِ إِليهما معاً ، بل الجارَبَرْدِي عَزَا القَوحلَ إِلى الفَرَّاء ولم يَذكر الأَخفش ، فلا يقال : إِن المؤلّف بَقِيَ عليه مذْهبُ الفرَّاء كما زعم شيخُنا ، وقال الزجّاج عند ذِكر قوْلِ الأَخفش والفرَّاءِ : وهذا القولُ أَيضاً غلطٌ ، لأَنَّ *!شَيْئاً فَعْلٌ ، وفَعْلٌ لا يُجْمَع على أَفْعِلاءَ ، فأَمَّا هَيْن فأَصلُه هَيِّن فجُمِع على أَفْعِلاَء كما يُجْم فَعِيلٌ على أَفعِلاء مثل نَصِيب وأَنْصِباء انتهى .
قلت ، وهذا هو المذهب الخامِس الذي قال شيخنا فيه إِنه لم يَتَعَرَّض له اللُّغَوِيُّون ، وهو راجعٌ إِلى مذهب الأَخفش والفرَّاء ، قال شيخنا في تَتِمَّات هي للمادَّة مُهِمَّات : فحاصلُ ما ذُكِر يَرْجِع إِلى ثلاثة أَبْنِيَة تُعْرَف بالاعتبار والوَزْنِ بعد الحَذْف فتصير خَمْسَة أَقْوال ، وذلك أَن أَشْياء هل هي اسمُ جمعٍ وَزْنُها فَعْلاة ء أَو جَمْعِ على فَعْلاَء ووزنه بعد الحَذْفِ أَفْعاء أَو أَفْلاَء أَو أَفْياء أَو أَصلها أَفْعَال ، وبه تعلَم ما في ( القاموس ) و ( الصحاح ) و ( المحكم ) من القُصور ، حيث اقتصر الأَوّل على ثلاثة أَقوال ، مع أَنه البحر ، والثاني والثالث على أَربعة ، انتهى .
وحيث انجرَّ بنا الكلام إِلى هنا ينبغي أَن نعلم أَيّ المذاهب مَنْصورٌ مما ذُكِر .
فقال الإِمام علم الدين أَبو الحسن عليّ بن محمد بن عبد الصمد السَّخاوِيّ الدِّمشقيّ في كتابه سِفْر السَّعادة وسفير
____________________

(1/298)


الإِفادة : وأَحسنُ هذه الأَقوالِ كلِّها وأَقربُها إِلى الصوابِ قولُ الكسائيّ ، لأَنه فَعْلٌ جُمِع على أَفْعال ، مثل سَيْفٍ وأَسْياف ، وأَمّا منعُ الصَّرْف فيه فعلى التشبيه بِفَعْلاَءِ ، وقد يشبَّه الشيءُ بالشيءِ فيُعْطَي حُكْمه ، كما أَنهم شَبَّهوا أَلف أَرْطَى بأَلف التأْنيث فمنعوه من الصرف في المعرفة ، ذكر هذا القول شيخُنا وأَيَّدَه وارْتضاه .
قلت : وتقدم النقلُ على الزجّاج في تخطِئَة البَصرِيّيّن وأَكثرِ الكُوفيّين هذا القَوْل ، وتقدم الجوابُ أَيضاً في سِيَاق عِبارة المؤلّف ، وقال الجَارَبَرْدِي في ( شرح الشَّافِية ) : ويلْزم الكسائيَّ مخالفةُ الظاهِر من وجْهينِ : الأَول مَنْعِ الصرْفِ بغير عِلَّة ، الثاني أَنها جُمِعَت على أَشَاوَى . وأَفعال لا يُجْمَع على أَفاعل .
قلت : الإِيراد الثاني هو نصُّ كلام الجوهريّ ، وأَما الإِيراد الأَول فقد عرفتَ جوابَه .
وذكر الشّهاب الخَفاجي في طِراز المجالس أَن شِبْهَ العُجْمَة وشِبْه العَلَمِيَّة وشِبْه الأَلِف مما نَصَّ النُّحاة على أَنه من العِلَل ، نقلَه شيخُنا وقال : المُقرَّر في عُلوم العربية أَن من جُمْلة موانع الصرْف أَلِفَ الإِلحاق ، لشَبَهِها بأَلف التأْنيثِ ، ولها شرطانِ : أَن تكون مَقصورةً ، وأَما أَلِفُ الإِلحاق الممدودةُ فلا تَمحنَ وإِن أَلِفُ الإِلحاق المدودةُ فلا تَمْنَع وإِن ضُمَّت لِعِلَّة أُخْرى ، الثاني أَن تقع الكلمةُ التي فيها الأَلف المقصورةُ علماً ، فتكون فيها العَلَمِيّةُ وشِبْهُ أَلفِ التأْنيث ، فأَما الأَلف التي للتأْنيث فإِنها تَمنعُ مطلقاً ، ممدوداً أَو مقصورةً ، في معرفةِ أَو نكرةِ ، على ما عُرِف . انتهى .
وقال أَبو إِسحاق الزجّاج في كتابه الذي حَوَى أَقَاويلَهم واحتجَّ لأَصوبها عنده وعزاه للخيل فقال : قوله تعالى { لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآء } ( المائدة : 101 ) في موضعِ الخَفْضِ إِلاَّ أَنّها فُتِحت لأَنها لا تَنْصرف .
ونص كلام الجوهريّ : قال الخليل : إِنما تُرِك صَرْفُ أَشياءَ أَصلَه فَعْلاَء ، جُمِعَ على غير واحدِه ، كما أَن الشُّعَراء
____________________

(1/299)


جُمع على غير واحدِهِ ، لأَن الفاعِل لا يُجْمع على فُعَلاَء ، ثم استثْقَلُوا الهمزتَيْنِ في آخِره نَقَلُوا الأُولى إِلى أَوّل الكلِمة فقالوا أَشْياء ، كما قالوا أَيْنُق وقِسِيّ فصار تقديرُه لَفْعاء ، يدُلُّ على صِحّة ذلك أَنه لا يُصْرَف ، وأَنه يُصَغَّرُ على *!أُشَيَاء ، وأَنه يُجْمَع على أَشَاوَي ، انتهى . وقال الجاربردي بعدا ءَن نقل الأَقوال : ومذهبُ سِيبويهِ أَوْلى ، إِذ لا يَلزمه مُخالَفةُ الظاهرِ إِلاَّ من وَجْهٍ واحدٍ ، وهو القَلْبُ ، مع أَنه ثابِتٌ في لُغتهم في أَمثلِه كثيرةٍ .
وقال ابن بَرِّيّ عند حِكاية الجوهريّ عن الخليل إِنّ أَشياءَ فَعْلاَءُ جُمِع على غير واحِدِه كما أَنّ الشُّعَراءَ جُمِع على غير واحده : هذا وَهَمٌ منه ، بل واحدُها شَيْءٌ ، قال : وليست أَشياءُ عِنده بجمْعٍ مُكَسَّر ، وإِنما هي اسمٌ واحدٌ بمنزلةِ الطَّرْفَاءِ والقَصْباءِ والحلْفَاءِ ، ولكنه يَجعلُها بدلاً من جَمعٍ مُكَسَّرٍ بِدلالةِ إِضافةِ العدَد القليل إِليها ، كقولهم : ثَلاَثةُ أَشْياءَ ، فأَما جَمْعُها على غير واحِدِها فذلك مَذهبُ الأَخفشِ ، لأَنه يرى أَنَّ أَشياءَ وَزْنُها أَفْعِلاء ، وأَصلها أَشْيِئَاء فحُذِفت الهمزةُ تخفيفاً ، قال : وكان أَبو عَلِيَ يُجِيز قولَ أَبي الحسن على أَن يكون واحِدُها شَيْئًا ، ويكون أَفْعِلاء جَمْعاً لِفَعْلٍ في هذا ، كما جُمِع فَعْلٌ على فُعَلاَءُ في نَحْو سَمْحٍ وسُمَحَاء ، قال : وهو وَهَمٌ من أَبي علِيَ ، لأَن شَيْئًا اسمٌ ، وسَمْحاً صفة بمعنى سَمِيح ، لأَن اسم الفاعل من سَمُحَ قياسه سَمِيح ، وسَمِيح يُجمَع على سُمَحاءَ ، كَظرِيف وظُرفاء ، ومثله خَصْمٌ وخُصَمَاء ، لأَن في معنى خَصِيم ، والخَليلُ وسيبويهِ يقولان أَصلها شيئاء ، فقُدِّمت الهمزة التي هي لامُ الكلمةِ إِلى أَوَّلها فصارت أَشياءَ ، فوزنها لَفْعَاء ، قال : ويدُلُّ على صِحَّة قولهما أَن العرب قالت في تَصغيرها *!أُشَيَّاء ، قال : ولو كانت جَمْعاً مُكسَّراً كما ذهبَ إِليه الأَخفش
____________________

(1/300)


لَقِيل في تصِغيرها شُيَيْئَات كما يُفْعل ذلك في الجُموع المُكَسَّرة ، كجِمَال وكِعَاب وكلاب ، تقول في تصغيرها جُمَيْلاَت وكُعَيْبَات وكُلَيْبَات ، فتَردّها إِلى الواحد ثُمَّ تَجمعها بالأَلف والتاء .
قال فخر الدين أَبو الحسن الجابربردي : ويلزم الفرَّاءَ مخالفةُ الظاهرِ مِن وُجوهٍ : الأَول أَنه لو كان أَصلُ شَيْءٍ شَيِّئاً كَبيِّن ، لكان الأَصل شائعاً كثيراً ، أَلا تَرى أَن بَيِّناً أَكثَرُ مِن بَيْنٍ وَمِّيتاً أَكثرُ من مَيْت ، والثاني أَن حذف الهمزة في مِثلها غيرُ جائزٍ إِذ لا قِياس يُؤَدِّي إِلى جَواز حذف الهمزة إِذا اجتمع هَمزتان بينهما أَلف . الثالث تصغيرُها على أُشَيَّاءَ ، فلو كانت أَفْعِلاءَ لكان جَمْعَ كَثرةٍ ، ولو كانت جَمْعَ كثرة لوجبَ رَدُّها إِلى المُفرد عند التصغِير ، إِذ ليس لها جَمْعُ القِلَّة . الرابع أَنها تُجمَع على أَشَاوَي . وأَفعِلاَء لا يُجْمع على أَفاعلَ ، ولا يلزمُ سِيبويِ من ذلك شَيْءٌ ، لأَنّ مَنْعَ الصَّرْفِ لأَجلِ التأْنيثِ ، وتصغيرُها على أُشَيَّاء لأَنها اسمُ جَمْعٍ لا جَمْعٌ ، وجَمْعُهَا على أَشَاوَي لأَنها اسمٌ على فَعْلاَءَ فيُجمع ، على فَعَالَى كصحاءٍ أَو صَحَارَى . انتهى .
قلت : قوله ولا يلزم سيبويهِ شيءٌ من ذلك على إِطلاقه غير مُسَلّم ، إِذ يَلزمه على التقرير المذكور مثلُ ما أورد على الفرّاء من الوجه الثاني ، وقد تقدم ، فإِن اجتماع هَمزتين بينهما أَلف واقعٌ في كلامِ الفُصحاء ، قال الله تعالى { إِنَّا بُرَءآؤاْ مّنْكُمْ } ( الممتحنة : 4 ) وفي الحديث : ( أَنا وأَتْقِياءُ أُمَّتي بُرَآءُ من التَكلُّفِ ) قال الجوهري : إِن أَبا عُثْمَانَ المازنيَّ قال لأَبي الحسن الأَخفشِ : كيف تُصَغِّر العَربُ أَشياءَ ؟ فقال : أُشَيَّاءَ ، فقال له : تَركتَ قولَك ، لأَن كلَّ جَمْع كُسِّر على غيرِ واحدِه وهو من أَبنِيَة الجمْعِ فإِنه يُرَدُّ بالتصغير إِلى واحده ، قال ابنُ برِّيّ : هذه الحكاية مُغَيَّرة ، لأَن المازنيّ إِنما أَنكر على الأَخفش تَصغير أَشياء ، وهي جَمْعٌ مُكَسَّرٌ للكثير من غيرِ أَن يُرَدَّ إِلى الواحد ، ولم يقل له ابن جمع كُسِّر على غيرِ واحدِهِ ،
____________________

(1/301)


لأَنه ليس السَّببُ المُوجِبُ لردِّ الجمع إِلى واحده عند التصغير هو كَوْنه كُسِّر على غير واحده ، وإِنما ذلك لكونه جَمْعَ كثرةِ لا قِلَّة .
وفي هذا القدْرِ مَقْنَع للطالبِ الراغبِ فتأَمَّلْ وكُنْ من الشاكرين ، وبعد ذلك نَعود إِلى حَلِّ أَلفاظ المَتْن ، قال المؤلف :
(*! والشَّيِّآنُ ) أَي كَشَيِّعَان ( تَقَدَّم ) ضبطُه ومعناه ، أَي أَنه واوِيُّ العين ويائِيُّها ، كما يأْتي للمؤلف في المعتَلّ إِيمَاء إِلى أَنه غير مهموز ، قاله شيخُنا ، ويُنْعَت به الفَرسُ ، قال ثَعْلَبَةُ بن صُعَيْرٍ :
ومُغِيرَة سَوْمَ الجَرادِ وَزَعْتُها
قَبْلَ الصَّبَاحِ بِشَيِّآن ضَامِرِ
( *!وأَشاءَهُ إِليه ) لُغة في أَجاءَه أَي ( أَلْجَأَهُ ) ، وهو لُغة تَميمٍ يقوولن : شَرٌّ ما *!يُشِيئُكَ إِلى مُخَّهِ عُرْقُوب ، أَي يُجِيئُك ويُلْجِئُك ، قال زُهَيْر بن ذُؤَيْب العَدَوِيُّ :
فَيَالَ تَمِيمٍ صَابِرُوا قَدْ *!أُشِئْتُم
إِلَيْهِ وَكُونُوا كالمُحَرِّبَةِ البُسْلِ
( *!والمُشَيَّأُ كمُعَظَّم ) هو ( المُخْتَلِف الخَلْقِ المُخْتَلُهُ ) القبيح ، قال الشاعر :
فَطَيِّيءٌ مَا طَيِّيءٌ مَا طَيِّيءُ
*!شَيَّأَهُمْ إِذْ خَلَقَ المُشَيِّيءُ
وما نقله شَيخُنا عن أُصول المحكم بالباء الموحَّداة المُشدَدة وتَخفيف اللام فتصحِيفٌ ظاهرٌ ، والصحيح هو ما ضَبطناه على ما في الأُصول الصحيحة وجدناه ، وقال أَبو سعيد : *!المُشَيَّأُ مثلُ المُوَبَّنِ ، قال الجعديُّ :
زَفِيرَ المُتِمِّ *!بِالمُشَيَّإِ طَرَّقَتْ
بِكَاهِلِهِ ممَّا يَرِيمُ المَلاَقِيَا
( ويَا شَيْيءَ كَلِمَةٌ يُتَعَجَّبُ بِهَا ) قال :
يَا *!-شَيْءَ مَالِي مَنْ يُعَمَّرْ يُفْنِهِ
مَرُّ الزَّمانِ عَلَيْهِ والتَّقْليبُ
ومعناهُ التأَسُّفُ على الشيءِ يفوت
____________________

(1/302)


وقال اللِّحيانيُّ : معناه : يا عَجَبي ، و ( ما ) في موضع رفعٍ ( تَقولُ : يا شَيْءَ مَا لِي كَياهَيْءَ مالِي ، وسيأْتي ) في بال المعتلّ ( إِن شاءَ اللَّهُ تعالى ) نظرا إِلى أَنَّهما لا يهمزان ، ولكن الذي قال الكسائي يا فَيَّ مَالِي ويَا هَيَّ مالِي ، لا يُهْمَزَانِ ، ويا شيءَ مالي ( ويا *!-شَيَّ مالي ) يُهْمَز ولا يُهمز ، ففي كلام المؤلّف نظرٌ ، وإِنما لم يذكر المؤلف ياشَيَّ مالي في المُعتل لما فيه من الاختلاف في كونه يُهمز ولا يُهمز ، فلا يَرِد عليه ما نَسبه شيخُنا إِلى الغَفْلَة ، قال الأَحمر : يافَيْءَ مالي ، ويا شَيْءَ مالي ، ويا هَيْءَ مالي معناه كُلِّه الأَسف والحُزن والتَلُّهف ، قال الكسائي : و ( ما ) في كلّها في موضع رَفْعٍ ، تأْويله يا عجباً مالي ، ومعناه التلُّهف والأَسى ، وقال : ومن العرب من يقول شَيْءَ وَهِيْءَ وفَيْءَ ومنهم من يزيد ما فيقول يا شَيْءَ ما ، ويا هيءَ ما وياء فيْءَ ما ، أَي ما أَحسن هذا .
(*! وشِئْتهُ ) كجيئْته ( على الأَمْرِ : حَمَلْتُه ) عليه ، هكذا في النسخ ، والذي في ( لسان العرب ) شَيَّأْتُه بالتشديد ، عن الأَصمعي ( و ) قد *!شَيَّأَ ( اللَّهُ تعالى ) خَلْقَه و ( وَجْهَهُ ) أَي ( قَبَّحَه ) وقالت امرأَةٌ من العرب :
إِنِّي لأَهْوَى الأَطْوَلِينَ الغُلْبَا
وَأُبْغِضُ*! المُشَيَّئِينَ الزُّغْبَا
( *!وتَشَيَّأَ ) الرجل إِذا ( سَكَن غَضَبُه ) ، وحكى سيبويهِ عن قولِ العرب : ما أَغْفَلَه عنك شَيْئًا أَي دَعِ الشكَّ عنك ، قال ابنُ جِنّي : ولا يجوز أَن يكون*! شيئَا هنا منصوباً على المصدر حتى كأَنه قال ما ءَغفلَهُ عنك غُفُولاً
____________________

(1/303)


ونحو ذلك ، لأَن لِعل التعجُّب قد استغنَى بما حصلَ فيه من معنى المُبالغةِ عن أَن يُؤَكَّد بالمصدر ، قال وأَما قولُهم : هو أَحسنُ منك شيئاً فإِنه منصوب على تقدير بِشْيْءٍ ، فلما حذف حرف الجر أُوصل إِليه ما قبله ، وذلك أَن معنى : هو أَفْعَلُ منه ، في المبالغة ، كمعنى ما أَفعَلَه ، فكما لم يَجُزْ ما أَقْوَمه قِياماً ، كذلك لم يَجُزْ هو أَقْوَمُ منهِ قِياماً ، كذا في ( لسان العرب ) ، وقد أَغفله المُصنِّف . وحُكِيَ عن الليث : الشَّيْءُ : الماءُ ، وأَنشد :
تَرَى رَكْبَةُ ِ*!-بالشَّيْءِ فِي وَسْطِ قَفْرَةٍ
قال أَبو منصور : لا أَعرف الشَّيْءَ بمعنى الماءِ ولا أَدري ما هو ( ولا أَعرف البيتَ ) وقال أَبو حاتم : قال الأَصمعي : إِذا قال لك الرجُل ما أَردْتَ ؟ قلتَ لا شيئاً ، وإِن قال ( لك ) لم فعَلْتَ ذلك ؟ قلت : للاَشَيْءٍ ، وإِن قال : ما أَمْرُكَ ؟ قلت : لا شَيْءٌ ، يُنَوَّنُ فيهن كُلِّهن . وقد أَغفله شيخُنا كما أَغفله المُؤَلف .
2 ( فصل الصاد ) المهملة مع الهمزة ) 2
صأصأ : (*! صَأْصَأَ الجَرْوُ ) إِذا ( حَرَّكَ عَيْنَيْهِ قَبْلَ التَّفْتِيح ) كذا في النسخ . وفي ( لسان العرب ) وغيره من أُمّهات اللغة قبل التَّفْقِيح ، من فَقَّح بالفاء والقاف إِذا فَتَّح عَينيه ، قاله أَبو عُبيد ( أَو ) صَأْصَأَ ( كاد ) أَن ( يَفْتَحَهما ) ولم يَفْتَحْهما ، وفي ( الصحاح ) : إِذا التمَسَ النظَرَ قبل أَن تَنْفَتِح عينُه ، وذلك أَن يُرِيد فَتْحَها قبلَ أَوَانِها ، وكان عُبَيْدُ الله ابن جَحْشٍ أَسلم وهاجرَ إِلى الحَبشة ثم ارتَدَّ وتنصَّرَ بالحبشة . فكان يَمُرُّ بالمُهاجرين فيقول : فَقَّحْنَا وَصَأْصَأْتُم ، أَي أَبصَرْنا أَمْرَنا ولم تُبصِروا أَمْرَكم ، وقيل : أَبصَرْنا وأَنتم تَلتمِسُون البَصرَ . وقال أَبو عمرو : *!الصَّأَصَاءُ : تأْخيرُ الجَرْوِ فَتْحَ عَيْنيْهِ .
( و ) صَأْصَأَ ( مِن فلانِ : ) فَرِقَ و ( خافَ ) واستَرْخَى ( وذلَّ له ) ، حكاه ابنُ الأَعرابيّ عن العُقَيْلِيّ قال : يقال : ما كان ذلك إِلاَّ *!صَأْصَأَةً مِنّي ، أَي خوفاً ، وذلك ( *!كَتَصَأْصَأَ ) وتَزَأْزَأَ ،
____________________

(1/304)


قال أَبو حِزَامٍ غَالبُ بن الحارث العُكْلِيُّ :
*!يُصَأْصِىءُ مِنْ ثَأَرِهِ حَابِئاً
ويَلْفَأُ مَنْ كَانَ لا يَلْفَؤُهْ
( و ) صَأْصَأَ ( به : صَوَّت ) ، عن العُقَيْلِيّ ، ( و ) *!صَأْصأَت ( النَّخْلةُ ) *!صِئْصَاءً ( : شَأْشَأَتْ ) أَي لم تَقْبعل اللَّقَاح ولم يكُنْ لِبُسْرِها نَوى ، وقيل : صَأْصَأَتْ إِذا صارَت شِيصاً ( و ) صَأْصَأَ الرجلُ ( : جَبُنَ ) ، كأَنه أَشار إِلى استعماله بغير حرف جَرَ .
( *!والصِّئْصِىءُ ) كزِبْرِجٍ (*!- والصِّئْصِىءُ ) كزِنْديق مَهموزاً فيهما ، كذا هو مضبوط في نُسختنا ، وفي أُخرى الأُولى مهموزة والثانية غير مهموزة ووزنهما واحد : ما تَحَشَّف من التَّمْر فلم يَعْقِدْ له نَوًى ، وما كان من الحَبِّ لا لُبَّ له ، كحبِّ البِطِّيخِ والحَنْظَل وغيرِهِ ، وكلاهما بمعنى ( : الأَصْل ) وقد حكى ابن دِحْية فيه الضّمّ ، كما حكى أَنه لن يقال بالسين أَيضاً ، قاله شيخُنا .
قلت : هذا المعنى مع الاختلاف سيأْتي في ضَأْضأَ قال ابن السكيت : هو في*! صِئْصِىءِ صِدْق وضِئْضِيءِ صِدْق بالصاد والضاد ، قاله شَمِرٌ واللِّحيانيُّ ، وقد رُوِي في حديث الخوارج الآتي ذكرُه بالصاد المهملة (*! والصِّئْصَاءُ ) كدَحْدَح ، كذا هو مضبوط ، وفي ( لسان العرب ) : قال الأُمويّ : في لغة بَلْحارِث بن كَعْبٍ : الصِّيصُ هو ( الشِّيصُ ) عند الناس ، وأَنشد :
بِأَعْقَارِها القِرْدَانُ هَزْلَي كَأَنَّها
نَوادِرُ صِئْصَاءِ الهَبِيدِ المُحطَّمِ
قال أَبو عبيد*! الصِّئْصَاءُ : قِشْر حبِّ الحَنظلِ ( واحدها )*! صِئْصاءَة ( بهاء )
____________________

(1/305)


وقال أَبو عمرو : *!الصِّئْصِئَةُ من الرِّعاءِ الحَسنُ القِيَام على ماله .
صبأ : ( *!صَبَأَ ) *!يَصْبَأُ *!ويَصْبُؤُ ( كمَنع وكَرُم*! صَبْأً *!وصُبُوءًا ) بالضم وصبوأ بالفتح ( : خَرَج من دِين إِلى دِينٍ آخَرَ ) كمَا تَصْبَأُ النجومُ ، أَي تخرج من مَطالعها ، قاله أَبو عبيدَة ، وفي ( التهذيب ) : صَبَأَ الرجلُ في دِينه يَصْبَأُ صُبُوءًا إِذا كان*! صابِئاً . وكانت العربُ تُسمِّي النبي صلى الله عليه وسلم الصابِيءَ لأَنه خرج من دِين قريش إِلا الإِسلام ، ويسمون مَن يَدخُل في دين الإِسلام مَصْبُوًّا ، لأَنهم كانوا ( لا ) يهمزون ، فأَبدلوا من الهمزة واواً ، ويسمُّون المُسلمين *!الصُّبَاةَ ، بغير همز ، كأَنه جمعُ الصَّابِي غير مهموز ، كقاضٍ وقُضَاة وغازٍ وغُزَاة ( و ) نقل ابن الأَعرابيّ عن أَبي زيدٍ صَبَأَ ( عليهم العَدُوَّ ) صَبْأً وصَبَع ( دَلَّهم ) أَي دلَّ عليهم غيرَهم ، *!وصَبَأَ عليهم يَصْبَأُ صَبْأً وصُبُوءًا وأَصْبَأَ كلاهما طَلع عليهم ( و ) صَبَأَ ( الظِّلْفُ والنَّابُ ) وفي ( لسان العرب ) : وَصَبَأَ نابُ الخُفِّ والظِّلْف *!صُبُوءًا : طَلَعَ حَدُّه وخَرج ، وصَبَأَتْ ثَنِيَّةُ الغلامِ : طَلَعتْ . كذا في ( الصحاح ) ( و ) صَبَأَ ( النَّجْمُ ) والقَمرُ يَصْبأُ إِذا ( طَلَعَ ؛ كَأَصْبَأَ ) رُباعيًّا ، وفي ( الصحاح ) أَي طَلَع الثُّرَيَّا ، قال أُثْيَلَةُ العَبْدِيُّ يصف قَحْطاً :
وأَصْبَأَ النَّجْمُ فِي غَبْرَاءَ كَاسِفَةٍ
كَأَنَّهُ يَائِسٌ مُجْتَابُ أَخْلاَقِ
وصَبَأَتِ النُّجُوم إِذا ظَهَرَتْ ، والذي يَظْهَر من كلام المُؤلِّف أَن أَصبأْ رُباعيًّا يستعمل في كلَ مِمَّا ذُكِر ، وليس كذلك ، فإِنه لا يُستعمل إِلاَّ في النجم والقمر ، كما عرفت ، قاله شيخنا في جُملة الأُمور التي أَوردها على المؤلف ،
____________________

(1/306)


وهو مُسلّم . ثم قال : ومنها أَنه أَغفل المصدر . قلت : وبيان المصدر في كلِّ مَحلَ ليس من شَرْطه ، خصوصاً إِذا لم يكُن وزناً غَرِيباً ، وقد ذُكِر في أَوّل المادة ، فكذلك مَقِيسٌ عليه ما بعده . وقال ابن الأَعرابيّ : صَبَأَ عليه إِذا خرج عليه ومَالَ عليه بالعَدَاوَةِ ، وجَعَلَ قولَه عليه السلام ( لَتَعُودُنَّ فِيها أَسَاوِدَ صُبَّا ) بوزن فُعْلَى من هذا خُفِّف هَمْزُه أَراد أَنهم كالحَيَّات التي يَمِيل بعضُهم إِلى بعض ( *!والصَّابِئُونَ ) في قوله تعالى ، الخارجون من دِينٍ إِلى دينٍ . يقال : صَبَأَ فُلانٌ يَصْبَأُ إِذا خرجَ من دِينه ، وهم أَيضاً قومٌ ( يَزْعُمون أَنهم على دِين نُوح عليه السلامُ ) بِكَذبِهم ، وفي ( الصحاح ) : جِنْسٌ من أَهلِ الكتاب . ( وقَبْلَتُهم مِن مَهَبِّ الشَّمَالِ عند مُنْتَصَفِ النَّهارِ ) وفي ( التهذيب ) : عن الليث : هم قومٌ يشبِه دِينُهم دِينَ النَّصارى ، إِلا أَن قِبْلَتهم نَحْوَ مَهَبِّ الجَنوبِ ، يَزْعمون أَنهم على دِينِ نُوحٍ ، وهم كاذبون . قال شيخنا : وفي ( الرَّوْضِ ) : أَنهم منْسُبون إِلى *!صَابِىء بن لامَك أَخي نُوحٍ عليه السلام ، وهو اسمُ عَلَمٍ أَعجميّ ، قال البيضاوي : وقيل هم عبَدَةُ الملائكة ، وقيل : عَبَدَة الكَوَاكبِ . وقيل : عَرَبِيٌّ مِنْ صَبَأَ مَهموزاً إِذا خَرج من دِينٍ ، أَو مِنْ صَبَا مُعْتَلاً إِذا مَالَ ، لِمَيْلِهم من الحقِّ إِلى الباطل ، وقيل غير ذلك ، انتهى . ( و ) يقال ( قُدِّمَ ) إِليه ( طَعَامُه فَما صَبَأَ ولا *!أَصْبَأَ ) أَي ( ما وَضَع أُصْبُعَه فيه ) ، عن ابن الأَعرابيّ ( *!وأَصْبَأَهُمْ : هَجَم عليهم وهو لا يَشْعُر بِمكَانِهم ) عن أَبي زيدِ وأَنشد :
هَوَى عَلَيْهِمْ *!مُصْبِئاً مُنْقَضَّا
فَغَادَرَ الجَمْعَ بهِ مُرْفَضَّا
____________________

(1/307)



والتركيبُ يدلُّ على خُروجٍ وبُروز .
صتأ : ( *!صَتَأَه كجَمَعَه ) مُتعَدِّياً بنفسه ، قاله ابنُ سيده ( و ) *!صتَأَ ( لَهُ ) متعدّياً باللام ، قاله الجوهريُّ أَي ( صَمَدَ له ) عن ابن دريد ، قال شيخنا : وهذه النسخةُ مكتوبةٌ بالحُمْرة في ( أُصول القاموس ) ، بناءً على أَنها ساقطَةٌ في ( الصحاح ) ، وما رأَيْنَا نسخةً من نُسخه إِلاَّ وهي ثابتة فيها ، وكأَنها سقَطَتْ من نُسخة المُؤلف انتهى .
صدأ : ( *!الصُّدْأَةُ ، بالضمّ ) من شِياتِ المَعز والخيل وهي ( شُقْرَةٌ ) تَضْرِب ( إِلى السَّوادِ ) الغالِبِ وقد (*! صَدِىءَ الفَرَسُ ) والجَدْي*! يصْدَأُ *!ويصْدُؤُ ( كفَرِح وكَرُمَ ) الأَوّل هو المشهور والمعروف ، والقياس لا يقتضي غيرَه ، لأَن أَفعال الأَلوان لا تكاد تخرج عن فَعِلَ كفرح ، وعليه اقتصر الجوهريُّ وابنُ سيده وابن القُوطِيَّة ، وابنُ القطَّاع مع كثرة جمعه للغرائب ، وابنُ طَرِيف ، وأَما الثاني فليس بمعروف سماعاً ، ولا يقتضيه قِياسٌ ، قاله شيخنا .
قلت : والذي في ( لسان العرب ) أَن الفعل منه على وجْهَينِ صَدِيءَ يَصْدَأُ *!وأَصْدَأَ *!يُصْدىءُ أَي كفرِح وأَفْعَلَ ولم يتعّرض له أَحدٌ ، بل غَفل عنه شيخنا مع سَعة اطِّلاعه ( وهو ) أَي الفرسُ أَو الجَدْيُ ( أَصْدَأْ ) كأَحمرَ ( وهي ) أَي الأُنثى (*! صَدْآءُ ) كحَمراءَ ، وصَدِئَة ، كذا في ( المحكم ) و ( لسان العرب ) ( و )*! الصَّدَأُ مهموز مقصورٌ : الطَّبَعُ والدَّنَس يرْكَبانِ الحديدَ ، وقد صَديءَ ( الحَدِيدُ ) ونحوه يَصْدَأُ صَدَأً وهو أَصْدَأُ ( : علاَهُ ) أَي ركِبه ( الطَّبَعُ ) بالتحريك ( و ) هو ( الوَسَخُ ) كالدَّنَس وصَدَأُ الحَديد : وسَخُه ، وفي الحديث ( إِنّ هذه القُلُوبَ*! تَصْدَأُ كَمَا يَصْدَأُ الحَدِيدُ )
____________________

(1/308)


وهو أَن يَركَبها الرَّيْنُ بِمُباشرةِ المَعَاصي والآثام ، فَيَذْهب بِجَلائههِ كما يَعلُو الصَّدَأُ وَجْهَ المِرآة والسَّيْفِ ونَحْوهِما .
( و ) صدِيءَ ( الرِجلُ ) كفرِحَ ، إِذا ( انْتَصَبَ فنَظَر ) .
( و ) يقال (*! صَدَأَ المِرْآةَ كَمَنَعَ *!وصَدَّأَهَا ) *!تَصْدِئَةً إِذا ( جَلاَها ) أَي أَزال عنها*! الصَّدَأَ ( لِيَكْتَحِلَ به ) .
( و ) يقال : ( كَتِيبَةٌ*! صَدْأَى ) وجَأْوَاءُ إِذا ( عَلَيْها ) وفي بعض النسخ : عِلْيَتُهَا مثل ( صَدَأَ الحَدِيدِ ) وفي بعضا لنسخ : عَلاَها ( ورجُلٌ صَدَأُ مُحرَّكةً ) إِذا كان ( لِطِيف الجِسْمِ ) .
وأَما ما ذُكِر عن عُمرَ رضي الله تعالى عنه أَنه سأَل الأُسْقُفَّ عن الخُلَفاء ، فحدَّثه ، حتى انتهى إِلى نَعْتِ الرَّابع منهم ، فقال : صَدَأٌ من حَدِيدٍ ، ويروى صَدَعٌ مِن حَديد ، أَرادَ دَوَامَ لُبْس الحديدِ لاتّصَال الحُروبِ في أَيَّام عليَ رضي الله تعالى عنه ، وما مُنِيَ به من مُقاتَلةِ الخَوارِجِ والبُغاةِ ، ومُلاَبَسة الأُمورِ المُشْكِلة والخُطوب المُعْضِلة ، ولذلك قال عُمر رضي الله عنه : وَاذَفْراهُ تَضَجُّراً من ذلك واستفحاشاً . ورواه أَبو عبيدِ غَير مهموز ، كأَنَّ الصَّدأَ لغةٌ في الصَّدَع ، وهو اللطيفُ الجِسمِ ، أَراد أَن عليًّا خفيفُ الجِسم يَخِفُّ إِلى الحُروب ولا يَكْسَلِ لشدَّة بأْسِه وشَجاعته . قال : والصَّدَأُ أَشبهُ بالمعنى ، لأَن الصدَأَ له ذَفَرٌ ، ولذلك قال عُمَر : وَاذَفْراه ، وهو حِدَّةُ رائحةِ الشيءِ خَبيثاً كان أَوْ طَيِّباً . قال الأَزهريّ : والذي ذَهب إِليه شَمِرٌ مَعناه حَسَنٌ : أَراد أَنه يَعْنِي عَلِيًّا حَفِيفٌ يَخِفُّ إِلى الحرب فلا يَكسل وهو حَدِيدٌ لِشِدَّةِ بَأْسِه وشَجَاعته ، قال الله عزّ وجَلَّ { وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } ( الحديد : 25 ) .
( *!والصَّدْآءُ كَسلْسَالِ ويقال*! الصَّدَّاءُ )
____________________

(1/309)


بالتشديد ( كَكَتَّانٍ : رَكيَّةٌ ) قاله المُفضَّللا ( أَو عَيْنٌ ، مَا عِندهم أَعْذَبُ منها ) أَي من مائها ( ومنه ) المَثَل الذي روَاه المُنْذِرِيُّ عن أَبي الهيثم ( مَاءٌ ولا *!كَصَدَّاءَ ) بالتشديد والمَدّ ، وذكر أَن المثَل لِقَذُورَ بنتِ قيسِ بن خالدٍ الشيبانيِّ ، وكانت زَوجةَ لقيطِ بنِ زُرارة ، فتزوّجها بعدَهُ رجلٌ من قومها ، فقال لها يوماً : أَنا أَجملُ أَم لقيطٌ ؟ فقالت : ماءٌ ولا كَصَدَّاء ، أَي أَنت جميل ولست مِثلَه ، قال المفضَّل : وفيها يقول ضِرارُ بنُ عَمْرو السعديُّ :
وَإِنّي وَتَهْيَامِي بِزَيْنَبَ كالَّذِي
يُحَاوِلُ مِنْ أَحْوَاضِ صَدَّاءَ مَشْرَبَا
قلت : ورَوَي المُبرّد في ( الكامِل ) هذه الحكايةَ بأَبسطَ من هذا .
وأَورد شيخُنا على المؤلّف في هذه المادةِ أُموراً .
منها إِدخال أَل على صَدَّاءَ ، وهو عَلَمٌ .
والثاني وزنه بسَلسال ، فإِن وزنه عند أَهلِ الصرْف فنعال كما قاله ابن القَطَّاع وغيرُه وصَدَّاء وزنُها فَعْلاَء كحَمْراء ، على رأْيِ مَن يَجعلُها من المهموز ، انتهى .
قلت : أَما الأَوَّل فظاهرٌ ، وقد تعقّب على الجوهريِّ بمثله في س ل ع . ونصَّ المبرّدُ على مَنْعِه .
وأَما الثاني ففي ( لسان العرب ) : قال الأَزهريُّ : ولا أَدْرِي صَدَّاء فَعَّالاً أَو فَعْلاَء فإِن كان فَعَّالاً فهو من صَدَأَ يَصدأُ أَو صَدِيءَ يَصْدَأُ ، وقال شَمِر : صدأَ الهام يصدأُ إِذا صاح وإِن كان صَدَّاء فَعْلاَء فهو من المُضاعَف ، كقولهم صَمَّاء من الصَّمم .
قلت : وسيأْتي في ص د د ما يتعلق بهذا إِن شاءَ الله تعالى .
قال شيخنا : وحكى بعضُهم الضمَّ
____________________

(1/310)


فيه أَيضاً ، وفي شرح الخمر طَاشِيّة . بعد ذكرِ القولين : ويُقْصَرُ ، اسمُ عَيْنٍ وقيل : بِئْر ، ورواية المُبرد كَحْمَرَاء ، والأَكثر على التشدِيد .
قلت : والذي في سِياق عِبارة الكامل التخفيف عن الأَصمعي وأَبي عبيدة ، وكذلك سَمِعَا عن العرب ، وأَنّ مَن ثَقَّل فقد أَخطأَ ، ثم قال : وفي ( شرح أَمالي القالي ) : سُمِّيت به لأَنها تَصُدُّ مَن شَرِب منها عن غيرها ، وفي ( شَرْح نوادِر القالي ) : ومنهم من يَضُمُّ الصادَ ، وأَنشد ابن الأَعرابيّ :
كصَاحِب *!صَدَّاءَ الذي ليس رَائِياً
كَصَدَّاءَ مَاءً ذَاقَهُ الدَّهْرَ شَارِبُ
ثم قال : وقال ابن يزيد : إِنه لا يَصِل إِليها إِلا بالمُزاحمة ، لفَرْطِ حُسْنِها ، كالذي يَردُ هذا الماءَ فإِنه يُزَاحم عليه لِفَرْطِ عُذُوبَته ، انتهى .
( و ) يقال ( هو صَاغِرٌ صَدِيءٌ ) إِذا ( لَزِمه العارُ واللَّوْمُ ) ويقال : يدِي من الحديد صَدِئَة أَي سَهِكَة ( و ) *!صُدَاء ( كَغُرابٍ : حيٌّ باليَمنِ ) هو صُدَاءُ بن حَرْب بن عُلَة بن جَلْد ابن مالك بن جَسْر من مَذْج ( منهم زِيَادُ بنُ الحارث ) ويقال : حارثة ، قال البُخاري : والأَوَّلُ أَصحُّ ، له وفادة وصُحبة وحَديثٌ طَويل أَخرجه أَحمد وهو ( من أَذَّنَ فَهُو يُقِيمُ ) ( *!-الصُّدَائِيُّ ) هكذا في النسخ ، وفي ( لسان العرب ) والنّسبة إِليه *!-صُدَاوِيُّ بمنزلة الرُّهَاوِيّ ، قال : وهذه المَدَّاة وإِن كانت في الأَصل ياءًا أَو واواً فإِنما تُجْعَل في النِّسبة واواً ، كراهِيَةَ التقاءِ الياءَات ، أَلاَ تَرَى أَنك تقول رَحى ورَحَيانِ ، فقد علمت أَن أَلف رَحى ياءٌ ، وقالوا في النسبة إِليها رَحَويٌّ لتلك العِلّة .
( و ) في ( نوادِر أَبي مِسْحَل ) يقال ( : تَصدَّأَ له ) وتَصَدَّع له و ( تَصَدَّى ) له مُعتَلاً بمعنى تَعَرَّض له ، وأَصله الأَعلال ، وإِنما هَمزوه فَصاحةً كرَثَأَتِ المرأَةُ زَوْجَها وغير ذلك على قول الفرَّاء .
( وجَدْيٌ أَصْدَأُ ) وفرَسٌ أَصْدَأُ بَيِّنُ
____________________

(1/311)


الصَّدَإِ إِذا كان ( أَسودَ ) وهو ( مُشْرَبٌ بِحُمْرَة ) وقد صَدِيءَ وعَنَاقٌ *!صَدْآءُ ، ويقال : كُمَيْتٌ أَصْدَأُ إِذا عَلَتْه كُدْرَةٌ . وعن الأَصمعيّ في باب أَلوان الإِبل : إِذا خالطَ كُمْتَةَ البعيرِ مِثلُ *!صَدَإٍ الحَدِيدِ فهي الحُوَّةُ ، وعن شَمِرٍ :*! الصَّدْآءُ على فَعْلاَءَ : الأَرضُ التي تَرى حَجَرَها أَصْدَأَ أَحْمَرَ تَضْرِب إِلى السَّواد ، لا تَكُون إِلا غَليظةً ، ولا تكون مُستوِيةً بالأَرض ، وما تحت حِجارةٍ الصَّدْآءِ أَرضٌ غليظةٌ ، وربّما كانت طِيناً وحجارةً ، كذا في ( لسان العرب ) .
صرأ : ( *!صَرَأَ ) كَمَنَع ( أَهْمَلُوه ) لكب لا تَصريف له ولا معنى مستقلٌّ ، فلا يحتاج إِلى إِفراده بمادّة ( وقال الأخفش عن الخليل : ومن غَرِيب ما أَبْدَلوه قالوا في صَرَحَ صَرَأَ ) ومنع بعضٌ أَن يكون كمَنَع ، لكونه لا تَصريف لهذه المادَّة ، وإِنما بعضُ العرب نَطق بالماضي مَفتوحاً ، قال شيخنا : وقال بعض أَئمة الصرف : إِن حُروف الحَلْقِ يَنُوب بعضُها بعضاً ، وعدُّوا صرأَ في صَرَح انتهى .
صمأ : ( *!صمأَ عليهم كمنَعَ ) إِذا ( طَلَعَ ، و ) يقال : ( ما *!صَمَأَكَ عَليَّ ) وما *!صمَاكَ ، يهمز ولا يهمز أَي ( ما حَمَلَكَ ، *!وَصَمَأْتُه *!فَانْصَمَأَ ) قالوا : وكأَنَّ الميم بدلٌ من الباء ، كلازِب ولازِم .
صوأ : (*! الصَّاءَةُ *!والصَّاءُ ) *!والصيأ ( الماءُ ) الذي ( يَكون في السَّلَي أَوْ ) هو الماءُ الذي يكون ( عَلَى رأْسِ الوَلَدِ ) عن الأَصمعي ( كالصَّآةِ كَقَنَاةٍ ، أَو هذه ) أَي الأَخيرة ( تَصْحِيفٌ ) نشأَ ( من أَبي عُبَيدَة ) بن المُثَنَّى اللغويِّ ، كذا في النسخ ، وفي ( المحكم ) و ( لسان العرب ) : أَبي عبيد ، من غير هاء ، فليُعْلَم ، قال صَآة ، فصحَّف ، ثم ( رُدَّ ) ذلك
____________________

(1/312)


( عليه ) وقيل له إِنما صَاءَة ( فَقَبِلَهُ ) أَبو عبيدة وقال الصَّاءَة على مِثال الساعة لئلا ينساه بعد ذلك ، كذا في ( المحكم ) وغيره وذكر الجوهريُّ هذه الترجمة في ص و أَ ، وقال الصاءَة على مثال الساعة : ما يَخرج من رَحِم الشَّاة بعد الوِلادة من القَذَى . وقال في موضع آخرَ : ماء ثخين يخرج مع الولد يقال : أَلقت الشاةُ صَاءَتَها ( *!وَصَيَّأَ رَأْسَه ) *!تَصيِيئاً ( : بَلَّه قَليلاً ) فَثَوَّر وسَخَه ( أَو غَسَلَه فلم يُنْقِهِ ) وَبَقِيَتْ آثارُ الوَسَخِ فيه ( والاسمُ *!الصِّيئَةُ ، بالكسر ، و ) صَيَّأَ ( النخْلُ ) إِذا ( ظَهَرتْ أَلْوَانُ بُسْرِه ) عن أَبي حنيفة الدينوري .
صيأ : ( *!الصَّيْأَةُ *!والصِّيَاءَةُ كَكِتَابةٍ ) هو (*! الصَّاءَةُ ) اسمٌ ( لِلْقَذَى يَخْرُجُ عَقِبَ الوِلادَةِ ) من رحم الشاة ، أَفردها المُصَنِّف بالترجمة ، وكتبها بالحُمرة ، كأَنها من زيادته على الجوهريِّ ، وهو غيرُ صحيحٍ ، قال ابن بَرِّيّ في ( حَواشي الصِّحاح ) إِن صوا مُهمَلٌ لا وُجود لها في كلام العرب ، واعترض على الجوهريّ لما جعل الصيأَة مادّة مستقلّة ، وقال : المادّة واحدة ، إِنما الصِّيأَة مكسورة ، والصَّاءَة كالساعة ، وكذلك في ( التهذيب ) و ( الجمهرة ) ، قاله شيخُنا .
*!وصاءَت العقربُ قَصِيُ إِذا صاحَتْ . قال الجوهري : هو مقلوبٌ من صَأَى يَصْئِي مثل رَمى يَرْمِي ، ومنه حديثُ عليَ رضي الله عنه : أَنت مثلُ العَقْرب تَلْدَغ *!-وَتَصِيءُ . الواو للحال ، أَي تَلدغ وهي صائحةٌ ، وسيذكر في المعتلّ .
2 ( فصل الضاد ) المعجمة مع الهمزة ) 2
ضأضأ : ( *!الضِّئْضِىءُ كجِرْجِرٍ و ) *!-الضِّئضيءُ ( كجِرْجِيرٍ *!والضُّؤْضُؤُ كهُدْهُدٍ وسُرْسُورٍ ) *!وضِيضَأَ كضِفْدَع ، قاله ابنُ سيده ، وهو من الأَوزان النادرة : ( الأَصْلُ والمَعْدِنُ ) قال الكُميت :
____________________

(1/313)



وَجَدْتُكِ فِي الضِّنْءِ مِنْ *!ضِئْضِىءٍ
أَحَلَّ الأَولُ مِنْهُ الصِّغَارَا
وفي خطبة أَبي طالبٍ : الحمد لله الذي جَعَلنا من ذُرِّيَّة إِبراهيم وزُرْعِ إِسماعيل ، *!وضِئْضِىءِ مَعَدّ ، وعُنْصُر مُضَر ، أَي من أَصْلِهم ، وفي الحديث أَن رجُلاً أَتى النبيَّ صلى الله عليه وسلموهو يَقسِم الغنائمَ فقال له : اعْدِلْ فإِنك لم تَعْدِلْ ، فقال : ( يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِيءِ هذا قَوْمٌ يَقرؤون القُرْآنَ لا يُجاوزُ تَرَاقِيَهُمْ ، يَمْرُقُونَ من الدِّين كما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِن الرَّمِيَّةِ ) الضِّئْضِيءُ : الأَصلُ . وقال الكُميت :
بِأَصلِ الضِّنْوِ ضِئضِئه الأَصِيل
وقال ابن السّكّيت مثله ، وأَنشد :
أَنَا مِنْ ضِئْضِيءِ صِدْقٍ
بَخْ وَفِي أَكْرَمِ جِذْلِ
ومعنى قوله : يَخرج من ضِئْضِيءِ هذا ، أَي أَصله ونَسْله ، تقول : ضِئْضِيءُ صِدْقٍ *!وضُؤْضُؤُ صِدْق ، يريد أَنه يحرج من عَقبِه ، ورواه بعضُهم بالصاد المهملة ، وهو بمعناه ، وقد تقدّمت الإِشارة إِليه ، وفي حديث عُمرَ رضي الله تعالى عنه : أَعْطَيْتُ ناقةً في سبيل الله ، فأَردْت أَن أَشتَرِيَ من نَسْلِهَا ، أَو قال : من *!ضِئْضِئِهَا ، فسأَلتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال : ( دَعْهَا حَتَّى تَجِيءَ يوْمَ القِيَامَةِ هِي وأَولادُها في ميزَنِك ( أَو ) الضِّئْضِيءُ ، بالكسر ، هو ( كَثْرَةُ النَّسحلِ وَبَرَكَتُهُ ) وضِئْضِيءُ الضَّأْنِ من هذا .
( و ) *!الضُّؤْضُؤُ ( كهُدْهُدٍ ) هذا الطائرُ الذي يُسمَّى ( الأَخْيَلُ ( للطَّائر ) ) قال ابنُ سِيده ، وتوقَّف فيه ابنُ دُرَيْد فقال : وما أَدْرِي ما صِحَّتُه ، كذا في ( حَيَاة الحيوان ) .
( و ) قال أَبو عمرو : ( *!الضَّأَضَاءُ *!والضَّوْضَاءُ : أَصْوَاتُ النَّاسِ ) عليه اقتصر أَبو عمرو ، وخَصَّه بعضُهم ( في الحَرْبِ ) ، ففي الأَساس : الضَّأْضَاءُ :
____________________

(1/314)


ضَجَّةُ الحَرْب ( ورَجُلٌ مُضَوْضٍ ) كان أَصلُه *!مُضَوْضِىء بالهمز ( : مُصَوِّتٌ ) ويضم في الثاني ويقصر فيهما أَيضاً .
ضبأ : (*! ضَبَأَ ) فلان ( كجَمَعَ ) *!يَضْبَأُ ( ضَبْأً ) بالفتح ( *!وضُبُوءًا ) كقُعود ، وضَبَأَ في الأَرض وهو (*!- ضَبِيءٌ ) لَطِيءٌ ( كَكريمٍ ) إِذا ( لَصِقَ بالأَرْضِ ) أَو بشجرة ( و ) ضَبَأَ به الأَرض إِذا ( أَلْصَقَ ) أَياه بها ، فهو*! مَضْبُوءٌ به ، عن الأَصمعيّ ( و ) عن أَبي زيدٍ : ضَبَأَ : ( اخْتَبَأَ ) ، اختفى ( واستَتَرَ ) بالخَمَر ( لِيَخْتِلَ ) الصَّيْدَ ، ومنه سُمِّي الرجلُ*! ضابِئاً ، وسيأْتي . *!والمَضْبَأُ : الموضع الذي يَكون فيه ، يقال للناس : هذا*! مَضْبَؤُكُمْ ، وجمعه *!مضَابيءُ .
( و ) ضَبَأَ : ( طَرَأَ وأَشْرَفَ ) لينظُرَ ( و ) ضَبَأَ إِليه ( : لَجَأَ ) وضَبَأَ : استخفى ، ( ومنه : اسْتَحْيَا ) *!كاضْطَبَأَ .
( *!وأَضْبأَ ) ما في نفسه إِذا ( كَتَمَ ، و )*! أَضْبَأَ ( عَلَى الشيء ) *!إِضباءً : ( سَكَتَ ) عليه وكَتَمه ، فهو *!مُضبىءٌ عليه ( و ) يقال أَضْبَأَ فُلانٌ ( على الدَّاهِيَة ) مثل ( أَضَبَّ ) . *!وأَضْبَأَ على ما في يديه : أَمْسَكَ ، وعن اللحيانيّ : أَضْبَأَ ما في يديه *!وأَضْبَى وأَضَبَّ إِذا أَمسكَ .
( *!وضابِىءٌ : وَاد يَدْفَعُ ) من الحَرَّةِ ( في دِيارِ بني ذُبْيَانَ ) بالضم والكسر معاً ، وفي ( المعجم ) : موضِعٌ تِلْقَاءَ ذِي ضالٍ من بلاد عُذْرَةَ ، قال كَثِيرُ بن مُزَرِّد بن ضِرار :
عَرَفْتُ مِنْ زَيْنَبَ رَسْمَ أَصْلاَلْ
بِغَيْقَةٍ *!فَضَابِىءٍ فَذِي ضَالِ
____________________

(1/315)



( و ) ضابيءُ ( بن الحارث البُرْجُمِيُّ ) ثم اليَرْبُوعِيّ ( الشاعِرُ ) من بني تَمِيمٍ ، من شعره :
وَمَنْ يَكُ أَمْسَى بِالمَديِنَةِ رَحْلُهُ
فَإِنِّي وَقَيَّارٌ بِهَا لَغَرِيبُ
وقال الحربي : الضَّابِيءُ : المُخْتَبِيءُ الصَّيَّادُ ، قال الشاعر :
إِلاَّ كُمَيْتاً كَالقَنَاةِ وَضَابِئاً
بِالفَرْجِ بَيْنَ لَبَانِهِ وَيَدَيْهِ
يَصِف الصَّيَّادَ ، أَي ضَبَأَ في فَرْجِ ما بَيْنَ يَدَيْ فَرَسِه لِيَخْتِلَ به الوَحْشَ ، وكذلك الناقةُ ومنه شُمِّيَ الرجلُ ، أَو هو من ضَبَأَ إِذَا لَصِقَ بالأَرض ، كما أَشار إِليه الجوهريّ ، ( و ) الضَّابِيءُ : ( الرَّمَادُ ) للُصُوقه بالأَرض .
( *!واضْطَبَأَ : اخْتَفَى ) وعليه فَسّر قولَ أَبي حِزامٍ العُكْلِيِّ :
تَزَاءُلَ *!مُضْطَبِىءٍ آرِمٍ
إِذَا ائْتَبَّهُ الأَدُّ لا تَفْطَؤُهْ
من رواه بالباء . ( *!وَضَبَّاءٌ كَكَتَّان ع ) ومثله في ( العباب ) . ( و ) قال ابن السكيت : ( *!المُضَابِئَةُ ) بالضم ، وفي ( العباب ) : *!المُضَابِىءُ ( *!والضَّابِئَةُ ) أَيضاً ( : الغِرَارَةُ ) بالكسر ( المُثْقَلَةُ ) بكسر القاف وفتحها معاً تُضْبِء ، أَي ( تُخْفى مَنْ يَحْمِلُهَا ) تحتها ، وروى المنذري بإِسناده عن ابن السّكيت أَن أَبا حزامٍ العُكليَّ أَنشده :
فَهَاؤُوا *!مُضابِئَةً لَمْ يَؤُلَّ
بَادِئُها البَدْءَ إِذْ يَبْدَؤُهْ
هَاؤُوا ، أَي هاتُوا ، ولم يَؤُلَّ : لم يَضْعُف ، بادِئُها : قَائِلُها ، وعني *!بِالمُضَابِئَة هذه القصيدةَ المبتورة . وفي ( العباب ) : المُغَيَّرَة .
*!وضَبَأَتِ المرأَةُ إِذا كثُر ولَدُها ، قال أَبو منصور : هذا تصحيفٌ ، والصوابُ ضَنَأَت ، بالنون .
وقال الليث :*! الأَضباءُ : وَعْوَعَةُ جَرْوِ الكَلْبِ
____________________

(1/316)


إِذا وَحْوَحَ . قال أَبو منصور : هذا تصحيفٌ وخَطأُ ، وصوابه الأَصْيَاءُ ، بالصاد ، من صأَى يَصْأَي وهو الصَّئِيُّ .
ضدأ : ( *!ضَدِىءَ كَفرِحَ ) *!يَضْدَأُ *!ضَدَأً إِذا ( غَضِبَ ) وزناً ومعنى .
ضرأ : (*! ضَرَأَ كجَمَعَ ) *!يَضْرَأُ *!ضَرْأً ( : خَفِيَ ) عن أَبي عمرو .
( *!وانْضَرَأَتِ الإِبلُ : مَوَّتَتْ ) بالتشديد . أَي أَضناها المَوَتَانُ .
( : و ) *!انضرأَ ( النخلُ ) : مات ( والشجرُ : يَبِسَتْ ) كذا في ( العُباب ) .
ضنأ : ( *!ضَنَأَت المَرأَةُ كسَمِع وجَمَعَ *!ضَنْأً *!وضُنُوءًا ) كقُعود : ( كَثُرَ أَولادُها ) : وفي نسخة وَلَدُها . (*! كَأَضْنَأَتْ ) رُباعيًّا ، وقيل ضَنَأَتْ*! تَضْنَأُ إِذا وَلَدَت ، وقال شيخنا : قوله : كسمع ، غيرُ معروفٍ .
قلت : والذي في الأُمهات والأُصول أَن ضَنَأَت المرأَةُ تَضْنَأُ بالفتح فقط ، وأَما *!ضَنِىءَ المالُ إِذا كثُر ، فإِنه رُوِي بالفتح والكسر ، ( وهي ) أَي الأُنثى (*! ضانِىءٌ *!وضَانِئَةٌ ) ، عن الكسائيّ : امرأَةٌ *!ضانِئَةٌ ومَاشِيةٌ ، معناهما أَن يَكثُر ولَدُهما ( و ) *!ضَنَأَ ( المالُ : كَثُرَ ) وكذا الماشية من باب مَنَعَ وَسَمِع ، كذا في ( العُباب ) .
(*! والضَّنْءُ ) بالفتح ( : كَثْرَةُ النَّسْلِ ) *!وضَنْءُ كلِّ شيء : نَسْلُه ، ( و ) قال الأُمويُّ : *!الضَّنءْ بالفتح ( : الوَلَدُ ، ويُكْسَر ) قال أَبو عمرو : تُفتح ضادُه وتكُسْر ( لا واحِدَ لَهُ ) إِنما هو ( كَنَفَرٍ ) ورَهْطٍ ، كذا في ( المُحكم ) ( ج *!ضُنُوءٌ ) بالضم .
( و ) *!الضِّنءُ بالكسر ( : الأَصْلُ والمَعْدنُ ) ، وفي حديث قُتَيْلَةَ بنت النَّضْر بن الحارث أَو أُخته :
أَمُحَمَّدٌ وَلأَنْتَ *!ضِنْءُ نَجِيبَةٍ
مِنْ قَوْمِهَا وَالفَحْلُ فَحْلٌ مُعْرِقُ
قال ابن منظور : الضِّنْءُ بالكسر : الأَصل ، ويقال : فُلانٌ في ضِنْءِ
____________________

(1/317)


صِدْقٍ وضِنْءِ سَوْءٍ ، وأَنشد عند استشهاده في الضِّيْءِ بمعنى الولد . وقال الكميت :
وجَدْتُك فِي الضِّنْءِ مِنْ ضِئْضِيءٍ
أَحَلَّ الأَكابِرُ منه الصِّغارَا
(*! وَضَنَأَ في الأَرضِ ) ضَنْأً وضُنُوءًا : ( ذَهب واخْتَبَأَ ) كَضَبَأَ بالباء ، كما تقدم .
( و ) يقال : فلان ( قَعَدَ مَقْعَدَ *!ضُنَاءَةٍ ) بالمدّ ( *!وضُنْأَةٍ بِضَمِّهما ) أَي مَقْعَد ( ضَرُورَةٍ ) ومعناه الأَنَفَة ، قال أَبو منصور : أَظن ذلك من قولهم *!اضْطنأْت أَي استَحْييتُ ( و ) عن أَبي الهيثم : يقال (*! اضْطَنَأَ له ومنه ) إِذا ( اسْتَحْيَا وانْقَبَضَ ) ، وروى الأُمويُّ عن أَبي عُبيد البَاءَ ، وقد تقدّم ، قال الطّرمَّاح :
إِذَا ذُكِرَتْ مَسْعَاةُ وَالِدِهِ *!اضْطَنَا
وَلاَ *!يَضْطَنِي مِنْ شَتْمِ أَهْلِ الفَضَائِلِ
وهذا البيت في ( التهذيب ) :
وَمَا*! يُضْطَنَا مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الفَضَائِلِ
أَراد الشاعر*! اضطنأَ بالهمزة ، فأَبدل ، وقيل : هو من الضَّنَى الذي هو المرض ، كأَنه يَمْرَضُ مِن سَمَاعِه مَثالِبَ أَبيِه ، وفي ( العباب ) : واضْطَنَأْتُ : استَحْيَيْتُ ، وعليه فَسَّر البيتَ المذكورَ لأَبي حِزامٍ مَن رواه *!مُضْطَنِىءٌ بالنون ( *!وأَضْنَئُوا : كَثُرَتْ ماشيتُهم ) قال الصاغاني : وفي بعض النسخ مَوَاشِيهم .
والتركيب يدلّ إِمَّا على أَصلٍ وإِما على نَتاجٍ ، وقد شَذَّ منه اضطنأَ ، أَي استحْيَا .
ضوأ : ( *!الضَّوْءُ ) هو ( النُّورُ ، ويُضَمُّ ) وهما مترادفان عند أَئمة اللغة ، وقيل : الضوء : أَقوى من النور ، قاله الزمخشري ، ولذَا شَبَّه اللَّهُ هُدَاه بالنور دون الضَّوْءِ وإِلا لما ضَلَّ أَحدٌ ، وتبعه الطّيبي ، واستدلَّ بقوله تعالى : { جَعَلَ الشَّمْسَ
____________________

(1/318)


ضِيَآء وَالْقَمَرَ نُوراً } ( يونس : 5 ) وأَنكره صاحبُ الفَلَك الدائر ، وسوَّى بينهما ابنُ السكيت ، وحقَّق في الكَشف أَن الضوءَ فَرْعُ النور ، وهو الشُّعاع المُنتشِر ، وجزم القاضي زكريّا بترادُفِهِما لغةً بحسب الوَضْعِ ، وأَن الضوءَ أَبلَغُ بحسب الاستعمال ، وقيل : الضوءُ لِمَا بالذات كالشمس والنار ، والنور لما بالعَرَض والاكتساب من الغَيْر ، هذا حاصلُ ما قاله شيخُنا رحمه الله تعالى ، وجمعه *!أَضْواء (*! كالضِّوَاءِ *!والضِّياءِ بكَسرهما ) لكن في نسخة ( لسان العرب ) ضبط الأَول بالفتح والثاني بالكسر وفي ( التهذيب ) عن الليث : الضَّوْءُ والضِّياءُ ما أَضاءَ لك .
ونقل شيخُنا عن ( المحكم ) أَن الضِّياءَ يكون جمعاً أَيضاً . قلت : هو قول الزجاج في تفسيره عند قوله تعالى : { كُلَّمَآ أَضَآء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ } ( البقرة : 20 ) وقد ( *!ضَاءَ ) الشيءُ *!يَضُوءُ ( *!ضَوْأً ) بالفتح ( *!وضُوءًا ) بالضَم ، *!وضَاءَت النارُ ، ( *!وأَضاءَ ) *!-يُضِيءُ ، وهذه اللغة المختارة وفي شعر العباس :
وأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الأَ
رْضُ وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الأُفُقُ
يقال : ضاءَت *!وأَضاءَت بمعنى ، أَي استنارَتْ وصارَتْ *!مُضِيئَةً ( *!وأَضَأْتُه ) أَنا ، لازم ، ومتعدَ ، قال النابغةُ الجعدي رضي الله عنه :
أَضَاءَتْ لَنَا النَّارُ وجْهاً أَغَرَّ
مُلْتَبِساً بِالْفُؤَادِ الْتِبَاسَا
قال أَبو عُبيد : أَضاءَتْ النارُ *!وأَضاءَها غيرُها ، وأَضاءَها له ، وأَضاءَ به البيتُ ، وقوله تعالى : { يَكَادُ زَيْتُهَا *!-يُضِيء وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ } ( النور : 35 ) قال ابنُ عَرَفة : هذا مَثَلٌ ضرَبه اللَّهُ تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم يقول : يكاد مَنْظَرُه يَدُلُّ على نُبُوَّته وإِن لَمح يَتْلُ قُرْآناً (*! وضَوَّأْتُه ) وضَوَّأْتُه بِه وضَوَّأَتُ عنه (*! واسْتَضَأْتُ به ) وفي الأَساس : ضاع لأَعرابيَ شاةٌ فقال اللهمّ
____________________

(1/319)


*!ضَوِّىءْ عنه .
( و ) قال الليث : ( *!ضَوَّأَ عن الأَمْرِ*! تَضْوِئَةً : حادَ ) قال أَبو منصور : لم أَسمعه لغيره .
( و ) عن أَبي زيد : ( *!تَضَوَّأَ ) إِذا ( قَامَ في ظُلْمَةٍ لِيَرَى ) ، وفي غير ( القاموس ) : حيث يَرَى ( *!بِضَوْءِ النارِ أَهْلَها ) ولا يَرْوَنْه ، قيل : علِقَ رجلٌ من العرب امرأَةً ، فإِذا كان الليل اجتنح إِلى حيث يَرى ضَوْءَ نارِهَا *!فَتَضَوَّءَهَا ، فقيل لها : إِن فلاناً *!يَتَضَوَّؤُكِ ، لكيما تَحْذَره فلا تُرِيه إِلاَّ حَسَناً ، فلما سمعت ذلك حَسَرتْ عن يَديها إِلى مَنْكِبَيْها ، ثم ضَرَبتْ بِكَفِّها الأُخرَى إِبْطَها وقالت : يا*! مُئَضَوِّئَاهْ ، هذا في اسْتِك إِلى الإِبْطَاهْ . فلما رأَى ذلك رَفَضها . يقال ذلك عند تَعيير مَن لا يُبالِي ما ظَهر منه مِن قَبيح . ( وأَضاءَ بِبَوْلِه : حَذَف ) به ، حَكَاهُ كُراع ، وفي الأَساس : أَذْرَعَ به ، وهو مجاز .
( وضَوْءُ بنُ سَلَمَةَ ) اليشكُرِيّ ، ذكره سَيْفٌ في الفُتوح ، له إِدراكٌ ( و ) ضَوءُ ( بنُ اللَّجْلاَجِ ) الشيبانيُّ ( شاعران ) ومن شعر اليشكُرِيّ :
إِنَّ دِينِي دِينُ النَّبِيِّ وفي القَوْ
مِ رِجَالٌ عَلَى الهُدَى أَمْثَالِي
أَهْلَكَ القَوْمَ مُحْكَمُ بنُ طُفَيْلٍ
وَرِجَالٌ لَيْسُوا لَنَا بِرجَال
كذا في ( الإِصابة ) ، وأَبو عبد الله ضِياء بن أَحمد بن محمد بن يعقوب الخيّاط ، هَرَوِيُّ الأَصلِ ، سكن بغداد وحدَّث بها ، مات سنة 457 كذا في ( تاريخ الخطيب البغدادي ) .
( و ) قوله صلى الله عليه وسلم ( لا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ أَهْلِ الشِّرْكِ ) ولا تَنْقُشُوا فِي خَواتِمِكُمْ عَرَبِيًّا ( مَنْعٌ
____________________

(1/320)


مِن استشارَتِهِمْ في الأُمورِ ) وعدم الأَخذ من آرائهم ، جعل الضَّوْءَ مَثَلاً للرأْيِ عند الحَيْرَةِ ، ونقل شيخُنا عن الفائق : ضَرَب الاستضاءَةَ مَثلاً لاستشارتهم في الأُمورِ واستطلاعِ آرائهم . لأَن من التبسَ عليه أَمرُه كان في ظُلْمة .
قلت : ومثله في ( العُباب ) ، وجاءَ في حديث عليَ رضي الله عنه : لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ العِلْمِ ولم يَرْجِعُوا إِلى رُكْنٍ وثيق .
( و ) الإِمام ( المُسْتَضِيءُ بِنُورِ اللَّهِ ) وفي ( العباب ) : بأَمر الله أَبو محمد ( الحَسَنُ بنُ يُوسُفَ ) بن محمد بن ( الحَسَنُ بنُ يُوسُفَ ) بن محمد بن أَحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن أَحمد بن إِسحاق بن جعفر بن أَحمد ابن طَلْحة بن محمد بن هارون الرشيد العباسي ، الثالث والثلاثون من الخُلفاء خلافته تسع سنين ، مات سنة 575 ومن ولده الأَمير أَبو منصور هاشم .
ضهأ : ( *!ضُهَاءٌ كغُرَابٍ ع ) وقيل بلد في أَرضِ هُذَيل ( دُفِنَ به ابنٌ لِسَاعِدَةَ بنِ جُؤَيَّةَ ) الهُذَلِيّ ، ذكره الحافظ ابن حجرٍ في القِسم الثالث من المُخضْرَمين ( فَقِيلَ له ) أَي للولد ( ذُو ضُهَاءِ ) وفيه يقول :
لَعَمْرُكَ مَا إِنْ ذُو ضُهَاءٍ بِهَيِّنٍ
عَلَيَّ وَمَا أَعْطَيْتُه سَيْبَ نَائِل
أَي لم أَتوجَّعْ عليه كما هو أَهْلُه ، ولم أَفعَلْ ما يَجِبُ له عَلَيَّ .
(*! والضَّهْيَأُ كَعَسْجَد ) فَعْلَل وقيل فَعْيْل ، وهو مفقودٌ لا وُجُودَ له في كلام العرب ، وضَهْيَد ، مَصْنُوعٌ ، ومَرْيَم أَعجميٌّ ، وقيل : ليس في الكلام فَعْيَل إِلا هذا ، وهو اسم ( شَجَرَة كالسَّيَال ) ذات شَوْكِ ضَعِيف ، ومَنْبِتُهَا الأَودِيَة والجِبالُ ، قاله أَبو زيدٍ ، وقال الدِّينَورِيّ : أَخبرني بعضُ أَعرابِ الأَزْدِ أَن *!الضَّهْيَأَ شجرةٌ من الغَضَا عظيمة ، لها بَرَمَةٌ وعُلَّفٌ ، وهي كثيرةُ الشَّوْكِ وعُلَّفُها أَحمرُ شديدُ الحُمْرَةِ ، وورقها مثلُ وَرَق
____________________

(1/321)


السَّمُرِ ( والمَرْأَةُ ) التي ( لا تَحِيضُ ) ذكره الجوهريُّ في المعتلّ ، قال : وقلَّ فيه الهمز ( والتي لا لَبَن لَها ولا ) نَبَتَ لها ( ثَدْيءٌ ، *!كالضَّهْيَأَةِ ) نقل شيخنا عن شرح السيرافي على كتاب سيبويه : ضَهْيَا بالقصر والمدّ : المرأَة التي لم يَنحبُتْ ثَدْيُها ، والتي لم تَحِضْ ، والأَرضُ التي لم تُنْبِت ، اسمٌ وصِفة ، انتهى . قلت : لأَنها *!ضَاهَأَت الرجال ( وهي ) أَي الضهْيَأَةُ ( : الفَلاَةُ ) التي ( لامَاءَ بها ) أَو التي لا تُنْبِت ، وكأَنَّها لِعَدَم مائها .
( و ) *!الضَّهْيَأَتَانِ ( : شِعْبَانِ يَجِيئَانِ من السَّرَاةِ ) قُبالَة عُشَرَ وهو شِعْبٌ لهُذَيل (*! وضَهْيَأَ أَمْرَه ) كَرَهْيَأَ : ( مَرَّضَه ) بالتشديد ( ولَمْ يُحْكِمْه ) من الإِحكام وهو الإِتقان ، وفي ( العباب ) : ولم يَصْرِمْه ، أَي لم يَقْطَعْه .
( *!والمُضَاهَأَةُ ) بالهمز هو (*! المُضَاهَاةُ ) والمُشَاكَلَةُ ( و ) بمعنى ( الرِّفْق ) يقال :*! ضَاهأَ الرجلَ ، إِذا رَفَقَ به . رواه أَبو عُبَيْدٍ . وقال صاحب ( العَيْنِ ) :*! ضَاهَأْتُ الرجُلَ وضاهَيْتُه أَي شَابَهْته ، يُهمز ولا يُهمز ، وقُرِىءَ بهما قولُه عزّ وجلّ {*! يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ } ( التوبة : 30 ) وبما تقدم سقط قول ملاَّ عَلِيّ في الناموس عند قول المُؤلّف : ( الرِّفْق ) : الظاهرُ : المُوَافَقَةُ .
ضيأ : ( *!ضَيَّأَت المَرأَةُ ) بتشديد الياء التحتية : ( كَثُر ولَدُها ) قاله ابن عَبَّاد في ( المُحيط ) ، وهو تَصحِيف ( والمعروف ) ضَنَأَتْ ( بالنون والتخفيف ) وقد نَبَّه عليه الصاغاني وابنُ مَنظور وغيرهما .
2 ( فصل الطاء ) المهملة مع الهمزة ) 2
طأطأ : (*! طَأْطَأَ رَأْسَه ) *!طَأْطَأَةً كدَحْرَجَةٍ ( : طَامَنَهُ ) *!وتَطأْطَأَ : تَطامَنَ ( و ) طَأْطَأَ الشيءَ ( : خَفَضَه )*! وطَأْطَأَ عن الشيء خَفَضَ رأْسَه عنه ، وكلُّ ما حُطَّ فقد طُؤْطِيءَ (*! فَتَطأْطَأَ ) إِذا خَفَضَ رأْسَه ، وفي حديث عثْمانَ رضي الله عنه : *!تَطأْطَأْتُ لهم *!تَطَأْطُؤَ الدُّلاَةِ أَي
____________________

(1/322)


خَفَضْت لهم نَفْسي كتَطامُنُ الدُّلاَة ، وهو جَمْعُ دَالٍ : الذي يَنْزِعُ بالدَّلْوِ كَقَاضٍ وقُضاةً . أَي كما يَخْفِضُها المُسْتَقُونَ بالدِّلاءِ وتواضَعْتُ وانحنَيْتُ وراجِعْ بَقِيَّةَ الحديث في ( العُباب ) .
( و ) طأْطأَ ( فَرَسَه : نَحَزَه ) ، بالحاء المهملة ، أَي نَخَسه وَرَكَضَه ودَفَعه ( بِفَخِذَيْه وحَرَّكَه للحُضْرِ ) أَي الإِسراع قال المَرَّارُ بنُ مُنْقِذٍ .
شُنْدُفٌ أَشْدَفُ مَا وَرَّعْتَهُ
وَإِذَا*! طُؤْطِىءَ طَيَّارٌ طِمِر
الشُّنْدُف : المُشْرِف . والأَشْدَف . المائل في أَحدِ شِقَّيْهِ بَغْياً .
( و ) طَأْطأَ ( يَدَهُ بالعِنَانِ : أَرْسَلَهَا به للإِحْضارِ والرَّكْضِ ) والإِسراع .
( و ) طأْطأَ الرجلُ ( في مَالِه ) إِذا ( أَسرَعَ إِنفاقَه وبالَغَ ) فيه ، يقال ذلك للمُسْرِف ، كذا في الأَساس ، وطَأْطَأَ فلانٌ من فلان ، إِذا وَضَعَ من قَدْرِه ، وطَأْطَأَ : أَسرع . وطَأْطَأَ في قَتْلِهم : أَسرعَ وبالَغَ ، أَنشد ابنُ الأَعرابيّ :
فَلَئِنْ طَأْطَأْتُ فِي قَتْلِهِمُ
لَتُهَاضَنَّ عِظامِي عَنْ عُفُرْ
(*! والطَّأْطَاءُ كسَلْسَالٍ ) هو ( المُنْهَبِطُ ) من الأَرض ( يَسْتُرُ مَنْ كَانَ فِيه ) قال يَصِف وَحْشاً .
مِنْها اثْنَتَانِ لِمَا*! الطَّأْطَاءُ يَحْجُبُهُ
والأُخْرَيَانِ لِمَا يَبْدُو بهِ القَبَلُ
وقيل : هو المكانُ المطمئَنُّ الضَّيِّقُ ، ويقال له الصَّاعُ والمِعَا . ( و ) الطَّأْطَاءُ أَيضاً : ( الجَمَلُ القَصِيرُ الأَوْقَصُ ) .
وفي الأَساس : ومن المجاز : *!طَأْطَأْتِ المرأَةُ سِتْرَهَا : حَطَّتْهُ . وطَأْطَأَ الحُفْرَةَ : طَمَّها وحُفْرَةٌ *!مُطَأْطَأَةٌ ، ويقال : حَجَبَهُ الطَّأْطَاءُ فلم أَرَه ، وهو من الأَرْضِ : المُتطامِنُ . وفي المثل ( *!تَطَأْطَأْ لَهَا تَخَطَّكَ ) وطَأْطَأَ زَيْدٌ من
____________________

(1/323)


خَصْمِه . وتَطَاوَلَ عَلَيَّ *!فتَطَأْطَأْتُ مِنْه . انتهى .
طبأ : ( *!الطَّبْأَةُ : الخَلِيقَةُ ) قال شيخنا : صرّح قومٌ من أَئمة الصَّرْف بأَنه لُثْغَةٌ لبعض العرب في الطَّبْع ، في العين أَبدلوها همزةً ، ( كَرِيمةً كانت أَو لَئيمةً ) وهكذا في ( العباب ) .
طتأ :*! طَتَأَ ، عن ابن الأَعرابيّ ، أَي هَرَب ، أَهمله الليثُ ولم يذكره المؤلف ، وقد ذكره في ( لسان العرب ) .
طثأ : (*! طَثئَأَ كجمَع ) عن ابن الأَعرابيّ إِذا ( لَعِبَ بِالقُلَةِ ) مُخفَّفاً ، لُعْبَه يأْتي ذِكرُها .
( و ) قال أَيضاً : طَثَأَ طَثْأً : ( أَلْقَي ما في جَوْفِهِ ) قال شيخنا : هذه المادَّة بالحُمرة بناءً على أَنها من الزيادات ، وليس كذلك ، بل ثبتت في نسخ ( الصحاح ) .
طرأَ : (*! طَرَأَ عليهم ) أَي القوم ( كمَنعَ ) *!يَطْرَأُ (*! طَرْءاً *!وطُرُوءًا : أَتاهُم من مَكَان أَو خَرَجَ ) وفي بعض النسخ : أَو طَلَع ( عليهم منه ) أَي ذلك المكان أَو المكان البعيد ( فَجْأَةَ ) أَو أَتاهم من غير أَن يَعلموا ، أَو خَرج من فَجْوَةٍ ( وهم *!الطُّرَّاءُ ) كزُهَّاد ( *!والطُّرَآءُ ) كعلماء ، ونقل شيخُنا عن المحكم : وهم *!الطَّرَأُ محركة ، كخدم وخادم ، *!والطَّرَأَة كذلك ، أَي كَكَاتِبٍ وكَتَبَة ، وفي بعض النسخ *!طُرَاةٌ كقُضَاةٍ انتهى ، ويقال للغُرباء : الطُّرَّاءُ ، أَي كقُرَّاء ، وهم الذين يأْتون من مكانٍ بعيدٍ ، قال أَبو منصور : وأَصله الهمز ، من طَرأَ يَطْرأُ . وفي الأَساس : هو من الطُّرَّاءِ لا مِن الثُّنَّاءِ وفي الحديث ( طَرأَ عَليَّ مِنَ القُرْآن ) . أَي وَرَدَ وأَقْبَلَ ، يقال طَرَأَ مهموزاً إِذا جاءَ مُفاجَأَةً ، كأَنه فَجِئَهُ الوقْتُ الذي كان يُؤَدِّي فيه
____________________

(1/324)


وِرْدَه من القِرَاءَةِ ، أَو جَعَل ابتداءَهُ فيه طُرُوءًا منه عليه ، وقد يُتْرك الهمزُ فيه فيقال :*! طَرَا *!يطْرُو *!طُرُوًّا .
(*! وطَرُؤَ ) الشيءُ ( كَكَرُم ،*! طَراءَةً ) كسحَابَة (*! وطَرَاءً ) كسَحَاب ، وفي بعض النسخ *!طَرْأَة كحَمْزَة *!وطَراءَة كسحابة ( فهو *!-طَرِيءٌ : ضدّ ذَوِىَ ) يَذْوَى فهو ذَاوٍ ، وفي الأَساس : وشيء طَرِيءٌ بيِّنُ *!الطَّراءَةِ ، وقد طَرُؤَ طَراءَةً و ( قيل : طَرُوَ ) طَراوةً . قلت : وهو الأَكثر ، ويأْتي في المعتلّ ، *!وطَرَّأْتُه *!تَطْرِئَةً .
( وحَمَامٌ )*! طُرْآنِيُّ ( وأَمْرٌ طُرْآنِيٌّ بالضمّ ) كذا في نُسختنا ، وفي بعضها زيادة : كعُثْمَان ( : لا يُدْرَى من حَيْثُ ) ، وفي ( المحكم ) من أَين ( أَتَى ) وهو نَسب على غيرِ قِياسٍ ، من طَرأَ علينا فُلانٌ ، أَي طَلَع ، ولم تَعْرِفه ، والعامَّة تقول : حمامٌ طُورانِيٌّ ، وهو خَطأٌ ، وسُئل أَبو حاتم عن قول ذي الرُّمَّة .
أَعارِيبُ طُورِيُّونَ عَنْ كُلِّ قَرْيَةٍ
يَحِيدُونَ عَنْهَا مِنْ حِذارِ المَقَادِرِ
فقال : لا يكون هذا من طَرَأَ ، ولو كان منه لقال الطُّرْئِيُّون ، الهمز بعد الراء ، فقيل له : فما معناه ؟ فقال : أَراد أَنهم من بلاد الطُّورِ يعني الشام ( و ) في ( العباب ) ( طُرْآنُ ) كقُرآن ، كما في ( المراصد ) ( : جَبَلٌ فيه حَمَامٌ كَثيرٌ ) وإِليه نُسِب الحَمام الطُّرْآنِيُّ ، وضبطه أَبو عُبَيدِ البكريٌّ في ( المعجم ) بضم أَوَّله وتشديد ثانيه ، ( والطَّرِيقُ والأَمْرُ المُنْكَرُ ) قال العجاج في شعره :
وذَاكَ طُرْآنِيُّ
أَي مُنْكَرٌ عَجيب .
( *!والطَّارِئَةُ : الدَّاهِيَةُ ) لا تعرف من حيث أَتت .
( *!وأَطْرَأَهُ ) : مدحه أَو ( بالَغَ في
____________________

(1/325)


مَدْحِه ) ، والاسم منه *!المُطْرِىء ، في ( المحكم ) : نادرة ، والأَعرف بالياء ، وكذا في ( لسان العرب ) .
( وطُرْأَةُ السَّيْلِ ، بالضمّ : دُفْعَتُه ) ، من طَرَأَ من الأَرض : خرج .
والتركيب من باب الإِبدال وأَصله درأَ .
طسأ : (*! طَسِىءَ كفرِحَ وجمَع ) *!يَطْسأُ ( *!طَسْأً *!وطَسَأً ) كجَبَلٍ ، وفي نسخة طَسَاءً ، كسحاب ( فهو*!- طَسِيءٌ ) كأَمير ( : اتَّخَمَ ) مشدَّداً ، أَي أَصابته التُّخَمَة من إِدخال طَعامٍ على طعامٍ ( أَوْ مِنَ الدَّسمِ ) غَلَب على قلب الآكل فاتَّخَم ، وعليه اقصر الجوهريُّ ونقله عن أبي زيد ، ومثله في ( العُباب ) ( *!وأَطْسَأَه الشِّبَعُ و ) يقال :*! طَسِئَتْ ( نفسي ) فهي ( *!طاسِئَةٌ ) إِذا تَغَيَّرَتْ عن أَكْلِ الدَّسَم فَرَأَيْتَهُ مُتَكَرِّهَا لذلك يهمز ولا يهمز ، والاسم *!الطُّسْأَة ، وفي الحديث : إِن الشَّيْطَانَ قال : ما حَسَدْتُ ابْنَ آدَمَ إِلاَّ عَلَى الطُّسْأَةِ والحُقْوَةِ ، وهي التُّخَمَة والهَيْضَةُ . ( وطَسَأَ : اسْتَحْيَا ) ثم إِن هذه المادة في سائر النسخ مكتوبة بالحُمْرة بناء على أَنها من زيادات المُصَنّف على الجوهريّ مع أَنها موجودة في نُسخة ( الصحاح ) عندنا ، قاله شيخنا .
طشأ : ( *!الطُّشْأَةُ بالضَّمِ و )*! الطُّشَأَةُ ( كهُمزة الزُّكام ) هذا الدَّاءُ المعروف ، قاله ابنُ الأَعرابيّ . ونَسبه في ( العُباب ) إِلى الفَرَّاءِ ، قال شيخنا : وكلاهما على غَيْرِ قِياسٍ ، فإِن الأَوَّل يكثُر استعمالُه في المفعول كَضُحْكَه ، والثاني في الفاعل ، واستعمالهما على حدثٍ دالَ على داءٍ غيرُ معروفٍ . انتهى . وقد*! طَشِىءَ ( *!وأَطْشَأَ ) الرجلُ إِذا ( أَصَابَهُ ) ذلك . ( و ) الطُّشْأَةُ أَيضاً هو ( الرَّجُلُ الفَدْمُ العيِيُّ ) بالعين المُهملة والتحتِيّة ، هو المُنْحِصر العاجزُ في الكلام ، وفي بعض النسخ بالغين المعجمة والباءِ المُوحَّدة ، من الغَبَاوَة ، وهو تصحيف ، وهو الذي لا يضُرُّ
____________________

(1/326)


ولا ينْفَعُ ، قاله في ( المحكم ) و ( لسان العرب ) ( و ) قال الفرَّاءُ ( *!طَشَأَها ( كمنَع ) ) أَي المرأَةَ ( جَامَعَها ) كَشَطَأَها .
طفأ : ( *!طَفِئَتِ النَّارُ كسَمِعَ ) *!تَطْفَأُ *!طَفْأً و ( *!طُفُوءًا ) بالضم : ( ذَهَب لَهَبُهَا ،*! كانطَفَأَتْ ) حكَاها في كتاب الجُمَل عن الزجّاجي ، ( و ) أَطْفَأَها هو ، و (*! أَطْفَأْتُها ) أَنَا ، *!وأَطْفَأَ الحرْب ، منه ، على المَثَل ، وفي التنزيل العزيز { كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لّلْحَرْبِ *!أَطْفَأَهَا اللَّهُ } ( المائدة : 64 ) أَي أَهْمَدَها حتى تَبْرُدَ وقال الشاعر :
وكَانَتْ بيْنَ آل بَنِي عَدِيَ
رَبَاذِيةٌ فَأَطْفَأَها زِيادُ
والنارُ إِذا سكَن لَهَبُها وجمْرُها يَقِدُ فهي خَامِدةٌ ، فإِذا سَكَن لَهَبُهَا وَبَرد جَمْرُها فهي هامِدةٌ *!وطافِئَةٌ .
( *!ومُطْفِىءُ الجمْرِ ) يومٌ من أَيَّام العجوز ، كذا في ( الصحاح ) ، وجزم في ( المحكم ) وغيره أَنه ( خَامِسُ أَيَّامِ العَجُوزِ ) زاد المؤَلِّف : ( أَو رابَعُها ) قال شيخُنا : وما رأَيتُ مَنْ ذَهب إِليه من أَئمة اللُّغَة ، وكأَنَّه أُخِذَ من قول الشاعر :
وبِآمِرٍ وأَخِيه مُؤْتَمِر
ومُعلِّلٍ *!وبِمُطْفِىءِ الجَمْرِ
وإِلاَّ فليس له سندٌ يعْتمدِ عليه . قلت : وهو في ( العباب ) ، وأَيّ سَنَدٍ أَكبرُ منه .
( ومُطْفِيءُ الرَّضْفِ ) بفتح فسُكونٍ وفي بعضها مُطْفِئَة ، بزيادة الهاء ، ومثله في ( المحكم ) و ( العباب ) و ( لسان العرب ) ( : الدَّاهِية ) مجازاً ، قال أَبو عُبَيْدَة : أَصلها أَنَّها داهيةٌ أَنْستِ التي قبْلها *!فأَطْفَأَتْ حَرَّها ( و ) قال الليث (*! مُطْفِئَتُة ) أَي الرَّضْفِ : ( شَحْمَةٌ إِذا أَصابت الرَّضْفَ ذَابَتْ ) تلك الشحْمَةُ ( فأَخْمَدَتْه ) أَي الرَّضْفَ ، كذا في ( العباب ) .
وفي ( المحكم ) و ( لسان العرب ) : مُطْفِئَةُ
____________________

(1/327)


الرَّضْفِ : الشَّاةُ المهزولة ، تقول العرب : ( حَدَسَ لهم بِمُطْفِئَةِ الرَّضْفِ ) ، عن اللِّحيانيّ ، وهو مُستدرَكٌ عليه .
( و ) مُطفِئَة الرَّضْفِ أَيضاً : ( حيَّةٌ تَمُرُّ ) على الرَّضْفِ ( فيُطْفِيءُ سَمُّهَا نَارَ الرَّضْفِ ) ويُخْمِدُها ، قال الكميت :
أَجِيبُوا رُقَى الآسِي النِّطاسِيِّ واحْذَرُوا
مُطَفِّئَةَ الرَّضْفِ التي لاَ شَوَى لَهَا
طفشأ : (*! الطَّفَنْشَأُ كَسَمَنْدَلٍ ) في ( التهذيب ) في الرباعي عن الأَموي مقصور مهموز ، هو ( الضَّعِيفُ ) من الرّجال ( وضَعِيفُ البَصَرِ ) أَيضاً ، وقال شَمِرٌ : هو الطَّفَنْشَلُ ، باللام .
طلأ : ( *!طُلاَّءُ الدَّمِ ) كُقَّراء ( بالضَّمِّ والتشديد والمَدِّ ) هو ( قِشْرتُه ) عن أَبي عمرو .
طلشأ : ( *!اطْلَنْشَأَ ) مُلحَقٌ بالمزِيد كاقْعَنْسَسَ إِذا ( تَحَوَّلَ مِن مَنْزِلٍ إِلى مَنزلٍ ) آخَرَ فهو مُطْلَنْشِيءٌ ، قاله ابن بُزرج وهو بالشين المعجمة عندنا في النسخ ، وفي ( العباس ) بالمهملة .
طلفأ : (*! الطَّلَنْفَأُ كَسَمَنْدَلٍ ) *!والطَّلَنْفَى ، يهمز ولا يهمز عن ابن دريد : وهو الرجل ( الكثيرُ الكَلامِ ) .
( و ) عن أَبي زيدٍ يقال : ( *!اطْلَنْفَأَ ) *!اطْلِنْفَاءً إِذا ( لَزِقَ بالأَرضِ ) ، و ( يقال جَملٌ*! مُطْلَنْفِىءُ الشَّرَفِ ) أَي ( لاَصِقُ السَّنامِ ) *!والمُطْلَنْفِىءُ : اللاَّطِيءُ بالأَرض وكذلك *!الطَّلَنْفَأُ *!والطّلَنْفَى وقال اللحيانيُّ : هو المُستَلْقِي على ظَهْرِه .
____________________

(1/328)



طمأ : قال شيخنا : وبقي عليه*! طَمَأَ ، فقد وجدت في بعض الدواوين اللغوية :*! طَمَأَت المرأَةُ إِذا حاضت ، *!والطَّمْؤُ : الحَيْضُ وطَمَأَ البحْرُ كمَنَع مثل طَمَّ مُضَعَّفاً ، انتهى .
طنأ : ( *!الطِّنْءُ ، بالكسر : بَقِيَّةُ الرُّوحِ ) يقال تركتُه*! بِطِنْئِه ، أَي بحُشَاشَةِ نَفْسِهِ ، ومنه قولهم : هذه حَيَّةٌ لا *!تُطْنِيءُ ، كما يأْتي ، قال أَبو زيد : يقال : رُمِي فُلانٌ في *!طنْئِه ، وفي نَيْطِه ، ومعناه : إِذا مات .
( و ) الطِّنْءُ بالكَسر : ( المَنْزِلُ والبِسَاطُ ) ، قال أَبو حِزامٍ العُكْلِيُّ :
وعِنْدِيَ للدَّهْدَإٍ النَّابِئينَ
*!طِنْءٌ وجُزْءٌ لَهُمْ أَجْزَؤُهْ
( و ) الطِّنْءُ : ( الميْلُ بِالهَوَى ، والأَرْضُ البيْضَاءُ ، والرَّوْضَةُ ، و ) الظِّنْءُ : ( الرِّيبَةُ ) والتُّهَمَة ، قال أَبو حِزام العكليُّ أَيضاً :
ولا الظِّنْءُ مِنْ وَبَئِي مُقْرِيءُ
ولاَ أَنَا مِنْ مَعْبَئِي مَزْنَؤُهْ
وأَنشد الفراءُ :
كَأَنَّ عَلَى ذِي الطِّنْءِ عَيْناً بَصِيرَةً
أَي على ذي الرِّيبة . ( والدَّاءُ ، وَبقِيَّةُ المَاءِ في الحَوْضِ ) ويقال إِن الرَّوْضَة هي بَقِيَّةُ الماءِ في الحَوْض ، ولذلك اقتصر في اللسان على الرَّوْضة ( و ) في ( النوادر ) و ( العباب ) : الطِّنْءُ بالكسر : ( شَيْءُ يُتَّخَذُ للصَّيْدِ ) أَي لِصَيْدِ السِّباع . ( كالرَّبِيئَةِ ) هكذا في نسختنا ، والصواب كالزُّبْيَةِ كما في ( العباب ) ( و ) الطِّنْءُ في بعض الشِّعر : ( الرَّمَادُ الهَامِدُ ، و ) الطِّنْءُ : ( الفُجُورُ ) قال الفرزدق :
وضَارِيَةٌ مَا مَرَّ إِلاَّ اقْتَسَمْنَهُ
عَلَيْهِنَّ خَوَّاضٌ إِلى الطِّنْءِ مُخْشِفُ
( وحَظِيرةٌ من حِجَارةٍ ) تُتّخَذُ لا للصَّيْدِ ، وإِلاَّ فقد مرَّ أَنَّها الرَّبِيئَة
____________________

(1/329)


( و ) الطِّنْءُ : ( الهِمَّةُ ) يقال : إِنه لَبعِيدُ الطِّنْءِ ، أَي الهِمَّة ، وهذه عن اللحيانيّ .
(*! وطَنِىءَ البعِيرُ كَفَرِح ) إِذا ( لَزِقَ طِحَالُه بِجَنْبِه ) وقال اللحياني : ويقال : رَجُلٌ طَنٍ كَهَنٍ ، وهو الذي يُحَمُّ غِبًّا فيَعْظُمُ طِحَالُه ، وقد طَنِيَ كَرَضِيَ طَنًى ، وهمَزَه بعضُهم .
( و ) طَنِيء ( فُلاَنٌ ) طُنْأً بالضمّ . إِذا كان ( فِي صَدْرِه شَيْىءٌ يَسْتَحْيِي أَنْ يُخْرِجَه ) .
( و ) طَنَأَ ( كجَمَعَ : استَحْيا ) يقال : *!طَنَأْت *!طُنُوءًا كقُعُود ورنَأْتُ إِذا استَحْيَيْتَ ، كَطسَأْتُ .
(*! والطَّنَأَةُ ، محركة ) هم ( الزُّنَاةُ ) جمع زان ، نُظِرَ إِلى معنى الفُجور .
( *!وأَطْنَأَ ) إِذا ( مالَ إِلى ) الطِّنْءِ أَي ( المنْزِلِ ، و ) مال ( إِلى الحوْضِ فشَرِب ) منه ( و ) *!أَطْنَأَ مال ( إِلى البِسَاطِ فَنَامَ عليه كَسَلاً ) .
( و ) قولهم : هذه ( حيَّةٌ لا *!تُطْنِىءُ ) مأْخوذٌ من الطَّنْءِ بمعنى بقِيَّة الرُّوح ، كما تقدمت الإِشارة إِليه ( أَيْ لا يعيِشُ صاحِبُهَا ) تَقتل من ساعتها ، يُهْمز ولا يُهمز ، وأَصله الهمز ، كذا في ( لسان العرب ) .
طوأَ : ( *!الطَّاءَةُ كالطَّاعةِ : الإِبْعادُ في المرْعى ) يقال : فَرسٌ بعيدُ*! الطاءَةِ ، قالوا ( ومنه ) أُخِذَ (*! طَيِّىءٌ ) مثل سيِّد ، أَي لإِبعاده في الأَرض وجَوَلاَنه في المراعِي ، واقتصر عليه الجوهريُّ ( أَبو قَبيلةٍ ) من اليمينِ ، واسمه جُلْهُمَة بن أُدَد بن زَيْدٍ بن كَهْلان بن سَبَإِ بن حِمْيَر ، وهو فَيْعِلٌ من ذلك ( أَو ) هو مأْخوذٌ ( مِنْ*! طَاءَ ) في الأَرض (*! يَطُوءُ ، إِذا ذَهَبَ وجاءَ ) واقتصر على هذا الوجْهِ ابنُ سِيده ، وقيل : لأَنه أَوَّلُ من طَوَى المنَاهِلَ ، قاله ابنُ قُتَيْبةَ ، قال في ( التقريب ) : وهو غيرُ صَحيحٍ ، وقيل : لأَنه أَوَّلُ منْ طَوَى بِئْرًا من العرب ، وفيه نَظَرٌ ، ( والنِّسْبةُ ) إِليه ( *!-طَائِيٌّ ) على غيرِ قِياسٍ ، كما قيل في النَّسبِ إِلى الحِيَرةِ حارِيٌّ
____________________

(1/330)


( والقِياسُ ) طَيِّئيٌّ ( كَطَيِّعِيَ ، حذَفُوا الياءَ الثَّانِيةَ فبقِيَ طَيْئيٌّ فقَلَبُوا الياءَ السَّاكِنَةَ ) وهي الياءُ الأُولى ( أَلِفاً ) على غير قياس ، فإِن القياس أَن لا تُقْلَب السَّواكِنُ ، لأَن القلْبَ للتخفيف ، وهو مع السكون حاصِلٌ ، قاله شيخنا ( وَوَهِمَ الجوهريُّ ) فقدَّم القلب على الحَذْف ، وكذلك الصاغاني ، وأَنت خبيرٌ بأَن مثل هذا وأَمثال ذلك لا يكون سَبَباً للتوْهِيم ، وقد يُخفّفُ طَيِّيءٌ هذا فيقال فيه : *!-طَيٌّ ، بحذف الهمزة كَحَيَ ، وإِنه عربيٌّ صحيح ، وقد استعملها الشعراءُ المُوَلَّدون كثيراً ، وهو مصروفٌ . وفي ( لسان العرب ) : فأَمّا قولُ ابنِ أَصْرَمَ :
عَاداتُ طَيَ فِي بَنِي أَسَدِ
رِيُّ القَنَا وخِضَابُ كُلِّ حُسَامِ
إِنما أَراد عادات طَيِّيءٍ فحذَفَ ، ورواه بعضُهم طَيِّيءَ فجعله غير مصروفِ . وطَيّ بن إِسماعيل بن الحسن بن قَحْطَبة بن خَالِد بن مَعْدَان الطائيّ ، حدَّث عن عبد الرحمان بن صالح الأَزدي ، وعنه أَبو القاسم الطَّبَراني ، ونُسب إِلى هذه القبيلةِ جماعةٌ كثيرةٌ من الأَجواد والفُرْسَان والشُّعراء والمُحدِّثين .
( و ) *!الطَّاءَةُ ( : الحَمْأَةُ ، *!كالطَّآةِ ) مثل القَنَاة ، كأَنه مقلُوبٌ ، حكاه كُراع .
( وطَاءَ ) زيدٌ ( في الأَرض*! يَطَاءُ ) كخَافَ يخَافُ ( : ذَهَبَ أَوْ أَبْعَد فِي ذَهابِهِ ) . كان المناسب ذكره عند طَاءَ يَطُوءُ ، كقال يقول ، على مُقْتَضى صِناعته .
( و ) يقال ( : ما بِهَا ) أَي الدارِ ( *!-طُوئِيٌّ ) بالضمّ ، كذا هو مضبوط في النُّسخ ، لكن مقتضى اصطلاحه الفَتْحُ ( : أَحَدٌ ) .
(*! وتَطَاءَت الأَسعارُ : غَلَتْ ) .
2 ( فصل الظاء ) المعجمة مع الهمزة ) 2
ظأظأ : (*! ظَأْظَأَ التَّيْسُ*! ظَأْظَأَةً ) كدَحْرَجةٍ . عليه اقتصر في ( لسان العرب ) (*! وظَأْظَاءً )
____________________

(1/331)


بالمدِّ لأَنه جائزٌ في المُضاعف كالوَسْوَاس ونحوه ، بخلافه في غيره فإِنه ممنوع ، وخَزْعَالٌ شاذٌّ أَو ممنوع ، قاله شيخُنا ( : نَبَّ ) أَيَ صَاحَ ، حكاه أَبو عمرو .
( و ) ظَأْظَأَ ( الأَهتَمُ ) الثَّنَايا ( والأَعْلَمُ ) الشَّفَةِ أَي ( تَكَلَّما بِكَلامٍ لا يُفْهَمُ ، وفيه ) أَي الكلامِ ( غُنَّةٌ ) بالضمِّ .
ظبأ : (*! الظَّبْأَةُ ) هي ( الضَّبُعُ ) بفتح فضم ( العرْجاءُ ) صفة كاشِفَةٌ ، وهو حيوان معروف .
ظرأ : ( *!الظَّرْءُ ) هو ( الماءُ المُتَجمِّدُ ) على صيغة اسمِ الفاعل من التَّفَعُّل ، وفي بعضها المُنْجَمِد ، أَي من البَرْد ( و ) هو أَيضاً ( التُّرابُ اليابِسُ بِالبَرْدِ ) وقد *!ظَرَأَ الماءُ والترابُ .
ظمأ : (*! ظَمِىءَ ، كفرِح ) *!يَظْمَأُ (*! ظَمْأً ) بفتح فسكون (*! وظَمَأً ) محرّكة (*! وظَماءً ) بالمد وبه قُرِيءَ قوله تعالى { لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ } ( التوبة : 120 ) وهو قراءَة ابن عُمَيْر ( *!وظَماءَةً ) بزيادة الهاء ، وفي نسخة*! ظَمْأَة كرحْمَة وعليها شَرحُ شيخِنا ( فهو*! ظَمِىءٌ ) كَكتِف (*! وظمْآنُ ) كسكْرانَ ،*! وظَامٍ كَرامٍ ( وهي ) أَي الأُنثى بها (*! ظَمْآنَةٌ ) كذا في النُّسخ الموجوة بين أَيدينا ، والذي في ( لسان العرب ) والأَساس والأُنثى : *!ظَمْأَى كَسَكْرَى ، قال شيخنا :*! وظَمِئَة كفَرِحة ، زاده ابنُ مالكٍ وهي متروكةٌ عند الأَكثر ( ج ) أَي لكلَ من المذكر والمؤنث (*! ظِماءٌ ) كَرِجال ، يقال *!ظَمِئْتُ *!أَظْمَأُ *!ظَمَأً محركة ، فأنا *!ظام وقوم *!ظِماءٌ
( ويُضَمُّ ) فيقال :*! ظُمَاءٌ ، وهو ( نَادِرٌ ) قليلٌ لأَن صِيغته قَليلة في الجُموع ، وورد منها نَحْوُ عشْرةِ أَلفاظِ ،
____________________

(1/332)


وأَكثرُ ما يُعبِّرون عنها بباب رُخَال حُكِي ذلك ( عن اللِّحيانيِّ ) ونَقله عنه ابنُ سِيده في المُخَصّصِ ( : عَطِشَ أَو ) هو أَي*! الظَّمَأُ ( : أَشَدُّ العَطَشِ ) نقله الزجّاج وقيل : هو أَخفُّه وأَيْسَرُه ،*! والظَّمآنُ : العَطْشان ، وفي التنزيل { لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ } ( التوبة : 15 ) وقوم ظِمَاءٌ وهُنَّ ظِمَاءٌ : عِطَاشٌ ، قال الكُميت :
إِلَيْكُمْ ذَوِي آلِ النَّبِيِّ تَطَلَّعَتْ
نَوَازِعُ مِنْ قَلْبِي ظِمَاءٌ وَأَلْبُبُ
استعار الظِّمَأَ للنَّوازِع وإِن لم تكن أَشْخَاصاً ، قال ابنُ شُمَيْل : فأَمَّا الطَّمأُ مَقصوراً مصدر ظَمِيءَ يَظْمَأُ فهو مهموزٌ مقصور ، ومن العرب من يَمُدُّ فيقول الظَّمَاءُ ، ومن أَمثالهم ( الظَّمَاءُ الفَادِحُ خَيْرٌ من الرِّيِّ الفَاضِح ) .
( و ) ظَمِيءَ ( إِليه ) أَي إِلى لقائه ( : اشْتَاقَ ) وأَصله من مَعنى العَطش ، وفي الأَساس : ومن المجاز : أَنَا ظَمْآن إِلى لِقَائك ) أَي مُشتاقٌ ، ونبَّه عليه الراغِبُ وهو مُستعمَلٌ في كلامهم كثيراً ، قال شيخنا : والمُصَنِّفُ كثيراً ما يَستعمل المَجازاتِ الغيرِ المَعْرُوفَةِ للعرب ولا بُدَّ أَن أَغفل التنبيه على مثل هذا ، قلت : وهو كذلك ولكن ما رأَيناه نَبَّه إِلاَّ على الأَقَلِّ من القليل ، كما ستقف عليه ، ( والاسْمٌ منهما ) أَي من المَعنيين بناءً على أَنهما الأَصلُ ، وأَنت خبيرٌ بأَن المعنى الثاني راجعٌ إِلى الأَول ، فكان الأَوْلَى إِسقاطُ ( منهما ) كما فعله الجوهريُّ وغيرُه ، نبَّه عليه شيخُنا ( *!الظِّمْءُ ، بالكسر و ) يقال ( رَجُلٌ *!مِظْمَاءُ ) أَي ( مِعْطَاشٌ ) وزْناً ومَعْنى . ( و ) *!المَظْمَأُ ( كمَقْعَدٍ : مَوْضِعُ ) *!الظَّمَإِ ، أَي ( العَطَشِ من الأَرْضِ ) قال أَبو حزامٍ العُكليُّ :
وَخَرْقٍ مَهَارِقَ ذِي لَهْلَهٍ
أَجَدَّ الأُوَامَ بِهِ مَظْمَؤُهْ
(*! والظِّمْءُ ، بالكسر ) ، لمَّا فَصَلَ بين الكلامَيْن احتاج أَن يُعيد الضَّبْطَ ، وإِلا فهو كالتكرار المخالِف لاصطلاحه ( : ما بَيْنَ الشَّرْبَتَيْنِ والوِرْدَيْنِ ) وفي نسخ
____________________

(1/333)


الأَساس : ما بين السَّقْيَتَيْنِ ، بدل الشَّرْبَتَيْنِ ، وزاد الجوهريُّ : في وِرْدِ الإِبل ، وهو حَبْسُ الإِبل عن الماء إِلى غاية الوِرْدِ ، والجمع *!أَظْمَاءٌ ، ومثله في ( العُباب ) ، قال غَيْلاَن الرَّبَعِيُّ :
هَقْفاً عَلَى الحَيِّ قَصِير*! الأَظْمَاء
( و ) ظِمْءُ الحَيَاةِ ( : ما بَيْنَ سُقُوطِ الوَلَدِ إِلى حِينِ ) وقْت ( مَوْتِه ، و ) قولهم في المَثل ( ما بَقِيَ منه ) أَي عُمْرِه أَو مُدَّتِه ( إِلاَّ ) قدر ( ظِمْءِ الحِمَار ، أَي ) لم يَبْقَ من عُمره أَو من مُدَّته غيرُ شيءٍ ( يَسِير ، لأَنه ) يقال : ( ليس شَيْءٌ ) من الدَّوَابِّ ( أَقْصَرَ ظِمْأً منه ) أَي من الحمار ، وهو أَقلُّ الدوابِّ صَبْراً عن العطش ، يَردُ الماءَ كلَّ يَوْمٍ في الصيف مرَّتَيْنِ ، وفي حديث بعضهم : حِينَ لمْ يَبْقَ مِنْ عُمْرِي إِلاَّ ظِمْءُ حِمَار . أَي شَيْءٌ يَسِيرٌ .
وأَقصَرُ الأَظماءِ الغِبُّ ، وذلك أَن تَردَ الإِبل يوماً وتَصْدُر فَتكون في المَرْعَى يوماً وتَرِد اليومَ الثالثَ ، وما بينَ شَرْبَتَيْهَا ظِمْءٌ طال أَو قَصُر ، وفي الأَساس : وكان ظِمْءُ هذه الإِبل رِبْعاً فَزِدْنَا في ظِمْئِها وتَمَّ ظِمْؤُه والخِمْسُ شَرُّ الأَظماءِ ، وفي كتب الأَمثال : قالوا : هو أَقْصَرُ مِنْ غِبِّ الحِمار ، وأَقْصَرُ من ظِمْءِ الحِمَار . وعن أَبي عُبيد : هذا المَثلُ يُرْوَى عن مَرْوَان بن الحَكَم ، قاله شيخُنا ، ولمُلاّ عَليّ قَارِي ، في ظِمْءِ الحياةِ ، دَعْوَى يقضي منها العَجَبُ ، والله المستعان .
( و ) قال ابنُ شَمُيْلٍ : (*! ظَمَاءَةُ الرَّجُلِ ) على فَعَالَةٍ ( كَسَحَابةٍ : سُوءُ خُلُقِه ولُؤْمُ ضَرِيبَتهِ ) أَي طبيعته ( وَقِلَّةُ إِنْصَافِه لمُخَالِطِيه ) أَي مُشارِكيه ، وفي نسخة لِمُخَالِطه ، بالإِفراد ، والأَصلُ في ذلك أَن الشَّرِيب إِذا ساءَ خُلُقُه لم يُنْصِفْ شُرَكاءَهُ . وفي ( التهذيب ) : رجل*! ظَمْآنُ وامرأَةٌ*! ظَمْأَى ، لا ينصرفان نكرَةً ولا مَعْرِفة ، انتهى . ووجهٌ ظَمْآنُ : قليل اللحْمِ ، لَزِقَ جِلْدُه بعظمه وقلَّ ماؤُه ، وهو خِلافُ الرَّيَّانِ ، قال المُخَبَّل :
وَتُرِيكَ وَجْهاً كالصَّحِيفَة لاَ
ظَمآنَ مُخْتَلَجٍ ولاَ جَهْمِ

____________________

(1/334)


وفي ( الأَساس ) : ومن المجاز : وَجْهٌ ظَآنُ : مَعْرُوقٌ ، وهو مدح ، وضِدُّه وجْهٌ رَيَّانُ ، وهو مَذموم ( و ) عن الأَصمعي ( : رِيحٌ *!ظَمْأَى ) إِذا كانت ( حَارَّة عَطْشَى ) ليس فيها نَدى أَي ( غَيْر لَيِّنَة ) الهُبوب ، قال ذو الرُّمَّة يصف السَّراب :
يَجْرِي وَيَرْتَدُّ أَحْيَاناً وَتَطْرُدُهُ
نَكْبَاءُ ظَمْأَى مِنَ القَيْظيَّة الهُوج
( و ) في حديث مُعاذٍ : وإِنْ كَانَ نَشحرُ أَرْضٍ يُسْلِمُ عَلَيْهَا صَاحِبُها فإِنَّه يُخْرَجُ مِنها ما أُعْطِيَ نَشْرُها رُبعَ المَسْقَوِيِّ وعُشْرَ *!المَظْمَئيِّ ( المَظْمَئِيُّ : الذي تَسْقِيه السماءُ ) وهو ( ضِدُّ المَسْقَويِّ ) الذي يُسْقَى سَيْحاً ، وهما منسوبانِ إِلى *!المَظْمَإِ والمُسْقَى ، مصدر : ظَمِيءَ وسَقَى ، قال ابن الأَثير : ترك همزه يعني في الرِّواية وعزاه لأَبي موسى ، وذكره الجوهريّ في المعتلّ ، وسيأْتي .
( *!وأَظْمَأَه *!وظَمَّأَه ) أَي ( عَطَّشه ) .
وفي ( الأَساس ) : وما زِلْت *!أَتَظَمَّأُ اليَوْمَ وَأَتَلَوَّحُ أَي أَتصبَّر على العطشِ .
( و ) يقال : *!أَظْمأَ ( الفَرَسَ )*! إِظْمَاءً *!وظُمْيء *!تَظْمِئَةً إِذا ( ضَمَّرَه ) قال أَبو النَّجْم يصف فرساً :
نَطْوِيهِ والطَّيُّ الرَّفِيقُ يَجْدِلُهْ
*!نُظَمِّىءُ الشَّحْمَ وَلَسْنَا نُهْزِلُهْ
أَي نَعْتصِر ماءَ بَدَنهِ بالتَّعْرِيق حتى يَذْهَب رَهَلُه ويَكْتَنِزَ لحُمُه . وفي ( الأَساس ) : من المجاز : فَرَسٌ *!مُظَمَّأٌ أَي مُضَمَّرٌ ، ورمح أَظْمأُ : أَسْمَر ، وظَبْيٌ أَظمأُ : أَسودُ ، وبَعِير أَظمأُ وإِبل *!ظمْؤٌ : سُود انتهى ، وعين*! ظَمْأَى : رَقيقة الجَفْن وساق ظَمْأَى : مُعْتَرِقَة اللحْمِ
____________________

(1/335)


( و ) في ( الصحاح ) و ( العباب ) ويقال للفرس ( إِنَّ فُصُوصَه *!لَظِمَاءٌ ) كَكِتاب أَي ( لَيْسَتْ بِرَهِلَةٍ ) مُسْتَرْخِيَة ( لَحِيمةٍ ) كَنِيزة اللحم وفي بعض النسخ مُرَهَّلَة كمُعَظَّمة ، وفي ( الأَساس ) : ومفَاصِلُ ظِمَاءٌ ، أَي صِلاب لا رَهَلَ فيها ، من باب المجاز ، والعجب من المؤَلف كيف لم يَردَّ على الجوهريّ في هذا القول على عادته ، وقد ردّ عليه الإِمام أَبو محمد بن بَرّيّ رحمه الله تعالى وقال : ظِمَاء هاهنا من باب المعتلِّ اللام ، وليس من المهموز ، بدليل قولهم سَاقٌ *! ظَمْيَاءُ أَي قَلِيلة اللحم ، ولما قال أَبو الطَّيّب قَصيدَتَه التي منها :
فِي سَرْجِ *!ظَامِيَةِ الفُصُوصِ طِمِرَّةِ
يَأْبَى تَفَرُّدُها لها التَّمْثِيلاَ
كان يقول : إِنما قلتُ ظامِيَة بالياء من غير همز ، لأَني أَردت أَنها ليست بِرَهِلَةٍ كَثيرة اللحْمِ ، ومن هذا قولُهم رُمْحٌ أَظْمَى وشَفَةٌ ظَمْيَاءُ انتهى ، ولكن في ( التهذيب ) : ويقال للفرس إِذا كان مُعَرَّقَ الشَّوَي إِنه *!لأَظْمَى الشَّوَي وإِنَّ فُصُوصةَ *!لَظِمَاء إِذا لم يَكن فيها رَهَلٌ وكانت مُتَوَتِّرةً ، ويحمد ذلك فيها ، والأَصل فيها الهمز ، ومنه قولُ الرّاجزِ يَصِفُ فَرساً ، أَنشده ابنُ السِّكّيت :
يُنْجِيه مِنْ مِثْلِ حَمَامِ الأَغْلاَلْ
وَقْعُ يَدٍ عَجْلَي وَرِجْلٍ شِمْلاَلْ
ظَمْأَى النَّسَا مِنْ تَحْتُ رَيَّا مِنْ عَالْ
أَي مُمْتَلِئة اللحْمِ ، انتهى .
*! وظامىءُ : اسم سيف عَنترة بن شَدَّاد .
والتركيب يدلُّ على ذبول وقِلَّةِ ماءٍ .
ظوأ وظيأ : ( *!الظَّوْأَة ) هو ( الرجُلُ الأَحمَقُ ،*! كالظَّاءَةِ ) عن ابن الأَعرابيّ .
____________________

(1/336)



( و ) يقال (*! ظَيَّأَه *!تَظْيِيئاً ) إِذا ( غَمَّه ) وحَنَّقه ، عن ابن الأَعرابيّ أَيضاً ، وقد فرَّق بينهما الصاغانيُّ فذكر*! الظَّوأَةَ في *! ظوأَ *!وظَيَّأَه في*! ظَيَأَ .
2 ( فصل العين ) المهملة مع الهمزة ) 2
عبأ : (*! العِبْءُ بالكسر : الحِمْلُ ) من المتاع وغيرِه ، وهُما *!عِبْآنِ ( والثِّقْلُ من أَيّ شيء كانَ ) والجمع *! الأَعْبَاءُ وهي الأَحمال والأَثقال ، وأَنشد لزُهَيْرٍ :
الحَامِلُ العِبْءُ الثَّقِيلَ عَنِ الْ
جَانِي بِغَيْرِ يَدٍ وَلاَ شُكْرِ
ويروى : لِغَيْرِ يَد ولا شُكْرِ ، وقال الليث : العِبْءُ : كلُّ حِمْلٍ من غُرْمٍ أَو حَمَالَةِ ( و ) العِبْءُ أَيضاً : ( العِدْلُ ) وهما عِبْآنِ ، *!والأَعْبَاء : الأَعْدَالُ ( والمِثْلُ ) والنَّظِيرُ ، يقال : هذا *!عِبْءُ هذا أَي مِثْله ( ويُفْتَح ) أَي في الأَخير كالعِدْل والعَدْلِ ، والجمعُ من كلِّ ذلك أَعْباء .
( و ) قال ابن الأَعرابي :*! العَبْءُ ( بالفَتْحِ : ضِيَاءُ الشمْسِ ) وعن ابن الأَعربي : *!عَبَأَ وجْهُه *! يَعْبَأُ إِذا أَضاءَ وجْهُه وأَشْرَقَ ، قال :*! والعَبْوَةُ : ضَوْءُ الشمس : جمعه*! عِبَاء ( ويقال ) فيه ( *!عَبٌ ) مقصوراً ( كَدَمٍ ) ويَدٍ ، وبه سُمِّيَ الرجلُ ، قاله الجوهريّ ، قال ابنُ الأَعرابي : لا يُدْرَى أَهوَ أَي المهموز لغةٌ في عَبِ الشَّمْسِ أَي المقصور أَم هو أَصله ، قال الأَزهري : وروى الرِّياشي وأَبو حاتم معاً قالا : أَجمَعَ أَصحابُنَا على عَبِ الشمسِ أَنه ضَوْؤُها ، وأَنشدا في التخفيف :
إِذَا مَا رَأَتْ شَمْساً عَبُ الشَّمْسِ شَمَّرَتْ
إِلى مِثْلِها والجُرْهُمِيُّ عَمِيدُهَا
قالا : نَسبه إِلى عَبِ الشَّمْسِ وهو ضَوْؤُها ، قالا : وأَما عَبْدُ شَمْس من
____________________

(1/337)


قُريشٍ فغيرُ هذا ، قال أَبو زيد : يقال : هم عَبُ الشَّمْسِ ورأَيتُ عَبَ الشَّمْسِ ومررتُ بِعَبِ الشَّمْسِ يريدون ، عَبْدَ شمسٍ . قال : وأَكثر كلامِهم رأَيْتُ عَبْدَ شَمْسٍ ، وأَنشدَ اليتَ السابقَ ، قال : وعَبُ الشَّمْسِ : ضَوْؤُها ، يقال : ما أَحْسَنَ عَبَهَا أَي ضَوْءَهَا ، يقال : ما أَحْسَنَ عَبَهَا أَي ضَوْءَها ، قال : وهذا قولُ بعضِ الناس ، والقولُ عندي ما قاله أَبو زيدٍ أَنه في الأَصل عَبْدُ شمسٍ ، ومثله قولُهم : هذا بَلْخَبِيثَةِ ورأَيت بلْخَبِيثَةِ ومررت بِبَلْخَبِيثَةِ ، وحكي عن يُونُسَ بَلْمُهَلَّبِ يريد بَني المُهَلَّب قال : ومنهم من يقول عَبُّ شَمْسِ بتشديد الباء ، يريد عَبْدَ شَمْس انتهى .
(*! وعَبَأَ المَتَاعَ ) جعلَ بعْضَه على بعض ، وقيل :*! عَبَأَ المَتَاع ( والأَمْرَ كَمَنَعَ ) *!يَعْبَؤُه عَبْاً *!وَعَبَّأَه بالتشديد*! تَعْبِئَة فيهما ( : هَيَّأَه ، و ) كذلك عَبَأَ الخيلَ و ( الجَيْشَ ) إِذا ( جَهَّزَه ) وكان يونس لا يهمز تَعْبِيَة الجيش (*! كَعَبَّأَه تَعْبِئَةً ) أَي في كلَ من المتاعِ والأَمرِ والجيشِ كما أَشرنا إِليه ، قاله الأَزهري ، ويقال : *!عَبَّأْتُ المتاع تَعْبِئَةً ، قال : وكلٌّ من كلام العرب ، وعَبَّأْت الخيلَ تَعْبِئَةً ( *!وتَعْبِيئاً ، فيهما ) ، أَي في المتاع والأَمر لما عرفت ، وفي حديث عبد الرحمان بن عوف قال : *!عَبَأَنَا النبيُّ صلى الله عليه وسلمبِبَدْرٍ ليلاً . يقال : *!عَبَأْتُ الجَيْشَ عَبْأً ، *!وَعَبَّأْتُهم تَعْبِئَةً ، وقد يُتْرَك الهمزُ فيقال عَبَّيْتُهم تَعْبِيةً أَي رتَّبْتُهم في مواضعهم ، وَهيَّأْتُهم للحرب ، وَعَبَأْتُ له شَرًّا ، أَي هَيْأْتُه ، وقال ابنُ بُزُرْجَ : احْتَوَيْتُ ما عنده ، وامْتَخَرْتُه ، واعْتَبَأْتُه ، وازْدَلَعْتُه . ( وأَخذْته ، واحدٌ ) ( و ) عَبَأَ ( الطِّيبَ ) والأَمْرَ يَعْبَؤُه عَبْأٌ : ( صَنَعَه وخَلَطَه ) عن أَبي زيدٍ ، قال أَبو زُبَيْدٍ يصف أَسداً :
كأَن بِنَحْرِه وَبِمَنْكِبَيْهِ
عَبِيراً بَاتَ يَعْبَؤُهُ عَرُوسُ
ويروى : بات تَخْبَؤُه .
*!وعَبَّيْتُه *!وَعَبَّأْتُه تَعْبِئَةً وَتَعْبِيئًا .
( *!والعَبَاءُ ) كسحاب ( : كِسَاءٌ م ) أَي
____________________

(1/338)


معروف وهو ضَرْبٌ من الأَكْسِيَة ، كذا في ( لسان العرب ) ، زاد الجوهري : فيه خُطوط ، وقيل هو الجُبَّةُ الصُّوف ( *!كالعَبَاءَةِ ) قال الصرفيون : همزته عن ياء ، وإِنه يقال : *!عَبَاءَة *!وَعَبَايَة ، ولذلك ذكره الجوهريُّ والزُّبَيْدُّي في المعتل ، قاله شيخُنا .
( و )*! العَبَاءُ : الرجل ( الثَّقِيلُ الأَحْمَقُ الوَخِمُ ) كَعَبَامٍ ( ج أَعْبِئَةٌ ) .
( *!والمِعْبَأَةُ كَمِكْنَسَةٍ ) هي ( خِرْقَةُ الحَائِضِ ) ، عن ابن الأَعرابيّ ، وقد *! اعْتَبَأَتِ المرأَةُ *!بالمِعْبَأَةِ .
( و ) *!المَعْبَأُ كَمَقْعَدِ ( هو المَذْهَبُ ) ، مشتق من *! عَبَأْتُ له إِذا رَأَيْته فذَهَبْت إِليه ، قال أَبو حِزامٍ العُكْلِيُّ :
وَلاَ الظِّنْءُ مِنْ وَبَئي مُقْرِيءٌ
وَلاَ أَنَا مِنْ *!-مَعْبِئي مَزْنَؤُهْ
( وما *! أَعْبَأُ بِهِ ) أَلا الأَمرِ ( : ما أَصْنَعُ ) قاله الأَزهري ، وقوله تعالى { قُلْ مَا *! يَعْبَأ بِكُمْ رَبّى لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ } ( الفرقان : 77 ) روى ابنُ نُجَيْح عن مُجاهدٍ ، أَي ما يَفْعَلُ بِكم ، وقال أَبو إِسحاق تأْويله أَيُّ وَزْنٍ لكم عِنحده لولا تَوحْيدُكم ، كما تقول ما عَبَأْتُ بفلان ، أَي ما كان له عندي وزن ولا قَدْر ، قال : وأَصل العِبْءِ الثِّقْل ، وقال شَمِرٌ : قال أَبو عبد الرحمان : ما عَبَأْتُ به شَيْئاً ، أَي لم أَعُدَّه شَيْئاً ، وقال أَبو عَدْنَان عن رجلمن باهلة : قال : ما يَعْبَأُ الله بفلان إِذا كان فاجراً مائِقاً ، وإِذا قيل قد عَبَأَ اللَّهُ به فهو رَجُلُ صِدْقٍ وقد قَبِلَ اللَّه منه كلَّ شيءٍ ، قال : وأَقول : ما عَبَأْتُ بفُلان أَي لم أَقبل شيئاً منه ولا من حَدِيثه ( و ) ما أَعْبَأُ ( بِفُلاَنِ ) عَبْأً ، أَي ( ما أُبَالِي ) قال الأَزهري : وما عَبَأْتُ له شيئاً ، أَي لم أُباله ، قال : وأَما عَبَأَ فهو مهموز لا أَعرف في مَعْتَلاَّتِ ( العين ) حرفاً مهموزاً غيره .
(*! والاعْتِبَاءُ ) هو ( الاحْتِشَاءُ ) وقد تقدّم في ح ش أَ .
عدأ : (*! العِنْدَأْوَةُ كَفِنْعَلْوَة ) فالنون والواو
____________________

(1/339)


والهاءُ زوائد ، قال بعضهم : هو من العَدْو ، فالنون والهمزة زائدتان ، وقال بعضهم : هو فِعْلَلْوَة ، والأَصل قد أُمِيتَ فِعْلُه ، ولكن أَصحابَ النَّحْوِ يتكلَّفون ذلك باشتقاق الأَمثلة من الأَفاعيل ، وليس في جميع كلام العرب شيءٌ يدخل فيه الهمزةُ والعينُ في أَصل بِنَائه إِلاَّ *!عِنْدَأْوَة ، وإِمَّعَه ، وعَبَأَ ، وعَفَأَ ، وعَمَأَ ، فأَما عَظَاءَة فهي لغةٌ في عَظَايَة ، وإِعَاء لُغة في وِعَاء ، كذا في ( لسان العرب ) ، فلا يقال : مثلُ هذا لا يُعَدُّ زِيادةً إِلاَّ على جهة التنبيه ، كما زعمه شيخنا : ( العَسَرُ ) محركة ( و ) هو ( الالْتِوَاءُ ) يكون في الرِّجل ( و ) قال بعضهم : هو ( الخَدِيعَة ) ، ولم يهمزه بعضُهم ( والجَفْوَة ، والمُقْدِمُ الجَرِيءُ ) يقال ناقة عِنْدَأْوَةٌ وقِنْدَأْوَة وسِنْدَأْوة أَي جَرِيئة ، حكاه شَمِرٌ عن ابن الأَعرابيّ (*! كالعِنْدَأْوِ ) بغير هاء . ( والمَكْرُ ) ، لا يخفى أَنه لو ذكره مع الخديعة كان أَولى ، لأَنهما من قولٍ واحدٍ .
( و ) قال اللِّحيانيُّ : *!العِنْدَأْوَةُ ( : أَدْهَى الدَّوَاهِي ، و ) في المثل إِنَّ ( تَحْتَ طِرِّيقَتِكَ ) كَسِكِّينَة ، اسمٌ من الإِطراق وهو السُّكون والضَّعف واللين ( *!لَعِنْدَأْوَة ، أَي تحت إِطْرَاقِكَ وسُكُوتِك ) وفي نسخة سُكُونك بالنون ( مَكْرٌ ) أَي خِلاَفٌ وَتَعسُّفٌ كما فَسَّر به ابنُ منظور ، أَو عُسْرٌ وشَرَاسَةٌ ، كما فَسَّره الزمخشريّ يقال هذا للمُطْرِق الدَّاهِي السِّكِّيت والمُطَاوِل لِيأْتِيَ بِداهيةٍ ويَشُدُّ شَدَّةَ لَيْث غيرَ مُتَّقٍ ، وستأْتي الإِشارة إِليه في عند .
2 ( فصل الغين ) المعجمة مع الهمزة ) 2
غأغأ : (*! الغَأْغَاءُ ) كسَلْسَال ( : صَوْتُ الغَوَاهِقِ ) جِنْس من الغِرْبان ( الجَبَلِيَّةِ ) لسُكْنَاها بها . *!وغَأْغَأَ *!غَأْغَأَةً كدَحْرج دَحْرَجَةً .
غبأ : ( *!غَبَأَ ) *!يَغْبَأَ *!غَبْأً ( و ) غَبَأَ ( إِليه
____________________

(1/340)


كَمَنَعَ ) إِذا ( قَصَد ) له ، ولم يعرفها الرياشيُّ بالغين معجمةً ، كذا في ( لسان العرب ) .
غرقأ : (*! الغِرْقِىءُ ، كَزِبْرِجٍ : القِشْرَةُ المُلْتَزِقَة بِبَياضِ البَيْضِ ) وقال غيره : قِشْرُ البَيْض الذي تحت القَيْضِ ، والقَيْضُ : ما تَفَلَّق من قُشورِ البَيْضِ الأَعلى ، قال الفرَّاءُ : همزته زائدة ، لأَنه من الغَرَق ، وكذلك الهمزة في الكِرْفِئَة والطِّهْلِئَة زائدتانِ ، وقد نبَّه عليه الجوهريُّ ، فلم يَرِدْ عليه شيءُ مما قاله المصنف في غ ر ق ، ( أَو البَياضُ الذي يُؤْكَلُ ) وهو قولٌ ضعيف ، ( و ) يقال من ذلك ( *!غَرْقَأَتِ البَيْضَةُ ) أَي ( خَرَجَتْ وَعَلَيْهَا قِشْرُها الرَّقِيقُ ، و ) كذا غَرْقَأَتِ ( الدَّجَاجَةُ ) إِذا ( فَعَلَتْ ذلك بِبَيْضِهَا ) وسيأْتي في غرق مزيد لذلك إِن شاءَ الله تعالى .
2 ( فصل الفاء ) مع الهمزة ) 2
فأفأ : (*! الفَأْفَأُ ، كَفَدْفَدٍ ) عن اللحياني ( و ) الفَأْفَاءُ مثل ( بَلْبَالٍ ) يقال : رجل *!فَأْفَاءٌ *!وَفَأْفَأُ يُمَدُّ ويُقْصَر ، وقد فَأْفَأَ ، وامرأَة *!فَأْفَأَةٌ ، كذا في ( لسان العرب ) ، فسقط بذلك ما قاله شيخُنا إِن المعروف هو المدّ ، وأَما القصرُ فلا يُعْرَف في الوصف إِلا في شعر على وجه الضرورة : هو الذي يُكْثِر تَردادَ الكلامِ إِذا تكلَّم أَو هو ( مُرَدِّدُ الفاءِ ومُكْثِرُه في كلامِه ) إِذا تكلّم ، وهو قول المُبردّ ( وفيه فَأْفَأَةٌ ) أَي حُبْسَة في اللّسان وَغَلَبَةُ الفاءِ على الكلام ، وقال الليث : الفَأْفَأَةُ في الكلام كأَن الفاءَ تَغلب على اللسان .
فبأ : ( *!الفَبْأَة ، المَطَرَةُ السريعةُ ) تأْتي ( ساعةً ثم ) تَنقشع و ( تَسْكُن ) كذا في ( العُباب ) .
فتأ : ( مَا *!فَتأَ ، مثلثة التاء ) أَي عين الفعل ، أَما الكسر والنصب فلغتان مشهورتان ، الأَول أَشهر من الثاني ، وأَما الضمُّ فلم يَثبت عند أَئمة اللغة والنحو ، وكأَنه نقله في بعض الدواوين اللغوية ، وهو مستبعد ، قاله شيخنا . قلت : والضم نقله الصاغاني عن الفرَّاء ، والعجب من شيخنا كيف استبعده وهو في ( العباب ) ،
____________________

(1/341)


تقول : مَا *!فَتِىءَ وما فَتَأَ *!يَفْتَأُ *!فَتْأً *!وفُتُوءًا ( : ما زال ) وما بَرِح ( كما *!أَفْتَأَ ) لغة بني تميم ، رواه عنهم أَبو زيد ، يقال : ما *!أَفْتَأْتُ أَذكره *!إِفتاءً ، وذلك إِذا كنتَ لا تزال تَذْكره ، لغةٌ في ذلك ( و ) في ( نوادر الأَعراب ) :
( *!فَتِىءَ عنه ) أَي الأَمرِ ( كسمعَ ) إِذا ( نَسِيَه وانْقَذَع عنه ) أَي تأَثر منه ، وفي بعض النسخ بالفاء والمهملة والمُعجمة ، أَي لانَ بعد يُبْس ، وما فتيءَ لا يستعمل إِلا في النفي أَو ما في معناه ( أَو خاصٌّ بالجَحْدِ ) أَي لا يُتَكَلَّم به إِلاَّ مع الجَحْد ، فإِن استعمل بغير ما ونحوها فهي مَنْوِيَّة ، على حسب ما يجيءُ عليه أَخوَاتُها ( و ) ربما حَذفت العربُ حرْفَ الجَحْدِ من هذه الأَلفاظ وهو مَنْوِيٌّ ، وهو كقوله تعالى { قَالُواْ تَالله *!تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ } ( يوسف : 85 ) ( أَي ما تَفْتَا ) كذا في سائر النسخ ، والصواب : لا تَفتأُ ، كما قدَّره جَميعُ النحاةِ والمُفسِّرِين ، ولا اعتبارَ بما قَدَّرَه المُصَنِّف وإِن تَبِع فيه كثيراً من اللغويين ، لأَنه غَفْلَةٌ ، قاله شيخُنا . وقال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ :
أَنَدَّ مِنْ قَارِبٍ دَرْجٍ قَوَائِمُهُ
صُمَ حَوَافِرُه ما تَفْتَأُ الدَّلَجَا
أَراد : ما تَفْتَأُ من الدَّلَج .
( و ) فَتَأَ ( كمَنَع ) تكون تامَّةً بمعنى سَكَن ، وقيل ( كَسَر وأَطْفَأَ ) وهذه ( عن ) إِمام النحو أَبي عبد الله محمد ( بن مالك ) ذكره ( في كِتابه جمع اللغاتِ المُشْكِلة ، وعزاه ) أَي نَسَبه ( للفرَّاء ، وهو صحيح ) أَوْرَدَه ابنُ القُوطِيَّة وابنُ القطَّاع ، قال الفرَّاءُ :*! فَتَأْتُه عن الأَمرِ : سَكَّنْتُه ، *!وفَتَأْتُ النَّارَ أَطفأْتُها ( وغِلط ) الإِمام أَثير الدين ( أَبو حَيَّان ) الأَندلسيُّ ( وغَيْرُه في تَغليطه ) إِياه حيث قال : إِنه وَهَمٌ وتصحيف عن فَثَأَ ، بالثاءَ المثلَّثة ، قالوا : وهذا من جُمْلة تَحامُلات أَبي
____________________

(1/342)


حيَّانَ المُنْبِئَة على قُصوره ، قاله شيخنا .
فثأ : (*! فَثَأَ ) الرجلُ ( الغَضَبَ كمَنَع ) *!يَفْثَؤُه *!فَثْأً ( : سَكَّنَه ) بِقَوحلٍ أَو غيرِه ( وكَسَره ) . وفي ( الأَساس ) : ومن المجاز *!فَثَأْتُ غَضَبَه وكان زيدٌ مغتاظاً عليك *!فَفَثَأْتُه ( عنك ) ومن أَمثالهم ، أَي في اليسير من البِرِّ ( إِن الرَّثِيئَةَ *!تَفْثَأُ الغَضَب ) انتهى وقد تقدم معنى المثل في رث أَو في حديث زِيادٍ : لهو أَحبُّ إِليَّ مِن رَثِيئَةٍ *!فُثِئَتْ بِسُلاَلة ، أَي خُلِطَتْ به وكُسِرَتْ حِدَّته ،*! وفَثِىءَ هو أَي كفرح : انكسر غَضَبُه ( و ) فَثَأَ ( القِدْرَ ) يَفْثَؤُه ( فَثْأً وفُثُؤًا ) المصدران عن اللحيانيّ : ( سَكَّن غَلَيانَها ) بماءٍ بارد أَو قَدْحٍ بالمِقْدَحة ، قال الجَعْدِيُّ رضي الله عنه :
تَفُورُ عَلَيْنَا قِدْرُهُمْ فَنُدِيمُها
*!ونَفْثَؤُهَا عَنَّا إِذَا حَمْيُهَا غَلاَ
بِطَعْنٍ كَتَشْهَاقِ الجِحَاشِ شَهِيقُهُ
وضَرْبٍ لَهُ مَا كَانَ مِنح سَاعِدٍ خَلاَ
وكذلك أَنشدهُ الجوهريُّ وابنُ القُوطِيَّة وابن القطّاع ، ونَسَبه في ( التهذيب ) إلى الكُمَيْتِ . وقِدْرُهم ، أَي حَرْبُهم .
وسَكَّن بالتضعيف ، وغَليَانَها منصوب على المفعولية ، وفي بعض النسخ بالتخفيف ، وغليانها مرفوع ، وهو غَلط ، وتقول : غَلَتْ بُرْمَتُكم*! فَفَثَأْتُها ، أَي سَكَّنْتُ غَلَيانَها . ومن المجاز : أَطْفَأَ فُلانٌ النَّائِرَة ، وفَثَأَ القُدُورَ الفَائِرَة ، كذا في ( الأَساس ) . ( و ) فَثَأَ ( الشْيءَ ) يَفْثَؤُهُ فَثْأً *!وفُثُوءًا ( سَكَّن ) بالتضعيف ( بَرْدَه بالتَّسْخِين ) *!وفَثَأْتُ الماءَ فَثْأً إِذَا ما سَخَّنْتَه ، عن أَبي زيد ، وكذلك كلّ ما سَخَّنْتَه ، عن أَبي زيد ، وكذلك كلّ ما سَخَّنْتَه وفَثَأَتِ الشمسُ الماءَ فُثُوءًا : كَسَرَتْ بَرْدَه ( و ) فَثأَ ( الشَّيْءَ عنه ) يَفْثَؤُهِ فَثْأً ( : كَفَّه ) ومَنعه . وفَثَأْتُ عَنِّي فُلاناً فَثْأً إِذا كَسَرْتَه
____________________

(1/343)


عنك بقولٍ أَو غيره ( و ) فَثَأَ ( اللَّبَنُ ) يَفْثَأُ فَثْأً إِذا ( أُغْلِيَ فَارتفَع له زَبَدٌ وتَقَطَّعَ ) من التَّغَيُّرِ فهو*! فاثِىءُ ، عن أَبي حاتم ، وجوَّزَ شيخُنا نَصْبَ اللبن .
( و ) عَدَا الرجلُ حتَّى ( أَفْتَأَ ) أَي ( أَعْيَا ) وانْبَهَرَ ( وفَتَرَ ) قال الخَنساءُ :
أَلاَ مَنْ لِعَيْنِي لاَ تَجِفُّ دُمُوعُها
إِذا قُلتُ *!أَفْثَتْ تَسْتَهِلُّ فَتَحْفِلُ
أَرادَتْ *!أَفْثَأَتْ ، فَخفَّفَت ( و ) أَفْثَأَ الحَرُّ : ( سَكَنَ ) وفَتَر ، وزعم شيخنا أَن فيه إِيجازاً بالغاً رُبَّما يُؤَدِّي إِلى التخْليطِ وهو على بادِيء النَّظر كذلك ، ولكن فَتَر مَعطوفٌ على أَعْيَا وسَكَنَ ، وما بعدَه ليس من معناه ، كما بَيَّنَا ، فلا يكون تخليطاً ، وأَما الإيجاز فمن عادته المَسْلوفَةِ لا يُؤَاخذُ في مِثلِه ( و ) أَفثَأَ بالمكان ( : أَقَامَ ) به ، يقال : قد نَوَيْتُم المَسيرَ حتى أَقمتُم عنه *!وأَفثَأْتُم ، وأَطبقَت السماءُ ثم أَفثأَتْ ( أَي أَجْهَتْ ) وما تَفْثأُ تَفعل ( كذا ) بمعنى التاء ، كل ذلك في ( الأَساس ) . ( وافثَئُوا للمريضِ ) أَي ( أَحْمَوْا ) له ( حِجارةً وَرشُّوا عليها الماءَ فأَكَبَّ عليها الوَجِعُ ) أَي المريض . ( لِيَعْرَقَ ) أَي يأْخذه العَرَق ، وهذا كان من عادتهم .
والتركيب يدلّ على تَسكين شيءٍ يَغْلِي ويَفورُ .
فجأ : (*! فَجَأَهُ ) الأَمرُ ( كسَمِعَه وَمَنَعَه ) والأَوَّل أَفصحُ ،*! يَفْجَؤُه ( فَجْأً ) بالفتح (*! وفُجَاءَةً ) بالضم ( : هَجَم عليه ) منِ غَيْرِ أَنْ يَشْعُرَ به ، وقيل : إِذا جاءَه بَغْتةً من غيرِ تَقَدُّمِ سَبَبٍ ، وكلُّ ما هَجَم عليك من أَمرٍ فقد فَجِئَكَ ( *!كَفَاجَأَه )*! يُفاجِئُه *!مُفاجأَةً (*! وافْتَجَأَه )*! افْتِجَاءً ، وعن ابنِ الأَعرابيِّ : *!أَفْجَأَ إِذَا صادَفَ صَديقَه على فَضِيحَةٍ . ( *!والفُجَاءَة ) بالضم والمدُّ ( : ما *!فَاجَأَكَ ) . ومَوْتُ الفُجَاءَةِ ، ما *!يَفْجَأُ الإِنسانَ من ذلك ، وورد في الحديث في غير موضعٍ ، وقَيَّده بعضُهم بفتح الفاء وسكون الجيم من غير مَدَ على المَرَّة .
____________________

(1/344)



ولَقِيتُه فُجَاءَةً ، وضعوه موضِعَ المصدرِ ، واستعمله ثعلبٌ بالأَلف واللام وَمكَّنَه فقال : إِذا قلتَ خرجُت فإِذا زَيْدٌ ، فهذا هو الفُجاءَة فلا يُدْرَى أَهو من كلام العرب أَم هو هو من كلامه ، كذا في ( لسان العرب ) .
( و )*! فُجَاءَةُ ( والِدُ ) أَبِي نَعَامة ( قَطَرِيَ ) مُحَرَّكَةً ( الشاعرِ ) المازنيّ التميميِّ رئيسِ الخوارِجِ ، سُلِّم عليه بالخلافة ثلاثَ عشرةَ سنةً وقُتِل سنة 179 .
( و ) عن الأَصمعي وابن الأَنباري : يقال (*! فَجِئَتِ الناقةُ كفَرِح ) إِذا ( عَظُمَ بَطْنُها ) والمصدر *!الفَجَأُ مهموزاً مقصوراً .
( و ) في ( الأَساس ) و ( العُباب ) : فَجَأَ ( كَمَنَع ) *!يَفْجَؤُها فَجْأً ( جَامَعَ ) وزاد في ( الأَساس ) :*! وفَاجَأَه أَي عاجَلَهُ .
(*! والمفاجِىءُ ) هو ( الأَسد ) ذكره الصاغاني في رِسالته التي ألفها في أَسماء الأَسد .
فدأ : ( *!الفِنْدَأْيَةُ بالكسر : الفَأْسُ ) وعليه فوَزْنُها فِنْعَلْيَة ، وأَصلها من فَدَأَ ، والمعروف أَنها فِعْلأْيَةٌ ، قال شيخنا ( ج فَنادِيدُ ، على غير قياسٍ ، و ) أَما ( الفِندَأْوَةُ ) بالواو فإِنه مَزِيد يذكر ( في ف ن د ) والمشهور عند أَئمة الصرف أَنهما مُتَّحِدان ، فليُعْلَم .
فرأ : ( *!الفَرَأُ ) مهموزاً مقصوراً ( كَجَبَل و ) *!الفَرَاءُ مثل ( سَحَابٍ ) قال الكوفيون : يُمَدُّ ويقصر ( : حِمارُ الوَحْشِ ) وقال ابن السِّكيت : الحمارُ الوحشيُّ ، وكذا في ( الصحاح ) و ( العُباب ) ( أَوفَتِيُّهُ ) ، والمشهور الإِطلاق ( ج *!أَفْرَاءٌ ) جمع قِلَّة (*! وفِرَاءٌ ) بالكسر ، جمع كَثْرة ، قال مالك بن زُغْبَةَ الباهِليُّ :
وضَرْبٍ كَآذَانِ *!الفِرَاءِ فُضُولُهُ
وَطَعْنٍ كَإِيزَاغِ المَخَاضِ تَبُورُهَا
الإِيزاغ : إِخراجُ البَوْلِ دُفْعةً بعد دُفْعةٍ . وتَبُورُها : تَخْتَبِرها . وحَضَر الأَصمعيُّ وأَبو عمرو الشيبانيُّ عند ابن السمراء فأَنشد الأَصمعيُّ :
____________________

(1/345)



بِضَرْبٍ كآذان الفِرَاء فُضُولُه
وطَعْنٍ كَتَشْهَاقِ العَفَا هَمَّ بِالنَّهْقِ
ثم ضرب بيده إِلى فَرْوٍ كان بِقُرْبه يُوهِم أَن الشاعر أَراد فَرْواً ، فقال أَبو عمرو : أَراد الفَرْوَ . فقال الأَصمعيُّ هَذا روَايتُكم .
( وأَمْرٌ *!- فَرِيءٌ كَفَرِيَ ) وقرأَ أَبو حَيْوَة { 1 . 024 لقد جئت شيئا *! فريئا } ( مريم : 27 ) ( و ) في المثل ( كلُّ الصَّيْدِ في جَوْفِ *!الفَرَا ) ضَبطه ابنُ الأَثير بالهمز ، وكذا شُرَّاح المَواهِب ، وقيل ( بغير هَمْزٍ ) وقد سقط من بعض النسخ ، وفي الحديث : أَن أَبا سفيانَ استأْذَنَ على النبيّ صلى الله عليه وسلم فحَجَبَه ثم أَذِنَ له فقال له : ما كِدْتَ تَأْذَنُ لِي حَتّى تأْذنَ لحجارة الجُلْهُمَتَيْنِ فقال ( يَا أَبَا سُفْيَانَ أَنْتَ كَمَا قَالَ القَائِلُ : كُلُّ الصَّيْدِ في جَوْفِ الفَرَا ) مقصور ، ويقال ( في جَوْفِ الفَرَاءِ ) ممدود ، وأَراد النبيُّ صلى الله عليه وسلمبما قاله لأَبي سُفيانَ تَأَلُّفَه على الإِسلام فقال : أَنت في الناس كحِمَارِ الوَحشِ في الصَّيْدِ . وقال أَبو العباس : معناه : إِذا حَجَبْتُك قَنِع كُلُّ مَحجُوبٍ ورَضِي ، لأَن كل صيدٍ أَقلُّ من الحمار الوحشيّ ، فكلُّ صَيْدٍ لِصِغره يدخل في جوف الحِمار ، وذلك أَنه حَجَبه وأَذِن لغيره ، فيُضْرَب هذ المثلُ للرجل تكون له حاجاتٌ ، منها واحدةٌ كبيرة ، فإِذا قُضِيَتح تلك الكبيرةُ لم يُبالِ أَنْ لا تُقْضَى باقي حاجته . انتهى . وأَما قولهم أَنْكَحْنَا الفَرَاء فَسَنَرى ، فإِنما هو على التخفيف البَدَلِيّ مُوَافَقَة لِسَنَرى ، ( لأَنه مَثَلٌ ، والأَمثالُ مَوضُوعَةٌ على الوَقْفِ ) فلما سكنت الهمزة أُبْدِلت أَلِفاً لانْفِتاحِ ما قبلها ، ومعناه : قد طَلَبْنَا عالِيَ الأُمورِ فسنَرَى أَمْرَنَا بَعْدُ . قال ذلك ثعلبٌ ، وقال الأَصمعيُّ : يُضْرب مَثلاً للرجل إِذا غُرِّرَ بِأَمْرٍ فلم يَرَ ما يُحِبُّ . أَي ضَيَّعْنا الحَزْمَ فآلَ بنا إِلى
____________________

(1/346)


عاقِبَةِ سُوءٍ ، وقيل معناه : إِنا قد نظرنا في الأَمر ، فسننظُرُ عمَّا يَنْكشِفُ ، ومعنى كلّ الصيدِ في جَوحفِ الفرا ( أَي كُلُّه دُونَه ) لا يَصِلُ إِلى مَرْتَبتِه ولا يَحْصُل به مثلُ ما بالفَرَا من كَثْرة اللحْم .
( وَفَرَأٌ مُحرَّكَةً : جزيرةٌ باليَمن ) من جزائر البَحْرِ ما بين عَدَن والسِّرَّيْنِ .
فسأ : (*! فَسَأَ الثَّوْبَ ، كجَمَعَ ) *!يَفْسَؤُه *!فَسْأً ( : شَقَّة ) وفي ( العُباب ) : مَدَّهُ حتى تَفَزَّر (*! كَفَسَّأَهُ ) تَفْسِئَةً (*! فَتَفَسَّأَ ) أَي تَشَقَّق ، *!وتَفسَّأَ الثوْبُ أَي تَقطَّعَ وَبِليَ ( و ) فَسَأَ ( فُلاَناً ) يَفْسَؤُه فَسْأً ( : ضَرَبَ ظَهْرَه بالعَصَا ) وعن أَبي زيد : يقال :*! فَسَأْتُه بالعَصَا إِذا ضَرَبْتَ به ظَهْرَه (*! كَتَفَسَّأَهُ ، و ) فَسَأَ فُلاناً ( عنه ) أَي ( مَنَعَه و ) قال ابنُ سِيده في ( المُحْكم ) : ( *!الأَفْسَأُ ) هو ( أَلأَبْزَخُ ) . بالباء الموحَّدة والزاي والخاء المُعجمتَيْن ( أَو الذي ) وفي ( لسان العرب ) : هو الذي ( خَرجَ صَدْرُه وَنَتَأَتْ ) ارتفعَتْ ( خَثْلَتُه ) بفتح الخاء المعجمة وسكون الثاء المثلثة وفتحهما معاً : ما بَيْنَ السُّرَّة والعَانَةِ والأُنثى من ذلك *!فَسْآءُ كَحَمْرَاءَ ( أَو ) *!الأَفسأُ هو ( الذي إِذا مَضَى كأَنّه يُرَجِّع اسْتَه ،*! كالمَفْسُوءِ ) أَنشد ثَعلب :
قد خَطِئَتْ أُمُّ حُبَيْنٍ بِأَذَنّ
بِخَارِجِ الخَثْلَةِ *! مَفْسُوءِ القَطَنْ
وفي ( التهذيب ) .
بِنَائِيءِ الجَبْهَةِ مَفْسُوءِ القَطَنْ
ومثله في ( العُباب ) ( أَو ) الأَفسأَ ( : مَنْ إِذَا قَعَدَ لا يَستطيع ) أَن ( يَقُوم إِلاَّ بِجَهْدٍ ) شديدٍ ، كذا في بعض الحواشي ، وبه صَدَّر في ( العُباب ) ( أَو ) الأَفسأَ ( : مَنْ دَخَل صُلْبُه في وَرِكَيْهِ ) والأَفْقَأُ : مَن خَرج صَدْرُه ، وفي وَرِكَيْهِ *! فَسَأٌ ، كُلُّ ذلك عن ابن الأَعرابيّ ، و (*! فَسِىءَ كَفَرِحَ ، في الكُلِّ ) مما ذكر ، والاسْمُ من الكلِّ فَسَأٌ محركة .
*!وتفاسَأَ الرجُلُ *!تَفَاسُؤاً بهمز وغير همز : أَخرَج عَجِيزَته وظَهْره (*! وَتَفَسّأَ فيهم المَرَضُ ) إِذَا ( انتَشَر ) بهم وعمَّهم .
____________________

(1/347)



فشأ : ( تَفَشَأَ فيهم المرض ) إِذا ( انتشر ) بهم وعَمَّهم ) ( *!كَتَفَشَّأَ ) بالشين المعجمة .
قاله أَبو زيد وأَنشد :
وَايمْرٌ عَظِيمُ الشَّأْنِ يُرْهَبُ هَوْلُهُ
وَيَعْيَا بِهِ مَنْ كَانَ يُحْسَبُ رَاقِيَا
*! تَفَشَّأَ إِخْوَانَ الثِّقاتِ فَعَمَّهُمْ
فَأَسْكَتُّ عني المُعْوِلاَتِ البَواكِيَا
( *!والفَشْءُ : الفَخْرُ ) قاله ابن بُزُرْجَ ، يقال ( *!فَشَأَ ) الرجلُ ( كمَنَع *! وأَفْشَأَ ) إِذا ( اسْتَكْبَر ) قال أَبو حزام العُكلي : وندُّكَ *! مُفْشىءٌ رَيَّخْتُ مِنْهُ :
وَنِدُّكَ مُفْشِيءٌ رَيَّخْتُ مِنْهُ
نَؤُوراً آضَ رِئْدَ نَؤُورِ عُوطِ
(*! وَتَفَشَّأَ ) فلانٌ ( به ) إِذا ( سَخرَ منه ) واستهزَأَ به .
( ) وبقي على المؤلف :
فصأ : بالصاد المهملة ، يقال : *!فَصَأَ الثَّوْبَ كَفَسَأَ ، *!وتَفَصَّأَ كَتفَسَّأَ : تَقطَّعُ مثله ، كذا في ( لسان العرب ) .
فضأ : ( *!أَفْضَأْتُه ) أَي الرجلَ ( بالمعجمة ) أَي ( أَطعَمْتُه ) ، رواه أَبو عُبيدٍ عن الأَصمعيّ في باب الهمز ، وعنه شَمِرٌ ( أَو الصواب بالقاف ) قال أَبو منصور : أَنكر شَمِرٌ هذا الحَرْفَ وحَقّ له أَن يُنْكِرَه .
فطأ : (*! فَطَأَهُ ) : ضَرَبه على ظَهْرِه ، عن أَبي زيدٍ مثل ( حَطَأَهُ في معانيها ) وقد تقدم ( و ) *!فَطَأَ الشيءَ ( : شَدَخَه ) وفَطَأَ به الأَرْضَ : صَرَعَه ، وفَطَأَ بِسَلْحِه : رَمَى به ، وربما جاءَ بالثاء لُغاة أَو لُثْغة ، كما في ( العباب ) . ( و ) فَطَأَ الرجلُ ( القَوْمَ ) إِذا ( رَكِبَهم بما لا يُحِبُّون ) .
( *!والفَطَأُ مُحرّكةً *!والفُطْأَةُ بالضم ) الفُطْسَةُ ، هو ( دُخولُ الظَّهْرِ ) وقيل : دُخول وَسَطِ الظهْرِ ( وخُرُوج الصَّدْرِ ،*! فَطِىءَ كَفرِج ) فَطَأً ( فهو *! أَفْطَأُ )
____________________

(1/348)


أَفْطَسُ ، والأُنثى *! فَطْآءُ ( والفَطَأُ ) محرّكةً ( : الفَطَسُ ) ورجلٌ أَفْطَأُ بَيِّنُ *!الفَطَإِ ، وفي حديث ابن عُمَرَ اينه رَأَى مُسَيْلمة أَصفرَ الوجْهِ أَفْطَأَ الأَنْفِ دَقِيقَ الساقَيْنِ . وبَعِيرٌ أَفْطَأُ الظَّهْرِ كذلك .
( *!وفَطَأَ ظَهْرَ بَعِيرِه ، كمَنَع ) أَي ( حَمَل عليه ) حِمْلاً ( ثَقِيلاً ) كذا في النُّسخ ، وفي بعضها : ثِقْلاً ( فاطْمَأَنَّ ودَخَلَ ، ) *!وفَطِىءَ ظَهْرُ البَعِيرِ إِذا تَطَامَنَ خِلْقَةً .
(*! وتَفَاطَأَ ) فُلانٌ إِذا ( تَقَاعَسَ أَو ) هو أَي*! التَّفَاطُؤُ ( أشَدُّ مِن التقَاعُسِ ) وبه صَدَّرَ غيرُ واحدٍ من أَهل اللغة ( و )*! تفاطأَ عنه إِذا ( تَأَخَّر ، و ) يقال تَفَاطَأَ فلانٌ ( عَنْهم ) بعدَ ما حَمَلَ عليهم*! تفَاطُؤاً ، وذلك إِذا ( انْكَسَر ورَجَع ) عنهم ، وتَبازَخَ عنهم تَبَازُخاً في معناها .
*!وفَطَأَ بها : حَبَقَ ، *!وفَطَأَ المرأَةَ *!يَفْطَؤُها *!فَطْأً : نَكَحَها .
( *!وأَفْطَأَ ) الرجلُ ( : أَطعَمَ ، و ) عن ابن الأَعرابيّ أَفْطَأَ ( : جَامَعَ جِمَاعاً كثيراً و ) أَفْطَأَ إِذا ( سَاءَ خُلُقُهُ بعدَ حُسْن ، و ) أَفْطَأَ إِذا ( اتَّسَعَتْ حَالُه ) كل ذلك عن ابن الأَعرابيِّ ، وزاد في ( العباب ) : فَطَأَت الغَنَمُ بأَولادها : ولَدَتْها .
فقأ : (*! فَقَأَ العَيْنَ والبَثْرَةَ ونَحْوَهُما ) كالدُّمَّلِ والقَرْحِ ، كذا في نسختنا بالتثنية ، وفي نسخة شيخنا : ونَحْوَها ، فتكلَّف في معناه ( كمَنَع )*! يَفْقَؤُها *!فَقْأً ( : كَسَرَها ) كذا في ( لسان العرب ) و ( الأَساس ) . وبه فَسَّر غيرُ واحدٍ من أَئمة اللغة ، فلا يُلْتَفت إِلى ما قاله شيخُنا : لا يُعْرَفُ تَفْسِيرُ *!الفَقْءِ بِالكَسْرِ ولا قاله أَحدٌ من اللُّغويّين ، ولا يطْهَر له مَعْنى ولا هناك شيءُ يَتَّصِف بالكَسْر ، ولا حاجَةَ لِدَعْوَى المجازِ وكفى بالزمخشريِّ وابنِ منظورٍ حُجَّةً وكفى بالزمخشريِّ وابنِ منظورٍ حُجَّةً فيما قالاه ( أَو قَلَعَها ) وقيل : أَي أَخرج حَدَقَتَهَا التي تُبْصِرُ بها ، وقال ابنُ القَطَّاع : أَطْفَأَ ضَوْءَها ، وقيل : أَعْماها
____________________

(1/349)


وعَوَّرَهَا بأَن أَدخل فيها أُصْبُعاً فشَقَّها ، ( أَو بَحَقَها ) كذا في النُّسخ ، وهو أَيضاً في ( لِسان العرب ) عن اللحيانيِّ ، وفي ( المصباح ) : بَخَصَها ، بالصاد المهملة بدل القاف ، قال : قال السَّرَقُسْطِي : بَخَص العَيْنَ : أَدْخَل أَصْبُعَه فيها وأَخْرجَها ، وقال ابنُ القَطَّاع : أَطْفَأَ ضَوْءَها ، وقال غيرُ واحد : شَقَّها ( *!كَفَقَّأَهَا )*! تَفْقِئَةً ، إِلحاقاً للمهموز بالمعتلّ ( *!فانْفَقْأَتْ *!وَتَفَقَّأَتْ ) وفي ( أَحكام الأَساس ) :*! وفُقِئَتْ عَيْنُ ( عَدِيّ بنِ ) حَاتمٍ يَوْمَ الجَمَلِ وكانت به بَثْرَةٌ فانْفَقَأَتْ ( و ) فَقَأَ ( نَاظِرَيْه ) أَي ( أَذْهَبَ غَضَبَهُ ) قيل : هو من المجاز . وفي الحديث ( لو أَنَّ رَجُلاً اطَّلع فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ *!ففقئُوا عَيْنَه لم يَكُنْ عليهم شَيْءٌ ) أَي شَقُّوها . والفَقْءُ . الشَّقُّ والبَخْصُ ، وفي حَدِيث مُوسى عليه السلام أَنه فَقَأَ عَيْنَ مَلَكِ المَوْتِ ، ومنه ( الحديث ) كأَنَّما*! فُقِىءَ في عَيْنِه حَبُّ الرُّمَّانِ ، أَي بُخِصَ .
( ) ومما بقي على المصنف :
قول النحويين : *!تَفَقَّأَ زَيْدٌ شَحْماً ، تنصبه على التمييز ، أَي تَفَقَّأَ شَحْمُه ، وهو من مسائِل كِتاب سِيبوَيْه ، قال :
*! تَفَقَّأَتْ شَحْماً كَمَا الإِوَزِّ
مِنْ أَكْلِهَا البَهَطَّ بِالأَوُزِّ
وقال الليثُ : *!انفقأَت العينُ وانفقأَت البَثْرَةُ ، وبَكَى حتّى كادَ يَنْفَقِيءُ بَطْنُه أَي يَنْشَقُّ ، وفي ( أَحكام الأَساس ) : أَكَل حَتّى كاد بَطْنُه يَنَفَقَّأُ ، انتهى ، وكانت العربُ في الجاهليَّة إِذا بلغَ إِبِلُ الرجل منهم أَلْفاً فَقَأَ عينَ بعيرٍ منها وسَرَّحه لا يَنْتَفِعُ به ، وأَنشد :
غَلَبْتُكَ*! بِالمُفَقِّىءِ وَالمُعَنِّي
وبَيْتِ المُحْتَبِي والخَافِقَاتِ
قال الأَزهري : ليس معنى المُفَقِّيءِ في هذا البيت ما ذَهب إِليه الليثُ ، وإِنما أَراد به الفرزدَقُ قولَه لجريرٍ :
وَلَسْتَ وَلَوْ *! فَقَّأْتَ عَيْنَكَ وَاجِداً
أَبَالَكَ إِن عُدَّ المَسَاعِي كَدَارِمِ
____________________

(1/350)



وقال ابن جِنِّي : ويقال للضعيف الوادع : إِنه لا *!يُفَقِّىءُ البَيْضَ . والذي في الأَساس : وفُلانٌ لا يَرُدُّ الرَّاوِيَة ولا يُنْضِجُ الكُرَاعَ ولا يَفْقَأُ البَيْضَ ، يقال ذلك للعاجز ( و ) فَقَأَت ( البُهْمَي ) وهي نَبْتٌ ( فُقُوءًا ) كقُعودٍ ، كذا في النسخ ، والذي في ( لسان العرب ) فَقْأً : ويقال : تَفَقَّأَتْ*! تَفَقُّؤاً ، وبه صَدَّر غيرُ واحدٍ ، وجعل الثلاثيَّ قولاً ، بل سكَت الجوهريُّ عن ذكر الثلاثيّ ، ومثله في الأَفعال ، أَي انحشَقَّتْ لفائفُها عن نَوْرِها ، وَفَقَأَتْ إِذا تَشَقَّقَتْ لفائفُها عن ثَمرتها ، وفسر المؤلّف بقوله ( تَرَّبَها المَطَرُ والسَّيْلُ فلا تَأْكُلُها النَّعَمُّ ) ، ولم يذكر ذلك أَحدٌ من أَهل اللغة ، كما نبه عليه شيخنا .
قلت : كيف يكون ذلك وهو موجود في ( العُباب ) ونصه : وفقَأَت البُهْمَى فُقُوءًا إِذا حَمَل عليها المَطَرُ أَو السَّيْلُ تُراباً فلا تَأْكلها النَّعَمُ حتى يَسْقُط عنها وكذلك كلُّ نبت .
وتَفقَّأَ الدُّمَّلُ والقَرْحُ ، وَتَفَقَّأَت السَّحابَةُ عن مائها : تشقَّقَتْ ، وَتَفَقَّأَتْ تَبَعَّجَتْ بِمائها ، قال عمرو بن أَحْمَرَ الباهليُّ :
بِهَجْلٍ مِنْ قَساً ذَفِرِ الخُزَامَي
تَهَادَي الجِرْبِيَاءُ به الحَنيِنَا
تَفَقَّأَ فَوْقَه القَلَعُ السَّوَارِي
وَجُنَّ الخَازِبَازِ به جُنُونَا
الهَجْلُ : هو المطمئِنُّ من الأَرض ، والجِرْبِياءُ : الشَّمالُ . وقال شيخنا : صرَّح سُرَّاحُ الفصيحِ بأَن استعمالَ الفُقوءِ في النَّباتِ والأَرضِ والسحابِ ونَحْوِها كلُّه من المجاز ، مأْخوذ من فَقَأَ العَيْنَ ، وظاهر كلام المُصَنّف والجوهريّ أَنه من المُشترك ، انتهى .
وفي ( أَحكام الأَساس ) : ومن المجاز : فَقَأَ اللَّهُ عنك عَيْنَ الكَمَالِ ، وتَفَقَّأَت السحابةُ : تَبَعَّجَتْ عن مائها .
( والفَقْءُ بالفتح ، والفُقْأَةُ ، بالضم ، و ) يقال أَيضاً ( بالتَّحْرِيك ) عن الكسائي والفراء ، ويوجد هنا في بعض النسخ تشديد القاف مع الضم والمد ( و ) كذا
____________________

(1/351)


(*! الفَاقِيَاءُ ) الثلاثة بمنى ( السَّابِيَاء هي ) أَي السابياءُ على ما يأْتي في المعتل ( التي تَتَفَقَّأُ ) وفي نسخة شيخنا :*! تَنْفَقِىءُ من بابا لانفعال ، أَي تَنشقُّ ( عن رَأْس الوَلَدِ ) وفي ( الصحاح ) : وهو الذي يَخرُج على رأْس الولد ، والجمع*! فُقُوءٌ ، وحكى كُرَاع في جمعه *! فَاقياءَ ، قال : وهذا غَلَطٌ ، لأَن مثل هذا لم يأْتِ في الجمع ، قال : وأَرَى الفاقياء لُغة في الفَقْءِ كالسَّابِيَاءِ وأَصله *! فاقِئَاءُ بالهمزتين ، فَكُرِه اجتماع الهمزتين ليس بينهما إِلا أَلف ، فقُلبت الأُولى ياءً ، وعن الأَصمعي : الماء الذي يكون على رأْس الولد ، وعن ابن الأَعرابيّ : السابياء : السَّلَي الذي يكون فيه الولَدُ . وكَثُرَ سَابِيَاؤهم العَامَ : كَثُرَ نِتَاجُهُم ، والفَقْءُ : الماء الذي في المَشِيمَةِ ، وهو السُّخْدُ والنُّخْط . ( أَو جُلَيْدَةٌ ) وهو تفسير للفُقْأَة ، عنا بن الأَعرابي ، ففي كلام المُؤلّف لَفٌّ ونَشْرٌ ( رَقِيقَةٌ ) تكون ( على أَنْفِه ) أَي الولد ( إِنْ لم تُكْشَف عنه مات ) الولدُ .
ويقال أَصَابَتْنَا فَقْأَةٌ أَي سَحابَةٌ لا رعْدَ فيها ولا بَرْق وَمَطَرُها مُتقارِبٌ ، وهو مجاز .
( *!والفَقْأَى كَسَكْرَى ) هي ( نَاقَةٌ بِهَا الحَقْوَةُ ) وهي داءٌ يَأْخُذها ( فلا تَبُولُ ولا تَبْعَرُ ) ورُبَّما شَرِقَت عُروقُها ولَحْمُها بالدَّمِ فانتَفخَتْ وربما انفقَأَت كَرِشُها من شِدَّة انتفاخِها . وفي الحديث أَن عُمَر رضي الله عنه قال في نَاقَةٍ مُنكَسِرة : ما هي بكذا ولا كذا ، ولا هي بفَقْأَى فَتَشْرَق عُرُوقُها ( والجَمَلُ فَقِيءٌ كَقَتيل ) هو الذي يأْخُذه دَاءٌ في البَطْنِ ، فإِن ذُبِح وطُبِخ امتلأَت القِدْرُ منه دَماً ، وفَعِيلٌ يقال للذكر والأُنثى (*! والفَقِىءُ أَيضاً : الدَّاءُ بِعَيْنِه ) وهو دَاءُ الحَقْوَة .
والفَقَأُ : خُروجُ الصَّدْرِ . والفَسَأُ : دُخُول الصُّلْبِ ، وعن ابن الأَعرابيّ : أَفقَأَ إِذا انخَسَفَ صَدْرُه مِن عِلَّةٍ .
____________________

(1/352)



( والفَقْءُ ) بالفتح ( : نَقْرٌ في حَجَرٍ أَو غِلَظٌ ) معطوف على حجرٍ أَو على نقر ( يَجْمَعُ الماءَ ) وفي بعض النسخ : يَجتمِع فيه الماءُ . وقال شَمِرٌ : هو كالحفرة يكون في وَسَطِ الحَرَّة ، وقيل في وَسط الجَبَلِ ، وشكَّ أَو عُبَيْدٍ في الحُفْرَةِ أَو الجُفْرَةِ ، قال : وهما سَواءٌ ( كالفَقِيءِ ) كأَميرٍ ، أَنشد ثعلب :
فِي صَدْرِه مِثْلُ *!-الفَقِيءِ المُطْمَئِنّ
ورواه بعضهم بصيغة التصغير ، وجَمْع الفَقِيءِ ، فَقْآنٌ .
( و ) الفَقْءُ : ( ع ) .
( *!وافْتَقَأَ الخَرْزَ ) بفتح فسكون ( أَعَادَ عليه ) وهذا المعنى عن اللحيانيّ في قفأَ ، بتقديم القاف على الفاء على ما سيأْتي ، وأَنا أَتعجَّبُ من شيخنا كيف لم يُنَبِّه على ذلك ، فإِن ابن منظور وغيره ذكروه في قفأَ ( وجَعَل بَيْنَ الكُلْبَتَيْنِ كُلْبَةً أُخْرَى ) بالضم : السَّيْرُ والطَّاقَةُ من الليف ، وفي ( الصحاح ) هي جُلَيدة مُستديرة تحت عُرْوَةِ المَزادةِ تُخْرَز مع الأَديم ، وسيأْتي زيادة تحقيق إِن شاءَ الله تعالى في قفأَ .
( *!والمُفَقِّئَةُ ) هي ( الأَوْدِيَةُ ) التي ( تَشُقُّ الأَرْضَ ) شَقًّا ، وأَنشد للفرزدق :
أَتَعْدِلُ دَارِماً بِبَنِي كُلَيْبٍ
وَتَعْدِلُ *!بِالمُفَقِّئَةِ الشِّعَابَا
فلأ : (*! فَلأَه ، كمنعه : أَفْسَده ) .
فنأ : ( *!الفَنَأُ مُحرَّكةً : الكَثْرَةُ ) يقال : مالٌ ذُو*! فَنَإٍ ، أَي كَثْرَةٍ كَفَنَعٍ بالعين ، وقال : أَرَى الهمزةَ بدَلاً من العَيْنِ وأَنشد أَبو العَلاء بيتَ أَبي مِحْجَنٍ الثَّقَفِيّ :
وَقَدْ أَجُودُ وَمَا مَالِي بِذِي فَنَإٍ
وَأَكْتُم السِّرَّ فِيهِ ضَرْبَهْ العُنُقِ
ورواية يعقوب في الأَلفاظ : بذي فَنَعٍ .
____________________

(1/353)



( و ) *!الفَنْءُ ( بالسكون : الجَماعَةُ ) من الناس ، كأَنه مأْخوذ من معنى الكَثْرَة ، يقال ( : جاءَ *!فَنْءٌ منهم ) أَي جماعة .
فيأ : ( *!-الفَيْءُ : ما كان شَمْساً فَيَنْسَخُه الظِّلُّ ) وفي ( الصحاح ) : الفَيءُ : ما بَعْدَ الزَّوَال من الظِّلِّ قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ يَصِف سَرحَةً وكَنَى بها عن امرأَةٍ : فَلاَ الظِّلُّ مِنْ بَرْدِ الضُّحَى تَسْتَطِيعُهُ .
وَلاَ الفَيْءُ مِنْ بَرْدِ العَشِيِّ تَذُوقُ
فقد بَيَّن أَنّ الفَيْءَ بالعَشِيِّ ما انصرَفَتْ عن الشَّمْسُ وقد يُسَمَّى الظِّلُّ *!فَيْئًا لرجوعه من جانبٍ إِلى جانب . وقال ابنُ السِّكّيت : الظِّلُّ : ما نَسَخَتْه الشمسُ . والفَيْءُ : ما نَسَخَ الشَّمْسَ . وحكى أَبو عُبيدة عن رُؤْبَة قال : كلُّ ما كانت عليه الشمسُ فزالتْ عنه فهو*!- فَيْءٌ وظِلٌّ ، وما لم يكن عليه الشمسُ فهو ظِلٌّ . وسيأْتي في ظل مَزِيدُ البَيَانِ إِن شاء الله تعالى ، ( ج *!أَفْيَاءٌ ) كسَيْفٍ وأَسْيَافٍ ، وهو في المعتلّ العين واللام كثيرٌ ، وفي الصحيح قليل ( وفُيُوءٌ ) مَقِيسٌ ، قال الشاعر :
لَعَمْرِي لأَنحتَ البَيْتُ أُكْرِمَ أَهْلُهُ
وأَقْعُدُ في أَفْيَائهِ بالأَصائِلِ
ويقال : فُلاَنٌ ( لا ) يُقْرَبُ مِنْ *!أَفْيَائِه ، وَلاَ يُطْمَعُ في أَشْيَائِه ، وزَيْدٌ يَتَتَبَّعُ الأَفْيَاءَ .
( والموضِع ) من الفَيءِ ( *!مَفْيَأَةٌ ) بفتح الميم والياء ( وتُضَمُّ ياؤُه ) تارة فيقال*! مَفْيُؤَةٌ ، ويرسم بالواو ، وهكذا في النسخ ، وفي أُخرى وتُضَمُّ فاؤُه أَي فيقال مَفُوءَة كمَقُولَة ، قال شيخُنا : وهو وَهَمٌ ، لأَنه غير مسموع . انتهى ، وفي ( لسان العرب ) : وهي*! المَفْيُوءَة أَي كمَسْمُوعة ، جاءَت على الأَصل ، وحكى الفارِسيُّ عن ثعلب *!المَفِيئَة أَي كمَنِيعَة ، ونقل الأَزهريُّ عن الليث*! المُفْيُؤَة بالفاء هي المَقْنُؤَة بالقاف ، وقال غيره : ياق مَقْنَأَة وَمَقْنُؤَة للمكان الذي لا تَطْلُع عليه الشمس ، قال : ولم أَسْمَع مَفْيُؤَة بالفاء لغير الليث . قال : وهو يُشبه
____________________

(1/354)


الصوابَ ، وسيُذكر إِن شاءَ الله تعالى في قنأَ .
والمَفْيُوءُ : المَعْتُوه ، لزِمَه هذا الاسمُ من طُولِ لُزُومِه الظِّلَّ ، قال شيخنا نقلاً عن مَجمع الأَمثال للميدانيّ المَفْتَأَة والمَفْيُؤَة يُهْمَزانِ ولا يُهمزانِ : هما المكان لا تَطلُع عليه الشمسُ ، وفي المثل المشهور قولهم ( مَفْيَأَة رِبَاعُها السَّمائمُ ) أَي ظِلٌّ في ضِمْنِه سَمُومٌ ، يُضْرَب للعَريِض الجاهِ العَزيزِ الجانبِ يُرْجَى عندَه الخَيْرُ ، فإِذا أُوِي إِليه لا يَكون له حُسْنُ مَعُونةٍ ونَظرٍ ، وقد أَهمله المصنِّف والجوهريُّ . انتهى .
( و ) الفَيْءُ : ( الغَنِيمَة ) وقَيّدَها بعضُهم بالتي لا تَلحَقُها مَشَقَّةٌ ، فتكون بارِدَةً كالظِّلِّ ، وهو المأْخوذ من كلام الراغب ، قاله شيخنا ( والخَرَاجُ ) وقد تكرَّر في الحديث ذِكْرُ الفَيْءِ على اختلافِ تَصَرُّفه ، وهو ما حَصَلَ للمُسْلِمين من أَموالٍ الكُفَّارِ من غير حَربٍ ولا جِهادٍ .
( و ) الفَيْء ( : القِطْعَةُ من الطَّيْرِ ) ويقال لها عَرَقَةٌ وَصَفٌّ أَيضاً .
( و ) أَصْل الفَيْءِ ( : الرُّجُوعُ ) وقيَّدَه بعضُهم بالرجوع إِلى حَالة حَسَنَة ، وبه فُسِّر قولُه تعالى : { فَإِن *!فَاءتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا } ( الحجرات : 9 ) قال شيخنا ، ومنه قيل للظلِّ الذي يكون بعد الزَّوَال فَيْءٌ ، لأَنه يرجِعُ من جَانِبِ الغَرْبِ إِلى جانب الشَّرْق ، وسمي هذا المالُ فَيئًا لأَنه رَجَع إِلى المسلمين من أَموال الكُفَّار عَفْواً بلا قِتالٍ ، وقوله تعالى في قتال أَهل البغي { حَتَّى *!-تَفِيء إِلَى أَمْرِ اللَّهِ } ( الحجرات : 9 ) أَي تَرْجِعَ إِلى الطاعة .
(*! كالفَيْئَةِ ) بالفتح (*! والفِيئَةِ ) بالكسر ( *!والإِفَاءَةِ ) كالإِقامة ( *!والاسْتِفَاءَةِ ) كالاستقامة .
*!وفَاءَ : رَجَع ، وفاءَ إِلى الأَمرِ *!-يَفِيءُ . وفَاءَه فَيْأً *!وفُيُوءًا : رجع إِليه *!وأَفَاءَهُ غيرُه : رَجَعَه ،
____________________

(1/355)


ويقال *!فِئْتُ إِلى الأَمر فَيْئًا إِذا رَجَعْتَ إِليه النَّظَرَ ، ويقال للحديدة إِذا كلَّتْ بعد حِدَّتِها : *!فاءَتْ ، وفي الحديث ( الفَيْءُ عَلَى ذي الرَّحِمِ ) أَي العَطْفُ عليه والرُجوع إِليه بالبِرِّ ، وقال أَبو زيد : يقال : *!أَفأْتُ فُلاناً على الأَمرِ *!إِفاءَة إِذا أَرادَ أَمْراً فعَدَلْتَه إِلى أَمْرٍ . وقال غيره : وأَفاءَ *!واستفاءَ كفاء ، قال كُثَيّر عَزَّة .
فَأَقْلَعَ مِنْ عَشْرٍ وَأَصْبَحَ مُزْنَهُ
أَفَاءَ وَآفَاقُ السَّمَاءِ حَوَاسِرُ
وأَنشدوا :
عَقّوا بِسَهْمٍ فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ أَحَدٌ
ثُمَّ اسْتَفَاءُوا وَقَالُوا حَبَّذَ الوَضَحُ
وفي الحديث : جَاءَت امرأَةٌ من الأَنصارِ بابنتَيْنِ لها فقالت : يا رسول الله ، هاتان ابنتَا فُلانٍ ، قُتِل مَعَك يومَ أُحُدٍ ، وقد استفاءَ عَمُّهما مَالَهما ومِيرَاثَهما . أَي استرجَع حَقَّهما من الميراث وجعله فَيْئاً له ، وهو استفعل من الفَيْءِ ، ومنه حديث عُمَر رضي الله عنه : فلقد رَأَيْتُنَا نَسْتَفِيءُ سُهْمَانَها ، أَي نَأْخذها لأَنفسنا فنقتَسِمُ بها .
وفي ( الأَساس ) : ويقال مَا لَزِمَ أَحدٌ الفَيْءَ ، إِلاَّ حُرِمَ للفَيْءَ .
ومن المجاز : *!تَفَيَّأْتُ *!بِفَيْئِك : التجَأْتُ إِليك . انتهى .
ونقل شيخنا عن الخفاجي في العناية في حواشي النحل : فَاءَ الظلُّ : رَجَع ، لازمٌ ، يتعَدَّى بالهمز أَو التضعيف *!كفَيَّأَه اللَّهُ *!وأَفاءَه *!فَتَفَيَّأَ هُوَ ، وعدَّاه أَبو تَمَّامٍ بنفسه في قوله :
*! فَتَفَيَّأْتُ ظِلَّهُ مَمْدُودَا
قال : وهو خارج عن القياس ، وقال قبل هذه العبارة بقليل : وبقِي على المُصنّف :
فاءَت الظّلالُ ، وقد أَشار الجوهريُّ لبعضها فقال : فَيَّأَت الشجرة تَفْيِئَةً ، وتَفَيَّأْتُ أَنا في *!فَيْئِها *!وَتَفَّيأَتِ الظِّلاَلُ انتهى . قلت : أَي تَقَلَّبَتْ وفي
____________________

(1/356)


التنزيل العزيز { 1 . 025 *!يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل } ( النحل : 48 ) *!والتَّفَيُّؤُ تَفَعُّلٌ من الفَيْءِ ، وهو الظِّلُّ بالعَشِيِّ ، *!وتَفَيُّؤُ الظِّلال : رُجوعُها بعدَ انتصافِ النهارِ والتَّفَيُّؤُ لا يكون إِلاَّ بالعَشِيّ ، والظِّلُّ بالغَدَاة ، وهو ما لم تَنَلْه الشمْسُ .
*! وتَفَيَّأَتِ الشجرةُ *!وَفَيَّأَتْ وفَاءَت*! تَفْيِئَةً : كَثُر فَيْؤُها ، وتَفَيَّأْتُ أَنا في*! فَيْئِها .
*!وفَيَّأَت المرأَة شَعرَها : حَرَّكَتْه من الخُيَلاَءِ .
والريح*! تُفَيِّىءُ الزرعَ ، والشجَرَ : تُحَرِّكهما . وفي الحديث ( مَثَلُ المُؤْمِنِ كَخَامَةِ الزَّرْعِ *!تُفَيِّئُها الرِّيحُ مَرَّةً هُنَا وَمَرَّةً هُنَا ) وفي رواية ( كالخَامَةِ من الزَّرْعِ ، مِن حَيْثُ أَتَتْها الريحُ تُفَيِّئُهَا ) أَي تُحرِّكُها وتُمِيلُها يميناً وشِمالاً ، ومنه الحديث ( إِذا رَأَيتُم الفَيْءَ على رُؤُوسهنَّ يعني النساءَ مِثْلَ أَسْمَةِ البُخْتِ فَأَعْلِمُوهُنَّ أَنْ لا تُقْبَلَ لهنَّ صلاةٌ ) شبَّه رؤوسهنّ بِأَسْنِمَة البُخْتِ لِكَثْرَة ما وَصَلْن به شُعُورَهن ، حتى صارَ عليها من ذلك ما يُفَيِّئُها ، أَي يُحَرِّكها خُيَلاَءَ وعُجْباً وقال نافعٌ الفَقعسِيُّ :
فَلَئِنْ بَلِيتُ فَقَدْ عَمِرْتُ كأَنَّنِي
عُصْنٌ تُفَيِّئُهُ الرِّياحُ رَطِيبُ
وتَفَيَّأَت المرأَةُ لِزوجها : تَثَنَّتْ عليه وَتَكَسَّرَتْ له تَدَلُّلاً وأَلقَتْ نَفْسَها عليه . من الفَيْءِ . وهو الرُّجوع ، ويقال تَقَيَّأَت ، بالقاف ، قال الأَزهريُّ : وهو تصحيفٌ ، والصواب الفاءُ ، ومنه قولُ الراجز :
تَفَيَّأَتْ ذَاتُ الدَّلالِ والخَفَرْ
لِعَابِسٍ حَافِي الدَّلاَلِ مُقْشَعِرّ
وسيأْتي إِن شاءَ الله تعالى ، *!وأَفَأْتُ إِلى قَوْمٍ فَيْئاً ، إِذا أَخَذْتَ لهم سَلَبَ قومٍ آخرينَ فجِئْتَهم به . وأَفأْتُ عليهم فَيْئاً ، إِذا أَخَذْتَ لهم فَيْئاً أُخِذَ منهم .
____________________

(1/357)



( و ) الفَيْءُ ( : التَّحَوُّلُ ) فاءَ الظِّلُّ : تَحَوَّل .
(*! والفِئَةُ ، كَجِعَةٍ ) : الفِرْقَةُ من الناس في الأَصل ، و ( الطَّائِفَةُ ) هكذا في ( الصحاح ) وغيره ، وفي ( المصباح ) : الجَمَاعَةُ ، ولا واحدَ لها من لفْظِهَا ، وقيل : هي الطائفة التي تُقاتِل وراءَ الجَيْشِ ، فإِن كان عليهم خَوْفٌ أَو هزيمةٌ التَجَئوا إِليهم ، وقال الراغب :*! الفِئَة : الجماعةُ المُتظاهِرة ، التي يَرجِعُ بعضُهم إِلى بعضٍ في التعاضُدِ . قاله شيخُنا . والهاءُ عِوَضٌ من الياء التي نعقصَتْ من وَسطه ، و ( أَصْلُها فِيءٌ كَفِيعٍ ) لأَنه من فَاءَ و ( ج *!فِئُون ) على الشذوذ ، (*! وفِئَاتٌ ) مثل شياتٍ وَلِدَاتٍ على القياس ، وجعل الكودِى كِلَيْهِما مَقِيسَيْن ، قال الشيخ أَبو محمد ابن بَرّيّ : هذا الذي قاله الجوهريُّ سَهْوٌ ، وأَصله فِئْوٌ مثل فِعْوٍ ، فالهمزة عَيْنٌ لا لاَمٌ ، والمحذوف هو لامُها وهو الواو ، قال : وهي من فَأَوْتُ ، أَي فرَّقْتُ ، لأَن الفِئَة كالفِرقَة ، انتهى ، كذا في ( لسان العرب ) .
( و ) في الحديث كذا في ( النهاية ) ، وعِبارة الهَروِيّ في غَرِيبه نقلاً عن القُتيبيّ في حديث بعض السلف ( لا يُؤَمَّرُ ) ، كذا في النسخ ، وفي بَعضها بالنون ، وهو غلطٌ وفي عبارة الفائق : لا يَحِلُّ لامرِىءٍ أَن يُؤَمِّر ، وفي ( لسان العرب ) و ( النهاية ) : لاَ يَلِينَّ ( *!مُفَاءٌ على *!-مُفِيءٍ أَي مَوْلى على عَرَبِيَ ) المُفاءُ : الذي افتُتِحَتْ بَلدَتُه وكُورَتُه فصارَت فُيْئاً للمسلمين . يقال : أَفأْتُ كذا ، أَي صَيَّرْتُه فَيئاً فأَنا مُفِيءٌ ، وذلك الشيءُ مُفَاءٌ ، كأَنه قال : لا يَلِيَنَّ أَحدٌ من أَهلِ السَّوادِ على الصَّحابة والتابعين الذين افتتحوه عَنْوَةً ، فصار السَّوَادُ لهم فَيْئاً .
( و ) العرب تقول : ( يا فَيْءَ ) ما لي ( كلمَةُ تَعَجُّب ) على قول بعضهم ، ( أَو ) كلمة ( تَأَسفٍ ) وهو الأَكثر ، قال :
يَافَيْءَ مَا لِي مَنْ يُعَمَّرْ يُبْلِهِ
مَرُّ الزَّمَانِ عَلَيْهِ والتَّقْلِيبُ
واختار اللِّحْيانيُّ يافَيَّ مَالي ، ورُوِيَ
____________________

(1/358)


أَيضاً ياهَيْءَ ، قال أَبو عُبيد : وزاد الأَحمر : يا شَيْءَ ، وهي كلُّها بمعنى ، وقد تقدّم طَرَفٌ من الإِشارة في شيء ، وسيأْتي أَيضاً إِن شاءَ الله تعالى .
( وَفَاءَ المُولِي مِن امْرَأَتِه ) أَي ( كَفَّرَ عن يَمِينه ) ، وفي بعض النسخ كَفَّرَ يَمينَه ( وَرَجَع إِلَيْها ) أَي الامرأَة ، قال الله تعالى : { فَإِن *!فَاءوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ( البقرة : 226 ) قال المفسِّرون : الفَيْءُ في كتاب الله تعالى على ثلاثة مَعانٍ ، مَرْجِعُها إِلى أَصْلٍ واحدٍ ، وهو الرُّجُوع ، قال الله تعالى في المُولينَ من نسائهم { فَإِن فَآءوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } وذلك أَن المُولِي حلَف أَن لا يَطَأَ امرأَته ، فجعلَ الله لهذه أَربعة أَشهر بعد إِيلائه ، فإِن جامعها في الأَربعة أَشهرٍ فقد فاءَ ، أَي رَجع عمَّا حَلَف عليه من أَن لا يُجامِعَها إِلى جِماعها ، وعليه لِحِنْثِه كفَّارَةُ يَمينٍ ، وإِن لم يُجامعها حتى تَنقضِيَ أَربعةُ أَشهرٍ مِنْ يَوْم آلَى فإِنَّ ابنَ عَبَّاسٍ وجَماعةً من الصحابةِ أَوْقَعُوا عليها تَطلِيقةً ، وجَعَلوا عن الطَّلاقِ انقضاءَ الأَشهُرِ ، وخالَفَهم الجماعةُ الكثيرةُ من أَصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلموغيرُهم من أَهلِ العِلم وقالوا : إِذا انقضَتْا ءَربعةُ أَشهُرٍ ولم يُجَامعها وُقِفَ المُولِي فإِمّا أَن يَفِيءَ ، أَي يُجامعَ ويُكَفِّرَ ، وإِما أَن يُطَلِّقَ ، فهذا هو الفَيْءُ من الإِيلاءِ ، وهو الرجُوع إِلى ما حلف أَن لا يفعله ، قال ابن منظور : وهذا هو نصُّ التنزيلِ العزيزِ { لّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِن فَآءوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } ( البقرة : 226 ، 227 ) وقال شيخنا : قوله فاءَ المُولِي إِلى آخرِه ، ليس من اللغة في شيءٍ ، بل هو من الاصطلاحات الفِقهيَّةِ كَكَثيرٍ من الأَلفاظِ المُستعْمَلَة في الفُنون ، فيورِدُها على أَنَّها مِن لُغة العَرب ، وإِلاَّ فلا يُعْرف في كلامِ العَرَب فَاءَ : كفَّر ، انتهى . قلت : لعلّه لِمُلاحظَةِ اينَّ مَعناه يَؤولُ إِلى الرجوع ، فوجَب
____________________

(1/359)


التنبيهُ على ذلك ، وقد تقدَّمت الإِشارة إِليه في كلام المفسرين .
( و ) قد (*! فِئتُ ) كخِفْت ( الغَنِيمةَ ) فَيْئاً ( واستَفَأْتُ ) هذا المالَ ، أَي أَخذتُه فَيئاً ( وأَفَاءَ اللَّهُ تَعَالى عَلَيَّ ) *!-يُفِيءُ إِفاءَةً ، قال الله تعالى { مَّآ أَفَآء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى } ( الحشر : 7 ) في ( التهذيب ) : الفَيْءُ : مَا رَدَّ اللَّهُ على أَهلِ دِينه مِن أَموالِ مَنْ خالَفَ أَهْلَ دِينِه بلا قِتالٍ ، إِما بأَن يَجْلُوا عَن أَوْطانِهم ويُخَلُّوهَا للمُسلمين ، أَو يُصَالِحُوا على جِزْيَةٍ يُؤَدُّونَها عن رُؤُوسهم أَو مَالٍ غيرِ الجِزْية يَفْتَدُون به من سَفْكِ دِمائهم ، فهذا المال هو الفَيءُ في كتاب الله تعالى { فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ } ( الحشر : 6 ) أَي لم تُوجِفُوا عليه خَيْلاً وَلاَ رِكَاباً نَزلَتْ في أَموالِ بني النَّضِير حين نَقَضُوا العَهْدَ وَجَلوْا عن أَوطانهم إِلى الشأْم ، فَقَسم رسولُ الله صلى الله عليه وسلمأَموالَهم من النَّخيل وغيرِها في الوُجوهِ التي أَراهُ اللَّهُ تعالى أَنْ يَقْسِمَها فيها . وقِسمَةُ الفَيْءِ غيرُ قِسْمَةِ الغَنِيمة التي أَوْجَف ( اللَّهُ ) عليها بالخَيْلِ والرِّكاب .
وفي ( الأَساس ) : فُلاَن *!يَتَفَيَّأُ . الأَخبارَ *!ويَسْتَفِيئُها . وأَفاءَ اللَّهُ عليهم الغَنَائمَ ، ونحن *!-نسْتَفيءُ المَغانم ، انتهى .
( *!والفَيْئَةُ : طائرٌ كالعُقَابِ ) فإِذا خافَ البَرْدَ انحدَرَ إِلى اليَمن ، كذا في ( لسان العرب ) .
ويقال لِنَوى التَّمْرِا ذا كان صُلْباً : ذو*! فَيْئَةٍ ، وذلك أَنه تُعْلَفُهُ الدوابُّ فتأْكُله ثم يَخْرُجُ مِن بطونها كما كان نَدِيًّا ، وقال عَلْقَمة بن عَبَدَة يَصف فرساً :
سُلاءَةً كَعَصَا النَّهْدِيِّ غُلَّ لَهَا
ذُو فَيْئَةٍ مِنْ نَوَى قُرَّانَ مَعْجُومُ
( و ) الفَيْئَةُ أَيضاً ( : الحِينُ ) يقال : جاءَه بعد فَيْئَةٍ ، أَي بعد حينٍ .
وفلانٌ سريعُ الفَيْءِ من غَضبِه ،
____________________

(1/360)


وفَاءَ من غَضبه : رَجَع ، وإِنه لَسَرِيعُ الفَيءِ والفَيْئَةِ ( والفِيئَة أَي ) الرجوع ، الأَخيرتان عن اللحياني ، وإِنه لحسن الفِيئَة بالكسر ، مثل الفِيعَة ، أَي حَسنُ الرجوعِ . وفي حديث عائشة رضي اللَّهُ عنها قالت زينب : كُلُّ خِلاَلِها مَحمودٌ ما عدا سَوْرَةً مِنْ حَدَ تُسْرِع منها الفِيئَةُ . وهي بِوَزْنِ الفِيعة : الحَالَةُ من الرُّجوع عن الشيء الذي يَكون قد لاَبَسَه الإِنسانُ وبَاشَرَه .
وفي الأَساس : وطَلَّق امَرأَته وهو يَملِك *!فِيْئَتَها : رَجْعَتَها ، وله على امرأَته فِيْئَة وهو سريع الغَضب سَرِيع الفَيْئَة ، انتهى .
( و ) قولهم ( دَخَلَ ) فلان ( على*! تَفِيئَةِ فُلانٍ ) ، وهو من حديث عُمر رضي الله عنه أَنه دخل على النبيِّ صلى الله عليه وسلمفكلمه ، ثم دخل أَبو بكر على تَفِيئَةِ ذلك ( أَي على أَثَرِه ) ومثله على تَئيفَة ذلك ، بتقديم الياء على الفاء ، وقد تُشَدَّدُ ، والتاءُ فيها زائدةٌ على أَنها تَفْعِلَة ، وقيل هو مقلوبٌ منه وتاؤُها إِما أَن تكون مَزيدة أَو أَصليّة ، قال الزمخشري : ولا تَكون مَزيدةً والبِنْيَةُ كما هي من غير قَلْبٍ ، فلو كانت التَّفِيئَة تَفْعِلَةً من الفَيْءِ لخرجَتْ على وزن تَهْنِئَةٍ ، فهي إِذاً لولا القَلْبُ فَعِيلَةٌ لأَجل الإِعلال ولامُها هَمزة ، ولكن القَلْبَ عن التَّئِفَةِ هو القاضي بزيادة التاءِ ، فيكون تَفْعِلةً ، كذا في ( لسان العرب ) .
2 ( فصل القاف ) 2
قأقأ : (*! القَأْقَأُ ) قال شيخُنا : جَوَّزُوا فيه المدَّ والقَصْرَ ، وأَلزمه بعضٌ سُكونَ الهمزتيت على أَنه حِكَاية ( أَصْوات غِرْبَانٍ ) جمع غُراب ( العِرَاق ) ، قيَّده المُصنّف ، وأَطلقه غيْرُ واحدٍ .
( *!والقِيْقِىءُ ، كَزِبْرِجٍ ) هو ( : بَيَاض البَيْضِ ، والغِرْقِيءُ ) وقد مَرَّ في الغين .
قبأ : (*! قَبأَ الطعَامَ كجَمَع : أَكَلَه ) هذه المادة في جميع نسخ القاموس مكتوبةٌ
____________________

(1/361)


بالحُمرة ، وهي ثابتةٌ في ( الصحاح ) ، قال : قَبَأَ لُغةٌ في قَأَبَ إِذَا أَكل وشرِب ( و ) *!قَبَأَ ( من الشَّرابِ ) : امتلأَ .
(*! والقَبْأَةُ ) كحمزة (*! والقَبَاءَةُ ) كسَحابةٍ ، كذا في النسخ ، وهو هكذا في ( لسان العرب ) ، وفي بعض النسخ القَبَاةُ كَقَفَاةٍ ، وفي ( لسان العرب ) : وهي أَيضاً*! القَبَأَة كَكَتَبَةٍ ، كذا حكاها أَهلُ اللغة ، *!والقَبَاءَةُ في القَبْأَةِ كالكَمَاءَة في الكَمْأَةِ ( : حَشِيشَةٌ ) تَنبُتُ في الغَلْظ ، ولا تنبت في الجَبَلِ ، تَرتفع على الأَرض قِيسَ الإِصبع أَو أَقلَّ ( تُرْعَى ) أَي يَرعاها المالُ .
قثأ : (*! القُثَّاءُ ، بالكسر والضم م ) أَي معروفٌ ، والكسر أَكثر ( أَو ) هو ( الخِيَارُ ) كذا في ( الصحاح ) ، وفي ( المصباح ) : هو اسمُ جِنْسٍ لما يقول له الناسُ الخِيار والعَجُور والفَقُّوس ، وبعض الناسِ يُطلِقُه على نَوْعٍ يُشبه الخِيارَ ، ويقال : هو أَخفُّ من الخِيار ، والواحدة قِيَّاءَةٌ ، انتهى . وقيل إِن العَجُّور كِبَارُه .
(*! وَأَقْثَأَ المكانُ ) رُبَاعِيًّا ( : كَثُرَ به ) القِثَّاءُ ، عن أَبي زيدٍ ، ( و ) *!أَقثَأَ ( القومُ : كَثُر عندهم ) القِثَّاءُ ، كذا في ( الصحاح ) ( *!والمَقْثَأَةُ ) بالفتح ( وتُضَمُّ ثاؤه ) المثلَّثة ، فيقال : *!مَقْثُؤَةٌ ( : مَوْضِعُه ) أَي القثّاءِ تُزْرَعُ فيه وتَنْبُت ، كذا في ( المِصباح ) و ( المحكم ) .
قدأ : (*! القِنْدَأْوُ كفِنْعَلْوٍ ) أَي بزيادة النون والواو ، فأَصله قدأَ ومحلّه هذا ، وهو رأْيُ بعض الصرفيِّين ، وقال الليث إِن نُونَها زائدةٌ والواو فيها أَصْلِيّة ، وقال أَبو الهيثم :*! قِنْدَاوَةٌ فِنْعَالَةٌ ، قال الأَزهريُّ : والنون فيهما ليست بأَصليّة وقال قومٌ : أَصله من قند ، والهمزة والواو زائدتان ، وبه جزم ابنُ عُصفورٍ ، ولذا ذكره الجوهريُّ وغيره في حرف الدال ( : السَّيِّيءُ الغذاءِ ، والسَّبِّيءُ الخُلُقِ ، والغَلِيظ القَصيرُ ) من الرجال وهم *!قِندَأْوُونَ ( و ) قيل : هو ( الكبير )
____________________

(1/362)


العظيم ( الرأْسِ الصغيرُ الجِسْمِ المَهزولُ . و ) القِنْدَأْوُ أَيضاً ( : الجَرِيءُ المُقْدِمُ ) ، التمثيلُ لِسيبويه ، والتفسير للسيرافي . ( والقَصيرُ العُنُق الشديدُ الرأْسِ ) قاله الليث ( و ) قيل : هو ( الخَفيف ، والصُّلْبُ ) وقد همز الليثُ : جَمَلٌ *!قِنْدَأْوٌ وسِنْدَأْوٌ ، واحتجّ بأَنه لم يَجِيءْ بِنَاءٌ على لفظِ قِنْدَأْوٍ إِلاَّ وثانيه نُونٌ ، فلما لم يَجِيءْ هذا البناءُ بغيرِ نُونٍ عَلِمنا أَنّ النونَ زائدةٌ فيها ، ( *!كالقِنْدَأْوَةِ ) بالهاء ( في الكُلِّ ) مما ذُكر ، وفي عِبارته هذه تَسامحٌ ، فإِن الصحيحا ءَن السَّيِّيءَ الخُلُقِ والغِذاءِ والخَفيفَ يقال فيها بالوجهَيْنِ ، وأَما ما عدا ذلك فالثابت فيه القِنْدَأْوُ فقط ، ( وأَكثرُ ما يُوصَف به الجَمَلُ ) ، يقال جَمَلُ قِنْدَأْوٌ أَي صُلْبٌ ، وناقة *!قِنْدَأْوَة جَرِيّة قال شَمِرٌ : يهمز ولا يهمز والجَرْيُ هو السُّرْعة ، وقد قال في عبارة والجَرِيءُ المُقْدِم ، فلا يُقال إِن المصنف غَفَلَ عما في ( الصحاح ) ناقة قِنْدَأْوَةٌ : سَرِيعَةٌ ، كما زعمه شيخنا ( وَوَهِم أَبو نَصْرٍ ) الجوهريُّ ( فذكره في ) حرف ( الدال ) المهملة ، بناءً على أَن الهمزة والواو زائدتان ، كما تقدم ، وهو مذهبُ ابنِ عُصفور ، وأَنت خبيرٌ بأَنَّ مثل هذا لا يُعَدُّ وَهَماً ، فلْيُتَأَمَّلْ .
قرأ : ( *!القُرْآن ) هو ( التنزيلُ ) العزيزُ ، أَي المَقروءُ المكتوب في المَصاحف ، وإِنما قُدِّم على ما هو أَبْسَطُ منه لشرفه .
( *!قَرَأَه و )*! قَرأَ ( به ) بزيادة الباءِ كقوله تعالى : { تَنبُتُ بِالدُّهْنِ } ( المؤمنون : 20 ) وقوله تعالى : { يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالاْبْصَارِ } ( النور : 43 ) أَي تُنْبِتُ الدُّهْنَ ويُذْهبُ الأَبصارَ وقال الشاعر :
هُنَّ الحَرَائِرُ لا رَبَّاتُ أَخْمِرَةٍ
سُودُ المَحَاجِرِ لا يَقْرأْنَ بِالسُّوَرِ
( كَنَصَرَه ) عن الزجاجي ، كذا في ( لسان العرب ) ، فلا يقال أَنكرها
____________________

(1/363)


الجماهير ولم يذكرها أَحدٌ في المشاهير كما زعمه شيخُنا ( وَمَنَعه ،*! قَرْءاً ) عن اللحياني ( *!وقِراءَةً ) ككِتابةٍ ( *!وقُرْآناً ) كعُثْمَان ( فهو*! قارِىءٌ ) اسم فاعل ( مِن ) قومٍ ( *!قَرَأَةٍ ) كَكَتبةٍ في كاتب ( *!وقُرَّاءٍ ) كعُذَّالٍ في عاذِلٍ وهما جَمْعَانِ مُكَسَّرَانِ (*! وقَارِئينَ ) جمع مذكر سالم ( : تَلاَهُ ) ، تَفْسيرٌ*! لِقَرأَ وما بعده ، ثم إِن التِّلاوَةَ إِمَّا مُرادفٌ*! للقراءَة ، كما يُفْهَم من صَنِيع المُؤَلّف في المعتلّ ، وقيل : إِن الأَصل في تَلا معنى تُبِعَ ثم كَثُر (*! كاقْتَرَأَه ) افتَعَل مِن *!القراءَة يقال اقْتَرَأْتُ ، في الشعر (*! وأَقْرَأْتُه أَنا ) *!وأَقْرَأَ غيرَه*! يُقْرِئه *!إِقراءً ، ومنه قيل : فُلانٌ *!المُقْرِىءُ ، قال سيبويه : قَرأَ *!واقترأَ بِمعْنى بِمنزِلةِ عَلاَ قِرْنَه واستعْلاَهُ ( وَصحيفةٌ *!مَقْروءَةٌ ) كمَفعولة ، لا يُجيز الكسائيُّ والفرَّاءُ غيرَ ذلك ، وهو القياس ( *!وَمَقْرُوَّةٌ ) كمَدْعُوَّة ، بقَلْبِ الهمزةِ واواً ، (*! ومَقْرِيَّةٌ ) كمَرْمِيَّةٌ بإِبدال الهمزة ياءً ، كذا هو مضبوطٌ في النُّسخ ، وفي بعضها *!مَقْرِئَة كمَفْعِلَةٍ ، وهو نادِرٌ إِلاَّ في لغةِ من قال : *!قَرِئْتُ .
وَقَرَأْتُ الكِتَابَة قِراءَةً وقُرْآناً ، ومنه سُمِّيَ القُرْرنُ ، كذا في ( الصحاح ) ، وسيأْتي ما فيه من الكلام . وفي الحديث : (*! أَقْرَؤُكُمْ أُبَيٌّ ) قال ابنُ كَثيرٍ : قيل : أَرادَ : مِنْ جَماعةٍ مَخصوصين ، أَو في وَقْتٍ من الأَوْقَاتِ ، فإِن غيرَه أَقرَأٌ منه ، قال : ويجوز أَن يكون عامًّا وأَنه أَقْرَأُ أَصحابهِ أَي أَتْقَنُ للقُرآن وأَحفَظُ .
( *!وقَارَأَهُ *!مُقَارَأَةً *!وقِرَاءً ) كَقِتالٍ ( : دَارَسَه ) .
*! واسْتَقْرَأَه : طَلَب إِليه أَن يَقْرأَ .
وفي حديث أُبَيَ في سُورَةِ الأَحزاب :
____________________

(1/364)


إِنْ كَانَتْ *!لَتُقَارِىءُ سُورَةَ البَقَرَةِ ، أَوْ هِي أَطْوَلُ . أَي تُجَارِيها مَدَى طُولِها فِي القِرَاءَةِ ، أَو أَنّ قَارِئَها لَيُساوِي قَارِيءَ البَقَرَة في زمنِ قِرَاءَتِها ، وهي مُفاعلَةٌ مِن القِراءَة . قال الخطَّابِيّ : هكَذَا رواه ابنُ هَاشِمٍ ، وأَكثرُ الرِّوايات : إِنْ كَانَتْ لَتُوَازِي .
( والقَرَّاءُ ، كَكَتَّانٍ : الحَسَنُ القِرَاءَة ج *!قَرَّاءُونَ ، ولا يُكَسَّر ) أَي لا يُجْع جَمْعَ تكسيرٍ ( و ) *!القُرَّاءُ ( كَرُمَّانٍ : الناسِك المُتَعَبِّد ) مثل حُسَّانٍ وجُمَّالِ ، قال شيخنا : قال الجوهريُّ : قال الفَرَّاءُ : وأَنْشدَني أَبو صَدَقَةَ الدُّبَيْرِيُّ :
بَيْضَاءُ تَصْطَادُ الغَوِيَّ وَتَسْتَبِي
بِالحُسْنِ قَلْبَ المُسْلِمِ القُرَّاءِ
انتهى ، قلت : الصحيحُ أَنه قَوْلُ زَيْدٍ بن تُرْكٍ الدُّبَيْرِيّ ، ويقال : إِن المراد *!بالقُرَّاء هنا من القِرَاءَةِ جَمعُ قارِيءٍ ، ولا يكون من التّنَسُّكِ ، وهو أَحسنُ ، كذا في ( لسان العرب ) ، وقال ابنُ بَرِّيَ : صوابُ إِنشاده ( بَيْضَاءَ ) بالفتح ، لأَن قَبْلَه :
ولَقَدْ عَجِبْتُ لِكَاعِبٍ مَوْدُونَةٍ
أَطْرَافُها بِالحَلْيِ وَالحِنَّاءِ
قال الفَرّاءُ : يقال : رجلٌ قُرَّاءٌ ، وامرأَةٌ *!قُرَّاءَةٌ ، ويقال : قرأْتُ ، أَي صِرْتُ قارِئاً نَاسِكاً . وفي حديث ابنِ عبَّاسٍ أَنه كان لا يَقْرَأُ في الظُّهْرِ والعَصْرِ . ثم قال في آخره { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } ( مريم : 64 ) معناه أَنه كان لا يَجْهَر *!بالقِراءَة فيهما ، أَو لا يُسْمِعُ نَفْسَه قِراءَتَه ، كأَنَّه رَأَى قَوْماً *!يَقْرَءُونَ فَيُسمعونَ نُفوسَهم ومَن قَرُبَ منهم ، ومعنى قوله : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } يريد أَن نَفْسَكَ يَكْتُبُها المَلَكانِ ، وإِذا قَرأْتَها في نَفْسِك لمْ يَكْتُبَاها واللَّهُ يَحْفَظَها لَكَ ولا يَنْسَاها ، لِيُجَازِيَكَ عَلَيْها .
وفي الحديث : ( أَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي *!قُرَّاؤُهَا ) أَي أَنهم يَحْفظون القُرآن نَفْياً لِلتُّهَمَةِ عن أَنفسهم وهم يَعْتَقِدون
____________________

(1/365)


تَضْيِيعَه . وكان المُنافقون في عصرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلمكذلك ( ( كالقارِيء *!والمُتَقَرِّىء ) ج قُرَّاءُون ) مذكر سالم (*! وقَوَارِىءُ ) كدَنَانِير وفي نسختنا*! قَوَارِىء فَوَاعِل ، وجعله شَيْخُنا من التحْرِيف .
قلت : إِذا كان جمعَ قارِيءٍ فلا مُخالفة للسَّماع ولا للقِياس ، فإِن فاعلاً يُمع على فَوَاعِلَ . وفي ( لسان العرب ) *!قَرائِىء كحَمَائِل ، فَلْيُنْظُر . قال : جاءُوا بالهمزة في الجَمْع لما كانت غَيْرَ مُنقلبة بل موجودة في قَرَأْتُ .
(*! وتَقَرَّأَ ) إِذا ( تَفَقَّهَ ) وتَنَسَّك وتَقَرَّأْتُ تَقَرُّؤًا في هذا المعنى .
( وقَرَأَ عليه السَّلامَ ) يَقْرَؤُه ( : أَبْلَغَه ،*! كَأَقْرَأَه ) إِيَّاه ، وفي الحديث : أَنّ الرَّبَّ عَزَّ وجَلَّ *!يُقْرِئُكَ السَّلاَم . ( أَوْ لا يقال أَقْرَأَه ) السَّلامَ رُبَاعِيًّا مُتعَدِّياً بنفْسِه ، قاله شيخُنا .
قلت : وكذا بحرْفِ الجرّ ، كذا في ( لسان العرب ) ( إِلاَّ إِذَا كان السلامُ مَكْتوباً ) في وَرَقٍ ، يقال أَقرِيءْ فُلاناً السَّلاَمَ واقْرَأْ عليه السَّلامَ ، كأَنه حينَ يُبَلِّغُه سَلامه يَحْمِلُه على أَن يَقْرَأَ السَّلاَم ويَرُدَّه . قال أَبو حَاتمٍ السِّجستانيّ : تقول : اقْرَأْ عليه السَّلاَمَ ولا تقول أَقْرِئْه السَّلاَمَ إِلاَّ في لُغَةٍ ، فإِذا كان مَكتوباً قلتَ أَقْرِئْهُ السَّلامَ ، أَي اجْعَلْه يَقْرَؤُهُ . في ( لسان العرب ) : وإِذا قَرأَ الرّجُلُ القُرآنَ والحديثَ على الشيْخِ يقول*!- أَقْرَأنِي فُلانٌ ، أَي حَمَلَني على أَنْ أَقْرَأَ عليه .
(*! والقَرْءُ ويُضَمُّ ) يُطلَق على : ( الحَيْض ، والطُّهْر ) وهو ( ضِدو ) ذلك لأَن القَرْءَ هو ( الوَقْتُ ) . فقد يكون للحَيْض ، وللطُّهْرِ ، وبه صرَّح الزَّمَخْشَرِيّ وغيرُه ، وجَزم البَيْضاوِيّ بأَنّه هو الأَصل ، ونقله أَبو عمرو ، وأَنشد :
إِذَا مَا السَّمَاءُ لَمْ تَغِمْ ثُمَّ أَخْلَفَتْ
*!قُرُوءَ الثُّرَيَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا قَطْرُ
____________________

(1/366)



يُريد وَقْتَ نَوْئِها الذي يُمْطَرُ فيه النَّاسُ ، وقال أَبو عُبيدٍ : *!القَرْءُ يَصلحُح للحَيْضِ والطُّهر ، قال : وأَظنُّه من*! أَقْرَأَتِ النُّجومُ إِذا غابت . ( و ) القُرْءُ ( : القَافِيَةُ ) قاله الزمخشري ( ج *!أَقْرَاءٌ ) وسيأْتثي قريباً ( و )*! القرْءُ أَيضاً الحُمَّى ، والغائب ، والبَعِيد وانقضاءُ الحَيْض وقال بعضهم : ما بين الحَيْضَتَيْنِ . *!وقَرْءُ الفَرَسِ : أَيَّامُ وَدْقِهَا أَوْ سِفَادِهَا ، الجمع أَقْرَاءٌ و ( قُرُوءٌ وأَقْرُؤُ ) الأَخيرة عن اللّحيانيّ في أَدنى العدد ، ولم يَعرِف سِيبويه*! أَقْراءً ولا أَقْرُوءًا ، قال : استغَنْوا ، عنه بِقُرُوءٍ . وفي التنزيل { ثَلَاثَةَ قُرُوء } ( البقرة : 228 ) أَراد ثَلاثةً من القروءِ كما قالوا خَمْسَة كِلاَبٍ يُراد بها خَمْسَة من الكِلاَبِ وكقوله :
خَمْس بَنَانٍ قَانِيءِ الأَظْفَارِ
أَراد خَمْساً مِن البَنانِ ، وقال الأَعشى :
مُوَرّثَةً مالاً وَفي الحَيِّ رِفْعَةً
لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا
وقال الأَصمعيُّ في قوله تعالى { ثَلَاثَةَ قُرُوء } قال : جاءَ هذَا على غير قياس ، والقِياس : ثلاثَة أَقْرُؤٍ ، ولا يجوز أَن يقال ثلاثَة فُلُوسٍ ، إِنما يقال ثلاثة أَفْلُسٍ ، فإِذا كَثُرت فهي الفُلُوسُ ، ولا يقال ثَلاثَة رِجالٍ ، إِنما هي ثَلاَثة أَرْجِلَة ، ولا يقال ثَلاثة كِلاَبٍ ، إِنَما هي ثلاثة أَكْلُبٍ ، قال أَبو حاتم : والنَّحويون قالوا في قول الله تعالى { ثَلَاثَةَ قُرُوء } أَراد ثلاثةً من القُروءِ ، كَذَا في ( لسان العرب ) ، ( أَو جَمْعُ الطُّهْرِ قُرُوءٌ ، وجمعُ الحَيْضِ أَقْرَاءٌ ) قال أَبو عُبيدٍ : الأَقراءُ : الحيضُ ، والأَقراءُ : الأَطهار ( و ) قد ( أَقْرَأَت ) المرأَةُ ، في الأَمريْنِ جميعاً ، فهي *!مُقْرِىءٌ ، أَي ( حَاضَتْ ، وطَهُرَتْ ) وأَصله من دُنُوِّ وَقْتِ الشيءِ ، وقَرَأَت إِذا رَأَت الدَّمَ ، وقال الأَخْفَشُ : أَقَرأَت المرأَةُ إِذا صارت صاحِبَةَ حَيْضٍ ، فإِذا حاضَتْ قُلْتَ : قَرَأَت ، بلا أَلفٍ ، يقال أَقْرأَت المرأَةُ حَيْضَةَ أَو حَيْضتَيْنِ ، ويقال : قَرَأَت المرأَةُ : طَهُرَت ، وَقَرَأَتْ : حَاضَت قال حُمَيدٌ :
____________________

(1/367)



أَرَاهَا غُلاَمَانَا الخَلاَ فَتَشَذَّرَتْ
مِرَاحاً ولَمْ تَقْرَأْ جَنِيناً وَلاَ دَمَا
يقول : لم تَحْمِلْ عَلَقَةً ، أَي دَماً ولا جَنِيناً . قال الشافعيُّ رضي الله عنه :*! القَرْءُ : اسْمٌ للوقْتِ ، فلما كان الحيضُ يَجيء لوَقْتٍ ، والطُّهْرُ يَجيء لِوَقْتٍ ، جازَ أَن تكون الأَقْرَاءُ حِيَضاً وأَطْهَاراً ، ودَلَّتْ سُنَّةُ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلمأَنَّ اللَّهَ عزّ وجلّ أَراد بقوله { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوء } ( البقرة : 228 ) الأَطهارَ ، وذلك أَن ابن عُمَرَ لما طَلَّقَ امرأَته وهي حَائضٌ واستفْتَى عُمَرُ رَضي الله عنه النبيَّ صلى الله عليه وسلمفيما فَعَل قال ( مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ، فإِذا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا ، فَتِلْكَ العِدَّةُ التي أَمر اللَّهُ تعالى أَن يُطَلَّق لَها النِّساءُ ) ، وقرأْت في طَبقات الخَيْصرِيّ من ترجمة أَبي عُبيدٍ القاسم بن سَلاَّم أَنه تَناظَر مع الشافِعيِّ في القَرْءِ هل هو حَيْضٌ أَو طُهْرٌ ، إِلى أَن رجع إِلى كلام الشافعيّ ، وهو مَعدُودٌ من أَقرانه ، وقال أَبو إِسحاق : الذي عندي في حَقِيقة هذا أَن القَرْءَ في اللغةِ الجَمْعُ وأَنّ قولَهم قَرَيْتُ الماءَ في الحَوْضِ وإِن كان قد أُلْزِم الياءَ ، فهو جَمَعْتُ ، وقَرَأْتُ القُرآنَ : لَفَظْتُ به مَجموعاً فإِنما القَرْءُ اجْتِمَاعُ الدَّمِ في الرَّحمِ ، وذلك إِنما يكون في الطُّهْرِ ، وصحَّ عن عائشةَ وابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنهما قالا : الأَقراءُ والقُرُوءُ : الأَطهار ، وَحقَّقَ هذا اللفظَ مِن كلام العَرب قَوْلُ الأَعشى :
لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا
*!فَالقُروءُ هنا : الأَطهار لا الحِيَضُ لأَن النساءَ يُؤَتَيْنَ فِي ا ءَطْهَارِهِنَّ لا في حِيَضِهِنَّ ، فإِنّما ضاع بِغَيْبَتِه عَنهنَّ أَطْهارُهُن ، قال الأَزهريُّ : وأَهلُ العراق يَقولون : القَرْءُ : الحَيْضُ ، وحُجَّتُهم قولُه صلى الله عليه وسلم ( دَعِي الصَّلاَةَ أَيَّامَ أَقْرائِكِ ) أَي أَيَّام أَقْرائِكِ ) أَي أَيَّام حِيَضِك ، قال الكسائي والفَرَّاءُ : أَقْرأَت المرأَةُ إِذا حاضَتْ ( وقال الأَخفش : ) . وما قَرَأَتْ حَيْضَةً ، أَي ما ضَمَّتْ رَحِمُها عَلَى حَيْضَةٍ ، وقال
____________________

(1/368)


ابنُ الأَثيرِ : قد تَكَرَّرَتْ هذه اللفظةُ في الحَدِيث مُفَرَدةً ومَجموعةً ، فالمُفردَةُ بفتح القاف وتُجمع على أَقراءٍ وقُرُوءٍ ، وهو من الأَضداد ، يقع على الطُّهْرِ ، وإِليه ذَهب الشافعيُّ وأَهلُ الحِجازِ ، ويَقَع على الحَيْضِ ، وإِليه ذهب أَبو حَنيفة وأَهْلُ العِراقِ ، والأَصلُ في القَرْءِ الوَقْتُ المَعلوم ، ولذلك وقَع على الضِّدَّينِ ، لأَن لكُلَ منهما وَقْتاً ، وأَقرأَت المرأَةُ إِذا طَهُرَت ، وإِذا حاضت ، وهذا الحَدِيثُ أَراد *!بالأَقْراءِ فيه الحِيَضَ ، لأَنه أَمرهَا فيه بِتَرْك الصلاةِ .
( و ) أَقرأَت ( الناقَةُ ) والشاةُ ، كما هو نَصُّ المُحكم ، فليس ذِكْرُ النَّاقةِ بِقَيْدٍ ( : استَقَرَّ الماءُ ) أَي مَنِيُّ الفَحْلِ ( في رَحِمِها ) وهي في قِرْوَتِها ، على غيرِ قياسٍ ، والقِياس قِرْأَتِها ( و ) أَقرأَت ( الرِّياحُ ) أَي ( هَبّتْ لِوَقْتِها ) وَخَلَت في وَقْتِا ، والقَاريءُ : الوَقْتُ ، وقال مالك بن الحارث الهُذَلِيُّ :
كَرِهْتُ العَقْرَ عَقْرَ بَنِي شَلِيلٍ
إِذَا هَبَّتْ لِقَارِئها الرِّياحُ
أَي لوقت هُبُوبِها وشِدَّتِها وشِدَّةَ بَرْدِها ، والعَقْرُ مَوْضِعٌ ، وشَلِيلٌ : جَدُّ جَرِيرِ بن عبدِ الله البَجَلِيّ ، ويقال : هذا وَقْتُ قَارِيءٍ الرِّيحِ لِوَقْتِ هُبوبها ، وهو من باب الكاهِل والغَارِب ، وقد يَكون على طَرْح الزائد .
( و ) أَقْرأَ مِن سَفَره ( : رَجَع ) إِلى وَطَنه ( و ) أَقْرَأَ أَمْرُكَ ( : دَنَا ) وفي ( الصحاح ) : أَقْرَأَتْ حَاجَتُه : دَنَتْ ( و ) أَقرأَ حاجَتَه : ( أَخَّرَ ) ويقال : أَعَتَّمْتَ قِرَاكَ أَو أَقْرَأْتَهُ ، أَي أَخَّرْتَه وحَبَسْتَه ( و ) قيل ( : اسْتَأْخَرَ ) ، وظن شيخُنا أَنه من أَقرَأَتِ النجومُ إِذا تَأَخَّرَ مَطَرُها فَورَّكَ على المُصَنِّف ، وليس كذلك ( و ) أَقْرأَ النَّجْمُ ( غَابَ ) أَو حَانَ مَغِيبُه ، ويقال أَقرَأَت النجومُ : تَأَخَّرَ مَطَرُها ، ( وأَقرأَ ) الرجلُ من سفره ( : انْصَرَفَ ) منه إِلى وَطَنِه ( و ) أَقرأَ ( : تَنَسَّكَ ،*! كَتَقَرَّأَ ) *!تَقَرُّؤًا ، وكذلك قَرَأَ ثُلاثِيًّا .
( وقَرَأَتِ الناقَةُ ) والشاةُ ( : حَمَلَتْ ) وناقَةٌ *!قارِىءٌ ، بغير هاء ، وما قرَأَتْ
____________________

(1/369)


سَلاً قَطُّ : ما حَمَلَتْ مَلْقُوحاً . وقال اللِّحيانِيُّ : معناه . ما طَرَحَتْ ، وروى الأَزهريُّ عن أَبي الهيثم أَنه قال : يقال : ما قَرأَتِ الناقَةُ سَلاً قَطُّ ، وما قَرأَتْ مَلْقُوحاً ، ( قطّ ) قال بعضُهم : لم تَحْمِلْ في رَحمها ولداً قَطُّ ، وقال بعضُهم : ما أَسقطَتْ وَلداً قَطُّ ، أَي لم تَحْمِل ، وعن ابنِ شُمَيْلٍ : ضَربَ الفَحْلُ الناقةَ على غَيْر قُرْءٍ ، وقُرْءُ الناقةِ : ضَبَعَتُهَا ، وهذه ناقةٌ قارِيءٌ وهذه نُوقٌ *!قَوَارِىءٌ ، وهو مِنْ أَقرأَت المَرْأَة ، إِلا أَنه يقال في المرأَة بالأَلف ، وفي الناقة بغير أَلف .
( و ) قَرَأَ ( الشيءَ : جَمَعَه وضَمَّه ) أَي ضَمَّ بعْضَه إِلى بعضٍ ، وقَرأْتُ الشيْءَ قُرْآناً : جَمعْتُه وضمَمْتُ بعْضَه إِلى بعضٍ ، ومنه قولُهم : ما قَرأَتْ هذه الناقةُ سَلاً قَطُّ وما قَرَأْتْ جَنِيناً قَطُّ ، أَي لم تَضُّمَّ رَحِمُها على وَلَدٍ ، قال عَمْرُو بن كُلْثُومٍ :
ذِرَاعَيْ عَيْطَلٍ أَدْمَاءَ بِكْرٍ
هِجَانِ اللَّوْنِ لَنْ تَقْرَأْ جَنِينا
قال أَكثر الناس : معناه : لم تَجْمَعْ جَنِيناً ، أَي لم يَضُمَّ رَحِمُها على الجَنين ، وفيه قَوْلٌ آخَرُ ( لَمْ تَقْرَأْ جَنِينا ) أَي لم تُلْقِه ، ومعنى { قَرَأْتَ الْقُرْءانَ } ( النحل : 98 ) لَفَظْتَ به مَجموعاً ، أَي أَلْقَيْتَه ، وهو أَحدُ قَوْلَي قُطْرُبٍ . وقال أَبو إِسحاق الزّجاج في تفسيره : يُسَمَّى كَلامُ الله تعالى الذي اينزلَه على نَبِيّه صلى الله عليه وسلمكِتاباً وقُرآناً وفُرْقَاناً ، لأَنه يَجْمَعُ السُّوَرَ فَيَضُمُّها ، وقوله تعالى : { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءانَهُ } ( القيامة : 17 ) أَي جَمْعَه *!وقِراءَتَه { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءانَهُ } ( القيامة : 18 ) أَي قِرَاءَتَه . قال ابنُ عَبَّاسٍ : فإِذا بَيَّنَّاهُ لَك*! بِالقِراءَةِ فاعْمَلْ بِمَا بَيَّنَّاهُ
____________________

(1/370)


لَكَ ، ورُوِي عن الشافعيّ رضي الله عنه أَنه قَرَأَ القُرآن على إِسْمَاعِيلَ بنِ قُسْطَنْطِينَ ، وكان يقول : القُرَآنُ اسْمٌ وليس بمهموزٍ ولم يُؤْخَذ من قَرَأْتُ ، ولكنه اسمٌ لكتاب الله ، مثل التوراة والإِنجيل ، ويَهْمِزُ قَرأْتُ ولا يَهْمِزُ القُرَانَ ، وقال أَبو بكرِ بنُ مُجاهِدٍ المُقْرِيءُ : كان أَبو عَمْرو بنُ العلاءِ لا يَهْمِزِ القُرَانَ ، وكان يَقْرَؤُه كما رَوَى عن ابنِ كَثِيرٍ ، وقال ابنُ الأَثيرِ : تَكرَّر في الحَديث ذِكْرُ القِرَاءَةِ والاقْتِرَاءِ والقَارِيءِ والقُرآنِ ، والأَصلُ في هذه اللفظةِ الجَمْعُ ، وكُلُّ شيءٍ جَمعْتَه فقد قَرَأْتَه ، وسُمِّيَ القُرآنَ لأَنه جَمَعَ القِصَصَ والأَمْرُ والنَّهْيَ والوَعْدَ والوَعِيدَ والآيَاتِ والسُّوَرَ بَعْضَهَا إِلى بعْضٍ ، وهو مَصْدَرٌ كالغُفْرانِ ، قال وقَد يُطْلَق على الصَّلاةِ ، لأَن فيها قِراءَةً ، من تَسْمِيَةِ الشيء ببعضه ، وعلى القراءَة نَفْسِها ، يقال قَرَأَ يَقْرَأُ ( قِرَاءَة و ) قُرْآناً ( والاقتراءُ افتعال من القِراءَة ) وقد تُحْذَف الهمزةُ تَخفيفاً ، فيقال قُرَانٌ وقَرَبْتُ وقَارٍ ، ونحو ذلك من التصريف .
( و ) قَرَأَت ( الحامِلُ ) وفي بعض النسخ الناقَةُ ، أَي ( وَلَدَتْ ) وظاهره شُمُولُه للآدَمِيِّينَ .
(*! والمُقَرَّأَةُ ، كَمُعَظَّمَةٍ ) هي ( التي يُنْتَظَرُ بها انْقِضَاءُ أَقْرَائِهَا ) قال أَبو عَمرو : دَفَع فلانٌ جَارِيتَه إِلى فُلانةَ تُقَرِّئُها ، أَي تُمسِكُها عِنْدَها حتى تَحِيضَ للاسْتِبراءِ ( وقد قُرِّئَتْ ) بالتشديد ( : حُبْسَتْ لِذلِك ) أَي حتى انْقَضَتْ عِدَّتُها .
( وأَقْرَاءُ الشِّعرِ : أَنْوَاعُه ) مَقاصِدُه ، قال الهروي : وفي إِسلام أَبي ذَرَ قال أَنيس : لقد وَضَعْتُ قَوْلَه عَلَى أَقراءِ الشِّعْرِ فَلاَ يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحدٍ ، أَي على طُرُقِ الشِّعْرِ وبُحورِه واحدها قَرْءٌ بالفتح ، وقال الزَّمخشَرِي وغيرُه : أَقراءُ الشِّعْرِ : قَوَافِيه التي يُخْتَمُ بها ، كأَقْرَاءِ الطُّهْرِ التي تَنقطع عنها ، الواحد قَرْؤٌ
____________________

(1/371)


وقُرْؤٌ وقيل بتِثليثه *!-وقَرِيءٌ كبَديِعٍ ، وقيل هو قَرْوٌ ، بالواو ، قال الزمخشري : يقال للبيتينِ والقصيدتين : هما على قَرْوٍ واحدٍ وقَرِيَ واحدٍ . وجمع القَرِيِّ أَقْرِيَةٌ ، قال الكُمَيْتُ :
وَعِنْدَهُ للنَّدَى وَالحَزْمِ أَقْرِيَةٌ
وَفِي الحُرُوب إِذَا مَا شَاكَتِ الأُهَبُ
وأَصْلُ القَرْوِ القَصْدُ ، انتهى ( ومُقْرَأٌ ، كَمُكْرَمٍ ) هكذا ضَبطه المُحدِّثون ( د ) وفي بعض النسخ إِشارة لموضع ( باليَمَنِ ) قَريباً من صَنْعَاءَ على مَرْحلة منها ( به مَعْدِن العَقِيقِ ) وهو أَجْوَدُ مِنْ عَقِيقِ غَيْرِها ، وعِبارةُ ( العُبابِ ) : بها يُصْنَع العَقِيقُ وفيها مَعْدِنُه ، قال المَنَاوي : وبه عُرِف أَنَّ العَقِيقَ نَوْعَانِ مَعْدِنِيٌّ ومَصْنُوع ، وكمَقْعَدٍ قَرْيَةٌ بالشامِ مِن نَواحِي دِمَشق ، لكنّ أَهْلَ دِمَشقَ والمُحدِّثون يَضُمُّونَ المِيم ، وقد غَفَل عنه المُصَنِّف ، قاله شيخُنا ، ( منه ) أَي البلد أَو الموضع (*! المُقْرَئِيُّونَ ) الجماعة ( مِن ) العُلماء ( المُحَدِّثِين وغَيْرِهم ) منهم صُبَيح بن مُحْرِز ، وشَدَّاد بن أَفْلَح ، وجميع بن عَبْد ، وَرَاشد بن سَعْد ، وسُوَيد بن جَبَلة ، وشُرَيْح بن عَبْد وغَيْلاَن بن مُبَشِّر ، ويُونُس بن عثمان ، وأَبو اليَمان ، ولا يعرف له اسمٌ ، وذو قرنات جابِر بن أَزَذَ ، وأُم بَكْرٍ بِنْتُ أَزَذَ والأَخيران أَورَدَهما المُصنِّف في الذال المعجمة ، وكذا الذي قبلهما في النون ، وأَما
____________________

(1/372)


المنسوبونَ إِلى القَرْيَةِ التي تَحْت جَبَل قَاسِيُونَ ، فمنهم غَيْلاَن بن جَعْفَر المَقْرئِيّ عن أَبي أُمَامَة ( ويَفْتَحُ ابنُ الكَلْبِيِّ المِيمَ ) منه ، فهي إِذاً والبَلْدَة الشَّامِيَّة سَواءٌ في الضَّبْطِ ، وكذلك حكاه ابنُ ناصرٍ عنه في ( حاشية الإِكمال ) ، ثم قال ابنُ ناصر من عِنده : المُحدّثونَ يقولونه بضَمِّ المِيم وهو خطأٌ ، وإِنما أوْرَدْتُ هذا فإن بعضاً من العلماءِ ظَنَّ أَن قَوْلَه وهو خَطَأٌ من كلام ابنِ الكَلبِيّ فنَقلَ عنه ذلك ، فتأَمَّلْ .
(*! والقِرْأَةُ بالكسر ) مثل القِرْعة ( : الوَبَاءُ ) قال الأَصمعي : إِذا قَدِمْتَ بِلاداً فَمَكَثْتَ بها خَمْسَ عَشْرَةَ ليلةً فقد ذَهَبتْ عنك قِرْأَةُ البِلاَدِ وقِرْءُ البِلاَدِ ، فَأَمَّا قَوْلُ أَهلِ الحِجازِ قِرَةُ البلادِ فإِنما هو على حذف الهمزة المُتَحرِّكة وإِلقائِها على الساكِن الذي قَبْلَها ، وهو نوعٌ من القياس ، فأْمّا إِغْرابُ أَبي عُبيدٍ وظَنّه إِيَّاها لُغَةً فخطأٌ ، كذا في ( لسان العرب ) وفي ( الصحاح ) اين قَوْلَهم قِرَةٌ بغير همزٍ معناه أَنه إِذا مَرِض بِهَا بعدَ ذلك فليس من وَبَاءِ البِلادِ قال شيخنا : وقد بقي في ( الصحاح ) مما لم يتعرض له المصنف الكلام على قوله تعالى : { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءانَهُ } ( القيامة : 17 ) الآية .
قلت : قد ذكر المُؤَلّف من جُملةِ المصادر القُرآن ، وبَيَّن أَنه بمعنَى القِراءَة ، فَفُهم منه مَعْنى قوله تعالى : { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءانَهُ } أَي قِرَاءَتَه ، وكِتابُه هذا لم يَتَكَفَّلْ لِبيانِ نُقُولِ المُفَسِّرين حتَّى يُلْزِمَه التَّقصيرَ ، كما هو ظاهِرٌ ، فَلْيُفْهَم .
( *!واسْتَقْرَأَ الجَمَلُ النَّاقَةَ ) إِذا ( تَارَكَها لِيَنْظُرَ أَلَقِحَتْ أَمْ لا ) .
عن أَبي عُبيدَة : ما دَامَتِ الوَدِيقُ في وِدَاقها فهي في قُرُوئها وأَقْرَائِها .
( ) ومما يستدرك عليه *!مُقْرَأَ بن سُبَيْع بن
____________________

(1/373)


الحارث بن مالك بن زيد ، كَمُكْرَم ، بَطْنٌ من حِمْيَرٍ وبه عُرِف البَلَدُ الذي باليَمن ، لنُزوله وَوَلدِه هناك ، ونَقل الرشاطي عن الهَمْدَاني مُقْرَي بن سُبَيْع بوزن مَعْطِي قال : فإِذا نَسبْتَ إِليه شَدَّدْتَ الياءَ ، وقد شُدِّدَ في الشِّعرِ ، قال الرشاطي ، وقد وَرَد في الشعر مَهموزاً ، قال الشاعر يخاطب مَلِكاً :
ثُمَّ سَرَّحْتَ ذَا رُعَيْنٍ بِجَيْشٍ
حَاشَ مِنْ مُقْرَيءٍ وَمِنْ هَمْدَانِ
وقال عَبْد الغَنِيّ بنُ سَعِيد : المحدِّثون يَكْتبونه بأَلِفٍ ، أَي بعد الهمزة ، ويجوز اين يكون بعضُهم سَهّلَ الهمزةَ لِيُوافِقَ ، هذا ما نَقله الهمدانيُّ ، فإِنه عليه المُعَوَّلُ في أَنساب الحِمْيَرِيِّينَ . قال الحافظ : وأَما القَرْيَةُ التي بالشَّأْم فأَظُنُّ نَزَلَها بَنُو مُقْرَيءٍ هؤُلاءِ فَسُمِّيَتْ بِهم .
قرضأ : ( *!القِرْضِىءُ ) مهموز ( كَزِبْرِجٍ ) أَهمله الجوهري ، وقال أَبو عَمْرو : هو ( مِنْ غَرِيبِ شَجَرِ البَرِّ ) شَكْلاً ولَوْناً ، وقال أَبو حَنيفة : يَنْبُتُ في أَصْلِ السَّمْرَةِ والعُرْفُطِ والسَّلَمِ و ( زَهْرَه أَشَدُّ صُفْرَةً مِن الوَرْسِ ) وَوَرَقُه لَطِيفٌ دَقِيقٌ . فالمصنِّف جَمعَ بين القَوْلَيْنِ ( وَاحدَتُه ) *!قِرْضِئة ( بِهَاءٍ ) .
( ) ومما يستدرك عليه .
قسأ : *!قُسَاءٌ ، كغُرَابٍ مَوْضِعٌ ، ويقال فيه : قَسى ، ذكره ابنُ أَحْمَر في شِعره :
بِهَجْلٍ مِنْ قَسى ذَفِرِ الخُزَمَى
تَهَادَى الجِرْبِيَاءُ به جَنِينَا
وقد يُذكر في المُعتلّ أَيضاً .
قضأ : ( *!قَضِىءَ السِّقَاءُ ) والقِرْبَةُ ( كَفَرِح ) *!يَقْضَأُ *!قَضَأً فهو *!قَضِىءٌ ( : فَسَدَ وعَفنَ ) هكذا في نسختنا بالواو ، عَطْفُ تفسيرٍ أَو خاصَ على عَامَ ، وفي بعضها بالفاءِ ،
____________________

(1/374)


( وتَهَافتَ ) وذلك إِذا طُوِيَ وهو رَطْبٌ وقربة قضئة فسدت وعفنت .
( و ) *!قَضِئَت ( العَيْنُ )*! تَقْضَأُ قَضأً كَجَبِلٍ فهي *!قَضِئَةٌ ( : احْمَرَّتْ واسْتَرْخَت مَآقِيهَا ) وقَرِحَتْ ( وفَسَدَتْ ) والاسم *!القُضْأَةُ ، وفي حديث المُلاعنة : ( إِنْ جَاءَتْ به*! قَضِىءَ العَيْنِ فهو لهِلالٍ ) أَي فاسِدَ العَيْنِ ( و ) قَضِيءَ الثوبُ و ( الحَبْلُ ) إِذا ( أَخْلَقَ وتَقَطَّعَ ) وَعفِنَ مِن طُولِ النَّدَى والطَّيِّ ( أَو ) أن قَضِيءَ الحَبْلُ إِذا ( طَالَ دَفْنُه في الأَرضِ فَتنَهَّكَ ) وفي نسخة حتى يَنْهك ( و ) قَضِيءَ ( حَسَبُه ، قَضَأً ) محرّكةً ( وَقَضَأَةً ) مثله بزيادة الهاءِ ، كذا هو مضبوط في نسختنا والذي في ( لسان العرب ) قَضَاءَةً بالمدّ . *!وقُضُوءًا إِذا عَابَ و ( فَسَدَ . وفيه ) أَي في حَسَبهِ (*! قَضْأَةٌ ) بالفتح ( ويُضَمُّ ) أَي ( عَيْبٌ وفَسادٌ ) اقتصر في ( الصحاح ) على الفَساد ، وفي ( العُباب ) على العَيْب ، وجَمع بينهما في ( المُحكم ) ، وإِياه تَبِع المُصَنِّفُ ، قال المناوي : أَحدهما كَافٍ والجَمْع إِطْنَابٌ . قلت : وفيه نَظَرٌ ، قال الشاعر :
تُعَيِّرُنِي سَلْمَى وَلَيْسَ بِقُضْأَةٍ
وَلَوْ كُنْتُ مِنْ سَلْمَى تَفَرَّعْتُ دارِمَا
سَلْمَى : حَيٌّ من دَارِمٍ وتَفرَّعْتُ بني فُلانٍ : تَزَوَّجْتُ أَشْرَف نِسَائهم ، وتقول : ما عَليك في هذا الأَمرِ *!قُضْأَةٌ ، مثل قُضْعَةٍ بالضَّمِّ ، أَي عَارٌ وَضَعَةٌ .
وقرأْتُ في كتاب ( الأَنساب ) للبَلاذُوِيّ : وَفَدَ لَقِيطُ بن زُرَارَةَ التَّمِيميُّ على قَيسِ بن مَسْعودٍ الشيبانيِّ خَاطِباً ابنتَه ، فغَضِب قيسٌ وقال : أَلاَ كَان هذا سِرًّا ؟ فقال : ولِمَ يا عَمُّ ؟ إِنك لَرِقْعَة وما بين قُضْأَة ، ولئنْ سَارَرْتُك لا أَخْدَعْك وإِنْ عالَنْتُك لا أَفْضَحْك ، قال : ومن أَنت ؟ قال : لَقيطُ بن زُرارة . قال : كُفْؤٌ كَرِيمٌ . . إِلخ ، فقد
____________________

(1/375)


أَنكحْتُك القَدُورَ ابنَتي بِنْتَ قَيْسٍ .
( وقَضِيءَ ) الشيءَ ( كَسَمعَ ) *!يَقْضَؤُه قَضْأً ، ساكنةً ، عن كُراع ( : أَكَلَ ، وأَقْضَأَهُ ) أَي الرجلَ : ( أَطْعَمَهُ ) وقيل إِنما هي أَفْضَأَه بالفاءِ ، وقد تقدّم ( و ) يقال : للرجل إِذا نَكَحَ في غَيْرِ كَفَاءَةٍ : نَكَح في قُضْأَةٍ . قال ابن بُزُرْجَ : يقال : إِنهم ( *!تَقَضَّئُوا منه اينْ يُزَوِّجُوه ) يقول ( اسْتَخَسُّوا ) استِفْعَال في الخِسَّة ( حَسَبَهُ ) وعابُوه ، نقله الصغاني .
قفأ : ( *!قَفِئتِ الأَرْضُ كَسَمِعَ*! قَفْأً ) أَي ( مُطِرَتْ ) وفي بعض النسخ أُمْطِرَت وفيها نَبْتٌ فحَمَلَ عليه المَطرُ ( لنغَيَّر نَبَاتُها وفَسَدَ ) وفي ( المحكم ) يعد قوله المطر : فَأَفْسَدَه ، قال المَناوي : ولا تَعَرَّض فيه للتغَيُّرِ ، فلو اقتصر المُصنّف على فَسَد لَكَفَى ( أَو*! القَفْءُ ) على ما قال أَبو حنيفة ( : أَن يَقَعَ التُّرابُ على البَقْلِ ) فإِن غَسَلَه المَطَرُ وإِلاَّ فَسَد ( و ) قد ( تَقَدَّمَ ) طَرَفٌ من هذا المعنى ( في ف ق أَ ) وذلك أَن البُهْمَي إِذا أَتْرَبَهَا المَطَرُ فَسَدَت فلات أْكُلُها النَّعَم ، ولا يُلتَفَتُ إِلى ما نقله شيخُنا بعضٍ أَنَّها إِحالةٌ غيرُ صَحِيحةٍ ، والعَجَبُ منه كيف سَلَّمَ لِقائِلِه قَوْلَه .
( *!واقْتفَأَ الخَرْزَ ) مثل ( افْتَقَأَهُ ) : أَعَادَ عليه ، عن اللِّحيانيّ ، قال : وقيل لامرأَةٍ : إِنك لم تُحْسِنِي الخَرْزَ فاقْتَفِئهِ . أَي أَعِيدي عليه واجْعَلِي عليه بين الكُلْبَتَيْنِ كُلْبَةً ، كما تُخَاطُ البَوَارِيُّ إِذا أُعيد عليها ، يقال : اقْتَفَأْتُه : أَعَدْتُ عليه . والكُلْبَةُ : السَّيْرُ والطَّاقَةُ من اللِّيف ، يُستعمل كما يُسْتَعْمل الإِشْفَى الذي في رأْسِه حَجَرٌ يُدْخَلُ السَّيْرُ أَو الخَيْطُ في الكُلْبَةِ وهي مَثْنِيَّةٌ فَيَدْخُلُ في مَوضع الخَرْزِ ويُدْخِلُ الخَارِزُ يَدَهُ في الإِدَاوَةِ ثمَّ يَمُدُّ السَّيْرَ أَو الخَيْطَ . وقد اكْتَلَب إِذا استَعْمَل الكُلْبَةَ ، وسيأْتي في حرف الباءِ ، إِن شاءَ الله تعالى .
قمأ : (*! قَمَأَ ) الرجلُ وغيرُه ( كجَمَعَ
____________________

(1/376)


وكَرُم *!قَمْأَةً ) كرحْمَةٍ ، كذا في النُّسخة لا يَعْنِي هنا به المَرَّةَ الواحِدَة البتَّةَ ، كذا في ( المُحكم ) (*! وقَمَاءَةً ) كَسَحابةٍ (*! وقُمَاءً بالضم والكسر ) إِذا ( ذَلَّ وصَغُرَ ) في الأَعيُن ( فهو *!-قَمِيءٌ )كأمير: ذليل وفي الأساس:فلان *!قميُّ ، لكنَّه كَمِيٌّ ( ج*! قِمَاءٌ *!وقُمَاءٌ كَجِبَالٍ وَرُخَالٍ ) الأَخيرة جمعٌ عَزيز ، والأُنثى *!قَمِيئةٌ ، ولشيخنا هنا كَلاَمٌ عَجِيب ( و )*! قَمَأَت ( المَاشيةُ )*! تَقْمَأُ (*! قُمُوءًا *!وقُمُوأَةً ) بضمهما ( وقَمْأً ) بالفتح ( و ) *!قَمُؤَت ( *!قَمَاءَةً *!وقَمَاءً ) بالمَدّ فيهما ، وفي بعض النسخ بالتحريك والقصر في الأُولى منهما ( : سَمِنَتْ*! كأَقْمَأَتْ ) رُباعِيًّا ، وفي ( التهذيب ) *!قَمَأَت الماشِيَةُ تَقْمَأُ فهي قَامِئَةٌ : امتلأَتْ سِمَناً ، وأَنشد للباهلّي :
وخرْدٍ طَارَ بَاطِلُها نَسِيلاً
وَأَحْدَثَ قَمُؤُهَا شَعَراً قِصَارَا
( و ) قَمَأَت ( الإِبلُ بالمكانِ : أَقامَتْ ) به وأَعجبته ( لِخِصْبِهِ ) وسَمِنَتْ فيه . *!وقَمَأْتُ بِالمكانِ قَمْأً : دَخَلْتُه وأَقَمْتُ به .
قال الزمخشري : ومنه *!اقْتَمَأَ الشَّيْءِ إِذا جَمَعَه .
*!والقَمْءُ : المَكَانُ الذي تَقيمُ فيه النَّاقةُ والبعيرُ حتى يَسْمَنَا ، وكذلك المرأَةُ والرجلُ .
( و ) يقال : قَمَأَت الماشيَةُ مَكَانَ كذا حتى ( سَمِنَت ) وفي الحديث أَنه صلى الله عليه وسلم كان *!يَقْمَأُ إِلى مَنْزِل عائِشَةَ كثيراً ، أَي يَدْخُلُ .
قال شيخنا : إِن المعروف قَمُؤَ ، كَكَرُم : صار ذَلِيلاً ، وَقَمَأَ ، كَمنَع : سَمِن ، إِلى آخره . قلت : ولكن المَفهوم من سِياق صاحِب اللسان
____________________

(1/377)


استعمالُهما في المَعْنى الثاني كما عَرَفْتَ .
( وَقَمَأَه كَمَنَعَه ) قال شيخُنا : صَرَّح أَهلُ الصَّرْفِ والاشتقاقِ أَنَّ هذا ليس لُغةً أَصْلِيَّةً ، بل بعضُ العرب أَبْدلوا الهمزةَ عَيْناً . قلت : ولذا قال في تفسيره : ( : قَمَعَه ، وأَقمأَه ( صَغَّرَه و ) أَذَلَّهُ ) وفي بعض النسخ : ذَلَّلَهُ ، والصَّاغِرُ : *!-القميءُ يُصَغَّر بذلك وإِن لم يَكن قَصيراً ، وكذا أَقْمَيْتُ مُعتَلاًّ أَي ذَلَّلْتُه ( و ) أَقمأَ المَكانَ أَو المرعى ( أَعْجَبَه ) فأَقَام به . ( و ) *!أَقمأَ ( المَرْعَى الإِبِلَ : وَافَقَها فَسَمَّنَهَا و ) أَقمأَ ( القَوْمُ : سَمِنَتْ إِبلُهم ) وفي بعض الأُصول : ماشِيَتُهم .
(*! والقَمْأَةُ : المَكَانُ ) الذي ( لا تَطْلُعُ عليه الشَّمْسُ ) نقله الصاغاني ، وهو قولُ أَبي عَمْروٍ ، وعند غيرِه : الذي لا تُصِيبُه الشمسُ في الشِّتاءِ وجمعها القِمَاءُ (*! كالمَقْمَأَةِ *!والمَقْمُؤَةِ ) نَقيضُ المَضْحاةِ وهي المَقْنأَةُ والمَقْنُؤَةُ ، وعن أَبي عمرو المَقْنأة والمَقْنُؤَة : المكانُ الذي لا تَطْلُع عليه الشمسُ ، وسيأْتي قريباً ( و ) إِنهم لفي القَمْأَةِ أَي ( الخِصْبُ والدَّعَةُ ، ويُضَمُّ ) فيقال قُمحأَه على مثال قُمْعَةٍ .
( و ) عن الكسائي ( ما *!قامَأَهُ ) وما قَانَأَه أَي ( ما وَافَقَهُ ) وما *!-يُقَامِئُني الشْيءُ : ما يُوافِقُني . ( وعَمْرُو بْنُ*! قَمِيئَةَ كَسَفِينَةٍ : شاعِرٌ ) ، وهو الذي كَسَر رَباعِيَة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلميوم أُحُدٍ .
(*! وتَقَمَّأَ الشَّيْءَ : أَخَذَ خِيَارَهُ ) حكاه ثَعْلَبٌ ، وأَنشد لابن مُقْبِلٍ :
لقد قَضَيْتُ فَلاَ تَسْتَهْزِئَنْ سَفَهاً
مِمَّا تَقمَّأْتُهُ مِنْ لَذَّةٍ وَطَرى
هذا محلُّ إِنشاده ، ووَهِمَ شيخُنا فأَنشدَه في معنى تَقَمَّأْتُ الشَّيْءَ : جَمَعْتُه شَيْئاً بعد شيءٍ ( و ) تَقَمَّأَ ( المكانَ ) أَي ( وَافَقَهُ فَأَقَامَ به ، كَقَمَأَ ) ثُلاثِيًّا ، أَي يُستعمل مُتعَدِّياً بحرف الجر وبنفسه .
قنأ : ( *!قَنَأَ ) الشَّيْءُ ( كَمَنَع )*! يَقْنَأُ
____________________

(1/378)


( *!قُنُوءًا ) كَقُعودٍ ( : اشْتَدَّت حُمْرَتُه ) قال الأَسودُ بن يَعْفُر :
يَسْعَى بِها ذُو تُومَتَيْنِ مُشَمِّرٌ
فَنَأَتْ أَنَامِلُهُ مِنَ الفِرْصَادِ
وفي الحديث : وقَدْ قَنَأَ لَوْنُها . أَي اشتدَّتْ حُمْرَتُها ، وتَرْكُ الهمز فيه لُغَةٌ أُخرى . وشيءٌ أَحْمَرُ *!قَانِىءٌ أَي شدِيدُ الحُمْرة ، وقد قَنَأَ يَقْنَأُ . ( *!وَقَنَّأْتُه ) *! تَقْنِئَةً و (*! تَقْنِيئاً ) أَي حَمَّرْتُه . ( و )*! قَنَّأَ ( اللَّبَنَ ) ونَحْوَه ( : مَزَجَهُ ) بالماءِ ، وهو مجاز .
( و ) قَنَأَ ( فُلاَناً )*! يَقْنَؤُه *!قَنْأً ( : قَتَلَهُ أَوْ حَمَلَه عَلى قَتْلِه ، *!كأَقْنَأَهُ )*! إِقْناءً ، رُباعِيًّا .
( و ) قال أَبو حنيفة : قَنَأَ ( الجِلْدُ ) قُنُوءًا ( : أُلْقِيَ في الدِّبَاغِ ) بعد نَزْع تَحْلِئَتِهِ لِتُنْزَع فُضُولُه ، *!وقَنَّأَه صاحِبُه : دَبَغَه ( و ) قَنَأَ ( لِحْيَتَه ) أَي ( سَوَّدَها ) بالخِضاب ، (*! كَقَنَّأَهَا ) *!تَقْنِئَةً ، وفي الحديث : مَرَرْتُ بأَبي بَكْرٍ فإِذا لِحْيَتُه *!قَانِئَةٌ . وقَنَأَتْ هي بالخِضاب *!وقَنَأَتْ أَطرافُ الجارِيةِ بالحِنَّاءِ : اسْوَدَّت ، وفي ( التهذيب ) : احْمَرَّت احمراراً شديداً ، وفي قول الشاعر :
وَمَا خِفْتُ حَتَّى بَيَّنَ الشِّرْبُ والأَذَى
*! بِقَانِئَةٍ أَنِّي مِنَ الحَيِّ أَبْيَنُ
هُو شَرِيبٌ لِقَوْمٍ ، يقول : لم يَزالوا يَمنعونني الشُّرْبَ حتى احْمَرَّت الشمسُ .
( و ) في ( التهذيب ) قَرأْتُ لِلْمُؤَرِّج : يقال : ضَرَبْتُه حتى ( قَنِيءَ ، كَسَمِعَ ) يَقْنَأُ قُنُوءًا إِذا ( مَاتَ و ) قَنِيء ( الأَدِيمُ : فَسَدَ ، *!وأَقْنَأْتُه ) أَنا : أَفْسدته .
(*! وَقَنَاءٌ كَسَحابٍ : ) اسم ( مَاء ) من مياهِ العَرب ، وفي بعض النسخ بالأَلف واللام ، وضبطه بعضُهم كَغُراب ، وقال صاحب المشوف : والظاهر أَنَّ هَمْزَته بَدلٌ من واوٍ لا أَصْلٌ ، لأَن البكريَّ ذكر أَنَّه مقصور وقال : يُكتَب بالأَلف ، لأَنه يقال في تَثْنيته قَنَوَانِ ، انتهى . 4 وأَما قِنَا بالكسر والقصر فسيأْتي في المُعْتَلّ .
(*! وأَقْنَأَنِي ) الشَّيءُ : ( أَمْكَنَنِي ) ودَنَا مني .
( *!والمَقْنَأَةُ وتُضَمُّ نُونُه ) هي
____________________

(1/379)


( المَقْمَأَةُ ) بالميم المَوْضِع الذي لا تَطْلُع عليه الشمسُ ، وهي القَنْأَةُ أَيضاً ، وقيل : هما غيرُ مهموزَيْنِ ، قال أَبو حنيفة : زعم أَبو عمرو أَنها المكانُ الذي لا تَطْلُع عليه الشمسُ ، ولهذا وَجْهٌ ، لأَنه يَرْجِعُ إِلى دَوَامِ الخُضْرَةِ ، من قولهم قَنَأَ لِحْيَتُه إِذَا سَوَّدَها ، وقال غيرُا ءَبي عمرو : مَقْنَاةٌ ، وَمَقْنُوَةٌ ، بغير همزٍ ، نَقيضُ المَضْحَاةِ .
قيأ : ( *!قَاءَ *!يَقِيءُ *!قَيْأً *!واسْتَقَاءَ ) ويقال أَيضاً : *!اسْتَقْيَأَ ، على الأَصل (*! وَتَقيَّأَ ) أَبْلَغُ وأَكثَرُ من*! اسْتَقاءَ ، أَي استَخَرَجَ ما في الجَوْفِ عَامداً وأَلْقَاعه ، وفي الحديث ( لَوْ يَعْلَمُ الشَّارِبُ قَائِماً مَاذا عَلَيْه *! لاسْتَقَاءَ ما شَرِبَ ) وأَنشد أَبو حنيفةَ في استقاءَ بمعنى تَقَيَّأَ :
وكُنْتَ مِنْ دَائِكَ ذَا أَقْلاسِ
*!فَاسْتَقِئَنْ بِثَمَرِ القَسْقَاسِ
( *!وقَيَّأَهُ الدَّوَاءُ *!وَأَقَاءَه ) بِمَعْنى ، أَي فعل به فِعْلاً *!يَتَقَيَّأُ منه ، *!وقَيَّأْتُه أَنا ، وشَرِبْتُ *!القَيُوءَ فَمَا *!فَيَّأَني ( والاسمُ القُيَاءُ ، كَغُرَابٍ ) فهو مِثلُ العُطَاسِ والدُّوَارِ ، وفي الحديث الرّاجِعُ في هِبَتهِ كالرَّاجِع في *!قَيْئهِ ، وفيه ( مَن ذَرَعَه *!-القَيْءُ وهو صَائِمٌ فلا شَيْءَ عليه ، ومَن تَقَيَّأَ فَعَلَيْه الإِعادَةُ ) أَي تَكَلَّفه وتَعَمَّده .
*!وقَيَّأَتُ الرَّجُلَ إِذا فَعَلْتَ به فِعْلاً *!يَتَقَيَّأُ منه .
وَقَاءَ فُلانٌ ما أَكَلَ يَقِيئُه قَيْئًا إِذا أَلقَاهُ ، فهو قَائِيءٌ . ويقال : به*! قُيَاءٌ إِذا جَعل يُكْثِر القَيْءَ .
( والقَيُوءُ ) بالفتح على فَعُولٍ ما قَيَّأَكَ ، وفي ( الصحاح ) : الدَّوَاءُ الذي يُشْرَب*!- للقَيْءِ ، عن ابن السّكّيت ، والقَيُوءُ ( : الكَثيرُ القَيْءِ كَالقَيُوِّ كَعَدُوَ ) حكاه ابن الأَعرابيّ ، أَي بإِبدال الهمزةِ واواً وإِدْغامِه في واوِ فَعُولٍ ، قالَه شيخُنا . وقال صاحبُ اللسان وتبعه صاحبُ المشوف : فإِن كان
____________________

(1/380)


إِنما مَثَّلَهُ بِعَدُوِّ في اللفْظِ فهو وَجِيهٌ ، وإِن كان ذَهَبَ به إِلى أَنه مُعْتَلٌّ فهو خَطَأٌ ، لأَنَّا لا نَعْلَم قَيَيْتُ ولا قَيَوْتُ ، وقد نَفَى سِيبويهِ قَيَوْتُ وقال : ليس في الكلامِ مثلُ حَيَوْتُ ، فإِذاً ما حَكاه ابنُ الأَعرابيِّ مِن قولهم قَيُوٌّ إِنما هو مُخَفَّفٌ من رَجُل قَيُوءٍ ، كمَقْرُوَ في مَقْرُوءٍ ، قال : وإِنما حَكَيْنَا هذا عن ابنِ الأَعرابيِّ لِيُحْتَرَس مِنْه ، ولئلاَّ يَتوَهَّمَ أَحدٌ أَنّ قَيُوًّا مِن الواو أَو الياءِ ، ولا سِيَّمَا وقَد نَظَّرَهُ بعَدُوَ وهَدُوَ ونَحْوِهِما مِن بنَاتِ الواو والياء ، ( وَدَوَاؤُه المُقَيِّيءُ ) كمُحَدِّثٍ والمُقيِيءُ ، كمُكْرِم ، على القياس م أَقاءَه ، وفي بعض النسخ ودَوَاءُ القَيْءِ أَي اين القَيُوءَ يُطلَق ويُراد به دَوَاءُ القَيْءِ أَي الذي يُشْرَب للقَيْءِ ، والشخْصُ مُقَيَّأٌ كمُعْظَّم .
*!وقاءَت الأَرضُ الكَمْأَةُ : أَخرَجَتْها وأَظْهَرَتْهَا ، وفي حديث عائشةَ تَصِفُ عُمَر : وبَعَجَ الأَرْضَ فَقاءَتْ أُكُلَها ، أَي أَظْهَرَتْ نَباتَها وخَزَائِنَها . والأَرضُ*!- تَقِيءُ النَّدَى ، وكلاهما على المَثَلِ وفي الحديث ( تَقِيءُ الأَرْضُ أَفلاذَ كَبِدِهَا ) أَي تُخْرِج كُنوزَها وتَطْرَحُها على ظَهْرِها . قلت : وهو من المجاز .
( *!وَتَقَيَّأَت ) المرأَةُ إِذا تَهَيَّأَتْ لِلْجِمَاع و ( تَعَرَّضَتْ لِبَعْلِهَا ) لِيُجَامِعَها ( وَأَلْقَتْ نَفْسَها عَلَيْهِ ) وعن الليث : تَقَيُّؤُهَا : تَكَسُّرُها له وإِلقاؤُها نَفْسَها عليه ، قال الشاعر :
تَقَيَّأَتْ ذَاتُ الدَّلاَلِ وَالحَفَرْ
لِعَابِسٍ جَافِى الدَّلالِ مُقْشَعِر
وقال المناوي : الظاهِرُ أَنَّ البَعْلَ مِثالٌ وأَن المُرادَ الرَّجُلُ بَعْلاً أَوْ غَيْرَه ، وأَنَّ إِلْقَاءَ النَّفْسِ كَذلِكَ . وقال الأَزهريّ : تَقَيَّأَت ، بالقافِ ، بهذا المعنى عِندي تَصْحِيفٌ ، والصَّوابُ تَفَيَّأَت ، بالفاء ، وتَفَيُّؤُهَا تَثَنِّيها وتَكسُّرُها عَلَيْه ، من الفَيْءِ وهو الرُّجُوع .
( وثَوْبٌ *!-يَقِيءُ الصِّبْغَ ، أَي مُشْبَعٌ ) على المَثَلِ ، وعليه رِدَاءٌ وإِزَارٌ*! يَقِيآنِ الزَّعفرانَ ، أَي مُشْبَعَانِ .
وقَاءَ نَفْسَه وَلَفَظ نَفْسَه : مَات ، انتهى .

____________________

(1/381)


2 ( فصل الكاف ) مع الهمزة ) 2
كأكأ : ( *!كَأْكَأَ )*! كَأْكَأَةً كدَحْرَجَةٍ إِذا ( نَكَصَ ) أَي تَأَخَّرَ ( وجَبُنَ ) ، واقتصر الجوهري على نَكَصَ ، وزاد صاحبُ ( العُبابِ ) : جَبُن ، وَإِيَّاه تَبِع المُصنّف ( *!كَتَكَأْكَأَ ) وتَكَعْكَعَ .
(*! والكَأْكَاءُ كسَلْسَالٍ ) عن أَبي عمرو أَنه ( الجُبْنُ الهالِعُ ، و ) هو أَيضاً ( عَدْوُ اللِّصِّ ) هو جَرْيُهُ عند فِرَارِه .
(*! وتَكَأْكَأَ )*! تَكَأْكُؤًا ( : تَجَمَّعَ ) ، نقله الجَوهريُّ وغيرُه (*! كَكَأْكَأَ ) ثلاثيًّا . وسقط عيسى بنُ عُمَرَ النحويُّ عن حِمارٍ له ، فاجتمع عليه الناسُ ، فقال مالَكُم *!تَكَأْكَأْتُمْ عَليّ *!تَكَأْكَؤَكُمْ عَلَى ذِي جِنَّةٍ فَافْرَنْقِعُوا ( عني ) . أَي اجتمعْتُم ، تنَحَّوْا عَنِّي ، هذا هو المَشهور ، والذي في الفائق نَقلاً عن الجاحِظ أَن هذه القِصَّةَ وقَعَت لأَبي عَلْقَمَةَ في بَعْضِ طُرُقِ البَصْرَة ، وسيأْتي مثلُ ذلك عن ابنِ جِنّي في الشَّواذّ في تركيب ف ر ق ع ، ويروى : عَلَى ذِي حَيَّةٍ أَي حَوَّاءٍ .
*! وتَكَأْكَأَ القومُ : ازْدَحَمُوا . وفي حَدِيث الحَكَم بنِ عُتَيْبَةَ : خَرَجَ ذاتَ يَوْمٍ وقد *!تَكَأْكَأَ الناسُ عَلَى أَخِيهِ عِمْرَانَ فقالَ : سُبحانَ اللَّهِ : لَوْ حَدَّثَ الشَّيْطَانُ *!لتَكَأْكَأَ النَّاسُ عَلَيْهِ . أَي عَكَفُوا عليه مُزْدَحِمِينَ .
( و ) تَكَأْكَأَ الرجلُ ( في كَلامِه : عَيَّ ) فلم يَقْدِر على أَن يتكَلَّمَ ، عن أَبي زيدٍ ، ويُرْوَى عن الليْثِ : وقد تَكَأْكَأَ إِذا انْقَدَعَ . ( و ) قال أَبو عمرو : (*! المُتَكَأْكِىءُ ) هو ( القَصِيرُ ) كذا في ( اللسان ) .
كتأ : (*! الكَتْأَةُ ) على فَعْلَةٍ مهموز ( : نَبَاتٌ كالجِرْجِيرِ ) يُطْبَخ فيُؤْكل ، قال أَبو مَنصور : هي الكَثَاةُ ، بالثاءِ ولم يهمز وتُسمَّى النَّهْقَ ، قاله أَبو مالكٍ وغيره .
(*! والكِنْتَأْو كَسِنْدَأْوٍ ) صرِيحُ كلام النُّحاة أَن النُّونَ زائدةٌ ، فوزنه
____________________

(1/382)


فِنْعَلْوٌ ، وقيل هو من كَنَتَ ، فالهمزة والواو زائدتانِ ( : الحَبْلُ الشَّدِيد ) كذا في النُّسخ بالحاء المهملة وسُكون المُوحَّدَة ، وفي بعضها بالميم بدل الموحدة ، وفي بعضها الجَمَل بالجيم والميم ، وهكذا هو مَضبِوط في الخُلاصة والمشوف ، وغَلِطَ من ضَبط خِلافَ ذلك ، والرجلُ ( العَظِيمُ اللِّحْيَةِ الكَثُّهَا ) هكذا مَثَّلَه سِيبويهِ وفَسَّره السّيرافِي ، ( أَو الحَسَنُها ) وهذا عن كُراع .
كثأ : (*! كثأَ اللبَنُ ) وكَثَعِ ( كمَنَعَ ) *!يَكْثَأُ *!كَثْأً إِذا ( ارتَفَعَ فوقَ الماءِ وَصَفَا الماءُ من تَحْتِه ) قاله أَبو زيد ، ويقال كَثَأَ وكَثَعَ إِذا خَثُرَ وَعَلاَه دَسَمُه . ( و )*! كَثَأَتِ ( القِدْرُ ) كَثْأً ( : أَزْبَدَتْ ) لِلْغَلْي ( و ) كَثَأَ ( القِدْرَ ) إِذا ( أَخَذَ زَبَدَها ) وهو ما ارتفع منها بعْدَ الغَلَيانِ ( و ) كَثَأَ ( النَّبْتُ ) والوَبَرُ يَكحثَأُ كَثْأً وهو *!كاثِىءٌ : نَبَتَ و ( طَلَعَ أَو كَثُفَ وَغَلُظَ وطَالَ ، و ) كَثَأَ الزَّرْعُ غَلُظَ و ( الْتَفَّ ،*! كَكَثَّأَ ) مُشدَّداً (*! تَكْثِئَةً في الكُلِّ ) مما ذِكِرَ من اللَّبَنِ والوَبَرِ والنَّبْتِ ، وكذا في اللِّحْيَةِ وسَتُذكَر ، هذا هو المفهومُ مِن كلامِ الأَئمَّةِ ، بل صرَّح به ابنُ مَنظورٍ وغيرُه ، وكلامُ المُؤَلِّف يُوهِم استعمالَ التّضْعِيف في اللَّبَنِ والقِدْرِ أَيضاً ، وهو خِلافُ ما صَرَّحُوه ، فافْهَمْ ، وقد سَكتَ عنه شيخُنا تَقصيراً ، وأَوْرَدَ عن ابنِ السِّكّيت شاهداً في اللِّحْيَة في غير مَحلِّه ، وهو عَجيبٌ .
(*! وكَثْأَةُ اللبن ) بالفتح ( ويُضَمُّ ) والكَثْعَةُ بالعين ( : مَا عَلاَهُ من الدَّسَمِ ) والخُثُورَة ، ( أَو ) هو ( الطُّفَاوَةُ ) مِن فَوحق الماءِ . *!وَكُثْأة القِدْر : زَبَدُها ، يقال : خُذْ *!كَثْأَةَ قِدْرِك *!وكُثْأَتَها ، وهو ما ارتفعَ منه بعدَ ما تَغْلِي .
( و ) يقال : (*!كَثَّأَ *!تَكْثِيئاً ) إِذا ( أَكَلَ ذلك ) أَي ما على رَأْسِ اللَّبَنِ ، فاستعمالُ المَزِيد هنا بِمعنى سوى ما تَقدَّم في ( لسان العرب ) ، قال أَبو حاتم : من الأَقِطِ*! الكَثْءُ وهُو ما*! يُكْثَأُ في القِدْرِ ويُنْصَبُ ، ويكون أَعلاه غَلِيظاً . وأَمَّا المُصرَعُ فالذي يَخْثُر ويكاد يَنْضَجُ
____________________

(1/383)


والعاقِدُ : الذي ذَهَب ماؤُه ونَضِجَ ، والكَرِيصُ : الذي طُبِخَ مع النَّهَق أَو الحَمَصِيصِ وأَمَّا المَصْلُ فمِن الأَقِطِ يُطْبَخ مَرَّةً أُخْرَى ، والثَّوْرُ : القِطْعَة العَظيمة منه .
(*! وكَنْثَأَت اللِّحْيَةُ ) ، بزيادَة النون ، ويروى : كَنْتَأَت بالتاءِ المُثنَّاة الفَوْقِيَّة ، كذا في ( لسان العرب ) ، ومن هنا جَعله المُصنِّف مادَّةً وحْدَها ( : طَالَتْ وكَثُرَتْ ) أَي غَزُر شَعَرُها (*! كَكَثَأَتْ ) ثُلاَثِيًّا (*! وكَثَّأَتْ ) مَزِيداً ، وأَنشد ابنُ السِّكّيت :
وَأَنْتَ امْرُؤٌ قَدْ كَثَّأَتْ لَكَ لِحْيَةٌ
كَأَنَّكَ مِنْهَا قَاعِدٌ فِي جُوَالِقِ
هذا مَحلٌّ إِنشاده ، ويروى ( كَثْنَأَتْ ) .
( *!والكِنْثَأْو : الكِنْتَأْوْ ) بمعنى ، وقد عرفْتَ أَن التّاء لُغةٌ في الثاء . ولِحْيَةٌ*! كَنْثَأَةٌ ، وإِنّه لَكَنْتَأْ اللِّحْيَة وكَنْثَؤُها وسيأْتي البحثُ أَيضاً مع المناسبة إِن شاءَ الله تعالى .
( *!والكَثْأَةُ ) بالفتح (*! والكَثَاةُ ) كَقَناةٍ ( بلا هَمْزٍ ) ، نقلَه أَبو حنيفةَ عن بعضِ الرُّوَاةِ هو الكُرَّاثُ وقيل : الحِنْزَابُ ، وقيل : بَذْرُ ( الجِرْجيرُ ) قاله أَبو منصور ( أَو بَرِّيُّهُ ) لا بُسْتَانِيُّهُ ، وقال أَبو مالكٍ : إِنها تُسَمَّى النَّهَق ، وسيأْتي تَفْصِيلُه في ن ه ق .
كدأَ : ( *!كَدَأَ النَّبْتُ كَجَمَعَ وَسمِعَ ) *!يَكْدَأُ (*! كَدْأً ) بفتح فسكون (*! وكُدُوءًا ) بالضم ، أَي ( أَصابَهُ البَرْدُ فَلَبَّدَهُ في الأَرْض ) أَي جعل بعضَه فوق بعض ( أَو ) أَصابه ( العَطَشُ فَأَبْطَأَ نَبْتُه ،*! وَكَدَأَ البَرْدُ الزَّرْعَ كمَنَعَ ) وهو الأَكثر ( : رَدَّهُ الأَرضِ ) بأَن وَقَف أَو انْتُكِس أَو أَبطأَ ظُهورُه (*! كَكَدَّأَهُ )*! تَكْدِئَةً .
( وَأَرْضٌ *!كَادِئَةٌ ) أَي ( بَطِيئَةُ ) النَّبَاتِ و ( الإِنْبَاتِ ) . وإِبل كادِئةُ الأَوْبَارِ قَلِيلَتُها ، وقد*! كَدِئَتْ تَكْدَأُ *!كَدَأً ، وأَنشد :
*!كَوَادِىءُ الأَوْبَارِ تَشْكُو الدَّلَجَا
____________________

(1/384)



( *!وَكَدِىءَ الغُرَابُ كَفَرِحَ ) والذي في ( لسان العرب ) كَذَأَ مفتوحاً ، ولذا قال شيخنا : وأَما *!كَدِىءَ كسمِع فلغةٌ قليلةٌ : إِذا رأَيْتَه ( صَارَ كَأَنَّهُ يَقِيءُ في ) وفي بعض النسخ : من ( شَحِيجِهِ ) بالشين المُعجمة ثم الحاء المهملة وبعد الياء جيم ، أَي صَوْته في غِلَظٍ ، كذا هو مَضْبوط في النسخة المقروءَة ، وفي نسخة بالحاءَيْنِ المهملتين بمعنَى الصوتِ مطلقاً ، قاله شيخُنا ، وكذلك نَكِدَ يَنْكَد ، كما سيأْتي ( و ) كَدَأَ ( البَقْلُ ) إِذا ( قَصُرَ وخَبُثَ ) لِخُبْثِ أَرْضه ، فيكون مجازاً .
( *!وَكَوْدَأَ ) كحَوْقَلَ كَوْدَأَةً ، إِذا ( عَدَا ) أَي أَسرَع في مَشْيه .
( *!والكِنْدَأْوُ ) لغة في الكِنْتَأْو وهو ( الجَمَلُ الغَلِيظُ ) وسيأْتي في كند أَيضاً .
كرثأ : (*! الكِرْثِىءُ كَزِبْرِجٍ ) أَهمله الجوهري ، وقال الأَصمعي : هو ( السَّحَابُ المُرتَفِعُ المُتَراكِمُ ) بعضه على بعضٍ ، كأَنه لغة في الكِرْفِيءِ بالفاءِ ( وقَيْضُ البَيْضِ ) وهو قِشرته العُلْيَا اللازِقة بالبياض ، لغةٌ فلي الكِرْفيءِ أَيضاً ( و ) *!الكِرْثِئَةُ ( بهاءٍ وقد يُفْتَحُ ) أَوَّله ، على الفتح اقتصر الصغاني ( : النَّبْتُ المُجْتَمِعُ المُلْتَفُّ ) ورُغْوَةُ المَخْص إِذا حُلِب عليه لَبنُ شاةٍ فارتفع ، كلّ ذلك ثلاثي عند سيبويه ( *!وكَرْثَأَ شَعَرُه وغَيْرُه ) كالسحابِ ( : كَثُرَ ) والتفَّ ، في لغة بني أَسدٍ ، كما في ( المحكم ) ( وَتَرَاكَمَ ، *!كَتَكرْثَأَ ) يقال :*! تَكَرْثَأَ الناسُ إِذا اجتمعوا .
( و ) يقال : ( بُسْرٌ *!كَرِيثَاءُ ) وقَرِيثَاءُ ( *!وَكَرَاثَاءُ ) وقَرَاثَاءُ أَي ( طَيِّبٌ ) نَضِيجٌ صالحٌ حَسَنٌ ، أَطْبَق أَئمّةُ اللغةِ على ذِكره في كَرَث ، كذِكر القَريِثاء في قَرث ، والمصنف خالفهم في الكَرِيثاء فذكره في الهمزة ، ووافقهم في القَريثاء مع أَن حالهما واحد ، وقال ابن الشيباني : القَرِيثَاء *!والكَرِيثَاء : ضَرْبٌ من التَّمْرِ ، وقيل : هو من البُسْرِ ، وهو أَسودُ سَرِيعُ النَّفْضِ لِقِشْرِه عَن لِحَائِه
____________________

(1/385)


وعبارَةُ الفصيح : هو بُسْرٌ قَرِيثَاءُ *!وكَريثَاءُ وقَرَاثَاءُ *!وكَرَاثَاءُ ، كلُّ ذلك لضرْبٍ من البُسْرِ معروفٍ ، ويقال : إِنه أَطْيَبُ التَّمْر بُسْراً ، والبُسْرُ أَخْضَرُ التَّمْرِ ، قال شيخنا : واقتصر الكِسائي عَلَى القَرِيثَاء ، بالمدّ ، وأَبو القَدَّاح على القَرِيثا ، بالقَصْرِ ، وأَغفل الجوهريُّ *!الكَريثاء *!والكَراثاء ، والمصنّف *!الكَراثاء في المثلثة ، وذكرهما معاً في المهموز ، انتهى ، وسيأْتي الكلام عليه إِن شاء الله تعالى في محلّه .
كرفأ : ( *!الكِرْفِىءُ ) كَزِبْرِجٍ هو ( الكِرْثِيءُ ) بالثاءُ المثلثة : سَحَابٌ مُتَرَاكِمٌ ، واحدته بهاء ، وفي ( الصحاح ) : *!الكرْفِىءُ : السحابُ المرتفعُ الذي بعضُه فوق بعضٍ والقِطْعَةُ منه *!كِرْفِئَةٌ ، قالت الخنساءُ :
*! كَكِرْفِئَةِ الغَيْثِ الصَّبِي
رِ تَرْمى السَّحَابَ ويُرْمَى لَهَا
وقد جاءَ أَيضاً في شِعر عامِر بنِ جَوَيْنٍ الطائيِّ يَصِف جَارِيَةً ، وقال شيخُنا : جَيْشَا :
وَجَارِيَةٍ مِنْ بَنَاتِ المُلُو
كِ قَعْقَعْتُ بِالخَيْلِ خَلْخَالَهَا
*!كَكِرْفِئَةِ الغَيْثِ ذاتِ الصَّبِي
رِ تَأْتِي السَّحَابَ وَتَأْتَالَهَا
ومعنى تَأْتَالُ : تُصْلِحُه ، وأَصْلُه تَأْتَوِلُ ، ونَصبه بإِضمار أَن ، ومثلُه بيتُ لَبيدٍ :
بِصَبُوحِ صَافِيَةٍ وجَذْبِ كَرِينَةٍ
بِمُؤَثَّلٍ تَأْتَالُهُ إِبْهَامُهَا
أَي تُصْلِحه ، وهي تَفْتَعِل من آب يَؤُولُ ، ويروى : تَأْتَالَهُ إِبهامُها ، على أَن يكون أَراد تَأْتِي له فأَبْدَل من الياء أَلفاً ، كقولهم في بَقِيَ بَقَا ، وفي رَضِيَ رَضَا .
____________________

(1/386)



( *!وكَرْفَأَتِ القِدْرُ ) إِذا ( أَزْبَدَتْ لِلْغَلْيِ ) .
( *!وَتَكَرْفَأَ ) السحابُ بمعنى ( تَكَرْثأَ ، *!والكَرْفأَةُ : الكَرْثَأَةُ ) وقد أَعاده المؤلف في كرف ، وتبع هنا الجوهريّ ، غير مُنبِّه عليه ، فإِن الذي قاله أَئمّة اللغة إِنّ التاء مُبدَلة من الفاء .
( و )*! الكِرْفئة ( بِالكَسْر : شَجَرَةُ الشَّفَلَّحِ ) كعَمَلَّسٍ ، وثمرها كأَنه رأْسُ زِنْجِيّ أَسودَ .
( و ) يقال ( :*! كَرْفَئُوا ) إِذا ( اخْتَلَطُوا ) .
( ) ومما يستدرك عليه .
الكِرْفِئَة : قِشْرَة البَيْضِ العُلْيا اليابسة ، ونظر أَبو الغَوثِ الأَعرابيُّ إِلى قِرْطاسٍ رَقِيق فقال : غِرْقِيءٌ تحت كِرْفِيٌّ ، وهمزته زائدة .
*!والكَرْفَأَةُ : الضَّخَمُ والكَثْرَة . *!وكَرْفَأَ : اسْتَكْثَفَ . وَتَكْرفَأَ الناسُ ، مثل *!كَرْفَئُوا .
كسأ : ( *!كَسَأَه كَمَنَعَهُ )*! يَكْسَؤُهُ *!كَسْأً ( : تَبِعَهُ ) . وَمَرَّ يَكْسَؤُهُم ، أَي يتبعهم ، ويقال للرجل إِذا هَزَم القَوْمَ فمَرَّ وهو يَطرُدُهم : مَرَّ فُلانٌ*! يَكْسَؤُهم ويَكْسَعُهم ، نقله شيخنا عن الجوهريّ ، واستدل بقول الشاعر :
*!كُسِىءَ الشِّتَاءُ بِسَبْعَةٍ غُبْرِ
وهو قولُ أَبي شِبْلٍ الأَعرابيِّ ، وتمامه :
أَيَّامِ شَهْلَتِنَا مِنَ الشَّهْرِ
وقال ابن بَرِّيّ : منهم من يجعل بدل هذا العجز :
بِالصِّنِّ والصِّبَّبْرِ والوَبْرِ
وَبِآمِرٍ وَأَخِيه مُؤْتَمِرٍ
وَمُعَلِّلٍ وَبِمُطْفِيءِ الجَمْرِ
وسيأْتي ذلك في ك س ع .
( و )*! كَسَأَ ( الدَّابَّةَ ) *!يَكْسَؤُها كَسْأً ( : سَاقَطَها عَلَى إِثْرِ ) دابَّةٍ ( أُخْرَى ، و ) كَسَأَ ( القَوْمَ ) *!يَكْسَؤُهم كَسْأً ( : غَلَبَهُمْ في الخُصُومَةِ ) ونَحْوِهَا ( و ) كَسَأً ( ه ) ( بالسَّيْفِ ) إِذا ( ضَرَبَه ) كأَنّه مُصحَّف مِن كَشَأَه ، بالمعجمة ، كما سيأْتي .
( *!وَكُسْءُ كُلِّ شَيءٍ *!وَكُسُوءُه ، بضَمِّهما ) وفي بعض النسخ زيادة : *!وَكَسُوءُه ، أَي بالفتح والمد ، أَي
____________________

(1/387)


( مُؤَخَّرُهُ ) *!وكُسْءُ الشَّهْرِ *!وكُسُوءُه : آخِرُه قَدْرُ عَشْرٍ بَقِينَ منه ونَحْوها ، وجاءَ دُبُرَ الشَّهْرِ وعلى دُبُرِه *!وكُسْئِه *!وأَكْسَائه ، وجئتُك على كُسْئِه وفي كُسْئِهِ أَي بعد ما مَضى الشهْرُ كُلُّه ، وأَنشد أَبو عُيَيْدٍ :
كُلِّفْتُ مَجْهُولَهَا نُوقاً يَمَانِيَةً
إِذ الحُدَاةُ عَلَى *!أَكْسَائِها حَفَدُوا
وجاءَ في *!كُسْءِ الشهْرِ وعلى *!كُسْئِه ، أَي في آخره ( ج ) أَي في كلّ من ذلك ( *!أَكْسَاءٌ ) وجِئْتُ في أَكْسَاءِ القَوْمِ ، أَي في مُتَأَخِّرِيهم ، وَمَرُّوا في*! أَكْساءِ المُنهزِمين وعلى أَكسائِهم : ( أَي على ) آثارهم وأَدبارِهم ، ورَكبوا*! أَكساءَهم ، ومن المجاز : قَدِمْنَا في أَكْسَاءِ رَمَضانَ و ( أَنا ) أَدْعُو لك في أَكساءِ الصَّلواتِ . كذا في ( الأَساس ) ، وفي ( الصحاح ) : الأَكساءُ : الأَدْبَار ، وقال المُثَلَّم بنُ عَمْرو التَّنوخيُّ :
حَتَّى أَرى فَارسَ الصَّمُوتِ عَلَى
أَكْسَاءِ خَيْلٍ كَأَنَّهَا الإِبِلُ
يعني خَلْفَ القَوْمِ وهو يَطْرُدُهم ، نقله شيخُنا . قلت : معناه حتى يَهْزم ( أَعْدَاءَه ) فيَسُوقهم مِن ورائهم كما تُساق الإِبل ، والصَّمُوت اسمُ فَرَسه .
( وَرَكِبَ *!كُسْأَة ) أَي ( وَقَعَ على قَفَاهُ ) هذه عن ابنِ الأَعرابيّ .
( و ) مرَّ (*! كَسءٌ مِن اللَّيْلِ ، بالفتح ) أَي ( قِطْعَةٌ منه ) عن ابن الأَعرابيِّ أَيضاً .
كشأ : (*! كَشَأَه ) أَي القِثَّاءَ ( كَمَنَعَه : أَكَلُه ) *!وكَشَأَ الطعامَ *!كَشْأً : أَكلَه ، وقيل : أَكلَه ( أَكْلَ القِثَّاءِ ) أَي خَضْماً كما يُؤْكَل القِثَّاءُ ( ونَحْوه ، و ) كَشَأَ ( اللَّحْمَ )*! كَشْأً فهو *!-كَشِيءٌ ( شَواهُ حَتَّى يَبِسَ ) ومثله وزأْتُ اللحْمَ أَي أَيْبَسْتُه ، وسيأْتي ( *!كَأَكْشَأَهُ ) رباعيًّا . *!وكَشَأْتُ اللحْمَ *!وكَشَّأْتُه مُضَعَّفاً ، إِذا أَكلْته ، ولا يُقال
____________________

(1/388)


في غير اللحم ، وكَشَأَ *!يَكْشَأُ إِذا أَكل قِطعةً من *!-الكَشِيءِ وهو الشِّواءُ المُنْضَج ، *!وأَكْشَأَ ، إِذا أَكلَ الكَشِيءَ ( و ) كَشَأَ ( الشَّيْءَ ) ولَفَأَه أَي ( قَشَرَه ) قاله الفرَّاءُ ، ( *!فَتَكَشَّأَ ) ، ويُستعمَل في الأَدِيم تَكَشَّأَ إِذا تَقَشَّرَ ( و ) كَشَأَ وسَطَه ( بِالسَّيْفِ : ضَرَبَه وقَطَعه ) والظاهر أَنَّ ذِكْرَ السيفِ والوَسَطِ ليسا بِقَيْدَيْنِ ، كما يَدُلُّ له سِياقُهم ( و ) كَشَأَ ( المَرْأَةَ ) كَشْأً ( : جَامَعَها ) ولو قال : جَامَعَ ، كان أَخْضَرَ .
( *!وكَشِىءَ مِن الطَّعَامِ ، كفَرِحَ كَشَأً ، *!وكَشاءً ) كسَحَابٍ ، الأَخيرة عن كُراع ، وضبطه بعضهم محركة وكذا هو في نسختنا ( فَهُوَ *!كَشِىءٌ ) كَكِتفٍ ( *!-وَكَشِيءٌ ) كأَميرٍ ( وَتَكَشَّأَ ) أَي ( امْتَلأَ ) مِنْ الطعام ، ورجُلٌ كَشِيءٌ ممتليءٌ منه ، وفلان *!يَتَكَشَّأُ اللحْمَ : يأْكُله وهو يابسٌ ( *!كَكَشَأَ ) ثُلاثِيًّا يَكْشَأُ إِذا أَكل قِطْعَةً من *!-الكَشِيءِ وهو الشِّواءُ المُنْضَج ، فامتَلأَ .
( و ) كَشِيءَ ( السِّقَاءُ )*! كَشَأً ( بَانَتْ أَدَمَتُه مِنْ بَشَرَتهِ ) بالتحريك فيهما . قال أَبو حنيفة : هو إِذا أُطِيل طَيُّه فَيَبِس في طَيِّه وَتَكَسَّر .
*!والكَشْءُ : غِلَظٌ في جِلْدِ اليَدِ وتقَبُّضٌ ( و ) قد *!كَشِئَتْ ( يَدُهُ ) أَي ( تَشَقَّقَتْ أَوْ غَلُظَ جِلْدُها وتَقَبَّضَ ) .
( وذُو *!كَشَاءٍ كَسَحَابٍ ع ) حكاه أَبو حنيفة ، قال : وقالت جِنِّيَّةٌ : من أَرادَ الشِّفَاءَ من كُلِّ داءٍ فعَلَيْهِ بِنَبَاتِ البُرْقَةِ مِنْ ذي كَشَاءٍ . تَعني بِنَبَاتِ البُرْقَة الكُرَّاثَ وقد يأْتي في موضعه إِن شاءَ الله تعالى .
(*! والكُشْأَةُ ، بالضَّمِّ : العَيْبُ ) يقال : ما في حَبَسِهِ كُشْأَةٌ ، نقله الصاغاني .
كفأ : (*! كَافَأَهُ ) على الشيء (*! مُكَافَأَةً *!وكِفَاءً ) كَقِتَالٍ أَي ( جَازَاهُ ) ، تقول : ما لي به قِبَلٌ ولا *!كِفَاءٌ ، أَي مالي به طاقَةٌ على أَنِّي *!أُكافِئُه ( و ) *!كافأَ
____________________

(1/389)


( فُلاناً ) مُكافأَ وكِفَاءً ( : مَاثَلَه ) ، وتقول : لا *!كِفَاءَ له ، بالكسر ، وهو في الأَصل مصدرٌ ، أَي لا نَظِيرَ له ، وقال حَسَّانُ بن ثابت :
وَرُوح القُدْسِ لَيْسَ لَهُ *!كِفَاءُ
أَي جبريلُ عليه السلامُ ليس له نَظِيرٌ ولا مَثيلٌ . وفي الحديث : ( فَنَظَر إِليهم فَقال : مَنْ *!يُكَافِىءُ هؤلاء ) ، وفي حديث الأَحنف : لا أُقَاوِمُ منّ لا كِفَاءَ لَهُ . يعني الشيطانَ ، ويروى : لا أُقاوِلُ ( و ) *!كافَأَه ( : رَاقَبَهُ ، و ) من كلامهم : ( الحَمْدُ لِلَّهِ كِفَاءَ الوَاجِبِ ، أَي ) قدر ( مَا يَكُونُ *!مُكَافِئاً لَهُ ، والاسْمُ *!الكَفَاءَةُ *!والكَفَاءُ بفتحهما ومَدِّهما ، هذا*! كِفَاؤُهُ ) بالكسر والمدّ ، قال الشاعر :
فَأَنْكَحَها لاَ فِي كِفَاءٍ وَلاَ غِنى
زِيَادٌ أَضَلَّ اللَّهُ سَعْيَ زِيَادِ
(*! وَكِفْأَتُه ) بكسر فسكون وفي بعض النسخ بالفتح والمدّ (*! وكَفِيئُهُ ) كأَميرٍ (*! وكُفْؤُهُ ) كقُفْلٍ (*! وكَفْؤُهُ ) بالفتح عن كراع (*! وَكِفْؤُهُ ) بالكسر (*! وكُفُوءُهُ ) بالضم والمدّ أَي ( مِثْلُه ) يكون ذلك في كلّ شيء ، وفي ( اللسان ) : *!الكُفْءُ : النظير والمُساوِي ، ومنه الكَفَاءَة في النّكاح ، وهو أَن يكون الزَّوْجُ مُساوِياً للمرأَةِ في حَسَبِا ودِينِها ونَسَبِها وَبيْتِها وغَيْر ذلك . قال أَبو زيد : سمعتُ امرأَةً من عُقَيْلٍ وزَوْجَها يقرآنِ { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ *!كُفُؤاً أَحَدٌ } ( الإخلاص : 3 ، 4 ) فأَلقى الهمزةَ وحوَّل حَركتَها على الفاءِ ، وقال الزجاج في قوله تعالى : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } أَربعة أَوْجُهٍ ، القراءَةُ منها ثلاثةٌ : كُفُؤاً بضم الكاف والفاءِ ، *!وكُفْأً بضم الكاف وسكون الفاءِ ، *!وكِفْأً بكسر الكاف وسكون الفاء ، وقد قرىء بها ،*! وكِفَاءً
____________________

(1/390)


بكسر الكاف والمدّ ، ولم يُقْرَأْ بها ، ومعناه لم يكن أَحدٌ مِثلاً لله تعالى جَلَّ ذِكْرُه ، ويقال : فُلانٌ *!-كَفِيءُ فلانٍ *!وَكُفُؤُ فلانٍ ، وقد قرأَ ابن كَثيرٍ وأَبو عمرو وابنُ عامرٍ والكسائيُّ وعاصمٌ كُفُؤًا مُثقَّلاً مهموزاً ، وقرأَ حَمزة بسكون الفَاء مهموزاً ، وإِذا وَقَف قرأَ كُفَا ، بغير همزة ، واختُلِف عن نافع فَرُوِي عنه كُفُؤًا ، مثل أَبي عمرو ، وروى كُفْأً مثل حمزة . ( ج ) أَي من كلّ ذلك ( *!أَكْفَاءٌ ) . قال ابنُ سِيده : ولا أَعرف*! للكَفْءِ جمعاً على أَفْعَلٍ ولا فُعُولٍ وحَرِيءٌ أَن يَسَعه ذلك ، أَعني أَن يكون أَكْفاء جَمْعَ كَفْءٍ المَفْتوح الأَوّل . ( وكِفَاءٌ ) جمع كَفِيءٍ ، ككِرام وكَريم ، والأَكفاء ، كقُفْلٍ وأَقْفالٍ ، وحِمْل وأَحمال ، وعُنُقٍ وأَعْنَاق .
*!وكَفَأَ القومُ : انصرفوا عن الشيءِ ( *!وكَفَأَهُ كمَنَعَه ) عنه كَفْأً ( : صَرَفَه ) وقيل *!كَفَأْتُهم كَفْأً إِذا أَرادوا وَجْهاً فَصَرفْتَهم عنه إِلى غيره *!فانكَفَئوا رَجَعُوا . ( و ) كَفَأَ الشْيءَ والإِناءَ*! يَكْفَؤُه كَفْأً *!وكَفَّأَه *!فَتَكَفَّأَ ، وهو*! مَكْفُوءٌ ( : كَبَّهُ ) . حكاه صاحب الواعي عن الكسائي ، وعبدُ الواحد اللغوي عن ابن الأَعرابي ، ومثله حُكِيَ عن الأَصمعي ، وفي الفَصيح :*! كَفَأْتُ الإِناءَ : كَبَبْتُه ( و ) عن ابنِ دُرُسْتَوَيْه : *!كَفَأَه بمعنى ( : قَلَبَهُ ) حكاه يعقوب في إِصلاح المنطق ، وأَبو حاتمٍ في تَقْوِيم المفسد ، عن الأَصمعي ، والزجّاج في فعلت وأَفعلت ، وأَبو زيد في كتاب الهمز ، وكل مِنهما صحيحٌ . قال شيخنا : وزعم ابنُ دُرستويه أَن معنى قَلَبه أَمَالَه عن الاستواءِ ، كَبَّه أَو لَمْ يَكُبَّهُ ، قال : ولذلك قيل : *!أَكْفأَ في الشِّعْر ، لأَنه قَلَبَ القوافِيَ عن جِهَة استوائِها ، فلو كان مِثْلَ كَبَبْتُه كما زعم ثعلبٌ لَمَا قِيل في القَوافي ، لأَنها لا تُكَبُّ ، ثم قال شيخنا : وهذا الذي قاله ابنُ دُرستويه لا مُعَوَّل عليه ، بل الصحيح أَن كَبَّ
____________________

(1/391)


وقَلَبَ وكَفَأَ مُتَّحِدَةٌ في المعنى ، انتهى .
ويقال : كَفَأَ الإِناءَ (*! كَأَكَفَأَهُ ) رباعيًّا ، نقله الجوهريُّ عن ابنِ الأَعرابيّ ، وابنُ السكّيت أَيضاً عنه ، وابنُ القُوطِيّة وابنُ القطاع في الأَفعال ، وأَبو عُبيدٍ البكريُّ في فَصْل المَقال ، وأَبو عُبَيْدٍ في المُصَنَّف ، وقال : *!كَفَأْتُه ،بغير ألف أفصح،قاله شيخنا، وفي المحكم أنها لغةنادرة، قال: وأباها الأصمعي (*!واكتفأه ) أي الإناء مثل كفأه (و) كفأه أيضا بمعنى (تبعه) في أثره ، وكفأ الإبل:[طردها] واكتفأها:أغار عليها فذهب بها
وفي حديث السليك ابن السلكة: أصاب أهليهم وأموالهم *!فاكتفأها . (و) كفأت (الغنم في الشعب)
أي (دخلت) فيه. وأكفأها: أدخلها، والظاهر أن ذكر الغنم مثال فيقال ذلك لجميع الماشية
(و) كفأ (فلانا:طرده) والذي في اللسان:وكفأ الإبل والخيل:طردها (و) كفأ (القوم) عن الشيء (انصرفوا) عنه ورجعوا، ويقال: كانالناس مجتمعين *! فانكفئوا (و) انكفتوا إذا(انهزموا)
(و)أكفأ في سيره (عن القصد:جار.و) أكفأ *!وكفأ (:مال) كانكفأ (و) كفأ وأكفأ (:أمال[وقلب])
قال ابن الأثير:وكل شيء أملته فقد *!كفأته
وعن الكسائيّ : أَكْفَأَ الشْيءَ . أَمالَه ، لُغَيَّةٌ ، وأَبَاها الأَصمعيُّ ، ويقال :*! أَكْفأْتُ القَوْسَ إِذَا أَملْتَ رأْسَها ولم تَنْصِبْهَا نَصْباً حين ترمى عنها ، وقال بعض : حين ترمي عليها ، قال ذو الرمة :
قَطَعْتُ بِهَا أَرْضاً تَرَى وَجْهَ رَكْبِهَا
إِذَا مَا عَلَوْهَا*! مُكْفَأً غَيْرَ سَاجعٍ
أَي مُمَالاً غَيْرَ مُستقيمٍ ، والساجِعُ القاصدُ : المُستَوِى المُستقِيم . *!والمُكْفَأُ : الجائر ، يَعني جائراً غيرَ قاصدِ ، ومنه
____________________

(1/392)


السَّجْعُ في القَولِ . وفي حديث الهرَّة أَنه ( كان ) يُكفِيءُ لها الإِناءَ ، أَي يُمِيلُه لِتَشربَ منه بسُهولة . وفي حديث الفَرَعَةِ : خَيْرٌ مِنْ أَن تَذْبَحَه يَلْصَقُ لَحْمُه بِوَبَرِه وتُكْفِيءُ إِناءَكَ وتُولِهُ نَاقَتَكَ . أَي تَكُبُّ إِناءَك ( لأَنه ) لا يَبْقَى لَك لَبَنٌ تَحْلُبُه فِيه ، وتُولِيهُ ناقَتَكَ ، أَي تَجْعَلُها وَالِهَةً بِذَبْحِك ولَدَها .
*!ومُكْفِىءُ الظُّعْنِ : آخِرُ أَيَّامِ العَجُوز .
( و ) أَكْفَأَ في الشِّعْرِ*! إِكفاءً ( : خَالَف بَيْنَ ) ضُروب ( إِعْرَابِ القَوَافِي ) التي هي أَواخرُ القَصيدة ، وهو المخالفةُ بين حَركاتِ الرَّوِيِّ رَفْعاً ونصْباً وجَرًّا ، ( أَو خَالَفَ بَيْنَ هِجَائِها ) أَي القوافي ، فلا يَلْزَم حَرْفاً واحداً ، تَقَاربَتْ مخارِجُ الحُروف أَو تَباعدَتْ ، على ما جَرَى عليه الجوهريُّ ، ومثله بأَن يَجعل عليه الجوهريُّ ، ومثله بأَن يَجعل بعضَها مِيماً وبعضَها طاءً ، لكن قد عاب ذلك عليه ابنُ بَرّيّ .
مثالُ الأَوّلِ :
بُنَيَّ إِنَّ البِرَّ شَيْءٌ هَيِّنُ
المَنْطِقُ اللَّيِّنُ والطُّعَيِّمُ
ومثال الثّاني :
خَلِيلَيَّ سِيرَا واتْرُكا الرَّحْلَ إِنَّنِي
بِمَهْلَكَةٍ والعَاقِبَاتُ تَدُورُ
مع قوله :
فَبَيْنَاهُ يَشْرى رَحْلَهُ قَالَ قَائِلٌ
لِمَنْ جَمَلُ رِخْوُ المِلاَطِ نَجِيبُ
وقال بعضهم : الإِكفاءُ في الشعر هو التعاقبُ بي الراءِ واللام والنون .
قلت : وهو أَي *!الإِكفاء أَحَدُ عيُوبِ القافية السّتَّة التي هي : الإِيطاءُ ، والتَّضمينُ ، والإِقواءُ ، والإِصرافُ ، والإِكفاءُ ، والسِّنادُ ، وفي بعض شُروح الكافي : الإِكفاءُ هو اختلافُ الرَّوِيِّ بحُروفٍ مُتَقَارِبَةِ المخارج ، أَي كالطَّاءِ مع الدَّالِ ، كقوله :
____________________

(1/393)



إِذَا رَكِبْتُ فاجْعلاني وَسَطَا
إِنِّي كَبِيرٌ لاَ أُطِيقُ العُنَّدَا
يريد العُنَّتَ ، وهو من أَقبح العيوب ، ولا يجوز لأَحد من المُحدَثين ارتكابه ، وفي ( الأَساس ) : ومن المجاز : أَكْفَأَ في الشِّعْرِ : قَلَب حَرْفَ الرَّوِيِّ مِن راءٍ إِلى لامٍ ، أَو لامٍ إِلى ميمٍ ، ونحوِه من الحروفِ المُتقارِبةِ المَخْرَجِ ، أَو مخالفةِ إِعرابِ القوافي ، انتهى . ( أَوْ ) أَكفأَ في الشعر إِذا ( أَقْوَى ) فيكونان مُتَرادِفَيْنِ ، نقله الأَخفشُ عن الخَليل وابن عبدِ الحَقّ الإِشْبِيلي في الواعي وابن طريف في الأَفعال ، قيل : هما واحد ، زاد في الواعي : وهو قَلْبُ القافية من الجَرِّ إِلى الرفع وما أَشبه ذلك ، مأْخوذٌ من كَفَأْتُ الإِناء : قَلَبْتُه ، قال الشاعر :
أَفِدَ التَّرَحُّلُ غَيْرَ أَنَّ رِكَابَنَا
لَمَّا تَزُلْ بِرِحَالِنَا وَكَأَنْ قَدِ
زَعَمَ الغُدَافُ بِأَنَّ رِحْلَتَنَا غَداً
وَبِذَاكَ أَخْبَرَنا الغُدَافُ الأَسْوَدُ
وقال أَبو عُبيدٍ البكريُّ في فَصْلِ المَقال : الإِكفاءُ في الشعر إِذا قُلْتَ بَيْتاً مرفوعاً وآخرَ مخفوضاً ، كقول الشاعر :
وهَلْ هِنْدُ إِلاَّ مُهْرَةٌ عَرَبِيَّةٌ
سَلِيلَةُ أَفْرَاسٍ تَجَلَّلَها بَغْلُ
فَإِن نُتِجَتْ مُهْراً كَرِيماً فَبِالْحَرَى
وَإِنْ يَكُ إِقْرَافٌ فَمِنْ قِبَلِ الفَحْلِ
( أَوْ أَفْسَدَ في آخِرِ البَيْتِ أَيَّ إِفْسَادٍ كانَ ) قال الأَخفش : وسأَلت العربَ الفُصحاءَ عنه ، فإِذا هم يَجعلونه الفسادَ في آخرِ البيت والاختلافَ ، من غير أَنْ يَحُدُّوا في ذلك شيئاً ، إِلا أَني رأَيتُ بعضَهم يَجعله اختلافَ الحروف ، فأَنشدته :
كَأَنَّ فَا قَارُورَةٍ لم تُعْفَصِ
____________________

(1/394)



مِنْها حِجَاجَا مُقْلَةٍ لَمْ تُلْخَصِ
كَاينَّ صِيرَانَ المَهَا المُنَقِّزِ
فقال : هذا هو الإِكفاءُ ، قال : وأَنشده آخرُ قَوافِيَ على حُروفٍ مُختلفةٍ ، فعَابِه ، ولا أَعلمه إِلاَّ قال له : قد أَكْفَأْتَ . وحكى الجوهريُّ عن الفرَّاءِ : أَكفَأَ الشاعرُ ، إِذا خالف بين حَركات الرَّوِيِّ ، وهو مِثْلُ الإِقواءِ ، قال ابنُ جِنّي : إِذا كان الإِكفاءُ في الشّعْرِ محمولاً على الإِكفاء في غيرِه ، وكان وَضْعُ الإِكفاء إِنما هو للخلافِ ووقوعِ الشيْءِ على غيرِ وَجْهِهِ لمْ يُنْكَرْ أَنْ يُسَمُّوا به الإِقواءَ في اختلافِ حروف الرَّوِيّ جميعاً ، لأَن كلَّ واحدٍ منهما واقعٌ على غيرِ استواءٍ ، قال الأَخفش : إِلا أَني رأَيتهم إِذا قَرُبتْ مَخَارجُ الحُروف ، أَو كانت من مَخرَجٍ واحدٍ ثم اشتَدَّ تَشابُهُمَا لم يَفْطُنْ لها عَامَّتُهم ، يعني عامَّةَ العربِ ، وقد عاب الشيخُ أَبو محمد بن بَرِّيَ على الجوهريِّ قولَه : الإِكفاءُ في الشعر أَن يُخالَف بين قَوَافِيه فتَجْعَل بعضَها ميماً وبعضَها طاءً ، فقال : صوابُ هذا أَن يقول : وبعضَها نُوناً ، لأَن الإِكفاءَ إِنما يكون في الحروف المتقاربة في المَخْرَجِ ، وأَمَّا الطاءُ فليستُ من مَخْرَج المِيمِ . والمُكْفَأُ في كلامِ العرب هو المقلوبُ ، وإِلى هذا يَذهبون ، قال الشاعر :
وَلَمَّا أَصَابَتْنِي مِنَ الدَّهْرِ نَزْلَةٌ
شُغِلْتُ وَأَلْهَى النَّاسَ عَنِّي شُؤُونُهَا
إِذَا الفَارِغُ المَكْفِيُّ مِنْهُمْ دَعَوْتُهُ
أَبَرَّ وَكَانَتْ دَعْوَةً تَسْتَدِيمُهَا
فجَعَل الميمَ مع النونِ لشَبهها بها ، لأَنهما يَخرُجانِ من الخَياشيمِ ، قال : وأَخبرني من أَثِقُ به من أَهلِ العلمِ أَن ابْنَةَ أَبِي مُسافِعٍ قالتْ تَرثي أَباها ( وقُتِلَ ) وهو يَحْمِي جِيفَةَ أَبي جَهْلِ بنِ هِشامِ :
وَمَا لَيْثُ غَرِيفٍ ذُو
أَظَافِيرَ وَإِقْدَامْ
كَحِبِّي إِذْ تَلاَقَوْا وَ
وُجُوهُ القَوْمِ أَقْرَانْ
____________________

(1/395)



وأَنتَ الطَّاعِنُ النَّجْلاَ
ءَ مِنْهَا مُزْبِدٌ آنْ
وَبِالْكَفِّ حُسَامٌ صَا
رِمٌ أَبْيَضُ خَذَّامْ
وَقَدْ تَرْحَلُ بِالرَّكْبِ
فَمَا تُخْنِى بِصُحْبَانْ
قال : جَمَعوا بين الميمِ والنونِ لقُرْبهما ، وهو كثيرٌ ، قال : وسمعت من العرب مِثل هذا ما لا أُحْصِى ، قال الأَخفش : وبالجُمْلة فإِنّ الإِكفاءَ المخالفةُ ، قال في قوله :
*!مُكْفَأً غَيْرَ سَاجِعِ
*!المُكْفَأُ هاهنا الذي ليس بِمُوافِقٍ . وفي حديثِ النَّابِغة أَنه كان*! يُكْفِىءُ في شِعْرِه ، وهو أَن يخالِف بين حركاتِ الرَّوِيّ رفعاً ونصباً وجرًّا ، قال : وهو كالإِقْواءِ ، وقيل : هو أَن يُخَالف بين قَوافِيه فلا يَلْزَم حرفاً واحداً كذا في ( اللسان ) .
( و ) أَكفأَت ( الإِبِلُ : كَثُرَ نِتَاجُهَا ) وكذلك الغنم ، كما يُفيده سِياقُ المُحكم ( و ) أَكفأَ ( إِبِلَهُ ) وغَنَمَه ( فُلاناً : جَعَلَ له مَنَافِعَهَا ) أَوْبَارَها . وأَصوَافَهَا وأَشعارَها وأَلبانَها وأَولاَدَها .
(*! والكَفْأَةُ ) بالفتح ( ويُضَمُّ ) أَوَّلُه ( : حَمْلُ النَّخْلِ سَنَتَهَا ، و ) هو ( في الأَرْضِ : زِرَاعَةُ سَنَتِهَا ) قال الشاعر :
غُلْبٌ مَجَالِيحُ عِنْدَ المَحْلِ كُفْأَتُهَا
أَشطانُهَا فِي عَذَابِ البَحْرِ تَسْتَبقُ
أَراد به النَّخيلَ ، وأَراد بأَشطانِها عُروقَا ، والبَحْرُ هنا الماءُ الكثيرُ ، لأَن النخْلَ لا يَشْرب في البَحْرِ ، وقال أَبو زيد :*! استكْفَأْتُ فلاناً نَخْلَه إِذا سأْلْتَه ثَمَرها سَنَةً ، فجعل للنخْلِ كَفْأَةً ، وهو ثَمَرةُ سَنَتِها ، شُبِّهَتْ بِكَفْأَةِ الإِبل ، قلت : فيكون من المجاز .
( و ) الكَفْأَة ( في الإِبِلِ ) والغَنم ( نِتاجُ عَامِهَا ) *!واستكْفأْتُ فُلاناً إِبلَه ، أَي سأَلْتُه نِتَاجَ إِبلهِ سَنَةً*! فأَكْفَأَنِيهَا ، أَي أَعطاني لَبَنَها وَوَبَرَها وأَولادَها منه ، تقول : أَعطِني كُفْأَةَ ناقَتك ، تضمُّ وتفتَحُ ، وقال غيره : ونَتَجَ الإِبلَ
____________________

(1/396)


*!كَفُأَتَيْنِ ، وأَكفَأَها إِذا جَعلها كُفْأَتينِ ، وهو أَن يَجعلها نِصْفَيْنِ يَنْتِجُ كُلَّ عامٍ نِصْفاً وَيَدَعُ نُصْفاً ، كما يصنعُ بالأَرض بالزِّراعة ، فإِذا كان العام المُقْبِل أَرسلَ الفحلَ في النَّصف الذي لم يُرسله فيه من العامِ الفارِطِ لأَن أَجْوَد الأَوقات عند العَرب في نِتاجِ الإِبل أَن تُتْرَك الناقة بعد نِتاجِها سَنةً لا يُحْمَلُ عليها الفَحْلُ ثم تُضرَب إِذا أَرادَتِ الفَحْلَ ، وفي ( الصحاح ) : لأَن أَفضلَ النِّتاجِ أَن يُحْمَلَ على الإِبلِ الفُحُولَةُ عاماً وتُتْرَكَ عاماً ، كما يُصْنَع بالأَرضِ في الزِّراعة ، وأَنشد قولَ ذي الرُّمَّة :
تَرَى كُفْأَتَيْهَا تُنفِضان وَلَمْ يَجِدْ
لَهَا ثِيلَ سَقْبٍ في النِّتَاجَيْنِ لاَمِسُ
وفي ( الصحاح ) : ( كِلاَ *!كَفْأَتَيْهَا ) يعني أَنها نُتِجت كُلُّها إِنَاثاً ، وهو محمودٌ عندهم ، قال كعبُ بن زُهَيْر :
إِذَا ما نَتَجْنَا أَرْبَعاً عَامَ كُفْأَةٍ
بَغَاها خَنَاسِيراً فَأَهْلَكَ أَرْبَعَا
الخَنَاسِيرُ : الهَلاكُ ، ( أَو ) كُفْأَة الإِبِل ( : نِتَاجُهَا بَعْدَ حِيَالِ سَنَةٍ أَو ) بعد حِيالِ ( أَكْثَرَ ) مِن سَنةٍ ، يقال من ذلك : نَتَجَ فُلانٌ إِبلَه كَفْأَةً وكُفْأَةً ، وأَكْفأَتْ في الشاءِ مِثْلُه في الإِبل ( و ) قال بعضهم ( مَنَحَهُ كَفْأَةَ غَنَمِهِ ، ويُضَمُّ ) أَي ( وَهَبَ له أَلْبَانَهَا وَأَوْلاَدَهَا وأَصْوَافَها سَنَةً وَرَدَّ عَلَيْهِ الأُمَّهَاتِ ) ووهَبْتُ له كُفْأَة ناقتي ، تُضمّ وتُفتح ، إِذا وهَبْتُ له وَلَدَها ولَبنَها وَوَبَرها سَنَةً ، واستكْفَأَه فأَكْفَأَه : سأَلَه أَن يَجْعل له ذلك . وعن أَبي زيدٍ : استكفأَ زَيْدٌ عَمْراً نَاقَتَه ، إِذا سأَله أَن يَهبها له وَولَدَها ووَبَرَها سَنةً ، وروى عن الحارث بن أَبي الحارث الأَزدِيِّ مِن أَهْلِ نَصِيبَيْن أَن أَباه اشترى مَعْدِناً بمائة شاةِ مُتْبِع ، فأَتى أُمَّه فاستأْمَرَهَا ، فقالت إِنك اشتريتَه بثلاثِمائة شاةٍ : أُمُّها مائةٌ ، وأَولادُها مائةُ شاةٍ ، وكُفْأَتُها مائةُ
____________________

(1/397)


شاةٍ . فندِمَ فاستقالَ صاحِبَه فَأَبَى أَن يُقِيله ، فقَبض المَعْدِن فأَذابَه وأَخرج منه ثَمَن أَلْفِ شاةٍ ، فأَثَى به صاحِبُه إِلى عليَ رضي الله عنه أَي وشَى به وسَعَى وقال : إِن أَبا الحارث أَصابَ رِكَازاً . فسأَله عليٌّ رضي الله عنه ، فأَخبره أَنه اشتراه بمائةِ شاةٍ مُتْبِع ، فقال عليٌّ : ما أَرى الخُمُسَ إِلاَّ على البائع ، فأَخذَ الخُمُسَ من الغنم ، والمعنى أَن أُمَّ الرجلِ جعلَتْ كُفْأَة مائةِ شاةٍ في كلّ نِتاجٍ مائةً ، ولو كانتْ إِبلاً كان كفأَةُ مائةٍ من الإِبل خَمْسينَ ، لأَن الغَنَمَ يُرْسَل الفَحْلُ فيها وقْتَ ضِرابِها أَجْمَعَ ، وتَحْمِلُ أَجمعَ ، وليستْ مِثلَ الإِبلِ يُحْمَلُ عليها سنَةً ، وسَنَةً لا يُحْمَل عليها ، وأَرادت أُم الرجلِ تكثيرَ ما اشتَرَى به ابنُها ، وإِعلامَه أَنَّه غُبِن فيما ابتاعَ ، فَفطَّنَتْه أَنه كأَنَّه اشتَرَى المَعدِنَ بثلاثِمائةِ شاةٍ ، فَنَدم الابنُ واستقالَ بائعَه ، فأَبَى بارك اللَّهُ له في المعدِنِ ، فحسَده البائعُ ( على كثرة الربع ) وسَعَى به إِلى عليَ رضي الله عنه ، فأَلَزَمه الخُمُسَ ، وأَضرَّ البائعُ بنفسِه في سِعَايته بصاحبه إِليه ، كذا في ( لسان العرب ) .
( والكِفَاءُ ) بالكسر والمدّ ( كَكِتَابٍ : سُتْرَةٌ مِنْ أَعْلَى البَيْتِ إِلى أَسْفَلِهِ مِنْ مُؤَخَّرِهِ ، أَو ) هو ( الشُّقَّةُ ) التي تكون ( في مُؤَخَّرِ الخِبَاءِ ، أَو ) هو ( كِسَاءٌ يُلْقَى على الخِبَاءِ ) كالإِزار ( حَتَّى يَبْلُغَ الأَرْضَ ، و ) منه ( : قَدْ أَكْفَأْتُ البَيْتَ ) إِكْفَاءً ، وهو مُكْفَأٌ ، إِذَا عَمِلْتَ له كِفَاءً ، وكِفَاءُ البيتِ مُؤَخَّرُه ، وفي حديث أُمِّ مَعْبَدٍ : رأَى شَاةً ، في كِفَاءِ البَيْتِ ، هو من ذلك ، والجمعُ *!أَكْفِئَةٌ ، كحِمارٍ وأَحْمِرَةٍ .
( و ) رجلٌ مُكْفَأُ الوجْهِ : مُتَغَيِّرُه سَاهِمُه ورأَيتُ فلاناً مُكْفَأَ الوَجْهِ ، إِذا رَأَيْتَه كاسِفَ اللَّوْنِ سَاهِماً ، ويقال : رأَيته مُتَكَفِّيءَ اللوْنِ ومُنْكَفِتَ اللوْنِ ، أَي مُتَغَيِّرَهُ . ويقال : أَصبح فلانٌ*!- كَفِيءَ اللوْنِ مُتَغَيِّرَهُ ، كأَنه كُفِيءَ فهو ( كَفِيءُ اللَّوْنِ ) كأَمِيرٍ (*! ومُكْفَؤُهُ )
____________________

(1/398)


كَمُكْرَم ، أَي ( كَاسِفُهُ ) ساهِمُه أَي ( مُتَغَيِّرُهُ ) لأَمْرٍ نَابَه ، قال دُرَيدُ بنُ الصِّمَّةِ :
وَأَسْمَرَ مِنْ قِدَاحِ النَّبْعِ فَرْعٍ
كَفِيءِ اللَّوْنِ مِنْ مَسَ وَضَرْسِ
أَي متغيّر اللَّوْنِ من كثرة ما مُسِحَ وعُصِرَ .
( وكَافَأَهُ : دَافَعُه ) وقَاوَمَه ، قال أَبو ذَرَ في حديثه : لنا عَبَاءَتَانِ*! نُكافِىءُ بهما عَنَّا الشمسِ وإِني لأَخْشَى فَضْلَ الحِسابِ . أَي نُقابِل بهما الشمْسَ ونُدافِع ، من المُكافَأَة : المُقَاوَمةِ .
( و ) كَافَأَ الرجلُ ( بَيْنَ فَارِسَيْنِ بِرُمْحِهِ ) إِذا وَالَى بينهما ( طَنَنَ هذا ثُمَّ هذا . و ) في حديث العَقيقة عن الغلام ( شَاتَانِ *!مُكَافَأَتَانِ ) بفتحا لفاءِ ، قال ابنُ الأَعرابيّ مُشْتَبِهَتانِ ، وقيل : مُتقارِبَتَان ، وقيل : مُسْتَوِيتانِ ( وتُكْسَر الفَاءُ ) عن الخَطَّابِي ، واختار المحدِّيون الفَتْحَ ، ومعنى مُتَساوِيَتَان ( كُل ( واحدة ) منهما مُسَاوِيَةٌ لِصَاحِبَتِها فِي السِّنِّ ) فمعنى الحديث : لا يُعَقُّ إِلاَّ بِمُسِنَّةٍ ، وأَقلُّه أَن يكون جَذَعاً كما يُجْزِيءُ في الضَّحايا ، قال الخَطَّابي : وأَرى الفَتْحَ أَوْلَى ، لأَنه يريد شَاتَيْنِ قد سُوِّى بينهما ، أَي مُسَاوى بينهما ، قال : وأَما الكَسْر فمعناه أَنهما مُتساوِيتان ، فيُحْتَاج أَن يَذْكُر أَيَّ شَيْءٍ سَاوَيَا ، وإِنما لو قال*! مُتَكافِئتان كان الكَسْرُ أَوْلَى ، وقال الزّمخشري : لا فَرْقَ بين*! المُكافِئَتين *!والمُكَافَأَتَيْنِ ، لأَن كلّ واحدةٍ إِذا كافَأَت أُختَها فقد*! كُوفِئَت ، فهي *!مُكافِئَة *!ومُكَافَأَة ، أَو يكون معناه مُعَادِلَتَان لما يَجِب في الزكاةِ والأُضْحِيَّة من الأَسنانِ ، قال : ويحتمل مع الفتح أَن يُرادَ مَذبوحتانِ ، من كَافَأَ الرجلُ بين البَعِيرينِ إِذا نَحرَ هذا ثم هذا معاً من غير تفريقٍ ، كأَنه
____________________

(1/399)


يُريد ( شاتيْنِ ) يَذْبَحُهما في وقتٍ واحدٍ ، وقيل : تُذْبَحُ إِحداهما مُقابلةً الأُخرَى ، وكلُّ شْيءٍ سَاوَى شَيْئاً حتى يكونَ مِثلَه فهو *!مُكافِىءٌ له ، والمُكافَأَةُ بين الناسِ من هذا ، ويقال : كافَأْتُ الرجلَ أَي فعَلْتُ به مثل ما فَعَل بِي ومنه*! الكُفْءُ من الرجال للمرأَةِ ، تقول : إِنه مثلُها في حَسبها .
وقرأَتُ في قُرَاضة الذَّهب لأَبي عليَ الحسنِ بنِ رَشيق القَيْرَوَانِيّ قولَ الكُمَيْتِ يَصِف الثورَ والكِلاب :
وَعاثَ فِي عَانَةٍ مِنْهَا بِعَثْعَثَةٍ
نَحْرَ*! المُكَافِىءِ والمَكْثُورُ يَهْتَبِلُ
قال : المُكافِيءُ : الذي يَذبحُ شاتَيْنِ إِحداهما مُقَابِلَة الأُخرى للعقيقة .
( *!وَانْكَفَأَ ) : مَالَ ، *!كَكَفأَ ، وأَكْفَأَ وفي حديث الضَّحِيَّة : ثُمَّ انْكَفَأَ إِلى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فذَبحَهما . أَي مَالَ و ( رَجَعَ ) ، وفي حديث آخَرَ : فوضَع السَّيْفَ في بَطْنِه ثم انْكَفَأَ عليه .
( و )*! انْكَفَأَ ( لَوْنُه )*! كَأَكْفَأَ *!وكَفَأَ *!وتَكَفَّأَ وانْكَفَت ، أَي ( تَغَيَّرَ ) وفي حَدِيث عُمَر أَنه انْكَفَأَ لَوْنُه عَامَ الرَّمَادَةِ ، أَي تَغيَّر عَن حالِه حين قال لا آكُلُ سَمْناً ولا سَمِيناً . وفي حَدِيث الأَنصاريّ : مَالِي أَرَى لَوْنَكَ *!مُنْكفِئًا ؟ قال : من الجُوع . وهو مجاز .
( *!-والكَفِيءُ ) كأَمِير ( *!والكِفْءُ ، بالكسر : بَطْنُ الوَادِي ) نقله الصاغاني وابنُ سيده .
(*! والتَّكَافُؤُ : الاستِواءُ ) *!وتكافَأَ الشَّيْئَانِ : تَماثَلا ،*! كَكَافَأَ ، وفي الحديث ( المُسلمونَ *!تَتَكَافَأُ دِماؤُهم ) قال أَبو عُبيدٍ : يريد تَتَساوى في الدِّيَاتِ والقِصاص ، فليس لِشَرِيفٍ على وَضِيع فَضْلٌ في ذلك .
( ) ومما بقي على المصنف :
قول الجوهري : *!تَكَفَّأَت المرأَةُ في مِشْيَتِها : تَرَهْيَأَتْ ومَارَت كما *!تَتَكفَّأُ النخْلَةُ العَيْدَانَةُ ، نقلَه شيخُنا .
____________________

(1/400)



قلت : وقال بِشْر بنُ أَب حَازِم :
وَكَأَنَّ ظُعْنَهُمُ غَدَاةَ تَحَمَّلُوا
سُفُنٌ *!تَكَفَّأُ فِي خَلِيجٍ مُغْرَبِ
هكذا استشهَد به الجوهريُّ ، واستَشْهد به ابنُ منظور عند قوله : وكَفَأَ ( الشيءَ ) والإِناءَ*! يَكْفَؤُه كَفْأً ( وَكَفَّأَه )*! فَتَكَفَّأَ ، وهو*! مَكْفُوءٌ : قَلَبَهُ .
( ) ومما يستدرك عليه :
*!الكَفَاءُ ، كسحابٍ : أَيْسَرُ المَيل في السَّنام ونَحْوه ، جَمَلٌ *!أَكْفأُ وناقة*! كَفْآءُ ، عن ابنِ شُمَيْلٍ : سَنامٌ أَكْفَأُ : هو الذي مالَ على أَحدِ جَنْبِي البعيرِ ، وناقة *!كَفْآءُ ، وجَملٌ أَكْفَأُ ، وهذا من أَهْوَن عُيوبِ البعير ، لأَنه إِذا سَمِنَ استقامَ سَنامُه .
ومن ذلك في الحديثا ءَنه صلى الله عليه وسلمكان إِذا مَشَى تَكَفَّأَ *!تَكَفُّؤًا . *!التَّكَفُّؤُ : التمايُلُ إِلى قُدَّامٍ كما *!تَتَكَفَّأُ السفينةُ في جَرْيها . قال ابن الأَثير : رُوي مهموزاً وغيرَ مهموزٍ ، قال : والأَصل الهمْزُ ، لأَن مصدر تَفَعَّلَ من الصحيح كتقدَّم تقدُّماً وتَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا ، والهمزة حرفٌ صَحيحٌ ، فأَما إِذا اعتلَّ انكَسرت عَيْنُ المُستقبَل منه نحو تَخَفَّى تَخَفِّياً وتَسمَّى تَسمِّياً ، فإِذا خُفِّفَتِ الهمزةُ التحَقَتْ بالمعتلِّ ، وصارَ تَكَفِّياً ، بالكسر ، وهذا كما جاءَ أَيضاً أَنه كان إِذا مَشَى كأَنَّه يَنحَطُّ في صَبَبٍ ، وفي رواية إِذا مَشَى تَقَلَّع . وبعضه يُوافقُ بَعْضاً ويُفَسَّره ، وقال ثعلبٌ في تفسير قوله كأَنّما ينحط في صَبَبٍ : أَراد أَنَّه قَوِيُّ البَدنِ ، فإِذا مَشى فكأَنما يَمْشِي على صُدُورِ قَدَميْهِ من القُوَّةِ ، وأَنشد :
الوَاطِئينَ عَلَى صُدُورِ نِعالِهِمْ
يَمْشُونَ فِي الدَّفَنِيِّ والأَبْرَادِ
*!-والتَّكَفّي في الأَصل مهموزٌ ، فتُرِكَ
____________________

(1/401)


هَمْزُه ، ولذلك جُعِل المصدر تَكَفِّياً .
وفي حديث القِيامة ( وتَكُونُ الأَرْضُ خُبْزَةً واحدَة*! يَكْفَؤُهَا الجَبَّارُ بِيَدهِ كَمَا*! يَكْفَأُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَه في السَّفَرِ ) وفي رواية ( *!يَتَكَفَّؤُهَا ) يريد الخُبْزَةَ التي يَصْنَعها المُسافِرُ ، ويضعُها في المَلَّةِ ، فإِنها لا تُبْسَط كالرُّقَاقَةِ وَإِنَّما تُقلبُ على الأَيْدي حتى تَستَويَ .
وفي حديث الصِّراط ( آخِرُ مَنْ يَمُرُّ رَجُلٌ*! يَتَكَفَّأُ به الضِّراطُ ) أَي يَتَمَيَّلُ وَيَنْقَلِب .
وفي حديث الطعام غير*! مُكْفَإٍ ولا مُوَدَّع ، وفي رواية غير مَكْفِيءٍ ، أَي غير مَرْدُود ولا مقلوب ، والضميرُ راجعٌ للطعام ، وقيل من الكِفَايَة ، فيكون من المُعتل ، والضميرُ لله سبحانه وتعالى ، ويجوز رجوع الضمير للحمد .
وفي حديثٍ آخر : كانَ لا يقبَل الثَّناءَ إِلاَّ من مُكَافِيءٍ أَي من رجل يَعْرِف حقيقةَ إِسلامه ولا يَدْخل عنده في جُملةِ المُنافقين الذين يقولون بأَلسنتهم ما ليس في قلوبهم ، قاله ابنُ الأَنباري ، وقيل : أَي منْ مُقارِب غير مُجَاوِزٍ حَدَّ مثلِه ، ولا مُقَصِّرٍ عما رفَعه الله تعالى إِليه ، قاله الأَزهري ، وهناك قول ثالث للقُتَيْبِيِّ لم يرتضه ابنُ الأَنباري ، فلم أَذكُرْه ، انظره في ( لسان العرب ) .
كلأ : ( *!كَلأَهُ كَمَنَعه ) *!يَكْلَؤُهُ (*! كَلأً ) بفتح فسكون (*! وكِلاَءَةً ) بالقَصْرِ (*! وَكِلاَءً بكسرهما ) مع المَدُّ في الأَخير ، أَي ( حَرَسَه ) وحَفِظَه ، قال جميلٌ :
فَكُونِي بِخَيْرٍ في كِلاَءٍ وَغِبْطَةٍ
وَإِنْ كُنْتِ قَدْ أَزْمَعْتِ صُرْمِى وَبِغْضَتِي
____________________

(1/402)



قال أَبو الحسن :*! كِلاَءٌ هنا يجوز أَن يكون مصدراً *!كَكِلاءَةٍ ، ويجوز أَن يكون جَمْع *!كِلاَءَةٍ ، ويجوز أَن يكون أَراد : في *!كِلاَءَةٍ ، فحذف الهاء للضرورة ، ويقال : اذْهَبوا في كِلاَءَةِ الله ، وقال الليث : يقال : كَلأَكَ اللَّهُ كِلاَءَةً ، أَءَ حَفظك وحَرَسك ، والمفعول منه مَكلوءٌ ، وأَنشد :
إِن سُلَيْمَى واللَّهُ *!يَكْلَؤُهَا
ضَنَّتْ بِزَادٍ مَا كَانَ يَرْزَؤُهَا
وفي الحديث أَنه قال لِبِلالٍ وهم مسافرون (*! اكْلأْ لنا وَقْتَنَا ) . هو من الحِفْظ والحِراسة ، وقد تُخفَّف همزة*! الكِلاءَةِ وتُقلب ياءً ، انتهى .
وقال الله عز وجل : { قُلْ مَن*! يَكْلَؤُكُم بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ } ( الأنبياء : 42 ) قال الفَرَّاء : هي مهموزة ، ولو تَركْتَ هَمْزَ مِثله في غير القرآن قُلْت : يَكْلُوكُم ، بواوٍ ساكنةِ ، وَيَكْلاَكُم ، بأَلف ساكنة ، ومن جعلها واواً ساكنةً قال كَلاَتُ ، بأَلفٍ بترك النَّبْرةِ منها ، ومن قال*! يَكْلاَكُمْ قال كَلَيْبُ مثل قَضَيْتُ ، وهي من لُغة قريشٍ ، وكُلٌّ حَسَنٌ ، إِلا أَنهم يقولون في الوَجْهَيْنِ : مَكْلُوٌّ ، وهو أَكثر مما يقولون : مَكْلِيٌّ ، ولو قيل مَكْلِيٌّ في الذِينَ يقولون كَلَيْت كان صواباً . قال : وسمِعْت بعضَ الأَعراب يُنْشد :
وَمَا خَاصَم الأَقْوَامَ مِنْ ذِي خُصُومَةٍ
كَوَرْهَاءَ مَشْنِيٌّ إِلَيْهَا خَلِيلُها
فَبَنَى على شَنَيْتُ ، بترك الهمزة .
( و ) يقال : كَلأَه ( بالسَّوْطِ ) كَلأً ، وعن الأَصمعيّ : كَلأَ الرَّجُلَ كَلأً وسَلأَه سَلأً بالسوط ( : ضَرَبَهُ ) قاله النضرُ بنُ شُمَيْلٍ ( و ) كَلأَ ( الدَّيْنُ ) *!كُلُوءًا إِذا ( تَأَخَّرَ ) فهو*! كَالِىءٌ ( و ) كَلأَت ( الأَرضُ ) *!وكَلِئَتْ ( : كَثُرَ كَلُؤُهَا ) أَي عُشْبُها (*! كَأَكْلأَتْ ) *!إِكْلاَء ، وفي نسخة : كاكتلأَت .
*!وكَالأَه *!مُكالأَةً وكِلاَءً : رَاقَبه .
( و )*! أَكْلأَ ( بَصَرَهُ في الشَّيْءِ ) إِذا
____________________

(1/403)


( رَدَّدَهُ ) فيه مُصَعِّداً ومُصَوِّباً ( و ) من المجاز كَلأَ ( عُمرُهُ ) أَي ( انْتهى ) إِلى حَدِّه ، وعبارةُ الأَساس : طال وَتَأَخَّرَ قال :
تَعفَّفْتُ عَنْهَا فِي العُصُورِ التي خَلَتْ
فَكَيْفَ التَّصَابِي بَعْدَ مَا كَلأَ العُمْرُ
(*! والكَلأُ كجَبَلٍ ) ، عند العرب يقع على ( العُشْب ) وهو الرُّطْبُ ، وعلى العُرْوَةِ ( والشَّجَرِ ) والنَّصِيِّ والصِّلِّيَانِ ، وقيل : الكَلأُ مقصورٌ مهموزٌ : ما يُرْعَى ، وقيل : الكَلأُ : العُشْبُ ( رَطْبَه وَيَابسُه ) وهو اسمٌ للنَّوْعِ ولا واحد له ( *!كَلِئَتِ الأَرْضُ ، بالكَسْرِ ) أَي ( كَثُرَ ) الكَلأُ ( بِهَا )*! كأَكْلأَتْ وكَلأَتْ ، وقد تقدّم ذِكرُهما ، وذكره في المحلَّيْنِ يُشْعِر بالتغايُرِ ، وليس كذلك (*! كَاسْتَكْلأَتْ ) صارت ذاتَ كلأٍ ( و ) كَلأَت ( الناقةُ ) *!وأَكلأَتْ ( : أَكَلَتْهُ ) أَي الكَلأَ ، وذِكْرُ الناقةِ مِثالٌ .
( وأَرْضٌ *!كلئيةٌ ) على النسب (*! ومَكْلأَةٌ ) كمَزْرَعَة ، كلتاهما ( : كَثِيرَتُهُ ) أَي الكَلإِ ، ويقال فيه أَيضاً *!مُكْلِئَة ، كمُحْسِنة ، ذكره الجوهريّ وغيرُه ، ويستوى فيه اليابِس والرَّطْبُ ، وقيل : الكَلأُ يَجمعُ النَّصِيَّ والصِّلِّيَانَ والحَلَمَةَ والشِّيحَ والعَرْفَجَ وضُرُوبَ العُرَا ، وكذلك العُشْبُ والبَقْلُ وما أَشبهها . وأَرضٌ مُكْلِئَةٌ ، أَي بالضمّ وهي التي قد شَبِع إِبلُها ، وما لم يُشْبِع الإِبلَ لم يَعُدُّوه إِعشاباً ولا *!إِكلاءً وإِن شَبعت الغَنمُ . قال غيره : الكَلأُ : البَقْلُ والشَّجَر ، وفي الحديث ( لا يُمْنَعُ فَضْلُ المَاءِ لِيُمْنَعَ بِه الكَلأُ ) وفي روايةٍ ( فَضْل الكَلإِ ) معناه أَن البئرَ تَكون في البادِيَة ، ويكونُ قريباً منها كَلأٌ ، فإِذا وَرَدَ عليها وارِدٌ فَغَلَبَ على مَائِها ومَنَع مَنْ يأْتي بَعْدَه من الاسْتقاءِ منها فهو بِمَنْعِه المَاءَ مَانِعٌ من الكلإِ ، لأَنه متى وَرَد رَجُلٌ بِإِبِلِه فأَرْعَاها ذلك الكَلأَ ثمَّ لمْ يَسْقِها قَتَلها العَطَشُ ، فالذي يَمْنَعُ ماءَ البِئْرِ يَمْنَعُ النَّباتَ القريبَ منه .
( *!والكَالِىءُ *!والكُلأَةُ ، بالضَّمِّ ، النَّسيِئَةُ
____________________

(1/404)


والعَرَبُونُ ) أَي السُّلْفَة قال الشاعر :
وعَيْنُه*! كَالكالِىءَ المِضُمَارِ
أَي كالنَّسِيئَة التي لا تُرْجَى ، وما أَعطيتَ في الطعامِ نسيئَةً من الدراهمِ فهو الكُلأَةُ ، بالضمّ ، وفي الحديث نَهَى على الكَالِىءِ *!بالكالِىءِ يَعني النَّسيِئَة بالنَّسِيئَةِ ، وكان الأَصمعيُّ لا يَهْمِز ويُنْشِد لعَبِيد بن الأَبرصِ :
وَإِذَا تُبَاشِرُكَ الهُمُو
مُ فَإِنَّها كَالٍ وَنَاجِزْ
أَي مِنها نَسِيئَةٌ ومنها نَقْدٌ ( و ) قال أَبو عبيدة : ( *!تَكَلأْتُ ) كُلأَةً ( وَكلأْتُ *!تَكْلِيئاً ) استنسأْتُ نَسِيئَةً ، أَي ( أَخَذْتُه ) ، والنَّسيئَة : التأْخيرُ ، وكذلك *!استكلأَتُ *!كُلأَةً ، بالضم ، وجمعه*! كَوَالِىءُ ، قال أُميَّةُ الهُذليُّ :
أُسَلِّي الهُمُومَ بِايمْثَالِهَا
وَأَطْوِي البِلاَدَ وَأَقْضِي الكَوَالِي
أَراد*! الكواليءَ ، فإِما أَن يكون أَبدل ، وإِما أَن يكون سَكَّنَ ثم خَفَّف تخفيفاً قِياسيًّا .
( *!وأَكْلأَ ) في الطعامِ وغيرِه *!إِكلاءً ، *!وكَلأَ *!تَكْلِيئاً ( : أَسْلَفَ وأَسْلَمَ ) ، أَنشد ابنُ الأَعرابيّ :
فَمَنْ يُحْسِنُ إِلَيْهِمْ لاَ *!يُكَلّىءْ
إِلَى جَازٍ بذَاك ولاَ كَرِيمِ
وفي ( التهذيب ) : ولا شَكُورِ ( و ) أَكْلأَ ( عُمُرَه : أَنْهَاهُ ) وَبَلَغَ اللَّهُ بك أَكْلأَ العُمرِ ، أَي أَقصاه وآخِرَه وأَبْعَدَه ، وهما من المجاز وكان الأَصمعي لا يهمزه .
( *!واكْتَلأَ *!كُلأَةً *!وتَكَلأَها ) أَي ( تَسَلَّمَهَا ) ، وكَلأَ القَوْمَ : كَانَ لهم رَبِيئَةً ، ويقال : عَيْنٌ *!كَلُوءٌ ، وناقَةٌ *! كَلُوءُ العَيْنِ ( وَرجُلٌ كَلُوءُ العَيْنِ ) أَي ( شَدِيدُهَا لا يَغْلِبُها النَّوْمُ ) وفي بعض النسخ لا يَغْلِبُه ، بتذكير الضمير ، وكذلك الأُنثى ، قال الأَخطل :
ومهْمَهٍ مُقْفِزٍ تُخْشَى غَوَائِلُهُ
قَطَعْتُه*! بِكَلُوءِ العَيْنِ مُسْفَارِ
____________________

(1/405)



ومنه قولُ الأَعرابيّ لامرأَتِه : واللَّهِ إِن لأَبْغِضُ المرأَةَ*! كَلُوءَ الليل .
وفي ( الأَساس ) : ومن المجاز :*! كَلأْتُ النَّجْمَ مَتَى يَطلُع : رَعَيْتُه ، و .
للْعَيْنِ فِيهَا مَكَلأٌ
تُدِيم النَّظَر إِليها كَأَنَّك *!تَكْلَؤُها لإِعْجَابِك بِها . ومنه : رجلٌ كَلُوءُ العَيْنِ : سَاهِرُهَا ، لأَن الساهر يُوصَف بِرِقْبَةِ النُّجومِ .
*!واكتلأَتْ عيني : سَهِرَتْ : *!وأَكْلأْتُها *!وكَلأْتُها أَسْهَرْتُها ، انتهى .
( *!والكَلاَّءُ ، كَكَنَّانٍ : مَرْفَأُ السُّفُنِ ) وهو عند سِيبويهِ فَعَّالٌ ، مثلُ جَبَّارٍ ، لأَنه *!يَكْلأُ السُّفُنَ من الريح ، وعند ثعلب فَعْلاَءُ ، لأَن الرِّيح تَكِلُّ فيه فلا تنخرق قال صاحب المشوف : والقولُ قولُ سِيبويهِ ( و ) منه سُوق الكَلاَّءِ ، مشدودٌ ممدود ( ع بالبَصْرَةِ ) ، لأَنهم*! يُكَلِّئُونَ سُفُنَهم هناك ، أَي يَحْبِسونها . وَكَلأَ القومُ سَفِينَتهم*! تَكْلِيئاً *!وَتَكْلِئَةً ، على مثال تَكليمٍ وتَكْلِمة : أَدْنَوْها من الشَّطّ وحَبسوها ، وهذا يُؤَيّد مَذهَب سيبويه . وفي حديث أَنس وذَكَرَ البَصرَةَ ، : إِيَّاكَ وَسِبَاخَها وكَلاَّءَهَا . وفي مراصد الاطلاع مَحَلّة مشهورةٌ ، وسُوقٌ بالبَصرة . انتهى ، وهو يُؤَنّث ، أَي على قولِ ثعلبٍ ( ويُذَكَّرُ ) ويُصْرَف ، وذكر أَبو حاتم أَنه مُذَكَّر لا يُؤنّثه أَحدٌ من العرب ، وهذا يُرَجِّح ما ذهب إِليه سيبويه ، وفي ( التهذيب ) : *!الكَلاَّءُ ، بالمدّ : مكانٌ تُرْفَأُ فيه السُّفُن ( و ) هو ( سَاحِلُ كُلِّ نَهرٍ*! كالمُكَلإِ ( كَمُعَظَّمٍ ) ) مهموزٌ مقصورٌ ، *!وكَلأْتُ *! تَكْلِئَةً إِذا أَتيْتَ مكاناً فيه مُستَتَرٌ من الريح ، والموضعُ :*! مُكَلأٌ *!وكَلاَّءُ . وفي الحديث : مَنْ عَرَّضَ عَرِّضْنَا له ، ومن مَشى على*! الكَلاَّءِ أَلْقَيْنَاهُ في النَّهر . معناه أَن من عَرَّض
____________________

(1/406)


بالقَذْفِ ( ولم يُصَرِّحْ ) عَرَّضْنَا له ، بِتَأْدِيبٍ لاَ يبلُغُ الحَدَّ ، ومن صَرَّح بالقَذْفِ فَركِبَ نَهَرَ الحُدُودِ وَوسَطَه أَلْقَيْنَاه في نَهَرِ الحَدِّ فَحَدَدْنَاهُ ، وذلك أَن الكَلاَّءَ مَرْفَأُ السُّفُن عند الساحل ، وهذا مَثلٌ ضَرَبه لمن عَرَّضَ بالقَذْفِ ، شَبَّهه في مقاربته للتصريح ، بالماشي على شاطىءِ النهر ، وإِلقاؤُه في الماء إِيجابُ القَذْف عليه وإِلزامه بالحَدِّ قلت : وهو مجازٌ ، كما يرشده كلام الأَساس ، ويثني الكَلاَّءُ فيقال *!كَلاَّءَانِ ويجمع فيقال *!كَلاَّؤُون وقال أَبو النجم :
يَرَى بِكَلاَّوَيْه مِنْهُ عَسْكَرَا
قَوْماً يَدُقُّونَ الصَّفَا المُكَسَّرَا
وَصَفَ الهَنِيءَ والمَرِيءَ ، وهما نَهرانِ حَفرهما هِشامُ بنُ عبدِ المَلِك ، يقول : يَرَى بِكَلاَّوَيْ هذا النَّهرِ قوماً يَحْفِرونَ ويَدُقُّون حِجارةً مَوْضِعَ الحَفْرِ منه ويُكَسِّرُونَه ، وعن ابن السكِّيت : الكَلاَّءُ : مُجْتَمَعُ السُّفُنِ ، ومن هذا سُمِّي كَلاَّءُ البَصْرةِ كَلاَّءً لاجتماعِ سُفُنهِ .
( *!واكْتَلأَ ) منه : ( احْتَرَسَ ) ، قال كَعْبُ بنُ زُهَيْرٍ :
أَنَخْتُ بَعِيرِي *!وَاكْتَلأْتُ بِعَيْنِه
وآمَرْتُ نَفْسي أَيَّ أَمْريَّ أَفْعَلُ
واكْتلأَتْ عَيني *!اكْتِلاءً ، إِذا لم تَنَم وحَذِرَتْ أَمراً فَسَهِرَتْ .
( وكَلأَ سَفينَتَه تَكْلِيئاً ) على مِثالِ تَكْليمٍ ( وتَكْلِئَةً ) على مِثال تَكْلِمَةٍ ( : أَدْنَاهَا مِنَ الشَّطِّ ) وحَبَسها ، قال صاحبُ المشوفِ : وهذا مما يُقَوِّي أَنَّه فَعَّالٌ كَما ذَهَب إِليه سِيبويهِ .
( و ) كَلأَ ( فُلاَناً : حَبَسَهُ ) ، وكأَنه أُخِذَ من كَلاَّءِ السفينةِ كما فسَّره به غيرُ واحدٍ من أَئمّةِ اللغة ، فيكون مجازاً ( و ) قال الأَزهريّ : التَّكْلِئَةُ : التَّقَدُّمُ إِلى المكانِ والوقوف به ، ومنه يقال كَلأَ فُلاَنٌ ( إِليه ) في الأَمرِ تَكْليئاً أَي ( تَقَدَّم ) وأَنشد الفَرَّاء :
فَمَنْ يُحْسِنْ إِلَيْهِمْ لاَ *!يُكَلىءْ
____________________

(1/407)



ويقال : كَلأْتُ في أَمرِك*! تَكْلِيئاً ، أَي تأَمَّلْتُ ونَظَرتُ فيه ( و ) كَلأَ ( فِيه ) أَي فُلانٍ ( : نَظَرَ ) إِليه ( مُتَأَمِّلاً ) فأَعْجَبَه حُسْنُه ، قال أَبو وَجْزة :
فَإِنْ تَبَدَّلْتَ أَوْ كَلأْتَ فِي رَجُلٍ
فَلاَ يَغُرَّنْكَ ذُو أَلْفَيْنِ مَغْمُورُ
أَراد بِذي أَلْفَيْنِ مَنْ له أَلْفانِ مِن المال ، وسَبَقَ الإِيماءُ إِلى أَنه من المجاز نقلاً عن الأَساس .
كمأ : ( *!الكَمْءُ : نَبَاتٌ م ) ينفض الأَرضَ فيَخْرجُ كما يَخرُج الفُطْرُ ، وقيل : هو شَحْمُ الأَرْضِ ، والعرب تُسمّيه : جُدَرِيّ الأَرضِ ، وقال الطيبي : شيءُ أَبْيَضُ مِن شَحْمٍ يَنْبُتُ من الأَرض ، يقال له شَحْمُ الأَرضِ ( ج *!أَكْمُؤٌ ) كفَلْسٍ وأَفْلَسٍ ( *!وَكَمْأَةٌ ) كَتَمْرَةٍ وقال ابنُ سيده : هذا قولُ أَهلِ اللغةِ ، وقال أَبو عمرو : لا نَظِيرَ له غيرُ رَاجلٍ ورَجْلَة ، وسيأْتي في ر ج ل ، ( أَو هي اسمٌ للجَمْعِ ) ليست بجمع *!كَمْءٍ ، لأَن فَعْلَه ليس مِمّا يُكَسَّر عليه ، ( فَعْلٌ ) قاله سِيبويهِ ، فلا يُلْتَفت إِلى ما قاله شيخُنا : كلامٌ لا مَعْنَى له ، وحكى ثعلب : كَمَاةٌ كَقَنَاةٍ ، قال شيخُنا : وفيه تَسَمُّحٌ ( أَو هي ) أَي *!الكَمْأَةُ ( للواحد ، *!والكَمْءُ للجَمْع ) قاله أَبو خَيْرَة ، ونقله عنه صاحبُ ( التَّمْهِيد ) ، وقال مُنْتَجِعٌ : كَمْءٌ للواحِدِ *!وكَمْأَةٌ للجمع ، فمَرَّ رُؤْبةُ فسأَلاه فقال : كَمْءٌ للواحد وكَمْأَةٌ للجميع ، كما قال مُنتَجِعٌ . ومثله مَنقولٌ عنا ءَبي الهَيْثَمِ قال الجوهريُّ : على غيرِ قِياسٍ ، وهوَ من ( النَوادِر ) ، فإِن القياسَ العَكْسُ ( أَوْ هِي تَكونُ واحِدَةً وَجمْعاً ) حُكِيَ ذلك عن أَبي زيدٍ ، وقال أَبو حنيفة : كَمْأَةٌ واحدةٌ ، *!وكَمْأَتَانِ *!وكَمْآتٌ . وفي ( المشوف ) و ( اللسان ) : الصَّحيحُ من ذلك كلِّه ما ذَكره سِيبويهِ ، وحكى شَمِرٌ عن ابنِ الأَعرابيّ : يُجْمَع كَمْءٌ *!أَكْمُؤاً ، وجمعُ الجَمْعِ كَمْأَةٌ . وفي ( الصحاح ) : تقول : هذا كَمْءٌ ، وهذان *!كَمْآنِ وهؤُلاءِ أَكْمُؤٌ ثلاثةٌ ، فإِذا كَثُرَتْ فهي
____________________

(1/408)


الكَمْأَةُ ، وقيل : الكَمْأَةُ : هي التي إِلى الغُبْرَة والسَّوَادِ ، والجَبْأَةُ إِلى الحُمْرَةِ . وفي الحديث : الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ ، ومَاؤُهَا شِفَاءٌ للعين ) قيل إِنه مِن المَنِّ حَقِيقَة ، وقيل : مِمَّا مَنَّ اللَّهُ على عِبادِه بإِنعامه . وقال النَّوَوي في ( شرح مُسْلِم ) : شُبِّهَتْ بهِ في حُصولِه بلا كُلْفَةٍ ولا عِلاجٍ ولا زَرْعِ بَذْرٍ . قال الكِرماني : وماؤُها يُربى به الكُحْل والتُّوتِيَا ، نقله شيخنا .
( *!والمَكْمَأَةُ ) بفتح الميم ( *!والمَكْمُؤَةُ ) بضمها ( : مَوْضِعُه ) أَي الكَمْءِ ( *!واكْمَأَ المَكَانُ ) إِذا ( كَثُرَ بِهِ ) *!وأَكمأَتِ الأَرضُ فهي *!مُكْمِئَة كمُحْسِنة : كَثُرْت*! كَمْأَتُها . وأَرض *!مَكْمُوءَةٌ : كَثِيرَةُ الكَمْأَة .
( و ) *!أَكمأَ ( القَوْمَ : أَطْعَمَهُم إِيَّاهُ ) أَي الكَمْءَ ( كَكَمَأَهُمْ كَمْأً ) ثُلايِثًّا ، والأَوّل عن أَبي حنيفة .
( *!والكَمَّاءُ ) ، كَكَتَّانٍ : ( بَيَّاعُهُ وجَانِيهِ لِلبَيْعِ ) أَيضاً ، أَنشد أَبو حنيفة :
لَقَدْ سَاءَنِي وَالنَّاسُ لاَ يَعْلَمُونَهُ
عَرَازِيلُ كَمَّاءٍ بِهِنَّ مُقِيمُ
وحُكِيَ عن شَمِر : سَمِعْتُ أَعرابيًّا يقول : بنو فُلانٍ يَقْتُلونَ *!الكَمَّاءَ والضِّعِيفَ .
(*! وَكَمِىءَ ) الرجلُ ( كَفَرِحَ )*! يَكْمَأُ *!كَمَأً ، مهموزٌ ( حَفِيَ ) بحاء مهملة من الحَفَاء ( وعَلَيْهِ نَعْلٌ ) كذا في النُّسخ ، وعبارة الجوهري : ولم تكن عليه نَعْلٌ ، ومثله في ( اللسان ) ، فما أَدري من أَين أَخذه المصنّف ، وقيل : الكَمَأُ في الرَّجُلِ كالقَسَطِ ورجلٌ كَمِيءٌ قال :
أَنْشُدُ بِاللَّهِ مِنَ النَّعْلَيْنِيَهْ
نِشْدَةَ شَيْخٍ كَمِيءِ الرِّجْلَيْنِيَهْ
( و ) قيل كَمِئَتْ ( رِجْلُه ) بالكَسْرِ ( : تَشَقَّقَتْ ) ، عن ثعلب ، والظاهر أَن ذِكْر الرِّجْلِ مِثالٌ ، فقد قال الزمخشري
____________________

(1/409)


في ( الأَساس ) : ومن المجاز : كَمِئَتْ يدُه ورِجْله من البرد ( والعَمَل ) انتهى أَي تشقَّقَتْ وكَمَأَتْ بالفتح ، كذا في نُسْخة الأَساس ، ولعله غَلَطٌ من الكاتب ، والصحيحُ كَفَرِحَتْ ، كما تقدَّم والعجَبُ من شيخنا لم يُنَبِّه عليه ولا على ما تَقدَّم في ( كلأَ ) من المجازات ، مع دَعْواه الكثير ، والله عليمٌ بصير .
( و )*! كَمِىء فلانٌ ( عَنِ الأَخْبَارِ ) كَمَأً ( : جَهِلَهَا وغَبِيَ عَنْهَا ) فلم يَفْطُنْ لها ، قال الكسائيّ : إِنْ جَهِل الرجُلُ الخَبَرَ قال :*! كَمِئْتُ عنا لأَخبار أَكْمَأُ عنها .
( و ) قد (*! أَكْمَأَتْهُ السِّنُّ ) أَي ( شَيَّخَتْهُ ) بتشديد الياء ، عن ابن الأَعرابيّ .
( وَتَكَمَّأَهُ ) أَي الأَمْرَ إِذا ( تَكرَّهَهُ ) نقله الصاغاني ، وفي ( الأَساس ) : خَرَجُوا *!يَتَكَمّؤونَ : يَجْتَنُونَ الكَمْأَةَ .
( و )*! تَكَامَأْنَا في أَرضهم ، وتَكَمَّأَتْ ( عَلَيْهِ الأَرْضُ ) ، وتَلَمَّعَتْ عليه ، وَتَودَّأَتْ إِذا ( غَيَّبَتْهُ ) فيها وذَهبَتْ به ، عن ابن الأَعرابيّ .
كوأ وكيأ : ( *!الكَاءُ *!والكَاءَةُ *!-والكَيْءُ *!والكَيْئَةُ ) بالفتح على الإِطلاق ، والهاءُ للمبالغة ، وضبطه في ( العباب ) فقال مثال الكاع والكَاعة والكَيْع والكَيْعَة ، فكان ينبغي للمصنف ضبطُه على عادته ( : الضَّعيفُ ) الفؤادِ ( الجَبَانُ ) قال أَبو حِزامٍ العُكْليُّ :
وَإِنّي لَكَيْءٌ عَنِ المُوئِباتِ
إِذَا مَا الرَّطِيءُ انْمَأَى مَرْثَؤُهْ
ورجل *!كَيْئَةٌ ، وهو الجَبانُ قال العكلِيّ أَيضاً :
لِلاَنَأْنَا جُبَّإٍ كَيْئَةٍ
يُملَّى مَآبِرَه نَنْصَؤُهْ
____________________

(1/410)



( وقد *!كِئتُ ) عن الأَمر بكسر الكاف*! أَكِيءُ ( *!كَيْئاً *!وكَيْأَةً ، وَ*!كُؤْتُ ) عنه *!أَكُوءُ (*! كَوْأً ، *!وَكَأْوًا على القَلْبِ ) أَي نَكَلْتُ عنه ، أَو نَبَتْ عنه عَيني فلم أُرِدْه ، وقال بعضهم : أَي ( هِبْتُه وجَبُبْتُ ) عنه ، وكان الأَولَى بالمصنف أَن يُميزّ بين المادّتين الواوية واليائية ، فيذكر أَوَّلاً كوأَ ، ثم كيأَ كما فعله صاحب ( اللسان ) ، ولم ينبّه عليه شيخنا أَصلاً ( وَ*!أَكاءَهُ *! إِكَاءً *!وَإِكَاءَةً ) هذا محلُّ ذِكره ، فإِن الهمزة زائدةٌ ، كأَقام إِقامة ، لا حرف الهمزة ، وقد سبقت الإِشارة إِلى ذلك ( : فَاجَأَهُ عَلَى تَئِفَّةِ أَمْرٍ أَرَادَه ) وفي نسخة تَفِيئَةِ أَمرٍ ، وقد تقدّم تفسير ذلك ( فَهَابَهُ ) وَردَّه عنه وجَبُن ( فَرَجَع عنه ) . *!وأَكأْتُ الرجُلَ *!وكئْتُ عنه مثل كِعْتُ أَكِيعُ .
قال صاعدٌ في الفُصوص : قرأَ الزُّبَيْدِيُّ على أَبِي عَلِيَ الفارسيّ في ( نوادِر الأَصمعيّ ) : أَكَأْتُ الرجُلَ إِذَا رَدَدْتَه عنك . فقال : يا أَبَا مُحمَّدِ ، أَلْحِقْ هذه الكلمةَ من أَجَأ ، فلم أَجد له نَظِيراً غيرَها ، فتنازع هو وغيرُه إِلى كُتُبه ، فقلت : أَيها الشيخُ ، ليس كأت من أَجأَ في شيءٍ ، قال : كيف ؟ قلت : حكي أَبو إِسحاق الموصليُّ وقُطْرُب كَيِيءَ الرجلُ إِذا جَبُن ، فخجِل الشيخُ وقال : إِذا كان كذلك فليس منه . فَضَرب كُلٌّ على ما كَتب ، انتهى . قال في ( المشوف ) : وفي هذه الحكاية نَظَرٌ ، فقد كان أَبو عَلِي أَعلَمَ مِن أَن يَخفى عليه مثلُ هذا ويَظهَرَ لصاعدٍ ، وقد كان صاعدٌ يَتساهلُ ، عفا الله عنه .
2 ( فصل اللام ) مع الهمزة ) 2
لألأ : (*! اللُّؤْلُؤُ ) لا نظير له إِلاّ بُؤْبُؤٌ وجُؤْجُؤٌ وسُؤْسُؤٌ ودُؤْوُدٌ وضُؤْضُؤٌ ( : الدُّرُّ ) سُمِّي بهِ لِضَوْئِه ولَمعَانِه ( واحدهُ ) *!لُؤْلُؤَةٌ ( بِهاءٍ ) والجمع *!اللآلىءُ ( وبائعُه*!لأّلٌ ) حكاه الجوهريّ عن الفراء ، وذكره أَبو حيان في ( شرح التسهيل ) ( وقال ) أَبو عبيدة : قال الفَرَّاء : سمعتُ العربَ تقول لصاحب اللؤْلؤِ ( *!لأّءٌ ) على مِثال لَعَّاعٍ ، وكره قول الناس لأَلٌ على مثال لَعَّال . (*!ولأْلاَءٌ ) كَسلسال غريبٌ ، قلَّ من
____________________

(1/411)


ذكره من أَرباب التصانيف ، وأَنكره الأَكثر ، قاله شيخُنا ، قال عليُّ بنُ حمزة : خالف الفرَّاءُ في هذا الكلامِ العربَ والقِياسَ ، لأَن المسموع لأَلٌ ( و ) لكِنِ ( القِيَاسُ لُؤْلُئيٌّ ) ، لأَنه لا يُبْنَى من الرُّباعيّ فَعَّالٌ ، ولأَلٌ شَاذٌ . انتهى ( لاَ لأَءٌ ) كما قاله الفراءُ ( وَلا لأَلٌ ) كما صَوَّبه الجوهريُّ ، وقال الليثُ : اللَّؤْلُؤُ معروفٌ ، وصاحبه لأَلٌ ، حذفوا الهمزة الأَخيرة حتى استقام لهم فَعَّالٌ ، وأَنشد :
دُرَّةٌ مِنْ عَقَائِلِ البَحْرِ بِكْرٌ
لَمْ تَخُنْهَا مَثَاقِبُ اللأَلِ
ولولا اعتلالُ الهمزةِ ما حَسُنَ حذْفُها ، أَلاَ تَرَ أَن . هم لا يقولون لبيَّاع السِّمْسِم سَمَّاسٌ وحَذْوُهُما في القِياس واحدٌ ، قال : ومنهم من يرى هذا خَطأً ( وَوَهِمَ الجَوهريُّ ) في رَدِّه كلامَ الفرَّاءِ وتَصْوِيبِه ما اختاره ، وهذا الذي صَوَّبه هو قولُ الفَرَّاءِ كما نَقله عنه صاحب المشرق عن أَبي عُبيدة عنه ، وقد تقدم ، فلعلّه سهو في النقْلِ أَو حُكِيَ عنه اللفظانِ ، وسبب التوهيم إِياه إِنما هو في ادّعائه القياسَ ، مع اين المعروف أَن فَعَّالاً لا يُبْنَى من الرُّباعيّ فما فوق ، وإِنما يُبْنَى من الثلاثيّ خاصَّةً ، ومع ذلك مقصورٌ على السّمَاع ، ويجاب عن الجوهريّ بأَنه ثُلاثِيٌّ مَزِيدٌ ، ولم يَعْتبروا الرَّابعَ فتصرَّفوا فيه تَصَرُّف الثلاثيّ ، ولم يعتبروا تلك الزيادة ، قال أَبو عليَ الفارسيُّ : هو من باب سَبْطَرَ ( وحِرْفَتُه *!اللِّئَالَةُ ) بالكسر ، كالنِّجارة والتِّجارة ، وقد يقال يَمتنع بِنَاءُ فِعَالة من الرُّباعي فما فوق ذلك ، كما يَمتنع بناء فَقَّال ، فإِثباته فيه مع توهيمه في الثاني تَناقُضٌ ظاهرٌ ، إِلاَّ أَنْ يُخرج على كلام أَبي عليَ الفارسيّ المتقدِّم .
( و ) اللُّؤْلُؤَةُ ( : البَقَرَةُ الوَحْشِيَّةُ ) .
*!ولأْلأَ الثَّوْرُ بِذَنَبِه : حَرَّكه ، ويقال للثَّوْرِ الوَحْشِيِّ :*! لأْلأَ بِذنبه .
وإِطلاق اللُّؤْلُؤة على البَقرة مَجازٌ ، كما قاله الراغبُ والزمخشريُّ وابنُ فارسٍ ، ونبَّه عليه شيخُنا ، وهل يقال للذَّكر منها لُؤْلُؤ ؟ فيه تأَمُّلٌ .
( وأَبو *!لُؤْلُؤَةَ ) فَيْرُوز المَجوسيّ
____________________

(1/412)


النَّهاوَنْدِيّ الخَبِيث الملعون ( غُلاَمُ المُغِيرَةِ ) بنِ شُعْبَة رضي الله عنه ( قَاتِلُ ) أَمير المؤمنينَ ( عُمَرَ ) بن الخَطَّابِ ( رَضِي اللَّهُ عنه ) ، طَنعهُ هذا الملعونُ بِخنْجَرٍ في خاصِرَته حين كَبَّر لِصلاة الصُّبْح ، فقال عُمَرُ : قَتَلني الكَلْبُ ، وكانت وفاتُه يومَ الأَربعاء لأَرْبعٍ بَقِينَ من ذي الحِجَّة ، سنة 24 وغسَّله ابنُه عبدُ الله ، وكفَّنه في خمْسةِ أَثْوابٍ ، وصلَّى عليه صُهَيْبٌ ، ودُفِن في بَيْتِ عائشةَ بإِذْنِها ، رضي الله عنهم ، مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ورأْسُه عند حَقْوَيْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه ، ولقد أَظْرفَ من قال :
هذَا أَبُو لُؤْلُؤَةٍ
مِنْهُ خُذُوا ثَارَ عُمَرْ
( *!ولأْلأَتِ المَرْأَةُ بِعَيْنِها ) وفي نسخة . بِعَيْنَيْها ( : بَرَّقَتْهَا ) ، وهل يقال لأْلأَ الرجُلُ بِعَيْنه بَرَّقَها ؟ الظاهر نَعَمْ ، ويحتمل أَن يأْتِيَ مثلُه في الحيوانات ( و ) لأْلأَتِ ( الفُورُ ) بالضمّ ، الظِّباءُ ، لا واحد لها من لَفظها ، قاله اللحيانيُّ ، فقول شيخُنا : الواحدُ فَائِرٌ ، منظورٌ فيه ، ( بِذَنَبهِ ) ، كذا في النسخ بتذكير الضمير ، والأَولَى : بِذَنَبِهها ، كذا في ( الصحاح ) وغيره من كتب اللغة ، ووقع في بعضِ النسخ : الثَّوْرُ بدل الفُورِ ، فحينئذ يَصِحُّ تذكير الضمير ، وفي المثل ( لاَ آتِيكَ مَا لأْلأَتِ الفُور ، وهَبَّتِ الدَّبُور ) أَي الظباءُ وهي لا تزالُ تُبَصْبِصُ بأَذْنابِها ، ورواه اللحياني : ما لأْلأَتِ الفُور بأَذنابِها . *!ولأْلأَ ) الظَّبْيُ ، مثلُ *!لأْلأَ الثَّوْرُ ، أَي ( حَرَّكَه . و ) لأْلأَت ( النارُ ) *!لأْلأَةٍ إِذا ( تَوَقَّدَتْ ) وتلأْلأَت النارُ : اضْطَرَمتْ ، وهو مجاز ، كما بعده ( و ) لأْلأَت ( العَنْزُ : اسْتَحْرَمَتْ ، و ) قال الفرَّاء :*! لاَلاَت العَنْزُ ، فتركوا الهمز ، وعنز*! مُلالِ ، فأَعلَّ بترك الهَمز ، ولأْلأَ ( الدَّمْعَ ) لأْلأَةً ( : حَدَرَهُ ) على خَدَّيْه مثلَ اللُؤْلُؤ .
( ولَوْنٌ *!لُؤْلُؤَانٌ ) أَي (*! لُؤْلُئِيٌّ ) أَي يُشبه اللؤْلُوَ في صَفائه وبَياضه وبَرِيقه ، قال ابنُ أَحمر :
مَارِيَّةٌ لُؤْلُؤَانُ اللَّوْنِ أَوَّدَها
طَلٌّ وَبَنَّسَ عَنْهَا فَرْقَدٌ خَصرُ
____________________

(1/413)



أَراد *!لُؤْلُؤِيَّتَه بَرَّاقَتَه .
( *!واللأْلاَءُ ) كسلسال ( : الفَرَجُ التَّامُّ . *!وتَلأْلأَ ) النجمُ والقمرُ و ( البَرْقُ ) والنارُ : أَضاءَ و ( لمَعَ ) ، *!كلأْلأَ في الكُلّ ، وقيل : اضطربَ بَرِيقُه ، وفي صفته صلى الله عليه وسلم*! يَتلأْلأُ وَجْهُهُ*! تلأْلُؤَ القَمرِ . أَي يُشرِق ويَسْتنيرُ ، مأْخوذٌ من اللُّؤْلُؤِ .
قال شيخُنَا : وأَبو عليّ محمدُ بن أَحمد بن عُمَرَ *!-اللُّؤْلُئِي رَاوِي السُّنَن عن أَبي دَاوُودَ ، فلو ذكره المؤلّف بدَلَ أَبي لُؤْلُؤة كان حسناً ، انتهى . قلت : وفاته أَيضاً عبدُ الله بن خالد بن يزيد اللُّؤْلُئِي ، حَدّث بِسُرَّ مَن رأَى ، عن غُنْدُرٍ ، ورَوْحِ بنِ عُبَادَة وغيرِهِما ، ترجمه الخطيب ، وأَبو عبد الله محمد ابن إِسحاق البَلْخِيّ اللُّؤْلُئِي ، روى عن عَمْرو بن بَشير عن أَبيه عن جده ، وعنه مُوسى الحَمَّال ، أَخرج حديثَه البَيْهَقِيُّ في الشُّعَب ، كذا في كتاب الزجر بالهجر للسيوطي . ومَسْجِد اللُّؤْلُؤَةِ من مَشاهد مِصْرَ ، وذكره ابنُ الزيصات في الكَواكِب السَّيَّارة .
لبأ : (*! اللِّبَأُ كَضِلَعٍ ) بكسر الأَول وفتح الثاني مهموزٌ مقصورٌ ، ضبطه الليث . ولو قال كعِنَبٍ ، كما في ( المُحكم ) و ( العُباب ) كان أَحسن ( : أَوَّلُ اللَّبَنِ ) في النِّتاج ، وزاد ابنُ هِشامٍ : قبْلَ أَن يَرِقَّ . والذي يَخرج بعدَه الفصيحُ ، وسيأْتي قال أَبو زيد : أَوَّل الأَلبانِ اللِّبَأُ عند الوِلاَدَةِ . وأَكثرُ ما يكونُ ثَلاث حَلبَاتٍ ، وأَقلُّه حَلْبَة ، وقال الليث : هو أَوَّل حَلَبٍ عند وَضْعِ المُلْبِيءِ ( *!وَلبَأَهَا كَمَنَع ) أَي الشَّاةَ والناقةَ مثلاً*! يَلْبَؤُهَا *! لَبْأً بالتسكين *!والْتبَأَها ( : احْتَلَبَ لَبَنَها ) ، وفي بعض الأُصول :*! لِبَأَها ، ويقال*! لَبَأْتُ اللِّبَأَ*! أَلْبَؤُه لَبْأً إِذا حَلَبْتَ الشَّاةَ لَبْأً .
( و ) لَبَأَ ( القَوْمَ ) يَلْبَؤُهم لَبْأً ( : أَطعَمَهم إِيَّاه ) أَي اللِّبَأَ ، قال ذو الرُّمَّة :
وَمَرْبُوعَةٍ رِبْعِيَّةٍ قد*! لَبَأْتُها
بِكَفَّيَّ مِنْ دَوِّيَّةٍ سَفَراً سَفْرَا
____________________

(1/414)



فسَّره السيرافي وحده فقال : يعني الكَمْأَةَ ، مَرْبُوعةٍ : أَصابها الرَّبيعُ . ورِبْعِيَّةٍ مُتَرَوِّيَةٍ بمَطَر الربيع . *!ولَبَأْتُها : أَطعَمْتُها أَوَّلَ ما بَدَتْ ، وهي استعارةٌ ، كما يُطعَمُ اللِّبَأُ ، يعني أَنَ الكَمَّاءَ جناها فبَاكرَهم بها طَرِيَّةً ، وسَفَراً منصوبٌ على الظرف ، أَي غُدْوَةً ، وسَفْرا ، مفعولٌ ثانٍ للَبَأْتُها ، وعدَّاه إِلى مفعولين لأَنه في معنى أَطْعَمْتُ ، (*! كَأَلْبَأَهُمْ ) فإِنه بمعناه ، وقيل : لَبَأَ القَوْمَ *!يَلْبَؤُهم لَبْأً إِذا صَنَع لَهم اللِّبَأَ ، وقال اللِّحيانيُّ : لَبْأً ولِبَأً وهو الاسْمُ ، أَي كَأَنَّ اللِّبَأَ يكون مَصْدَراً واسْماً ، وأَنكَرَهُ ابنُ سيده .
( و ) لَبَأَ ( اللِّبَأَ )*! يَلْبَؤُه لَبْأً : أَصلَحه و ( طَبَخَه *!كَأَلْبَأَهُ ) ، الأَخيرة عن ابن الأَعرابيّ .
ولَبَأْتُ الجَدْيَ : أَطْعَمْتُه اللَّبَأَ .
*!وأَلْبَئُوا : كَثُرَ *!لِبَؤُهم ، كما في ( الصحاح ) .
( وَ*!أَلْبَأَت ) الشَّاةُ أَو الناقة ( : أَنْزَلَتِ اللِّبَأَ ) في ضَرْعِها ( و ) أَلبَأَتِ ( الوَلَدَ : أَرْضَعَتْه ) أَي سَقَتْه ، وفي بعض النسخ : أَطعمته ( إِيَّاهُ ) أَي اللِّبَأَ ، قال أَبو حاتم أَلْبَأَتِ الشاةُ ولَدَها ، أَي قَامَتْ حتى تُرْضِعَ لِبَأَها (*! كَلَبَأَتْهُ ) مثل مَنَعَتهُ ويوجد هنا في بعضا لنسخ بالتشديد ، وهو خطأٌ ، وفي حديث وِلادَة الحَسن بن عليَ رضي الله عنهما : *!وأَلْبَأَه بريقه . أَي صَبَّ ريقَه في فيه ، كما يُصَبُّ *!اللِّبَأُ في فَمِ الصَّبِيّ ، وهو أَوَّلُ ما يُحْلَب عند الولادة ، وقيل : لَبَأَه : أَطْعَمَه اللِّبَأَ ( و ) أَلبَأَ فُلانٌ ( فُلاَناً : زَوَّدَهُ بِهِ ) أَي*! بِاللِّبَإِ كَلَبَأَه ، ولو ذكرَ هذا الفَرْقَ عند قوله أَطْعَمَهم كان أَخْضَر ( و ) أَلْبأَ الجَدْي و ( الفَصِيلَ ) *!إِلْباءً إِذا ( شدَّهُ إِلى رَأْسِ الخِلْفِ ) بالكسر والسكون ( لِيَرْضَعَ اللِّبَأَ ) . والفَصِيلُ مِثالٌ ، والمرادُ الرَّضِيعُ مِن كلِّ حيوانٍ ، كما نَبَّه عليه في ( المُحكم ) وغيره بتعبيره ( *!وَالْتبَأَهَا ) وَلدُها ( : رَضِعَها ، *!كاسْتَلْبَأَهَا ) ، ويقال : استلْبَأَ الجَدْيُ
____________________

(1/415)


*!اسْتِلْباءً إِذا ما رَضِعَ من تِلْقاءِ نَفْسِ ، وقال الليثُ :*! لَبَأَتِ الشاةُ ولدَها : أَرْضعته اللِّبَأَ ، وهي*! تَلْبَؤُه ، *!والْتبَأْتُ أَنا : شربْت اللِّبَأَ ( و ) يقال : *!الْتبَأَها ( : حَلبَها ) ، كَلَبَأَهَا ، أَي حَلبَ *!لِبَأَهَا . وقد تقدّمت الإِشارةُ إِليه ، فلو قال عند قوله*! لَبَأَها *!كالْتَبَأَها كان أَحسن وأَوفق لقاعدته .
(*! ولبَّأَت ) الناقةُ وكذا الشاةُ ونحْوُهُما تَلْبِيئاً ( وَهِي *!مُلَبّىءٌ ) كمُحَدِّثٍ ( : وَقع اللِّبَأُ في ضَرْعِها ) ثم الفِصْحُ بعد اللِّبَإِ إِذا جاءَ اللبنُ بعد انقطاعِ اللِّبَإِ يقال : قد أَفْصَحَت الناقةُ ، وأَفْصَحَ لَبَنُهَا .
( و )*! لبَّأَ ( بِالحَجِّ ) تَلْبِئَةً بالهمز ( كَلَبَّى ) غير مهموز ، وهو الأَصل فيه ، قال الفَرَّاءُ : ربما خَرجَتْ بهم فَصاحتُهم إِلى أَن يَهْمِزوا ما لَيس بمهموز ، فقالوا : لَبَّأْتُ بالحَجّ وحَلأْتُ السَّوِيق ورَثَأْتُ ليتَ ، وظاهر سِياقه أَنه بالهمز ودونه على السواءِ ، وليس كذلك ، بل الأَصل عَدمُ الهمزِ كما عَرفتَ .
( *!واللَّبْءُ بالفَتْحِ ) ذِكرُ الفَتْحِ مُخالِفٌ لقاعدته ، فإِن إِطلاقه يَدُلُّ بمراده ( : أَوَّلُ السَّقْيِ ) يقال لَبَأْتُ الفسِيل *!أَلْبَؤُه لَبْأً ، إِذا سَقَيْتَه حين تَغْرِسُه ، وفي الحديث : إِذا غَرَسْتَ فَسِيلةً وقيل إِن الساعَةَ تقومُ فلا يَمْنَعَنَّك أَن*! تَلْبَأَها . أَي تَسْقِيهَا ) وذلك أَوَّل سَقْيِك إِيَّاها ، وفي حديثٍ أَنَّ بَعْض الصَّحابةِ مَرَّ بأَنصارِيّ يغْرِس نَخْلاً فقال : يا ابنَ أَخي . إِن بَلغك أَنّ الدَّجَّالَ قد خَرَج فلا يَمْنَعَنَّك منْ أَنْ تَلْبَأَها ، أَي يَمْنَعُك خُروجُه عن غَرْسها وسَقْيِها أَوَّلَ سَقْيَةِ . مأْخوذٌ من اللِّبَإِ ، وهو مجازٌ .
( و )*! اللَّبْءُ أَيضاً ( : حَيٌّ ) من العَرب من عبدِ القَيْس ، والنسبة إِليه اللَّبْئِيّ كالأَزْدِيّ .
( و )*! اللَّبْأَةُ ( بِهاءٍ ) كتَمْرَةٍ ( : الأَسَدَةُ ) ، أَي الأُنثى من الأُسود حكاها ابنُ الأَنباريّ ، وهاؤُها لتأْكيدِ التأْنيث ، كما في ناقةٍ ونَعْجَةٍ ، لأَنه ليس لها مُذكَّرٌ من لَفْظِها حتى تكون الهاءُ فارقةً ، قاله الفيُّوميّ في ( المُصباح )
____________________

(1/416)


ونقله عنه شيخنا ( *!كاللَّبَاءَةِ ) بالمد ( كسَحابَةٍ ) نقله الصَّغانيّ ( *!واللَّبُؤَةُ كسَمُرَةٍ ) مع الهمزة ، ذكره ثعلبٌ في ( الفصيح ) . وقال يُونُس في ( نوادره ) : هي اللُّغةُ الجَيِّدة ، قاله شيخنا ، فكان ينبغي على المُؤلف تقْدِيمُها على غيرها ( و ) *!اللُّبَأَةُ مثل ( هُمَزَةٍ ) حكاها ابنُ الأَنباريّ ونقلها الفِهريُّ في ( شرح الفصيح ) ، ( *!واللَّبْوَةُ ) ساكنة الباء ( بِالوَاوِ ) مع فتح اللام ، قال اليزيدِيٌّ في ( نوادره ) : هي لغةُ أَهل الحجاز ، ونقله أَبو جعفر اللَّبْلِيُّ في ( شرح الفصيح ) ، ونقلها الجوهريُّ عن ابن السكيت ( ويُكْسَر ) فيقال لِبْوَة غير مهموز ، قال أَبو جعفر : حكاها يونُس في ( نوادره ) ، وهي قليلة (*! واللَّبَة ) بحذف الهمزة بالكُلِّيَّة ( كَدَعَةٍ ) نقلَها شُرَّاح الفصيح (*! واللَّبُوَة بِالوَاوِ ) بدل الهمز ( كَسَمُرَةٍ ) لغة ، حكاها ابنُ الأَنباري وهشام في كتاب ( الوُحوش ) (*! واللَّبَاة كَقَطَاةٍ ) نقلها ابنُ عديس في الباهر عن ابن السيد ( ج *!لَبْآتٌ ) مُفرده لَبَاةٌ كقَطاة ، وفي ( اللسان ) اللَّبَاة كاللَّبُوَة ، فإن كان مُخفَّفاً منه فجمعه كجمعه ، وإِن كان لغةً فجمعه لَبَاءَاتٌ ، هكذا في النسخة ضُبِطَ بالتحريك (*! وَلَبُؤٌ ) بفتح فضمّ والهمز ، مُفردُه*! لَبُؤَة كسَمُرَة (*! وُلُبَأٌ ) بضم ففتح مفرده كَهُمْزَة (*! وَلَبُوَاتٌ ) بفتح فضمّ مع الواو ، مفرده لَبوَة على لغةِ الحِجاز ، ففي كلام المُصنّف لَفٌّ ونَشْرٌ مُشَوَّش ، وهو واضحٌ لا وَصْمَةَ فيه ولا يُلتفت إِلى قولِ شيخِنا : كلامٌ مع قُصوره غيرُ مُحَرَّرٍ .
وبقِيَ أَن*! اللَّبُؤَ الأَسدُ . قال في ( المحكم ) : وقد أُمِيت ، أَعْنِي قلَّ استعمالُهم إِيّاه البَتَّةَ ، فيُنْظَر مع كلام الفَيُّوميّ الذي نقله شيخُنا آنِفاً في اللَّبْأَةِ .
(*! واللَّبُوءُ رَجُلٌ م ) وهو اللَّبُوءُ بنُ عبدِ القَيْس الذي تقدَّم ذِكره أَو غيرُه ، فليُنْظَر .
____________________

(1/417)



( وَعِشَارٌ ) جمع عُشَرَاءَ (*! مَلاَبِىءُ ) بالضمّ وكَسْرِ المُوحَّدة ( كَمَلاَقِحَ ) إِذا ( دَنَا نِتَاجُهَا ) كما في ( الصّحاح ) وغيره .
( ) ومما بقي على المصنف :
قال ابنُ شُمَيْلٍ : لَبَأَ فُلانٌ من هذا الطعام *! يَلْبَأُ *! لبأ إِذا أَكثَرَ منه ، قال : ولَبَّيْكَ كأَنَّه اسْتِرْزَاقٌ ، وسيأْتي في موضعه .
وعن الأَحمر : بَيْنَهم*! المُلْتَبِئةُ ، أَي هم مُتَفَاوِضُونَ لا يَكْتُم بعضُهم بعضاً ، وسيأْتي في المعتلّ ، وهناك أَورده الجوهريُّ وغيره ، وفي ( النوادر ) : يقال : بنو فُلانٍ لا *!يَلْتَبِئُونَ فَتاهم ، ولا يَتَعَيَّرُون شَيْخَهم . المعنى لا يُزَوِّجُون الغلامَ صَغيراً ولا الشيخَ كَبِيراً طَلباً للنَّسْلِ ، وسيأْتي في المعتل أَيضاً .
لتأ : (*! لَتَأَهُ فِي صَدْرِه كَمَنَعَه ) بالمُثنّاة الفوقية*! يَلْتَأُ *!لَتْأً ( : دَفَعَهُ ) قال المناوي : هكذا قَيَّدُوه بالصَّدْرِ ، وهو يُخْرِج الدَّفْعَ في غيره كالظَّهر ( و ) *!لَتَأَ بِسَهُمْ ( : رَمَى ) بِه ، *!ولَتَأْتُ الرجلُ بالحَجرِ : رَمْيته به ، ( و ) لَتأَ يَلْتَأُ لَتْأً ( جَامَعَ ) المرأَةَ ( و ) لَتَأَ الشيءَ إِذا ( نَقَصَ ) عن ابن الأَعرابيّ ، وفي ( العباب ) كأَنه مقلُوبُ أَلَتَ ( و ) لتأَ ( ضَرِطَ ، وسَلَحَ ) نقله الصاغاني ( و ) لَتَأَ إِلى الشيءِ بِعيْنه لَتْأً إِذا ( حَدَّدَ ) إِليه ( النَّظَرَ و ) *!لَتأَتْ به ( المرأَةُ : وَلَدَتْ ) يقال : لعنَ اللَّهُ أُمًّا لَتَأَتْ بِه ، ولَكَايت به ، أَي رَمَتْه مِن بطنِها ، فشَبَّه خُروجَ الولدِ بِرَمْيِ السهْمِ أَو الحجر ، وهو مجاز .
( *!-واللَّتِيءُ كَأَمِيرٍ ) فَعِيلٌ من*! لَتَأْتُه إِذا أَصبْتَه ، وهو المَرْمِيُّ ( اللاَّزِمُ لِمَوْضِعِهِ ) نقله الصاغاني ، وعبارة ( العُباب ) : اللازمُ للموْضِع ، وأَنشد ابن السّكيت لأَبي حِزَامٍ العُكْلِيِّ :
____________________

(1/418)



بِرَأْمٍ لِذَأَّجَةِ الضِّنْءِ لاَ
يَنُوءُ *!-اللَّتِيءُ الَّذِي *!يَلْتَؤُهْ
لثأ : (*! لَثَأَ الكَلْبُ ، كَمنَعَ ) ، بالمِثلثة ، أَهمله الجوهريُّ ، وقال الفرَّاءُ : أَي ( وَلَغَ ) ، وفي ( التهذيب ) : حكى سَلَمة عن الفرَّاء : *!اللَّثَأُ ، بالهمزِ : ما يَسيل مِن الشجر ، *!واللَّثَى : ما سَال من ماء الشَّجر من ساقِها ( خاثِراً ) قلت : وسيأْتي ذلك في المعتلّ .
لجأ : ( *!لَجَأَ إِلَيه ) أَي الشيءِ أَو المكانِ ( كَمَنَعَ ) *!يَلْجَأُ *!لَجْأً *!ولُجُوءًا *!ومَلْجَأً ( و )*! لَجِىءَ مثل ( فَرِحَ ) *!لَجَأً بالتحريك ، الأَخيرةُ لغةٌ في الأُولى كما في ( التكملة ) ( : لاَذَ ، *!كالْتَجَأَ ) إِليه .
( *!وأَلْجَأَهُ ) إِلى كذا ( : اضْطَرَّهُ ) إِليه وأَحْوَجَه ( و )*! أَلْجَأَ ( أَمْرَهُ إِلى اللَّهِ : أَسْنَدَهُ ) . وفي بعض النسخ وأَمْرَه إِليه : أَسنده ، *!والْتَجأَ *!وتَلَجَّأَ ، وفي حديث كَعبٍ : من دَخل في ديوان المُسلمينَ ثم تَلَجَّأَ مِنهم فقدْ خَرَج مِن قُبَّةِ الإِسلام . يقال :*! لَجَأْتُ إِلى فلانٍ ، وعنه ، *!والتجَأْتُ *!وتَلَجَّأْتُ إِذا استَنَدْتَ إِليه واعْتَضَدْتَ به أَو عَدَلْتَ عنه إِلى غيره ، كأَنه إِشارةٌ إِلى الخُروجِ والانفرادِ من المسلمين . .
( و ) أَلْجَأَ ( فُلاناً : عَصَمَه ) ، ويقال : *!أَلجأْتُ فلاناً إِلى الشيءِ إِذا حَصَّنْتَه في*! مَلْجَإِ .
( *!واللَّجَأُ ، مُحَرَّكَةً : المَعْقِلُ والمَلاذُ ، *!كالمَلْجَإِ ) وقد تُحذف هَمزته تخفيفاً ومُزاوَجةً مع المَنْجَا ، كما يُهمز المَنْجَا مُزاوَجةً معه ، وفُلانٌ حَسَنُ *!المَلْجَا . وجمع *!اللَّجَإِ *! أَلْجَاءٌ ( و ) اللَّجَأُ ( ع ) بين أَرِيك والرِّجامِ قال أَوْسُ بنُ عَلْفاء :
جَلَبْنَا الخَيْلَ مِنْ جَنْبَيْ أَرِيكِ
إِلَى*! لَجَإٍ إِلى ضِلَعِ الرِّجَامِ
____________________

(1/419)



كذا في معجم أَبي عُبَيْدٍ البكريِّ ، نقله شيخنا ، وقال نَصرٌ في ( معجمه ) : هو وادٍ أَو جَبَلٌ نَجْدِيٌّ ، فقولُ المناوِي : لم يُعَيِّنُوه . ليس بشيء .
( و ) لَجَأٌ ، بلا لامٍ : اسمُ رجلٍ هو ( جَدُّ عُمَرَ بنِ الأَشْعَثِ ) التَّيْمِيِّ الشاعر ( لا والِدُه ، وَوَهِمَ الجوهريُّ ) فجعله والداً له ، وإِنما هو جَدُّه ، وهذا الذي ذكره الجوهري هو الذي أَطبَق عليه أَئِمة الأَنساب واللُّغَة ، قال البلاذُرِيُّ في مَفاهِيم الأَشراف ما نَصُّه : ووَلَد ذُهْلُ ابنُ تَيْمِ بن عَبْدِ مَناةَ بنِ أُدّ بن طَابِخَة : سَعْدَ بنَ ذُهحلٍ ، فولَدَ سَعْدٌ : ثَعْلَبَةَ بن سعد ، وجُشَمَ بن سَعْدٍ ، وَبَكْرَ بن سَعْدٍ . فولَد ثَعْلَبةُ : امْرَأَ القَيْسِ بنَ ثَعْلَبة . فولَد امْرُؤُ القيسِ : جُلَّهُم ، منهم عُمَرُ ابنُ لَجَإِ بن حُدَيْرِ بن مَصَاد بن ذُهْلِ ابن تَيْمِ بن عبْدِ مَناةَ بن أُدَ الشاعرُ ، وكان يُهاجِي جَرِيرَ بنَ عَطِيَّة بن الخَطَدَي ، وكان سببُ تَهاجِيهِما أَنّ ابنَ لَجَإٍ أَنحشدَ جَرِيراً باليَمانِيةِ .
تَجُرُّ بالأَهْوَنِ فِي أَدنائها
جَرَّ العَجُوزِ جَانِبَيْ خِبَائِها
فقال له جريرٌ : هلاَّ قلت :
جَرَّ العَرُوسِ طَرَفَيْ رِدَائها
فقال له ابنُ لَجَإِ . فأَنت الذي تقول :
لَقَوْمِيَ أَحْمَى لِلْحَقِيقَةِ مِنْكُمُ
وأَضْرَبُ لِلْجَبَّارِ والنَّقْعُ سَاطِعُ
وأَوْثَقُ عِنْدَ المُرْدَفَاتِ عَشِيَّةً
لَحاقاً إِذَا ما جَرَّدَ السَّيْفَ مَانِعُ
أَرَأَيْتَ إِذَا أُخِذْنَ غُدْوَةً ولم تَلْحَقْهُنَّ إِلاَّ عَشِيَّةً وقد نُكِحْنَ فما غَنَاؤُه ؟ فتحاكَما إِلى عُبَيْد بن غَاضرةَ العَنْبريِّ فقَضى على جَريرٍ ، فهجاه بِشعْرٍ مَذكور في الكتاب المذكور ، وكذا جوابُ ابن لجإٍ ، ومات عُمَرُ بنُ لجإٍ بالأَهواز ، وبينهما مُفاخراتٌ ومُعارضات حَسَنةٌ ليس هذا محلَّ ذِكْرِا ، وقد عُرِف من كلامِ البَلاذُرِيّ أَن لَجَأً والدُه لا جَدُّه ، وعلى التسليم فإِن مِثْلَ ذَلك لا يُعْتَرضَ به ، لأَنه كثيراً ما يُنْسَب الرجلُ إِلى جَدِّه ، لكونه أَشهرَ أَو أَفْخَر أَو غير ذلك من الأَعراض ، أَلا تَرَى إِلى قَوْلِ النبيّ
____________________

(1/420)


صلى الله عليه وسلم ( أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ أَنَا ابنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ ) .
وأَمْثِلَةُ ذلك لا تُحْصى ، والله أَعلم .
( و ) اللَّجَأُ ( : الضِّفْدَعُ ) ، وفي ( المُحكم ) أَنه نَوْعٌ من السَّلاحِفِ يَعِيش في البَرِّ والبَحْرِ ، ومنه من يُخَفِّفه ، فذكره في المُعتلّ ، ( وَهِيَ ) أَي الأُنثى ( بِهَاءَ ) وقالوا : *!اللجَأَةُ البَحْرِيَّةُ لها لِسانٌ في صَدْرِهَا ، من أَصابَتْه ( به ) من الحَيوان قَتَلتْه ، قاله الدَّمِيري ، ونقله شيخُنا .
( وذُو *!المَلاَجِىءِ : قَيْلٌ ) من أَقيال التَّبَابِعَة من مُلوك اليَمَنِ .
( *!والتَّلْجِئَةُ : الإِكْرَاهُ ) قال أَبو الهَيْثَم أَنْ*! يُلْجِئَك أَنْ تَأْتِيَ أَمراً ظاهرُه خِلاَفُ باطنه . وفي حديث النُّعْمَانِ بن بَشِيرٍ : ( هذه *!تَلْجِئَةٌ فأَشْهِدْ عَلَيْهِ غَيْرِي )*! التّلْجِئَةُ : تَفْعِلَةٌ من *!الإِلجاءِ ، كأَنه قد *!أَلْجَأَك إِلى أَن تأْتيَ أَمراً باطنُه خِلافُ ظاهره ، وأَحْوَجك إِلى أَن تَفعل فِعْلاً تَكْرهُه ، وكان بَشِيرٌ قَد أَفردَ ابْنَه النُّعْمانَ بِشيءٍ دُونَ إِخْوَته ، حملتْه عليه أُمُّه . وقال ابنُ شُمَيْلٍ :*! التَّلْجِئَةُ : أَن يَجْعَل مَالَه لِبَعحضِ وَرَثَتِه دُون بَعْضٍ ، كأَنَّه يتصَدَّق به عليه وهو وارِثُه ، قال : ولا *!تَلْجِئَةَ إِلاَّ إِلَى وَارِث . يقال : أَلَكَ لَجَأُ يا فلان ( واللَّجَأُ : الزوجَةُ ) .
( ) ومما يستدرك عليه :
( اللَّجَأُ : الزَّوْجَةُ ، أَو جَبَلٌ ، وأَيضاً الوارثُ ، ولَجَأَ أَمْرَه إِلى الله : أَسْنَده كالْتَجَأَ وتَلَجَّأَ .
*!وتَلَجَّأَ منهم : انفرَدَ وخَرَج عن زُمْرَتِهِم وعدَلَ إِلى غيرهم ، فكأَنه تَحَصَّنَ منهم .
لزأ : (*! لَزَأَهُ ) أَي الرجلَ ( كَمنَعَه : أَعطَاهُ ، *!كَلَزَّأَهُ ) بالتشديد ( و )*! لَزَأَه أَي الإِناءَ
____________________

(1/421)


إِذَا ( مَلأَهُ ،*! كَأَلْزَأَهُ ) رُباعيًّ ، نقله الصاغاني ، قال : وهي لغةٌ ضعيفةٌ ، *!ولَزَّأْتُ الإِناءَ (*! فَتَلزَّأَ ) رِيًّا إِذا امتَلأَ ، *!وتلزّأَيت القِرْبَةُ كتَوَزَّأَتْ أَي امتَلأَتْ رِيًّا ( و ) لَزَأَ ( إِبِلَه ) هكذا في سائر النسخ ولو قال الإِبلَ كان أَحسن ( : أَحْسَنَ رِعْيَتَها ) بالكسر أَءَ خِدْمتها ( *!كَلَزَّأَهَا ) *! تَلْزِئَةً ( و )*! لَزَأَتْ ( أُمُّهُ : وَلدَتْهُ ) يقال : قبح اللَّهُ أُمًّا*! لَزَأَتْ به . ( *!وأَلْزَأَ غنَمَهُ ) لو قال : الغَنَم ، كان أَحسن ( : أَشْبَعَها ) من المَرْعَى أَو من العَلَف ، والظاهر أَن الغَنَم مِثالٌ ، وأَن المرادَ الماشِيَةُ .
لطأ : ( *!لَطَأَ بالأَرضِ ، كمَنَعَ ) *!يَلْطأُ ( و )*! لَطِىءَ بالكسر مثل ( فَرِحَ )*! يَلْطَأُ ( : لَصِقَ ) بها ( *!لَطْأً ) بفتح فسكون مصدر الأَول (*! ولُطُوءًا ) كقُعود ، يقال : رأَيتُ فلاناً لاطِئاً بالأَرض ، ورأَيْت الذِّئْبَ *!لاطِئاً للسَّرِقة . *!ولَطَأْتُ بالأَرض *!ولطِئْتُ أَي لَزقْتُ .
*!واللَّطَأُ مُحرّكةً : الذئبُ ، والصيَّادُ قال الشّماخ :
فَوَافَقهُنَّ أَطْلَسُ عَامِرِيٌّ
لَطَا بِصَفَائِحٍ مُتَسَانِداتِ
أَرادَ لَطَأَ ، يعني الصَّيَّادَ ، أَي لَزِقَ بالأَرض ، فترك الهمزةَ . وفي حديث ابنِ إِدريس *!لَطِىءَ لِساني فَقلَّ عن ذِكْرِ اللَّهِ ، أَي يَبِسَ فكَبُرَ عليه فلم يَسْتَطع تَحْرِيكَه . وفي حديث نافع بن جُبير : إِذا ذُكِر عَبْدُ مَنافٍ فَالْطَةُ ، هو من لَطِيءَ بالأَرْضِ فحذَف الهمزةَ ثم أَتْبَعها هاءَ السَّكْتِ ، يريد : إِذا ذُكِر فالْتَصِقُوا في الأَرض ولا تَعُدُّوا أَنْفُسَكم وكُونوا كالتُّراب ، وروى :*! فالْطَئُوا .
وأَكَمةٌ *!لاطئة : لازِقةٌ .
( و )*! لَطَأَه ( بِالعَصَا )*! لَطْأً إِذا ( ضَرَبَه ) في أَيِّ موضعٍ كان ، ( أَو )
____________________

(1/422)


هو أَي *!اللَّطْءُ ( خَاصٌّ بِالظَّهْرِ ) كما قِيل ، والظاهر أن العصا مِثالٌ ، فمِثْلُها كلُّ مُثَقَّلٍ ومُحَدَّد .
( *!واللاَّطِئَةُ مِنَ الشِّجَاجِ : السِّمْحَاقُ ) والسِّمْحاقُ عندهم *!المِلْطَأُ بالقصر *!والمِلْطَأَةُ *!والمِلْطَأُ : قِشحرة رقيقة بَيْن عَظْمِ الرأْسِ ولحْمِه ، قاله ابنُ الأَثير ، ومثلُه في ( لسان العرب ) ، ونقله ملاّ عَلِيّ في نَاموسه ، وقد تحامل عليه شيخُنا هنا من غير موجب ولا سَببٍ ، عفا الله عنهما .
( و ) اللاَّطِئَةُ أَيضاً : ( خُرَّاجٌ ) بالضمّ يَخرُج بالإِنسان ( لا يَكادُ يُبْرَأُ منه ، أَوْ هِيَ مِنْ لَسْعِ الثُّطْأَةِ ) بالضَّمِّ دُوَيْبَّة سَبقَ ذِكْرُهَا ، جعله المصنّف وجْهاً آخر وهما واحدٌ ، ففي ( لسان العرب ) بعد لا يُبْرَأُ منه : ويَزعمون أَنها مِن لَسْعِ الثُطْأَةِ .
واللاطئة أَيضاً : قَلَنْسُوَةٌ صَغيرةٌ تَلْطَأُ بالرأْس ، يقال : تَقَلَّس*! بِاللاَّطِئةِ ، كذا في الأَساس .
لظأ : ( *!اللَّظَأُ ، كَجَبَلٍ ) أَهمله الجوهريّ وصاحب ( اللسان ) ، وقال الصاغاني : هو ( الشَّيحءُ ) التَّافِه ( القَليلُ ) أَي من أَيّ شيءٍ كان .
لفأ : (*! لَفَأَه ) أَي العُودَ أَو اللَّحْمَ عن العَظْمِ ( كَمَنَعَه لَفْأً ) بالسكون ( *!ولَفَاءً ) كَسَحابٍ ، وفي بعض النسخ بالتحريك ( : قَشَرَه وكَشَطَه ) عنه ( *!كَالْتَفَأَهُ ) ، والقِطعة منه *!لَفِئَةٌ نحو الهَبْرَةِ والوَذْرَةِ ، وكُلُّ بَضْعَةٍ لا عَظْمَ فيها لَفِئَةٌ ، والجَمع *!لفأ وجمع *!اللَّفِيئَة من اللحم*! لَفَايَا ، كخَطيئَة وخَطَايَا .
____________________

(1/423)



( و )*! لَفَأَه بالعَصا ( : ضَرَبَهُ ) بها ( و ) لَفَأَه ( : رَدَّهُ ) وصَرَفه . عما أَراده ( و ) أَيضاً ( : عَدَلَهُ عَنْ وَجْهِهِ ) يقال لَفَأْتُ الإِبلَ ، أَي عَدَلْتُ بها عن وَجْهها . ( و ) لَفَأَه ( : اغْتَابَهُ ) كأَنه قَشَرَه ، فهو مجازٌ . وفي ( التهذيب ) : لَفَأَه حَقَّه ( و ) لَكَأَه ، إِذا ( أَعْطَاهُ حَقَّهُ كُلَّهُ ، أَو ) لَفَأَه ، إِذا أَعطا ) أَقَلَّ مِن حَقِّهِ ) قاله أَبو سعيدٍ . وفي ( العُباب ) : قال أَبو تُرابٍ : أَحْسب هذا الحرف من الأَضداد ، فحينئذ ( أَو ) في كلام المؤلِّف ليست للتنويع .
( و )*! لفِىءَ ( كَفَرِحَ : بَقِيَ ، *!وأَلْفَأَه : أَبْقَاهُ ) . نقله الصاغاني .
( *!واللَّفَاءُ ، كَسَحَابٍ ) : النُّقْصانُ ، وفي الحديث رَضِيتُ مِنَ الوَفَاءِ *!باللَّفَاءِ ، قال ابنُ الأَثير : الوَفاءُ : التَّمامُ ، واللَّفَاءُ : النُّقْصَانُ ، واشتقاقُه من *!لَفَأْتُ العَظْمَ إِذَا أَخذْتَ بعضَ لحْمِه عنه و ( : التُّرَابُ ) ، والقُمَاش على وَجْهِ الأَرحض ( والشَّيْءُ القَلِيلُ ، ودُونَ الحَقِّ ) ويقال : ارْضَ مِنَ الوَفَاءِ بِاللَّفَاءِ ، أَي بِدُونِ الحَقِّ . قال أَبو زُبَيْدٍ :
فَمَا أَنَا بِالضَّعِيفِ فَتَزْدَرِينِي
وَلاَ حَظِّى اللَّفَاءُ وَلاَ الخَسِيسُ
ويقال : فُلانٌ لا يَرْضَى باللَّفَاءِ مِن الوَقَاءِ ، أَي لا يَرضى بدونِ وَفَاءٍ حَقّه ، أَنشد الفَرَّاءُ :
أَظَنَّتْ بَنُو جَحْوَانَ أَنَّكَ آكِلٌ
كِبَاشِي وَقَاصِيَّ اللَّفَاءَ فَقَابِلُهْ
قال أَبو الهَيْثَمِ : يقالُ : لَفَأْت الرَّجُلَ ، إِذا نَقَضْتَه حَقَّه وأَعطيتَه دون الوفَاءِ ، يقال : رَضِيَ مِنَ الوَفَاءِ ، باللَّفَاءِ ، وأَورده الجوهريُّ في الناقص ، وهذا موضِعُه كما أَشار إِليه الصاغاني ، وذَهَلَ المصنِّفُ أَن يقول : وَوَهِم الجوهريُّ . على عادَتِه ، فتأَمَّلْ .
لكأ : (*! لَكَأَهُ ) بالسَّوْطِ ( كَمَنَعَه ) لَكْأً ( : ضَرَبَهُ ) ، الليث ، ( و ) في ( التهذيب ) : *!لَكَأَه كَلَفَأَه ( : أَعْطَاه حَقَّه كُلَّهُ ) عن أَبي عمرو ( و ) لَكَأَه ( : صَرَعَه ) وضَرب به الأَرْضَ .
( و ) *!لَكِىءَ بالمكان ( كَفَرِحَ : أَقَامَ ) به كَلَكِيَ بغير همز ( و ) *!لَكِىءَ بالموضع
____________________

(1/424)


( لَزِمَ ) ، نقله أَبو عُبَيْدٍ عن الفرَّاءِ ولم يَهْمِزْه غَيْرُه .
(*! وتَلَكَّأَ عَلَيْهِ ) إِذا ( اعْتَلَّ ، و ) تَلَكَّأَ ( عَنْهُ : أَبْطَأَ ) وَتَوقَّف واعْتَل ، وامْتَنَع ، وفي حديث المُلاعنة :*! فَتَلَكَّأَتْ عِنْدَ الخَامِسَة . أَي تَوقَّفَتْ وتَبَاطَأَتْ أَي تَقُولها . وفي حديث زِيَادٍ : أُتِيَ بِرَجُلٍ فَتَلَكَّأَ في الشَّهادة .
( ) ومما يستدرك عليه :
قولهم : لَعَن الله أُمًّا لَكَأَتْ بهِ ، أَي رَمَتْ به ، أَي وَلَدَتْه .
لمأ : (*! لَمَأَهُ ، وَعَلْيِه ، كَمنَعَه : ضَرَبَ عَلَيْهِ يَدَهُ مُجَاهَرَةً وَسِرًّا ) الواو بمعنى أَو ( و )*! لَمَأَ ( الشَّيْءَ ) *!يَلْمَؤُه ( : أَخَذَهُ أَجْمَعَ ) واستأْصَلَه ( و ) لَمَأَ الشْيءَ : أَبْصَرَه ، مثل ( لَمَحَه ) وفي حَديث المَوْلِد : *!فَلَمَأْتُها نُوراً يُضِيءُ له ما حَوْلَه كَإِضاءَةِ البَدْرِ . *!لَمَأْتُها : أَبْصَرْتُها ولَمَحْتُها . *!واللَّمْءُ واللَّمْحُ : سُرْعةُ إِبصارِ الشْيءَ .
( *!وتَلمَّأَتِ الأَرْضُ بِه ، وعَلَيْهِ )*! تَلَمُّؤًا ( : اشْتَمَلَتْ وَاسْتَوَتْ وَوَارَتْهُ ) قال هُدْبَةُ بن خَشْرَمٍ :
وَلِلأَرْضِ كَمْ مِنْ صَالِح قَدْ *!تَلَمَّأَتْ
عَلَيْهِ فَوَارَتْهُ بِلَمَّاعَةٍ قَفْرِ
(*! وَأَلْمَأَ ) اللصُّ ( عَلَيْهِ ) أَي الشيءِ ( : ذَهَبَ بِهِ ) وقيل : ذَهَب به ( خُفْيَةً ، و ) أَلْمَأَ فُلانٌ ( عَلَيَّ حَقِّي : جَحَدَهُ ) وأَنكَره ( و ) حكي يعقوب أَيضاً : كانَ بالأَرْضِ مَرْعى أَو زَرْعٌ فَهاجَتِ ( الدَّوَابُّ بِالمَكَانِ )*! فَأَلْمَأَتْهُ ، أَي ( تَرَكَتْهُ صَعِيداً خَالِياً ) ليس به شَيْء ( و ) أَلْمَأَ ( عَلَيْهِ : اشْتَمَلَ ، أَوْ إِذا عُدِّيَ بِالبَاءِ فَبِمَعْنَى ذَهَبَ بِهِ ) ويقال : ذَهَب ثَوْبِي فَمَا أَدْرِي مَنْ *!أَلْمَأَ به ، كذا في ( الصحاح ) ( و ) إِذا عُدِّيَ ( بِعَلَى ، فَبِمَعْنَى اشْتَمَلَ ) يقال : مَنْ *!أَلْمَأَ عليه ؟ والذي في ( الصحاح ) : من أَلْمَأَ به ، يعني بالباءِ ، حكاه يَعقُوب في الجَحْدِ ، قال : ويُتَكَلَّمُ بهذا بغيرِ جَحْدٍ . وفي ( اللسان ) : أَلمَأْتُ على الشَّيْءِ *!إِلمَاءً ، إِذا احْتَوَيْتَ عليه . *!وأَلْمَأَ به : اشْتَمَل عليه .
____________________

(1/425)



(*! وَالْتَمَأَ بِمَا في الجَفْنَةِ ) الأَوْلَى قَوْلُ غيرِه : بما في الإِناءِ : ( اسْتَأْثَرَ ) به وغَلَبَ عَلَيْهِ ( كَأَلْمَأَ ) به (*! وَتَلَمَّأَ ) به .
(*! والْتُمِىءَ لَوْنُه : تَغَيَّرَ ) كالْتُمِعَ ، أَي مَبْنِيًّا للمفعول ، فكان ينبغي للمصنّف ضَبْطُه على عَادَته ، وحَكى بعضُهم الْتَمَأَ ، كالْتَمَعَ .
(*! والمَلْمُؤَةُ ) كمَقْبُرَةٍ ( : المَوْضِعُ يُؤْخَذُ ) كذا في النسخة ، ومثلُه في ( التكملة ) ، وفي بعضها ( يُوجَد ) بالجيم والدال المهملة ( فِيه الشَّيْءُ ، و ) هو أَيضاً ( الشَّبْكَةُ ) للصيَّادِ ، قال الشاعر :
تَخَيَّرْت قَوْلِي عَلَى قُدْرَةٍ
كَمُلْتَمِسِ الطَّيْرِ بِالْمَلْمُؤَهْ
( ) ومما يستدرك عليه :
قال ( زيد ) ابنُ كَثْوَةَ : ما يَلْمَأُ فَمُهُ بِكَلِمَةٍ ، أَي لا يَسْتَعْظِمُ شَيْئاً تَكَلَّم به مِن قَبِيحٍ ، نقله الصاغاني :
لوأ : (*! اللاَّءَةُ كَالَّلاعَةِ ) ، أَهمله الجوهريّ ، وقال الصاغاني : هو ( مَاءٌ لِعَبْسٍ ) من مِياههم .
(*! واللَّوْأَة : السَّوْأَةُ ) عن ابن الأَعرابي زِنَةً ومعنى ، ويقال : هذه واللَّهِ الشَّوْهَة واللَّوْأَةُ ، ويقال : اللَّوَّةُ ، بغير همزٍ .
( ) ومما يستدرك عليه :
*! أَلْوَأَت النَّاقَةُ : أَبطأَتْ ، حكاه الفارِسيّ .
لهلأ : ( *!تَلَهْلأَ ) ، أَهمله الجوهريّ ، وقال أَبو الهيثم : أَي ( : نَكَصَ وجَبُنَ ) ذَكره في ( التهذيب ) في الخُماسيّ ، ونقله الصاغاني أَيضاً .
ليأ : (*! اللِّيَاءُ ، كَكِتَابٍ : حَبٌّ أَبْيَض كالحِمَّصِ ) شديدُ البياض ( يُؤْكَلُ ) ، قال أَبو حنيفةَ : لا أَدْرِي أَلَهُ قُطْنِيَّةٌ أَم لا وسيأْتي في المعتلّ أَيضاً .
( *!وَأَلْيَأَتِ النَّاقَةُ : أَبْطَأَتْ ) وهذَا مَزِيدً على أَصْلَيْهِ .

____________________

(1/426)


2 ( فصل الميم ) مع الهمزة ) 2
مأمأ : (*! مَأْمَأَتِ الشَّاةُ والظَّبْيَةُ ) أَهمله الجوهريّ ، وقال ابنُ دُريد : أَي ( وَاصَلَتْ ) وفي نُسخةٍ : وصَلَت ( صَوْتَها فَقَالَتْ *!مِىءْمِيءْ ) بالكسر وسكون الهمزة ، وفي التسهيل بالمَدِّ مَبْنِيًّا على الكَسْر ، نقله شيخُنا .
متأ : ( *!مَتَأَهُ بِالعَصَا ، كمَنَعَه : ضَرَبَه ) بها ، والظاهر أَنّ العَصا مِثالٌ ( و ) *!مَتأَ ( الحَبْلَ ) *!يَمْتَؤُه *! مَتْأً : ( مَدَّهُ ) لُغَة في مَتَوْتُه ، كما في ( العُباب ) .
مرأ : ( *!مَرُؤَ ) الرجلُ ( كَكَرُمَ )*! يَمْرُؤُ ( *!مُرُوءَةً ) بضم الميم ( فَهُوَ *!-مَرِيءٌ ) على فَعِيلٍ كما في ( الصحاح ) ( أَي ذُو *!مُرُوءَة وإِنْسَانِيَّةٍ ) . وفي ( العُبَاب ) :*! المَروءَة : الإِنْسانِيَّة وكَمالُ الرُّجولِيَّة . ولك أَن تُشَدِّدَ ، قال الفرَّاء : ومن المُروءَة *!مَرُءَ الرجُلُ . وكتب عُمرُ بنُ الخَطَّاب إِلى أَبي موسى : خُذِ النَّغاس بِالعربِيَّة ، فإِنه يَزِيد في العَقْلِ ويُثْبِتُ المُروءَةَ . وقيل للأَحْنَف : ما المُرُوءَة ؟ فقال : العِفَّةُ والحِرْفَةُ . وسُئل آخرُ عنها فقال : هي أَنْ لا تَفْعَل في السِّرِّ أَمْرًا وأَنْتَ تَسْتَحْيِي أَنْ تَفعلَه جَهْراً . وفي شرح الشِّفاءِ للخفاجي : هي تَعَاطِي المَرْءِ ما يُسْتَحْسَن ، وتَجَنُّبُ ما يُسْتَرْذَل ، انتهى . وقيل : صِيانَةُ النَّفْسِ عن الأَدْنَاس ، وما يَشينُ عند الناس ، ايو السَّمْتُ الحَسَنُ وحفْظُ اللِّسانِ ، وَتَجَنُّبُ المُجونِ . وفي ( المِصباح ) : المُروءَة : نَفْسَانِيَّةٌ ، تَحمِل مُرَاعَاتُها الإِنسانَ على الوُقُوفِ عِند مَحاسِن الأَخلاقِ وجَمِيل العادات ، نقله شيخنا .
( *!وتَمَرَّأَ ) فلانٌ : ( تَكَلَّفَهَا ) أَي المُرُوءَةَ . وقيل : تَمَرَّأَ : صار ذا مُروءَةٍ ( و ) فُلاَنٌ تَمَرَّأَ ( بهم ) أَي ( طَلَب المُروءَةَ بِنَقْصِهم وعَيْبِهم ) نقله الجوهريُّ عن ابن السكّيت ، واقتصر في ( العُباب ) على النَّقْصِ ، وغيرُه على العَيْبِ ، والمصنِّفُ جمعَ بينهما .
( وقد مَرأَ الطعامُ ، مثلّثة الرَّاءِ ) قال
____________________

(1/427)


الأَخفش كَفَقُهَ وفَقِهَ ، والفَتْح ذكره ابنُ سيده وابنُ منظور (*! مَرَاءَةٌ ) كَكَرُم كَرَامَةً *!واسْتَمْرَأَ ( فهو *!-مَرِيءٌ ) أَي ( هَنِيءٌ حَمِيدُ المَغَبَّة ) بَيِّنُ *!المَرْأَةِ كَتَمْرَةٍ ) نقل شيخُنا عن ( الكَشَّاف ) في أَوائل النّساءِ : الهَنِيءُ *!-والمَريءُ صِفَتانِ مِن هَنَأَ الطعامُ *!ومَرَأَ ، إِذَا كان سائغاً لا تَنْغِيصَ فيه ، وقيل : الهَنِيءُ : ما يَلَذُّه الآكلُ ، والمَرِيءُ : ما يَحْمَدُ عَاقِبتَه . وقال غيرُه : الهَنِيءُ الطعامِ والشرابِ ما لا يَعْقُبُه ضَرَرٌ وإِنْ بَعُدَ هَضْمُه . والمَريءُ : سَرِيعُ الهَضْمِ . انتهى . وقال الفرّاءُ : *!مَرُؤَ الرجلُ*! مُرُوءَةً *!ومَرُؤَ الطَّعَامُ*! مَرَاءَةً ، وليس بينهما فَرْقٌ إِلا اخْتلافُ المَصدرَيْنِ . وفي حديث الاستسقاءِ ( اسْقِنَا غَيْثاً *!مَرِيئاً مَرِيعاً ( و ) قالوا : هَنِيئَنِي الطَّعَامُ *!-ومَرِئَني و ( هَنَأَنِي *!-وَمَرأَني ) بغير أَلف أَوَّله على الإِتباع ، أَي إِذا أَتْبَعوها هَنَأَني قالوا مَرَأَني ( فَإِن أُفرِد ) عن هَنَأَني ( *!-فَأَمْرَأَنِي ) ولا يقال أَهْنَأَني ، يقال :*!- مَرَأَني الطعامُ *!-وأَمْرأَني إِذا لم يثْقُل على المَعِدة وانْحدَر عنها طَيِّباً . وفي حديث الشُّرْبِ ( فَإِنَّه أَهْنَأُ وأَمْرَأُ ) قال : أَمْرَأَني الطّعامُ *!إِمراءً ، وهو طَعامٌ *!مُمْرِىءُ ، *!ومَرِئْتُ الطَّعَام ، بالكسر :*! اسْتَمْرَأْتُه ، وما كان *!مَرِيئاً ولقد مَرُؤَ ، وهذا*! يُمْرِىءُ الطَّعامَ . وقال ابنُ الأَعرابيّ : ما كان الطَّعامُ مَرِيئاً ولقد مَرُؤ وما كان الرجلُ مَرِيئاً ولقد مَرُؤَ . وقال شَمِرٌ عن أَصحابه : يقال مَرِيءَ لي هذا الطعامُ مَرَاءَةً ، أَي اسْتَمْرَأْته ، وهَنِيءَ هذا الطعامُ ، وأَكلْنا هذا الطعامَ حتى هَنِئْنَا مِنْه ، أَي شَبِعْنَا ، وَمرِئْتُ الطَّعامَ فاسْتَمْرأْتُه ، وقَلَّما*! يَمْرَأُ لك الطعامُ .
( وَكَلأٌ *!-مَريءٌ : غَيْرُ وَخِيمٍ ، ومَرُؤَتِ الأَرْضُ مَرَاءَةً فهي*! مَرِيئَةٌ ) أَي ( حَسُنَ هَواؤُها ) .
*!-والمَرِيءُ كأَميرٍ : مَجْرَى الطَّعامِ والشَّراب ، وهو رَأْسُ المَعِدَةِ والكَرِشِ اللاَّصِقُ بالحُلْقُومِ ) الذي يَجْرِي فيه
____________________

(1/428)


الطعامُ والشرابُ ويَدخل فيه ( ج *!أَمْرِئَةٌ *!ومُرُؤٌ ) مَهموزةٌ بوزن مُرُعٍ ، مثل سَرِيرٍ وسُرُرٍ ، وكلاهما مَقِيسٌ مَسمُوعٌ . وفي حديث الأَحنف : يَأْتِينَا فِي مِثْلِ مَرِيءِ نَعَامٍ . المَرِيءُ : مَجْرَى الطعامِ والشرابِ من الحَلْقِ ، ضَرَبه مَثلاً لِضِيق العَيْشِ وقِلَّة الطعامِ ، وإِنما خَصَّ النَّعامَ لِدِقَّةِ عُنُقِه ، ويُستَدَلُّ به على ضِيقِ مَرِيئه ، وأَصلُ المَرِيءِ رأْسُ المَعِدة المُتَّصِلُ بالحُلقوم ، وبه يكون استِمْرَاءُ الطعامِ ، ويقال هو مَرِيءُ الجَزُورِ والشَّاةِ للمُتَّصِل بالحُلْقوم الذي يَجْرِي فيه الطعامُ والشرابُ . قال أَبو منصورٍ : أَقرأَني أَبو بَكْرٍ الإِيادِيُّ ، المَرِيءُ لأَبي عُبَيْدٍ ، فهمزه بلا تَشديد . قال : وأَقرأَني المُنْدِرِيّ : المَرِيُّ ، لأَبي الهَيْثم فلم يَهْمِزْه وشَّدَد الياءَ .
(*! والمرْءُ ، مُثلَّثة الميمِ ) لكن الفتح هو القياس خاصَّةً والأُنثى*! مرْأَة ( : الإِنسانُ ) أَي رَجُلاً كان أَو امرَأَةً ( أَو الرَّجُلُ ) ، تقول هذا*! مَرْؤٌ وكذلك في النصب والخَفْض بفتح الميم ، هذا هو القياسُ ، ومنهم من يضُمُّ الميمَ في الرفْع ، ويفتحها في النصب ، ويَخفضها في الكسر ، يُتْبِعُها الهَمْزَ ، على حَدِّ ما يُتْبِعون الرَّاءَ إِيَّاها إِذا أَدْخلوا أَلِف الوَصْلِ ، فقالوا : امْرُؤٌ ، وقال أَبو خِرَاشٍ الهُذليُّ :
جَمَعتَ أُمُوراً يُنْفَذُ *!المِرْءَ بَعْضُها
مِنَ الحِلْمِ والمَعْرُوفِ والحَسَبِ الضَّخْمِ
هكذا رَواه السُّكريُّ بكسر الميم ، وزعم أَن ذلك لُغَةَ هُذَيْلٍ . ولا يُكَسَّر هذَا الاسم ( ولا يُجْمَعُ مِن لَفْظِه ) جَمْعَ سَلامةٍ ، فلا يقال أَمْرَاءٌ ولا أَمْرُؤٌ ولا مَرْؤُونَ ولا أَمَاريءُ ، ولكن يُثَنَّي فيُقال : هُمَا مِرْآنِ صَالِحَانِ ، بالكسر لُغَاة هذيل ويُصَغَّر فيقال *!-مُرَيْءٌ *!ومُرَيْئَة . وفي الحديث ( تَقْتُلُون كَلْبَ *!المُرَيْئَة ) هي تَصغير المَرْأَة ( أَو سُمِعَ*! مَرْؤُونَ ) جمع سَلامة ، كما في حديث الحسن ( أَحْسِنُوا أَمْلاَءَكُم أَيُّها *!المَرْؤُونَ قال
____________________

(1/429)


ابنُ الأَثير : هو جَمْعُ المَرْءِ ، وهو الرجُل ، ومنه قولُ رُؤْبَةَ لِطائفةٍ رَآهم : أَيْنَ يُرِيد المَرْؤُونَ ؟ وقال في ( المشوف ) : هو نادر .
( و ) ربما سموا ( الذِّئب ) *!امْرأً ، كذا قاله الجوهريُّ ، وصرح الزمخشريُّ وغيره بأَنه مَجازٌ ، وذكر يونس أَن قَوْلَ الشاعر :
وأَنْتَ *! امْرُؤٌ تَعْدُوا عَلَى كُلِّ غِرَّةٍ
فَتُخْطِيءُ فيها مَرَّةً وتُصِيبُ
يَعْنِي به الذئب ( وَهِيَ ) الأُنثى ( بهاءٍ ) ويُخَفف تخفيفاً قِياسِيًّا ( ويقال ) ، وفي بعض النسخ وَيَقِلُّ ، أَي في كلام أَهِل اللسان ( *!مَرَةٌ ) بترك الهمز وفتح الراء ، وهذا مُطَّرِد ، قال سيبويهِ : وقد قالوا : ( *!مَراةٌ وذلك قليل ، ونظيره كَمَاة ، قال الفارسيّ : وليس بمطَّرِد ، كأَنهم تَوَهَّموا حركة الهمزة على الراء فبقي *! مَرَأْةً ) ثم خُفِّف على هذا اللفظِ ، وأَلحقوا أَلِفَ الوَصْل في المُؤَنَّث أَيضاً فقالوا : *!امْرَأَة ، فإِذا عَرَّفُوها قالوا المَرْأَة ( و ) قَدْ حكي أَبُو عَلِيَ (*! الامْرَأَة ) أَيضاً بدخول ال على امرأَةٍ المَقْرونِ بهمزة الوصل من أَوَّله أَنكرها أَكثرُ شُرَّاح الفَصيح ، ومن أَثبتها حَكم بأَنها ضَعِيفةٌ ، وزاد ابنُ عُدَيس : وامْرَاة ، بأَلف غير مهموزة بعد الراء ، نقله اللَّبْلِيُّ وغيرُه ، قاله شيخُنا ، وقال الليث : امْرَأَةٌ تأْنيث امْرِيءٍ ، وقال ابنُ الأَنبارِي : الأَلف في امرأَةٍ وامْرِيءٍ أَلِفُ وَصْلٍ . قال : وللعرب في المرأَةِ ثَلاثُ لُغَاتٍ ، يقال : هي*! امْرَأَتُه ، وهي*! مَرْأَتُه ، وهي*! مَرَتُه ، وحكى ابنُ الأَعرابيّ أَنه يقال للمرأَة إِنَّها *!لامْرُؤُ صِدْقٍ ، كالرجل ، قال : وهذا نادِر ، وفي حديث عَلِيّ رضي الله عنه لمّا تَزَوَّج فاطمةَ عليهما السلامُ ، قال له يَهودِيٌّ أَراد أَن يَبتاع منه ثِياباً : لق تَزَوَّجْتَ امْرَأَةً . يريد امرأَةً كامِلَةً ، كما يُقال : فُلانٌ رَجُلٌ ، أَي كامِلٌ في الرّجال .
( وفي امْرِيءٍ مع أَلِف الوَصْلِ ثَلاثُ لُغات : فَتْحُ الراء دائماً ) على كلّ حال ، كإِصْبَعٍ ودِرْهَمٍ رَفْعاً ونَصْباً
____________________

(1/430)


وجَرًّا ، حكاها الفراءُ ( وضَمُّها دائِماً ) على كلّ حال ، ( وإِعرابُها دائماً ) على كلِّ حال ، أَي إِتباعها حَركة الإِعرابَ في الحَرْف الأَخير ، قاله شيخنا ( وتقول : هذا امْرُؤٌ *!ومَرْؤٌ ) بالإِتباع فيهما ، الأُولى بالأَلف ، والثانية بحذف هَمْزِه ( ورأَيْتُ امْرَأً *!ومَرْأً ، ومررت *!بامْرِىءٍ *!وبِمَرْءٍ ، مُعْرَباً مِنْ مَكَانَيْنِ ) أَي العين واللام بالنسبة إِلى*! امرُإٍ الذي أَوَّله همزة وصل ، أَو الفاء واللام بالنسبة إِلى مَرْء المُجرّد منها ، قال الكسائيّ والفرَّاءُ : امرُؤٌ مُعْرَب من الرَّاءَ والهمزة ، وإِنما أُعْربتْ مِن مكانينِ ، والإِعرابُ الواحدُ يَكفى من الإِعرابَيْنِ لأَن آخِر هَمْزةٌ ، والهمزة قد تُتْرَك في كثيرٍ من الكلام ، فكَرِهوا أَن يَفْتحوا الراءَ وَيَتْركوا الهمزة فيَقولا امْرَوْ ، فتكون الرّاءُ مفتوحةً والواوُ ساكنةً ، فلا تكون في الكلمة علامةٌ للرفع ، فعَرَّبوه مِن الراء ، ليكونوا إِذا تَرَكوا الهَمْزَ آمِنينَ مِن سُقوط الإِعراب . قال الفَرَّاء : ومن العرب مَن يُعْرِبه من الهمزِ وحْدَه ويَدَعُ الرَّاءَ مَفتوحةً فيقول قامَ امْرَأٌ وَضَرَبْتُ امْرَأً ومَررت بِامْرَإٍ . وقال أَبو بكر : فإِذا أَسقَطت العربُ من امرِيء الأَلِفَ فَلَها في تَعرِيبه مَذهبان : أَحدُهما التعريبُ مِن مكانين ، والآخرُ التعريبُ مِن مكانٍ واحِدٍ ، فإِذا عَرَّبُوه مِن مكانين قالوا قام مُرْؤٌ ، ورَأَيْتُ مَرْأً وَمعررت بِمِرْءٍ ، قال : ونزل القُرْآن بتعريبهِ مِن مكانٍ واحدٍ ، قال الله تعالى { يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْء وَقَلْبِهِ } ( الأنفال : 24 ) على فَتح الميم .
(*! ومَرَأَ ) الإِنسانُ وفي بعض النسخ زيادة كمَنَع ( : طَعِمَ ) يقال : مالَك لا *!تَمْرَأُ ؟ أَي مَالَكَ لا تَطْعَم ، وقد مَرَأْتُ أَي طَعِمْتُ ، *!والمَرْءُ : الإِطعامُ على بِنَاءِ دَارٍ أَو تَزْوِيجٍ .
وَمَرَأَ : اسْتَمْرَأَ . في قولِ ابنِ الأَعرابيّ ( و ) مَرَأَ ( : جَامَعَ ) امرأَته ، وتقول مَرَأْتُ المَرْأَةَ : نَكَحْتُها .
( و ) *!مَرِيءَ الطعامَ ( كَفَرِحَ ) استمرأَه ، عن أَبي زيد .
____________________

(1/431)



ومَرِيءَ الرجلُ ورَجِلَتِ المرأَةُ ( صار كَالْمَرْأَة ، هَيْئَةً وحديثاً ) أَي كلاماً وبالعكس ، وفي بعض النسخ : أَو حديثاً ، وهو المُخَنَّث خِلْقَةً أَو تَصَنُّعاً ، النِّسْبة إِلى امْرِيءٍ *!-مَرَائِيٌّ بِفَتح الراء ، ومنه *!-المَرَائِيُّ الشاعر ، وأَما الذين قالوا *!-مَرَئِيّ فكَأَنهم أَضافوا إِلى مَرْءٍ ، فكان قِياسُه على ذلك مَرْئِيّ ، ولكنه نادِرٌ معدولُ النَّسَبِ ، قال ذو الرُّمَّة :
إِذَا *!-المَرَئِيُّ شَبَّ له بَنَاتٌ
عَقَدْنَ بِرَأْسِه إِبَةً وعَارَا
وقد أَغفله المُؤَلف ، وتعرَّض شيخُنا لِنسبة امْرِيء ، وغَفَل عن نِسبة مَرْءٍ تقصيراً ، وقد أَوْضَحنا لك النّسبتين .
(*! ومَرْآةُ ) وهو فَعْلاَة مِن مَرَأَ ( : اسْمٌ ) لِقَرْيَةِ ( مَأْرِب ) كانت ببلاد الأَزْد ، وهي التي أَخرجهم منها سَيْلُ العَرِم . ( و ) *!مَرْأَة ( كَحَمْزَةَ : ة ) أُخرى ، وقد قيل إِنه ( منها هِشَامٌ المَرَئِيُّ ) وفيها يقولُ ذو الرُّمة :
ولَمَّا دَخَلْنَا جَوْفَ مَرْأَةَ غُلِّقَتْ
دَسَاكِرُ لَمْ تُرْفَعْ لِخَيْرٍ ظِلاَلُهَا
وفي ( العُباب ) و ( التكملة ) بالضبط الأَخير وإِياه تَبِع شيخُنا ، ولكن هذه غيرُ التي تقدَّمت فتأَمَّل ذلك .
(*! وامْرُؤُ القَيْس ) من أَسمائهم ، ويأْتي ذِكْرُه والنِّسبة إِليه ( في ) حرف ( السِّين ) المهملة إِن شاءَ الله تعالى ، وأَنه في الأَصل اسمٌ ثم غَلَب على القَبِيلةِ .
مسأ (*!مسأ، كمَنَعَ) *! يَمْسَأُ ( *!مَسْأً ) بالفتح ( *!ومُسُوءًا ) بالضم إِذا ( مَجَنَ ) *!والماسيءُ : الماجن . ( و ) مَسَأَ ( الطَّرِيقَ : رَكِبَ وَسَطَه ) أَوْ مَتْنَه ، ذكره ابنُ بَرِّيّ ، وهو قولُ أَبي زيد ، وسيأْتي للمصنِّف في المعتلِّ . *!ومَسأُ
____________________

(1/432)


الطَّرِيق : وَسَطُه ، و ) مَسَأَ ( بَيْنَهم ) : حَرَّش و ( أَفْسَدَ ،*! كأَمْسَأَ ) رُبَاعيًّا ، مثل مأَس قاله الصاغاني في الكُلِّ ( و ) مَسأَ فلانٌ . ( : أَبْطَأَ ، و ) مَسَأَ ( خَدَعَ ، و ) مَسَأَ ( على الشَّيءِ ) مَسْأً إِذا ( مَرَنَ ) عَليه ، ( و ) مَسَأَ ( حَقَّه : أَنْسَأَهُ ) أَي أَخَّره ، ( و ) مَسَأَ ( القِدْرَ : فَثَأَهَا ) ، وقد تقدَّم معناه ( و ) مَسَأَ ( الرَّجُلَ بالقَوحلِ : لَيَّنَه ) ، وذكْرُ الرجل مثالٌ ، كما تُفِيده بعضُ العبارات .
(*! وتَمَسَّأَ الثَّوْبُ ) إِذا ( تَفَسَّأَ ) أَي بَلِيَ ، كلُّ ذلك ذكره ابنُ بَرِّيّ والصاغاني ، وقال أَبو عُبيد عن الأَصمعي : المَاسُ ، خفيفٌ غيرُ مهموز ، وهو الذي لا يَلْتفت إِلى مَوْعظةِ أَحدِ ولا يَقْبَل قَوْلَه ، يقال رَجلٌ مَاسٌ ، وما أَمْسَاه ، قال أَبو منصورٍ ، كأَنه مَقلُوبٌ ، كما قالوا : هَارٍ وهارٌ وهائِرٌ ، قال أَبو منصور : ويحتمل أَن يكون الماسُ في الأَصل*! ماسِئاً ، وهو مهموز في الأَصل ، كذا في ( لسان العرب ) ، وسيأْتي ذِكره في السين إِن شاء الله تعالى ، وفي المعتلّ أَيضاً .
مطأ : (*! مَطَأَها ، كمنَع ) أَهمله الجوهريّ ، وقال ابنُ الفَرَج : سَمِعت الباهِلِيِّين يقولون : سَطَأَ الرجلُ المرأَة *!ومَطَأَها بالهمز إِذا ( جَامَعَهَا ) أَي وَطِئها ، قال أَبو منصور : وشطَأَها بالشين بهذا المعنى لُغةٌ ، وستأْتي في المُعتَلّ أَيضاً .
مقأ : (*! ماقِىء العَيْنِ *!ومُوقِئُها ) أَهمله الجوهريّ ، وقال اللِّحيانيُّ ، أَي ( مُؤْخِرُها أَو مُقْدِمُها ) على اختلافٍ فيه ، ( هذا ) أَي باب الهمزة ( مَوْضِع ذِكْرِه ) بناءً على أَن لامه هَمزةٌ ، وهو رأْيُ بعضِ اللغويين والصرفيين ، ( وَوَهِمَ الجوهريُّ ) فذكره في ماق ، على ما اختاره الأَكثرون ، وزم ابنُ القطَّاع بزيادة همزتها أَو الياء ، وقد تبع المُؤَلّفُ الجوهريَّ في حرف القافِ من
____________________

(1/433)


غير تَنبيهٍ عليه ، وهو عجيب ، وقد يقال : إِن الجوهري لم يذكر هناك هذين اللفظين يعني بالهمز في آخرهما ، فلا يَرِد عليه شيءٌ مما ذُكِر ، فتأَمَّل ذلك . وفي مَأَقِ العَيْنِ لغاتٌ عشرةٌ ، يأْتي بيانُها في القاف إِن شاءَ الله تعالى .
ومما يستدرك عليه :
مكأ :*! المَكْءُ بالفتح : جُحْر الثعْلَب والأَرنب ، أَو مَجْثَمُهما ، يُهمزَ ولا يُهمز ، وقال ثعلبٌ : هو جُحْر الضَّبِّ ، قال الطِّرمَّاحُ :
كَمْ بِهِ مِنْ *!مَكْءٍ وَحْشِيَّةٍ
قِيضَ فِي مُنْتَثَلٍ أَوْ هَيامْ
عَنَى بِالوحْشِيَّة هُنَا الضَّبّة ، لأَنه لا يَبِيضُ الثعلبُ ولا الأَرنب ، وإِنما تَبِيضُ الضَّبَّةُ . وقِيضَ معناه حُفِرَ وشُقَّ ، وَمَنْ رواه ( مِنْ مَكْنِ وَحْشِيَّةٍ ) وهو البَيْضُ ، فَقِيض عنده : كُسِرَ بَيْضُهُ فأُخْرِج ما فيه ، والمُنْتَثَل : ما يُخرَجُ منه من التراب ، والهَيَام : التُّراب الذي لا يَتماسك أَن يَسِيل من اليَد .
*!والمَكْءُ أَيضاً ؛ مَجَلُ اليَدِ مِن العمل ، نقله أَبو عليَ القالي ، وهو يُهمز ولا يُهمز ، والعجب من الشيخ المنَاوي كيف تَعَرَّض*! لِمَكَأَ الطَّيْرُ يَمكأُ ومنه المُكَّاءُ ، لكْثرة صَفِيره ، وفي هذه المادّة وهو مُعْتَلٌّ بالإِجماع .
ملأ : (*! مَلأَه ) أَي الشيءَ ( كَمَنَع ) يَمْلَؤُه (*! مَلأً *!وَمَلأَةً *!وَمِلأَةً ) أَي ( بالفتح والكسر *!ومَلأَهُ *! تَمْلِئَةً *! فامْتَلأَ *!وتَمَلأَ ) ، في العبارة لفٌّ ونَشْر ، وذلك أَن *!امتلأَ مُطاوع مَلأَه *!وَملِئَه بالفتح والكسر . *!وتَمَلأَ مُطاوع*! ملأَة كعَلَّمَه فتَعلَّم ( *!ومَلِيءَ ) بالكسر ( كسَمِعَ ، وَإِنَّه لحَسَنُ *!المِلأَةِ ) أَي المِلْءِ ( بالكسر لا *!التَّمَلُّؤِ ) لأَن المقصود الهيئة ( وهو ) أَي الإِناء (*! مَلآنُ وهي ) أَي الأُنثى (*! مَلأَى ) على فَعْلَى ، كما في ( الصحاح ) ( *!ومَلآنةٌ ) بهاء ( ج *!مِلاَءٌ ) ككرامٍ ، كذا في
____________________

(1/434)


النسخ *!وأَمَلاءُ ، كما في ( اللسان ) ، والعامة تقول إِناءُ *!مَلاً مَاءً ، والصواب *!ملآنُ ماءً ، قال أَبو حاتم : حُبٌّ مَلآنُ ، وقِرْبَةٌ*! مَلأَى ، وحِبَاب*!مِلاَءُ ، قال : وإِن شئتَ خفَّفْت الهمزةَ فقلت في المُذكّر*! مَلاَنُ ، وفي المُؤَنّثَ مَلاَ ، ودَلْوٌ *!مَلاً ، ومنه قوله :
وحَبَّذَا دَلْوُكِ إِذْ جَاءَتْ مَلاَ
أَراد*! مَلأَى ، ويقال *!مَلأْتُه *!مَلأً بوزن مَلْعاً فإِن خَفَّفْتَ قُلت مَلاً ، وقد*! امتلأَ الإِناءُ*! امتلاءً . *!وامْتَلاَ *!وتَمَلأَ بمعنى .
(*! والمُلاَءَةُ ) ممدوداً ( والمُلاَءُ ) كغُراب ( *!والمُلأَة ) كمُتْعَة ( بضمِّهن : الزُّكَام ) يُصيب ( من *!الامْتِلاءِ ) أَي *!امتلاءِ المَعِدة ، ( وقد *!مُلِىءَ كعُنِيَ ) مبنيًّا للمفعول ( و ) *!مَلُؤَ مِثال ( كَرُمَ *!وأَمْلأَه اللَّهُ تعالى ) *!إِمْلاَءً ، أَي أَزكمه ( فهو *!مَمْلُوءٌ ) . كذا في النسخ وفي بعضها فهو مَلآنُ ( *!ومَمْلُوءٌ ) وهذا خِلاف القياس يُحْمَل على مُلِيءَ ، فهو حينئذ ( نادِرٌ ) لأَن القياس في مفعولٍ الرباعيِّ مُفْعَل كمُكْرَم . وفي ( الأَساس ) : ومن المجاز به *!مُلأَةٌ ، وهو ثِقَلٌ يأْخُذ بالرأْس وزُكْمَةٌ من امتلاء المعدة . ومُلِيءَ الرجلُ وهو مَملوءٌ . انتهى . وقال الليث : *!المُلاَءُ : ثقَلٌ يأَخذُ في الرأْس كالزُّكامِ من امتلاءِ المَعِدة ، وقد تَمَلأَ من الطعام والشَّرابِ *!تَمَلُّؤاً ، وتَمَلأَ غَيْظاً وشِبَعاً *!وامتلأَ . قلت : وهو من المجاز . وقال ابن السكّيت :*! تَمَلأْتُ من الطعام*! تَمَلُّؤًا ، وتَمَلَّيْتُ العَيْشَ *!تَمَلِّياً ، إِذا عِشْتَ*! مَلِيًّا ، أَي طويلاً .
(*! والمَلأُ ، كجَبَلٍ : التَّشَاوُرُ ) يقال : ما كان هذا الأَمرُ عن *! مَلإٍ مِنَّا أَي تَشاوُرٍ واجتماعٍ ، وفي حديث عُمَر رضي الله عنه حين طُعِن : أَكان هذا عَن مَلإٍ منكم ؟ أَي عن مُشاوَرَةٍ من أَشرافكم
____________________

(1/435)


وجَماعتِكم . فهو مجازٌ ، صَرَّح به الزمخشري وغيرُه ( و ) المَلأُ ( : الأَشْرَافُ ) أَي من القوم ووُجُوههم ورُؤَساؤُهم ومُقَدَّمُوهم الذين يُرْجَع إِلى قَوْلِهِم ( والعِلْيَةُ ) بالكسر ، ذكره أَبو عُبيدةَ في غَرِيبه ، وهو كعطفِ تفسيرٍ لِما قَبْلَه ، والجمع أَمْلاَءٌ ، وفي الحديث . هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلأُ الأَعْلَى ؟ ) يريد الملائكةَ المُقَرَّبِينَ ، ويروى أَن النبيّ صلى الله عليه وسلمسَمع رَجُلاً من الأَنصار وقد رَجعوا مِن غَزْوَةِ بَدْرٍ يَقُول : ما قَتَلْنَا إِلاَّ عَجائِزَ صُلْعاً . فقال عليه السلامُ : ( أُولئك المَلأُ مِن قُرَيْشٍ لو حَضَرْتَ فِعَالَهم لاحْتَقَرْتَ فِعْلَكَ ) أَي أَشرافُ قُريشٍ . ( و ) المَلأُ ( : الجَمَاعَةُ ) أَي مطلقاً ، ولو ذكره عند التشاوُرِ كان أَوْلَى للمناسبة ( و ) الملأُ ( : الطَّمَعُ والظَّنُّ ) . والجمع أَمْلاَءٌ ، أَي جَماعاتٌ ، عن ابن الأَعرابيّ ، وبه فسّر قول الشاعر :
وَتَحَدَّثُوا مَلأً لِتُصْبِحَ أُمُّنَا
عَذْرَاءَ لاَ كَهحلٌ ولا مَوْلُودُ
وبه فُسِّرَ أَيضاً قولُ الجُهنِيِّ الآتي ذِكْرُه :
فَقُلْنَا أَحْسِني مَلأً جُهَيْنَا
أَي أَحْسِني ظَنًّا ، وقال أَبو الحسن : ليس المَلأُ من بابِ رَهْطٍ ، وإِن كانَا اسمَيْنِ للجَمْعِ ، لأَن رَهْطاف لا واحِدَ له من لفظه ، ثم قال : ( و ) الملأُ إِنَّما هم ( القَوْمُ ذَوُو الشَّارَةِ ، والتَّجَمُّعُ ) للإِدارة ، ففارق بابَ رَهْطٍ لذلك ، والمَلأُ على هذا صِفَةٌ غالبةٌ . ( و ) المَلأُ ( الخُلُقُ ) ، وفي ( التهذيب ) : الخُلُقُ *!-المَلِيءُ بما يُحْتَاج إِليه ، وما أَحْسَن مَلأَ بَني فُلانٍ ، أَي أَخلاقَهم وعِشْرَتَهم ، قال الجُهَنِيُّ :
تَنَادَوْا يَالَ بُهْثَةَ إِذْ رَأَوْنَا
فَقُلْنَا أَحْسِنِى مَلأً جُهَيْنَا
____________________

(1/436)



أَي أَحْسِني أَخلاقاً يا جُهَيْنَة ، والجمع أَمْلاَءٌ ، وفيه وُجُوهٌ أُخَرُ ، ذُكِر منها وَجْهٌ ، وسيأْتي وجهٌ آخَرُ ، وفي حديث أَبي قَتادة : لمَّا ازدحمَ الناسُ على المِيضَأَةِ في بعضِ الغَزَواتِ قال لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَحْسِنوا المَلأَ فكُلُّكُمْ سَيَرْوَى ) ، قال ابنُ الأَثير : وأَكثر قُرَّاءِ الحديث يَقْرؤُونها ( أَحْسِنُوا المِلْءِ ) بكسر الميم وسكون اللام ، وليس بشيء ( ومنه ) ما جاءَ في الحديث أَيضاً حين ضَربُوا الأَعرابيَّ الذي بال في المسجد ( أَحْسِنُوا *!أَمْلاَءَكُمْ ، أَي أَخْلاَقَكُمْ ) وتقدّم في م ر أَ حديثُ الحَسن البصرِيّ : لما ازْدَحَموا عليه فقال : أَحْسِنُوا أَمْلاَءَكُم أَيُّها المَرْؤُونَ .
( و ) *!المُلاَءُ ( كَغُرَابٍ : سَيْفُ سَعْدِ بنِ أَبي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيِّ رضي اللَّهُ عنه ، قال ابنُ النُّوَيْعِمِ يَرثي عُمَرَ بنَ سَعْدِ حين قَتَلَه المُخْتارُ بنُ أَبي عُبَيْدٍ :
تجَرَّدَ فِيهَا والمُلاَءُ بِكَفِّهِ
لِيُخْمِدَ مِنْهَا مَا تَشَذَّرَ واسْتَعَرْ
( و ) *!المُلاَءَة ( بِهَاءٍ ) كُنْيَتُها ( أُمُّ المُرْتَجِزِ ) هي ( فَرَسُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكره الصاغاني في ( التكملة ) .
( *!والمِلاَءُ بالكسر ) والمَدّ ككِرام ( *!والأَمْلِئَاءُ ، بهمزتَيْنِ ) كأَنْصِباء (*! والمُلآءُ ) كَكُبَرَاء ، كلاهما عن اللِّحيانيّ وحْدَه هم ( : الأَغْنياءُ المُتَمَوِّلُونَ ) ذَوُو الأَموال ، ( أَو ) هم ( الحَسَنُو القَضَاءِ منهم ) أَي مِن الأَغنياءِ في إِعطاءِ الدَّيْنِ وتَسْلِيمهِ لِطالِبه ومُتقاضِيه بلا مَشَقَّةٍ ، ولو لم يكونوا في الحقيقة أَغنياءَ ، والمُلآءُ أَيضاً الرُّؤَساءُ ، سُمُّوا بذلك لأَنَّهُم مُلآءُ بما يُحْتَاج إِليه ( الواحِدُ*!- مَلِيءٌ ) كَكَرِيمٍ مهموزٌ : كثيرُ المال ، أَو الثِّقَة الغَنِيّ . قاله الجوهريّ . أَو الغَنِيُّ المُقتدِر ، قاله الفيّوميّ .
وحكى أَحمد بن يحيى : رَجُلٌ *!مالِىءٌ : جليلٌ يَمَلأُ العَيْنَ بجُهْرَتِهِ ، وشَابٌّ مالِيءُ العَيْنِ ، إِذا كان فَخْماً حَسَناً .
____________________

(1/437)



ويقال : فُلانٌ أَمْلأُ لِعَيْنِي مِن فُلانٍ ، أَي أَتمُّ في كُلِّ شيءٍ مَنْظَراً وَحُسْناً ، وهو رجلٌ مَاليءٌ للعين إِذا أَعجَبَك حُسْنُه وبَهْجَتُه ، ( وقد مَلأَ ) الرجل ( كَمنَع وكَرُم ) ، والمشهور الضمُّ ، يَمْلُؤُ (*! مَلاَءَةً ) ككرَامَةٍ ( *!ومَلاَءً ) كسَحابٍ وهذه ( عن كُراع ) فهو مَلِيءٌ : صار مَلِيئاً ، أَي ثِقَةً ، فهو غَنِيٌّ مَلِيءٌ بَيِّنُ المَلاَءِ والمَلاَءَةِ ، ممدُودَانِ . وفي حديث الدَّيْنِ ( إِذا أُتْبِعَ أَحدُكم عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتَّبِعْ ) المَلِيءُ بالهمز أَي الثِّقَةُ الغَنِيُّ . وقد أُولع فيه الناسُ بتَرْكِ الهَمْزِ وتشديد اليَاءِ كذا في ( النِّهاية ) ، ونقل شيخُنا عن الجلال في الدرّ النثير ، وقد : يُسَهَّل . وفي ( المصباح ) : ويَجوز البَدَلُ والإِدغام ، وهو المَسموع في أَكثر الروايات .
( واسْتَمْلأَ في الدَّيْنِ : جَعَل دَيْنَه في مُلآءَ ) بالضمّ والمد ، كذا هو مضبوط في نسختنا .
وهذا الأَمرُ أَمْلأُ بِك ، أَي أَمْلَكُ .
( والمُلأَةُ بالضَّمِّ ) كالمُتْعَة ( : رَهَلٌ ) محرّكة ، يُصيب ( البَعِيرَ مِنح طُولِ الحَبْسِ بَعْدَ السَّيْرِ ) .
(*!والمُلأَةُ بالضم والمَدِّ ) وهي الإِزار و ( الرَّيْطَةُ ) بالفَتْح هي المِلْحَفَة ( ج مُلاَءٌ ) وقال بعضهم : إِن الجمع مُلأٌ ، بغير مَدَ ، والواحد ممدودٌ ، والأَوَّلُ أَثبَتُ ، وفي حديث الاستسقاء ( فَرَأَيْت السَّحابَ يَتَمزَّقُ كأَنه المُلاءُ حين يُطْوَى ) شَبَّه تَفرُّقَ الغَيْم واجتماعَ بعضِه إِلى بعضٍ في أَطرافِ السماءِ بالإِزار إِذا جُمِعَتْ أَطرافُه وطُوِيَ . ثم إِن المُلاَءَة والرَّبْطَة ، قيل : مُترادِفانِ وقيل : المُلاءَة : هي المِلْحَفَة ذات اللِّفْقَيْنِ ، فإِن كانت ليستْ ذاتَ لِفْقَيْنِ فهي رَيْطَةٌ ، وسيأْتي بيان ذلك إِن شاءَ الله تعالى .
*!وتَمَلأْتُ : لَبِستُ المُلاَءَةَ . وتصغيرُ المُلاَءَةِ *!مُلَيْئَةٌ ، ورد في حَدِيث قَيْلَةَ
____________________

(1/438)


( وعليه أَسْمَالُ*! مُلَيَّتَيْنِ ) تَصغير مُلاَةٍ مُثَنَّاة مُخَفَّفة الهمز .
والمُلاَءُ المَحْض في قَوْلِ أَبي خِرَاشٍ الهُذليّ بمعنى الغُبَارِ الخَالِص :
كَأَنَّ المُلاَءَ المَحْضَ خَلْفَ ذِرَاعِه
صُرَاحِيُّةُ والآخِنِيُّ المُتَحَّمُ
شَبَّهَة *!بالمُلاَءِ مِن الثِّيَابِ ، وفي ( المُعجم ) : المُلاَءَةُ : القِشْرَة التي تَعْلُوا اللَّبَن ، وأَنشدَ قَوْلَ مَطَر :
ومعرفة بالكَفِّ عَجْلَي وجَفْنَة
ذَوَائِبُهَا مِثْلُ المُلاَءَةِ تضربُ
وفي ( أَحكام الأَساس ) : ومن المجاز قولُهم : عَلَيْهِ مُلاَءَةُ الحُسْنِ . وجَمَّش فَتى من العَربِ حَضَرِيَّةً فَتَشَاحَّتْ عليه ، فقال لها : ( واللَّهِ ) مَالَكِ مُلاَءَةُ الحُسْنِ ولا عَمُودُه ولا بُرْنُسُه ، فما هذا الامتناعُ ؟ مُلاَءَة الحُسْنِ : البَياضُ . وعَمُوده : الطُّولُ ، وبُرْنُسه : الشَّعر .
( وَمَلأَه على الأَمْرِ ) كمَنَعه ، ليس بمشهور عند اللغويين ( : سَاعَدَه وشَايَعَه ) أَي أَعانه وَقَوَّاه ، ( كَمَالأَهُ ) عليه مُمَالأَةً .
( *!وَتَمَالَئُوا عليه ) أَي ( اجْتَمَعُوا ) ، قال الشاعرُ :
وَتَحَدَّثُوا مَلأً لِتُصْبِحَ أُمُّنَا
عَذْرَاءَ لاَ كَهْلٌ وَلاَ مَوْلُوِدُ
أَي تَشاوَرُوا وَتَحَدَّثُوا *!مُتَمالِئينَ على ذلك لِيَقْتُلونا أَجمعينَ ، فتُصْبِح أُمُّنا كالعذراءِ التي ولا ولدَ لها . قال أَبو عبيد : يقالُ للقومِ إِذا تَتابَعُوا بِرَأْيِهم على أَمْرٍ : قد تَمَالَئُوا عليه . وعن ابن الأَعرابيِّ : مالأَه ، إِذا عَاوَنه ، وَلامَأَه : إِذَا صَحِبَه أَشْبَاهُه . وفي حديث عليَ : واللَّهِ ما قَتَلْتُ عُثمَانَ ولا *!مَالأْتُ على قَتْلِهِ . أَي ما ساعدت ولا عَاوَنْتُ . وفي حديث عُمَر : لو *!تَمَالأَ عليهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لأَقَدْتُهم به . أَءَ لو تَضَافَروا عليه وتَعَاوَنُوا وتَساعدو . ويقال :
أَحْسِنِي مَلأً جُهَيْنَا
أَي أَحْسِني *!مُمَالأَةً ، أَي مُعاونَةً ، مِن مَالأْتُ فُلاناً : ظَاهَرْته .
____________________

(1/439)



(*! والمِلْءُ بالكَسرِ : اسمُ ما يأْخُذُه الإِناءُ إِذا امتلأَ ) يقال ( : أَعْطِه ) أَي القَدَحَ (*! مِلأَهُ *!ومِلأَيْهِ *! أَمْلاَئِهِ ) وحَجَرٌ مِلْءُ الكَفِّ . وفي دُعَاءِ الصلاة ( لك الحَمْدُ مِلْءَ السّمواتِ والأَرض ) ، هذا تَمْثِيل ، لأَن الكَلام لا يَسع الأَماكِنَ ، والمُراد به كَثْرَةُ العَددِ . وفي حديث إِسلام أَبي ذَرَ قال : لنا كَلِمةٌ تَمْلأُ الفَم . أَي أَنها عَظيمةٌ شَنيعةٌ ، لا يَجوز أَن تُحْكَى وتُقال ، فكأَنّ الفَمَ *!مَلآنُ بها ، لا يَقْدِر على النُّطْقِ . ومنه في الحديث ( *!امْلَئُوا أَفْواهَكُم مِنَ القُرْآن ) وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ : مِلْءُ كِسَائِها وغَيْظُ جَارَتِها . أَرادت أَنها سَمِينَةٌ ، فإِذا تَغطَّت بكسائها مَلأَتْه .
( و ) *!المِلأَةُ ( بِهَاءٍ : هَيْئَةُ الامتِلاءِ ) وإِنه لَحَسَنُ المِلأَةِ ، وقد تَقدَّم ( وَمصْدَرُ مَلأَهُ ) بالفَتح ، وقد تَقدَّمَ أَيضاً ، فذكره كالاستدراك . وفي حديث عِمْرانَ : إِنّه لَيُخَيَّلُ إِلينا أَنها أَشدُّ مِلأَةً منها حين ابْتُدِيءَ فيها . أَي أَشدُّ امتلاءً ( و ) المِلأَة أَيضاً ( الكَظَّةُ ) مضبوطٌ عندنا بالكسر ، وضبطه شيخُنا بالفتح ( مِنَ الطَّعامِ ) هو ما يَعْترِي الإِنسانَ مِن الكَرْبِ عند الامتلاءِ منه .
( و ) من المجاز ، كذا في ( الأَساس ) وتبعه المناوِي ( أَملأَ ) النَّزْعَ ( في قَوْسهِ وَمَّلأَ ) مُضَعَّفاً إِذا ( أَغْرَق ) في النَّزْعِ ، وقيل مَلأَ في قَوْسِه : غَرَّقَ النُّشَّابَةَ والسَّهْمَ ، وأَمْلأْتُ النَّزَعَ في القَوس ، إِذا شَدَدْتَ النَّزْعَ فيها . وفي ( التهذيب ) : يقال : أَمَلأَ فُلانٌ في قَوْسِهِ إِذا أَغْرَق في النَّزْع . ومَلأَ فُلانٌ فُرُوجَ فَرَسه ، إِذا حَمَله على أَشَدِّ الحُضْرِ . وقد أَغفله المؤلف .
( *!والمُمْلِىءُ : شَاةٌ في بَطْنِهَا ماءٌ وأَعْرَاسٌ ) جمع غِرْسٍ ، بالكسر ، جِلْدَة على جَبْهَة الفَصِيل ، وسيأْتي ، ( فَتَحْسَبُها حَامِلاً ) لامْتِلاءِ بَطْنِها .
ومن المجاز : نَظرتُ إِليه فملأْتُ منه عَيْنِي ، وهو مَلآنُ من الكَرَمِ ومُلِيءَ *!ومُلّىءَ رُعْباً . وفلانٌ مَلأَ ثِيابي ، إِذا رَشَّ عليه طِيناً أَو غيرَه ، كذا في ( الأَحكام ) .

____________________

(1/440)


منأ : (*! المَنِيئَةُ ) على فَعِيلة ، هو ( الجِلْدُ أَوَّلَ ما يُدْبَغُ ) ، ثم هو أَفِيقٌ ، ثم أَدِيمٌ . قال حُميد بن ثَوْرٍ .
إِذَ أَنْتَ بَاكَرْتَ المَنِيئَةَ بَاكَرَتْ
مَدَاكاً لَهَا مِنْ زَعْفَرَانٍ وإِثْمِدَا
( والمَدْبَغَةُ ، نقله الجوهريّ عن الأَصمعيّ والكِسائيّ ) وقَوْلُ أَبي عَلِيَ ) الفارسيِّ : إِن المَنِيئَة ) مَفْعِلَةٌ من اللَّحْمِ النِّيءِ ) قال ابنُ سِيده في ( المحكم ) : أَنبَأَني عنه بذلك أَبو العلاء . قال : و هذا ( يَأْبَاهُ *!مَنَأً ) أَي يدفعه ولا يَقبله ، انتهى . ومراده بأَبي العلاءِ صاعدٌ اللغويُّ الواردُ عليهم في العراق ، كما في ( المشوف ) . *!والمَنيئَةُ أَيضاً : الجِلْدُ ما كان في الدِّباغ . وبَعَثت امرأَةٌ من العرب بِنْتاً لها إِلى جارتها فقالت : تقول لك أُمي : أَعطِيني نَفْساً أَو نَفْسَيْنِ أَمْعَسُ به مَنِيئَتِي فَإِني أَفِدَةٌ .
وفي حديث عُمر رضي الله عنه : وآدِمَةٌ في المَنِيئَةِ . أَي في الدِّباغ . كذا فَسَّروه . قلت : لعلَّه في المَدْبَغَة ، ويقال للجِلْد ما دام في الدِّباغ *!مَنِيئَةٌ ، ففي حديث أَسماءَ بنتِ عُمَيْسٍ : وهي تَمْعَس مَنِيئَةً لها .
(*! والمَمْنَأَةُ : الأَرضُ السَّوداءُ ( يُهمز وقد لا يُهمز ، وأَما المَنِيَّةُ من المَوْت فمن باب المعتلّ .
(*! وَمَنَأَه ) أَي الجِلْدَ ( كمَنَعَه )*! يَمْنَؤُهُ إِذا ( نَقَعَه في الدِّباغِ ) حتى انْدَبغ .
*!وَمَنَأْتُه : وافَقْتُه ، على مثال فَعَلْتُه ، وهو مستدرك عليه .
موأ : ( *!مَاءَ ) أَهمله الجوهري ، وقال اللحيانيُّ : ماءَ ( السِّنَّوْرُ ) ، وفي ( العباب ) : الهِرُّ ، وهو أَخْصَرُ ( *!يَمُوءُ *!مُؤَاءً بالضَّمِّ ) في أَوّله ( وهَمْزَتَيْنٍ ) وصَرِيح عِبارته أَنَّ *!المُؤَاءَ مَصْدَرٌ ، وقال شيخُنا : وقال القِياس في مصادرِ فَعَل المفتوح الدّال على صَوْتِ الفَمِ ، كما في ( الخلاصة ) ، وظاهر عِبارة اللسان وغيرِه من كتب اللُّغة أَن مصدره*! مَوْءٌ ، كَقَوحلٍ والصوت *!المُؤَاءُ ، وفي بعضِ النسخ *!المُوَاء ، بالواو قبل الأَلف ( : صَاحَ ) ، به فَسَّره
____________________

(1/441)


غيرُ واحدٍ ، ( فهو ) أَي السِّنَّورُ (*! مَؤُوءٌ كمَعُوعٍ ) أَي بالهمزة قبل الواو الساكنة ، وتجد هنا في بعض النسخ مَوُوءٌ بالواوين .
( *!والمائِئَةُ ، بهمزتين ،*! والمائِيَّةُ ) بتشديد الياء ( ويُخَفَّف ) فيقال مَائِيَة كَماعِيَة ، وهو قولُ ابنِ الأَعرابيّ ، وبه صدَّر في ( اللسان ) ، فلا يُلتفت إِلى قول شيخِنا : فلا معنى لذكر التخفيف ، كما هو ظاهر ( : السِّنَّوْرُ ) أَهلِيًّا كان أَو وَحْشِيًّا .
(*! وأَمْوَأَ ) السِّنَّوْرُ إِذا صاحَ ، حكاه أَبو عمرو ، و ( الرَّجُلُ : صاحَ صِياحَهَ ) أَي السِّنَّوْرِ نقله الصاغاني .
2 ( فصل النون ) مع الهمزة ) 2
نأنأ : (*! نَأْنَأَه ) إِذا ( أَحسنَ غِذَاءَه ، و ) *!نَأْنَأَه عن الشيءِ إِذا ( كَفَّه ) ونَهْنَهَهُ ، قال الأُمويّ :*! نَأْنَأْتُ الرجُلَ *!نَأْنَأَةً إِذا نَهَيْتَه عمَّا يريد وكَفَفْتَه ، في ( لسان العرب ) : كأَنه يُريد : إِني حَمَلْته على أَن ضَعُفَ عمَّا أَرادَ وتَرَاخَى ( و ) نَأْنأَ ( في الرَّأْي*! نَأْنَأَةً *!ومُنَأْنَأَةً ) أَي ( ضَعُف ) فيه ( ولمْ يُبْرِمْه ) ، كذا قاله ابنُ سيده ، وعبارة الجوهريّ : إِذا خَلَّطَ فيه تَخليطاً ولم يُبْرِمه ، قال عبدُ هِنْد بنُ زيدٍ التغلبيُّ ، جاهليٌّ :
فَلاَ أَسْمَعَنْ مِنْكُمْ بِأَمْرٍ*! مُنَأْنَإٍ
ضَعِيفٍ ولا تَسْمَعْ بِهِ هَامَتي بَعْدِي
فَإِنَّ السِّنَانَ يَرْكَبُ المَرْءُ حَدَّهُ
مِنَ الخِزْيِ أَوْ يَعْدُو عَلَى الأَسَدِ الوَرْدِ
( و )*! نَأْنَأَ ( عنه : قَصُرَ وعَجَز ) وقال أَبو عمرو :*! النَّأْنَأَةُ : الضَّعْفُ ، وروى عِكْرِمَةُ عن أَبي بكرٍ الصِّديق رضي الله عنه أَنه قال : طُوبَى لِمَنْ مَاتَ في النَّأْنَأَةِ . مهموزة ، يعني أَوَّلَ الإِسلام قَبْلَ أَن يَقْوَي وَيَكْثُرَ أَهلُه وناضِرُه والدَّاخِلُونَ فيه ، فهو عند الناس ضَعِيفٌ ( *!كَتنَأْنَأَ ) في الكُلِّ ، يقال : تَنَأْنَأَ الرجُلُ إِذا ضَعُفَ واسْتَرْخَى ، قال أَبو عُبَيْدٍ : ومن ذلك قولُ عَلِيَ رضي الله عنه لسُلَيْمَانَ بْنِ صُرَد ، وكان قد تَخلَّف عنه يوم الجَمَل ثُمّ أَتاه بعدُ ، فقال له :*! تَنَأْنَأْتَ وتَرَاخَيْتَ ، فكيْفَ رأَيْتَ صُنْعَ اللَّهِ ؟ يريد ضَعُفْتَ واستَرْخَيْتَ . وفي ( الأَساس ) : أَي فَتَرْتَ
____________________

(1/442)


وقَصَّرْتَ . قلت : وقرأْتُ في كِتاب ( الانساب ) للبلاذُرِيّ في خَبَر الجَمل : حدثني أَبو زكريا يحيى بنُ مُعِينٍ ، حدثنا أَبو عَوَانةَ ، عن إِبراهيم بن محمد بن المُنْتَشِر عن أَبيه ، عن عُبَيْدِ بن نُضَيْلَة ، عن سُلَيْمَانَ بن صُرَد قال : أَتيتُ عليًّا حين فَرَغ من الجَمَل فقال لي : تَرَبَّصْتَ *!ونَأْنَأْتَ . قلتُ : إِن الشَّوْطَ بَطِينٌ يا أَميرَ المؤمنين ، وقد بَقِيَ من الأُمورِ ما تَعْرِف به صَدِيقَك من عَدُوِّك . هكذا هو مَضْبوطٌ ، كأَنه من التَّأَنِّي . ثم ساقَ رِوايةً أُخرى وفيها : نَأْنَأْتَ وَتَرَبَّصْتَ وتَأَخَّرْتَ .
( *!والنَّأْنَأُ ) بالقصر ( كَفَدْفَدٍ : المُكْثِرُ تَقْلِيبَ الحَدَقَةِ ) قال في ( المحكم ) : والمعروف ( رَأراءٌ ) ( والعاجزُ الجَبانُ ) الضعيف ( *!كالنَّأْناءِ ) بالمدّ ( والنُّؤْنُوءِ ) كعُصفور وفي بعض النسخ بالقصر (*! والمُنَأْنَإِ ) كمُعَنْعَن على صِيغة لكَوْنه مَكْفُوفاً عمَّا يَقُوم عليه القَوِيُّ ، قال امرُؤُ القَيْس :
لَعَمْرُكَ ما سَعْدٌ بِخُلَّةِ آثِمٍ
وَلاَ نَأْنَإٍ عِنْدَ الحِفَاظِ وَلاَ حَصِرْ
نبأ : ( *!النَّبَأُ مُحَرَّكَةً الخَبَرُ ) وهما مترادفانِ ، وفرَّق بينهما بعضٌ ، وقال الراغبُ : *!النَّبأُ : خَبَرٌ ذو فائدةٍ عظيمةٍ ، يَحْصُل بهِ عِلْمٌ أَو غَلَبَةٌ ظَنَ ، ولا يُقال للخَبَر في الأَصْلِ*! نَبَأٌ حتى يَتَضَمَّنَ هذه الأَشياءَ الثلاثةَ ويَكونَ صادِقاً ، وحقُّه أَنْ يَتَعرَّى عنِ الكَذِب ، كالمُتَواتِر وخَبَرِ اللَّهِ وخَبرِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم ولتَضَمُّنِه معنى الخَبَرِ يقال : أَنْبَأْتُه بكذا ، ولتَضَمُّنه معنى العِلْمِ يقال : *!أَنْبَأَتُه كذا . قال : وقوله تعالى : { 1 . 031 إن جاءكم فاسق*! بنبإ } ( الحجرات : 6 ) الآية ،
____________________

(1/443)


فيه تَنْبِيه على أَنّ الخَبرَ إِذا كان شَيئًا عَظيماً فحقُّه أَن يُتَوَقَّفَ فيه ، وإِن عُلِمَ وغَلَبَ صِحَّته على الظنِّ حتى يُعادَ النَّظَرُ فيه ويَتَبَيَّن ( فَضْلَ تَبَيُّنٍ يقال*! نَبَّأْته *!وأَنْبَأْته ) ( ج*! أَنباءٌ ) كخَبَرٍ وأَخبارٍ ، وقد (*! أَنْبَاه إِيَّاه ) إِذا تضمَّن مَعْنَى العِلْم ، ( و )*! أَنبأَ ( بِهِ ) إِذا تَضَمَّن معنى الخَبَر ، أَي ( أَخْبَره ،*! كنَبَّأَهُ ) مشدَّداً ، وحَكى سيبويهِ : أَنا*! أَنْبُؤُك ، على الإِتباع . ونقل شيخُنا عن السَّمِين في إِعرابه قال : أَنْبَأَ ونَبَّأَ وأَخْبَرَ ، متى ضُمِّنَتْ معنى العِلْم عُدِّيَت لِثلاَثةِ وفي نِهايَةُ التَّعَدِّي ، وأَعلمته بكذا مُضَمَّنٌ معنى الإِحاطة ، قيل : نَبَّأْتُه أَبلَغُ من أَنْبَأْتُه ، قال تعالى : { مَنْ *!أَنبَأَكَ هَاذَا قَالَ*!- نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ } ( التحريم : 3 ) لم يقل *!-أَنْبَأَني ، بل عَدَل إِلى نَبَّأَ الذي هو أَبلغُ ، تَنْبِيهاً على تَحْقيقِه وكَوْنِه مِن قِبَلِ الله تعالى . قاله الراغب .
( *!واسْتَنْبَأَ النَّبأَ : بَحَثَ عنه ، *!ونَابَأَه ) *!ونَابَأْتُه *!أَنبؤة *!وأَنْبَأَته أَي ( أَنْبَأَ كُلٌّ منهما صاحِبَه ) قال ذو الرّمَّة يهجو قوماً :
زُرْقُ العُيُونِ إِذَا جَاوَرْتَهُمْ سَرَقُوا
مَا يَسْرِقُ العَبْدُ أَوْ نَابَأْتَهُمْ كَذَبُوا
(*!- والنَّبِيءُ ) بالهمز مكِّيَّة ، فَعِيلٌ بمعنى مُفْعِل ، كذا قاله ابنُ بَرِّيّ ، هو ( المُخْبِرُ عن اللَّهِ تعالى ) فإِن الله تعالى أَخبره بتوحيده ، وأَطْلَعَه على غَيْبه وأَعلمه أَنه نبيُّه . وقال الشيخ السنوسي في شَرْحِ كُبْرَاه :*! النَّبِيءُ ، بالهمز ، من النَّبَإِ ، أَي الخبر لأَنه أَنبأَ عَن الله أَي أَخبر ، قال : ويجوز فيه تحقيق الهمز وتَخْفيفه ، يقال نَبَأَ ونَبَّأَ وأَنْبَأَ . قال سيبويه : ليس أَحدٌ من العرب إِلا ويقول*! تَنَبَّأَ مُسَيْلِمَةُ ، بالهمز ، غير أَنهم تَرَكُوا في الهمز النَّبِيّ كما تَرَكوه في الذُّرِّيَّة واليَرِية والخَابِيَة ، إِلا أَهل مَكَّة فإِنهم يهمزون هذه الأَحرف ،
____________________

(1/444)


ولا يَهْمزون في غيرها ، ويُخالفونٍ العَربَ في ذلك ، قال : والهمز في النبيّ لغةٌ رَدِيئة ، أَي لِقلَّة استعمالها ، لا لِكَوْنِ القياسِ يَمنع ذلك ( وتَرْكُ الهَمْزِ ) هو ( المُخْتارُ ) عند العرب سوى أَهل مكة ، ومن ذلك حديثُ البَرَاء : قلتُ : ورسُولِك الذي أَرسَلْتَ ، فردَّ عليّ وقال ( وَنبِيِّكَ الذي أَرْسَلْتَ ، قال ابنُ الأَثير ، وإِنما رَدَّ عليه ليختلِفَ اللفظانِ وَيَجْمَع له الثَّناءَ بين معنى النُّبُوَّة والرِّسالة ، ويكون تَعْدِيداً اللنِّعْمَة في الحالَيْنِ وتعظيماً للمِنَّة على الوَجْهَيْنِ . والرسولُ أَخصُّ من النَّبِيّ ، لأَن كلَّ رسولٍ نَبِيٌّ وليس كُلُّ نَبِيَ رسولاً ( ج *!أَنْبِيَاءُ ) قال الجوهري : لأَن الهمز لما أَبْدِل وأُلْزِم الإِبدالَ جُمِعَ جَمْعَ ما أَصْلُ لامه حَرْفُ العلّة ، كَعِيدٍ وأَعْياد ، كما يأْتي في المعتلّ ( *!ونُبَآءُ ) ككُرَمَاءَ ، وأَنشد الجوهريُّ للعَبَّاسِ بنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه :
يا خَاتَم *!النُّبَآءِ إِنَّكَ مُرْسَلٌ
بِالْخَيْرِ كُلُّ هُدَى السَّبِيلِ هُدَاكَا
إِنَّ الإِلاهَ بَنَى عَلَيْكَ مَحَبَّةً
فِي خَلْقِه ومُحَمَّداً سَمَّاكَا
(*! وأَنْبَاءٌ ) كَشهِيدٍ وأَشْهَادٍ ، قال شيخنا وخُرِّجتْ عليه آياتٌ مَبْحوثٌ فيها ، *!والنَّبِيئونَ جمعُ سَلامةٍ ، قال الزجَّاجُ القِراءَةُ المُجْمَع عليها في *!النَّبِيِّينَ *!والأَنْبِياءِ طَرْحُ الهَمْزِ ، وقد همز جَماعةٌ من أَهل المدينة جميعَ ما في القرآن من هذا ، واشتقاقُه من نَبأَ وأَنبأَ ، أَي أَخبر ، قال : والأُجودُ تَرْكُ الهمز ، انتهى ( والاسمُ*! النُّبُوءَةُ ) بالهمز ، وقد يُسَهَّل ، وقد يُبْدَل وَاواً ويُدْغم فيها ، قال الراغب :*! النُّبُوَّةُ : سِفارَةٌ بين اللَّهِ عزَّ وجلَّ وبين ذَوِي العُقولِ الزَّكِيَّة لإِزَاحَةِ عِلَلِهَا .
(*! وَتَنَبَّأَ ) بالهمز على الاتفاق ، ويقال تَنَبَّى ، إِذا ( ادَّعَاها ) أَي النُّبُوَّةَ ، كما *!تَنَبَّى مُسَيْلِمَةُ الكَذَّاب وغيرُه من الدجَّالين ، قال الراغب : وكان من حَقّ لفظه في وضْع اللغةِ أَن يَصِحَّ استعمالُه
____________________

(1/445)


في*!- النَّبِيءِ إِذا هو مُطَاوع نَبَّأَ كقول زَيَّنَه فَتَزَيَّنَ وحَلاَّه فَتَحلَّى ( وجَمَّلَه فَتَجمَّل ) لكن لمَّا تُعُورفَ فيمن يَدَّعي النبُوَّة كَذِباً جُنِّبَ استعْمَالُه في المُحِقّ ولم يُسْتَعْمَل إِلاَّ في المُتَقَوِّلِ في دَعْوَاهُ . ( ومنه *!المُتَنَبّىءُ ) أَبو الطَّيِّبِ الشاعرُ ( أَحمدُ بنُ الحُسينِ ) بن عبد الصمد الجُعْفِيّ الكِنْدِيّ ، وقيل مَوْلاَهم ، أَصلُه من الكُوفة ( خَرَج إِلى بَني كَلْب ) ابن وَبرَة من قُضَاعة بأَرض السَّمَاوَة ، وتَبِعه خلْقٌ كثيرٌ ، ووضع لهم أَكاذيبَ ( وادَّعَى ) أَوَّلاً ( أَنَّه حَسَنِيّ ) النسب ثم ادَّعَى النُّبُوَّةَ فشُهِدَ ) بالضم ( عليه بالشأْم ) يعني دِمَشْقَ ( وحُبِسَ دَهْراً ) بِحِمْصِ حين أَسرَه الأَميرُ لُؤْلُؤٌ نائب الإِخشيد بها ، وفَرَّق أَصحابَه ، وادَّعى عليه بما زَعمه فأَنكر ( ثُمَّ اسْتُتِيبَ ) وكَذَّب نَفْسه ( وأُطْلِقَ ) من الحَبْس وطَلَب الشِّعْرَ فقاله وأَجاد ، وفاقَ أَهلَ عَصْرِه ، واتصلَ بِسَيْفِ الدَّوْلَةِ بنِ حَمْدَانَ ، فمدَحه ، وسار إِلى عَضُد الدَّوْلَة بفارِس ، فمدحه ، ثم عاد إِلى بغدادَ فقُتِل في الطّريق بقُرْبِ النَّعْمَانية سنة 354 في قِصّةٍ طويلةٍ مَذكورة في مَحلّها ، وقيل : إِنما لُقِّب بهِ لِقُوَّة فَصاحَته ، وشِدَّةِ بلاغته ، وكَمَالِ مَعرفته ، ولذا قيل :
لَزْ يَرَ النَّاسُ ثَانِيَ *!-المُتَنَبِّي
أَيُّ ثَانٍ يُرَى لِبِكْر الزَّمَانِ
هُوَ فِي شِعْرِه نَبِيٌّ ولكِنْ
ظَهَرْتْ مُعْجِزِاتُه فِي المَعَانِي
وكانوا يُسمُّونه حَكيمَ الشعراءِ ، والذي قَرَأْتُ في شَرْحِ الواحدي نقلاً عن ابنِ جِنّي أَنه إِنما لُقِّب بقوله :
أَنَا فِي أُمَّةٍ تَدَارَكَها اللَّهُ
غَرِيبٌ كَصَالِحٍ في ثَمُودِ
( ونَبَأَ كمنَع *!نَبْأً *!ونُبُوءًا : ارتفع ) قال الفَرَّاء : النَّبِيُّ هو من أَنْبأَ عن الله ، فتُرِك همزُه ، قال : وإِن أُخِذَت من*! النُّبُوَّة *!والنَّبَاوَة وهي الارتفاع ( عن
____________________

(1/446)


الأَرض ) أَي أَنه أَشرف على سائر الخَلْق فأَصله غير الهمز .
( و ) نَبَأَ ( عليهم )*! يَنْبَأُ *! نَبْأً *!ونُبُوءًا : هَجَم و ( طَلَعَ ) وكذلك نَبَهَ ونَبَعَ ، كلاهما على البدل ، ونَبَأْتُ على القوم نَبْأَ إِذا اطَّلَعْت عليهم ، ( و ) يقال : نَبَأَ ( مِنْ أَرْضٍ إِلى أَرْض ) أُخْرَى أَي ( خَرَج ) مِنْها إِليها . *!والنَّابِىءُ : الثورُ الذي يَنْبَأُ ن أَرضٍ إِلى أَرْض ، أَي يَخْرُج ، قال عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ يَصِفُ فَرَساً :
وَلَهُ النَّعْجَةُ المَرِيُّ تُجَاهَ الرّ
كْبِ عِدْلاً بِالنَّابِيء المِخْرَاقِ
أَراد*! بالنابىءِ ثَوْراً خَرَج من بَلدٍ إِلى بلد ، يقال : نَبَأَ وطَرَأَ ونَشِطَ ، إِذا خرَج من بَلدٍ إِلى بلدِ ، وسَيْلٌ نَابِيءٌ : جاءَ من بلدٍ آخَرَ ، ورجلٌ نابِيءٌ ، أَي طارِيءٌ من حيث لا يُدْرَى ، كذا في ( الأَساس ) ، قال الأَخطل :
أَلاَ فَاسْقِيَاني وَانْفِيَا عَنِّيَ القَذَى
فَلَيْسَ القَذَى بِالعُودِ يَسْقُطُ في الخَمْرِ
وَلَيْسَ قَذَاهَا بِالَّذِي قَدْ يَرِيبُهَا
وَلاَ بِذُبَابٍ نَزْعُهُ أَيْسَرُ الأَمْرِ
وَلكِنْ قَذَاهَا كُلُّ أَشْعَثَ نَابِيءٍ
أَتَتْنَابِهِ الأَقْدَارُ مِنْ حَيْثُ لا نَدْرِي
( و ) مِن هنا ما جاءَ في حَدِيثٍ أَخرَجه الحاكمُ في ( المُسْتَدرك ) ، عن أَبي الأَسود ، عن أَبي ذَرَ وقال إِنه صحيح على شَرْط الشيخين ( قولُ الأَعرابيّ ) له صلى الله عليه وسلم ( يا نَبِيءَ اللَّهِ ، بالهمز ، أَي الخارِجَ من مَكَّة إِلى المدينة ) فحينئذ ( أَنكَره ) أَي الهمز ( عليه ) على الأَعرابيّ ، لأَنه ليس من لُغة قُرَيْش ، وقيل : إِن في رُوَاته حسين الجُعْفيّ وليس من شرطهما ، ولذا ضَعَّفه جماعَةٌ من القُرَّاءِ والمُحَدِّثين ، وله طَرِيق آخرُ مُنقطِع ، رواه أَبو عُبَيد : حَدَّثنا مُحمدُ بن سَعْدٍ عن حَمْزَة الزَّياتِ عن حِمْران بن أَعْيَنَ أَن رجلاً فذكره ، وبه استدَلَّ الزركشيُّ أَن المختارَ في
____________________

(1/447)


النَّبِيّ تَرْمُ الهمزِ مُطلقاً ، والذي صرَّح به الجوهريُّ والصاغاني ، بأَن النبي صلى الله عليه وسلمإِنما أَنكره لأَنه أَراد يا مَنْ خَرَج من مكة إِلى المدينة ، لا لكونه لم يكن من لُغته ، كما توهَّموا ، ويؤيده قوله تعالى : { لاَ تَقُولُواْ راعِنَا } ( البقرة : 104 ) فإِنهم إِنما نُهُوا عن ذلك لأَن اليهودَ كانوا يَقْصِدون استعمالَه مِن الرُّعونة ، لا من الرِّعاية ، قاله شيخُنا ، وقال سيبويه : الهمزُ في النبيِّ لغةٌ رديئة ، يعني لِقِلّة استعمالها ، لا لأَنّ القِياس يمنع من ذلك ، أَلاَ تَرَى إِلى قول سيِّدنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلموقد قيل له يا نَبيءَ اللَّهِ ( فقالَ ) له ( إِنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لا نَنْبِرُ ، ويروى : ( لا تَنْبِزْ باسمى ) كذا في النُّسخ الموجودة ، من النَّبَزِ وهو اللَّقَب ، أَي لا تَجْعَل لا سمى لَقَباً تَقْصِدُ به غيرَ الظاهر . والصواب : لا تَنْبِرْ ، بالراءِ أَي لا تَهْمِزْ ، كما سيأْتي ( فإِنّما أَنَا نبِيُّ اللَّهِ ، أَي بغير همزٍ ) وفي رواية فقال : ( لَسْتُ *!-بِنَبِيءِ اللَّه ولكن نَبِيُّ الله ، وذلك أَنه عليه الصلاة والسلام أَنكر الهمز في اسمه ، فرَدَّه على قائله ، لأَنه لم يَدْرِ بما سمَّاه ، فأَشفق أَن يُمْسِكَ على ذلك ، وفيه شيء يتعلَّق بالشرْع ، فيكون بالإِمساك عنه مُبِيحَ مَحْظورٍ أَو حاظِرَ مُباحٍ . [ كذا في ( اللسان ) ، قال أَبو عليّ الفارسيّ : وينبغي أَن تكون روايةُ إِنكارِه غيرَ صحيحةٍ عنه عليه السلام ، لأَن بعض شُعرائه وهو العبَّاسُ بنُ مِرْداسٍ السُّلَمِيُّ قال ( يَا خَاتَمَ النُّبَآءِ ) ولم يَرِدْ عنه إِنكارُه لذلك ، فتأَمَّل .
(*!- والنَّبِيءُ ) على فَعِيل ( : الطريقُ الواضِحُ ) يُهمز ولا يُهمز ، وقد ذكره المصنف أَيضاً في المعتلّ ، كما سيأْتي ، قال شيخنا : قيل : ومنه أُخذ الرَّسُول ، لأَنه الطريقُ المُوَضِّحُ المُوَصِّلُ إِلى الله تعالى ، كما قالوا في { 1 . 031 أهدنا الصراط المستقيم } ( الفاتحة : 6 ) هو محمد صلى الله عليه وسلم كما في الشِّفَا وشُرُوحه . قلت : وهو مفهومُ كلامِ الكِسائيّ ) فإِنه قال : النَّبِيءُ : الطريقُ ، والأَنْبِياءُ : طُرُق الهُدى . ( و ) النبيءُ ( : المكانُ المرتفِعُ )
____________________

(1/448)


الناشِزُ ( المُحْدَوْدِبُ ) يُهمَزُ ولا يُهْمَز ( كالنَّابِيء ) وذكره ابنُ الأَثير في المُعتلّ ، وفي ( لسان العرب ) : نَبَأَ نَبْأً ونُبُوءًا إِذا ارتفع ( ومنه ) ما وَردَ في بعض الأَخبار وهي من الأَحاديث التي لا طُرُقَ لها ( لا تُصَلُّوا عَلَى النَّبِيءِ ) بالهمز ، أَي المكانِ المُرْتَفع المُحْدَوْدِب ، ومما يُحَاجَى به : صَلُّوا على النَّبِيء ، ولا تُصَلُّوا على النَّبِيء ، وغلط المُلاَّ عليّ في ناموسه ، إِذ وَهَّم المَجْدَ في ذِكْرِه في المهموز ، اغترَاراً بابنِ الأَثير ، وظَنًّا أَنه من النَّبْوة بمعنى الارتفاع ، وقد نَبَّه على ذلك شيخُنا في شرحه ( *!والنَّبْأَةُ ) : النَّشْزُ في الأَرض ، و ( : الصَّوْتُ الخَفِيُّ ) أَو الخَفِيف ، قال ذو الرُّمَّة :
وقدْ تَوَجَّسَ رِكْزاً مُقْفِرٌ نَدُسٌ
بِنَبْأَةِ الصَّوْتِ مَا فِي سَمْعِهِ كَذِبُ
الرِّكْزُ : الصَّوْتُ ، والمُقْفِرُ : أَخو القَفْرَةِ ، يريد الصائدَ . والنَّدُسُ : الفَطِنُ وفي ( التهذيب ) : *!النَّبْأَةُ : الصوت ليس بالشديد ، قال الشاعر :
آنَسَتْ *!نَبَأَةً وأَفْزَعَهَا الْقَنَّ
اصُ قَصْراً وَقَدْ دَنَا الإِمْساءُ
أَرادَ صَاحِبُ نَبْأَةٍ ( أَو ) النَّبْأَة ( صَوْتُ الكِلابِ ) قال الحَرِيرِيّ في مقاماته : فسمعنا فسمِعنا نَبْأَة مُسْتَنْبِح ، ثم تَلَتْهَا صَكَّةُ مُسْتَفْتِح ، وقيل : هي الجَرْسُ أَيًّا كان ، وقد ( نَبَأَ ) الكلب ( كمَنَعَ ) نَبْأً .
(*! ونُبَيْئَةُ ) بالضم ( كجُهَيْنَةَ ابنُ الأَسْوَدِ العُذْرِيّ ) وضبطه الحافظ هكذا ، وقال : هو زَوْج بُثَيْنَة العُذْرِيَّة صاحِبةِ جَمِيلِ بن مَعْمَرٍ ، وابنُه سَعِيدُ بنُ نُبَيْئَةَ ، جاءَت عنه حِكاياتٌ ، وتَصغير النَّبِيءِ نُبَيِّيءٌ مِثال نُبَيِّع ( و ) يقولون في التصغير كانت ( نُبَيِّئَةُ مُسَيْلِمَةَ ) مِثال نُبَيِّعَة ، نُبَيِّئَةَ سَوْءٍ ( تصغيرُ النُّبُوءَةِ وكان نُبَيِّيءَ سَوْءٍ ) بالفتح ، وهو ( تَصْغِير نَبِيءٍ ) بالهمز ، قال ابن بَرِّيّ : الذي ذكره سيبويهِ : كان مُسَيْلِمَة نُبُوَّتُه *!نُبَيِّئَةَ سَوْءٍ ، فذكر الأَوَّل غيرَ مُصَغَّرٍ ولا مهموز ، لِيُبَيِّن أَنهم قد همزوه في التصغير وإِن لم يكن مهموزاً في
____________________

(1/449)


التكبير ، قال ابنُ بَرّيّ : ذكر الجَوْهَرِيُّ في تصغير النَّبِيءِ*! نُبَيّىءٌ ، بالهمز على القطع بذلك ، قال : وليس الأَمر كما ذَكر ، لأَن سيبويهِ قال ( هذا فيمن يَجْمَعُهُ ) أَي *!نَبِيئَاً ( على نُبَآءَ ) كَكُرماء ، أَي فيصغره بالهمز ( وأَمّا مَنْ يَجمعُه على أَنْبِياءَ فَيُصَغِّرُه على *!-نُبَيٍّ ) بغير همزٍ ، يريد : مَنْ لَزِم الهَمْزَ في الجمع لَزِمه في التصغير ، ومن ترك الهَمْز في الجمع تركه في التصغير ، كذا في ( لسان العرب ) ( وأَخطأَ الجَوهريُّ في الإِطلاق ) حَسْبَمَا ذكرنا ، وهو إِيرادُ ابنِ بَرِّيّ ، ولكن ما أَحلَى تَعبيره بقوله : وليس الأَمْرُ كذلك ، فانظر أَين هذا من قوله أَخْطأَ ، على أَنه لا خطأَ ، فإِنه إِنما تَعرَّض لتصغير المهموز فقط ، وهو كما قال ، وهناك جوابٌ آخُر قَرَّره شيخنا .
( و ) يقال ( : رَمَى ) فلانٌ ( *!فَأَنْبَأَ ، أَي لم يَشْرِمْ ولم يَخْدِشْ ، أَو ) أَنه ( لم يُنْفِذْ ) نقله الصاغاني ، وسيأْتي في المعتل أَيضاً .
(*! ونَابَأَهُمْ ) *! مُنَابَأَةً ( : تَرَكَ جِوَارَهم وتَبَاعَدَ عنهم ) قال ذُو الرُّمَّة يهجو قوماً :
زُرْقُ العُيُونِ إِذَا جَاوَرْتَهمْ سَرَقُوا
مَا يَسْرِقُ العَبْدُ أَوْ نَابَأْتَهُمْ كَذَبُوا
ويُرْوَى نَاوَأْتَهُم ، كما سيأْتي .
( ) ومما يستدرك عليه :
نَبَأَتْ به الأَرضُ : جاءَتْ به ، قال حَنَشُ بنُ مالك :
فَنَفْسَكَ أَحْرِزْ فَإِنَّ الحُتُو
فَ *!يَنْبَأْنَ بِالمَرْءِ في كُلِّ وَادِ
*!ونُبَاءٌ كَغُرَاب : موضِعٌ بالطائف .
ويقال : هل عندكم مِن*! نَابِئَةِ خَبَر .
*!والنُّبَاءَةَ كَثُمَامَة : موضع بالطائف وقَعَ في الحَديث هكذا بالشكّ : خَطَبنا *!بالنُّبَاءَة ، أَو*! بالنُّبَاوَة .
وأَبو نُبَيْئَة الهُذَلِيُّ شاعرٌ .
نتأ : ( *!نَتَأَ ) الشَّيْءُ ( كَمَنَع )*! يَنْتَأُ ( *!نَتْأً *!ونُتوءًا ) إِذا ( انْتَبَرَ ) ، من النَّبْرِ وهو الارتفاع .
( وانْتَفَخ ، و ) كُلُّ ما ( ارْتَفَعْ ) من
____________________

(1/450)


نَبْتٍ وغيرِه فقد نَتَأَ ، وهو*! ناتىءٌ ونَتَأَ من بلدٍ إِلى بلد : ارتفعَ ( و ) نَتَأَ ( عليهم : اطَّلَعَ ) مثل نَبَأَ بالموحدة ( و )*! نَتَأت ( القُرْحَةُ : وَرِمَتْ ، و ) نَتَأَت ( الجارِيَةُ : بَلَغَتْ ) بالاحتلام أَو السِّنِّ أَو الحَيْض ، وهذا يرجع لمعنى الارتفاع ( و ) نَتَأَ ( الشْيءُ : خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِه من غير أَن يَبينَ ) أَي يَنْفَصِل ، وهو النُّتُوءُ .
( *!وانْتَتَأَ ) أَي ( انْبَرَى وارْتَفَع ) وبكليهما فُسِّر قولُ أَبي حِزام العُكلي .
فَلَمَّا *!انْتَتَأْتُ لِدِرِّيئهِمْ
نَزَأْتُ عَلَيْهِ الْوَأَى أَهْذَؤهْ
لِدِرِّيئهم أَي لِعَرِيفهم ، نَزَأْتُ عليه أَي هَيَّجْتُ عليه ونَزَعْتُ ، الوَأَى وهو السَّيْفُ . أَهْذَؤُهْ : أَقْطَعُه . وفي المثل ( تَحْقِرُه *!وَيَنْتَأُ ) أَي يرتفع ، يقال هذا للذي ليس له شاهدُ مَنْظَرٍ وله باطِنُ مَخْبَرٍ ، أَي تَزْدرِيه لسُكُونه وهو يُحَاذِيك ، وقيل : معناه : تَسْتَصْغِرُه ويَعْظُم ، وقيل : معناه : تَسْتَصْغِرُه ويَعْظُم ، وقيل : تَحْقِرُه ويَنْتُو ، بغير هَمْزٍ ، وسيأْتي في المعتلّ إِن شاءَ اللَّه تعالى ، وفي ( الأَساس ) : هذا المَثَلُ فيمن يَتَقَدَّمُ بالنُّكْرِ ويَشْخَص به وأَنت تحْسَبهُ مُغَفَّلاً .
( *!والنُّتَأَةُ كهُمَزَةٍ ) كذا في النسخ وضبطه ياقوت كعُمَارَة ( : ماءٌ لبَني عُمَيْلَةَ ) بن طَرِيف بن سَعيد ( أَو نَخْلٌ لِبني عُطَارِدٍ ) قاله الحَفْصِيّ ، أَو جَبَلٌ في حِمَى ضَرِيَّةَ بين إِمَّرَة والمُتَالِع ، قاله نصر ، وقيل : مَاءٌ لِغَنِيِّ بن أَعْصُر . قلت : وهذا الأَخير هو الذي قاله البَلاَذُرِيّ ، وعليها قُتِلِ شَاشُ بن زُهَيْرٍ العَبْسِيُّ عند مُنْصَرَفِه من عندا لمَلك النُّعْمَان بن المُنْذِرِ ، والقاتِل له رِيَاح بن حُرَاقٍ الغَنَوي ، وأَنشد ياقوت لِزُهير بنِ أَبي سُلْمَى :
لَعَلَّكِ يَوْماً أَن تُرَاعِي بِفَاجِعٍ
كَمَا رَاعَنِي يَوْمَ النُّتَاءَةِ سَالِمُ
____________________

(1/451)



يعني ابنَه يَرْثِيه .
نجأ : ( *!نَجَأَه ، كمَنَعَه )*! نَجْأَةً ( : أَصابَهُ بالعَيْنِ ، *!كانْتَجَأَهُ ) عن اللحيانيّ ( *!وَتَنَجَّأَهُ ) : تَعَيَّنَه ، ( وهو نَجُؤُ العَيْنِ ، كنَدُسٍ ) أَي بفتح فضم ( و ) *!نَجُوءٌ مثلُ ( صَبُورٍ و )*! نَجِىءٌ مثل ( كَتِفٍ و ) *!-نَجِىءٌ مثلُ ( أَمِيرٍ ) أَي ( خَبِيثُها ) و ( شَدِيدُ الإِصابةِ بها ) ورُدَّ عَنْكَ نَجْأَةَ هذا الشَّيْءِ أَي شَهْوَتَك إِيَّاه ، وذلك إِذا رأَيتَ شيئاً فاشْتَهَيْتَه . ( و ) في ( التهذيب ) يقال : ادْفَعْ عنك ( نَجْأَة السَّائِل ) كَنَجْعَة ( شَهْوَته ) أَي أَعْطِه شَيْئاً مما تَأْكُل لِتَدْفَع به عَنْك شِدَّة نَظَرِه ، قال الكسائي : وأَما قوله في الحديث ( رُدُّوا نَجْأَةَ السَّائهل باللُّقْمَةِ ) فقد تكون الشَّهْوَةَ ، وقد تكون الإِصابَةَ بالعين . *!والنَّجْأَة : شِدَّةُ النَّظَر ، أَي إِذا سَأَلكم عن طعامٍ بين أَيديِكم فأَعْطُوا لِئلاَّ يُصيبَكم بالعين ، وردُّوغا شدَّة نَظَره إِلى طَعامِكم بِلُقْمَةٍ تَدْفَعُونها إِليه ، قال ابن الأَثير : المعنى أَعْطِه اللُّقْمَة لِتَدْفَعَ بها شِدَّة النظرِ إِليك ، قال : وله مَعْنَيَانِ : أَحدُهما أَن تَقْضِيَ شَهْوَتَه وَتَرُدَّ عَيْنَه مِن نَظَرِه إِلى طَعَامِك رِفْقاً به ورحمةً ، والثاني أَن تَحْذَر إِصَابَتَهُ نِعْمَتَك بِعِينِه لِفَرْطِ تَحْدِيقه وحِرْصِه .
وأَنت*! تَنْجَأُ أَموَالَ الناسِ ، أَي تَتعَرَّضُ لِتُصيبها بِعَيْنِك حَسَداً وحِرْصاً على المال .
ندأ : ( *!نَدَأَه ) أَي الشيءَ ( كمَنَعَه ) إِذا ( كَرِهَه ) ، هذا ما ذكره الجوهريُّ عن الأَصمعي ، ( أَو ) هو غير صحيح ، و ( الصوابُ فيه : بَذَأَه بالباءِ المُوَحَّدةِ والذَّالِ المُعْجَمة ) وقد نفاه أَقوامٌ وجعلوه خَطَأً ( وَوَهِمَ الجوهريُّ ) بناءً على ذلك القِيل ، وفي الحقيقة لا وَهَم ولا اعتراضَ ، لأَنه نُقِلَ كُلٌّ من اللفظين ، كذا أَشار إِليه شيخنا ( و ) نَدَأَ ( اللحْمَ ) *!يَنْدَؤُه *!نَدْأً ( : ألقَاه في النَّارِ ، أَو ) *!نَدَأَه ، وكذلك القُرْصَ في المَلَّة ( : دَفَنَه فيها ) لِيَنْضَجَ . قال ابنُ الأَثير
____________________

(1/452)


*!-والنَّدِيءُ الاسْمُ مِثال الطَّبِيخِ ، ولَحْمٌ*!- نَدِيءٌ ( و ) يقال :*! نَدَأَه *! يَنْدَؤُه *!نَدْءًا إِذا ( خَوَّفَه وذَعَرَه ، و ) نَدَأَه ( : ضَرَبَ به الأَرْضَ ) فصَرَعه ، نقله الصاغاني ، ( و ) نَدَأَ ( عليهم : طَلَع¡