Translate بادي -8-7707-

الخميس، 14 أبريل 2022

كتاب15.تاج العروس من جواهر القاموس

 

كتاب15.تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني أبو الفيض ، الملقّب بمرتضى ، الزَّبيدي

 

== اللّهُ ، مُيِّزُوا عن الخَلْق بالفَضْل ، وبيَّن اللّه أَنَّهُم : { أَحْيَاء عِندَ رَبّهِمْ يُرْزَقُونَ } فَرِحِينَ بِمَآ ءاتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ( آل عمران : 169 ، 170 ) ثم يتْلُوهُم في الفَضْلِ مَن عَدَّه النَّبيُّ صلَّى الله عليْه وسلّم شَهِيداً ، فإِنه قال : ( المَبْطُونُ شَهِيدٌ ، والمَطْعُون شَهِيد ) قال : ومنهم أَن تموتَ المَرْأَةُ بِجُمْعٍ . وقال ابن الأُثير : الشَّهِيد في الأَصل : من قُتِلَ مُجَاهِداً في سَبِيلِ اللّهِ ، ثمّ اتُّسِعَ فيه فأُطْلِقَ على مَن سَمَّاه النَّبيُّ ، صلَّى الله عليْه وسلّم ، مِن المَبْطُون والغَرِقِ والحَرِقِ وصاحِب الهَدْم وذاتِ الجَنْب وغيرهم . ( أَو لِسُقُوطِهِ لى الشَّاهِدَةِ ، أَي الأَرضِ ) ، نقله الصاغانيُّ ( أَو لأَنّه حَيٌّ ) لم يَمُتْ ، كأَنه ( عِندَ رَبّهِ ) شاهدٌ ، أَي ( حاضِرٌ ) ، كذا جاءَ عن النَّضْر بن شُمَيْل . ونقله عنه أَبو داوود . قال أَبو منصور : أُراه تَأَوَّلَ قولَ اللّهِ عَزَّ وجلُّ : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبّهِمْ } ( آل عمران : 169 ) كأَنَّ أَرواحَهم أُحْضِرَت دارَ السَّلامِ أَحياءً ، وأَرواحُ غيرِهم أُخِّرَت إلى البَعْثِ . قال : وهاذا قولٌ حَسَنٌ . ( أَو لأَنَّه يَشْهَدُ مَلَكُوتَ اللّهِ ومُلْكَهُ ) ، المَلَكُوت : عالَمُ الغَيْبِ المُخْتَصُّ بأَرْوَاحِ النُّفُوسِ . والمُلْكُ : عالَمُ الشَّهادةِ من المَحْسوساتِ الطّبيعيّة . كذا في تعريفات المناويّ .
فهاذه سِتَّةُ أَوْجُهٍ في سَببِ تَسمِيةِ الشَّهِيد . وقيل : لِقيامه بشهادَةِ الحَقِّ ، في أَمْرِ الله ، حتَّى قُتِل . وقيل : لأَنّه يَشْهَدُ ما أَعدَّ اللّه له من الكرامةِ بالقَتْلِ . أَو لأَنّه شَهِدَ المغَازِيَ . أَو لأَنّه شُهِدَ له بالإِيمانِ وخاتِمةِ الخَيْرِ بظاهرِ حالِه ، أَو لأَنَّ عليه شاهِداً يَشْهَدُ بِشَهادَتِه ، وهو دَمُه .
وهاذِه خَمْسَةُ أَوجهٍ أُخْرَى ، فصار المجموع منها أَحدَ عَشَرَ وَجْهاً . وما عدا ذالك فمرجوعٌ إِلى أَحدِ هاؤلاءِ عند المتأَمِّل الصادق .
قال شيخُنا : وقد اختَلَفُوا في اشتقاقه ، هل هو من الشَّهَادة ، أَو من المُشَاهَدة ، أَو الشُّهُود ، أَو هو فَعِيل بمعنَى مفعول ، أَو بعنى فاعل . وذكروا لكُلَ أَوْجُهاً .
____________________

(8/255)


( ذكر ) أَكثر ذالك مُحَرَّراً مُهذَّباً الشيخُ أبو القاسم السُّهيليّ في ( الروض الأُنُف ) بما لا مَزِيد عليه .
كتاب م كتاب ( ج : شُهَدَاءُ ) ، وفي الحديث : ( أَرْوَاحُ الشهَداءِ في حَواصِلِ طَيْرٍ خضْرٍ تَعْلُق من وَرَقِ الجَنَّةِ ) .
( والاسمُ : الشَّهَادةُ ) وقد سَبقَت الإِشارةُ إِلى الاختلاف فيه قريباً .
( وأَشْهَدُ بكذا : أَحْلِفُ ) .
قال المصنِّف في ( بصائِرِ ذَوِي التمييز : قولهم شَهِدْت : قال على ضَرْبَيْنِ : أَحدهما جارٍ مَجْرَى العِلْم ، وبِلَفْظِه تُقام الشهادةُ ، يقال : أَشْهَد بكذا ، ولا يُرْضَى من الشاهِدِ أَن يَقول : أَعلَم ، بل يُحتاج أَن يقول أَشْهد . والثاني يجْرِي مَجْرَى القَسَمِ ، فيقول : أَشْهَد بالله إِنّ زيداً مُنْطَلِقٌ . ومنهم من يقول : إِنْ قال أَشْهَدُ ، ولم يَقُل : بالله ، يكون قَسَماً ويَجْرِي ( عَلِمت ) مَجْرَاه في القَسَم فيُجَاب بجواب القسم ، كقوله :
ولقد عَلِمْتُ لتَأْنِيَن عَشِيَّةً
( وشاهَدَهُ ) مُشَاهدةً : ( عايَنَهُ ) كشَهِده .
والمُشَاهَدةُ : مَنزِلةٌ عالِيَةٌ من منازِل السَّالِكِينَ وأَهْلِ الاستِقَامَةِ ، وهي مُشاهَدةُ معاينةٍ تلبس نُعوتَ القُدُسِ ، وتخْرس أَلسنة الإِشارات ، ومُشَاهدة جمْعٍ تجْذب إِلى عَيْنِ اليَقِين ، وليس هاذا مَحلَّ إِشاراتها .
( وامرأَةٌ مُشْهِدٌ ) ، بغير هاء : ( حَضَرَ
____________________

(8/256)


زَوْجُها ) ، وامرأَةٌ مُغِيبةٌ : غابَ عنها زَوْجُها ، وهاذه بالهاءِ : هاكذا حُفِظ عن العرب ، لا على مذهب القياس .
( والتَّشَهُّدُ في الصَّلاةِ ، م ) ، معروف وهو قِراءَة : ( التَّحِيّاتُ لِلّهِ ) . واشتقاقُه من أَشْهَدُ أَن لاإِلاهَ إِلّا اللّهُ ، وأَشهد أَنَّ محمَّداً عبدهُ ورسُولُه . وهو تَفَعُّل من الشَّهَادَةِ ، وهو من الأَوْضَاعِ الشّرعيّة .
( والشَّاهِدُ : من أسماءِ النّبيِّ ، صلَّى الله عليْه وسلّم ) ، قال اللّهُ عَزَّ وجَلَّ : { إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً } ( الأحزاب : 45 ) أَي على أُمَّتِك بالإِبْلاغِ والرِّسالَة ، وقيل مُبَيِّناً .
وقال تعالى : { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } ( البروج : 3 ) قال المُفسِّرون : الشاهد : هو النّبِيّ صلّى الله عليْه وسلّم .
( و ) الشاهد : ( اللِّسَانُ ) من قولهم : لفُلانٍ شاهِدٌ حَسَنٌ ، أَي عِبارةٌ جَمِيلةٌ . وقال أَبو بكر ، في قولهم : ( ما لِفلان رُوَاءٌ ولا شَاهِدٌ ) ، معناه : مالَهُ مَنْظَرٌ ولا لِسانٌ .
( و ) الشاهِدُ : ( المَلَكُ ) ، قال مُجاهد : { وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مّنْهُ } ( هود : 17 ) ، أَي حافِظٌ مَلَكٌ ، قال الأَعشَى :
فلا تَحْسَبَنِّي كافراً لكَ نِعْمَةً
عَلَى شاهِدِي يا شاهِدَ اللّهِ فاشْهَدِ
( و ) قال الفرّاءُ : الشّاهِدُ : ( يَوْمُ الجُمْعَةِ ، و ) رَوَى شَمِرٌ ، في حديث أَبي أَيُّوبَ الأَنصاريّ : ( أَنّه ذكَرَ صَلَاةَ العَصْرِ ثم قال : ولا صَلاةَ بَعْدَها حَتَّى يُرَى الشَّاهِدُ . قال : قلنا لأَبي أَيُّوبَ : ما الشَّاهدُ ؟ قال : ( النَّجْمُ ) كأَنَّه يَشْهَدُ في الليلِ ، أَي يَحْضُر ويَظْهَرُ .
( و ) الشَّاهِد : ( ما يَشْهَد على جَوْدَةِ الفَرَسِ ) وسَبْقِه ( مِن جَرْيِهِ ) ، فسّره ابنُ الأَعرابيِّ ، وأَنشد لسُوَيْدِ بنِ كُرَاعَ في صِفَةِ ثَوْر :
ولو شَاءَ نَجَّاهُ فلم يَلْتَبِسْ بِهِ
له غائِبٌ لم يَبْتَذِلْهُ وشاهِدُ
____________________

(8/257)



وقال غيره : شاهِدُه : بَذْلُه جَرْيَه ، وغائِبُه : مَصُونُ جَرْيِهِ .
( و ) الشَّاِهدُ ( شِبْهُ مُخَاطٍ يَخْرُج مع الوَلَدِ ) ، وجمْعُ شُهُودٌ ، قال حُمَيْد بن ثَوْرٍ الهِلالِيّ :
فجاءَتْ بِمِثْلِ السَّابِرِيِّ تَعَجَّبُوا
له والثَّرَى ما جَفَّ عَنْهُ شُهُودُهَا
قال ابن سِيده : الشُّهُود الأَغراسُ الّتي تكون على رأْسِ الحُوَار .
( و ) الشَّاهِد ( من الأُمورِ : السَّرِيعُ ) .
وصَلاةُ الشاهِدِ : صَلَاةُ المَغْرِب ) ، قال شَمِرٌ : هو راجِعٌ إِلى ما فَسَّرَه أبو أَيُّوبَ أَنَّهُ النَّجْمُ . قال غَيره : وتُسَمَّى هاذه الصّلاةُ صَلَاةَ البَصَرِ ، لأَنه يُبْصَر في وَقْته نُجومُ السماءِ ، فالبَصَرُ يُدْرِكُ رُؤيَة النَّجْمِ ، ولذالك قيلَ له : صلاةُ البَصَرِ ، وقيل في صلاة الشّاهد : إِنّها صلاةُ الفَجْرِ ، لأَن المُسَافِرَ يُصَلِّيها كالشَّاِهدِ لَا يَقْص منها ، قال :
فَصَبَّحَتْ قَبْلَ أَذانِ الأَوَّلِ
تَيْمَاءَ والصُّبْحُ كَسَيْفه الصَّيْقَلِ
قَبْلَ صَلَاةِ الشَّاهِدِ المُسْتَعْجِلِ
ورُوِيَ عن أَبي سَعِيد الضَّرِيرِ أَنه قال : صَلَاةُ المَغْربِ تُسمَّى شاهداً ، لاسْتِوَاءِ المُقِيمِ والمُسَافِرِ فيها ، وأَنّهَا لا تُقْصَر . قال أَبو منصور : والقَوْلُ الأَوّلُ ، لأَنَّ صلَاةَ الفَجْر لا تُقْصَرُ أَيضاً ، ويَسْتَوِي فيها الحاضِرُ والمسافِرُ ، فلم تُسَمِّ شاهِداً .
( والمَشْهُود : يَوْمُ الجُمُعَة ، أَو يومُ القِيَامَةِ ، أَو يَوْمُ عَرَفَةَ ) ، الأَخير قاله الفرّاءُ ، لأَنّ الناسَ يَشْهَدُون كُلًّا منها ، ويَحضُرون بها ، ويحمَعُون . فيها . وقال بعضُ المفسِّرين : الشاهد : يَوْمُ الجُمُعةِ ، والمشهود : يَوْمُ القيامةِ . ( والشَّهْدُ : العَسَلُ ) ما دام لم يُعْصَ من شَمَعِه ، بالفتح لتميم ، ( ويُضَمُّ ) لأَهْل العالِيَة ، كما في الصباح ، واحدته شَهْدة وشُهْدة . ( و ) قيل : ( الشُّهْدة
____________________

(8/258)


أَخَصُّ ، ج : شِهَادٌ ) ، بالكسر ، قال أُمَيَّةُ :
إِلى رُدُحٍ من الشيِّيزَى مِلَاءٍ
لُبَابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهَادِ
أَي من لُبابِ البُرّ ( و ) الشَّهْد : ( ماءٌ لبني المُصْطَلِقِ من خُزَاعَةَ ) ، نقله الصاغانيّ .
( و ) في التنزيل العزيز : ( { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ } ( آل عمران : 18 ) سَأَلَ المُنْذِرِيّ أَحمدَ بنَ يحيى عن معناه فقال : ( أَي عَلِم اللّهُ ) ، وكذا كلُّ ما كانَ شَهِد اللّهُ ، في الكتاب ( أَو قال اللّهُ ) يكن معناه عَلِمَ اللّهُ ، ( وكَتَبَ اللّهُ ) ، قاله ابن الأَعرابيّ . وقال ابن الأَنباريّ : معناه بَيَّن اللّهُ أَن لا إِلاه إِلّا هُوَ .
وقال أَبو عبيدة : معنى شَهِدَ اللّهُ : قضَى اللّهُ ، وحقيقَتُه : عَلِمَ اللّهُ ، وبَيَّنَ اللّهُ ، لأَنَّ الشاهِدَ هو العالِمُ الّذِي يُبَيِّنُ ما عَلِمَه ، فاللّهُ قد دَلَّ على تَوحيدِهِ بجميع ما خَلَقَ ، فَبَيَّن أَنه لا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَن يُنْشِىءَ شيئاً واحداً مِمَّا أَنشأَ ، وشَهدَت المَلَائِكَةُ لما عايَنَتْ من عَظيمِ قُدْرَتِه ، وشَهِد أُولو العِلْمِ بما ثَبَت عِنْدَهم وَتَبيَّن مِن خَلْقِه الّذِي لا يَقْدِرُ عليه غيرُه . وقال أَبو العَبَّاسِ : شَهِدَ اللّهُ : بيَّن اللّهُ وأَظْهَرَ . وشَهِدَ الشاهِدُ عند الحاكِمِ ، أَي بَيَّن ما يَعْلَمُه وأَظْهَرَه .
( و ) في قَولِ المؤذِّنِ : ( أَشْهَدُ أَن لا إِلاهَ إِلّا اللّهُ ) وأَشهَدُ أَنَّ محمداً رسولُ الله . قال أَبو بكر بن الأَنباريِّ : ( أَي أَعْلَمُ ) أَن لا إِلاهَ إِلّا اللّهُ ( وأُبَيِّنُ ) أَن لا إِلاهَ إِلا اللّهُ .
( وأَشْهَدَهُ ) إمْلَاكَه : ( أَحْضَرَهُ . و ) أَشْهَدَ ( فُلَانٌ ) : بَلَغَ ، عن ثَعْلَبَ . وأَشْهَدَ : أشْقَرَّ ، واخضَرَّ مِئْزَرُه . وأَشْهَدَ : ( أَمْذَى ، كشَهَّدَ ) تَشْهِيداً ، وهاذه عن الصاغانيّ ، إِلا أَنه قال في تفسيره ؛ أَكْثَرَ مَذْيَه . والمَذْيُ عُسَيلةٌ .
( و ) عن أَبي عمرٍ و : أَشْهَدَ الغُلامُ ، إِذا أَمْذَى وأَدرَكَ ، وأَشْهَدَت ( الجاريةُ )
____________________

(8/259)


إِذا ( حاضَتْ وأَدْرَكَتْ ) ، وأَنشد :
قامَتْ تُنَاجِي عامِراً فأَشهَدَا
فَدَاسَها لَيْلَتَهُ حَتى اغْتَدَى
( و ) عن السكائيّ : ( أُشْهِدَ ) الرَّجلُ ، ( مجهولاً : قُتِلَ في سبيلِ اللّهِ ) شَهيداً ( كاستُشْهِيدَ ) : رُزِق الشَّهَادَةَ ( فهو مُشْهَدٌ ) ، كمُكْرمٍ ، وأَنشد :
أَنا أَقُولُ سَأمُوتُ مُشْهَدَا
( والمَشْهَد ، والمَشْهَدُ ، والمَشْهُدَةُ ) بالفتح في الكلّ ، وضَمّ الهاءِ في الأَخير ، الأَخِيرتان عن الفَرّاءِ في نوادره ( مَحْضَرُ الناسِ ) ومَجْمَعُهم . ومَشَاهِدُ مكَّةَ : المواطِنُ الّتي يَجتمعون بها ، من هاذا .
( وشُهُودُ النّاقَةِ ) الضّمّ : ( آثَارُ مَوْضِعِ مَنْتِها ) ، أَي المَوْضِع الّذي أُنْتِجَت فيه ، ( من دَمٍ أَو سَلًى ) وفي بعض النُّسخ : من سلًى أَو دَمٍ .
( وكزُبَيْرٍ ) : الشيخ ( الزَّاهِدُ عُمَرُ ) ، هاكذا في النُّسخ . والصواب : عُمَيْر ( ابن سَعْدِ بنِ شُهَيْدِ ) بن عَمْرٍ و ( أَميرُ حِمْصَ ) صحابِيٌّ وكان يقال له : نَسِيجُ وَحْدِه . وأُخْتُه سَلَّامةُ بنْت سَعْد ، لها ذِكْر .
( و ) أَبوعامر ( أَحمدُ بنُ عبدِ الملك بنِ ) أَحمدَ بنِ عبد لمَلِك بن عمر بن محمّد بن عيسى بن ( شُهَيْدٍ ) الأَشْجَعِيّ ( الأَديبُ ) مؤلّف كتاب ( حانُوت العَطَّار ) . وُلِدَ بِقُرْطُبَة سنة 382 ه ووَرِث الرُّتْبَةَ والجَلالَةَ عن أَسْلافِه ، توفِّي سنة 426 ه ، وعلى رُخَامةِ قَبْرِه من شِعْرِهِ :
يا صاحِبي قُمْ فقَد أَطَلْنا
أَنَحْنُ طُولَ المَدَى هُجُودُ
فقال لِي لنْ نقومَ منها
ما دامَ مِن فَوقِنا الجَليدُ
تَذْكُرُ كَمْ لَيلة نَعِمْنا
في ظِلِّهَا والزَّمانُ عِيدُ
وكَمْ سُرورٍ هى علينا
سَحابُهُ بِرُّهُ يَجُود
كُلٌّ كأَنْ لم يَكُنْ تَقَضَّى
وشُؤْمُه حاضرٌ عَتِيد
____________________

(8/260)



حَصَّلَه كاتِبٌ حَفِيط
وضَمَّه صادِقٌ شَهِيد
يا وَيْلَنَا إِن تَنَكَّبَتْنا
رَحْمةُ مَنْ بَطْشُهُ شَدِيدُ
يا ربِّ عَفْواً فأَنتَ مَوْلًى
قَصَّرَ في أَمْرِكَ العَبِيدُ
وأَبوه أَبو مَروان ، عبدُ الملك بن أَحمد بن عبد الملك بن شُهَيْد القُرْطُبِي رَوَى عن قاسم بن أَصْبَغ وغيره ، ومات سنة 393 ه . وعبدُ الملك بن مَرْوَان بن شُهَيْد ، أَبو الحسن القُرْطبيّ مات سنة 408 ه ذَكَرهما ابن بَشْكُوال .
ومما يستدرك عليه :
الشَّهاده اليَمينُ ، وبه فُسِّر قولُه تعالى : { فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ } ( النور : 6 ) .
والمَشْهُود : صَلَاةُ الفَجْرِ . ويَومٌ مشهودٌ : يَحْضُره أَهلُ السماءِ والأَرضِ .
والأَشْهَاد : الملائِكَةُ ، جمْع شاهِدٍ ، كناصِر وأَنصار ، وقيل : هم الأَنبياءُ .
و : { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ } ( البقرة : 185 ) أَي مَن شَهِد منكم المِصْرَ في الشَّهْر .
والشَّهَادَة : المَجْمَعُ من الناس .
والمَشْهودةُ : هي المَكتوبةُ ، أَي يَشْهَدها الملائِكةُ ، ويُكْتَب أَجْرُها للمُصَلِّي .
قال ابن سيده : والشاهِدُ : من الشَّهَادة عند السُّلطان ، لم يُفسِّره كُراع بأَكثرَ من هاذا .
وتَشهَّدَ : طَلَبَ الشَّهادَةَ .
ومُنْيَة شَهَادةَ : قَرْيَة بمصر .
وذو الشَّهَادَتَيْن خُزَيمةُ بن ثابتٍ .
والشاهِد بن غَافِقِ بن عَكَ من الأَزْد .
وشُهْدَةُ ، الكاتبة ، بالضّمّ : معروفة ، وبالفتح : أَبو اللَّيْث عَتِيقُ بن أَحمد الصُّوفِيّ ، صاحب شهْدة حَدّث بمصر عن أَحمدَ بن عَطاءٍ الرُّوذَبارِيّ ، وأَحمد بن حسن بن عليَ المصريّ ، عُرِف بابْن شَهْدَ ، من شُيوخِ الرَّشيد العَطَّار .
ومما يستدرك عليه :
شهمرد : ( شَهْمَرد ) ، وهو من أسمائِهم ، ومعناه : سُلطانُ الفِتْيَان .

____________________

(8/261)


شود : ( *!التَّشْوِيدُ ) ، أَهمله الجوهريّ ، وقال اللَّيث ، هو ( طُلوعُ الشَّمْسِ وارتفاعُها ، *!كالتَّشَوُّدِ ) ، يقال *!شَوَّدَت الشَّمس ، إِذا ارتفَعَتْ ، ( أَو ) هو تصحيف ، و ( الصواب بالذَّال ) المعجمة . قاله أَبو منصور .
شيد : ( *!شادَ الحائِطَ *!يَشِيدُهُ ) *!شَيْداً : ( طَلَاه *!بالشِّيدِ ) ، بالكسر ( وهو : ما طُلِيَ به حائِطٌ من جِصَ ونحوِه ) ، كما في ( الكفاية ) وغيره ( وقولُ الجوهريِّ : من طِينٍ ) ، وفي بعض النسخ : من جِصّ ( أَو بَلاطٍ ، بالباءِ ) الموحّدةِ ، ( غَلَطٌ . والصواب : ملَاط ، بالميم ، لأَنَّ البَلاطَ حِجارةٌ لا يُطْلَى بها ، وإِنما يُطْلَى بالملَاطِ وهو الطِّينُ ) .
قال شَيخُنا : وقد يقال : إِن الباءَ في بَلَاط بدلٌ من الميم ، أَو قَصَدَ أَن البَلَاطَ الّذي هو الحِجَارةُ يُطْلَى به بعْد حَرْقِهِ وصَيرورته جِصًّا ، والجِصُّ هو المنصوص على أَنه *!يُشادُ بِه ويُطْلَى ، وباب المجز واسع ، فلا غلط حينئذٍ . انتهى .
قلت : فيكون عطفُ البَلاطِ على الجصِّ على النسخة الثانية ، بهذا المعنى ، من باب عطف الشيءِ على نفْسِهِ ، كما هو ظاهر .
( *!والمَشِيد ) ، على وزْن أَمِير : ( المعمولُ بِهِ ) ، أَي *!بالشِّيدِ ، قال اللّهُ تعالى : { وَقَصْرٍ *!مَّشِيدٍ } ( الحج : 45 ) . وقال تعالى : { فِى بُرُوجٍ *!مُّشَيَّدَةٍ } ( النساء : 78 ) . وقال الشاعر :
*!شادَهُ مَرْمَراً وجَلَّلَهُ كِلْس
اً فلِلطَّيرِ في ذُرَاهُ وُكُورُ
( و ) البناءُ *!المُشَيَّد ( كمُؤَيَّدٍ : المُطَوَّلُ ) ، قاله أَبو عُبَيْد ، ( وقول الجَوْهرِيّ ) ، نقلاً عن الكسائيّ ، فيما رواه عنه أَبو عُبَيْدٍ . في أَن *!المَشِيد للوَاحِدِ ، و ( *!المُشَيَّد ) بالتشديد ( للجَمْع غَلَطُ ) ووَهَمٌ من الجوهَرِيِّ على الكسائيِّ . ( وإِنَّمَا ) الذي قاله الكسائيُّ أَنَّ ( *!المُشَيَّدَةَ ) ، بالهاءِ مع التشديد ،
____________________

(8/262)


( جمعُ *!المُشَيَّد ) بغير هاءِ ، فأَمَّا *!مَشِيدٌ ، كأَمِيرٍ فهو منصِفة الواحد ، وليس من صفَة الجمْع . هاكذا نصُّ عبارةِ ابن بَرِّيّ في حواشيه ، قال : وقد غَلِط الكِسائِيُّ في هاذا القَوْلِ ، فقيل : المَشِيد : المعمولُ *!بالشِّيد ، وأَما *!المُشَيَّد فهو المُطَوَّل . قال *!فالمُشَيَّدةُ على هاذا جمْعُ مَشِيدٍ لا مشَيَّد : قال ابن سيده : والكسائيُّ يَجِلُّ عن هذا .
قال الأَزهريّ : وهاذا الذي ذكرَه الرادُّ على الكسائيّ هو المعروفُ في اللُّغَة . قال : وَيَتَّجِه عندي قَوْلُ الكِسَائيِّ على مَذْهَب مَن يَرى أَنَّ قولَهُم : *!مُشَيدة : مُجَصَّصة *!بالشِّيد ، فيكون *!مُشَيَّدٌ *!وَمشِيدٌ بمعنًى ، إِلَّا أَنَّ *!مَشِيداً لا تَدخلُه الهاءُ للجماعةِ فيقالَ قُصُورُ *!مَشِيدةٌ ، وإِنَّمَا يقالُ : قُصورٌ *!مُشَيَّدَةٌ ، فيكون من باب ما يُسْتَغْنَى فيه عن اللفظة بغيرِها ، كاستغنائِهم بتَرَك عن وَدَعَ ، وكاستغنائهم عن واحِدةِ المَخَاضِ بقولهم : خَلِفَة ، فعلَى هاذا يَتَّجِهُ قولُ الكسائيّ .
وقال الفرّاءُ : يشدَّد ما كان في جَمْعٍ ، مثل قولك : مررت بثيابٍ مُصَبَّغة ، وكِباش مُذَبَّحةٍ ، فجاز التشديد ، لأَن الفعل مُتَفَرِّقٌ في جَمْعٍ ، فإِذا أَفْردتَ الواحِدَ من ذالِك ، فإِن كان الفعلُ يَتردَّد في الواحِدِ ويكثُر ، جاز فيه التشديدُ والتخفيفُ ، مثل قولك : مررت برجلٍ مشَجَّجٍ ، وبثَوبٍ مُخَرَّقٍ ، وجاز التشديدُ ، لأَن الفعلَ قد تَردَّد فيه وكَثُرَ ، ويقال . مَررْت بكبْش مَذْبُوحٍ ، ولا تقل : مُذَبَّح . فإِن الذَّبْح لا يَتردَّدُ كتَرَدُّد التَّخَرُّقِ . وقوله : ( وقَصْر مَشِيد ) يجوز فيه التشديدُ ، لأَن التَّشْيِيد بِنَاءٌ ، والبِنَاءُ يَتطاوَلُ ويَتَرَدَّدُ . ويُقَاسُ على هاذا ما ورد . كذا في اللِّسَان .
( و ) مِنَ المَجَازِ : ( *!الإِشادةُ : رَفْعُ
____________________

(8/263)


الصَّوتِ بما يَكْرَهُ ) صاحِبُه ، وهو شِبه التَّنْدِيد : كما قالَهُ اللَّيْثُ . ويقال : *!أَشادَ بذِكْرِه ، في الخَيْر والشّرّ ، والمدْح والذَّمّ ، إِذا شَهَّره ورَفَعَه .
وأَفردَ به الجوهريُّ الخَيْرَ فقال : أَشادَ بِذِكْرِه ، أَي رَفَعَ من قَدْرِهِ . وفي الحديث : ( مَن أَشَادَ على مُسْلِمٍ عَوْرَةً يَشِينُه بها بغَيْرِ حَقَ شانَهُ اللّهُ يَومَ القِيَامَة ) . ويقال : *!أَشادَه وأَشَادَ بِه ، إِذا أَشاعَه ورَفَع ذِكْرَه ، من *!أَشَدتُ البُنْيَانَ فهو *!مُشادٌ ، *!وشَيَّدْته ، إِذا طَوَّلْته ، فاستْعِير لرفْع صَوتِكَ بما يَكْرَهُه صاحِبُك .
( و ) من المجاز أَيضاً : الابشادة : ( تَعْرِيفُ الضَّالَّةِ ) ، يقال : أَشادَ بالضَّالَّةِ ) : عَرَّفَ . . *!وأَشَدْتُ بها عَرَّفْتُهَا ، وأَشَدت بالشَّيءِ : عَرَّفْتُه .
وقال الأَصمعيُّ ، كُلُّ شيْءٍ رَفَعْتَ به صَوْتَك ، فقد *!أَشَدْتَ به ، ضالَّةً كانت أَو غير ذالك ( و ) الإِشادة ( الإِهلاكُ ) ، وهو مَجاز مستعارٌ من التَّنْدِيدِ ، على المُبَالغة .
( *!والشِّيادُ ) ، بالكسر ( الدُّعاءُ بالإِبلِ ) ، وهو رَفْعُ الصَّوْت بهِ ، مأْخوذٌ من كلام الأَصمعيّ .
( و ) *!الشِّيَادُ : ( دَلْكُ الطِّيبه بالجِلْدِ ، *!كالتَّشَيُّد ) ، وفي بعض النسخ : كالتَّشْيِيد .
( *!وشاد ) الرَّجلُ ( *!يَشِيد ) *!شَيْداً ، إِذا ( هَلَكَ ) ، نقلَه الصاغَانيّ .
2 ( فصل الصاد ) المهملة مع الدال ) 2
صخد : ( صَخَدَتْه الشَّمْسُ ، كنَفَع ) ، تَصْخَدُه صَخْداً : أَصابَتْه و ( أحرقَتْه ) ، أَو حَمِيَتْ عليه . ( و ) الصَّخْد : صَوْتُ الهَمِ والصُّرَدِ ، وقد صَخَدَ الهامُ و ( الصُّرَدُ ) يصْخَذ صَخْداً وصَخِيداً : صوَّتَ و ( صاحَ ) . وهامٌ صَواخِدُ ، وأَنشد :
وصاحَ مِنَ الإِفراطِ هَامٌ صَواخِدُه
____________________

(8/264)



( و ) صَخَدَ فُلانٌ ( إِليه ) يَصْخَدُ ( صْخُوداً ) كقُعودٍ : ( استَمَعَ ) منه ، ومال إِليه ، فهو صاخِدٌ ، قال الهُذَليُّ :
عَلَّا عَلِمْتَ أَبا إِياسٍ مَشْهَدِي
أَيَّامَ أَنتَ إِلى المَوالِي تَصْخَدُ
( وصَخِدَ النَّهَارُ ، كفَرِحَ ) ، صَخَداً ، فهو صاخِدٌ : ( اشتَدَّ حَرّهُ ) ، وَحرٌّ صاخِدٌ : شَدِيدٌ . وكذالك صَخَدَ يومُنا يَصْخَد صَخَدَاناً . ( ويومٌ صَيْخُودٌ ) ، على فَيْعُول ، وصَيْخَدٌ ، ( وصَخْدَانٌ ) ، بفتح فسكون ( ويُحَرَّك ) ، عن ثَعْلب : ( شدِيدُ الحَرِّ ) ، ولَيْلة صَخْدَانَةٌ . ويقال : أَتيتُه في صَخَدَانِ الحَرِّ ، أَي في شِدَّتِه .
والصاخِدةُ : الهاجِرَةُ ، وهاجرةٌ صَيْخُودٌ . ( مُتَّقِده ) .
ومن سَجَعَات الأَساس : رَماني الحَرُّ بِصَيَاخِيدِه ، والبَرْدُ بصَنادِيدِه .
( وصَخْرَةٌ صَيْخُودٌ ، وصَيْخادٌ ) ، الأَخير عن الصاغانيِّ : صَمَّاءُ راسِيةٌ ( شَدِيدةٌ ) ، وفي الأَساس : صَخْرَةٌ صَيْخُودٌ : لا تَعْمَلُ فيها المَعَاوِلُ . وفي اللسان : الصَّيْخُود : الصَّخْرة المَلْسَاءُ الصُّلْبَةُ لا تحرَّكُ من مكانِهَا ، ولا يَعْمَل فيها الحَدِيدُ ، وأَنشد :
حَمْرَاءُ مِثْلُ الصَّخْرَة الصَّيْخُودِ
وهي الصَّلُود . والصَّيْخُود أَيضاً : الصَّخْرَةُ العَظِيمةُ التي لا يَرْفَعُها شيءٌ ، ولا يأْخُذُ فيها مِنْقَارٌ ولا شيْءٌ ، قال ذو الرُّمّة :
يَتْبَعنَ مِثْلَ الصَّخْرةِ الصَّيْخُودِ
وقيل : صَخْرةٌ صَيْخُودٌ ، وهي الصُّلْبَة الّتي يَشْتَدُّ حَرُّهَا إِذا حَمِيَتْ عليها الشَّمْسُ .
وفي حديثِ عَليَ ، كرَّم الله وجهه : ( ذَوَات الشَّنَاخِيبِ الصُّمِّ من صَياخِيدِها ) .
( والصَّيْخَدُ : عَيْنُ الشَّمْلِ ) سُمِّيَ به لِشِدَّةِ حَرِّها ، وأَنشد اللَّيث :
وَقَدْ الهَجِيرِ إِذَا استَذابَ الصَّيْخَدُ .
____________________

(8/265)



( وأَصْخَدَ ) الرَّجُلُ : ( دَخَلَ في الحَرِّ ) ، ويقال : أَصخَادْنَا ، كما يُقَال : أَظْهَرْنَا ، وصَهَدَهُم الحَرُّ ، وصَخَدَهم والإِصخَادُ ، والصَّخَدَانُ ، شِدَّةُ الحَرِّ .
( و ) أَصخَدَ ( الحِرْبَاءُ : تَصَلَّى بِحَرِّ الشَّمْسِ ) واسْتَقْبَلَهَا . ( والمَصْخَدَة : الهاجِرَةُ ) ، كالصَّاخِدة ، ( ج : مَصَاخِدُ ) يقال : أَتيتُه في مَصَاخِدِ الحَرِّ وصَيَاخِيدِه .
( وصَخْدٌ ) بفتح فسكون ، مَصْروفاً ، ( وقد يُمْنَع ) من الصَّرْف : ( د ) ، نقله الصاغانيُّ .
( والصَّيْخَدُونُ : الصَّلابَةُ ) والشِّدَّة ، قال ابنُ دُرَيْد : هاكذا قالوا . ولا أَعرِفها .
( و ) يقال : ( واحدٌ قاحِدٌ صاخِدُ ، أَي صُنْبُورٌ ) ، أَي فَرْدٌ ضَعِيف ، أَي لا أَخَ له ولا وَلَدَ .
ومما يستدرك عليه :
المُصْطَخِدُ : المُنْتَصِبُ ، قال كَعْب :
يَوْماً يَظَل به الحِرْبَاءُ مُصْطَخِداً
كَأَنَّ ضَاحِيَهُ بالنَّارِ مَمْلُولُ
وكذالِكُ المُصْطَخِمُ . يَصِفُ انتصابَ الحِرْبَاءِ إِلى الشَّمْس في شِدَّة الحَرِّ .
والصُّخُد ، بالضّمّ : دَمٌ . وما في السَّابِياءِ ، والصَّخْد : الرَّهَلُ ، والصُّفْرَةُ في الوَجْهِ . والسِّين لغةٌ في الصَّادِ على المضارعة . وصَيْخَدٌ ، كحَيْدرٍ : موضع .
صدد : ( *!صَدّ َعَنْه ) *!يصُدُّ *!ويَصِدُّ *!صَدًّا و ( *!صُدُوداً ) ، كقُعودٍ ( أَعرَضَ ) ، ورَجلٌ *!صادٌّ ، من قومٍ *!صُدَّاد ، وامرأَةٌ *!صادَّةٌ ، من *!صَوادَّ ، *!وصُدَّادٍ أَيضاً ، قال القُطامِيُّ :
أَبصارُهُنَّ إِلى الشُّبَّانِ مائِلةٌ
وقد أَراهُنَّ عَنْهُمْ غيرَ صُدَّادِ
( و ) يقال : *!صَدَّ ( فُلاناً عن كذا *!صَدًّا ) ، إِذا ( مَنَعَهُ وصَرَفَهُ ) عنه ، قال اللّهُ عَزَّ وجلَّ : { *!وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ } ( النمل : 43 ) أَي *!صَدَّهَا كونُها
____________________

(8/266)


من قَوْمٍ كافِرِينَ عن الإِيمان . وفي التنزيل : { *!فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ } ( النمل : 24 ) ( *!كأَصَدَّهُ ) *!إِصْداداً ، *!وصَدَّدَه ، وأَنشد الفَرَّاءُ لذي الرُّمَّة :
أُناسٌ *!أَصَدُّوا النَّاسَ بالسَّيْفِ عَنْهُمُ
*!صُدُودَ السَّوَاقِي عن أُنُوفِ الحَوائِمِ
( *!وصَدَّ *!يصُدُّ ) ، بالضّمّ ، ( *!ويَصِدُّ ) ، بالكسر ،*! صَدًّا و ( *!صَدِيداً ) : عَجَّ و ( ضَجَّ ) . وفي التنزيل : { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ *!يَصِدُّونَ } ( الزخرف : 57 ) أَي يَضِجُّون ويَعِجُّون ، وقد قُرِىء : {*! يَصِدُّونَ } ( الزخرف : 57 ) أَي يُعْرِضون . قال الأَزهريُّ تقول *!صَدَّ *!يصُدُّ *!ويَصِدُّ ، مثل شَدَّ يَشُدّ ويَشِدّ ، والاختيار : *!يَصِدُّون ، بالكسر . وهي قراءة ابن عباس . وعلى قوله في تفسيره العَمَلُ . قال أَبو منصور : يقال *!صَدَدْتُ فُلانا عن أَمرِهِ *!أَصُدُّه *!صَدًّا *!فَصَدَّ *!يَصُدُّ ، يستوِي فيه لَفْظُ الواقعِ واللازِمِ ، فإِذا كان المعنَى يَضِجُّ ويَعِجُّ فالوَجْهُ الجَيِّدُ *!صَدَّ *!يَصِدُّ ، مثل ضَجّ يَضِجُّ .
ونقل شيخنا عن شروح اللامِة : أَن صَدَّ اللازِمَ ، سواءٌ كان بمعنى ضَجَّ أَو أَعرَضَ ، فمضارِعُهُ بالوَجْهَيْن ، الكسر على القِيَاس ، والضمّ على الشُّذوذ . قال : وكلامُ المصنِّف يقتضِي أَن الوَجْهَيْن في معنَى ضَجَّ فقط . وليس كذالك .
( و ) عن اللّيث : يقال هاذه الدار على *!صَدَدِ هاذه و ( دارِي صَدَدَ دارِهِ ) محرَّكَةَ ، ( أَي قُبَالَتَهُ وقُرْبَهُ ) ، كذا في النُّسْخ ، بتذكير الضمير والصواب تأْنِيثُه ، كما في سائر الأُمهات ( نُصِبَ على الظَّرْفِ ) ، قال أَبو عُبَيْد ، قال ابن السِّكِّيت ، الصَّدَدُ ، والصَّقَبُ : القُرْبُ ، ويقال : هاذا صَدَدَ هاذا ، *!وبِصَدَدِه ، وعلى *!صَدَدِهِ ، أَي قُبَالَتَهُ .
( *!والصَّدِيدُ : ماءُ الجُرْحِ الرَّقِيقُ )
____________________

(8/267)


المختلِطُ بالدَّمِ قبل أَن تَغْلُظَ المهدَّة . وفي الحديث : ( يُسْقَى مِن صَدِيدِ أَهْله النَّار ) . قال ابن الأَثير : هو الدَّمُ والقَيْحُ الّذِي يَسِيل من الجَسَدِ . وقال ابن سِيده : الصَّدِيدُ : القَيْحُ الّذِي كأَنَّه ماءٌ وفيه شُكْلَةٌ . والصَّدِيدُ في القرآن : ما يَسِيلُ من جُلودِ أَهْلِ النَّار . وقال اللَّيْث ( الصديد ) الدّمُ المُخْتلِط بالقَيْحِ في الجُرْحِ . ( و ) قيل : الصَّدِيدُ : ( الحَمِيمُ ) إِذا ( أُغْلِيَ حَتَّى خَثُرَ ) أَي غَلُظ ، نقله الصاغانيّ .
( *!والتَّصْدِيدُ : التَّصْفِيقُ . *!والتَّصدُّدُ : التَّعَرُّض ) ، هاذا هو الأَصل ، ( وتُبْدَلُ الدالُ ياءً ، فيقال *!-التَّصَدِّي *!والتَّصْدِيَةُ ) قال اللّهُ عزّ وجلّ : { وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَآء *!وَتَصْدِيَةً } ( الأنفال : 35 ) فالمُكَاءُ : الصَّفِيرُ ، *!والتَّصْدِيةُ : التَّصْفِيقُ ، وقيل للتَّصْفِيق : *!تَصِديةٌ ، لأَن اليَدَيْن تَتصافَقانِ ، فيقابِل صَفْقُ هاذه صَفْقَ الأُخرى *!وصَدُّ هذه *!صَدَّ الأُخرَى ، وهما وَجْهاها .
وعن ابن سيده : *!التَّصْدِيَةُ : التَّصْفِيقُ والصَّوتُ ، على تحويل التّضعيف . قال : ونظيره قَصَّيْتُ أَظْفَارِي . في حروف كثيرة . قالَ : قد عَملَ فيه سيبويه باباً . وقد ذَكَرَ منه يَعقُوبُ وأَبو عبيدٍ أَحرُفاً .
وفي التهذيب : يقال *!صدَّى *!يُصَدِّي : *!تَصْدِيةً ، إِذا صَفَّقَ . وأَصله : *!صَدَّدَ *!يُصدِّدُ ، فكثُرَت الدّالات ، فقُلِبَت إِحداهُنَّ ياءً ، كما قالوا : قَصَّيْتُ أَظْفَارِي ، والأَصلُ : قَصَصْتُ . قال : قال ذالك أَبو عُبَيْدٍ ، وابنُ السِّكِّيت ، وغيرهما . وذَهَبَ أبو جعفرٍ الرُّسْتُمِيُّ ، إِلى أَن *!التَّصْدِيَةَ من الصَّدَى ، وهو الصَّوتُ ، ولم يُستَعمل من الصَّدَى فِعْلٌ . والحَمْل على المُستعمَل أَوْلَى .
قال شيخُنَا : هو كلامٌ ظاهرٌ ، وفي كلام المصنِّف لَفُّ ونَشْرٌ مُشَوَّشٌ .
وقول الله تعالى : { أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنتَ لَهُ *!تَصَدَّى } ( عبس : 5 ، 6 ) معناه : تَتَعرَّض له ، وتَمِيل إِليه وتُقْبِل عليه ،
____________________

(8/268)


يقال : تَصَدَّى فُلانٌ لفُلان ، إِذا تَعَرَّضَ له . والأَصْل تَصدَّدَ . وقال الأَزهريُّ : ويجوز أَن يكون معنى قوله : { فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى } ( عبس : 6 ) أَي تَتَقَرَّب إِليه ، من الصَّدَدِ وهو القُرْبُ ، كما تقدَّم .
و ( *!الصُّدَّاد ، كَرُمَّانٍ : الحَيَّةُ ) ، عن الصاغانيّ ، ( ودُوَيْبَّةٌ ) من جِنْس الجُرْذَانِ ، ( أَو سامُّ أَبْرَصَ ) ، وقد جاءَ في كلامه قَيْس وفَسّره به أَبو زيد ، وتَبِعَه ابنُ سيده ، وقيل : الوَزَغُ ، أَنشد يعقوب :
مُنْجَحِراً مُنْجَحَرَ *!الصُّدَّادِ
ثم فَسَّرَه بالوَزَغِ ( ج :*! صَدَائِدُ ) ، على غير قياس .
( و ) الصدَّاد أَيضاً : ( الطَّريق إِلى الماءِ .
( و ) *!الصِّدَاد ، ( ككِتَابٍ : ما اصْطَدَّتْ به المرأَةُ ، وهو ) أَي الصِّدَاد . ( السِّتْرُ ) ، كذا في نوادر الأَعراب .
( *!وصَدَّاءُ ، كعَدَّاء : لغةٌ في صَدْآءَ ) وهو اسْم بئْرٍ أَو رَكِيَّةٍ عَذْبةِ الماءِ . ورَوَى بعضُهم هاذا المَثَل : ( ماءٌ ولا كَصَدَّاءَ ) أَنشد أَبو عُبَيْدٍ :
وإِنِّي وتَهْيامِي بزَيْنَبَ كالَّذِي
يُحَاوِلُ مِن أَحواضِ صَدَّاءَ مَشْرَبَا
وقيل لأَبي عليَ النّحويّ : هو فَعْلاءُ ، من المضاعف . فقال : نعم ، وأَنشد لضِرار بن عُتْبَةَ العَبْشَمِيّ :
كأَنِّيَ مِن وَجْدٍ بِزَيْنَبَ هائِمٌ
يُخَالِسُ من أَحواضِ صَدَّاءَ مَشْرَبَا
وبعضهم يقول : صَدْآءُ ، بالهمز مثل صَدْعَاءَ . قال الجَوْهَرِيُّ : سأَلْتُ عنه رجلاً بالبادية فلم يَهْمِزهْ . وقد عرَّ في الهَمْز ما يقارب ذالك ، فراجِعْه .
( *!والصَّدُّ ) بالفتح ( ويُضَمُّ : الجَبَلُ ) ، والسين لغة فيه . قال أَبو عَمْرٍ و يقال لكلّ جَبلٍ :*! صَدٌّ *!وصُدٌّ ، وسَدٌّ وسُدٌّ . ( و ) الصَّدُّ والصُّدُّ : ( ناحِيةُ الوادِي ) والشِّعْبِ ، وهما *!الصَّدَّان والجمع : *!أَصدادٌ ، *!وصُدودٌ . *!وصُدَّا
____________________

(8/269)


الجبلِ : ناحِيَتاه في مَشْعَبِه ، وهما الصَّدَفانِ ، قال حُمَيْد :
تَقَلْقَلَ قِدْحٌ بينَ *!صُدَّينِ أَشْخَصَتْ
لهُ كَفُّ رامٍ وِجْهةً لا يُريدُهَا
( *!والصُّدَّانِ ، بالضّمّ : شَرْخَا الفَرْقِ ) كذا في النُّسخ . والصواب : الفُوق . كما هو نصّ التكملة ، مجازاً عن جانِبَيِ الوادِي .
( *!والصَّدُود ، كَصَبُورٍ المِجْوَلُ ) ، نقله الصاغَانيُّ ، ( و ) *!الصَّدُود : ( ما دَلَكْتَهُ على مِرْآةٍ فكَحَلْتَ بِهِ عَيْناً ) ، وهاذا عن ابن بُزُرْج .
( *!وصَدْصَدُ ) : اسم ( امرأَةٍ ) ، عن الصاغانيّ .
( *!وصُدَاصِدٌ ، كعُلابِطٍ : جَبَلٌ لهُذَيْلٍ ) ، نقله الصاغَانيُّ .
( *!وأَصَدَّ الجُرْحُ ) *!إِصْدَاداً : ( قَيَّحَ ) *!وصَدَّدَ ، صَار فيه المِدَّةُ . وزاد في المصباح : صَدِىءَ الجُرْحُ ، كفَرِحَ . والقياس يقتضيه . قاله شيخُنا .
ومما يستدرك عليه :
*!صَدَّ *!يَصِدُّ *!صَدًّا : استَغْرَب ضَحِكاً . قال الليث : { إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ *!يَصِدُّونَ } ( الزخرف : 57 ) أعي يَضْحكون .
*!والصَّدُّ : الهِجْرَانُ . والصَّدُّ : المرتفِعُ من السَّحَابِ ، تَراه كالجَبَلِ ، والسِّين أَعلى . والصَّدُّ : شِعْبٌ صَغِير يَسيل فيه الماءُ ، قاله الضَّبِّيُّ . والصَّدُّ الجانِبُ .
*!والصَّدَدُ : الناحِيَةُ . *!والصَّدَدُ : القَصْدُ . قاله ابن سيده .
ويقال : *!صَدَّ السَّبِيلُ ، إِذا استَقْبَلَكَ عَقَبَةٌ صَعْبَةٌ فَتَركْتَها وأَخَذْتَ غَيرَها .
*!وتَصدَّيتُ له : أَقْبلتُ عليه .
*!والصَّدَّى ، مَقصور : تينٌ أَبيضُ الظاهِرِ أَكْحَلُ الجَوْفِ ، وهو صادِقُ الحَلَاوة . هاذا قول أَبي حَنِيفَة .
*!والصَّدْصَدَة : ضَرْبُ المُنْخُلِ بِيَدِكَ .
وصَدّ بالفارسية : اسم للمائة من العَدَدِ .
ويقال : لا *!صَدَدَ لي عن ذالك ولا جَدَدَ ، أَي لا مانِعَ ، نقله الصاغانيُّ .

____________________

(8/270)


صرد : ( الصَّرْدُ ) ، بالبَحْتُ ( الخالِصُ من كُلِّ شَيْءٍ ) ، قال أَبو زيد يقال أُحِبُّكَ حُبًّا صَرْداً ، أَي خالِصاً . وشَرَابٌ صَرْدٌ . وسَقَاه الخَمْرَ صَرْداً ، في صِرْفاً وأَنشد :
فإِنَّ النَّبِيذَ الصَّرْدَ إِنْ شُرْبَ وَحْدَهُ
على غيرِ شيْءٍ أَوْجَعَ الكِبْدَ جُوعَها
وذَهَبٌ صرْدٌ : خالصٌ ، وكَذِبٌ صَرْدٌ ، كذالك .
( و ) عن أَبي عَمْرٍ و : الصَّرْد : ( مَكَانٌ مُرْتَفِعٌ من الجِبَالِ ) وهو أَبْرَدُهَا .
( و ) الصَّرْد : ( مِسْمَار ) يكون ( في السِّنانِ يُشَكُّ بِهِ الرُّمْحُ ) ، والتَّحْريك فيه أَشْهَرُ ، قال الراعِي :
منه صَرِيعٌ وضَاغٍ فوقَ حَرْبَتِهِ
كما ضَغَا تحتَ حَدِّ العامِلِ الصَّرَدُ
( و ) الصَّرْدُ ( مِنَ الجَيْشِ : العَظِيمُ ) تَراه مِن تُؤَدَتِهِ كأَنْهُ سَيْرُه جامِدٌ وذالك لِكَثْرَتِهِ . وهو مَجاز ، وقد يُوصَف به ، فيقال : جَيْش صَرْد ، قالَ خُفَاف بن نَدْبَةَ :
صَرْدٌ تَوَقَّصَ بالأَبدانِ جُمْهورُ
( ويُحَرَّك ) وهو معنَى قَوله النابغَة الجَعْدي :
بأَرْعَنَ مِثْلِ الطَّوْدِ تَحْسَبُ أَنْهمْ
وُقُوفٌ لِحَاجٍ والرِّكابُ تُهَمْلِجُ
( و ) الصَّرْدُ ، والصَّرَدُ ، والصَّرِيدُ : ( البرْدُ ) ، وقيل : شِدَّتُه ، ( فارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ ) .
قال شيخنا : وصَحَّح جَماعةٌ أَنَّه عرَبِيٌّ ، وأَن الفُرْس أَخَذُوه من كلامِ العربِ ، فوافَقُوهم عليه . صَرِدَ ، بالكسر ، يَصْرَد صَرَداً فهو صَرِدٌ من قوم صَرْدَى . قال الليث : الصَّرَدُ : مصدر الصَّرد من البَرْد . والاسم الصَّرْد ، مَجْزومٌ ، قال رُؤبةُ :
بِمَطَرٍ لَيْسَ بِثَلْجٍ صَرْدِ
____________________

(8/271)



وفي الحديث : ( سُئِل ابن عُمَرَ عَمَّا يَموتُ في البَحْر صَرْداً ، فقال : لا بَأْسَ بِهِ ) يعني السَّمَكَ الّذي يَموتُ فيه من البَرْدِ .
ويَومٌ صَرِدٌ ، وليلةٌ صَرِدَةٌ : شديدةُ البَرْدِ .
( ورَجُلٌ مِصْرَادٌ : قَوِيٌّ على البَرْدِ ) ، نقلَه الصاغانيُّ ( و ) رجل مِصْرَادٌ : ( ضَعِيفٌ ) لا يَصْبِر ( عَلَيْهِ ) . وفي التَهذيب : هو الّذي يَشْتَدُّ عليه البَرْدُ ، ويقِلُّ صَبْرُه عليه ، فهو من الأَضداد ، وقد أَغفلَه المصنّف ، ( كصَرِدٍ : ككَتِفٍ ) ، يَشْتَدُّ البَرْد عليه .
( وصَرِدَ ) الرَّجلُ ( كفَرِحَ ) يَصْرَد صَرَداً فهو صَرِدٌ من قَوْم صَرْدَى : ( وَجَدَ البَرْدَ سَرِيعاً ) ، قال الساجع .
أَصْبَح قَلْبِي صَرِدَا .
لا يَشْتَهِي أَن يَرِدا .
( و ) من المجاز : صَرِدَ ( الفَرَسُ ) إِذا ( دَبِرَ مَوْضِعُ السَّرْجِ منه ، فهو صَرِدٌ ) كتِفٍ .
وعن أَبي عُبَيدة : الصَّرَدُ : أَن يَخْرُجَ وَبَرٌ أَبيضُ في مَوْضِع الدَّبَرَةِ إِذا بَرَأَتْ ، فيقال لذالك الموضع : صُرَدٌ ، وجمعه : صِرْدان ، وإِيَّاها عَنَى الراعي يصف إِبِلاً :
كأَنَّ مَواضِعَ الصِّرْدَانِ منها
مَنارَاتٌ بُدِئْنَ على خِمَارِ
وفي المحكم ؛ والصُّرَد : بَياضٌ يكون في سَنَامِ البَعِيرِ . والجمْعُ كالجَمْع . وفي الأَساس : شُبِّه بلَوْن الصّرَدِ هو طائر يأْتي ذِكْرُه ( و ) صَرِدَ ( السِّقَاءُ ) صَرَداً : ( خَرَجَ زُبْدُهُ مُتَقَطِّعً ) ، فيُدَاوَى بالماءِ الحارِّ .
( و ) مِنَ المَجَازِ : صَرِدَ ( قَلْبِي عنه ) ، إِذا ( انْتَهَى ) ، كما يقال :
أَصْبَحَ قَلْبِي صَرِدَا
كذا في التهذيب .
( و ) صَرِدَ ( السَّهْمُ ) صَرَداً وصَرْداً :
____________________

(8/272)


( أَخطأَ ) ، وكذا الرُّمْحُ ونَحوُهم ، كأَصْرَدَ ، قال الراجز :
أَصرَدَهُ المَوْتُ وقد أَطَلَّا
أي أَخطأَه ، وهاذا عن قُطْرُبِ . ( و ) صَرِدَ السَّهْمُ والرُّمْح يَصْرَدُ صَرَداً : ( نَفَذَ حَدَّهُ ) ، وهاذا عن الزّجَّاج فهو على هذا ( ضِدٌّ ) .
( وَصَرَدَهُ الرامِي ، وأَصْرَدَه : أَنْفَذَهُ ) من الرَّمِيَّةِ ، وأَنا أَصْرَدتُه . وقال اللَّعِينُ المِنْقَرِيّ يخاطب جَريراً والفرزدقَ :
فما بُقْيَا عَلَيَّ تَركتُمانِي
ولاكِنْ خِفْتُا صَرَدَ النِّبَالِ
قال أَبو عُبَيْدَة : مَن أَراد الصَّوَابَ قال : خِفْتُمَا أَن تُصِيبَ نِبالي . ومَن أَرادَ الخَطَأَ قال : خِفْتُما إِخطاءَ نِبالِكُما .
( وسَهْمٌ صارِدٌ ، ومِصْرَادٌ : نافِذٌ ) ، خَرَج بَعْضُه ، ومارِقٌ : خَرَح كُلُّه . وصارِدٌ : خرجت شَبَاهُ حَدّهِ من الرَّمِيَّةِ . ونَبْلٌ صَوَارِدُ .
( و ) سَهْم ( مُصْرِدٌ كمُكْرِم : مُخْطِىءٌ قاله قُطْرُب .
( و ) في الحديث : ( نُهِيَ المُحْرِمُ عن قتْلِ ( الصُّرَد ) ) وهو ( بِضَمِّ الصادِ وفتْح الرَّاءِ : طائِرٌ ) فوقَ العُصفورِ أَبْقَعُ ( ضَخْمُ الرَّأْسِ ) ، قال الأَزهريُّ : ( يَصصادُ العَصَافِيرَ ) ، يكون في الشَّجَرِ ، نِصْفُه أَبيضُ ونِصْفُه أَسودُ ، ضَخْمُ المِنْقَارِ ، له بُرْثُنٌ عظيم . ويقال له : الأَخْطَب ، لاخْتِلاف لَوْنَيْهِ . والصُّرَد لا تَراه إِلّا في شُعْبَةٍ أَو شَجَرَةٍ ، لا يَقْدِر عليه أَحدٌ . قال سُكَيْنٌ النُّمَيرِيُّ : الصُّرَد صُرَدَانِ ، أَحدُهما يُسَمِّيه أَهلُ العِرَاقِ : العَقْعَقُ ، وأَمّا البَرِّيُّ فهو الهَمْهَام ، يُصَرْصِرُ كالصَّقْرِ . ورُوِيَ عن مُجَاهِدٍ : وكُرِه لَحْمُ الصُّرَدِ وهو من سِبَاعِ الطَّيْرِ . ( أَو هُو أَوَّلُ طائِرٌ صَامَ لِلهِ تعالى ) .
ورُوِيَ عن مجاهدٍ في قوله تعالى : { سَكِينَةٌ مّن رَّبّكُمْ } ( البقرة : 248 ) قال : أَقْبَلَت لبسَّكِينَةُ ، والصُّرَدُ ، وجبْرِيلُ مع
____________________

(8/273)


إِبراهِيمَ من الشَّأْم : ( ج صِرْدَانٌ ) ، بالكَسْر ، قال حُمَيْد الهلالِيُّ :
كأَنَّ وَحَى الصَّرْدَانِ في جَوْفِ ضالَةٍ
تَلَهْجُمَ لَحْيَيْهِ إِذا ما تَلَهْجَما
( و ) من المجاز :
فَرَس مُصَرِّدٌ : به صُرَدٌ ، وهو : ( بَيَضٌ في ظَهْرِ الفَرَسِ من أَثَرِ الدَّبَرِ ) ، وجمْعُه صِرْدَانٌ ، وقد تقدَّم قريباً .
( والصُّرَدَانِ ) تثنية صُرَدٍ : ( عِرْقَانِ ) أَخضرانِ ( يَسْتَبْطِنانِ اللِّسانَ ) يَكْتَنِفَانِه وبهِما يَدور اللِّسَانُ ، كما قاله اللَّيْث ، عن الكِسَائيّ . وقيل : هما عَظْمَان يُقيمَانه ، وقال يَزِيدُ بن الصَّعِقِ :
وأَيُّ الناسِ أَغْدَرُ من شَآمٍ
له صُرَدَانِ مُنْطَلِقَ اللسانِ
أَي ذَرِبانِ .
وفي المحكم : الصُّرَد : عِرْقٌ في أَسفلِ لِسان الفَرَسِ .
وقال الأَصمعيّ : الصُّرَدُ من الفَرَسِ : عِرْقٌ تحْت لِسَانِه ، وأَنشد :
خَفِيفُ النَّعَامَةِ ذو مَيْعَةٍ
كَثِيفُ الفَراشةِ ناتِي الصُّرَدْ
( و ) عن ابن الأَعرابيِّ : ( الصَّرِيدةُ : نَعْجَةٌ أَضَرَّ بها البَرْدُ ) وأَنْحَلَهَا ، كذا في المحكم ، ( ج : صَرَائِدُ ) ، وأَنشد :
لَعَمْرُكَ إِني والهِزَبْرَ وعارِماً
وثَوْرَةَ عِشْنا من لُحُومِ الصَّرائِدِ
( و ) الصُرَّاد ، والصُّرَّيْد ، والصَّرْدَى ( كَرُمَّان ، وقُبَّيْطٍ ) وسَكْرَى : ( الغَيْمُ الرَّقِيقُ لا مَاءَ فِيهِ ) ، وهو نَصُّ الصّحاح وقيل سَحابٌ باردٌ تَسْفِرُه الرِّيح . وقال الأَصمعيُّ : الصُّرَّادُ : سَحابٌ بارِدٌ نَدِيٌّ ، ليس فيه ماءٌ .
( والتَّصْرِيدُ : التَّقْلِيل ) ، وقيل : إِنما كَرِهوا الصُّرَدَ وتَشَاءَمُوا به من اسمه ،
____________________

(8/274)


من التصريد ، ونُهِي عن قَتْلِهِ رَدًّا للطِّيَرَةِ .
ومن المَجَاز .
صَرَّدَ له العَطَاءَ تَصْرِيداً : قَلَّلَه . وفي الحَدِيث . ( لن يَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلَّا تَصرِيداً ) أَي قَليلاً .
( و ) التَّصريد ( في السَّقْي دُونَ الرَّيِّ ) ، وفي التهذيب : شُرْبٌ دُونَ الرِّيّ . وشَرابٌ مُصَرَّد : مُقَلَّل .
( والمُصْطَرِد ) : الرجلُ ( الحَنِقُ الشَّديدُ الغَيْظِ ) ، عن الصاغانيّ ، كالمصطَرّ ، بغير دالٍ .
( والصَّارِدُ ) : اسم ( سَيْف ) الشَّهيد ( عاصمِ بنِ ثابتِ بن أَبي الأَقْلَحِ ) قَيْسِ بنِ عِصْمة بن النعْمان الأَوْسِيّ ثم الضُّبَعِيّ ( رَضِيَ اللّهُ تَعَالى عنه ) .
( والصَّرْداءُ : جَبَلٌ ) كثيرُ الثَّلْج والبَرَدِ .
( والمِصْرادُ من الأَرضِ . ما لا شَجَر بها ولا شيْءَ ) من النَّبَاتِ .
( ولَبَنٌ صَرِدٌ ، كَكَتِفِ مُنْتَفِشٌ لا يَلْتَئِمُ ) لإِصابته البرد ، وقد صَرِدَ كفرِح .
( والصِّمْرِدُ ) بالكسر : النقةُ القليلةُ اللبن و ( هنا مَوْضِعُ ذِكْرِه ) وهو مذكور في الصحاح هنا ، بناءً على أَن الميم زائدة ، على الصحيح ، وسيأْتي في : صمرد ، إِن شاءَ الله تعالى .
ومما يستدرك عليه :
الصَّرِيد : الجَلِيد . وأَرضٌ صَرْدٌ : باردة ، والجمع صُرودٌ ، وهي خلاف الجُرُومِ ، وهي الحارَّة . وريح مِصْرادٌ . ذاتُ صَرَدٍ أَو صُرَّادٍ ، قال الشاعِر :
إِذا رَأَيْن حَرْجَفاً مِصْرادَا
وَلَّيْنَها أَكْسِيةً حِدادَا
وفي شرح الأَمالِي للقاليّ : التّصريد التَّفْرِيق والتَّقْطِيع ويقال : صَرَّد شُرْبَه تَصْرِيداً : قَطَّعَه .
وقال قُطْرب : سَهْمٌ مُصَرِّدٌ ، بالتشديد : مُصِيب ، وبالتخفيف : أَي مُخطىءٌ . وأَنشد في الإِصابة :
عَلَى ظَهْرِ مِرْنانٍ بِسَهْمٍ مُصَرِّدِ
____________________

(8/275)



وقال أَبو عُبَيْدة : يقال معه جَيْشٌ صَرَدٌ ، أَي كلّهم بنو عَمّه ، لا يُخَالِطهم غيرهُم . نقله أَبو هانىءٍ عنه .
وصَرَّد الشَّعِيرُ والبُرُّ : طَلَعَ سَفاهُما ، لم يَطْلُع سُنْبُلُهما وقد كاد ، قال ابن سيده : هاذه عن الهَجَرِيِّ .
قال شَمِرٌ : تقول العرب : ( افْتَحْ صُرَدَكَ تَعْرِفْ عُجَرَك وبُجَرك ) قال : صُرَدُه : نَفْسُه . ويقال : لَو فَتَحَ صُرَدَه عَرَف عُجَرَه وبُجَرَه . أَي عرف أَسرارَ مَا يَكْتُم .
والانْصرادُ : جاءَ ذِكْرُه في بعض الأَمثال ، فراجِعْه في أَمثال الميدانيِّ . وزُهَيْر بن صَرَدِ الجُشَمِّي : صحابيّ ، وهو أَبو جَرْوَل ، وكان شاعرَ القَوْم ورئيسَهُم ، له ذِكْر في وَفْدِ هَوازن وبنو الصارد : حيٌّ : من بني مُرَّةَ بن عوف بن غَط 2 فانَ ، وهو لَقبٌ ، واسمه سَلامة .
قال ابن دُريد : هو من قولهم : صَرَدَ السَّهْمُ ، أَو من : صَرِدَ الرَّجُلُ من البَرْد ، ومنهم قُرادُ بن حَنَش بن عمرِو بن عبد الله بن عبد العُزَّى بن صُبيح بن سَلامة ، الصارِدِيّ الشاعر .
وصُرَدُ ، كزُفَرَ : قَرْية بالوجه البحريّ ، من مصر ، منها التاج عبد الغَفّار بن ذي النُّون الصُّرَدِيّ . قاله الحافظ ابنُ حجَر في ( الدرر الكامنة ) .
وصُرَادٌ كغُرَابٍ : هَضْبة في ديار كِلَابٍ ، وَعَلَمٌ بقُرْب رَحْرَحانَ ، لبني ثَعْلَبَةَ بنِ سَعْد بن ذُبيانَ ، وثَمَّ أَيضاً : الصَّرِيدُ ، بينهما واد .
صرخد : ( الصَّرْخَدُ ) ، بالفتح : ( اسمٌ لِلْخَمْره ) عن الفرّاءِ ، وأَنشد :
قامَ وُلاهَا فَسَقَوْهُ صَرْخَدَا
يريد : وُلَاتها .
( و ) صَرْخَدُ ، ( بلا لامٍ د ، بالشامِ )
____________________

(8/276)


وقيل : موضِع منه ، ( يُنسَب إِليه الخَمْرُ ) في قول الرَّاعِي يَصِفُ النَّوْمَ :
وَلذَ كطَعْمِ الصَّرْخَدِيّ طَرَحْتُهُ
عَشِيَّةَ خِمْسِ القَوْمِ والعَيْنُ عاشِقُهْ
وإِليه نُسِبَ الحَسَن بنُ أَحمدَ بنِ هلالِ بن سعْد الصَّرْخَدِيّ ، المعروف بأَبي هُبَل ، سَمعَ عليَّ بن البخاريّ ، وحَدَّثَ وعُمِّرَ .
صرفند : ( صَرَفَنْدُ ) أَهمله الجوهريُّ والجماعة وهو ، محرّكَة مع سكون النُّون . وآخره هاءٌ ، على ما في ( المراصد ) و ( اللباب ) : ( د ) أَو قَرْيَةٌ ( بساحلِ ) بحْرِ ( الشّام ) قريبةٌ من صُور ، يُنسب إِليها التِّين ، ومنها أَبو إِسحاقَ إِبراهيمُ بن إِسحاق بن أبي الدَّرْدَاءِ الأَنصاريّ ، المُحَدِّث .
صعد : ( صَعِدَ في ) ، في الدَّرَجَة ، وأَشباهه ، ( كَسَمِعَ ، صُعُوداً ) كَقُعُود ، ولا يُقَال : أَصْعَدَ . ( وصَعَّد في الجَبَلِ و ) صَعَّد ( عليه تَصعيداً ) ، كاصَّعَّدَ اصِّعَّاداً ، بالتشديد فيهما ، وحُكِيَ عن أَبي زيد أَنه قال : أَصْعَد في الجَبَل ، وصَعَّد في الأَرضِ ) ( رَقِيَ ) مُشْرِفاً ، ( ولَمْ يُسْمَعْ صَعِدَ فيه ) ، أَي كَفَرِح . بل يقال : صَعِدَه . وهاذا قَوْلُ الجمهورِ ، ونقلَهُ الجوهَرِيُّ عن أَبي زيْد ، واتّفَقُوا عليه ، كما نَقَلَه شيخُنَا .
قلْت : وقَرَأَ الحَسَنُ : { إِذْ تُصْعِدُونَ } ( آل عمران : 153 ) جعلَ الصُّعُودَ في الجَبَلِ كالصُّعُودِ في السُّلَّمِ .
____________________

(8/277)



وقال ابن السّكّيت : يقال : صَعِدَ في الجَبَلِ ، وأَصْعَدَ في البِلادِ .
وقال ابن الأَعرابيّ : صَعِدَ في الجَبَل ، واستشهَدَ بقوله تعالى : { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيّبُ } ( فاطر : 10 ) وقد رَجَعَ أَبو زيدٍ إِلى ذالِكَ فقال : استوْأَرَتِ الإِبِلُ ، إِذا نَفَرَتْ فَصَعِدَت في الجِبَال ، ذَكرَه في الهمز . وقد أَشار في المصباح إِلى بعضٍ من ذالك .
( وأَصْعَدَ : أَتَى مَكَّةَ ) ، زِيدَتْ شَرَفاً ، قال أَبو صَخْرٍ : يكون النّاسُ في مَبَادِيهِم ، فإِذا يَبِسَ البَقْلُ ، ودَخَلَ الحَرُّ أَخذوا إِلى حاضرِهِم ، فمَن أَمَّ القِبْلَةَ فهو مُصْعِد ، ومن أَمَّ العِراقَ فهو مُنْحَدِرٌ . قال الأَزهَرِيُّ : وهاذا الّذِي قاله أَبو صَخْرٍ كلامٌ عَرَبِيٌّ فَصِيحٌ ، سَمِعتُ غيرَ واحد من العرب يقول : عارَضْنَاالحَاجَّ في مُصعَدِهم ، أَي في قَصْدِهم مَكَّةَ ، وعَارَضْنَاهُم في مُنْحَدَرِهِم أَي في مَرجِعِهِمْ إِلى الكوفة من مكَّةَ .
قال ابن السِّكِّيت : وقال لي عُمَارَة : الإِصعادُ إِلى نَجْدٍ ، والحِجَازِ ، واليَمَنِ ، والانحدارُ إِلى العِرَاق ، والشام ، وعُمَانَ ، فإِذا عَرَفْتَ هاذا ظَهَرَ لك ما في كلام المُصَنِّف من القصور .
( و ) أَصْعَدَ ( في الأَرْضِ ) : ذَهَبَ ، قالَهُ أَبو مَنْصُور . ونَصُّ عِبارَة الأَخْفَش : أَصْعَدَ في البِلاد : سارَ و ( مَضَى ) وذَهَبَ ، قال الأَعْشى :
فإِنْ تَسْأَلِي عَنِّي فيَا رُبَّ سائِل
حَفِيَ عن الأَعْشَى بِهِ حيثُ أَصْعَدَا
ويقال : أَصْعَدَ الرّجُلُ في البِلَادِ حيثُ تَوَجَّه . ( و ) أَصْعَدَ ( في ) الأَرْضِ و ( الوَادِي ) لا غيرُ : ( انحَدَرَ ) فيه ، وذَهَبَ من حَيْثُ يَجيِءُ السَّيْلُ ، ولم يَذْهَبْ إِلى أَسْفَلِ الوَادِي ، ( كَصَعَّد ) فيه ( تَصْعِيداً ) . وأَنشدَ سيبويه لعبد الله بن هَمامٍ السَّلُولِيّ :
فإِمَّا تَرَيْنِي اليومَ مُزْجِي مَطِيَّتِي
أُصَعِّدُ سَيْراً في البِلَادِ وأُفْرِعُ
____________________

(8/278)



أَراد الصُّعُودَ في الأَمَاكِنِ العالِيَة ، وأُفْرِعُ ، هَا هُنَا : أَنْحَدِرُ ، لأَن الإِفراعَ من الأَضدادِ ، فقَابَلَ التَّصْعِيدَ بالتَّسَفُّلِ . هاذا قَوْلُ أَبي زَيْدٍ . قال ابن بَرِّيَ : إِنّمَا جَعَلَ : أُصْعِد بمعنَى : أَنْحَدِر ، لقوله في آخِرِ البيت : وأُفْرِعُ وهاذا الّذِي حَمَل الأَخفشَ على اعتقادِ ذالك ، وليس فيه دَلِيلٌ ، لأَنَّ الإِفراعَ من الأَضداد ، يكون بمعنَى الانْحِدَار ، ويكون بمعنَى الإِصعادِ ، وكذالك صَعَّدَ أَيضاً ، يجيءُ بالمَعْنَيَيْنِ ، يقال : صَعَّدَ في الجَبَلِ ، إِذا طَلَعَ ، وإِذا انحَدَرَ منه ، فمن جَعَل قوله : أُصَعِّدُ ، في البيتِ المذكور ، بمعنَى الإِصعاد ، كان قوله أُفْرِعُ بمعنَى الانحدار ، ومن جَعَلَه بمَعْنَى الانْحِدَارِ كَان قَوْلُه : أُفْرِعُ بمعنى الإِصعادِ . قال : وحُكِيَ عن أَبي زَيْدٍ أَنه قال : أَصْعَدَ في الجَبَلِ ، وصَعَّدَ في الأَرضِ ، فعلَى هاذا يكون المعنَى في البيتِ : أُصَعِّد طوراً في الأَرْضِ ، وطَوْراً أُفْرِعُ في الجَبَلِ .
وفي الأَساس : أَصْعَدَ في الأَرض : ذَهَبَ مُسْتَقْبِلَ أَرضٍ أَرفَعَ من الأُخْرَى .
قلت : هو مأْخُوذٌ من عِبارة اللَّيْثِ ، قال اللَّيْثُ : صَعِدَ ، إِذا ارْتَقَى ، وأَصْعَدَ يُصْعِد إِصْعاداً ، فهو مُصْعِد ، إِذا صار مُسْتَقْبِلَ حَدُورٍ أَو نَهَرٍ أَو وادٍ ، أَرفَع من الأُخرى .
( و ) قال بعض المُفَسِّرينَ في تفسِير قوله تعالى : { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } ( المدثر : 17 ) يقال : الصَّعُودُ : جَبَلٌ في النَّارِ ، من جَمْرَة واحدةٍ ، يُكَلَّفُ الكافِرُ ارتقاءَهُ ويُضرَب بالمَقام 2 ، فكلّما وَضَعَ عليه رِجْلَهُ ذَابَتْ إِلى أَسْفَلِ وَرِكِهِ ، ثم تَعُودُ مكانَها صَحيحةً ، ومنه اشتُقَّ ( تَصَعَّدَنِي ) ذالك ( الشيْءُ ، وتَصَاعَدَنِي ) ، أَي ( شَقَّ عَلَيَّ ) .
وقال أَبو عُبَيْدٍ في قول عُمَر ،
____________________

(8/279)


رضي الله عنه : ( ما تَصَعَّدَنِي شيءٌ ما تَصَعَّدَتْنِي خِطْبةُ النِّكَاحِ ) أَي ما تكاءَدَتْنِي ، وما بَلَغَتْ مِنّي وما جَهَدَتْنِي ، وأَصله من الصَّعُودِ ، وهي العَقَبَةُ الشَّاقَّةُ ، يقال : تَصَعَّدَه الأَمرُ ، إِذا شَقَّ عليه وصَعُبَ ، قيل : إِنَّمَا تَصَعَّبُ عليهِ لِقُرْبِ الوُجُوه من الوُجُوهِ ، ونَظَرِ بعضهم إِلى بعض .
( والإِصَّعُّدُ ، بالكسر وفتْح الصاد ، وضمّ العَيْن ، المشدّدَّتين ، والإِصَّاعُدُ ) بالكسر ، وشَدِّ الصَّاد ، وبعدَ الأَلف عينٌ مضمومةٌ ، نقلهما الصاغانيُّ ( والإِصْطِعَادُ ) بمعنَى ( الصُّعُود ) ، قال اللِّيث : صَعَّدَ في الوادِي يُصَعِّدُ ، وأَصْعَدَ ، إِذا انحَدَر فيه . قال الأَزهَريُّ : والاصِّعَّادُ عندي مثْلُ الصُّعُود ، قال اللّهُ تعالى : { كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى السَّمَآء } ( الأنعام : 125 ) يقال . صَعِد ، واصَّعَّد ، واصَّاعَدَ ، بمعنًى واحد .
( و ) عن اللّيث : ( الصَّعُودُ ، بالفتح ضِدُّ الهَبُوط ، ج صُعُدٌ ) ، كزَبُورٍ وزُبُر ، ( وصَعَائِدُ ) ، مثل عَجُوز وعَجائِزَ ( و ) الصَّعُود : ( النّاقَةُ ) تُلقِي وَلَدَها بعْدَ ما يُشْعِرُ ، ثم تَرْأَمُ وَلَدَها الأَوْلَ ، أَو وَلدَ غيرِهَا ، فَتَدِرُّ عليه . وقال اللَّيْث : هي ناقةٌ يَمُوت حُوَارُهَا فتَرْجِعُ إِلى فَصِيلِها فَتَدِرُّ عليه . ويقال . هو أَطْيَبُ لِلَبَنِها ، وأَنشدَ لخالِدِ بن جَعفَرٍ الكِلابِيّ ، يصف فَرَساً :
أَمَرْتُ لها الرِّعَاءَ لِيُكْرِمُوها
لها لَبَنُ الخَلِيَّةِ والصَّعُودِ
قال الأَصمعيّ : الصَّعُودَ من الإِبِلِ : التي ( تَخْدِجُ ) لِستّةِ أَشهُرٍ أَو سبعة ( فَتُعْطَفُ على وَلَدِ عامِ أَوَّلَ ) ، ولا تكون صَعُوداً حتّى تكون خادِجاً ، والخَلِيَّةُ : النّاقَةُ تَعْطِفُ مَعَ أُخْرَى على وَلَد وَاحِدِ ، فتَدهرَّانِ عليه فيتَخَلَّى أَهْلُ البيتِ بواحدة يَحلُبونها . والجمع : صَعائدُ وصُعُدٌ . فأَمَّا سيبويه فأَنكر الصُّعُدَ .
ولو قال المصَنف : وبالفتْح : النّاقةُ . إلخ . وأَخَّرَ ذِكْرَ الجُمُوعِ كان أَسْبَكَ وأَسْلَكَ لطريقته ، فإِنّ ذِكْرَ الهَبُوطِ ،
____________________

(8/280)


كَونَه ضِدًّا للصَّعُودِ ، من المستدركات كما لا يَخْفَى .
( وقد أَصْعَدَت ) النّاقَةُ ( وأَصْعَدْتُها أَنا ) ، بالأَلف ، وصَعَّدْتُها أَيضاً ، جَعلْتُها صَعُوداً ، عن ابن الأَعرابيِّ ( و ) الصَّعُود : ( جَبَلٌ في النّارِ ) من جَمْرَةٍ واحدة ، يتَصَعَّد فيه الكافِرُ سَبْعين خَرِيفاً ثم يَهْوِي فيه كذالك أَبداً . رواه ابن حِبَّانَ والحاكِمُ في ( المستدرَك ) ، وأَورده السّيوطيُّ في جامعه .
( و ) الصَّعُودُ : الطريقُ صاعداً ، مؤنَّثة ، والجمع : أَصْعِدَةٌ وصُعُدٌ .
والصَّعُود : ( العَقَبَةُ الشَّاقَةُ ، كالصَّعُوداءِ ، مَمدوداً ، قال تَمِيمُ ابن مُقْبِل :
وحَدَّثَهُ أَنَّ السَّبِيلَ ثَنِيَّةٌ صَعُوداءُ تَدْعُو كُلَّ كَهْلٍ وأَمْرَدَا ( وبَنَاتُ صَعْدَةَ ) ، بالفتح : ( حُمُرُ الوَحْشِ ، والنِّسْبَة إِليها : صاعِديٌّ ) ، على غيرِ قياس ، قال أَبو ذُؤَيْب :
فَرَمَى فأَلْحَقَ صاعِدِيًّا مِطْحَراً
بالكَشْحِ فاشْتَمَلتْ عليه الأَضْلُعُ
( والصَّعْدَةُ ) بالفتح : ( القَنَاةُ ) ، وقيل : هي : ( المُسْتَوِيَةُ ) التي ( تَنْبُتُ كذالك ) لا تَحْتَاج إِلى التَّثْقِيف . قال كَعْبُ بن جُعَيلٍ ، يَصفُ امرأَةً ، شَبَّهَ قَدَّهَا بالقَنَاة :
فإِذا قامتْ إِلى جاراتِها
لاحَت السّاقُ بخَلْخال زَجِلْ
صَعْدةٌ نابِتةٌ في حَائِرٍ
أَيْنَمَا الرِّيحُ تُمَيِّلْها تَملْ
وكذالك القَصَبَةُ . والجمع : صعَادٌ .
( و ) قيل : الصَّعْدة : ( الأَتانُ ) وفي الحديث : ( أَنَّه خَرَجَ على صَعْدَة يَتْبَعُهَا حُذَاقِيّ عليها قَوْصَفٌ لم يَبْقَ منها إِلا قَرْقَرُهَ ) . الصَّعْدَةُ : الأَتَانُ الطَّوِيلَةُ الظَّهْرِ ، والحُذَاقِيّ : الجَحْشُ والقَوْصَفُ : القَطيفةُ ، وقَرْقَرُهَا : ظَهْرُها .
( و ) الصَّعْدةُ : ( الأَلَّةُ ) ، بفتح
____________________

(8/281)


الهمزة ، وتشديد اللّام ، وهي أَصغرُ من الحَرْبَةِ ، وقيل هي نَحْوٌ من الأَلَّةِ . وفي بعض النسخ : الأَكَمة ، بدل الأَلَّة ، وهو تحريف .
( و ) صَعْدَةُ ( عَنْزٌ ) ، اسم له ، نقله الصاغانيُّ . ( و ) الصَّعْدَة : اسمُ ( فَرَس ذُؤَيْبِ بنِ هِلالِ ) بن عُوَيْمِرٍ الخُزَاعِيّ .
( و ) صَعْدةُ : ( ع ) بل مدينةٌ كَبِيرةٌ ( باليَمَنِ ) معرِفة ، لا يَدْخُلها الأَلفُ واللَّام ، بينها وبين صَنْعَاءَ سِتُّونَ فَرْسَخاً . ( نه مُحَمَّد بن إِبراهيمَ بنِ مُسْلِمٍ ) الصَّعْدِيّ ، يُعرَف بابن البَطَّال ، سكَن المَصِيصةَ ، عن سَلَمَةَ بنِ شَبِيبٍ ، وعنه حَمْزةُ بنُ محمّدٍ الكِنَانِيّ . كذا أَورده ابن الأَثير .
( و ) صَعْدَةُ : ( ماءٌ جَوْفَ عَلَمَيْ بَنِ سَلُولَ ، و ) صَعْدَةُ : ( ع لبني عَوْف ) .
( و ) من المجاز : قولهم : صَنَعَ أَو ( بَلَغَ كذا ) وكذا ( فصاعِداً ، أَي فما فَوقَ ذلك ) ، وفي الحديث : لا صَلَاةَ لمن لم يَقْرَأْ بفاتحةِ الكتاب فصاعِداً ) أَي فما زَادَ عليها ، كقولهم : اشتريتُه بدِرْهَمٍ فصاعهداً ، قال سيبويه : وقالوا أَخذْتُه بدِرْهَمٍ فصاعِداً ، حذَفُوا الفِعْلَ لكثْرةِ استِعمالِهم إِيَّاه ، ولأَنَّهم أَمِنُوا أَن يكونَ على الباءِ ، لأَنك لو قلْتَ : أَخذْتُه بِصاعدٍ كان قبيحاً ، لأَنه صِفةٌ ، ولا يكون في موضع الاسمِ ، كانا قال : أَخذْتُه بدرْهمٍ فزادَ الثَّمَنُ صاعداً ، أَو فَذَهَب صاعداً ولا يَجُوز أَن تَقول وصاعِداً ، لأَنّكَ لا تُريد أَن تُخْبِر أَنَّ الدِّرهمَ مع صاعدٍ ثَمَنٌ شيْءٍ ، كقولك بدرهم وزِيادة ، ولاكنك أَخبرْتَ بأَدْنَى الثَّمنِ فجعَلْته أَوَّلاً ، ثم قَرَّرْت شيئاً بعْدَ شَيْءٍ . لأَثمانٍ شَتَّى ، قال : ولم يُرَد فيها هاذا المعنى ، ولم يُلْزِم الواوُ الشَّيْئَيْن أَن يكون أَحدُهما بعْدَ الآخَرِ
____________________

(8/282)


وصاعداً بدل مِن زادَ ويَزيد ، وثُمَّ مثْلُ الفاءِ إِلا أَنَّ الفاءَ أَكثرُ في كلامِهِم .
قال ابن جنّى : وصاعِداً : حالٌ مؤكِّدةٌ ، أَلَا تَرَى أَن تقديرَه : فزادَ الثَّمَنُ صاعِداً . ومعلومٌ أَنَّه إِذا زادَ الثَّمَنُ لم يكن إِلَّا صاعِداً ، ومثله قوله :
كَفَى بالنَّأْي مِنْ أَسْمَاءَ كافِ
غير أَنّ للحالِ هنا مَزِيَّةً ، أَعْنِي في قوله : فصاعِداً ، لأَن صاعداً نابَ في اللَّفظِ عن الفِعْل الذي هو زاد ، وكاف : ليس نائباً في اللَّفْظِ عن شيْءٍ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الفِعْلَ الناصِبَ له ، الّذِي هو : كَفَى ، ملفوظٌ بِه معه .
( والصَّعْداءُ ) ، بفتح فسكون ، وضبطه بعضُ أَئمة اللُّغَة بالضّمّ ، كالّذي يأْتي بعدَه ، والأَوّلُ الصّوابُ : ( المَشَقَّةُ كالصُّعْدُدِ ) بالضّمّ ، نقلَهما الصاغَانيّ .
( و ) الصُّعَداءُ ( كالبُرَحاءِ : تَنَفُّسٌ ) ممدودٌ ( طَوِيلٌ ) ، ومنهم من قَيَّدَه : إِلى فَوْقُ ، وقيل هو التَّنَفُّس بِتَوجُّع ، وهو يَتَنَفَّس الصُّعَدَاءَ ، ويتنفَّس صُعُداً ، وتَصَعَّدَ النَّفْسُ : صَعُبَ مَخْرَجُه .
( و ) في التنزيل : { فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيّباً } ( النساء : 43 ) قيل : ( الصَّعِيدُ ) : الأَرضُ بِعَيْنِهَا ، قاله ابن الأَعرابيِّ ، أَو الأَرْضُ الطَّيِّبَةُ .
وقال الفرّاءُ ، في قوله تعالى : { صَعِيداً جُرُزاً } ( الكهف : 8 ) الصّعِيد : ( التُّرابُ ) ، وقيل ، هو كلُّ تُرَابٍ طَيِّبٍ ، وقال غيره : هي الأَرْضُ المُسْتَوِيَة ، وقيل : هو المُرْتَفِعُ من الأَرض ، وقيل : الأَرضُ المُرْتَفِعَةُ من الأَرضِ المنخفِضة ، وقيل : ما لم يُخالِطْه رَملٌ ولا سَبَخَةٌ . ( أَو وَجْهُ الأَرض ) ، لقوله تعالَى : { فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا } ( لكهف : 40 ) قاله أَبو
____________________

(8/283)


إِسحاق . وقال جَرير :
إِذا تَيْمٌ ثَوَتْ بصَعيد أَرْضٍ
بَكَتْ من خُبْث لُؤْمهم الصَّعيدُ
وقال الشافعي : لا يَقَعُ اسمُ صَعيد إِلَّا على تُرَاب ذي غُبَارٍ فأَمّا البَطْحَاءُ الغَليظَةُ ، والكَثيبُ الغَليظُ ، فلا يَقَعُ عليه اسمُ صَعيد ، وإِنْ خالطَهُ تُرابٌ أَو صَعيدَ أَو مَدَرٌ يَكُون له غُبارٌ كانَ الّذي خالَطه الصَّعيدَ . ولا يُتَيَمَّمُ بالنُّورة ، وبالكُحْل ، وبالزِّرْنيخ ، وكلْ هاذا حجارة .
قال أَبو إِسحاق الزَّجَّاج : وعلى الإِنسان أَن يَضرِبَ بيدَيْه وَجْهَ الأَرْض ولا يُبَالِي ، أَكان في المَوْضع تُرَابٌ أَو لم يكن ، لأَنّ الصَّعيدَ ليس هو التُّرَابَ ، إِنَّمَا هو وَجْهُ الأَرْض ، تُرَاباً كان أَو غيرَه .
قال اللّيث : يقال للخَديقة إِذا خَرِبَتْ وذَهَب شَجْراؤُها ، قد صارَت صَعيداً ، أَي أَرْضاً مُسْتَوِيَةً لا شَجَرَ فيها . ( ج : صُعخدٌ ) ، بضمّتين ، ( وصُعُدَاتٌ ) جمْعُ الجمْع ، كطَريقٍ ، وطُرُق ، وطُرُقاتٍ .
( و ) الصَّعيد : ( الطَّريق ) ، يكون واسعاً وضَيِّقاً ، سمِّيَ بالصَّعيد من التُّرَاب ، جمْعُه صُعُدٌ ، وصُعُدَاتٌ أَيضاً ( ومنه ) حديثُ عليَ ، رضي الله عنه : ( إِيّاكُم والقُعُودَ بالصُّعُدَات ) إِلَّا مَن أَدَّى حَقَّها ) . هي الطُّرقاتُ وقيل هي جمع صُعْدَة ، كظُلْمةٍ ، وهي فناءُ بابِ الدَّارِ وَمَمرُّ النّاسِ بينَ يَدَيْهِ ، ومنه الحديث : ( لَخَرَجْتُم إِلى الصُّعُدَات تَجْأَرُونَ إِلى اللّهِ ) .
( و ) الصَّعِيدُ : ( القَبْرُ ) ، أَوردَه أَبو عُمَرَ المَطَرِّز .
( و ) الصَّعِيد ؛ ( بِلادٌ ) واسعةٌ ( بمصْرَ ) مشتملةٌ على نَوَاحٍ ، وبلادٍ ، وقُرًى عامرةِ ( مَسيرَةَ خَمْسَةَ عشرَ يوماً طُولاً ) وفي ( قوانين الديوان ) لابن الجِيعان أَنَّ الأَقاليم بالديار المصرية جِهتانِ ، إِحداهما : الوَجْهُ البَحريُّ ، وعِدَّتُها
____________________

(8/284)


أَلفٌ وسِتّمائَةٍ وإِحْدَى خمسون ناحية والجِهَة الثانية : الوَجْه القِبْليُّ ، وَعدَّتُها خَمْسُمائَة واثْنَتَا عَشْرَةَ ناحيَةً . وهي الإِطْفِيحيَّةُ ، والفَيُّوميَّةُ ، والبَهْنَساوِيَّةُ ، والأُشْمُونَيْنِ ، والأُسْيُوطِيَّة ، والإِخْمِيمِيَّة ، والقُوصِيَّة .
( و ) الصَّعِيد : ( ع قخرْبَ وادِي القُرَى ، به مَسْجِدٌ للنَّبِيِّ صلَّى اللّهُ عليْه وسلّم .
وصُعَائِدُ ، بالضّمّ : ع ) ، قال لَبيد :
عَلِهَتْ تَبَلَّدُ في نِهَاءِ صُعَائد
سَبْعاً تُؤَاماً كاملاً أَيَّامُها
( وعَذَابٌ صَعَدَ ، محرَّكةً ) ، في قوله تعالى : { يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً } ( الجن : 10 ) : ( شَديدٌ ذو صَعَد وَمَشَقَّة .
( والتَّصْعِيدُ : الإِذابةُ ) ، ومنه قيل خَلُّ مُصَعَّدٌ ، ( وَشَرَابٌ صَعَّدٌ ) ، إِذا ( عُولِجَ بالنَّارِ ) حتى يَحُولَ عَمَّا هو عليه طَعْماً ولَوْناً .
( والمصْعادُ ) بالكسر ( حابُولُ النَّخْلِ ) يُصْعَد به عليه ، عن الصاغانيِّ ( وصُعْدٌ بالضّمّ ) فسكون ، ( و ) صُعْدُدٌ ، وصُعَادَى ، والصُّعَيْداءُ ، ( كهُدْهُد ، وحُبَارَى ، والمُرَيْطاءِ : مواضعُ ) . نقلَهُنَّ الصاغانيُّ ، ما عَدَا الثانيَ .
( وصَاعِدٌ : فَرَسُ بَلْعَاءَ بنِ قَيس الكِنَانِيِّ ) . نقله الصاغانيّ . ( و ) صاعدٌ ( فَرَسُ صَخْرِ بن عَمْرو ) بن الحارِث بن الشَّرِيد ، نقله الصاغانيّ .
( وناقةٌ صُعادِيَّةٌ ، كغُرابِيَّة : طَوِيلةٌ ) . نقله الصاغانيَّ .
ومما يستدرك عليه :
جَبَلٌ مُصَعِّد : مُرتَفِعٌ عالٍ ، قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ :
يَأْوِي إِلى مُشْمَخِرَّات مُصَعِّدة
شُمَ بِهِنَّ فُرُوعُ القانِ والنَّشَمِ
وَأَكَمَةٌ ذاتُ صَعْدَاءَ : يَشْتَد صُعُودُها على الرَّاقي ، قال :
وإِنَّ سياسَةَ الأَقوامِ فاعلَمْ
لها صَعْدَاءُ مَطْلَعُها طَوِيلُ
____________________

(8/285)



والصَّعُودُ : المَشَقَّةُ ، على المَثَل ، وأَرْهَقْتُ صَعُوداً : حَمَّلْتُه مَشَقَّةً ، ويقال : لأُرْهِقنَّكَ صَعُوداً ، أَي لأُجَشِّمَنَّك مَشَقَّةً من الأَمرِ ، وإِنَّمَا اشتَقُّوا ذالك ، لأَن الارتفاعَ في صَعُودٍ أَشَقُّ من الانحدارِ في هَبُوطٍ ، وقيل فيه : يعني مَشَقَّةً من العَذَابِ . وفي الحديث ، في رَجَزٍ :
فَهْوَ يُنَمِّي صُعُدَا
أَي يَزيدُ صُعُوداً وارتفاعاً ، يقال : صَعِدَ فيه ، وإِليه ، وعليه ، وفي الحديث . فَصَعَّدَ فيَّ النَّظَرَ وصَوَّبَه ) أَي نَظَر إِلى أَعلايَ وأَسفَلى يتَأَمّلُني وفي صفَته ، صلَّى اللّهُ عليْه وسلَّم : ( كأَنَّمَا ينحَطُّ في صَعَدٍ ) هاكذا جاءَ في روايةٍ ، يعني مَوْضِعاً عالياً يَصْعَدُ فيه وَيَنْحَطُّ . والمشهور : كأَنّمَا يَنْحَطُّ في صَبَبٍ .
والصُّعُد ، بضمْتَيْن : جمْع صَعُودٍ ، خلاف الهَبوط ، وهو بفتحتين خلاف الصَّبَب .
وفي التنزيل : { إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ } ( آل عمران : 153 ) قال الفَرَّاءُ : الإِصعادُ في إِبتداءِ الأَسفار والمَخَارِجِ تقول : أَصْعَدْنا من مَكَّةَ ، وأَصْعَدنا من الكوفَة إِلى خُرَاسَانَ ، وأَشباه ذالك . ويقال : ما زِلنَا في صَعُودٍ ، وهو المَكَان فيه ارتفاعٌ ، وفي شِعر حَسَّان :
يُبَارينَ الأَعنَّةَ مُصْعِداتٍ
أَي مُقبلاتٍ مُتَوَجِّهات نحوَكُم .
وأَصْعَدَت السَّفينَةُ إِصعاداً ، إِذا مَدَّت شُرُعَها فذهَبَت بها الرِّيحُ صَعَداً .
ورَكَبٌ مُصْعِدٌ ، ومُصَّعِّدٌ : مُرتفعٌ في البَطْن مُنْتَصِبٌ ، قال :
تَقُولُ ذاتُ الرَّكَب المُرَفَّدِ
لا خافضٍ جدًّا ولا مُصَّعِّدِ
____________________

(8/286)



والصُّعْدَانُ : جَمْعُ صَعيد ، بمعنَى الطّريقِ ، قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْر :
وتِيهٍ تَشابَهُ صُعْدَنُهُ
ويَفْنَى به الماءُ إِلَّا السَّمَلْ
والصَّعيد : المَوْضعُ العَريض الواسعُ . وأَصْعَد في العَدْوِ : اشْتَدَّ .
ويقال : هاذا النَّبَاتُ يَنْمِي صُعُداً ، أَي يَزدادُ طُولاً .
وعُنُقٌ صاعِدٌ ، أَي طَويلٌ . وفلانٌ يَتَتَبَّع صُعَدَاهُ ، أَي يَرْفَعُ رأْسَه ولا يُطَأْطِئُه . وهو مَجَاز .
ويقال للنّاقَة : إِنَّهَا لفي صَعيدَةِ بازِلَيْهَا ، أَي قد دَنَتْ ولَمَّا تَبْزُلْ ، وهو مَجاز ، وأَنشد :
سَديسٌ في صَعِيدَةِ بازِلَيْهَا
عَبَنَّاةٌ ولم تَسِقِ الجَنينَا
ومن المجاز : جاريَةٌ صَعْدَةٌ ، أَي مُسْتَقيمَةُ القامةِ ، كأَنَّهَا صَعْدَةُ قَنَاةٍ . وجَوَار صَعْدَاتٌ ، بالسكون ، لأَنّه نَعْتٌ وثَلَاثُ صَعَداتٍ ، للقَنَا ، محرَّكة ، لأَنه اسمٌ .
والصُّعُد ، بضمّتين : شَجَرٌ يُذَابُ منه القارُ .
ومن المجاز : به شَرَفٌ صاعد ، وجَدٌّ مُسَاعد . ورُتْبَةٌ بَعيدَةُ المَصْعَد والمَصاعِد . وللسيادةِ صُعَدَاءُ : ارتفَاعٌ شاقٌّ على صاعِدِه .
وصاعِدٌ اللُّغويُّ صاحبُ ( الفُصُوص ) ، مشهور ، من أَئمَّة اللُّغَة .
وصَعْدَةُ اسم فَحْل ، عن الصاغانيِّ .
صغد : ( صُغْدٌ ، بالضَّمّ ) ، أَهمله الجوهريُّ . وقال الصَّاغَانيُّ : هو اسمٌّ لثَلَاثَةِ مواضعَ ، منها : ( ع بسَمَرْقَنْدَ ) مُتَنَزَّهٌ ذو أَنهارٍ وَبساتينَ . وقد تقدَّم في السين .
( و ) صغد : ( ع ببُخَارَى ) .
( وصُغْدُبِيلُ ) بالباءِ المُوَحدَة المكسورة ؛ ( د ، بإِرْمينِيَّةَ ، بَنَاهَا أَنُو شَرْوَانَ العادلُ ) مَلكُ الفُرْس .
____________________

(8/287)



قال الصاغانيّ : والصُّغْدِيُّون من المُحَدِّثين فيهم كَثْرة .
قلت : منهم : أَيُّوبُ بن سُلَيْمَانَ الصُّغْديُّ ، شيخٌ لابن السَّمَّاك . والحُسَيْن بن مَنصورٍ الصُّغْديُّ ، بغداديُّ ، روى عنه ابنُ خُزَيمةَ . وعبد الله بن محمّد بن أَيُّوبَ الصُّغْديُّ ، عن ابن عُيَيْنَة . ومحمّد بن أَحمدَ بن السّكن ، أَبو خُراسانَ الصُّغْدِيُّ ، عن أَبي عاصمٍ النَّبيل . وغيرُ هاؤلاءِ .
ومما يستدرك عليه :
صُغْدِيُّ بن سنان ، أَبو يَحيى العُقَيْليّ البَصْريُّ ، ضعيفٌ ، روَى عن داوود بن أَبي هِنْد ، ذَكَرَ البرديجيُّ أَنه فَرْد في الأَسماءِ وتُعُقِّب . ومنهم صُغْديُّ الكوفيُّ ، ثقةٌ ، رَوَى عنه أَبو نُعَيم . وهاذا الأَخير قد يقال فيه بالسّين أَيضاً . وصُغْديُّ بنُ عبد الله ، آخَرُ ذَكرَه ابن أَبي حاتم . كذا في ( التبصير ) .
صفد : ( صَفَدَه يَصْفِدُهُ ) ، بالكسر ، صَفْداً وصُفُوداً : ( شَدَّه ) وقَيَّده ، ( وأَوْثَقَه ) في الحَديد وغيره ، ( كأَصْفَدَه ) ، وهاذه عن الصاغانيّ ، ( وصَفَّدَه ) تَصْفيداً . والاسم الصَّفَادُ وصَفَدْتُه بالحَديد ، وفي الحديد ، وصَفَّدْته ، مُخَفَّفٌ ، ومُثَقَّل .
وفي الحديث : ( إِذا دَخَلَ شَهْرُ رَمضانَ صُفِّدَت الشَّيَاطينُ ) يعني : شُدَّتْ وأُوثِقَتْ بالأَغلال ، يقال منه : صَفَدْت الرَّجلَ فو مَصْفودٌ ، وصَفَّدته فهو مُصَفَّد . وفي حديث عمر : ( قال له عبدُ الله بن أَبي عَمَّارٍ : لقد أَردتُ أَن آتيَ به مَصْفُودً ) ، أَي مُقَيَّداً .
( والصَّفَدُ ، محرَّكَةً ) ، وقد روى بالتسكين أَيضاً : ( العَطَاءُ ) ، وقد أَصْفَدَه : أَعطاهُ ووَصَلَه ، ويُعَدَّى إِلى مفعولين ، قال الأَعشى في العَطيّة يمدح رَجُلاً :
وأَصْفَدَني عَلَى الزَّمانَة قائدَا
يريد : وَهَبَ لي قائداً يَقُودُني .
( و ) الصَّفَدُ ، بالتحريك والتسكين :
____________________

(8/288)


( الوَثاقُ ) وعلى التسكين قال أُمَيَّةُ بن أَبي الصَّلْت ، في قصّة الذَّبيح ، وجَرَى على أَنه إِسحاق ، كما ذَهَبَ إِليه أَهلُ الكتَابَيْن :
واشْدُدِ الصَّفْدَ أَن أَحيدَ من السِّكِّ
ين حَيْدَ الأَسير ذي الأَغْلالِ
وقال ناظم الفصيح :
ورَجُلاً أَصْفَدْتَ فهو مصْفَدُ
أَعطيتَه مالاً وذاكَ الصَّفَدُ
وآخراً صَفَدْتَه بغُلِّ
وصار مَصْفُوداً : لأَجْل غِلِّ
وجعل بعضهم الإِصفاد من الأَضداد ويقال : المصدَرُ من العَطية الإِصفادُ ، ومن الوَثاق الصَّفْد .
( و ) صَفَدُ ، ( بلَا لامٍ : د ، بالشام ) من جَبَل لُبنانَ ، منه المُؤَرِّخُ صلاحُ الدِّين خَليلُ بنُ أَيْبَكَ بن عبد الله الصَّفَديُّ ، وآخرون .
( و ) الصَّفادُ ، ( ككِتَاب : ما يُوثَقُ به الأَسيرُ من قدّ ) ، بكسر القاف ، ( أَو قَيْد ) من حَديدٍ ، أَو غُلَ ، ( و ) الجمْع : ( الأَصفاد ) ، وهي ( القُيُودُ ) ، قال ابن سيده : لا نعلَمه كُسِّر على غير ذالك ، قَصَروه على بناءِ أَدْنَى العَدَد .
وفي التنزيل العزيز : { وَءاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِى الاْصْفَادِ } ( صلله : 38 ) قيل : هي الأَغلالُ . وقيل : القُيدُ ، واحدُهَا صَفَدٌ وصَفْدٌ وصفَادٌ ، وتقول : إِنْ أَفَدْتني حَرْفاً ، فقد أَصْفَدتَني أَلْفاً . أَي أَعطيتَني . وتقول : الصَّفَدُ صَفَدٌ ، أَي العطَاءُ قَيْدٌ . وفي الحديث : ( نَهَى عن صلاة الصافد ) هو أَن يَقْرِن بَيْنَ قَدَمَيْه مَعاً ، كأَنَّهُمَا في قَيْد .
ومن المجاز : صَفَّدته بكلامي تَصْفيداً ، إِذا غَلَبْتَه .
صفرد : ( الصَفْرِد ، كزِبْرِجٍ : أَبو المَلِيح . و ) في المثل ( أَجْبَنُ من صِفْرِد ) قال ابن الأَعرابيّ : ( هو طائرٌ جَبَان ) يَفزَع من الصَّعْوَة وغَيْرَها . وقال الليْث . هو طائرٌ يأْلَفُ البُيُوتَ ، وهو أَجبَنُ طائرٍ .

____________________

(8/289)


صفعد : ( الإِصْفَعِيدُ ) ، أَهمله الجوهَرِيُّ ، والجماعةُ . وقال الأَزهَرِيُّ : هو ( بكسر الهمْزةِ ، وفتْحِ الفاءِ ، وكسْر العين المهملة ؛ الخَمْرُ ) ، ويقال : الأَصْفَدُ ، بحذف العين والياءِ . قال الشاعرُ ، يَصف روضةً :
وَبَدَا لكَوْكَبِهَا سَعِيطٌ مِثْلَ ما
كُبِسَ العَبِيرُ على المَلَابِ الأَصْفَدِ
قال الأَزْهريّ : إِنما أَراد الإِصْفَنْط .
صلد : ( الصَّلْدُ ) ، بالفتح ، ( ويُكْسَر : الصُّلْبُ الأَمْلَسُ ) ، يقال : حَجَرٌ صَلْدٌ ، وصَلُودٌ ، وَصَلِيدٌ ، بَيِّنُ الصَّلَادةِ الصُّلُودِ : صُلْبٌ أَمْلَسُ . والجَمْع : أَصْلادٌ . قال الله عَزَّ وجلّ : { فَتَرَكَهُ صَلْدًا } ( البقرة : 264 ) .
قال اللَّيْثُ : يقال : حَجَرٌ صَلْدٌ وَجَبِينٌ صَلْدٌ ، أَي أَمْلَسُ يابِسٌ ، فإِذا قلْتَ : صَلْتٌ ، فهو مُسْتَوٍ . وقال ابن السِّكِّيتِ : الصَّلْد : الصَّفَا العَريضُ من الحِجَارةِ الأَمْلَسُ . قال : وكُلُّ حَجَرٍ صُلْبٍ فكُلُّ ناحِيَةٍ منه صَلْدٌ . ( كالصَّلَوْدَدِ ، كَسَفَرْجَلٍ ) ، والأَصْلَدِ . قال المُثَقَّبُ العَبْدِيُّ :
يَنْمِي بنُهَّاضٍ إِلى حارِكٍ
ثَمَّ كَرُكْنِ الحَجَرِ الأَصْلَدِ
( و ) من المجاز : ( فَرَسٌ ) صَلْدٌ ، إِذا كانَ ( لا يَعْرَقُ ، كالصَّلُودِ ، كصَبُورٍ ) ، وهو ( مَذْمومٌ ) عند أَهْل الفِراسَة من العَرب . كذا في التهذيب .
وفي المحكم : فَرَسٌ صَلُودٌ : بَطِيءُ الإِلْقَاحِ ، وهو أَيضاً : القليلُ الماءِ ، وقيل : هو البَطيءُ العَرَق .
( وصَلَدَت الدَّابَّةُ تَصْلِدُ ) ، بالكسر ، صَلْداً ( ضَرَبَت بِيَدَيْهَا الأَرْضَ في عَدُوِها ) ، فهي صَلُودٌ . قال ساعدةُ الهُذَلِيُّ :
وأَشْفَت مَقاطِيعُ الرُّمَاةِ فُؤادَهُ
إِذا يَسْمَعُ الصَّوْتَ المُغَرِّدَ يَصْلِدُ
____________________

(8/290)



( و ) صَلَدَ الوَعِلُ ( في الجَبَلِ ) يَصْلِدُ صَلْداً ، فهو صَلُودٌ : ( صَعَّدَ ) ، أَي تَرَقَّى .
( و ) يقال : صَلَدَت ( أَنْيَابُهُ ) ، إِذا ( صَوَّتَ صَرِيفُها ) فَسُمعَ ذالك ، فهي صالِدَةٌ و ) الجمع : ( صَوالِدُ ) ، قال الراجز :
تَسْمعُ في عُصْلٍ لها صَوَالِدَا
صَلَّ خَطَاطِيفَ على جَلامِدَا
( و ) من المجاز : صَلَدَت ( الأَرضُ ) ، إذا ( صَلُبَتْ ) فلم تُنْبِتْ شَيئاً ، ( كأَصْلَدَتْ ) ، ومَكانٌ صَلْدٌ ( صُلْب ) شَدُيدٌ . وقد صَلَدَ وأَصْلَد .
( و ) من المجاز : صَلَدَت ( صَلَعَتُهُ ) محرَّكَةً ، إِذا ( بَرَقَتْ ) .
وفي حديثِ عُمَرَ رضي الله عنه : ( أَنَّه لَمَّا طُعِنَ سَقَاه الطَّبيبُ لَبَناً فخَرَجَ من مَوْضعِ الطَّعْنَةِ أَبيضَ يَصْلِدُ ) أَي يَبْرُقُ ويَبِصُّ .
( و ) مِنَ المَجَازِ : صَلَدَ ( الزَّنْدُ ) يَصْلِدُ ( صَلْداً : صَوَّتَ ولم يُورِ ) فهو صالِ ، وصَلَّادٌ ، وصَلُودٌ ، ومِصْلادٌ كأَصْلَد ، أَصْلَدَه هو ، وأَصلَدْته أَنا وقَدَحَ فُلانٌ فأَصْلَدَ . وحَجَرٌ صَلْدَّ : لا يُورِي . وحَجَرٌ صَلُودٌ .
وحكَى الجَوْهَريُّ : صَلِدَ الزَّنْدُ ، بكسر اللام ، يَصْلَد صُلُوداً ، إِذا صَوَّت ولم يُخْرِج ناراً . وأَصلَد الرَّجلُ ، أَي صَلَدَ زَنْدُه .
قلْت : وما قالَه الجَوهريُّ هذا هو الذي حكاه أَقوامٌ عن أَبي زَيدٍ ، وقد وُجِدَ في بَعْض نُسخ الصّحاح مثْلُ ما قَالَه المُصنِّفُ .
( و ) من المجاز : صَلُد الرجلُ ( ككَرُم : بَخِلَ ) صَلَادةً . ورُوِيَ فيه
____________________

(8/291)


صَلَد يَصْلِد من حَدِّ ضَرَبَ ، صَلْداً ( كصَلَّدَ تَصْلِيداً ) وَرَجُلٌ صَلْدٌ ، وصَلُودٌ ، وأَصْلَدُ : بَخِيلٌ جِدًّا .
وعن أبي عَمْرٍ و ويقال للبخيلِ : صَلدَت زِنادُه ، وأَنشد :
صَلَدَت زِنادُكَ يا يَزِيدُ وطَالَما
ثَقَبَتْ زِنَادُكَ للضَّرِيكِ المُرْمِلِ
( والصَّلُود : المُنْفَرِدُ ) ، قاله الأَصْمَعيُّ ، يقال : لَقِيتُ فُلاناً يَصْلِد وَحْدَه ، وأَنشد لساعدةَ بن جُؤَيَّةَ الهُذَلِيّ :
تالله يَبْقَى على الأَيّامِ ذُو حِيَدٍ
أَدْفَى صَلُودٌ من الأَوعالِ ذو خَدَمِ
أَراد بالحِيَدِ : عُقَدَ قَرْنِه ، ( كالصَّلِيد ) ، كأَميرٍ .
( و ) من المجاز : الصَّلُود : ( القِدْرُ البَطِيئةُ الغَلْيِ ) ، كذا في المحكم ، والأَساس .
( و ) من المجاز : الصَّلُود : ( النّاقَةُ البَكيَّةُ ، كالمصْلادَةِ ) والمِصْلادِ .
( و ) الصَّلُود ( مَنْ يُصَعِّد في الجَبَلِ فَزَعاً ) وخَوْفاً .
( و ) عن ابن السِّكِّيت : ( الصِّلْداءُ والصِّلْداءَةُ بكسرهما : الأَرضُ الغَلِيظَةُ الصُّلْبَةُ ) لا تُنْتُ شَيئاً .
( و ) في التهذيب : يقال ( عُودٌ صَلَّادٌ ، ككَتَّانٍ : لا يَنْقَدِحُ ) منه النار .
( والصَّلِيدُ : البَرِيق ) وقد صَلَدَ ، إِذا بَرَقَ .
ومن المَجاز : ( ناقَة صَلْدَة ) ، إِذا كانَت جَلْدَة ، نقله ( مِصْلادٌ ) إِذا ( نُتِجَتْ ومالَهَا لَبَنٌ ) ، وهي البَكِيَّةُ أَيضاً .
( وصَلْدَدُ ) كجَعْفر : ( ع باليَمَنِ ) فيما يقال ، ( أَو قُرْبَ رَحْرَحانَ ) . قال شيخُنا : ويُؤيِّد القَوْلَ الثّانيَ قَولُ ابنِ نُمَيطٍ الهَمْدَانِيِّ :
ذَكَرتُ رَسُولَ اللّهِ في فَحْمَةِ الدُّجَا
ونَحْنُ بأَعْلَى رَحْرَانَ وصَلْدَدِ
____________________

(8/292)



وهو مبسوط في وفد هَمْدان في ( العيون ) وغيره من مُصنَّفات السِّيَر .
( والأَصْلَدُ : البَخِيلُ ) جهدًّا ، على التَّشْبِيه .
ومما يستدرك عليه :
يقال : جَبِينٌ صَلْدٌ أَي أَمْلَسُ يابِسٌ . وعن أَبي الهيثم : أَصلادُ الجَبِينِ : المَوْضِعُ الّذِي لا شعرَ عليه ، شُبِّهَ بالحَجَرِ الأَمْلِس . وجَبِينٌ صَلْدٌ ، ورأْسٌ صَلْدٌ ، ورَأْسٌ صُلادِمٌ كَصَلْدٍ : لا يُخْرِج شَعراً ، فُعَالِمٌ عند الخليل ، وفُعَالِلٌ عندَ غيرِه . وكذالك : حافِرٌ صَلْد وصُلادِمٌ . وسيأْتي في الميم . وأَنشد ابنُ السِّكِّيت لرؤبةَ :
بَرَّاقَ أَصْلادِ الجَبِين الأَجْلَهِ
وامرأَة صَلُودٌ : قَليلةُ الخَيْرِ ، قال جَمِيلٌ :
أَلَمْ تعلَمِي يا أُمَّ ذِي الوَدْعِ أَنَّنِي
أُضاحِكُ ذِكْرَاكُمْ وأَنْتِ صَلُودُ
وقيل : صَلُودٌ هنا : صُلْبَةٌ لا رَحْمَةَ في فُؤادِهَا .
وبِئرٌ صَلُودٌ : غَلَبَ جَبَلُهَا فامتَنَعَت على حافِرِها .
وقد صَلَدَ عليه يَصْلِد صَلْداً ، وصَلُد صَلَادةً ، وصُلُودةً ، وصُلُوداً .
وسَأَلَه فأَصْلَدَ ، أَي وَجَدَه صَلْداً ، عن ابن الأَعرابيِّ . هاكذا حكاه . قال ابن سيده : وإِنَّما قِياسُه : فأَصْلَدْتُ ، كما قالوا : أَبْخَلْتُه وأَجْبَنْتُه ، أَي صادَفْتُه بَخِيلاً وَجَبَاناً .
وصَلَدَ المسئولُ السائلَ ، إِذا لم يُعْطِهِ شَيْئاً .
وصَلَدَ الرجلُ بيدَيْه صَلْداً مثل صَفَقَ ، سَواءً .
والصَّلُود الصُّلْبُ ، بِنَاءٌ نادِرٌ .
وفي التهذيب ، في ترجمة صَلَت : وجاءَ بِمَرَقٍ يَصْلِتُ ، ولَبَنٍ يَصْلِبُ ، إِذا كان قليلَ الدَّسَم ، كَثِيرَ الماءِ ، ويجوز يَصْلِد ، بهاذا المعنَى .
وقال الصاغانيُّ : المُصْلِدُ : اللَّبَن يُحْلَبُ في إِناءٍ قد أَصابَه دَسَمٌ ، فلا
____________________

(8/293)


تَكُون له رَغوة ، ويقال : خَرَجَ الدَّمُ صَلْداً وصَلْتاً ، بمعنًى واحدٍ .
صلخد : ( جَمَلٌ صَلْخَدٌ : ( وصِلَخْد ، وصِلَّخْدٌ وصِلْخَادٌ ، وصَلَخْدًى ، وصُلَاخِدٌ ( كجَعْفَرٍ ، وحِضَجْرٍ ، وجِرْدَحْلٍ ، وقِرْطَاس ، وسَبَنْتى ، وعُلابِطٍ ) ، كلّ ذالك : المُسِنُّ ، ( الصُّلْبُ ، القَوِيُّ ) الشدِيدُ ، الطويلُ . ( أَو ) هو : ( الشَّهْمُ الماضِي ) من الإِبلِ ، وقيل : للفَحْل الشَّدِيدِ : صَلَخْدًى ، بالتنوين ، والأُنثى : صَلَخْداة . وفي الصّحاح : الصَّلَخْدَى : القَوِيُّ الشَّدِيدُ ، مثل الصَّلَخْدَمِ ، الياءُ والميمُ زائدتان . ويقال : جَمَلٌ صَلَخْدًى ، وناقة صَلَخْدَاةٌ . وجَمَلٌ صُلَاخِدٌ بالضمّ ، والجمع : صَلاخِدُ ، وأَنشد الليث :
وأَتلَعُ صِلَّخْدٌ صِلَخْم صَلَخْدَمٌ
وقال رؤبةُ :
كأَنَّ رُبًّا سالَ بعد الإِعقادْ
على لَدِيدَيْ مُصْمَئِلَ صِلْخَادْ
( واصْلَخَدَّ اصْلِخْداداً : انتصبَ قائِماً ) ، وهو مُصْلَخِدُّ ( وناقَة صَيْلَخُودٌ : شَدِيدةٌ ) ، وهو أَنثى صَلَخْدًى .
صلغد : ( الصِّلَّغْد كجِرْدَحْل ) أَهمله الجوهريُّ . وقال الصاغانيُّ : هو من الرجال : ( المُتَقَشِّرُ الأَنفِ حُمْرَةٌ ) ، وفي اللسان : قيل هو اللئيمُ ، وقيل : الطويلُ وقيل : الأَحمقُ المُضطرِبُ . وقيل : هو الذي يأْكل ما قَدَر عليه .
صمد : ( الصَّمْدُ ) ، بفتح فسكون : ( القَصْدُ ) صَمَدَه يَصْمِدُه صَمْداً ، وصَمَدَ إِليه ، كلاهما : قَصَدَه . وصَمَدَ صَمْدَ الأَمْرِ ، أَي قَصَد قَصْدَهُ واعتَمَدَه .
____________________

(8/294)



وفي حديث مُعاذِ بنِ عمرِو بن الجَمُوحِ في قَتْلِ أَبي جهل : ( فَصَمَدْتُ له حتى أَمْكَنَتْنِي منه غِرَّةٌ ) أَي وَثَبْتُ له وقَصَدْته ، وانتظرْت غَفْلَتُه .
( و ) الصَّمْد ( الضَّرْبُ ) يقال : صَمَدَه بالعَصا صَمْداً وَصَمَلَه ، إِذا ضَرَبه بها ، عن أَبي زَيْدٍ .
( و ) الصَّمْد : ( النَّصَبُ ) .
( و ) الصَّمْد : ( ماءٌ للضِّبابِ ) ، كما في التكملة ، وفي اللّسَان : للرِّباب ، وهو في شاكِلَةٍ في شِقِّ ضَرِيَّةَ الجَنُوبِيِّ وقيل : هو قريبٌ من وادٍ بِحَزْن بنِي يَرْبُوع .
ويقال لِمَا أَشرفَ من الأَرض : الصَّمْدُ ، بإِسكان الميم .
( و ) الصَّمْد : ( المكانُ المرتفعُ الغَلِيظُ ) من الأَرضِ ، لا يَبلُغُ أَن يكون جبَلاً ، وجمْعه : أَصْمادٌ ، وصِمَادٌ قال أَبو النجم :
يُغادِرُ الصَّمْدَ كَظَهْرِ الأَجْزَلِ
ومثله في ( الروض الأُنُف ) والغَرِيبَين للهَرَوِيّ .
وقال أَبو خَيْرة : الصَّمْدُ والصِّمادُ : ما دَقَّ من غ 2 لَظِ الجَبَلِ ، وتَواضَعَ واطْمَأَنَّ ، ونَبَتَ فيه الشَّجَرُ . وقال أَبو عَمْرٍ و : الصَّمْدُ : الشَّدِيدُ من الأَرْضِ .
( و ) الصَّمْدُ : ( تَأْثِير لَفْح الشَّمْسِ في الوَجْهِ ) ، يقال : صَمَدَته الشَّمْسُ ، أَي صَقَرَته بِلَفْحِها .
( و ) الصَّمَد ( بالتحريك : السَّيِّد ) المُطَاعُ الذي لا يُقْضَى دُونَه أَمْرٌ . وهو من صِفاتِهِ تعالَى وتَقدَّس ، ( لأَنَّه ) أُصْمِدَتْ إِليه الأُمورُ فلم يَقْضِ فيها غَيْرُه . وقيل : الذي يُصْمَد إِليه في الحَوائِجِ ، أَي ( يُقْصَدُ ) ، وأَنشد الجوهريُّ :
عَلَوْتُهُ بِحُسَامٍ ثُمَّ قُلتُ لَهُ
خُذْها حُذَيْفُ فأَنْتَ السَّيِّدُ الصَّمَدُ
وقيل : الصَّمَدُ : الذي لا يَطْعَمُ . وقيل : الصَّمَدُ : السَّيِّدُ الذي قد انتهى سُودَدُه . قال الأَزهريُّ : أَمَّا اللّهُ تعالى
____________________

(8/295)


فلا نِهايَة لِسُودَدِه ، لأَن سُودَدَه غيرُ مَحْدُودٍ ( و ) قيل : الصَّمَدُ : ( الدائمُ ) الباقي بعد فَنَاءٍ خَلْقِهِ . وهو من الرّجال : الذي لَيْسَ فَوقَه أَحَدٌ . وقيل : الصَّمَد : الذي صَمَدَ إِليه كُلُّ شيْءٍ ، أَي الذي خَلَق الأَشْيَاءَ كُلَّها ، لا يَسْتَغْنِي عنه شيءٌ ، وكُلُّها دَالٌّ على وَحْدَانِيَّتِهِ . ورُوِيَ عن عُمَرَ أَنَّه قال : ( أَيُّهَا الناسُ ، إِيَّاكم وتَعَلُّمَ الأَنسابِ والطَّعْنَ فيها ، فوالذي نَفْسُ محمّدٍ بيَدِه لو قُلْتُ لا يَخْرُجُ من هاذا البابِ إِلَّا صَمَدٌ ما خَرَجَ إِلَّا أَقَلُّكُمْ .
( و ) الصَّمَدُ : ( الرَّفِيعُ ) من كلِّ شيْءٍ .
( و ) قيل : الصَّمَدُ ( مُصْمَتٌ ) ، وهو الذي ( لا جَوْفَ له ) وهو المُصْمَدُ أَيضاً ، عن مَيْسَرة ، وهاذا لا يجوز على الله تعالى .
( و ) قال أَبو عَمْرٍ و : الصَّمَدُ : ( الرَّجُلُ ) الذي ( لا يَعْطَشُ ولا يَجُوعُ في الحَرْبِ ) ، وأَنشد المُؤرِّجُ :
وسارِيَةٍ فوقَها أَسوَدٌ
بِكَفِّ سَبَنْتًى ذَفِيفٍ صَمَدْ
السَّارِيةُ : الجَبلُ المرتفعُ الذَّاهِبُ في السماءِ كأَنه عَمود ، والأَسْود : العَلَم .
( و ) الصَّمَدُ : ( القَوْمُ لا حِرْفَةَ لَهُمْم ولا شَيْءٍ يَعِيشُون به .
( و ) صِمَادٌ ، ( ككِتَاب : سِدَادُ القارُورَةِ ) ، قاله ابنُ الأَعرابِيّ قال : والسِّدَادُ غَيرُ العِفَاصِ ، وقد صَمَدْتُها أَصْمَدُهَا ، ( أَو عِفاصُهَا ) ، قاله الليث ( وقد صَمَدَهَا ) يَصْمَدُهَا ( كمَنَعَ ) قال شيخُنا : وهاذا من الغرائبِ التي لا نَظِيرَ لها ، لأَنَّ الفِعْلَ ليس بحلْقِيِّ العَيْنِ ، ولا اللَّامِ ، فلا مُوجِبَ لِفَتْحِه في المُضَارِعِ ، كما هو ظاهر .
قلت . وقد رأَيتُ في التكملة . مُجَوَّداً ، بخطِّ الصاغانِيِّ : وقد صَمَدَهَا يَصْمُدها بضمّ الميم . فالحقُّ في
____________________

(8/296)


هاذا التوقُّف مَعَ شيخِنا ، رحمه الله تعالى .
( و ) الصِّمَادُ : ( الجلَادُ والضِّرَابُ ) من صامَده فهو مُصامِدٌ .
( و ) الصِّمَاد : ( ما يَلُفُّهُ الإِنسانُ على رأْسِهِ من خِرْقةٍ أَو مِنْدِيلٍ ) أَو ثَوبٍ ( دُونَ العِمَامةِ ) ، وقد صَمَّد رأَسَه تَصْمِيداً ، إِذا لَفَّ ، مِن ذالك .
( والصَّمْدَةُ : صَخْرةٌ راسِيَةٌ في الأَرضِ مُسْتَوِيَةٌ بها ) أَي بمَتْنِ الأَرضِ ، ( أَو مُرْتَفِعَةٌ ) . وفي التهذيب : ورُبمَا ارْتَفَعَتْ شَيْئاً ، قال :
مُخَالِفُ صَمْدَةٍ وقَرِينُ أُخْرَى
تَجُرُّ عليه حاصِبَها الشَّمَالُ
ويقال : الصُّمْدة ، بالضّمّ .
( و ) الصَّمْدَةُ ، بالفتح ، وبالتحريك : ( النَّاقَةُ المُتَعَيِّطَةُ التي ) حُمِل عَليها ( لم تَلْقَحْ ) ، الفتْح عن كُرَاع .
( والمُصَوْمِدُ : الغَلِيظُ ) المُشْرِف .
( والمُصَمَّد ، كمُعَظَّمٍ : المقصودُ ) ، يقال : بَيتٌ مُصَمَّدٌ .
( و ) المُصَمَّد : ( الشيْءُ الصُّلْبُ ما ) ، أَي الذي ليس ( فيه خَوَرٌ ) ، بالتحريك نقله الصاغانيّ .
( و ) يقال : ( ناقَة مِصْمادٌ ) ، أَي ( باقِيةٌ على القُرِّ والجَدْبِ ، دائِمَةُ الرِّسْلِ ) ، بكسر الراءِ ، وسكون السين ( ج : مَصامِدُ ومَصامِيدُ ) ، قل الأَغلب :
بَيْنَ طَرِيِّ سَمَكٍ ومالِحَ
ولِقَحٍ مَصامِدٍ مَجالِحِ
ومما يستدرك عليه :
تَصَمَّدَ له بالعَصَا : قَصَد . وقيل : تَصَمَّد رأْسَهُ بالعَصَا : عَمَدَ لِمُعْظَمِهِ .
وأَصْمَدَ إِليه الأَمْرَ : أَسْنَده .
وبِنَاءٌ مُصَمَّدٌ : مُعَلًّى .
والصِّمَادُ ، بالكسر : رَوْضَاتُ بَنِي عُقَيْلً ، والرَّبابُ .
وصُمَادٌ ، كَغُرَابً : جَبَلٌ .
وصَمُودٌ ، كزَبُورٍ : اسمُ صَنَمٍ كان لعادٍ يَعْبدونه ، قالَ يَزِيد بن سَعْدٍ ،
____________________

(8/297)


وكان آمَن بِهُودٍ عليه السلام :
عَصَتْ عادٌ رَسُولَهُمُ فأَمْسَوْا
عِطَاشاً لا تَمَسُّهُمُ السَّمَاءُ
لَهُم صَنَمٌ يُقَالُ له صَمُودٌ
يُقَابِلُه صَدَاءٌ والبَغَاءُ
في أَبيات ، إِلى أَن قال :
وإِنَّ إِلاهَ هُودٍ هُو إِلاهى
على الله التوكُّلُ والرَّجَاءُ
وهو مذكور في كُتُب السِّيَر .
وبنو صُمَادَةَ بالضمّ : حَيٌّ من العرب بالشام .
ومَصْمُودةُ : قَبيلَةٌ من البَرْبَر ، بالمَغْرب ، وهم المَصَامدةُ ، أَهلُ شَوْكَةٍ وعَدَد . والصِّمادةُ هي الصِّماد ، لما يُلَفُّ على الرأْس .
ويَومُ الصَّمْد ، من أَيّامهم .
ويقال : أَنا على صِمَادَةٍ من أَمْري ، أَي على شَرَفٍ منه .
وبات على صِمَاد الماءِ ، أَي ( على ) أَمِّهُ .
صمخد : ( الصّمَخْددُ ، بالخاءِ المعجمة ، كسَفَرْجَلٍ وقُذعْملٍ ) ، أَهمله الجوهريّ . وقال الفرَّاءُ ، والسِّيرَافيّ : هو ( الخالصُ ) من كُلِّ شيْءٍ . ( و ) يقال : ( أَنتَ في صَمَخْدَد قَوْمِك ) كسَفَرْجَلٍ ( أَي في صَميمهم ) وخالِصهم .
( واصْمَخَدَّ ) الرَّجُلُ اصْمِخْداداً : ( انتَفَخَ غَضَباً ) وامتلأَمنه .
صمرد : ( الصِّمْرِدُ ، كَزِبْرجٍ ) ، أَهمله الجوهَريُّ ، وقال ابنُ الأَعرابيِّ : هي من الإِبل : ( النّاقةُ الغَزيرَةُ اللَّبَنِ ) .
( و ) قال غيره : ( القَليلَتُه ) ، فهو ( ضدٌّ ) .
( والصَّمَريُ : الأَرَضُونَ الصَّلَابُ ) .
( و ) الصَّمَاريدُ : ( الغَنَمُ السِّمانُ . و ) أَيضاً : ( المَهَازِيلُ . ضدٌّ ) ، وذكرَ الجوهريُّ . هاذه المادّةَ في : ص ر د . قال : وأُرَى الميمَ زائدةٌ ، وقال الصاغانيُّ الصِّمْرِدُ : فِعْلِلٌ . والصَّمَارِيدُ . فَعَالِيلُ والميمانِ أَصْلِيَّتان .
____________________

(8/298)



ومما يستدرك عليه :
بِئْرٌ صِمْرِدٌ : قليلةُ الماءِ ، قال :
جُمَّةُ بئْرٍ من بِئَارٍ مُتَّحِ
لَيْسَتْ بثَمْدٍ للشِّباكِ الرُّشَّحِ
ولا الصَّمَارِيدِ البِكَاءِ البُلَّحِ
صمعد : ( الأَصْمِعْداد : الانطلاقُ السَّريعُ ) قال الزَّفَيَانُ :
تَسْمَعُ للرِّيح إِذا اصْمَعَدَّا
بَيْنَ الخُطَا منهُ إِذا ما ارقَدَّا
مثْلَ عَزِيف الجِنِّ هَدَّتْ هَدَّا
( والمُصْمَعِدُّ ) : الذَّاهبُ في الأَرض ، المُمْعِنُ فيها ، ومن ذالك سُمِّيَ ( الأَسَدُ ) ، قال الأَزهريِّ أَصْلُ اصْمَعَدَّ : أَصْعَد ، فزادُوا الميمَ وقالوا : اصْمَعَدّ ، فشَدَّدُوا .
والمُصْمَعِدُّ : المُسْتَقِيمُ من الأَرْض ، قال رؤبة :
عَلى ضَحُوكِ النَّقْبِ مُصْمَعِدِّ
صمغد : ( الصِّمَغْدُ كسبَحْلٍ ) ، أَهمله الجوهريّ ، وقال ابن دُريد هو : ( الصُّلْب الشَّديدُ ) من الرِّجَال ، والعَيْن لُغَة فيه .
( والمُصْمَغِدُّ كَمُشْمَعِلَ : المُنتَفخُ ) الوارمُ ، إِمَّا ( من شَحْمٍ أَو مَرَضٍ ) ، عن ابن دُرَيْد .
وفي الحديث : ( أَصبَحَ ، وقد اصمَعَدَّت قَدَماه ) أَي وَرِمَت ، هاكذا بالعين المهملة ، بخَطِّ مَن يُوثَقُ به .
صند : ( الصِّنْدِدُ كزِبْرِجٍ ) ، وهاذه عن الصاغانيّ : ( السَّيِّدُ ) الشَّريفُ . وقيل : السَّيِّدُ ( الشُّجَاعُ ، كالصِّنْديد ) والصِّنْتيت . قاله الأَصمعيّ . ( أَو الحَليمُ ، أَو الجَوَادُ ، أَو ) المَلِكُ الضَّخْمُ ( الشَّريفُ ) .
قال ابن الأَعرابيّ : الصَّنَاديدُ : السَّادَاتُ ، وهم الأَجْوادُ ، وهم الحُلَماءُ ، وهُمْ حُمَاةُ العَسْكَرِ .
وفي الحديث ذكْرُ صَنَاديد قُرَيْشٍ ،
____________________

(8/299)


وهم أَشرافُهم ، وعظماؤُهم ، الواحدُ صِنْدِيدٌ . وكُلُّ عَظيمٍ غالبٍ ، صِنْدِيدٌ .
وفي ( الكفاية ) : الصِّنْدِيدُ : الرَّئيس العَظيمُ . وقال جماعةٌ : هو وَالِي القَوْمِ ، ومُتَولِّي مُهِمَّاتِهم ، الكَبيرُ الجامعُ للولَاية ، وقال آخَرون : هو السّيِّد الشَّريفُ في قَوْمه ، الجامعُ للشَّجاعَة والحَمَاسَة والجُود ، الغالِبُ لمَنْ عاداه وعارَضَه .
قال شيخُنَا : هاذا حاصلُ ما قالُوا فيه . وهل نونه أَصليّةٌ ، كما مالَ إِليه جماعة ، أَو هي زائدةٌ كالياءِ ، لأَنّهُ من الصَّدِّ وهو الإِعراضُ ، وكأَنَّه للمبالغَة . وعليه فكان الأَوْلَى ذِكْرُه في : صدد ، كما مال إِليه أَكثرُ أَئِمَّة الصَّرْف والاشتقاق .
( و ) الصِّنْدِيدُ : حَرْفٌ مُنْفَرِدٌ في الجَبَلِ .
( و ) صِنْدِيدٌ اسمُ ( جَبَل ) معروفٍ ( بتِهَامَةَ ) ، هاكذا في النُّسخ . وفي الجمهرة لابن دُريد : صِنْدِد ، بالكسر : اسمُ جَبَلٍ معروفٍ بتِهَامَةَ .
( والصِّنْدِيدُ من الرِّيح والبَرْدِ : الشَّديدُ ) يقال : أصابَهُم بَرْدٌ صِنْدِيدٌ ، ورِيحٌ صِنْدِيدٌ . وهو مَجَاز ، قال ابن مُقْبل :
عَفَتْهُ صَنَادِيدُ السِّمَاكَيْنِ وانْتَحَتْ
عَلَيْهَ ريَاحُ الصَّيْفِ غُبْراً مَجَاوِلُهْ
( و ) الصِّنْدِيدُ ( من الغَيْثِ : العَظيمُ القَطْرِ ) ، وفي الأَساس : الوَقْعِ ويقال : مَطَرٌ صِنْدِيدٌ ، أَي وابِلٌ وهو مَجاز .
( و ) الصِّنْدِيد : ( الغالِبُ ) العظيمُ .
( و ) يُقال : هو صِنْدِيدٌ من ( الصَّنَادِيد ) ، أَي داهِيَةٌ من ( الدَّوَاهِي ) وهي أَيضاً : الشَّدَائِدُ من الأُمور . وكان الحَسن يقول : ( نَعُوذُ بالله من صَنَادِيدِ القَدَرِ ) ، أَي من دَوَاهِيه ، ونَوَائبِه العِظَامِ الغَوَالبِ ، ( ومن جُنُونِ
____________________

(8/300)


العَمَلِ ) ، وهو الإِعجاب ، ( ومن مَلْخِ البَاطِل ) ، وهو التَبَخْتُرُ فيه .
وصَنَاديدُ السَّحَابِ : ما كَثُرَ وَبْلُه . قال أَبو وَجْزَةَ السَّعْديُّ :
دَعَتْنَا بمَسْرَى لَيْلَة رَجَبِيَّة
جَلَا بَرْقُهَا جَوْنَ الصَّنَادِيدِ مُظْلِمَا
( و ) الصَّناديدُ : ( جَماعَة العَسْكَر ) ، كذا في سائر النُّسخ . والصواب : حُمَاةُ العَسْكَر ، عن ابن الأَعربيّ ، كم تقدَّم .
( و ) حُكِيَ عَن ثَعْلَبٍ : ( يَومٌ حامِي الصَّناديدِ ) ، وفي بعض الأُمَّهَاتِ : الصِّنْدِيدِ ، أَي ( شَدِيدُ الحَرِّ ) ، وهو مَجاز ، قال :
لا قَيْنَ من أَعْفَرَ يَوْماً صَيْهَبَا
حامِي الصَّنَاديدِ يُعَنِّي الجُنْدُبَا
( وصَنْدُودَاءُ ) ، بالفتح ممدوداً ، : ( ع بالشام ) ، نقله الصاغانيُّ .
ومما يستدرك عليه :
من الأَساس : رَمَت السماءُ بصَنَاديدِ البَرَدِ ، أَي بكِبارها ، وما اشْتَدَّ منها .
صود : (*! صَوَّدَ *!الصَّادَ *!تَصْويداً ) ، أَهمله الجوهريُّ ، والجماعة ، وقال ابن سيده : أَي ( كَتَبها ) أَحد الحُروف المستعْلِيَة التي تَمْنَع الإِمالَةَ ، قال : وأَلفُهَا مُنْقَلبَةٌ عن واوٍ ، لأَنَّ عينها أَلفٌ .
ونقل شيخنا عن ابن جنِّي : أَنها منقلبةٌ عن ياءٍ .
وقال الصاغانيُّ : حرفُ الصد مُؤَنَّثٌ .
صهد : ( صَهَدَ ، كَمَنَع : صَخَدَ ) ، يقال : صَهَدَتْهُ الشمسُ ، أَي صَخَدَتْه . قال ابن سيده : صَهَدَتْه الشَّمْسُ تَصْهَدُهُ صَهْداً ، وصَهَدَاناً : أَصَابَتْه ، وحَمِيَتْ عليه .
( والصَّيْهَدُ ) ، كصَقَيْلٍ : ( السَّرَابُ الجَارِي ) ، كذا في التهذيب ، وأَورَدَ بَيْتَ أُمَيَّةَ بن أَبي عائذٍ الهُذَليِّ :
فأَورَدَهَا فَيْحُ نَجْمِ الفُرو
عِ من صَيْهَدِ الصَّيْفِ بَرْدَ الشِّمالِ
____________________

(8/301)



( و ) قيل : الصَّيْهَدُ هنا : ( شِدَّةُ الحرِّ ) .
وقال أَبو عُبَيْد : الصَّيْهَدُ هنا : السَّرَابُ . قال ابن سيده : وهو خَطأٌ قال الأَزهريُّ : وأَنكر شَمِرٌ الصَّيْهَدُ : السَّرَاب . وقال صَيْهَدُ الحَرِّ : شِدَّتُهُ ، ( كالصَّهَدَانِ ، محرّكةً ) .
وهاجِرَةٌ صَيْهَدٌ ، وصَيْهُودٌ : حارَّةٌ .
( و ) الصَّيْهَدُ : ( الطَّوِيلُ ) الجَسِيمُ ، ( كالصَّيْهُودِ ) هاكذا وَقَع في تهذيبِ الأَزهَرِيّ . قال الصّاغَانيُّ : والصّوابُ : الصَّهْوَدُ .
( و ) الصَّيْهَدُ : ( فَلَاةٌ لا يُنالُ ماؤُهَا ) وأَنشد مُزاحِمٌ العُقَيْليُّ :
إِذا عَرَضَتْ مَجهولَةٌ صَيْهَدِيَّةٌ
مَخُوفٌ رَدَاها مِن سَرابٍ ومِغْوَلِ
( كالصَّيْهود ) .
( و ) الصَّيْهد : ( الضَّخْمُ من الأُيُورِ ) الطَّوِيلُ ، ( وفي رأْسِهِ مَيَلٌ ) .
( و ) صَيْهودٌ : ( ع بين اليَمَنِ وحَضْرَمَوْتَ ) ، هكذا في النسخ . والذي في التكملة : صَهْيَد : موضِعٌ ما بينَ اليَمَنِ وحَضْرَمَوْت .
( وعِزٌّ صَيْهُود : مَنِيعٌ ) ، نقله الصاغانيُّ .
( والصَّهْوَدُ : الجَسِيمُ ) ، هاكذا أَوردَه الصاغانيُّ ، وصَوَّبه ، ووقَعَ في نُسخ التهذيب : الصَّيْهُودُ ، بهاذا المعنى ، وقد تَقدَّمَت الإِشارةُ إِليه .
ومما يستدرك عليه :
فَلَاةٌ صَيْهُودٌ : لا شيْءَ فيها . عن الصاغانيِّ .
صيد : ( *!صادَهُ *!يَصِيدُه ) ، كباع يَبِيعُ ، ( *!ويَصَادُه ) ، كهَابَ يَهَاب ، بكسرِ
____________________

(8/302)


العَيْنِ في الماضي ، وفتحهَا في المضارع ، كما صرَّحَ به ابنُ الأَعرابيِّ وغيرُه : ( *!اصطادَه ) ، فَسَّرَ بالأَشْهَر ، أَي أَخَذَه من الحِبَالةِ ، أَو أَوقَعَ في الشَّرَكِ .
( وخَرَجَ ) فلانٌ ( *!يَتَصَيَّدُ ) الوَحْشَ ، أَي يَطْلُب *!صَيْدَها .
( و ) كلُّ وَحْشٍ *!صَيْدٌ ، *!صِيدَ أَو لم *!يُصَدْ ، حكاه ابنُ الاعرَابيِّ . قال ابن سيده : وهاذا قولٌ شاذٌّ . وقد تركَّرَ في الحديثِ ذِكْرُ *!الصَّيْدِ ، إسماً ، وفعْلاً ، ومصدراً ، يقال : *!صادَ *!يَصِيدُ *!صَيْداً فهو *!صائِدٌ *!ومَصِيدٌ . وقد يَقَعُ ( الصَّيْدُ ) على ( *!المَصِيدِ ) نفْسِهِ ، تَسميةً بالمصدر ، كقوله تعالى : { لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } ( المائدة : 95 ) ( أَو ) لا يُقَالُ للشيْءِ : صَيْدٌ إِلَّا ( ما كانَ مُمْتَنِعاً ) حَلالاً ، ( ولا مالِكَ لَهُ ) .
وفي قوله تعالى : { أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ } ( المائدة : 96 ) نقل ابن سيده ، عن ابن جِنِّي أَنهُ وُضِعَ المَصْدَرُ مَوضِعَ المفعولِ .
( و ) صَيْد : ( جَبَلٌ عالٍ باليَمَنِ ) ، نقله الصاغانيُّ . ( ومنه نَقِيلُ صَيْد ) : عَقَبَةٌ منسوبةٌ إِلى ذالك الجَبَلِ .
( *!والصَّيْدَانُ ) بالفتح : ( النُّحَاسُ ) وقال كَعْبٌ :
وقِدْراً تَغْرَقُ الأَوْصالُ فِيهِ
من *!الصَّيْدَانِ مُتْرَعةً رَكُودَا
( و ) في التّهذيب ، عن أَبي عَمْرٍ و : ويكون في البُرْمَةِ *!صَيْدَانٌ *!وصَيْدَاءُ ، يكونُ ( فيها ) كهَيْئةِ بَريقِ ( الذَّهَب ) والفِضَّةِ ، وأَجوَدُه ما كان كالذَّهَبِ .
( و ) الصَّيْدانُ ، بالفتح : ( بِرَامُ الحِجَارَةِ ) ، قال أَبو ذُؤَيب :
وسُودٌ من الصَّيْدانِ يهَا مذانِبٌ
نُضَارٌ إِذَا لم نَسْتَفِدْهَا نُعَارُهَا
قال ابن بَرِّيَ : يُرْوَى هاذا البيتُ بفتح الصاد من الصَّيْدَانِ وكسرها ، فمَن فَتَحَهَا جعَلَ الصَّيْدَانَ جَمْعَ
____________________

(8/303)


*!صَيْدانة ، فيكون من بابِ تَمْرٍ وتَمْرة ، ومَن كَسَرها جَعَلَها جَمْعَ صادٍ للنُّحاسِ ، ويكون *!صادٌ *!وصِيدانٌ مِثْلَ تاجٍ وتِيجَانٍ .
( *!والصَّيْدَانَةُ : الغُولُ ) ، عن ابن السِّكِّيتِ . ( و ) من النّساءِ : ( السيِّئةُ الخُلُقِ ، والكثيرةُ الكلامِ ) ، عنه أَيضاً .
( *!والصَّيْدَاءُ : الأَرضُ الغَلِيظةُ ) ذاتُ حِجارةٍ . وقال النضر : الصَّيْدَاءُ : الأَرضُ التي تُرْبَتُها حَمْرَاءُ غَلِيظَةُ الحِجَارةِ ، مستويةٌ بالأَرضِ .
وقال أَبو وَجْزَةَ ، الصَّيْدَاءُ : الحَصَى
وعن أبي عمرو :ا*!لصيداء الأرض المستوِيَةُ ، وإِذا كان فيها حَصًى فهي قاعٌ .
( و ) صَيْدَاءُ ، بلا لامٍ : ( د ، بساحِلٍ الشامِ ) من أَعمال دِمَشْقَ ، شَرقِي صُورِ ، بينهما سِتَّةُ فراسِخَ . قال في ( المراصد ) : وأَهلهَا يَقْصِرُونَ ولا يُعَرِّفون . منها : الحافظُ أَبو الحُسَين محمد بن أَحمد بِن جُمَيع الغَسّانِيّ ، صاحب المسْنَد ، مولده *!بِصَيْدَاءَ سنة 305 ه . وتوفي سنة 406 ه .
( وآخَرُ بِحَوْرَانَ ) وفي ( المراصد ) : ويقال فيه صَدَّاءُ ، بحذْف الياءِ .
( و ) صَيْدَاءُ ( لغةٌ في صَدْآءَ ) وصدَّاءَ : ( اسمُ رَكِيَّة ) ، مَرَّ ذِكْرُها في الهمز ، وفي : سعد ، قريباً .
( و ) صَيْدَاءُ : اسمُ ( امرأَةِ شَبَّبَ بها ذُو الرُّمَّةِ ) الشاعِرُ المشهورُ ، فقال :
وإِنَّ هَوَى صَيْدَاءَ في ذَاتِ نَفْسِهِ
سَائِرِ أَسبابِ الصَّبَابةِ رَاجِحُ
( و ) الصَّيْداءُ : ( أَحجارٌ ) بِيضٌ ( تُعْمَلُ منها القُدُورُ ) ، *!كالصَّيْدانِ .
( وبَنُو الصَّيْداءِ : بَطْنٌ من أَسَدِ ) بنِ خُزَيْمَةَ ، وهو عَمْرو بن قُعَيْن بنِ الحارث بن ثَعْلَبَة بن دُودانَ بن
____________________

(8/304)


أَسَدٍ ، منهم أَبو قُرَّة الأَسديُّ ، وشَيخُ ابن عُمَيْرَة بن حَسّان .
كتاب م كتاب ( *!والمِصْيَدُ *!والمِصْيَدَةُ ، بكسرهما ) ، هاكذا في الصّحاح ، وبخطّ الأَزهريّ : بفتحهما . ( *!والمَصِيدَةُ كمَعِيشة ) ، ووزنَهُ في المصباحِ بِكَريمةٍ ، وفيه نَظَرٌ . ( ما *!يُصادُ به ) ، وهي من بنات الياءِ المُعْتَلَّةِ ، وجمعها ، *!مَصَايِدُ ، بلا هَمْزٍ ، مثل : مَعَايِشَ .
( و ) يقال : ( *!صِدْتُ فُلاناً *!صَيْداً ، إِذا *!صِدْتَهُ له ) ، كقولك بَغَيْتُه حاجةً ، أَي بَغَيْتُهَا له .
( و ) مِنَ المَجَازِ : صِدْت فُلاناً ، ( إِذا جَعَلْتَهُ *!أَصْيَدَ ) ، عن الصاغانيّ ، ( أَي مائِلَ العُنُقِ ، وقد *!صيِدَ كفَرِحَ ( *!يَصْيَد *!صَيَداً ، قال اللَّيْث : وأَهلُ الحِجَاز يُثْبِتُون الياءَ والوَاوَ ، نحو صَيدَ وعَوِرَ وغيرُهم يقول : صادَ ، وعَارَ . قال الجوهريُّ : وإِنَّمَا صحّت الياءُ لِصِحَّتِها في أَصْله ، لتدُلَّ عليه ، وهو *!اصْيَدَّ ، بالتشديد ، وكذالك اعْوَرَّ ، لأَنّ عَوِر واعْوَرَّ معناهما واحد ، وإِنما حُذِفَت منه الزّوائِدُ للتَّخفيفِ ، ولولا ذلك لقلتَ : صاد وعار ، وقلبتَ الواو أَلِفاً ، كما قَلَبْتَهَا في خاف . قال : والدليل على أَنه افْعَلَّ ، مجيءُ أَخواتِه على هاذا في الأَلوان والعيوب ، نحو : اسوَدَّ واحْمَرَّ ، وإِنما قالوا : عَوِرَ وعَرِجَ للتخفيف ، وكذالك قياسُ عَمِيَ ، وإِن لم يُسْمَع ، لهذا لا يُقَال مِن هاذا البابِ : ما أَفْعَلَه ، في التعجُّبِ ، لأَنَّ أَصلَه يَزِيدُ على الثلاثيِّ ، ولا يمكن بناءُ الرُّباعيِّ مِن الرُّباعيِّ ، وإِنما يُبْنَى الوزنُ الأَكثرُ من الأَقلِّ . كذا في اللسان .
( وابنُ *!صائِدٍ ، أَو *!صَيَّادٍ : الذي كان يُظَنُّ أَنَّهُ الدَّجَّالُ ) ، وفي حديث جابِر : ( كان يَحْلِف أَن ابنَ صَيَّادٍ الدَّجَّالُ ) وقد اختلفَ الناسُ فيه كثيراً ، وهو رَجلٌ من اليَهودِ ، أَو دَخِيلٌ فيهم ، واسمه صافُ فيما قيل ، وكان عنده شيْءٌ من الكَهَانة أَو السِّحر ، وجُمْلَةُ أَمْرِه أَنه كان فتنةً امتَحن اللّهُ بِها عِبادَهُ المؤمنين . { مَنْ هَلَكَ عَن بَيّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَىَّ عَن بَيّنَةٍ وَإِنَّ } ( الأنفال : 42 )
____________________

(8/305)


ثم إِنه مات بالمدينة في الأَكثر ، وقيل إِنه فُقِدَ يومَ الحَرَّةِ فلم يَجِدُوه . والله أَعلم .
( و ) *!الصَّيُودُ ، كقَبُولٍ : *!الصَّيَّادُ ) ، يقال كلبٌ *!صَيُودٌ ، وصَقْرٌ صَيُودٌ ، وكذالك الأُنثى ، والجمع : *!صُيُدٌ . قال الأَزهريُّ : وحكَى سيبويه عن يُونُس : *!صِيدٌ أَيضاً . وذالك فيمن قال : رُسْلٌ ، مُخَفَّفاً ، قال : وهي اللُّغَةُ التَّمِيمِيَّةُ ، وتُكْسَرُ الصادُ لِتَسْلَم الياءُ .
( و ) الصَّيُود : ( فَرَسٌ مَشْهُورٌ ) نَجِيبٌ .
( و ) الصَّيُّود ، ( كَتَنّورٍ : سَهْمٌ صائِبٌ ) ، عن ابن دُرَيْدٍ .
( *!والصَّادُ *!والصِّيدُ ، بالكسر ، ويُحرَّك ) ، الثلاثةُ عن ابن السّكّيت : ( داءٌ يُصِيبُ الإِبِلَ ) في رُؤُوسها ( فَتَسِيلُ ) من ( أُنُوفها ) مثلُ الزَّبَدِ ( فَتَسْمُو ) عند ذالك ( برأْسِها ) ، وفي بعض النّسخ : برؤُوسها ، ولا تَقدرُ أَن تَلْوِيَ معه أَعناقَها .
قال ابنُ السِّكِّيت : هما لُغتانِ جَيِّدتان في المُحَرَّك .
( و ) يقال : ( بَعِيرٌ صادٌ ، أَي ذو صاد ) كما يقال : رَجُلٌ مالٌ ، ويوم رَاحٌ ، أَي ذو مالٍ ، ورِيحٍ . وقيل أَصْلُ صادٍ : صَيِدٌ ، بالسر قال ابن الأَثير : ويجوز أَن يُرْوَى : صادٍ ، بالكسر ، على أَنه اسم فاعِلٍ من الصَّدَى : العَطَشِ ، قال : والصِّيد أَيضاً جمع الأَصيَدِ .
( و ) قال أَبو عُبَيْد : ( الصَّادُ ) قُدورُ ( الصُّفْرِ والنُّحَاسِ ) ، وقيل : الصَّادُ : الصُّفْرُ نَفْسُه . قال حَسَّانُ بنُ ثابِت :
رَأَيْتُ قُدورَ الصَّادِ حَوْلَ بُيُوتِنا
قَنَابِلَ سُحْماً في المَحِلَّة صُيَّمَا
والجمْع : صِيدانٌ ، كتاجٍ وتِيجانٍ ، وقال بعضُهم : الصَّيْدَانُ : النُّحَاسُ : ( أَو ضَرْبٌ منه ) .
( و ) الصّادُ : ( عِرْقٌ بينَ عَيْنَي البَعِيرِ ) وأَنْفِهِ ، ( ومنه يُصِيبُهُ الصَّيَدُ ) فلا يَسْتَطِيع الالْتِفَاتَ ، ( ج : أَصْيادٌ ) . و ( جج ) ، أَي جمع
____________________

(8/306)


الجمع : ( أَصايِدُ ) ، قال حَجْلٌ مَولَى بني فَزارة :
وحيثُ تَلقَى الْهامةُ الأَصايِدَا
ويقال : دَوَاءُ الصَّيَدِ الكَيُّ بينَ عَيْنَيه فيذهَب الصَّيَدُ .
( وأَصادَه : آذاه ) ، قال أَبو مالك : يقال : أَصَدْتَنا منذُ اليَومِ إِصادةً ، أَي آذَيْتَنا .
( و ) أَصادَه : ( دَاوَاهُ من الصَّيَدِ ) بالكَيِّ فأَزَالَهُ ، قالت الخنساءُ :
وكان أَبو حسَّانَ صَخْرٌ أَصادَها
ودوَّخَها بالسَّيْفِ حتى أَقَرَّتِ
( ضِدٌّ ) . وفيه نَظرٌ ، قُلِبت الياءُ فيهما أَلفاً ، على أَصْلِ القاعدة .
( و ) قال اللَّيْث وغيره : الصَّيَدُ : مصدرُ ( الأَصْيَدِ ) وهو : ( المَلِكُ ) لا يَلْتَفِتُ من زَهْوِه ، يَميناً ولا شِمالاً ( و ) الأَصْيَد ، أَيضاً : ( رافعُ رأْسِهِ كِبْراً ) ، وهو مَجَاز ، وإِنما قيل للمَلِكِ : أَصْيَدُ لكَوْنه يَرفَعُ رأْسَه كِبْراً والأَصْيَدُ : الّذِي لا يَستطيع الالتفاتَ ( و ) الأَصْيَد : ( الأَسَدُ ) ، لكَوْنه يَخْتَالُ في مِشْيَتِهِ ولا يَلْتَفِتُ ، كأَنّه به صَيَدٌ ، ( *!كالمُصْطادِ والصَّادِ ) ، على التّمثيل بالبَعِيرِ الصادِ ، ويوجد في بعض النسخ : *!والصَّيَّاد ، بتشديد التَّحْتِيَّة ، وهو بعَيْنه نصُّ التكملة . وهو الصّوابُ .
ومما يستدرك عليه :
*!صادَ المكَانَ ، *!واصطادَهُ : صادَ فيه ، قال :
أَحَبُّ ما *!اصْطادَ مَكَانُ تَخْلِيَه
وقيل : إِنه جعل المكانَ *!مُصْطاداً ، كما *!يُصطاد الوحشُ .
قال سيبويه : من كلامِ العرب : *!صِدْنَا قَنَوَيْنِ ، يُرِيد : صِدْنَا وَحْشَ قَنَوَيْن ، وإِنما قَنَوَانِ : اسمُ أَرْضٍ . ويقال : *!أَصَدْتُ غيري ، إِذا حَمَلْته على الصَّيْد ، وأَغرَيْته به . وفي الحديث : ( إِنَّا *!اصَّدْنا حِمارَ وَحْشٍ ) ، قال ابن الأَثير : هاكذا يُروَى بصاد مشدَّدة ،
____________________

(8/307)


وأَصله *!اصطَدْنا ، مثل اصَّبَرَ في اصْطَبَر ، وأَصْلُ التّاءِ مبدلةٌ من تاءِ افتعل . وحكى ابن الأَعرابيّ : *!صِدْنا كَمْأَةً . قال الأَزهريّ : وهو مِن جَيِّدِ كلامِ العَرَبِ ، ولم يفسِّره . قال ابن سيده : وعندي أَنه يريد : استَثَرْنا كما يُسْتَثارُ الوَحْشُ .
وحكى ثعلب : صِدْنا ماءَ السَّمَاءِ ، أَي أَخذْناه . وفي التهذيب : والعربُ تقول . خَرَجْنَا *!نَصِيد بَيْضَ النّعَامِ ، *!ونَصِيدُ الكَمْأَةَ . وكلُّ ذلك مجازٌ . *!واصْطاد فهو مُصْطادٌ ، *!والمَصِيدُ مُصطادٌ أَيضاً .
*!والصَّيُودُ ، من النّساءِ ، كصَبُور : السَّيِّئةُ الخُلُقِ . وفي حديث الحجّاج : ( قال لامرأَةٍ إِنك كَتُونٌ ، كَفُوتٌ ، صَيُودٌ ) ، أَراد أَنها *!تَصِيدُ شَيْئاً من زَوْجِها . وفَعُولٌ من أَبنيةِ المبالغةِ .
*!وأَصْيَد اللّهُ بَعِيرَه .
*!والصَّيْدَاءُ : الحَصَى .
*!وصَيْدَانُ الحَصَى : صِغَارُهَا .
*!والصَائِدُ : السَّاقُ ، بلُغة أَهْل اليمن .
ومن المجاز : هو *!يَصِيدُ النّاسَ بالمعروف . وي المثَل : ( *!صَيْدكَ لا تُحَرِّمْه ) حثّ على انتهازِ الفُرَص .
ويقال ( اقْتَصِدْ *!تَصِدْ ) أَي تَوَخَّ الحَقَّ والعَدْلَ تُصِبْ حاجَتَك . وتقول : لأُقِيمَنَّ صَيَدَكَ ، ولأَقْبِضَنَّ يَدَك . كذا في الأَساس .
*!والمصاد : أَعلَى الجَبَلِ . نقله شيخُنَا عن أَبي عليّ اليُوسِيّ .
*!الصائِدُ : بطن من هَمْدان ، وهو كَعْب بن شُرَحبيل بن شَرَاحيل بن عَمْرو بن جُثَم بن حاشد ، منهم أَبو ثُمَامَة زِيادُ بن عَمْرِو بن عَرِيب بن حَنْظلة بن دارِم بن عبد الله بن كَعْب *!الصائد ، قُتِل مع الحُسَين ، رضي اللّهُ عنه ، ذَكَرَه ابنُ الكلبيّ .
ومنهم عبد الرحمان بن عبدِ رَبِّ الكعبةِ ، مذكور في الطبقة الأُولى من أَهل الكوفة ، عن عبد الله بن عَمْرو بن العاص ، وعنه الشَّعْبيّ ، ذكره أَبو عليّ الغَسّانيّ .
*!وأَصْيَدُ بن سَلَمَة السُّلَمِيّ ، وقصّته في ( الإِصابة ) .
____________________

(8/308)



وأَصْيَدُ بن عبد الله الهُذَليّ . وقيل : الغِفَارِيُّ ، له ذِكْرُ في حديثٍ مُنْقَطِعٍ ، كذا في ( التَّجريد ) .
*!والصَّيّادُ اشتهَر به أَبو بكرٍ محمد بن أَحمد بن يوسف نب وَصيفٍ ، صدوق ثقة ، روى عنه الطيب البغدادي .
وأَبو الخَيْرِ *!الصَّيَّادُ اليَمَنيُّ : أَحدُ الأَولياءِ المَشْهُورِينَ في عَصْر المصنِّف .
*!والصَّيْدِ : السَمِكَ ، يَمانيةٌ ، سمِعْته مِمَّن أَثِقُ به من عَرَبِ اليَمَنِ .
*!والصَّيَّاديَّةُ : أُرزٌ يُطْبَخُ بالسَّمَكِ ، عامِّيَّةٌ .
2 ( فصل الضاد ) المعجمة مع الدال المهملة ) 2
ضأَد : ( *!ضَأَدَهُ : ( *!ضَأْداً ، ( كَمَنَعَ : خَصَمَهُ ) ، حكاه أَبو زيد .
( *!والضُّؤْدُ ، *!والضُّؤْدَةُ ، *!والضُّؤُودَةُ ، بِضَمِّهِنّ : الزُّكامُ ) وقد ( *!ضُئِدَ ، كعُنِيَ ) *!ضُؤَاداً ، و ( *!ضُؤُوداً ) : ( زُكِم ، ( فهو *!مَضُؤُودُ ) : مَزْكُوم . ( *!وأَضْأَدَهُ اللّهُ تَعالى ) : أَزْكَمَ ، فهو *!مَضْؤُودٌ ، *!ومُضْأَدٌ . قال ابن سيده : وأُرى*! مَضْؤُوداً على طَرْحِ الزَّائِدِ ، أَو كَأَنَّه جُعِل فيه *!ضَأَدَ . قال : وأَبَاهَا أَبو عُبَيْدٍ .
( *!وضَئِيدَةُ : ماءَةٌ ) ، وقيل : مَوْضع ، قال الرَّاعِي :
جَعَلْنَ حُبَيًّا باليَمينِ ونَكَّبَتْ
كُبَيْثاً لِوِرْدٍ مِن *!ضَئِيدةَ باكِرِ
( *!والضَّأْدُ : فَرْجُ المَرْأَةِ ) ، فيما يُقَال . نقَله الصاغانيّ .
ضبد : ( الضَّبَدُ ، محرّكَةً : الغَضَبُ والغَيْظُ ) لُغَةٌ في الضَّمَدِ ، بالميم .
( والضَّبْدُ ) بفتح فسكون : ( الخَلْطُ بين الرُّطَبِ ، والبُسْرِ ) .
( وضَبَّدَه تَضْبِيداً ) ، وروى
____________________

(8/309)


بالتَّخْفِيف أَيضاً : ( أَذْكَرَهُ ما يُغْضِبُهُ ) وفي بعض النسخ : ذَكَّره بما يُغْضِبُه .
ضدد : ( *!الضِّدُّ ، بالكسر ) : كلُّ شيءٍ *!ضِّادّ شيئاً لِيَغْلِبَه . والسَّوادُ *!ضِدُّ البَياض ، والمَوْتُ ضِدُّ الحَيَاةِ ، قاله الليث . *!والضِّدُّ ، عن ثَعْلَبٍ وَحْدَه ، ( *!والضَّدِيدُ : المِثْلُ ) وجَمْعُه : *!أَضْدادٌ . ويقال : لا *!ضِدَّ لَهُ ولا ضَدِيدَ له ، أَي لا نَظِيرَ له ولا كُفْءَ له .
ويقال : لَقِيَ القومُ *!أَضدادَهم وأَنْدَادَهُم ، أَي أَقْرَانَهُم . وقال الأَخفشُ : النِّدُ : *!الضِّدُّ والشِّبْهُ : { وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً } ( فصلت : 9 ) أَي *!أَضداداً وأَشْبَاهاً .
( و ) الضِّدُّ *!والضَّدِيدُ *!والضَّدِيدةُ ، الأَخيرةُ عن ثَعْلَبٍ : ( المُخَالِفُ ، ضِدٌّ ) قال ابن السِّكِّيت : حَكَى لنا أَبو عَمْرو : الضِّدُّ . مِثْلُ الشَّيْءِ ، *!والضِّدُّ : خِلافُه . ومِثْلُه في المحكم ، والمصباح .
( و ) قد ( يكونُ ) الضِّدُّ ( جَمعاً ) ، وفي بعض النسخ : ويكونُ للجَمْعِ جَمْعاً .
وعبارة اللّسان : وقد يكونُ جماعةً ، والقومُ على *!ضِدّ واحدٍ ، إِذ اجْتَمَعُوا عليه في الخُصُومَةِ ، ( ومنه ) قوله تعالى : { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ *!ضِدّاً } ( مريم : 82 ) قال الفرّاءُ : يكونُون عليهم عَوْناً ، قال أَبو منصور : يعني الأَصنامَ الّتي عَبَدَها الكُفَّارُ ، تكون أَعواناً على عابِدِيها يومَ القِيامَة . ورُوِيَ عن عِكْرِمَةَ : يكونون عليهم أعداءً .
وقال الأَخفش : *!الضِّدُّ يكون واحداً وجماعَةً ، مثل الرَّصَد 2 ، والأَرْصادِ ، والرَّصَدُ يكون للجماعَةِ .
( و ) عن أَبي زيد : ( *!ضَدَّهُ في الخُصُومَةِ ) ضَدًّا : ( غَلَبَهُ ) وخَصَمَه .
( و ) قال أَبو تُراب : سَمِعْتُ زائدةَ يقول : صَدَّه عن الأَمر ، *!وضدَّه ( عنه صَرَفَهُ ، ومَنَعَهُ بِرِفْقٍ ) .
( و ) في الصّحاح : الضَّدُّ ، بالفتْح : المَلءُ ، *!ضَدَّ ( القِرْبَةَ *!يَضُدُّهَا ضَدًّا : ( مَلأَهَا ) .
____________________

(8/310)



( *!وأَضَدَّ ) الرجُلُ : ( غَضِبَ ) ، وليس هاذا من باب كَبَّهُ فأكبَّ ، كما زَعمَه بعض المُحَشِّينَ ، لاختلاف معناهما .
( وبَنُو ضِدَ ، بالكسر : قبيلةٌ من ) قَوْمِ ( عادٍ ) ، قاله ابن دُرَيْدٍ ، وأَنشد :
وذُو النُّونَيْنِ من عَهْدِ ابنِ ضِدَ
تَخَيَّرَه الفَتَى من قَومِ عادِ
يعني سَيْفاً . كذا في المحكم . ( *!وضادَّه : خالَفَهُ ) ، فأَراد أَحدُها طُولاً ، والثاني قِصَراً ، فهو *!ضِدُّهُ *!وضَدِيدُه ، ( وهُمَا *!مُتَضادَّان ، وقد يقال إِذا خالفَه فأَراد وَجْهاً يَذْهَب فيه ، ونازَعَه في ضدِّه : هو *!مُضادُّه ، *!وضَدِيدُه ، ونِدُّه ونَدِيدُه ، للّذي يُريدُ خِلَافَ الوَجْهِ الّذي تُيدُه ، وهو مُستَقِلٌّ من ذَلكَ بمثْل ما تَسْتَقِلُّ به .
ومما يستدرك عليه :
عن أَبي عمرو : *!الضُّدَدُ : الّذِين يَمْلَؤُون للناس الآنِيَةَ ، إِذا طَلَبُوا الماءَ ، واحِدُهم : *!ضَادٌّ ، ويقال *!ضادِدٌ *!وضَدَدٌ .
ضرغد : ( ضَرْغَدٌ : جبَلٌ ) قال ، عامِرُ بن الطُّفَيْل :
فَلأَبْغِيَنَّكُمُ قَناً وعُوَارِضاً
ولأُقْبِلَنَّ الخَيْلَ لابَةَ ضَرْغَد
أَي لأَطْلُبَنَّكُم . وَقناً ، وعُوَارِضٌ : مَوضِعَانِ ، واللَّابَةُ : الحَرَّةُ ، ( أَو ) ضَرْغَدُ : ( حَرَّةٌ لِغَطَفَانَ ، أَو مَقْبُرَةٌ ) يُصْرَفَ ( ويُمْنَعُ ) ، وفي التهذيب ، في ضرغط : ضَرْغَطٌ : اسمُ جَبَلٍ ، وقيل مَوْضِعُ ماءٍ ونَخْل ، ويقال له أَيضاً : ذو ضَرْغَدٍ ، قال :
إِذا نَزَلُوا ذا ضَرْغَدٍ فَقُتَائِداً
يُغَنِّيهمُ فيها نَقِيقُ الضَّفادِعِ
ضغد : ( ضَغَدَهُ ، بالمعجمة ، كمَنَعه ) أَهمله الجوْهَرِيُّ ، وقال الصاغانيُّ : أي ( خَنَقَهُ أَو عَصَرَ حَلْقَهُ ) ، كزَغَدَ .
ضفد : ( ضَفَدَه يَضْفِدُهُ ) ، أَهمله الجوهَرِيُّ
____________________

(8/311)


وقال الصاغانيُّ : إِذا ( ضَرَبَهُ بباطِن كَفِّهِ ) .
( والضَّفْدُ : الكَسْعُ ، وهو ضَربُكَ إسْتَهُ بِباطنِ رِجْلَيْكَ .
( والضَّفَادِي ) بِاليَاءِ : ( الضَّفادِعُ ) ، الياءُ بدلٌ عن العين ، ( كالثَّعَالِي في الثَّعَالِبِ ) ، والأَرَانِي في الأَرَانِب ، هاكذا في التكملة . قال شيخُنَا : ذكْرُه هنا من الفُضُولِ الذِي لا مَعْنَى له .
( و ) قال الأَصمعيُّ : ( اضْفادَّ ) الرَّجلُ ( اضْفِيداداً ) ، إِذا ( انتفخَ غَضَباً ) .
وقال ابن شُمَيْلٍ : المُضْفَئِدُّ من الناسِ والإِبِلِ : المُنْزَوِي الجِلْدِ ، البَطِينُ البادِنُ .
وضَفِدَ الرجُلُ ، واضْفَأَدَّ : كَثُر لَحمُه ، وثَقُلَ مع حُمْق .
وجعل ابنُ جِنّي اصْفَأَدَّ رُبَاعِيًّا .
ضفند : ( الضَّفَنَّدُ ، كَسَفَنَّج : الرِّخْو البَطِينُ ) الضَّخْم ، قاله اللَّيْث ، وكذالك الضَّفَنَّطُ .
( والضَّفَنْدَدُ : الضَّخْم الأَحْمَقُ ) ، قال الفرّاءُ : إِذا كان مع الحُمْقِ في الرَّجُلِ كَثرةُ لَحْمٍ وثِقَلٌ قِيلَ : رَجُلٌ ضَفَنْفَدٌ ضِفَنٌّ خُجَأَةٌ .
وامرأَةٌ ضَفَنْدَدٌ ، بغير هاءٍ : ضَخْمَةُ الخاصِرةِ ، مُسْتَرْخِيَةُ اللَّحْمِ ، ورجُلٌ ضَفَنْدَدٌ : كَثِيرُ اللَّحْمِ ، ثَقِيلٌ مع حُمْقٍ .
وفي الصّحاح : هو مُلْحَقٌ بالخُماسِيِّ ، بتكرير آخرِه .
وفي التهذيب ، في الرُّبَاعي : امرأَة ضَفَنْدَدَةٌ : رِخْوَةٌ . والذَّكَرُ ضَفَنْدَدٌ .
ضمد : ( ضَمَدَ الجُرْحَ ) وغَيْرَه ( يَضْمِدَهُ ) بالكسر ، ( ويَضْمُدُهُ ) ، بالضّمّ ، ( وضَمَّدَهُ ) بالتَّشْدِيد ، ضَمْداً وتَضْمِيداً : ( شَدَّه بالضِّمَادَةِ ) وعَصَبَه ، ( وهي العِصَابةُ كالضِّمَادِ ) ، ككِتَابٍ . وكذالك الرأْسُ إِذا مَسَحْتَ عليه بِدُهْن أَو ماءٍ ،
____________________

(8/312)


ثم لَفَفْتَ عيه خِرْقَةً ، واسم ما يَلْزَقُ بهما : الضِّمادُ .
وقال اللَّيْث : ضَمَّدْت رأْسَهُ بالضِّمادِ ، وهي خِرْقَةٌ تُلَفُّ على الرأْسِ عنْدَ الأَدِّهان والغَسْلِ ، ونحو ذالك . وقد يُوضَعُ الضِّمَادُ على الرَّأْسِ للصُّدَاعِ ، يُضَمَّدُ بهِ . والمِضَدُّ لُغَة يمانية ، وضَمَّدَ رَأْسَه تَضميداً ، أَي شَدَّه بِعِصابةٍ ، أَو ثَوْبٍ ، ما خلا العِمَامَةَ ، وقد ضُمِّدَ به ( فتَضَمَّدَ ) .
وفي حديث طَلْحَةَ ( أَنَّه ضَمَدَ عَيْنَيْهِ بِالصَّبرِ وهو مُحْرِمٌ ) ، أَي جَعَلَه عليهما ، وداواهُمَا به . وأَصْل الضَّمْد : الشَّدُّ ، ثم قِيلَ لِوَضْع الدّواءِ على الجُرْح وغيرِه وإِن لم يُشَدَّ .
قال الأَزهريُّ : وضَمَّدْتُه بالزَّعْفَرانِ ، والصَّبِرِ ، أَي لَطَخْته .
وقال ابن هانِيءٍ : هاذا ضِمَادٌ ، وهو الدَّواءُ الذي يُضَمَّدُ به الجُرْحُ ، وجَمْعُه ضَمائِدُ .
( وضَمَدَهُ بالعَصَا . ضَرَبَهُ بها عَلَى رأْسِهِ ) وعَمَّمه بالسَّيْف .
( و ) قال الهَرَوِيُّ : يقال : ضَمِدَ الدَّمُ على حَلْقِ الشّاةِ ، إِذا ذُبِحَتْ ( كفَرِحَ ) فسالَ الدَّمُ و ( يَبِسَ ) على جِلْدِهَا .
ويقال : رأَيْتُ على الدَّابَّةِ ضَمَداً من الدَّمِ ، وهو الذي جَفَّ عليه . وقد رُوِيَ بيتُ النَّابغة :
فلا لَعَمْرُ الَّذي قدْ زُرْتُه حِجَجاً
وما هُرِيقَ على غَرِيِّكَ الضَّمِدِ
( و ) في صِفَةِ مَكَّةَ ، شَرَّفها اللّهُ تعالى : مِنْ خُوصٍ وضَمْدٍ ، ( الضَّمْدُ ) ، بفتح فسكون : ( الرَّطْبُ واليَبِيس ) من الشَّجَر ، ( ضِدٌّ ) ، وقيل : هو رَطْبُ النَّبْتِ ويابِسُه ، إِذا اخْتَلَطَا .
وقال رجل لآخَرَ فِيمَ تَرَكْتَ أَرْضَكَ ؟ قالَ : تَرَكْتُه في أَرضٍ قد شَبِعَت غنمُها من سَواد نَبْتِها ، وشَبِعَت إِبِلُهَا مِنْ ضَمْدِها ، ولَقِحَ نَعَمُها . قال الأَزهريّ : ليس فيها عُودٌ إِلّا وَقَد ثَقَبَهُ النَّبْتُ ، أَي أَوْرَقَ .
____________________

(8/313)



( و ) يقال : أُعْطِيكَ مِنْ ضَمْدِ هاذا الغَنَمِ ، وهو ( خِيَارُ الغَنَمِ ورُذَالُها ) ، أَو صَغِيرتُها وكبِيرتُها ، وصالِحَتُها وطالِحَتُها ، وَدَقِيقُها وَجَلِيلُها .
( و ) الضَّمْد : ( المُداجاةُ ) .
( و ) الضَّمْدُ : ( أَن تَتَّخِذَ المرأَةُ خَلِيلَيْنِ ) ، كالضِّمَادِ ، بالكسر ، وهو مَجاز ، قال مُدْرِكٌ :
لا يُخْلِصُ الدَّهْرَ خَلِيلٌ عَشْرَا
ذاتَ الضِّمَاِ أَو يَزُورَ القَبْرا
إِنّي رَأَيتُ الضَّمْدَ شَيْئاً نُكْرَا
وقد ضَمَدَتُه تَضْمِدُه وتَضْمُدُه ، قال أَبو ذُؤَيْبٍ :
تُرِيدَيْنَ كَيْمَا تَضْمُدِينِي وخالِداً
وهلْ يُجْمَعُ السَّيْفَانِ وَيْحَكِ في غِمْدِ
وعن أَبي عَمْرو : الضَّمْدُ : أَنْ تُخالَّ المرأَةُ ذاتُ الزَّوجِ رَجُلاً غيرَ زَوْجها أَو رَجُلَيْن . قال الفَرّاءُ : الضِّمَادُ : أَن تُصادقَ المرأَةُ اثْنَيْن أَو ثلاثةً في القَحْط ، لتأْكُلَ عند هاذا وهاذا التَشْبَعَ .
( و ) الضِّمْد . ( بالكسر : الخِلُّ ) ، عن الصاغانِّي . ومنه ضَمَدَت المرأَةُ ، إِذَا جَمَعَت بين زَوْجِهَا وخِلِّها .
( وبالتحريك : الحِقْدُ ) ما كان . وقيل : هو الحِقْدُ اللَّازِقُ بالقَلْب ، وقد ( ضَمِدَ ) عَلَيْه ( كفَرِحَ ) ضَمَداً ، أَي أَحِنَ عليه ، قال النّابغَةُ :
وَمنْ عَصَاكَ فعاقبْهُ مُعَاقَبَةٌ
تَنْهَى الظَّلُومَ ولا تَقْعُدْ على الضَّمَد
( و ) قال أَبو يُوسُفَ : سَمعْتُ مُنْتَجِعاً الكِلابيَّ ، وأَبا مَهْدِيَ يَقُولان : الضَّمَدُ : ( الغابرُ ) الباقي ( من الحَقِّ ) ، تقول لنا عندَ بَني فُلان ضَمَدٌ ، أَي غابِرٌ من حَقَ ، ( من مَعْقُلَةٍ أَو دَيْن ) .
( و ) من المجاز : ( أَضْمَدَهُمْ : جَمَعَهُمْ ) عن الصاغانيِّ .
( و ) أَضْمَدَ ( العَرْفَجُ : تَجَوَّفَتْه الخُوصَةُ ) ولم تَبْدُرْ منه ، أَي كانَتْ في جَوْفه ولم تَظْهَرْ .
( وسَمَّوْا ضِمَاداً ، ككِتَاب ) ، منهم :
____________________

(8/314)


ضِمَادُ بن ثَعْلَبَةَ ، صحابيُّ مشهور .
ومما يستدرك عليه :
قال أَبو مالكٍ : اضْمِدْ عَلَيْكَ ثِيَابَكَ ، أَي شُدَّهَا . وأَجِدْ ضَمْدَ هاذا العِدْلِ .
والضَمَدُ ، محرَّكَةً : الظُلْمُ .
وضَمِدَ يَضْمَدُ ضَمَداً ، بالتحريك ، إِذا اشْتَدَّ غَيْظُه وغَضَبُه . وفَرَّق قومٌ بينَ الضَّمَد والغَيظ ، فقالوا : الضَّمَدُ : أَن يَغْتَاظَ على مَن يَقْدرُ عَلَيْه ، والغَيْظُ : أَن يَغْتَاظَ على مَن يَقْدِرُ عليه ومَن لا يَقْدِرُ عليه ، يقال : ضَمِدَ عليه ، إِذا غَضِبَ عَلَيْه . وقيل : الضَّمَدُ : شِدَّةُ الغَيْظِ .
وأَنا على ضِمَادَةٍ من الأَمْر ، أَي أَشْرَفْتُ عليه .
والمِضْمَادَةُ : خَشَبَةٌ تُجْعَلُ على أَعناق الثَّوْرَيْن ، في طَرَفهَا ثَقْبَانِ ، في كُلِّ واحدةٍ منها ثُقْبَةٌ ، بينهما فَرْضٌ في ظَهْرِهَا ، ثم يُجْعَلُ في الثَّقْبَيْن خَيْطٌ يَخْرُجُ طَرَفاه من باطن المِضْمَدة ، ويُوثَقُ في طَرَف كُلِّ خَيْط عُودٌ ، يُجْعَلُ عُنُقُ الثَّوْر بَيْنَ العُودَيْن .
والضَّامدُ : اللّازمُ ، عن أَبي حنيفةَ .
وعَبْدٌ ضَمَدَةٌ : ضَخْمٌ غَليظٌ ، عن الهَجَريّ .
وفي الحديث : ( أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ الله ، صَلَّى اللّهُ عليْه وسَلَّم عن البَدَاوَة ، فقال : اتَّقِ اللّهَ ولا يَضُرُّكَ أَن تَكُونَ بجانبِ ضَمَدٍ ) هو بالتحريك : موضع باليَمَن . كذا في اللسان .
قلت : وهو وادٍ مُتَّسعٌ مُخْصِبٌ ، كَثيرُ القُرَى والعِمَارات ، قريبٌ من جَازَانَ . ونُسب إِليه جماعةٌ من أَهْل العلْم .
وفي الأَساس : من المجاز : ضَمَدَ رأْسَه بالسَّيْف ، مثْلُ عَمَّمَه .
ضود : ( *!الضّادُ حرْفُ هجَاءٍ ) ، وهو حَرْفٌ مَجْهُورٌ ، وهو أَحدُ الحُروف المُسْتَعْليَة ، يكون أَصْلاً ، لا بَدَلاً ولا زائداً ، وهو ( للعَرَب خاصَّةً ) ، أَي يَخْتَصُّ بلُغَتهمْ ،
____________________

(8/315)


فلا يُوجَدُ في لُغَات العَجَم وهو الصّوابُ الذي أَطْبَقَ عليه الجَمَاهيرُ . ونقل شَيْخُنا عن أَبي عيَّانَ ، رَحمَه اللّهُ تعالى : انفردت العربُ بكثرةِ استعمال الضَّاد ، وهي قَليلةٌ في لُغَة بعض العَجَم ، ومفقودةٌ في لُغَة الكثير منهم . وذالكَ مثْلُ العين المُهْملة . وذَكَر أَنَّ الحاءَ المهملةَ لا تُوجَدُ في غير كلام العَرب . ونقل ما نَقله في الضاد ، في مَحَلَ آخَرَ عن شَيْخه ابن أَبي الأَحوص ، ثُمَّ قال : والظاءُ المشالَةُ ممَّا انفردَتْ به العَرَبُ دُونَ العَجَم . والذالُ المعجمةُ ليست في الفارسيَّة . والثَّاءُ المُثَلَّثَةُ ليسَتْ في الرُّوميَّة ، ولا في الفارسيَّة . قاله ابن قُرَيْب . والفاءُ ليست في لسان التُّرْك .
وفي اللسان : ولا يوجد يعني الضادَ في لسان العَجَم إِلَّا في القليل ، ولذالك قيل في قول أَبي الطَّيِّب :
وبهمْ فَخْرُ كُلِّ مَنْ نَطَقَ الضَّا
دَ وَعوْذُ الجاني وغَوْثُ الطَّريدِ
ذَهَب به إِلى أَنَّها للعَرَب خاصَّةً .
قال ابن جِنّي : ولا يُعْتَرضُ بمثْل هاذا على أَصحابنا . قال : وعينُها منقلبةٌ عن واوٍ .
( *!-والضَّوادِي : ما يُتَعَلَّلُ به من الكَلامِ ) ولا يُحَقَّقُ له فِعْلٌ ، قاله أُمَيَّةُ بنُ أَبي الصَّلت :
وماليَ لا أُحَيِّيهِ وعنْدِي
قَلائِصُ يَطَّلِعْنَ مِن النِّجادِ
إِليَّ وإِنَّهُ للنَّاسِ نَهْيٌ
ولا يُعْتَلُّ بالكَلِمِ *!-الضَّوادِي
قال ابن سِيدَه : وهاذه الكَلِمُ لم يَحْكِها إِلَّا ابنُ دُرُسْتَوَيْهِ ، قال : ولا أَصْل لها في اللُّغَة .
وفي التهذيب ، عن ابن الأَعرابِيّ : الضَّوادِي : الفُحْشُ .
وقال ابن بُزُرْجٍ : يقال ضادَى فلان فُلاناً ، وضادَّه بمعنًى واحدٍ ، وإِنَّه لصَاحِبُ ضَداً ، مثْل قَفاً ، من المُضَادَّة أَخرَجه من التَّضْعِيفِ .
ضهد : ( ضَهَدُه ، كمَنَعَه : قَهَرَهُ ) وظَلَمَه
____________________

(8/316)


وأَكْرَهه ، ( كأَضْهَدَهُ ) واضْطَهَدَه ، روى ابنُ الفَرَجِ لأَبي زيد أَضْهَدتُ بالرجُلِ إِضْهاداً ، وأَلْهَدْتُ به إِلْهَاداً ، وهو أَن تَجُورَ عليه وتَسْتأْثِر .
وفي حديث شُريح : ( كان لا يُجِيزُ الاضطهادَ ) ، هو الظُّلمُ والقَهْرُ ، يقال : ضَهَدَه واضْطَهده ، والطاءُ بدلٌ من تاءِ الافتعال ، المعنَى : كان لا يُجِيزُ البَيْعَ واليَمِينَ وغيرَهَا في الإِكراهِ والقَهْرِ .
( وأَضْهَدَ به ) إِضْهاداً : ( جَارَ عليه ) واستأْثَرَ . وكذالك أَلْهَدَ به إِلْهَاداً ، ورجل مَضْهودٌ ، ومُضْطَهَدٌ : مقهورٌ ذَلِيلٌ مُضْطَرٌّ .
( والمُضْطَهِدُ ) : المُضْطَعِفُ ، وبه سُمِّيَ ( الأَسَدُ ) .
( والضَّهْيَدُ ) : الرَّجلُ ( الصُّلْب الشَّدِيدُ ، ولا فَعْيَلَ سواه ) في كلام العربِ . وذَكَرَ الخليلُ أَنَّه مصنوعٌ قال الصاغانِيُّ : وهي من الأَبْنِيَةِ التي فاتتْ سِيبويْهِ ، قال شيخُنا وقد وَردَ منه ضَهْيَأٌ . وقد مرّ في المهموز ، وعَتْيَدٌ ، كما سيأْتِي ، وزاذوا : مَدْيَنَ ومَرْيَم . وسيأْتي الكلامُ على كل واحد في مَحَلِّهِ ، إِن شَاءَ اللّهُ تعالى .
( و ) ضَهْيَدٌ : ( ع ، أَو هو بالصاد ) المهملة ، وقد مَرَّ قريباً .
( و ) عن ابن شُمَيْل : اضْطَهَدَ فلانٌ فُلاناً ، إِذا اضْطَعَفَه وقَسَرَه ، وهي الضُّهْدَةُ ، يقال ما نَخافُ بهاذه البَلْدَةِ الضُّهْدَةَ ، أَي الغَلَبَةَ والقَهْرَ ، ويقال : ( هو ضُهْدَةٌ لكلِّ أَحَدٍ ، بالضّمّ ) ، أَي ( يَقْهَرُهُ كُلُّ مَنْ شَاءَ ) .
2 ( فصل الطاءِ ) مع الدال المهملتين ) 2
طرد : ( الطَّرَدُ ) بفتح فسكون ، ( ويُحَرَّكْ : الإِبعادُ ) والتَّنْحِيَةُ ، طرَدَه يَطْرُدُه طَرْداً وطَرَداً ، والرجلُ طَريدٌ ومَطْرُودٌ ، فاطَّرَدَ .
قال الجوهريُّ : لا يقال من هاذا :
____________________

(8/317)


انْفَعل ولا افْتعَل إِلّا في لغةٍ رَديئةٍ . ومثله في المصباح .
وقال سيبويه : طَرَدْتُه فذَهَب ، لا مضارعَ له من لفظه ، واقتَصَر في الأَساس على انفعَلَ .
( و ) الطَّرْد ، واطَّرَد : ( ضَمُّ الإِبل من نواحيها ) طَرَدْتُ الإِبلَ طَرْداً ، أَي ضَمَمْتُهَا من نَوَاحِيهَا ، وأَطْرَدتُها : أَمَرْتُ بطَرْدهَا ، أَي ضَمِّها .
( و ) في حديث قَتَادةَ : ( في الرجل يَتَوَضَّأُ بالماءِ الرَّمِد والماءِ الطَّرِد ) ( كَكتِفٍ ) هو ( الماءُ الطَّرْقُ ) ، بفتح فسكون ، ( لمَا خاضَتْهُ الدَّوابُّ ) ، سُمِّيَ لأَنَّها تَطَّرِدُ يه وتَدْفَعُه ، أَي تَتَتابَع . والرَّمِدُ : الذي تَغَيَّر لَوْنُه حتَّى صار على لَوْن الرَّمَاد .
( و ) الطَّرَد ( بالتحريك : مُزاوَلةُ الصَّيْد ) ، طَرَدَت الكِلابُ الصَّيْدَ طَرداً : نَحَّتُه وراهَقَتْه .
( و ) عن ابن السِّكِّيت : ( طَرَدْتُهُ نَفَيْتُهُ عَنِّي ) وقُلْت له : إذهَبْ ، فذَهَبَ ولا يُقَال : فانْطَرَدَ ، كما سبق .
( والطَّرِيدُ : العُرْجُونُ ) ، وبالهَاءِ : أَصلُ العِذْقِ .
( و ) مِنَ المَجَازِ : الطَّريدُ ( من الأَيام الطَّويلُ ) التّامُّ ، ( كالطَّرّاد ، والمُطَرَّد ) ، كشَدَّادٍ ومُعظَّم ، كما في نُسْخَة أُخرى ، يقال : مَرَّ بنا يومٌ طَرِيدٌ وطَرَّادٌ ، أَي طَوِيلٌ ، ويوم مُطَرَّد ، أَي طَرَّادٌ كالمٌ مُتمَّمٌ ، قال :
إِذَا القَعُودُ كَرَّ فيه حَفَدَا
يَوماً جَديداً كُلَّه مُطَرَّدَا
( و ) من المجاز : الطَّريدُ : ( الذي يُولَدُ بَعْدَكَ ، وأَنت أَيضاً طَرِيدُهُ ) ، فالثاني طَريدُ الأَول ، يقال : هو طَرِيدُه .
( و ) من المجاز : ( الطَّرِيدانِ : اللَّيْلُ والنّهَارُ ) كلُّ واحدٍ منهما طَرِيدُ صاحبِه ، قال الشاعر :
يُعيدَان لِي ما أَمْضَيَا وهُمَا مَعاً
طَرِيدانِ لا يَسْتَلْهِيانِ قَرَارِي
____________________

(8/318)



( والطَّرِيدةُ : ما طَرَدْتَ مِن صَيْدٍ أَو غيرِهِ ) ، والجمع الطَّرائدُ وفي بعض الأُمَّهَات : ما طَرَدْتَ من وَحْش ونَحْوه .
( و ) الطَّرِيدةُ : الوَسِيقَةُ من الإِبِلِ يُغِيرُ عليها قَومٌ فيطرُدُونَهَا .
وفي الصحاح : هو ( ما يُسْرَقُ من الإِبلِ ) .
( و ) من المجاز : الطّريدةُ : ( قَصَبَة فيها حُزَّةٌ ) بضمّ الحاءِ المهملة ، وتشديد الزّاي ، ( تُوضَع على المَغَازِلِ ) والعُودِ ( والقِدَاحِ ، فتُبْرَى بِها ) وتُنْحَتُ عليها ، قال الشَّمَّاخُ يصف قَوْساً :
أَقَامَ الثِّقَافُ والطَّرِيدةُ دَرْأَها
كما قَوَّمَتْ ضِغْنَ الشَّمُوسِ المَهامِزُ
وفي الأَساس : وبُرِيَ القَدَحُ بالطَّرِيدة ، وهي السَّفَن . قال أَبو الهَيْثَم : الطَّرِيدةُ : السَّفَنُ وهي قَصَبَةٌ تُجَوَّفُ ، ثمَّ يُنْقَرُ منها مَواضِعُ فَيُتَتَبَّعُ فيها جَذْبُ السَّهْمِ .
وقال أَبو حَنِيفة : الطَّرِيدَةُ : قِطْعَةُ عُودٍ صَغِيرةٌ في هَيْئةِ المِيزَاب ، كأَنَّها نِصْفُ قَصَبَةٍ سَعَتُهَا بِقَدْرِ ما يَلْزَم القَوْسَ أَو السَّهْمَ .
( و ) مِنَ المَجَازِ : في الأَرضِ طرائِدُ من كَلإِ ، الطَّريدة : ( الطَّرِيقَةُ القليلَةُ العَرْضِ من الكَلإِ .
( و ) الطَّرِيدَة بُحَيْرَةٌ من الأَرضِ ) قليلةُ العَرْضِ ، إِنما هي طَرِيقَة .
( و ) من المجاز : عنْدي طَرِيدةٌ من ثَوبٍ ، وهي ( شُقَّةٌ مُسْتَطِيلةٌ ) ، أَي شُقَّتْ طُولاً ( من الحَرِيرِ ) . وفِي حديث مُعاويةَ ( أَنَّه صَعِدَ المِنْبَرَ وبيَدِهِ طَرِيدةٌ ) ، فسَّره ابنُ الأَعرابِيّ فقال : الخِرْقَةُ الطَّوِيلةُ من الحَرِيرِ . حكاه الهَرَوِيُّ في ( الغَرِيبَيْنِ ) .
وعن أَبي عَمْرٍ و : الجُبَّةُ : الخِرْقَةُ المُدَوَّرَةُ ، وإِن كَانَت طَويلة ، فهي الطَّرِيدةُ .
( و ) الطَّريدة ( لُعْبَةٌ ) لِصبيانِ الأَعراب ( تُسمِّيهَا العامَّة المَسَّةَ ) ، بفتح الميم وتشديد السِّين المهملة ، ويقال : الماسَةُ ، ( والضَّبْطَةَ ، فإِذا وَقَعَتْ يَدُ
____________________

(8/319)


اللَّاعِبِ مِنْ آخَرَ على بَدَنِهِ ) إِمَّا على ( رأْسِهِ أَو كَتِفِهِ ، فهي المَسَّةُ ، وإِذا وَقَعَتْ على الرِّجْلِ فهي الأَسْنُ ) ، بفتح فسكون ، وليست بِثَبت .
وقال الطِّرمَّاح يصف جَوارِيَ أَدْرَكْن فتَرَفَّعْنَ عن لَعِب الصِّغارِ والأَحداث :
قَضَتْ من عيان والطَّرِيدةِ حاجةً
فهُنَّ إِلى لَهْوِ الحَدِيثِ خُضُوعُ
وأَنشد ابن دُرَيْدٍ قولَ الشاعر :
قَضَتْ من عُدَادٍ والطَّريدةِ حاجَةً
وهُنَّ إِلى أُنْسِ الحَدِيثِ حَقِيقُ
وفَسَّرَ الطَّرِيدَة بالمَوْضع ، وهو تصحيفٌ وتَغْيِير ، نَبَّهَ عليه الصاغانيُّ ، وقال : الصوابُ أَنَّ الطَّرِيدَةَ لُعْبَةٌ معروفَةٌ ، فاعرِف ذالك .
( و ) الطَّرِيدَة : ( خِرْقَةٌ تُبَلُّ ويُمْسَحُ بها التَّنورُ ، كالمهطْرعدَة 2 ) ، بالكسر ، نقله الصاغانيّ .
( و ) من المجاز : اطِّراد والمِطْرَد ، ( ككِتَاب ومِنْبَرٍ : رُمْحٌ قَصِيرٌ ) يُطْعَن به حُمُرُ الوَحْشِ .
وقال ابن سيده : المِطْرَدُ ، بالكسر رُمْحٌ قَصِيرٌ يُطْرَدُ به ، وقيل : يُطْرَدُ به الوَحْشُ والطِّرَدُ : الرُّمْحُ القَصِيرُ ، لأَنَّ صاحِبَهُ يُطَارِدُ بِه ، وجمع المِطْرَدِ : المَطَارِدُ .
( و ) طَرَّادٌ ، ( ككَتَّانٍ : سفينةٌ صغيرةٌ سَرِيعَةٌ ) السَّيْرِ والجَرْيِ ، عن الصاغانيّ . والعامّة تقول : تَطرِيدَة .
( و ) من المجاز : الطَّرَّاد ( من المكانِ : الواسِعُ ) ، يقال فَضَاءٌ طَرَّادٌ ، وبِلادٌ طَرَّادَةٌ : وَاسِعَةٌ يَطَّرِدُ فيها السَّرَابُ .
( و ) من المجاز : الطَّرَّادُ ( من السُّطُوح : المُسْتَوِي المُتَّسِعُ ) ، ومنه قولُ العَجَّاج :
وكَمْ قَطَعْنَا من خِفَافٍ حُمْسِ
غُبْرِ الرِّعَانِ ورِمَالٍ دُهْسِ
وصَحْصَحانِ قَذَفٍ كالتُّرْسِ
____________________

(8/320)



وعْرٍ نُسامِيها بِسَيْرٍ وَهسِ
والوَعْسِ والطَّرَّادِ بَعْدَ الوَعْسِ
( و ) الطَّرَّاد : ( مَن يُطَوِّلُ على النَّاس القِرَاءَةَ حتَّى يَطْرُدَهُمْ ) ومنه الحديث : زمن الأَئِمَّةِ طَرَّادُون ) أَي يَطْرُدون الناسَ بطُولِ قِيامِهِم ، وكَثْرةِ قِراءَتِهم . وقد فَسَّر أَبو داوودَ في سُنَنِه بما قاله المصنِّف وقال : لا أَعْلَم إِلَّا ذالك .
كتاب م كتاب ( و ) طَرَّادٌ : ( اسمُ جَماعَة ) من المحدِّثِينَ ، وهو في الأَعلام واسِعٌ .
( و ) طُرَّادٌ ، ( كَرُمَّانٍ : ع ) وضَبَطَه الصاغانِيُّ : كشَدَّادٍ .
( والطِّرْدَةُ ، بالكسر : مُطَارَدَةُ الفَارِسَيْنِ مرَّةً واحدةً ) ، والمُطارَدَةُ : حَمْلُ أَحدِهما على الآخَرِ ، كما سيأْتي . ( وبنو طَرِيدٍ ، وبنو مَطْرُودٍ : بَطْنَانِ ) . وكذالك بنو طُرُودٍ ، بالضّمّ ، أَما مَطْرُودٌ فمن بني سُلَيمٍ ، وهو مَطْرُودُ بنُ مالِكِ بنِ عَوْفِ بنِ امرِىءِ القَيْسِ بن بُهْثَةَ بنِ سُلَيمٍ ، منهم عبدُ الله بنُ سِيدانَ .
( والطُّرْدِينُ بالضّمّ ) فالسُّكُون ، وكسْر الدّال : ( طعامٌ للأَكرادِ ) ، نقله الصاغانيُّ .
( والمَطْرَدَةُ ) بالفتح ( ويُكْسَر : مَحَجَّةُ الطَّرِيقِ ) ، لأَنّه يُطْرَدُ فيها ، ( وطَرَدْتُهُمْ : أَتَيْتُهُمْ ) ، أي أَتيتُ عليهم ، كما في التهذيب ( جُزْتُهُم ) .
( وتَطْرِيدُ السَّوْطِ ) ، وفي الأَساس : الصوت : ( مَدُّهُ ) : يقال : طَرِّدْ سَوْطَكَ ، أَي مُدَّه . نقله الصاغانيُّ .
( و ) يقال : ( أَطْرَدَهُ ) ، إِذا ( أَمَرَ بِطَرْدِهِ ) وإِبْعَادِه ، ( أَو ) أَطْرَدَه السُّلطانُ ، إِذا أَمَرَ ( بإِخراجِهِ عن ) ، وفي بعض النسخ من ( البَلَدِ ) وقال ابن السِّكِّيتِ : أَطْرَدْته ، إِذا صَيَّرتهُ طَرِيداً . وعن ابن شُمَيْلٍ : أَطرَدْتُ الرَّجُلَ : جعَلْتُه
____________________

(8/321)


طَرِيداً لا يَأْمَنُ ، وطَرَدتُه : نَحَّيْتُه ثمّ يأْمَنُ .
( و ) أَطْرَدَ المُسَابِقُ صاحِبَهُ : ( قال له : إِنْ سَبَقْتَنِي فلَكَ عَلَيَّ كذا ، وإِن سَبَقْتُكَ فَلِي عليكَ كذا ) ، وفي الحديث : ( لا بَأْسَ بالسِّباقِ ما لَم تُطْرِدْهُ ويُطْرِدْكَ ) .
( و ) من المجاز : ( مْطاردَةُ الأَقرانِ ) والفُرْسانِ ، وطِرادُهم : ( حَمْلُ بَعضِهم على بَعْضٍ ( في الحَرْب وغيرِهَا ، أَي ولو لم يكن هناك طَرْدٌ ، كما قِيلَ للمحارَبةِ : جِلادٌ ومُجَالَدةٌ ، وإِن لم يكن ثَمَّ مُسايَفَةٌ . ( و ) يقال : ( هم فُرْسَانُ الطِّرادِ ) ، وطَارَدَ قِرْنَهُ ، وتَطارَدَا ، ( واسْتَطْرَدَ له ) ، أَي لِلقِرْنِ ، لِيَحْمِلَ عليه ثم يَكُرَّ عَلَيْه ، وذالك أَنَّه يَتَحَيَّزُ في استطرادِهِ إِلى فِئَتِهِ ، وهو يَنْتَهِزُ الفُرْصَةَ لمُطارَدَتِه . وقد استَطْرَدَ له ، ( كأَنَّهُ نَوْعٌ من المَكِيدةِ ) . وفي الحديث ( كنتُ أُطارِدُ حَيَّةً ) أَي أَخْدَعُهَا لأَصِيدَهَا . ومنه طِرَادُ الصَّيْدِ .
( واطَّرَدَ الأَمْرُ ) ، وفي بعض لأُمَّهاتِ : الشَّيْءُ ، بدَل الأَمْر : ( تَبِعَ بعضُه بَعضاً وجَرَى . و ) اطَّرَدَ ( الأَمْرُ : استقامَ ) ، وأَمرٌ مُطَّرِدٌ : مُستقيمٌ على جِهَتِهِ ، وفُلانٌ يَمْشِي مَشْياً طِرَاداً ، أَي مُسْتَقِيماً . واطَّرَدَ الكلامُ : تتابَعَ ، والماءُ : تتابَعَ سَيَلَانُه ، قال قيسُ بنُ الخَطِيمِ :
أَتَعْرِفُ رَسْماً كاطَّرادِ المَذَاهِبِ
أَراد بالمَذَاهِبِ جُلوداً مُذْهَبَةً ، بخُطوطٍ يُرَى بَعْضُها في إِثْرِ بَعْضٍ فكأَنَّها مُتَتَابِعَةٌ .
ومما يُسْتَدْرَكُ عليه :
مَرَّ فُلانٌ يَطْرُدُهُمْ ، أَي يَشُلُّهُم وَيَكْسَؤُهُم ، طَرَدَه ، وطَرَّده ، قال :
فأُقْسِمُ لولا أَنَّ حُدْباً تَتَابَعَتْ
عَلَيَّ ولم أَبْرَحْ بِدَيْنٍ مُطَرَّدَا
____________________

(8/322)


حُدْباً : يَعْنِي دَواهِيَ وكذالك اطَّرَدَه ، قال طُرَيح :
أَمْسَتْ تُصَفِّقُها الجَنُوبُ وأَصبَحَتْ
زَرْقَاءَ تَطَّرِدُ القَذَى بِحِبابِ
والطَّرِيد : المَطْرُودُ . والأُنثَى : طَرِيدٌ وطَرِيدَةٌ ، جمعهما : طَرَائِدُ . كذا في المُحْكَم . وناقَةٌ طَرِيدٌ ، بغير هاءٍ ، طُرِدَتْ فَذُهِبَ بِها ، وجَمْعها : طَرَائِدُ .
وفي حديثِ قِيَامِ اللَّيل : ( هو قُرْبَةٌ إِلى اللّهِ ومَطْرَدَةُ الدَّاءِ عن الجَسَدِ ) . أَي أَنها حالٌ مِن شأْنِها إِبعادُ الداءِ .
وبَعِيرٌ مُطَّرِدٌ : وهو المُتَتابِعُ في سَيْرِه و لا يَكْبُو ، قال أَبو النَّجْم :
فَعُجْتُ مِن مُطَّرِدٍ مَهْدِيِّ
من المجاز : خَرَجَ فلانٌ يَطْرُدُ حُمُرَ الوَحْشِ ، أَي يَصِيدُها .
وكذالك قولُهم : الرِّيحُ تَطْرُدُ الحَصَى . والأَرضُ ذاتُ الآلِ تَطْرُدُ السَّحَابَ طَرْداً .
ورَمْلٌ مُتَطارِدٌ : يَطْرُدُ بعضُه بَعْضاً ويَتَبَّعُه ، قال كُثَيِّرُ عَزَّةَ :
ذَكَرْتُ ابنَ لَيْلَى والسَّمَاحَةَ بَعْدَما
جَرَى بينَنا مُورُ النَّقَا المُتَطارِدُ
وجَدْوَلُ مُطَّرِدٌ : سَرِيعُ الجَرْيةِ ، والأَنهارُ طَّرِدُ ، أَي تَجْرِي . وفي حديث الإِسراءِ : ( إِذا نَهْران يَطَّرِدانِ ) أَي يَجْرِيَانِ ، وهما يَفْتَعِلانِ . ( من الطرد ) .
وفي حديث مُجاهِدٍ : ( إِذا كان عِنْدَ اضْطِراد الخَيْلِ وعِنْدَ سَلِّ السُّيوفِ أَجْزَأَ الرَّجلَ أَن تكونَ صَلاتُه تَكْبِيراً ) الاضطراد : هو الطِّرادُ ، وهو افْتِعَالٌ من طِرادِ الخَيْلِ ، وهو عَدْوُهَا وتَتَابُعُها ، فُقِلبَتْ تاءُ الافْتِعالِ طاءً ، ثم قُلِبت الطاءُ الأَصلِيَّةُ ضاداً . .
وثَوْبٌ طَرَائِدُ ، عن اللِّحْيَانِيّ ، أَي أَي خَلَقٌ .
وفي الأَساس : ثَوْبٌ طَرِيدٌ : شَبَارِق .
____________________

(8/323)



( والطَّرَدُ ، محرّكَةً : فِراخُ النَّخْلِ ، والجمْع : طُرُودٌ ، حكاه أَبو حنيفةَ .
والطَّرِيدةُ : الخُطَّةُ بينَ العَجْب والكاهِلِ ، قال أَبو خِراش :
فهَذَّبَ عنها ما يَلِي البَطْنَ وانْتَحَى طَرِيدَةَ مَتْنٍ بينَ عَجْبٍ وكاهِلِ وعن ابن الأَعرابيّ : أَطْرَدنَا الغَنَمَ ، أَي أَرْسَلْنا التُّيُوسَ في الغَنَمِ .
ومن المجاز : قال الشافِعِيُّ : ( ويَنْبَغِي للحاكِمِ إِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ لِرَجُلٍ على آخَرَ أَن يُحْضِرَ الخَصْمَ ويَقْرَأَ عليه ما شَهِدُوا عَلَيْه ، ويُنْسِخَه أَسماءَهُم وأَنْسَابَهُم ، ويُطْرِدَه جَرْحَهُم ، فإِن لم يَأْتِ بِهِ حَكَمَ عليه ) .
قَال أَبو منصور : معنى قوله : يُطْرِده جَرْحَهُمْ أَن يقول له : قد عُدِّلَ هاؤلاءِ الشُّهُودُ فإِنْ جِئتَ بِجَرحِهِم ، وإِلَّا حَكَمْتُ عليكَ بما شَهِدُوا بِهِ عَلَيْك .
ومن المجاز : طَرَدْتُ بَصَرِي في أَثَرِ القَوْمِ . والقِيعَانُ تَطْرُدُه السَّرابَ ، أَي يَطَّرِدُ فيها كما يَطَّرِدُ الماءُ . وجَدْوَلٌ مُطَّرِدٌ ( ورُمْحٌ مُطَّرِدٌ ومُطَّرِدُ ) الأَنابِيبِ والكَعُوبِ . وحَدِيثٌ ( وكَلَامٌ ) مُطَّرِدٌ ، وذا لا يَطَّرِدُ في القِياسِ .
قال الصّاغَانِيُّ : والطَّرْدُ والعَكْسُ ( في اصطلاح الفقهاءِ ) أَن يَطَّرِدَ الشّيْءُ وَينْعَكِسَ كقَولِهم في حَدِّ النّارِ : كلُّ نارٍ فهو جَوْهَرٌ مُضِيءٌ مُحْرِقٌ ، وكلُّ جَوْهَرٍ مُضِيءٍ مُحْرِقٍ فهو نارٌ .
واتَّبِعْ طَوَارِدَ الإِبِلِ : مُتَخَلِّفاتِها .
ومرَّت عليهم سنُونَ طَرَّادةٌ .
واطَّرَدُوا إِلى المَسِيرِ : تَتَابَعُوا .
ومَطْرُودُ بنُ كَعْبٍ ، من شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ . وقد سَمَّوْا : طِرَاداً ، ككِتَاب منهم أبو الفوارِسِ ، نقيبُ النُّقَبَاءِ ، طِرَادُ بنُ محمّدِ بنِ عليّ بنِ ثُمَامٍ الزَّيْنَبِيّ ، مشهورٌ ، توفِّي سنة 491 ه . وكَثيرٌ منهم يضبِطه كشَدَّاد ، وهو وَهَمٌ ، وقد
____________________

(8/324)


سَمَّوْا طُرَيْداً ومُطَرِّداً ، كَزُبَيْرٍ ومُحَدِّث .
طرند : ( وطُرَنْدَة : مدينة بالرُّومِ ، مشهورة .
طود : ( *!الطَّوْدُ : الجَبَلُ ، أَو عَظِيمُهُ ) ، المتطاوِلُ في السَّماءِ . وفي حديثِ عائِشةَ ، رضيَ اللهُ عنها : ( ذاكَ *!طَوْدٌ مُنِيفٌ ) أَي جَبَلٌ عالٍ . *!والطَّوْدُ : الهَضْبَةُ ، عن ابن الأَعْرَابِيِّ ( ج : *!أَطْوَادٌ ) تقول : ما هو إِلَّا طَوْدٌ من *!الأَطْوَادِ ، ( *!وطِوَدَةٌ ) ، بِكَسْر ففَتْح ، وهاذه عن الصاغانيِّ .
( و ) الطَّوْد : ( المُشْرِفُ من الرَّمْلِ ) كالهَضْبَةِ .
( و ) يقال : هو أَسْرَعُ من ( ابن الطَّوْدِ ) ، هو ( الجُلْمُودُ ) الّذِي يَنْحَطُّ وَيَتَدَهْدَى و ( يَقَعُ مِن ) أَعلَى ( الطَّوْدِ ) ، قال الشاعر :
دَعَوْت خُلَيْداً دَعْوَةً فكأَنَّمَا
دَعَوْتُ بِهِ ابنَ الطَّوْدِ أَو هُوَ أَسْرَعُ
وفي الأَساس : أَو الصَّدَى .
( *!وطَوْدٌ : عَلَمُ رَجُلٍ ) ، أَنشد ابن دُرَيْدٍ للأَعْشَى :
نَهَارُ شَرَاحِيلَ بْنِ طَوْدٍ يَرِيبُني
ولَيْلُ أَبِي لَيْلَى أَمَرُّ وأَعلَقُ
يقال : هذا أَمرُّ مِن هاذا وأَعْلَقُ من هاذا ، بمعنًى ، وهاذا يَدلّ على زِيادةِ الميم في علقم .
( و ) طَوْدٌ : ( عَلَمُ جَبَلٍ مُشْرِفٍ على عَرَفَة ، يَنْقادُ إِلى صَنْعَاء ) اليمنِ .
( و ) الطَّوْد : ( د . بالصَّعِيد ) الأَعلَى فوقَ قُوص دُونَ أُسوانَ ، ذكَرَه الإِدْفَوِيُّ وغيرُه .
( و ) *!الطَّادُ : الثَّقِيلُ ( الثابِتُ ، *!-كالطَّادِي ، يقال هو *!طَادٌ ما يُطَاق ، أَي ثَقِيلٌ في أَمْرِه لا يَبْرَح .
( و ) الطَّادُ : ( البَعِيرُ الهائجُ ) .
( *!والمَطَادَةُ : المَفَازةُ البَعِيدةُ ) ما بَيْنَ الطَّرَفَيْن ، جمْعه *!المَطَاوِدُ .
____________________

(8/325)



( و ) قال الفرَّاءُ : ( طَادَ ) ، إِذا ( ثَبَتَ ) ودَاطَ ، إِذا حَمُقَ .
( *!والمَطَاوِدُ : المَتَالِفُ ) ، وهي مثْل المَطَوِحِ ، قال ذو الرُّمَّة :
أَخو شُقَّةٍ جَابَ البِلادَ بنفْسِه
على الهَوْلِ حَتَّى لَوَّحَتْهُ *!المَطاوِدُ
( *!وطَوَّدَ ) فُلانٌ بفلانٍ *!تَطْوِيداً ، وطَوَّحَ به تَطْوِيحاً ، وطَوَّدَ بنفْسِهِ في المَطَاوِدِ ، وطَوَّح بها في المَطَاوِحِ .
وعن ابن الأَعرابيّ : *!طَودَ إِذا ( طَوَّفَ ) بالبِلادِ لِطَلَبِ المَعَاشِ ، ( *!كَتَطَوَّدَ ) ، *!والتَّطْواد : التَّطْوافُ .
( و ) *!المُطَوَّد ، ( كمُعَظَّمٍ : البَعِيدُ ) من الطُرُقِ ، ( *!والانْطِيادُ : الذَّهابُ في الهَواءِ صُعُداً ) ، بضمْتين ، ( و ) من ذالك قولُهم : ( بِنَاءٌ *!مُنْطادٌ ) أَي ( مُرْتَفعٌ ) ذاهِبٌ في الهَوَاءِ .
ومما يستدرك عليه :
*!طَوَّدَه اللْهُ *!تَطْوِيداً : طَوَّلَه . كذا في الأَساس .
ومن المجاز : أَنشد ثعلب :
يا مَن رَأَى هَامةً تَزْقُو على جَدَثٍ
تُجِيبُها خَلِفَاتٌ ذاتُ *!أَطْوادِ
فَسَّره ابنُ الأَعرابِيِّ فقال : الأَطوادُ هنا الأَسْنِمَةُ ، شَبَّهها في ارتفاعَها *!بالأَطوادِ الّتي هي الجِبَالُ ، يصف إِبِلاً أُخِذَت في الدِّيَةِ ، فَعَيَّر صَاحِبَها بِهَا .
*!وطَادُ : من قُرَى أَصْبَهَانَ ، منها أَبو محمّد عبدُ الله بنُ عليِّ بن عبدِ الله ، المُؤَدِّبُ الأَصبهانِيُّ ، رَوَى عنه أبو بكرِ بنُ مَرْدَوَيْه الحافِظُ .
ومما يستدرك عليه :
طسبند : ( طاسَبَنْد ) : من قُرَى هَمَذَانَ ، وقد نُسِب إِليها أَبو إِسحاقَ إِبراهِيمُ بن محمّدٍ ، الخَطِيبُ الهَمَذَانِيُّ ، وغيره .

____________________

(8/326)


2 ( فصل العين ) مع الدال ، المهملتين ) 2
عبد : ( العَبْدُ : الإِنسانُ ، حُرًّا كانَ أَو رَقِيقاً ) كذا في المُحكَم والمُوعِب ، كَأَنَّه يُذْهَبُ بذالك إِلى أَنه مَرْبُوبٌ لبارِئه ، جلَّ وعَزَّ . وقال ابن حَزْمٍ : العَبْدُ يُطْلَقُ على الذَّكَرِ والأُنْثَى .
( و ) العَبْدُ : ( المَمْلُوكُ ) خلافُ الحُرِّ .
وعبارة الأَساس : العَبْدُ : الإِنسانُ ، وضِدُّه الحُرُّ .
قال سيبويه : هو في الأَصل صِفَةٌ ، قالوا : رَجُلٌ عَبْدٌ ، ولاكنه استُعْمِلَ استِعْمَالَ الأَسماءِ .
( العَبْدَلِ ) ، اللامُ زائدة ، كما صرَّحُوا ، ( ج : عَبْدُونَ ) أَي كجَمْعِ المذكَّرِ السّالمِ ، نظراً إِلى أَنَّه وَصْفٌ ، كما مَرَّ عن سيبويه ، وصَرَّحَ به بعضُ شُرَّاحِ ( الفَصِيح ) ( وعَبِيدٌ ) ، مثل كَلْبٍ ، وكَلِيبٍ ، وَمَعْز ومَعِيزٍ . قال الجوهريُّ : وهو جمعٌ عَزِيزٌ . قال شيخُنَا : ووقعَ خِلافٌ فيه بينَ أَهْلِ العربيّةِ ، هل هو جَمْعٌ أَو اسمُ جَمْعٍ ، وأَوضَحه الشيخُ ابنُ مالكٍ ، وقال : إِنه وَردَ في أَوزانِ الجموع فَعِيلٌ ، إِلّا أَنَّهُم تارةً عاملوه مُعَامَلةَ الجُمُوعِ ، فأَنَّثُوه ، كالعَبِيدِ وتارةً عامَلُوه معاملةَ أَسماءِ الجُموعِ فذَكَّروه . كالحَجِيج ، والكَلِيب ، ( وأَعْبُدٌ ) كفَلْسٍ وأَفْلُسٍ ، ( وعِبَادةٌ ) بالكسر ، ولا يأْباهُمَ القِيَاسُ . ( وعُبْدَانٌ ) ، بالضّمّ ، كتَمْرٍ وتُمْرَان . وأَنشد اللِّحْيَانِيُّ في النوادر :
حَتَّامَ يُعْبِدُنِي قَوْمِي وقد كَثُرَتْ
فيهمْ أَباعِرُ ما شاءُوا وعُبْدانُ
( وعِبْدانٌ ) بالكسر ، كجَحْش وجِحْشَان ، ( وعِبِدَّانٌ ، بكسرتين ، مُشَدَّدةَ الدَّالِ ) ، قال شَمِرٌ : ( و ) يقال للعَبِيد ؛ ( مَعْبَدَةٌ ) ، وأَنْشَدَ للفرزدق :
وما كانتْ فُقَيْمٌ حَيْثُ كانَتْ
بيَثْرِبَ غيرَ مَعْبَدَةٍ قُعُودِ
____________________

(8/327)



قال الأَزهريّ : ومعْبَدةٌ جمع العَبْدِ ( مَشْيَخَةٍ ) جمعِ الشَّيْخِ ، ومَسْيَفَةٍ ، جمع السَّيْف . وجعله ابن سِيده : اسمَ الجمْع . ( ومَعَابِدُ ) ، ومنهم من جعلَه جمْعَ مَعْبَدةٍ ، كمَشْيَخَة ، فهو جمْعُ الجمْع . ( وعِبِدَّاءُ ) ، بكسر العين والباءِ ، وشَدِّ الدال ، ممدوداً ، نقله صاحِبُ المُوعِب ، عن سيبويه ، ( وعَبِدى ) مقصوراً ، عن سيبويه أَيضاً ، وخَصَّ بعضُهم بالعِبِدَّى : العَبِيدَ الّذي وُلِدُوا في المِلْك . والأُنثَى عَبْدَة . وقال اللَّيث : العِبِدَّى : جماعةُ العَبِيدِ الذين وُلِدُوا في العُبُودِيَّةِ ، تعبيدةٌ ابنَ تُعْبِيدة ، أَي في العُبُودِيَّةِ إِلى آبَائِهِ . قال الأَزهَرِيُّ : هَذَا غَلَطٌ ، يقال : هاؤلاءِ عِبِدَّى اللّهِ ، أَي عِبَادُه . وفي الحديث الّذِي جاءَ في الاستِسْقَاءِ ( هؤلاءِ عِبِدَّاَ بفِنَاءِ حَرَمَكِ ) .
وفي حديث عامرِ بن الطُّفَيْل : ( أَنَّه قال للنّبيِّ ، صلَّى اللّهُ عَلَيْه وسلَّم : ما هاذِه العِبِدَّى حَوْلَك يا مُحَمَّد ) ، أَراد فقراءَ أَهْلِ الصُّفَّةِ ، وكانُوا يَقُولون : اتَّبَعَهُ الأَرْذَلُونَ . ( وعُبُدٌ بضمّتين ) مثل سَقْفٍ وسُقُفٍ ، وأَنشد الأَخفشُ :
انسُبِ اعَبْدَ إِلى آبائِهِ
أَسْوَدَ الجِلْدَةِ من قَوْمٍ عُبُدْ
ومنه قَرأَ بعضُهُم : { وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ } ( المائدة : 60 ) كذا في الصّحاح . ( وعَبُدٌ ) ، بِفَتْح فضمّ ( كَنَدُسٍ ) ، وبه قرأَ بعضُ القُرَّاءِ { وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ } بفتح العين ، وضم الباءِ وفتح الدال ، وخفض الطاغوتِ . قال ابن القَطَّاع في ( كتاب الأَبنية ) له : ولا وَجْه له في العَرَبِيّة ، وقيل : عَبُدٌ ، واحدٌ يَدُلُّ على جماعة ، كما تقول حَدُثٌ ، المعنَى : وخاِمَ الطَّاغَوتِ ، وقيل معناه : وخَدَمَ الطّاغوتِ ، قال : وليس هو بجَمْعٍ ، لأَن فَعْلاً لا يُجْمَع على فَعُل ، وإِنما هو اسمٌ بُنِيَ على فَعْلٍ مثْل حَذُرٍ ، كما قاله الأَخفش ، قال لأَزهَرِيُّ : وأَما قول أَوْسِ بن حَجَرٍ :
أَبَنِي لُبَيْنَى لستُ مُعْتَرِفاً
لِيَكُونَ أَلأَمَ مِنكُمُ أَحَدُ
____________________

(8/328)



أَبَنِي لُبَيْنَى إِنَّ أُمَّكُمُ
أَمَةٌ وإِنَّ أَباكُمُ عَبُدُ
فقال الفرّاءُ : إِنما ضمَّ الباءَ ضرورةً ، وإِنما أَراد عَبْدُ ؛ لأَن القصيدةَ من الكامِلِ ، وهي حَذَّاءُ . قال شيخُنا : فتنظيرُ المصنِّفِ عَبُداً بِنَدُسٍ مَحَلُّ نَظَرٍ . ( ومَعْبُوداءُ ) ، بالمعدِّ ، عن يعقوبَ في ( الأَلفاظ ) ، ( جج ) ، أَي جمْع الجمعِ : ( أَعابِدُ ) جمْع أَعْبُدٍ ، قال أَبو دُوَادٍ الإِياديُّ يصف ناراً :
لَهَنٌ كنَارِ الرَأْسِ بال
عَلْياءِ تُذْكِيهَا الأَعابدْ
فغاية ما ذكَره المصنِّف من جموع العَبْدِ : خمسةَ عَشَرَ جَمْعاً .
وزاد ابن القطَّاع في ( كتاب الأَبنية ) : عُبُدَاءَ ، بضمّتين ممدوداً ، وعَبَدَة ، محرّكَ ، ومَعْبُودَى ، مقصوراً ، وأَعبِدة ، بكسْر الموحَّدة ( وأَعْبَاد ) ، وعُبُود ، وعُبَّد ، بضمّ فموحّدة مشدَّدة مفتوحَة ، وعُبَّاد ، على وَزْنِ رُمَّان ، وعِبَّاد ، بكسر فتشديد ، وعِبِدَّة ، بكسر العين والباءِ وتشديد الدّال .
فهاذه عشرةُ أوْجُه ، صار المجموع خمسةً وعشرين وَجْهاً .
وزاد بعضٌ : العُبُودَة كصَقْر وصُقُورة .
وقد جَمَعَ الشيخ بنُ مالِكٍ هاذه الجموعَ مختَصِراً في قوله :
عِبادٌ ، عَبِيدٌ ، جمْع عَبْدٍ ، وأَعْبَدٌ
أَعابِدُ ، مَعُبوداءُ ، مَعْبَدَةٌ ، عُبُدْ
كذالِك عُبْدَنٌ ، وعِبْدَانٌ اثْبِتَنْ
كذَاكَ العِبِدَّى وامدُدِ إنْ شِئتَ أَن تَمُدّ
واستَدركَ عليه الجلالُ السُّويطيُّ في أَوّلِ شَرْحِهِ لعُقُود الجُمَانِ ، فقال :
وقد زِيدَ أَعْبَادٌ ، عُبُودٌ ، عِبِدَّةٌ
وخَفِّفْ بِفَتْحٍ ، والعِبِدَّانُ إِن تَشُدْ
وأَعْبِدةٌ ، عَبُدُون ثُمَّتَ بَعْدَهَا
عَبِيدُونَ ، مَعْبُودَى ، بِقَصْرٍ فخُذْ تَسُدْ
وزاد الشيخُ سَيِّدي المَهْدِيُّ الفاسِيُّ شارِحُ ( الدَّلائِل ) قولَه :
ومَنَدُساً وازَى كذَاكَ مَعَابِدٌ
بِذَيْنِ تَفِي عِشْرِينَ واثْنَيْنِ إِن تَعُدّ
____________________

(8/329)



قال شيخُنا : وأَجْمَعُ ارأَيْتُ في ذالك لبعض الفضلاءِ في أَبياتٍ :
جُمُوعُ عَبْدٍ ، عُبُودٌ أَعْبُدٌ ، عُبُدٌ
أَعابِدٌ ، عبَّدٌ ، عَبُدُونَ ، عُبْدَانُ
عُبْدٌ ، عِبِدَّى ، ومَعْبودَا ، ومدُّهُما
عِبَدَّةٌ ، عَبُدٌ ، عُبَّادُ ، عِبْدانُ
عَبِيدٌ أَعْبِدةٌ عِبَّادُ ، مَعْبَدةٌ
مَعَابِدٌ ، وعَبِيدُونَ ، العِبِدَّانُ
قال شيخنا : وللنظَرِ مَجَالٌ في بعْضِ الأَلْفاظِ : هل هي جموعٌ لِعَبْدٍ ، أَو جموعٌ لبعضِ جموعِهِ ، كأَعابِدَ ، ومَعَابِدَ .
ويُنْظر في ( عَبيدونَ ) ، فإِن الظاهرَ أَنه جَمْعٌ لعَبِيد . والعَبِيدُ جمع لِعَبْدٍ ، فيبقى النظر في جمْعِهِ جَمْعَ مذكْرٍ سالماً ، فإِن هاذا غيرُ مَعْرُوفٍ في العربيّة ، جمْع تكسيرٍ يُجْمَعُ جَمْعَ سَلامةٍ . واعَبْدُونَ أَنَّه اعتبر فيه معنَى الوَصْفِيَّةِ الّتي هي الأَصْلُ فيه عِنْدَ سِيبَويْهِ وغيره .
( والعَبْدِيَّةُ ) حكاه صاحب المُوعِب ، عن الفَرْاءِ ( والعُبُودِيّةُ والعُبُودَةُ ) بِضَمِّهِما ( والعِبَادَةُ ) بالكسر : ( الطَّاعةُ ) . وقال بعضُ أَئِمَّةِ الاشتقاق : أَصْلُ العُبُودِيّةِ : الذُّلُّ والخُضُوعُ . وقال آخَرُونَ : العُبُودَةُ : الرِّضا بما يَفْعَلُ الرَّبُّ ، والعِبَادَةُ : فِعْلُ ما يَرْضَى به الرَّبُّ . والأَوَّلُ أَقوَى وأَشَقُّ ، فلذا قِيلَ : تَسْقُطُ العِبَادةُ في الآخِرَةِ لا العُبُودةُ ، لأَنّ العُبودَةَ أَن لا يَرَى مُتَصِرِّفاً في الدَّارَيْنِ في الحقيقِ إِلّا اللّهَ .
قال شيخنا : هذا مَلْحَظٌ صُوفِيٌّ لا دَخْلَ للأَوْضَاعِ اللغَوِيَّةِ فيه .
وفي اللّسان : ولا فِعْلَ له عند أَبي عُبَيْد .
قلْت : وهو الّذِي جَزَم به أَكثَرُ شُرّاحِ ( الفَصِيح ) . وحكَى اللِّحْيانيّ : عَبُد عُبُودَةً وعُبُودِيَّةً .
قلت : وأَوضَحُ منه قولُ ابن القَطَّاعِ في ( كتاب الأَفعال ) ، فقال : عَبُد العَبْدُ عُبُودَةً عُبُودِيَّةً . وأَما عَبَدَ اللّهَ فَمَصْدَرُهُ : عِبَادَة وعُبُودة وعُبُودِيّة ، أَي أَطاعه .
____________________

(8/330)



وفي اللّسَان : وعَبَد اللّهَ يَعُده عِبادَةً ومَعْبَداً ومَعْبَدةً : تَأَلَّه له .
وقال الأَزهريُّ : اجتمعَ العامَّةُ لى تَفْرِقَةِ ما بين عِبادِ اللّهِ ، والممالِيكِ ، فقالوا : هاذا عَبْدٌ من عِبادِ اللّهِ ، وهاؤلاءِ عَبِيدٌ مماليكُ . قال : ولا يُقَال عَبَدَ يَعْبُدُ عِبادةً إِلَّا لمَن يَعْبُد اللّهَ ، ومن عَبَدَ دُونَهُ إِلاهاً فهو من الخاسِرِين . قال : وأَما عبْدٌ خَدَمَ مَوْلاهُ فلا يُقَال عَبَدَهُ . قال اللّيث : ويقال لِلْمُشْرِكِينَ : هم عَبَدَةُ الطَّاغُوتِ ، ويقال للمُسْلِمين : عِبَادُ اللّهِ يَعْبُدونَ اللّهَ . قال اللّهُ عَزَّ وَجَلٌ : { اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ } ( البقرة : 21 ) أَي أَطِيعُوا رَبَّكُمْ .
وقولهُ : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } ( الفاتحة : 5 ) أَي نُطِيعُ الطَّاعَةَ التي يُخْضَع مَعَهَا ، قال ابنُ الأَثِير ومعنى العِبَادَةِ في اللغة : الطَّاعَةُ مَعَ الخُضُوع .
وقوله تعالى : { قُلْ هَلْ أُنَبّئُكُمْ بِشَرّ مّن ذالِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ } ( المائدة : 60 ) .
قرأَ أَبو جعْفَرٍ ، وشَيْبةُ ، وافِعٌ ، وعاصِمٌ ، وأَبو عَمْرٍ و والكِسَائِيُّ : { وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ } قال الفَرَّاءُ : وهو مَعْطُوفٌ على قوله ، عَزَّ وجَلَّ : { وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ } وَمَنْ عَبَدَ الطَّاغُوتَ وقال الزَّجَّاجُ : هو نَسَقٌ على : { مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ } ، المعنَى : مَن لَعَنِ اللّهُ ، ومَن عَبَدَ الطَّاغُوتَ مِنْ دُون اللّهِ ، عَزَّ وجَلَّ ، أَي أَطاعَهُ ، يَعْنِي الشَّيْطَانَ فِيمَا سَوَّلَ له وأَغْواه . قال الجوهَريُّ : وقرأ بعضُهُم : { وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ } وأَضافَهُ قال : والمَعْنَى ، فيما يُقَال : خَدَمُ الطَّاغُوتِ . وقد تَقَدَّم فيه الكلامُ . وقال الليث . { وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ } معناه : صار الطَّاغُوتُ يُعْبَدُ ، ما يقَالُ : ظَرُف الرّجُلُ وفَقُهَ . وقد غَلّطَه الأَزْهَرِيّ . وقرأَ ابنُ عَبَّاسٍ : { وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ } محركةً
____________________

(8/331)


وخَفْض الطاغُوتِ ، وهو أَيضاً جمع عابِدٍ ، وأَصله : عَبَدَةٌ ، ككافِرٍ وكَفَرَةٍ ، حُذِفَتْ منه الهاءُ وقُرِىءَ { وعَابِدَ الطَّاغُوتِ } ، مثل : ضارِب الرَّجُلِ ، وهي قراءَة ابن أَبي زائدة ، وقرِىء { وعُبُدَ الطَّاغُوتِ } ، جمع عابِدٍ . قال الزَّجَّاجُ : هو جَمْع عَبِيدٍ ، كَرَغِيف ورُغُفٍ ، وهي قراءَ يَحْيَى بنِ وعثَّابٍ ، وحَة . ورُوِيَ عن النَّخَعِيّ أَنه قَرَأَ : { وعُبْدَ الطَّاغُوتِ } بإسكانِ الباءِ ، وفتْح الدَّالِ . وقُرِىءَ { وعَبْدَ الطَّاغُوتِ } ، بفتح فسكون ، وفيه وَجْهَانِ : أَحدُهما أَن يكونَ مُخَفَّفاً من عَبْدٍ ، كما يقال : في عَضُدٍ : عَضْدٌ . وجائزٌ أَن يكونَ عَبْد اسمع الواحِد يَدُلُّ على الجِنْس ، ويجوز في عَبْد النَّصْبُ والرَّفْعُ . وذكر الفَرَّاءُ أَنَّ أُبَيَّا وعبدَ اللّهِ قرآ { وعَبَدُوا الطَّاغُوتَ } . ورُوِيَ عن بَعْضِهِم أَنَّهُ قَرَأَ { وعُبَّادَ الطَّاغُوتِ } .
قلت ونسبها ابنُ القَطَّاعَ إِلى أَبِي واقِدٍ . قال الأَزْهَرِيُّ : ورُوِيَ عن ابن عَباسٍ { وعُبِّدَ الطّاغوتُ } مَبْنِيًّا للمَجْهُولِ . ورُوِيَ عنه أيضاً : { وعُبَّدَ الطَّاغُوتِ } بِضَمَ ، فتشديد ، معناه عُبَّادُ الطَّاغُوتِ . وقُرِىء : { وعُبِدَ الطَّاغُوتُ } مَبْنِيًّا للمجهول ، كضُرِبَ ، وهي قراءةُ أَبي جَعْفَرٍ . وقرأَ أَبيُّ بنُ كَعْبٍ { وعَبَدَة الطَّاغُوتِ } محرّكة . قال الأَزهريُّ وذَكَرَ اللَّيْثُ أَيضاً قراءَةً . أُخرى ، ما قرأَ بها أَحدٌ ، وهي { وعابِدُوا الطَّاغوتِ } جماعة ، قال : وكان رَحِمَ اللّهُ قليلَ المعرفَةِ بالقراءات وهاذا دليل أَنَّ إِضافَةَ كتابِهِ إِلى الخَلِيلِ بنِ أَحمدَ غيرُ صَحِيحٍ ، لأَنَّ الخَلِيلَ كان أَعْقَلَ من أَن يُسَمِّيَ مِثْلَ هذه الحرف قراءات في القُرآن ، ولا تكون محفوظةً لقارىءٍ مشهورٍ من قُرَّاءِ الأَمصارِ .
فصارَ المجموعُ مِمَّا ذكرناهُ من الأَوْجُهِ في الآيةِ الشَّرِيفَةِ سِتَّةَ عَشَرَ وَجْهاً ، جَمَعْنَاهَا من مواضِعَ شَتَّى . وأَوْصَلها ابنُ القَطّاعِ ، في كتابه ، إِلى تْسِعةَ عَشَرَ وَجْهاً . وفيما ذكرنا كفايةٌ . واللّهُ المُوَفِّقُ للصواب .
____________________

(8/332)



( والدَّراهِمُ العَبْدِيَّةُ ) ، فيما مَضَى ، ( كَانَتْ أَفضلَ مِن هاذِه ) الدَّرَاهِمِ الّتي بأَيْدِينَا ( وأَرْجَحَ ) في الوَزْنِ .
( والعَبْدُ ) ، بفتح فسكون : ( نَبَاتٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ ) تَكْلَفُ به الإِبِلُ ، لأَنّه مَلْبَنةٌ مَسْمَنَةٌ حارُّ المِزَاجِ ، إِذا رَعَتْه عَطِشَتْ فَطَلَبَت الماءَ . قاله ابنُ الأَعرابِيّ وأَنشد :
حَرَّقَها العَبدُ بعُنْظُوانِ
فاليَوْمُ مِنْهَا يومُ أَرْوَانَانِ
( و ) العَبْدُ : ( النَّصْلُ القَصِيرُ العَرِيضُ .
( و ) العَبْدُ : ( جَبَلٌ لبني أَسَدٍ ) يَكْتَنِفُه جَبَلانِ أَصغَرُ منه ، يُسَمَّيَانِ الثَّدْيَيْنِ . كذا في المُعْجَم .
( و ) العَبْدُ : جَبلٌ ( آخَرُ لِغَيْرِهِمْ ) .
( و ) العَبْدُ : ( ع ببلاد طَيِّىءٍ ) بالسَّبُعانِ .
( و ) العَبَدُ ( بالتحريك : الغَضَبُ ) ، عَبِدَ عليه عَبَداً وعَبَدَةً ، فهو عَبِدٌ وعابِد : غَضِب . وعَدَّاه الفرزدقُ بغير حَرْفٍ . وقيل : عَبِدَ عَبَداً فهو عَبِدٌ وعابِدٌ : غَضِبَ وأَنِفَ ، كأَحِنَ ، وأَمِدَ ، وأَبِدَ . وبه فَسَّرَ أَبو عَمْرٍ و قوله تعالى : { فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } ( الزخرف : 81 ) أَي العَبِدِينَ الأَنِفِين . وقد رَدَّه ابن عَرَفَة ، كما سيأْتِي .
( و ) العَبَدُ : ( الجَرَبُ ) ، وقيل : الجَرَبُ ( الشَّدِيدُ ) الّذِي لا يَنْفَعُه دَوَاءٌ ، وقد عَبِدَ عَبَداً . وبَعِيرٌ مُعَبَّدٌ : أَصابَهُ ذالِكَ الجَرَبُ .
( و ) العَبَدُ : ( النَّدَامَةُ ) وقد عَبِدَ ، إِذا نَدِمَ على فائِتٍ ، أَو لَامَ نَفْسَهُ على تَقْصِيرٍ وَقَعَ منه .
( و ) العَبَدُ : ( مَلَامةُ النَّفْسِ ) على تَقْصِيرٍ وَقَع منه ، ولا يَخْفَى أَنَّ هاذا المعنَى مفهومٌ من النَّدامةِ .
( و ) العَبَد : ( الحِرْصُ والإِنكارُ ، عَبِدَ كفَرِحَ ) يَعْبَد عَبَداً ( في الكُلِّ ) .
( والعَبَدَةُ ، مُحَرَّكةً : القُوَّةُ والسِّمَنُ )
____________________

(8/333)


يقال : ناقةٌ ذاتُ عَبَدَة أَي قُوَّةٍ وسِمَنٍ .
( و ) العَبَدَةُ : ( البَقاءُ ) ، بالمُوحَّدةِ ، عن شَمِرٍ ، ويقال بالنُّون ، هاكذا وُجِدَ مضبوطاً في الأُمَّهَاتِ ، يقال : ليسَ لثَوْبِكَ عَبَدَةٌ ، أَي بَقَاءٌ .
( و ) العَبَدَةِ : ( صَلَاءَةُ الطِّيبِ ) ، عن الصاغانِيّ .
( و ) العَبَدَةُ : ( الأَنَفَةُ ) والحَمِيَّةُ مِمَّا يُسْتَحْيَا منه ، أَو يُسْتَنْكَفُ . وقد عبِدَ ، أَي أَنِفَ . ونَسَبه الجوهَريُّ إِلى أَبي زَيْدٍ ، قال الفرزدقُ :
أُولائكَ أَحْلَاسِي فجِئنِي بمِثْلِهِمْ
وأَعبَدُ أَن أَهجُو كُلَيْباً بِدارِمِ
وفي الأَساس : وعَبْدٌ في أَنْفِهِ عَبَدَةٌ ، أَي أَنَفَةٌ شَدِيدةٌ ، قال أَبو عَمْرو : وقوله تعالى : { فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } ، من الأَنَفِ والغَضب . وقيل من عبَدَ ، كنَصَر ، قال ابن عَرَفَةَ : إِنما يُقَال من عَبِد بالكسر : عَبِدٌ كفَرِح ، وقَلَّما يقال عابِدٌ . والقُرْآن لا يَأْتِي بالقَلِيلِ من اللّغَةِ ، ولا الشَّاذِّ ، ولكنَّ المعنَى : فأَنا أَوْلُ مَن يَعْبُدُ اللّهَ تعالى على أَنّه واحِدٌ لا وَلَدَ لَهُ . كذا في ( التنوير ) لابن دِحْيَةَ .
( وذُو عَبَدانَ ، مُحَرَّكَةً : قَيْلٌ ) من أَقْيَال حِمْيَرَ ، هو ابنُ الأُعْبود بن السَّكْسَكِ بن أَشْرَسَ بن ثَوْرِ .
( وعَبَدَانُ ) ، محرّكةً : ( صُقْعٌ من اليَمَنِ ) .
( و ) عَبْدَانُ ( كَسَحْبَانَ : لا بمَرْوَ ، منها ) الإِمامُ الفاضلُ ( عَبْدُ الحَميد بنُ عبد الرَّحْمان ) بن أحْمَدَ ( أَبو القَسم خَوَاهَرْ زادَهْ ) أَي ابنُ بنت القاضي ، أَبي الحُسَيْن عليّ بن الحسن الدِّهْقَانيّ ، رَوَى عن خَاله هاذا ومَكِّيِّ بن عبد الرّزَّاق الكُشْمِيهَنيّ .
( و ) عَبْدَانُ : اسمُ ( رَجُلٍ ) من أَهل البَحْرين ، ( وله نَهْرٌ ، م ) أَي معروف ، ( بالبَصْرَة ) من جانب الفُرات .
____________________

(8/334)



( و ) العُبَيْدُ ، ( كَزُبَيْر : فَرَسٌ ) للعَبَّاس بن مِرْداس السُّلَميِّ ، وفيه يقول :
أَتَجْعَلُ نَهْبِي ونَهْبَ العُبَيْ
د بَينَ عُيَيْنةَ والأَقْرَعِ
فما كانَ حِصْنٌ ولا حابسٌ
يَفُوقانِ مِرْدَاسَ في المَجْمَع
وقصَّتُه مشهورةٌ في كُتُب السِّيَر .
( وعُبَيْدان ، مصغراً تثنية عُبيدٍ : ( وادٍ ) كان يقال إِنَّ فيه حَيَّةً تَحْميه فلا يُرْعَى ولا يُؤتَى . وقيل ماءٌ مُنْقَطِعٌ بأَرْض اليَمَن لا يَقْرَبُهُ أَنيسٌ ولا وَحْشٌ .
( وبَنُو العُبَيْد ) ، مُصَغَّراً : ( بَطْنٌ ) من بَني عَديِّ بن جَنَابِ بن قُضاعةَ ، ( وهو عُبَدِيٌّ ، كَهُذَلِيَ ) ، في هُذَيلٍ .
( و ) يقال : صُكَّ به في ( أُمِّ عُبَيْدٍ ) ، أَي ( الفَلَاة ) ، عن الفَرَّاءِ ، قال : وقلْت للعتَّابيّ : ما عُبَيْدٌ ؟ قال : ابنُ الفَلاة ، وهي الرَّقَاصَةُ أَيضاً . وقيل : هي ( الخَالِيَةُ ) من الأَرض ، ( أَو ما أَخُطأَهَاالمَطَرُ ) ، عن الصاغانيّ ، وقد يُعَبَّر عنها بالدّاهيَة العظيمة .
وجاءَ في المَثَل : ( وَقَعُوا في أُمِّ عُبَيْدٍ تَصَايَحُ جِنَّانُهَا ) أَي في داهيةِ عظيمةٍ ، كما قاله المَيْدانيُّ .
( والعُبَيْدَةُ ) ، تصغير عَبْدة : ( الفَحِثُ ) والحَفِث ، وقد تقدَّم ذِكره .
وأُمُّ عَبيدة ، كسَفِينة : قُرْبَ واسِطِ ( العراقِ ) بها قَبْرُ ( أَحَدِ الأَقطابِ الأَربعةِ ، صاحِبِ الكراماتِ الظاهِرَةِ ( السَّيِّدِ ) الكبيرِ أَبي العَبّاسِ ( أَحمدَ ) بنِ عليِّ بنِ أَحمدَ بنِ يَحْيَى بن حازِمِ بنِ عليِّ بن رِفَاعةَ ( الرِّفاعِيِّ ) نسبةً إِلى جَدِّهِ رِفَاعَةَ ، وهو ابنُ أُخْتِ السيدِ منصورٍ البَطَائِحِيِّ ، المُلَقَّبِ بالبازِ الأَشْهَبِ ، رَضِيَ اللّهُ عَنْهُم ، ونَفَعَنا بهم .
( و ) في الأَساس : أَعوذُ باللّهِ من
____________________

(8/335)


قَوْمَةِ العُبُودِيَّةِ ، ومِن النَّومَةِ العَبُّودِيَّةِ ، عَبُّودٌ ( كَتَنّورِ : رجلٌ نَوَّامٌ ، نامَ في مُحْتَطَبِهِ سَبْعَ سِنِينَ ) ، فضُرِبَ به المثلُ . وفي أَمثال الأَصفهَانيّ .
( أَنْوَمُ من عَبّودٍ ) وذكر المفضَّل بن سَلَمَةَ أَنَّ عَبُّوداً كان عَبْداً أَسْودَ حَطَّاباً ، فَغَبَرَ في مُحْتَطَبِهِ أُسبوعاً لم يَنَمْ ، ثم انصَرَفَ ، فبَقِيَ أُسْبُوعاً نائِماً ، فضُرِبَ به المثلُ . قال شيخُنَا : وهو أَقربُ من سَبْعِ سنِينَ ، التي ذَكَرَ المُصنِّفُ .
( و ) عَبُّودٌ : ( ع وجَبَلٌ ) أَسْوَدُ من جانِبِ البَقِيعِ . وقيل : عَبُّودٌ على مَراحِلَ يَسيرةٍ بين السّيالَة ومَلَل ، وله قِصّةٌ عجيبةٌ تأْتي في : هَبُّود ، قال الجَمُوحُ الهُذَلِيُّ :
كأَنَّنِي خاضِبٌ طَرَّتْ عَقِيقَتُهُ
أَخْلَى لَهُ الشَّرْيُ من أَكنافِ عَبُّودِ
( و ) جاءَ ( في حَدِيثٍ مُعْضِلٍ ) فيما رواه محمّدُ بنُ كَعْب القُرَظِيّ ( ( أَنَّ أَوَّلَ النَّاسِ دُخُولاً الجَنَّةَ عَبْدٌ أَسْوَدٌ ، يُقَال له : عَبّودٌ ؛ وذالكَ أَنَّ اللّهَ عَزَّ وجَلَّ بَعَثَ نَبِيًّا إِلى أَهلِ قَرْيَةٍ فَلَمْ يُؤْمِنْ به أَحَدٌ ، إِلّا ذالكَ الأَسودُ ، وأَنَّ قَوْمَهُ احْتَفَرُوا له بِئراً فصيَّرُوهُ فيها ، وأَطْبَقُوا عَلَيْهِ صَخْرةً ، فكان ذالكَ الأَسودُ يَخْرُجُ فَيَحْتَطِبُ فَيَبِيعُ الحَطَبَ ويَشْتَرِي به طَعَاماً وشَرَاباً ، ثم يأْتِي تِلْكَ الحُفْرَةَ فيُعِينُه اللّهُ تعالى على تلك الصَّخْرَةِ فيرفعُها ويُدَلِّي ) أَي يُنْزَلِ ( له ذلكَ الطَّعَامَ والشَّرَابَ ، أَنَّ الأَسْود ) المذكورَ ( احَتطَبَ يوما ، ثم جَلَسَ لِيَسْتَرِيحَ ، فضَرَب بِنَفْسِهِ الأَرض شِقَّهُ الأَيسر فنام سبعَ سِنينَ ثمَّ هَبَّ ) أَي قام ( من نَومَتِهِ وهو لا يُرَى إِلَّا أَنه نامَ ) وفي بعضِ النُّسخ : لا يرَى أَنَّه نام إِلَّا ( ساعةً من نَهَارٍ ، فاحتَمَلَ حُزْمَتَهُ فأَتَى القَرْيَةَ ) على عادَتِهِ ( فَبَاعَ حَطَبَهُ ، ثم أَتَى الحُفْرَةَ فلم يَجِد النَّبيَّ صلَّى اللّهُ عَلَيْه
____________________

(8/336)


وسلَّم فِيها ، وقد كان بَدَا لِقَوْمِهِ فِيهِ فأَخْرَجُوهُ ) من البئرِ ( فكان يسأَلُ عن ) ذالك ( الأَسْودِ ، فيَقُولون : لا نَدْرِي أَيْنَ هُو . فَضُرِبَ به المَثَلُ لِمَن نام طَويلاً ) .
وفي ( المُضَافِ والمَنْسُوب ) لأَبي منصورٍ الثَّعَالِبِيّ : قال الشَّرْقِيُّ : أَصلُه أن عَبُّوداً قال لِقَوْمِه : اندُبُونِي لِأَعْلَم كيف تَنْدُبُونِّي إِذا مِتّ ، ثم نَامَ فماتَ . وقال ابن الحَجَّاج :
قُوموا فأَهْلُ الكَهْفِ مَعْ
عَبَّودَ عِنْدَكُمُ صَرَاصِرْ
وفي التكملة ، عن الشَّرْقِيّ : أَنَّه كان رَجُلاً تَمَاوَتَ على أَهْلِه ، وقال : اندُبْنَنِي لأَعْلَم كَيْفَ تَنْدُبْنَنِي مَيِّتاً ، فَنَدَبْنَهِ ، ومات على الحالِ .
( و ) أَبو عبد الله أَحمدُ بنُ عبدِ الواحِدِ ( بن عَبُّودِ ) بن واقدٍ : ( مُحَدِّثٌ ) ، رَوَى عنه أَبو حاتمٍ الرَّازِيُّ وغيرُه .
( و ) المِعْبَد ، ( كمِنْبَرٍ المِسْحَاة ) والجمْع : المَابد ، وهي المَساحِي والمُرُورْ ، قال عَدِيُّ بن زيدٍ :
ومُلْكَ سُلَيْمَانَ بنِ داوودَ زَلْزَلَتْ
وَرَيْدَانَ إِذْ يَحْرُثْنَهُ بالمَعَابِدِ
( و ) يقال : ذَهَبُوا عَبابِيدَ ، وعَبَادِيدَ . وتقول : أَمّا بَنُو فُلانٍ فقد تَبَدَّدوا وتَعَبْدَدُوا . قال الجوهريُّ : ( العَبابِيدُ ، والعَبَادِيدُ ، بلا واحدٍ من لَفْظِهِمَا ) ، قالَه سيبَوَيْه وعليه الأَكْثَرُ ، ولذا قالوا : إِنَّ النِّسْبَةَ إِليهِم : عَبَابِيدِيٌّ وعَبَادِيدِيٌّ ، وهم ( الفِرَقُ من النّاسِ والخَيْلِ ، الذَّاهِبونَ في كُلِّ وَجْهٍ ) ، والقِيَاسُ يَقْتَضِي أَن يكونَ واحدُهُما على فَعُّول ، أَو فِعِّيل ، أَو فِعْلالٍ .
( و ) العَبَادِيدُ ( الآكامُ ) ، عن الصَّاغَانِيِّ .
( و ) العَبابِيدُ : ( الطُّرُقُ البَعِيدةُ ) الأَطرافِ ، المُخْتَلِفَةُ . وقيل : لا يُتَكَلَّم
____________________

(8/337)


بها في الإِقبالِ ، إِنَّما في التَّفَرُّقِ والذَّهَابِ .
( والعَبَادِيدُ : ع ) نقله الصاغانيُّ .
( و ) يقال : ( مَرَّ راكِباً عَبَادِيدَهُ أَي مِذْرَوَيْهِ ) ، نقله الصاغانيُّ .
( وعَابُودُ : د ، قُرْبَ القُدْسِ ) ، ما بين الرَّمْلَةِ ونابُلُسَ ، موقوفٌ على الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ ، وسكَنَتْه بنور زيد ( وعابِدٌ : جَبَلٌ ) : وقيل : موضِعٌ . وقيل : صُقْعٌ بمصر .
( و ) عابِدُ بنُ عبدِ الله ( بن عُمَرَ بنِ مَخْزُومٍ ) القُرَشِيّ ( ومِن وَلَدِهِ : عبدُ اللّهِ بنُ السَّائِبِ ) بن أَبي السّائِبِ صَيْفِيّ بن عابِدٍ ( الصَّحَابِيُّ ) القُرَشِيُّ المخْزُومِيُّ ، القَارىءُ المَكِّيُّ ، قرأَ عليه مُجَاهِدٌ وابنُ كَثِيرٍ .
( وعبدُ الله بنُ المُسَيِّبِ ) بن عابِدٍ ، أَبو عبدِ الرَّحْمانِ ، وقيل أَبو السَّائِب ، ( المُحَدِّثُ ، العابِدِيَّانِ ) المَخْزُومِيَّانِ .
( والعِبَادُ ، بالكسر ) ، كذا قاله ابن دريدٍ وغيرُه ، وكذا وُجِدَ بخَطِّ الأَزْهَريّ . ( و ) قال ابن بَرِّيَ والصاغانِيُّ : ( الفَتْحُ غَلَطٌ ، وَهِمَ الجوهرِيُّ ) في ذالِكَ ، وتَبِعَ فيه غَيره . وهُم قومٌ مِنْ ( قَبَائِلَ شَتَّى ) من بُطُونِ العَرَبِ ، ( اجتَمَعُوا على ) دينِ ( النَّصْرَانِيَّةِ ) فأَنِفُوا أَن يَتَسَمَّوْا بالعَبِيد ، وقالوا : نحن العِبَادُ . والنَّسَبُ إِليه : عِبَادِيٌّ كأَنْصَارِيَ ، نَزلُوا ( بالحِيرةِ ) ، ومنهم عَديُّ بنُ زَيْدٍ العِبَادِيُّ من بني امرىءِ القَيْس بنِ زَيد مَنَاةَ ، جاهِلِيٌّ من أَهل الحِيرة ، يُكْنَى أَبَا عُمَيْر ، وجَدُّه أَيُّوبُ ، أَوَّلُ مَن تَسَمَّى أَيُّوبَ من العرب ، كما سبقت الإِشارةُ إِليه في الموحَّدة .
وقال شيخُنَا : قال أَحمدُ بن أَبِي يَعْقُوبَ : إِنَّمَا سُمِّيَ نَصَارَى الحِيرَةِ لعبَادَ ، لأَنه وَفَد على كَنُود منهم خمسٌ ، فقال للأَوّلِ : ما اسْمُكَ ؟ قال : عبدُ المَسِيح . وقال للثاني : ما اسمُكَ ؟ قال : عبدُ يا لِيلَ . وقال للثّالث : ما اسمُكَ ؟ قال عبدُ عَمْرو . وقال للرّابع : ما اسمُكَ ؟ قال : عَبْدُ
____________________

(8/338)


ياسُوعَ . وقال للخامس : ما اسمُكَ ؟ قال : عبدُ اللّهِ . فقال : أَنتُم عِبادٌ كُلُّكُم . فسُمُّوا عِباداً .
( و ) قال اللَّيْثُ : ( أَعْبَدَنِي فلانٌ فلاناً ، أَي مَلَّكَنِي إِيَّاهُ ) ، قال الأَزْهَرِيُّ : والمعرُوفُ عندَ أَهلِ اللُّغَةِ : أَعْبَدْتُ فُلاناً ، أَي استَعْبَدْتُه . قال : ولسْتُ أُنْكِرُ جَوَازَ ما قَالَه اللَّيْثُ ، إِن صَحَّ لِثِقَةٍ من الأَئِمَّةِ ، فإِنَّ السَّماعَ في اللُّغَاتِ أَوْلَى بنا مِن خَبْطِ العَشْواءِ ، والقَوْلِ بالحَدْسِ ، وابتداعِ قِيَاسَاتٍ لا تَطَّرِدُ .
( و ) أَعبدَنِي فلانٌ ( اتَّخَذَنِي عَبْداً ) أَو صَيَّرِني كالعَبْدِ . وفي الحديث : ( ثلاثةٌ أَنا خَصْمُهُم : رَجُلٌ أَعْبَدَ مُحَرَّراً ) ، أَي اتَّخَذه عَبْداً ، وهو أَن يُعتِقَه ثم يَكْتُمَهُ إِيّاه ، أَو يَعْتَقِلَه بَعْد العِتْقِ فَيَسْتَخْدِمَهُ كُرْهاً ، أَو يأْخُذَ حُرًّا فيدَّعِيَهُ عَبْداً ويَتَملَّكَه . والقياسُ أَن يكونَ : أَعْبَدْتُه : جعَلْتُه عَبْداً .
( و ) أَعْبَدَ ( القَوْمُ بالرَّجُلِ ) : اجتَمَعُوا عليه و ( ضَرَبُوه ) .
( والعَبَّادِيَّةُ ، مُشَدَّدَةً : لا ، بالمَرْجِ ) . نقلَه الصاغانيُّ .
( وعَبَّادَانُ : جَزِيرة أَحاطَ بها شُعْبَتا دِجْلَةَ ساكِبَتَيْنِ في بَحْر فارِسَ ) ، مَعْبَدُ العُبَّادِ ومُلْقَى عِصِيّ النُّسَّاك . مثله في المصباح ، المَشَارق . وقال ابن خُرداد : إِنَّهُ حِصْنٌ بِالعِراقِ ، بينعه وبين البَصْرَةِ اثنا عَشَرَ فَرْسَخاً ، سُمِّيَتْ بِعَبَّادِ بنِ الحُصَيْنِ التَّمِيمِيِّ الحَنْظَلِيّ . وفي المثل : ( ما وَراءَ عَبَّادانَ قَرْيَةٌ ) .
( وعَبَّادَةُ ) التشديد : ( جَارِيةُ ) المُهَلَّبِيَّة ، لها قِصَّةٌ ذَكرها الزُّبَيْر ، وهي التي قال فيها أَبو العَتاهِيةِ :
مَنْ صَدَقَ الحُبَّ لأَحْبابِهِ
فإِنَّ حُبَّ ابنِ غُرَيْرٍ غُرُورْ
أَنْسَاه عَبَّاد ذاتَ الهَوَى
وأَذْهَبَ الحُبَّ لَدَيْهِ الضَّمِيرْ
____________________

(8/339)



وابنُ غُرَيْرٍ كانَ يَهْوَى عَبَّادة .
( و ) اسمُ ( مُخَنَّث ) ذي نَوَادِرَ أَيامَ المُتَوَكِّلِ ، ذكَره الذَّهَبِيُّ .
( و ) يقال : ( عَبَدْتُ بِهِ أُوذِيهِ ، أَي ( أُغْرِيتُ ) به .
( والمُعَبَّدُ كمُعَظَّمٍ : المُذَلَّلُ من الطَّرِيقِ وغيرِهِ ) ، يقال : بَعِيرٌ مُعَبَّد ، أَي مُذَلَّلٌ ، وطَرِيقٌ مُعَبَّدٌ ، أَي مَسْلُوكٌ مُذَلَّل . وقيل : هو الذي تَكثرُ فيه المُخْتَلِفةُ . قال الأَزهريُّ : والمُعَبَّد : الطَّرِيقُ المَوطُوءُ . ( و ) المُعَبَّدُ : ( المُكَرَّمُ ) المُعَظَّم ، كأَنّه يُعْبَد ، ( ضِدٌّ ) ، قال حاتم :
تَقُولُ أَلا تُبْقِي عليكَ فإِنَّني
أَرى المالَ عِنْدَ المُمْسِكِينَ مُعَبَّدَا
أَي مُعَظَّماً مَخْدُوماً ، وبَعِيرٌ مُعَبَّدٌ : مُكَرَّمٌ .
( و ) قال ابنُ مُقْبِلٍ :
وضَمَّنْتُ أَرْسانَ الجِيَادِ مُعَبَّداً
إِذا ما ضَرَبْنَا رأْسَه لا يُرَنِّحُ
قال الأَزهريُّ : المُعَبَّدُ هنا : ( الوَتِدُ ) .
( و ) المُعَبَّد : ( المُغْتَلِمُ من الفُحُولِ ) ، نقلَه الصاغانيُّ .
( و ) المُعَبَّدُ ( بَلَدٌ ما فيه أَثَرٌ ولا عَلَمٌ ولا ماءٌ ) ، أَنشد شَمِرٌ :
وَبَلَدٍ نائِي الصُّوَى مُعَبَّدِ
قطَعْتُهُ بِذَاتِ لَوْثٍ جَلْعَدِ
( و ) المُعَبَّد : البَعِيرُ ( المَهْنوءُ بالقَطِرَانِ ) ، قال طَرَفةُ :
إِلَى أَن تَحَامَتْنِي العَشِيرَةُ كُلُّهَا
وأُفْرِدتُ إِفْرادَ البَعِيرِ المُعَبَّدِ
قال شَمِرٌ : لمُعَبَّدُ من الإِبل : الذي قد عُمَّ جِلْدُه بالقَطْرَانِ . ويقال : المُعَبَّدُ : الأَجْرَبُ الّذي قَد تَساقَطَ وَبَرُهُ ، فأُفْرِدَ عن الإِبِلِ لِيُهْنَأَ .
قلت : ومثله عن كُرَاع ، وهو مُسْتَدْرَكٌ على المصنِّف .
____________________

(8/340)



ويقال : المُعَبَّدُ : هو الّذِي عَبَّدِ الجَرَبُ ، أَي ذَلَّله .
( وعَبَّدَ تَعْبِيداً : ذَهَبَ شارِداً ) نقله الصاغانيُّ .
( و ) يقال : ( ما عَبَّدَ أَن فَعَلَ ) ذالك أَي ( ما لَبِثَ ) ، وكذا ما عتَّمَ ، وما كَذَّبَ .
( وأَعْبَدُوا ) به : ( اجتَمَعُوا ) عَلَيْه يَضْرِبُونَه . نقله الصاغانيُّ .
( والاعتِبَادُ ، والاسْتِعْبادُ : التَّعْبِيدُ ) ، يقال : فُلانٌ استَعْبَدَه الطَّمَعُ ، أَي اتَّخَذَه عَبْداً .
وعَبَّد الرَّجُلَ ، واعْتَبَدَه : صَيَّرَه عَبْداً أَو كالعَبْدِ له .
( وتَعَبَّدَ : تَنَسَّكَ ) ، وقَعَدَ في مُتَعَبَّدِهِ ، أَي مَوضِع نُسُكِه .
( و ) تَعَبَّدَ ( البَعِيرُ : امتَنَعَ وصَعُبَ ) ، وقال أَبو عَدْنَانَ : سَمِعْت الكِلابِيّينَ يَقُولونَ : بَعِيرٌ مُتعبِّد ومُتَأَبِّد ، إِذا امْتَنَعَ على النّاسِ صُعُوبَةً ، فصار كآبِدةِ الوَحْشِ .
( و ) تَعَبَّدَ ( البَعِيرَ : طَرَدَهُ حتَّى أَعْيَا ) وكَلَّ فانقُطِعَ به .
( و ) تَعَبَّدَ ( فُلاناً : اتَّخَذَه عَبْداً ، كاعْتَبَدَهُ ) وعَبَّده ، واسْتَعْبَدَه ، عن اللِّحْيَانيّ ، قال رُؤْبَةُ :
يَرْضَوْ بالتَّعْبِيدِ والتَّأَمِّي
وفي الحديث : ( ثلاثةٌ أَنا خَصْمُهُم : رَجُلٌ اعتَبَدَ مُحَرَّراً ) وقد تقدَّم .
( و ) من المجاز : ( المُعَبَّدة : السفينةُ المُقَيَّرَةُ ) أَو المَطْلِيَّةُ بالشَّحْمِ أَو الدُّهُنِ أَو القَارِ .
( و ) يقال : ( أُعْبِدَ بِهِ ، مَبْنِيًّا للمَجْهُول ، أَي ( أُبْدِعَ ) ، مَقْلُوبٌ منه .
( و ) يقال : أُعْبِدَ بالرَّجُلِ ، إِذا ( كَلَّتْ راحِلَتُهُ ) أَو ماتَتَ ، أَو اعتَلَّتْ أَو ذَهَبَتْ فانقُطِعَ به .
( وعَبْدَةُ بنُ الطَّبِيبِ ، بالفَتْح ) فالسُّكون واسمُ الطَّبِيب زيدُ بن مالِكِ بنِ امْرىءِ القَيس بن مَرْثَد بن جُشَم بن عَبْدِ شَمْسٍ .
( وعَلْقَمَةُ بنُ عَبَدَةَ ) ، نَسَبُه في تَمِيمٍ ،
____________________

(8/341)


وهو عَلْقمَةُ بنُ عَبَدَةَ بنِ ناشِرَةَ بنِ قَيْس ، يُعْرَفُ بِعَلْقَمةَ الفَحلِ . وأَخوه شَأْسُ بن عَبَدَة ، وهو ( بالتَّحْرِيك ) ، كذا في ( الإِيناس ) .
( والعَبْدِيُّ نِسْبَةٌ إِلى عَبْدِ القَيْسِ ) القَبِيلَةِ المَشْهُورَ . ( ويقال : عَبْقَسِيٌّ ، أَيضاً ) على النَّحْتِ ، كَعَبْشَمِيَ ، والأَولُ أَكْثَرُ .
( والعَبْدَانِ ) في بني قُشَيْرِ : ( عبدُ اللّهِ بنُ قُشَيْر ) بنِ كَعْبِ بنِ رَبِيعَةَ ، القَبِيلةِ المشهورةِ ، ( وهو الأَعْوَرُ ، وهو ابنُ لُبَيْنَى ) ، تصغير لُبْنَى ، وفيهم يقول أَوْسُ بن حَجَرٍ :
أَبَنِي لُبَيْنَى لَسْت مُعْتَرِفاً
ليكونَ أَلأَمَ منكمُ أَحَدُ
( وعبْدُ اللّهِ بنُ سَلَمَةَ بنِ قُشَيْرِ ) بن كَعْبِ بن رَبِيعَةَ ، ( وهو سَلَمَةُ الخَيْرِ ) وَوَلَدُ وَلَدِه : بَيْحَرةُ بنُ فِرَاس ، ، الّذِي نَخَس ناقَة النبيِّ ، صَلَّى اللّهُ عليْه وسلَّم ، فصرَعَتْه ، فَلَعَنَه النَّبِيُّ ، صلّى اللّهُ عليْه وسلّم .
( والعَبِيدَتَانِ : عَبِيدَةُ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ قُشَيْرِ ) بن كَعْبِ بن رَبِيعةَ ، ( وعَبِيدةُ بنُ عَمْرِو بنِ مُعاويةَ ) بنِ قُشَيْرِ بنِ كَعْبِ بنِ رَبِيعة .
( والعَبَادِلَةُ ) جمعُ عبدِ اللّهِ ، على النَّحْتِ ، لأَنّه أُخِذَ من المُضَافِ ، وبعضِ المُضَافِ إِليه ، لا أَنّه جمع لِعَبْدَل ، كما تَوَهَّمَهُ بعضُهم ، وإِن كان صَحِيحاً في اللَّفْظِ ، إِلَّا أَنَّ المَعْنَى يأْباهُ . وأُطْلِق على هاؤلاءِ للتَّغْلِيب . قاله شيخُنا . وهم ثلاثة ، وقيل : أَربعة .
أَوَّلُهم : سَيِّدُنا الحَبْرُ عبدُ الله ( بنُ عَبَّاسِ ) بن عبدِ المُطَّلِب ، الهاشِمِيُّ القُرَشيُّ ، تُرْجمانُ القرآنِ ، تُوُفِّيَ بالطَّائِف .
( و ) ثانيهم : سَيِّدُنا عبدُ الله ( بنُ عُمَرَ ) بنِ الخَطَّاب ، العَدَوِيُّ القُرَشِيُّ .
( و ) ثالثهم : سَيِّدُنا عبدُ الله ( بنُ عَمْرِو بنِ العاصِ بنِ وائلٍ ) السَّهْمِيّ القُرَشِيُّ .
فهؤلاءِ ثلاثةٌ قُرَشِيُّونَ . وآخِرُهم
____________________

(8/342)


مَوْتاً سيِّدُنَا عبدُ الله بن عُمَرَ ، سنةَ ثلاثٍ وسِتِّين .
( وليس منهم ) ، أَي من العبادِلَةِ سَيِّدُنا عبدُ الله ( بنُ مَسْعُودٍ ) الهُذَلِيّ . وذَكَرَ ابنُ الهمامِ في ( فَتْح القدير ) أَن عُرْفَ الحَنَفِيَّةِ عَدُّ عَبدِ الله بن مَسْعودٍ مِنْهم ، دُون ابن عَمْرِو بن العاصِ . قال : وعُرْفُ غَيرِنَا بالعَكْسِ ومنهم من أَسْقَط ابنَ الزُّبَيْرِ . ( وغَلِطَ الجوهَرِيُّ ) . قال شيخُنَا : وهاذا بناءً منه على أَنَّ الجَوْهَريَّ ذَكَر في العِبادِلَةِ ابنَ مَسْعُودٍ ، رضي الله عنه ، وليس في شيْءٍ من أُصولِ الصّحاحِ الصّحيحةِ المقروءَةِ ذِكْرً له ولا تَعَرُّضٌ ، بل اقتَصَر في الصّحاح على الثَّلاثةِ الّذِين ذَكَرهم المصنِّفُ ، وكَأَنَّ المصنِّفَ وَقَعَ في نُسْخَتِهِ زيادةٌ مُحَرَّفةٌ أَو جامِعَةٌ بلا تَصحيحٍ ، فَبَنَى عليها ، فكان الأَولَى أَن يَنْسُبَ الغَلَط إِليها . وقد راجَعْت أَكثَرَ من خمسين نُسخةً من الصّحاح فلم أَرَه ذَكَر غيْرَ الثلاثةِ ، لم يَتَعَرَّض لغيرِهم ، نَعَمْ رأَيتُ في بعْضه النُّسخ النادِرَةِ زيادَةَ بنِ مَسْعُودٍ في الهامِشِ ، كأَنَّها مُلْحَقَةٌ صْلِيحاً . ورأَيتُ العلَّامةَ سْدى لبي أَنكَر هاذه الزيادةَ ، وذَكَر أَنَّه تَتَبَّعَ كثيراً من نُسَخِ الصّحاحِ ، فلَم يَجدْ فيها هاذه الزيادةَ . وجَزَمَ بأَن الجَوْهَرِيَّ لم يَعُدَّه .
( وعَبْدَلُ ، باللام : اسمُ حَضرَمَوْتَ ) القديمُ ، نقلَه الصاغانيُّ .
( وذو عَبْدانَ ) كسَحْبانَ : ( قَيْلٌ من الأُعْبُودِ بْنِ السَّكْسَكِ ) بن أَشْرَسَ بن ثَوْر . وهاذا تَقَدَّمَ بعَيْنِهِ ، فهو تَكرارٌ مُخِلٌّ . والصَّوابُ في ضَبْطِه بالتَّحْرِيك ، كما مرَّ له .
( وسَمَّوْا عِبَاداً ) ككِتَاب ، ( وعُبَاداً ) كغُرَبٍ ، ( ومَعْبَداً ) كمَسْكَنٍ ، ( وعِبْدِيداً ) بكسر فسكون ، ( وأَعبُداً ) ، كأَفْلُس ، ( وَعبَّاداً ) ككَتَّانٍ ، ( وعابِداً ، وُعَبِيداً ) كأَمِيرٍ ، ( وعُبَيْداً ) ، مُصَغَّراً ( وعُبَيْدَةَ ) بزيادة الهاءِ ، ( وعَبِيدَةَ ) ، بفتح فكسر ، ( وعَبْدَةَ ) ، بفتح فسكون ، ( وعُبْدَةَ وعُبَادَةَ ، بضمِّهما ، وعَبْدَلاً ) بزيادة اللّام ، ( وعَبْدَكاً ) ، بزيادة
____________________

(8/343)


الكاف ، ( وعَبْدُوساً ) ، بزيادةِ الواوِ والسين .
ومما يستدرك عليه :
العابِد : المُوحِّد .
والتَّعْبِيدة : العُبُودِيَّةُ .
وما عَبَدَكَ عَنِّي : ما حَبَسَك .
وعَبَدَ به : لَزِمَهُ فلَمْ يُفَارِقْه .
والعَبَدَةُ ، محرّكَةً : النّاقَةُ الشَّدِيدَةُ .
وقولُهُ تعالى : { فَادْخُلِى فِى عِبَادِى } ( الفجر : 29 ) أَي حِزْبِي .
وعَبَدَ يَعْدُو ، إِذا أَسْرَعَ .
والعَبَدُ : الحُزْنُ والوَجْد .
وقولُه تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } ( الذاريات : 56 ) أَي إِلَّا لأَدْعُوَهُم إِلى عِبادَتِي ، وأَنا مُرِيدٌ للعِبَادَةِ منهم ، وقد عَلِمَ اللّهُ ، قَبْلَ أَن يَخْلُقَهم ، مَن يَعْبُدُه مِمَّن يَكْفُرُ بِه ، ولو كانَ خَلَقَهُم لِيجبرَهم على العِبَادةِ لكانُوا كُلُّهُم عِبَاداً مُؤْمِنِين . كذا في تفسير الزَّجَّاج . قال الأَزهريُّ : وهاذا قولُ أَهلِ السُنَّةِ والجماعةِ .
وعُبِّدَ : مُلِكَ هو وآباؤُه من قَبْلُ .
وقال بنُ الأَنباريِّ فُلانٌ عابِدٌ ، وهو الخاضِعُ لِرَبِّهِ ، المُسْتَلِمُ المُنْقَادُ لأَمْرِه ، والمُتَعَبِّد : المخنْفَرِدُ بالعِبَادَةِ .
وبَعِيرٌ مُعَبَّدٌ ، وهو الْذِي يُتْرَكُ ولا يُرْكَبُ .
وقال أَبو جعْفَرٍ : وحَكَى صاحِبُ المُوعِبِ عن أَبي زَيْدٍ : عَبَّدْت الرجُلَ : ذَلَّلْتُه حتَّى عَمِلَ عَمَلَ العَبِيدِ .
وعُبَادُ بنُ الصَّامِتِ البَغْدادِيُّ ، سَمِعَ الحديثَ على الإِمامِ أَحمدَ بنِ حَنْبَلٍ .
وعَبَادُ بنُ السَّكُون ، كسَحَابٍ : قَبِيلةٌ ، وقيل : بَطْنٌ من تُجِيبَ . وعَبادَة بن نَسِيَ التُّجِيبِيُّ ، قاضي الأُرْدُنَّ ، من صالِحِي التابِعِينَ .
ويقال ؛ عَبْدٌ مُعْتَبَدٌ ومُسْتَعْبَدٌ .
وعابِدٌ : لَقَبُ أَبي المُظَفَّرِ ناصِرِ بنِ نَصْرِ بنِ مُحَمَّد بنِ أَحمدَ ، السَّمَرْقَنْدِيِّ ، المحدِّثِ ، قيل : كان أَبُوه دِهْقاناً كَثِيرَ المال ، فوَقَع بِسَمَرْقَنْدَ قَحْطٌ ، فباعَ
____________________

(8/344)


غَلَّتَه بِنِصْفه ثَمَنِها ، وأَعْطَى الّذين يجْلِبُونَ الطَّعَامَ ليُرْخِصُوه ، فحَصَل بهِ رِفْقٌ ، فقيل : عابِدٌ . فَبَقِيَ عَلَيْهِ وعلى عَقِبِهِ .
وفي تَمِيمٍ عُبدةُ بالضمّ ، ابنُ جَذِيمةً بنِ الحارِثِ بنِ عَمْرِو بن الهُجَيْم بن عمرِو بن تَمِيم . ذَكَرَه الوزيرُ المَغْرِبِيُّ .
وفي الصّحاح ( حِمَارَا العِبَادِيّ ) بالتَّثْنِيَةِ ، يُضْرَبُ مَثَلاً في التَّرَدُّدِ بَيْنَ ما أَحَدُهُما أَمْثَلُ من الآخر . قيل لِعِبَادِيِّ : أَيُّ حِمارَيْكَ شعرٌّ ؟ قال : هاذا ثُمَّ هاذا .
( ويَومُ عَبِيدٍ ) يُضْرَبُ مَثَلاً للْيَومِ المَنْحُوسِ ، لأَنّه لَقِيَ النّعْمَانَ في يومِ بُؤْسِهِ فَقَتلَه .
والعُبَيدِيّون : خُلَفَاءُ مصر ، معروفون .
وعَبَدَة ، بالتحريك ، في نَسبِ كثيرٍ من أَهل الجاهليّ ، والصّحابة ، والتّابعين ، فمن المشاهير : الجَرَنْفَش ابن عَبَدَة الطائِيُّ المُعَمَّر ، وجَرِير بن عَبَدةَ ، وأَيْفعُ بنُ عَبَد ، وأَبو النجْمِ العِجْليُّ الرَّجِزُ في أَجداده عَبَدَة بن الحارِثِ ، ضَبَطَه أَبو عمرٍ و الشَّيبانِيُّ .
وكسَفِينَة : عَبِيدَة بن عَمْرٍ و السَّلْمانيّ ، وآخَرُون .
وبالضّمّ كثير .
وأَبو العبد أَحْمَدُ بن مُحَمَّدٍ القَلانِسِيُّ الصُّوفِيُّ ، حدَّثَ .
وعِبْدانُ ، بالكسر : جدُّ عَطاءِ بن نُقَادة ، حدَّث عنه يعقوبُ بن محمّدٍ الزُّهريّ ، وابنه جدّ عَمْرو بن قَطَنِ بن المُنْذِر الشاعِر ، ورَبيعَة بن عِبدانَ ، صحابِيٌّ . وضَبطه ابنُ عساكرٌ بكسرتين وتشديد الدّال ، حكاه النَّوَوِيُّ في شرْح مُسْلِم .
ودير عَبْدُون : معروف بالشام ، قال ابن المُعْتَزّ :
سَقَى الجَزِيرةَ ذاتَ الظِّلِّ والشَّجَرِ
ودَيْرَ عَبْدُونَ هَطَّالُ مِنَ المَطَرِ
وعَبْدَة بنتُ صَفْوَان : صحابِيَّةٌ مشهورة .
والعابد : الخادِمُ ، قيل إِنه مجاز .
وأَبو عَبّاد مَعْبَد بن وَهْبٍ المُغَنِّي
____________________

(8/345)


مَوْلَى العاصِي بنِ وابصةَ المَخْزُومِيّ .
وبنو عُبَادَة من بني عُقَيْل بنِ كَعْبٍ .
وعُبَيْد ، مصغّراً : اسم بَيْطَارٍ ، وَقعَ في شِعرِ الأَعشى :
لم يُعَطَّفْ على حُوارٍ ولم يقْ
طَع عُبَيْدٌ عُروقَها من خُمَالِ
وعُبَيْدَنُ في بيت الحُطَيئةِ : راعٍ كان لِرَجُلٍ من عادٍ ، ثم أَحَدِ بَني سُوَيد وله خَبَرٌ طويلٌ .
وأَبو عاصِمٍ محمدُ بنُ أحمدَ بنِ محمدِ بنِ عباد ، العِبَادِيُّ الهَرَوِيُّ ، فَقِيهٌ مُحَدِّثٌ تُوُفِّيَ سنة 458 ه .
وأَما الأَمير أَبو الحسين أَزد شير بن أَبي منصور الواعظ العباديّ ، فإِلى عبادة ، قرية بمرو .
وعُبَاد بن ضُبَيعة بن قَيس ، من بني بكر بن وائل : قبيلة .
والمَعْبد : العِبادة وهو مصدر .
والعَبِد ، ككَتِف : الجَرِب .
وأَود عَبُّود في قول حَسَّان بنِ ثابت :
إِلى الزِّبَعْرَى فإِنَّ اللُّؤْمَ حَالَفَهُ
أَو الأَخابِثِ من أَولادِ عَبّودِ
أَراد ، عابِدَ بنَ عبدِ الله بن عُمرَ بنِ مَخْزُومٍ .
وعابِدةُ الحَسناءُ بنْت شُعَيْب أُخت عَمْرو بن شُعيب .
وسَمَّوا عُبَّدَة كقُبَّرة ، منهم : عُبَّدَةُ بن هِلَالِ الثَّقَفِيُّ الزَّاهِدُ ، فَرْدٌ ، وجَزمَ عبد الغني بأَنه كصُرَد . وقال ابن ماكولا : وهو الأَشبهُ . قال : ويقال بضمّتين مُخَفَّفاً ، وبفتح فسكون ، وبضمّ فسكون .
وعُبَادَى ، كحُبَالَى : اسمُ نصرانِيَ
____________________

(8/346)


جاءَ في السِّيَرِ أَنهى هدَى إِلى رسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم .
وعَبِدَهُ ، كعَلِمَ : أَنكره .
والعَبِدُ ، كَتِف : الحَرِيصُ .
ومُنْيَةُ عَبَّادٍ ، ككَتَّان : قَرْيَةٌ بمصْرَ .
والعَبَابِدَةُ : بَطْنٌ من العَرَبِ ، نُسِبَتْ إِليهم النُّوقُ الفارِيقيَّةُ .
والمَعابِدَةُ : اسم للمُحصَّب .
وعَبْدلُ ، باللام ، ابنُ الحارث العِجْلِيّ ، وابنُ ابنِ أَخيه ، عَبْدلُ بن حَنْظَلةَ بن يامِ بن الحارث ، كان شَرِيفاً .
والحَكَمُ بنُ عَبْدَلٍ لأَسَدِيُّ ، الشاعِرُ كُوفِيٌّ ومَرْثَد بن عَبْدَل الغفريّ ، له ذِكْرٌ في زَمنِ زِياد .
وبالكاف يحيى بن عَبْدَك القَزْوِينيّ .
وسَمَّوْا : عبَادَةَ كسَحابة وكِتابة وثُمَامة . وغُرَاب وسَحَاب وكِتَاب . وفي تفصيل ذالك طُولٌ .
وأَبو جعفرٍ محمّدُ بن عبدِ الله بنِ عَبْدٍ : كان شاعِراً كاتِباً .
وأَبو أَحمد محمّد بن علي بنُ عَبْدَك الجُرْجانِيُّ : مُقَدَّم السبعةِ بها رَوى وحدَّث .
والعَبْدَلِيُّ : نِسبةٌ إِلى عبدِ الله بن غَطَفَان وبطن آخَر من خَوْلانَ .
وأَبو منصورٍ أَحمدُ بن عَبْدُونَ . ذَكرَ الثعالبي في ( اليتيمة ) .
وأَبو عبد الله محمّد لبنُ إِبراهيمَ بنِ عَبْدُوَيه ، وابن أَخِيه أَبو حازِم عُمَر بن أَحمدَ بن إِبراهيم العَبْدُويانِ . والنُّحَاةُ يفتحون الدّال : محدّثانِ .
وفي هَمْدانَ : عُبيْد بن عَمْرو بن كَثِير بن مالكِ بن حاشد . وفي تميم : عُبَيْد بن ثَعْلَبَة بن يَرْبُوع . وفي الأَنصار : عُبَيْد بن عَديّ بن عُثمان بن كَعْب بن سَلِمَةَ . وفي نَهْد : عُبَيْد بن سَلامة بن زُوَيِّ بن مالك بن نَهْد : قبائلُ . والنِّسبة إِليهم : عُبَيْدِيٌّ .
وأَبو بكرٍ محمدُ بن فارسِ بنِ
____________________

(8/347)


حَمْدَانَ بنِ عبد الرحمان بن مَعْبَدٍ العطشيّ المَعْبَدِيُّ . قال الخَطِيب : يُذْكَرُ أَنَّه من وَلَدِ أَمّ مَعْبَدٍ الخُزَاعِيَّةِ . وأَبو عبدِ الله محمَّدُّ بن أَبِي موسى بن بن عيسى بن أَحمد بن موسى المَعْبَدِيّ : من وَلَدِ مَعْبَده ابنِ العَبّاس بنِ عبد المُطَّلب ، انتهت إِليه رِيَاسَةُ العَبَّاسيّينَ في وَقْته ، رَوَيَا وحَدَّثا .
ويَعْبُدَى : موضع بالشام .
والمَعْبَدُ والمُتَعَبَّد : مَوْضِعُ العِبَادَةِ .
عبرد : ( جاريةٌ عُبْرُدٌ ) وعُبَرِدٌ وعُبَرِدَ وعُبَارِدٌ ( كقُنْفُذٍ وعُلَبِطٍ وعُلَبِطَةٍ وعُلابِطٍ ) ، أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ .
وقال أَبو عمرٍ و امرأَةٌ عُبْرُدٌ ، مِثالُ عُنْجُدِ ، أَي ( بيضاءُ ) اللَّونِ ( ناعِمةُ ) الجِسْمِ .
وقال اللِّحْيَانيُّ : جارِيَةٌ عُبَرِدَةٌ ( تَرْتَجُّ ) أي تَهْتَزُّ ( من نَعْمَتِها ) ، بفتح النون ، أَي لِينِها . قال : ويقال في هاذا التركيب : عبَرِدٌ مثال عُجَلِطٍ .
( و ) يقال : ( عُشْبٌ عُبْرُدٌ ) أَي ( رَقِيقٌ رَدِيءٌ ) .
( و ) يقال : ( غُصْنٌ عُبْرُودٌ ، وعُبَارِدٌ : ناعِمٌ لَيِّنٌ . وشَحْمٌ عُبْرودٌ إِذا كان يَرْتَجُّ ) أَي يَهْتَزُّ سِمَناً .
عتد : ( العَتِيدُ الحاضِرُ المُهَيأُ ) وقولُه تعالى : { هَاذَا مَا لَدَىَّ عَتِيدٌ } ( قلله : 23 ) قيل : حاضِرٌ ، وقيل : قَرِيبٌ .
( والمُعْتَدُ ، كَمُكْرَمٍ : المُعَدُّ ) ، وأَعَدَّ يُعِدُّ إِنَّمَا هو أَعْتَدَ يُعْتِدُ ، فأُدْغِم . وقيل : إِنَّمَا هو من عَيْن ودالَيْن لقولهم أعْدَدْنا ، فيُظْهِرُونَ الدَّالَيْنِ .
( وقد عَتُدَ ) الشيءُ ، ( كَكَرُمَ ، عَتَادَةً ، عَتَاداً ) ، بالفتح فيهما ، فهو عَتِيدٌ : جَسُم
____________________

(8/348)


( وعَتَّدْتِ تَعْتِيداً ، واعْتَدْتُه ) : هَيَّأْتُه ليومٍ ، ومنه قوله جلّ وعَزَّ : { وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئًا } ( يوسف : 31 ) .
( وفَرَسٌ عَتَدٌ مُحَرَّكةً وككَتِفٍ : مُعَدٌّ لِلْجَرْيِ ) والرُّكوبِ ، مُعْتَدٌ ، لُغَتَان : شَدِيدُ الخَلْقِ ، سَرِيعُ الوَثْبَة ، ليس فيه اضطرابٌ ولا رَخَاوةٌ ( أَو شَدِيدٌ تامُّ الخَلْقِ ) ، وقيل : هو العَتِيدُ الحاضِرُ ، الذَّكَرُ والأُنْثَى سواءٌ .
( وعَتِيدُ بنُ ضِرَار ) بن سَلَامانَ ، كأَمِيرٍ : ( شاعِرٌ ) كَلْبِيّ ، ذكَره الآمِدِيُّ .
( و ) عُتَيْدٌ ( كَزُبَيْرٍ : ع ) ، نقله الصاغانيُّ .
( والعَتِيدَةُ : الطَّبْلَةُ أَو الحُقَّةُ يكون فيها طِيبُ الرَّجُلِ والعَرُوسِ ) وأَدْهَانُهما .
( والعَتَادُ والعُتْدَةُ ) كسَحاب وتُحْفَةٍ : العُدَّةُ ) لأَمْرٍ ما تُهَيِّئه له ، التاءُ مُدْغَمةٌ ( ج : أَعْتُدٌ ) ، كأَفْلُسٍ ، وأَعْتِدَةٌ وعُتُدٌ بضمْتين ، وهو أَيضاً ما أُعِدَّ من سِلاحٍ ودَوابٌ وآلةِ حَرْبٍ .
( و ) العَتَادُ ( كسَحَابٍ ) : العُسُّ من الأَثْلِ . وربما سَمَّوا ( القَدَح الضَّخم ) عَتَاداً ، وهو العَسْفُ والصَّحْنُ .
( وعُتائِدُ ، بالضمّ : ع ) بالحجازِ ، وفيه ماءٌ لِبَنِي نَصْرِ بنِ مُعَاوِيةَ ، قال مُزَرِّدٌ :
فأَيِّهْ بكندِيرٍ حِمارِ ابنِ واقِعٍ
رآكَ بأَيْرٍ فاشْتَأَى مِن عُتَائِدِ
أَيِّه : صِحْ بِهِ وأَيْر : جَبَلٌ .
( والعَتُودُ ) كصَبُور ، في قول أَعرابيّ ، من بَلْعَنبر :
يا حَمْزَ هَلْ شَبِعْتَ مِن هاذا الخَبَطْ
أَمْ أنتَ في شَكَ فهاذا مُنْتَفَدْ
صَقْبٌ جَسِيمٌ وشَدِيدٌ المُعْتَمَدْ
يَعْلُو بِهِ كُلُّ عَتُودٍ ذاتِ وَدْ
قال شَمِر : أَراد ( السِّدْرَةَ أَو الطَّلْحَة .
( و ) العَتُود : الجَدْيُ الذي اسْتَكْرَشَ ، وقيل : هو ( الحَوْلِيُّ من أَولادِ المَعزِ ) ،
____________________

(8/349)


وقيل : الّذي بَلَغَ السِّفادَ . وقيل : الّذي أَجْذَعَ . وقيل رَعَى وقَوِيَ ، وهو العَرِيضُ أَيضاً . وقيل : إِذا أَجْذَع من أَولاد المِعْزَى فعَرِيضٌ . وإِذا أَثْنَى فَعُتُودٌ . وقيل : إِذا أَجْذَعَ الجَدْيُ والعَنَاقُ سُمِّيَ عَرِيضاً وعَتُوداً ، ( ج : أَعْتِدَةٌ وعِدَّانٌ ) ، الأَخِيرُ بالكسر ، ( وأَصلُه : عِتْدانٌ ، فأُدْغِمَت التَّاءُ ) في الدَّال .
( و ) يقال : ( تَعَتَّدَ في صَنْعَتِهِ ) ، إِذَا ( تَأَنَّقَ ) .
( وَعِتْوَدٌ ، كدِرْهَمٍ ) ، كما ضَبَطَه الجوهريُّ . قال الصاغانيُّ : وهو الأَفْصحُ ، ( ويُفْتَحُ ) ، عن شَمِرٍ : ( وادٍ ) أَو مَوضِعٌ بالحجازِ ، مَأْسَدَةٌ ، قال ابنُ مُقْبِلٍ :
جُلوساً به الشُّمُّ العُجَافُ كأَنَّهُمْ
أُسودٌ بِتَرْجٍ أَو أُسودٌ بِعَتْوَدَا
هاكذا أَنشده شَمِرٌ وضبطه بفتح العَيْن . وقال شيخنا : وَزْنُه بِدِرْهَمٍ غيرُ جارٍ على قواعِدِ أَئمّةِ الصَّرْفِ ، لأَن واوَه زائدةٌ ، فلو وَزَنَه بِخُرْوَعٍ كان أَوْلَى . ( ومن أَخَواتِهِ ) الَّتي وَرَدَت على وِزَانِه : ( خِرْوَعٌ ) سيأْتي ( وذِرْوَدٌ ) . قد تقدَّم ( وعِتْوَرٌ ) ، سيأْتي ( وَوَهِم الجوهَرِيُّ ) حيث ادَّعَى أَنه لا ثالِثَ لَهُمَا ، قال شيخُنَا : وهاذا لا يُقَال فيه وَهَمٌ ، بل تقصيرٌ ، أَو قُصورٌ وعدمُ اطَّلاع ، وهاذا لا يَتِمّ ، إِذ ليس بِمُتَّفَقٍ على ثُبوتِ هاذيْنِ اللَّفْظَيْنِ ، بل هُناكَ من أَنْكَرَهُما . وهُنَاكَ من قال بأَصَالَةِ الواوِ . والحَصْرُ ادَّعَاهُ قَبْلَ الجَوْهَريِّ أَئِمَّةُ الاستقراءِ .
قلت : ومِنْهُ صاحِبُ ( الجَمْهَرةِ ) ولعلَّه لم يَثْبُتْ عِنْدَ الجَوْهريِّ صِحَّتُهما فترَكَهُما تَنْزِيهاً لكتابِه عَمَّا لا يَصِحُّ . والله أَعلم .
( وعَتْيَدٌ ، كجَعْفَرٍ ، ع ) أَو وادٍ ( واسمٌ ) قال الصاغانيّ : هو مُرْتَجَلٌ . قال شيخنا : وهو مِمَّا يَرِد على صَهْيَد ، وتَرَك المصنِّفُ التَّنْبِيهَ عليه ، تَقْصِيراً .
____________________

(8/350)


( وتُكْسَرُ عَيْنُهُ ) ، والذي في التكملة : وعَتْيَدٌ ، وقيل عِتْيَدٌ : من كِنانَةَ ، انتهى . فهذا يَدُلُّ على أَنَّه رَجُلٌ من كِنَانَةَ لأَنه ذَكَرَه بعد أَن ذَكَر الموضعَ المذكورَ فتأَمَّلْ .
وأَبو عبد الله محمّد بن يوسف بن يعقوب الشِّيرازيّ العُتَايديّ : مُحَدِّثٌ ، مات سن 354 ه .
ومما يستدرك عليه :
عُتُود ، بعين وتاءٍ مضمومتين ، أَبو بُحْتُر ، بَطْنٌ من طَيِّءٍ ، منهم أَبو عُبَادَة البُحْتُرِيُّ الشاعِرُ .
وعَتِيدُ بنُ رَبيعةَ : شيخٌ لأَبِي إِسحاقَ السَّبِيعِيِّ . قال الحافظ : وقيل هو عُتَيْدةُ ، بهاءٍ ، وقيل بموحَّدة .
عجد : ( العُجْدُ ، بالضمّ ) ، أَهمله الجوهريُّ ، وقال اللّيث هو ( الزَّبِيبُ ، و ) هو ( حَبُّ العِنَبِ ) أَيضاً ( ويُفْتَحُ ) كالعُنْجُدِ والعَنْجَدِ ( أَو ) العُجْد ( ثَمَرةٌ كالزَّبِيبِ و ) العَجْد ( بالفتح : حَبُّ الزَّبِيبِ ) ، كالعَنْجَد ، كجَعْفَرٍ ، وسيأْتي ( أَو أَرْدَؤُهُ ) .
( و ) عن الأَصمعيّ : العَجَد ، ( بالتحريك : الغِرْبَانُ ) ، قال صَخْرُ الغَيِّ ، يَصِف خَيْلاً :
فأَرْسَلُوهُنَّ يَهْتَلِكْنَ بِهِمْ
شَطْرَ سَوَامٍ كأَنَّها العَجَدُ
( الواحِدة عَجَدَةٌ ) .
( والمُنْعَجِد ) ، وفي بعض النسخ والمُتَعَجِّدُ : ( الغَضُوبُ الحَدِيدُ ) الطَّبْعِ . وسيأْتي في عنجد ، الكلامُ عليه .
عجرد : ( العَجْرَدُ : الخَفِيفُ السَّرِيعُ ) من الرجالِ ، كالعَدْرَجِ ( و ) قيل العَجْرَدُ : ( الغَلِيظُ الشَّدِيدُ ) وضُبِطَ هاذا كَعَمَلَّسٍ أَيضاً ، وناقَةٌ عَجْرَدٌ ، منه . ( و ) عَجْرَدُ : ( ة بِذمار ) اليَمَنِ من قُرَى زُنَّار نقله الصاغانيُّ ،
____________________

(8/351)


( و ) عَجْرَدٌ ( اسمُ ) رجلٍ .
( و ) العَجْرَد : ( الذَّكَرُ ) ، قال :
فشَامَ في وَمَّاحِ سَلْمَى العَجْرَدَا
وَمّاحُها : صَدْعُ فَرْجِها . ( كالعُجَارِد ) كعُلابِطٍ ( والمُعَجْرِدِ ) في نُسْختنا هاكذا بالخَفْضِ ، على أَنه معطوفٌ على ما قبلَه . والذي في ( الجمع بين الصحاح والتهذيب والمحكم ) لابن الصُّوفِيّ : والمُعَجْرِدُ ( والمُعَجْرَدُ ) بفتح الراءِ وكَسِرها معاً : ( العُرْيانُ ) كالعَجْرَدِ ، وشّرٌ مُعَجْرِدٌ ، وعَجْرَدٌ : عارٍ من وَرَقِهِ .
( و ) العَجَرَّد ، ( كعَمَلَّس : الجَرِيءُ ) كالعَدَرَّجِ . ( والمُتَجَرِّدُ ) ، أَي العُرْيانُ .
( وعبدُ الكريمِ بنُ العَجَرَّدِ : رَئِيس للخَوارِجِ ) من أَصحابِ عَطِيَّةَ الأَسودِ الحَنَفِيّ الإِمَامِيّ ، الّذِي تُنْسَبُ إِليه العَطَوِيَّةُ ، ( وأَصْحابُهُ : العَجَارِدَةُ ) ، وقيل العَجْرَدِيَّةُ ، صِنْف من الحَرُورِيَّةِ ، يُنْسَبُون إِلى عَجْرَدٍ .
( والعَنْجَرِدُ : المرأَةُ السَّلِيطَةُ ، أَو الخَبِيثَةُ ، أَو السَّيِّئةُ الخُلُق ) البذِية اللِّسَانِ ، نقله الأَزهريُّ عن الفَرْاءِ ، وأَنشد :
عَنْجَرِدٌ تَحْلِفُ حِينَ أَحْلِفُ
كَمِثْلِ شَيْطَانِ الحَمَاطِ أَعرَفُ
ومما يستدرك عليه :
عُجْرُود : من مَناهِلِ الحَجّ المِصْرِيّ ، فيه ماءٌ خَبِيثٌ ، وسَكَنَتْهُ بَنُو عَطيَّةَ ، استدركَهُ شيخُنَا .
والعَجَارِدَةُ : قومٌ من العَرَبِ .
وحَمادُ عَجْرَدٍ : مشهورٌ :
وشَجَرٌ عَجْرَدٌ : عارٍ عن وَرَقِهِ .
وناقَةٌ عَجْرَدٌ وعَجَرَّدٌ : غليظةٌ شدِيدةٌ .
عجلد : ( العُجَلِدُ ، كَعُلَبِطٍ وعُلابِطٍ : اللَّبَن الخاثِرُ ) جِدًّا المتَكبِّدُ ، كعُجَلِطٍ ، وعُجالِطٍ ، وعُثَلِط ، وعُكَلِطٍ .
( وَتَعَجْلَدَ الأَمْرُ عَظُمَ واشْتَدَّ ) ، نقلَه الصاغانيُّ .
( وذِكْرُ العُنْجُدِ هُنَا ) ، أَي بعد ذِكْر
____________________

(8/352)


العُجَلِد ( وَهَمٌ من الجَوْهَرِيِّ ) وَحَقه أَن يُذْكَر بعد العُلَجِد كما هو تَقْيِيدُ المصنِّفِ الذي التَزَمه على نَفْسِهِ . وقد مَرَّت الإِشارةُ إِليهِ في مُقَدِّمة الخُطْبَةِ .
عدد : ( *!العَدُّ : الإِحصاءُ ) ، *!عَدَّ الشيْءَ *!يَعُدُّه *!عَدًّا ، *!وتَعدَاداً ، *!عِدَّةً . *!وعَدَّدَه ، ( والاسمُ : *!العَدَدُ *!والعَدِيدُ ) ، قالَ اللّهُ تعالى : { وَأَحْصَى كُلَّ شَىْء *!عَدَداً } ( الجن : 28 ) قال ابنُ الأَثِيرِ : له مَعْنَيانِ : يكونُ أَحْصَى كُلَّ شيْءٍ *!مَعْدُوداً ، فيكونُ نَصْبُه على الحالِ ، يقال : *!عَدَدْتُ الدَّرَاهِمَ *!عَدًّا ، وما *!عُدَّ فهو *!مَعْدُودٌ وَ*!عَدَدٌ ، كما يقال : نَفَضْتُ ثَمَرَ الشَّجَرِ نَفْضاً ، والمَنْفُوضُ نَفَضٌ . ويكونُ مَعْنَى قولِهِ : { وَأَحْصَى كُلَّ شَىْء *!عَدَداً } أَي إِحصاءً ، فأَقَامَ *!عَدَداً مُقَامَ الإِحصاءِ لأَنَّهُ بِمَعْنَاه .
وفي المصباح : قال الزَّجَّاجُ : وقد يكونُ العَدَدُ بمعنى المَصْدَر 2 كقولِهِ تعالى : { سِنِينَ عَدَدًا } ( الكهف : 11 ) وقال جماعة : هُو على بابِهِ ، والمعنَى : سِنِينَ *!مَعْدُودةٌ ، وإِنَّمَا ذكَّرها على معنَى الأَعْوَامِ *!وعَدَّ الشيءَ : حَسَبَهُ . وقالوا : العَدَد هو الكَمِّيَّةُ المُتَأَلِّفَة من الوَحَدَاتِ ، فيَخْتَصُّ *!بالمتعدِّد في ذاتِهِ ، وعلى هاذا فالواحِدُ ليس *!بِعَدَدٍ ، لأَنّه غير *!متعدِّد ، إِذ *!التَّعَدُّدُ الكَثْرَةُ . وقال النُّحاةُ : الواحِدُ من العَدَدِ ، لأَنَّه الأَصْلُ المَبْنِيُّ مِنْهُ ، ويَبْعُدُ أَن يكونَ أَصلُ الشيْءِ ليسَ منه ، ولأَنَّ له كَمِّيَّةً في نَفْسِهِ فإِنَّه إِذا قِيل : كَمْ عِنْدَك ؟ صَحَّ أَنْ يُقَالَ في الجَوَابِ : واحد ، كما يقال : ثلاثَةٌ وغيرُها . انتهى .
وفي اللسان : وفي حَدِيثِ لُقْمَان : ( ولا *!نَعُدُّ فَضْلَه عَلَيْنَا ) أَي لا نُحْصِيه لِكَثْرَته ، وقيل : لا *!نَعْتَدُّه علينا مِنَّةً له .
قال شيخُنَا : قال جماعةٌ من شُيوخنا الأَعلامِ : إِنَّ المعروفَ في *!عَدِّ أَنَّه لا يُقَالُ في مُطاوِعِه : انْعَدَّ ، على انْفَعَلَ ، فقيل : هي عامِيَّةٌ ، وقيل رَدِيئةٌ .
____________________

(8/353)


وأَشارَ له الخَفَاجِيُّ في ( شرح اشفاءِ ) .
وجمع *!العِدِّ الأَعدادُ ( و ) في الحديث : ( أَن أَبيضَ بن حَمَالٍ المازِنِيَّ قَدِمَ على رسولِ اللّهِ ، صلَّى اللّهُ عليْه وسلّم ، فاستَقْطَعَه المِلْحَ الّذِي بِمَأْرِبَ ، فأَقْطَعَهُ إِيَّاهُ ، فلمّا ولَّى قال رَجُلٌ : يا رسُولَ اللّهِ ، أَتَدْرِي ما أَقْطَعْتَه ؟ إِنما أَقْطَعْتَ له الماءَ *!العِدَّ . قال . فَرَجَعَه مِنْهُ ) . قال اللَّيْث : العِدُّ ، ( بالكسر ) مَوْضِعٌ يَتَّخِذُه الناسُ يَحْتَمِعُ فيه ماءٌ كَثِيرٌ . والجمْع الأَعدادُ .
قال الأَزهريُّ : غَلِطَ اللّيثُ في تفسيرِ العِدِّ ولم يَعْرِفْهُ . قال الأَصمَعِيّ : ( الماءُ ) العِدُّ هو ( الجارِي ) الدائِمُ ( الذي له مادَّةٌ لا تَنْقَطِعُ ، كماءِ العَيْنِ ) والبِئرِ . وفي الحديث ( نَزَلُوا أَعْدَادَ مِياهِ الحُدَيْبِيَةِ ) أَي ذواتِ المادَّةِ المادَّةِ كالعُيُونِ والآبارِ ، قال ذو الرُّمَّةِ يذكر امرأَةً حَضَرَتْ ماءً *!عِدًّا بعْدَ ما نَشَّتْ مِيَاهُ الغُدْرَانِ في القَيْظِ ، فقال :
دَعَتْ مَيَّةَ *!الأَعدَادُ واسْتَبْدَلَتْ بها
خَنَاطِيلَ آجَالٍ من العِينِ خُذَّلِ
اسْتَبْدَلَتْ بها يَعْني منازِلَها التي ظَعَنَتْ عنها حاضِرةً أَعدادَ المياهِ فخالَفَتْهَا إِليها الوَحشُ وأَقامَتْ في منازِلِهَا ، وهاذا استعارةٌ ، كما قال :
ولقد هَبَطتُ الوادِيَيْنِ ووادِياً
يَدْعُو الأَنِيسَ بها الغَضِيضُ الأَبْكَمُ
وقيل : العِدُّ ماءُ الأَرْضِ الغَزِيرُ . وقيل : العِدُّ : ما نَبَعَ من الأَرضِ ، والكَرَعُ : ما نَزَلَ من السّماءِ . وقيل : العِدُّ : الماءُ القَدِيمُ الذي لا يَنْتَزِحُ ، قال الرَّاعي :
في كُلِّ غَبْرَاءَ مَخْشِيَ مَتالِفُهَا
دَيْمُومةٍ ما بِهَا عِدٌّ ولا ثَمَدُ
____________________

(8/354)



وقال أَبو عَدنَانَ : سَأَلتُ أَبا عُبَيْدَة عن المَاءِ العِدِّ ، فقالَ لي : الماءُ العِدُّ بلغَةِ تَمِيمٍ : الكَثِيرُ . قال : وهو بِلُغَةِ بَكْرِ بنِ وائِلٍ : الماءُ القليلُ . قال : بَنُو تَمِيمٍ يَقُولون : الماءُ العِدُّ مِثْلُ كاظِمَةَ ، جاهلِيٌّ إِسْلامِيٌّ لم يُنْزَحْ قعطُّ . وقالت لي الكلابِيَّة : الماءُ العِدُّ : الرَّكِيُّ . يقال : أَمِنَ العِدِّ هاذا أَم من ماءِ السَّماءِ . وأَنْشدتْنِي :
وماءٍ لَيْسَ من *!عِدِّ الرَّكَايَا
ولا جَلْبِ السّماءِ قد استقَيْتُ
وقالت : ماءُ كُلِّ رَكِيَّة عِدٌّ ، قَلَّ أَو كَثُرَ .
( و ) العِدُّ : ( الكَثْرَةُ في الشَّيْءِ ) ، يقال : إِنَّهم لَذُو عِدَ وقِبْص . وفي الحديث ( يَخْرُجُ جَيْشٌ من المَشْرِق آدَى شيْءٍ وأَعَدُّه ) أَي أَكثَرُه عِدَّةً وَأَتَمُّه وأَشدُّه استعداداً .
( و ) العِدُّ : ( القَدِيمُ ) ، وفي بعض الأُمَّهات : القَديمة ( من الرَّكايا ) وقد تقدَّم قولُ الكلابِيَّةِ .
وفي المحكم : هو من قولِهم : حَسَبٌ عِد قَديمٌ . قال ابن دُرَيْد : هو مُشْتَقٌّ من العِدِّ الذي هو الماءُ القَدِيمُ الذي لا يَنْتزِحُ ، هاذا الذي جَرَت العادةُ به في العِبَارةِ عنه .
وقال بعض المُتَحَذِّقِينَ : حَسَبٌ عِدٌّ : كَثِيرٌ ، تَشْبِيهاً بالماءِ الكَثِيرِ . وهاذا غيرُ قَوِيَ وأَن يكونَ العِدُّ القَدِيمَ أَشْبَهُ ، وأَنشد أَبو عبيدةَ :
فَوَرَدَتْ عِدًّا من الأَعدادِ
أَقْدَمَ مِن عادٍ وقَوْمِ عادِ
وقال الحُطَيْئةُ :
أَتَتْ آلَ شَمَّاسِ بنِ لَأْيٍ وإِنَّما
أَتَتْهُمْ بها الأَحْلَامُ والحَسَبُ العِدُّ
( *!والعَدَدُ : *!المَعْدُودُ ) ، وبه فُسِّرت الآيةُ : { وَأَحْصَى كُلَّ شَىْء *!عَدَداً } ( الجن : 28 ) وقد تقدَّ ، ( و ) العَدَدُ ( مِنْكَ : سِنُو عُمرِكَ الّتي تَعُدُّهَا ) : تُحْصِيها .
____________________

(8/355)



وعن ابن الأَعْرَابِيِّ قال : قالت امرأَةٌ ، ورأَتْ رَجُلاً كانَتْ عَهدَتْهُ شابًّا جَلْداً : أَين شَبَابُكَ وَجَلَدُك ؟ فقال : مَن طالَ أَمَدُه ، وكَثُرَ وَلدُه ، ورَقَّ عَدَدُه ، ذَهَبَ جَلَدُه .
قوله : رَقَّ عَدَدُه ، أَي سِنُوه التي *!يَعُدُّها ذَهَبَ أَكثَرُ سِنِّه ، وقَلَّ ما بَقِيَ فكانَ عِنْدَه رَقِيقاً .
( *!والعَدِيدُ : النِّدُّ والقِرْنُ ، *!كالعِدِّ ، والعِدَادِ ، بكسرهما ) يقال : هاذه الدَّراهِمُ *!عَدِيدُ هاذِه الدراهِمِ ، أَي مِثْلُهَا في العِدَّةِ ، جاءُوا به على هاذا المِثَال من باب الكَمِيعِ والنَّزِيعِ .
وعن ابن الأَعرابيِّ : يُقَال : هاذا *!عِدَادُه *!وعِدُّه ، ونِدُّه ونَدِيدُه ، وبِدُّه وبَدِيدُهْ ، وسِيّه ، وزِنُه وزَنه ، وَحَيْدُه وحِيدُه ، وعَفْرُه ، وَغفْرُه ، ودَنُّه ، أَي مِثْلُه وقِرْنُه . والجمع الأَعْدَاد ، والأَبدَادُ ، قال أَبو دُوادٍ :
وطِمِرَّةٍ كهِرَاوَةِ الأَعْ
زَابِ ليس لَها *!عَدائِدْ
وجَمْعُ *!العَدِيدِ : *!العَدَائِدُ ، وهم النُّظَرَاءُ ، ويقال : ما أَكْثَرَ عَدِيدَ بني فلانٍ . وبَنُو فلانٍ عَدِيدُ الحَصَى والثَّرَى ، إِذا كانُوا لا يُحْصَوْنَ كثرةً ، كما لا يُحْصَى الحَصَى والثَّرَى ، أَي هم *!بِعَدَدِ هاذينِ الكَثِيريْنِ .
( و ) *!العَدِيدُ ( من القَوْمِ : مَنْ يُعَدُّ فِيهِمْ ) وليس معهم ، *!كالعِدَادِ .
( *!والعَدِيدةُ : الحِصَّةُ ) ، قاله ابنُ الأَعْرَابِيّ . *!والعِدَادُ : الحِصَصُ ، وجَمْعُ العَدِيدة : عَدائِدُ ، قال لَبِيد :
تَطِيرُ عَدَائِدُ الأَشْرَاكِ شَفْعاً
وَوِتْراً والزَّعَامةُ للغُلامِ
وقد فَسَّرَه ابنُ الأَعرابِيّ ، فقال : العَدَائِدُ : المالُ والمِيرَاثُ ، والأَشْرَاكُ : الشَّرِكَةُ ، يَعْنِي ابنُ الأَعرابِيّ بالشَّرِكَة
____________________

(8/356)


جمْع شَرِيك ، أَي يَقتسمونها بينهم ، شَفْعاً وَوِتْراً ، سَهْمَيْنِ سَهْمَيْنِ ، وسَهْماً سَهْماً ، فيقول : تَذْهَبُ هاذه الأَنْصِباءُ على الدَّهْرِ ، وتَبْقَى الرِّياسَة للِوَلَدِ .
( والأَيَّامُ *!المَعْدُودَاتُ : أَيَّامُ التَّشْرِيقِ ) ، وهي ثلاثةٌ بعدَ يَومِ النَّحْرِ .
وأَمَّا الأَيامُ المَعْلُوماتُ فعَشْرُ ذِي الحِجَّةِ ، عُرِّفَتْ تلك بالتَّقْلِيلِ ، لأَنَّها ثلاثةٌ . وعُرِّفَت هاذه بالشُّهْرَةِ ، لأَنَّهَا عَشَرةٌ . وإِنما قُلِّل *!بِمَعْدُودةٍ لأَنَّهَا نَقِيضُ قولِكَ لا تُحْصَى كَثْرةً . ومنه { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ *!مَعْدُودَةٍ } ( يوسف : 20 ) أَي قليلةٍ . قال الزَّجّاجُ : كُلُّ عَدَدٍ ، قَلَّ أَو كَثُرَ ، فهو مَعْدُودٌ . ولكنَّ *!مَعْدُودَاتٍ أَدلُّ على القِلَّةِ ، لأَنَّ كُلَّ تَقْلِيلٍ يُجْمَعُ بالأَلِفِ والتاءِ ، نحو دُرَيْهِماتٍ ، وحَمَّامَات . وقد يَجُوزُ أَن تَقَعَ الأَلِفُ والتَّاءُ للتَّكْثِير .
( و ) *!العِدَّةُ . مَصْدَرٌ *!كالعَدِّ ، وهي أَيضاً : الجماعةُ ، قَلَّتْ أَو كَثُرَتْ ، تقول : رأَيتُ *!عِدَّةَ رِجالٍ وعِدَّةَ نِساءٍ وأَنفَذْتُ ( عِدَّةَ كُتُبٍ ، أَي جَماعة ) كُتُبٍ .
( و ) في الحديث : ( لم تَكُنْ للمُطَلَّقَةِ *!عِدَّةٌ فأَنْزلَ اللّهُ تعالى العِدَّة للطَّلاق ) و ( عِدَّةُ المَرْأَةِ ) المُطَلَّقةِ والمُتَوفَّى زَوْجُها : هي ما *!تَعُدُّه مِن ( أَيَّام أَقْرائِها ) ، أَو أَيَّامِ حَمْلها ، أَو أَربعة أَشْهُرٍ وعَشْر ليالٍ . ( و ) *!عِدَّتُها أَيضاً : ( أَيامُ إِحْدَادِها على الزَّوْجِ ) وإِمساكِها عن الزِينةِ ، شُهُوراً كان أَو أَقراءً ، أَن وَضْعَ حَمْلٍ حَمَلَتْه من زَوْجِها ، وقد *!اعتَدَّت المرأَةُ عِدَّتَها من وَفَاةِ زَوْجِها ، أَو طَلاقِهِ إِيَّاها . وجَمْعُ *!عِدَّتِها عِدَدٌ . وأَصْلُ ذالك كُلِّه مِن العَدِّ . وقد انْقَضَتْ عِدَّتُها .
( *!وَعِدَّانُ الشَّيْءِ ، بالفتح والكسر ) ، ولو قال : وعَدَّان الشيْءِ ، ويُكْسَر كان أَخْصَر : ( زَمَانِ وعَهْدُهُ ) ، قال الفَرَزْدَقُ ، يخاطب مِسْكِيناً الدارِمِيَّ ، وكان قد رَثَى زِيَادَ ابنَ أَبِيه :
أَمِسْكِينُ أَبكَى اللّهُ عَينكَ إِنّمَا
جَرَى في ضَلَالٍ دَمْعُها فتَحَدَّر
____________________

(8/357)



أَقولُ له لَمَّا أَتانِي نَعِيُّهُ
بِهِ لا بِظَبْيٍ بالصَّرِيمةِ أَعْفَرا
أَتَبْكِي امْرَأً من آلِ مَيْسانَ كافِراً
ككِسْرَى على *!عِدَّانِه أَوْ كَقَيْصَرَا
وأَنا على *!عِدَّانِ ذالِكَ أَي حِينِه وإِبَّانِهِ ، عن ابن الأَعرابِيّ . وأَوردَه الأَزهريُّ في عَدَنَ ، أَيضاً . وجِئْتُ على عِدَّانِ تَفْعَلُ ذَلِكَ ( *!وعَدَّانِ تَفْعَل ذالك ) أَي حِينِه . ( أَو ) معنى قولهم : كان ذالك في عِدَّانِ شَبَابِه ، *!وعِدَّانِ مُلْكه ، هو ( أَوَّلُهُ وأَفْضَلُهُ ) وأَكثرُه . قال الأَزهريُّ : ( و ) اشتقاقُ ذالك من قولِهِم : ( *!أَعَدَّهُ ) لأَمْرِ كذا : ( هَيَّأَهُ ) له ، *!وأَعْدَدتُ للأَمرِ *!عُدَّته ، ( و ) يقال : أخَذَ للأَمْر عُدَّتَهُ وعَتَادَه ، بِمَعنًى ، قال الأَخفشُ : ومنه قولُه تعالَى : { جَمَعَ مَالاً *!وَعَدَّدَهُ } ( الهمزة : 2 ) أَي ( جَعَلَهُ *!عُدَّةً للدَّهْرِ ) ، ويقال : جَعَلَه ذا عَدَدٍ .
( *!واستَعَدَّ له : تَهَيَّأَ ) ، *!كأَعَدَّ ، *!واعْتَدَّ ، *!وتَعَدَّدَ ، قال ثَعْلبٌ : يُقَالُ : *!استَعْدَدتُ للمَسائل ، *!وتَعدَّدْتُ . واسم ذالك : العُدَّةُ .
( و ) يقال : ( هُم *!يَتَعَادُّونَ ، *!ويَتَعَدَّدُون على أَلْفٍ ، أَي يَزِيدُون ) عليه في العَدَدِ ، وقيل : يَتَعَدَّدُونَ عليه : يَزِيدُون عليه في العَدَد ، ويَتعادُّونَ : إِذا اشتَركُوا فيما *!يُعادُّ به بَعْضُهُم بَعضاً من المَكَارِمِ .
( *!والمَعَدَّانِ : مَوْضِعُ دَفَّتَيِ السَّرْجِ ) على جَنْبَيْهِ من الفَرَسِ ، تقولُ : عَرِقَ *!مَعَدَّاه ، وأَنشدَ اللِّحْيَانِيُّ :
كَزِّ القُصَيْرَى مُقْرِفِ *!المَعَدِّ
وقال : *!عَدَّه *!مَعَدًّا ، وفَسَّرَه ابنُ سيده وقال : المَعَدُّ هُنا : الجَنْبُ ، لأَنَّه قد قال : كَزّ القُصَيْرَى ، والقُصَيْرَى عُضْوٌ ، فمُقَابَلَةُ العُضْوِ بالعُضْوِ خَيْرٌ من مُقَابَلَتِهِ بالعِدَّةِ .
( *!ومَعَدُّ بنُ عَدْنَانَ : أَبو العَرَبِ ) ، والمِيمُ زائدةٌ ، ( أَو المِيمُ أَصْلِيَّةٌ ، قولهم : تَمَعدَدَ ) ، لِقِلةِ تَمَفْعَلَ في الكلام ، وهاذا قولُ سِيبويهِ ، وقد خُولِفَ فيه .
____________________

(8/358)



*!وتَمَعْدَدَ الرَّجُلُ ، ( أَي تَزَيَّا بِزِيِّ مَعَدَ ، في تَقَشُّفِهِم ، أَو تَنَسَّبَ ) هاكذا في النُّسخ . وفي بعضها ؛ أَو انْتَسَبَ ( إِليهِمْ ) أَو تكلَّم بكَلامِهِمْ ( أَو تَصَبَّرَ عَلَى عَيْشِهِمْ ) ، ونقَلَ ابنُ دِحْيَةَ في ( كتاب التَّنْوِير ) له ، عن النُّحاةِ : أَنَّ الأَغلبَ على مَعَدَ ، وقُرَيْشٍ ، وثَقِيفٍ ، التذكيرُ والصَّرْفُ ، وقد يُؤَنَّثُ ولا يُصْرَفُ . قاله شيخُنا .
( وقولُ الجَوْهَرِيِّ : قال عُمَرُ ، رَضِي اللّهُ عنه . الصَّوابُ : قالَ رسولُ اللّهِ ، صَلَّى اللّهُ عليه وسَلَّم : ( *!تَمَعْدَدُوا واخْشَوْشِنُوا ) وانتَضِلُوا ، وامشُوا حُفاةً ) أَي تَشَبَّهُوا بِعَيْشِ مَعَدَ ، وكانُوا أَهلَ تَقَشُّفٍ وغِلْظَةٍ في المَعَاشِ ، يقول كُونُوا مِثْلَهُمْ ودَعُوا التَّنَعُّمَ وزيَّ الأَعاجِمِ .
وهاكذا هو في حديث آخَرَ : ( عَلَيْكُم باللِّبْسَةِ المَعَدِّيَّةِ ) .
وفي ( الناموس ) و ( حاشية سَعْدِي لبي ) وشرْحِ شَيْخِنا : لا يَبْعُدُ أَن يكونَ الحديثُ جاءَ مرفُوعاً عن عُمَر ، فليس للتَّخْطئةِ وَجْهٌ والحديثُ ذَكَرَه السُّيوطيُّ في ( الجامع ) ، ( رَواه ) الطَّبرانِيُّ عن ( ابن حَدْرَدٍ ) ، هاكذا في النُّسَخِ . وفي بعضٍ : ابن أَبِي حَدْرَد . وهو الصّواب وهو : عبدُ اللّهِ بنُ أَبي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيُّ . أَخرجَه الطَّبرانِيُّ ، وأَبو الشَّيخ ، وابن شاهِين ، وأَبو نُعَيمٍ ، كُلُّهم مِن حديثِ يَحيَى بنِ أَبي زائدةَ ، عن ابن أَبي سَعِيدٍ المَقْبُرِيّ ، عن أَبيه عن القَعْقاع ، عن ابن أَبي حَدْرَدٍ . قال الهَيْثَميُّ : عبدُ الله بنُ أَبي سَعِيدٍ ضعِيفٌ . وقال العِراقيُّ : ورَواه أَيضاً البَغَوِيُّ ، وفيه اختلاف . ورواه ابنُ عَدِيٌّ مِن حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ . والكُلُّ ضَعِيفٌ . وأَوردَه ابنُ الأَثِيرِ ، فقال : وفي حديث عُمر : ( واخْشَوْشِنُوا ) بالنون ، كما في الرِّواية المشهورة ، وفي بعضها : بالموحَّد . وفي رِواية أُخْرَى : ( تَمَعَّزُوا ) بالزاي ، من المَعْزِ ، وهو الشِّدَّةُ والقُوَّةُ . وقد بَسَطَه ابنُ يَعِيشَ في ( شَرْحِ المُفَصَّلِ ) .
( و ) يقال : *!تَمَعْدَدَ ( الغُلامُ ) ، إِذا ( شَبَّ وغَلُظَ ) قال الراجِزُ :
رَبَّيْتُه حتَّى إِذَا *!تَمَعْدَدَا
____________________

(8/359)



( و ) في ( شرح الفصيح ) لأَبي جَعفَرٍ : و ( *!-المُعَيْدِيُّ ) فيما قالَه أَبو عُبَيْدٍ ، حاكِياً عن الكِسَائيِّ ( تَصْغِيرُ *!-المَعَدِّيّ ) ، هو رَجُلٌ مَنْسوبٌ إِلى مَعَدَ . وكانَ يَرَى التَّشْدِيدَ في الدَّالِ ، فيقُولُ : *!-المُعَيِدِّيّ . قال أَبو عُبَيْدٍ : ولم أَسْمَعْ هاذا من غَيْرِهِ ، قال سيبويه : وإِنَّمَا ( خُفِّفَت الدَّالُ ) من المُعَيْدِيّ ( استثقالاً للتَّشْدِيدَيْنِ ) ، في هَرَباً من الجَمعِ بينَهُمَا ( مع ياءِ التَّصْغِيرِ ) . قال سِيبَوَيْهِ : وهو أَكثَرُ في كَلامُهِمْ من تَحْقِيرِ مَعَدِّيَ في غيرِ هاذا المَثَلِ ، يَعْنِي أَنَّهُم يُحَقِّرُونَ هاذا الاسمَ إِذَا أَرادُوا بِهِ المَثَل . قال سيبويه : فإِنْ حَقَّرتَ ( *!-مَعدِّيّ ) ، ثَقَّلْتَ الدَّالَ ، فقلتَ : *!-مُعَيِدِّيّ .
قال ابنُ التيانِ : يعني إِذا كان اسمَ رَجُلٍ ولم تُرِدْ به المَثَلَ ، وليس من باب أُسَيْدِيَ في شيْءٍ ، لأَنَّه إِنَّمَا حُذِفَ من أُسَيْدِيَ ، كَرَاهَةَ تَوالِي الياءاتِ ، والكَسَرَات ، فحُذِفَتْ ياءٌ مكسورةً ، وإِنَّمَا حُذِفَتْ من معدِّيّ دالٌ ساكنةٌ لا ياءٌ ولا كَسْرةٌ ، فعُلِمَ أَن لا عِلَّةَ لِحَذْفِهِ إِلَّا الخِفَّةُ ، وأَنَّهُ مَثَلٌ ، كذا تُكُلِّم به ، فوجبَ حِكَايَتُهُ . وقال ابنُ دُرُسْتَويْهِ : الأَصْلُ في المُعَيْدِيّ تشدِيدُ الدَّالِ ، لأَنَّه في تقديرِ المُعَيْدِدِيِّ فكُرِهَ إِظهارُ التَّضْعِيفِ ، فأَدْغِم الدَّالُ الأُولَى في الثانيةِ ، ثم استثْقِلَ تشديدُ الدَّالِ ، وتَشْدِيدُ الياءِ بعدَها ، فخُفِّفَت الدّالُ ، فقيل : المُعَيْدِيّ ، وَبَقِيَت الياءُ مُشَدَّدةً . وهاكذا قاله أَبو سَعِيدٍ السِّيرافِيُّ ، وأَنشدَ قولَ النَّابِغَةِ :
ضَلَّتْ حُلُومُهُمُ عَنْهُمْ وغَرَّهُمُ
سَنُّ المُعَيْدِيّ في رَعْيٍ وتَغْرِيبِ
( و ) هاذا المَثَلُ على ما ذكره شُرَّاحُ الفَصِيحِ فِيه روايتان ، وتَتَولَّدُ منهما رِوَايَاتٌ أُخَرُ ، كما سيأْتِي بيانُها ، إِحداهُما : ( تَسْمَعُ ) بضَمّ العينِ ، وحذف أَنْ ، وهو الأَشْهَرُ ، قالَه أَبو عُبَيْدٍ . ومِثْلُه قولُ جَمِيلٍ :
جَزِعْتُ حِذارَ البَينِ يومَ تَحَمَّلُوا
وحَقَّ لمِثْلِي يا بُثَيْنةُ يَجْزَعُ
____________________

(8/360)



أَراد : أَن يَجْزَعَ ، فلَمَّا حَذَف ( أَن ) ، ارتفَع الفِعْلُ ، وإِن كانتْ محذوفَةً من اللفظِ فهي مُرادةٌ ، حتَّى كأَنَّهَا لم تُذَفْ . ويدلّ على ذالك رفعُ تَسْمَعُ بالابتداءِ ، على إِرادة أَنْ . ولولا تقديرُ أَن لم يَجُزْ رفعُه بالابتداءِ .
ورُوِيَ بنصْبِها على إِضْمارِ أَن ، وهو شاذٌّ يُقتَصر على ما سُمعَ منه ، نحو هاذا المَثَلِ ، ونحو قولِهم . خُذ اللِّصَّ قبلَ يأْخُذَكَ ، بالنصب ونحو : { أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونّى أَعْبُدُ } ( الزمر 64 ) بالنصب في قراءَةٍ .
قال شيخُنا : وكونُ النصبِ بعد أَن ، محذوفةً ، مقصوراً على السَّماع ، صَرَّح به ابنُ مالِكٍ في مواضِع من مصنَّفاتِه . والجوزُ مَذهبُ الكوفيّين ومَن وافَقَهُم .
( *!-بالمُعَيْدِيِّ ) قال الميدانيُّ وجماعةٌ : دخَلتْ فيه الباءُ ، لأَنه على معنَى تُحَدِّث به ، وأَشار الشِّهاب الخَفاجيُّ وغيرُه إِلى أَنَّه غيرُ مُحْتَاجٍ للتأْويلِ ، وأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ كذالك . وسَمِعْت بكذا ، من الأَمرِ المشهورِ . قال شيخُنا ، وهو كذالك ، كما تَدلُّ له عباراتُ الجُمْهورِ ، ( خَيْرٌ ) خَبَرُ تَسْمَع . والتقديرُ أَن تَسمعَ أَو سماعُكَ بالمُعَيْدِيِّ أَعظمُ ( مِن أَن تراهُ ) ، أَي خَبَرُهُ أَعظمُ من رُؤْيتِهِ .
قال أَبو جَعْفَرٍ الفِهْريُّ : وليس فيه إِسنادٌ إِلى الفِعْلِ الذي هو تَسْمع ، كما ظَنه بعضُهم . وقال : قد جاءَ الإِسنادُ إِلى الفِعْل . واستَدلَّ على ذالك بهاذا المَثَلِ . وبقوله تبارَكَ وتعالَى : { وَمِنْ ءايَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ } ( الروم : 24 ) وقول الشاعر :
وحَقَّ لِمِثْلى بابْثَيْنَةُ يَجْزَعُ
قال : فالفِعْلُ في كُلُّ هاذا مبتدأٌ ، مسنَدٌ إِليه ، أَو مفعولٌ مسنَدٌ إِليه ، أَو مفعولٌ مسنَدٌ إِليه الفعل الذي لَمْ يُسَمَّ فاعِلُه .
وما قاله هاذا القائِلُ فاسِدٌ ، لأَن الفِعْلَ في كلامِهم إِنَّما وُضِعَ للإِخْبارِ بِه لا عنه . وما ذكرَه يُمكِن أَن يُرَدَّ إِلى الأَصْلِ الّذِي هو الإِخبارُ عن
____________________

(8/361)


الاسْمِ ، بأَن تُقَدَّر في الكلامِ أَن محذُوفَةً للعِلْم بها ، فتقديرُ ذالك كُلِّه : أَن تَسْمَعَ بالمُعِيدِيِّ خَيْرٌ من أَن تَرَاه . ومِن آيَاتِه أَن يُريَكُم البَرْقَ . وحَقَّ لِمِثْلِي أَن يَجْزَعَ . وأَنْ وما بعدَهَا في تَأْويل اسمٍ ، فيكون ذالك إِذا تُؤُوِّلَ على هاذا الوَجْهِ ، من الإِخبارِ عن الاسمِ ، لا من الإِخبار عن الفِعْلِ . كذا في شرح شيخِنا .
قال أَبو جعفر : ورُوِيَ ( مِن عَنْ تَرَاه ) قاله الفرّاءُ في المصادر ، يعني أَنّه ورد بإِبدال الهمزةِ في أَنْ عيناً ، فقيل ( عن ) بدل ( أَن ) ، وهي لغةٌ مشهورةٌ ، كما جَزَمَ به الجماهِيرٌ .
( أَو ) المَثَلُ : ( تَسْمَعُ بالمُعَيْديِّ ( لا أَنْ تَرَاهُ ) ) بتجرِيدِ سمعُ ، من ( أَنْ ) مرفوعاً على القياسِ ، ومنصوباً على تَقدِيرها وإِثبات لا العاطِفةِ النافيةِ وأَنْ ، قبْلَ : تراه . وهي الرِّواية الثّانِية . وقد صحَّحها كثيرُون .
ونقَل أَبو جَعفرٍ عن الفَرَّاءِ قال : وهي في بَنى أَسَدٍ ، وهي التي يَختارُها الفصحاءُ .
وقال ابنُ هشامٍ اللَّخْمِيُّ : وأَكثرُه يقول : لا أَنْ تراه . وكذالك قاله ابن السِّكِّيت .
قال الفَرَّاءُ : وقَيْسٌ تقول : ( لأَنّ تَسمعَ بالمُعَيدِيِّ خيرٌ من أَن تَراه ) وهاكذا في ( الفصيح ) .
قال التّدْمريُّ فاللّام هنا لامُ الابتداءِ ، وأَن مع الفِعْلِ بتأْوِيلِ المصدر ، في موضعِ رَفْعٍ بالابتداءِ . والتقديرُ : لسَمَاعُكَ بالمُعيدِيِّ خيرٌ من رُؤيَتِهِ . فسَمَاعُكَ : مبتدأٌ . وخيرٌ : خَبَرٌ عنه . وأَن تراه : في موضعِ خَفْضٍ بِمِنْ . قال : وفي الخَبَرِ ضميرٌ يعُود على المصدرِ الذي دَلَّ عليه الفِعْلُ ، وهو المبتدأُ ، كما قالوا : مَن كَذَب كَان شَرًّا له .
( يُضْرَبُ فيمَنْ شُهِرَ وذُكِرَ ) وله صِيتٌ في الناس ( وتُزْدَرَى مَرْآتُهُ ) ، أَي يُسْتَقْبَحُ مَنْظَرُه لِدَمَامَتِهِ وحقَارَتِهِ . ( أَو تَأْوِيلُهُ أَمْرٌ ) ، قالَهُ ابنُ السِّكِّيت ، ( أَي اسْمَعْ بِهِ ولا تَرَهُ ) .
وهاذا المَثَلُ أَوردَهُ أَهلُ الأَمثال
____________________

(8/362)


قاطِبَةٌ : أَبو عُبَيْدٍ أَوَّلاً . والمُتَأَخِّرُون كالزَّمَخْشَرِيِّ ، والمَيْدانِيِّ . وأَورده أَبو العَبّاسِ ثَعْلَبٌ في ( الفَصِيح ) بروايَتَيْهِ . وبَسطه شُرَّاخه . وزادوا فيه .
قال سِيبويْه : يُضْرَب المَثَلُ لمن تَراه حَقِيراً ، وقَدْرُه خَطِيرٌ . وخَبَرُه أَجَلُّ مِن خُبْرِه .
وأَوّلُ مَن قَالَه النُّعْمَانُ بن المُنذِرِ ، أَو المُنْذِرُ بنُ ماءِ السماءِ .
والمُعَيْديُّ رجُلٌ من بني فِهْرٍ ، أَو كِنانةَ ، واختُلِفَ في اسمِهِ : هل هو صَقْعَب بن عَمْرٍ و ، أَوشِقَّة بن ضَمْرةَ ، أَو ضَمحرَة التَّمِيمِيّ ، وكان صَغِيرَ الجُثَّةِ ، عَظِيمِ الهَيْئةِ . ولَمَّا قِيل له ذالك ، قال : أَبَيْتَ اللَّعْنَ إِنَّ الرجالَ ليسُوا بِجُزُرٍ ، يُرَادُ بها الأَجسام ، وإِنَّما المرءُ بأَصْغَرَيْهِ . ومثله قال ابن التّيانيّ تبعاً لصاحِب ( العَيْن ) وأَبو عُبَيْدٍ عن ابن الكَلْبِيِّ والمفضَّل . وفي بعضِها زياداتُ على بعضٍ .
وفي رواية افمضَّل : فقالله شِقَّة : أَبيتَ اللَّعْن : إِنَّمَا المرءُ
____________________

(8/363)


بأَصْغَرَيْهِ : لسانِهِ وقَلْبِهِ ، إِذا نَطَق نَطَق ببَيَان ، وإِذا قاتَلَ قاتل بِجَنان . فعَظُم عَيْنِه ، وأَجزل عَطِيَّتَه . وسَمَّاه باسمِ أَبِيه ، فقال له : أَنتَ ضَمْرةُ بنُ ضَمْرَةَ . وأَورده العلَّامة أَبو عليَ اليوسيّ في ( زَهر الأَكم ) بأَبْسَطَ من هاذا ، وأَوضَحَ الكلامَ فيه . وفيه : أَن هاذا المثلَ أَولَ ما قِيلَ ، لخَيْثَم بنِ عَمْرٍ و النَّهْديّ ، المعروف ، بالصّقعَب الذي ضُرِب به المثَلُ فقيل : ( أَقْتَلُ مِن صَيْحَةِ الصَّقْعَب ) زعَمُوا أَنَّه صاحَ في بَطْنِ أُمِّه ، وأَنَّه صاحَ بقَوْمٍ فهَلَكُوا عن آخِرِهم .
وقيل : المثَلُ للنُّعْمَانِ بن ماءِ السماءِ ، قاله لشِقَّة بن ضَمْرة التّميميّ . وفيه : فقال شِقّة : أَيُّها الملِكُ إِنَّ الرِّجالَ لا تُكال بالقُفْزَان ، ولا تُوزَن بالمِيزَان . وليست بمُسوكٍ ليُسْتقَى فيها الماءُ . وإِنَّما المرءُ بأَصْغَرَيْه : قَلْبِه ولِسَانِه ، إِن قال قال بِبَيان ، وإِن صالَ صالَ بجَنان : فأَعْجَبَهُ ما سَمِعَ منه . قال أَنت ضَمْرَةُ بنُ ضَمْرَةَ .
قال شيخُنا : قالوا : لم يَرَ الناسُ من زَمَنِ المُعَيْدِيِّ إِلى زَمَنِ الجَاحِظِ أَقبَحَ منه ، ولم يُرَ من زَمنِ الجاحِظِ إِلى زَمَنِ الحَرِيريِّ أَقْبَحُ منه .
وفي ( وفَيات الأَعيان ) لابن خلِّكان أَن أبا محمدٍ القاسِمَ بنَ عليّ الحريريَّ ، رحمه الله ، جاءَه إِنسان يَزُوره ويأْخُذُ عنه شيئاً من الأَدب ، وكان الحَرِيريُّ دَميم الخِلْقة جِدًّا فلَمَّا رآه الرّجلُ استزرَى خِلقَتَه ، ففَهِمَ الحريريُّ ذالك منه ، فَلَمَّا طلبَ الرَّجلُ من الحريريِّ أَن يُمْلِيَ عليه شيئاً من الأَدب ، قاله له : اكتُب :
ما أَنْتَ أَولُ سارٍ غَرَّهُ قَمَرٌ
ورائدٍ أَعجبتْهُ خُضْرَةُ الدِّمَنِ
فاخْتَرْ لنفسِكَ غيرِي إِنَّني رَجُلٌ
مِثْلُ المُعَيْدِيِّ فاسمَعْ بِي ولا تَرَنِي
وزاد غيرُ ابنِ خلّكان في هاذه القصّةِ أَن الرجلَ قال :
كانَتْ مُساءَلَةُ الرُّكْبَانِ تُخْبِرُنا
عَنْ قاسِمِ بنَ عَلِيَ أَطيَبَ الخَبَرِ
حتَّى الْتَقَيْنَا فلا واللّهِ ما سَمِعَتْ
أُذْنِي بأَحْسَنَ مِمَّا قد رَأَى بَصَرِي
( وذُو مَعَدِّيِّ بْنُ بَرِيمٍ كَكَرِيم ، بن مَرْثَد ، ( قَيْلٌ ) من أَقْيَالِ اليَمن .
( *!والعِدَادُ ، بالكسر : العَطَاءُ ) ، ويومُ العِدَادِ : يوم العَطَاءِ ، قال عُتَيْبَة بن الوَعْل :
وقائلةٍ يومَ العِدَادِ لِبَعْلِها
أَرى عُتبةَ به الوَعْلِ بَعدِي تَغَيَّرَا
( و ) يقال : بالرَّجل عِدَادٌ ، أَي ( مَسٌّ مِن جُنُونٍ ) ، وقيَّدَه الأَزْهَرِيُّ فقال : هو شِبْهُ الجُنونِ يأْخذ الإِنسانَ في أَوقاتٍ مَعلومةٍ .
( و ) *!العِدَادُ : ( المُشَاهَدَةُ ووَقْتُ المَوْتِ ) قال أَبو كَبيرٍ الهُذَلِيُّ :
هلْ أَنْتِ عارِفَةُ العِدَادِ فتُقْصِرِي
أَم هَلْ أَراحَكِ مَرَّةً أَن تَسْهَرِي
____________________

(8/364)



معناه : هل تَعرفين وَقْتَ وفاتِي .
وقال ابن السِّكِّيتِ : إِذا كَانَ لأَهْلِ المَيِّتِ يومٌ أَو ليلةٌ يُجتمع فيه للنِّياحة عليه ، فهو عِدادٌ لهم .
( و ) العِدَاد ( مِن القَوْسِ : رَنِينُهَا ) وهو صَوتُ الوَتَرِ ، قال صَخْرُ الغَيِّ :
وسَمْحَةٌ من قِسِيِّ زارةَ حَم
راءُ هَتُوفٌ عِدَادُها غَرِدُ
( *!كالعَدِيدِ ) ، كأَمير .
( و ) العِدَاد : ( اهْتِيَاجُ وَجَعِ اللَّدِيغِ بَعْدَ ) تَمَامِ ( سَنَةٍ ) ، فإِذا تَمَّت له مُذْ يَوْمَ لُدِغَ هَاجَ به الأَلمُ ، ( كالعِدَدِ ، كَعِنَبٍ ) مقصورٌ منه . وقد جاءَ ذالك في ضرورةِ الشِّعْر . ويقال : بِهِ مَرضٌ عِدادٌ ، وهو أَن يَدَعَه زَماناً ، ثم يُعَاوِدَه ، وقد عادَّه مُعَادَّة مِداداً . وكذالك السَّلِيمُ والمَجُنُونُ ، كأَنَّ اشتقاقَه من الحِسَاب ، من قِبَلِ عَدَدِ الشُّهُورِ والأَيَّامِ ، ( و ) يقال : ( *!عادَّتْهُ اللَّسْعَةُ ) *!مُعَادَّةٌ ، إِذا ( أَتَتْهُ *!لِعِدادٍ ، ومنه ) الحديثُ المشهور : ( ما زالَتْ أُكْلَةُ خَيْبَرَ *!تُعَادُّنِي ) ، فهاذا أَوانَ قَطَعَتْ أَبْهَرِي ) أَي يُرَاجِعُني ويُعَاوِدُني أَلَمْ سمِّهَا في أَوقاتٍ مَعْلُومة ، وقال الشاعر :
يُلاقِي مِنْ تَذَكُّرِ آلِ سَلْمَى
كما يَلْقَى السَّلِيمُ من العِدَادِ
وقيل : عِدَادُ السَّلِيم أَن *!تَعُدَّ له سَبْعَةَ أَيَّامٍ ، فإِن مَضَتْ رَجَوْا له البُرْءَ ، وما لم تَمْضِ قيل هو في *!عِدَادِه . ومعنى الحديث : *!تُعادُّنِي : تُؤْذِيني وتُراجِعُنِي ، في أَوقاتٍ معلومةٍ كما قال النابِغةُ في حَيَّةٍ لدَغت رَجُلاً :
تُطَلَّقُهُ حِيناً وحِيناً تُرَاجِعُ
ويقال : به عِدَادٌ من أَلمٍ ، أَي يُعَاوِدُه في أَوقاتٍ مَعْلُومةٍ . وعِدَادُ الحُمَّى : وَقْتُها المعروفُ الَّذي لا يَكاد يُخْطِئُه . وعَمَّ بعضُهم بالعِدَادِ فقال :
____________________

(8/365)


هو الشيْءُ يأْتِيك لِوَقْتِهِ مثْل الحُمَّى الغِبِّ والرِّبْعٍ وكذالك السمُّ الَّذي يَقْتُلُ لِوَقْتِه ، وأَصْله من الععَدِ ، كما تقدَّم .
( و ) قال ابنُ شُمَيل : يقال : أَتيتُ فُلاناً في ( يَومِ عِدادٍ ، أَي ) يَوْم ( جُمْعَ أَو فِطْرٍ أَو أَضْحَى ) .
( و ) يقال : ( *!عِدَادُه في بَنِي فُلانٍ ، أَي*! يُعَدُّ منهم ) ومعَهم ( في الدِّيوانِ ) ، وفلانٌ في عِدَادِ أَهْلِ الخَيْرِ ، أَي يُعَدُّ منهم .
( و ) العرب تقول : ( لَقِيتُهُ *!عِدَادَ الثُّرَيَّا ) القَمَرَ ، ( أَي مرّةً في الشَّهْرِ ) وما يأْتِينا فلانٌ إِلَّا عِدَادَ الثُّريَّا القَمَرَ وإِلَّا قِرَانَ القَمَر الثُّرَيَّا . أَي ما يأْتِينا في السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً واحدةً ، أَنشدَ أبو الهَيْثَم ، لأُسَيْد بن الحُلَاحِلِ :
إِذَا ما قَارَنَ القَمَرُ الثُّرَيّا
لِثَالِثَةٍ فقد ذَهَب الشِّتَاءُ
قال أَبو الهَيْثَمِ : وإِنَّمَا يُقَارِنُ القَمرُ الثُّريَّا لَيْلَةً ثالثةً من الهِلال وذالك أَوَّلَ الرَّبِيعِ وآخِرَ الشِّتَاءِ . ويقال : ما أَلْقَاه إِلّا عِدَّةَ الثُّرَيّا القَمَرَ ، وإِلّا عِدادَ الثُّريَّا القَمَرَ وإِلَّا عِدادَ الثُّريَّا من القَمَرِ ، أَي إِلَّا مَرَّةٌ في السَّنة . وقيل : في عِدَّةِ نُزُولِ القَمَرِ الثُّرَيَّا . وقيل : هي ليلةٌ في كلِّ شَهرٍ يلتقِي فيها الثريّا والقمرُ . وفي الصّحاح : وذالك أَن القَمَرَ يَنزِل الثُّريَّا في كلِّ شَهْرٍ مرَّةً . قال ابن بَرِّيَ : صوابُه أَن يقول : لأَنَّ القَمَر يُقَارِنُ الثَّريَّا في كلِّ سَنَةٍ مَرَّةً . وذالك في خَمْسَةِ أَيّامٍ من آذار ، وعلى ذالك قوْل أُسَيْدِ بن الحُلاحلِ :
إِذا ما قَارَنَ القَمَرُ الثُّرَيّا
البَيْت . وقال كُثَيِّر :
فدَعْ عنك سُعْدَى إِنّما تُسْعِفُ النَّوَى
قِرَانَ الثُّرَيَّا مَرّةً ثم تَأْفُلُ
قال ابن منظور : رأَيتُ بخطّ القاضي شمْسِ الدين أَحمد بن خلكّان : هاذا الذي استدركه الشيخُ على الجوهريِّ لا يَرِدُ عليه ، لأَنه قال : إِن القَمَرَ يَنْزِل الثُّريَّا في كلِّ شَهْرٍ مرَّة
____________________

(8/366)


ً وهاذا كلامٌ صحيحٌ ، لأَن القَمَرَ يَقطَع الفَلَكَ في كل شهرٍ مرَّةً ، ويكون كلَّ لَيلَةٍ في مَنْزِلةٍ ، والثُّريَّا من جُمْلَة المَنَازِل ، فيكون القَمَرُ فيها في الشَّهْر مرَّةً : ويقالُ : فُلانٌ إِنّما يأْتِي أَهْلَهُ العِدَّةَ ، أَي في الشَّهْر والشَّهْرَينِ وما تعرَّض الجوهريُّ للمقارَنةِ حتَّى يقولَ الشيخُ : صَوابُه كذا وكذا .
( *!والعَدْعَدَةُ : العَجَلَةُ والسُّرْعَةُ ) ، عن ابن الأَعرابيِّ . *!وعَدْعَدَ ( في المَشْيِ ) وغَيْرِه *!عَدْعَدَةً : أَسرَعَ .
( و ) العَدْعَدةُ : ( صَوْتُ القَطَا ) ، عن أَبي عُبَيْدٍ . قال : وكأَنَّهَا حِكايةٌ .
( وعَدْعَدْ : زَجْرٌ للبَغْلِ ) ، قاله أَبو زيدٍ ، قال وعَدَسْ مثلُه .
( وعَدِيدٌ ) كأَمِيرٍ : ( ماءٌ لِعَمِيرَةَ ) ، كسَفِينةٍ ، بطْن من كَلْب .
( *!والعُدُّ *!والعُدَّةُ بضمِّهما بَثْرٌ ) يكون في الوَجْه ، عن ابن جِنِّي ، وقيل : هما بَثْرٌ ( يَخْرُج في ) ، وفي بعض النُّسخ : على ( وُجُوهِ المِلَاحِ ) ، يقال : قد اسْتَمْكَتَ العُدُّ فأقْبَحْهُ ، أَي ابيضَّ رأْسُه فاكْسِرْه هاكذا فَسَّروه .
ومما يُستدرك عليه :
حكى اللِّحْيَانيُّ عن العرب : *!عَدَدتُ الدَّراهِمَ أَفراداً ووِحَاداً ، *!وأَعْددتُ الدَّرَاهِمَ أَفراداً ووِحَاداً ، ثم قال : لا أَدري ، أَمن العَدَدِ أَم من العُدَّةِ . فشَكُّه في ذالك يَدُلُّ على أَن *!أَعددْت لُغَةٌ في عَدَدْتُ ، ولا أَعرفها .
وعَدَدْتُ : من الأَفعالِ المتعدِّيَة إِلى مَفْعُولَيْنِ بعدَ اعتِقادِ حذفِ الوَسِيط ، يقولون : عَدَدْتُكَ المالَ ، *!وعَدَدْت لكَ المالَ . قال الفارسيّ : *!عددتُكَ *!وعَددْت لك ، ولم يَذكر المالَ .
*!وعادَّهم الشيْءُ : تَساهَمُوه بينهم فسَاوَاهُم ، وهم *!يَتعادُّون ، إِذا اشتَرَكُوَا فيما يُعادُّ فيه بعضُهم بعضاً من مَكارِمَ أَو غيرِ ذالك مت الأَشياءِ كُلِّهَا .
*!والعَدَائِدُ : المالُ المُقْتَسمُ والميراثُ .
____________________

(8/367)



وقول أَبي دُوَادٍ في صِفَة عرَسٍ :
وطِمِرَّةٍ كهِرَاوةِ الأَعْ
زابِ ليسَ لها *!عَدائِدْ
فسَّره ثَعلبٌ فقال : شَبَّهها بعصَا المُسَافِرِ ، لأَنها مَلْساءُ ، فكأَنَّ العَدائِدَ هنا العُقَدُ ، وإِن كان هو لم يُفَسِّرها .
وقال الأَزهريُّ : معناه ليس لها نَظَائِرُ .
وعن أَبي زيدٍ : يقال انقضَتْ عِدَّةُ الرَّجُلِ ، إِذا انقضَى أَجعلُه ، وجمعُهَا : *!العِدَدُ . ومثْله : انقضتْ مُدَّتُه . وجَمْعها المُدَدُ .
*!وإِعْدَادُ الشيْءِ ، *!واعتِدادُه ، *!واسْتِعْدَاده ، وتَعْداده : إِحضارُه .
*!والعُدَّةُ ، بالضّمِّ : ما *!أَعددْتَه لحوادِثِ الدَّهْرِ ، من المالِ والسِّلاحِ ، يقال : أَخَذَ للأَمْرِ عُدَّتَه وعَتادَه ، بمعنًى ، الأُهْبة ، قاله الأَخْفشُ .
وقال ابن دُرَيد : العُدَّة من السِّلاحِ ما *!اعتَدَدْته ، خَصَّ بِهِ السِّلاح لفظاً ، فلا أَدرِي : أَخَصَّه في المَعْنَى أَم لا .
والعِدَادُ ، بالكسر : يومُ العَرْضِ ، وأَنشد شَمِرٌ ، لجَهْم بن سَبَل :
مِنَ البِيضِ العَقَائِلِ لم يُقَصِّرْ
بِهَا الآباءُ في يومِ العِدَادِ
قال شَمِر : أَراد يومَ الفَخارِ *!ومُعادَّةِ بعضِهِم بعضاً .
*!والعِدَّانُ : جع *!عَتُودٍ . وقد تقدَّم .
وتَمَعْدَدَ الرجلُ : تَباعَدَ وذهَبَ في الأَرضِ ، قال مَعْنُ بنُ أَوْسٍ :
قِفَا إِنَّها أَمْسَتْ قِفاراً ومَنْ بِها
وإِن كانَ مِن ذِي وُدَّنَا قَدْ تَمَعْدَدَا
وهو من قولهم : مَعَدَ في الأَرضِ ، إِذا أَبْعَدَ في الذَّهابِ . وسيذكر في فصل : مَعَدَ مستوفًى .
عرد : ( العَرْدُ : الصُّلْبُ الشَّدِيدُ المُنْتَصِبُ ) من كلّ شيْءٍ ، قال العَجَّاج :
وعُنُقاً عَرْداً وَرَأْساً مِرْأَسَا
قال الأَصمعيُّ : عَرْداً أَي غَليظاً .
____________________

(8/368)



( و ) العَرْد : ( الحِمَارُ ) ، سُمِّيَ به لِغِلَظِ رَقَبَتِهِ .
( و ) العَرْد : ( الذَّكَرُ ) مطلقاً . وقيل : هو الذَّكَر الصُّلْبُ الشَّدِيد . وقيل : هو الذَّكَرُ ( المُنْتَشِرُ المُنْتَصِبُ ) المُتْمَهِلُّ الصُّلْب ، وجمْعه : أَعرادٌ ، قالت امرأَةٌ من العَرَبِ ، وقد ضَرَبت يدَهَا على عَضُدِ بنتٍ لها تُشير بِرَجُلٍ إِليها :
عَلَنْدَاةٌ يَئِطُّ العَرْدُ فِيهَا
أَطِيطَ الرَّحْلِ ذي الغَرزِ الجَدِيدِ
قال الراوي : فجعلتُ أُدِيمُ النظرَ إِليها فقالتْ :
فما لَكَ مِنْهَا غيرَ أَنَّكَ ناكِحٌ
بِعَيْنَيْكَ عَيْنَيْهَا فهَلْ ذاكَ نافِعُ
( و ) العَرْد : ( مَغْرَزُ العُنُقِ ) ، قال اللّيث : العَرْد : من كلِّ شيْءَ الصُّلْب المُنْتَصِبُ ، يقال : إِنه لَعَرْدُ مَغْرَزِ العُنِقِ ، قال العجَّاج :
عَرْدَ التَّارقِي حَشُورَاً مُعَقْرَبَا
( والعُرَدَةُ ، كَهُمَزَةٍ : ماءٌ عِدٌّ ) ، أَي قديمٌ ( لِبَنِي صَخُرٍ ) ، من بني طَيِّىءٍ ، ( أَو ) هي اسمُ ( هَضْبةٍ في أَصْلِهَا ماءٌ ) ، سُمِّيَتْ لانتِصابها أَو صَلابتِها .
( وعَرَدَ النَّبْتُ والنَّابُ وغَيْرُه ) ، ونصُّ عبارة أَبي حَنيفَةَ في كتاب النَّبَت ) : عَرَد النَّبْتُ يَعْرُد عُرُوداً ( طَلَعَ وارتَفَع ) وخَرَج عن نَعْمَته وغُضُوضَتِه فاشتَدَّ . قال ذو الرُّمَّة :
يُصَعِّدْنَ رُقْشاً بينَ عُوجٍ كأَنَّها
زِجَاجُ القَنَا منها نَجِيمٌ وعَارِدُ
وعَرَد النّابُ يَعْرُد عُرُوداً : خَرَجَ كلُّه واشتَدَّ وانتصَبَ ، وكذالك النَّبَاتُ . ونصُّ الجوهريِّ : عَرَدَ النَّبْتُ يَعرُد عُرُوداً ، أَي طَلَعَ وارتَفَع ، وكذالك النَّابُ وغيرُه ، ومنه قول لراجز :
تَرَى شُؤُون رأْسِها العَوارِدَا
( و ) عَرَدَ ( الحَجَرَ ) يَرُدُه عَرْداً : ( رمَاه ) رَمْياً ( بَعيداً ) .
( والعَرَدَاتُ ، مُحَرَّكةً : وادٍ لِبَجِيلةَ القَبِيلةِ المشهورةِ ، نقله الصاغَانيُّ .
____________________

(8/369)



( و ) عَرَادٌ ، ( كسَحَابٍ : نَبْتٌ ) صُلْبٌ مُنْتَصِبٌ .
( و ) العَرَاد : ( الغَلِيظُ العَاسِي ) المُشْتَدّ ( من النَّباتِ ) ، وفي اللسان ؛ العَرَادُ والعَرَادَةُ : حَشِيشٌ طَيِّبُ الرِّيحِ .
وقيل : حَمْضٌ تأْكُلُه الإِبلُ ، ومَنَابِتِ الرَّمْلُ ، وسُهُولُ الرَّمْلِ . وقال الرَّاعِي ووَصفَ إِبلَه :
إِذا أَخلَفَتْ صَوْبَ الرَّبِيعِ وَصَا لَهَا
عَرَادٌ وحَاذٌّ أَلْبسَ كُلَّ أَجوَعَا
وقيل : هو من نَحِيل العَذَاة ، واحدتُه : عَرَادَةٌ ، وبه سُمِّيَ الرَّجُلُ . قال الأَزْهَرِيُّ رأَيتُ العَرَادَةَ في البادِيَةِ ، وهي صُلْبَةُ العُودِ ، مُنتشِرةُ الأَغصانِ ، لا رائِحَةَ لها .
( و ) العَرَادَة ، ( كسَحَابٍ : الجَرَادةُ ) الأُنثى ، كذا في الصّحَاح .
قال شيخُنَا : وإِنما قَيَّدَهَا بذالك لأَن التاءَ للوحْدةِ ، فلا تدُلّ على التأْنِيثِ .
( و ) العَرَادَة : ( الحَالَةُ ) ، وفلانٌ في عَرَادَةِ خَيْرٍ ، أَي في حالِ خَيْرٍ .
( و ) العَرَادَة : اسم ( أَفْرَاس ) من خَيْلِ الجاهليةِ ( لأَبي دُوَادٍ الإِيادِيِّ ، وللرَّبِيع بنِ زِيادٍ الكَلْبِيّ ، ولِلْكَلْحَبةِ ) هُبَيْرَةَ بنِ عبد مناف ( العُرَنِيِّ ) ، والكَلْحَبَةُ اسمُ أُمّه ، قال الكَلْحَبةُ :
تُسَائِلُني بنو جُشَمِ بنِ بَكْرٍ
أَغَرَّاءُ العَرَادَةُ أَمْ بَهِيمُ
كُمَيْتٌ غَيْرُ مُحْفَةٍ ولاكنْ
كَلَوْنِ الصِّرْفِ علَّ بِهِ الأَدِيمُ
والصواب في فَرَسِ أَبي دُوادٍ : العَرَّادة ، بتشديد الراءِ ، والتخفيف وَهَمٌ . واقتصر الجوهريُّ على فَرس الكَلْحَبة .
( و ) عَرَادَةُ ( اسمُ رجُلٍ ) سُمِّيَ باسم النَّبَاتِ ( هَجاه جَرِير ) بنُ الخَطَفَى الشاعِرُ ، ومِن قولِهِ فِيه :
أَتاني عن عَرَادَةَ قَوْلُ سوْءٍ
فَلَا وأَبِي عَرَادَةَ ما أَصابَا
____________________

(8/370)



عَرَادَةُ من بَقِيَّةِ قَوْمِ لُوطٍ
أَلَ تَبًّا لِمَا صَنعُوا تَبَابَا
( و ) العَرَّادَةُ ، ( بالتشديد : شيْءٌ أَصغرُ من المَنْجَنِيقِ ) ، شَبِيهُهُ ، والجمْع العَرَّادَتُ .
( و ) عَرَّادَةُ : ( ة قُرْبَ نَصِيبِينَ ) ، بينَهَا وبينَ رأْسِ عَيْنٍ ، علَى رأْسِ تَلَ شِبْه القَلْعَة .
( و ) عَرَّادٌ ، ( ككَتَّانٍ فَرَسُ ماعِزِ بنِ مُجَالِدِ ) البَكَّائِيّ ، نقله الصاغانيُّ .
( و ) عَرَّادٌ : اسمُ ( جَدِّ والدِ ) أَبي عيسَى ( أَحمدَ بنِ محمّد بنِ موسى ) وقيل عيسى بن العَرَّاد ( المُحَدِّثِ ) البغداديّ ، عن أَبي همّام الوَلِيد بن شُجَاعٍ ، ويَحيَى بن أَكْثَم ، وعنه أَبو بكرٍ الشافعيُّ وغيره ، وُلِدَ سنة 225 ه وتُوفِّي سنة 352 ه .
( والعَرِيد : البَعِيدُ ) يَمَانِيَةٌ . ( و ) العَرِيد : ( العادَةُ ) يقال ما زالَ ذالك عَرِيدَه ، أَي دَأْبَه وهِجِّيرَاه ، عن اللِّحْيَانِيِّ .
كتاب م كتاب ( والمعُرُّوَنْدُ ، بضمتين والرّاءُ مُشَددة ) وسكون النون بعد واوٍ مفتوحة : ( حِصْنٌ بِصَنعاءِ اليَمَنِ ) عن الصاغانيِّ .
قال شيخُنَا : صرَّحَ أَهلُ الاشتقاقِ والتصريف بأَنَّ نونَه زائدةٌ ، لقولهم : عَرَّدَ ، إِذا نَزلَ ، ولفقْد نحو جُعُّفَرّ .
قلت : والذي يَظْهَر أَنَّ الواو زائدةٌ والنون بدلٌ عن الدّال ، وأَصْله عُرُدٌّ كعُتُلَ .
( والعِرْدادُ ، بالكسر : الفِيلُ ) لغِلَظِهِ وضَخَامَتِه .
( و ) العِرْدَادُ : ( الشُّجاعُ الصُّلْبُ ) من الرِّجَال .
( و ) العِرْدَادُ : ( هِرَاوَةٌ يُشَدُّ بها الفَرَسُ والجَمَلُ .
( والعَرَنْدَدُ ) كسَفَرْجَلٍ ، مُلْحَق به ( والعُرُنْدُ ، بالضمّ ) ، الصواب بضمتين : ( الصُّلْبُ ) الشَّدِيدُ مِن كُلِّ شيْءٍ ، نونُه بدلٌ من الدَّال ، ( كالعَرِدِ ،
____________________

(8/371)


كَكَتِفٍ ، و ) العُرُدّ مثل ( عُتُلَ ) .
قال الفرّاءُ : رُمْح عُرُدٌّ ووَتَرٌ عُرُدُّ : شَدِيدٌ . وأَنشد لِحَنْظَلَةَ بنِ سَيَّارٍ يومَ ذِي قارٍ :
ما عَلَّتِي وأَنا مُؤْدٍ جَلْدُ
والقَوْسُ فيها وَتَرٌ عُرُدُّ
مِثلُ جِرَان العَوْدِ أَو أشَدُّ
ويروى : مِثْلُ ذِرَاعِ البَكْرِ .
شَبَّه الوتَرَ بِذراعِ البَعِيرِ في تَوَتُّرِه .
وورَد هاذا أَيضاً في خُطْبَة الحَجَّاج . ويقال : إِنّه لَقوِيٌّ شَديدٌ عُرُدُّ .
وحَكَى سيبويهِ : وَتَرٌ عُرُنْدٌ ، أَي غَلِيظٌ ، ونَظِيرُه من الكلام : تُرُنْج .
( وعَرَّد ) الرَّجُلُ ( تَعْرِيداً ) : فَرَّ و ( هَرَب ، كعَرِدَ ، كسَمِع ) ، عن ابن الأَعرَابيِّ ، وعَرَّدَ الرَّجلُ عن قِرْنه ، إِذا أَحْجَمَ ونَكَلَ . وقيل : التَّعْرِيد : سُرْعَةُ الذَّهابِ في الهَزِيمةِ ، قال الشَّاعِرُ يَذْكُر هَزِيمةَ أَبي نَعَامَةَ الحَرُورِيِّ :
بِأَبِي نَعَامَةَ أُمُّ رَأْلٍ خَيْفَقُ
( و ) عَرَّدَ ( السَّهْمُ في الرَّمِيَّةِ ) تَعْرِيداً ، ذا ( نَفَذَ مِنْهَا ) ، أَي من الرَّمِيَّةِ ، قال ساعدةُ :
فجالَتْ وخَالَتْ أَنَّهُ لم يقَعْ بِهَا
وقد خَلَّهَا قِدْحٌ صَوِيبٌ مُعَرِّدُ
أَي نافذٌ . وخَلَّهَا ، أَي دَخَلَ فيها . وصَوِيبٌ : صائِبٌ ، قاصدٌ .
وقال لَبِيد :
فمضَى وقَدَّمَها وكانَتْ عادةً
منه إِذا هيَ عَردَتْ إِقْدَامُها
أَنَّث الإِقدام لِتَعَلّقِه بها ، كقوله :
مَشَينَ كما اهتَزَّتْ رِمَاحٌ تَسَفَّهَتْ
أَعَالِيَهَ مَرُّ الرِّياحِ النَّواسِمِ
( و ) عَرَّد ( فلانٌ ) تَعْيداً : ( تَرَكَ ) القَصْدَ من ( الطَّريق ) وانْحَرَفَ عنها ، وانهزمَ . ومن ذالك في الأَساس : عَرَّدَ عنه : انحَرَفَ وبَعُدَ . قال : وسَمِعْتُ في طَرِيقِ مَكَّةَ مَن يقول : ضَرَبْتُ البَعِيرَ فعَردَ عَنِّي .
____________________

(8/372)



( و ) عَرَّدَ ( النَّجمُ ) تَعريداً ( إِذا ارتَفَعَ ) قال الرَّاعِي :
بأَطْيَبَ من ثَوْبَيْنِ تأْوِي إِليهما
سُعادُ إِذا نَجُمُ السِّماكَيْنِ عَرَّدَا
أَي ارتَفعَ ، هاكذا فَسَّره شَمِرٌ .
وقال أَيضاً :
فجَاءَ بأَشْوالٍ إِلى أَهْلِ خُبَّةٍ
طَرُوقاً وقد أَقْعَى سُهَيْلٌ فعَرَّدَا
قال : أَقعَى ، أَي ارتفعَ ، ثُمَّ لم يبْرَحُ . ( و ) يقال عَردَ النَّجمُ تَعريداً ( إِذا مالَ لِلْغُرُوبِ أَيضاً بعد ما تَكَبَّدَ السَّماءَ ) ، هاكذا على وزْن تَقَبَّلَ ، وفي بعض النسخ : يُكَبَّدُ ، مَبْنِيًّا للمفعول من التَّفعيل ، قال ذو الرُّمَّة :
وهَمَّتِ الجَوْزاءُ بالتَّعْرِيدِ
وقال ذو الرُّمَّة ، يَصف ثَوْراً :
كأَنَّه العَيُّوقُ حِينَ عَرَّدا
عيَن طَرَّادَ وُحوشٍ مِصْيَدَا
وقال أَيضاً :
والنَّجْمُ بين القِمِّ والتَّعْرِيدِ
يَسْتَلْحِقُ الجَوْزَاءَ في صَعُودِ
يَعْنِي الثُّرَيَّا بين حِيالِ الرَّأْس ، وبين أَن يكونَ قد ارتفَعَ .
( أَي لم يَسْتَوِ النَّجْمُ على قِمَّةِ الرَّأْسِ ، أَي هو بين ذالك ) .
( و ) عَرْدَةُ ( كحَمْزَةَ : ع ) ، قال عَبِيد :
فَعَرْدَةٌ فقَفَا حِبرَ
ليسَ بها مِنْهُمُ عَرِيبُ
ويُرْوَى :
فَفَرْدَةٌ فقَفَا عِبِرَ
بالفَاءِ ، والعين ، ( والعَارِدُ : المُنْتَبِذُ
____________________

(8/373)


وقولُ حَجْلٍ ) بفتح فسكون ( مَوْلَى بَنِي فَزارَةَ ) كما قاله الأَصمعيُّ ، وقِيل لِرَجُلٍ من بَني أَسَدٍ . وفي حَوَاشِي ابنِ بَرِّيَ أَنه لأَبي محمّد الفَقْعَسِيّ :
صَوَّى لها ذا كِدْنةٍ جُلاعِدَا
لم يَرْعَ بالأَصْيافِ إلَّا فارِدا
تَرَى شُؤُونَ رأْسِه العَوَارِدَا
الخَطْمَ واللَّحْيَيْنِ والأَرَائِدَا
وحيثُ تَلْقَى الهَامَةُ الأَصائِدَا
مَضُبورةً إِلى شَباً حَدائِدا
والرواية : مأْرومة . وشَبَا حدائِدَا بالتنوين ، وغير التنوين ، ( أَي مُنْتَبِذَةً بعضُهَا من بَعْضٍ ) ، قاله ابن بُزُرْج ( أَو المُرَادُ : الغَلِيظَةُ ) .
قال ابن بَرِّيَ : ( وإِنشادُ الجوهريِّ ) تَرى شُؤونَ ( رَأْسِها ، غَلَطٌ ) ، والصواب رأْسِهِ ، كا قدَّمنا ( لأَنه يصف جَمَلاً ) وفي الحواشي : فَحْلاً . ومعنى صَوَّى لها : اخْتَار لها فحْلاً . والكِدْنَةُ : الغَلظُ والجُلاعِدُ : الشَّدِيدُ الصُّلْبُ .
ومما يستدرك عليه :
عَرَدَت أَنيابُ الإِبل : غَلُظَتْ واشتَدَّت .
وَعرَّدَ الرجلُ تَعريداً : قَوِيَ جِسْمُه بعْدَ المعرَضِ .
وعَرَدَت الشّجرةُ تَعرُد عُرُوداً ، ونَجَمَت نُجُوماً : طَلَعَتْ ، وقيل : اعْوَجَّتْ .
وفي النوادر : عَرَدَ الشَّجَرُ وأَعْرَدَ ، إِذا غَلُظَ وكَبُرَ .
وعَرَادٌ عَرِدٌ ، على المبالَغَةِ ، قال أَبو الهَيْثَ : تقولُ العربُ قيل للصَّبِّ : وِرْداً وِرْداً ، فقال :
أَصْبَحَ قَلْبِي صَرِدَا
لا يَشْتَهِي أَني رِدَا
إِلّا عَرَاداً عَرِدَا
وصِلِّيَاناً بَرِدَا
وعَنْكَثاً مُلْتَبِدَا
____________________

(8/374)



وإِنَّمَا أَراد : عارِداً وبارداً ، فحذفَ للضَّرُورَة .
ويقال : عَرَّدَ فُلانٌ بِحَاجَتِنا ، إِذا لم يَقْضِها .
ونِيقٌ مُعَرِّدٌ : مُرْتَفعٌ طَوِيلٌ ، قال الفَرَزْدَقُ :
وإِني وإِيَّاكُمْ وَمَنْ في حِبالِكُمْ
كمَنْ حَبْلُهُ في رَأْسِ نِيقٍ مُعَرِّدِ
وعَرِدَ ، كسَمِعَ : قَوِيَ جِسْمُه بعْد المَرَضِ .
وأَبو عِيسى أَحمدُ بنُ محمَّدِ بن مُوسَى العَرَّاد ، شَيْخٌ لابنِ عَدِيَ ، وسعِيدُ بنُ أَحْمَدَ العَرَّاد ، شيخٌ للدَّارَقُطْنيّ .
عربد : ( العِرْبعدُّ كقِرْشَبَ ) ، يعني : بكسر فسكون ففتح مع تشديد الدال ، ( وتُكْسَرُ الباءُ ) الموحَّدة : ( الشَّدِيدُ من كُلِّ شَيْءٍ ) ، يقال غَضَبٌ عِرْبِدٌّ ، أَي شَدِيد ، قال :
لَقَد غَضِبْنَ غَضَباً عِرْبِدَّا
( و ) العِرْبِدُّ ، بكسر الباءِ معَ تَشْدِيد الدال ، كما هو بخطّ الصاغانيِّ : ( الدَّأْبُ والعادةُ ) ، يقال ما زالَ ذاك عِرْبِدَّه ، أَي دَأْبَه وهِجِّيرَاه .
( والذَّكَرُ من الأَفَاعِيّ ) يُسَمَّى عِرْبَدًّا ، بفتح الباءِ .
( و ) العِرْبَدُّ ، بالوَجْهَيْنِ : ( حَيَّةٌ ) حَمْرَاءُ رَقْشَاءُ بكُدْرةٍ وسَواد ، ( تَنْفُخ ولا تُؤْذِي ) إِلّا أَن تُؤْذَى . قالَه أَبو خَيْرَة وابن شُمَيْل ، وهو على مِثْل سِلَّغْد مُلْحَق بجِرْدَحْلٍ ، ( أَو حَيَّةٌ حَمْرَاءُ خَبِيثَةٌ ) ، لأَنَّ ابنَ الأَعرابيِّ قد أَنْشَد :
إِنّي إِذَا ما الأَمرُ كان جِدَّا
ولم أَجِدْ من اقتحامٍ بُدَّا
لاقِي العِدَا في حَيَّةٍ عِرْبَدَّا
فكَيْفَ يَصِفُ نفسَه بأَنَّه حَيَّةٌ يَنفُخ العِدَا لا يُؤْذِيهِم . وهو ( ضِدٌّ ) ويقال من الأَخير اشتُقَّتْ عَرْبَدَةُ الشَّارِب .
( و ) يقال : ( رَكِبْت عِرْبَدِّي ) ،
____________________

(8/375)


بكسر الباءِ وفتحها ، ( أَي مَضَيتُ فلم أَلْوِ ) ولم أُعَرِّجْ ( على شيْءٍ ) . ويقال رَكِبَ عِصْوَدَّه وعِربَدَّه ، إِذا رَكِبَ رأْسَه .
( و ) العِرْبِدُ ( كَزِبْرِجٍ : الحَيَّةُ ) ، عن ابنِ الأَعرابيِّ . وزاد ثعلب : الخَفِيفةُ .
( و ) العِرْبِد : ( الأَرْضُ الخَشِنَةُ .
( و ) في الصّحَاح ، والأَساس وغيرِهما : ( العَرْبَدَةُ : سُوءُ الخُلُقِ ) .
( والعِرْبِيدُ ، بالكسر ) ، والعِرْبِدُ كزِبْرج ، ( والمُعَرْبِدُ : مُؤْذِي نَدِيمِهِ في سُكِرهِ ) ، ورجلٌ عِرْبِيدٌ ، ومُعَرْبِدٌ : شِرِّيرٌ مُشَارٌّ . وهو يُعَرْبِدُ على أَصحابِهِ عَرْبَدةَ السَّكْرَان .
عرجد : ( العُرْجُد ، كُرْقُعٍ وطُرْطُبَ وزُنْبُورٍ ) ، أَهمله الجوهريُّ . وقال ابنُ الأَعرابيِّ : هو ( عُرْجُونُ النَّخْلِ ) والجمع : العَرَاجِدُ .
( و ) العُرْجُودُ ، ( كَزُنْبُورٍ : أَوْلُ ما يَخرجُ من العِنَبِ كالثَّآلِيل ) ، عن ابن شُمَيْلٍ . قاله الأَزهريُّ .
وفي المحكم : العُرْجُود : أَصْلُ العِذْقِ من التَّمْرِ والعِنَبِ حتَّى يُقْطَفَا .
( وعَرْجَدَةُ : اسْم ) رجلٍ . عن الصاغانيِّ .
عرقد : ( العَرْقَدَةُ ، بالقَاف ) ، أَهمله الجَوهَريُّ . وقال الصاغانيُّ : هو ( شِدَّةُ الفَتْلِ ) ، أَي فَتْلِ الحَبْلِ ونَحْو من الأَشياءِ كُلِّها . والفَتْل ( بالفَاءِ ) ، وربَّمَا تَصحّف على بعضِهم ، فلذلك نبه عليه .
عزد : ( عَزَد جارِيَتَهُ ) ، أَهمله الجوهَرِيُّ . وقال الأَزهَرِيُّ : عَزَدَها ، ( كَضبَ ) يَعزِدُهَا عَزْداً : ( جامَعَهَا ) ، وكذالك دَعَزَها دعْزاً ، وهو مقلوبٌ .
عسد : ( عَسَدَ يَعْسِدُ ) ، أَهمَلَه الجوهريُّ ، وهو من حدِّ ضَرَب : ( سارَ ) في الأَرضِ ، هاكذا في سائرِ النُّسَخ ، وهو تَصْحِيف قَبِيح ، وقع فيه . وذلك أَنَّ ابنَ دُرَيْدٍ قال في الجمهرة ) . والعَسْد
____________________

(8/376)


أَيضاً : البَبْر . فَصحَّفَه المصنِّف بالسَّيْرِ ، ثم اشتَقَّ منه فِعْلاً فقال : عَسَد يَعْسِدُ ، إِذا سار . ولم أَرَ لأَحدٍ من أَئِمَّةِ اللُّغَةِ ذِكْرَ العَسْدِ بمعنى السَّيْر ، وإِنما هو البَبْر . فتأَمَّل ، وأَنْصِفْ .
( و ) قال ابنُ دُرَيْد : عَسَدَ ( الحَبْلَ ) يَعْسِدُه : ( فَتَلَه فَتْلاً شَدِيداً ( قال : وهاذا هو الأَصلُ في العَسْدِ .
( و ) عَسَدَ ( جارِيَتَهُ ) يَعْسِدها عَسْداً : ( جامَعَها ) لغةٌ في : عَزَدَ ، عن ابن دُرَيْد . ويقال : عَصَدَهَا وعَزَدَهَا .
( والعِسْوَدُّ ، كَقِثْوَلَ ) ، أَي بكسْر فسكون ففَتْح فتَشْديد الّلام : ( العَضْرَفُوطُ ) ، قالَه ابن شُمَيْلٍ ، قال الأَزهريُّ والعَضْرَفوطُ ( من العِظاءِ ) ، ولها قوائِمُ .
( و ) عن ابن الأَعرابيِّ : العِسْوَدُّ والعِرْبَدِّ ( الحَيَّةُ ) .
( و ) العِسْوَدُّ : ( القَوِيُّ الشَّدِيدُ ) من الأَجْمَال والرِّجال ، يقال : جَمَلٌ عِسْوَدٌّ : قَوِيٌّ شَدِيدٌ ، وكذالك الرَّجُل .
( و ) العسْوَدَّةُ ( بهاءٍ : دُوَيْبَّة بَيضاءُ ) كأَنَّها شَحْمةٌ ، تكون في الرَّمْلِ ( يُشَبَّهُ بها بنانُ العَذارَى ، ج : عَسَاوِدُ وعِسْوَدَّاتٌ ، وتُكَنَّى بِنْتَ النَّقَا ) أَي تُلَقَّب به .
قال شيخُنَا : وهاذا بِناءً على ما اشْتَهَرَ عند المتأَخِّرين من أَنَّ الكُنْيَةَ ما صُدِّر بأَبٍ أَو أُمَ ، أَو ابنٍ أَو بِنْت وإلَّا فالأَكْثَرُ من الأَقْدَمِين يُخَرِّجُون مثْل هاذا على اللَّقَبِ . قال الأَزهَرِيُّ : بِنْتُ النُّقَا غيرُ العَضْرَفُوطِ ، تُشْبِه السَّمَكَةَ . وقيل : العِسْوَدَّةُ تُشْبِه الحُكَأَةَ ، أَصغَرُ منها ، وأَدقُّ رأْساً ، سَوْداءُ غَبْراءُ .
ومما يستدرك عليه :
العَسْد : هو البَبْر ، نقلَه ابنُ دُرَيد . وقال الأَزهريُّ : وأَنا لا أَعرِفه .
والعسْوَدّ : دَسّاسٌ تكون في الأَنقاءِ .
زتَفرَّقَ القَوْمُ عُسادَيَاتٍ ، أَي في كُلِّ وَجْهٍ .
عسجد : ( العَسْجَدُ : الذَّهَبُ ، و ) قيل : هو
____________________

(8/377)


اسمٌ جاسِعٌ ، يُطْلَقُ على ( الجَوْهَرِ كُلِّه ، كالدُّرِّ والياقُوتِ .
( و ) قال المازِنِيُّ : العَسْجَد : ( البعِيرُ الضَّخْمُ ) ، واللَّطِيمُ : الصَّغِيرُ من الإِبل .
وفي الصحاح ، العَسْجَدُ : أَحدُ ما جاءَ من الرُّباعِيِّ بَغَيْرِ حَرْفٍ ذَوْلَقِيٍ . والحروف الذَّوْلَقِيَّةُ سِتَّةٌ : ثلاثةٌ من طَرَفِ اللِّسَانِ ، وهي : الرَّاءُ واللَّام والنُّون ، وثلاثةٌ شَفَهِيَّةٌ ، وهي : الباءُ والفَاءُ والميم . ولا تجد كلمةً رُبَاعِيَّةً ولا خُمَاسِيَّةً إِلَّا فيها حرْفٌ أَو حرْفانِ من هاذه الستةِ أَحرف ، إِلّا ما جاءَ نحو عَسْجد وما أَشبهه . انتهى . ومثله في ( سرّ الصِّناعَة ) لابن جِنّي ، والاقتراح ) . وفي مقدِّمات ( سفاءِ الغَليل ) .
وأَحسَنُ كلامِ العرب ما بُنِيَ من الحُرُوفِ المتباعدةِ المخارِجِ ، وأَخَفُّ الحُروفِ حُروفُ الذَّلَاقَةِ ، ولذا لا يَخلو الرُّباعي والخُمَاسيُّ منها إلَّا ( نحو ) عَسْجَد ، لِشَبَهِ السِّين في الصَّفير بالنون في الغُنَّة ، فإِذا وَرَدَت كلمةٌ رُباعيّةٌ ، أَو خُماسِيَّة ليس فيها شيْءٌ من حُروفِ الذَّلَاقةِ فاعلمْ أَنَّها غير أَصلِيَّة في العَرِبيَّة . انتهى .
قلتُ : ومن هنا أَخذَ مُلَّا على في ( النامُوس ) ، وحَكَم على عَسْجَد أَنَّه ليس بعربيَ ، وغَفَلَ عن الاستثناءِ ، وحَفِظَ شيئاً وغابَت عنه أَشياءُ . وفي كلامه في ( الناموس ) غلطٌ من وَجْهَين ، أَشار له شيخُنَا ، رحمه الله تعالى ، فراجِعْه .
( و ) قال ثعلب : اختلَفَ النّاسُ في العَسْجَدِ ، فرَوَى أَبو نَصْرٍ عن الأَصْمَعيِّ في قول غامانَ بنِ كَعْب بن عَمْرِو بن سَعْدٍ :
إِذَ اصْطَكَّتْ بِضَيْقٍ حَجْرَتَاها
تَلَاقَى ( العَسْجَدِيَّةُ ) واللَّطِيمُ
قال : العَسْجَدِيَّةُ منسوبةٌ إِلى سُوقٍ
____________________

(8/378)


يكون فيها العَسْجدُ ، وهو الذَّهَب ، وروَى ابنُ الأَعرابيِّ عن المفضَّل أَنه قال : العَسْجَدِيَّةُ منْسوبةٌ إِلى فَحْلٍ كَرِيمٍ ، يقال له : عسْجَدٌ . وقال غيره : وهو العَسْجَدِيُّ أَيضاً ، كأَنَّهُ من إِضافةِ الشيْءِ إِلى نفسِه .
وفي التهذيب : العَسْجَدِيُّ : ( فَرَسٌ ) لبني أَسَدٍ ( من نِتَاج الدِّينارِيِّ ) بن الهُجَيْس بن زاد الرَّكْب .
( و ) في الصّحاح : العَسْجَدِيَّة في قولِ الأَعشى :
فالعَسْجَدِيَّةُ فالأَبواءُ فالرِّجَلُ
( ع ) .
( و ) العَسْجَدِيَّة ( كِبَارُ الفُصْلانِ ) ، واللَّطِيمةُ : صغارُها .
( و ) العَسْجَدِيَّةُ : ( لإِبِلُ تَحمِلُ الذَّهَبَ ) ، قاله المازِني .
( و ) رُوِيَ عن الفضَّلِ : هي ( رِكَابُ المُلوكِ ، وهي إِبِلٌ كانَتْ تُزَيَّنُ للنُّعْمَانِ ) بنِ المُنْذِرِ .
وقال أَبو عُبَيْدةَ : هي رِكابُ المُلوكِ الّتي تَحْمِلُ الدِّقَّ الكَثِيرَ الثَّمَنِ ، ليس بِجَافٍ . وقال أَبو زيدٍ في نوادِره : عَسْجَدٌ : فَحْلُ من فُحول الإِبل ، وبه فسَّر البيتَ المذكور ، وكذالك قاله ابنُ الأَعرابيِّ في نوادره ، وزَيَّف قولَ من قال إِنها مَنسوبةٌ إِلى العَسْجَد ، أَي الذَّهَبِ .
عسقد : ( العُسْقد ، بالضمّ ) ، أَهمله الجوهريُّ ، وقال أَبو عَمرٍ و : هو : ( الطَّوِيلُ ) الطَّويلُ ، ( الأَحْمَق ) الأَحمق ، كذا قالَهُمَا مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْن . وقال الزجَّاجِيُّ في أَماليه : هو الطُّوَالُ فيه لَوْثَةٌ . .
( و ) العُسْقُد : ( التَّارُّ الجافِي الخُلُقِ ) من الرِجال . نقله الصاغانيُّ .
عشد : ( عَشَدَه يَعْشِدُهُ ) عَشْداً ، من حَدِّ ضَربَ . أَهمَلَه الجوهريُّ . وقال ابنُ دُرَيْدٍ ، إِذا ( جَمَعَهُ ) . كذا في التَّكْمِلة .

____________________

(8/379)


عصد : ( عَصَدَهُ يَعْصِدُهُ ) عَصْداً : ( لَوَاهُ ) ، فهو مَعْصُودٌ ، وعَصِيد ، ومنه العَصِيدة ، ( كأَعْصَدَهُ ) .
( و ) العَصْد والعَزد : النِّكاحُ ، لا فِعْلَ له . وقال كُرَاع : عَصَدَ الرّجلُ ( المَرْأَةَ ) يَعْصِدها عَصْداً ، وعَزَدَهَا عَزْداً : ( جامَعَهَا ) . فجاءَ له بِفِعْلٍ . ( و ) عَصَدَ ( فُلاناً ) عَصْداً : ( أَكرهَهُ على الأَمْرِ ) .
( و ) عَصدَ الرَّجُلُ ( كعَلِمَ ونَصَرَ عُصوداً : مات ) وأَنشد شَمِرٌ :
علَى الرَّحْلِ مِمَّا منَّهُ السَّيْرُ عاصِدُ
أَي مَيِّتٌ . وأَنكره اللَّيثُ وقال إِنَّمَا المُرَادُ بالعاصِدِ هنا : الَّذِي يَعْصِدُ العَصِيدةَ ، أَي يُدِيرُهَا ويُقَلّبها بالمِعْصَدة ، شَبَّهَ النَّاعِسَ به لِخَفَقان رَأْسِهِ .
( والعاصِدُ : جَمَلٌ يَلْوِي عُنُقَهُ عِنْد المَوْتِ نحوَ حارِكِهِ ) ، وقد عَصَدَ البَعِيرُ عُنُقَه يَعْصُدِه عُصُوداً .
( والعَصْدُ ) بفتح فسكون ؛ ( المَنِيُّ ) .
( و ) يقال ( أَعْصِدْني ) عَصْداً من ( حِمَارِكَ ) وعَزْداً ، على المُضَارَعةِ : ( أَطْرِقْنِي ) أَي أَعِرْني إِيَّاه لأُنْزِيَه على أَتانِي ، عن اللِّحْيَانيّ .
( والعَصِيدةُ ، م ) ، أَي معروفةٌ ، وهي الّتي تَعْصِدُها بالمِسْوَاطِ فَتُمِرّهَا به ، فتَنْقَلِب ، لا يَبْقَى في الإِناءِ شيْءً مِنْهَا إِلّا انْقَلَب . كذا قاله الجوهَرِيُّ . وفي حديث خَوْلَةَ : ( فَقَرَّبْتُ له عَصِيدةً ) وهو دَقيق يُلَتُّ بالسَّمْنِ ويُطْبَخ ، يقال عَصَدتُ العَصِيدَةَ ، وأَعْصَدتُها ، أَي اتَّخَذْتُها .
( وعَصِيدةُ ، لَقَبُ جماعَةٍ ) من المُحَدِّثين . وأَحمدُ بن عُبَيْد بن ناصِحٍ ، يُكْنَى أَبا عَصِيدةَ . رَوَى عن الوَاقِدِيِّ .
( و ) عَصْيَدٌ ( كَجِذْيَمٍ : المأْبونُ ) ، وبه فَسَّرَ بعضُهُم قولَ عنترة :
فَهَلَّا وَفَى الفَغْوَاءُ عَمْرُو بنُ جابِرٍ
بِذِمَّتِهِ وابنُ اللَّقِيطةِ عِصْيَدُ
____________________

(8/380)



ورجُل عَصْيَدٌ مَعُصُود ، نَعْتُ سَوْءٍ .
( و ) عِصْيَدٌ ( لَقَبُ حُذَيْفَةَ بنِ بَدْرٍ ) الفَزَارِيِّ ( أَو حِصْنِ بنِ حُذَيْفَةَ ) والدِ عُيَينَةَ ، وبها فَسَّرَ ابنُ دُرَيْدٍ البيتَ المذكور .
( و ) في نَوادر الأَعراب : ( يَوْمٌ ) عَطَرَّدٌ وعَطَوَّدٌ و ( عَصَوَّدٌ كشَمَردَلٍ ) ، أَي ( طويلٌ ) .
( و ) العِصْوَدُّ ( كَقِرْشَبَ : المَرْأَةُ الدَّقِيقةُ ) .
( و ) يقال : ( رَكِبَ ) فلانٌ ( عِصْوَدَّهُ ) وعِرْبَدَّهُ إِذا رَكِبَ ( رَأْسَهُ ) فلم يَلْوِ على شيْءٍ ولم يُعَرِّج .
( ورَجُلٌ ) عُصْوَادٌ ( وامرأَةٌ عُصوادٌ ، بالكسر وبالضّمّ ) في الرَّجُلِ والمرأَةِ ، أَي ( عَسِرٌ شِدِيدٌ ، صاحِبُ شَرَ ) ، وامرأَةٌ عُصْوادٌ كَثِيرَةُ الشَّرِّ ، قال :
يا مَيُّ ذاتَ الطَّوْقِ والمِعْضَادِ
فَدَتْكِ كُلُّ رَعبَل عُصْوادِ
نافِيةٍ للبَعْلِ والأَولادِ
بخُلُقٍ زَبَعْبَقٍ مِفْسادِ
( وقَوْمٌ عَصَاوِيدُ في الحَرْبِ : يُلازِمُونَ أَقْرَانَهُمْ ) ولا يُفَارِقُونَهُم ، وأَنشد :
لَمَّا رَأَيْتُهُمُ لا دَرْءَ دونَهُمُ
يَدعُونَ لِحْيَانَ في شُعْثٍ عَصاوِيدِ
( وعَصَاوِيدُ الكلامِ : ما الْتَوَى مِنْهُ ) وَرَكِبَ بَعْضُه بعْضاً ( و ) العَصَاوِيدُ ( من الظَّلامِ ) : المُخْتَلِطُ ( الكَثِيفُ المُتَرَاكِمُ ) بعْضُه على بعْضٍ ، ( وكذالكَ الإِبِلُ ) ، يقال : جاءَت الإِبِلُ عَصَاوِيدَ ، إِذَا رَكِبَ بعْضُها بعْضاً ، ( و ) العَصَاوِيدُ : ( العِطَاشُ ) من الإِبِلِ .
( وعَصْوَدُوا ) عَصْوَدَةً منذُ اليومِ ، ( وتَعَصْوَدُوا : صاحُوا واقتَتَلُوا ) ، ويقال : عَصُودَ القَوْمُ ، إِذا جَلَّبُوا واختَلَطُوا .
( ووِرْدٌ عِصْوادٌ ، بالكسر : مُتْعِبٌ ) ، الّذِي في اللّسَان : رَجُلٌ عِصْوادٌ
____________________

(8/381)


( مُتْعب ) وأَنشد الأَصمعيُّ :
وفي القَرَبِ العِصْوادِ لِلْعِيسِ سائِقُ
( و ) يقال : ( هُم في عِصْوادٍ ) بينهم ، يَعنِي البَلايَا والخُصُومَاتِ ، ووَقَعُوا في عِصْوادٍ ، أَي في ( أَمْرٍ عَظِيمٍ ) ويقال : تَركتُهم في عِصْوادٍ ، وهو الشَّرُّ ، من قَتْلٍ أَو سِبَابٍ ، أَو صَخَبٍ .
وفي المحكم : العُصْوادُ بالكسر ، والضّمّ : الجَلَبةُ والاختلاطُ في حَرْبٍ أَو خُصُومةٍ ، قال :
وتَرَامَى الأَبْطَالُ بالنَّظَرِ الشَّزْ
رِ وظَلَّ الكُمَاةُ في عُصْوادِ
قال اللَّيْث : العِصْوادُ : جَلَبَةٌ في بَلِيَّةٍ وعَصَدَتْهُم العَصَاوِيدُ : أَصابَتْهم بذالك .
وممَّا يستدرَك عليه :
المِعْصَد : ما يُعْصَدُ به .
وعَصَدَ السَّهْمُ : الْتَوى في مَرِّهِ ، ولم يَقْصِد الهَدَفَ . وأَعصَدَ العَصيدةَ : لَواها ، مثْل عَصَدَهَا .
قال الأَزهريُّ وقرأْتُ بخطّ أَبي الهَيْثَمِ في شِعْر المتلَمِّس ، يهجو عَمْرَو بنَ هِنْد :
فإِذا حَلَلْتُ ودُونَ بَيْتِي غَاوَةٌ
فابْرُقْ بأَرْضِكَ ما بَدَا لَكَ وارْعُدِ
أَبَنِي قِلَابَةَ لم تَكُنْ عَادَاتُكُمْ
أَخْذَ الدَّنِيَّةِ قبل خُطَّةِ مِعْصَدِ
قال أَبو عُبَيْدَة : يَعنِي عُصِدَ عمرُو بن هِنَدٍ ، من العَصْد والعَزْد ، يعْنِي منكوحاً .
وقال الصَّاغَانيُّ : ويقال هو مِعْصَد بنُ عَمْرٍ و الذي ( وَلِيَ ) قَتْلَ طَرَفةَ ، وأَكثرُ الرُّواةِ على أَنَّه مِعْضَد ، بالضاد مُعْجَمَةً .
وأَبو عُثْمَانَ إِسماعِيلُ بنُ عبد الرحمان العَصَائِدِيّ ، لعلَّ بعضَ أَجدادِه كان يَعْمَل العَصِيدةَ ، روَى عنه أَبو سَعْدٍ السّمعانِيّ . وبخَطِّ النَّوَوِيّ ، عن
____________________

(8/382)


ابن البَنَاءِ : بأَقْصَى الجَوْفِ قَصْرُ العَصَائد : قَرْيَة ، والنِّسْبَة إِليها عَصَائِدِيّ .
عصلد : ( العَصْلَدُ ) ، أَهمله الجوهريُّ وقال ابن دُرَيْد هو ( كجَعْفَرٍ ، و ) العُصْلُود ، مثل ( زُنْبُورٍ : الصُّلْبُ الشَّدِيدُ ) ، كذا في التكملة .
عضد : ( العَضْدُ ، بالفتح ) ، لُغَة تميم ، كما في المصباح ، و ( بالضّمّ وبالكسر ، وككَتِفٍ ) ، وهاذه لُغَة أَسَدٍ ، ( و ) الكلام الأَكْثر : العَضُد ، مثل ( نَدُسٍ ) وحكَى ثعلبٌ : العَضَد ، بفتح العين والضّاد ، كلٌّ يُذْكَّر ويُؤنَّث . ( و ) قال أَبو زيد : أَهلُ تِهَامَةَ يقولون : العُضُد ، مثْل ( عُنُقٍ ) ، ويذُكِّرون . وقرأَ بها الحَسَنُ في قوله تعالى : { وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلّينَ عَضُداً } ( الكهف : 51 ) وقال اللِّحْيَانيُّ : العَضُد مؤنّثةٌ لا غيرُ ، وهما العَضُدانِ وجمعها : أَعضادٌ ، لا يُكسَّر علَى غيرِ ذالِك . فهاذه سِتُّ لُغاتٍ ، ذكَرَها المصنِّفُ ، وأَغفل السابِعةَ ، وهي التَّحْرِيكُ ، عن ثعْلَب .
ولو قال : العَضُد ، كنَدْسٍ ، وكَتِفٍ وعُنُقٍ ، ويُثَلَّث ، ويُحَرَّك لكان أَوْفَق لقاعدتِهِ ، وأَمْيلَ لطريقتِه ، وفيه تقديم الأَفصحِ المشهورِ على غيرِه ، مع أَنَّ التَّثليث إِنَّمَا هو تخفيفٌ أَو إِتباعٌ على قياسِ أَمثالِه من المضمومِ ءَوسَطِ ، أَو المكسورِ ، وأَوردَه شيخُنَا أَيضاً ولم يَتعرَّضْ لقول ثعلبٍ ، كما أَغفَلَ المصباحُ السادسةَ .
وفي حديثه أُمِّ زَرْعٍ : ( وملأَ مِن شَحْمٍ عَضُدَيَّ ) العَضُد من الإِنسان وغيرِه : السّاعِدُ وهو ( ما بَيْنَ المِرْفَقِ إِلى الكَتِفِ ) ولم تُرِدْه خاصَّةً ، ولاكنَّهَ أَرادَت الجَسَدَ كُلَّه ، فإِنه إِذا سَمِنَ العَضُدُ سَمِنَ سائِرُ الجَسَدِ .
( والعَضُدَ ) بفتح فسكون ، من الطريق : ( الناحِيَة ) كالعِضادة ، بالكسر وعَضُدُ الإِبط ، وعَضَدُه كنَدُسٍ ، وَجَبَلٍ : ناحِيَتُه ، وقيل : كلُّ ناحِيَةٍ : عَضُدٌ وعَضَدٌ .
____________________

(8/383)



وأَعضادُ البَيت : نَواحِيه ، ويقال إِذا نَخَرَت الرِّيحُ من هاذه العَضُدِ أَتاكَ الغَيْثُ ، يَعنِي ناحِيَة اليَمَنِ .
( و ) من المجاز : العَضُد : ( الناصِر والمُعِينُ ) ، على المَثَلِ بالعَضُد من الأَعضاد ، وفي التنزيل : { وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلّينَ عَضُداً } ( الكهف : 51 ) أَي أَعْضاداً ، أَي أَنْصَاراً ، وعَضُدُ الرَّجلِ : أَنصارُه وأَوانُه ، وإِنَّا أَفْردَ لتَعتَدِلَ رؤُوسُ الآيِ بالإِفرادِ ، ويقال : فلانٌ عَضُدُ فُلانٍ وعِضَادَتُه ومُعاضِدُه ، إِذا كان يُعاوِنه ويُرافِقُه . وهو مَجاز .
( و ) يقال ( هم عَضُدِي وأَعْضادِي ) أَيضاً ، قال الأَحرد :
مَن كانَ ذَا عَضُدٍ تُدْرَكْ ظُلامَتُهُ
إِنَّ الذَّلِيلَ الذِي ليستْ لَهُ عَضُدُ
ويقال فَتَّ فُلانٌ في عَضُدِه وأَعْضَاده ، أَي كَسَرَ من نِيَّاتِ أَعوانِهِ ، وفَرَّقَهم عنه ، ( وفي بمعْنَى ( مِنْ ) ، ويقال قَدَحَ في ساقِهِ ، يعْنِي نَفْسَه .
( وأَعْضَادُ الحَوْضِ والطَّرِيقِ وغيرِه ما يُشَدُّ ) بالبناءِ للمعلوم والمجهول ، وبالسين المهملة والمعجمة ( حَوَالَيْهِ مِن البناءِ ) ، الواحدُ عَضَدٌ وعَضُدٌ .
وعَضُدُ البناءِ كالصَّفائِحِ المنصوبةِ حَوْلَ شَفِيرِ الحَوْض ، وعَضُدُ الحَوّضِ من إِزائِهِ إِلى مُؤَخَّرِه ، وإِزاؤُه : مَصَبُّ الماءِ فيه . وقيل عَضُدُه : جانِبَاه ، عن ابن الأَعرابيِّ ، والجمع : أَعضادٌ وحَوْضٌ مُثَلَّمُ الأَعضادِ ، وهو مَجاز ، قال لَبِيدٌ يَصِفُ الحَوْضَ الذي طالَ عهدُه بالوَارِدَةِ :
راسِخُ الدِّمْنِ على أَعضادِهِ
ثَلَمَتْهُ كُلُّ رِيحٍ وسَبَلْ
ويجمع أَيضاً على عُضُودٍ ، قال الراجز :
فأرْفَتٌ عُقْرُ الحَوْضِ والعُضُودُ
من عَكَرَاتٍ وَطَؤْها وَئِيدُ
( والعَضْدُ والعَضِيدُ : الطَّرِيقَةُ من
____________________

(8/384)


النَّخْلِ ) ، وفي الحديث ( أَنَّ سَمُرةَ كانت له عَضُدٌ من نَخْلٍ في حائِطِ رَجُلٍ من الأَنصار ) حكاه الهَرَوِيُّ في ( الغَرِيبَيْن ) أَراد طَريقةً من النخْل وقيل : إِنما هو عَضِيدٌ من النَّخْلِ . وقال غيره : العَضِيد : النَّخْلَةُ التي لها جِذْعٌ ، يَتَنَاولُ نه المُتَناوِلُ ، ( ج ) : عِضْدانٌ ( كغِرْبان ) ، قال الأَصمعيُّ : إِذا صار للنَّخْلَةِ جِذْعٌ يَتَنَاوَلُ منه المُتَناوِلُ فتِلْك النخلةُ العَضيدةُ ، فإِذا فاتَت اليَدَ فهي جَبَّارةُ .
( و ) من المجاز : ما لِسَمُرَتِهِ عاضِد ، ولا لسِدْرته خاضِد ، يقال : ( عَضَدَهُ ) أَي الشَّجَرَ ( يَعْضِدُهُ ) ، من حَدِّ ضرب ، عَضْداً ، فهو معضودٌ وعَضِيد : ( قَطَعَهُ ) بالمِعْضَدِ . وفي حديث تحريمِ المدينَة : ( نَهَى أَنْ يُعْضَد شَجَرُهَا ) أَي يُقْطَع . وفي حديثٍ آخَرَ : ( لَوَدِدْتُ أَنِّي شجرةٌ تُعْضَدُ ) : وعن ثعلب : عَضَدَ الشَّجَرَةَ : نَثَرَ وَرَقَها لإِبِله ، واسم ذالك الوَرَقِ : العَضَدُ .
( و ) من مَجاز المِجاز : عَضَدَه ( كنَصَره ) عَضْداً : ( أَعَانَهُ ونَصَرَهُ ) ، وفي كتب الأَمثال ما يَقْتضِي أَنه صارَ مُتَعارَفاً كالحقيقة ، قالوا : عَضَدَه إِذا صارَ له عَضُداً ، أَي مُعِيناً وناصِراً ، وأَصلُ العَضُد في اليَدَيْنِ ، فاستُعِيرَ للمُعِينِ ، ثم استَعْمَلوا مِن معناه الفِعْلَ ، ثم شاع حتَّى صارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةٌ .
قلْت : ولذا لم يذْكره الزَّمَخْشريّ في المَجَاز .
( و ) عضَدَه يَعْضِده عَضْدا : ( أَصابَ عَضُدَه . و ) عُضِدَ عَضْداً ، ( كُعنِيَ شكا عَضُدَه ) ، يَطَّرِد على هاذا بابٌ في جميعِ الأَعضاء .
والعَضِدُ ، ككَتِفٍ مَن دَنا مِن عَضُدَيِ الحَوْضِ ) : جانِبَيْهِ ، ( ومَن اشْتَكَى عَضُدَهُ . وحِمَارٌ ) عَضِدٌ : ( ضَمَّ الأُتُنَ من جَوانِبِها ، كالعاضِدِ ) ، نقله الصاغانيُّ .
( و ) العَضَدُ ، ( بالتحريك ) : ما عُضِدَ من ( الشَّجَر ) ، بمنزلة ( المَعْضُود ) ، كالعَضِيد ، أَي : ما قُطِعَ من الشَّجَرِ ، أَي يَضرِبُونه ليَسْقُطَ وَرَقُه فيتَّخذونه عَلَفاً لإِبِلِهم .
____________________

(8/385)



وفي حديث ظَبْيَنَ : وكان بنو عَمْرِو بنِ خالدٍ من جَذِيمةَ يَخْبِطُون عَضيدَهَا ، ويأْكُلون حَصِيدَها ) .
( و ) العَضَدُ : ( دَاءٌ في أَعَضادِ الإِبِلِ ) فَتُبَطُّ ، تقول منه : ( عَضِدَ ) البَعِيرُ ، ( كفَرِحَ ) ، فهو عَضِدُ . قال النابِغَةُ :
شَكَّ الفَرِيصةَ بالمِدْرَى فأَنفَذَها
شَكَّ المُبَيْطِرِ إِذْ يشْفِي من العَضَدِ
( و ) المِعْضَدُ ، ( كمِنْبَرٍ : مَا يُقْطَعُ بِه الشَّجَرُ ) ، كالمِعْضَادِ ، قال أَبو حنيفة : كُلُّ ما عُضِدَ به الشَّجرُ فهو مِعْضَدٌ ، قال ، وقال أَعرابِيٌّ : المِعْضَد عندنا : حَدِيدةٌ ثَقِيلةٌ ، في هَيْئةِ المِنْجَلِ يُقْطَع بها الشَّجَرُ .
( و ) المِعْضَد : ما شُدَّ في العَضُدِ من الحِرْزِ ، وقيل : هو ( الدُّمْلُجُ ) ، لأَنَّه على العَضُد يكونُ ، كالمِعْضَدَة . حكاه اللِّحْيَانيُّ ، والجَمْع : مَعاضِدُ .
( و ) المِعْضَدة ، ( بهاءٍ ) أَيضاً : ( هِمْيانُ الدَّراهِمِ ) ، وقال اللِّحْيَانيُّ : هو ما يَشُدُّه المُسَافِرُ على عَضُدِه ، ويَجْعَل فيها نَفَقَتَهُ .
( والعَاضِدُ : الماشِي إِلى جانِبِ دَابَّة ) عن يَمينِه أَو يَسارِه ، وتقول : هو يَعْضُدها : يكونُ مَرَّةً عن يمِينِها ، ومَرَّةً عن يسارِها لا يُفَارِقُها . وقد عَضَدَ يَعْضُدُ عَضْداً والبَعِيرُ مَعْضُودٌ ، قال الراجز :
ساقَتْها أَرْبَعَةٌ بالأَشطَانْ
يَعْضُدُها اثنانِ وَيَتْلوها اثْنانْ
ويقال : اعضُدْ بَعِيرَك ولا تَتْلُه .
( و ) العَاضِدُ : ( جَمَلٌ يَأْخُذُ عَضُدَ النَّاقَةِ فَيَتَنَوَّخُها ) ، يقال : عَضَدَ البَعِيرُ البَعيرَ ، إِذا أَخذَ بِعَضُدِه فصَرَعه وضَبَعَه ، إِذا أَخذ بِضَبْعَيْهِ .
( والأَعْضَدُ : الدَّقِيقُ العَضُدِ ، والّذِي إِحدَى عَضُدَيْهِ قَصِيرَةٌ ، ويَدٌ ، عَضِدَةٌ كَفَرِحَةٍ : قَصُرَتْ عَضُدُهَا ) .
وعَضُدٌ عَضِدَةٌ : قصيرةٌ .
( وعَضَدَ القَتَبُ البَعِيرَ ) عَضْداً :
____________________

(8/386)


( عَضَّهُ فَعَقَرَهُ ) ، قال ذو الرُّمَّة :
وهُنَّ على عَضْدِ الرِّحالِ صَوابِرُ
وعَضَدَتْها الرِّحَالُ ، إِذا أَلَحَّتْ عليها .
( و ) عَضُدُ الرَّكَائِبِ : ما حَوَالَيْهَا يقال : عَضَدَ ( الرَّكائِبَ ) يَعضُدها عَضْداً ، إِذا ( أَتَاهَا مِن قِبَلِ أَعضادِهَا ، وضَمَّ بعضَهَا إِلى بعضٍ ) : أَنشدَ ابنُ الأَعرابِيِّ :
إِذَا مَشَى لم يَعْضُدِ الرَّكائِبَا
( وغُلامٌ عَضَادٍ ، كرَبَاعٍ ) ، وشَنَاحٍ : ( قَصِيرٌ مُكَتَّلٌ مُقْتَدِرُ الخَلْقِ ) مُوَثَّقُهُ ، قال :
لعلَّكِ إِن زايَلْتنِي أَن تَبَدَّلِي
مِنَ القَوْمِ مِبْطَانَ القُصَيْرَى عَضَادِيَا
( وامرأَةٌ عَضَادٌ ) ، كسَحَابٍ ، ( وعَضَادٍ ) ، كرَباعٍ : ( غَلِيظَةُ العَضُدِ سَمْجَتُهَا ) كذا في نوادر الفَرَّاءِ .
( والعَضَادُ ، كَسَحَابٍ : القَصِيرُ من الرِّجالِ ) ، قاله المُؤرِّج ، وأَنشد قَوْلَ العُجَير السَّلُوليّ :
ثَنَتْ عُنُقاً لم تَثْنِهِ جَيْدَرِيَّةٌ
عَضَادٌ ولا مكْنُوزةُ اللَّحْمِ ضَمْزَرُ
الضَمْزَر : الغٍ ليظةُ اللَّئيمةُ ( و ) من ( النساءِ ) أَيضاً : عَضَادٌ ، عن المؤرِّج أَيضاً . ( و ) العَضَاد أَيضاً : ( الغَليظة العَضُدِ ) مِنْهُنّ ، ولا يَخْفَى ، أَنَّه مع ما قَبْلَه تَكرارٌ محْضٌ .
( و ) العِضَادُ ، ( ككِتَابٍ ) : ما شُدَّ في العَضُدِ من الحِرْز و ( الدُّمْلُج ، كالمِعْضَادِ ) والمِعْضَد ( و ) المِعْضَادُ ( حَدِيدةٌ كالمِنْجَلِ ) ليس لها أُشُرٌ ، يُربَطُ نِصَابُها إِلى عصاً أَو قَناةٍ ، ثم ( يَهْصُرُ بها الرَّاعِي فُروعَ ) غُصونِ ( الشَّجَرِ على إِبِلِه ) أَو غنمِه ، قال :
كأَنَّما تُنْحِي على القَتَادِ
والشَّوْكِ حَدَّ الفَأْسِ والمِعْضادِ
____________________

(8/387)



( وعُضْدانُ ، بالضّمّ ، قَلْعَةٌ باليَمَنِ ) من قِلَاعِ صنعاءَ ، نقله الصاغانيُّ .
( والمِعْضاد ) أَيضاً : ( سَيْفٌ للقَصَّابِ يَقْطَعُ به العِظَمَ ) ، عن ابن شُمَيلٍ . .
( و ) المِعْضَدُ والمِعْضاد : ( ما عَضَدْتَهُ في العَضُدِ مِنْ سَيْرٍ ونحْوِه ) ، كالحِرْزِ ، عن ابنِ دُرَيْدٍ ، ويقال له بالفارسية : بازُوبَنْد .
( و ) المِعْضاد : ( سَيْفٌ يُمْتَهَنُ في قَطْعِ الشَّجَرِ ، كالمِعْضَدِ ) ، أَنشد ثعلب :
سَيْفاً بِرِنْداً لم يَكُنِ مِعْضَادَا
( وعُضَيْدَةُ ) بنُ عَبَّاس ( الظِّهْرِيُّ ، كجُهَيْنَةَ : مُحَدِّثٌ ) ، منسوبٌ إِلى الظِّهْرِ بالكسر ، قال ابنُ الأَثِيرِ : وبَطْنٌ من حِمْيَر ، وسيأْتي ، يَرْوِي عن أَبِيه ، عن جَدِّه ، وعنه ابنُه يَعقوبُ بنُ عُضَيْدَةَ .
( اليَعْضِيدُ ، كَيَبْرِينَ ) ، وفي بعض النسخ : كيَقْطين : ( بَقْلَةٌ ) زَهرُها أَشدُّ صُفْرةً من الوَرْسِ . وقيل : هي من الشَّجَرِ ، وقيل : من بُقول الرَّبيعِ ، فيها مرارةٌ . كذا في المحكم . وقال أَبو حنيفة : هي بَقْلَةٌ من الأَحرارِ ، مُرَّة ، لها زَهرةٌ صَفراءُ ، تَشْتَهِيها الإِبِلُ والغَنَمُ ، والخَيْلُ أَيضاً تُعجَب بها وتُخْصِب عليها ، قال النابغةُ وَوصفَ خيلاً :
يَتَحَلَّبُ اليَعْضِيدُ من أَشْدَاقِها
صُفْراً مَناخِرُها من الجَرْجارِ
وقيل : هي الطَّرْخَشْقُوقُ ، وفي التهذيب : التَّرْخَجْقُوق .
( وَرَمَى فأَعْضَدَ ذَهَبَ يَمِيناً وشِمَالاً ، كعَضَّدَ تعَضيداً ) ، وهاذا مِمَّا استُدرِك به على اللِّسَان .
( و ) من المجاز : هُنَّ رافلاتٌ في الوَشْيِ المُعَضَّد . المُعضَّد ، ( كمُعَظَّمٍ : ثوبٌ لَهُ عَلَمٌ في مَوْضِعِ العَضُدِ ) مِن لابِسِهِ ، قال زُهَيْر ، يصف بقرةً :
فجالَتْ على وَحْشِيِّها وكأَنَّها
مُسَرْبَلَةٌ من رازِقِيَ مُعَضَّدِ .
____________________

(8/388)



وقيل : ثَوبٌ مُعَضد : مُخَطَّط على شَكْ العَضُدِ . وقال اللِّحْيَانِيُّ : هو الّذي وَشْيُه في جوانِبِهِ .
وفي الأَساس : ثَوبٌ مُعَضَّد : مُضلَّع .
( و ) المُعَضِّدُ ( كَمُحَدِّثٍ بُسْرٌ يَبْدُو التَّرْطِيبُ في أَحَدِ جانِبَيْهِ ) وبُسْرَةٌ مُعَضِّدة .
( واعْتَضَدْتُه : جَعَلْتُ في عَضُدِي ) واحتَضَنْته ، كتَعَضَّدْته ، ومنه قول الحَرِيرِيّ : اعتضَدَ شِكْوتَه ، وتَأَبَّط هِرَاوَتَه .
( و ) الاعتِضادُ : التَّقَوِّي والاستعانةُ ، يقال : اعتضَدتُ ( به ) ، أَي ( أستَعَنْت بِه ) .
( واستعضَدَ الشَّجَرةَ : عَضَدَها ) ، أَي قَطَعَها بالمِعْضَدِ ، عن الهَرَوِيّ .
( و ) استَعَضَدَ ( الثَّمَرَةَ : اجتَناها ) ، قال الهَرَويّ : ومنه حديث طَهْفَةَ : ( ونَسْتَعْضِدُ البَرِيرَ ) أَي نَقطه ونَجْنِيه مِن شَجَرِهِ للأَكْل . يقال : عَضَدَ واستَعْضَد ، وعَلَا واستَعْلَى ، وقَرَّ واستَقَرَّ .
( ورَجُلٌ عُضَادِيٌّ ، مُثَلَّثَةً ) ، الفتح والكسْر عن الكِسائِيِّ : ( عَظِيمُ العَضُدِ ) ، وأَعْضَدُ ، دَقِيقُها . وقد تقدَّم .
( والعَضَدِيَّةُ محرَّكَةً ماءٌ شَرْقِيَّ فَيْدَ ) ، وفي التكملة : غَرْبِيَّ فَيْدَ ، قَريبٌ من أَجَإِ وسَلْمَى .
( و ) العرب تقول : ( فَتَّ ) فُلانٌ ( في عَضُدِهِ ) ، إِذا ( كَسَر مِن نِيَّاتِ أَعوانِهِ ) ، وهم أَهْلُ بيتِه ، ( وفَرَّقَهُم عَنْهُ ) ، وقَدَح في ساقِه يَعْنُون نَفْسَه . و ( في ) بمعنى : ( من ) ، كقولِ امرىءِ القَيْسِ :
وهَلْ يَعِمَنْ مَن كَانَ آخِرُ عَهْدِهِ
ثَلاثِينَ حَوْلاً في ثَلاثةِ أَحوالِ .
أَي من ثلاثةِ أَحوالٍ .
( وتَعَاضَدُوا : تَعَاوَنُوا ) .
( وعَاضَدُوا ) مُعَاضدةً : ( عاوَنُوا ) ، وعاضَدَنِي فلانٌ على فُلانٍ : أَعانَنِي ، وهو مُعَاضِدُه : مُرَافِقُه ، ومُعَاوِنه ، كَعاضِدِه .
____________________

(8/389)



ومما يستدرك عليه :
في صِفَتِهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْه وسلَّم ( كانَ أَبيَضَ مُعَضَّداً ) . هاكذا رواه يَحْيَى بن مُعِين وهو المُوَثَّق الخَلْقِ . والمَحْفوظُ في الرِّواية ( مُقَصَّداً ) واستَعْمَل ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّةَ الأَعضادَ للنَّحْل ، فقال :
وكَأَنَّمَا جَرَسَتُ على أَعضَادِهَا
حَيْثُ استقَلَّ بها الشَّرَائعُ مَحْلَب
شَبَّه ما عَلى سُوقِهَا من العَسَلِ بالمَحْلَب .
وأَعضَد المَطَرُ وعَضَّدَ : بَلَغَ ثَرَاه العَضُدَ .
( والعِضَادُ ، ككِتَابِ من سِمَاتِ الإِبل وَسْمٌ في العَضُد عَرْضاً ، عن ابنِ حبيب من ( تذكرة ) أَبي عليَ ( وإِبلٌ مُعَضَّدَة مَوسومة في أَعْضادهَا . وناقَة أَعضَادٌ وهي التي لا تَرِدُ النَّضِيحَ حتَّى يَخْلُوَ لها تَنْصَرِم عن الإِبل ) ويقال لها القَذُورُ .
والعَضْد : القُوَّةُ ، لأَن الإِنسانَ إِنَّمَا يَقْوَى بعَضُده ، فسُمِّيَت القُوَّةُ به .
وفي التنزيل : { سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ } ( القصص : 35 ) قال الزّجَّاج : أَي سَنُعِ بِأَخِيك . قال : ولَفْظُ العَضُد على جِهَةِ المَثَلِ لأَنَّ اليَدَ قِوَامُهَا عَضُدَها .
واملِكْ أعَضادَ الإِبِلِ : قَوِّمْ مَسِيرَها ، حتَّى لا تَذهبَ يميناً ولا شِمالاً .
وفُلانٌ عِضَادَةُ فُلانٍ ، أَي لا يُفَرِقه . وهما من المَجَاز .
وعَضُدَا الرَّحْلِ خَشَبتان تَلْزَقانِ بواسِطَته ، وقيل : بأَسْفَلِ واسِطَتِه . وقال أَبو زيد : يقال لأَعْلَى ظَلِفَتَي الرَّحْلِ مِمَّا يلِي العَرَاقِيَ : الَضُدانِ ، وأَسْفَلِهما : الظَّلِفَتانِ ، وهما ما سَفَلَ من الحِنْوَيْنِ ، الواسِطِ والمُؤَخَّرةِ .
وعَضُدُ النَّعْلِ ، وعِضَادَتاهَا : اللَّذَانِ يَقَعَانِ على القَدَمِ . وعِضادَتَا البابِ الإِبْزِيمِ : ناحِيَتَاه ، وما كان نحْوَ ذالك فهو العِضَادة . وعِضَادَتا الباب : الخَشَبَتَانِ المَنْصُوبتانِ عن يَمِينِ
____________________

(8/390)


الداخِلِ منه وشِمَاله . والعِضادَتانِ : العُودانِ اللَّذَانِ في النِّير الّذِي يكون على عُنُقِ ثَوْرِ العَجَلَةِ . والوَاسِطُ : الّذِي يكونُ وَسْطَ النِّير .
والعاضِدَانِ : سَطْرَانِ من النَّخْل على فَلَجٍ .
ورَجلٌ عَضُدٌ وعَضِدٌ وعَضْدٌ ، الأَخيرةُ عن كُرَاع : قَصِيرٌ .
والعَوَاضِد : ما يَنْبُت من النَّخْلِ على جانِبَيِ النَّهرِ .
وقال النَّضْر : أَعضادُ المَزارِعِ : حُدودُهَا ، يعني الحدُودَ الّتي تكون فيما بينَ الجارِ والجارِ كالجُدْرَانِ في الأَرَضِينَ .
وفي الأَساس ، في المجاز : وارْفَعْ أَعْضَادَ الدَّبْرَةِ ( وهي ) جُدُرُهَا التي تُمسِكُ الماءَ .
ووَقَفا كأَنَّهُما عِضادَتانِ .
ودَارَةُ اليَعْضِيد : من دارَاتِهم ( و ) ونَاقةٌ عَضَادٌ ، وهي الّتي لا تَرِدُ النَّضِيحَ حتَّى يَخْلُو لَهَا ، تَنْصَرِمُ عن الإِبل .
وقال أَبو زيد : يقال إِذا نَخَرَت الرِيحُ من هاذه العَضُدِ أَتاكَ الغَيْث ، يعنِي ناحِيَةَ اليَمنِ .
وسَمَّوْا مِعْضاداً ، كمِحْرَابٍ .
عطد : ( العَطَوَّدُ ، كعَمَلَّسٍ : الشَّدِيدُ الشَّاقُّ ) من كلّ شيْءٍ ، يقال : سَفَرٌ عَطَوَّدٌ ، أَي شاقُّ شديدٌ ، وقيل : بَعِيدٌ ، قال :
فقَدْ لَقِينَا سَفَراً عَطَوَّدَا
يَتْرُكُ ذا اللَّوْنِ البَصِيصِ أَسْوَدَا
قال ابنُ دُرَيْد : العَطْد : أَصلُ بناءِ العطَّوَّد . قال الصاغانيُّ : وقوله هاذا يدُلُّ على أَن العَطَوَّد فَعَوَّل ، والواو زائدة ، وهو ثلاثيٌّ ذو زِيادةٍ ( و ) العَطَوَّد ( السَّيْرُ السَّرِيعُ ) قال :
إِليكَ أَشْكُو عَنَقاً عطَوَّدَا
____________________

(8/391)



وقد حُكِيَ ذالك بالراءِ ، بدل الواو ، وسيأْتي .
قال الأَزهريُّ : وهو مُلْحَق بالخُماسيِّ .
( و ) عن ابن شُمَيْلٍ : العَطَوَّدُ ( من الطُّرُقِ : البَيِّنُ اللَّاحِبُ يُذْهَبُ فيه حيثُما يُشاءُ .
( و ) العَطَوَّدُ ( من الرِّجالِ : النَّجِيبُ .
( و ) العَطَوَّدُ ( من الجِبَالِ والأَيَّامِ الطَّوِيلُ ) ، المُرْتَفعُ ، يقال : جَبَلٌ عَطوَّدٌ ، وعَصَوَّدٌ ، وَعطَرَّدٌ ، أَي طَوِيلٌ .
( و ) العَطَوَّدُ ( من السِّنَانِ : المُذَلَّقُ ) .
( و ) العَطَوَّدُ ( من السِّنِينَ الكَرِيتُ . و ) يقال ( ذهب يَوماً عَطَوَّداً ) تامًّا ، وقال الأَزْهَرِيُّ : يوماً ( أَجْمَعَ ) وأَنشد :
أَقِمْ أَدِيمَ يَومِهَا عَطَوَّدَا
مِثْلَ سُرَى لَيْلَتِهَا أَو أَبْعَدا
عطرد : ( العَطَرَّدُ ، كعَمَلسٍ ، العَطَوَّد في معانِيهِ ) ، يقال : رجُلٌ عَطَرَّدٌ ، ويومٌ عَطَرَّدٌ ، وجَبَلٌ عَطَرَّدٌ ، وطَرِيقٌ عَطَرَّدٌ : ممْتَدٌّ طَوِيلٌ د ، وسِنَانٌ عَطَرَّدٌ ، وشَأْوٌ ، عَطَرَّدٌ .
( وعُطارِد ) ، بالضّمّ : كوْكَبٌ لا يُفارقُ الشَّمْسَ . قال الأَزهريُّ : وهو كَوْكَبُ الكُتَّاب .
وقال الجَوْهريُّ : هو ( نَجْمٌ من الخُنَّسِ ) قيل : ( في السّمَاءِ السادِسَةِ ) ، قال الشيخ عليٌّ المَقْدِسِيّ في حواشيه : هاذا غلطٌ ، والمشهور أَنّه في السماءِ الثانية ( يُصْرَفُ ويُمْنَعُ ) ، قال شيخُنا : يحتاج إِلى نَظَرٍ في مُوجِب المَنْعِ مع العَلَمِيَّة .
( و ) عُطَاردُ بنُ عَوْفٍ : حيٌّ من سَعْدٍ ، وهو اسْمُ ( رَجُلٍ من بَنِي تَمِيمٍ ، رَهْطِ أَبي رَجَاءٍ عِمْرانَ بنِ
____________________

(8/392)


مِلْحَانَ ) العُطَارِدِيّ ، وقيل : أَصلُه من اليَمَنِ ، سَبَاه بَنو عُطَارِدٍ ، فنُسِب إِليهم .
( و ) عُطَارِدُ ( بنُ حاجِبِ بنِ زُرَارَةَ ) بن عُدَسَ بن عَمْرو بن سَعْد ( صاحِبُ الحُلَّةِ التي رآهَا عُمَرُ ) بنُ الخَطَّابِ ، رضي الله عنه ، ( تُبَاعُ في السُّوقِ ، فقال للنَّبيِّ صلَّى اللّهُ عليْه وسلَّم : اشْتَرِهَا تَلْبَسُها يومَ الجُمْعَةِ ) ، وهاذه الحُلَّة جاءَ بها من كِسْرى ، وأَهْدَاهَا لِرسُولِ اللّهِ ، صلَّى اللّهُ عليْه وسلَّم ، كما سيأْتي في : قوس . ويقال له أَيضاً : ذُو القَوْسِ ، ومن وعلَدِهِ أَبو عُمَرَ أَحمدُ بن عبدِ الجَبَّار بنِ محمد بن عُمَيرِ بنِ عُطَارِد ، كُوفيٌّ ، حَدَّث ببغدادَ .
( و ) يقال ( عَطْرِدْه لَنَا ) عنْدَك . ( و ) كذالك ( اجْعَلْنه لنا عُطْروداً ، بالضّمّ ) ، أَي ( صَيِّرْه لنا عِنْدَكَ كالعِدَةِ ) ، مصدر : وَعَدَ . وعليه اقتصَرَ أَئِمَّةُ الغَرِيبِ ، ( أَو كالعُدَّةِ والعَتَادِ ) ، كما هو نَصُّ ( المُحِيط ) لابن عَبَّاد .
ونَاقَةٌ عَطَرَّدَةٌ : مُرْتَفِعَةٌ .
وأَبو سُفْيَان طَرِيفُ بنُ سُفْيَانَ العُطَارِديُّ ، ضَعَّفَه يَحيى القَطَّانُ .
وعَرْفَجَة بن سَعْدٍ العُطَارِدِيُّ ، رَوَى وحَدَّثَ .
عفد : ( عَفَدَ يَعْفِدُ عَفْداً وعَفَدَاناً ) ، أَهمله الجوهريّ ، وقال أَبو خَيْرَةَ : إِذا طَفَر ، يَمَنِيَةٌ . وقيل : هو إِذا ( صَفَّ رِجْلَيْهِ فَوَثَبَ من غيره عَدْوٍ ) .
( والعَفْدُ ) ، بفتح فسكون : ( الحَمَامُ ) بعَيْنِه ، ( أَو طائِرٌ يُشبِهُهُ ) ، والجمع : عُفْدانٌ .
( و ) عن أَبي عَمْرٍ و : ( الاعْتفادُ : أَن يُغْلِقَ ) الرَّجُلُ ( بَابَهُ على نَفْسِهِ فلا يَسأَلَ أَحداً حتَّى يَمُوتَ جُوعاً ) وأَنشد :
وقائلةٍ ذا زمانُ اعتفادْ
ومَنْ ذَاك يَبْقَى على الاعْتِفادْ
وقد اعتَفَدَ يَعْتَفِد اعتفاداً ، ( وكانُوا يَفْعَلُون ذالكَ في الجدْبِ ) ، وقال
____________________

(8/393)


شَمِرٌ : قال محمّد بن أَنس : كانوا إِذا اشْتَدَّ بهم الجُوع ، وخافُوا أَن يَمُوتُوا ، أَغلَقُوا عليهم باباً ، وجَعَلُوا حَظِيرَةً من شَجَرَةٍ ، يَدْخُلون فيها لِيَمُوتُوا جُوعاً . قال : ( ولَقِيَ رَجْل جارِيَةً تَبْكِي ، فقال ) لها : ( مالَكِ ؟ فقالَتْ : نُرِيدُ أَن نَعْتَفِدَ ) قال : وقال النَّظَّارُ بنُ هاشمٍ الأَسَدِي :
صاحَ بهمْ على اعتِقَادٍ زَمانْ
مُعْتَفَدٌ قَطَّاعُ بَيْنِ الأَقْرانُ
قال شَمِر وَجدتُه في كتاب ابن بُزُرْج : اعتَقَد الرجُلُ ، بالقاف ، ( وَآطَمَ ) وذالك أَن يُغْلِقَ عليه باباً ، إِذا احتاجَ ، حَتَّى يَمُوتَ .
( واعتَفَدَ كذا اعتَقَدَهُ ) ، وسيأْتي .
عقد : ( عَقَدَ الحَبْلَ والبَيْعَ والعَهْدَ يَعْقِدُهُ ) عَقْداً فانعَقَدَ : ( شَدَّهُ ) .
والذي صَرَّحَ به أَئِمَّةُ الاشتِقَاقِ : أَنَّ أَصلَ العَقْدِ نَقِيض الحَلِّ ، عَقَدَه يَعْقِده عَقْداً وتَعْقَاداً ، وعَقَّده ، وقد انْعَقد ، وتَعَقَّدَ ، ثم اسْتْعْمِل في أَنْواعِ العُقُودِ من البُيوعاتِ ، والعُقُود وغيرها ، ثم استْعُمِل في أَنْوَاعِ العُقُودِ من البُيوعاتِ ، والعُقُود وغيرها ، ثم استْعْمِل في التصميم والاعتقادِ الجَازِم . وفي اللِّسَان : ويقال عَقَدْتُ الحَبْلَ فهو مَعْقُود ، وكذالك العَهْد ، ومنه عُقْدةُ النِّكَاح ، وانعقَد الحَبْلُ انعقاداً . ومَوْضِعُ اعَقْده من الحَبْل : معْقَد ، وجَمْعُه : المَعَاقِدُ . وعَقَدَ العَهْدَ ، واليَمِينَ ، يَعْقِدُهما عَقْداً وعَقَّدهما : أَكَّدَهما .
قال أَبو زَيْد في قوله تعالى : { وَالاْقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ } ( النساء : 33 ) وعَاقَدَت أَيمانُكُم . وقد قُرِىء : عَقَّدت ، بالتشْدِيد ، معناه التَّوكِيدُ والتَّغْلِيظُ ، كقولِهِ تعالَى : { وَلاَ تَنقُضُواْ الاْيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } ( النحل : 91 ) ( و ) قال إِسحاقُ بن فَرج : سَمِعت أَعرابِيًّا يقول : قَدَ فُلانٌ ( عُنُقَهُ إِليه ) ، أَي إِلى فُلان ، إِذا ( لَجَأَ ) إِليه وَعَكَدَها كذالك . ( و ) عَقَدَ ( الحاسِبُ ) يَعْقِد عَقْداً : ( حَسَبَ ) .
____________________

(8/394)



( والعَقْدُ بفَتح فسكونٍ ) : الضَّمَانُ ( والعَهْدُ ) جمْعُه : العُقُود . وقوله تعالى : { يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ } ( المائدة : 1 ) قيل : هي العُهُودُ ، وقيل : هي الفَرائِضُ الْتي أُلْزِمُوها . وقال الزَّجَّاج أَوْفُوا بالعُقُود ، خاطَبَ اللّهُ المؤمنِين بالوَفَاءِ بالعُقُودِ الّتي عَقَدَهَا اللهُ تعالى عليهم ، والعُقُودِ التي يَعْقِدُهَا بعضُهم على بعضٍ ، على ما يُوجِبُه الدِّينُ .
( و ) العَقْدُ : ( الجَمَلُ المُوَثَّقُ الظَّهْرِ ) ، قال النابِغَة :
فكيفَ مَزَارُهَا إِلَّا بَعْقدٍ
مُمَرَ ليس يَنْقُضُه الخَؤُونُ
( و ) العَقَدُ ، ( بالتَّحْرِيكِ ، قَبِيلةٌ مِن بَجِيلَةَ أَو اليَمَنِ ) ، يَعْنِي قيساً ، ذَكَرَهَا بنُ الأَثِير ، ( منها بِشْرُ بنُ مُعَاذٍ ) العَقَدِيّ . ( وأَبو عامرٍ عبدُ المَلِك ابنُ عَمْرو ) بنِ قَيْسٍ البَصْرِيّ . قال الحاكم : يُنْسَب إِلى العَقَد مَولَى الحارِث بن عُبَادِ بن قَيْسِ بن ثَعْلَبةَ بنِ بَكْرِ بن وائِلٍ ، ومثله قال ابنُ عبد البَرِّ والرّشاطيّ ، وأَبو عليّ الغَسَّانيّ ، وكلُّهم اتفَقُوا على أَنه عَقدِيٌّ ، وأَنَّه مِن قَيْسٍ . فتحصَّلَ من أَقوالِهِم تَرْجِيع القَوْلِ الأَخِيرِ . والله أَعلم .
( و ) العَقَد : ( عُقْدَةٌ في اللِّسَانِ ) وهو الالْتِواءُ والرَّتَجُ .
و ( عَقِدَ ) الرَّجلُ ( كفَرِحَ فهو أَعْقَدُ وعَقِدٌ ) : في لِسَانِه عُقْدَة ، وعَقِدَ لسانُه يَعْقَدُ عَقَداً .
( و ) قال ابنُ الأَعرابيِّ : العَقَد ( تَشَبثُ ظَبْيَةِ اللَّعوَةِ بِبُسْرَةِ قَضِيبِ الثَّمْثَمِ ) ، هاكذا أَورَدَه في نوادِرِه . وقد فَسَّرَه الصاغانيُّ ، وقلَّدَه المصنِّف بقوله : ( أَي تَشَبُّثُ حَيَاءِ الكَلْبِ بِرأْسِ قَضِيبِ الكَلْبِ ) فإِنَّ الثَّمْثَم كلْبُ الصَّيْدِ ، واللَّعْوة : الأُنثَى وظَبْيَتُها : حَياؤُهَا .
( و ) العَقَدَة ( بهاءٍ : أَصْلُ اللِّسانِ ) وهو ما غَلُظَ منه . وكذالك العَكَدَةُ .
( و ) العَقَدُ ، ( ككَتِفٍ وحَبَلٍ : ما تَعقَّدَ من الرَّمْلِ وتَرَاكَمَ ، واحدُهما بهاءٍ ) ، والجمع أَعقادٌ . وقيل :
____________________

(8/395)


العَقَدُ تَرَطُّب الرَّمْلِ من كثْرةِ المَطَرِ .
( و ) العَقِد ( كَكَتِفٍ : الجَمَلُ القَصِيرُ الصَّبُورُ على العَمَلِ ) ، عن ابنِ الأَعْرَابيِّ . وقال غيره : جَمَلٌ عَقِدٌ : قَويٌّ .
( و ) العَقِدُ : ( شَجَرٌ وَرَقُهُ يُلْحِم الجِرَاحَ ) لخاصِّيَّةٍ فيه .
( والعِقْدُ ، بالكسر : القِلادَةُ ) ، وهي الخَيْطُ يُنْظَمُ فيه الخَرَزُ ، ( ج : عُقُودٌ ) ، وقد اعتَقَدَ الدُّرَّ والخَرَزَ وغيرَه ، إِذا اتَّخَذَ منه عِقْداً ، قال عَدِيُّ بن الرِّقاعِ :
وما حُسَيْنَةُ إِذْ قامَتْ تُوَدِّعُنا
لِلْبَيْنِ واعتَقَدَتْ شَذْراً ومَرجَانَا
( و ) عن سيبويه : يقال ( هو منِّي ) ، وفي الأَساس هِيَ مِنّي ( مَعْقِدَ الإِزارِ ) ، ومَقْعَدَ القَابِلَةِ ، ( أَي قَرِيبُ المَنْزِلَةِ ) أَي بتلْكَ المَنْزِلةِ في القُرْبِ ، فحَذَف وأَوْصَل ، ومن الظُّرُوفِ المُخْتَصَّةِ الّتي أُجْرِيَتْ مُجْرَى غيْرِ المُخْتَصَّةِ ، كالمكانِ وإِن لم يكن مَكاناً ، وإِنَّمَا هو كالمَثَلِ .
( والعَاقِدُ حَرِيمُ البِئرِ وما حَوْلها ) . أَي للبئرِ ، وفي المحكم : وما حَوْلَه ، أَي الحَيمِ ، وهو الصّوابُ .
( وَظَبْيٌ ) عاقدٌ : ( ثَنَى عُنُقَهُ ) للنَّوْمِ ، ( أَو وَضَعَ عُنُقَهُ على عَجُزِهِ ) ، قال ساعِدةُ بن جُؤَيَّةَ :
وكأَنَّمَا وافَاكَ يَومَ لَقِيتَها
مِنْ وَحْشِ مَكَّةَ عاقِدٌ مُتَرَبِّبُ
والجمْع : العاقِدُ ، قال النَّابِغَةُ الذُّيانِيُّ :
حِسانِ الوُجُوهِ كالظَّباءِ العَوَاقِدِ
( و ) العاقِدُ ، وفي التكملة : العاقِدةُ : ( الناقَةُ الّتي ) أَرْتَجَتْ على ماءِ الفَحْلِ ، وذالك حِينَ تَعْقِدُ بِذَنَبها فَيُعْلَمُ أَنَّها قد حَمَلَت ، و ( أَقَرَّتْ باللِّقَاحِ ) أَنشد ابنُ الأَعرابيِّ :
جِمَالٌ ذاتُ مَعْجَمَ وبُزْلٌ
عَوَاقِدُ أَمْسَكَتْ لَقَحاً وحُولُ
( والعَقْدَاءُ : الأَمَةُ ، الشّاةُ الّتي
____________________

(8/396)


ذَنَبُهَا كأَنَّه معْقُودٌ ) ، وذالك الالتواءُ فيه يُسَمَّى : العَقَدَ ، محرّكةً .
( والعُقْدَةُ ، بالضّمّ : الوِلايةُ على البَلَدِ ، ج ) : العُقَدُ ( كَصُرَدٍ ) ، وفي حَدِيثِ قَيْسِ بن عَبَّادٍ ، قال : ( كنْتُ آتِي المدينَةَ فأَلقَى أَصحابَ رسولِ اللّهِ ، صلَّى اللّهُ عَلَيْه وسلَّم ، وأَحَبّهم إِليَّ عمرُ بنُ الخطّابِ ، وأُقِيمَتْ صلاة الصُّبْحِ فخرَجَ عُمَرُ ، وبينَ يَدَيْهِ رجُلٌ ، فنظَرَ في وُجُوهِ القَوم فعرَفَهم غَيْري ، فدفَعَنِي من الصَّفِّ وقام بمَقَامِي ، ثم قَعَد يُحَدِّثنا ، فما رأَيتُ الرِّجالَ مَدَّت أَعناقَها مُتَوجِّهة إِليه ، فقال : هَلَكَ أَهْلُ العُقَدِ ورَبِّ الكَعْبَةِ ، قالها ثلاثاً ، ولا آسَى عليهم إِنما آسَى علَى مَن يَهْلِكون من الناسِ ) . وفسَّره أبو منصور قاله المصنِّفُ .
( و ) العُقْدة : ( الضَّبْعَةُ والعَقَارُ الذي اعتَقَدَهُ صاحِبِ مِلْكاً ) ، وأَنشد أَبو عليُّ :
ولَمَّا رأَيتُ الدَّهْرَ أَنْحَتْ صُرُوفُهُ
عَليَّ وأَوْدَتْ بالذَّخَائِرِ والعُقَدْ
حَذَفْتُ فُضُولَ العَيْشِ حتّى رَدَدْتُهَا
إِلى القُوتِ خَوفاً أَن أُجاءَ إِلَى أَحَدْ
واعتَقَد ( ها ) أَيضاً : اشْتَرَاهَا . وفي الحديث ( فإِنّه لأَوّلُ مال اعتَقَدتْه ) ، ويروى : تَأَثَّلْتُه ) .
( و ) العُقْدة : ( مَوْضِعُ العَقْدِ ، وهو ما عُقِدَ عليه ، و ) في حديث أُبَيّ : ( هَلَك أَهْلُ العُقْدَةِ وَرَبِّ الكَعْبَةِ ) يُرِيد ( البَيْعة المَعْقُودَة لهم ) ، أَي لِولايَتِهم .
( و ) يقال : في أَرْضِ بَني فُلانٍ عُقْدَةٌ تَكْفِيهِم سَنَتَم ، أَي ( المكان الكَثِيرُ الشَّجَرِ ) . يَرعَوْنَه من الرِّمْث والعَرْفَجِ . وأَنكَرَها بعضُهم في العَرْفَجِ .
( و ) قال ابنُ الأَنْبَارِيِّ ، في قولهم : عُقْدَةٌ : العُقْدَةُ عند العَرَبِ : الحائطُ الكَثِيرُ ( النَّخْلِ ) . ويقَالُ للِقَرْية الكثيرةِ النَّخْلِ ؛ عُقْدَةٌ . وكأَنَّ الرَّجُلَ إِذا اتَّخَذَ ذالك فقد أَحْكَمَ أَمْرَه عِنْدَ نَفْسِهِ ، واسْتَوْثَقَ منه ، ثم صَيَّرُوا كُلَّ شَيْءٍ يَسْتَوثِقُ الرجُلُ بِه
____________________

(8/397)


لِنَفْسِهِ ، ويَعْتَمِدُ عليه : عُقْدة .
( و ) العُقُدَةُ أَيضاً : المكانُ الكَثِير ( الكَلإِ ، الكافِي للإِبِلِ ) ، وفي الإِمّهَات اللُّغَوي : الماشِية .
( و ) العُقْدَةُ : ( ما فيه بَلَاغُ الرَّجُلِ وكِفَايَتُهُ ) ، وجَمْعُه : عُقَدٌ .
( و ) العُقْدَةُ ( من الكَلْبِ : قَضِيبُهُ ) وإِنَّمَا قِيلَ له عُقْدَةٌ ، إِذا عَقَدَت عليه الكَلْبَةُ فانْتَفَخَ طَرَفُه ، عن ابنِ الأَعرابيِّ .
( وكُلُّ أَرضٍ مُخَصِبةٍ ) كثيرةِ الشَّجَرِ ، فهي عُقْدَةٌ .
( و ) العُقْدَةُ ( من النِّكاحِ ، وكُلِّ شَيْءٍ ) ، كالبَيْعِ ونحْوه : ( وُجُوبُهُ ) ، قال الفرسيُّ : هو من الشَّدِّ والرَّبْطِ ، ولذالك قالوا : إِملاكُ المَرْأَةِ ، لأَنَّ أَصْل هاذه الكَلِمَةِ أَيضاً : العَقْدُ ، فقيل : إِملاكُ المرأَةِ ، كما قيل : عُقْدَةُ النِّكَاحِ وانعَقَدَ النِّكَاحُ بَيْنَ الزَوْجَيْنِ ، والبَيْعُ بينَ المُتَبايِعَيْنِ .
( و ) العُقْدَة : ( الجَنْبَةُ من المَرْعَى ) ما كَانَ فيها من عامٍ أَوَّلَ ، وتُسَمَّى عُرْوَةً أَيضاً . ( والمالُ المُضْطَرُّ إِلى أَكْلِ الشَجرِ ) ، هاكذا في سائر النُّسَخ . والذي في اللسان : وقد يُضْطَرُّ المالُ إِلى الشَّجَرِ ، ويُسَمَّى عُقْدَةً وعُرْوَةً ، فإِذا كانَت الجَنْبَةُ لم يُقَل للشَّجر : عُقْدَةً ولا عُرْوَةٌ ، قال عَدِيُّ بنُ الرِّقاعِ ، يَصِفُ ظَبْيَةٌ أَكلَت الرَّبِيعَ فحَسُنَ لَوْنُهَا :
حَضَبَتْ لها عُقَدُ البِرَاقِ جَبِينَها
من عَلْكِهَا عَلَجَانَهَا وعَرَادَهَا
( و ) العُقْدَة ( العَثْمُ في اليَدِ ) ، وهو شْبهُ الكَسْرِ .
( و ) عُقْدةُ : ( د ، قُرْبَ يَزْدَ ) في طَرَفِ المَفَازةِ . نَقَلَه الصاغَانِيُّ .
( و ) في طَيّىءٍ ، كانت تحتَ عَمْرِو بن سِنْبِسِ بن مُعَاوية بن جَرْوَل بن
____________________

(8/398)


ثُعَلَ بن عَمْرِو بن الغَوْث . ( وإِليها نُسِبَ العُقْدِيُّون ) ، وهم وَلَد عَمْرِو بن سِنْبِس ، ( ومنهم : الطِّرِمَّاحُ ) بنُ الجَهْم العُقْدِيُّ الشاعرُ السِّنبِسِيِّ ، ذكره الآمِدِيُّ .
( و ) عُقْدةُ : ( اسمُ رَجُلٍ ) ، بل هو لَقبُ والِدِ أَبي العبّاس أَحمد بن محمّدِ بن سَعِيدِ بن عبدِ الرحمان ، المعروف بابنِ عُقْدَةَ ، الحافظ ، الكوفيّ .
( و ) قولهم ( آنَفُ من غُرَابِ عُقْدَة ) ، قال ابنُ حَبِيب : هي أَرضٌ كثيرةُ ابل لا يَطِيرُ غُرَابُها . وفي الصّحاح ؛ ( لأَنَّهُ لا يُطَيَّرُ غُرَابُها لكثرةِ شَجَرِهَا . وتُصْرَفُ عُقْدَة لأَنَّها اسمُ كُلِّ أَرضٍ مُخْصِبَةٍ ) ، كما تقدَّم ، ( وتُمْنَع لأَنَّها عَلَمُ أَرضٍ بِعَيْنِها ) ، كما قَالَهُ ابنُ حَبِيب .
( وعُقْدَةُ الجَوْفِ ، وعُقْدَةُ الأَنصابِ ) : ( .
( و ) العقد ( كَصُرَدٍ ، أَو كَتِفٍ : ع بين البَصْرَةِ وضَرِيَّةَ ) ، نقله الصاغاني . ( وبَنُو عُقَيْدةَ ، كَجُهَيْنة : قَبِيلَةٌ ) من قُرَيْش .
( والعَقَدانُ ، محرّكَةً : تمْرٌ ) ، أَي ضَرْبٌ منه ، كالعَقَدِ .
( والأَعْقَد : الكَلْبُ ) لالْتِوَاءِ في ذَنَبِه ، جَعَلُوه اسماً له مَعْرُوفاً ، وقيل كَلْبٌ أَعْقَدُ ( وهو ) الذي في قَضِيبِه كالعُقْدة . ( و ) الأَعقَد : ( الذِّئْبُ المُلْتَوِي الذَّنَبِ ) وكُلُّ مُلْتَوِي الذَّنَبِ أَعْقَدُ . وقال جَرِيرٌ :
تَبولُ على القَتَادِ بَناتُ تَيْمٍ
مع العُقْدِ النَّواب في الدِّيارِ
وليس شيْءً أَحَبَّ إِلى الكَلْبِ من أَن يبُولَ على قَتَادةٍ ، أَو على شُجَيْرةٍ ، صَغِيرةٍ غيرِهَا .
( والبِناءُ المَعْقودُ ) هو البناءُ الّذي جُعِلَت ( لهُ عقودٌ عُطِفَت كالأَبْواب ) .
والعَقْدُ عَقْدُ طاقِ البناءِ ، وعقَدَ البِناءَ بالجِصِّ يَعْقِدُهُ عَقْداً : أَلْزقه
____________________

(8/399)


وجَمُعُ العَقْدِ : عُقُودٌ وأَعْقَدٌ .
( واليَعْقِيدُ : عَسَلٌ يُعقَدُ بالنَّارِ ) حتَّى يَخْثُرَ ، ( و ) يل : اليَعْقِيدُ : ( طَعامٌ يُعْقَدُ بالعَسَل ) ، قال ابنُ دُرَيْدٍ : وزَعَمَ بعضُ أَهْلِ اللّغةِ أَن ليسَ في كلام العَربِ يَفْعِيلٌ ، إِلّا يَعْقِيد ، ويَعضِيد ، قال : وهاذا مَرْدُودٌ عليه .
( والعَقِيدُ ) كأَمير : ( المُعاقِدُ ) وهو الحَلِيفُ ، قال أَبو خِرَاشٍ الهُذَلِيُّ :
كَمْ مِن عَقِيدٍ وجارٍ حَلَّ عِندَهُمُ
ومِنْ مُجَازٍ بعَهْدِ الله قد قَتَلُوا
( والعِنْقادُ ، بالكسر ، والعُنْقُودُ ، من العِنَبِ والأَراكِ والبُطْمِ ونَحْوِهِ : م ) ، أَي معروف ، والأَوّل لُغَةٌ في الثَّانِي ، قال الراجز :
إِذْ لِمَّتِي سَوْدَاءُ كالعِنْقادِ
وجمعُ العُنْقُودِ : عناقِيدُ . ( وعَقَّدته ) ، أَي العسلَ ( تَعْقِيداً أَغلَبْتُه حتّى غَلُظَ ) رواه بعضُهم ، ( كأَعْقَدتُهُ ) فهو مُعْقَد .
قال الكِسائيّ : ويقال للقَطِران والرُّبِّ ونحْو : أَعقَدْتُه حتَّى تقَّدَ . في المحكم : عَقَدَ العَسَلُ ، والرُّبُّ نحوُهما يَعْقِدُ ، انعَقَدَ ، وأَعقَدْتُه فهو مُعْقَدٌ وعَقِيدٌ : غَلُظَ .
( و ) عَقَّدْت ( البِنَاءَ ) تعَقيداً : ( جَعلْتُ له عُقُوداً ) ، أَي طاقاتٍ مَعْقُودً كالأَبواب .
( واستَعْقَدَت الخِنْزِيرَةُ اسْتَحْرَمَتْ ) .
( و ) أَعوذُ باللّهِ من المُعَقِّدِ ( ( المُعَقِّدُ ) ، كمُحَدِّثٍ : الساحِرُ ) .
( و ) في كلامِهِ تَعْقِيدٌ ، وهو مُعَقَّد ( كمُعَظَّمٍ : الغامِضُ من الكَلامِ ) ، وعَقَّدَ كلامَه : أَعْوَصَه وعَمَّاه .
( وتَعَقَّدَ الدِّبْسُ : غَلُظَ ) ، وقد أَعْقَدَه . ( و ) تَعَقَّدَت ( قَوْسُ قُزَحَ ) في السّماءِ : ( صارَتْ كَعَقْدٍ مَبْنِيَ ) وكذا تَعَقَّدَ السَّحَابُ ، إِذا صارَ كالعَقْدِ المَبْنِيِّ .
( واعتَقَدَ ) الرَّجُلُ ، مثل ( اعتَفَدَ ) بالفاءِ . هاكذا رَواه ابنُ بُزُرْج بالقاف ، وقد تقدّم قريباً ، ( و )
____________________

(8/400)


اعتَقَدَ ( ضَيْعَةً ، ومالاً : اقْتَنَاهما ) .
وفي الأَساس : اعتقَدَ فُلانٌ عُقْدةٌ : اشترَى ضَيْعَةً أَو اتَّخَذَ مالاً ، من عَقَارٍ أَو غَيْرِه .
( وتَعَاقَدُوا : تَعَاهَدُوا ) ، من العَقْدِ ، وهو العَهْدُ .
( و ) تعاقَدَت ( الكِلابُ : تَعَاظَلَتُ ) . .
( و ) يقال : ( مالَهُ مَعْقُودٌ ) ، أَي ( عَقْدُ رَأْيٍ ) ، وفي الحديث : ( أَنَّ رَجُلاً كان يُبايِعُ وفي عُقْدَتِ ضَعْفٌ ) أَي في رَأْيِهِ ونَظَرِه في مَصالِحِ نَفْسِهِ .
( والعَقِيدُ ، والمُعَاقِدُ : المُعَاهِدُ ) ، وقد عاقَدَه ، إِذا عاهَده ، ويقال : عَهِدْت إِلى فُلانٍ في كذا وكذا ، وتأْوِيلُه : أَلْزَمْتُه ذالِكَ ، فإِذا قُلْت : عاقَدْتُه ، أَو عَقَّدْت عليه ، فتأوِيله أَنَّك أَلْزمْتَه ذالك باستيثاقٍ . وفي حديثِ ابنِ عَبَّاسٍ في قوله تعالى : { وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ } ( النساء : 33 ) : المُعَاقدة : المعاهَدةُ والمِيثاقُ والأَيْمانُ جَمْعُ يَمِين القَسَمِ أَو اليَدِ .
( و ) يقال : ( هُو عَقِيدُ الكَرَمِ ، و ) عَقِيدُ ( اللُّؤْمِ ) .
( و ) يقال : ( تَحَلَّلَتْ عُقَدُهُ ) ، إِذا ( سَكَنَ غَضَبُهُ ) ، وهو مَجازٌ . ( والمِعْقَادُ : خَيْطٌ ) يُنْظَمُ ( فِيهِ خَرَزَاتٌ تُعَلِّقُ في عُنُقِ الصَّبِيِّ ) ، نقله الصاغانيُّ ، كالعِقْدِ ، بالكسر .
( وعُقْدَانُ بالضَّمّ : لَقَبُ الفَرَزْدَقِ ) الشاعِرِ ، لَقَّبه به جَرِيرٌ إِما علَى التَّشْبِيهِ له بالكَلْبِ الأَعْقَدِ الذَّنْبِ وإِما على التَّشْبِيهِ بالكَلْبِ المُتَعَقِّد مَعَ الكَلْبَةِ إِذا عاظَلَها ، فقال :
وما زِلْتَ يا عُقْدَانُ صاحِبَ سَوْءَةٍ
يُنَاجِي بها نَفْساً لَئيماً ضَمِيرُها
وقال أَبو منصور : لَقَّبه عُقْدَان ( لقِصَرِهِ ) ، وفيه يقول :
يا لَيْتَ شِعْرِي ما تَمَنَّى مُجاشِعٌ
ولم يَتَّرِكْ عُقْدَانُ للقَوْسِ مَنْزَعَا
أَي أَعْرَق في النَّزعِ ، ولم يدَع للصُّلْحِ مَوْضِعاً .
____________________

(8/401)



( والتَّعَقُّدُ في البِئْرِ : أَن يَخْرُجَ أَسْفَلُ الطَّيِّ ويَدْخُلَ أَعلاه إِلى ) جِرَابِهَا ، أَي ( اتِّسَاعِ البِئْرِ ) ، قاله الأَحمرُ .
ومِمَّا يُسْتَدرك عليه :
التَّعْقادُ : العَقْدُ ، وأَنشد ثَعلبٌ .
ومما يستدرك عليه :
لا يَمْنَعَنَّكَ مِنْ بُغا
ءِ الخير تَعْقادُ التَّمَائِمْ
واعْتَقَده كعَقَدَه ، قال جَرِير :
أَسِيلةُ مَعقِدِ السِّمْطَيْنِ مِنها
ورَيَّا حَيْثُ تَعتَقِدُ الحِقَابَا
وقد انْعَقَد ، وتَعَقَّدَ .
والمَعَاقِدُ : مَواضِعُ العَقْدِ .
وقالوا للرَّجُلِ ، إِذا لم يَكن عنده غَناءٌ : فُلانٌ لا يَعْقِدُ الحَبْلَ ، أَي أَنَّه يَعْجِزُ عن هاذا ، على هَوانِهِ وخِفَّتِهِ ، قال :
فإِن تَقُلْ يا ظَبْيُ حَلاًّ حَلَّا
حلَق وتَعْقِدْ حَبْلَها المُنْحَلَّا
أَي تُجِدَّ وتَتَشَمَّرْ لأَغضابِه وإِرغامِهِ ، حتَّى كأَنَّهَا تَعْقِدُ على نَفْسِه الحَبْل .
والعُقْدَةُ : العَقْدِ ، عُقَدٌ . وخُيوط مُعَقَّدة ، شُدِّد للكَثْرةِ .
وفي حديثِ الدُّعاءِ . ( أَسأَلُكَ بمَعَاقِدِ العِزِّ مِن عَرْش 2 ) ، أَي بالخِصال التي استَحقَّ بها العَرْشُ العِزَّ ، أَو بمَواضِعِ انعقادِهَا منه . وحَقِيقَةُ معناه : بِعِزِّ عَرْشِكَ ، قال ابنُ الأَثِير : وأَصحابُ أَبي حَنِيفَةَ يَكْرَهُونَ هاذا اللَّفْظَ من الدُّعاءِ .
ويقال : جَبَرَ عَظْمُهُ على عُقْدةٍ ، إِذا لم يَسْتَوِ . وعَقَدَ التَّاجَ فَوْقَ رَأْسِهِ واعتَقَده : عَصَبه بهِ ، أَنشَد ثَعلبٌ لابنِ قَيسِ الرُّقَيّاتِ :
يَعْتَقِدُ التَّاجَ فوقَ مَفْرِقِهِ
علَى جَبِينٍ كأَنَّهُ الذَّهَبُ
واعتَقَدَ الدُّر والخَرَزَ وغيرَه ، اتَّخَذَ منه عِقْداً . وأَعقادُ السَّحَابِ : ما تَعَقَّد منه ، وحدُهَا : عَقْدٌ . والمَعْقِدُ : المَفْصِلُ . والأَعقَدُ من التُّيوسِ : الّذي في قَرْنِهِ عُقْدةٌ . وفَحْلٌ أَعْقَدُ ، إِذا رَفَعَ ذَنَبَه ، وإِنَّما يَفْعَل ذالك من النَّشَاطِ
____________________

(8/402)


وظَبْيَةٌ عاقِدٌ : رفَعَتْ رأْسَها حَذَراً على نفْسِها وعلى وَلدِها . وجاءَ عاقِداً عُنُقَه ، أَي لاوِياً لها من الكِبْرِ .
وفي الحديث : ( مَن عَقَدَ لِحْيَتَهُ فإِنَّ مُحَمَّداً بَرِيءٌ منه ) قيل ، هو مُعَالَجَتُها حتَّى تَنْعَقِدَ وتَتَجَعَّدَ . وقيل : كنُا يَعْقِدُونها في الحُروب ، فأَمرَهم بإِرسالها ، كانوا يَفْعَلُون ذالك تكبُّراً وعُجْباً .
وعَقَدَ قَلْبَه على الشيْءِ : لَزِمَه . والعَربُ تقول : عَقَدَ فُلانٌ نصِيَتَه ، إِذا غَضَبِ وتَهَيَّأَ للشَّرِّ ، وقال ابنُ مُقْبِلٍ :
أَثابُوا أَخاهُمْ إِذ أَرادُوا زِيَالَهُ
بأَسْواطِ قِدَ عاقِدِينَ النَّواصِيَا
وفي حديثٍ : ( الخَيْلُ : معقودٌ في نواصِيها الخَيْرُ ) أَي لازِمٌ لها ، كَأَنَّه مَعْقُود فيها .
وفي حديث الدُّعاءِ ( لَكَ من قُلوبنَا عُقْدَةُ النَّدَمِ ) يُريد عَقْدَ العَزْمِ على النَّدَامةِ ، وهو تَحْقِيقُ التَّوْبةِ . وعُقْدةِ كُلِّ شيْءٍ : إِبْرَامُه .
وفي الحديث : ( مَن عَقَدَ الجِزْيَةَ في عُنُقِه فقد بَرِيءَ مِمَّا جاءَ بِهِ رسولُ اللّهِ صلَّى اللّهُ عليْه وسلّم ) عَقْدُ الجِزْيةِ كِنَايةٌ عن تَقرِيرها على نفْسِه ، كَما تُعْقَدُ الذِّمَّةُ للكتابِيِّ عليها .
واعتَقَدَ الشيْءُ ؛ صَلبَ اشْتَدَّ ، ومنه : اعتَقَدَ بينَهما الإِخاءُ : صَدَقَ وثَبَتَ .
وتَعَقَّدَ الإِخاءُ : استَحْكَم ، وتَعَقَّد الثَّرَى جَعُدَ .
وثرًى عَقِدٌ ، على النَسَبِ : مُتَجَعِّدٌ .
وعَقَدَ الشَّحْمُ يَعْقِدُ : انْبَنَى وظَهَرَ .
( والعَقَدُ محرّكَةً : تَرطُّبُ الرَّمْلِ من كَثْرةِ المَطَرِ .
ولَئيمٌ أَعْقَدُ : عَسِرُ الخُلُقِ ليس بِسَهْلٍ .
والعَقَدُ في الأَسْنانِ كالقادِح .
وناقَةٌ مَعْقُودةُ القَرَا : مُنَثَّقَةُ الظَّهْرِ .
والعُقْد : بَقِيَّةُ المَرْعَى ، والجمع : عُقَدٌ وعِقادٌ .
____________________

(8/403)



واعتَقد كذا بِقَلْبِه .
وعُقِدَت السِّباعُ ، يعنِي مُنِعَتْ أَن تَضُرَّ البهائِمَ ، أَي عُولِجَت بالأُخَذِ والطِّلَّمْسَاتِ .
وفي حديث أَبي موسى : أَنه كَسَا في كَفَّارةِ اليمينِ ثَوْبَيْن ظَهْرَانِيًّا ومُعَقَّداً ) ، المُعَقَّدُ ضَرْبٌ من بُرُودِ هَجَّرَ .
وفي الأَساس : مَسَحَ كاتِبٌ قَلَمَه بِكُمِّه ، فقيل له . فقال : إِنَّما اعتَقَدْنا ذا بِذَا .
والعَاقِدَاتُ : السَّواحِرُ .
وعُقْدَة : قَرْيَة بمصر .
والمُعْقَد ، كمُكْرَمٍ : اسمُ رجلٍ نَبَّالٍ كان يَرِيش السِّهَامَ ، وبه فُسِّر قَوْلُ عاصِمِ بن ثابِتِ بن أَبي الأَقْلح الأَنصاريِّ حين قَتَله المشركون :
أَو سُلَيمان ورِيشُ المُعْقَد .
هاكذا يُروَى ويُروَى بتقديم القاف . وسيأَتي في : ق ع د .
عكد : ( العُكْدَةُ بالضّمّ : العُصْعُصُ . و ) في التكملة : العُكْدَةُ : ( القُوَّةُ ، وجُحْرُ الضَّبِّ ) .
( و ) الْعُكْدَة بالضّمّ و ( بالتَّحْرِيك : أَصلُ اللِّسانِ ) والذَّنَبِ وعُقْدَتُه ، والجمْع : عُكَدٌ . وعَكَدٌ . وقيل : عَكَدَة اللِّسَانِ : مُعْظَمُه وقيل : وسَطُه .
( و ) العَكَدَة : ( أَصْلُ القَلْبِ ) بين الرِّئَتَينِ .
( و ) العَكَدَة : ( رِيشٌ يُنَقَّطُ بِهِ الخُبْزُ ) ، نقله الصاغانيُّ .
( وَعَكْدُ الشَّيْءِ : وَسَطُهُ ) .
( وعَكَدنِي الأَمْرُ : يَعْكِدُني ) ، من حَدِّ ضَرَب : ( أَمكنَنِي ) ، قال رَجل من بلْحارِثِ بنِ كَعْب :
سَنُصْلِي بها القَوْمَ الذِين اصطَلَوْا بها
وإِلَّا فَمَعكُودٌ لنا أُمُّ جُنْدَ
أُم جُنْدَب : الظُّلْم ، ومَعْكُود : مُمْكِنٌ يقول : نَقْتُل غيرَ قاتلِه .
( و ) عَكَدَ فلانٌ عُنُقَه ( إِليه : لَجَأَ ) ،
____________________

(8/404)


كعَقَد : كذا رواه إسحاقُ بنُ فَرجٍ عن بعضِ الأَعرابِ .
( والمَعْكِد ) ، كمَجْلِسٍ : ( المَلْجَأُ ) .
( والمَعْكُودُ : المُقِيمُ اللَّازِمُ ، و ) المَعْكُود : ( المَحْبُوسُ ) ، عن يَعْقُوب . ( و ) المعكودُ ( من الطَّعَامِ : المُعَدُّ الرَّاهِنُ الدائِمُ ) ، ويقال : هاذا مَعْكُودٌ أَي عَتِيدٌ .
( وعَكِدَ الضَّبُّ والبَعِيرُ ، كفَرِحَ ) ، يَعْكَدُ عَكَداً : ( سَمِنَ ) وصَلُب لَحْمُه ، ( كاستَعْكَدَ ؛ والنَّعْتُ ) منه : ( عَكِدٌ . و ) ناقةٌ ( عَكِدَةٌ ) : سَمِينَةٌ ، كلُّ ذالك بناءً عَلى ما أَورَدَه في سِيَاقه .
والّذِي في التكملة : اسْتَعْكَد الصَّبيُّ ، إِذا سَمِنَ ، وأَمّا اسْتَعْكَد الضَّبُّ فهو إِذا تَعَصَّر بِشَجَرٍ أَو حَجَرٍ ، مَخافةَ عُقَابٍ ، ما سيأْتِي ، فلا إِخال قَولَه : الضَّبّ ، إِلّا تحريفاً ، فتأَمَّلْ .
( و ) عَكِدَ ( به : لَزِقَ ) ولَجَأَ .
( والعَكِدُ ، ككَتِفٍ : اليابِسُ من الشَّجَرِ ، بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ ) .
( و ) عَكَاذٌ ، ( كسَحَابٍ : جَبَلُ ) باليَمَنِ ، ( قُرْبَ ) مَدِينةِ ( زَبِيدَ ) حَرسها اللّهُ ، وسائرَ بِلادِ الإِسْلامِ ، ( أَهلُها باقِيَةٌ على اللُّغَةِ الفَصِيحَةِ ) إِلى الآنَ ، ولا يُقِيم ال عندهم أَكثرَ من ثلاث ليالٍ ، خوفاً على لِسانِهم .
( واعتَكَدَه : لَزِمَه ) ، كعَكَده .
( واسْتَعْكَد الطائِرُ : انْضَمَّ إِلى الشَّيْءِ ) ، وفي نُسخة : إِلى شيْءٍ ، ( مَخَافَةَ الجَوارِحِ ) من الطُّيورِ .
وعبارةُ المحكَم ، والتهذيب : وكذالك استَعْكَد الضَّبُّ بِحَجَرٍ ، أَو شَجَرٍ ، إِذا تَعَصَّر بِهِ ، مخافةَ عُقَاب أَو بَازٍ ، وأَنشد ابنُ لأَعرابيِّ للطِّرِمَّاحِ ، يَصف الضَّبَّ :
إِذا استَعْكَدَتْ منه بكُلِّ كُدَايَةٍ
مِن الصَّخْرِ وافَاهَا لَدَى كُلِّ مَسْرَحِ
____________________

(8/405)



ومِمَّا يُسْتَدْرك عليه : .
استَعْكَدَ الماءُ : اجتمعَ ، ويُرْوَى بَيْتُ امرىءِ القَيس :
تَرَى الفَأْرَ في مُسْتَعْكِدِ المَاءِ لاحِباً
على جَدَدِ الصَّحراءِ مِن شَدِّ مَلْهَبِ
وعَكْدُكَ هاذا الأَمْرُ ، وحَبَابُك ، وشَبَابُك ، ومَجْهُودُك ، ومَعْكُودُكَ أَن تَفْعَلَ كذا ، معناه كلِّه غايتُكَ وآخِرُ أَمْرِكَ ، أَي قصَارَاك ، أَنشد ابنُ الأَعرابِيِّ :
سَنُصْلِي بها القَوْمَ الذين اصطَلَوْا بها
وإِلَّا فَمَعْكُودٌ لنا أُمُّ جُنْدَبِ
ثم فَسَّره فقال : مَعْكُودٌ لنا ، أَي قُصَارَى أَمْرِنا وآخِرُه ، أَن نَظْلِمَ فَنَقْتُلَ غيرَ قاتِلِنا . وأُمُّ جُنْدَبٍ هنا الغَدْرُ والدَّاهِيَةُ .
عكرد : ( عَكْرَدَ ) الغُلامُ . أَهمله الجوهريُّ . وقال ابنُ شُمَيْلٍ : إِذا ( سَمِنَ وقَوِيَ وغَلُظَ واشتَدَّ . وكذالك البَعِيرُ ، عَكْرَدةٌ .
( و ) عَكْرَدَت ( ناقَتِي ) ، إِذا أَردْتُ أَن أَركَبَ بها وَجْهاً ، و ( رَجَعَتْ بي قِبَلَ ) ، بكسر ففتح ، ( أُلَّافِها ) ، بضمَ فتَشْدِيد ، ( وأَنا كارِهٌ ) ، نقله الصاغانيُّ .
( وغُلامٌ عكردٌ ، كجَعْفَرٍ وبُرْقُعٍ وعُلَبِطٍ وعُصْفُورٍ : مُتَقَارِبُ الحُلُمِ ، أَو سَمِينٌ ) غَليظٌ مُشْتَدٌّ . وقد يكونُ ذالك في غيرِ الإِنسان . الأُولَى والأَخيرةُ عن ابنِ شُمَيْلٍ .
عكلد : ( لَبَنٌ عُكَلهدٌ ) وعُكَالِدٌ ، ( كعُلَبِطٍ وعُلابِطٍ : خاثِرٌ ( كعُكَلِطٍ ) ، وقيل : ( لامُهُ زائِدةٌ ) ، والعُكَلِدُ والعُلَكِدُ : الغَلِيظُ الشَّدِيدُ العُنُقِ والظَّهْرِ ، من الإِبلِ وغيرِهَا . وقيل الشَّدِيدُ عَامَّةً ، الذَّكَرُ فيه والأُنثَى سواءٌ . والاسم : العَكْلَدة .
علد : ( العَلْدُ ) ، بفتح فسكون : ( عَصَبُ
____________________

(8/406)


العُنُقِ ) ، وجمعُه : أَعلَادٌ ، قال رُؤبة ، يصف فَحْلاً :
قَسْبِ العَلَابِيِّ جُرَازِ الأَعْلَادْ
قال ابن الأَعرابيِّ : يُريد عَصَبَ عُنُقِهِ . ( و ) العَلْدُ : ( الصُّلْبُ الشَّدِيدُ ) من كلِّ شيْءٍ ( و ) العَلْدُ : ( الصَّلابَةُ لاشتِدادُ ، والفِعْلُ كسَمِعَ ) ، عَلِدَ يَعْلَدُ عَلْداً .
( والعِلْدَةُ ) ، بالكسر ويروى بالفتح أَيضاً اسم ( ع ) .
والّذي في التَّكْمِلة : والعَلْدَاةُ : موضع .
( والعَلَنْدَى ) : البعِيرُ الضَّخْمُ الطَّوِيلُ الشَّدِيدُ ، وكذالك الفَرَسُ ، وقيل : هو ( الغَلِيظُ من كُلِّ شَيْءٍ ، ويُضَمُّ ) .
( و ) العَلَنْدَى : ضَرْبٌ من ( شَجَر ) الرَّمْلِ ، وليس بحَمْضٍ ، يَهِيج له دُخانٌ شَدِيدٌ ، قال عنترة :
سَيَأْتِيكُمُ مِنِّي وإِنْ كنتُ نائِياً
دُخان العَلَنْدَى دُونَ بَيْتِيَ مِذْوَدُ
أَي سيأْتِي مِذْوَدٌ يَذُودُكم ، يعني الهِجَاءَ . وقوله : دُخَان العَلَنْدَى دُونَ بيتي ، أَي مَنَابِت العَلَنْدَى بينِي وبينَكُم . قال الأَزهريُّ ، قال اللَّيْثُ : العَلَنْداةُ : شَجَرةٌ طَوِيلةٌ لا شَوْكَ لها ( مِن العِضاهِ ) .
قال الأَزهريُّ لم يخصب اللَّيثُ في وَصْف العَلَنْداةِ ، لأَنَّ العَلَنْداةَ شجرةٌ صُلْبَةُ العِيدَانِ جاسِيَةٌ لا يَجْهَدُها المالُ وليست من العِضَاهِ ، وكيفَ تكون من العِضاهِ ولا شَوْك لها . والعِضاهُ من الشَّجَرِ : ما كان ( لَهُ شَوْكٌ ) صَغِيراً كان أَو كبيراً ، والعَلَنْداةُ ليستْ بِطَويلةٍ ، وأَطْوَلُها على قَدْرِ قِعْدَة الرَّجُلِ ، وهي ، مع قِصرِهَا : كَثِيفَةُ الأَغصانِ مُجْتَمِعَةٌ ؛ ( واحِدُهُ ) : علَنْداةٌ ( بهاءٍ ، ج : علانِدُ ) ، على تقديرِ قَلَانِس ، كذا في التَّهْذيب . ويقال : عَلادِيٌّ . وحكَى سيبويه : عَلدْنَى .
وقال النَّضر : العَلَنْدَاةُ من الإِبِل : العظِيمةُ الطَّوِيلةُ . ولا يقال : جَمَلٌ عَلَنْدَى . قال والعَفَرْنَاةُ مثلُهَا ، ولا يقال : جَمَلٌ عَلَنْدَى . قال والعَفَرْنَاةُ مثلُهَا ، ولا يقال : جَمَلٌ عَفَرْنَى ، ( و ) رُبَّمَا قالوا : جَمَلٌ عُلُنْدَى ( بضمّتين ، والعُلَادَى كفُرَادَى : الشَّدِيدُ من الإِبِلِ ) وقيل :
____________________

(8/407)


الضَّخْمُ الطَّوِيلُ منها . وكذالك الفَرَسُ .
وقال أَبو عليَ القالِيُّ في ( المقصور والممدود ) : هاذا بابُ ما جاءَ من المقصورِ على مثال فُعَالَى من الأَسماءِ ، ولا يكون وَصْفاً إِلَّا أَن يُكَسَّر على الواحِدِ للجمْع ، نحو عُجَالَى وكُسَالَى وسُكَارَى . وهاذا الضربُ يَنْقاسُ فيمَن نَسْتَغْنِي عن ذِكْرِه . انتهى . ووجدتُ في هامِشِه بَخَطِّ بعْضِ الفُضَلاءِ ما نَصه : وقد أَثبتَ بعضُهم الصِّفةَ في المفردِ نحو جَمَلٍ عُلَادَى ، للقَوِيّ ، وقال بعضُ المَغَاربةِ : فأَمَّا قَولُهم : جَمَلٌ عُلَادَى فيمكن أَن يكون جمْعَ عَلَنْدَى على غيرِ قِيَاسٍ ، ووُصِف به المَفرد ، وإِن كان جَمْعاً تَعْظِيماً له ، كما قالوا للضَّبع حَضَاجِرُ . قال : وهاذا تأْويلٌ ضَعِيفٌ جدًّا .
( والعِلْوَدُّ ، كقِتْوَلَ ) أَي بكسر فسكون فتشديد آخِره : ( الكَبِيرُ ) الهَرِمُ من الرِّجالِ ، وفي شرح شيخِنَا : وحَكَى جماعةٌ فَتْحَ أَوّلِه ، عن ابن حَبِيب .
قلت : وفي اللِّسَان ما نصُّه : ووقَع في بعضِ نُسخِ الكِتاب : العِلْوَدُ ، بالتخفيف ، فزَعَمَ السِّيرافِي أَنَّهَا لُغةٌ .
( و ) العِلْوَدُّ : ( السيِّد الرَّزِينُ ) الثَّخِين ، ( الوَقُورُ ) ، وقيل : هو المُسِنُّ الشَّدِيدُ ، من الإِبِلِ والرِّجالِ ، وقيل : الغَلِيظُ ، قال الدُّبَيْرِيُّ يَصِف الضَّبَّ :
كأَنَّهما ضَبَّانِ ضَبَّا عَرادَةٍ
كَبِيرَانِ عِلْوَدَّانِ صُفْراً كُشَاهُمَا
وَوَصَفَ الفرزدقُ بَظْرَ أُمِّ جَرِيرٍ بالعِلْوَدّ ، فقال :
بِئْسَ المُدافعُ عَنْكُمُ عِلْوَدُّها
وابنُ المَراغةِ كان شَرَّ مُجِيرِ
وإِنَّمَا عَنَى به عِظَمَه وصَلابَتَه .
( و ) العِلْوَدَّةُ ، ( بهاءٍ ، من الخَيْلِ : المُتَأَبِّبَةُ ، و ) هي ( التي لا تُقادُ ) بل يَجْذِب بِعُنُقِها القائِدُ جَذْباً شديداً ، وقَلَّمَا يَقُودُها ( حتى تُساقَ ) من وَرائِها غيرَ طَيِّعةِ القِيَادِ ، ولا سَلِسَتِه . قاله ابنُ شُمَيْلٍ .
____________________

(8/408)



( و ) العِلْوَدَّةٌ ( من الإِبلِ : الهَرِمةُ ) ، وامرأَة عِلْوَدَّة : شَدِيدةٌ ، ذاتُ قَسْوَةٍ ، وكذالك الرّجلُ .
( و ) قال أَبو السَّمَيْدَعِ : ( اعْلَنْدى الجَمَلُ ) واكْلَنْدَى إِذا ( غَلُظَ ) واشْتَدَّ . ( والمُعْلَنْدَدُ ) . بكسر الدال الأُولى فتحِهَا ، وسيأْتي ( في : ع ن د ) لزيدة لامِ ، يقال مالِي عَنْهُ مُعْلَنْدَدٌ ، أَي بُدٌّ .
وقال اللِّحْيَانِيُّ . ما وَجدتُ إِلى ذالك مُعْلَنْدَداً ، بالوَجْهَيْن ، أَي سبيلاً . وحكَى أَيضاً : مالِي عن ذلك مُعْلُنْدُد ، ومُعُلَنْدَد ، بضم الميم واللام ، وفتح الأَخيرة ، أَي مَحيصٌ .
( وعَلْوَدَ ) الشَّيْءُ ، إِذا ( لَزِمَ مكانَه فلم يَقْدِرْ أَحَدٌ على تَحْرِيكِهِ ، ( كاعْلَوَّدَ ، قال رُؤبة :
وعِزُّنا عِزٌّ إِذا تَوحَّدَا تَثَاقَلَتْ أَرْكَانُهُ واعْلَوَّدَا ( واعْلَوَّدَ الرَّجُلُ : غَلُظَ اشتَدَّ ، ورَزُنَ ) ، قال أَبو عبيدةَ : كان مُجَاشِعُ بنُ دَرِمٍ عِلْوَدَّ العُنُقِ ، قال أَبو عَمْرو : العِلْوَدُّ من الرِّجالِ : الغَلِيظُ الرَّقَبةِ . وأَما قولُ الأَسود بن يَعْفُرَ :
وغُودِرَ عِلْوَدٌّ لَها مُتَطاوِلٌ
نَبِيلٌ كجُثْمَانِ الجُرادَ ناشِرُ
فإِنَّه أَراد بعِلْوَدّهَا : عُنُقَها ، أَراد النُّاقَةَ . والجُرَادة : اسمُ رَمْلَةٍ بعينِها ، وقال الراجِز :
أَيُّ غُلامٍ لَشِ عِلْوَدِّ العُنُقْ
ليس بِكَبَّاسٍ ولا جَدَ حَمِقْ
قوله : لَشَ ، أَراد : لَكَ ، لغةٌ لبعضِ العرب ، كذا في اللسان .
ومِمَّا يستدرك عليه :
المعلد : الرَّاسِي لا يَنْقَاد ولا يَنْعَطِف .
والعَلَنْدَد : الفَرَسُ الشَّدِيدُ .
____________________

(8/409)



والمُعْلَنْدِد : البَلَدُ الذي ليس به ماءٌ ولا مَرْعًى ، وسيأْتي .
علكد : ( العِلْكِدُ ، بالكسر ) ، أَهمل الجوهريُّ . وقال أَبو الهَيْثَم : هي ( العَجُوزُ الدَّاهِيَةُ ) ، ولأأَنشد :
وعِلْكِدٍ خَثَلْتُهَا كالجُفِّ
قالتْ وَهِي تُوعِدُني بالكَفِّ
أَلَا امْلأَنَّ وَطْبَنَا وكُفِّ
وقيل : هي المرأَةُ ( القَصِيرةُ اللَّحِيمةُ الحَقِيرَةُ القَلِيلَةُ الخَيْرِ ) .
( والعِلْكَدُّ ، كَقِرْشَبَ : الشَّمُ ) ، كذا في النسخِ ، والصّواب : الضخم ، وأَنشد الليثُ :
أَعْيَسَ مَضْبُورَ القَرَا عِلْكَدَّا
قال : شَدَّد الدّالَ اضطراراً ، قال : ومنهم مَن يُشدِّد اللّام .
( و ) عُلَكِدٌ ، ( كَعُلَبِط : اللَّبَنُ الخاثِرُ ) ، كعُلَكِطٍ وعُكَلِدٍ .
( و ) علكدٌ ( كجَعْفَرٍ وزِبْرِج وقُنفُذٍ وعُلَبِطٍ وعُلابِطٍ ) ، وبتشديد اللّام أَيضاً ، كُلُّه : ( الغَلِيظُ ) الشديدُ العُنُقِ والظَّهْرِ ، من الإِبلِ وغيرِهَا عن اللِّحيانيِّ . وقيل : هو الشدِيد عامَّةً ، الذَّكَر والاً نثى سواءٌ ، والاسم العَلْكَدَةُ .
وقال النَّضْرُ : في فلانٍ عَلْكَدةٌ وجُسْأَةٌ في خَلقِهِ ، أَي غِلَظٌ .
وفي التهذيب : العَلَاكِدُ : الإِبِلُ الشِّدَادُ ، قال دُكَين :
يا دِيلُ ما بِتَّ بِلَيْلٍ جاهِدَا
ولا رَحَلْتَ الأَيْنُقَ العَلَاكِدَا
( والعَلَنْكَدُ ) ، كَسَفْرجَلٍ : ( الصُّلْبُ الشَّدِيدُ ) من الرِّجالِ . كذا في التَّهْذِيب .
ومِمَّا يُسْتَدْرك عليه :
العَلْكَدَةُ : الغِلْظَةُ ، عن ابن شُمَيْل .

____________________

(8/410)


علمد : ( العِلْمَادَةُ والعِلْمَادُ ، بكسرهما ) أَهمله الجوْهَريُّ ، والجماعَةُ .
وفي التكلة : العِلْمَادَةُ ( ما يُكَبُّ عليه الغَزْلُ ، ج : عَلَامِدَةٌ وعَلامِيدُ .
علهد : ( عَلْهَدْتُ الصَّبِيَّ : أَحسنْتُ غِذاءَهُ ) ومثله في الصحاح ، والتهذيب .
عمد : ( العَمُودُ ) ، كصَبُورٍ ، ( م ) ، وهو الخَشَبَةُ القائمَةُ في وَسط الخِبَاءِ ( ج : أَعْمدَةٌ ) ، في القِلَّةِ ، ( وعَمَدٌ ) ، محرّكةً ، ( وعُمُدٌ ) ، بضمَّتين ، وبضمّ فسكون ، تخفيفاً ، الثلاثةُ في القِلَّة .
وفي اللسان : العَمَدُ : اسمٌ للجَمْع ، ويقال : كلُّ خِبَاءٍ مُعَمَّدٌ . وقيل : كلُّ خِبَاءٍ كان طويلاً في الأَرضِ ، يُضْرَب على أَعْمِدةٍ كثيرةٍ ، فيقال لأَهْله : عليكُم بأَهْل ذالك العَمُودِ ، ولا يقال : أَهْل العَمَدِ ، وأَنشد :
ما أَهْلُ العَمُودِ لنا بأَهْلٍ
ولا النَّعَمُ المُسَامُ لنا بمالِ
وقال في قوله النابغة :
يَبْنُون تَدْمُرَ بالصُّفَّاحِ والعَمَدِ
قال : العَمَد : أَساطِينُ الرُّخامِ .
وأَما قوله تعالى : { إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ فِى عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ } ( الهمزة : 8 ، 9 ) . قُرِئتْ في عُمُدٍ ) ، وهو جمْع عِمادٍ ، وعَمَدٌ وعُمُدٌ كما قالوا : إِهابٌ وأَهَبٌ وأُهُبٌ . ومعناه : أَنَّهَا في عُمُدٍ من النّار ، نَسب الأَزهَريُّ هاذا القَولَ إِلى الزَّجَّاجِ . وقال الفرَّاءُ : العَمَدُ العُمُد جميعاً : جَمْعَانِ للعَمُودِ ، مثل أَدِيمٍ وأَدَمٍ وأُدُمٍ ، وقَضِيمٍ وقَضَمٍ وقُضُمٍ .
وفي المصباح : العَمُود معروفٌ ، والجمع : أَعمِدَةٌ ، وعُمُدٌ ، بضمّتين ،
____________________

(8/411)


وبفتحتين ، والعِمَادِ ما يُسْنَد بِه ، والجَمْع عَمَدٌ ، بفحتين . قال شيخُنَا : فالعَمَد ، محرّكَةً ، يبكون جمْعاً لِعَمُودٍ ، ولِعِمَادٍ . وهاذا لم يُنَبِّهُوا عليه .
وقولُه تعالى : { خَلَقَ السَّمَاواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا } ( لقمان : 10 ) قال الفَرّاءُ : فيه قولان : أَحدُها أَنَّه خَلَقَها مَرفُوعةً بلا عَمَدٍ ، ولا تَحْتَاجُون مع الرؤْية إِلى خَبَرٍ . والقولُ الثاني أَنه خَلَقَها بِعَمَدٍ لا تَرَوْنَ تِلك العَمَدَ ، وقيل : العَمَدُ التي لا تُرَى : قُدْرَتُه . واحتَجَّ اللَّيْثُ بأَنَّ عَمَدَها جَبَلُ قاف المحيطُ بالدُّنْيا ، والسَّماءُ مثْلُ القُبَّةِ أَطرَافُها على قافٍ مِن زَبَرْجَدةٍ خَضراءَ ، ويقال : إِنَّ خُضرةَ السّمَاءِ من ذالك الجَبَلِ .
( و ) العَمُود : ( السَّيِّدُ ) المُعْتَمَد عليه في الأُمورِ ، أَو المَعْمُودُ إِليه ، ( كالعَمِيدِ ) ، ومنه قول الأَعشى :
حتَّى يَصِيرَ عَمِيدُ القوم مُتَّكِئاً
بالرَّاحِ يَدفَعُ عنه نُسْوَةٌ عُحُلُ
والجمْعُ عُمَدَاءُ . وكذالك العُمْدَةُ الواحد والإثنانِ ، والجمْعُ ، والمذكَّر المؤنث فيه سواءٌ ، ويقال للقَوم : أَنتُم عُمْدَتُنا الّذِين يُعْتَمَدُ عليهِم ، وهو عَمِيدُ قَومِه ، وعَمُودُ حَيِّه .
( و ) قال النَّضر : العَمود ( من السَّيْفِ : شَطِيبَتِ الّتي في مَتْنِه ) إِلى أَسْفَلِه ، وربَّمَا كان للسّيفِ ثلاثةُ أَعمدةٍ في ظَهْرِه ، وهي الشُّطَبُ ، والشَّطَائِبُ .
( و ) وعن ابن الأَعرابيِّ : العَمُودُ : ( رِئيسُ ) ، كذا في النسخ . وفي التكملة : رَسِيلُ ( العَسْكَرِ ، كالعِمَادِ ، بالكسر ، والعُمْدَةِ والعُمْدانِ ، بضمِّهما ) وهو الزُّوَيْرُ .
( و ) في حديثِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ ، رضي الله عنه : ( أَيمَا جالبٍ جَلَبَ على عَمُودِ بَطْنِه فإِنه يَبِيع كيف شاءَ ومَتَى شاءَ ) . قال الليث : العَمُود ( من البَطْنِ ) : شِبْه ( عِرْق يَمْتَدُّ من لَدُنِ الرُّهابَةِ ) بالضمِّ ، ( إِلى دُوَيْنِ السُّرَّةِ ) في وَسَطِه ، يُشَقُّ مِن بَطْن الشَّاة .
____________________

(8/412)



( أَو عَمُودُ البَطْن الظَّهْرُ ) ، لأَنه يُمْسِكُ البَطْنَ ويُقَوِّيه ، فصارَ كالعَمُود له . وبه فَسَرَّ أَبو عمرٍ و الحَديثَ المتقدِّم .
وقال أَبو عُبَيْد : عندي أَنَّه كَنَى بعَمُود بَطْنه عن المَشَقّة والتَّعَب ، أَي أَنَّه يأْتي به على تَعَبٍ وَمَشَقَّةٍ وإِن لم يكنْ على ظَهْره ، إِنَّمَا هو مَثَلٌ . والجالب : الّذي يَجْلِبُ المَتَاعَ إِلى البلاد ، يقول : يُتحرَك وبيعَه لا يُتَعَرَّضُ له ، حَتَّى يَبيعَ سلْعَته كما شَاءَ ، إِنَّه قد احْتَمَل المَشَقَّةَ والتَّعَبَ في اجتلابه ، وقاسَى السَّفَرَ والنَّصَبَ .
قال اللَّيْث : ( و ) العَمُود ( من الكَبد : عِرْقٌ يُسْقِيها ) ، وقيل : عَمُودُ الكَبد : عِرْقانِ ضَخْمان جَنَابَتَيِ السُّرَّةِ ، يَميناً وشِمَالاً ، ويقال : إِنَّ فُلاناً لَخارجٌ عَمُودُه من كَبدِه من الجُوع : عن ابن شُمَيْلٍ .
( و ) العَمُود ، ( منَ السِّنان : ما تَوَسَّطَ شَفْرتَيْه من عَيْره ) الناتىء في وسَطه .
( و ) العَمُود ، ( من الاذُن : مُعْظَمُها وقِوَامُهَا ) التي ثَبَتَ عليه ، وقيل عَمُدُ الأُذُن : ما استدارَ فوقَ الشَّحْمة .
( و ) العَمُود : ( الحَزينُ الشَّديدُ الحُزْنِ ، يقال : ما عَمَدَك ، أَي ما أَحْزَنك .
( و ) العَمُود ، ( من الظَّليم : رِجُلاهُ ) وهما عَمُوداه .
( و ) العَمُودُ ( من البئْرِ : قائمَتاهُ ) تكون ( عليهما المَحَالةُ ) .
وعَمُودُ السَّرِ : الوَتِينُ ، ( وبه فُسِّر قولُهُم : إِن فُلَاناً لَخارجٌ عَمُودُه من كَبده من الجُوع .
( والعِمَادُ ) ، بالكسر : ( الأَبنيَةُ الرَّفِيعَةُ ، جَمعُ عَمَادَةٍ ) ، يذكّر ( ويُؤَنَّثُ ) ، قال الشاعر :
ونَحْنُ إِذا عَمَادُ الحَيِّ خَرَّتْ
علَى الأَحفاض نَمْنَعُ مَن يَلينا
____________________

(8/413)



وقولُه تعالى : { إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ } ( الفجر : 7 ) قيل : معناه ذا لاطُّول ، وقيل ذاتُ البِناءِ الرَّفيع المُعْمَد . وجمعه : عُمُدٌ . وقال الفرّاءُ : ذاتُ العمَاد : أَنهم كانوا أَهْلَ عَمَدٍ يَنْتَقلُون إِلى الكَلَإِ حيثُ كان ، ثم يَرْجِعُون إِلى مَنازلهم .
وقال اللَّيْثُ : يقال لأَصحاب الأَخْبِيَة الّذين لا يَنْزِلُون غيرَهَا : هُم أَهلُ عَمُودٍ ، وأَهلُ عِمَادِ .
( و ) عن المبرِّد : ( هو طَويلُ العِمَاد ) ، إِذا كان مُعْمَداً ، أَي طَويلاً ، وفُلان طَويلُ العِمَادِ : ( مَنْزِلُهُ مُعْلَمُ لزائِرِيه ) وفي حديث أُمِّ زَرْع . ' زَزْجِي رَفِيعُ العِمَاد ' ، أَرادتْ عمَادَ بَيْتِ شَرَفهِ . والعَرب تَضَعُ البَيْتَ مَوضِعَ الشَّرَفِ في النَّسَبِ والحَسَبِ .
( وعَمَدَه ) يَعْمِدُه عَمْداً : دَعَمَه و ( أَقامَه بِعِمَاد ) ، والعِمَادُ ما أُقِيم به ، ( كأَعْمَدَهُ فانْعَمَدَ ) ، ذَكَرَه يَعْقُوبُ في البَدَلِ ، وهو مُطَاوِعُ الثُّلاثيِّ ، كانْكَسر وانْجَبر ، لا الرُّباعيِّ ، على ما عُرِف من اصطلاحه ، قاله شيخُنا .
والعَمُود الّذي تَحامَلَ الثِّقْلُ عليه من فَوقِ السَّقْفِ يُعْمَد بالأَساطين المَنصوبة .
( و ) عَمَدَ ( لِلَّشْيءِ ) وعَمَد إليه ، وعَمَدَه يَعْمِدُه ، من حدِّ ضَرَب - كما صرَّحَ به أَربابُ الأَفعال . ولا عِبرةَ بإِطلاقِ المصنِّف على ما اصْطَلحه ، وبه جَزَم عِيَاضٌ في ' المشارق ' والفيُّوميُّ في ' المصباح ' عَمْداً ، بالفتح ، وعَمَداً ، محرّكةً ، وعِماداً ، بالكسر ، وعُمْدَةً ، بالضّمِّ ، كُلُّها في ' شرح الفصيح ' للمطرِّز . وزادُوا : عُمُوداً ، بالضّمّ ، على القياس ، ومَعْمَداً ، مصدر ميميّ ، الأَوّل من نوادر ابن الأَعرابَّي ، والثاني من شّرْح ابنِ عَرفة لشِعْر ديوانِ سُحَيم ، كذا في شرْح اللَّبليّ على ' الفصيح ' - ( : قَصَدَهُ ) ، وَزْنا ومعنىً وتَصريفاً ، في كونه يَتعدَّى
____________________

(8/414)


بنفسْه ، وباللام ، وبإلى . ( كتَعَمَّدَهُ ) وتَعَمَّد له ، واعْتَمَده .
قال الأَزهَرِيُّ : العَمْدُ ضِدُّ الخَطَإ في القَتْلِ وسائرِ الجِنَايَاتِ .
والقَتْلُ على ثلاثةِ أَوْجهٍ : قَتْلُ الخطإِ المَحْضِ ، والعَمْدِ المَحْضِ ، وشِبْهِ العَمْد .
( و ) عَمَدَ المَرَضُ ( فُلاناً : أَضْنَاهُ وأَوجَعَهُ ) ، قال الشاعر :
أَلا مَنْ لِهَمٍّ آخِرَ اللَّيْلِ عامِدِ
معناه : مُوجِع .
روى ثعلبٌ أَنَّ ابنَ الأَعرابيِّ أَنشدهُ لسِمَاكٍ العامِليِّ :
أَلَا مَنْ شَجَتْ لَيْلَةٌ عامِدَهْ
كَما أَبداً لَيْلةٌ واحدَهْ
قال الأَزهريُّ : أَي مُمِضَّة مُوجعة .
( و ) عَمَدَه المَرضُ يَعْمِده ( : فَدَحَهُ ) ، عن ابن الأَعرابيِّ ، ومنه اشتُقَّ القَلْبُ العَمِيدُ .
( و ) عَمَدَهُ يَعْمِده : ( أَسْقَطَهُ ) ، قال : ودَخَلَ أَعرابيٌّ على بَعْضِ العَرَبِ ، وهو مريض ، فقال له : كيفَ تَجِدُك ؟ فقال : أَمَّا الّذِي يَعْمِدُني فَحُصْرٌ وأُسْرٌ . ويقال للمريض : مَعْمُودٌ . ( و ) عَمَدَه ( ضَرَبَهُ بالعَمُود ) . ( و ) عَمَدَه يَعْمده : ( ضَرَبَ عَمُودَ بَطْنِهِ . و ) عَمَده : ( أَحْزَنَهُ ) ، وهذا ، والذي قبلَه من حَدِّ نَصَر .
( و ) عَمِدَ عليه ، ( كفَرِحَ : غَضِبَ ) كعَبِدَ ، حكاه يعقُوبُ في المُبْدلِ .
وقال الأَزهَرِيُّ : هو العَمَدُ والأَمَدُ .
وقال الغَنَوِيُّ : العَمَدُ والضَّمَدُ : الغضَبُ .
( و ) عن ابن بُزُرج : يقال : حَلِسَ به ، وعَرِسَ به ، وعَمِدَ ( بِهِ ) ، ولَزِبَ به ، إِذا ( لَزِمَهُ ) .
( و ) عَمِدَ ( البَعِيرُ : انفَضَخَ داخِلُ سَنَامِهِ من الرُّكُوبِ ، وظاهِرُهُ صَحِيحٌ ) فهو بَعِيرٌ عَمِدٌ ، وهي بهاءٍ . وقيل عَمِدَ البَعِيرُ ، إِذا وَرِمَ سَنَامُه مِن
____________________

(8/415)


عَضِّ القَتَبِ الحِلْسِ وانْشَدَخَ ، ومنه قيل : رجُلٌ عَمِيدٌ وَمَعْمُودٌ .
( و ) عَمِدَ ( الثَّرَى ) يَعْمَدُ عَمَداً : ( بَلَّلَهُ المَطَرُ ) ، فهو عَمِدٌ : تَقَبَّضَ ، وتعَّدَ ، ونَدِيَ ، وتَرَاكبَ بعضُه على بعْضٍ ، فإِذا قَبَضْتَ منه على شيْءٍ تَعقَّدَ واجْتَمَعَ من نُدُوَّتِه ، قال الراعِي يَصف بقرةً وَحشيّةً :
حتَّى غَدَتْ في بَيَاضِ الصُّبْحِ طَيِّبَةً
رِيحَ المَباءَ تَخْدِي والثَّرَى عَمِدُ
أعراد : طَيّبَةَ رِيحِ المَبَاءَةِ ، وقال أَبو زيد : عَم 2 ت الأَرضُ عَمَداً ، إِذا رَسَخَ فيها المَطَرُ إِلى الثَّرَى ( حَتَّى إِذا قَبَضْتَ عليه ) في كَفِّكَ ( تَعَقَّدَ ) وجَعُد ( لِنُدُوَّتِهِ ) .
( و ) قال النَّضْر : عَمِدَت ( أَلْيَتاهُ من الرُّكُوبِ : وَرِمَتَا واخْتَلَجَتا ) ، وفي بعض الأُمهات : خلجَتا ( و ) يقال : ( هُو عَمِدُ الثَّرَى ، ككَتِفٍ ، أَي كَثِيرُ المَعْرُوفِ ) ، عن أَبي زيدٍ وشَمِرٍ .
( وأَنا أَعْمَدُ منه ، أَي أَتَعَجَّبُ ) ، وقيل : أَعْمَدُ بمعنَى أَغْضَبُ ، من قولهم عَمِدَ عليه ، إِذا غَضِبَ ، وقيل : معناه أَتَوَجَّعُ وأَشْتَكِي ، من قولهم : عَمَدَنِي الأَمْرُ فَعَمِدْتُ : أَوْجَعَنِي فَوَجِعْ : 7 / 8 :
7 /
8ً : ، ،ْس : 2222 22 وكَسَرَه ، وقيل : الّذِي بَلَغ بِه الحُبُّ مَبْلَغاً ، شُبِّهَ بالسَّنامِ الذي انُشَدَخَ انْشداخاً .
ويقال للمريض : مَعْمُودٌ ، ويقال له : ما يَعْمِدُك ؟ أَي ما يُوجِعُك ؟ .
( والعُمْدَةُ ، بالضّمِّ : ما يُعْتَمَدُ عليه أي يُتَّكأُ ويُتَّكَلُ ) ، واعتَمدْتُ على الشيْءِ : اتَّكأْتُ عليه ، واعْتَمدْتُ عليه في كذا ، أَي اتَّكَلْت عليه .
( والعُمُدُّ ، كعُتُلَ ) ، والعُمُدَّنُ ، ( العُمُدَّانِيُّ ) ، والمُعْمَدُ ، كمُكْرَمٍ : ( الشَّابُّ الممتلِيءُ شَبَاباً ، وقيل : هو الضَّخْمُ الطَّوِيلُ . ( وهي ) أَي الأُنثَى من كلِّ واحدٍ منها ( بهاءٍ ) .
( والمَعْمُودِيَّة ) ، هاكذا في سائر
____________________

(8/416)


النُّسخ ، بتشديد الياءِ التّحْتيّة ، ومثله في التكملة . والصواب تخفيفُها ، كما في ( العنايَة ) .
وقال الصُّوليُّ في ( شرح ديوان أبي نُوَاس ) : إِن لفظَ مَعْمُودية مُعَرّب : مَعمُوذيت ، بالذال المعجمة ، ومعناهَا : الطَّهَارَة وهو : ( ماءٌ ) أَصفرُ ( للنَّصارَى ) يُقَدَّس مما يُتْلَى عبيه من الإِنْجِيل ( يَغْمِسُونَ فيه وَلَدَهُمْ مُعْتَقدينَ أَنه تَطهيرٌ لَهُ ، كالخِتَان لغَيْرهمْ ) .
وفي ( العناية في أَثناءِ البقرةِ : وإِن : { صِبْغَةَ اللَّهِ } ( البقرة : 138 ) هناك في مقابلة ما كانت النَّصَارَى تَفعَلُه في أَولادِهَا ، على أَحدِ الوجوه . أَشار له شيخُنا .
( و ) يقال ( استقامُوا عى عَمُودِ رَأْيهِمْ أَي عَلَى وَجْهٍ يَعتَمِدُون عليه ) . وهو مَجاز .
( وفَعَلْتُهُ عَمْداً على عَيْنٍ ، وعَمْدَ عَيْنٍ ، أَي بِجِدَ ويَقِينٍ ) ، قال خُفَاف بن نَدْبة :
وإِنْ تَكُ خَيْلِي قَد أُصِيبَ صَمِيمُهَا
فَعَمْداً على عَيْنٍ تَيَمَّمْتُ مالِكَا
قَال الصاغَانيُّ : وهَذَا فيه احتِراز مِمَّن يَرى شَبَحاً ، فيَظُنّه صَيْداً فَيَرْمِيه ، فإِنَّه لا يُسَمَّى عَمْدَ عَيْنٍ ، لأَنَّه تَعَمَّدَ صَيْداً على ظَنِّه . قال شيخُنا : وهاذه دقيقةٌ .
( ووادِي عَمْدٍ ) ، بفتح فسكون ( بِحَضْرَمَوْت ) اليَمَنِ .
( وعَمَّدْتُ السَّيْلَ تَعْمِيداً : سَدَدْتُ ) وَجْهَ ( جِريَته بِتُرابٍ ونحْوِه ) كالحِجَارةِ ( حَتَّى يَجتمِعَ في مَوْضعٍ ) . نقله الصاغانيُّ .
( و ) يقال ( اعتَمَدَ ) فلانٌ ( لَيْلَتَهُ ) ، إِذا ( رَكبَ يَسْرِي فيها ) ، نقله الصاغانيُّ .
( والمُعْمَدُ ، كُكْرَمٍ : الطويلُ ) ، عن المبرِّد ، ( كالعُمُدَّانِ ، كَجُلُبَّانٍ ) ، والجَمْع : عُمُدَّانِيُّونَ . وامرأَةٌ عُمُدَّانِيَّةٌ : ذَاتُ جِسْمٍ ، وعَبَالَةٍ .
( و ) يقال كلُّ ( خِبَاء مُعَمَّد ) ، وهو ( كمُعَظَّمٍ ) ، بمعنَى ( مَنْصُوب بالعِمَاد . و ) يقال : ( وَشْيٌ مُعَمَّدٌ ) ، وهو ( ضَرْبٌ منه ) على هَيْئَة العُمْدَانِ .
( وأَهلُ العِمَادِ : أَهلُ الأَخْبِيَةِ ) وهم
____________________

(8/417)


الذين لا يَنْزِلُون غيرَهَا . ويقال لهم : أَهْلِ العَمُودِ أيضاً . قاله اللَّيْثُ . ( أَو ) أَهلُ العِمَاد : أَهلُ الأَبْنِيَةِ ( العالِيَةِ الرَّفِيعَةِ ، وقد تقدَّم .
( وغَوْرُ العِمَادِ : ع لِبَنه سُلَيْمٍ ) في ديارِهِم .
( وعِمَادُ الشَّبَى ) ، بكسر العين ، وفتح الشين المعجمة ، والموحّدة وأَلف مقصورة : ( ع بمِصْرَ ) ، هاكذا نقله الصاغانيُّ .
( والعِمَادِيَّةُ ) ، بالكسر : ( قَلْعَةٌ شَمالِيَّ المَوْصِلِ ) حَصِينة ، يسكُنُها الأَكرادُ .
( وعَمُودُ غَرْيفَةَ ) ، بكسر الغين وفتحها وسكون الرّاءِ وفتْح التْحْتِيّ والفاءِ : ( جَبَلٌ في أَرْضِ غَنِيّ ) بن يَعْصُر .
( وعَمُودُ المْحَدِّثِ ) على صيغَة اسم مفعُول : ( ماءٌ لمُحَارِب ) بن خَصَفة .
( وعَمُودُ سَوَادِمَةَ أَطْوَلُ جَبَلٍ بالمَغْرِبِ ) ، هاكذا في النسخ . وفي التكملة : ببلادِ العَرَب .
( وعَمُودُ الحَفِيرَةِ : ع ) آخر .
( وعَمُودُ الْبَانِ ، وعَمُودُ السَّفْحِ : جَبَلانِ طوِيلانِ ، لا يَرْقَاهُمَا إِلَّا طائِرٌ ) لِعُلُوِّهما . ومن ذالك قولهم : ( العُقَابُ يَبِيضُ في رأْسٍ عَمُودٍ ) والمُرادُ به الجَبَلُ المُسْتَدِقُّ المُصْعِدُ في السّماء .
( وعَمُودُ الكَوْدِ : ماءٌ لِبَنِي جَعْفَرٍ ) ، وهو جَرُورٌ أَنكَدُ .
وممَّا يستدرك عليه :
أَعْمَدَ الشيْءَ : جعلَ تحتَه عَمَداً .
والعَمِيدُ : المَرِيضُ لا يَسْتَطِيعُ الجُلُوسَ ، مِن مَرَضِهِ ، حتّى يُعمَدَ من جَوَانِبِهِ بالوَسَائِدِ ، أَي يُقَام .
وفي حديث الحَسَن ، وذَكَرَ طالِبَ العِلْم : ( وأَعْمَدَتَاهُ رِجْلَاهُ ، أَي صَيَّراه عَمِيداً . وهو على لُغَةِ من قال
____________________

(8/418)


أَكَلُوني البراغيثُ . وهي لغةُ طَيِّءٍ .
والعَمُود : العَصا ، قال أَبو كَبِيرٍ الهُذَليّ :
يَهْدِي العَمُودُ له الطَّرِيقَ إِذا هُمُ
ظَعَنُوا ويَعْمِدُ للطَّرِيقِ الأَسْهَلِ
واعتَمد عليه في الأَمر : تَوَرَّكَ ، على المَثَل . والاعْتِمَاد : اسمٌ لكلّ سَببٍ زاحَفْته .
العَمَد ، محرّكَةً : أَساطِينُ الرّخامِ .
وعَمُودُ اللِّسانِ : وَسَطُه طُولاً . وعَمُودُ القَلْبِ كذالك . ومن ذالك قولُهم : اجعَل ذالك عَمُودَ قَلْبِكَ . وهو مذكورٌ في عَمُودِ الكتاب : في فَصِّه ودائرةُ العَمُودِ ، في الفرسِ : الّتي في مواضِع القِلَادة ، والعربُ تَسْتَحِبها . وعَمُودُ الأَمْرِ : قِوَامُه الّذي لا يَسْتَقِيمُ إِلّا به . وعَمُود الصُّبْح : ما تَبَلَّجَ من ضَوْئِهِ ، وهو المُسْتَظْهِرُ مِنْه ، وسَطَعَ عَمُودُ الصُّبْحِ ، على التشْبيه بذالك . وعَمُودُ النَّوَى : ما استقامَت عليه السَّيَّارةُ من نِيَّتِها ، على المَثَل . وعَمُود الإِعصارِ : ما تسْطَع منه في السماءِ ، أَو يسْتَطِيل على وجْهِ الأَرض .
وعَمِيدُ الأَمرِ : قِوَامَه .
والْزَمْ عُمْدَتَك : قَصْدَك .
وفلانٌ مَعْمُودٌ مَصْمُودٌ ، أَي مقصودٌ بالحَوائِجِ .
وعَمِيدُ الوَجَعِ : مكانُه .
والعَمَدُ ، محركةً : وَرَمٌ ودَبَرُ ، يكون في الظَّهْرِ . وفي حديث عُمَر ( أَنَّ نادِبَتَه قالت : واعمَراه : أَقام الأَوَد ، وشَفَى العَمَد ) . أَرادَتْ به أَنه أَحْسَنَ السِّيَاسَةَ .
وناقَةٌ عَمِدَةٌ . كسَرَها ثِقَلُ حِمْلِها .
والعِمْدَةُ ، بالكسر : الموضعُ الذي يَنْتَفِخُ من سَنامِ البَعير وغارِبِهِ .
وعَمِدَ الخُرَّاجُ ، كفَرِحَ ، عَمَداً ، إِذا
____________________

(8/419)


عُصِرَ قَبْلَ أَن يَنْضَجَ فَوَرِمَ ولم تَخرُج بَيضَته . وهو الجُرْح العَمِد .
والعَمُود : قَضِيبُ الحَدِيد .
وفي كلامهم : أَعْمَدُ مِن كَيْلٍ مُحِقَ ، ورُوِيَ عن أَبي عُبيد : مُحِّقَ ، بالتشديد . معناه هل أَزِيدُ على أَن مُحِقَ كَيْلِي .
وقول أَبي جَهْلٍ في بَدْر : ( أَعْمَدُ مِن سَيِّدِ قَتَلَه قَومُه ) ، أَي هل زاد على هاذا ؟ أَي هل كان إِلّا هاذا ، أَي أَنَّ هاذا ليس بعارٍ ، ومُراده بذالك أَن يُهَوِّن على نَفْسِه ما حَلَّ به من الهَلَاكِ ، قال ابنُ ميَّادَ ، ونسبه الأَزهريُّ لابن مُقْبِل :
تُقَدَّمُ قَيْسٌ كُلَّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ
ويُثْنَى عليها في الرَّخَاءِ ذُنُوبُها
وأَعْمَدُ من قومٍ كَفَاهُمْ أَخُوهُمُ
صِدَامَ الأَعَادِي حَيْثُ فُلَّتْ نُيوبُها
يقول : زِدْنَا على أَن كَفَيْنَا إِخْوَتَنَا .
وعَمُودانُ : اسم مَوضِع ، قال حاتِم الطائِيُّ :
بَكَيْتَ وما يُبْكِيكَ مِن دِمْنَةٍ قَفْرِ
بِسُقْفٍ إِلى وادِي عَمُودَانَ فالغَمْرِ
وعن اللَّيْث : عُمْدَانُ : اسمُ جَبَل أَو موضعٍ قال الأَزهريُّ : أُراه أَراد : غُمْدَانَ ، بالغين فصَحَّفه كتَصْحِيفِه يوم بُعث .
وعِمْدَانُ ، بالكسر : موضِعٌ ، ذَكره ابنُ دُرَيْد . وذو يَعْمِدَ كيَضْرِب قَرْيَةٌ باليَمَنِ . هاكذا ضَبَطَها التقيُّ الفاسِيّ ، قال : كان بها بطَّال بنُ أَحمَدَ الركبيّ أَحدُ محدِّثِي اليَمَن ، وشارِحُ البُخَارِيِّ .
عمرد : ( العَمَرَّدُ ، كعَمَلَّسٍ : الطَّوِيلُ مِن كلِّ شيْءٍ ، كالعُمْرُودِ ) ، بالضّمّ ، يقال : سَبْسَبٌ عَمَرَّدٌ : ( طَوِيلٌ ) عن ابن الأَعرابيِّ ، وأَنشد :
فقَامَ وَسْنَانَ ولم يُوَسَّدِ
يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ كفِعْلِ الأَرْمَد
____________________

(8/420)



إِلى صَنَاعِ الرِّجْلِ خَرْقَاءِ اليَدِ
خَطَّارةٍ بالسَّبْسَبِ العَمَرَّدِ
كتاب م كتاب ( و ) يقال : العَمَرَّدُ : ( الشَّرسُ الخُلُقِ القَوِيُّ ) ، يقال : فَرَسٌ عَمرَّدٌ .
( و ) العَمَرَّدُ ؛ ( الذِّئْبُ الخَبِيثُ ) ، قال جَرِيٌ يَصِفُ فَرَساً :
على سابِحٍ نَهْدٍ يُشَبَّهُ بالضُّحَى
إِذا عَاد فيه الرَّكْضُ سِيداً عَمَرَّدَا
( و ) العَمَرَّدُ : ( الخَبِيثُ الدَّاهِيَةُ ) وكَأَنَّه أَخَذَه من قَوْلِ المُعذَّل بنِ عبدِ الله :
مِن السُّحِّ جَوَّالاً كأَنَّ غُلامَهُ
يُصَرِّفُ سِبْداً في العِنَانِ عَمَرَّدا
قوله : من السُّحِّ . يُرِيدُ : من الخَيْلِ الّتي تَصُبُّ العرْيَ . والسِّبْد : الدَّاهِيَةُ ، يقال : هو سِبْدُ أَسْبادٍ .
( و ) قال أَبو عدنانَ : أَنشدتنِي امرأَةُ شَدَّادٍ الكِلابِيَّة لأَبيها :
عَلَى رِفَلَ ذي فُضُولٍ أَقْوَدِ
يَغْتَالُ نِسْعَيْهِ بِجَوْزٍ مُوفِدِ
ضَافِي السَّبِيبِ سَلِبٍ عَمَرَّدِ
فسأَلتُهَا عن العَمَرَّد ، فقالت : ( النَّجِيبُ ) ، وفي بعض الروايات : النَّجِيبةُ ، ( الرَّحِيلُ من الإِبِلِ ) ، وقالت : الرَّحِيلُ الذي يَرتَحِلُه الرّجُلُ فيَركَبُه .
( و ) العَمَرَّدُ : ( فَرَسُ وَعْلَةَ بنِ شَرَاحِيلَ ) بنِ زَيْدٍ ، على التَّشْبِيه بالذِّئْب .
( و ) العَمَرَّدَةُ ، ( بِهَاءِ : أُخْتُ مِشْرَحٍ ومَخْوَسٍ ) ، كلاهما كمِنْبَرٍ ، ( وجَمَدٍ ) محرّكةً ، ( وأَبْضَعَهَ ) ، بفتح الهمزة ، وسكون الموحَّدة ، كلُّ منهم مذكور في مَحَلِّه ، وهم ( الذين لعَنَهُمُ النَّبِيُّ صلَّى اللّهُ عَلَيْه وسلَّم ) ، وقِصَّتُهم في كتب السيَرِ .
ومِمَّا يُستدرك عليه :
عن أَبي عَمرو : شَأْوٌ عَمَرَّدٌ ، قال عَوفُ بنُ الأَحوص :
ثأَرْتُ بهم قَتْلَى حَنِيفَةَ إِذْ أَبَتْ
بِنِسْوَتهِمِ إِلَّا النَّجاءَ العَمَرَّدَا
____________________

(8/421)


والعَمَرَّدُ السَّيْرُ السَّرِيعُ الشَّدِيدُ ، وأَنشد :
فَلَمْ أَرَ لِلْهَمِّ المُنِيخِ كَرِحْلَةٍ
يَحُثُّ بها القَوْمُ لنَّجاءَ العَمَرَّدَا
عنجد : ( العنْجدُ ، كجَعْفَرٍ ، وقُنْفذٍ ، وجُنْدَبٍ ) ، ذكر هاذه اللُّغَاتِ الثلاثةَ الإِمامُ أَبو زَيدٍ ، وهو ؛ ( الزَّبِيبُ ) واقتَصَرَ أَبو حنيفَةَ على الأَخِيرتين ، زَعَمَ ، عن ابنِ الأَعرابيِّ : أَنَّه حَبُّ الزَّبِيبِ ( أَو ضَرْبٌ منه . أَو ) الُنْجدُ كقُنْفُذٍ : ( الأَسودُ منه ) كذا نُقِلَ عن بعضِ الرُّواةِ في قولِ الشاعر :
غَدَا كالعَمَلَّسِ في خَدْلَةٍ
رُؤُوسُ العَظَارِيِّ كالعُنْجُدِ
قال الأَزْهَرِيُّ : وقال غيرُه : هو العَنْجَد ، كجَعْفَر ، قال الخليلُ :
رُؤُوسُ العَنَاظِبِ كالعَنْجَدِ
شبّه رُؤُوسَ الجَرادِ بالزَّبِيب .
( أَو ) العنْجد كجَعْفَرِ ، وقُنْفُذ : ( الرَّدِيءُ منه ) ، وقيل : نَوَاهُ ، وقل : حَبُّ العِنَب .
( وعَنْجَدَ العِنَبُ صار عَنْجَداً ) .
حكَمَ أَعرابيُّ رَجُلاً إِلى القاضي ، فقال : بِعْتُ به عُنْجُداً مُذْ جَهْرٍ ، فغابَ عَنِّي . قال ابنُ الأَعرابيِّ : الجَهْرُ : قِطْعَةٌ من الدَّهْرِ .
( والمُعَنْجِدُ ) ، وفي التكلمة : المُنَعْجِد : ( الغَضُوبُ الحَدِيدُ ) الطَّبْعِ وهاذا قد مَرَّ له في عجد .
وقال ابنُ دُرَيْد ليس له اشتِقَاقٌ يُوضِّح زيادَةَ النُّونِ ، لأَنَّه ليس في كلامِ العرَب عَجْدٌ ولا عَجَدٌ ، إِلا أَن يكون فِعلاً مماتاً ، ( وَوهِمَ الجوهريُّ فَذَكَرَهُ لا في الثلاثيِّ ولا في الرُّباعيِّ ) .
قال شيخُنَا : هو كلامٌ لا معنَى له ، فَإِنَّ الجوهَرِيَّ ذَكره في الرُّباعِيِّ ترجمةً مُسْتَقِلَّةً ، بعد ترجمة : عجلد . وفَسّره
____________________

(8/422)


بأَنَّه ضَرْبٌ من الزَّبِيب واستَدَلَّ به بما أَنشده الخَلِيلُ .
قتل : وقد ذَكَرَه المصنِّفُ في المَحَلَّين ، أَمّا في الثّلاثيِّ فلاحْتمال زيادةِ النُّونِ . وأَمّا في الرُّباعيِّ فنظراً إِلى قولهم إِنَّ النون لا تُزاد ثانيةً إِلَّا بِثَبتٍ .
( وعَنْجَدٌ ) ، كجَعْفَر ، ( وعَنْجَدَةُ ) ، بزيادة الهاءِ : ( اسمانِ ) ، قل الشاعر :
يا قَوْمِ مالي لا أُحِبُّ عَنْجَدَهُ
وكُلُّ إِنسان يُحِبُّ وَلَدَهُ
حُبَّ الحُبَرَى ويَذُبُّ عَنَدَهْ
وسيأْتي .
ورافع بنُ عَنْجَدَةَ ، صحابِيٌّ بَدْرِيٌّ وعَنْجَدَةُ أُمّه ، وأَبوهُ عبدُ الحارِث .
وممَّا يستدرك عليه :
عنجرد : ( عَنجَرِد . في التهذيب ، عن الفرّاءِ : امرأَة عَنْجَرِدٌ : خَبِيثَةٌ سَيِّئةُ الخُلُقِ ، وأَنشد :
عَنجَرِدٌ تَحْلِفُ حِينَ أَحلِفُ كَمِثْلِ شَيْطَانِ الحَمَاطِ أَعرَفُ وقال غيره : امرأَةُ عَنْجَرِدٌ : سَلِيطةٌ . وقد ذَكره المصنِّف في : عجرد . ولا يُسْتَغْنَى عن ذِكرْه هنا .
عند : ( عَنَدَ عَنِ ) الحَقِّ ، والشيْءِ ، و ( الطَّرِيقِ ، كنصَر وسَمِع ) ه كذا في النُّسخ . والصّواب : وضَرَب . وهاذِه عن الفَرَّاءِ في نوادِرِه ، فإِنه قال عَنَدَ عَنِ الطَّرِيقِ يَعْنِد ، بالكسر ، لغة في يعنُد ، بالكسر ، لغة في يعنُد بالضّمّ ، فتأَمَّلْ ( وكَرُم ) ، يَعْنُد ، ويَعنَد ، ويَعْنِد ( عُنُوداً ) كَقُعُودٍ ، وعَنَداً ، محرَّكةً : تَبَاعَدَ و ( مالَ ) وعَدَلَ انحرَفَ إِلى عَنَدٍ أَي جانِبٍ .
( و ) مِنَ المَجَازِ : عَنَدَ ( العِرْقُ ) يَعنُد ويَعنَد ويَعْنِد ، هو من الأَبواب الثلاثةِ ، نصَر وضَرَبَ وكَرُمَ ، الثانية عن الفَرَّاء : ( سالَ فَلَمْ يَرْقَأْ ، كَأَعْندَ ) ، وهاذه عن الصاغانيِّ ، وهو عِرْقٌ عانِدٌ ، قال عَمْرُو بن مِلْقَطٍ :
بَطَعْنةٍ يَجْرِي لها عانِدٌ
كالمَاءِ من غائِلَةِ الجابِيَهْ
____________________

(8/423)



وأَعْنَدَ أَنْفُه : كَثُر سَيَلَانُ الدَّمِ منه .
وسُئِلَ ابنُ عَبَّاس عن المُسْتَحاضَةِ ، فقال : ( إِنَّه عِرْقٌ عانِدٌ ، أَو رَكْضَة مِن الشَّيطانِ ) قال أَبو عُبَيْد : العِرْقُ العانِدُ : الَّذي عَنَدَ وبَغَى ، كالإِنسان يُعَانِدُ ، فهاذا العِرْقُ في كَثْرةِ ما يَخْرُج مِنْهُ بمنزِلَتِهِ ، شُبِّهَ به لكَثْرةِ ما يَخرُج منه على خِلافِ عادَتهِ . وقال الرَّاعِي :
ونحنُ تَرَكْنَا بالفَعَالِيِّ طَعْنَةً
لها عانِدٌ فوْقَ الذِّراعَيْنِ مُسْبِلُ
وقيل : دَمٌ عانِدٌ : يَسِيلُ جانباً . وقال الكِسَائِيُّ : عَنَدَت الطَّعْنَة تَعْنِد وتَعْنُد ، إِذا سالَ دَمها بعيداً من صاحِبِها ، وهي طَعْنَةٌ عاندَةٌ . وعَنَدَ الدَّمُ يَعْنِد ، إِذا سالَ في جانِبٍ .
( و ) عَنَد ( النّاقَةُ : رَعَتْ وَحْدَها ) وأَنِفَتْ أَن تَرْعَى مع الإِبِلِ ، فهي تَطْلُبُ خِيَارَ المَرْتَعِ ، وبعْضُ الإِبِل يَرْتَعُ ما وَجَدَ .
( و ) عَنَدَ الرَّجُلُ يَعنُد ويَعْنِد عَنْداً عُنُوداً : عَتَا ، وطَغَى ، وجاوَزَ قَدْرَه و ( خَلَفَ الحَقِّ ، ورَدَّهُ عارِفاً بِهِ ) ، كعانَدَ مُعانَدةً ، ( فهو عَنِيدٌ وعانِدٌ ) ، والعَنُود والعَنِيدُ : بمعنى فاعلٍ أَو مُفاعِل ، والعُنُود بالضّمّ : الجَوْرُ والمَيْلُ عن الحَقِّ . وكان كُفْرُ أَبِي طالِبٍ مُعَانَدةً ، لأَنه عَرفَ الحَقَّ وأَقَرَّ وأَنِفَ أَن يُقَال : تَبِع ابنَ أَخِيه ، فصارَ بذالك كافراً .
( وأَعْنَدَ ) ( في قَيْئِه ) ، إِذا ( أَتْبَعَ بَعضَهُ بَعْضاً ) ، وذالك إِذَا غَلَب عليه ، وكَثُرَ خُرُوجهُ . وهو مَجاز . ويقال : استعْنَدَه القَيْءُ أَيضاً ، كما سيأْتي .
( والعانِدُ البَعِيرُ ) الّذِي ( يَحُورُ عن الطَّرِيقِ ، ويَعْدِلُ ) عن القَصْدِ . وناقَةٌ عَنُودٌ : لا تُخَالِطُ الإِبِلَ ، تَبَاعَدُ عَنْهُنَّ فتَرْعَى نَاحِيَةً أَبداً . والجَمْع : عُنُدٌ ، وناقَةٌ عانِدٌ وعانِدَةٌ ، و ( ج ) أَي جَمْعُهَا جَمِيعاً عَوَانِدُ ، و ( عُنَّدٌ كرُكَّع ) قال :
إِذا رَحَلْتُ فاجْعَلُوني وسَطَا
إِني كَبِيرٌ لا أُطِيقُ العُنَّدَا
____________________

(8/424)



جَمع بينَ الطَّاءِ والدَّالِ ، وهو إِكفاءٌ .
وفي حديثِ عُمَرَ يَذْكُر سِيرَتَه ، يَصِف نفْسَه بالسياسةِ ، فقال : ( إِنِّي أَنْهَرُ اللَّفُوتَ وأَضُمُّ العَنُودَ ، وأُلحِقُ القَطُوفَ ، وأَزْجُر العَرُوضَ ) . قال ابنُ الأَثير : العَنُود من الإِبِلِ : الّذي لا يُخَالِطُهَا ولا يَزالُ مِنْفَرِداً عنها . وأَرادَ مَن خَرَج عن الجماعة أَعَدْتُه إِليها ، وعَطَفْتُه عَلَيْها .
وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ وأَبو نَصْرٍ : هي التي تكون في طَائِفَةِ الإِبِل ، أَي في ناحِيَتِها .
وقال القَيْسِيُّ : العَنُود من الإِبل : التي تُعانِدُ الإِبِلَ فتُعَارِضُها . قال : فإِذا قادَتْهُنَّ قُدُماً أَمامَهُنَّ فتِلكَ السَّلُوفُ .
وفي المحكَم : العَنُودُ من الدَّوَابِّ : المُتَقَدِّمةُ في السَّيْرِ . وكذالك هِيَ من حُمُرِ الوَحْشِ . ونَاقَةٌ عَنُودٌ : تَنْكُبُ الطَّرِيقَ من نَشَاطِها وقُوَّتِها . والجمْع : عُنُدٌ وعِنَّدٌ . قال ابن سيده : وعَنْدِي أَنَّ عُنَّداً ليسَ جمْع عَنُودٍ ، لأَنَّ فَعُولاً لا يُكَسَّر على فُعَّلٍ ، وإِنما هي جمْع عانِدٍ . وإِيَّاه تَبِعَ المصنِّفُ ، على عادتِه .
( والمُعَانَدَةُ : المُفَارَقَةُ والمُجَانَبَةُ ) ، وقد عَانَدَه ، إِذا جَانَبَه ، وهو مِن عَنَدَ الرَّجُلُ أَصحابَه يَعنُد عُنُوداً ، إِذا ما تَرَكهم واجْتَازَ عليهم ، وعَنَدَ عَنْهُم ، إذا ما تَرَكَهُم في سَفَرٍ ، وأَخَذَ في غَيْرِ طَرِيقِهم ، أَو تَخَلَّف عنهم . قاله ابنُ شُمَيْلٍ . والعُنُود كأَنَّه الخِلافُ والتَّبَاعُدُ والتَّرْكُ ، لو رأَيْتُ رَجُلاً بالبَصْرةِ من الحِجَازِ لقُلْتُ : شَدَّ ما عَنَدْت عن قَومِكَ ، أَي تَبَاعِدْت عَنْهُم . ( و ) المُعانَدَةُ : ( المُعارَضَةُ بالخِلافِ ) لا بالوِفاقِ . وهاذا الذي يَعْرِفُه العَوَامُّ .
وفي التهذيب : عانَدَ فلانٌ فلاناً : فعلَ مِثْلَ فِعْلِه ، يقال : فلانٌ يُعَانِدُ فلاناً ، أَي يَفْعَلمِ مِثْلَ فِعْلِه ، وهو يُعارِضه ويُبَارِيه . قال : والعامَّة يُفَسَّرُونَه : يُعَانِدُه : يَفْعَلُ خِلَافَ فِعْلِه . قال : ولا أَعْرِفُ ذالك ولا أُثْبِتُه .
( العِنَادِ ) . وفي اللِّسَان : وقد يكونُ
____________________

(8/425)


العِنَادُ مُعارَضةً لغيرِ الخِلافِ ، كما قال الأَصمعيُّ ، واستَخْرَجَهُ من عَنَد الحُبَارَى ، جَعَلَه إسماً مِن عانَدَ الحُبارَى فَرْخَه ، إِذا عارَضَهُ في الطَّيرانِ شَفَقَةٌ عليه .
وعَانَدَ البَعيرُ خِطَامَه : عارَضَهُ ، مُعَانَدَةً وعِنَاداً .
( و ) المُعَانَدَةُ في الشيْءِ : ( الملازَمَةُ ) فهو ضِدٌّ مع معنَى المفارَقَةِ ، ولم يُنَبِّهْ عليه المصنِّف .
( وعنْدَ مُثَلَّثَةَ الأَوّلِ ) ، صَرَّحَ به جماهِيرُ أَهلِ اللّغَةِ . وفي ( المغنى ) : وبالكسر أَكثر ، وفي المصباح : هي اللّغَةُ الفُصْحَى . وفي ( التسهيل ) : ورُبَّمَا فُتِحَت عينُهَا أَو ضُمَّت . ومعناها حُضُورُ الشيْءِ ودُنُوُّه ، وهي ) ظَرْفٌ في المكانِ والزَّمَانِ ) بِحَسَبِ ما تُضافُ إِليه ، فإِن أُضِيفَتْ إِلى المَكَانِ كانت ظَرْفَ مكانٍ ، كعِنْدَ البَيْتِ ، وعندَ الدَّارِ نحوهِ ، وإِن أُضِيفَتْ إِلى الزَّمانِ فكذالكَ ، نحو : عِنْدَ الصُّبْحِ ، وعِنْدَ الفَجرِ ، وعِنْدَ الغُروبِ ، ونحْوِ ذالك ( غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ ) ، ومثْلُه في الصّحاح . وفي اصطلاح النُّحَاة : غيرُ مُتَصَرِّف ، أَي لازِمٌ للظَّرْفِيَّةِ ، لا يَخْرُج عنها أَصْلاً . ( ويَدْخُلُهُ من حُرُوفِ الجَرِّ مِنْ ) وَحْدَها ، كما أَدخلوها على لَدُن ، قال تعالى : { رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا } ( الكهف : 65 ) وقال تعالى : { مّن لَّدُنَّآ } ( النساء : 67 ) .
قال شيخُنَا : وَجَرُّه بِمِنْ مِن قَبِيلِ الظَّرْفِيَّةِ ، فلا يُرَدُّ ، كما صَرَّحُوا به ، أَي إِنما جَرُّ بِمن خاصَّةً .
( و ) في التهذيب : هي بلُغَاتِها الثَّلاثِ أَقْصَى نِهاياتِ القُرْب . ، ولذلك لم تُصغَّر ، وهو ظَرفٌ مُبْهَم ، ولذالك لم يَتَمَكَّن إِلَّا في موضعٍ واحدٍ ، وهو أَن ( يُقَال ) لشيْءٍ بلا عِلْمٍ هاذا ( عنْدِي كذا ) وكذا ، ( فَيُقَال ) أَ ( ولَكَ عِنْدٌ ) . قال شيخُنا : فَعِنْدٌ مُبتدأَ ، ولَك : خَبَرُهُ ، ( استُعْمِلَ غيْرَ ظَرْفٍ ) ، لأَنَّه قُصِدَ لَفْظُه ، أَي هل لك عِنْدٌ
____________________

(8/426)


تُضِيفُه إِليكَ ، نَطِير قولِ الآخر :
ومَنْ أَنتُمُ حَتَّى يكونَ لَكُمْ عِنْدُ
وقول الآخر :
كُلُّ عِنْدٍ لَكَ عِنْدِي
لا يُسَاوِي نِصْفَ عِنْدِ
فهذا كُلُّه قُصِدَ الحُكْمُ على لَفْظِه دُونَ مَعْنَاه . ( و ) قال الأَزهريُّ : زعموا أَنه في هاذا الموضِعِ ( يُرادُ بِهِ القَلْبِ و ) ما فيه ( المَعْقُولُ ) واللُّبُّ قال : وهاذا غيرُ قَوِيَ .
قلْت : وحَكَى ثَعْلَبٌ عن الفَرَّاءِ : قالوا : أَنت عِنْدِي ذاهِبٌ ، أَي في ظَنِّي .
وقال الليث : وهو في التقريبِ شِبّه اللِّزْقِ ، ولا يَكادُ يَجِيءُ في الكلامِ إِلَّا منصوباً ، لأَنه لا يكون إِلَّا صفةً معمولاً فيها ، أَو مُضْمراً فيها فِعْلٌ ، إِلَّا في قولهم : أَو لَك عِنْدٌ . كما تقدَّم .
( وقد يُغْرَى بِهَا ) ، أَي حالَة كونِها مُضَافَةً لا وحدَهَا ، كما فَهِمَ غيرُ واحدٍ من ظاهِرِ عبارةِ المصنَّف ، لأَن الموضوعَ للإِغراءِ هو مجموعُ المضاف والمضافِ إِليه . صَرَّحَ به شيخُنا . ويدلّ لذالك قوله : ( عندَك زَيداً ، أَي خُذْهُ ) ، وقال سيبويهِ : وقالوا : عَنْدَكَ ، تُحَذِّرُه شَيْئاً بين يَدَيْهِ ، أَو تأَمُره أَن يَتَقَدَّم ، وهو من أَسماءِ الفِعْلِ لا يَتَعَدَّى . وقال الفرّاءُ : العَرَبُ تأْمُر من الصِّفاتِ بِعَلَيْكَ ، وعِنْدَكَ ، ودُونَك ، وإِلَيْك ، يقولون : إِليكَ إِليكَ عَنِّي ، كما يَقُولون : وراءَك وَراءَك ، فهاذه الحروفُ كثيرة .
وزَعَم الكسائِيُّ أَنَّه سَمِعَ ، بَيْنَكُا البَعيرَ فَخُذَاه . فنَصَب البَعِيرَ . وأعجاز ذالك في كلِّ الصِّفاتِ التي تُفْرَد ، ولم يُجِزْه في اللام ، ولا الباءِ ، ولا الكافِ ، وسَمِعهَ الكسائيُّ العَرَب تقولُ : ما أَنْتَ وزيداً ، ومكانَك وزيداً . قال الأَزهريُّ : وسَمِعْتُ بعضَ بني سُلَيْمٍ يقول : كَمَا أَنْتَنِي ، يقول : انتَظِرْنِي في مكانِكَ .
قال شيخُنا : وبَقِيَ عليهم أَنهم استَعْملوا ، عِنْد في مُجَرَّد الحكْم من غيرِ نَظَرٍ لظَرْفِيّةٍ أَو غَيرِهَا ، كقولِهم عنْدِي مالٌ ، لما هو بِحَضْرتك ، ولِما غابَ
____________________

(8/427)


عَنْك ، ضُمِّنَ معنى المِلْك والسُّلطانِ على الشيْءِ ، من هُنا استُعْمِل في المَعَانِي ، فيقال : عِنْدَه خَيْرٌ ، وما عِنْدَه شَرٌّ ، لأَنَّ المَعَانِيَ ليس لها جِهَاتٌ . ومنه : { فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ } ( القصص : 27 ) أَي مِن فضْلِكَ . ويكون بمعنى الحُكْم ، يقال : هاذا عِنْدِي أفضلُ من هاذا ، أَي في حُكْمِي . وأَصلُه في ( درة الغوّاص ) للحريريِّ .
( ولا تَقُلْ : مَضَى إِلى عنْدِهِ ، ولا إِلى لَدُنْهُ ) وهاكذا في الصّحاح . وفي ( درة الغواص ) : قولُهم : ذَهَبتُ إِلى عِنْدِه لَحْنٌ لا يجُوز استعمالُه ، ونسَبَه للعامَّةِ .
وفَرَّ الدَّمامِينِيُّ بينَها وبين لَدُن ، من وُجوهً سِتَّةٍ ، زَعَمَه المعرِّيُّ من اتِّحادِهما ، ومَحَلُّ بَسْطِه المُطَوَّلاتُ .
( والعنْدُ مُثَلَّثَةً : النّاحيَةُ . وبالتَّحْرِيكِ : الجانبُ ) ، وقد عانَد فُلانٌ فُلاناً ، إِذا جَانَبه ، ودَمٌ عانِدٌ : يَسِيل جانباً . وبِه فسر قول الراجز :
حُبَّ الحُبَارَى ويَزِفُّ عَنَدَهُ
وقال ثعلب المُرَادُ بالجَانِبِ هنا الاعتراضُ . والمعنى يُعَلِّمه الطَّيرَانَ ، كما يعَلِّمُ العُصفورُ وَلَدَه ، وأَنشد :
وكُلُّ خنْزِيرٍ يُحِبُّ وَلَدَه
حَبْ الحُبَارَى . . . الخ
( و ) ومن المجاز : ( سَحَابَةٌ عَنُودٌ ) ، كَصَبُورٍ : ( كَثِيرةُ المَطَرِ ) لا تَكاد تُقْلِع ، وجَمْعُه : عُنُ ، قال الراعي :
باتَتْ إِلى دِفْءِ أَرْطاةٍ مُباشِرَةً
دِعْصاً أَرَذَّ عليه فُرَّقٌ عُنُدُ
نقله الصاغانيُّ .
( وقِدْحٌ عَنُودٌ ) ، وهو الذي ( يَخْرُجُ فائِزاً على غيرِ جِهَةِ سائرِ القِدَاحِ ) ، نقله الصاغانيُّ ( وبالخِلافِ ، ضِدٌّ ) .
وقال الأَزهَريّ : المُعَانِدُ هو المُعَارِضُ بالخِلافِ ، لا بالوِفاق . وهاذا الذي
____________________

(8/428)


يَعرِفُه العَوامُّ . وقد يكونُ العِنادُ معارضةٌ لغيرِ الخِلاف . وقد تقدَّم .
قلت : فإِذا كانتْ عامَّةً فلا يَظهر للضِّدِّيّةِ كَبِيرُ مَعْنًى . أَشار له شيخُنا ، رَحِمَ الله تعالى .
( والعِنْدَأَوةُ ) بالكسر ، والهمز ، قد مَرَّ ذِكْرُه ( في باب الهَمْزِ ) ، قال أَبو زيد : يقال : ( إِنَّ تَحْتَ طِرِّيقَكَ لَعِنْدَأْوَةً ) أَي تحتَ سُكونِك لَنَزْوةً وطِمَاحاً . ومنهم من جَعَل الهَمْزةَ زائدً ، فذكَرَها هنا ، ومنهم من قال بأَصالةِ الواو فذَكرها في المُعْتَلّ ، فوزْنه فِنْعَلْوَة أَو فِعْلَلْوَة .
( و ) يقال ( مالِي عَنْهُ عُنْدَدٌ ) وعُنْدُدٌ ( كَجُندَبٍ وقُنْفُذٍ . و ) كذا : مالي عنه ( مُعْلَنْدَدٌ ، وتكسر الدَّال ) وتُفُتح ، وكذا : مالِي عنه احتيال ( أَي بُدٌّ ) ، قال :
لَقَدْ ظَعَن الحَيُّ الجَمِيعُ فأَصعنُوا
نَعَمْ لَيْسَ عَمَّا يَفعلُ اللّهُ عُنْدَدُ
وإِنَّما لم يُقْضَ علَيْهَا أَنَّهَا فُنْعَلٌ لأَنَّ لتَّكْرِير إِذا وَقَع ، وَجَبَ القَضَاءُ بالزِّيادةِ ، إِلّا أَن يَجيءَ ثَبَتٌ . وإِنَّما قُضِيَ على النُونِ ها هنا أنَّهَا أصلٌ ، لأَنَّهَا ثانِيَةٌ ، والنُّونُ لا تُزادُ ثانيةً إِلَّا بِثَبتٍ .
وقال اللِّحْيَانيُّ : مالِي عن ذااك عُنْدَدٌ وعُنْدُدٌ ، أَي مَحِيصٌ .
( و ) في المحكم : ( مالِي إِليه مُعْلَنْدَدٌ ، سَبِيلٌ ) ، وما وَجدْتُ إِلى كذا مُعْلَنْدَداً ، أَي سَبِيلاً .
وقال الِّحْيَانِيُّ مرّة : ما وَجَدْتُ إِلى ذالك عُنْدُداً وعُنْدَداً ، أَي سَبِيلاً . ولا ثَبَتَ هُنا .
وفي اللِّسَان ، مادَّة : علند : ويُقَال : مالِي عنه مُعْلَنْدِدٌ ، أَي ليس دُونَه مُنَاخٌ ولا مَقِيلٌ إِلّا القَصْد نَحْوَه ( والمُعْلَنْدَدُ : البَلَدُ لا ماءَ بها ولا مَرعَى ) ، قال الشاعر :
كَمْ دُونَ مَهْدِيَّةَ مِنْ مُعْلَنْدَدِ
____________________

(8/429)



وذكره أَئِمَّةُ اللغَةِ مُفَرَّقاً في : علد ، وعلند ، وعند .
( و ) من المجاز : ( استَعْنَدَهُ ) ( القَيّءُ ) ، وكذَا الدَّمُ ، إِذا ( غَلَبَ ) وكَثُر خُرُوجُه ، كعَنَدَه .
( و ) استَعْنَدَ ( البَعِيرُ ، و ) كذا ( الفَرَسُ : غَلَبَا على الزِّمامِ والرَّسَنِ ) وعارَضَا وأَبَيَا الانقِيادَ فَجرَّاه . نقلَ الصاغانيُّ .
( و ) استَعْنَدَ ( عَصَاهُ : ضَرَبَ بها في النَّاسِ ) ، نقله الصاغانيُّ .
( و ) استَعْنَدَ ( الذَّكَرَ : زَنَى بِهِ فِيهِم ) ، ونصُّ التكملة : واسْتَعْنَد ذَكَرَه : زَنَى في النَّاسِ ( و ) استَعْنَدَ ( السِّقاءَ : اخْتَنَثَهُ ) ، أَي أَمالَه . ( فَشَرِبَ من فِيهِ ) ، أَي من فَمِه ( و ) استعنَدَ ( فُلاناً ) من بينِ القَوْم ( قَصَدَهُ ) .
( والعُنْدَدُ كَجُنْدَبٍ : الحِيلَةُ ) والمحيص ، يقال : مالي عنه عُنْدَدٌ ( و ) العُنْدَدُ أَيضاً : ( القَدِيمُ ) .
( وسَمَّوْا عَنَاداً وَعِنَادة ) ، كَسَحَابٍ وسَحابة ، وكِتَابٍ وكِتَابَة .
( عَنْدَةُ ) ، بفتح فسكون : اسمُ ( امْرَأَةٍ من ) بني ( مَهْرَةَ ) بن حِيْدانَ ، وهي ( أُمُّ عَلْقَمَةَ بنِ سَلَمَةَ ) بنِ ملِكِ بن الحارِث بن مُعَاويةَ الأَكرمينَ ، وهو ابن عَنْدَةَ ، ولَقبه الزُّوَيْر .
( والعُوَيْنِدُ ، كدْرَيْهم : ة لبنِي خَدِيجٍ . و ) العُوَيْنِدُ : ( ماءٌ لبني عَمْرِو بن كِلابٍ ، وماءٌ ) آخَرُ ( لبَنِي نُمَيْرٍ ) .
وممَّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
تَعَانَدَ الخَصْمانِ : تَجَادَلَا .
وعانِدَةُ الطَّرِيقِ : ما عُدِلَ عنه فَعَنَدَ ، أَنشَدَ ابنُ الأَعرابيِّ :
فإِنَّكَ والبُكَا بَعْدَ ابنِ عَمْرٍ و
لكالسَّارِي بعَانِدَةِ الطَّرِيقِ
يقول رُزِئْتَ عَظِيماً ، فبُكاؤُكَ على هالِكٍ بعْدَه ضَلالٌ ، أَي لا يَنْبَغِي لكَ أَن تَبْكِيَ على أَحدٍ بعْدَه .
والعَنَد . محرّكةً : الاعتراضُ .
وعَقَبَةً عَنُودٌ : صَعْبَةُ المُرْتَقَى .
____________________

(8/430)



والعاند : المائِلُ .
وعانِدٌ : وادٍ ، قبل السُّقْيَا بمِيلٍ .
وعانِدَانِ : وادِيانِ معروفانِ ، قال :
شُبَّتْ بأَعْلَى عانِدَيْنِ من إِضَمْ
وعانِدُونَ وعانِدِينَ : اسم وادٍ أَيضاً ، وفي النّصْب وفي الخَفض : عانِدِينَ ، حكاه كُراع . ومثَّلَه بِقَاصِرِينَ ، وخانِقِين ، ومارِدِينَ ، وماكِسِينَ ، وناعِتِين . وكُلُّ هاذه أَسماءُ مواضِعَ ، وقول سالم بنَ قحفان :
يَتْبَعْنَ وَرقاءَ كَلَوْنِ العَوْهَقِ
لاحِق الرِّجْلِ عَنُودَ المِرْفقِ
يعني بعيدةَ المِرْفَقِ من الزَّوْرِ .
( وطَعْنٌ عَنِدٌ ، كَتِفٍ ، إِذا كان يمْنَةً ويَسْرَةً . وقال أَبو عَمْرٍ و : أَخَفُّ الطَّعْنِ الوَلْقُ ، والعانِدُ مِثلُه .
وعِلْباءُ بنُ قَيْسِ بنِ عانِدةَ بنِ مالِكِ بنِ بَكْرٍ ، جاهِليّ .
عنقد : ( عُنْقُودٌ ) بالضّمّ ، أَهمله الجوهري هنا ، وهو ( عَلَمُ ثَوْرٍ ) قال :
يا رَبِّ سَلِّمْ قَصَباتِ عُنْقُودْ
( و ) أَما ( عُنْقُودُ العِنَبِ ) فقد مَرّ ذِكْره ( في ع ق د ) ومن لُغَاتِهَا : العِنْقَادُ ، قال :
إِذْ لِمَّتِي سَوْداءُ كالعِنْقادِ
كَلِمَّةِ كانتْ على مَصَادِ
قال شيخُنا أَطلَقه ، كما أَطلَق في عُنْقُودِ العِنَب فيما مَرَّ فأَوْهَم الفتحَ ، بناءً على أَصالَةِ النُّونِ ، ولا قائِلَ به ، بل لا يُعْرَف فيه إِلّا الضّمُّ ونونُه صرَّحَ الجماهِيرُ بأَنَّهَا زائدةٌ ، هنا وهناك ، فإِفرادُه بترجمةٍ وتَمييزُهَا بالحُمْرةِ بناءً على أَنه من التراجِمِ الزائدةِ على الصّحاح ، من العجائبِ الدَّاعِيَة لِلافْتضاح .
عنكد : ( العَنْكَدُ ) ، كجَعْفَرٍ ، أَهمله
____________________

(8/431)


الجوهريّ ، وقال الصّاغانيُّ : هو : ( الصُّلْبُ ، والأَحْمَقُ ) .
وممَّا يستدرك عليه :
العَنْكَدُ : ضَرْبٌ من السَّمَكِ البَحريِّ ، ما في اللسان ، وغيره .
عود : ( *!العَوْدُ : الرُّجُوعُ ،*! كالعَوْدَةِ ) ، عاد إِليه *!يَعُود *!عَوْدَة *!وعَوْداً : رَجَعَ وقالوا . *!عادَ إلى الشيْءِ *!وعادَ لَهُ وعادَ فيه ، بمعنًى . وبعضُهُم فَرَّقَ بين استعماله بفي وغيرِها . قاله شيخُنا .
وفي المَثَلِ : ( العَوْدُ أَحْمَدُ ) وأَنشد الجوهَرِيُّ لمالِك بن نُوَيْرةَ :
جَزَيْنَ بني شَيْبَانَ أَمْسِ بقَرْضِهِمْ
وجِئنَا بِمِثْلِ البَدْءِ *!والعَوْدُ أَحْمَدُ
قال ابنُ بَرِّيَ صواب إِنشاده : *!وعُدْنا بمِثْلِ البَدْءِ . قال : وكذالك هو في شِعْرِهِ ، أَلا تَرَى إِلى قولِه في آخر البيت : والعَوْدُ أَحْمَدُ . وقد عد له بعدَ ما كان أَعرضَ . قال الأَزهريُّ قال بعضهم : العَوْدُ تَثْنِيةُ الأَمرِ عَوْداً بعدَ بَدْءٍ ، يقال : بَدَأَ ثُمَّ عادَ ، *!والعَوْدَةُ *!عَوْدَةُ مَرةٍ واحدةٍ .
قال شيخُنَا : وحَقَّق الرَّاغِبُ ، والزَّمَخْشَرِيُّ ، وغيرُ حدٍ من أَهلِ تَحْقيقاتِ الأَلفاظِ ، أَنه يُطْلَق العَوْدُ ، ويُراد به الابتداءُ ، في نحو قوله تعالى : { أَوْ *!لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } ( الأعراف : 88 ) ( أَي لتدخلنّ وقوله ) : { إِنْ *!عُدْنَا فِى مِلَّتِكُمْ } ( الأعراف : 89 ) أَي دَخَلْنا . وأَشار إِليه الجارَ برديّ ، وغيرُه ، وأَنشدُوا قول الشاعر :
وعاد الرأْسُ مِنًى كالثَّغَامِ
قال : ويُحْتَمل أَنه يُراد من العَوْد هنا الصَّيْرُورَةُ ، كما صرَّحَ به في المصباح ، وأَشار إِليه ابنُ مالِكٍ وغيرِه من النُّحَاة ، واستَدَلوا بقوله تعالى : { وَلَوْ رُدُّواْ *!لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } ( الأنعام : 28 )
____________________

(8/432)


قيل أَي صارُوا ، كما للفيُّومِيِّ وشِيخِه أَبي حَيَّان .
قلْت : ومنه حديثُ مُعَاذٍ ، قال له النُّبيُّ صلَّى الله عليْه وسلَّم : ( *!أَعُدْتَ فَتَّاناً يا مُعَاذُ ) ، أَي صِرْتٍ .
ومنه حديثُ خُزَيْمَة . ( عادَ له النِّقَادُ مُجْرَنْثِماً ) ، أَي صارَ .
وفي حديثِ كَعْبٍ : ( وَدِدْتُ أَن هاذا اللَّبَنَ يَعُودُ قَطِرَاناً ) أَي يَصِير . ( فقِيل له : لِمَ ذالِكَ : قال : تتَبَّعَتْ قُرَيْشٌ أذنابَ الإِبِلِ ، وتركوا الجَمَاعاتِ ) وسيأْتي .
( و ) تقول عاد الشيءُ يعودُ *!عَوْداً ، مثل ( *!المَعَادِ ) ، وهو مصدرٌ مِيمِيٌّ ، ومنه قولهم : اللّاهُمَّ ارزُقْنا إِلى البيتِ *!مَعاداً *!وعَوْدَةً .
( و ) العَوْدُ ؛ ( الصَّرْفُ ) ، يقال : *!عادَنِي أَن أَجِيئك ، أَي صَرَفنِي ، مقلوبٌ من عَدَانِي ، حكاه يَعقُوبُ .
( و ) العَوْدُ : ( الرَّدُّ ) ، يقال : عادَ إِذا رَدَّ ونَقَضَ لِمَا فَعَل . ( و ) *!العَوْدُ : ( زِيَارَةُ المريضِ ، *!كالعِيَادِ *!والعِيَادَةِ ) ، بكسرهما . ( *!والعُوَادَةِ ، بالضّمّ ) وهاذه عن اللِّحْيَانِيِّ . وقد *!عَادَه *!يَعُوده : زَارَه ، قال أَبو ذُؤَيْب :
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هل تَنَظَّرَ خالِدٌ
*!-عِيَادِي على الهِجْرانِ أَمْ هو يائِسُ
قال ابنُ جِنِّي : وقد يَجُوز أَن يكون أَرادَ *!-عِيَادَتِي ، فحذَف الهاءَ لأَجل الإِضافَةِ . وقال اللِّحْيَانِيُّ : *!العُوَادةُ من *!عيادةِ المَرِيضِ ، لم يَزِد على ذالك .
وذكر شيخُنَا هنا قول السّراج الوَرّاق ، وهو في غاية من اللُّطْفِ :
عرِضْتُ ، لِلّهِ قَوماً
ما فِيهُمُ مَنْ جَفَانِي
عادُوا وعادُوا وعَادُوا
على اخْتِلافِ المَعَانِي
( و ) *!العَوْدُ ( جمْعُ *!العائِدِ ) استُعمل اسم جمْع ، كصاحِبٍ وصَحْبٍ ، ( *!كالعُوَّادِ ) . قال الفَرَّاءُ : يقال هاؤلاءِ *!عَوْدُ فلانٍ *!وعُوَّادُه ، مثل زَوْرِه وزُوَّارِه ، وهم الّذِين يَعودُونَه إِذا اعْتَلَّ . وفي حديثِ فاطمةَ بنت
____________________

(8/433)


قَيْسٍ ( فإِنها امرأَةٌ يَكْثُر *!عُوَّادُها ) ، أَي زُوَّارُهَا ) ، وكلُّ مَن أَتاكَ مرَّةً بعدَ أُخرَى فهو عائِدٌ ، وإِن اشتَهر ذالك في *!عِيَادَةِ المَرِيضِ ، حتَّى صار كأَنَّه مُخْتَصٌّ به .
( و ) أَمَّا ( *!العُوَّد ) فالصَّحِيح أَنه جمْعٌ للإِناثِ ، يقال : نِسْوَةٌ *!عَوَائِدُ *!وعُوَّدٌ ، وهُنَّ اللَّاتي *!يعُدْنَ المَرِيضَ ، الواحدة : *!عائِدَةٌ . كذا في اللسان والمصباح .
( والمَرِيضُ : *!مَعُودٌ *!ومَعْوُودٌ ) ، الأَخيرةُ شاذَّةٌ وهي تَمِيميَّةٌ .
( و ) العَوْدُ : ( انْتِيابُ الشيْءِ ، *!كالاعْتِيَادِ ) يقال *!-عادَني الشيْءُ عَوْداً *!-واعتداَنِي : انتَابَنِي ، واعتادَني هَمٌّ وحَزَنٌ .
قال الأَزهَرِيُّ : والاعتيادُ في معنى التَّعَوّد ، وهو من العَادَة ، يقال : عَوَّدتُه فاعتادَ وتَعَوَّد .
( و ) العَوْدُ ( ثانِي البَدْءِ ) قال :
بَدَأْتُمْ فأَحْسَنْتُم فأَثْنَيْتُ جاهِداً
فإِنْ عُدْتُمُ أَثْنَيْتُ والعَوْدُ أَحْمَدُ
( *!كالعياد ) بالكسر ، وقد عاد إِليه ، وعليه ،*!عودًا *!وعِيَاداً ، *!وأَعَادَه هو ، واللّهُ يُبْدِىءُ الخَ ثُمَّ يُعيده ، من ذالك .
( و ) العَوْدُ : ( المُسِنُّ من الإِبِلِ والشَّاءِ ) ، وفي حَديث حَسَّان ( قد آن لكم أن تَبْعَثُوا إِلى هاذا العَوْدِ ) ، وهو الجَمَل الكبيرُ المُسِنُّ المُدرَّب ، فَشَبَّهَ نفْسَه به . وفي الحديث : ( أَنَّه عليه السَّلامُ دَخَلَ على جابِرِ بنِ عبدِ الله مَنْزِلَه ، قال : فعَمَدت إِلى عَنْزٍ لي لأَذبَحَهَا فَثَغَت ، فقال عليه السلامُ : يا جابِرُ ، لا تَقْطَعْ دَرًّا ولا نَسْلاً . فقلتُ : يا رسولَ اللّهِ إِنَّمَا هي *!عَوْدَةٌ عَلَفْناها البَلَحَ ، والرُّطَبَ فَسَمِنَتْ ) حكاه الهَرَوِيُّ ، في ( الغَريبين ) . قال ابنُ الأَثيرِ : *!وعَوَّدَ البَعِيرُ والشّاةُ ، إِذا أَسَنَّا ، وبَعِيرٌ *!عَوْدٌ ، وشاةٌ عَوْدَةٌ وفي اللسان : العَوْد : الجَمَلُ المُسِنّ وفيه بَقِيَّةٌ . وقال الجَوْهَرِيُّ : هو الذي جَاوَزَ في السِّنِّ البازِلَ ، والمُخْلِفَ . وفي المثَل : ( إِنْ جَرْجَرَ العَوْدُ فزِدْه وِقْراً )
____________________

(8/434)


( ج *!عِيَدَةٌ ) ، كعَنَبَةٍ ، وهو جمْع العَوْد من الإِبل . كذا في النودار ، قال الصاغانيُّ : وهو جمعٌ نادِرٌ ( *!وعِوَدَةٍ ، كفِيَلَةٍ ، فيهِما ) ، قال الأَزهريُّ : ويقال في لُغَةٍ : *!عِيَدَة ، وهي قَبِيحَةٌ .
قال الأَزهريُّ : وقد عَوَّدَ البَعِيرُ تَعْوِيداً ، إِذا مَضَتْ له ثَلاثُ سِنِينَ بعْدَ بُزولِهِ أَو أَربعٌ ، قال : ولا يُقَال للنّاقَةِ *!عَوْدَةٌ ، لا *!عوَّدَتْ . وقال في مَحَلَ آخَرَ من كتابِه : ولا يقال عَوْدٌ ، لِبَعيرٍ أَو شاةٍ ، ويقالُ للشاةِ : عَوْدَةٌ ، ولا يقال للنَّعْجةِ : عَوْدَةٌ ، قالٌ وناقَةٌ *!مُعَوِّد . وقال الأَصمعيُّ : جَمَل عَوْدٌ ، وناقَةٌ عَوْدَةٌ ، وناقتانِ عَوْدَتانِ ، ثمّ *!عِوَدٌ في جَمْع العَوْدَةِ ، مثل هِرَّةٍ وهِرَرٍ ، ( وعَوْدٌ ) وعِوَدَة مثْل هِرَ وهِرَرة .
( و ) العَوْدُ : ( الطَّرِيقُ القَدِيمُ ) *!-العاديُّ ، قال بَشِير بن النِّكْث :
عَوْدٌ عَلى عَوْدٍ لأَقْوامٍ أَوَلْ
يموتُ بالتَّرْكِ ويَحْيَا بالعَمَلْ
يُرِيد بالعَوْدِ الأَوّل : الجَمَلَ المُسِنَّ ، وبالثَّاني : الطَّرِيقَ ، أَي على طريقٍ قَدِيمٍ ، وهاكذا الطَّرِيقُ يموت إِذا تُرِكَ ويَحْيَا إِذَا سُلِكَ .
( و ) من المجاز : العَوْدُ اسم ( فَرَسِ أُبَيِّ بنِ خَلَفٍ ، و ) اسم ( فَرَس أَبي رَبِيعَةَ بنِ ذُهْلٍ ) .
قال الأَزهَريُّ : عَوَّد البَعِيرُ ولا يُقَال للنّاقَة : عَوْدةٌ . وسَمِعْتُ بعضَ العَرَب يقول لفَرَسٍ له أُنثَى : عَوْدةٌ .
( و ) من المجاز : العَوْدُ ( القَدِيمُ من السُّودَدِ ) قال الطِّرِمَّاحُ :
هَل المَجْدُ إِلّا السُّودَدُ العَوْدُ والنَّدَى
وَرَأْبُ الثَّأَى والصَّبْرُ عند المَواطِنِ
وفي الأَسَاس : ويقال : له الكَرَمُ العِدُّ ، والسؤدَد العَوْدُ .
( و ) *!العُودُ ، ( بالضَّمِّ : الخَشَبُ ) ، وقال الليثُ : هو كلُّ خَشَبَةٍ دَقَّتْ وقيل : العُودُ خَشَبَةُ كُلِّ شَجرَةٍ ، دَقَّ أَو غَلُظَ ، وقيل : هو ما جَرَى فيه الماءُ من الشَّجَرِ ، وهو يكونُ للرَّطْبِ واليابِسِ
____________________

(8/435)


( ج : *!عِيدانٌ *!وأَعوادٌ ) ، قال الأَعشى :
فجَرَوْا على ما *!عُوِّدُوا
ولِكُلِّ عِيدَانٍ عُصَارَهْ
( و ) العُودُ أَيضاً : ( آلةٌ من المَعَازِفِ ) ، ذو الأَوتارِ ، مشهورةً ( وضارِبُهَا : عَوَّادٌ ) ، أَو هو مُتَّخِذُ *!العِيدَانِ .
( و ) العُودُ ) ، الّذِي للبخُورِ ) ، وفي الحديث ( عَليكم *!بالعُودِ الهِنْدِيّ ) ، وقيل هو القُسْطُ البَحْرِيّ .
وفي اللسان : العُودُ : الخشَبةُ المُطَرَّة يُدَخَّن بها ، ويُستَجْمر بها ، غَلبَ عليها الاسمُ لكَرَمِهِ .
ومما اتّفَق لَفْظُه واختَلَف مَعناه فلم يكن إِبطاءً ، قولُ بعضِ المُولَّدِين :
يا طِيبَ لَذَّةِ أَيَّامٍ لنا سَلَفَتْ
وحُسْنَ بَهْجةِ أَيامِ الصِّبَا *!-عُودِي
أَيامَ أَسحَبُ ذَيْلاً في مَفارِقِها
إِذَا تَرَنَّمَ صَوتُ النَّايِ والعُودِ
وقَهْوَةٍ من سُلافِ الدَّنِّ صافِيَةٍ
كالمِسْكِ والعَنْبَرِ الهِنْدِيّ والعُودِ
تَسْتَلُّ رُوحَكَ في بِرَ وفي لَطَفٍ
إِذا جَرَتْ منكَ مجْرَى الماءِ في العُودِ
كذا في المحكم .
( و ) العُودُ أَيضاً : ( العَظْمُ في أَصلِ اللِّسَانِ ، و ) قال شَمِرٌ في قول الفَرَزدَقِ يَمدَح هِشَامَ بنَ عبدِ الملك :
وَمن وَرِثع *!العُودَيْنِ والخَاتَمَ الّذِي
لَه المُلْكُ والأَرْضَ الفَضَاءَ رَحِيبُه
قال : ( *!العُودَانِ : مِنْبَرُ النّبيِّ صلْى الله عليْه وسلّم وعَصَاهُ ) ، وقد وَرَدَ ذِكْرُ العُودَيْنِ وفُسِّرا بذالك .
( وأُمُّ *!العُودِ : القِبَةُ ) ، وهي الفَحِثُ ، والجمْع : أُمَّهاتُ العُودِ . ( *!وعَادَ كذا ) : فِعْلٌ بمنزلةِ ( صارَ ) ، وقول ساعِدَةَ بْنِ جُؤَيةَ :
فقام تَرْعُدُ كَفَّاهُ بمِيبَلَةٍ
قد *!عادَ رَهْباً رَذِيًّا طائِشَ القَدَمِ
لا يكون عَادَ هنا إِلّا بمعنَى صارَ ، وليس يريد أَنَّه *!عاوَدَ حالاً كان عليها قَبْلُ ، وقد جاءَ عنهم هاذا مجيئاً
____________________

(8/436)


واسِعاً ، أَنشد أَبو عليَ للعحّاج :
وقَصَباً حُنِّيَ حتَّى كادَا
*!يَعُودُ بَعْدَ أَعْظُمٍ *!أَعْوَادَا
أَي يصير .
( *!وعَادٌ قَبِيلةٌ ) ، وهم قَوْمُ هُودٍ ، عليه السَّلام ، قال ابن سيده : قضَيْنَا على أَلِفها أَنَّهَا واوٌ للكثرة ، وأَنَّه ليس في الكلام : ع ى د . وأَما عِيدٌ وأَعيادٌ فبدَلٌ لازِمٌ ، وأَنشد سيبويه :
تَمُدُّ عليهِ مِن يمِينِ وأَشْمُلٍ
بُحُورٌ له من عَهْدِ عادٍ وتُبَّعَا
( ويُمْنَعُ ) من الصرف . قال اللَّيْثُ وعادٌ الأُولى هم : عادُ بن عاديَا بنِ سامِ بن نُوحٍ ، الّذِين أَهلكَهم اللّهُ ، قال زُهَيْر :
وأَهْلَكَ لُقْمَانَ بنَ عادٍ وعادِيَا
وَمّا *!عادٌ الأَخيرة فهم بَنُو تميم ، يَنزِلون رِمالَ عالِجٍ ، عَصَوُا اللّهَ فَمُسِخُوا نَسْناساً ، لكلّ إِنسانٍ منهم يَدٌ ورِجْل من شقَ .
كتاب م كتاب وفي كتب الأَنساب عادٌ هو ابن إِرَمَ بن سام بن نُوح ، كان يَعُبُد القَمَر . وقال : إِنه رأَى من صُلْبِه وأَولاد أَولاد أَولاده أَربعةَ آلاف ، وإنه نكَحَ أَلْفَ جاريةٍ وكانت بلادُهُم إِرم المذكورة في القرآن ، وهي من عُمَانَ إِلى حَضْرَمَوْت . ومن أولاده شَدَّادُ بنُ عادٍ صاحبُ المدينةِ المذكورة .
( و ) بئرٌ *!عادِيَّة ، و ( *!-العادِي : الشيْءُ القَدِيمُ ) نُسب إِلى عادٍ ، قال كُثَيِّر :
وما سَالَ وادٍ من تِهامةَ طَيِّبٌ
بِهِ قُلُبٌ عادِيَّةٌ وكِرَارُ
وفي الأَساس : مَجْدٌ عادِيٌّ وبِئْرُ عادِيٌّ : قديمانِ . وفي المصباح : يقال للمُلْك القَدِيم : *!-عادِيٌّ ، كأَنه نِسْبة *!لعَادٍ ، لتقدُّمه ،
____________________

(8/437)


*!-وعادِيُّ الأَرضِ : ما تقادَمَ مِلْكُه . والعَرَب تنسُبُ البِنَاءَ الوَثِيقَ ، والبِئرَ المُحْكَمَةَ الطَّيِّ ، الكثيرة الماءِ إِلى عادٍ .
( وما أَدرِي أَيُّ عاد هُوَ ) غَيْرَ مَصْرُوفٍ ، ( أَيْ أَيُّ خَلْقٍ ) هو .
( *!العِيدُ ، بالكسر : ما اعتادكَ مِنْ هَمَ أَو مَرَضٍ أَو حُزْن ونحْوِه ) من نَوْبٍ وشَوْقٍ ، قال الشاعر :
والقَلْبُ*! يَعتادُه من حُبِّها عِيدُ
وقال يَزِيدُ بنُ الحَكَم الثَّقَفِيّ ، يمدَح سُلَيمانَ بنَ عبدِ المَلِك :
أَمسَى بأَسْماءَ هاذا القَلْبُ مَعْمُودَا
إِذا أَقولُ صَحَا *!يَعْتادُه *!عِيدَا
وقال تأَبَّط شَرًّا :
يا عِيدُ مالَكَ مِن شَوْقٍ وإِيراقِ
ومَرِّ طَيْفٍ على الأَهوالِ طَاقه
قال ابنُ الأَنباريِّ ، في قوله : يا عِيدُ مالك : العيد : ما يَعْتَادُه من الحُزْنِ والشَّوْقِ . وقوله : مالَكَ مِن شَوْقٍ ، أَيما أَعْظَمَكَ مِن شَوْقٍ ، ويُرْوَى : يا هَيْدَ مالَكَ . ومعنى يا هَيْدَ مالَكَ : ما حالُكَ وما شأْنُك . أَرادَ يا أَيُّهَا *!-المُعْتَادِي مالَكَ مِن شَوْق ، كقولك : مالك من فارسٍ ، وأَنت تَتعجَّبُ من فُرُوسِيَّتِهِ وتَمْدَحُه ، ومنه : قاتَلَه اللّهُ من شاعِر .
( و ) العِيدُ : ( كُلُّ يَوْ فِيه جَمْعٌ ) ، واشتِقَاقُه من عادَ يَعود ، كأَنَّهم *!عادُوا إِليه . وقيل : اشتِقاقُه من *!العادَةِ ، لأَنَّهُم *!اعتادُوه . والجَمْع : *!أَعيادٌ ، لزمَ البَدَلَ ، ولو لم يلزم لَقِيل وأعوادٌ ، كرِيحٍ وأَرواحٍ ، لأَنه من عَادَ يَعُود .
( *!وعَيَّدُوا ) إِذا ) شَهِدُوه ) أَي العِيدَ ، قال العَجَّاجُ ، يصف ثَوْراً وَحْشِيًّا :
*!واعتادَ أَرْباضاً لها آرِيُّ
كما *!يَعُودُ العهيدَ نَصْرانِيُّ
فجَعلَ العِيدَ من عادَ يَعُود .
قال : وتَحوَّلَت الواوُ في العيدِ ياءً لكسرةِ العَيْنِ .
____________________

(8/438)



وتصغير *!عيد : *!عُيَيْدٌ ، تَرَكُوه على التَّغْيِيرِ ، كما أَنَّهُم جَمَعُوه *!أَعياداً ، ولم يقولوا أَعواداً . قال الأَزهريُّ : والعِيد عندَ العَرب : الوقْتُ الّذِي يَعُود فيه الفَرَحُ والحُزْنُ . وكان في الأَصل : *!العِوْد ، فلمَّا سَكنت الواوُ ، وانْكَسَر ما قَبلَه صارت ياءً وقال قُلِبَت الواوُ ياءً ليُفرِّقوا بينَ الاسم الحَقِيقيّ ، وبينَ المَصْدَرِيّ . قال الجوهريُّ : إِنَّمَا جُمِعَ *!أَعيادٌ بالياءِ ، للِزُومِهَا في الواحِدِ . ويُقَالُ للفَرْقِ بينَه وبينَ أَعوادِ الخَشَبِ .
وقال ابنُ الأَعرابِيِّ : سُمِّيَ لعِيدُ *!عِيداً ، لأَنَّه يَعُودُ كلَّ سَنَةٍ بِفَرَحٍ مُجَدَّدٍ .
( *!والعِيدُ ) : شَجَرٌ جَبَلِيَ ( يُنْبِتُ عِيدَاناً ، نحو الذِّرَاعِ ، أَغبَرُ لا ورَقَ له ولا نَوْر ، كَثِير اللِّحَاءِ والعُقَدِ ، يُضَمَّد بِلِحَائِهِ الجُرْحُ الطَّرِيُّ فَيَلْتَئِمُ .
( و ) عِيدٌ : اسم ( فَحْل م ) ، أَي معروف ، مُنْجِب ( كأَنَّه ) ، ضَرَبَ في الإِبِلِ مَرَّاتٍ ، ( ومنه النَّجَائِبُ *!العِيدِيَّةُ ) ، قال ابن سيده : وهاذا ليس بِقَوِيَ . وأَنشد الجوهَرِيُّ لرذاذ الكلبيّ :
ظَلَّتْ تَجوبُ بها البُلْدَانَ ناجِيةٌ
*!عِيدِيَّةٌ أُرْهِنَتْ فيها الدَّنانِيرُ
وقال : هي نُوقٌ من كِرَامِ النَّجَائِبِ ، منسوبةٌ إِلى فَحْلٍ مُنْجِبٍ . ( أَو نِسْبَةٌ إِلى *!-العِيدِيِّ ابنِ النَّدَغِيِّ ) ، محرَّكَةً ، ( ابنِ مَهْرَةَ بنِ حَيْدَانَ ) وعلَيْهِ اقتصرَ صاحِبُ الكِفَايَة ) ، ( أَو إِلى عادِ بن عادٍ ، أَو إِلى عادِيِّ بنِ عادٍ ) ، إِلَّا أَنَّه على هاذَيْنِ الأُخِيرَينِ نَسَبٌ شاذٌّ ، ( أَو إِلى بَنِي عِيدِ بْنِ الآمِرِيِّ ) ، كعَامِرِيَ .
قال شيخُنَا : لا يُعْرَفُ لهم عِجْل ، كما قَالُوه .
وفي اللسان : قال شَمِرٌ : *!والعِيدِيَّةُ :
____________________

(8/439)


ضَرْبٌ من الغَنَمِ ، وهي الأُنثَى من البُرْقَان ، قال : والذَّكَرُ خَرُوفٌ ، فلا يَزال اسمَه حتى يُعَقَّ عَقِيقَتُه .
قال الأَزهريُّ : لا أَعرِف العِيدِيَّةَ في الغَنَمِ ، وأَعرِف جِنْساً من الإِبِل العُقَيْلِيَّةِ ، يقال لها : العِيدِيَّةُ . قال : ولا أَدري إِلى أَيِّ شيْءٍ نُسِبَتْ .
( و ) في الصّحاح : ( *!العَيْدَانُ ، بالفتح : الطِّوالُ من النَّخْلِ ، وَاحِدَتُها ) عَيْدَانَةٌ ، ( بِهَاءٍ ) ، هاذا إِن كان فَعْلان فهو من هاذا البابِ ، وإِن كان فَيْعَالاً فهو من بابالنُّون . وسيُذْكَر في موضِعِهِ .
وحَكَى الأَزهَرِيُّ عن الأَصمعيّ : *!العَيْدَانةُ : النَّخلَةُ الطَّوِيلةُ ، والجمْع *!العَيْدَان قال لَبِيد :
وأَنِيضُ العَيْدَانِ والجَبَّارُ
قال أَبو عُدنان : يُقَال : *!عَيْدَنَت ( لنخلةُ ) إِذا صارَت *!عَيْدانةً ، وقال المسيّب بن عَلَسٍ :
والأُدْمُك *!كالعَيْدانِ آزَرَهَا
تَحْت الأَشاءِ مُكَمَّمٌ جَعْلُ
قال الأَزهريُّ : مَنْ جَعَل العَيْدَانَ فَيْعَالاً جَعَلَ النُّونَ أَصْلِيَّةً ، والياءَ زائِدةً ودَلِيلُه على ذالك قولُهم : *!عَيْدَنَت النّخْلَة . ومَن جَعَلَه فَعْلَانَ مثْل : سَيْحَان ، مِن ساحَ يَسِيحُ ، جعلَها أَصْلِيَّةً ، والنونَ زائدَةً ، قال الأَصمَعِيُّ : العَيْدَنَةُ : شَجَرَةٌ صُلْبَةٌ قَدِيمةٌ ، لها عُرُوقٌ نافِذَةٌ إِلى الماءِ ، قال : ومنه هَيْمَان وعَيْن ، وأَنْشَد :
تَجَاوَبْنَ في *!عَيْدَانَةٍ مُرْجَحنَّةٍ
من السِّدْرِ رَوَّاهَا المَصِيفَ مَسِيلُ
وقال :
بَواسِق النَّخْلِ أَبْكاراً *!وعَيْدَانَا
( ومِنْهَا كانَ قَدَحٌ يَبُولُ فِيهِ النَّبيُّ ، صلَّى اللّهُ عليهِ وسلَّم ) باللَّيْلِ ، كما
____________________

(8/440)


رَوَاه أَهْلُ الحديثِ ، وهو في سُنَنِ الإِمامِ أَبي دَاوُودَ ، وضَبَطُوه بالفَتْح ، ومنهم من يُرجِّح الكسْرَ .
( *!وعَيْدانُ ، ع ) ، من العَوْد ، كرَيْحَان من الرَّوْح ( و ) *!عَيْدَانُ : ( عَلَمٌ ) ، وهو عَيْدَانُ بن حُجْر بن ذي رُعَيْنٍ ، جاهليٌّ ، واسمه : جَيْشانُ ، وابن أَخيه عبْدُ كَلَال هو الّذي بعثه تُبَّعٌ على مُقَدِّمته إِلى طَسْم وجَدِيس ، ونقل ابنُ ماكولا ، عن خطِّ ابن سعيد ، بالغين المعجمة . وأَبو بكر محمّد بن عليّ بن عَيْدان ، *!العَيْدانِيّ الأَهوازِيُّ ، سمِعَ الحاكمَ .
( و ) في المحكم : ( المَعَادُ : الآخِرَةُ . و ) المَعادُ : ( الحَجُّ ، و ) قيل : المَعَاد : ( مَكَّةُ ) زِيدَت شَرَفاً ، عِدَةً للنَّبيِّ ، صلَّى الله عليْه وسلّم أَن يفْتَحَها له . ( و ) قالت طائفة ، وعليه العملُ { إِلَى *!مَعَادٍ } أَي إِلى ( الجَنَّةِ ) .
وفي الحديث : ( وأَصْلِح لي آخِرَتِي التي فيها *!-مَعَادِي ) . أَي ما يَعُود إِليه يَوم القِيَامَةِ . ( وبِكِلَيْهِمَا فُسِّرَ قولُه تعالى ) : { إِنَّ الَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْءانَ لَرَآدُّكَ إِلَى مَعَادٍ } ( القصص 85 ) وقال الفرَّاءُ : إِلى مَعَادٍ حيثُ وُلِدت . وقال ثعلبٌ : معناه : يَرُدُّك إِلى وَطَنِكَ وَبَلَدِك . وذَكَرُوا أَنَّ جِبْرِيلَ قَال ( يا مُحَمَّدُ : اشتقْتَ إِلى مَوْلِدِكَ ووَطنِكَ ؟ قال : نعم . فقال له : { 8 . 027 8 ؟ 85 : 1 . . 8 } .
قال والمَعَادُ هنا : إِلى عادَتِك ، حيثُ وُلِدْتَ ، وليس من العَوْدِ . وقال مُجَاهِدٌ : يُحْيِيه يوْمَ البَعْثِ . وقال ابنُ عَبَّاس : أَي إِلى مَعْدِنِكَ من الجَنَّة . وأَكثر التفسير في قوله : { لَرَآدُّكَ إِلَى مَعَادٍ } لَبَاعِثُك ، وعلى هذا كلامُ النّاسِ : اذكُر المَعادَ ، أَي اذكُرْ مَبْعَثَك في الآخِرَةِ . قاله الزجَّاجُ . وقال بعضهم : إِلى أَصْلِكَ من بَنِي هاشِمٍ .
( و ) المَعَادُ : ( المَرْجِعُ والمَصِيرُ ) وفي حديثه عليَ : ( والحَكَمُ اللّهُ *!والمَعْوَدُ إِليه يَومَ القِيَامَةِ ) أَي المَعَادُ . قال ابنُ الأَثِير : هاكذا جاءَ
____________________

(8/441)


المَعْوَدُ على الأَصل ، وهو مَفْعَلٌ من عادَ يَعُودُ ، ومن حَقِّ أَمثالِه أَن يُقلَب واوُه أَلِفاً كالمَقَام والمَرَاحِ ، ولاكِنَّه استَعْمَلَه على الأَصْلِ ، تقول عادَ الشيءُ يَعودُ عَوْداً ومَعَاداً ، أَي رَجَعَ . وقد يَرِدُ بمعنى صَار ، كما تقدَّم .
( و ) حَكَى بعضُهم ( رَجَعَ عَوْداً على بَدْءٍ ) ، من غير إِضافةٍ .
( و ) الذي قاله سيبويهِ : تقول رجعَ ( عَوْدَهُ على بَدْئِهِ ، أَي ) أَنه ( لم يَقْطَع ذَهابَهُ حتى وَصَلَهُ برجوعه إِنما أَردتَ أَنَّه رَجَعَ في حافِرَتِه ، أَي نَقضَ مَجِيئُه برُجوعه ، وقد يكنُ أَن يقطعَ مَجِيئَه ، ثم يَرْج 2 فيقول : رجعْ عَوْدِي على بَدئِي ، أَي رَجَعْتُ كما جِئتُ ، فالمَجيءُ موصولٌ به الرجوعُ فهو بدءٌ ، والرُجُوعُ عَوْدٌ . انتهى كلامُ سيبويه .
قلت : وقد مَرَّ إِيماءٌ إِلى ذلك في : باب الهمزة .
( ولَكَ العَوْدُ *!والعُوَادَةُ بالضّمّ ، والعَوْدَةُ ) ، كلُّ هاذه الثلاثةِ عن اللِّحْيَانِيِّ ، ( أَيلك أَن تَعُودَ ) في هاذا الأَمرِ .
( *!والعائِدَةُ : المَعْرُوفُ ، والصِّلَة ، والعَطْفُ ، والمَنْفَعَةُ ) يُعادُ به على الإِنسان ، قاله ابنُ سيده . وقال غيره : *!العائِدةُ اسم ما عادَ بِه عليكَ المُفْضِلُ من صِلَةٍ ، أَو فَضْلٍ ، وجَمْعه : *!العَوَائِدُ . وفي المصباح : عادَ فلانٌ بمعروفِ *!عوداً فلانٌ بمعروفِهِ عَوْداً ، كقال ، أَي أَفْضَلَ .
( و ) قال اللَّيْثُ : تقول ( هاذا ) الأَمْرُ ( *!أَعْوَدُ ) عليكَ ، أَي أَرْفَقُ بِكَ من غَيْرِه و ( أَنْفَعُ ) ، لأَنَّهُ *!يَعودُ عليكَ برِفْقٍ ويُسْرٍ .
( والعُوَادَةُ بالضّمّ : ما *!أُعِيدَ على الرَّجُلِ مِن طَعَامٍ يُخَصُّ بِهِ بَعْدَ ما يَفْرُغُ القَوْمُ ) : قال الأَزهريُّ إِذا حذفْتَ الهاءَ قلت . *!عُوَادٌ ، كما
____________________

(8/442)


قالوا أَكامٌ ونَمَاظٌ وقَضَامٌ . وقال الجوهَرِيُّ : والعُوَاد ، بالضّمّ : ما *!أُعِيدَ من الطَّعَامِ بعدَما أُكِلَ منه مَرَّةً ، ( و ) يقال : ( *!عَوَّدَ ) ، إِذا ( أَكَلَهُ ) ، نقله الصاغانيُّ . ( *!والعادةُ : الدَّيْدَنُ ) *!يُعاد إِليه ، معروفَةٌ ، وهو نصّ عبارة المُحْكَم . وفي المصباح : سُمِّيَتْ بذالك لأَنَّ صاحِبَها *!يُعَاوِدُهَا ، أَي يرجِع إِليها ، مرَّةً بعدَ أُخْرَى ( ج : *!عَادٌ ) ، بغير هاءٍ ، فهو اسمُ جِنْسٍ جَمْعِيّ . وقالوا : *!عاداتٌ ، وهو جمْع المؤنّثِ السالم . (*! وعِيدٌ ) بالكسر ، الأَخيرة عن كُرَاع ، وليس بقويَ إِنَّمَا العيدُ : ما عَاد إِليكَ من الشَّوْقِ والمَرَضِ ونَحْوِه ، كذا في اللسان . ولا وَجْهَ لإِنكار شيخِنا له . ومن جُموع *!العادة : *!عَوَائِد ، ذَكَرَه في المصباح وغيرِه ، وهو نَظِيرُ حوائِجَ ، في جمْعِ حاجةٍ ، نقله شيخُنا .
قلتُ : الذي صَرَّحَ به الزَّمَخْشَرِيُّ وغيرُه أَنَّ *!العَوَائِدَ جمعُ عائدةٍ لا عادةٍ . وقال جماعةٌ : العادةُ تكريرُ الشيْءِ دائِماً أَو غالِباً على نَهْجٍ واحِدٍ بلا علاقةٍ عَقْلِيّة . وقيل : ما يستَقِرُّ في النُّفوسِ من الأُمور المتكرِّرَة المَعْقُولةِ عند الطِّباع السَّلِيمة . ونقَل شيخُنَا عن جماعةٍ أَنَّ العادَةَ والعُرفَ بمعنٍ ى . وقال قوم : وقد تَخْتَصُّ العادةُ بالأَفعال ، والعُرْفُ بالأَقوال . كما أَشار إِليه في ( التلويح ) أَثناءَ الكلامِ على مسأَلةِ : لا بُدَّ للمجازِ من قَرينة .
( *!وتَعَوَّدَهُ ، و ) *!عادَه ، و ( *!عَاوَدَهُ *!مُعاوَدَةً *!وعِوَاداً ) ، بالكسر ، ( *!واعْتَادَهُ ، *!وأَعادَهُ ، *!واسْتَعَادَهُ ) ، كلُّ ذالك بمعنَى : ( جَعَلَهُ مِن *!عَادتِهِ ) ، وفي اللسان : أي صار عادةً له ، أَنشد ابنُ الأَعرابيِّ :
لم تَزَلْ تِلْكَ عادَةَ اللهِ عِندِي
والفَتَى آلِفٌ لِمَا *!يَسْتَعِيدُ
وقال :
*!تَعَوَّدْ صالِحَ الأَخلاقِ إنِّي
رأَيتُ المرْءَ يأْلَفُ ما *!استَعادَا
وقال أَبو كَبِيرٍ الهُذَليُّ ، يصف الذِّئابَ :
إِلّا عواسِلُ كالمِرَاطِ *!مُعِيدَةٌ
باللَّيْلِ مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتغَضِّفِ
____________________

(8/443)



أَي وَرَدَتْ مَرَّتٍ ، فلس تُنْكِر الوُرُودَ .
وفي الحديث : ( *!تَعوَّدُوا الخَيْرَ فإِن الحَيْرَ *!عادةٌ ، والشَّرَّ لَجَجَةٌ ) . أَي دُرْبَةٌ ، وهو أَن يُعوِّدَ نفْسَه عليه حتى يَصيرَ سَجِيَّةً له .
( *!وعَوَّدَهُ إِيَّاهُ جَعَلَهُ *!يَعْتَادُهُ ) ، وفي المصباح : عوَّدته كذا *!فاعتادَه ، أَي صَيَّرْتُه له عادةً . وفي اللسان : عوَّدَ كلْبَه الصَّيْدَ فتعوَّدَه . ( *!والمُعَاوِدُ : المُوَاظِبُ ) ، وهو منه ، قال الليث : يقال للرجُل المُوَاظِبِ على أَمْرٍ : مُعَاوِدٌ . ويقال : عاوَد فُلانٌ ما كانَ فِيه ، فهو *!مُعَاوِدٌ *!وعَاوَدَتْهُ الحُمَّى ، *!وعَاوَدَه بالمَسَأَلَةِ ، أَي سأَلَه مرَّةً بعد أُخْرَى .
وفي الأَساس : ويقال للماهِر في عَمَلِه : *!معاوِدٌ .
( و ) *!المُعَاوَدةُ : الرُّجوعُ إِلى الأَمر الأَوَّلِ ، ويقال للشُّجَاع : ( البَطَلُ ) *!المُعَاوِدُ ، لأَنه لا يَمَلُّ المِرَاسَ .
( و ) في كلامِ بعْضهم : الْزَمُوا تُقَى اللّهِ ، *!واستَعِيدُوها ، أَي *!تَعوَّدُوهَا .
و ( *!استَعَادَهُ ) الشيْء *!فأَعَادَه ، إِذا ( سَأَلَه أَن يَفْعَلَه ثانِياً و ) *!استعاده ، إِذا سأَلَهُ ( أَن يَعُودَ ) .
( *!وأَعَادَه إِلى مَكَانِهِ ) ، إِذا ( رَجعَهُ ) .
( و ) أَعَادَ ( الكلامَ : كَرَّرَهُ ) ، قال شيخُنَا هو المشهورُ عند الجمهور . ووقَع في ( فُروقِ ) أَبي هلالٍ العَسْكَرِيّ أَنَّ التكرار يقع على إِعادةِ الشيْءِ مرَّةً ، وعلى *!إِعادتِهِ مَرَّاتٍ ، *!والإِعادة للمرَّةِ الواحِدَةِ ، فكرَّرت كذا ، يَحْتَمِل مَرَّةً أَو أَكثَر ، بخلافِ *!أَعَدْت ، فلا يُقال : *!أَعادَهُ مرّاتٍ ، إِلَّا من العامَّةِ .
( *!والمُعِيد : المُطِيقُ ) للشيْءِ يُعَاوِدُه ، قال :
لا يَسْتَطِيعُ جَرَّهُ الغوامِضُ
إِلّا *!المُعِيدَاتُ به النَّواهِضُ
وحكَى الأَزهريُّ في تفسيره قال : يَعنِي النُّوقَ الّتي استعادَت للنَّهْض بالدَّلْو ، ويقال : هو *!معِيدٌ لهاذا الشيْءِ ، أَي مُطِيقٌ له ، لأَنّه قد*! اعتادَه .
____________________

(8/444)



وأَما قَولُ الأَخطل :
يَشُول ابنُ اللَّبُون إِذَا رآنِي
ويَخْشانِي الضُّوَاضِيَةُ *!المُعِيدُ
قال : أَصلُ المُعِيد الجَملُ الّذِي ليس بعَيَاءٍ وهو الّذِي لا يَضْرِب حتّى يُخْلَطَ له ، والمُعِيد : الذي لا يَحتاج إِلى ذالك . قال ابنُ سيده ( و ) المُعِيد ( الفَحلُ ) الذي قد ضَرَبَ في الإِبلِ مَرَّاتٍ ) ، كأَنَّهُ أَعادَ ذالك مَرَّةً بعدَ أخرى .
( و ) الُعِيدُ : ( الأَسَدُ ) *!لإِعادتِهِ إِلى الفَرِيسَة مرّةً بعدَ أُخْرَى .
( و ) قال شَمِرٌ : المُعِيد من الرِّجَال : ( العالِمُ بالأُمُورِ ) الذي ليس بِغُمْرٍ ، وأَنشد :
كما يَتْبَع العَوْدَ المُعِيدَ السلائبُ
( و ) قال أَيضاً : المُعِيدُ هو ( الحاذِقُ ) المجرِّب ، قال كُثَيّر :
عَوْدُ المُعِيدِ إِلى الرَّجَا قَذَفَتْ بِهِ
في اللُّجِّ داوِيَةُ المَكَانِ جَمُومُ
( *!والمُتَعَيِّد . الظَّلُومُ ) ، قاله شَمِرٌ ، وأَنشد ابنُ الأَعرابِيِّ لِطَرفةَ :
فقالَ أَلَا ماذَا تَرَوْنَ لِشَارِبٍ
شَدِيدٍ عَلَيْنَا سُخْطُهُ *!مُتَعَيِّدِ
أَي ظَلومٍ ، كأَنَّه قَلْب مُتَعَدَ
وقال رَبِيعَةُ بن مَقْروم :
يَرَى *!المُتعَيِّدونَ عَلَيَّ دُونِي
أُسُودَ خَفِيَّةَ الغُلْبَ الرِّقَابَا
( و ) قال رَبِيعةُ بنُ مَقرومٍ أَيضاً :
وأَرسَى أَصْلَهَا عِزٌّ أَبِيٌّ
علَى الجُهَّالِ *!والمُتَعَيِّدِينا
قال : *!المْتَعَيِّدُ : ( الغَضْبانُ ، و ) قال أَبو عبدِ الرحمان : المُتعيِّد :
____________________

(8/445)


( المُتَجَنِّي ) ، في بيتِ ربيعةَ .
( و )*! المُتَعَيِّد : ( الذي يُوعِدُ ) ، أَي *!يُتَعيَّد عليه بِوَعْدِه ، نقلَه شَمِرٌ عن غير ابن الأَعرابيِّ .
( وذو *!الأَعوادِ ) : الّذِي قُرِعَت له العَصَا : ( غُوَيٌّ بنُ سَلامَةَ الأُسَيْدِيُّ أَو ) هو ( رَبِيعَةُ بنُ مُخاشِنٍ ) الأُسَيِّدِيُّ ، نقَلهما ، الصاغانيُّ . ( أَو ) هو ( سَلَامَةُ بنُ غِوَيَ ) ، على اختلافٍ في ذالك . قيل : ( كانَ لَهُ خَرْجٌ على مُضَرَ يُؤَدّونَهُ إِليه كُلَّ عامٍ ، فشاخَ حتّى كان يُحْمَلُ على سَرِيرٍ يُطافُ بِهِ في مِيَاهِ العَرَبِ فيَجْبيها ) . وفي اللسان : قيل : هو رَجلٌ أَسَنَّ فكان يُحْمَلُ على مِحَفَّةٍ من عُودٍ . ( أَو هو جَدٌّ لأَكْثَمَ بنِ صَيْفِيَ ) المُختلَفِ في صُحْبَته ، وهو من بني أُسَيِّد بنِ عَمْرِو بن تَمِيم وكان ( مِن أَعَزِّ أَهْلِ زَمانِهِ ) فاتُّخِذتْ له قُبَّةٌ على سَرِير ، ( ولم يَكُنْ يَأْتِي سَريرَهُ خائفٌ إِلَّا أَمِنَ ، ولا ذَلِيلٌ إِلَّا زَّ ، ولا جامِعٌ إِلَّا شَبِعَ ) وهو قولُ أَبي عُبيدةَ ، وبه فُسِّر قولُ الأَسوَدِ بن يَعْفُرَ النَّهْشلِيّ :
ولقد عَلِمْتُ سِوَى الّذِي نَبَّأْتِنِي
أَنَّ السَّبيلَ سَبيلُ ذي الأَعْوادِ
يقول : لو أَغفَلَ المَوتُ أَحداً لأَغْفَلَ ذا الأَعوادِ ، وأَنا ميِّت إِذ مَاتَ مِثلُه .
( *!وعادِيَاءُ ) : رَجلٌ ، وهو ( جَدُّ السَّمَوْأَل بن جيار ) المضروب به المَثَل في الوفاءِ ، قال النَّمِرُ بن تَوْلب :
هَلَّا سأَلت*!بِعَادِيَاءَ وَبَيْتِهِ
والخَلِّ والخَمْرِ الذي لم يُمْنَعِ
واختُلف في وَزْنه ، قال الجوهريُّ : وإِن كان تقديرُه فاعلاءَ فهو من باب المعتَلّ ، يُذكَر في موضعِه .
____________________

(8/446)



( وجِرَانُ العَوْدِ : شاعِرٌ ) عُقَيْلِيٌّ ، سُمِّيَ بقوله :
فإِنَّ جِرانَ العَوْدِ قد كادَ يَصلُحُ
أَو لقوله :
عَمَدْتُ*! لِعَوْدٍ فالْتحَيْتُ جِرَانَه
كما في ( المزهر ) . واختُلِف في اسمه ، فقيل المستورِد ، وقيل غيرُ ذالك . والصَّحِيحُ أَن اسمَه عامِر بن الحارث .
( *!وعَوَادِ ، كقَطَامِ ) ، بمعنى : ( عُدْ ) ، ومَثَّله في اللسان بنَزَالِ وتَرَاكِ .
( و ) يقال ( *!تَعَوَدُوا في الحَرْبِ ) وغيرِهَا ، إِذا ( عادَ كُلُّ فَرِيقٍ إِلى صاحِبِهِ ) .
( و ) يقال أَيضاً : ( *!عُدْ ) إِلينا ( فَلَكَ ) عندنا ( *!عوَادٌ حَسَنٌ ، مُثَلَّث ) العين ، ( أَي لكَ ما تُحِبُّ ) ، وقيل أَي البِرُّ واللُّطْف .
( ولُقِّبَ مُعَاوِيةُ بنُ مالِكِ ) بن جَعْفَر بن كِلَابٍ . ( *!مُعَوِّدَ الحُكَمَاءِ ) ، جمع حَكيم ، كذا في غالب النُّسْخ ، ومُعوِّد كمُحَدِّث ، وفي بعضِها : الحُلَمَاءِ ، جمع حَليم باللام ، وفي ( المزره ) نقلاً عن ابن دُريد أَنّه مُعوِّد الحُكَّامِ ، جمع حاكِم ، وكذالك أَنشد البيت ومثله في ( طبقات الشعراءِ ) قاله شيخُنا ( لقوله ) أَي معاويةَ بن مالِك :
( *!أُعَوِّدُ مِثْلَها الحُكَمَاءَ بَعْدِي إِذا ما الحَقُّ في الأَشياعِ نابَا )
هاكذا بالنون والموحدة ، من نابَه الأَمرُ ، إِذا عَرَاهُ ، وفي بعض النسخ : بانَا ، بتقديم الموحّد على النون ، أَي ظهرَ ، وفي أُخرى : إِذا ما الأَمر ، بدلَ الحقّ . وهاكذا في ( التوشيح ) .
وفي بعض الروايات :
إِذا ما مُعْضِلُ الحَدَثَانِ نَابَا
وأَنشدَ ابنُ بَرِّيَ هاكذا وقال فيه : معوِّد ، بالذال المعجمة ، كذا نقله عنه ابنُ منظورٍ في : ك س د ، فلينظر .
____________________

(8/447)



( و ) إِنما لُقِّب ( ناجِيَةُ الجَرْمِيّ مُعَوِّدَ الفِتْيَانِ ، لأَنّه ضَرَبَ مُصَدِّقَ نَجْدَةَ الخارِجِيِّ فَخَرقَ بناجِيَةَ ، فضرَبَهُ بالسيْفِ وقَتَلَهُ . وقال ) في أَبياتٍ :
*!أُعَوِّدُهَا الفِتْيَانَ بَعْدِي لِيَفْعَلُوا
كَفِعْلِي إِذا ما جَارَ في الحُكْمِ تَابعُ
نقله الصاغانيُّ .
قال شيخُنا : وقصّتُه مشهورةٌ . وفي كلام المصنِّف إِيامٌ ظاهِرٌ فتأَملْه .
( و ) يقال : ( فَرَسٌ مُبدِيءٌ *!مُعِيدٌ ) ، وهو الّذي قد ( رِيضَ وذُلِّلَ وأُدِّبَ ) فهو طَوْعُ راكِبه وفارِسِه ، يُصرِّفه كيف شاءَ لطوَاعِيَه وذُلِّه ، وإِنه لا يَستصعِب عليه ولا يَمْنَعُه رِكَابَه ، ولا يَجْمَحُ به .
( و ) المُبْدِيءُ *!المُعِيدُ ( مِنا : مَنْ غَزا مرّةً بعدَ مَرَّة ) وبه فُسِّرَ الحَدِيث : ( إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ النَّكَلَ على النَّكَلِ . قِيلَ : وما النَّكَلُ على النَّكَلِ ؟ قال : الرَّجُلُ القَوِيُّ المُجَرِّب المُبْدِىءُ المُعِيدُ على الفَرَسِ القَويِّ المُجَرَّب المُبْدِيءِ المُعِيد ) قال أَبو عُبَيْدٍ : والمُبْدِيءُ المُعِيدُ : هو الذي قد أَبدأَ غَزْوَه *!وأَعادَه ، أَي غَزا مَرَّةً بعد مرَّةٍ ( وجَرَّب الأُمورَ ) طَوْراً بعدَ طَوْرٍ ، ومثلُه للزمّخشريِّ ، وابنِ الأَثيرِ . وقيل : الفرس المُبدِيءُ المُعِيد الذي قد غَزَا عليه صاحِبُه مَرَّةً بعد أُخرَى ، وهاذا كقولهم : ليلٌ نائمٌ إِذا نِيمَ فيه ، وسِرٌّ كاتِمٌ ، قد كَتَمُوهُ .
( و ) قال أَبو سعيد ( *!تَعَيَّدَ العائِنُ ) مِن عانَهُ ، إِذا أَصابَه بالعَيْن ( على المَعْيُونِ ) ، وفي بعض الأُصول : على ما يَتَعَيَّن ، وهو نصُّ عبارة ابن الأَعرابيِّ ، إِذا ( تَشَهَّقَ عليه وتَشَدَّدَ ليُبَالِغَ في إِصَابَتِهِ بِعَيْنِهِ ) ، وحُكِيَ عن ابنِ الأَعرَابِيِّ هو لا يَتَعَيَّنُ عَلَيْه ولا *!يَتَعَيَّدُ .
____________________

(8/448)



( و ) تَعَيَّدَت ( المرأَةُ : اندَرَأَتْ بِلسانِها على ضَرَّاتِها وحَرَّكَتْ يَدَيْهَا ) ، وأَنشد ابنُ السِّكِّيت :
كأَنَّهَا وفَوْقَها المُجَلَّدُ
وقِرْبَةٌ غَرْفِيَّةٌ ومِزْوَدُ
غَيْرَى على جاراتِهَا تَعَيَّدُ
قال : المُجَلَّدُ : حِمْل ثَقِيلٌ ، فكأَنَّها وفَوقَها هاذا الحِمْلُ وقِرْبَةٌ ومِزْوَدٌ : امرأَةٌ غَيْرَى *!تَعَيّدُ أَيْ تَنْدَرِيءُ بلسانِها على ضَرَّاتِها وتُحَرِّك يَدَيْهَا .
( *!وعِيدَانُ السَّقَّاء ، بالكسر : لَقَبُ وَالِده ) الإِمامِ أَي الطَّيّب ( أَحمَد بنِ الحُسَيْنِ ) بن عبد الصَّمَدِ ( المُتَنَبِّيءِ ) الكوفيِّ الشاعرِ المشهورِ ، هاكذا ضبطَه الصاغَانيُّ . وقال : كان أَبوه يُعرَفُ *!بعِيدَان السَّقّاءِ ، بالكسر ، قال الحافِظُ : وهاكذا ضَبطه ابنُ ماكولا أَيضاً . وقال أَبو القاسم بن برمانَ هو أَحْمَدُ بن *!عَيْدَان ، بالفتح ، وأَخْطَأَ من قال بالكسر ، فتأَمَّلْ .
( و ) في التهذيب : قد ( عَوَّدَ البَعِيرُ *!تَعْويداً : صَار عَوْداً ) وذالك إِذا مَضَتْ له ثَلاثُ سِنينَ بعْدَ بُزولِه ، أَو أَربعٌ . قال : ولا يقال للنّاقة ( عَوْدَةٌ ولا ) عَودَتْ .
وفي حديث حسَّان : ( قَد آنَ لَكُم أَن تَبْعَثُوا إِلى هاذا العَوْدِ ) هو الجَمَلُ الكَبِيرُ المُسِنُّ المُدَرَّب ، فشبَّه نفْسَه به .
( و ) في المَثَل : ( ( زاحمْ *!بِعَوْدٍ أَوْ دَعْ ) أَي استَعِنْ على حَرْبِكَ بالمشايِخِ الكُمَّلِ ) ، وهم أَهْلُ السِّنِّ والمَعْرفة . فإِنَّ رأْيَ الشيخِ خيرٌ من مَشْهَد الغُلَام .
ومما يستدرك عليه :
المُبْدِيءُ المُعِيدُ : من صِفاتِ الله تعالَى ، أَي يُعيد الخَلْقَ بعدَ الحياةِ إِلى المَمَاتِ في الدُّنْيا ، وبعد المَمَاتِ إِلى الحياةِ يومَ القِيَامَة .
____________________

(8/449)



ويقال للطَّرِيقِ الّذِي أَعادَ فيه السّفر وأَبدأَ : مُعِيدٌ ، ومنه قولُ ابنِ مُقبلٍ ، يصف الإِبلَ السائرة :
يُصْبِحْنَ بالخَبتِ يَجْتَبْنَ النِّعافَ عَلَى
أَصْلابِ هادٍ مُعِيدٍ لابِسِ القَتَمِ
أَراد بالهادِي : الطَّرِيقَ الذي يُهْتَدَى إِليه ، وبالمُعِيد : الذي لُحِبَ .
وقال الليث : المَعَاد والمَعَادة : المأْتَم يُعَاد إِليه ، تقول ؛ لآلِ فُلانٍ *!مَعَادَةٌ ، أَي مُصِيبَةٌ يَغْشَاهم الناسُ في مَنَاوِحَ أَو غيرِهَا ، تَتَكَلَّم به النِّساءُ .
وفي الأَساس : *!المعادَة : المَنَاحةُ المُعَزَّى .
وأَعادَ فلانٌ الصّلاةَ يُعِيدُهَا .
وقال اللّيث : رأَيتُ فلاناً ما يُبْدِيءُ وما يُعِيد ، أَي ما يَتَكَلَّم ببادِئةٍ ولا عائدةٍ ، وفلانٌ ما يُعِيدُ وما يُبْدِيءُ ، إِذا لم تَكن له حِيلةٌ ، عن ابن الأَعرابِيِّ وأَنشد :
وكنتُ أَمرَأً بالغَوْرِ مِنِّي ضَمَانَةٌ
وأُخرَى بِنَجْدٍ ما تُعِيدُ وما تُبْدِي
يقول : ليس لِما أَنا فيه من الوَجْد حِيلةٌ ولا جِهَةٌ .
وقال المفضَّل : *!-عادَني *!-عِيدِي ، أَي *!-عادَتِي ، وأَنشد :
عادَ قَلبي من الطَّوِيلةِ عِيدُ
أَراد بالطَّوِيلة : رَوْضَةً بالصَّمَّانِ ، تكون ثلاثَة أَميالٍ في مِثْلها .
ويقال : هو من عُودِ صِدْقٍ وسَوْءٍ ، على المَثل ، كقولهم : من شَجرةٍ صالحةٍ .
وفي حديثِ حُذيفة . ( تُعْرَضُ الفِتَنُ على القُلوب عَرْضَ الحَصيرِ *!عَوْداً عَوْداً ) .
قال ابنُ الأَثير هاكذا الرِّوَايَة ، بالفَتْح ، أَي مرَّة بعد مرَّة ، ويُرْوَى بالضّمّ ، وهو واحِد العِيدانِ يعني ما يُنْسَجُ به الحصِيرُ من طاقَته ، ويُروَى بالفتْح مع ذال معجمة ، كَأَنَّه استعاذَ من الفِتَن .
والعُودُ ، بالضّمّ : ذو الأَوتار الأَربعةِ
____________________

(8/450)


الّذِي يُضْرَب به ، غَلَب عليه الاسم لكَرَمِه ، قال ابن جِنِّي : والجمع عِيدانٌ . وفي حديث شُريح : ( إِنَّما القَضاءُ جَمْرٌ فادْفَع الجَمْرَ عنك بُعُودَيْنِ ) ، أَراد *!بالعُودَيْن : الشَّاهِدَيْنِ ، يريد اتَّقِ النارَ بِهِما واجعَلْهما جُنَّتَكَ ، كما يَدْفَع المُصطلِي الجَمْرَ ، عن مكانه بعُودٍ أَو غيرِه ، لئلّا يَحْتَرِق ، فمثَّلَ الشاهِدَينِ بهما ، لأَنه يَدفَع بهما الإِثمَ والوَبَالَ عنه ، وقيل : أَراد تَثَبَّتْ في الحُكْمِ واجْتَهِدْ فيما يَدْفعُ عنكَ النّارَ ما استطعْتَ .
وقال الأَسْوَدُ بن يَعْفُرَ :
ولقَد عَلِمْتُ سِوَى الّذِي نَبَّأْتِنِي
أَنَّ السَّبِيلَ سبِيلُ ذي *!الأَعواد
قال المفضَّل . سَبِيلُ ذِي الأَعوادِ ، يريد المَوْتَ ، وعَنَى بالأَعْوَادِ : ما يُحْمَل عليه المَيتُ . قال الأَزهَرِي : وذالك أَن البَوادِيَ لا جَنَائِزَ لهم ، فهم يَضُمُّون عُوداً إِلى عُودٍ ، ويَحْمِلُون المَيتَ عليها إِلى القَبْر .
وقال أَبو عدنان : هاذا أَمرٌ *!يُعوِّد النّاسَ عليَّ ، أَي يُضَرِّيهم بظُلْمى . وقال : أَكرَهُ تَعوُّدَ النَّاسِ عليَّ فيَضْرَوْا بِظُلْمِي . أَي يَعْتَارُوه .
وفي حديثِ معاوِيَةَ : ( سَأَلِه رجلٌ ، فقالَ : إِنَّكَ لَتَمُتُّ بِرَحِمٍ *!عَودةٍ ، فقال : بُلَّهَا بِعَطَا حتَّى تَقْرُبَ ) أَي بِرَحِمٍ قديمةٍ بعيدة النَّسبِ .
وعوَّدَا الرَّجلُ تَعويداً ذا أَسَنَّ ، قاله ابن الأَعرابيّ ، وأَنشد :
فقُلْنَ قد أَقْصَر أَو قَدْ *!عَوَّدا
أَي صار عَوْداً ( كبيراً ) قال الأَزهريُّ : ولا يقال : عَوْدٌ لِبعيرٍ أَو شاةٍ . وقد تقدَّم .
وقال أَبو النّجْم :
حتَّى إِذا اللَّيْلُ تَجَلَّى أَصحَمُهْ
وانْجَبَ عن وَجْهٍ أَغَرَّ أَدْهَمُهْ
وتَبِعَ الأَحمَرَ عَوْدٌ يَرْجُمُهْ
أَراد بالأَحْمَرِ الصُّبْحَ ، وأَراد بالعَوْد : الشَّمْسَ .
____________________

(8/451)



قال ابن بَرِّيّ : وقول الشّاعِر :
عَوْدٌ على عَوْدٍ على عَوْدٍ خَلَقْ
العَوْد الأَوّل : رَجُلٌ مُسِنٌّ ، والثاني : جَمَلٌ مُسِنٌّ ، والثالث : طَرِيقٌ قَدِيم .
والعَود : اسم فَرَسِ مالِك بنِ جُشَم .
وفي الأَساس : عادَ عليهم الدّهْرُ : أَتى ( عليهم ) وعادت الرِّياحُ والأَمطارُ على الدَّارِ حتى دَرَسَتْ .
ويقال : ركب الله عودا على عود ، إِذا هاجَت الفتنةُ ، ورَكِبَ السهمُ القَوسَ للرَّمْيِ .
وفي شرح شيخنا : وبَقِي عليه من مَباحِث عاد : له ستّةُ أَمكنةٍ ، فيكون اسماً ، وفعلاً ( تامًّا و ) ناقصاً ( وحرفاً ) بمعنى إِنَّ ، ( وحرفا بمنزلَة هل وجواب الجملةِ المتضمّنَةِ معنى النَّفْيِ ، مَبْنِيًّا على الكسر ، متصلاً بالمضمَرات .
الأَول : يكون هاذا اللفظ اسماً متمكِّناً جارياً بتصاريف الإِعراب ، نحو : *!وعاداً وثموداً .
الثاني : فِعْلاً تامًّا بمعنَى : رَجَعَ أَو زارَ .
الثالث : فِعْلاً ناقِصاً مفتقراً إِلى الخَبرِ ، بمنزلةِ كانَ ، بشَرْط أَن يَتَقَدَّمها حَرْفُ عَطْفٍ . وعليه قولُ حَسَّان :
ولقد صَبَرْت بها وعادَ شَبابُها
غَضًّا وعَادَ زَمانُها مُسْتَطرَفَا
أَي وكان شبابُها .
الرابع : حرفاً عامِلاً نصباً بمنزلة إِنَّ ، مبنيًّا على أَصْلِ الحَرّفِيَّة ، محرّكاً لالتقاءِ الساكِنَيْنِ مكسوراً على الأَصل فيه ، بشرط أَن يتقدَّها جملةٌ فعليةٌ وحرفُ عطف ، كقَولك :
____________________

(8/452)


رَقَدْت وعادِ أَبَاكَ ساهِرٌ ، أَي وإِنْ أَباك ، ومنه مَشْطُور حَسَّن :
عُلِّقْتُها وعادٍ في قَلبي لَهَا
وعادِ أَيّامَ الصِّبا مستقبَلَه
وقال آخَرُ :
أَنْ تَعْلُوَنْ زيداً فعادِ عَمْرَا
وعَادِ أَمْراً بَعْدَه وأَمْرَا
أَي ، فإِنَّ عَمْراً موجودٌ .
الخامس : أَن يكونَ حرفَ استفهامٍ بمنزلة هَلْ مبنيًّا على الكَسْر للعِلَّة المذكورة آنفاً ، مفتقراً إِلى الجوابِ ، كقولك : عادِ أَبُوك مُقيمٌ ؟ مثل : هَلْ أَبوك مُقِيمٌ .
السادس : أَن يكونَ جواباً بمعنى الجملةِ المُتَضَمِّنَة لمعنَى النَّفْيِ بِلَم ، أَو بما فقط ، مبنيًّا على الكسرِ أَيضاً وهاذا إِن اتّصلت بالمُضمَرات ، يقول المستفهمْ . هل صَلَّيت ؟ فيقول : عادِني ، أَي إِنّي لم أُصَلِّ أَو إِنّني ما صَلَّيتُ .
وبعضُ الحجازِيّين يحذفُ نُونَ الوقايةِ ، واللغتان فصيحتانِ ، إِذا كان عاد بمعنَى إِنّ ، ولا يمتنع أَن تقول إِنني . هاذا إِذا اتَّصلت عاد بياءِ النَّفْس خاصةً ، فإِن اتَّصَلت بغيرِها من المضمَرات كقول المجيب لمن سأَله عن شيْءَ . *!عادِه أَو *!عادِنا . وكذا باقِي المضمَرات ، فإِثباتُ نونِ الوقاية مُمْتَنِعٌ تَشبيهاً بإِن ، ورُبّمَا فاهَ بها المستفهِم والمُجِيب ، يقول المستفهم : عادِ ، خَرَجَ زيدٌ ؟ فيقول المُجِيب له : عادْ أَي إِنَّه لم يخرج أَو إِنه ما خَرَج . قال وهاذا فائدة غريبة لم يُورِدْهَا أَحدٌ من ئمّةِ العَرَبيّة من المطوِّلين والمختصِرين . والمصنِّف أَجمعُ المتأَخِّرين في الغَرَائِبِ ، ومع ذالك فلم يتعرَّض لهاذه المعاني ، ولا عَدَّها في هاذِه المبانِي . انتهى .
*!والعَوَّاد : الّذي يَتَّخِذُ العُودَ ذا الأَوتارِ .
*!عِيدُو ، بالكسر : قَلْعَة بنواحِي حَلَب ، وعَيْدان : موضع .
وله عندنا *!عُوَادٌ حَسَنٌ ، *!وعِوَاد ، بالضمّ والكسر ، كلاهما عن الفرَّاءِ ، لُغَتَان في *!عَواد ، بالفَتْح ، ولم يَذْكُر
____________________

(8/453)


الفرَّاءُ الفَتْحَ ، واقتصر الجوهَرِيُّ على الفتح .
*!وعائِدُ الكَلْبِ ، لقبُ عبد الله بن مُصعَب بن ثابِتِ بن عبد الله بن الزُّبير ، ذكره المبرِّد في ( الكامل ) .
وبنو عائِدٍ ، وآلُ عائِدٍ : قَبِيلتَانِ .
وهِشَام بن أَحمدَ بنِ العَوَّاد الفَقِيه القُرْطُبِيُّ ، عن أَبي عليَ الغَسّانِيّ .
والجَلال محمّد بنُ أَحمدَ بنِ عُمَرَ البُخَارِيُّ *!-العِيدِيّ في آبائه من وُلِدَ في العِيدِ ، فنُسِب إِليه ، من شيوخ أَبي العَلاءِ الفرضِيّ ، مات سنة 668 ه . وأَبو الحُسَيْن يَحيى بن عليّ بن القسم العِيدِيّ من مشايِخ السِّلَفِيّ ، وذَهْبَن ابن قِرْضِمٍ القُضاعيّ العِيديّ ، صحابِيٌّ .
*!وعَيَّاد بن كَرمٍ الحَربيّ الغَزَّال ، وعَرِيب بن حاتم بن عيَّاد البَعْلَبكيّ ، وسَلمان بن محمّد بن عَيّاد بن خَفاجةَ ، وسعود بن عيّاد بن عُمر الرّصافيّ ، وعليّ بن عيّاد بن يُوسفَ الدِّيباجِيّ : محدّثون .
كتاب عهد : ( العَهْدُ : الوَصِيَّةُ ) والأَمر ، قال اللّهُ عزَّ وجلّ : { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يبَنِىءادَمَ } ( يللهس : 60 ) ، وكذا قولُه تعالى : { وَعَهِدْنَآ إِلَى إِبْراهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ } ( البقرة : 125 ) ، وقال البيضاويُّ ، أَي أَمرناهُما ، لكونِ التوصيةِ بطريقِ الأمرِ . وقال شيخُنَا : وجعل بعضُهُم العَهْدَ بمعنَى المَوْثِقِ ، إِلّا إِذا عُدِّيَ بإِلى ، فهو حينئذٍ بمعنَى الوَصِيَّة .
قلت : وفي حديث عليَ ، كرّمَ الله وَجهَه . ( عَهِدَ إِليَّ النبيُّ الأُمّيُّ صلَّى الله عليْه وسلّم ) ، أَي أَوصَى .
( و ) العَهْدُ : ( التَّقَدُّمُ إِلى المَرْءِ في الشيءِ . و ) العَهْدُ ( المَوْثِقُ . واليَمِينُ ) يحْلِفُ بها لرجُلُ ، والجمع : عُهُودٌ ، تقول : عليَّ عَهْدُ اللّهِ ومِيثاقُه لأَفْعلَنَّ كذا ، وقِيلَ : ولِيُّ العَهْدِ ، لأَنهُ وَلِيَ المِيثَاقَ الّذِي يُؤْخَذُ على مَن بايعَ الخَلِيفَةَ ، ( وقد عاهَدَهُ ) . ومنه قولُ الله تعالى : { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا
____________________

(8/454)


عَاهَدتُّمْ } ( النحل : 91 ) . وقال بعض المفسِّرين العَهْد كُلُّ ما عُوهِد اللّهُ عليهِ ، وكلّ ما بينَ العِبَادِ من المَوَاثِيقِ فهو عَهْدٌ . وأَمْرُ اليَتِيمِ من العَهْدِ . وقال أَبو الهَيْثم : العَهْدُ جمْع العَهْدَةِ ، وهو المِيثَاقُ واليَمِينُ التي تَسْتَوثِقُ بها ممَّن يُعاهِدُكَ . ( و ) العَهْدُ : ( الّذي يُكْتَبُ للِوْلاةِ ) : مُشْتَقٌّ ( مِن عَهِدَ إِليه ) عَهْداً ، إِذا ( أَصَاهُ ) ، والجمع كالجَمع . ( و ) العَهْد : ( الحِفَاظُ ورِعَايَةُ الحُرْمَةِ ) ، وفي الحديث : ( أَنّ عَجُوزاً دَخَلَت على النبيّ صلَّى للّهُ عليْه وسلَّم فسأَل بها وأَحْفَى ، وقال : إِنها كانَتْ تأْتِينَا أَيَّامَ خَدِيجَةَ ، وإِنَّ حُسْنَ العَهْدِ من الإِيمان ) .
( و ) قال شَمِرٌ : العَهْد : ( الأَمَانُ ، و ) كذالك ( الذِّمَّة ) وفي التنزيل العزيز : { لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } ( البقرة : 124 ) وإِنَّمَا سُمِّيَ اليَهودُ والنَّصَارَى أَهلَ العَهْدِ للذِّمّة الّتي أُعطُوهَا ، فإِذا أَسْلموا سَقَطَ عنهم اسمُ العَهْد .
وفي الحديث : ( لا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بكافِرٍ ، ولا ذو عَهْدٍ في عَهْدِه ) ، أَي ذو أَمانٍ وذِمَّةٍ ، ما دام على عَهْده الذي عُوهِدَ عليه ، ولهاذا الحديثِ تأْوِيلانِ بمقتضَى مَذْهَبَيِ الشَّافِعِيّ وأَبي حنيفةَ ، راجِعْه في ( النهاية ) لابن الأَثير .
( و ) العَهْدُ : ( لالْتِقَاءُ ، والمَعْرِفَةُ ) ، وعَهِدَ الشيْءَ عَهْداً ، عَرَفَه . ومن العَهْد أَن تَعْهَد الرَّجلَ على حالٍ أَو في مكانٍ . ( ومِنْهُ ) ، أَي من مَعْنَى المعرفةِ ، كما هو الظاهر ، أَو مِمَّا ذُكِر من المَعْنَيَين قولُهم ( عَهْدِي ) به ( بمَوْضِعِ كذا ) ، وفي حالِ كذا ، أَي لَقِيتُهُ وأَدْرَكْتُهُ وعَهْدِي به قَرِيبٌ .
____________________

(8/455)



وقولُ أَبي خِرَاش الهُذَلِيّ :
فَلَيْسَ كَعَهْدِ الدَّارِ يا أُمَّ مالِكٍ
ولَكِنْ أَحاطَتْ بالرقَابِ السَّلاسِلُ
أَي ليس الأَمر كما عَهِدْت ، ولاكن جاءَ الإِسلامُ فهَدَمَ ذالك .
وفي حديث أُمِّ زَرْع : ( ولا يَسأَلُ عَمَّا عَهِدَ أَي عَمَّا كان يَعْرِفُه في البَيْتِ من طَعَامٍ وشَرَابٍ ونحْوِهما ، لِسَخائِه وسَعَةِ نَفْسِه .
ويقال : متَى عَهْدُكَ بفلانٍ ، أَي متَى رُؤيتُك إِيّاه .
( و ) العَهْد : ( المَنْزِلُ المَعُهُودُ بِه الشيْءُ ) سُمِّيَ بالمَصْدَرِ ، قال ذو الرُّمَّة :
هَلْ تَعْرِفُ العَهْدَ المُحِيلَ رَسْمُهُ
( كالمَعُهَدِ ) ، وهو المَنْزلُ الّذِي لا يَزَالُ القَوْم إِذا تَنَاءَوْا عنه رَجَعُوا إِليه ، وهو أَيضاً المنزِل الذي كنْت تَعْهَدُ به هوًى لك ، ويقال : استوقَفَ الرّكْبَ على عَهْدِ الأَحِبَّةِ ومَعْهَدِهم ، وهاذه مَعاهِدُهم .
( و ) العَهْد : ( أَوَّلُ مَطَرِ ) والوَليُّ الّذِي يَليها من الأَمطارِ ، أَي يَتَّصِلُ بها . وفي المحكم : العَهْد أَوّلُ المَطرِ ( الوَسْمِيّ ) ، عن ابن الأَعرابيِّ ، والجمْع العِهَاد ، ( .
العَهْدَةِ ) ، بالفتح ، ( والعِهْدَةِ والعِهَادَةِ ، بكسرهما ) ، وفي بعض النّسخ : العِهاد ، بحذْف الهاءِ .
( عُهِدَ المكانُ كَعُنِيَ فهو مَعْهُودٌ ) : عَمَّه المَطَرُ ، وكذا عُهِدَت الرِّوضةُ : سَقَتها العَهْدَةُ ، فهي مَعهُودَةٌ ، وأَرضٌ مَعْهُودَةٌ .
( و ) العَهْدُ والعَهْدَةُ والعِهْدة : ( مَطَرٌ بَعْدَ مَطَرٍ يُدْرِكُ آخِرُهُ بَلَلَ أَوَّلِه ) ، وقيل : هو كلُّ مَطَرَ بَعْدَ مَطَرٍ ، وقيل : هو المَطْر الّتي كون أَوَّلاً لِما يأْتي بَعْدَهَا ، وجمْعها : عِهادٌ وعُهُود ، قال :
أَراقَتْ نُجومُ الصَّيْفِ فيها سِجَالَها
عِهَاداً لِنَجْمِ المَرْبَعِ المُتَقَدِّمِ
____________________

(8/456)



قال أَبو حَنِيفَةَ : إِذا أَصابَ الأَرْضَ مَطَرٌ بَعْدَ مَطَرٍ ، ونَدَى الأَوْلِ باقٍ ، فذالك العَهْدُ ، لأَن الاَّوّل عُهِدَ بالثاني ، قال : وقال بعضُهم : العِهَادُ : الحَدِيثةُ من الأَمطارِ ، قال : وأَحْسَبه ذَهَبَ فيه إِلى قَوْل السَّاجِع في وصف الغَيْثِ : أَصابَتْنَا دِيمةٌ بعدَ دِيمَةٍ ، على عِهَادٍ غيره قَدِيمةٍ . وقال ثعلبٌ : على عِهَادٍ قَدِيمة ، تَشْبَع منها النّابُ قَبْلَ الفَطِيمة .
وقال ابنُ الأَعْرَابيِّ مرَّةً : العِهَادُ : ضَعِيفُ مَطَرِ الوَسْمِيِّ ورِكَاكُه . وعُهِدَت الرَّوضةُ : سَقَتْها العَهْدةُ ، فهي مَعْهُودةٌ .
ويقال : مَطَرُ العُهُودِ أَحسَنُ ما يكون لِقِلةِ غُبَارِ الآفاق . وقيل : عامُ العُهُودِ عامُ قِلَّةِ الأَمطار .
وفي الأَساس : والعِهَاد : أَمْطار الرَّبِيع بعدَ الوَسْمِيّ ، ونزَلْنا في دماثة محمودة ورياضٍ معهودة . .
( و ) العَهْدُ : ( الزَّمَانُ ) العِهْدَان ، بالكسر .
وفي الأَساس : وهاذا حِينُ ذالك وعَهْدَانُهُ ، أَي وَقْتُهُ .
( و ) العَهْد : ( الوَفاءُ ) والحِفاظُ ، قال الله تعالى : { وَمَا وَجَدْنَا لاِكْثَرِهِم مّنْ عَهْدٍ } ( الأعراف : 102 ) أَي من وَفَاءٍ ( و ) العَهْد : ( تَوْحِيدُ اللّهِ تَعالى ، ومنه ) قوله جلّ وعزّ : { لاَّ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَانِ عَهْداً } ( مريم : 87 ) ومنه أَيضاً حديثُ الدُّعَاءِ : ( وأَنَا على عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتِهُ ) أَي أَنا مُقِيمٌ على ما عاهَدْتُك عليه من الإِيمان بك الإِقرار بوَحْدانِيَّتِك لا أَزول عنه .
( و ) العَهْدُ : ( الضَّمانُ ، كالعُهَّيْدَى والعَهْدَانِ ، كَسُمَّيْهَى ) بضَمّ السِّين المُهملة ، وتشديد الميم المفتوحة ( وعِمْرَان ) ، أَي بالكسر ، وفي حديث أُمّ سَلَمَة ( قالت لعائِشَة : وتَرَكْتِ عُهَّيْدَى ) ، وهو بالتشديد ، والقصر : فُعَّيْلَى من العَهْد
____________________

(8/457)


كالجُهَّيْدَى من الجَهْد ، والعُجَّيْلَى من العَجَلَة ، وهو بخطّ الصاغانيِّ بالتخفيف في الكلّ ، أي في العُهَيْدَى والعُجَيْلَى والجُهَيْدَى .
( و ) يقال : ( تَعَهَّدَه وتَعاهَدَه واعْتَهَدَهُ ) إِذا ( تَفَقَّدَه وأَحدَثَ العَهْدَ بِهِ ) ، ويقال للمحافِظ على العَهْد مُتَعَهِّدٌ ، ومنه قول أَبي عَطاءٍ السِّنْديّ : وكان فصيحاً ، يَرْثِي ابنَ هُبَيْرةَ :
وإِن تُمْسِ مَهْجُورَالفِنَاءِ فرُبَّما
أَقَامَ بِهِ بعْدَ الوُفُودِ وُفُودُ
فإِنَّكَ لم تَبْعُدْ علَى مُتَعَهِّدٍ
بَلَى كُلُّ مَنْ تَحْتَ التُّرَابِ بَعِيدُ
أَراد : مُحَافِظٌ على عَهْدِكَ بذِكْرِه إِيَّاي .
وفي اللسان : والمُعَاهَدة ، والاعْتهاد ، والتَّعاهُد والتَّعَهُّد ، واحدٌ ، وهو إِحداث العَهْدِ با عَهِدْته ، قال الطِّرِمَّاحُ :
ويُضِيع الذي قدَ أوجَبَهُ اللّ
هُ عليه وليس يَعْتَهِدُهْ
وتعهَّدت ضَيْعَتي ، وكلَّ شيْءٍ ، وهو أَفصحُ من قَولك تَعَاهَدْته ، لأَنّ التَّعَاهُدَ إِنما يكون بين اثنينِ . وفي التهذيب : ولا يقال تعاهَدْته . قال وأَجازهما الفَرَّاءُ . انتهى . وفي ( فصيح ) ثعلب . يقال : يَتَعَهَّدُ ضَيْعَته ، لا يُقَال يَتعَاهَد . قال ابن دُرُسْتُوَيهِ : أَي يُجَدِّدُ بها عَهْدَه ، ويتَفَقَّد مَصْلحَتها . وقال التَّدْمُريّ : هو تَفَعُّل من العَهد ، أَي يُكْثِرُ التَّرَدُّدَ عليها . وأَصلُ من العَهْد الذي هو المَطَرُ بعدَ المَطر ، أَو من العَهْد ، وهو المَنْزِل الذي عَهِدْت به الشيءَ ، أَي عَرَفتَه . وقال ابن التّيانيّ في ( شرحُ الفصيح ) عن أَبي حاتمٍ : تقولُ العربُ : تَعَهَّدْت ضَيْعتِي ، ولا يُقَال : تَعَاهَدْتُ . وقال لي أَبو زَيْد سَأَلَني الحَكَم بن قنْبَر عن هاذا ، فقُلتُ : لا يُقَال تَعاهَد ، فقال لي : أَثْبِت لي على هاذا ، لأَي سأَلْت يونُس فقال : تَعاهَدْت ، فلمَّا اجتمعْنا عِند يُونُس قال الحَكَم : إِن أَبا زيدٍ يَزْعُم أَنه لا يُقَال : تَعاهَدْت ضَيْعَتِي ، إِنَّما يقال
____________________

(8/458)


تَعهَّدْت . واتَّفق عِنْدَ يُونُسَ سِتَّةٌ من الأَعرابِ الفُصحاءِ فقلت : سَلْ هاؤلاءِ ، فبدَأَ بالأَقْرَبِ فالأَقْرَب ، فسَأَلهم ، واحِداً واحداً ، فكلّهُم قال : تَعَهَّدت . وقال يُونس : يا أَبا زيدٍ ، كَمْ مِن عِلْمٍ اسْتَفَدناه كنتَ سَبَبَه . أَو شيئاً نحْوَ هاذا . وأَجازَهما ابنُ السّكّيت في ( الإِصلاح ) .
قال شيخُنا : وما في الفَصِيح هو الفَصِيحُ ، وتغليظُ ابن دُرْستُويْه لثَعْلَبٍ لا مُعَوَّلَ عليهِ ، لأَنَّ القِيَاسَ لا يَدْخُل اللُّغَةَ ، كما هو مشهُور .
( والعُهْدَةُ بالضّمّ : كِتَابُ الحِلْفِ ، وكِتَابُ الشِّراءِ ) .
( و ) العُهْدَة : ( الضِّعّف في الخَطِّ ) ، وفي الأَساس : الرَّدَاءَةُ ، وفي اللسان : إِذا لم يُقِمْ حُروفَه .
( و ) العُهْدَة أَيضاً : الضَّعفُ ( في العَقْلِ ) .
ويقال أَيضاً : فيه عُهْدَة ، إِذا لم يُحْكَمْ ، أَي عيبٌ ، وفي الأَمر عُهْدةٌ إِذا لم يُحْكَم بَعْدُ .
( و ) العُهْدَة ( الرَّجْعَةُ ) ، ومنه ( تقول : لا عُهْدَةَ لي ، أَي لا رَجْعَةَ ) ، وفي حديث عُقْبَةَ بنِ عامرٍ : ( عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلاثَةُ أَيّامٍ ) هو أَن يَشْتَرِيَ الرَّقيقَ ، ولا يَشْتَرِطَ البائِعُ البَراءَةَ من العَيْب ، فما أَصَابَ المُشْتَرِي من عَيْبٍ في الأَيّامِ الثَّلاثةِ فهو من مالِ البائع ، وَيَرُدُّ إِن شاءَ بلا بَيِّنةٍ ، فإِن وَجَدَ به عَيْباً بعد الثَّلاثةِ فلا يُرَدُّ إِلّا بِبَيِّنَةٍ .
( و ) العَهْدُ والعُهْدَة واحد ، تقول : بَرِئْت إِليك من عُهْدةِ هاذا العَبْدِ ، أَي مِمَّا يُدْرِكُك فيه من عَيْبٍ كان مَعْهُوداً فيه عِندِي . ويقال : ( عُهْدَتُه على فُلانٍ ، أَي ما أُدرِكَ فيه من دَرَكٍ ) ، أَي عَيْبٍ ( فإِصلاحُهُ عَلَيْهِ ) .
( و ) يقال : ( استَعْهَدَ من صاحِبِهِ ) ، إِذا وَصَّاه و ( اشتَرطَ عليه وكَتَبَ عليه عُهْدَةً ) ، وهو من باب العَهْد والعُهْدة ، لأَن الشَّرْط عَهْدٌ في الحَقِيقَةِ ، قال جَرِير يهجُو الفرزدقَ :
وما اسْتَعْهَدَ الأَقوامُ مِن ذي خُتُونَةٍ
مِنَ النَّاسِ إِلَّا مِنْكَ أَو مِن مُحَارِبِ
____________________

(8/459)



( و ) استعهدَ ( فُلاناً من نَفْسِهِ ، ضَمَّنَهُ حوَادِثَ نَفْسِهِ .
( و ) العَهِدُ ( ككَتِفٍ : مَنْ يَتَعَاهَدُ الأُمورَ و ) يُحِبُ ( الوِلاياتِ ) والعُهودَ ، قال الكُمَيْتُ يَمدحُ قُتَيْبَةَ بن مُسْلِمٍ الباهلِيّ ويَذْكُر فُتُوحَه :
نامَ المخَلَّب عنها في إِمارَتِهِ
حتَّى مَضَتْ سَنَةٌ لم يَقْضِها العَهِدُ
وكان المهلَّب يُحِبّ العُهودَ .
( والعَهِيدُ : المُعَاهِدُ ) لكَ ، يُعاهِدُك وتُعَاهِدُه ، وقد عاهَدَه ، قال :
فَلَلتُّرْكُ أَوفَى مِن نَزَارٍ وعَهْدِهَا
فلا يَأْمَنَنَّ الغَدْرَ يوماً عَهِيدُها
والمُعَاهَد مَن كان بينَك وبينَه عَهْدٌ ، وأكثَرُ ما يُطْلَق في الحديثِ على أَهْله الذِّمَّةِ ، وقد يُطْلَق على غَيْرِهم من الكُفَّارِ ، إِذ صُولِحوا على تَرْك الحَرْب مُدَّةً مَا . ومنه الحديث : ( لا يَحِلُّ لكُمْ كذا وكذا ولا لُقَطَةُ مُعَاهَدٍ ) ، أَي لا يجوز أَن تُتَمَلَّك لُقَطَتُهُ الموجودَةُ من مالِه ، لأَنه معصومُ المالِ ، يَجْرِي حُكْمُه مَجْرَى حُكْم الذِّمِّي . كذا في اللسان .
( و ) العَهِيدُ : ( القَدِيمُ العَتِيقُ ) الّذي مَرَّ عليه العَهْدُ .
( وبَنُو عُهَادَةَ ، بالضَّمّ : بَطْنٌ ) صغيرٌ من العرب .
( و ) قال شَمِرٌ : العَهْد : الأَمان والذِّمَّة ، تقول : ( أَنا أُعْهِدُكَ ) من هاذا الأَمرِ أَي أُؤَمِّنُك منه ، وكذالك إِذا اشتَرَى غَلاماً فقال : أَنا أُعْهِدُك ( من إِباقِهِ إِعهاداً ) ، فمعناه : ( أُبَرِّئُكَ ) من إِباقِهِ ( وأُؤَمِّنُكَ ) منه . ومنه اشتقاق العُهْدَة .
( و ) يقال أَيضاً : أُعْهِدُكَ ( مِن ) هاذا ( الأَمْرِ ) ، أَي ( أَكْفُلُكَ ) ، أَو أَنا كَفِيلُك ، كما لِشَمِرٍ .
( وأَرْضٌ مُعَهَّدَةٌ ، كَمُعَظَّمةٍ : أَصابَتْهَا النُّفْضَةُ من المَطَرِ ) ، عن أَبي زَيدٍ ، والنُّفْضَةُ : المطْرةُ تُصِيب القِطْعَةَ من الأَرضِ ، وتُخْطىءُ القطْعَةَ .
____________________

(8/460)



وممَّا يستدرك عليه :
العِهَاد ، بالكسر : مَواقِعُ الوَسْمِيِّ من الأَرض ، وأَنشد أَبو زيد :
فَهُنَّ مُنَاخَاتٌ ويُجعلَّلْنَ زِينَةً
كما اقتَانَ بالنَّبْتِ العِهَادُ المُحَوَّفُ
والمُحَوَّف : الذي قد نَبَتَ حافَتَاه ، واستَدَارَ به النَّبَاتُ .
وقال الخليل : فِعْلٌ لهُ مَعْهُودٌ ومَشْهُودٌ ومَوعودٌ . قال : مشهودٌ : هو الساعَةَ ، والمَعهُود : ما كانَ أَمس ، والمَوْعُودُ : ما يَكُون غداً .
ومن أَمثالِهم في كَرَاهَة المَعايِب : ( المَلَسَى لا عُهْدَةَ له ) ، والمَلَسَى : ذَهَابٌ في خِفْيةٍ ، ومعناه أَنه خَرَجَ من الأَمرِ سالماً فانقَضَى عنه ، لا له ولا عَلَيْه . وقيل المَلَسَى : أَن يَبِيعَ الرَّجلُ سِلْعَةً يكونُ قد سَرَقَهَا فيَمَّلِسُ وَيَغِيبُ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ ، وإِنْ استُحِقَّت في يَدَيِ المشتَرِي لم يَتَهَيَّأْ له أَن يَبِيعَ البائِعُ بضَمانِ عُهْدتِها ، لأَنه أمَّلَس هارباً . وعُهْدتُها : أَن يَبِيعَهَا وبها عَيْب ، أَو فيها استحقاقٌ لمالِكها ، تقول : أَبِيعُك المَلَسَى لا عُهْدةَ ، أَي تَنْمَلِسُ وتَنْفَلِتُ ، فلا تَرجِعُ إِليَّ . يقال : عليكَ في هاذه عُهْدَةٌ لا تَتفصَّى منها ، أَي تَبِعَةٌ .
ويقال في المثلِ : ( متى عَهْدُكَ بأَسفَله فِيك ) . وذلك إِذا سأَلْه عن أَمْرٍ قَدِيمٍ لا عهْدَ له به .
ومثْله : ( عَهْدُك بالفَاليَاتِ قَدِيمٌ ) يُضربُ مثلاً للأَمر الّذي قد فَاتَ ، ولا يُطْمَعُ فيه .
ومثله : ( هَيْهَاتَ طَار غُرابُها بِجَرَادَتِك ) . وأَنشد أَبو الهيثم :
وإِنِّي لأَطْوِي السِّرَّ في مُضْمَرِ الحَشَا
كُمُونَ الثَّرَى في عَهْدَةٍ ما يَرِيمُها
أَراد بالعَهْدة : مَقْنوءَةً لا تَطْلُع عليها الشَّمْسُ ، فلا يَرِيمُها الثَّرَى .
وقَرْيَةٌ عَهِيدةٌ ، أَي قديمةٌ أَتَى عليها عَهْدٌ طويلٌ .
عيد : ( *!العَيْدانَةُ ) : أَطولُ ما يكونُ من
____________________

(8/461)


النَّخْلِ ، ( ولا تكون *!عَيْدَنَةً حتَّى يَسقُط كَرَبُها كُلّه ، ويَصِير جِذْعُها أجْرَدَ ، من أَعلاه إِلى أسفَلِه ، عن أَبي حنيفة . كذا في المحكم .
وقال أَبو عبيدة : هي كالرَّقْلةِ ، ( يائِيَّةٌ واوِيَّةٌ ) ، وذَكره المصنِّف أَيضاً في عدن ، تبعاً للخليل وغيره ، كما سيأْتي . ( ج : عَيْدانٌ . ( و ) في الحديث ( ( كان للنّبيّ صلّى الله عليْه وسلّمَ قَدَحٌ مِن عَيْدَانَةٍ يبولُ فيهِ ) وفي بعض النسخ : فيها . وهو خطأٌ ، لأَن القَدَح إِنما فيه التذكير ( باللَّيلِ ) ) ، وهاذا القَدَحُ معروف في كُتب السِّيَرِ ، ( وتقدَّم ) الاختلافُ في أَصْله في : ع و د .
قال لأَزهريُّ من جَعَل العَيْدَان فَيْعَالاً جعلَ النون أَصلِيّة ، والياءَ زائدة ، ودليلُه على ذالك قولُهم : عَيْدَنَت لنَّخْلَةُ إِذا صارَت عَيْدَانَةً . رواه أَبو عَدنانَ . ومن جَعَلَه فَعلانَ ، مثل سَيْحَان ، مِن ساح يَسِيحُ ، جعلَ الياءَ أَصليَّةً والنون زائدة . وسيأْتي .
2 ( فصل الغين ) المعجمة مع الدال المهملة ) 2
غجد : ( مما يُسْتَدْرك عليه : غَجْدُوَان ، بالفتح ، وضمّ الدال : قَرْيَة من قُرَى بُخَارَى ، نُسِب إِليها جَماعةٌ من المحدَّثين .
غدد : ( *!الغُدَّةُ *!والغُدَدَةُ ، بضمّهما ) ، الأَوّل كغُرْفة ، والثاني كرُطَبَةٍ ، وعلى الأَوّل اقتصر بعضُ الأَئِمَّة : ( كُلُّ عُقْدَةٍ في الجَسَدِ ) ، أَي جَسَدِ الإِنْسَان ، ( أَطاف بها شَحْمٌ ) ، ومثْلُه في المحكم . وفي الصباح : الغُدَّة لَحْم يَحْدُث عن دَاءٍ بينَ الجِلْدِ واللحْم ، يَتَحَرَّك بالتَّحْرِيك .
( و ) الغدَّةُ والغُدَدَةُ : ( كُلُّ قِطْعَةٍ صُلْبَةٍ بَيْنَ العَصَبِ ) . و ( ج ) ذالك كلِّه : ( *!غُدَدٌ ) ، كَرُطَبٍ .
( *!والغَدَدُ ، محرَّكَةً ) ، والغُدَّة بالضّم أَيضاً كما في اللسان ، والصّحاح ، والمصباح ، ( طاعُونُ الإِبِلِ ) ملازمٌ لها ، قلَّما تَسْلَمُ مِنه ، كما صَرَّح به بعضُ
____________________

(8/462)


الأَئِمَّة . قال الأَصمعيُّ : من أَدْواءِ الإِبلِ الغُدَّةُ ، وهو طاعُونُها . و ( *!غُدَّ ) البَعِيرُ ( *!وأَغَدَّ ) مبنيًّا للمفعول ، ( *!وغُدِّدَ ) ، بالضّمّ مع التضعيف ، ( فَهُو *!مَغْدُودٌ ، *!وغادٌّ ، *!ومُغِدٌّ وفي التهذيب : سَمِعتُ العَرَبَ تقول غُدَّت الإِبلُ فهي *!مَغْدُودة ، من الغُدَّة ، وغُدَّت الإِبِلُ فهي *!مُغَدَّدة .
وقال ابن بُزُرْج : *!أغَدَّت لنّاقةُ *!وأُغِدَّت ، ويقال : بَعِيرٌ *!مَغْدُودٌ ، *!وغادّ ، *!ومُغِدّ ، *!ومُغَدّ ، وإِبل *!مَغَادُّ ، ولَمَّا مَثَّل بِه سيبويه قولهم : *!أَغُدَّةً *!كَغُدَّةِ البَعِيرِ ؟ قال : *!أَغَدُّ *!غُدَّةً ، فجاءَ به على صِيغَةِ فِعْلِ المفعول . *!وأَغَدَّت الإِبِلُ : صارَت لها *!غُدَدٌ ، بينَ اللَّحْم والجِلْد من داءٍ ، وأَنشد الليثُ :
لا بَرِئَتْ *!غدَّةُ مَن *!أَغَدَّا وفي حديثِ عُمر : ( ما هي *!بِمُغِدَ فَيَستَحْجِيَ لَحْمُها ) يعني النّاقَةِ ، ولم يَدْخلها تاءُ التأْنيثِ ، لأَنّه أَرادَ : ذاتَ غدَّةٍ . ( أَو لا يُقَال : مَغْدُودٌ ) ، ونُسِبَ هاذا الإِنكارُ للأَصمعيِّ ، و ( ج ) الغادِّ : ( غِدَادٌ ) أَنشد ابن بُزُرْج :
عَدِمْتُكمُ ونَظْرَتَكُمْ إِلَيْنَا
بجَنْبِ عُكَاظَ كالإِبِلِ الغِدَادِ
( أَو لا تَكُون *!الغُدَّةُ إِلَّا في البَطْنِ ) ، فإِذا مَضَت إِلى نَحْره ورُفْغِه قيل : بَعِيرٌ دابِرٌ ، قاله ابنُ الأَعرابيِّ . ( *!والغُدَّةُ : السِّلْعَةُ ) يَرْكَبُها الشَّحْمُ .
( و ) الغُدَّةُ ( ما بَيْنَ الشَّحْمِ والسَّنامِ ) .
( و ) الغُدَّة : ( القِطْعَةُ من المالِ ) ، يقال : عليه غُدَّةٌ من مالٍ ، أَي قِطْعَةٌ . و ( ج ) هاذه ( *!غَدَائِدُ ) كَحُرَّة وحَرَائِرَ . وفي بعض النسخ : *!غِدَاد : ويُرْوَى بيتُ لبيد :
تَطِيرُ غَدائِدُ الأَشْرَاكِ شَفْعاً
وَوِتْراً والزَّعَامةُ للغُلامِ
____________________

(8/463)



والأَعْرَفُ عَدائدُ .
( و ) قال الفرَّاءُ : ( *!الغَدَائِدُ ، *!والغِدَادُ : الأَنْصِباءُ ) ، في بَيتِ لَبِيدٍ المذكورِ قَرِيباً .
( و ) من المجاز : ( *!أغَدَّ عليه ) إِذا انتَفَخَ . و ( غَضِبَ ) كأَنَّه بَعِيرٌ به *!غُدَّةٌ ، *!والمُغِدّ : الغَضّبانُ . ورأَيتُ فلاناً *!مُغِدًّا ، *!ومُسْمَغِدًّا ، إِذا رأَيْتَهُ وارماً من الغٍ ضَبِ ، وقال الأَصمعِيُّ : *!أَغَدَّ الرَّجلُ ، فهو *!مُغِدٌّ ، أَي غَضِب ، وأَضَدَّ فهو مُضِدٌّ ، أَي غَضْبانُ ( و ) *!أَغَدَّ ( القَوْمُ : غُدَّتْ إِبِلُهُمْ ) ، أَي أَصابَتْهَا *!الغُدَّةُ . وبنو فلان *!مُغِدُّون .
( و ) من المجاز : ( رَجُلٌ ) *!مَغدَادٌ ، ( وامرأَةٌ *!مِغْدَادٌ ، أَي كثيرُ الغَضَبِ أَو دائِمُهُ ) ، أَو إِذا كانَ من خُلُقِه ذالك ، قال الشاعر :
يا رَبِّ مَن يَكْتُمُنِي الصِّعَادَا
فَهَبْ له حَلِيلةً *!مِغْدَادَا
( *!وغَدَاوَدُ بفتح الواو مَحَلَّةٌ بِسَمَرْقَنْدَ ) على فَرْسَخٍ ، منها أَبو بكر محمّد بن يعقوبَ *!-الغَدَاوَدِيّ ، عن عِمرانَ بن موسى السِّجِسْتَانِيّ ، وعنه وجادة محمد بن عبد الله بن محمَّد المُسْتَملي ، قله ابنخ الأَثير .
( *!وغَدَّدَ *!تَغْدِيداً أَخَذَ نَصِيبَهُ ) ، أَخذاً من قول الفرّاءِ السابِقِ : إِنَّ *!الغدائِد هي الأَنصباءُ في بَيتِ لبيد .
ومما يستدرك عليه :
*!الغُدَدَاتُ : فُضُول السِّمَنِ ، وما كان من فُضُول وَبَرٍ حَسَنٍ ، وأَنشد أَبو الهيثم للأَعشى :
وأَحْمَدْتَ إِذ نَجَّيْتَ بالأَمْسِ صِرْمةً
لها *!غُدَدَاتٌ واللَّواحِقُ تَلْحَقُ
ومنه قولهم : أَغَدَّ عليه ، إِذا انتَفَخَ ، كما قيل .
*!والغٍدائِدُ : الفُضُول . وبه فَسَّر الأَزهريُّ بَيتَ لبيدٍ السابقَ .
غرد : ( غَرِدَ الطائِرُ ) والإِنسانُ ، ( كفَرِحَ ، وغَرَّدَ ، تَغْريداً ، وأَغرَدَ ، وتَغَرَّدَ ) ، إِذا ( رَفَعَ صَوْتَهُ وطَرَّبَ بِهِ ) في الصَّوْتِ
____________________

(8/464)


والغناءِ ، والتَّغرُّد والتَّغْرِيد : صَوتٌ معه بَحَحٌ ، وقد جمعَهُمَا امرؤُ القيسِ في قولِهِ يَصِفُ حِمَاراً
يُغَرِّدُ بالأَسْحَارِ في كُلِّ سُدْفَةٍ
تَغَرّدَ مِرِّيحِ النَّدَامَى المُطَرِّبِ
( فهو غِرْدٌ بالكسر ، و ) قال الأَصمعِيُّ : التَّغْرِيدُ : الصَّوْتُ ، وغَرَّدَ الطائِرُ ، فهو ( غَرِدٌ ) على النَسَبِ ، قال بنُ سيده : وغِرْدٌ : أُرَاه مُتَغَيِّراً من غَرِدٍ . قال اللَّيثُ كُلُّ صائِتٍ طَرَّبَ الصَّوتَ فهو غَرِدٌ ، والتَّغْرِيدُ مِثْلُه ، قال سُوَيْدُ بنُ كُرَاع العُكْلِيّ :
إِذَا عَرَضَتْ دَاوِيَّةٌ مُدْلَهِمَّةٌ
وغَرَّدَ حَاديها فَرَيْنَ بِها فَلْقَا
( و ) حكَى الهَجَرِيُّ : سمعْت قُمْرِيًّا فأَغْرَدنِي ، أَي أَطْرَبنِي بتَغْرِيده ، وقيل : كلُّ مُصَوِّت مُطَرِّبٍ بصوتِه : ( مُغَرِّدٌ وغِرِّيدٌ ، كسِكِّيتٍ ) ، وغريدٌ ، كأَمير أَو حِذْيَم ، وقال الهُذَلِيُّ :
يُغَرِّدُ رَكْباً فَوْقَ خُوصٍ سَوَهِم
بِها كُلُّ مُنجابِ القَمِيصِ شَمَرْدَلِ
وفيه دلالةٌ على أَن يُغَرِّدُ يَتَعَدَّى كَتَعَدِّي يُغَنِّي . وقد يَجُوز أَن يكونَ على حذفِ الجارِّ وإِيصالِ الفِعْلِ .
( واسْتَغْردَ الرَّوضُ الذُّبابَ : دَعَاهُ بِنَغْمَتِهِ ) ، هاكذا بالنون والغَيْن ، عندنا في النُّسْخ . وفي غيرِهَا من النُّسخ . بالعين المهملة ، أَي نضارته ( إِلى أَنْ ) يُغَنِّيَ و ( يُغَرِّدَ ) فِيه . ورَوْضٌ مُسْتَغْرِد : ناعِمٌ ، قال أَبو نُخَيْلَة :
واسْتَغْرَدَ الرَّوْضُ الذُّبَابَ الأَزْرَقَا
( والغَرْدُ ) ، بفتح فسكون : ( الخُصُّ ) بالضّمّ .
( و ) الغَرْدُ : ( بِنَاءٌ للمُتَوَكِّلِ ) على الله العَبَّاسيِّ ( بِسُرَّ مَنْ رَأَى ) .
( و ) الغَرْدُ : ( ضَرْبٌ من الكَمْأَةِ ) ، قيل : هي الصِّغارُ منها . وقيل : هي الرَّدِيئةُ منها ، ( كالغَرْدَةِ )
____________________

(8/465)


، بالفتح أَيضاً ( والغِرْدَةِ ، والغِرْدِ ، بكسرِهما ، والغَرَدِ محرَّكةً ) ، والغَرَدَةِ ، وأَنشد أَبو الهَيْثم :
لو كُنْتُمُ صُوفاً لكُنْتُمْ قَرَدَا
أَو كنتُمُ لَحْماً لكنتُمْ غَرَدا
( والغَرَاد والغَرَادَةِ ، بفتحهما ، والمُغْرُودِ ، بالضّم ) . قال أَبو الهيثم : وهو مُفْعولٌ نادِرٌ ، وقال الفَراءُ : ليسَ في كلامِ العرب مُفْعُول ، مضَمومَ الميم ، إِلّا مُغْرودٌ ، لِضَرْبٍ من الكَمْأَةِ ، ومُغْفورٌ : واحِدُ المَغافير وهو شَيْءٌ يَنْضَحه العُرْفُطُ ، حُلْوٌ كالنَّاطِف ، ويقال : مُغْثُورٌ ، ومُنْخُورٌ للمُنْخُرِ ، ومُعْلُوق ، لواحِد المَعَالِيق . ونقل شيخُنَا عن ( الممتع ) لابن عُصْفُور في ( الأَبنية ) أَن مُفْعُولاً ، أَي بالضّمّ ، غَريبٌ شاذُّ ، نحو مُغْرودٍ ، ومُعْلوقٍ . وذكر في أَحكامِ زيادةِ الميم أَنْ مِيم مُغْرودٍ أَصْلٌ لِفَقْد مُفْعول دون فُعلول .
( ج غِرَدَةٌ ) ، كعِنَبةٍ ، ( وغِرَادٌ ) ، بالكسر ، وجَمْع الغَرَادَةِ غَرَادٌ ، ( و ) جمع مُغْرود ( مَغَارِيدُ ) ، قال :
يَخُجُّ مَأْمُومَةً في قَعْرِها لَجَفٌ
فَستُ الطَّبِيبِ قَذَاهَا كالمَغَارِيدِ
وقال أَبو عُبَيْد : هي المُغْرودةُ ، فرُدَّ ذالك عليه ، وقي : إِنما هو المُغْرود ، ورواه الأَصمعيُّ المَغْرُود من الكَمْأَة بفتح الميم . كذا في اللسانه .
( وأَرضٌ مَغْرُوداءُ : كَثِيرتُها ) أَي المَغَارِيدِ .
( واغرَنْداهُ و ) اغرَنْدَى ( عليه ) إِذا ( عَلَاه بالشَّتْم ، والضَّرْبِ ، والقَهْر ، وغَلَبَهُ ) ، كاسْرَنْداهُ واعْرَنْدَاه . وقال أَبو عُبَيد : تَثَوَّل على القَومِ تَثَوُّلاً ، واغْرَنْدَى عليهم اغْرِنداءً ، واغْلَنْتَى اغْلِنْتَاءً ، إِذا غَلَبَهم وعَلَاهم بالشَّتْمِ والضَّرْبِ والقَهْر .
____________________

(8/466)



والمُغْرَنْدِي : الّذِي يَغْلِبُك ويَعْلُوك ، قال :
قَد جَعَلَ النُّعَاسُ يَغْرَنْدِينِي
أَدْفَعُه عنّي ويَسْرَنْدِيني
قال ابنُ جِنّي : إِن سِئَتَ جعَلْت رَوِيَّهُ النونَ ، وهو الوجهُ . وإِن شِئتَ جعلتَه الياءَ ، وليس بالوَجْهِ . وفي شرح شيخِنا : قال علماءُ الصَّرفِ : هو من باب اسْلَنْقَى ، ومذهَبُ سيبويه أَنَّه لا يتَعَدَّى . وخالَفه أَبو عُبَيدٍ وأَبو الفِتْحِ ، وأَنشدُوا البيتَ .
وقال الزُّبَيْدِيّ : هو مصنوعٌ وأَثبتَه ابنُ دُرَيْدٍ وغيرُه .
ومما يستدرك عليه :
قولهم : طائِرٌ مُسْتَمْلَحُ الأَغاريدِ .
والغَرَّاد ، ككَتّانٍ : من يَعْمَل الأَخصاصَ وحَرادِيَّ القَصَبِ . عِرَاقِيَّةٌ .
وأَبو بكر أَسَدُ بن عُمَر الغَرَّاد ، بغدادِيُّ رَوَى عَنْهُ السّمعانيُّ .
والغَرِدُ ، ككَتِف : جَبَلٌ بين ضَرِيةَ والرَّبَذَة بشاطىءِ الجَرِيب الأَقصَى لمُحارب وفَارةَ . كذا في المعجم .
وغَرْدِيانُ : قرية بما وراءَ النهر .
وغُصْنٌ غِرْيَدٌ ، كحِذْيَمٍ : ناعِمٌ .
غرقد : ( الغَرْقَدُ : شَجَرٌ عِظَامٌ ) من العِضَاه . وقال بعضُ الرُّوَاةِ : الغَرْقَدُ من نبات القُفِّ ، ( أَو هي العَوْسَجُ إِذا عَظُم ، واحِدُهُ غَرْقَدَةٌ ) ، قال أَبو حَنيفة : إِذا عَظُمَت العَوْسَجَةُ فهي الغَرْقَدَةُ . وفي حديثِ أَشراطِ الساعَة : ( إِلَّا الغَرْقَدَ فإِنَّهُ مِن شَجَرِ اليَهُودِ ) وفي روايةٍ : ( إِلّا الغَرْقَد ) وهو ضَرْبٌ من شجر الشَّوْك ، ( وبها سَمَّوْا ) رجُلاً .
( وَبقِيعُ الغَرْقَدِ ) : اسمُ ( مَقْبُرَةِ المَدينةِ ) المُشرَّفةِ ، ( على ساكِنِها ) أَفضلُ ( الصَّلاة والسَّلام ) ، سُمِّيَ به ( لأَنَّهُ كان مَنْبِتَهَا ) وقُطِع .
قال شيخُنا : وكان الأَوْلَى مَنْبِتَهُ ، أَي الغَرقَدِ ، لأَنَّه مُذَكَّر ، والتأْوِيل
____________________

(8/467)


بالشَّجَرَةِ بَعِيدٌ ، إِلَّا أَن يقال إِنه بِنَاءً على أَنهُ اسمُ جِنْسٍ جَمْعِيّ ، وهو يُذَكَّر ويُؤَنَّث . انتهى .
وفي المحكم : وَيَقِيعُ الغَرْقَد : مَقَابِرُ بالمدينةِ ، ورُبَّمَا قيل له : الغَرْقَد ، قال زُهَير :
لِمَنِ الدِّيارُ غَشِيتُها بالغَرْقَدِ
كالوَحْيِ في حَجَرِ المَسِيلِ المُخْلَدِ
( والغَرْقَدُ بَياضُ البَيْضِ ) الّذي ( فَوْقَ المُحِّ ) ، نقله الصاغانيُّ .
ومما يستدرك عليه :
الغَرْقدة . ماءَةٌ لنَفرٍ من بني نُمَيْر بن نَصْر بن قُعَيْن . كذا في المعجم .
غرند غزد : ( الغِزْيَدُ ) ، بالزاي بعد الغين ( كحِذْيَم ) ، أَهمله الجوهريُّ .
وقال اللَّيث : هو ( الشَّدِيدُ الصَّوتِ ، أَو هو تَصحيفُ غِرِّيدٍ ) ، بالرَّاءِ ، قال الأَزهَرِيُّ : لا أَعرِفُ الغِزْيَدَ الشَّدِيدَ الصَّوْتِ . قال : وأَحسَبُه غِرْيَداً ، أَو غِرِّيداً بالراءِ ، من غَرَّد تَغْرِيداً .
( و ) الغِزْيَد : ( الناعِمُ ) اللَّيِّنُ الرَّطْب ( من النَّبَاتِ ) ، عن الليثِ أَيضاً ، قال :
هَزَّ الصَّبَا ناعِمَ ضَالٍ غِزْيَدَا
( أَو هو بالرّاءِ أَيضاً ) ، أَي لنُعومَتِه يَدْعُو إِلى التَّغْرِيد ، قال الأَزهريُّ : هو بالزَّاي ليس بمعروف ، وقال الصاغانيُّ ، هو بالرّاءِ . وقد ذَكَرَه أَبو حنيفة هاكذا ، وأَنشد الرَّجزَ بعينه .
قلت : وقد نَقلَ الأَزهريُّ عن بعض : غُصْنٌ سَرَعُرَعٌ وغِزْيَدٌ ، وخُرْعُوب : ناعِمٌ .
غلد : ( سَمٌّ مُتَغَلِّدٌ ) ، أَي ( مُتَعَتِّقٌ ) ، وقيل : ( غيرُ مُلْبِثٍ لصاحِب ) ، قال عَبِيدُ بن الأَبرصِ :
وقَدْ أَوْرَثَتْ في القَلْبِ سُقْماً تَعُدُّهُ
عِدَاداً كسَمِّ الحَيَّةِ المُتَغَلِّدِ

____________________

(8/468)


غمد : ( الغِمْدُ بالكسر : جَفْنُ السَّيْفِ ، كالغُمُدَّانِ ، بضمتين ، والشَّدِّ ) ، قال ابنُ دُرَيْدِ : ليس بِثَبتٍ و ( ج ) غِمْدٍ ( أَغمادٌ وغُمودٌ ) ، بالضَّمّ .
( و ) الغَمْد ( بالفَتْح ، مصْدَرُ غَمَدَهُ ) ، أَي السَّيْفَ ( يَغْمِدُه ) ، بالكسر ، ( ويَغْمُده ) ، بالضّمّ ، غَمْداً : ( جعَلَه في الغِمْدِ ) ، أَو أَدْخَله في غِمْدِه ، ( كأَغْمَدَهُ ) فهو مُغْمَدٌ ، ومَغْمُودٌ ، قال أَبو عُبَيْدٍ ، في باب فَعَلت وأَفْعلت : غَمَدْتُ السَّيْفَ وأَغْمدْتُه بمعنًى واحِدٍ ، وهما لغتانِ فَصِيحتانِ .
( وغَمَدَ العُرْفُطُ غُموداً ) ، إِذا ( استَوفَرَتْ خُصْلَتُهُ وعرَقاً ، حتَّى لا يُرَى شَوْكُهَا ) كأَنَّه قد أُغمِد .
( و ) مِنَ المَجَازِ : غَمَدَت ( الرَّكِيَّةُ ) ، من حدّ نَصَر ، إِذا ( ذَهَب ماؤُهَا ) ورَكِيٌّ غامِدٌ : ماؤُه مُغَطًّى بالتُّرَاب ، وعَكْسُه : رَكِين مُبْدٍ ، وهو من باب { عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } ما في الأَساس ( و ) غَمِدَ البئرُ غَمَداً ، ( كفَرِحَ : كَثُر ماءُهَا ) ، عن الأَصمعيِّ ، ( أَو ) غَمِدَ ( ت ، إِذا ( قَلَّ ) ماؤُهَا ، قاله أَبو عُبَيْد ( ضِدٌّ ) .
( و ) من المجاز : تَغَمَّدَهُ اللّهُ بِرَحْمَتِهِ ) غَمَدَه فيها . و ( غَمَرَه بِها ) . وفي الحديثِ أَنَّ النبيَّ صلى اللّهُ عَلَيْه وسلَّم قال : ( ما أَحَدٌ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِعَمَلِهِ ، قالوا : ولا أَنتَ ؟ قال : ولا أَنا ، إِلَّا أَن يَتَغَمَّدني اللّهُ برحْمَتِه ) . قال أَبو عُبَيْدٍ : مَعْنَى قَوْلِه : يَتَغَمَّدني : يُلْبِسني ، ويَتغشَّاني ، ويَستُرني بها ، قال أَئِمَّةُ الغريب : مأْخوذٌ من غِمْد السَّيْفِ ، وهو غِلافُه ، لأَنَّك إِذا أَغمدْتَه فقد أَلْبَسْتَه إِيَّاه وغَشَّيْتَهُ به .
( و ) من المجاز : تَغَمَّدَ الرَّجلُ ( فلاناً ) إِذا ( سَتَرَ ما كانَ منه ) وغَطَّاه ، ( كَغَمَّدَه ) تَغْمِيداً .
وتَغمَّدَ الرَّجلَ وغَمَّدَه ، إِذا أَخَذَه
____________________

(8/469)


بخَتْلٍ حتَّى يُغَطِّيَه ، قال العجَّاجُ :
يُغَمِّدُ الأَعداءَ جُوناً مِرْدَسَا
وفي الأَساس : ودُخِل ( عليه ) وبينَ يَدَيْه ثَوْبٌ فتغَمَّدَه : جَعَلَه تَحْتَهُ لِيْغَطِّيَه عن العُيونِ .
( و ) من المجاز : تغمَّدَه ( الإِناءَ ) ، كالمِكيال ، إِذا ( مَلأَهُ ) .
( و ) من المجاز : ( اغْتَمَدَ ) فُلانٌ ( اللَّيْلَ : دَخَلَ فيه ) وجعَلَه لنفسِهِ غِمْداً ، كما في الأَساس . وعبارة اللسان : كأَنه صار كالغِمْدِ له ، كما يقال ادَّرَعَ اللَّيْلَ ، ويُنْشَد :
لَيْسَ لوِلْدانِكَ لَيْلٌ فاغْتَمِدْ
أَي ارْكَب اللَّيْلَ واطْلُب لهم القُوتَ .
( و ) من المجاز : ( أغَمَدَ الأَشياءَ : أَدْخَلَ بعضَها في بَعْضٍ ) ، كأَنَّه صار غِمْداً له .
كتاب م كتاب ( وبَرْكُ الغمَاد ، مثلثةَ الغَيْنِ ) ، وصَرَّح بالغَيْن ، وإِن كانت المادَّةُ كالنَّصّ في المُراد ، دَفعاً لِما عَسَى أَن يَخْطُر بالبالِ من الإِيراد ، وبَرْك ، بالفتح ، ويكسر ، وسيأْتي في الكاف وقد اختُلف في ضَبْط الغماد . فَرَوَاه قومٌ بالضَّمّ ، ونسبه صاحِبُ ( المراصد إِلى ابن دُرَيْد ، وحكاه جماعةٌ عن ابن فارِسٍ ، وآخرون بالكسر . و ( الفتْحُ عَن القَزَّازِ ) في ( جامعِه ) . وفي بعض النُّسخ : الفَرْاءِ . قال ابن خَالَوَيْه . حضَرتُ مَجْلِسَ أَبي عبدِ الله محمْدِ بنِ إسماعيلَ القاضِي المحَاملِيّ ، وفيه زُهاءُ أَلْفٍ فأَمْلَى عليهم ، أَنَّ الأَنصار قالوا للنَبيِّ صلَّى الله عليْه وسلّم : واللّهِ ما نَقُول لكَ ما قالَ قَوْمُ مُوسَى لموسَى : { 8 . 029 5 ؟ 24 ؟ 10 . . 16 } ( المائدة : 24 ) بل نَفْدِيك بآبائِنا وأَبنائِنا ، ولو دَعَوْتَنا إِلى بَرْكِ الغِمَادِ ) بكسر الغين . قلتُ للمُسْتَمْلِي : قال النحويُّ :
____________________

(8/470)


الغُماد بالضّمّ أَيَّها القاضِي . قال : وما بَرْك الغُمَاد ؟ قال : سأَلتُ ابنَ دُرَيْد عنه ، فقال : هو بُقْعَةٌ في جَهَنَّمَ ، فقال القاضي : وكذا في كتابِي ، على الغين ضَمَّةٌ . قال ابن خالويه : وأَنشدني ابنُ دريدٍ لنفسه :
وإِذَا تَنَكَّرَتِ البِلا
دُ فَأْولِها كَنَفَ البِعادِ
لَسْتَ ابنَ أُمِّ القاطِني
نَ ولا ابْنَ عَمَ للبِلادِ
واجْعَلْ مُقَامَك أَو مَقَ
رَّكَ جَانِبَيْ بَرْكِ الغُمَادِ
قال ابنُ خالَوَيْه : سأَلْت أَبا عُمَرَ عن ذلك فقال : يُرْوَى : بَرْكُ الغِمَادِ بالكسر ، والغُمَادِ بالضم ، والغِمَار ، بالراءِ ، مكسورةَ الغين ، وقد قيل : إِن الغِمَاد : ( ع ) باليمن ، وهو الذي جاءَ في الحديث : أَنَّ أَرواح الكافِرِين تكونُ فيه . وزادَ في النهاية : وقيل : هو موضِع وراءَ مَكَّةَ بخمْسِ ليالٍ . زاد البكريّ : مِمَّا يَلِي البَحْر ( أَو هو أَقصَى مَعْمُورِ الأَرضِ ) ، وهاذا ( عن ابن عُلَيْمٍ ) ، بالصغير ، ( في ) كتابه ( الباهِرِ ) ، وهو غير الباهر لابن عُدَيس ونصّ البكريِّ : وقيل هو أَقصَى حَجْرٍ باليمن . ( و ) ورد في الحديثِ ذكْر غُمْدَان ، ( كعُثْمَان : قصرٌ ) مشهورٌ من مضارِب الأَمثالِ ( باليَمَنِ ) ، في مَقَرِّ مَلكِها ، وهو صنعاءُ ، ولم يَزل قائِماً حتى هَدَمَه عُثْمَانُ بن عَفّانَ ، رضيَ الله عنه . واختلِف في بنِيه ، فقيل : هو سُليمانُ بنُ داوودَ ، عليهما السلام ، بناه لبِلْقِيسَ زَوْجتِه ، ومال إِليه كَثيرٌ من المفسِّرين . وفي ( الروض الأُنف ) غُمْدان : حِصنٌ كان لِهَوذَةَ بنِ عليَ مَلِكِ اليَمَامَةِ ، وفيه أَيضاً : ذَكَرَ ابنُ هِشَامٍ أَن غُمدانَ أَنشأَه يَعْرُبُ بنُ قَحْطَانَ ، وأَكملَه بعدَه وائِل بن حِمْيَر بن سَبأَ ، وكان مَلِكاً مُتَوَّجاً ، كأَبِيه وجَدّه . وله ذِكْر في حديثِ سَيفِ بن ذي يَزَن .
والذي رجَّحه جَماعةٌ واعتَمَدَه
____________________

(8/471)


المصنِّف أَنه ( بَنَاهُ يَشْرُخُ ) هاكذا بالشين والخاء المعجمتين ، وفي بعض النسخ : بالمهملات ، وفي بعضها : بزيادة اللام على التّحتيّة ، وهو لقبٌ ، والأَكثر أَنه اسمُه ، وهو يَشْرُخُ بنُ الحارِث بن صَيْفِيّ بن سَبأَ جَدّ بِلْقِيس ، بناه ( بأَرْبَعةِ وُجُوهٍ ، أَحمرَ ، وأَبيضَ ، وأَصفَرَ ، وأَخضَر ، وبَنَى دَاخِلَه قصْراً بسَبْعَةِ سُقُوفٍ ، بين كُلِّ سَقْفَينِ ) ، وفي بعض النُّسَخ : بين كل سَقفٍ ، بالإِفراد ، ( أَربَعونَ ذِراعاً ) ، وفي بعض التواريخ ؛ قيل كان ارتفاعُ سقْفِه مِائَتَيّ ذِرَاعٍ .
( و ) من المجاز : .
( الغامِدةُ : البِئْرُ المُنْدَفِنَةُ ) كأَنَّهُ أُغْمِدَ ماؤُه بالتُّرابِ .
( و ) الغامِدَةُ أَيضاً ، والآمِدَة : ( السَّفِينَةُ المشحونةُ ) . قال الأَزهريّ والخِنُّ : الفارغَةُ من السُّفن . وكذالك الحَفَّانةُ ( كالغامِدِ والآمِدِ ) بحذف هائِهما . ( و ) غامِدَة ، ( بلا لامٍ ) التعريفيّةِ علَمٌ أَصالَةً : ( أَبو قبيلةٍ ) من جُهَيْنَةَ على ا قيل . وقِيل : من اليَمن ومثله في الصّحاح ، قال :
أَلَا هَلْ أَتاهَا على نَأْيِهَا
بما فَضَحَتْ قَوْمَهَا غمِدَهُ
حَمَلَه على القَبِيلةِ ، ( يُنْسَبُ إِليها الغامِدِيُّونَ ) من المحدِّثين وغيرِهم ، ( أَو هو غامِدٌ ) بلا هاءٍ ، ( واسمه : عمرُو ) ، وفي بعض النسخ عُمَرُ ، وهو الصواب ( ابنُ عبدِ الله ) ، وقيل : عَبْد بن كعْبِ بن الحارِثِ بن كَعْبِ بن عبدِ الله بن مالِك بن نصْر بن الأَزد .
( و ) قد اختُلِف في اشتقاقِه ، فقيل إِنما ( لُقِّبَ بِهِ ، لإِصلاحِهِ أَمْراً كان بينَ قَوْمِهِ ) ، وهو قولُ ابنِ الكَلْبِيّ . ونصّ عبارته : لأَنّه تَغَمَّدَ أَمْراً كان بينَه وبين عَشيرتِه فسَتَرَه ، فسمَّاه مَلِكٌ من مُلوك حِمْيَر غَامِداً ، وأَنشد لغامِد :
تَغَمَّدْتُ أَمْراً كان بَيْنَ عَشِيرَتِي
فَسَمَّانِي القَيْلُ الحَضُورِيُّ غَامِدَا
____________________

(8/472)



والحَضُور : قَبِيلَةٌ من حِمْيَر . وقيل : هو من غُمُودِ البِئْرِ ، قال الأَصمعيُّ ليس اشتقاقُ غمِدٍ مِمَّا قال ابنُ الكلبيِّ ، إِنَّمَا هو من قَوْلِهِم : غَمَدَت البِئْرُ غَمْداً ، إِذا كَثُرَ ماؤُها . وقال ابن الأَعْرَابيِّ : القَبِيلَة : غامِدَةُ بالهاءِ ، وأَنشد :
أَلَا هَلْ أَتاها على نَأْيِهَا
بما فَضَحَتْ قَوْمَهَا غَامِدَهْ
ومِمَّا يستدرك عليه :
قال الأَخفشُ : أَغمَدْتُ الحِلْسَ إِغْمَاداً ، وهو أَن تَجْعَلَه تحت الرَّحْل تَقِي به البَعِيرَ من عَقْر الرَّحْلِ ، وأَنشد :
وَوَضْعِ سِقَاءٍ وإِخْفَائِهِ
وحَلِّ حُلُوسٍ وإِغْمَادِهَا
غمرد : ( الغَمارِيدُ ) ، أَهمله الجوهريُّ ، وهو جَمع غُمرودٍ ، بالضّمّ : جِنْسٌ من الكَمْأَةِ ، وهو مقلوب ( المَغَارِيدِ ) جمعُ مُغْرُودٍ بالضّم ، وقد تقدَّم أَنه شاذٌّ .
وفي التكملة : الغَمَارِيدُ كالمَغَارِيدِ . ولم يَزد على ذالك .
غنجد : ( غُنْجُدَةُ كَقُنْفُذَة ) ، أَهمله الجوهريُّ والجماعةُ ، وقال أَئِمَّةُ النَّسَبِ ، هو ( اسمُ أُمِّ رافِعِ بنِ الحَارِثِ ) ، ويقال : عبد الحارث ( الصَّحابِيِّ ) البَدْريّ ، رضي الله عَنْه . ( ويُقَال فيها ) وفي بعض النُّسخ : لها ) ( عَنْجَرَةُ ) بالعين المفتوحةِ ، وسكون النون ، وبعدَ الجيم راءٌ . ( وعَنْتَرةُ ) ، بالمثنَّاة الفوقيّة بدل الجيم ، ووَهِمَ شيخُنَا فاسْتَدْركه في : عجد .
وممَّا يستدرك عليه :
غندرود قرية بِهَرَاة ، منها أَبو عمرٍ و الفتْح بن نُعَيم الهَرويُّ . ويُرْوَى إِعجام الدال الثانية .
غيد : ( *!غَيِدَ ، كفَرِحَ ) ، *!غَيَداً ، وهو
____________________

(8/473)


*!أَغْيَدُ : ( مالَتْ عُنُقُه ، ولانَتْ أَعطافُهُ ) وقيل : اسْتَرْخَتْ عُنُقُه ، ظَبْيٌ أَغْيَدُ لذالك . ( *!والغَيْداءُ ) : المَرْأَةُ ( المُتَثَنِّيَةُ لِيناً ، وقد *!تَغايَدَتْ ) في مِشْيَتها : تَمايَلَتْ ( و ) *!الغَيَد : النُّعومة .
و ( *!الأَغيَدُ من النَّبَاتِ : النَّاعِمُ المُتَثَنِّي . و ) الأَغْيَدُ ؛ ( المكانُ الكثير النَّباتِ ) ، وهو مجازٌ ، ومِثْلُ ذالك ما أَنشدَه ابنُ الأَعرابيِّ من قوله :
ولَيلٍ هَدَيْتُ به فِتْيةً
سُقُوا بِضُبَابِ الكَرَى *!الأَغْيَدِ
فإِنَّه أَرادَ الكَرَى الّذِي يَعود منه الرَّكْبُ *!غِيداً ، وذالك لِمَيَلانِهم على الرِّحالِ من نَشْوَة الكَرَى ، طَوْراً كذا ، وطَوْراً كذا ، لا لِأَنّ الكَرَى نَفْسَه *!أَغْيَدُ ، لأَنَّ الغَيَدَ إِنَّمَا يكون في متَجَسِّمٍ ، والكَرَى ليس بِجِسْمٍ .
( و ) الأَغيَدُ : ( الوَسْنَانُ المائِلُ العُنُقِ ) وهي *!غَيْداءُ ، وهُنَّ *!غِيدٌ . ومن سجعات الأَساس : نساءٌ جِيدٌ *!غِيدٌ ، يَوْمُ لِقَائِهِنَّ عِيدٌ . وهُم من النُّعَاسِ غِيدٌ ، أَي مِيل الأَعناقِ .
( وغَيْدَانُ ) ، بفتْح فسكون ؛ ( ع باليَمَنِ ) سُمِّيَ باسم *!غَيْدانَ بن حُجْر بن ذي رُعَيْنٍ ، أَحدِ مُلوكهم ( و ) *!الغَيْدَانُ ( من الشَّبَابِ : أَوَّلُهُ ) ، وهو العُنْفُوانُ . ( والغادَةُ : المَرأَةُ ) ، المَرأَةُ ) ، وفي اللِّسَان : الفَتَاةُ ( الناعِمَةُ اللَّيِّنَةُ ) الأَعطافِ ، وكذالك *!الغَيْدَاءُ ، وهي ( البَيِّنَة *!الغَيَدِ ) ، محرَّكةً .
( و ) *!الغادَةُ ( الشَّجَرةُ الغَضَّةُ ) ، يقال : شَجَرَةٌ *!غادَةٌ ، إِذَا كانَت رَيَّا غَضَّةً ، وكلُّ خِوطٍ ناعم مادَ : *!غَادٌ . وكذالك الجَارِيَةُ الرَّطْبَةُ الشَّطْبَةُ ، قال :
وما جَابَةُ المِدْرَى خَذُولٌ خِلالُهَا
أَراكٌ بِذِي الرَّيَّانِ غَادٌ صَرِيمُها
( و ) *!غادَةُ : ( ع ) ، قال ساعدةُ بنُ جُؤَيَّةَ الهُذَلِيّ :
فما راعَهُمْ إِلا أَخوهُمْ كأَنَّهُ
*!بِغَادَةَ فَتْخَاءُ العِظَامِ تَحُومُ
____________________

(8/474)



قال ابن سيده : وهو بالياءِ ، لأَنَّا لم نَجِدُ في الكلام : غ و د .
قال : ( و ) كَلِمَةٌ لأَهْل الشِّحْر ، يَقولون : ( غِيدِ غِيدِ ، أَي اعْجَلْ ) ، والله أَعلم .
وممَّا يستدرك عليه :
فُلانٌ *!يَتغايَدُ في مِشْيَتِه ، أَي يَتَمَايَلُ . وبَرْدِيَّةٌ *!غَيْدَانَةٌ : غَضَّةٌ وذو غَيدَانَ بنُ حُجْرٍ من الأَقيالِ ، ويُرْوَى بالمهملة .
*!والغويدِينُ ؛ قَرْيَة بنَسفَ ، منه أَحمدُ بنُ عِمْرَانَ بنِ موسى بن جُبَيْر ، عن أَبي عبد الله الهَرويِّ . ويروَى بالمُوَحَّدَة ، بدل التَّحتّة .
2 ( فصل الفاءِ ) مع الدال المهملة ) 2
فأَد : ( *!فَأَدَ الخُبْزَ ، كمنَعَ ) *!يَفْأَدُه *!فَأْداً : ( جَعَلَه في المَلَّةِ ) ، وهي الرَّمَادُ الحَارُّ ليَنْضُجَ . وفي التهذيب : *!فأدْتُ الخُبْزَةَ ، إِذا مَلَلْتَها وخَبَزْتَها في المَلَّة . ( و ) فأَدَ ( اللَّحْمَ في النَّارِ ) يَفْأَدُه فَأْداً ( شَوَاه ، *!كاَفْتَأَد ) ه فيه .
( و ) فأَدَ ( زَيْداً ) يَفْأَدُه فَأْداً : ( أَصاب *!فُؤادَهُ ) . وفي التهذيب : فأَدْتُ الصَّيْدَ فأْداً ، إِذا أَصَبْتَ فُؤادَه ( و ) فَأَدَ ( الخَوفُ فُلانا : جَبَّنَهُ ) ، وهو مَفُؤْودٌ ، كا سيأْتي .
( *!والأُفْؤُود ، بالضَّمّ ) والمدِّ : ( الخُبْزُ *!المَفْؤُود ، *!كالمُفْتَأَدِ ) ، يقال : فَحَصْتُ للخُبْزَةِ في الأَرض ، *!وفأَدْتُ لها أَفْأَدُ *!فَأْداً ، والاسم أُفْحوصٌ *!وأُفْؤُودٌ ، على أُفْعُولٍ ، والجمع أَفَاحِيصُ *!وأَفَائِيدُ ، ( وهو ) أَي *!الأُفْؤود ( أَيضاً : مَوْضِعُهُ ) الذي *!يُفْأَدُ فيهِ .
وفي اللسان : *!والمُفْتَأَد : مَوْضِعُ الوَقُودِ .
( و ) *!المِفْأَد ، *!والمِفْآد ، *!والمِفْأَدةُ ، ( مِنْبَرٍ ، ومِصْباحٍ ، ومِكْنَسة ) الثانيةُ عن الصاغانيِّ : ( السَّفُّودُ ) ، وهو من
____________________

(8/475)


*!فأَدْتُ اللَّحْمَ *!وافتأَدْته ، إِذا شَوَيْته ، قال الشاعر :
يَظَلُّ الغُرابُ الأَعوَرُ العَيْنِ رافِعاً
مع الذِّئبِ يَعْتَسَّانِ نارِي *!-ومِفْأَدِي
وهو ما يُخْتَبَزُ ويُشْوَى به .
( و ) *!المِفْآد : ( خَشَبَةٌ يُحَرَّكُ بها التَّنُّورُ ، ج : *!مَفَائِيدُ ) ، وفي اللِّسَان : مَفَائِيدُ .
( *!والفَئِيدُ : النارُ ) نَفْسُها ، قال لبيد :
وَجَدْتُ أَبِي رَبِيعاً للْيَتَامَى
وللضِّيفانِ إِذْ حُبَّ *!الفَئيدُ
( و ) *!الفَئِيدُ : اللَّحْمُ ( المَشْوِيُّ ) ، وكذا الخُبْزُ ، ويقال : إِذا شُوِيَ اللَّحْم فوقع الجَمْرِ فهو *!مُفْأَدٌ وفَئِيدٌ .
( و ) *!الفَئِيد : ( الجَبَانُ ، *!كالمَفؤُودِ ، فيهما ) ، يقال في الأَوّل : خُبْزٌ *!مَفْؤُود ، ولَحْمٌ مَفْؤود ، وفي الثاني ، رجُلٌ مَفْؤودٌ : جبانٌ ضَعِيفُ الفُؤادِ ، مثْل المَنْخُوبِ ، ورَجلٌ مَفْؤُودٌ *!وفَئِيدٌ : لا *!فُؤادَ له .
ولا فِعْلَ له ، قال ابنُ جِنِّي : لم يُصَرِّفُوا منه فِعْلاً ، ومفعولٌ للصِّفة إِنَّمَا يَأْتِ على الفِعْل ، نحو مضْرُوب من ضُرِب ومَقْتول من قُتِل .
( *!وافتَأَدُوا : أَوقَدُوا ناراً ) لِيَشْتَوُوا .
( *!والتَّفَؤُّدُ : التَحَرُّقُ ) ، هاكذا بالقَاف في نسختنا ، وكذا هو بخطِّ الصاغَانيِّ . وفي نُسْخِة شيخَنا : التَّحَرُّك ، بالكاف ، ويُؤَيِّد الأُولَى قولُه فيما بعْدُ ( والتَّوقُّدُ ، ومنه ) أَي من معْنى التَّوقُّدِ ، سُمِّيَ ( الفُؤَادُ ) ، بالضَّمّ ، مهموزاً ، لتَوَقُّدِه ، وقيل أَصْلُ الفأْدِ ، الحَرَكَةُ والتَّحْرِيكُ ، ومنه اشتُقَّ الفُؤادُ ، لأَنَّه يَنْبِضُ ويَتَحَرَّك كثيراً ، قال شيخُنَا : هاذا أَظهَرُ لعَدمِ تَخلُّفه ومُرادفتِه ( للقَلْبِ ) كما صَدَّر به ، وهو الذي عليه الأَكثر .
وفي ( البصائر ) للمصنِّف : وقيل إِنَّما يقال للقَلْبِ : الفُؤَادُ ، إِذا اعتُبِرَ فيه معنَى *!التَّفؤُّدِ ، أَي التَّوَقُّد ، ( مُذَكَّرٌ ) لا غيرِ ، صرَّحَ بذالك اللِّحْيَانيُّ ، يكون ذالك لنَوْعِ الإِنسان وغيرِه من أَنواعِ الحَيَوانِ الّذِي له
____________________

(8/476)


قَلْبٌ ، قال يَصفُ ناقةً :
كَمِثْلِ أَتانِ الوَحْشِ أَمَّا فُؤادُها
فَصَعْبٌ وَأَمَّا ظَهْرُها فرَكُوبُ
( أَو هو ) ، أَي الفُؤادُ : ( ما يتَعَلَّق بالمَرِيءِ من كَبِدٍ ورِئَةٍ وقَلْبٍ ) .
وفي ( الكفاية ) ما يقضِي أَن الفُؤادَ والقَلْبَ مُترَادِفانِ ، كما صدَّرَ به المصنّفُ ، وعليه اقتصرَ في المصباح . والأَكثرُ على التَّفْرقة .
فقال الأَزهَرِيُّ : القَلْبُ مُضْغَةٌ في الفُؤَادِ ، مُعَلَّقَةٌ بالنِّيَاطِ . وبهاذا جَزَمَ الواحِديُّ وغيرُه .
وقيل : الفُؤادُ : وِعاءُ القَلْبِ ، أَو داخِلُه ، أَو غِشاؤُه ، والقَلْبُ حَبَّتُه . كما قاله عِياضٌ وغيرُه . وأَشار إِليه ابنُ الأَثير .
وفي ( البصائر ) للمصنِّف : وقيل : القَلْب أَخَصُّ من الفُؤادِ ، ومنه حديث : ( أَتاكُم أَهلُ اليَمَنِ هم أَرَقُّ قُلوباً ، وأَلْيَنُ أَفْئِدَةً ) فوصَفَ القُلُوبَ بالرِّقَّةِ ، والأَفئدةَ باللِّين .
وقال جماعةٌ من المُفَسِّرين : يُطلَقُ الفُؤادُ على العَقْلِ ، وجَوَّزُوا أَن يكون منه : { مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } ( النجم : 11 ) ( ج *!أَفْئِدَةٌ ) ، قال سيبويهِ : ولا نَعْلَمه كُسِّر على غيرِ ذالك .
( *!والفَوَادُ ، بالفَتْح والواو ، غريبٌ ) ، وقد قُرِىءَ به . وهو قِراءَة الجَرَّح العُقَيْليّ . وقالوا : تَوجِيهُها أَنَّه أَبْدَل الهَمْزَة واواً ، لوُقوعِها بعْدَ ضمَّةٍ في المشهور ثم فتح الفاءَ تخفيفاً . قال الشِّهاب ، تَبعاً لغيره : وهي لُغَةٌ فيه ، ولا عِبْرَةَ بإِنكار أَبي حاتِمٍ لها .
( *!وفئِدَ ، كعُنِيَ وفَرِحَ ) ، وهاذه عن الصاغانيِّ *!فأَداً : ( شَكَاهُ ) أَي شَكَا فُؤادَه ، ( أَو وَجِعَ *!فُؤادُهُ ) فهو مَفْؤُودٌ . وفي الحديث أَنه ( عاد سَعْداً وقال : إِنَّكَ رجُلٌ مَفؤود ) . وهو الّذِي أُصِيبَ *!فُؤادُه بِوَجَع ، ومِثْلُه في ( التوضيح ) لابن مالِكِ . وفي الأَساس : ورَجل *!مَفْؤُودٌ : مُصَابُ الفُؤادِ ، وقد *!فُئِدَ *!وفأَدَهُ الفَزَعُ .
____________________

(8/477)



وممَّا يستدرك عليه :
*!فأَدَ فُلانٌ لِفُلانٍ إِذا عَمِلَ في أَمْرِه بالغيبِ جَمِيلاً . كذا في ( النوادر ) للِّحْيَانيِّ .
فثد : ( الفَثَاثِيدُ سَحَائِبُ بِيضٌ بَعْضُها ) مُتَرَاكِمٌ ( فوقَ بَعْضٍ . و ) قال الأَزهريُّ : هي ( بَطائِنُ ) كُلِّ شيْءٍ ، من ( الثِّيابِ ) وغيرِها . ( وقد فَثَّدَ دِرْعَهُ ) بالحَرِيرِ ( تَفثِيداً ) ، كثَفَّدَ ، إِذا بَطَّنَه به .
فثفد : ( الفَثافِيدُ ) ، أَهمله الجوهريُّ الصاغانيُّ ، وقال أَبو العباس عن بعضهم ، ( الفَثَاثِيد ، كالثَّفافيد ) بمعنًى واحد .
ومما يستدرك عليه :
فحد : ( فَحِذَ ) ، أَهمله الجوهريُّ أَيضاً وقال الأَزهريُّ ، عن ابن الأَعرابيِّ : واحِدٌ فاحِدٌ ، هاكذا رَوَاه أَبو عَمْرٍ و بالفاءِ ، وقال : قرأْتُ بخطّ شَمِرٍ : القَحَّاد : الرجُلُ الفَرْد الذي لا أَخَ له ولا وَلَد ، يقال : واحِدٌ قاحِدٌ صاخِدٌ . وهو الصُّنْبُورُ ، قال الأَزهريُّ أَنا واقِفٌ في هاذا الحَرْفِ . وخَطُّ شَمِرٍ أَقْرَبُهما إِلى الصَّوابِ كأَنَّه مأْخوذٌ من قَحَدةِ السَّنَامِ ، وهي أَصلُه ، وسيأْتي في القاف .
فدد : ( *!الفَدِيدُ : رَفْعُ الصَّوْتِ أَو شِدَّتُهُ ) أَو الصّوتُ بنفحسِه ، ( أَو صَوْتُ عَدْوِ الشَّاةِ ، أَو صَوتُ عَدْوِها مع رعَاتِها وحُدَاتِها ) . وفي حديث أَي هْرَيْرة . ( خَرَجَ رَجُلانِ يُريدَانِ الصَّلاةَ ، قالا فأَدْرَكْنَا أَبا هُرَيْرَةَ ، وهو أَمَامَنا ، فقال : ما لَكُمَا *!تَفِدَّانِ *!فَدِيدَا الجَمَلِ ؟ قُلنا : أَردْنَا الصَّلاةَ . قال : لَلْعَامِدُ إِليها كالقَائِمِ فيها ) . يقال *!فَدْفَدَ الإِنسانُ والجَمَلُ ، إِذا عَلَا صَوْتُه .
____________________

(8/478)


أَرادَ أَنَّهما كان يَعْدُوَانِ فَيُسْمَعُ لِعَدْوِهِم اصَوتٌ . ( أَو ) الفَدِيدُ ( صَوْتٌ كالحَفِيفِ ) ، بالحاءِ المهملة ، ( وكذا *!الفَدْفَدَةُ ، وقد *!فَدَّ *!يَفِدُّ ) ، من حَدِّ ضَرَبَ ، ( في الكُلِّ ) ، أَي مِمَّا تقدَّم من المعانِي المذكورةِ ، *!فَدًّا ، *!وفَدِيداً *!وفَدْفَدةً .
( *!والفَدَّادُ ) ، ككَتَّانٍ : الرَّجلُ ( الصَّيِّتُ ) ، أَي شَدِيدُ الصَّوتِ ( الجافِي الكلامِ ) ، الغَلِيظُهُ ، ( *!كالفُدْفُدِ ، كَهُدْهُدٍ و ) *!الفُدَفِدِ ، مثل ( عُلَبِطٍ ) ، وهاذه حكاها اللِّحْيَانيُّ .
( و ) *!الفَدَّادُ : ( الشَّدِيدُ الوَطْءِ ) ، فَدَّ *!يَفِدُّ *!فَدًّا *!وفَدِيداً *!وفَدْفَدَ : اشتَدَّ وَطْؤُه فَوقَ الأَرضِ ، مَرَحاً ونَشاطاً . وفي الحديث ، حكايةً عن الأَرض : وقد كُنْتَ تَمْشِي فَوْقِي *!فَدَّاداً ) وفي حديثٍ آخرَ : ( أَنَّ الأَرضَ ، إِذَا دُفِنَ فيها الإِنسانُ قالت له : رُبَّمَا مَشَيْتَ عليَّ *!فَدَّاداً ، ذا مالٍ كَثِيرٍ ، وذَا أَملٍ كَبِيرٍ ، وذا خُيْلَاءَ ، وسَعْيٍ دائِم ) . ثم قال ابنُ الأَعْرَابِيّ : فَدَّدَ الرّجلُ ، إِذا مَشَى على الأَرْضِ كِبْراً وبَطَراً .
( و ) *!الفَدَّاد : ( مالِكُ المِئِينَ مِن الإِبلِ ) ، هاكذا بصيغةِ الجمْع في نُسْختنا ، وفي غالب الأُمّهَات اللُّغويّة . وفي بعض النُّسخ المِائَتَيْنِ ، تثْنِيَة المِائَةِ وهو الّذِي في ( النهاية ) ، ورجَّحه شيخُنَا وليس بشيْءٍ . قال الصاغانيّ : وكان أَحدُهُمْ إِذا ملك الميئِنَ من الإِبل ( إِلى الأَلْفِ ) يقال له *!فَدَّادٌ ، وهو في معنَى النَّسب كسَرَّاجٍ وعَوَّاجٍ وبَتَّات .
( و ) الفَدَّاد أَيضاً : ( المُتَكَبِّرُ ) البَطِرُ ، مأْخُوذٌ من قَول ابنِ الأَعرابيِّ المتقدم ( ج : *!الفَدَّادُونَ ، وهم أَيضاً الجَمَّالُون والرُّعْيانُ والبَقَّارون ، والحَمَّارُون ) ، قاله أَبو العبَّاس في تفسيرِ قولِه : الجَفَاءُ والقَسْوَةُ في الفدَّادِين . ( و ) قيل : الفَدَّادُون : ( الفَلَّاحُون ) ، قال الزَّمخْشريُّ : لِصياحِهم في حُرُوثِهم ، وتقول : مَن صَحِبَ *!الفَدَّادِين ، فلا دُنْيَا نال ولا دِين . ( و ) قال ثعلب : الفَدَّادون : ( أَصحابُ الوَبَرِ ) ، لِغِلَظِ أَصواتِهِم وجَفَائِهم ، وهم أَصحابُ البادِيَةِ . وفي شرحِ شيخِنَا : وهم
____________________

(8/479)


الَّذِين يَسكنون *!الفَدَافِدَ . ( و ) قال أَبو عمرٍ و : هي *!الفَدَادِينُ مخفّفَة ، واحدُهَا : *!فَدَّانٌ بالتشديد ، ويه البَقَر الّتي يُحْرَث بها وأَهلُها أَهْلُ جَفَاءٍ وغِلْظَةٍ .
وقال أَبو عُبَيْدٍ : ليس الفَدادِينُ من هاذا في شيْءٍ ، ولا كانت العَربُ تَعرِفها ، إِنَّمَا هاذه للرُّومِ وأَهْلِ الشّامِ ، وإِنما افتُتِحَ الشّامُ بعدَ النَّبيّ صلَّى الله عليْه وسلَّم ، ولاكنهم الفَدَّادونَ ، بتشديد الدَّالِ ، واحدهم فَدَّادٌ . قال الأَصمعيُّ : وهم ( الّذين تَعْلُو أَصواتُهم في حُروثِهِمْ ) وأَموالِهم ( ومَواشِيهم ) وما يُعَالِجُونَ منها ، وكذالك قال الأَحمر .
( و ) قيل : هم ( المُكْثِرُونَ من الإِبِل ) وهم مع ذلك جُفَاةٌ ، أَهل خُيَلاءَ .
( و ) *!الفَدَّادَة ، ( بهاءٍ : الضِّفدعُ ) لنَقِيقها ، مأْخُوذً من الفَدِيدِ وهو الجَلَبَة . ( و ) الَدَّادَة : ( الجَبَانُ ، ويُخَفَّف ) في الأَخِير ، عن ابن الأَعْرابيِّ ، وأَنشد :
*!أَفَدَادَةٌ عنْدَ اللِّقَاءِ وقَيْنَةٌ
عِند الإِيابِ بِخَيْبَةٍ وصُدُودِ
واختار ثعلب ( *!فَدَّادةٌ عند اللقاءِ . . ) أَي هو فَدَّادةٌ . وقال : هاذا الذي أَختارُه .
( *!والفُدَفِدُ : الهُدَبِدُ ) وَزْناً ومَعْنًى ، عن ابن شُمَيْلٍ . وفي التهذيب ، في الرُّباعيّ : لَبَنٌ هُدَبِدٌ وفُدَفِدٌ ، وهو : الحامِضُ الخاثِرُ . وعن ابن الأَعرَابيِّ : يقال لِلَّبَنِ الثَّخِين : فُدَفِدٌ .
( و ) الفُدَادَة ، ( كسُلالَةٍ : طائِرٌ ) ، عن ابن دُرَيْدٍ ، واحِدَته : فُدَادٌ .
( *!والفَدْفَدُ : الفَلاةُ ) الْتي لا شيْءَ بها ، وقيل : هي الأَرض الغَليظة ذات الحَصَى . ( و ) قيل : ( المَكَان الصُّلْبُ الغَلِيظ ) ، قال :
تَرَى الحَرَّة السَّوْدَاءَ يَحْمَرُّ لَوْنُها
ويَغْبَرُّ منها كلُّ رِيعٍ *!وفَدْفَدِ .
____________________

(8/480)



( و ) الفَدْفَد : المكان ( المُرْتَفع ) فيه صَلابةٌ . ( و ) قيل : الفَدْفَد ( الأَرْض المُسْتَوِيَةُ ) .
( و )*! فَدْفَدُ ( اسم ) امرأَة ، قال الأَخطل :
وقُلْتُ لحادِيهِنَّ وَيْحَكَ غَنِّنَا
لجَلْداءَ أَو بِنْتِ الكِنَانِيِّ*! فَدْفَدَا
( *!والفَدِّينُ ) ، بفتح ، وتشديد الدَّال المكسورة : ( ع بِحَوْرَانَ ، منه سَعِيدُ بنُ خَالِدٍ العُثْمَانِيُّ ) ، من ذُرِّيَة سيِّدِنا عُثمانَ رضي الله عَنْه ، وهو الذي ( ادَّعَى الخِلافَةَ أَيَّامَ هارُونَ ) الرَّشيدِ ، وفي بعض النُّسخ : زمنَ المأْمونِ .
( وفَدَّ *!يَفِدُّ *!فَدِيداً ) *!وفَدْفَدَ ، إِذا ( عَدَا ) هارِباً .
( و ) يقال : هو ( يَفِدُّ لي ) ، من حَدِّ ضَرَبَ ، ( ويَعِدُّ ، أَي يُوعِدُني ) ويُهَدِّدُنِي .
( و ) عن ابن الأَعْرَابِيِّ : ( *!فَدَّدَ ) الرَّجلُ ( *!تَفْدِيداً ) ، إِذا ( مَشَى ) على الأَرض ( كِبْراً وبَطَراً ، و ) *!فَدَّدَ ( البائِعُ : صاحَ في ) بَيْعِهِ و ( شِرَاهُ ) ، ولفْظ الشِّرَى من الأَضداد .
( *!وفَدْفَدَ ) الرَّجُلُ ، إِذا ( عَدَا هارِباً من سَبعٍ أَو عَدُوَ ) ، قال النَّابِغةُ :
أَوابِدَ كالسِّلامِ إذا استَمَرَّتْ
فلَيْس يَرُدُّ *!فَدْفَدَهَا التَّظَنِّي
وممَّا يستدرك عليه :
*!فَدَّت الإِبِلُ *!فَدِيداً : شَدَخَت الأَرضَ بِخِفَافِها ، من شِدَّةِ وَطْئها ، قال المَعْلوطُ السّعْديّ :
أعاذِلَ ما يُدْرِيكِ أَنْ رُبَّ هجْمَةٍ
لأَخْفَافِها فَوْقَ المِتَانِ فَدِيدُ
____________________

(8/481)



ورواه ابنُ دُرَيْد : فوق الفَلاةِ *!فَديد . قال : ويروى : وَئِيدُ . قال : والمَعنَيانِ متقارِبانِ .
*!وفَدَّ الطائِرُ *!يَفِدُّ *!فَدِيداً : حَثَّ جَنَاحَيْه بَسْطاً وقَبْضاً .
*!وفَدُّويه بضمّ الدّال المشدّدة ، جَدُّ أَبي الحَسن محمّد بن إِسحاقَ بنِ محمّدٍ الكوفيّ ، ثِقَة ، حَدَّثَ .
فرد : ( الفَرْدُ : نِصْفُ الزَّوْجِ . و ) الفَرْد : ( المُتَّحِدُ ، ج : فِرَادٌ ) ، بالكسرِ ، على القِيَاسِ في جَمْع فَعْل بالفتح .
( و ) عن اللّيثِ : الفَرْدُ في صِفاتِ اللّهِ تعالى : ( مَن لا نَظِيرَ لَهُ ) ولا مِثْلَ ولا ثانِيَ .
قال الأَزهريّ : ولم أَجِدْه في صفاتِ الله تعالى التي وَرَدَت في السُّنَّةِ ، قال : ولا يُوصَف اللّهُ تعالى إِلَّا بما وَصَفَ به نفْسَ ، أَو وصَفَه به النّبيُّ صلَّى اللّهُ عليْه وسلَّم قال : .
ولا أَدري من أَين جاءَ به الليثُ . والفَرْدُ : الوِتْر ، و ( ج أَفرادٌ وفُرَادَى ) ، على غيرِ قياسٍ ، كأَنَّه جمع فَرْدَانَ كسَكْرَى وسَكْرَان ، وسُكارَى . وبعضُهم أَلْحقَه بالأَلفاظ الثّلاثةِ الّتي كرت في : فرخ .
( و ) الفَرْد : ( الجانِبُ الوَاحِدُ من اللَّحْيِ ) ، كأَنَّهُ يُتَوَهَّم مُفْرَدا ، والجَمْع أَفرادٌ ، قال ابن سيده : وهو الّذي عَنَاه سيبويهِ بقوله : نحو فَرْد وأَفراد ، ولم يَعْنِ الفَرْد الّذِي هو ضدّ الزَّوج ، لأَن ذالك لا يكاد يُجْمَع .
( و ) الفَرْد ( من النِّعَالِ : السَّمْط التي لم تُخْصَفْ ) طاقاً على طاقٍ ( ولم تُطارَقْ ) ، وفي الحديث : ( جاءَ رَجُلٌ يشكو رَجُلاً من الأَنصارِ شَجَّه ، فقال :
يا خَيْرَ مَن يَمْشِي بِنَعْلٍ فَرْده
أَوْهَبَهُ لِنَهْدَةٍ ونَهْدِ
أَراد النَّعْلَ الّتي هي طاقٌ واحدٌ ، وهم يُمدَحُون بِرِقَّةِ النِّعَال ، وإِنما يَلْبَسُهَا ملوكُهم وسادتُهم . أَراد :
____________________

(8/482)


يا خَيْرَ الأَكاِبِر من العَرَب ، لأَنَّ لُبْس النِّعَال لهم دون العَجَم . كذا في اللِّسَان .
( و ) يقال : ( شيْءٌ فارِدٌ وفَرْدٌ ) ، بفتْح فسكون ( وفردَّ ، كجَبَلٍ ، وكَتِفٍ ، ونَدُسٍ وعُنُقٍ وسَحْبَانَ وحَلِيمً وقَبُولٍ : مُتَفَرِّدٌ ) ، ويُنْشَد بيتُ النابغة :
مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مَوْشِيَ أَكارِعُهُ
طاوِي المَصِيرِ كَسَيْفِ الصَّيْقَلِ الفَرَدِ
بفتح الرّاءِ ، وضمّها ، وكسرها مع فتح الفاءِ ، وبضمتين ، وكذالك . ثَوْر فارِدٌ وفَرَدٌ وفَرُدٌ وفَرِدٌ وفَرِيد بمعنَى مُنفردٍ .
( وشَجَرةٌ فارِدٌ ) وفارِدَةٌ : ( مُتَنَحِّيَةٌ ) انفردَت عن سائرِ الأَشجارِ ، قال المسيَّب بن عَلَسٍ :
في ظِل فارِدَةٍ مِنَ السِّدْرِ
وسِدْرَةٌ فارِدَةٌ : انفردَت عن سائر السِّدْرِ . ( وظَبْيَةٌ فارِدٌ : مُنْفَرِدةٌ ) ، انْقَطَعَتْ ( عن القطِيعِ ، وناقَةُ فارِدةُ ، ومِفْرَادٌ ، وفَرُودٌ ) كصَبُورٍ ، إِذا كانت ( تَنْفَرِدُ ) وتَتَنَحَّى ( في المَرْعَى ) والمَشْرُوب . والذَّكَر فارِدٌ لا غَيْرُ .
( وأَفرادُ النُّجومِ وفُرُودُها : الّتي تَطْلُع في آفاقِ السَّماءِ ) ، وهي الدَّرَارِيُّ ، سُمِّيَت بذالك لتَنَحِّيها وانفرادِهَا من سائِر لنُّجومِ .
( و ) عن ابن الأَعرابيِّ : ( فَرَّدَ ) الرَّجلُ ( تَفْرِيداً ) ، إِذا ( تَفَقهَ ، واعزَلَ النَّاسَ ، وخَلَا لِمُرَاعَاةِ الأَمْرِ والنَّهْيِ ، ومنه ) الحديثُ : ( ( طُوبَى للمُفَرِّدِينَ ) و ) هي روايةٌ من الحدِيثِ المرويِّ عن أَبي هُريرة ، رضي الله عنه : ( أَنَّ رَسُولَ اللّهِ ، صلَّى الله عليْه وسلّم ، كان في طَرِيقِ مكَّةَ على جَبَلٍ ، يقال له : يُجْدَانُ فقال : سِيرُوا ، هاذا بُجْدَانُ ، ( سَبَقَ المُفَرِّدُون ) ، قالوا : يا رسولَ الله ، ومن المُفَرِّدُون ؟ قال : الذَّاكِرُون الله كثيراً والذاكرات ) هاكذا رواه مُسْلِمٌ في صَحِيحِه . ( و )
____________________

(8/483)


يقال أَيضاً : ( هُم المُهْتَرُون بِذِكْرِ الله تعالى ) كما جاءَ ذالك في روايةٍ أُخْرَى ، ونصّها : ( قال : الذين أُهْتِرُوا في ذِكْرِ الله يَضَعُ الذِّكْرُ عنهم أَثقالَهُمْ ، فيأْتُون يَومَ القِيَامَ خِفَافاً ) ( وهم ) أَي المُفَرِّدون ( أَيضاً ) على قول القُتَيْبِيِّ في تفسير الحديث ؛ الهَرْمَى ( الذين قد هَلَكَتْ ( كذا في النسخ ، وفي بعضها : هَلَكَ ( لداتُهُمْ ) ، بالكسرِ ، أَي من الناسِ ، وذَهَب القَرْنُ الّذي كانوا فيه ، ( وبَقُوا هم ) يَذْكُرون اللّهَ عَزَّ وجَلَّ . وفي بعض النسخ : هَلَكت لَذَّتُهم . قال أَبو منصور : وقولُ ابنِ الأَعرَابِيِّ في التَّفْرِيد عندي أَصْوَبُ من قول القُتَيْبِيّ .
( وراكِبٌ مُفَرِّدٌ : ما مَعَهُ غَيْرُ بَعِيرِهِ ) . في الأَساس : بَعَثُوا في حاجَتِهِم راكِباً مُفَرِّداً : لا ثانِيَ مَعَه .
( وفَردَ بالأَمرِ ، مثلْثَةَ الرّاءِ ) ، الفتحُ هو المشهور ، قال ابنُ سِيدَه : وأُرى اللِّحْيَانيَّ حكَى الكَسْرَ والضّمَّ . وَأَفْرَدَ ، وانفَرَدَ ، واستَفْرَدَ ) ، إِذا ( تَفَرَّدَ بِهِ ) ، وقال أَبو زَيْدٍ : فَرَدْتُ بهاذا الأَمْرِ أَفرُدُ به فُرُداً ، إِذا انفرَدْت به ( و ) قولُهم : ( جاءُوا فُرَاداً وفِرَاداً ) بالضّمّ والكسر مع التنوين ، ( وفُرادَى ) كسُكَارَى ، ( فُرَادَ ) ، كثُلاثَ ورُبَاعَ ، ( وفَرَادَ ) ، بالفتح ، غَيْرَ منصرفَيْنِ ، ( وفَرْدَى كسَكْرَى ، أَي واحِداً بَعْدَ واحِدٍ ) ، قال أَبو زَيْدٍ عن الكِلابِيِّين : جِئْتُمُونا فُرَادى ، وهم فُرَادٌ وأَزواجٌ ، نَوَّنوا قال : وأَما قوله تعالى : { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى } ( الأنعام : 94 ) فإِنَّ الفَرَّاءَ قال : فُرَادَى جمْعٌ ، قال : والعرب تقول : قَوْمٌ فُرَادَى ، وفُرَادَ ، فلا يُجْرُونها ، شُبِّهَتْ بثُلَاثَ ورُبَاعَ ، قال : ( والوَاحِدُ : فَرَدٌ ) ، بالتحريك ، ( وفَرِدٌ ) ككَتفٍ ، ( وفَرِيد ) ، كأَمِير ، ( وفَرْدَانُ ) كسَكْرَانَ ، ( ولا يَجُوزُ فَرْدٌ في هذا المعنى ) ، أَي بفتْح فسكون ، قال
____________________

(8/484)


الفرَّاءُ : وأَنشدني بعضُهم :
تَرَى النُّعَرَاتِ الزُّرْقَ تَحْتَ لَبَانِهِ
فُرَادَى ومَثْنَى أَضْعَفَتْهَا صَوَاهِلُهْ
وفي ( بصائر ذوي التمييز ) للمصنِّف : هو قَولُ تَمِيمِ بنِ أُبيِّ بن مُقْبل ، يصف فرساً . ويروى أَيضاً : ( أُحَاد ومَثْنَى ) ثم قال : وجاءَ فَرْدَى ، مثال سَكْرَى ، ومنه قِراءَة الأَعرجِ ونافِعٍ ، وأَبي عَمْرٍ و : { 8 . 029 ولقد جئتمونا فردى } .
واسْتَفْرَد فُلاناً : انفَرَدَ بِهِ و ) استَفْرَد ( الشيْءَ : أَخرَجَهُ من بينِ أَصحابِهِ ) وأَفْرَدَه : جَعَلَهُ فَرْداً .
وفي الأَساس : واستَفْردْته فحدَّثْته ( بشُقورى ) أَي وَجدتُه فرداً لا ثانِيَ مَعَه . ويقال : استَطْرَدَ للقَوْمِ فلمَّا استَفْرَدَ منهم رَجُلاً كَرَّ عليه فجَدَّلَهُ .
( وفَرْدٌ ) بفتح فسكون ، ( وفِرْدٌ ) ، بالكسر ، ( وفُرْدٌ ) ، بالضّمّ ، ( وفَرْدَةُ ) ، وفَرْدَةُ ) ، كتَمْرَة ، ( وَفَرَدَى ، كَجَمَزَى ، وفارِدٌ ، والفُرُداتُ ) ، الأَخِير ( بِضَمتَيْنِ ) ، كُلّ ذالكَ أَسماءُ ( مواضع ) جاءَ ذِكْرُ آخرِهَا في قول عَمْرِو بنِ قَميئةَ . وأَمَّا بِفَتْحٍ فسُكونٍ ، فجَبَلٌ بَيْنَ جَبَلَيْنِ ، يقال لهما : الفَرْدَانِ ، وأَمَّا بكسر فسكون فمَوْضعٌ عِندَ بَطْنِ الإِيادِ ، من بلاد يَرْبُوع بن حَنْظَلة ، ثَمَّ وَقْعَةٌ . كذا في المعجم .
وفَارِدٌ : جَبَلٌ بِنَجْدٍ ، ( وفَرْدَةُ : جَبَلٌ بالبادِيَةِ ) ورَمْلَةُ مَعْرُوفَةٌ ، قال الراعي :
إِلَى ضَوْءِ نارٍ بين فَرْدَةَ والرَّحَى
وقيل : موضعٌ بينَ المدينةِ والشامِ انتهى إِليه زَيْدُ بنُ حارِثةَ لَمَّا بَعَثَه
____________________

(8/485)


النّبيُّ صَلَّى الله عليْه وسلَّم ، لاعتراض عِيرِ قُرَيْش ، ورُوِيَ قولُ عَبِيدٍ :
فَفَرْدَةٌ فَقَفَا عِبِرَ
ليس بها مِنْهُم عَرِيبُ
وقد تقدم في : ع ر د .
وقال لبيد :
بِمَشارِقِ الجَبَلَيْنِ أَو بِمُحَجَّرٍ
فَتَضَمَّنَتْهَا فَرْدَةٌ فرُخَامُها
( و ) فَرْدَةُ : جَبَلٌ ( آخَرُ لِطَيِّءَ ) يقال له : فَرْدَةُ الشّموس . ( و ) فَرْدَة ( ماءٌ لِجَرمٍ ) ، وهُنَاكَ قبْرُ زيدِ الخَيْلِ ( أَو هو بالقاف ) ، وسيأْتي .
وفي قول الشاعر :
لَعَمْرِي لأَعْرَابِيَّةٌ في عَبَاءَةٍ
تَحُلَّ الكَثِيبَ سُوَيْقَةَ أَو فَرْدَا
فقيل : إِنه مُرَخَّم من فَرْدَة ، رخَّمه في غيرِ النداءِ اضطراراً ( و ) قولُهم : فُلان يُفَصِّل كلامَه تَفْصِيلَ الفَرِيدِ ، ( الفَرِيدُ : الشَّذْرُ ) الذي ( يَفْصِلُ بين اللُّؤْلُؤِ والذَّهَب ) ، ويقال له : الجَاوَرْسَقُ ، بلسان العَجَمِ ، ( ج : فَرَائِدُ ، و ) قيل : الفَرِيد ، بغير هاءٍ : ( الجَوْهَرَةُ النَّفِيسَةُ ) ، كأَنَّهَا مُفْرَدَةٌ في نَوْعِها ، ( كالفَرِيدَة ) ، بالهَاءِ ( و ) الفَرِيدُ أَيضاً : ( الدُّرُّ ، إِذا نُظِمَ وفُصِّلَ بِغيرِه ) ، وفَسَّر العِصَامُ الفَرِيدَةَ بالدُّرَّةِ الثَّمِينَة التي تُحْفَظُ في ظَرْفٍ على حِدَةٍ ، ولا تُخْلَطُ باللآليءِ ، لِشَرَفِها .
قال شيخُنَا : وهذه القُيُودُ تَفَقُّهاتٌ منه ، على عَادَتِه .
( وبائِعُهَا ، وصانِعُها : فَرَّادٌ ) .
وقال إبراهِيمُ الحَرْبيّ : الفَرِيدُ جمْع لفَرِيدةٍ ، وهي الشَّذْرُ من فِضَّةٍ كاللُّؤْلُؤ ، وفَرائدُ الدُّرِّ : كِبَارُها .
( و ) الفَرِيد ، أَيضاً ( المَحَالُ الّتي انفردَتْ فوَقَعَت بين آخِرِ المَحَالاتِ السِّتِّ الّتي تَلِي دَأْيَ العُنُقِ ، وبينَ السِّتِّ الّتي بين العَجْبِ وبَيْن هاذه ، كالفَرَائِدِ ) ، سُمِّيَتْ بِهِ لانفِرَادِهَا ، وقيل : الفَرِيدَةُ : المَحَالَةُ الّتي تَحْرُج من الصهْوَةِ الّتي تَلِي المَعَاقِمَ ، وإِنَّمَا
____________________

(8/486)


دُعِيَتْ فَرِيدَةً لأَنَّهَا وَقَعَتْ بينَ فَقَارِ الظَّهْرِ ومَعَاقِمِ العَجُزِ ، والمَعَاقِمُ : مُلْتَقَى أَطْرَافِ العِظَامِ .
( والفُرْدُودُ ) ، كسُرْسُورٍ ، كما هو نصُّ التكملة ، وفي بعض النُّسخ : الفُرُودُ : ( كَوَاكِبُ ) زاهِرةٌ ، ( مُصْطَفَّةٌ خَلْفَ ) ، وفي بعض النُّسخ : حَوْلَ ( الثُّرَيَّا ) ، وهي النَّسَقُ أَيضاً ، قاله ابنُ الأَعرابيِّ . ويقال : الفُرُودُ هاذه نُجومٌ حولَ حَضَارِ . أَحدِ المُحْلِفَيْنِ ، أَنشَدَ ثَعْلَبٌ :
أَرَى نارَ لَيْلَى بالعَقِيقِ كأَنَّهَا
حَضَارِ إِذا ما أَعْرَضَت وفُرُودُها
كذا في اللسان .
قلْت : وثانِي المُحْلِفَيْنِ الوَزْن ، وهما كَوكَبانِ يَطْلُعانِ قَبْلَ سُهَيْلٍ ، تقول العرب : حَضَارِ والوَزْنُ مُحْلِفَان وذالك أَنَّهما يَطْلُعان قَبْلَه ، فيَظنُّ النَّاسُ بكلِّ واحدٍ منهما أَنَّه سُهَيْلٌ ، فيَحالفون على ذالك . وفي كتاب ( أَنواء العرب ) : ويكونُ مع حَضارِ كواكِبُ صِغارٌ ، يقالُ له : الفُرُودُ ، سُمِّيَتْ بذالك لانفِرادِهَ عنه من جانب .
( وذَهَبٌ فَرَّدٌ ) كمُعَظَّمٍ ( مُفَصَّلٌ بالفَرِيدِ ) . ومن سَجَعَاتِ الأَساس : كَم في تَفَاصِيلِ المُبَرَّد ، مِن تَفْصِيلٍ فَرِيدٍ ومُفْرَّد : .
( والفِرِنْدَادُ ) بالكسر : ( شَجَرٌ ) قاله ابنُ سيده ( و : ع به قَبْرُ ذي الرُّمَّةِ ) الشاعرِ المشهورِ . وقيل : رَمْلَةٌ مُشْرِفَةٌ في بلادِ بَنِي تَمِيمٍ ، ويزعُمون أَنَّ قَبر ذي الرُّمَّة في ذِرْوَتِهَا قال ذو الرُّمَّة :
ويافِعٌ من فِرِنْدَادَيْنِ مَلْمُومُ
ثَنَّاه ضرورةً .
وفي التهذيب : فِرِنْدَادٌ : جَبَلٌ
____________________

(8/487)


بناحيةِ الدَّهْنَاءِ ، وبِحِذائِهِ جَبَلٌ آخَرُ ، ويقال لهما معاً : الفِرِنْدَادَانِ . وأَنشدَ بيتَ ذي الرُّمة ، ذكَره في الرُّباعيِّ .
كتاب م كتاب ( والفَوَارِدُ مِن الإِبلِ : الَّتي لا تُشْبِهُهَا فُحُولٌ ) .
( و ) يقال : ( لَقِيتُه فَرْدَيْنِ ، أَي لم يكن مَعَنَا أَحَدٌ ، وعبارة اللسان لَقِيتُ زَيداً فَرْدَيْنِ ، إِذا لم يكن معكما أَحدٌ .
( والفَرْدَيْنِ ) ، بصيغة التَّثْنِية : ( قناةٌ ) .
وزيادُ بنُ الفَرْدِ أَو ( ابنُ ) أَبِي ( الفَرْدِ ) ، ويقال : القرْد ، بالقاف : ( صَحابِيٌّ ) لم يَصِحَّ حَدِيثُه . كذا في معجم الصَّحَابَة .
( وَحفْصٌ الفَرْدُ المِصْرِيُّ ) ، أَبو حفص ( مِنَ الجَبْرِيَّةِ ) مشهورٌ ، من المتكلِّمين . وكان قد تَلمذَ أَبا يُوسُفَ ، وناظرَ الشافِعِيَّ .
( والفَرْدُ ) : اسم ( سَيْفِ عبدِ اللّهِ بنِ رَوَاحَةَ ) بن ثَعْلَبَةَ الأَنصاريّ ، أَبي محمَّدٍ النّقِيبِ البَدْريِّ ، رضي الله عنه .
( والفارِدُ من السُّكَّرِ : أَجْوَدُهُ وأَبْيَضُهُ ) .
( و ) الفارِد : ( جَبَلٌ بِنَجْدٍ ) ، تقدَّمَ ذِكْره .
( و ) الفُرَدَةُ ، ( كَهُمَزَةٍ : مَن ) يَتْرُك الرُّفْقَة ، و ( يَذْهَبُ وَحْدَه ) .
( والفُرْدَاتُ بضمّ الفاءِ ) وسكون الراءِ : ( الآكامُ ) .
( و ) يقال : ( سَيْفٌ فَرْدٌ ) ، بفتح فسكون ، ( وَفَرِدٌ ) ، ككَتِفٍ ، ( وفَريدٌ ) كأَمِيرٍ ، ( وفَرَدٌ ) ، محرّكَة ، ( وفَرْدَدٌ ) ، كجعفرٍ ، ( وفِرِنْدٌ ) ، بالكسر ، أَي ( لا نَظيرَ له ) من جَوْدتِه ، فهو مُنْقَطِعُ القَرِينِ ، هاكذا فَسَّر بنُ السِّكّيت في قوله :
طاوِي المَصِيرِ كسَيْفِ الصَّيْقَلِ الفردِ
قال : الفَرَدُ والفُرُدُ ، بالفتح والضّمِّ ، ولم أَسمعْ بالفَرَد إِلَّا في هاذا البيت . والذي في التكملة : سيف فَرَدٌ وفَرِيدٌ : ذو فِرِنْد . فتأَمَّلْ ذالك .
( وأَفْرَدَهُ : عَزَلَهُ ) .
____________________

(8/488)



( و ) أَفْرَدَ ( إِليه رَسُولَا : جَهَّزَهُ .
( و ) أَفردَت ( المَرْأَةُ : وضَعَت واحدةً ) ، هاكذا في النُّسْخَة : وفي بعْضها : واحداً ، ( فهي مُفْرِدٌ ) ، ومُوحِدٌ ، ومُفِذٌّ . وزاد في الأَساس : وأَتْأَمَت ، إِذا وَضَعَت اثْنَيْنِ . قال الأَزهريُّ ( ولا يُقالُ ) ذالك في ( الناقَةِ ، لأَنَّها لا تَلِد إِلَّا واحِداً ) ، كذا في اللسان .
( وفَرْدَدُ ) ، كجعفر : ( ة بِسَمَرْقَنْدَ ) ، منها أَبو إِسحاقَ إِبراهيمُ بنُ منصورِ بنِ شُرَيْحٍ ، عن محمّد بن أَيّوبَ الرازيّ .
ومِمَّا يستدرك عليه :
المُفْرَد : ثَوْرُ الوَحْشِ . وفي قصيدة كَعْب :
تَرْمِي الغُيُوبَ بِعَيْنَيْ مُفْرَدٍ لَهَقٍ
شَبَّهَ به النّاقَةَ .
وفي الحديث : ( لا تُعَدُّ فارِدَتُكم ) يعني الزائدةَ على الفَرِيضةِ ، أَي لا تُضَمُّ إِلى غيرِهَا فَتُعَدّ معها وتُحْسَب . وقال الزّمخشريُّ في الأَساس : الفاردةُ هنا . هي التي أَفرَدْتهَا عن الغَنَمِ تَحْلبُها في بَيْتِك .
وفي حديث أَي بَكْرٍ : ( فَمِنْكُمْ المُزْدَلِفُ صاحِبُ العِمَامَةِ الفَرْدَةِ ) إِنَّما قِيل لَه ذالك ، لأَنّه كان إذا رَكِبَ لم يَعْتَمَّ معه غَيْرُه إجلالاً له .
وفي الحديث : ( لا يَغُلَّ فارِدَتُكم ) فَسَّرَه ثعلبٌ فقال : معناه مَن انفرَدَ مِنْكُم ، مثْل واحدٍ أَو اثنين ، فأَصاب غَنِيمَةً فلْيَرُدَّها على الجَمَاعَةِ ، ولا يَغُلَّها أَي لا يَأْخذْها وَحْدَه .
اسْتَفْرَدْتُ الشيءَ ، إِذا أَخذْته فَرْداً لا ثانِيَ له ولا مِثْل ، قال الطِّرِمَّاحُ يذْكُر قِدْحاً من قِدَاحِ المَيْسِرِ :
إِذَا انْتَحَت بالشَّمَالِ بارِحَةً
جالَ بَرِيحاً واستفرَدَتْهُ يَدُهْ
والفارِدُ والفَرَدُ : الثَّوْرُ .
وعَدَدْتُ الجَوْزَ ، أَو الدَّرَاهِمَ أَفراداً ، أَي واحداً واحداً .
____________________

(8/489)



وفَرْدٌ : كَثِيبٌ مُنْفَرِدٌ عن الكُثْبَانِ ، غَلَبَ عليه ذالك ، و ( ليس ) فيه الأَلفُ والّلام حتّى جُعِلَ ذالك إسماً له كَزَيْدٍ ، ولم يُسمَع فيه الفَرْد .
وفي حديثِ الحُدَيْبِيَة : ( لأُقاتِلَنّهم حتَّى تَنْفَرِدَ سالِفَتِي ) أَي حتَّى أَموتَ . السالِفةُ : صَفْحةُ العُنُقِ وَكَنَى بانفِرَادِهَا عن المَوْت ، لأَنَّهَا لا تَنْفَرِدُ عَمَّا يَلِيها إِلَّا به .
واستفَردَ الغَوَّاصُ الدُّرَّة : لم يَجِدُ معَها أُخرَى . كذا في الأَساس .
وفُرُودُ النُّجومِ ، مثل أَفرادِهَا .
فرثد : ( فَرْثَدَ وَجْهُهُ ) ، بالثاءِ المثلّثَة بعد الرّاءِ ، أَهمله الجوهري وصاحِبُ اللسان . وقال الصاغانيُّ . إِذا ( كَثُرَ لَحْمُهُ وامْتَلأَ ) ، كذَا في التكملة .
فرشد : ( فَرْشَدَ ) الرَّجلُ . أَهمله الجوهريُّ وصاحِبُ اللسانِ . وقال الصاغانيُّ : هذا ( بَاَعدَ بين رِجْلَيْهِ ) مثل : فَرْشطَ . كذا في التكملة .
فرصد : ( الفرْصِدُ ، والفِرْصِيدُ ، بكسرهما ، عَجْمُ الزَّبِيبِ وعَجْمُ الزبِيبِ وعَجْمُ العِنَبِ ) ، وهو العُنْجُد أَيضاً ، وقد تقدَّم ، ( كالفِرْصادِ ) ، بالكسر أَيضاً . وكان يَنبغِي التَّنْبِيهُ ، فإِنّ الإِطلاقَ يقتضِي الفتح .
( وهو ) أَي الفِرْصاد : ( التُّوتُ ، أَو حَمْلُه ، أَو أَحْمَرُهُ ) ، وقال اللَّيْثُ : الفِرْصَادُ : شَجَرٌ معروف . وأَهلُ البَصرةِ يُسَمُّون الشَّجَرَ فِرْصاداً ، وحَمْلَه التُّوثَ ، وأَنشد :
كأَنَّما نَفَضَ الأَحمالَ ذَاوِيَةً
على جَوَانِبِه الفِرْصادُ والعِنَبُ
أَرادَ بالفِرْصَادِ والعِنَبِ الشَّجَرَتَيْنِ لا حَمْلَهُمَا ، أَرادَ : كأَنمَا نَفَضَ الفِرْصَادُ أَحْمَالَه ذَاوِيَةٌ نصب على الحَالِ والعِنَبُ كذالك ، شَبَّه أَبْعَارَ البَقَرِ بِحَبِّ الفِرْصَادِ والعِنَبِ .
____________________

(8/490)



( و ) الفِرْصَاد : ( صِبْغ أَحْمَرُ ) ، قال الأَسودُ بن يَعْفُرَ :
ولقد لَهَوْتُ وللشَّبابِ بَشَاشَةٌ
بِسُلافَةٍ مُزِجَتُ بماءِ غَوادِي
يَسْعَى بها ذُو تُومَتَيْنِ مُنَطَّقٌ
قَنَأَتْ أَنامِلُهُ من الفِرْصَادِ
والتُّومَة : الحَبَّةُ من الدُّرِّ ، والسُّلافَةُ : أَوّلُ الخَمْرِ . والغَوَادِي : السحَائِبُ تأْتي غُدْوَةً .
فرقد : ( الفَرْقَدُ : وَلَدُ البَقَرةِ أَو الوحْشِيَّة ) منها ، والأُنثَى : فَرْقَدةٌ ، قال طرَفَةُ ، يَصِفُ عَينَيْ ناقةٍ :
طَحُورَانِ عُوَّارَ القَذَى فتَراهُما
كَمَكْحولَتَيْ مَذْعورةٍ أُمِّ فَرْقَدِ
طَحَورانِ : رَامِيَتانِ . وعُوَّارُ القَذَى : ما أَفْسَدَ العَيْنَ . ( و ) الفَرْقد : ( النَّجْمُ الّذي يُهْتَدَى به ، كالفُرْقُودِ ، فِيهما ) ، أَي في وَلَدِ البقرةِ والنَّجْم ، ورُوِيَ : الفُرْقُود ، بمعنَى : وَلَدِ البقرةِ ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ ، واستَدَلَّ بقَولِ الراجِزِ ، فيما أَنشدَه عنه ثَعلبٌ :
وليلةٍ خامدةٍ خُمُودَا
طَخْياءَ تُعْشِي الجَدْيَ والفُرْقُودَا
إِذا عُمَيْرٌ هَمَّ أَن يَرْقُودَا
وأَراد يَرْقُد فأَشْبَعَ الضَّمَّةَ ، قال الصاغانيُّ : قلتُ : أَرادَ بالفُرْقُودِ : الفَرْقَدَ الّذِي هو النجْمُ لا ولَدَ البقرةِ ، يعني أَنَّ الجَدْيَ والفَرْقدَ اللَّذيْن بهما يُهْتَدى في الظُّلُماتِ ، وهما دلِيلَا السَّفَرِ يَعْشَيانِ في هاذه اللَّيلةِ لهشدَّة ظُلْمتها ، فيَعْجِزانِ عن أَن يَهْدِيَا أحداً .
فإِذا عَرفتَ ذالك فقولُ المصنِّف فيهما مَحَلُّ نَظَرٍ . فتَأَمَّل . ( وهُمَا فَرْقَدَانِ ) ، نَجْمَانِ في السَّمَاءِ ، لا يَغْرُبانِ ، ولاكَّنهُمَا يَطُوفانِ بالجَدْيِ ، وقيل : هما كَوكبانِ قَرِيبانِ من القُطْب . وقيل هما كَوْكَبَانِ في بنات نَعْشٍ
____________________

(8/491)


الصُّغْرَى . ( و ) قد ( جاءَ في الشِّعْر مُثَنَّى ومُوَحَّداً ( ومجموعاً ، أَمَّا أَوَّلاً فقولُ الشاعر :
وكلُّ أَخٍ يُفَارِقُهُ أَخوهُ لعَمْرُ أَبِيكَ إِلا الفَرْقَدَانِ وأَمَّا ثانِياً ففي اللِّسَان : ورُبَّما قالت العربُ لهما : الفَرْقَد ، قال لبيد :
حالَفَ الفَرْقَدُ شَرْباً في الهُدَى خُلَّةً باقِيَةً دُونَ الخَلَلْ وأَما ثالثاً فقد قالوا فيهما : الفَرَاقِدُ ، كأَنَّهُم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ منها فَرْقَداً ، قال :
لَقَدْ طَالَ يا سَوْدَاءُ مِنْكِ المَوَاعِدُ ودُونَ الجَدَا المَأْمولِ مِنْكِ الفَراقِدُ ( وفَرْقَدٌ ، غيرَ منْسُوبٍ ) ، أَكلَ على مائِدةِ النّبيِّ ، صلَّى الله عليه وسلّم ، آه الحَسَنُ بن مِهْرَانَ ، شيخٌ لمحمَّدِ بنِ سلَّامٍ الجُمَحِيّ ، فهو ثُلاثيّ للبخاريّ في تاريخه ، كذا في تجريد الذَّهبيِّ . ( وعُتْبَةُ بنُ فَرْقَد ) بن يَرْبُوعٍ السُّلَمِيّ ، أَبو عبد الله ، وَلِيَ المَوصِلَ لِعُمَر ، وكان شريفاً ، وشَهِدَ خَيْبَرَ ، وابتَنَى بالمَوْصِلِ داراً ومَسْجِداً : ( صحابِيَّانِ ) .
وفاتَهُ : فَرْقَدٌ العِجْلِيُّ ، ويقال : التَّمِيمِيُّ ، ذَهَبتْ به أُمّه إِلى النّبيّ صلَّى الله عليْه وسلَّم فدَعا له .
( وفَرْقَدٌ : ع ببُخَارَى ) ، نقله الصاغانيُّ .
( و ) فُرَاقِدٌ ، ( كَعُلابِطٍ : شُعْبَةٌ ) من شِقِّ غَيْقَةَ ، ( تَدْفَعُ في وادِي الصَّفْرَاءِ ) .
ومِمَّا يستدرك عليه :
الفَرْقَدُ في الأَرضِ : لمُسْتَوِي الصُّلْب .
وأَبو جَعْفَر محمدُ بن عليّ بن مخلد الفَرْقَديّ الدَّارَكيّ الأَصبهانيّ ، تُوفِّيَ سنة 307 ه .
ومحمّد بن جَعْفَر بن الهَيثم بن
____________________

(8/492)


فَرْقَدِيّ الضَّبِّيّ الفَرْقَدِيّ ، إِلى جَدِّه ، أَصبهانيٌّ ، رَوَى .
فرند : ( الفِرِنْدُ ، بكسر الفاءِ والرْاءِ : السَّيْفُ ) نَفْسُه ، قال جَرِير :
وقد قَطَعَ الحَدِيدَ فلا تُمارُوا
فِرِنْدٌ لا يُفَلُّ ولا يَذُوبُ
( و ) قال أَبو منصور : فِرِنْدُ السَّيْفِ : ( جَوْهَرُهُ ) وماؤُه الّذِي يَجْرِي فيه ، وطَرَائِقُه . ( و ) قال الجوهريّ : فِرِنْدُ السَّيْفِ : ( وَشْيُهُ ) ورُبَدُه ، ( كالإِفْرِنْدِ ) .
( و ) الفِرِنْدُ : ( الحَوْجَمُ ) ، وهو الوَرْدُ الأَحمرُ .
( و ) فِرِنْدٌ : ( ثَوْبٌ ) من حَرِيرٍ ، ( م ) معروفٌ ، واللفظ دَخِيلٌ ، ( مُعَرَّبٌ ) ، صَرَّحَ به الجَوالِيقِيُّ واللَّيْثُ وغيرُهما .
( و ) الفِرِنْد : ( حَبُّ الرُّمَّانِ ) .
( و ) عن ابنِ الأَعرابِيِّ : الفِرْنِد .
( كَفِسْكِلٍ : الأَبْزارُ ، ج فَرَانِدُ ) .
( والفِرِنْدَاةُ ) بالكسر : ( القَطَاةُ ) ، نقله الصاغانيُّ .
( وفِرِنْدَادُ ، كَجِحنْبارٍ ) : موضع ويقال : اسمُ رَمْلَةٍ مُشْرِفَةٍ في بِلادِ تَمِيمٍ ، ويَزعُمون أَنَّ قبرَ ذي الرُّمَّةِ بِذِرْوتها . وفي التهذيب : ( جَبَلٌ بالدَّهْنَاءِ ، وبِحِذَائِهِ ) جَبَلٌ ( آخَرُ ، ويقال لهما ) معاً : ( فِرِنْدادَانِ ) ، قال ذو الرُّمَّة :
ويافعٌ من فِرِنْدَادَيْنِ مَلْمُومُ
قلت : وقد تقدَّم ذالك بعينِه . وقد فَرَّ بينَهما المصنِّفُ ، وهما واحِدٌ ، كما هو ظاهِرٌ .
ومما يستدرك عليه :
فرِنْد آباد : قريةٌ بنَيْسَابُور ، منها أَبو الفَضْلِ العَبَّاس بنُ مَنْصُور بن العَبَّاسِ بن شَدَّادٍ النَّيْسَابُورِيّ ويرْوَى إِعْجام دالِه الثانية .

____________________

(8/493)


فرنكد : ( فَرَنْكَدُ ، كَقَلَنْدَر : قريَةٌ قُرْبَ سَمَرْقَنْدَ ، منها الفَضْلُ بنُ محمد بن نَصر السُّغْدِيُّ ، ومحمّد بن مَعْبد ، والحسن بن أَحمد ، ذكره الأَمير . وقال ابنُ الأَثير : ويقال إِفْرَنْكَد .
ويُستدرك عليه أَيضاً :
فرهد : ( الفُرْهُدُ ، بالضّمّ ، و ) زادَ ابنُ سيده : ( الفُرْهُود ) أَيضاً : ( الحادِرُ الغَلِيظُ ) من الغِلْمَان . ( و ) هو ( النّاعِمُ التَّارُّ ) ، الرَّخْصُ . وقال : إِنَّما هو الفُرْهُد بالفاءِ ، وضمّ الهاءِ والقافُ فيه تصحيفٌ .
( و ) الفُرْهُد ، والفُرْهُود : ( وَلدُ الأَسَدِ ) ، عُمَانِيَّةٌ . وسيأْتي في كلام الخليلِ ، حين سأَله الأَصمعيُّ : وما فَرَاهِيدُ ؟ قال : جَرْوُ الأَسَدِ ، بلُغة عُمانَ .
وفي اللسان : وزَعمَ كُرَاع أَنَّ جَمْع الفُرْهُد : فَرَاهِيدُ ، كما جُمِعَ هُدْهُدٌ على هَداهِيدَ . قال ابن سيده : ولا يُؤْمَن كُرَاع على مثْلِ هاذا ، إِنَّما يُؤْمَن عليه سيبويهِ وشِبْهُه .
( و ) الفُرْهُدُ : ( الغُلامُ المُمْتلِيءُ ) الجسمِ ، ( الحَسَنُ ) الوَجْهِ وفي بعض النُّسخ : الممتلىءُ الحُسْنِ بالإِضافة ( ويُفْتَح ) ، وهاذا عن الصاغانيِّ ، والقافُ تصحيفٌ ، كما تقدَّمَ . ويقال أَيضاً : غلامٌ فُلْهُدٌ ، باللام ، وسيأْتي .
( والفُرْهُود ) ، بالضَّمّ : ( وَلَدُ الوَعِلِ ) .
( و ) فْرْهُودٌ : ( أَبُو بَطْنٍ ) من يَحْمَدَ وهم بطْنٌ من الأَزْدِ ، ( منهم ) إِمام الصَّنْعَةِ ( الخَلِيلُ بن أَحْمَدَ ) العَرُوضِيُّ ، ( وهو فُرْهُودِيٌّ ) بالضّمِّ ، . هاكذا كان يَقولُه يُونُسُ ، ( وفَراهِيدِيٌّ ) ، كما هو المشهورُ ، والأَكثرُ في الاستعمال . رُوِيَ عن الأَصمعيِّ ، أَنّه قال : سأَلْتُ الخَلِيلَ بنَ أَحمدَ : مِمّن هو ، فقال : من أَزْدِ عُمَانَ ، من فَرَاهِيدَ . قُلْتُ : وما فَرَاهِيدُ ؟ قال : جَرْوُ الأَسَدِ ، بلُغَة ، عُمَانَ . وقال الرّشاطيّ : في
____________________

(8/494)


الأَزدِ الفَرَاهِيدُ بن شبابة بن مالِك بن فَهْم بن غَنْمِ بن دَوْس . كذا لابنِ الكَلْبِيِّ . وقال ابنُ دريد : فُرْهُودُ بنُ شَبابةَ . وفي البغية : هو فَراهِيدُ بنُ مالِكِ بنِ فَهْمِ بنِ عبدِ الله بن مالك بن نَصْر بن الأَزدِ . قلت : وبَقِيَ على المصنّف من هاذه القَبِيلَةٍ : أَبو عمرٍ و مُسْلم بن إِبراهِيمَ الأَزْدِيّ الفَرَاهيدِيّ القَصّاب ، بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ . روَى عن هِشام الدَّسْتُوائيّ ، وشُعبَة ، وعنه البُخَاريُّ وغيرُه . ذكره ابنُ الأَثير .
( والفَرَاهِيدُ : صِغَارُ الغَنَمِ ) كأَنَّه جَمْعُ فُرْهُودٍ ، على قولِ كُرَاع .
( وفِرْهَادُ ، بالكسر ) ، والمشهورُ الفتح ، وهاكذا هو بخطِّ الصاغانيِّ أَيضاً : ( اسْمٌ أَعْجَمِين ) لبعضِ المُلُوك ، وفِرْهَادُ وشِيرِين ، قِصَّتُهما مشهورةٌ عِندَهُم .
قال شيخُنا وصرَّح ابنُ الأَثير بأَنَّ دالَ فِرْهَاد معجمةٌ ، فلا يُذْكَر هنا . ( وفِرْهادْ جِرْدْ ) ، بكسر الفاءِ على حسب ضبْطِه السابِق ، والصَّواب بفتح الفاءِ ، وكسر الجيم ، وسكون الرَّاءَينِ ، والدَّالينِ : ( لا بِمَرْوَ ) ، وضبطها ابنُ الأَثِير بفتْح الفاءِ أَيضاً وإِعْجَام الدال . منها : أَبو يَحْيَى زكريّا بن دلشاد بنُ مُسلِم ، عن محمّد بن رافعٍ ، وعليّ بن خَشْرَم ، وعنه أَبو عُمَر الزَّاهِدُ ، قال الصاغانيُّ : هو مُرَكَّبٌ . ( وجِرْدْ ) بالكسر ( مُعَرَّبُ كِرْد ، أَي عَمِلَ ) ، هاكذا هو مضبوط بالكسر ، والذي يُعرَف من قواعد اللسان أَنَّ الذي بمعنَى عَمِل : كَرْد ، بفتح الكاف العربية .
ومما يستدرك عليه :
تَفَرْهَدَ الغُلامُ ، إِذا سَمِنَ ، ولا يُوصَف به الرُّجُلُ ، وغُلامٌ مُفَرْهَدٌ .
وفَرْهَادْ جِرْدْ : قَرْيَة أُخْرَى بِنَيْسَابُورَ منها أَبو الفضْل صالحُ بنُ نُوحِ بن منصورٍ النَّيْسَابُورِيّ .
____________________

(8/495)



وفَرْهادَانُ : قَرْيَةٌ أُخْرَى ، نُسِب إِليها عبدُ الله بن محمدّ بن سَيَّار .
ويُرْوَى إِعجامُ الدَّال في الكُلّ .
وعَدَا حَتَّى فَرْهَد ، أَي انتفَخَ ، وفَرْهَدَتْ نَفْسُه ، إِذا ضاقَتُ .
فزد : ( لَم يُحْرَمْ مَنْ فُزْدَ لَهُ ) ، أَهمَله الجوهريُّ هنا ، وقال الأَصمعيُّ : تقولُه العرب لمن يَصِل إِلى طَرَفٍ من حاجَتِهِ ، وهو يَطْلُب نِهَايَتَها ، ( أَي مَنْ فُصِدَ لَهُ ) ، بالصاد ، بدلَ الزّاي ، وهو الأَصلُ ( وسيأْتي ) قريباً ، أَي اقنَعْ بِما رُزِقْتَ منها ، فإِنّكَ غيرُ مَحْرُومٍ .
فسد : ( فَسَدَ ) ، يَفْسُد ويَفسِدُ . وفَسُدَ ( كنَصَر ، وعَقَدَ ، وكَرُمَ ) الأُولَى هي المشهورةُ المعروفَةُ ، وعليها اقتَصَرَ جماعةٌ ، كصاحِب المِصْباح ، وابنِ القُوطِيَّة ، ونقَل المصنِّف في ( البصائر ) عن ابن دُرَيد : فسَدَ يَفْسِد ، مثل عَقَدَ يَعْقِد ، لُغَة ضعيفة ، قال شيخُنَا : وأَغرَبَ في وَزْن الثانيةِ بعَقَد ، فإِنَّه ليس من أَوزانه المشهورة ، ولو وَزَنَه بِضَرب كان أَقربَ ( فَساداً ) ، مصدر البابِ الثَّالِث ( وفُسُوداً ) بالضّمِّ ، مصدر الباب الأَول : ( ضِدُّ صَلَحَ ) ، قال شيخُنا : وقد اخْتَلَفت عباراتُهم في معناه ، فقيل : فَسَد الشيءُ : بَطَلَ واضْمَحَلّ ، ويكون بمعنَى تَغَيَّرَ ، ومن الأَوّلِ عند الأَكثَر : { لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا } ( الأنبياء : 22 ) .
( فهو فاسِدٌ وفَسِيدٌ ) فيها ( مِن ) قَوْمٍ ( فَسْدَى ) ، كسَكْرَى . كما قالوا : ساقِطٌ وسَقْطَى . قال سيبويه : جَمَعُوه جمْعَ هَلْكَى ، لتقارِّبِهِمَا في المَعنَى . ( ولم يُسْمَع ) عنهم ( انْفَسَدَ ) في مُطَاوِع فَسَدَ ، وإِلَّا فالقِيَاسُ لا يأْباه .
( والفَسَادُ : أَخْذُ المالِ ظُلْماً ) بغير حَقَ ، هكاذا فَسَّر مُسْلِمٌ البطينُ قولَه
____________________

(8/496)


تعالى : { لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى الاْرْضِ وَلاَ فَسَاداً } ( القصص : 83 ) .
ويقال : أَفْسَدَ المالَ يُفْسِدُه إِفْسَاداً وفَسَاداً . { وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ } ( البقرة : 205 ) .
( و ) قولُه عَزَّ وجَلَّ : { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرّ وَالْبَحْرِ } ( الروم : 41 ) الفسادُ هنا : ( الجَدْبُ ) في البرِّ ، والقَحْطُ في البَحْرِ ، أَي في المُدُنِ الّتي على الأَنهارِ ، وهاذا قولُ الزَّجّاج .
( والمَفْسَدةُ ضِدُّ المَصْلَحَةِ ) ، وقالوا : هاذا الأَمْرُ مَفْسَدةٌ لِكَذا ، أَي فيه فَسادٌ . قال الشاعر :
إِنَّ الشَّبَابَ والفَرَاغَ والجِدَهْ
مَفْسَدةٌ للعَقْلِ أَيُّ مَفْسَدهْ
وفي الخَبَرِ أَنَّ عبْدَ المَلِكِ بنَ مَرْوانَ أَشْرَف على أَصحابه ، وهم يَذكُرون سِيرَةَ عُمَرَ ، فغاظَهُ ذالك ، فقال : إِيهاً عن ذِكْرِ عُمَرَ ، فإِنه إِزراءٌ على الوُلاة 2 ، مَفْسَدةٌ للرَّعِيَّة ) . وعدَّى إِيهاً بِعَنْ لأَن فيه معنَى : انتَهُوا .
( وفَسَّدَه تَفْسِيداً أَفْسَدَهُ ) وأَبارَهُ ، قال أَبو جُنْدَبٍ الهُذَليُّ :
وقلتُ لَهُمْ قدْ أَدْرَكَتْكُمْ تِيبَةٌ
مُفْسِّدَةُ الأَدبارِ ما لمْ تُخَفَّرِ
أَي إِذا شَدَّت على قَومٍ قَطَعَتْ أَدْبَارَهم ، ما لم تُخَفَّرِ الأَدْبَارُ ، أَي ما لم تُمْنَع .
( وتفاسَدُوا : قَطَعُوا الأَرْحَامَ ) وتَدَابَرُوا ، قال :
يَمْدُدْنَ بالثُّدِيِّ في المَجَاسِدِ
إِلَى الرِّجَالِ خَشْيَةَ التَّفَاسُدِ
يقول : يُخْرِجْنَ ثُدِيَّهُنَّ ، يَقُلْن : نَنْشُدُكُم اللّهَ إِلَّا حَمَيْتُمُونَا ، يُحَرِّضْنَ بذالكَ الرِّجالَ .
( واسْتفْسَدَ ) فلانٌ إِلى فلانٍ : ( ضِدُّ استصْلَحَ ) ، واستَفْسَدَ السُّلطانُ
____________________

(8/497)


قائِدَه ، إِذا أَساءَ إِليه ، حَتَّى استَعْصَى عليه .
وفي الحديث : كَرِه عَشْرَ خِلالٍ ، منها إِفسادُ الصَّبِيِّ ، غَيْرَ مُحَرِّمِهِ ) هو أَن يَطأَ المَرْأَةَ المُرْضِعَ فإِذا حَمَلَت فَسَدَ لَبَنُهَا ، وكان من ذالك فَسادُ الصَّبِيِّ ، وتُسمَّى الغِيلَة وقوله : غير مُحَرِّمِهِ ، أَي أَنه كَرِهَهُ ولم يَبْلُغْ به حَدَّ التَّحْرِيم .
وبَقِيَ من الأُمورِ المشهورةِ : حَرْبُ الفَسَادِ ، وهي حَرْبٌ كانت بين بني شك وغَوْث من طيْىءٍ ، سُمِّيَت بذالك لأَن هاؤلاءِ خَصَفوا نِعَالَهُم بآذان هؤلاءِ ، وهاؤلاءِ شَرِبُوا الشَّرَابَ بأَقْحافِ هاؤلاءِ .
ومن سَجَعَات الأَساس : من كثُرتْ مَفَاسِدُه ، ظَهَرَتْ مَسَافِدُه .
وفلانٌ يُفَاسِدُ رَهْطَهُ .
فصد : ( فَصَد يَفْصِد ) ، بالكسر ، ( فَصْداً ) ، بفتح فسكون ، ( وفِصَاداً ، بالكسر ) ، وهاذه عن الصاغانيّ قل شيخُنَا : وقولُ العامّةِ : الفِصَادَة بالهاءِ ، ليسَ من كلامِ العرب ( وافْتَصَدَ : شَقَّ العِرْقَ ، وهو مَفْصُودٌ ليَسْتَخْرِجَ دَمَهُ فَيَشْرَبَه .
وقال : الليثُ الفَصْد قطعُ العُروقِ ، وافتَصَد فلانٌ ، إِذا قَطَعَ عِرْقَه فَفَصَدَ ، وقد فَصَدَتْ وافتَصَدَتْ .
( و ) يقال : فَصَدَ ( له عَطَاءً ) ، أَي ( قَطَعَ له وأَمْضَاهُ ) يَفْصِده فَصْداً .
( و ) يُحْكَى أَنه ( باتَ رَجُلانِ عِنْدَ أَعْرَابِيَ فالْتَقَيَا صَباحاً ، فسأَلَ أَحدُهما صاحِبَهُ عن القِرَى ، فقال : ما قُرِيتُ ، وإِنَّمَا فُصِدَ لي ، فقال ) الرَّجُلُ : ( لم يُحْرَمْ مَنْ فُصْدَ له ) ، بسكون الصاد ، فجَرَى ذالك مَثَلاً ( وسَكَّنَ الصادَ تَخْفِيفاً ) ، كما قالوا في ضُرِب : ضُرْب ، وفي قُتِلَ : قُتْلَ ، كقول أَبي النَّجْم :
لَوْ عُصْرَ منه البَانُ والمِسْكُ انعَصَرْ
____________________

(8/498)



( ويروَى مَنْ فُزْدَ لَه ، بلزَّايِ ) ، بدلَ لصَّاد ، لأَن الصَّادَ لَمَّا سَكَنَتْ ضَعُفَتْ ، فضارَعُوا بها الدَّال الّتي بعدَهَا بأَن قَلَبُوها إِلى أَشْبَهِ الحُرُوف بالدَّال من مخْرَج الصَّادِ ، وهو الزّاي ، لأَنَّها مجهورةٌ ، كما أَنّ الدَّال مجهورةٌ ، فإِن تَحَرَّكَت الصّادُ هُنا لم يَجُز البدلُ فيها ، وذالك نحو : صَدَر وصَدَف ، لا تقولُ فيه زَدَرَ ، ولا زَدَفَ ، وذالك أَنَّ الحَرَكَةَ قَوَّت الحَرْفَ وحَصَّنَتْه فأَبْعَدَتْه من الانْقِلاب ، بل قد يجوز فيها إِذا تَحَرَّكتْ إِشامُها رائحةَ الزّايِ ، فأَمّا أَنْ تَخْلُصَ زاياً ، وهي متحرِّكةٌ ، كما تَخلُص ، وهي ساكنة فلا . وإِنَّمَا تُقْلَب الصّادُ زاياً ، وتُشَمُّ رائحتَها إِذا وقَعَتْ قبلَ الدَّالِ ، فإِن وَقَعَتْ قبلَ غيرِهَا لم يَجُزْ ذالك فيها ، وكلُّ صادٍ وقَعَتْ قبلَ الدَّال فإِنه يَجُوز أَن تُشِمَّها رائحةَ الزّايِ إِذ تَحَرَّت ، وأَن تقلِبَهَا زاياً مَحْضاً إِذَا سَكَنَتْ .
( و ) بعْضُهم يقول : ( قُصِدَ له ، بالقاف ، أَي ) مَنْ ( أُعطِيَ قَصْداً ، أَي قَليلاً ) . وكلامُ العَربِ بالفاءِ ، ( أَي لَم يُحْرَم القِرَى مَنْ فُصِدَتْ له الرَّاحلةُ فحَظِيَ بِدَمِهَا . يضْرَب ) مَثَلاً ( فيمَن ) طَلَبَ و ( نالَ بعْضَ المَقصِدِ ) ، وقال يعقوب : والمعْنى : لم يُحْرَم مَنْ أَصابَ بعْضَ حاجَتِهِ ، وإِنْ لم يَنَلْها كُلَّها . وتأْويلُ هاذَا : أَنَّ الرَّجُلَ كانَ يُضِيف الرَّجلَ في شِدَّةِ الزَّمَانِ ، فلا يكونُ عندَه ما يَقْرِيه ، وَيَشِحُّ أَن يَنْحَرَ راحِلَتَه ، فَيَفْصِدُها ، فإِذا خَرَجَ الدَّمُ سَخَّنَه للضَّيْفِ ، إِلى أَن يَجْمُد وَيَقْوَى ، فيُطْعِمه إِيَّاه ، فجَرى المَثَلُ في هذا . وفي اللِّسَان : ومِنْ أَمثالِهم في الّذي يُقضَى له بعْضُ حاجَتِه دُونَ تَمامِها : ( لم يُحْرَم مَنْ فُصْدَ لَهُ ) مأْخوذٌ من الفَصِيدِ لذي كان يُصْنَعُ في الجاهِلِيَّةِ ويُؤْكَل . يَقُول : كما يَتَبَلَّغ المُضْطرُّ بالفَصِيدِ ، فاقْنَعْ أَنتَ بما ارتَفَع من قَضَاءِ حاجَتِكَ ، وإِنْ لم تُقْضَ كلّها .
( والفَصِيدُ : دَمٌ كان يُوضَعُ ) في الجاهِلِيّة ( في مِعًى ) ، مِن فَصْدِ عِرْقِ
____________________

(8/499)


البَعير ، ( ويُشْوَى ) ، وكان أَهلُ الجاهِلِيْةِ يأْكلُونه وتُطْعِمُه الضَّيفَ في الأَزْمةِ .
( و ) عن ابن كَثْوَة : الفَصِيدةُ ( بالهَاءِ : تَمْرٌ يُعْجَنُ ويُشابُ ) ، أَي يُخْلَطُ ( بِدَمٍ ) ، وهو دَواءٌ يُدَاوَى به الصِّبْيانُ ، قله في تفسير قولهم : ( ما حُرِمَ مَنْ فُصْدَ له ) ، ( كالفُصْدة بالضّمّ ) .
( وأَفْصَدَ الشَّجَرُ وانفَصَدَ : انْشَقَّتْ عُيُونُ وَرَقِهِ ) وَبَدَتْ أَطرافُه .
( والمُنْفَصِدُ ، والمُتَفَصِّدُ : السائِل الجارِي ) ، وانْفصدَ الشيْءُ وَتَفَصَّدَ : سال ، وفي الحديث : ( أَنَّ النّبيّ ، صلَّى اللّهُ عليْه وسلَّم كان إِذا نَزَل عليه الوَحْيُ تَفَصَّد عَرَقاً ) . يقال : هو يَتَفَصَّدُ عَرَقاً ، أَي يَسِيلُ عَرَقاً ، معناه : أَي سالَ عَرَقُه ، تشبيهاً في كَثْرَتِه بالفِصاد . وعَرَقاً : منصوب على التمييزِ .
( و ) قال ابن شُمَيْلٍ : ( في الأَرض تَفْصِيدٌ ) من السَّيْلِ ، أَي ( تَشَقُّقٌ وتَخدُّدٌ . و ) قال أَبو الدُّقَيْشِ : ( التَّفْصِيدُ . النَّقْعُ بماءٍ قَلِيلٍ ) .
( والمِفْصَد ) ، بالكسر : ( آلَةُ الفِصَادِ ) ، كالمِبْضَعِ .
ومِمَّا يُسْتَدْرك عليه :
الفاصِدانِ : مَوْضِعُ مَجْزَى الدُّموعِ على الوجْهِ .
وأَبو فُصَيْدٍ ، كزُبَيْرٍ : مُحَدِّث ، روَى عن أَبي طاهرٍ السِّلَفِيّ ، ذكَرَه المُنْذِريُّ في التكملة .
فغد : ( فَغْدِين ) بفتح الفاءِ ، وسكون الغين المعجمة ، وكسر الدّال المهمَلة : قَرْيَة بِبُخارَى ، منها أَبو يحيَى يوسف بن يعقوب اللَّيْثِيّ ، مولَى نَصْر بن سَيَّار .
ومما يستدرك عليه :
فقد : ( فَقَدَهُ يَفْقِدُه فَقْداً ) ، بفتح فسكون ،
____________________

(8/500)


( وفِقْداناً ) بالكسر ، وفُقْدَاناً ، بالضّمّ ، زاده المصنِّف في ( البصائر ) له ، وذَكَره شيخُنا عِوَضَ الكَسْرِ اعتماداً على الشُّهْرَة ، وقاعِدةِ المصادرِ ، ( وفُقُوداً ) بالضَمِّ ، وهاذه عن ابنِ دُرَيْدٍ . كذا في ( البصائر ) وأَنشدَ لعَنْتَرَةَ العَبْسِيِّ :
فإِن يَبرأْ فلَمْ أَنْفُثْ عَلَيْهِ
وإِن يُفْقَدْ فَحُقَّ له الفُقُودُ
: ( عَدِمَهُ ) ، والفاءُ ، والقاف ، والدال ، تَدُلُّ على ذَهَابِ شيْء وضَياعهِ .
وفي ( المُفْرَدات ) للراغب : الفَقْدُ أَخَصُّ من العَدَمِ ، لأَنَّ العَدَم بعْدَ لوُجُودِ . أَي فهو أَعَمُّ ، كما قاله شيخُنَا . ( فهو فَقِيدٌ ومَفْقُودٌ ) ، وعلى الثانِي اقتَصَر صاحِبُ اللِّسانِ .
قال شيخُنا : والفاعِل : فاقِدٌ ، على القِيَاسِ ، ولذا لم يحتَجُ لذِكْره .
قلتُ : ومن سَجَعَات الأَساس : أَنا مُنْذُ فارَقْتَنِي كالفاقِد ، أُمِّ الواحِد .
( وأَفقدَهُ اللّهُ إِيَّاهُ ) ، وأَفقدَه اللّهُ كُلَّ حَمِيمٍ . ( والفاقِدُ ) من النِّسَاءِ : ( التي ما تَزوجُها أَو وَلَدُهَا ) أَو حَمِيمُها .
وقال أَبو عُبَيْدٍ : الفاقِدُ : الثَّكُول ، وأَنشد الليثُ :
كأَنَّها فاقِدٌ شَمْطَاءُ مُعْوِلَةٌ
ناحَتْ وجَاوَبَها نُكدٌ مَنَاكِيدُ
( أَو ) : هي ( المُتَزَوِّجَهُ بعدَ مَوتِ زَوْجِهَا ) ، قاله اللِّحْيَانيُّ ، وقال : والعربُ تقول : لا تتزوَّجَنَّ فاقداً ، وتَزَوَّجْ مُطَلَّقَة .
( و ) ظَبْيَةٌ فاقِدٌ ، و ( بَقَرَةٌ ) فاقِدٌ : ( سُبِعَ وَلَدُهَا ) ، وكذالِك : حَمامةٌ فاقِدٌ ، وأَنشد الفارِسيّ :
إِذا فاقِدٌ خَطْبَاءُ فَرْخَيْنِ رَجَّعَتْ
ذَكَرْتُ سُلَيْمَى في الخَلِيطِ المُبَايِنِ
قال ابن سيده : هاكَذا أَنشدَه سيبويهِ ، بتقديم ( خطباءَ ) على ( فَرْخَيْنِ ) مُقَوِّياً بذالكَ أَنَّ اسمَ الفاعِلِ
____________________

(8/501)


إِذا وُصِفَ قَرُب من الاسمِ وفارقَ شَبَهَ الفِعْلِ .
( وافتَقَدَهُ وَتَفَقَّده : طَلَبَهُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ ) قال :
فلا أُخْتٌ فَتْبكِيه
ولا أُمٌّ فَتَفْتَقِدُهْ
وفي التنزيل : { وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى الْهُدْهُدَ } ( النمل : 20 ) .
وفي ( المفردات ) للرغب : التّفَقُّد تَعرُّفُ فِقْدَانِ الشيْءِ ، والتعَهّد : تَعرُّفُ العَهْد المتقدّم . ووافقَه كثيرٌ من أَهل اللّغَة . منهم من استعمَلَ كُلًّا منها في مَحَلِّ الآخَرِ .
وفي حديثِ عائشةَ ، رضيَ اللهُ عنها : ( افتقدْتُ رسولَ الله ، صلَّى الله عليْه وسلّم ، لَيْلةً ) أَي لم أَجِدْه . ويقال : ما افتَفَدتُه مُنْذُ افْتَقَدتُ ، أَي ما تَفَقَّدتُه منذُ فَقَدتُه . كذا في ( البصائر ) .
وروى عن أَبي الدرداءِ أَنه قال : ( من يَتَفَقَّدْ يَفْقِدْ ، ومن لا يعِدَّ الصَّبْرَ لِفَوَاجع لأُمورِ يَعْجِزْ ، أَقْرِضْ مِن عَرَضِكَ ليوم فَقْرِك ) قال ابنُ منظور : أَي من تَفَقَّدَ الخَيْرَ وطَلَبَه في النّاسِ فَقَدَه ولم يَجِدْه ، وذلك أَنَّه رأَى الخَيْرَ في النادِرِ من النَّاسِ ، ولم يَجِدْه فاشِياً موجوداً .
وفي ( البصائر ) للمصنّف : أَي مَن يَتَفَقَّدْ أَحوال الناسِ ويَتَعَرَّفْها عَدِمَ الرِّضا ، فإِن ثَلَبَك أَحدٌ فلا تَشْتَغِلْ بمعارضَتِه ، ودعْ ذالك قَرْضاً عليه ليوم الجزاءِ . انتهى .
وقد أَنشدَنَا بعضُ الأَصحاب :
تَفَقُّدُ الخِلَّانِ مُسْتَحْسَنٌ
فمَنْ بَدَاهُ فنِعِمَّا بَدَا
سَنَّ سُلَيْمَانُ لن سُنَّةً
فكان فيما سَنَّهُ المُقْتَدَى
تَفَقَّدَ الطَّيْرَ على رأْسِه
فقال مالِي لا أَرَى الهُدْهُدَا
( و ) يقال : ( ماتَ غيْرَ فَقِيدٍ ولا حَمِيدٍ ) ، وزاد الزمَخْشَرِيُّ ( وغيرَ
____________________

(8/502)


مَفقُودٍ ) ولا محمودٍ ، أَي ( غيرَ مُكْتَرَثٍ لِفِقْدَانِهِ ) .
( والفَقْدُ ) بفتح فسكون ( ولا يُحَرَّك ، ووَهِمَ الأَزهَرِيُّ ) صاحِبُ ( التهذيب ) قال الصاغانيُّ : وقع في نسخ الأَزهريِّ : الفَقَد ، بالتَحْرِيك ، والصواب سكونُ القَاف : ( نَباتٌ ) يُشْبِه الكَشُوثَى ، قاله اللَّيْث ، ( وشَرَابٌ ) يُتَّخَذُ ( من زَبِيبٍ أَو عَسَلٍ ) ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ ، ( أَو كَشُوثٍ ) يُنْبَذُ في العَسَلِ فيُقَوِّيه ويُجِيدُ إِسكارَه ، وكونُه إسماً للنّباتِ والشّرَابِ المتَّخذِ منه ، ذَكَره أَبو حنيفة ، في كتاب ( النبات ) .
وعن ابن الأَعرابيّ : الفَقْدَةُ : الكَشُوثُ . وقال الليث : ويُقَال إِن العَسَلَ يُنْبَذُ ثم يُلْقَى فيه الفَقْدُ فَيُشَدِّده ، ( كالفُقْدُدِ بالضّمّ ) في التهذيب ، في الرباعيّ ، عن أَي عَمْرٍ و : الفُقْدُد : نَبِيذُ الكَشُوثِ .
( وتَفاقَدوا : فَقَدَ بعضُهم بَعضاً ) . وفي حديثِ الحَسنِ ( أُغَيْلِمَةٌ حَيَارَى تَفاقَدُوا ) ، هو أَن يَفْقِد بَعضُهُم بعْضاً . وقال بن مَيَّادةَ :
تَفَاقَدَ قَوْمِي إِذْ يَبِيعُون مُهْجَتِي
بجَارِيَةٍ بَهْراً لَهُمْ بَعْدَهَا بَهْرَا
ومما يستدرك عليه :
فَقَّد ، إِذا أَكَلَ لكَشُوثَ . نقله الصاغانيُّ .
فلد : ( غُلامٌ أُفْلودٌ ، بالضّمّ ) ، أَهمله الجوهريُّ ، وقال ابنُ الأَعرابيِّ : أَي ( تَامُّ ) الخَلْقِ ( مُحْتَلِمٌ سَبْطٌ ) . ونَصُّ ابنِ الأَعْرَابيِّ : شَطْبٌ ( ناعمٌ ) تارٌّ ( سَمِينٌ ) رَخْص .
فلهد : ( الفَلْهَدُ ) ، بالفتح ، أَهمله الجوهريُّ ، وقال أَبو عمرو : الفَلْهَد ، مِثالُ جَعْفَرٍ ، ( والفُلْهُدُ ) ، مثال هُدْهُدٍ ، عن الخليل
____________________

(8/503)


( والفُلْهُودُ ، بضمّهما ، والمُفَلْهَدُ ) ، نقلهما الصاغانيُّ عن غيرهما ، كلُّ ذالك : ( الغلامُ الحادِرُ السَّمِينُ ) زادَ أَبو عَمرٍ و : الذي قد ( راهَقَ الحُلُمَ ) ، ويقال : غُلامٌ فَلهَدٌ ، إِذا كان مُمْتَلِئاً . وعن كُرَاع . غُلامٌ فَلْهَدٌ : يَمْلأُ المَهْدَ .
فند : ( الفِنْدُ ، بالكسر : الجَبَلُ العَظِيمُ ) وقِيل : الرَّأْسُ العَظِيمُ منه ، ( أَو قِطْعَةٌ ( منه ) . وقولهُ : ( طُولاً ) ، هاكذا وَقَعَ التّعبيرُ به في الصّحاح وغيره ، وزاد بعضٌ بعدَه : في دِقةٍ . قال شيخُنا : والأَظْهَرُ فيه أَنه مفعولٌ مُطْلَق ، أَي تَطولُ طُولاً .
وفي قولِ عليَ رَضِيَ الله عَنْه للأَشْتَرِ : ( لو كانَ جَبَلاً لكان فِنْداً لا يَرتَقِيه الحافِرُ ، ولا يُوفِي عليه الطَّائرُ ) قال ابنُ أَبي الحَديدِ في شرْح ( نَهْج البَلاغة ) : الفِنْد : هو المُنْفَرِد من الجِبَالِ . والجَمْع أَفنادٌ . ( ويُفْتَحُ ) ، وهاذه عن الصاغانيِّ .
( و ) الفِنْدُ ، بالكسر : ( لَقَبُ شَهْلٍ ) ، بفتْح الشين المعجمة وسكون الهاءِ ، وهو ابن شَيْبَانَ بنِ رَبِيعَةَ بن زِمَّان ، ( الزِّمَّانِيِّ ) ، بكسر الزّاي وتشديد الميم ، أَحد فُرسانِهم ، وكان يقال له : عدِيدُ الأَلْف . وفي بعض النسخ : الرمَّانيّ ، بضمّ الراءِ ، وهو غلط . وبنو زِمَّان : قبيلةٌ من رَبيعةَ بنِ نِزَارٍ ، وهم بنو زمَّان بن مالكِ بن صَعْب بن عليّ بنِ بكْر بن وائِل بن قاسِط بن هِنْب بن أَفْصَى بن دُعْمِيّ بن جَدِيلة بن أَسد بن رَبيعة . وسيأْتي في اللام للمنصِّف أَنَّ شَهْلاً هو اللَّقَبُ ، والفِنْد اسمُه ، والذي هنا هو الصواب . واختُلِف في سَبَبِ تَلقِيبه به ، فقيل لِعِظَمِ شَخْصه ، كأَنَّه فِنْدٌ من جَبَلٍ ، أَي رُكْنٌ منه . كذا في اللسان . أَو لقَوْلِه في بعضِ الوقائع : استَنِدُوا إِليَّ فإِنّي فِنْدٌ لكم . وسُمِّيَ به مَن قِيلَ فيه : ( أَبْطَأُ مِن فِنْدٍ لِتَثَاقُلِه في الحاجاتِ ، كما في الأَساس . وقيل : من الفِنْد بمعنَى غُصْنِ الشَّجَرةِ ، وقيل : من الفِنْدِ بمعنَى الطائفةِ من اللَّيْل . وقيل : من
____________________

(8/504)


قولهم : هُم فِنْدٌ على حِدَةٍ ، أَي فِئَةٌ . وقيل غير ذالك .
كتاب م كتاب ( و ) الفِنْد ، بالكسر أَيضاً : ( أَرْضٌ لَمْ يُصِبْها مَطَرٌ ) ، وهي الفِنْدِيَّةُ .
( و ) الفِنْد : ( الغُصْنُ ) من أَغصانِ الشَّجَرَة ، قال :
مِن دُونِها جَنَّةٌ تقْرُو لها ثَمَرٌ
يُظِلُّه كُلُّ فِنْدٍ ناعمٍ خَضِل
( و ) الفِنْد ، بالكسر : ( النَّوْعُ ) ، يقال : جاءُوا أَفْنَاداً ، أَي أَنواعاً مختلفة .
( و ) الفِنْدُ أَيضاً : ( القَوْمُ مجتمِعةً ) ، يقال : لَقِينا فِنْداً من النّاسِ ، أَي قوماً مُجْتَمَين ، وهم فِنْدٌ على حِدَةٍ ، أَي فِئَةٌ أَو جماعةٌ متفرِّقةٌ ، كما في النِّهَاية . وسيأْتي .
( و ) الفَنَدُ ( بالتحريك : الخَرَف ، وإِنكارُ العَقْلِ لِهَرَمٍ أَو مَرَضٍ ) ، وقد يُستعمَل في غير الكِبَرِ ، وأَصْلُه في الكِبَرِ . ( و ) الفَنَدُ : ( الخَطَأُ في القولِ والرَّأْيِ ، و ) الفَنَد : ( الكَذِبُ ، كالإِفْنَادِ ) . وقول الشاعِر :
قَد عَرَّضَتْ أَرْوَى بِقَوْل إِفنَادْ
إِنَّمَا أَراد بقَوْلٍ ذِي إِفناد ، وقَوْلٍ فيه إِفنادٌ . وفي الأَفعال لابن القَطَّاع : وفَنَدَ فُنُوداً وأَفْنَدَ : كَذَب : وفَنِدَ الرجلُ فَنَداً ضَعُف رَأْيه من الهَرَم .
قلت : فقد فَرَّ بين المصدَرَيْنِ .
وفي اللسان : الفَنَدُ في الأَصل : الكَذِبُ ، وأَفْنَدَ : تكلَّمَ بالفَنَدِ . ثم قالوا للشَّيْخِ ، إِذا هَرِمَ : قد أَفْنَدَ ، لأَنّه يتَكَلَّم بالمُحرَّفِ من الكلام عن سَنَنِ الصِّحَّة . وأَفنَدَ الرَّجلُ : أُهْتِرَ . كذا في ( الأَفعال ) لابن القطَّاع .
( ولا تَقُلْ ، عَجُوزٌ مُفَنَّدةٌ ، لأَنها لم تَكن ) في شَبِبيبَتِها ( ذاتَ رأْيٍ أَبداً ) فتفَنَّدُ في كِبَرِهَا . وفي الكَشَّاف : ولذا لم يُقَلْ للمرأَةِ : مُفَنَّدَة ، لأَنَّها لا رَأْي لها حتَّى يَضْعُف .
قال شيخنا : ولا وَجهَ لِقَوْلِ السَّمِين : إِنَّهُ غريبٌ ، فإِنه مَنقولٌ عن أهْلِ اللّغَة ، ثمَّ قال : ولعلَّ
____________________

(8/505)


وَجْهَه أَنَّ لهَا عَقْلاً ، إِن كان ناقصاً يَشْتَدُّ نقصُه بِكِبَرِ السِّنِّ . فتأَمَّلْ انتهى .
( وفَنَّدَه تَفْنِيداً : كَذَّبَهُ وعَجَّزَهُ وخَطَّأ رَأْيَهُ ) وضَعَّفَهُ . في التنزيل العَزِيز ، حكايَة عن يعقُوبَ ، عليه السلام : { لَوْلاَ أَن تُفَنّدُونِ } ( يوسف : 94 ) قال الفرَّاءُ : يقول لولا أَن تُكَذِّبُونِي ، وتُعَجِّزُوني وتُضعِّفوني ، وقال ابنُ الأَعرابيّ فَنَّدَ رأْيَه ، إِذا ضَعَّفَه ، والتَّفنِيد : اللَّوْمُ ، وتَضْعِيفُ الرَّأْيِ ، ( كَأَفْنَدَهُ ) إِفناداً .
وقال الأَصمعيّ : إِذا كَثُر كلامُ الرجلِ من خَرَفٍ فهو المُفْنِد والمُفْنَد وفي الحديث : ( ما يَنتظِر أَحدُكم إِلا هَرَماً مُفْنِداً أَو مَرَضاً مُفْسِداً ) وأَفْنده الكِبَرُ : أَوقَعَه في الفَنَدِ . وفي حديث أُمِّ مَعْبَد : ( لا عابِسٌ ولا مُفْنَدٌ ) ، وهو الذي لا فائدةَ في كلامه لِكِبَرٍ ، أَصابَه . فهي تَصِفُه صلَّى الله عليه وسلّم وتقول : لم يَكُن كذالك . وفي الأَساس : وفُلان مُفَنْدٌ ومُفَنَّدٌ ، إِذا أُنكِرَ عَقْلُه له 2 رَمٍ أَو خَلَّطَ في كلامه ، وأَفنَدَه الهَرَمُ : جعَلَه في قِلَّة فَهْمٍ كالحَجَرِ . قال شيخُنَا : ثم تَوسَّعُوا فيه فقالوا : فَنَّدَه إِذا ضَعَّفَ رأْيَه ولَامَهُ على ما فَعَلَ . كذا في ( الكَشَّاف ) .
( و ) من المجاز : فَنَّدَ ( الفَرَسَ ) تَفْنِيداً ، إِذا ( ضَمَّره ) ، أَي صَيَّره في التَّضمير كالفِنْد ، وهو الغُصْنُ من أَغصانِ الشَّجَرَة ، ويَصْلُح للغَزْو والسِّباق . وقولهم للضَّامِر من الخَيْل : شَطْبَة ، مِمّا يُصَدِّقه . قاله الصاغانيُّ ، وبه فَسَّر هو والزَّمَخْشريُّ الحديث ( أَن رجلاً قال للنَّبِيِّ ، صَّلى الله عَليْه وسلّم : ( إِنْي أُرِيد أَن أُفَنِّدَ فَرساً ، فقال عليكَ به كُمَيْتاً أَو أَدْهمَ أَقْرَحَ أَرْثَم مُحَجَّلاً طَلْقَ اليُمْنَى ) ، كما نقَله عنه صاحِبُ اللِّسَانِ . وقال شَمِرٌ ، قال هارُونُ بن عبد الله ومنه كان سمِعَ هاذا الحديث : ( أُفَنِّدَ ) أَي أَقْتَنِيَ فَرَساً ، لأَن افْتنادَكَ الشَيْءَ
____________________

(8/506)


جَمْعُك له إِلى نفْسِه ، من قولهم للجَماعة المجتمِعة : فِنْدٌ ، قال : ورُوِيَ أَيضاً من طريق آخَرَ . وقال أَبو منصور : قوله ( أُفَنِّدَ فَرَساً ) ، أَي أَرْتَبِطَه وأَتَّخِذَه حِصْناً أَلْجَأُ إِليه ومَلَاذاً إِذا دَهَمَني عَدُوٌّ . مأْخوذٌ منه فِنْدِ الجَبَلِ ، وهو الشِّمْراخُ العَظِيمُ منه ، قال : ولَسْت أَعرف أُفَنِّد بمعنى أَقْتَنِي .
قلت : وهاذا المعنَى ذكرَه الزمخشريُّ في لأَساس . ولعلَّ الوَجْهَ الأَوْلَ الّذِي نقلَه عنه صاحِبُ اللسان يكون في ( الفائق ) أَو غيره من مُؤَلَّفَاته ، فلينْظعر .
( و ) فَنَّدَ ( فُلاناً على الأَمرِ : أَرادَهُ منه ، كفانَدَه ) في الأَمر مُفَنَدةً ، ( وتَفَنَّدَه ) ، إِذا طَلَبَه منه ، نقله الصاغانيُّ .
( و ) فَنَّدَ ( في الشَّرَابِ ) تَفنيداً : ( عَكَفَ عليه ) ، وهاذه عن أَبي حنيفةَ ( و ) فَنَّدَ ( فُلانٌ ) تَفنيداً : ( جَلَسَ على ) الفَنْد ، بالفتح ، وهو ( الشِّمْراخُ من الجَبَلِ ) وهو أَنْفُه الخارِجُ منه ، ومن ذالك يقال للضَّخْم الثقيلِ : كأَنَّه فَنْدٌ ، كما في الأَساس .
( وفِنْدٌ بالكسر : جَبَلٌ بين الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَين ) زادَهُما الله شرفاً ، قُرْبَ البحرِ ، كما في المعجم .
( و ) فِنْدٌ : ( اسمُ أَبي زَيْدٍ مولَى عائِشةَ بنتِ سعْدِ بن أَبي وَقَّاص ) ملِكِ بن وُهَيب بن عبدْه مناف بن زُهْرَة .
( و ) كان أَحدَ المُغَنِّين المُحسِنين ، وكان يجْمَع بين الرِّجال والنِّسَاءِ ، وله يقولُ عبدُ الله بنُ قيس الرُّقَيَّاتِ :
قُل لِفِنْدٍ يُشَيِّع الأَظْعَانَا
رُبَّمَا سَرَّ عَيْنَنا وكَفَانَا
وكانت عائشةُ ( أَرسلَته يأْتِيها بنارٍ فوَجَدَ قَوْماً يَخْرُجُونُ إِلى مِصْرَ فَتَبِعَهُم ، وأَقامَ بها سَنَةً ثم قَدِمَ ) إِلى المدينةِ ، ( فأَخَذَ ناراً وجاءَ يَعْدُو فَعَثَر ) ، أَي سقَطَ ، ( وتَبَدَّدَ الجَمْرُ فقال : تَعِسَت العَجَلَةُ ، فقِيل : ( أَبْطَأُ من فِنْدٍ ) . وفي
____________________

(8/507)


الأَساس : وسُمِّيَ به مَن قِيل فيه . ( أَبطأُ مِن فِنْدِ ) لتثاقُلِه في الحاحاتِ . ومن سجعات الحريريّ : أَبُطْءَ فِنحد ، وصُلُودَ زَنْد . وهو من الأَمثال المشهورة ، ذكره الميدانيُّ والزَّمَخْشَريُّ واليوسيُّ في ( زَهْر الأَكم ) وحمزةُ وغيرُهُم .
قال شيخُنَا : وحكَى الزَّمَخْشَريُّ في ( المستقصَى ) أَنَّ بعْضَ الرُّوَاة حكاه بالقَاف ، وهو ضعيفٌ لا يُعْتَدُّ به . قلتُ : هاكذا قيَّده الذَّهبيُّ بالقاف ساكِتاً عليه ، ولاكنّ الحافظَ قال : إِن ابنَ ماكولا رَجَّح الأَول .
( و ) الفِنْدُ : الطائِفَةُ من اللَّيْلِ . و ( أَفنادُ اللَّيْلِ : أَرْكانُه ) ، قيل : وبه سُمِّيَ الزِّمّانِيُّ فِنداً كما تقدَّمَ .
( و ) في الحديث : ( ( صَلَّى الناسُ على النَّبِيِّ ، صلَّى اللّهُ ليْه وسلَّم أَفناداً أَفْناداً ) ) قال ثعلبٌ : ( أَي ) فِرْقاً بعد فِرْقٍ ، ( فُرَادَى بلا إِمامٍ ) ، هاكذا فَسَّروه ( وقيل : جَماعَاتٍ ) بعْدَ ( جماعاتٍ ) مُتَفَرِّقِين ، قوماً بعدَ قَوْم . قال ثعلب : ( وحِزُرُوا ) ، أَي المُصلُّون فكانُوا ( ثلاثِين أَلْفاً ، ومن الملائكةِ سِتِّينَ أَلْفاً ، لأَن مع كُل ) مؤمنٍ ( مَلَكَيْنِ ) ، نقله الصاغانيُّ .
قال شيخُنا : وقد قال بعض أَهْلِ السِّيَرِ : إِنَّ المُصَلِّين عليه صلَّى الله عليْه وسلّم لا يكادُون يَنْحَصِرُون . وحديثُ عائشةَ يَشْهَدُ له . انتهى .
قال أَبو منصور : تفسير أَبي العبَّاس لقوله : صَلَّوْا عليه أَفناداً ، أَي فُرادَى ، لا أَعْلَمه إِلّا من الفِنْد من أَفنادِ الجَبَل ، والفِنْد الغصْنِ من أَغصانِ الشجر ، شَبَّه كلَّ رَجلٍ منهم بِفِنْدِ من أَفنادِ الجَبَلِ ، وهي شمارِيخِ .
( وقولُه صَلَّى الله عليْه وسلَّم ) ، فيما رواه شَمِرٌ عن واثِلة بن الأَسْقَع أَنه قال ( خَرَجَ رَسُولُ الله ، صلَّى الله عليْه وسلَّم فقال : أَتزعمُونَ أَنِّي آخِرُكُم وَفَاةً ؟ أَلَا إِني مِن أَوَّلِكُم وَفَاةً ( تَتَّبِعُونِّي أَفناداً يُهْلِكُ بعضُكم بعضاً ) ) وفي رواية : ( يَضْرِب بعْضُكم رِقَابَ بَعْضٍ ) ( أَي تَتَّبِعُونِّي ذَوِي فَنَدٍ ، أَي ذَوِي عَجْزٍ وكُفْرٍ للنِّعْمةِ ) .
____________________

(8/508)



وفي ( النهاية ) : أَي جَماعاتٍ مُتفرِّقينَ ، قوْماً بعدَ قَومٍ ، وحدهم فِنْدٌ . وفي حديثِ عائِشَةَ ، رَضِيَ اللّهُ عنها ( أَن النَّبيَّ ، صلَّى الله عليْه وسلَّم قال : أَسْرَعُ الناسِ بي لُحُوقاً قَوْمِي ، تَستَجْلِبهم المَنَايَا ، وتَتنافَسُ عليهم أُمَّتُهُم وَيعِيشُ النّاسُ بَعْدَهم أَفناداً يَقْتُلُ بعْضُهم بعضاً ) . قال أَبو منصور : معناه أَنهم يَصيرون فِرَقاً مُختلِفِينَ ، يَقتُلُ بعضُهم بعضاً ، قال : هم فِنْدٌ على حِدَةٍ ، أَي فِرْقَة على حِدَةٍ .
( و ) في الصّحاح : ( قَدُومٌ فِنْدَأوَةٌ : حادَّةٌ ) ، وجمْعه : فَنَادِيدُ ، على غيرِ قياسٍ .
( والفِنْدَأْيَةُ ) ، مَرَّ ذِكْرُه ( في الهَمْز ) ، وهو الفأْسُ العَرِيضةُ الرَّأْسِ .
( والتَّفَنُدُ : التَّنَدُّمُ ) ، وذَكره المصنِّف في كتاب ( البصائر ) له ، والصاغانيُّ في التكملة .
وممَّا يستدرك عليه :
الفِنْدَةُ ، بالكسر : العُودُ التّامْ تُصْنَع منه القَوْس ، وجاءُوا من كلِّ فِنْدٍ ، بالكسر ، أَي من كلِّ فَنَ ، ( ونَوْع ) .
قلت : ومنه اشتقاقُ لَفْظ الأَفَنْدِي لصاحِبِ الفُنُن ، زادُوا أَلِفاً عند كَثْرة الاستعمالِ ، إِن كانت عربيّةً . وقيل : روميّةٌ ، معناه : السَّيِّدُ الكَبِيرُ ، كما سَمِعتُ من بَعْضٍ .
ويَفْتَنِد في قَوْل حُصَيْب الهُذَلِيّ :
تُدْعَى خُثَيْمُ بنُ عمرٍ و في طوائِفِها
في كُلِّ وَجْهٍ رَعِيلٌ ثم يَفْتَنِدُ
معناهُ يَفْنَى ، من الفَنَد وهو الهَرَم ، ويُروَى : يُقتَثَدُ ، أَي يُقْطَع كما يُقْطَع القَثَدُ .
وفانِيد : نَوْعٌ من الحَلواءِ يُعْمَل بالنَّشَا وكَأَنَّها أَعجميّةٌ لِفَقْد فاعِيل من الكلام العربيِّ . ولهذا لم يذكرْها أَكثَرُ أَهْل اللّغَة .
قلت : وسيأْتي في المعجمة . ولكن قال شيخُنا : إِنَّه بالمهملة أَلْيَق .
____________________

(8/509)



وفُنْدِينُ ، بالضّمّ : من قُرَى مَرْوَ ، منها أَبو إِسحاق إِبراهيمُ بن الحَسن ( الفُنْدينيّ ) الرازيّ .
ومما يستدرك عليه :
فنجدكرد : ( فَنْجَكِد ) : قريةٌ من نَيْسَابُورَ ، منها أَبو الحسن عليّ بن أَحمدَ الأَديبُ .
فنكد : ( وفَنْكَد : قَرْيَةٌ بِنَسَفَ .
فدكرد : ( وفُدْكُرْد بالضّمّ : من قُرَى أَستْراباذَ .
فود : ( *!الفَوْدُ : مُعْظَمُ شَعرِ الرأْس مِمَّا يَلِي الأُذُنَ ) ، قاله ابنخ فارِسٍ وغيرُه . ( و ) الفَوْدُ : ( ناحِيَةُ الرأْسِ ) ، وهما *!فَوْدَانِ ، وعليه مَشَى صاحِبُ ( الكفاية ) ونقَله في البارع عن الأَصمعيِّ وقال : إِن كلَّ شِقَ *!فَوْدٌ ، والجمع : أَفوادٌ ، وكذالك الحَيْدُ ، قال الأَغلب :
فَانْطَحْ بِفَوْدَيْ رَأْسِه الأَركانَا
ويقال : بَدَا الشَّيبُ *!بِفَوْدَيْهِ . وفي الحديث . ( كانَ أَكثَرُ شَيْبِهِ في *!-فَوْدَيْ رَأْسِهِ ) أَي ناحِيَتَيْه . وقال ابنُ السِّكِّيت : إِذا كان للرَّجُلِ ضَفِيرَتَانِ يقال : للرّجُلِ فَوْدانِ .
( و ) الفَوْدُ : ( النّاحِيَةُ ) من كلِّ يْءٍ .
( و ) الفَوْدُ : ( العِدْلُ ) ، وقَعَدَ بين *!الفَوْدَيْنِ ، أَي بينَ العِدْلَيْنِ . وقال مُعاويةُ لِلَبِيدٍ . كَم عَطاؤُكَ ؟ قال : أَلْفانِ وخَمْسُمائَةٍ . قال : ما بالُ العِلَاوَةِ بينَ الفَوْدَيْنِ . وهو مجاز .
( و ) الفَوْدُ ( الجُوَالِقُ ) ، وهما فَوْدَانِ .
( و ) الفَوْدُ : ( الفَوْجُ ) ، والجمع : أَفوادٌ ، كأَفْواجٍ .
( و ) الفَوْد : ( الخَلْطُ ) ، يقال : فُدْتُ الزَّعْفَرانَ ، إِذا خَلَطْته ، مقلوبٌ عن دُفْتُ ، حكاه يَعقوب ، *!وفادَه *!يَفُوده ، مثل : دَافَه . يَدُوفُه ، وأَنشد الأَزهريُّ لِكُثَيِّر ، يَصِفُ الجَوَارِيَ :
يُباشِرْنَ فَأْرَ المِسْكِ في كُلِّ مَهْجَعٍ
ويُشرِقُ جادِيٌّ بِهِنَّ *!مَفُودُ
____________________

(8/510)



أَي مَدُوفٌ .
( و ) الفَوْد ؛ ( المَوْتُ ) ، *!فادَ *!يَفُود *!فَوْداً : ماتَ ، ومنه قولُ لَبِيدِ بن رَبِيعَةَ يَذْكرُ الحارِثَ بن أَبي شَمِر الغَسَّانيّ ، وكان كلُّ مَلِكٍ منهم كُلَّمَّا مَضَت عليه سَنةٌ زادَ في تاجِهِ خَرَزةً ، فأَراد أَنه عُمِّر حتَّى صارَ في تاجِه خَرَزَاتٌ كثيرةٌ :
رَعَى خَرَزَاتِ المُلْكِ سِتِّينَ حِجَّةً
وعِشْرِينَ حَتَّى فادَ والشَّيْبُ شامِلُ
وفي حديث سَطِيح :
أَمْ فادَ فَازْ لَمَّ به شَأْوُ العَنَنْ
( *!كالفَيْدِ ) بالياءِ ، وسيأْتي . والفَوْزِ بالزَّاي ، كذا في بعْضِ الرِّوَايَات ، ( *!يَفُود *!وَيَفِيد ) ، بالوَاو والياءِ ، لُغَتَان صَحِيحتان . ( و ) *!الفَوْد : ( ذَهَابُ المالِ أَو ثَباتُه ، *!كالفَيْد فِيهِمَا ) ، وسيأْتي قريبً . ( والاسم *!الفائِدةُ ) ، فهي واوِيَّة ويائِيَّة ، لأَنَّ المصنِّف ذَكَرَهَا في المادَّتين .
( *!وأَفَادَهُ *!واسْتفادَهُ *!وتَفَيَّدَه : اقْتنَاه ، وأَفدْتُه أَنا : أَعطيتُه إِيَّاهُ ) ، وسيأْتي بعضُ ذالك في فَيَد ، لأَن الكلمةَ يائِيَّة واوِيَّة . ( و ) *!أَفَدْت ( فُلاناً : أَهلكتُه وَأَمَتّهُ ) ، هو من قَوْلك : فادَ الرَّجُلُ *!يَفِيدُ ، إِذا مات ، قال عَمْرو بن شَأْسٍ في *!الإِفادةِ بمعنَى الإِهلاك :
وفِتْيَانِ صِدْقٍ قد *!أَفَدْتُ جَزُورَهُمْ
بذِي أَوَدٍ جَيْشِ المَنَاقِدِ مُسْبِله
*!أَفدْتها : نَحَرتُها وأَهْلكتُها .
( *!والفَوَادُ ، كسَحَابٍ ) : لُغَةٌ في ( *!الفُؤَادِ ) ، بالضّمّ والهمْز ، وقد تقدّم أَنه قِرَاءَةٌ لبعضٍ ، وحَمَلُوها على الإِبدال ، وذَكره المصنِّفُ أَيضاً في كتاب ( البصائر ) له .
( *!وتَفَوَّدَ الوَعِلُ فوقَ الجَبَلِ ) ، إِذا ( أَشْرَفَ ) .
( و ) يقال : ( رَجُلٌ مِتْلَافٌ *!مِفْوادٌ ) ، بالواو ، ( *!ومِفْيادٌ ) ، بالياءِ ، ( أَي مُتْلِفٌ
____________________

(8/511)


*!مُفِيدٌ ) ، وأَنشد أَبو زيدٍ للقَتَّال :
ناقَتُهُ تَرْمُلُ في النِّقالِ
مُهْلِكُ مالٍ *!ومُفِيدُ مَال
( ويقال : هُما *!يَتفاوَدانِ العِلْمَ ) ، هاكذا قَلوُ عامّةِ الناسِ ( والصّوابُ ) : أَنَّهما ( *!يَتفايَدانِ ) بالمال بينَهما ، ( أَي *!يُفِيد كُلُّ ) واحدٍ منهما ( صاحِبَهُ ) . هاكذا قالَهُ ابنُ شُمَيْلٍ ، وهو نص عبارتِه . وتَوقَّف شيخُنا في وَجْهِ الصّوابِ ، ظانًّا أَنه من اختيارات المصنِّف ، وأَنها وَردَتْ واويَّةً ويائِيَّةً ، من غير إِنكارٍ ، ولو نَظَرَ إِلى بَقِيَّةِ قولِ ابنِ شُمَيْلٍ وهو : بالمالِ بينَهما ، لزال الإِشكالُ . فتَأَمَّل .
ومِمَّا يستدرك عليه :
ومن المجاز : ارْفَعْ فَوْدَ الخِبَاءِ ، أَي جانِبَه وناحِيَتَه .
وأَلْقَت العُقَابُ *!فَوْدَيْهَا على الهَيْثَم ، أَي جَناحَيْهَا ، وقال خُفَاف :
مَتَى تُلْقِ فَوْدَيْهَا على ظَهْر ناهِضٍ
ونَزَلَوا بين فَوْدَي الوَادِي .
واستلمْتُ فَوْدَ البَيتِ : رُكْنَه .
وجعلتُ الكَتَابَ فَوْدَيْنِ : طَوَيْتُ أَعلاه على أَسْفَلِه ، حتَّى صار نِصْفَيْنِ . كلُّ ذالك في الأَساس .
فهد : ( الفَهْد : سَبُعٌ م ) أَي معروف ، يُصادُ به ، والأُنثى . فَهْدَةٌ . وفي المَثَلِ . ( أَنْوَمُ من فَهدٍ ) . ( ج : فُهُودٌ وَأَفْهُدٌ ) ، ورجُلٌ فَهْدٌ : يُشَبَّه بالفَهْدِ في ثِقَلِ نَوْمهِ ، والفَهَّاد صاحِبُهَا .
( و ) في التهذيب : و ( مُعَلِّمُهُ الصَّيْدَ : فَهَّادٌ ) كالكَلَّاب في الكَلْبِ .
( و ) الفَهْد ( المِسْمارُ ) يُسْمَرُ بِهِ ( في واسِطِ الرَّحْلِ ) ، وهو الذي يُسَمَّى الكَلْبَ ، قال الشاعِرُ ، يَصِفُ صَرِيف
____________________

(8/512)


نابَيِ الفَحْلِ بِصَرِير هاذا المِسْمَارِ :
مُضَبَّرً كأَنَّمَا زَئِيرُهُ
صَرِيرُ فَهْدٍ واسطٍ صَرِيرُهُ
وقال خالِدٌ : وساِطُ الفَهْدِ مِسْمَارٌ يُجْعَلُ في وَاسِطِ الرَّحْلِ .
( و ) الفَهْدَة ، ( بهاءٍ : الإِسْتُ ) ، نقله الصاغانيُّ .
( و ) الفَهْدَة : ( فَرْسُ عُبَيْدِ بنِ مالكٍ النهْشَلِيِّ ) ، نقلَه الصاغانيّ . ( وفَهْدتَا البَعِيرِ : عَظْمَانِ ناتِئَان خَلْفَ الأُذُنَيْنِ ) ، وهما الخُشَشَاوانِ .
( و ) الفَهْدتانِ ( من الفَرَسِ : لَحْمَتَانِ ناتِئَتَانِ في زَوْرِهِ ) مثْل الفِهْرَيْنِ . وهاذا قولُ الجوهريِّ . وفي اللسان : وفَهْدَتَا الفَرِس : اللَّحْمُ الناتِيءُ في صَدْرِه عن يمِينِه وشِمَاله ، قال أَبو دُوَاد :
كَأنَّ الغُضُونَ من الفَهْدَتَينِ
إِلى طَرَفِ الزَّوْرِ حُبْكُ العَقَدْ
وعن أَبي عُبيدة : فَهْدَتَا صَدْر الفَرَسِ : لَحْمَتَانِ تَكتَنِفانِه .
( وفَهِدَ ) الرجُلُ ، ( كفَرِحَ : نامَ وتَغَافَلَ عَمَّا يَجِبُ ) وفي ( الأَفعال ) لابن القطاع : عَمَّا يَلْزَمُه ( تَعَهّدُهُ ) .
( و ) في الأَساس : فَهِدَ الرجلُ : ( أَشبَهَ الفَهْدَ في تَمَدُّدِه نَوْم ) ، وفي حديثِ أُمِّ زَرْع ( وصَفَ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فقالتْ : إِن دَخَلَ فَهِدَ ، وإِنْ خَرَحَ أَسِدَ ، ولا يَسأَلُ عَما عَهِدَ ) قال الأَزهريُّ وَصفتْ زَوْجَهَا باللِّينِ والسُّكُونِ ، إِذا كان معها في البَيْت ، ويُوصَفُ الفَهْدُ بكثْرَةِ النَّوْمِ ، شَبَّهَته به إِذا خَلا بها ، وبالأَسد إِذا رأَى عَدُوَّه . قال ابنُ الأَثير : وغَفَلَ عن مَعايِبِ البَيْتِ التي يَلْزَمُني إِصلاحُها ، فهي تَصِفُه بالكَرَمِ وحُسْنِ الخُلُقِ ، فكأَنَّه نائِمٌ عن ذالك أَو ساهٍ ، وإِنما هو مُتَغافِلٌ ومُتناوِمٌ ، ( فهو فَهِدٌ ) وفِهِدٌ ( ككَتِفٍ وإِبِلغ ) ، وللأَخيرِ نظائِرُ تأْتِي في : أَ ب ل .
( و ) في التّهذيب نقلاً عن ( النوادر ) للِّحيانيِّ ؛ ويقالُ ( فَهَدَ ) فُلانٌ ( له ،
____________________

(8/513)


كمَنَع ) ، إِذا ) عَمِلَ في أَمرِهِ بالغَيبِ جَمِيلاً ) ، وكذالك : فأَدَ ومَهَدَ .
( والفَوْهَدُ ) : الغُلامُ السَّمِينُ الّذِي رَاهَق الحُلُمَ ، كالفَلْهَدِ ، قاله أَبو عَمرٍ و . وزعمَ يعقُوبُ أَنَّ فاءَ الفَوْهَدِ ، بدلٌ عن ثاءِ ( الثَّوْهَ ، ) أَو بعكْسِ ذالك . وغلام ثَوْهَدٌ وفَوْهَدٌ : تامُّ الخَلْقِ ، وقيل ، هو النّاعِمُ المُمْتَليءُ ، ( كالأُفْهُودِ ) ، بالضَّمّ ، وهاذه عن الصاغانيِّ . ( وهي فَوْهَدَةٌ ) وثَوْهَدَةٌ : تامَّةٌ تارَّةٌ ناعِمَةٌ ، قال الراجِزُ :
تُحِبُّ مِنَّا مُطْرَهِفًّا فَوْهَدَا
عِجْزَةَ شَيُخَيْنِ غُلَاماً أَمْرَدا
والأَفاهِيدُ : ع في ) وفي التكملة : قُنَيْنَاتٌ بُلْقٌ بقَفَا رَحْرَحَنَ على مَوْطِيءِ ( طَرِيقِ الرِّبَذَةِ ) ، كأَنَّه جمْع أُفْهُودٍ .
وَبَقِيَ عليه :
يحيى بنُ سَعِيد بنه قَيْس بن فَهْدٍ الأَنصاريّ الفَهْدِيّ ، من فُقهاءِ المدينة . ومحمّد بن إِبراهِيمَ بنِ فَهْد بن حَكيم الساجِيّ ، حدَّث عن شُعْب . وبَنُو فَهْد مُحَدِّثُو الحجازِ ، وأبو رَبيعةَ يَزِيدُ ابنُ عَوْفٍ ، يُلَقَّب بِفَهْدٍ . وَفَهْدُ بن سُليمانَ ، سكَنَ مِصرَ وحدَّثَ عنه الطَّحَاوِيُّ وغيرُه . أَبو بكرٍ محمّدُ بن القاسم بن فَهْدٍ المالِكيّ . كذا ذَكَرَه ابن أَبي الدم .
فيد : ( *!فاد *!يَفِيدُ ) *!فَيْداً : ( تبَخْتَر ، *!كَتفَيَّدَ ) ، ورَجلٌ *!فَيَّادٌ ، *!ومُتَفَيِّدٌ *!وفَيَّادَةٌ .
( و ) *!الفَيْد : المَوْت ، يقال : *!فَادَ الرَّجلُ *!يَفِيد ، إِذا ( ماتَ ) ، كفازَ وفاظَ .
( و ) فادَ ( المالُ ) نفسُه لِفلانٍ يَفِيدُ *!فَيْداً ، إِذا ( ثَبَتَ ) له ، وفي
____________________

(8/514)


كتاب الأَفعال ) : كَثُرَ ، والاسم *!الفائدةُ . أَو ) فادَ المالُ نفْسُه يَفِيدُ *!فَيْداً ، إِذا ( ذَهَب ) ومات .
( و ) فادَ ( الزَّعْفَرَانَ ) *!يَفِيدُه *!فَيْداً : ( دَافَه ) ، وهو مقلوبٌ ، حكاه يعقوبُ ، يقال ؛ *!فادَ الزّعْفَرَانَ والوَرْسَ فَيْداً ، إِذا دَقَّه ثم أَمَسّه ماءً . وفادَت المرأَةُ الطِّيبَ فَيْداً : دَلَكَتْه في الماءِ لِيَذُوبَ ، قال كُثَيِّرُ عَزَّةَ :
يُبَاشِرْنَ فَأْرَ المِسْكِ في كُلِّ مَشْهَدٍ
ويُشْرِقُ جادِيٌّ بِهِنَّ *!مَفِيدُ
أَي مَدُوفٌ . 6
وفي ( الأَفعال ) : *!وفَادَ الزَّعْفَرَانُ والوَرْسُ : انْسَحقَا عند الدَّقِّ .
( و ) قيل : فادَ يَفِيدُ ، إِذا ( حَذِرَ شيئاً فَعَدَلَ عنه جانِباً ) .
( و ) *!فادَتْ له ( *!الفائدةُ : حَصَلَتْ ) ، كذا في الصّحاح ، الأَساس . وفي ( الأَفعال ) لابن القطَّاع : *!وفادَت لك *!فائدةٌ *!فَيْداً أَتَتْكَ .
( *!والفَيْدُ : الزَّعفرانُ المَدُوفُ ) ، وقيل : وَرَقُ الزَّعْفَرَانِ ، وقيل : وَرْدُه .
( و ) *!الفَيْدُ : ( الشَّعَرُ ) الذي ( على جَحْفَلَةِ الفَرَسِ .
( و ) *!فَيْدٌ : ماءٌ ، وقيل : مَوضِعٌ بالبادِيَةِ وقيل : ( قَلْعَةٌ ) ، وفي ( المراصد ) : بُلَيْدةٌ ( بطريقِ مَكَّةَ ) في نِصْفِها من الكوفَةِ ، في وَسطِهَا حِصْنٌ علَيْه بابُ حَدِيدٍ ، وعليها سُورٌ دائِرٌ ، كان الناسُ يُودِعُون فيها فَوَاضِلَ أَزْوَادِهم إِلى حين رُجُوعِهِم وما ثَقَلَ من أَمتِعتِهِم ، وهي قُرْبَ أَجإٍ وسَلْمَى ، جَبَلَيْ طَيِّءٍ .
وفي المصباح ؛ *!فَيْدٌ : بَلْدةٌ بِنَجْدٍ على طريق حاجِّ العرَاقِ ، وأَنشد في اللسانِ لزُهَيْرٍ :
ثُمَّ استَمَرّوا وقالوا إِنَّ مَشْرَبَكُمْ
ماءٌ بَشْرِقيّ سَلْمَى فَيْدُ أَوْرَكَكُ
____________________

(8/515)



وقال بنُ هِشامٍ اللَّخْمِيّ في ( شَرْح الفصيح ) : فَيْدٌ : فَرْيةٌ بينَ مكَّةَ والكُوفَةِ ، وأَنشد :
لقد أَشْمَتَتْ بِي أَهْلَ *!فَيْدَ وغادَرَتْ
بِجِسْمِيَ صَبْراً بِنْتُ مَصَّانَ بادِيَا
وقال أَبو عُبَيْد في المعجم : قال السُّكُونيُّ : كان فَيْدٌ فَلاةً في الأَرض بين أَسَدٍ وطَيِّءٍ في الجاهِلِيّة ، فلما قَدِمَ زَيْدُ الخَيْلِ على رَسُولِ الله ، صلَّى الله عليّه وسلّم أقطَعَه فَيْدَ . ( تُسَمَّى بِفَيْدِ بنِ فُلانٍ ) هاكذا في نسختِنَا . ووقَعَ في نُسْخَة شيخِنا : سُمِّيَ ، بالمبنيّ للمَجْهُول ، من سَمَّى ، فقال : والصواب سُمِّيَتْ . وتأْويل القَلْعَةِ بالحِصْنِ لا يَخْفَى بُعْدُه .
قلْت : ووجدْت الزَّجّاجِيَّ قد رَفَعَ الإِبهامَ ، فقال ؛ سُمِّيَتْ بفَيْدِ بن حامٍ ، أَوْلِ مَنْ نَزَلَهَا ، قال شيخُنا : والغالب على فَيْد التأْنِيثُ ، قاله ابنُ الأَنباريِّ ، قال التّدمريُّ : والاختيارُ فيها عند سيبويهِ عَدَم الانصرافِ ، كما قال لَبِيد بنُ ربيعة :
مُريَّةٌ حَلَّتْ *!بِفَيْدَ وجَاوَرَتْ
أَرضَ الحِجَازِ فأَيْنَ مِنكَ مَرَامُها
وصَرْفُها جائز ، وقال ابنُ دُرُسْتويه في ( شرح الفصيح ) يقول ثعلب : لا يَدْخُل في فَيْد حرفُ التعرِيفِ ، ولا يقال فائد .
ثم قال شيخُنا : ورأَيُ في كتب الأَمثالِ أَنَّه يوجد فيها كَعْكٌ يُضْرَبُ به المَثَل ، ونظَمه شيخُ الأُدباءِ مالك بن المرحَّل في نظمِه للفصيحِ :
وتِلْكِ فيْدُ قَرْيَةٌ والمَثَلُ
في كَعْكِ فَيْدَ سائِرٌ لا يُجْهَلُ
( و ) الفَيْد : ( أَن *!تَفِيد بيَدِكَ المَلَّةَ ) ، وهي الرَّمَادُ الحَارّ ( عن الخُبْزَةِ ) ، نقله الصاغانيُّ .
( وَ*!فَيْدُ القُرَيَّاتِ : ع ) بَينَ الحَرَمَيْن الشَّرِيفَيْن . وهو غير فَيْد المتقدِّم ذِكْرُه ، نَبَّه عليه الصاغانيُّ . وقدوَهِمَ المَقْدِسِيُّ في حواشيه ، فجعَلهما واحداً .
( وحَزْمُ *!فَيْدةَ : ع ) آخَرُ ، قال
____________________

(8/516)


المَقْدِسِيُّ : المذكور حِمَى فَيْد ، وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ :
سَقَى اللّهُ حَيًّا بينَ صَارَةَ والحِمَى
حِمَى الفَيْدِ صَوْبَ المُدْجِنَاتِ المَواطِرِ
قال شيخُنا وهو وَهَمٌ .
*!والفَيَّادُ : ذَكَرُ البُومِ ) ، ويقال الصَّدَى . ( و ) *!الفَيَّاد : ( المُتَبَخْتِرُ ) ، *!كالمُتَفَيِّد ، يقال : فُلانٌ يَمْشِي على الأَرضِ *!فَيَّاداً مَيَّاداً ، أعي مُخْتالاً مَيَّالاً . ( و ) *!الفَيَّاد : ( الّذي يَلُفُّ ما قَدَر عليه فيأْكُلُه ، *!كالفَيَّادَةِ ، فيها ) ، وأَنشد ابنُ الأَعرابيِّ لأَبي النَّجْم :
ليسَ بِمُلْتَاثٍ ولا عَمَيْثَلِ
وليسَ *!بالفَيَّادَةِ المُقَصْمِلِ
أَي هاذا الرّاعِي ليس بالمُتَجَبِّرِ الشَّدِيدِ العَصَا . *!والفَيَّادةُ : الذي يَفِيدُ في مِشْيَتِهِ ، والهاءُ دَخَلَت في نَعْتِ المُذَكَّر ، مبالغة في الصفة .
( *!والفائدةُ ) : ما أَفادَ اللّهُ تعالى العَبْدَ من خَيْرٍ *!يَسْتَفِيدُه ويَسْتحدِثُه ، وقال الجوهري : هي ( ما *!استفدْتَ من عِلْم أَو مالٍ ) ، تقول منه *!فادَت له *!فائدةٌ ، وهي واويَّة يائيّة ( ج :*! فَوَائِدُ ) .
قال شيخُنا : وزاد بعض أَربابِ الاشتقاق أَنها من الفُؤادِ حتّى اغترَّ بذالك شيخُ شيوخِنا الشِّهابُ وتظرَّف ، فقال :
مِنَ الفُؤادِ اشتُقَّت *!الفائِدَهْ
والنَّفْسُ يا صاحِ بذَا شاهِدَهْ
لِذَا تَرَى أَفئدةَ النَاسِ قد
مالَتْ لمَنْ في قُرْبِهِ *!فائِدهْ
( وَ*!فَيْدَ *!تَفْييداً : تَطَيَّر من صَوْت *!الفَيَّادِ ) ، أَي ذَكَرِ البُوم ، قال الأَعشى :
وَيْهَمَاءَ باللَّيْلِ غَطْشَى الفَلا
ةِ يُؤْنِسُني صَوْتُ *!فيَّادِهَا
( *!وأَفَدْتُ المالَ : *!استفدْتُه ، و ) *!أَفدتُ المالَ : ( أَعطَيْتُه ) غيرِي ، قاله
____________________

(8/517)


الكسائيّ ، وهو ( ضِدٌّ ) ، ويقال : *!المُفِيدُ في قول القَتَّالِ السابِقِ : هو *!المستفِيدُ .
وفي حديثِ ابنِ عَبَّاسٍ ، في الرجُلِ *!يَسْتَفِيد المَالَ بطرِيقِ الرِّبْحِ أَو غيرِه ، قال : يُزَكِّيه يومَ *!يَسْتفِيدُهُ أَي يومَ يِمْلِكُه . قال ابنُ الأَثير : وهذا لَعَلَّه مَذهبٌ له ، وإِلَّا فلا قائِلَ به من الفقهاءِ ، إلَّا أَن يكون للرَّجلِ مالٌ قد حالَ عليه الحَوْلُ ، *!واستفاد قبْلَ وُجوبِ الزّكاةِ فيه مالاً ، فيُضِيفُه إِليه ، ويَجْعَلُ حولَهما واحداً ، ويُزكِّي الجميعَ . وهو مَذهبُ أَبي حنيفةَ غيرِه .
( و ) قال ابنُ شُمَيْلٍ : يقال ( هما *!يَتَفايدانِ بالمالِ ) بينَهما ، أَي ( يُفِيد كُلُّ ) واحدٍ منها ( صاحِبَهُ . ولا تَقُلْ ) هما ( *!يتفاوَدانِ ) العِلْمَ ، أَي *!يُفِيدُ كلُّ احدٍ منهما ، فإِنَّه قولُ العَامّة ، هاذا نصُّ عبارةِ ابنِ شُمَيْلٍ . وقد تحامَل شيخُنا على المصنِّف ، هنا وهنالِكَ ، وغلَّطه وأَطلَق القَيْدَ ، وقال : قُل يَتَفَايَدان ، ويتفادَّان ، ويتفادَدَانِ ، فأَغرَبً ، وزادَ في الطُّنْبُورِ نَغْمَةً وأَطْرَبَ .
( وفائِدٌ : جَبَلٌ ) واسمٌ .
ومما يستدرك عليه :
*!فَيَّدَ من قِرْنِه : ضَرَبَ ، عن ثَعلبٍ ، وأَنشَدَ :
نُبَاشِرُ أَطرافَ القَنَا بصُدُورِنَا
إِذَا جَمُع قَيْسٍ خَشْيَةَ المَوْتِ *!فَيَّدُوا
وأَبو *!فَيْدٍ : كُنْيَةُ المُؤَرِّجِ بنِ عَمْرٍ و السَّدُوسِيِّ ، من أَئِمَّة اللّغَة .
وقال السِّلَفِيُّ : أَجازَني من هَمْدانَ فَيْدُ بن عبدِ الرحمان الشَّعْرَانِيّ . ولا أَعرفُ له من الرواةِ سَمِيًّا . وتَعَقَّبَه الذَّهَبِيُّ بأَنَّ ابنَ ماكولا ذكَرَ حُمَيْد بن فَيْد الحَسَّاب البغداديّ ، رَوَى عنه الإِسماعيليُّ ، وذكَر أَبا فَيْدٍ فَيْدٍ السَّدُوسيَّ الذي ذكرناه . قال الحفاظ : لا يَرِدُ على عبارة السِّلَفِيّ . ومِمَّن أَتى بعْدَ السِّلَفِيّ :
____________________

(8/518)


فَيْدُ بن مَكِّيِّ بن محمّد الهَمْدَانِيّ ، من مشايِخ ابن نُقْط .
*!والمُفِيدُ : لَقَبُ أَبي بكرٍ محمّد بن جَعْفَر بن الحَسن بن محمّد غِنْدر الحافِظ ، كذا في اللُّباب .
والشيخ المُفِيد ، من أَئِمَّة الشِّيعة .
*!وأَفْيَاد : موضع ، وأَنشدَ ابن الأَعرابيِّ :
بَرْقاً قَعَدْتُ له باللَّيْلِ مُرْتَفِقاً
ذَاتَ العِشَاءِ وأَصحابِي *!بأَفْيَادِ
وأَبو *!فَيْدَةَ : جَبلٌ بِصَعيد مصْرَ على النِّيل .

____________________

(8/519)


2 ( فصل القاف مع الدال المهملة ) 2
قتد : ( القَتَادُ ، كسَحَابِ : شَجَرٌ صُلْبٌ له شَوْكَةٌ كالإِبَرِ ) وجَنَاةٌ كجَنَاةِ السَّمُرِ يَنْبُتُ بِنَجْدٍ وتِهامَةَ ، واحِدَتُه قَتَادَةٌ . وقال أَبو زيادٍ : مِنَ العِضَاهِ القَتَادُ ، وهو ضَرْبانِ ، فأَمَّا القَتَادُ الضِّخامُ فإِنه يَخْرُجُ له خَشَبٌ عِظامٌ وشَوْكَةٌ حَجْنَاءُ قصيرةٌ ، وأَمّا القَتَادُ الآخَرُ فإِنه يَنْبُتُ صُعُداً لا يَنْفَرِشُ منه شيْءٌ ، وهو قُضْبَانٌ مُجْتَمِعةٌ ، كلُّ قَضيبٍ منها مَلْآنُ ما بَيْنَ أَعْلاَه وأَسْفَلِه شَوْكاً . وفي المَثل ( مِنْ دُونِ ذالكَ خَرْطُ القَتَادِ ) ، وهو صِنْفانِ ، فالأَعظَمُ هو الشجَرُ الذي له شَوْكٌ ، والأَصغَرُ هو الذي له نَفَّاخَةٌ كنَفَّاخَةِ العُشَر . ( و ) عن أَبي حَنيفةَ ( إِبلٌ قَتَادِيَّ : تأْكُلها ) أَي الشَّوْكَة . والذي في الأُمّهات اللُّغوِيّة : تَأْكُله ، أَي القَتَادَ . ( والتَّقْتِيدُ : أَنْ تَقْطَعَه ) أَي القَتَادَ ( فتُحْرِقَه ) أَي شَوْكَه ( فَتَعْلِفَه ) الإِبلَ فتَسْمَن عليه ، وذالك عند الجَدْبِ قال :
يَا رَبِّ سَلِّمْنِي مِنَ التَّقْتِيدِ
قال الأَزهريّ : والقَتَادُ شَجَرٌ ذو شَوْكغ لا تَأْكلُه الإِبلُ إِلاَّ في عام جَدْبٍ فَيجىءُ الرجُلُ ويُضْرِم فيه النَّارَ حتى يُحْرِق شَوْكَه ثم يُرْعيه إِبلَه ، ويُسَمَّى ذالك التَّقْتهيدَ . وقد قُتِّدَ القَتَادُ إِذَا لُوِّحَ أَطرافُه بالنَّار . قال الشاعِرُ يَصِف إِبلَه وسَقْيَه للناس أَلبانَها في سَنَةِ المَحْل :
وَتَرَى لَهَا زَمَنَ القَتَادِ عَلَى الشَّرَى
رَخَماً وَلاَ يَحْيَا لَهَا فُصُلُ
قوله : وترى لها رَخَماً على الشَّرَى ، يعني الرَّغْوَةَ ، شَبَّهها في بَياضِها بالرَّخم ، وهو طيرٌ بِيضٌ . وقوله : لا يَحْيَا لها فُصُل ، لأَنَّه يُؤْثِر بأَلبانِها أَضيافَه ويَنْحَر فُصْلانَها ولا يَقْتَنِيها إِلى أَنْ يَحيا الناسُ .
( وقَتِدَت ) الإِبلُ ، ( كفَرِح ) ، قَتَداً
____________________

(9/5)


( فهي إِبلٌ قَتِدَةٌ وقَتَادَى ، كسَكَارى ) وفَرِحَة ( : اشْتكَتْ ) بُطونَها ( من أَكْلِه ) أَي القَتادِ ، كما يُقَال رَمِثَةٌ ورَمَاثَى . ( ج أَقتادٌ وأَقْتُدٌ وقُتُودٌ ) ، هاكذا في سائرِ النُّسخ التي بأَيدينا ، بل راجَعْت الأُصولَ منها المقروءَةَ المُصحَّحَةَ فوجدْتُها هاكذا ، وهو صَرِيحٌ في أَن هاذه الجموعَ لِقَتادٍ بمعنى الشجَرِ ، وهاذا لا قائلَ به ، ولا يَعْضُدُه سَماعٌ ولا قِياسٌ ، وراجعتُ في الصحاح واللسانِ وغيرهما من الأُمَّهاتِ ، فظهَرَ لي من المراجعة أَنّ في عِبَارَةِ المُصَنِّف سَقطاً ، وهو أَن يُقَال : والقَتَدُ مُحَرَّكةً ويُكسر خَشَبُ الرَّحْلِ ، وقيل : جَمِيع أَداتِه . ج أَقْتَادٌ وأَقْتُدٌ وقُتُودٌ . وحينئذ تستقيمُ العِبَارَةُ ويَرْتفع الإِشكالُ ، وكان ذلك قبْلَ مُرَاجَعتي لحاشيةِ شيخِنا المرحومِ ، ظَنًّا منى أَنَّ مِثْلَ هاذِه لا يتعرَّضُ لها ، ثم رأَيْتُه ذَهبَ إِلى ما ذَهَبتُ إِليه ، وراجَعَ الأُصولَ والنُّسَخَ المَقْرُوءَةَ المُصحَّحةَ فلم يَجِد فيها إِلاَّ العِبارَةَ المذكورة بِعَيْنِها فقال : والظاهر أَنَّه سَهْوٌ وسَبْقُ قَلَمٍ ، كأَنَّه قَدَّم وأَخَّر في عِبارة الجوهَريِّ وأَسقَطَ بعضَها ، وهو مُفْرَدُ هاذه الجموعِ فإِنها جُموعٌ لِقَتعدٍ مُحَرَّكَةً ، وهو خَشَبُ الرَّحْلِ ، لا للقَتَادِ الذي هو الشَجَرُ الشائكُ ، ففي الصحاح : القَتَدُ ، أَي مُحَرَّكةً : خَشَبُ الرَّحْلِ ، وجَمْعُه أَقتادٌ وقُتُودٌ ، ومثلُه في كثيرٍ من أُمَّهاتِ اللُّغَةِ ، وهذا هو الصَّوابُ سَماعاً وقِياساً . قلت : وعِبارةُ اللّسانِ بعدَ قولِه : اشتكت بُطُونَها ما نَصُّها : والقَتَدُ والقِتْدُ الأَخِيرةُ عن كُرَاع : خَشَبُ الرَّحْلِ ، وقيل : القَتَد : مِن أَدَواتِ الرَّحْلِ ، وقيل : جَمِيعُ أَداتِه ، والجَمْعُ أَقْتَادٌ وأَقْتُدٌ وقُتُودٌ ، قال الطِّرِمَّاحُ :
قُطِرَتْ وَأَدْرَجَها الوَجِيفُ وضَمَّها
شَدُّ النُّسُوعِ إِلى شُجُوره الأَقْتُد
وقال النابِغةُ :
وَانْمِ القُتُودَ عَلَى عَيْرَانَةٍ أُجُدِ
____________________

(9/6)



وقال الراجز :
كَأَنَّنِي ضَمَّنْتُ هِقْلاً عَوْهَقَا
أَقْتَادَ رَحْلِي أَوح كُدُرًّا مُحْنِقَا
( وأَبو قَتادَة : الحارِثُ بنُ رِبْعِيَ ) السُّلَمِيُّ الأَنْصَاريُّ ( صَحَابِيٌّ ) ، رضي الله عنه ، وقال ابنُ الكلبيُّ وابنُ إِسحاقَ : اسمُه النُّعْمَانُ . وقال بعضهم : شَهِدَ بَدْراً ، ولم يذكره ابنُ إِسحاقَ ولا ابْنُ عُقْبَةَ في البَدْرِيِّينَ ، توفِّيَ سنةَ أَربعٍ وخمسين . ( و ) أَبو الخَطَّابِ ( قَتَادَة بن دِعَامَةَ ) بن قَتَادَةَ بن عزيزِ ابن عمرِو بن ربيعةَ بن الحارثِ بن سَدُوسٍ السَّدوسِيُّ الأَعمَى البَصْرِيُّ ( تابِعِيٌّ ) ، سمع أَنَساً وسَعيدَ بن الْمسَيُّب وغَيْرَ واحِدٍ .
قال إِسماعيل بن عُلَيَّةَ : تُوُفِّيَ سنةَ ثمانَ عَشْرَةَ مائة ( و ) أَبو عُمَرَ ، ويقال : أَبو عَبْدِ الله قَتَادَةُ ( بنُ النُّعْمَان ) بن زَيْدٍ الظَّفَرِيّ الأَنصارِيّ المَدَنِيّ ، أَخو أَبي سَعيد الخُدْرِيُّ لأُمِّه ، شَهِدَ بَدْراً ، سَمِع النبيَّ صلى الله عليه وسلم روى عنه أَبو سَعِيد الخُدْرِيّ ، قال يحيى بن بُكَيْر : ماتَ سنَة ثَلاثغ وعشرِين ، وصلَّى عليه عُمَرُ ، ونزل في قبره أَبو سعيدٍ ومحمدُ بن مَسْلَمة ، والحَارِث بن خَزَمَة ، رضي الله عنهم ، كذا في أَسماءِ الرِّجال للمَقْدِسيّ ( و ) قَتَادَة ( بن مِلْحَانَ ) القَيْسِيّ ، قَيْس بن ثَعْلَبةَ ، مَسحَ النبيُّ صلى الله عليه وسلمرأْسَه ووَجْهَه ، روى عنه ابنُ عبد الملكِ ، ( صَحَابِيَّانِ ) ، رضي الله عنهما . وفي الصحابة من اسمُه قَتَادَةُ غير هاؤلاءِ ، قَتَادة بن قَيْسٍ الصَّدفِيّ ، وقَتَادة بنُ القَائِف ، وقَتَادَة بن الأَعْوَرِ بنِ ساعِدَةَ ، وقَتَادَة بن عَيَّاشٍ أَبو هِشام الجُرَشِيّ . وقتادة بن أَوْفَى ، وقتادةُ الأَنصاريّ أَخو عُرْفُطَةَ ، وقَتَادةُ اللَّيْثِيّ ، وقَتَادَة والدُ يَزِيدَ ، راجِعْ تَجْرِيد الذَّهَبِيّ ومُعْجَم ابن فَهْد ، واسْتَدْرَك شيخُنا قَتَادة بن مَسْلَمَة الحَنَفيّ من شُعَرَاءِ الحَمَاسَةِ . قال :
____________________

(9/7)


ولهم قَتَادَاتٌ غيرُ مَعْرُوفين .
( وقُتَائِدةُ ، بالضّمّ : ثَنِيَّةٌ ) معروفة ( أَو ) اسمُ ( عَقَبَةٍ ) ، قال عبدُ مَنافِ ابنُ رِبْعٍ الهُذَليُّ :
حَتَّى إِذَا أَسْلَكُوهُمْ فِي قُتَائدَةٍ
شَلاًّ كَمَا تَطْرُدُ الجَمَّالَةُ الشُّرُدَا
أَي أَسْلَكوهم في طَريقِ قُتائِدَةَ ، وقيل : قُتَائهدةُ مَوْضِعٌ بِعَيْنهِ ، ( أَو كُلُّ ثَنِيَّةٍ قُتَائِدَةٌ ) .
( وتَقْتُدُ ، كَتَنْصُر : ة بالحجازِ ، أَو رَكِيَّةٌ ) بِعَيْنِها ، أَو اسمُ ماءٍ ، حكاها الفارِسيُّ بالقاف والكاف ، وكذالك رُوِي بيتُ الكِتَابِ الوَجْهَيْنِ ، قال :
تَذَكَّرَتْ تَقْتُدَ بَرْدَ مَائِهَا
ونَصَبَ بَرْدَ لأَنه جعَلَه بدَلاً من تَقْتُدَ ، قال الصاغانيّ : الرجز لأَبي وَجْزَة الفقعَسِيّ ، وقيل : لِجَبْرِ بن عبدِ الرحمان ، وقبله :
جَابَتْ عَلَيْهِ الحِبْرَ من رِدَائِها
وبعده :
وعَتَكَ البَوْلُ عَلَى أَنْسَائِهَا
( وقُتُنْدَةُ ، بضمَّتين : د ، بالأَندلس ) وَقْعَتُه مشهورة ، ويقال فيه بالكاف أَيضاً .
( و ) قتَادٌ ( كسَحَابِ وغُرَابٍ : عَلَمُ بَنِي سُلَيْم ) ، هاكذا في النُّسخ ، والصّواب ، عَلَمٌ في دِيار بني سُلَيْم ، وفي التكملة : عَلَمٌ لِبَنِي سُلَيم .
( وذَاتُ القَتَادِ : ع ، وَراءَ الفَلْجِ ) من ناحِية اليَمامةِ .
( والقُتُودُ ، بالضم : جَبَلٌ ) .
( والقَتَادَةُ : فَرَسٌ لِبَكْرِ بنِ وَائلٍ ، وهي أُمُّ زِيَمٍ ) ، بِكَسْرِ الزّاي وفتح التّحتيّة .
( والقَتَادِيُّ : فرَسٌ كان للخَزْرَجِ ، ولَيْس مَنسوباً إِلى الأَوَّلِ ) ، أَي القَتَادَة المذكورة ، قاله الصاغانيُّ .
قترد : ( قَتْرَدَ الرجُلُ : كَثُرَ لَبَنُه وأَقِطُه )
____________________

(9/8)


.
( وعَلَيْهِ قِتْرِدَةُ مَالٍ ، بالكسر ، أَي مالٌ كَثِيرٌ ) ، والقَتْرَدُ : ما تَرَكَ القَوْمُ في دَارِهِم من الوَبَر والشَّعر والصُّوف . والقَتْرَدُ : الرَّدِىءُ مِن مَتَاع البَيْتِ .
( وهو قِتْرِدٌ ) ، بالكسر ، ( وقُتَارِدٌ ) ، بالضم ، ( ومُقْتَرِدٌ ) ، بكسر الراءِ ( : ذو غَنَمٍ كَثِيرٍ ) وسِخَالٍ ، ( هاكذا ذكرَه الجوهريُّ ) ، وهو الكلام الأَخير ، نقلاً عن أَبي عبيد ، ( وغَيْرهُ ) كابنِ مَنظورٍ في لِسان العرب ، فإِنه أَورده كما ترى ( والكُلُّ تَصحِيفٌ ، والصَّوابُ ) فيه ( بالثَّاءِ المُثَلَّثة ، كما ذَكَرْنَاه بَعْدُ ) قريباً ( صَرَّح به أَبو عمرٍ و ) الشيبانيُّ ( وابنُ الأَعرابيِّ ) في نوادِرِه ( وغَيْرُهما ) كأَبي عُبَيْدٍ الهَرويّ في الغَرِيب المُصَنّف نَقْلاً عن شيخِه أَبي أُسامة ، وعن أَبي مُوسى الحامِضِ وغيرِ واحدٍ ، ونقلَه السيوطيُّ في المُزْهِرِ وتَصْحِيفات الصّحاح .
قثد: ( القَثَدُ ، مُحَرَّكَةً : نَبْتٌ يُشْبه القِثَّاءَ ، أَو ضَرْبٌ منه ) ، وقال ابنُ دُريد : وهو القِثَّاءُ المُدَوَّر ، ( أَو ) هو ( الخِيَارُ ، واحدَتُه ) القَثَدَة ( بهاءٍ ) ، وفي الحديث ( أَنه صلى الله عليه وسلمكان يأْكُل القَثَدَ بالمُجَاجِ ) .
( والقَثْدُ ) ، بفَتْح فسُكون ( : أَكْلُه ) ، أَي القَثَدِ مُحَرَّكة ، نقله الصاغانيُّ .
( والاقْتِثَادُ : القَطْعُ ) ، قال حُصَيْبٌ الهُذَلِيُّ :
تُدْعَى خُثَيْمُ بنُ عَمْرٍ و فِي طَوَائِفِهَا
فِي كُلِّ وَجْهٍ رَعِيلٌ ثُمَّ يُقْتَثَدُ
أَي يُقْطَع كَمَا يُقْطَع القَثَدُ ، كما في اللسان . قلت : ويُرْوعى ( يُفْتَنَدُ ) ، وقد أَشرْنا إِليه في فَ نَ د .
قثرد : ( القَثْرَد ) ، أَهمله الجوهريُّ ، وقال أَبو عمرو وغيره : هو ( كبُرْقُعٍ وزِبْرِجٍ وجَعْفَرٍ وعُلاَبِطٍ : قُمَاشُ البَيْتِ ) ، واقتصر أَبو عمرٍ و على الأُولى ، وفسَّره بما قال المصنّف ، وقال
____________________

(9/9)


ابن الأَعرابيّ : هو القِثْرِدُ ، بالكسر ، والقُثَارِدُ ، بالضم . وقال : هو القربشوش ( و ) القثردُ ( كَجَعْفَرٍ وعُلَبِطٍ وعُلاَبِطٍ : ) هو ( الرَّجُلُ الكَثِيرُ الغَنَمِ والسِّخَالِ ) جمعُ سَخْلِ ، بالكسر ، وهو ولدُ الضأْنِ ، وقد قَثْرَدَ الرَّجلُ ، إِذا كثُرَ لَبَنُه وأَقِطُه . ( أَو كَثِيرُ قُمَاشِ البَيْتِ ) والردىء من متاعه ، ( كالمُقَثْرِد ، فيهما ) .
( و ) القِثْرِد ، ( كزِبْرِجٍ : الغُثَاءُ اليابِسُ في أَصْلِ الكَرْمِ ) وفي قَعْرِ العَيْنِ ، نقَله الصاغانيُّ ، ( والكَثْرَةُ من النَّاسِ ) ، يقال : رأَيتُ قِثْرِداً من الناس .
( و ) القُثَارِدُ ( كسُفَارِجِ ) بضم السين المُهملة ، كذا هو مضبوط ، وهو وَزْنٌ غَريب ، أَو أَنه بالفتح ، وهو الصوابُ ، كما في التكملة ( : ذَلاَذِلُ القَمِيصِ ونَحْوُها ) .
( و ) القَثْرَدُ ( كجَعْفرٍ : قِطَعُ الصُّوفِ ) والشَّعَرِ والوَبر ( وما لا يُحْمَل مِن المَتَاعِ عِنْدَ الرَّحِيل ) مما يَتْرُكه القَوْمُ في دارهم . ثم إِن هاذه المادةَ مَكْتُوبةٌ بالحُمْرَة بناءً على أَنها من زِيادات المُصَنّف على الجوهريّ وأَنّها هي الصوابُ . كما أَحالَ نقْلَه على أَبي عمرٍ و وابنِ الأَعرابيَ ، وأَن المُثَنَّاةَ تصحيفٌ . مع أَنّ الجوهريِّ نقَل بعضاً مما تَقدَّم في المُثنَّاة عن أَبي عُبيدٍ ، وعليه العُهْدَة .
قحد : ( القَحَدَةُ ، محرَّكةً : أَصلُ السَّنامِ كالمَقْحَدَةِ ) ، وهذه عن الصاغانّي ( أَو ) القَحَدَةُ ( السَّنَامُ ) نفسُه ، ( أَو ) هي ( ما بَيْنَ المَأْنتَيْنِ منه ) ، أَي مِن شَحْمِ السَّنَام ، كما صرَّح به غيرُ واحدٍ ، ( ج قِحَادٌ ) مثل ثَمَرة وثِمَارٍ ، ( وأَقْحُدٌ ) كأَفْلُسٍ . ( وقَحَدَ ) البعيرُ ، ( كَمَنَعَ ) ، وأَقْحَدَ كذلك ( : صَارَ له قَحَدَةٌ ) سَنَامٌ كالقُبَّةِ ، قاله ابنُ سِيده ، ( أَو عَظُمَتْ قَحَدَتُه ) بعد الصِّغَرِ ، وقيل : إِقْحَادُ النّاقةِ : أَن لا يَزَالَ لها قَحَدَةٌ وإِنْ هُزِلَتْ ، وكلُّ ذالك قريبٌ بعضُه من بعضٍ .
____________________

(9/10)



واسْتَقْحَدَتِ الناقَةُ كأَقْحَدَتْ . أَورده الزَّمخشريُّ .
وفي الأَفعال لابن القَطّاع : وقَحَدَت النّاقةُ قُحُوداً وأَقْحَدَت وقَحِدَتْ ، أَي بالكسر ، لغة : عَظْمُ سَنَامُها .
( وناقَةٌ قَحْدَةٌ ، بالفتح ) والسكون ، وفي الصحاح : بَكْرَةٌ قَحْدَةٌ ، وأَصله قَحِدَةٌ فسُكِّنَتْ تَخيفاً ، كفَخْذٍ وفَخِذٍ وعَشْرَة وعَشِرَةٍ ، وفي حديث أَبي سُفيانَ : فقُمْتُ إِلى بَكْرَةٍ قَحِدَةٍ أُريد أَن أُعَرْقِبَها .
( و ) ناقة ( مِقْحَادٌ ) ، بالكسر ( : كَبِيرَتُها ) ، أَي القَحَدَةِ ، أَي ضَخْمَة السَّنامِ ، ( ج مَقَاحِيدُ ) ، وقَحَدَت الناقةُ ، وأَقْحَدَتْ ، واستَقْحَدَتْ : صارَتْ مِقْحَاداً ، قال :
المُطْعِم القَوْمِ الخِفَافِ الأَزْوَادْ
مِنْ كُلِّ كَوْمَاءَ شَطُوطٍ مِقْحَادْ
قال الأَزهريُّ في تفسير هذا البيت : المِقحاد : النَّاقَةُ العَظِيمةُ السَّنامِ . والشَّطُوطُ : العَظيمةُ جَنْبَتَيِ السَّنامِ .
( وواحِدٌ قاحِدٌ ، إِتْبَاعٌ ) ، كذا في المُحكم . وفي التهذيب : وروى أَبو عمرٍ و عن أَبي العَبَّاسِ هاذا الحَرْفَ بالفاءِ فقال : واحِدٌ فأَحِدٌ ، قال : والصوابُ ما رواه شَمِرٌ عن ابنِ الأَعرابِيّ ، يقال واحِدٌ قَاحِدٌ وصَاخِدٌ ، وهو الصُّنْبُورُ .
( وبنو قُحَادَةَ ، كثُمَامَةَ ، قَبِيلَةً ) من العرب ( منهم أُمُّ يَزِيدَ ) بن ( القُحَادِيَّة ، أَحَدِ ) ، بدل من يَزِيد ( فُرْسَانِ بَنِي يَرْبُوعٍ ) مِن زَيْدِ مَناةَ بن تَميم .
( وكَكَتَّانٍ : ) الرجل ( الفَرْدُ الذي لا أَخَ لَه ولا ولَدَ ) ، رواه شَمِرٌ عن ابنِ الأَعرابِيّ .
( والقَمَحْدُوَةُ ) ، بِزيادة الميم ، وبه صَرَّحَ غيرُ واحدٍ : ما خَلْفَ الرأْسِ ، والجمع قَمَاحِدُ ، وقيل : الكلمة ( رُباعِيَّةٌ ) والميم أَصلِيّة ، وسيأْتي ذِكرُها في قمحد إِن شاءع الله تعالى .
قدد : ( *!القَدُّ : القَطْعُ ) مطلقاً ، ومنه *!قَدَّ الطريقَ *!يَقُدُّه *!قَدًّا : قَطَعَه ، وهو مجازٌ ، وقيل : القَدُّ : هو القَطْعُ ( المُسْتَأْصِل ، أَو ) هو القَطْع ( المُسْتَطِيل ) ، وهو
____________________

(9/11)


قولُ ابنِ دُريد ، ( أَو ) هو ( الشَّقُّ طُولاً ) وفي بعض كُتب الغَريب : القَدُّ : القَطْعُ طُولاً كالشَّقِّ . وفي حديث أَبي بكرٍ رضي الله عنه يوم السَّقِيفة : ( الأَمْرُ بَينَنا وبينكم *!كقَدِّ الأُبْلُمَةِ ) أَي كشَقِّ الخُوصةِ نِصْفَيْنِ ، وهو على المَثَلِ . وفي الأَساس : *!قَدَّ القَلَمَ ، وقَطَّه ، القَدُّ : الشَّقُّ طُولاً ، وقَطَّه : قَطَعَهُ عَرْضاً . وتقول : إِذا جَادَ *!قَدُّك وقَطُّكَ فقد استوَى خَطُّكَ ، ( *!كالاقْتِدَادِ *!والتَّقْدِيدِ في الكُلّ ) ، وضَرَبه بالسَّيْفِ *!فقَدَّه بنصفينِ . وفي الحديث ( أَنّ عَلِيًّا رضِي الله عنه كان إِذا اعتَلَى قَدَّ ، وإِذا اعْتَرَضَ قَطَّ ) . وفي رواية : ( كان إِذا تَطَاوَلَ قَدَّ ، وإِذا تَقَاصَرَ قَطَّ ) أَي قَطَعَ طُولاً وقَطَعَ عَرْضاً . *!واقْتَدَّه *!وقَدَّدَه . كذالك ( وقد *!انْقَدَّ ، *!وتَقَدَّدَ ) .
( و ) *!القَدُّ ( : جِلْدُ السَّخْلة ) ، وقيل : السَّخْلَةُ الماعِزَةُ . وقال ابنُ دُرَيْد : هو المَسْكُ الصغيرُ ، فلم يُعَيِّن السَّخْلَة . وفي الحديث ( أَنّ امرأَةً أَرسَلَتْ إِلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلمبِجَدْيَيْنِ مَرْضُوفَيْنِ *!وقَدٍّ ) أَرادَ سِقاءً صَغِيراً مُتَّخَذاً من جِلْد السَّخْلةِ فيه لَبَنٌ ، وهو بفتْحِ القاف . وفُلانٌ ما يَعْرِفُ *!القِدَّ مِنَ القَدِّ ، أَي السَّيْرِ مِن مَسْكِ السَّخْلَة ، ( ومنه ) المثل ( ( ما يَجْعَلُ قَدَّكَ إِلى أَدِيمكِ ) ) أَي ما يَجْعَلُ الشيءَ الصغيرَ إِلى الكبيره ، ومعنى هاذا المثل ( أَيْ أَيُّ شَيْءٍ يُضِيف صَغيرَك إِلى كَبِيرِك ) ، أَيْ أَيّ شيء يَحْمِلك أَن تَجعل أَمْرَك الصغيرَ عَظيماً ، ( يُضْرعب للمُتَعَدِّي طَوْرَهُ ، ولمَن يَقيس الحَقِيرَ بالخَطيرِ ) . أَي ما يَجْعَلُ مَسْكع السَّخْلَة إِلى الأَدِيمِ ، وهو الجِلْدُ الكامِلُ ، وقال ثعلب : القَدُّ هُنا : الجِلْدُ الصغير .
( و ) القَدُّ ( : السَّوْطُ ، ومنه الحديثُ ( لَقَابُ قَوْسِ أَحدِكم ومَوْضِع *!قَدِّه في الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وما فيها ) ) وفي أُخرَى ( لَقِيدُ قَوْسِ أَحَدِكم ) أَي قَدْرُ سَوْطِ أَحَدِكم وقَدْر المَوضِع الذي يَسَعُ سَوْطَه من الجَنّة خيرٌ من الدُّنيا وما فيها .
( و ) القَدُّ ( : القَدْرُ ) أَي قَدْرُ الشيءِ
____________________

(9/12)


( و ) القَدُّ ( : قَامَةُ الرَّجُلِ . و ) القَدُّ ( : تَقْطِيعُه ) أَي الرَّجُل والأَوْلعى إِرجاعه إِلى الشيءِ ، ( و ) القَدُّ ( : اعْتِدالُه ) ، أَي الرَّجُل ، ولو قال : وقَدْرُ الشيءِ وتَقْطِيعُه وقَامَةُ الرَّجُلِ واعتدالُه ، كان أَحْسَنَ في السَّبْكِ . وفي الحديث جابرٍ ( أُتِي بالعَبَّاسِ يومَ بَدْرٍ أَسيراً ولم يَكُنْ عليه ثَوْبٌ ، فنظَر له النبيُّ صلى الله عليه وسلمقميصاً ، فوَجَدُوا قَميصَ عبدِ الله ( بن أُبَيَ ) *!يقَدَّد عليه ، فكساه إِيّاه ) أَي كان الثوبُ عَلى قَدْرِه وطُولِه . وغُلامٌ حَسَنُ القَدِّ ، أَي الاعتدالِ والجِسْمِ . وشيءُ حَسَنُ القَدِّ ، أَي حَسَنُ التقطِيع ، يقال : *!قُدَّ فُلانٌ قَدَّ السَّيْفِ ، أَي جُعِل حَسنَ التقْطِيع ، وفي الأَساس : ومن المَجَاز : جارِيَةٌ حَسَنَةُ القَدِّ ، أَي القامَةِ والتقطِيعِ ، وهي *!مَقْدودةٌ ، ( ج *!أَقُدٌّ ) كأَشُدَ ، وهو الجَمْعُ القَليلُ في القَدِّ بمعنى جِلْدِ السَّخْلَة والقامةِ ، ( و ) في الكثير ( *!قِدَادٌ ) بالكسر ، ( *!وأَقِدَّةٌ ) نادر ، ( *!وقُدُودٌ ) ، بالضم ، في القَدِّ بمعنى القامَةِ والقَدْرِ .
( و ) القَدُّ ( : خَرْقُ الفَلاَةِ ) ، يقال : قَدَّ المسافِرُ المفازة ، وقَدَّ الفَلاَةَ قَدًّا : خَرَقَهُما وقَطَعَهما ، وهو مَجاز .
( و ) القَدُّ ( : قَطْعُ الكَلامِ ) ، يقال : قَدَّ الكلامَ قَدًّا : قَطَعَه وشَقَّه . وفي حديثِ سَمُرَةَ : ( نَهَى أَن يُقَدَّ السَّيْرُ بين أَصْبعينِ ) أَي يُقطَع ويُشَقّ لئلاَّ يَعْقِرَ الحَدِيدُ يَدَهُ ، وهو شَبِيهٌ بِنَهْيِه أَن يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلُولاً .
( و ) *!القُدُّ ، ( و ) ( بالضم : سَمَكٌ بَحْرِيٌّ ) ، وفي التكملة : أَن أَكْلَه يَزِيد في الجِمَاعِ فيما يقال .
( و ) *!القدُّ ، ( بالكسر : إِناءٌ من جِلْد ) يقولون : مالَه *!قِدٌّ ولا قِحْفٌ ، القِدُّ : إِناءٌ من جِلد ، والقِحْفُ إِناءٌ من خشب ، وفي حديث عُمَر رضي الله عنه ( كانوا يَأْكلون القِدَّ ) يريد جِلْدَ السَّخْلَة في الجَدْب . ( و ) القِدُّ ( : السَّوْطُ ) ، وكلاهما لُغَة في الفتح ، ( و ) القِدُّ ( : السَّيْرُ ) الذي ( *!يُقَدُّ من جِلْدٍ غيرِ مَدْبُوغِ ) غير فَطِيرٍ فيُخْصَف به النِّعالُ ، وتُشَدُّ به الأَقتابُ والمَحامِلُ .

____________________

(9/13)


( والقِدَّةُ واحِدُه ) أَخصُّ منه ، وقال يَزيد بن الصَّعِقِ :
فَرَغْتُمْ لِتَمْرِينِ السِّيَاطِ وكُنْتُمُ
يُصَبُّ عَلَيْكُمْ بِالقَنَا كُلَّ مَرْبَعِ
فأَجابه بعْضُ بني أَسَدٍ :
أَعِبْتُم عَلَيْنَا أَنْ نُمَرِّنَ *!قِدَّنَا
ومَنْ لَمْ يُمَرِّنْ *!قِدَّهُ يَتَقَطَّعِ
والجمع *!أَقُدٌّ .
( و ) *!القِدَّةُ : الفِرْقَة و ( الطَّرِيقَة ) من الناس .
( و ) القِدَّة ( : ماءٌ لِكِلابٍ ) ، هاكذا في النُّسخ ، وهو غلطٌ ، والصواب اسمُ ماءٍ الكُلاَبِ ، والكُلاَب بالضمّ ، تَقدَّم في الوحَّدة ، وأَنه اسمُ ماءٍ لهم ، ونصُّ التكملة : ما ءٌ يُسمَّى الكُلاَب ، ( ويُخَفَّفُ ) في الأَخير ، عن الصاغانيّ .
( و ) القِدَّةُ ( : الفِرْقَةُ مِن الناسِ ) إِذا كان ( هَوَى كُلِّ واحدٍ عَلَى حِدَةٍ ، ومنه ) قوله عزّ وجلّ { كُنَّا طَرَآئِقَ *!قِدَداً } ( سورة الجن ، الآية : 11 ) قال الفرَّاءُ : يقول حكاية عن الجِنّ ( أَي ) كنا ( فِرَقاً مُخْتَلِفَةً أَهْوَاؤهَا ) ، وقال الزّجّاج : قِدَداً : مُتفرِّقين مُسلِمينَ وغيرَ مُسلمينَ ، قال : وقولُه { وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ } ( سورة الجن ، الآية : 14 ) هاذا تفسير قولهم { كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً } وقال غيرُه : قِدَداً جمع قِدَّة . وصار القَوْمُ قِدَداً : تَفرَّقَتْ حالاتُهم وأَهواؤُهم ( وقد *!تَقَدَّدُوا ) تَفَرَّقُوا قِدَداً وتَقَطَّعُوا .
( *!والمِقَدُّ ، كمِدَقَ ) ، هاكذا بالكسر مضبوطٌ في سائر النُّسخ التي بأَيدينا ، وضَبعطه هاكذا بعضُ المُحَشِّين ، ومثلُه في التكملة بخطّ الصاغانيّ ، وشَذَّ شيخُنا فقال : الصّوابُ أَنه بالضمّ ، لأَن ذاك هو المشهور المعروف فيه ، لأَنه مُسْتَثْنًى من المكسور كمحل وما معه ، فضَبْطُ بعضِ أَربابِ الحَواشِي له بالكَسْرِ لأَنَّه آلَةٌ وَهَمٌ ظاهرٌ ، انتهى ، والذي في اللسان *!والمقَدَّةُ ( حَدِيدَةٌ يُقَدُّ بها ) الجِلد .
____________________

(9/14)



( و ) *!المَقَدُّ ( كمَرَدَ ) ، أَي بالفتح ( : الطَّرِيقُ ) ، لكَوْنِه مَوضِعَ القَدِّ ، أَي القَطْع ، *!وقَدَّتْه الطَرِيقُ : قَطَعَتْه ، وقَدَّ المفازَةَ : قَطَعَها ، ومَفازَةٌ مُستقِيمَةُ *!المَقَدِّ أَي الطريق ، وهو مَجازٌ كما في الأَساس .
( و ) المَقَدُّ بالفتح : القاعُ وهو ( المَكَانُ المُسْتَوِي ، و ) المَقَدُّ ( : ة بالأُردُنِّ يُنْسَب إليها الخَمْرُ ) وقيل : هي في طَرَف حَوْرَانَ قُرْبَ أَذْرِعَاتٍ ، كما في المَراصِد والمُعْجَم ، قال عَمْرُو بن مَعْدِيكَرِبَ :
وَهُمْ تَرَكُوا ابْنَ كَبْشَةَ مُسْلَحِبًّا
وهُمْ مَنَعُوهُ مِنْ شُرْبِ *!-المَقَدِّي
( وغَلِطَ الجَوْهَرِيُّ في تَخْفِيفِ دَالِهَا ، وذَكَرها في مَقَد ) ونصّه هناك : المَقَدِيّ مُخفّفة الدال : شرابٌ مَنسوبٌ إلى قَرْيَةٍ بالشامِ يُتَّخَذُ مِن العَسَلِ ، قال الشاعِرُ :
عَلِّلِ القَومَ قَلِيلاً
يا ابْنَ بِنْتِ الفَارِسِيَّهْ
إِنَّهُمْ قَدْ عَاقَرُوا الْيَوْ
مَ شَرَاباً مَقَدِيَّهْ
انتهى ، قال الصاغانيّ : وقد غلطِ في قوله : قَرْيَةٌ بالشام . والقريَةُ بتشديد الدالِ .

تابع كتاب ( والشَّرَابُ المَقَدِيُّ بالتخفيف غير المَقَدِّيِّ ) بالتشديد ، يُتّخَذُ من العَسَلِ ، وهو غير مُسْكِرٍ ، قال ابنُ قَيْسِ الرُّقَيَّات :
مَقَدِيَّا أَحلَّه الله لِلنَّا
سِ شَرَاباً وما تَحِلُّ الشَّمُولُ
وقال شَمِرٌ : وسمعْتُ رَجاءَ بن سَلمة يقول : المَقَدِّي طِلاَءٌ مُنَصَّفٌ يُشَبَّه بما قُدَّ بِنِصْفَيْنِ . انتهى نصُّ الصاغانيِّ وفي النهاية والغَرِيبَين : المَقَدِّي طلاَءٌ مُنَصَّفٌ طُبِخَ حتى ذَهَبَ نِصْفُه ، تشبيهاً بشيءٍ قُدَّ بِنِصْفَيْنِ ، وقد تُخَفَّفُ دالُه ، وهاكَذَا رواه الأَزهريُّ عن أَبي عمرٍ و أَيضاً .
( و ) *!القُدَادُ ، ( كغُرَابٍ : وَجَعٌ في البَطْنِ ، وقدْ قُدَّ ) ، وفي الأَفعال لابن
____________________

(9/15)


القطَّاع : *!وأَقدَّ علَيْه الطَّعَامُ من *!القُدَاد *!وقَدَّ أَيضاً ، وهو داءٌ يصيب الإِنسانَ في جَوْفِه ، وفي حديث ابنِ الزُّبير قال لمعاويةَ في جوابٍ ( رُبَّ آكِلِ عَبِيطٍ *!سَيُقَدُّ عَلَيْه وشارِبِ صَفْوٍ سَيَغَصُّ به ) هو من القُدَادِ . ويدعُو الرجُلُ على صاحِبه فيقول : حَبَناً *!قُدَاداً . وفي الحديث : ( فَجَعَلَه الله حَبَناً *!وقُدَاداً ) . والجَبَنُ : الاستسقاءُ .
( و ) *!قُدَادُ ( بنُ ثَعْلَبَةَ بنِ مُعَاويةَ ) بنِ زعد بن الغَوْث بن أَنْمَار : بَطْنٌ ( مِن بَجِيلَةَ ) قالَه ابنُ حبيب .
( و ) *!قَدَادٌ ، ( كسَحَابٍ : القُنُفُذُ واليَرْبَوعُ ) . وفي التكملة : القَدَادُ : من أَسماءِ القَنَافِذِ واليَرابيعِ .
( و ) *!قُدْقُدٌ ( كَفُلْفُلٍ : جَبَلٌ به مَعْدِنٌ البِرَامِ ) ، بالكسر ، جمع بُرْمَةٍ ، وهي القِدْرُ من الحِجَارة .
( و ) *!القُدَيْد ( ( كزُبَيْر ) مُسَيْحٌ صغيرٌ ) تصغيرُ مِسْحٍ ، بالكسر ، يَلْبَسه أَطرافُ الناسِ . ( و ) القُدَيْد : اسمُ ( رَجُل . و ) القُدَيْد اسم ( وَادٍ ) بعَيْنِه ، وفي الصّحاح : *!وقُدَيْدٌ : ماءٌ بالحجازِ ، وهو مصغَّرع ، وقد ورَدَ ذِكرهُ في الحديث . ( و ) قال بن الأَثير : هو ( ع ) بين مكَةَ والمدينةِ ، وقال ابنُ سِيدَه : وقُدَيْدٌ : مَوْضِعٌ ، وبعضهم لا يَصرِفه ، يجعله اسماً للبُقْعَة ، ومنه قولُ عيسى بن جَهْمَةَ الليثيِّ وذَكرَ قَيْسَ بن ذَرِيح فقال : كان رجُلاً مِنَّا ، وكان ظريفاً شاعراً وكان يكون بمكَّةَ وذَوِيها من قُدَيْدَ وسَرِفَ وحَوْلَ مَكَّةَ في بوادِيها كُلِّهَا .
( و ) قُدَيْد : ( فَرسُ قَيْس ) بن عبد الله ، وفي اللسان عَبْس بن جِدَّان ( الغَاضِرِيّ ) ، إِلى غاضِرةَ بَطنٍ من قَيْسٍ ، وقيل : الوائليّ .
( *!وقُدْقُدَاءُ ، بالضمّ ) ممدودٌ ، عن الفارسيّ ، ( و ) قد ( يُفْتَح : ع ) من البلاد اليَمَانِية ، قال :
عَلَى مَنْهَلٍ مِنْ *!قُدْقُدَاءَ ومَوْرِدِ
( *!والقَدِيدُ : اللَّحْمُ المُشَرَّرُ ) الذي قُطِعَ وشُرِّرَ ، ( *!المُقَدَّد ) ، ايي المَمْلُوح ، المُجَفَّفُ في الشمس ، ( أَو ) هو ( ما قُطِعَ
____________________

(9/16)


منه طِوَالاً ) . وفي حديث عُرْوَةَ ( كان يَتَزَوَّدُ قَدِيدَ الظِّبَاءِ ، وهو مُحْرِمٌ . فَعِيل بمعنى مفعول . ( و ) القَدِيد ( : الثَّوْبُ الخَلَقُ ) . *!والتَّقدِيد : فِعْلُ القديد .
( و ) رُوىَ عن الأَوْزَاعِيِّ في الحديث أَنه قال ( لا يُقْسَم مِنَ الغَنِيمَةِ للعَبْدِ ولا للأَجِيرِ ولا *!للقَدِيدِيِّينَ ) ( *!القَدِيدِيُّونَ ) ، بالفتح ( ولا يُضَمُّ : ) هم ( تُبَّاعُ العَسْكَرِ من الصُّنَّاعِ ، كالشَّعَّابِ ) والحَدَّاد ( والبَيْطَارِ ) ، معروفٌ في كلام أَهلِ الشام ، قال ابنُ الأَثير : هاكذا يُرْوَى بالقاف وكسر الدال ، وقيل بضمّ القافِ وفَتْح الدَّاله ، كأَنَّهم لخِسَّتِهم يَكتَسُون القَدِيدَ ، وهو مِسْحٌ صَغيرٌ ، وقيل : هو من التقَدُّدِ والتفَرُّقِ ، لأَنهم يَتفرَّقُون في البلادِ للحاجَةِ وتَمَزُّقِ ثِيَابِهِم ، وتَصْغِيرُهم تَحْقيرٌ لشأْنِهِم ، ويُشْتَم الرجلُ فيقال *!-ياقَدِيدِيُّ ، ويا *!-قُدَيْدِيّ ، قال الصاغاني : وهو مُبتَذَلٌ في كلام الفُرْس أَيضاً .
( و ) أَبو الأَسود ، وقيل : أَبو عَمْرو ، وقيل أَبو سَعِيدٍ ( *!مِقْدَادُ بنُ عَمْرٍ و ، ابنُ الأَسْوَدِ ) الكِنْدِيّ ، وعَمْرٌ و هو أَبوه الأَصليُّ الحقيقيُّ الذي وَلَدَه ، وأَما الأُسودُ فكان حالَفَه وَتَبَنَّاه لمَّا وَفَدَ مَكَّةَ ، فنُسِب إِليه نِسْبَة وَلاءٍ وَتَربِيَةٍ ، لا نِسْبَةَ وِلادَةٍ ، وهو المِقْدادُ بن عَمْرِو ابن ثَعْلَبَةَ بن مالِكِ بن ربيعةَ بنِ عامرِ بن مَطْرُودٍ البَهْرَانِيّ وقيل : الحَضْرَمِيّ ، قال ابن الكَلْبيّ ؛ كان عَمرو بن ثَعْلَبةَ : أَصابَ دماً في قَوْمِه فلَحِق بحَضرَموتَ ، فحالَفَ كِنْدَةَ ، فكان يقال له الكِنْدِيّ ، وتزوَّجَ هناكَ امرأَةً ، فَوَلَدَتْ له المِقْدَادَ ، فلما كَبِرَ *!المقدادُ وَقَعَ بينه وبين أَبي شِمْرِ بن حُجْرٍ الكِنديّ مُنَافَرَةٌ ، فضَرَبَ رِجْلَه بالسّيف وهَرَب إِلى مَكّةَ ، فحالَفَ الأَسودَ بن عبد يَغوثَ الزُّهْرِيَّ ، وكتبَ إِلى أَبيه فقدِمَ عليه ، فتَبَنَّى الأَسْوَدُ المقْدَادَ ، وصار يقالُ المِقدادُ ابنُ الأَسودِ ، وغلَبَ عليه ، واشتهرَ به ، فلما نَزَلَتْ
____________________

(9/17)


{ ادْعُوهُمْ لاِبَآئِهِمْ } ( سورة الأحزاب ، الآية : 5 ) قيل له : المقداد ابن عمرو ، ( صَحَابِيٌّ ) تَزَوَّجَ ضُبَاعَةَ بنتَ الزُّبَيْرِ بن عَبْدِ المطَّلِب ابنةَ عمِّ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهَاجَرَ الهِجْرتينِ ، وشَهِدَ بَدْراً والمَشَاهِدَ بعدَهَا . ( والأَسْوَدُ ) بن عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْريُّ ( رَبَّاهُ أَو تَبَنَّاه فنُسِبَ إِليه ) كما أَشرنا إليه آنفاً ، ( و ) قد ( يَلْحَن فيه قُرَّاءُ الحَدِيث ظَنًّا ) منهم ( أَنَّه ) أَي الأَسودَ ( جَدُّه ) ، أَي إِذا ذُكِرَ في عَمود نَسبهِ بعدَ أَبيه عَمرٍ و ، كما ذَكَرَه المصنِّفُ ، كأَنَّهُم يَجْعَلُون ابنَ الأَسود نعْتاً لعمرٍ و ، وهو غَلَطٌ ، كما قال ، إِنما ابنُ الأَسوَدِ نعتٌ للمقدادِ ، بُنُوَّةُ تَرْبِيَة وحِلْفٍ لا بُنَوَّةُ وِلادةٍ ، كما هو مشهور .
( *!والقَيْدُودُ : الناقَةُ الطَّوِيلةُ الظَّهْرِ . ج *!قَيَادِيدُ ) ، يقال : اشتقاقُه من القَوْده مثل الكَيْنُونة من الكَوْنِ ، كأَنَّها في مِيزَانِ فَيْعُولٍ ، وهي في اللَّفظ فَعْلُولٌ ، وإِحدَى الدالَيْنِ من *!القَيْدُودِ زائدةٌ ، وقال بعضُ أَهلِ التصريف : إِنما أَرادَ تَثْقِيل فَيْعُولٍ ، بمنزلَةِ حَيْدٍ وحَيْدُودٍ ، وقال آخرون : بل تُرِك على لَفْظِ كُونُونَة فلما قَبُحَ دخُولُ الواوينِ والضَّمَّات حَوَّلوا الواوَ الأُولَى ياءً لِيُشَبِّهُوها بِفَيْعُولٍ ، ولأَنه ليس في كلام العربِ بناءٌ على فُوعُولٍ حَتّى أَنهم قالوا في إِعراب نَوْرُوز نَيْرُوز فِراراً من الواوِ ، كذا في اللسان .
( *!وتَقَدَّدَ ) الشيْءُ ( : يَبِسَ ) .
وتَقَدَّدَ ( القَوْمُ : تَفَرَّقُوا ) قِدَداً .
( و ) *!تَقَدَّدَ ( الثَّوْبُ : تَقَطَّعَ ) وبَلِىَ .
( و ) *!تَقَدَّدَتِ ( النَّاقَةُ : هُزِلَتْ بعْضَ الهُزَالِ ، أَو ) تَقدَّدَتْ ( : كانَتْ مَهزُولةً ) فسَمِنَتْ ، وعن ابن شُمَيل : ناقَةٌ *!مُتَقَدِّدَة : إِذا كانتْ بين السِّمَنِ والهُزَالِ ، وهي التي كانت سَمِينَةً فَخَفَّتْ ، أَو كانت مَهزولةً ( فابتَدَأَتْ في السِّمَنِ ) .
( و ) من المَجاز : ( *!اقْتَدَّ الأُمورَ : ) اشتقَّها و ( دَبَّرَها ) ، وفي بعض الأُمَّهاتِ : تَدَبَّرَهَا ( ومَيَّزَها ) .
( و ) من المَجاز : ( *!اسْتقَدَّ ) له ( : اسْتَمَرَّ ) .
____________________

(9/18)



( و ) *!اسْتَقَدَّ الأَمْرُ ( : اسْتَوَى ) .
( و ) *!اسْتقَدَّتِ ( الإِبلُ : استقَامَتْ على وَجْهٍ واحِدٍ ) واستَمَرَّتْ على حالِها .
( *!وقَدْ ، مُخَفَّفة ) كلمةٌ معناها التَّوقُّع ، ( حعرْفِيَّة واسْمِيَّة ، وهي ) أَي الاسميّة ( على وَجْهَيْنِ ) :
الأَوّلُ ( اسمُ فِعْلٍ مُرَادِفةٌ لَيَكْفِي ) قال شيخنا : فهي بمنزِلة الفِعْل الذي تَنوب عنه ، فلتْزَمُها نُون الوِقَايَة نحو قولك : ( *!قَدْكَ دِرْهَمٌ ، *!وقَدْ زَيْداً دِرْهَمٌ ، أَي يَكْفِي ) ، فالاسمُ بعدَها يلْزَم نَصْبُه مفعولاً ، كما في يَكفِي .
( و ) الثاني ( اسْمٌ مُرَادِفٌ لِحَسْبُ ، وتُسْتَعْمَل مَبْنِيَّةً غَالِباً ) ، أَي عند البصريّين ، على السُّكون ، لشَبهها بقَد الحَرفيّة في لفظها ، وبكثير من الحروف الموضعة على حَرفينِ كعَنْ وبَلْ ونحوهما مثل ( قَدْ زَيْدٍ دِرْهَمٌ ، بالسكون ) أَي بسكون الدّالِ على أَصلِه مَحْكِيًّا ( و ) تُستعمل ( مُعْرَبةً ) أَي عند الكوفيّين نحو ( *!قَدُ زَيْدٍ ) دِرْهَمٌ ، ( بالرفع ) أَي برفع الدال .
( و ) أَمّا قَدْ ( الحَرْفِيَّةُ ) فإِنها ( مُخْتَصَّة بالفِعْل ) ، أَعمّ من أَن يكون ماضياً أَوْ مضارعاً ، ( المُتَصَرِّفِ ) ، فلا تَدخل على فِعْلٍ جامدٍ ، وأَما قولُ الشاعر :
لَوْلاَ الحَيَاءُ وأَنَّ رَأْسِيَ قَدْ عَسَى فِيهِ المَشِيبُ لَزُرْتُ أُمَّ القَاسِمِ
فعَسَى فيه ليست الجامِدَة ، بل هي فِعْلٌ متصرِّفٌ معناه اشتَدَّ وظهرَ وانتَشَر ، كما سيأْتي ، ( الخَبَرِيِّ ) ، خرجَ بذالك لأَمْرُ ، فإِنه إِنشاءٌ ، فلا تَدخل عليه ، ( المُثْبَتِ ) ، اشترطه الجماهيرُ ، ( المُجَرَّدِ مِن جَازِمٍ وناصِبٍ ، وحَرْفِ تَنْفِيسٍ ) قال شيخُنا : هاذه كلُّها شُرُوطٌ في دُخولها على المضارِع ، لأَن غالِبَ النواصبِ والجوازم تَقتضي الاستقبالَ المَحْضَ ، وكذالك حَرْفَا التنفيسِ ( و ) قد موضوعة للحال كما بُيّن في المُطَوَّلات .
( ولها سِتَّةُ مَعَانٍ ) :
الأَوّل ( التَّوَقُّعُ ) ، أَي كون الفِعْل مُنْتَظَراً مُتَوَقَّعاً ، فتَدخل على الماضي
____________________

(9/19)


والمضارع . نحو ( قد يَقْدَمُ الغائبُ ) ، فتدُلّ على أَن قُودمَ الغائب منتظَرٌ ، وقد أَجْحَف المُصنِّف فلم يأْتِ بمثالِ الماضي ، بناءً على زَعْمِه أَنَّهَا لا تكون للتوقُّعِ مع الماضي ، لأَن التوقُّعَ هو انتظارُ الوُقُوعه ، والماضي قد وَقَعَ ، وقد ذَهَبَ إِلى هاذا القولِ جماعَةٌ من النُّحاةِ ، وقال الذين أَثبتوه : معنَى التوقّعِ مع الماضي أَنها تَدُلُّ على أَنه كان مُنْتَظَراً ، تقول : قد رَكِبَ الأَميرُ . لِقومٍ كانوا يَنتظرون هاذا الخبر ويَتوقَّعُون ثُبوتَ الفِعْل ، كما قاله ابنُ هِشام .
( و ) الثاني ( تَقْرِيبُ الماضِي مِن الحَال ) ، وهو مُقْتَضَى كلامِ الشيخِ ابنِ مالك أَنها مع المضاي تُفِيد التقريبَ ، كما جزمَ به ابنُ عُصفورٍ ، وأَن من شَرْطِ دُخولِها كَوْنَ الفِعْل مُتَوقَّعاً ، نحو ( قد قام زَيْدٌ ) ، وقال أَبو حيّان في شرْح التَّهسيل : لا يتحقَّق التَّوقُّع في قَدْ ، مع دخوله على الماضي ، لأَنه لا يُتَوَقَّع إِلا المُنتَظَرُ ، وهاذا قد وَقعَ ، وأَنكرَه ابنُ هِشامٍ ، في المُغنِي فقال : والذي يَظهر لي قولٌ ثالِثٌ ، وهو أَنها لا تُفيد التَّوقُّعَ أَصْلاً ، فراجِعْه ، قال شيخنا : والذي تَلقَّيْنَاه من أَفواهِ الشيوخِ بالأَندَلس أَنها حَرْفُ تَحقيقٍ إِذا دخلَتْ على الماضِي ، وحرْفُ تَوقُّعٍ إِذا دخلَتْ على المستقبَل ، وأَقرَّه صاحب هَمْع الهوامِع ، وعليه مُعْتَمَدُ الشيوخ .
( و ) الثالث ( التَّحْقِيقُ ) ، وذالك إِذا دخلَتْ على الماضي ، كما ذُكر قريباً ، نحو قوله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } ( سورة الشمس ، الآية : 9 ) وزاد ابنُ هشَام في المغني : وعلى المضارع ، كقوله تعالى : { قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ } ( سورة النور ، الآية : 64 ) .
( و ) الرابع ( النَّفْيُ ) ، فِي اللسان نقلاً عن ابنِ سيدَه : وتكون قَدْ بمنزلةِ ما ، فيُنْفَى بها ، سُمِعَ بعض الفصحاءِ يقول ( قد كُنْتَ فِي خَيْرٍ فَتَعْرِفَه ، بنصب تَعْرِف ) ، قال في المغنى : وهاذا غرِيبٌ ، وإِليه أَشار في التسهيل بقوله : ورُبَّمَا نُفِيَ بقد فنُصِب الجوابُ بعدها .
( و ) الخامس ( التَّقْلِيل ) ، ذكره الجماهيرُ ، وأَنكره جماعةٌ ، قال في
____________________

(9/20)


المغنى : هو ضَرْبَانِ : تَقلِيلُ وُقُوعِ الفعلِ ، نحو ( قَدْ يَصْدُق الكَذُوبُ ) وقد يَجُودُ البَخِيلُ ، وتَقْلِيلُ مُتَعَلَّقِةِ نحو { قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ } أَي ما هم عليه هو أَقلُّ معلوماتِه ، قال شيخنا : وزعمَ بعضُهم أَنها في هذه الأَمثلة ونحوِها للتحقيق ، وأَن القتليلَ في المِثَالينه الأَوّلينه لم يُسْتَفَدْ مِن قَدْ ، بل من قولِكَ : البخيل يجود ، والكذوب يصدق ، فإِنه إِن لم يُحْمَل على أَنّ صُدُورَ ذالك منهما قليلٌ كان فاسداً ، إِذ آخِرُ الكلامِ يُناقِض أَوَّلَه .
( و ) السادس ( التَّكْثِيرُ ) ، في اللسان : وتكون قَدْ مع الأَفعال الآتِيَةِ بمنْزِلَة رُبَّما ، قال الهذليُّ :
( قَدْ أَتْرُكُ القِرْنَ مُصْفَرًّا أَنامِلُه )
كَأَنَّ أَثْوَابَهُ مُجَّتْ بِفِرْصَادِ
قال ابن بَرِّيّ : البيتُ لعَبيد بن الأَبرص ، انتهى ، وقاله الزَّمخشريُّ في قوله تعالى : { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَآء } ( سورة البقرة ، الآية : 144 ) قال : أَي رُبَّمَا نَرى ، ومعناه تَكثيرُ الرُّؤْية ، ثم استشهد ببيت الهُذليّ . قال شيخنا : واستشهد جَمَاعَةٌ من النَّحويين على ذالك ببيت العَروضِ :
قَدْ أَشْهَدُ الغَارَةَ الشَّعْوَاءَ تَحْمِلُني
جَرْدَاءُ مَعْرُوقَةُ اللَّحْيَيْنه سُرْحُوبُ
وفي التهذيب : وقد حَرْفٌ يُوجَبُ به الشيءُ كقولك ، قد كان كذا وكذا ، والخبر أَن تقول : كان كذا وكذا فأُدْخِلَ قَدْ توكيداً لتصديق ذالك ، قال : وتكون قدْ في موضع تُشبه رُبَّما ، وعندها تَمِيلُ قَدْ إِلى الشَّكّ ، وذالك إِذا كانت مع الياءِ ( والتاءِ ) والنون والأَلف في الفِعْل ، كقولك : قد يكون الذي تقول . انتهى . وفي البصائر للمصنِّف : ويجوزُ الفَصْل بينه وبين الفِعْل بالقَسَمِ ، كقولك : قد والله
____________________

(9/21)


أَحْسَنْت ، وقد لَعَمْرِي بتّ ساهِراً . ويجوز طَرْحُ الفِعْل بَعْدَهَا إِذَا فُهِم ، كقولِ النابغة :
أَفِدَ التَّرَحُّلُ غَيْرَ أَنَّ رِكَابَنَا
لَمَّا تَزُلْ بِرِحَالنَا وكَأَنْ *!قَدِ
أَي كأَن قَدْ زَالَتْ ، انتهى . وفي اللسان : وتكون قَدْ مثل قَطْ بِمنزلة حَسْب ، تقول : مالَك عندي إِلاَّ هذا *!فَقَدْ ، أَي فَقَطْ ، حكاه يَعقوبُ ، وزعم أَنه بَدَلٌ . ( وقَوْلُ الجَوْهَرِيِّ : وإِنْ جَعَلْتَهُ اسْماً شَدَّدْتَه ) ، فتقول كتَبْتُ *!قَدًّا حَسَنَةً ، وكذلك كَيْ وهُو ولَوْ ، لأَن هاذه الحروف لا دَليلَ على ما نَقَص منها ، فيَجِبُ أَن يُزَادَ في أَواخِرِهَا ما هو جِنْسها وتُدْغَم إِلاَّ في الأَلف فإِنك تَهْمِزُها ، ولو سمَّيْتَ رَجُلاً بلا ، أَو ما ، ثم زِدْت في آخِره أَلفاً هَمَزْتَ ، لأَنك تُحَرِّك الثانِيةَ ، والأَلِف إِذا تَحَرَّكَتْ صارَتْ هَمزةً ، هاذا نصُّ عبارةِ الجوهريِّ ، وهو مَذْهَب الأَخفشِ وجَمَاعَةٍ من نُحَاةِ البَصْرَةِ ، ونَقلَه المُصنِّف في البصائر ، له ، وأَقرَّه ، وقال ابنُ بَرِّيَ : وهاذا ( غَلَطٌ ) منه ( وإِنَّما يُشَدَّدُ ما كانَ آخِرُه حَرْفَ عِلَّةٍ ) . وعبارةُ ابنِ بَرِّيَ : إِنما يكون التَّضْعِيفُ في المُعْتَلِّ ( تَقُولُ في هُو ) اسم رجل : هاذا ( هُوّ ) وفي لَوْ : هاذا لَوّ ، وفى في هاذا فِيّ ، ( وإِنَّمَا شُدِّدَ لئلاَّ يَبْقَى الاسمُ على حَرْف واحد ، لسكون حَرْفِ العِلَّةِ مع التَّنْوِينِ ، وأَمَّا قَدْ إِذا سَمَّيْتع بها تَقولُ ) هاذا ( قَدٌ ) ورأَيتُ قَداً ومررتُ بِقَدٍ ، ( و ) في ( مَنْ ) : هاذا ( مَنٌ ، و ) في ( عَنْ ) هاذا ( عَنٌ ، بالتخفيفِ ) في الكُلِّ ( لا غَيْرُ ، ونظيرُه يَدٌ ودَمٌ وشِبْهُهُ ) . تقول : هاذه يَدٌ ورأَيتُ يَداً ومررْت بِيَدٍ ، وقد تَحامَلَ شيخُنَا هنا على المُصَنِّف ، ونَسبه إِلى القُصور وعَدمِ الاطِّلاعِ على حَقِيقةِ مَعْنَى كلام الجوهريّ ما يقضي به العَجَب ، سامَحه الله تعالى ، وتجاوز عن تَحامُله .
( ) ومما يستدرك عليه :
القِدُّ ، بالكسر : الشيْءُ المَقْدُودُ بِعَيْنِه . والقِدُّ : النَّعْلُ لم يُجَرَّد من الشَّعَر ، ذكرهما المُصنّف في البصائر ، له . قلت : وفي اللسان بعد إيراد
____________________

(9/22)


الحَدِيث ( لَقَابُ قَوحسِ أَحَدِكم ) إِلى آخره : وقال بعضُهم : يجوز أَن يكون القِدُّ النَّعْلَ ، سُمِّيت قِدًّا لأَنها تُقَدُّ مِن الجِلْدِ ، وروى ابنُ الأَعرابيّ :
كسِبْتِ اليَمَانِي قِدُّهُ لَمْ يُجَرَّدِ
بالجيم ، اي لم يُجَرَّد من الشَّعْرِ ، فيكون أَلْيَنَ له ، ومن روَى : قَدُّه بالفتح ، ولم يُحَرَّد ، بالحاءِ ، أَراد : مِثَالُه لم يُعَوَّج ، والتحْرِيد : أَن تَجْعَلَ بعضَ السَّيْرِ عَريضاً وبعضَه دَقيقاً ، وقد تَقدَّم في موضعه .
والمَقَدُّ بالفتح : مَشَقُّ القُبَل . وقولُ النابِغَة .
ولِرَهْطِ حَرَّابِ وقَدَ سَوْرَةٌ
فِي المَجْدِ لَيْسَ غُرَابُهَا بِمُطَارِ
قال أَبو عُبيد : هما رَجلانِ من بني أَسَدٍ . وفي حديث أُحُدٍ : ( كان أَبو طَلْحَةَ شَدِيدَ اقَدِّ ) إِن رُوِيَ بالكَسر فيريد به وَتَرَ القَوْسِ ، وإِن رُوِيَ بالفتح فهو المَدُّ والنَّزْعُ في القَوْسِ ، وقول جَريرٍ :
إِنَّ الفَرَزْدَقَ يَا مِقْدَادُ زَائِرُكُمْ
يا وَيْلَ قَدَ عَلَى مَنْ تُغْلَقُ الدَّارُ
أَراد بقوله ( يا وَيْلَ *!قَدَ ) يا ويل مِقْدَادٍ ، فاقتصر على بَعْضِ حُروفِه ، وله نظائرُ كَثيرةٌ .
وذَهبتِ الخَيْلُ *!بِقِدَّان . قال ابنُ سيدَه : حكاه يعقوبُ ولم يُفَسِّرْه .
والشريف أَبو البركات أَحمد بن الحسن بن الحسين بن أَبي *!قَدَّادٍ الهاشميّ ، ككَتَّان ، عن أَبي محمّد الجوهريّ .
وكغُرَاب *!قُدَادُ بنُ ثَعلبَةَ الأَنمارِيُّ جاهِلِيٌّ .
*!وقَدِيدَةُ ، كسَفينة : لقبُ أَبي الحسن موسى بن جعفر بن محمد البَزَّاز ، ما سنة 295 .
وبالتصغير ، عَلِيُّ بن الحَسَن بن *!قُدَيْدِ
____________________

(9/23)


المِصرِيّ ، روى عنه ابنُ يُونس فأَكْثَرَ .
وكَأَمِيرٍ ، *!قَدِيدُ القلمطاي ، أَحد أُمراءِ مصرَ ، حَجَّ أَمِيراً ، وولدُه رُكنُ الدينِ عُمرُ بن قَدِيد ، قَرَأَ على العِزِّ بن جَمَاعَةَ وغيرِه ، مولده سنة 785 .
قرد : ( القَرَدُ ، مُحرَّكَةً : ما تَمَعَّطَ مِنَ الوَبَرِ والصُّوفِ ) وتَلَبَّدَ ، وفي الرَّوْض ؛ وهو رَدىءُ الصُّوفِ . وفي النّهاية : هو ما يكون من الصُّوفِ والوَبَرِ وما لُقِطَ منهما ، وأَنشدوا :
لَوْ كُنْتُمُ صُوفاً لَكُنْتُمْ قَرَدَا
أَوْ كُنْتُمُ مَاءً لَكُنْتُمْ زَبَدَاأَو كُنْتُمُ لَحْماً لَكُنْتُمْ غُدَدَا
أَو كُنْتُمُ شَاءً لَكُنْتُمْ نَقَدَا
أَو كُنْتُمُ قَوْلاً لكنتُمْ فَنَدَا
( أَو نُفَايَتُه ) أَي الصُّوف ، ثم استُعمل فيما سِواه من الوَبَرِ والشَّعرِ والكَتَّانِ ، وقال الفرزدَقُ :
سَيَأْتِيهِمْ بِوَحْيِ القَوْلِ عَنِّي
ويُدْخِلُ رَأْسَه تَحْتَ القِرَامِ
أُسَيِّدُ ذُو خُرَيِّطَةٍ نَهَاراً
مِن المُتَلَقِّطِي قَرَدِ القُمَامِ
يعني بالأُسَيِّد هنا سُوَيْدَاءَ . وقال : من المُتَلقِّطِي ، ليُثبِت أَنَّها امرأَةً ، لأَنّه لا يَتَتَبَّعُ قَرَدَ القُمَامِ إِلاّ النساءُ .
( و ) القَرَدُ ( : السَّعَفُ سُلَّ خُوصُها ، واحدَتُه ) القَرَدَةُ ( بهاءٍ ) .
( و ) القَرَدُ أَيضاً ( : شَيْءٌ لازِقٌ بالطُّرْثُوثِ كأَنَّه زَغَبٌ ) ، نقلَه الصاغانيُّ .
( و ) قولهم ( عَثَرَتْ ) ، وفي بعض الروايات : عَكَرَتْ ، أَي عَطَفَت ، كما في الصّحاح ، وأَورده أَهلُ الأَمثال بالوجهينِ ، ( عَلَى الغَزْلِ بِأَخَرَة ) ، مُحَرَّكةً ، ( فَلَمْ تَدَعْ بِنَجْدٍ قَرَدَةً ) هاذا ( مَثَلٌ ) من أَمثالهم يَضْرِبونه ( لمَنْ تَرَكَ الحَاجَةَ مُمْكِنَةً وطَلَبَهَا فائِتَةً ، وأَصلُه ) أَي المثل ( أَن تَتْرُكَ المرأَةُ الغَزْلَ وهي تَجِدُ ما تَغْزِلُه ) من
____________________

(9/24)


قُطْن أَو كَتَّان أَو غيرِهما ( حَتَّى إِذَا فَاتَهَا تَتَبَّعَتِ القَرَدَ في القُمَامَاتِ ) مُلْتَقِطَةً ، فما وجدَتْه فيه وهي المزابلُ تَلتقِطُه فتَغْزِلُه .
( وقَرِدَ الشَعرُ ) والصوفُ ، ( كفَرِحَ ) ، يَقْرَد قَرَداً ( : تَجَعَّدَ ) وانعقدت أَطرافُه ، ( كَتَقَرَّدَ ) ، إِذا تجمَّع .
( و ) قَرِدَ ( الأَدِيمُ ) يَقْرَد قَرَداً ( : حَلِمَ ) ، أَي فَسَدَ .
( و ) قَرِدَ ( الرَّجُلُ : سَكَتَ عِيًّا ) ، وقيل : ذَلَّ وخَضَع ، ( كأَقْرَدَ وقَرَّدَ ) ، قال ابنُ الأَعرابيّ : أَقرَدَ الرجلُ إِذا سَكَتَ ذُلاًّا . وأَخْرَدَ ، إِذا سَكَتَ حَياءً ، وهو مَجاز ، ومنه الحَديث ( إِيَّاكم والإِقْرَادَ ) . وأَصله أَن يَقَعَ الغُرَابُ على البَعيرِ فيَلْتَقِطَ القِرْدَانَ فَيَقِرَّ وَيَسْكُنَ لِمَا يَجِدُه مِن الرَّاحَةِ . وفي حديث عائشةَ رضي الله عنها : ( كان لَنَا وَحْشٌ فإِذا خَرَج رسولُ الله صلى الله عليه وسلمأَسْعَرَنَا قَفْزاً ، فإِذا حَضَر مَجِيئُه أَقْرَدَ ) . أَي سَكَنَ وذَلَّ .

تابع كتاب ( و ) من المجاز : قَرِدَتْ ( أَسْنَانُه ) قَرَداً : ( صَغُرَتْ ) ولَحِقَتْ بالدُّردُرِ . وإِنّه قَرِدُ الفَمِ .
( و ) من المَجاز : قَرِدَ ( العِلْكُ ) قَرَداً ( : فَسَدَ طَعْمُه ) . وفي الأَساس : مَمْضَغَتُه .
( و ) قَرَدَ لِعِيَالِه ، ( كضَرَبَ ) ، قَرْداً ( : جَمَعَ وكَسَبَ . و ) قَرَدَ ( فِي السِّقَاءِ ) يَقرِد قَرْداً ، وفي الأَفال لابنِ القَطَّاع : في الإِناءِ ، بدل السِّقاءِ ( : جَمَعَ سَمْناً ) . وعليه اقتصر أَئمَّةُ الغَريب ، ( أَوْ لَبَناً ) ، كقَلَدَ ، بلام ، وقال شَمِرٌ : لا أَعرفه ولم أَسمعه إِلاَّ لأَبي عُبيدٍ . والقَلْدُ : جَمْعُك الشيءَ على الشيءِ من لَبَنٍ وغَيْرِه .
( و ) القَرِدُ ( ككَتِفٍ : السَّحابُ المُنْعَقدُ المُتَلَبِّدُ ) بَعْضُه على بَعْضٍ ، شُبِّه بالوَبَرِ القَرِدِ ، كذا في المحكم ، وفي التهديب : القَرِدُ من السّحابِ : الذي تَراه في وَجْهِه شِبْهُ انْعِقادٍ في الوَهمِ ، يُشَبَّه بالشَّعرِ القَرِدِ الذي انعَقدَتْ أَطرافُه ؛ وقال : أَبو حنيفةَ : إِذا رأَيتَ السَّحَابَ مُتَلَبِّداً
____________________

(9/25)


ولا يَمْلاَسّ فهو القَرِدُ والمُتَقَرِّدُ . وسحابٌ قَرِدٌ وهو المُتَقَطِّع في أَقْطَار السَّماءِ يرْكَب بعضُه بَعْضاً .
( و ) من المَجاز أَيضاً : ( فَرَسٌ قَرِدُ الخَصِيلِ ، ) إِذا كان ( غَيْر مُسْتَرْخٍ ) وأَنشد :
قَرِد الخَصِيل وفِي العِظَامِ بَقِيَّةٌ
( و ) القَرَدُ ، ( بالتحريك : هَنَاتٌ صِغَارٌ تَكُونُ دُونَ السَّحَابِ لم تَلْتَئِمْ ) بعْدُ ، ( كالمُتَقَرِّدِ ) ، هاكذا في النسخ ، وفي بعضها : كالمُتَقَرِّدة وقد تَقدّم قَولُ أَبي حنيفةَ في المُتَقرّد .
( و ) القَرَدُ مُحَرَّكَةً ( : لَجْلَجَةٌ في اللِّسَانِ ) ، عن الهَجَريّ ، وحَكَى : نِعْمَ الخَبَرُ خَبَرُك لولا قَرَدٌ في لِسَانِك . وهو من أَقْردَ ، إِذا سَكَتَ ، لأَن المُتلَجْلِجَ لِسَانُه يَسْكُت عن بعض ما يُريد الكلاَمَ به .
( و ) من المَجاز : هو حَسَنُ قُرَادٍ الصَّدْرِ ، وقَبِيحُ قُرَادِ الصَّدْرِ . القُرَادُ ( كغُرَابٍ حَلَمَةُ الثَّدْيِ ) ، هما قُرَادَانِ ، قال عَدِيُّ بنُ الرِّقَاعِ يمدَح عُمَرَ بنَ هُبَيْرَةَ ، وقيل هو لِمِلْحَةَ الجَرْمِيّ :
كَأَنَّ قُرَادَىْ زَوْرِه طَبَعَتْهُمَا
بِطِينٍ مِنَ الجَوْلاَنِ كُتَّابُ أَعْجَمِ
إِذَا شِئْتَ أَنْ تَلْقَى فَتَى البَأْسِ والنَّدَى
وذا الحَسَبِ الزَّاكهي التَّلِيدِ المُقَدَّمِ
فَكُنْ عُمَراً تَأْتِي وَلاَ تَعْدُوَنَّه
إِلى غَيْرِه واسْتَخْبِرِ النَّاسَ وَافْهَمِ
عَنَى به حَلَمَتَيِ الثَّدْيِ . وقال أَبو الهَيْثَم : القُرَادَانِ من الرجُلِ أَسْفَل الثُّنْدُوَة ، يقال : إِنهما منه لَطيفانِ كأَنهما في صَدْرِه أَثَرُ طِينِ خَاتَمٍ خَتَمَه بعضُ كُتَّاب العَجَمِ ، وخَصَّهُم لأَنهم كانوا أَهْلَ دَوَاوِينَ وكِتَابةٍ .
( و ) القُرَادُ ( : حَلَمَةُ إِحْلِيلِ الفَرَسِ ) ، وهما أَيضاً قُرَادانِ ، حَلمتانِ عن جانِبيْ إِحْليلِه . ( و ) القُراد : ( دُوَيْبَّةٌ ) معروفةٌ تَعَضُّ الإِبلَ ، وقال :
لَقَدْ تَعلَّلْتُ عَلَى أَيَانِقِ
صُهْبٍ قَليلات القُرادِ اللاَّزقِ
____________________

(9/26)



أَي أَن جُلودَها مُلْسٌ لا يَثْبُت عليها قُرَادٌ إِلاَّ زَلِقَ لِأَنها سِمَانٌ مُمْتلِئة ( كالقُرْدِ ، بالضمِّ ) كأَنَّه أَخذَه من قَوْلِ جَريرٍ .
وَأَبْرَأْتُ مِن أُمِّ الفَرزْدَقِ نَاخِساً
وقُرْدُ اسْتِهَا بَعْدَ المَنَامِ يُثِيرُهَا
ويُضْرَب بِه المَثَلُ فيقال ( أَذَلُّ مِن قُرَادٍ ) و ( أَسْفَلُ مِنْ قُرادٍ ) ( ج قِرْدَانٌ ) ، بالكسر ، جمع الكَثْرَةِ ، وأَقْرِدَة ، في القِلَّة ، كما في اللسان .
( وبَعِيرٌ قَرِدٌ ) ، كفَرِحٍ ( : كَثِيرُهَا ) أَي القِرْدَانِ ، وبه فَسَّر ابنُ سِيدَهْ قَوْلَ مُبَشِّر بن هُذَيلِ بن زَاخِرٍ الفَزارِيِّ :
أَرْسَلْتُ فِيها قَرِداً لُكَالِكا
وأَما ثَلبٌ فقال : هو المُتجَمِّعُ الشَّعَرِ . قال ابن منظور : والقَوْلانِ مُتَقَاربان ، لأَنه إِذا تَجَمَّعَ وَبَرُه كَثُرتْ فيه القِرْدَانُ .
( و ) من المجاز ( قَرَّدَه تَقْرِيداً : انْتَزَع قِرْدَانَه ) ، وفيه مَعنى السَّلْبِ . وتقول منه : قَرِّدْ بَعيرَك ، أَي انْزِعْ منه القِرْدَانَ . وقَرَّدَه الغُرَابُ : وَقَعَ عليه يَلْتَقِط القِرْدَانَ .
( و ) قَرَّدَ تَقْرِيداً : ( ذَلَّلَ ) ، وهو من ذلك ، لأَنّه إِذا قُرِّدَ سَكَنَ لذلك ( وذَلَّ وخَضَعَ ) ومنه قول الشاعرِ :
إِذَا نَزَلَتْ بَنُو لَيْثٍ عُكَاظاً
رَأَيْتَ عَلَى رُؤُوسِهِمْ الغُرَابَا
( و ) من المَجاز : قَرَّدَ تَقْرهيداً ( : خَدَعَ ) وو مُشْتَقٌّ من ذالك ، لأَن الرجلَ إِذا أَرادَ أَن يَأْخُذَ البَعيرَ الصَّعْبَ قَرَّدَه أَوَّلاً ، كأَنَّه يَنْزِع قِرْدَانَه . وفي اللسان : ويقال فُلانٌ يُقَرِّد فُلاناً ، إِذا خادَعَه مُتَلطِّفاً ، وأَصلُه الرجلُ يَجىءُ إِلى الإِبل لَيلاً لِيَرْكَب منها بَعِيراً ، فيَخَافُ أَن يَرْغُوَ ، فيَنْزِعُ منه القُرادَ حتّى يَستأْنِس إِليه ثم يَخْطِمُه .
( والقُرَادُ بنُ صالِحٍ ، و ) القُرَاد لَقَبُ عبد الرحمان ( بنْ غَزْوَانَ ) الخُزاعيّ المُؤَدِّب ( وابناه مُحمَّدٌ وعبدُ
____________________

(9/27)


الله ) ، وحَفِيده أَبو بكر عبد الله بن محمد ، ( مُحَدِّثُونَ ) ، قيل : كان أَبو بكر هاذا وأَبوه يَضعَانِ الحَدِيث .
( والقَرُودُ ) ، كصَبور ( : بَعِيرٌ لا ينْفِرُ عن التَّقْرِيدِ ) ، وفي بعض الأُمَّهات : عند التقريد .
( و ) يقال : أَخذَه بِقَرْدِه ، ( القَرْدُ : العُنُقُ ) كقولك بِصُوفِه ، ( مُعَرَّبٌ ) قال ابنُ الأَعرابيّ : فارِسيّة . وفي التهذيب : القَرْدُ : لُغَةٌ في الكَرْدِ ، وهو العُنُق ، وهو مَجْثَمُ الهَامَةِ على سَالِفَة العُنُقِ ، وأَنشد :
فَجَلَّلَهُ عَضْبَ الضَّريبَةِ صَارِماً
فَطَبَّقَ مَا بَيْنَ الضَّريبَةِ والقَرْدِ
( و ) في التهذيب : وأَنشد شَمِرٌ في القَرْدِ ( القَصِير ) .
أَوْ هِقْلَةٌ مِنْ نَعَامِ الجَوِّ عَارَضَها
قَرْدُ العِفَاءِ وفي يَافُوخهِ صَقَعُ
قال : الصَّقَعُ : القَرَعُ . والعِفَاءُ : الرِّيش ، والقرْدُ : القَصير .
( و ) القِرْدُ ( بالكسر : ) حيوانٌ ( م ) أَي معروف ، واحدته قِرْدَةٌ ، وجمعها قِرَدٌ ، كعِنَبٍ ، وقد أَغفله المُصَنِّف ، قاله شيخُنا وكان الأَوْلعى تَمثيلهُ بِقِرْبَةٍ وقِرَبٍ ، ( ج أَقْرَادٌ ) كحِمْلٍ وأَحمالٍ وأَقْرُدٌ ( وقُرُودٌ وقِرَدٌ ) كعِنَبٍ ( وقِرَدَةٌ ) كفِيَلَةٍ ( وقَرِدَةٌ ، بفتحِ القافِ وكَسْرِ الراءِ ) . قال شيخنا : وهاذا الوزنُ لا يُعْرَف في الجُموع إِلاّ إِذا كانت اسم جِنْسٍ جَمْعِيَ كاللَّبِنه واللَّبِنَةِ . والقَرَّادُ ( سائِسُهُ ) .
( وقِرْدُ بنُ مُعاوِية ) بن تَميمِ بن سَعْد بن هُذيلٍ ( خِذَلِيٌّ ) ، منهم أَبو ذُؤيب خُوَيْلد بن خالدٍ الشاعرُ ، ( ومنه ) المَثَلُ ( ( أَزْنَى مِنْ قِرْدٍ ) ) قاله أَبو عُبَيد . ( أَو لأَنَّ القِرْدَ أَزْنَى الحَيَوَانِ ) . وهو
____________________

(9/28)


قولُ الجمهوري ، ( وزَعَمُوا ) أَنه ( زَنَى قِرْدٌ في الجاهِلِيَّةِ فرَجَمَتْهُ القُرُودُ ) . ذكروه في تَرجمة عَمرِو بن مَيْمُونٍ أَحدِ رجال البُخَاريّ .
( و ) قَرْدَدٌ ( كمَهْدَدٍ : جَبَلٌ ) . قال سيبويه : دالُه مُلْحِقَةٌ له بجَعْفَر ، وليس كمَعَدَ ، لأَن ذالك مَبْنِيٌّ على فَعَلَ من أَوَّلِ وَهْلَةٍ ، ولو كان قَرْدَدٌ كمَععدَ لم يظهر فيه المِثْلانِ ، لأَن ما أَصلُه الإِدغامُ لا يُخَرَّج على الأَصلِ إِلا في ضَرُورةِ شِعْرٍ .
( و ) القَرْدَدُ ( : ما ارتَفَعَ من الأَرْضِ ) وقيل : وغَلُظَ . وفي الصّحاح : القَرْدَدُ : المكانُ الغليظُ المُرتفِعُ ، وإِنما أُظْهِر ( التضعيف ) لأَنه مُلْحَق بِفَعْلَلٍ ، والمُلْحَق لا يُدْغَم . انتهى ، وفي اللسان : ويقال للأَرْضِ المُسْتَوهية أَيضاً : قَرْدَدٌ . ومنه حديثُ قَيْسِ بن الجَارُودِ : ( قَطَعْتُ قَرْدَداً ) . وفي المحكم : القَرْدَدُ من الأَرضِ : قُرْنَةٌ إِلى جنْبِ وَهْدَةٍ ، وأَنشد :
مَتَى مَا تَزُرْنَا آخِرَ الدَّهْرِ تَلْقَنَا
بِقَرْقَرَةٍ مَلْسَاءَ لَيْسَتْ بِقَرْدَدِ
وقال الأَصمعيُّ : القَرْدَدُ : نحْوُ القُفِّ . قال الجوهريُّ : ( ج قَرَادِدُ ) قال : ( و ) قد قالوا : ( قَرَادِيدُ ) كَراهِيَةَ الدَّاليْنِ ، ( كالقُرْدُودَةِ ) ، بالضمّ . والقُرْدود ، بغير هاءٍ أَيضاً ، وهو ما ارتفَع من الأَرض وغَلُظَ ، قال ابنُ سِيدَهْ : فَعَلَى هاذا لا مَعْنَى لقولِ سِيبويهِ إِن القَراديدَ جَمْعُ قَرْدعد . وقال ابنُ شُمَيْلٍ : القُرْدُودةُ : ما أَشرفَ منها وغَلُظَ ، لا يُنْبِتُ إِلاَّ قَليلاً ، وكُلُّ شيءٍ منها حَدَبٌ وقال شَمِرٌ : القُرْدُودةُ : طَرِيقَةٌ مُنْقَادَةٌ كقُرْدُودَةِ الظَّهْرِ . ( وهي ) أَي القُردودة : اسمُ ( ع ) بعَينِه . ( و ) القُرْدُودة ( مِنَ الظَّهْرِ : أَعلاَه ) من كُلِّ
____________________

(9/29)


دابَّةٍ ، ومن الثَبَج : ما أَشْرَف منه ، وقال الأَصمعيُّ : السِّيسَاءُ : قُرْدُودَةُ الظَّهْرِ ، عن أَبي عمرٍ و : السِّيسَاءُ مِن الفَرَسِ : الحارِكُ . ومن الحِمَار : الظَّهْرُ ، قال الفَرزدَقُ :
ولاكِنَّهُمْ يُكْهِدُونَ الحَمِيرَ
رُدَافَى عَلَى العَجْبِ والقَرْدَدِ
( و ) الُرْدُودَة ( من الشِّتاءِ : شِدَّتُه وحِدَّتُه ) ، وقال أَبو مالك : تَمْضِي قُردُودةُ الشتاءه عَنَّا ، وهي جَدْبَتُه وشِدَّتُه .
( و ) يقال : ( جَاءَ بالحَدِيثِ عَلَى قَرْدَدِه ) وعلى سَمْتِ ، ( أَي ) جاءَ به على ( وَجْهِهِ ) .
( و ) عن أَبي سعيدٍ : ( القِرْدِيدَةُ ، بالكسر : صُلْبُ الكَلامِ ) ، وحكى عن أَعرابيَ أَنه قال : استَوْقَعَ الكلامُ فرَكِبْتُه ولم أَزْعْ عنه يَميناً ولا شِمَالاً . ( و ) عن أَبي زيد : القِرْدِيدة ( : الخَطُّ الذي وَسَطَ الظَّهْرِ ) . وقال أَبو مالكٍ : هي الفَقَارَةُ نَفْسُهَا . ( و ) القِرْدِيدَة من التَّتْرِ هي ( الكِرْدِيدَةُ ) ، وسياأتي في الكاف . ( و ) القِرْدِيدة ( : رَأْسُ الرَّجُلِ ) ، لارتفاعِه . ( و ) القِرْدِيدَة : أَعْلَى الجَبَل ، كالقُرْدُودَةِ .
( و ) قُرَدُ ، ( كزُفَرَ : ع ) ، عن الصاغانيّ .
( وأَقْرَدَ ) الرَّجلُ وقَرِدَ ( : سَكَتَ ) عَنْ عِيَ ، وقد تقدَّمَ . ( و ) أَقْرَدَ ( : سَكَن وذَلَّ وتَمَاوَتَ ) ، أَي أَظْهَر المَوْتَ وليس كذالك ، وأَنشد الأَحمرُ :
تَقُولُ إِذَا اقْلَوْلَى عَلَيْهَا وأَقْرَدَتْ
أَلاَ هَلْ أَخُو عَيْشٍ لَذِيذٍ بِدَائمِ
قال ابن بَرِّيَ : البيت للفرزْدَق يَذْكُر امرأَةً إِذا عَلاَهَا الفَحْلُ أَقْرَدَت وسَكَنَتْ وطلَبَتْ منه أَن يكونَ فِعْلُه دائماً مُتَّصِلاً .
( و ) القَرْدَى ، ( كَسَكْرَى : ع بالجَزِيرة ) وبقُرْبها قَرْيَةُ ثَمَانِينَ .
( والقَرَدِيَّةُ ، مُحَرَّكَةً : مَاءَةٌ بَيْنَ الحَاجِرِ ومَعْدِنِ النّقْرَةِ ) ، نقله الصاغانيّ .
( وذو قَرَد ) ، مُحرَّكةً ، ويقال ذو القَرَدِ ، وحكى السُّهَيْلِيّ فيه عن أَبي عليَ ضمَّ
____________________

(9/30)


القافِ والراءِ معاً ( : ع قُرْبَ المَدِينة ) على ساكنها أَفضلُ الصّلاةِ والسّلامِ ، وقال ابنُ الأَثير : ماءٌ ، على لَيلتينِ منها بينها وبين خَيْبرَ ، ( أَغَارُوا بِهِ عَلَى لقَاحِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلمفَغَزَاهُمْ ) ، ويقال لتلك الغَزْوَةِ : غَزْوَةُ ذِي قَرَدٍ . مَذكروة في كتب السِّيَر .
( ) ومما يستدرك عليه :
تَقَرَّدَ الدَّقيقُ : رَكِبَ بعضُه بعضاً ، قد جاءع ذِكْرُه في حديثِ عُمَرَ .
وأُمُّ القِرْدَانِ : المَوْضِعُ بين الثُّنَّةِ والحافِرِ .
وقَرِدَ الكُحْلُ في العَيْنِ . ، كفَرِحَ : تَقَطَّعَ ، كذا في أَفعال بنِ القَطَّاع .
ومن المجاز : رّلٌ قَرُودق : ساكِنٌ . وأَقْرَدَ الرجلُ : لَصِقَ بالأَرض . وأَقْرَدَ البَعيرُ : سارَ سَيْراً لَيِّناً لا يُحَرِّك راكِبَه .
ونَزَعْتُ قُرَادَا فُلانٍ ، أَي خَدَعْتُه ، كذا في الأَساس . والتِّقْرِدُ ، بالكسر : الكَرَوْيَاءُ ، وقيل : هي جَميعُ الأَبْزارِ ، واحِدَتها تِقْرِدةٌ ، وقد مَرَّ ذِكْره في التاءِ . وهنا ذكره غيرُ واحِدٍ من الأَئمَّة .
والقَرَدة ، محرَّكةً : ماءَةٌ أَسْفعلَ مِياه الثَّلَبُوتِ بنَجحدِ الرُّمَّة لبني نَعَامَةَ .
والقُرَادَة ، بالضَّمّ : ماءَةٌ قَريبةٌ من الرَّبَذَةِ ، أَظُنُّها لمُحَارِبٍ . كذا في المُعجم .
وبنو قُرَادٍ بَطْنٌ من بني فَهْرِ بن مَالِك . وقُرَادٌ أَبو نُوح ، مُحَدِّثٌ .
وقُرَادِدُ كعُلاَبِط : من قُرعى اليَمنِ .
وإِنه لقَرِدُ الفَمِ ، ككَتِفٍ ، إِذا كانَتْ أَسنانُه صِغاراً خِلْقَةً .
قرصد : ( القَرْصَدُ ) ، كجعفرَ ، أَهمله الجوهريّ وقال الأَزهريّ : هو ( القِصْرِيُّ ، فارسِيَّتُه كَفَهْ ) . وقال : ذكَرَه لي بعضُ من لا يُوثَق بعَربيَّته ، ولا أَدرِي ما صِحَّتُه .
قرمد : ( القَرْمَدُ ) ، بالفتح : كلُّ ( ما طُلِيَ به ) ، زاد الأَزهريّ : للزّينةِ ، ( كالزَّعْفَرانِ والجِصِّ ) ، وفي بعض الأُمّهات : كالجِصّ
____________________

(9/31)


والزعفرانِ ، وفي بعض النُّسخ من القاموس : والجِصُّ ، أَي والقَرْمَد الجِصّ . وقيل : القَرْمَدُ : شَيْءٌ كالجِصض يُطْلَى به . ( و ) قيل : القَرْمَد والقِرْمِيد ( حِجَارَةٌ لها خُروقٌ تُنْضَجُ ( و ) يُبْنَى بِها ) قال ابنُ دُريد : هو رُومِيٌّ تكلَّمت به العَربُ قديماً . قلت : وكذا في شَرْح الحَمَاسَة . وفي شِفَاءِ الغَلِيله أَن أَصلَه بالرُّوميّة كَرَامِيد . قال العَدَبَّسُ الكِنانيُّ : القَرْمَدُ : حِجَارةٌ لهَا نَخَارِيبُ ، وهي خُرُوقٌ يُوقَدُ عليها ، حتى إذا نَضِجَتْ قُرْمِدَتْ بها الحِيَاضُ والبِرَك ، أَي طُلِيَتْ ( و ) القَرْمَد ( : الخَزَفُ المَطْبُوخُ ) ، وأَنشد ابنُ السِّكِّيت قول الطِّرمَّاح :
حَرَجاً كَمِجْدَلِ هَاجِرِيَ لَزَّهُ
تَذْوَابُ طِبْخِ أَطِيمَةٍ لاَ تُخْمَدُ
قُدِرَتْ عَلَى مُثُلٍ فَهُنَّ تَوَائِمٌ
شَتَّى يُلائِمُ بَيْنَهُنَّ القَرْمَدُ
قال : القَرْمَدُ : خَزَفٌ يُطْبَخُ . والحَرَجُ : الطَّوِيلة . والأَطِيمَةُ : الأَتُون . وأَراد : تَذْوَابَ طَبْخِ الآجُرِّ . ( و ) القَرْمَدُ ( : الآجُرُّ ، كالقِرْمِيدِ ) بالكسر ، والمشهور على أَلسنتهم قَرَامِيدُ ، وقيل : هي شيءٌ شَبيهُ الآجُرِّ .
( و ) قَرْمَدُ ( : ع ) .
( والقُرْمُودُ ، بالضمّ : ثَمَرُ الغَضَى ) أَو ضَرْبٌ منه ، كالقُرْموط ، كذا في التهذيب . ( و ) القُرْمُود ( : ذَكَرُ الوُعُولِ ) قال الأَزهريُّ : والقَرَاميدُ والقَراهيدُ : أَولادُ الوُعُولِ ، واحدها قُرْمُودٌ . وأَنشد لا بن أَحمرَ :
مَا أُمُّ غُفْرٍ عَلَى دَعْجَاءِ ذِي عَلَق
يَنْفِي القَرَامِيدَ عَنْهَا الأَعْصَمُ الوَقِلُ
( والقِرْمِي : الإِرْدَبَّةُ ) ، عن الليث : وهي البالُوعَة الواسعَةُ من الخَزَف ، وقد تَقدَّم . ( و ) القِرْمِيدُ : ( الأُرْوِيَّةُ ) ، وهي أُنثَى الوُعُولِ ، وسيأْتي ، ( أُو هي ) وفي بعض النُّسخ : أَو هو ( تَصْحِيفٌ ) من الإِرْدَبَّة .
____________________

(9/32)



( وقَرْمَدَ الكِتَابَ ، و ) قَرْمَدَ ( فِي المَشْيِ ) ، كلاهما لغةٌ في ( قَرْمَطَ ) ، الأَخيرة عن الفَرَّاءِ .
( و ) يقال : ( ثَوْبٌ مُقَرْمَدٌ ) أَي ( مَطْلِيٌّ بِشِبْهِ الزَّعْفَرَانِ ) ، كالطِّيب ونَحْوِه . قال النابغَة يَصف رَكَبَ امرأَةٍ :
وإِذَ طَعَنْتَ طَعنْتَ في مُسْتَهْدِفٍ
رَابِى المَجَسَّة بِالعَبِيره مُقَرْمَدِ
أَي مَطْلِيّ كما يُطْلعى الحَوْضُ بالقَرْمَده ، وقيل : مُضَيَّقه . وذكر البُشْتِيُّ أَن عبدَ الملك بن مَرْوَانَ قال لشيخ من غَطَفَانَ : صِفْ لي النِّساءَ . فقال : خُذْهَا مَلِيسَةَ القَدَمَيْنِ ، مُقَرْمَدَةَ الرُّفَغَيْنِ . قال البُشْتِيُّ : المُقَرْمَدَة : المُجْتَمِعَة قَصَبُها . قال أَبو منصور : وهاذا باطِلٌ . مَعْنَى المُقَرْمدة الرُّفْغَيْنِ : الضَّيِّقَتُهَا ، وذالك لالْتفافِ فَخِذَيْهَا واكْتِنَازِ بَادِّيْهَا .
( وبَنَاءٌ مُقَرْمَدٌ : مَبْنِيٌّ بِالآجُرِّ والحِجَارَةِ ) . وفي بعض الأُمهات : أَو الحجارة . وقال الأَصمعيُّ : القَرَامِيد في كلامِ أَهْلِ الشام : آجُرُّ الحَمَّاماتِ ، وقيل : هي البروميّةِ قِرْمِيدَي ، وعن ابنِ الأَعرابيّ : يقال لِطَوابِيق الدَّارِ : القَرَامِيدُ ، واحدُهَا قِرْمِيدٌ ، ( أَو ) بِناءٌ مُقَرْمَدٌ ( : مُشْرِفٌ عَالٍ ) . وبه فَسَّر بَعْضُهم قولَ النابغةِ .
( ) ومما يستدرك عليه :
القَرْمَدُ : الصُّخور . والمُقَرْمَد : الضَّيِّقُ الناتِىءُ . وبه فُسِّر البيت أَيضاً وامرَأَةٌ مُقَرْمَدَذُ الرُّفْغَيْنِ : المُجْتَمِعَةُ قَصَبُها أَو هي الضَّيِّقَتُها .
قرهد : ( القُرْهُدُ ، بالضمّ : ) الغُلام ( التَّارُّ النَّاعِمُ الرَّخْصُ ) ، أَورده الأَزهريّ في الرُّباعِيّ ، عن اللَّيث ، وقال : هو تَصحيفٌ ، والصواب الفُرْهُد بالفاءِ .
( والقَرَاهِيدُ : الفَرَاهيد ) ، وهي صِغَارُ الغَنَم .
( ) ومما يستدرك عليه :
القَراهِيدُ : أَوْلادُ الوُعُول : رواه الأَزهريُّ .

____________________

(9/33)


قرند : ( كَثِيرُ بن قَارَوَنْدَاءَ ) ، أَهمله الجماعةُ ، وو بفتح الراءِ والوا وسكون النون ثم دال مهملة ممدوداً ، ( مِنْ أَتْبَاعِ التابِعِينَ ) ، كُنْيته أَبو إِسماعيلَ ، كُوفِيّ نَزَل البصْرَةَ ، قال الحافظُ : وهو من رِجال النَّسَائيّ ، مَقْبُولٌ ، من السابعة .
قزد : ( القَزْدُ ) ، أَهمله الجوهريّ ، وقال أَبو زيد وابنُ دُريدٍ : هو ( القَصْدُ ) ، وحكى أَبو حاتمٍ عن الأَصمعي أَنه أَنشده لِمُزاحِمٍ العُقَيْلِيّ :
فلاَ فَلاً لَمَّاعَةٍ مَنْ يَجُر بِها
عَنِ القَزْدِتَجْحَفْه المَنَايَا الجَوَاحِفُ
هاكذا رواه بالزاي ، قال ابنُ دريد : وأَكثرُ ما يفعلون ذالك إِذا كانت الزايُ ساكنةً . نقله الصاغانيّ . وقال شيخُنَا : صَرَّحوا بأَنه إِبدالٌ وليستْ لُغَةً مُستقِلّة .
قسد : ( القِسْوَدُّ كقِثْوَلَ ) أَهمله الجوهريّ ، وقال اللَّيث : هو ( الغَلِيظُ الرَّقَبَةِ القَوِيُّ ) من الرجالِ وأَنشد :
ضَخْمَ الذَّفَارِيَ قَاسِياً قِسْوَدَّا
قسبد : ( قُسْبَنْدٌ ، مثال فُعْلَلَ ) ، بضمّ فسكون ففتح ، أَهمله الجماعة ، قال المُصنّف : هاكذا ( ذَكَرُوه في الأَبْنِيَةِ ولم يُفَسِّروه ) لكونه فارِسِيّة ( وعِندي أَنه ) إِمّا ( مُعَرَّبُ كُسْبَنْدٍ ) ، فيكونُ مُرَكَّباً من كس بالكاف العربي وسكون السين المهملة : الهن ، وبَنْد بالفتح هو الرَّبْط . اسم ( لِمَا يُشَدُّ في الوَسَطِ ) شَبِيهاً بِحِزَامِ القِيلِيطَةِ ( أَو ) معرب ( كُوسْبَنْدَ ) ، فيكون مُفرَداً ، ويقال : كُوسفَند ، بالفَاءِ بدل الباءِ ، وقد تَسْقط الواو ، كُلّ ذلك بالكاف العجمي ، اسم ( لِلشَّاةِ ) ، وهاذا الذي ذكره المصنِّف هو الموافِق لقواعِد الفارِسِيّة ، فلا عِبْرَة بقول شيخِنا عند قوله : وعندي هو من الجَرَاءَة على الوَضْعِ وتَقْوِيلهم مالمْ يَقُولُوه ، ولا سيما بعدَ اعتِرافه بأَنهم لم يُفَسِّروه .
____________________

(9/34)


قلت : أَما عَدمُ تَفسيرِهم فلِكَوْنِه مُعَرَّباً ، ولم يكن من لسانهم ، وأَما المُصنّف فإِنه الفارِس في اللِّسَانينِ ، فله أَن يَقُول : عندي . ويختار ما اقتضَتْه القواعِدُ ويَرُدّ ما تُخَالِفه ، ثم قال : على أَن قَوْلَه لم يُفَسّروه كلامٌ لا أَصْلَ له . فقد ذكره أَبو حَيّان وفَسّر في شَرْح التَّسهيل بأَنّه الطويلُ العَظِيمُ العُنُقِ . قلت : قد كفانَا المُصَنِّف مُؤْنَة الجَوابِ ، فإِنه ذَكَره في التي تَلِيها . وأَما قُسْبَنْد فلا شَكَّ أَنه مُعَرَّب ، وهو ظاهر . والله أَعلمُ .
قشبد : ( القُشْبَنْدُ ) كالأَول إِلاّ أَن الشين مُعجَمَةٌ . أَهمله الجماعَة ، وقال أَبو حَيَّان في شرح التسهيل : هو ( الطَّوِيلُ العَظِميُ العُنُقِ ) ، وهاذا الذي ذكر شَيْخُنا أَنه ذكره أَبو حَيَّان في شرح التسهيل وفَسَّره ، فاشتبهَ عليه ، ( وهي بِهاءٍ ) .
قشد : ( القِشْدَةُ ، بالكسر : الثُّفْلُ يَبْقَى أَسْفَلَ الزُّبْدِ إِذَا طُبِخَ مَعَ السَّوِيقِ والتَّمْرِ ) . وفي المحكم ، مع السَّويق ليتَّخذ سَمْناف ، ( كالقُشَادَةِ ، بالضَّمِّ ) ، وقيل : هي ثُفْلُ السَّمْن ، ( و ) القِشْدَةُ ( : عُشْبَةٌ كَثِيرةُ اللَّبَنِ ) والإِهَالَةِ . ( و ) القِشْدَة : الزُّبْدَةُ ( الرَّقِيقَةُ ) ، هاكذا بالراءِ ، وفي بعض الأُمهات الدَّقيقةُ ، بالدال . قلت : وهاذا الذي ذَكره هو المَعروف عند العامّة الآنَ ، والطاءُ لُغةٌ فيه . وقال أَبو الهَيْثَم : إذا طَلَعَتِ البَلْدَةُ أُكِلْت القِشْدَةُ . قال : وتُسمَّى القِشْدَةُ الإِثْرَ والخِلاَصَةَ والأُلاَقَةُ ، وعن الكسائيّ : يقال لِثُفْلِ السَّمْنِ : القِلْدَة والقِشْدَة والكُدَادَة .
( وقَشَدَه ) لغة في ( قَشَطَهُ ) .
( ) ومما يستدرك عليه :
اقْتَشَدَ السَّمْنَ : جَمَعَهُ .
قصد : ( القَصْدُ : استقامَةُ الطَّرِيقِ ) ، وهاكذا في المُحكم والمُفْرَدات للراغب . قال الله تعالى في كتابه العزيز : { وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ } ( سورة النحل ، الآية : 9 ) أَي على الله تَبْيِينُ
____________________

(9/35)


الطريقِ المستقيمِ والدُّعَاءُ إِليه بالحُجَجِ والبَرَاهِينِ الوَاضِحَةِ ، { وَمِنْهَا جَآئِرٌ } ، أَي ومِنها طَرِيقٌ غيرُ قَاصِدٍ . وطَرِيقٌ قاصِدٌ سَهْلٌ مُستقيمٌ ، وسيأْتي ، ومثلُه في البصائرِ : وزاد في المفرداتِ : كأَنه يَقْصد الوَجْهِ الذي يَؤُمُّه السالِكُ لا يَعْدِل عنه ، فهو كنَهرٍ جارٍ ، وأَورده الزمخشريُّ في الأَساس من المجاز . ( و ) القَصْدُ ( الاعْتِمَادُ ، والأَمُّ ) تقول ( : قَصَدَه و ) قَصَدَ ( لَهُ و ) قَصَدَ ( إِلَيْهِ ) ، بمعنًى ، ( يَقْصدُه ) بالكسر ، وكذا يَقْصهد له ويَقْصِد إِليه . وفي اللسانِ والأَساس : القَصْدُ : إِتْيَانُ الشيْءِ ، يقال : قَصَدْتُ له وقَصَدْت إِليه . وإِليكَ قَصْدِي . وأَقْصَدَنِي إِليك الأَمْرُ . ( و ) من المجاز : القَصْدُ في الشيْءِ ( : ضِدُّ الإِفْراطِ ) ، وهو ما بين الإِسرافِ والتَّقْتِير ، والقَصْدُ في المَعِيشَة : أَن لا يُسْرِف ولا يُقَتِّرَ ، وقَصَدَ في الأَمْرِ لم : يَتجاوَزْ فيه الحَدَّ ، وَرَضِيَ بالتَّوَسُّطِ ، لأَنه في ذلك يَقْصِدُ الأَسَدَّ ، ( كالاقْتِصادِ ) ، يقال : فُلانٌ مُقْتَصِدٌ في المَعِيشة وفي النَّفَقَة ، وقد اقْتَصَد . واقْتَصَدَ في أَمرِه : استقامَ . وفي البصائر للمصنِّف : واقْتَصَدَ في النَّفَقَةِ : تَوَسَّطَ بين التَّقْتيرِ والإِسراف ، قال صلَّى الله صلى الله عليه وسلم ( ولا عَالَ مَن اقْتَصَدَ ) . ومن الاقتصاد ما هو مَحْمُودٌ مُطْلَقاً ، وذالك فيما له طَرفانِ : إِفراطٌ وتَفْرِيطٌ ، كالجُودِ ، فإِنه بين الإِسرافِ والبُخْلِ ، وكالشَّجاعَة ، فإِنها بين التَّهَوُّرِ والجُبْنِ . وإِليه الإِشارةُ بقولِه : { وَالَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ } ( سورة الفرقان ، الآية : 67 ) ومنه ما هو مُتَرَدِّدٌ بين المَحْمُودِ والمَذمومِ ، وهو فيما يقع بين محمودٍ ومَذمومٍ ، كالوَاقِع بين العَدْلِ والجَوْرِ ، وعلى ذلك قولُه تعالى : { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ } ( سورة فاطر ، الآية : 32 ) انتهى . وفي سرّ الصناعة لابن جِنّى : أَصلُ ق ص د ومَواقِعها في كلامِ العرب : الاعتِزامُ والتَّوَجُّه والنُّهُودُ والنُّهوضُ نحوَ الشيْءِ ، على اعْتِدَالٍ كانَ ذالك أَو جَوْرٍ ، هاذا أَصلُه في الحقيقة ، وإِن كان قد يُخَصُّ في بعْضِ المواضع بقَصْدِ الاستقامَة دُونَ المَيْلِ ، أَلاَ تَرَى أَنَّكَ تَقْصِدُ
____________________

(9/36)


الجَوْرَ تارَةً كما تَقْصِد العَدْلَ أُخْرَى ؟ فالاعتزامُ والتَّوَجُّه شامِلٌ لهما جَميعاً ( و ) عن ابن بُزُرْج : القَصْد ( : مُوَاصَلَةُ الشاعِرِ عَمَلَ القَصائدِ ) وإِطالَتُه ، ( كالاقْتِصادِ ) ، هاكذا في النُّسخ التي بأَيدينا ، والصواب : كالإِقْصَادِ ، قال :
قَدْ وَرَدَتْ مِثْلَ اليَمانِي الهَزْهَازْ
تَدْفَعُ عَنْ أَعْنَاقِها بِالأَعْجَازْ
أَعْيَتْ عَلَى مُقْصِدِنا والرَّجَّازِ
قال ابن بُزُرْج : أَقْصَدَ الشاعرُ ، وأَرْمَل ، وأَهْزَج ، وأَرْجَزَ ، من القَصِيد والرَّمَل والهَزَج والرَّجَز . ( و ) القَصْدُ ( : رَجُلٌ لَيْسَ بالجَسيمِ ولا بالضَّئيلِ ) ، وكُلُّ ما بَيْنَ مُسْتَوٍ غيرِ مُشْرِفٍ ولا ناقِصٍ فهو قَصْدٌ ، ( كالمُقْتَصِدِ والمُقَصَّدِ ، كمُعَظَّم ) ، والثاني هو المعروف وفي الحديث عن الجَرِيرِيّ قال ( كنت أَطوفُ بالبَيْتِ مع أَبي الطُّفَيل ، فقال : ما بقي أَحدٌ رأَى رسولَ الله صلى الله عليه وسلمغيري ، قال : قلتُ له : وَرَأَيْتَه ؟ قال : نعم ، قلتُ : فكيف كانَ صِفَتُه ؟ قال : كان أَبيضَ مَلِيحاً مُقَصَّداً : ) . قال : أَراد المُقَصَّدِ أَنه كان رَبْعَةً . وقال ابنُ شُمَيْلٍ : المُقَصَّدُ من الرجالِ يكون بمعنَى القَصْدِ وهو الرَّبْعَةُ . وقال الليث : المُقَصد من الرجال : الذي ليسَ بِجَسيمٍ ولا قَصيرٍ . وقد يُسْتَعْمَل هاذا النعْتُ في غير الرِّجال أَيضاً . وقال ابنُ الأَثير في تفسير المُقْصَّد في الحديث : هو الذي ليس بطَويلٍ ولا قَصيرٍ ولا جَسيم ، كأَنّ خَلْقَه نُحِيَ به القَصْدُ من الأُمورِ ، والمُعْتَدِل الذي لا يَمِيل إِلى أَحدِ طَرَفِي التفريطِ والإِفراط . ( و ) القَصْدُ ( : الكَسْرُ بأَيِّ وَجْهٍ ) . وفي بعض الأُمهات : في أَيّ وَجْهٍ ( كَانَ ) ، تقول : قَصَدْتُ العُودَ قَصْداً : كَسَرْتُه ( أَو ) هو الكَسْرُ ( بِالنِّصْفِ ، كالتَّقْصِيد ) قَصَدْتُه أَقْصِدُه ، وقَصَّدْتُه تَقْصيداً ( وانْقَصَدَ وتَقَصَّدَ ) ، أَنشد ثعلب :
إِذا بَرَكَتْ خَوَّتْ عَلَى ثَفِنَاتِهَا
عَلَى قَصَبٍ مِثْلِ اليَرَاعِ المُقَصَّدِ
شَبَّه صوْتَ الناقَة بالمَزاميرِ . وقد انقَصَد الرُّمْحُ : انكَسَرَ بِنِصْفِيْنِ حتى
____________________

(9/37)


يَبِينَ ، وفي الحديث : ( كانت المُدَاعَسَةُ بالرِّماحِ حتى تَقَصَّدَتْ ) . أَي تَكَسَّرَتْ وصارَت قِصَداً ، أَي قِطَعاً . ( و ) القَصْدُ ( : العَدْلُ ) قال أَبو اللحام التَّغْلبيّ :
عَلَى الحَكَمِ المَأْتِيِّ يَوْماً إِذَا قَضَى
قَضِيَّتَهَ أَنْ لاَ يَجُورَ وَيَقْصِدُ
قال الأَخفش : أَراد : ويَنْبَغِي أَن يَقْصِد ، فلما حَذَفه وأَوْقَع يَقْصِد مَوقِعَ يَنْبَغِي رفَعه ، لوقوعه موقع المَرْفُوعِ . وقال الفَرّاءُ : رَفعه للمخالفةِ ، لأَن معناه مُخَالِفٌ لما قَبْلَه ، فخُولِف بينهما في الإِعراب . قال ابن بَرِّيّ : معناه : على الحَكَمِ المَرْضِيِّ بِحُكْمهِ المَأْتِيِّ إِليه لِيَحْكُمَ أَن لا يَجُورَ في حُكْمِه ، بل يَقْصِد أَي يَعْدِل ، ولهاذا رفعه ولم يَنصبه عَطفاً على قوله أَن لا يَجُورَ ، لفسادِ المعنى ، لأَنه يَصيرُ التقديرُ عليه أَن ( لا يجوز وعليه أَن ) لا يَقْصِد ، وليس المَعْنَى على ذالك ، بل المَعْنَى : ويَنْبَغِي له أَن يَقْصِد ، وهو خَبَرٌ بمعنَى الأَمْرِ ، أَي وليَقْصِدْ . وفي الحديث ( القَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا ) أَي عليكم بالقَصْدِ في الأُمور ، في القول والفِعل ، وهو الوَسَطُ بين الطَرفَينِ ، وهو منصوبٌ على المَصْدَرِ المُؤَكَّد ، وتَكراره للتأْكيد . وفي بعض النسخ : والقول ، بدل ، والعدل ، وهو غلط . ( و ) القَصْدُ ( التَّقْتِيرُ ) ، هاكذا في نسختنا ، وفي أُخرى مُصحَّحَة التفسير ، وكلٌّ منهما غير ملائمٍ للمقامِ ، والذي يقتضيه كلامُ أَئمة الغَرِيب : والقَصْدُ : القَسْرُ ، بالقاف والسين ، ففي اللسان : قَصَدَه قَصْداً : قَسَرَه ، أَي قَهَره ، وهو الصوابُ . والله أَعلم .
( و ) القَصَدُ ، ( بالتَّحرِيكِ : العَوْسَجُ ) ، يَمانية ، عن أَبي حنيفة ، ( وقَصَدُ العَوْسَجِ ونَحْوِهِ ) ، كالأَرْطَى والطَّلْحِ ( : أَغْصَانُه النَّاعِمَةُ ) وغَبَلُه ، وقد قَصَّدَ العَوْسَجُ إِذا أَخرجَ ذالك ، كذا في الأَفعال لابن القَطَّاع . ( و ) القَصَدُ ( : الجُوعُ ، و )
____________________

(9/38)


القَصَد ( : مَشْرَةُ العِضَاهِ ) ، وهي بَرَاعِيمُها وما لاَنَ قَبحلَ أَنْ يَعْثُوَ ، وقد أَقْصَدَت العِضَاهُ وقَصَّدَتْ ، كالقَصِيد ، الأَخيرةُ عن أَبي حنيفة ، وأَنشد :
وَلاَ تَشْعَفَاها بالجِبَال وَتَحْمِيَا
عَلَيْهَا ظَلِيلاتٍ يَرِفُّ قَصِيدُهَا
وعن الليث : القَصَدُ : مَشْرَةُ العِضَاه ( أَيَّامَ الخَرِيف ) ، تُخْرِج بعْدَ القَيْطِ الوَرقَ في العِضَاهِ أَغصانٌ رَطْبَةٌ غَضَّةٌ رِخَاصٌ ، تُسَمَّى كُلُّ واحدةٍ منها قَصَدَةً . ( أَو القَصَدَةُ مِنْ كُلِّ شَجرةٍ شائِكَةٍ ) أَي ذات شَوْك ( : أَنْ يَظْهَرَ نَبَاتُهَا أَوَّلَ ما تَنْبُتُ ) . وهاذا عن ابنِ الأَعرابيّ .
( و ) قَصُدَ البَعِيرُ ، ( كَكَرُمَ ، قَصَادَةً ) ، بالفتح ( : سَمِنَ ) ، فهو قَصِيدٌ . نقَلَه الصاغانيّ .
( والقِصْدَةُ : بالكسر : القِطْعَةُ مِمَّا يُكْسَرُ ، ج ) قِصَدٌ ( كعِنَبٍ ) وكلُّ قِطْعَةٍ قِصْدَة ( ورُمْحٌ قَصِدٌ ، ككَتِفٍ ، وقَصِيدٌ ) كأَمِيرٍ ، بَيِّنُ القَصَدِ ( و ) رُمْحٌ ( أَقْصَادٌ ) أَي ( مُتَكَسِّرٌ ) وفي الأَساسِ : رُمْحٌ قَصِيدٌ : سَريع الانكسارِ ، وفي التهذيب : وإِذا اشْتَقُّوا له فِعْلاً قالوا : انْقَصَد ، وقَلَّمَا يَقولون قَصِدَ ، إِلاَّ أَنَّ كُلَّ نَعْتٍ على فَعِلٍ لا يمْنَع صُدُورُه من انْفَعَلَ . وأَنشد أَبو عُبَيدٍ لقَيْس بنِ الخَطِيمِ :
تَرَى قِصَدَ المُرَّانِ تُلْقَى كَأَنَّهَا
تَذَرُّعُ خُرْصَانٍ بِأَيْدِي الشَّوَاطِبِ
وقال آخر :
أَقْرُو إِلَيْهِم أَنَابِيبَ القَنَا قِصَدا
يريد : أَمشى إليهم على كِسَرِ الرِّماح ؛ وقال الأَخفش في رُمْحٍ أَقْصَادٍ : هاذا أَحَدُ ما جاءَ على بِنَاءِ الجَمْعِ . وفي اللسان : وقَصَدَ له قِصْدَةً مِنْ عَظْمٍ ، وهي الثُّلُث أَو الرُّبعُ من الفَخِذ أَو الذِّراعِ أَو السَّاقِ أَو الكَتِف ؛ والذي في أَفعال ابنِ القَطَّاع وقَصَدَ مِن العَظْمِ قِصْدَةً : دون نِصْفِه إِلى الثُّلُث أَو الرُّبع .
( والقَصِيدُ ) مِن الشِّعْرِ ( : ما تَمَّ شَطْرُ أَبْيَاتِه ) . وفي التهذيب : شَطْرُ أَبْنِيَتِهِ ، سُمِّيَ بذالك لكَماله وصِحَّةِ وَزْنه ، وقال ابنُ جِنِّي : سُمِّيَ قَصِيداً لأَنه قُصِدَ واعْتُمِدَ ، وإِن كانَ ما قَصُرَ
____________________

(9/39)


منه واضْطَرَب بِنَاؤُه نحو الرَّمَل والرَّجَز شِعْراً مُرَاداً مَقصوداً ، وذالك أَن ما تَمَّ من الشِّعر وتَوَفَّر آثَرُ عندَهم وأَشَدُّ تَقَدُّماً في أَنْفُسِهم مما قَصُرَ واخْتَلَّ ، فسَمَّوْا ما طالَ ووَفَرَ قَصِيداً ، أَي مُرَاداً مَقصوداً ، وإِن كان الرَّملُ والرَّجَز أَيضاً مُرَادَيْنه مَقْصُودَيْنِ . والجَمْعُ قَصَائِدُ ، وربَّما قالوا : قَصِيدَةٌ . وفي الصحاح : القَصِيدُ جَمْعُ القَصِيدَة . كسُفِينٍ جمعُ سَفِينةٍ ، وقيل : الجَمْعُ قَصائدُ وقَصِيدٌ . قال ابن جِنِّي : فإِذا رأَيْتَ القصيدَةَ الوَاحِدَةَ قد وَقَعَ عليها القَصِيدُ ، بلا هاءٍ ، فإِنما ذالك لأَنه وُضِعَ على الواحِد اسمُ الجِنْس اتِّساعاً ، كقولك : خَرجْتُ فإِذا السَّبعُ ، وقتَلْتُ اليومَ الذِّئْبَ ، وأَكَلْت الخُبْزَ ، وشَرِبت الماءَ . ( ولَيْسَ إِلاَّ ثَلاَثَةَ أَبْيَاتِ فَصَاعِداً أَو سِتَّةَ عَشَرَ فَصَاعِداً ) . قال أَبو الحَسَن الأَخْفَشُ : وممَّا لا يَكاد يوجَد في الشِّعْر البَيْتَانِ المُوطَآنِ ليس بينهما بيتٌ ، والبَيْتَانِ المُوطَآن وليست القصيدةُ إِلاَّ ثلاثَة أَبياتٍ ، فجعلَ القصيدَة علَى ثلاثةِ أَبياتٍ ؛ قال ابنُ جِنّى : وفي هاذا القول من الأَخْفَش جَوَازٌ ، وذالك لِتسميته ما كان على ثَلاثَةِ أَبياتٍ قَصِيدةً . قال : والذي في العادة أَنْ يُسَمَّى ما كان على ثلاثةِ أَبياتٍ أَو عَشَرَةٍ أَو خَمْسَةَ عَشرَ : قِطْعَةً . فأَمَّا ما زاد على ذالك فإِنما تُسميه العَرَب قَصِيدةً ، وقال الأَخفش مَرَّة : القَصِيدُ من الشعر هو الطَّوِيلُ والبَسيطُ التَّامُّ والكامِلُ التامُّ والمَدِيد التامُّ ، والوافِرُ التامُّ ، والرجَز التامُّ ، والخَفِيف التامُّ ، وهو كلُّ ما تَغَنَّى به الرُّكْبَانُ . قال : ولم نسمعهم يَتَغَنَّوْن بالخَفِيفِ . ومعنَى قوله : المَدِيدُ التامُّ ، والوافِرُ التامُّ ، أَتَمُّ ما جاءَ مِنْهُمَا في الاستعماله أَعْنِي الضَّرْبَيْنِ الأَوّلَيْنِ مِنْهُمَا ، فأَمَّا أَن يَجِيئا على أَصْلِ وَضْعِهما في دائِرتَيْهما فذالك مَرْفُوض مُطَّرَحٌ ، كذا في اللسان . ( و ) قيل : سُمِّيَ قَصِيداً لأَنّ قَائلَه احْتَفَل لِ فنَقَّحه بالفْظِ الجَيِّد والمَعْنَى المُخْتَار ، وأَصْلُه من القَصِيد وهو ( المُخُّ ) الغليظُ ( السَّمِينُ ) الذي يَتَقَصَّد أَي يَتَكَسَّر لِسِمَنِهِ ، وضِدُّه الرَّارُ ، وهو المُخُّ السائلُ الذي يَمِيعُ كالماءِ ولا يَتَقَصَّدُ . والعربُ تَستعيرُ السِّمَنَ في  ======

===========

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجلد{5} النهاية في غريب الحديث والأثر لمجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (المتوفى: 606هـ)

  5. مجلد{5} النهاية في غريب الحديث والأثر   لمجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري اب...