Translate بادي -8-7707-

الخميس، 14 أبريل 2022

6. تاج العروس من جواهر القاموس

 

6. تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني أبو الفيض ، الملقّب بمرتضى ، الزَّبيدي 

=الزُّبَيْر ( لا تَحِلُّ العِرَابَةُ للمُحْرم ) . ( والاسْتِعرَاب ) : الإِفْحَاشُ في القَوْلِ ، فهو مِثْل الإِعْرَاب بالمَعْنَى الأَوَّل ، والتَّعْرِيب وما بَعْده كالإِعْرَاب بالمَعْنَى الثَّانِي ، فَفِي كلام المُؤَلِّف لَفٌّ ونَشْر . وفي الحدِيث ( أَنَّ رجُلاً من المُشْرِكين كان يَسُبُّ النبيَّ صلَّى الله عَليه وسَلم ، فَقَل له رَجُل من المُسْلمين : والله لَتَكُفَّنَّ عَن شَتْمه أَو لأُرَحِّلَنَّكَ بسَيْفِي هَذَا ، فلم يَزْدَدْ إِلَّا اسْتِعْرَاباً فحَمَل عليه فَضَرَبَه ، وتَعَاوَى عليه المُشْرِكُون فَقَتَلُوه ) . والعَرَبُ مِثْلُ الإِعْرَاب من الفُحْشِ في الكَلَامِ .
( و ) الإِعْرَابُ : ( الرَّدُّ ) أَي رَدُّكَ الرَّجُلَ ( عَنِ القَبِيحِ ) ، وَهُوَ ( ضِدٌّ ) .
( و ) الإِعْرَابُ كالعِرَابَةِ : ( الجمَاعُ ) قال رُؤْبَةُ يَصِفُ نِسَاءً جمَعْنَ العَفَافَ عند الغُرَبَاء والإِعْرَاب عَنْدَ الأَزْوَاج ، وهو ما يُسْتَفْحَشُ من أَلْفَاظ النِّكَاح والجِمَاعِ فقال :
والعُرْبُ في عَفَافَة وإِعْرَاب
وهذا كقولهم : خَيْرُ النِّسَاءِ المُتَبَذِّلة لزَوْجِهَا الخَفِرَة في قَوْمِهَا ( أَو ) الإِعْرَابُ : ( التَّعْرِيضُ بِهِ ) أَي النِّكَاح .
( و ) الإِعْرَاب : ( إِعْطَاءُ العَرَبُون ، كالتَّعْرِيبِ ) . قال الفَرَّاءُ : أَعرَبْتُ إِعرَاباً ، وعَرَّبْتُ تَعْرِيباً ، وعَرْبَنْتُ إِذَا أَعْطَيْتَ العُرْبَانَ . ورُوي عن عَطَاءٍ أَنَّه كان يَنْهَى عن الإِعْرَاب في البَيْع . قال شَمِر : الإِعْرَابُ في البَيْع : أَن يَقُولَ الرَّجُلُ للرَّجُلِ إِنْ لم آخُذْ هَذَا البَيْعَ بكَذَا فَلكَ كَذَا وكَذَا مِنْ مَالِي ، وسَيَأْتِي في كَلَامِ المُؤَلِّف قَرِيباً ونذكُر هنَاكَ ما يَتَعَلَّق به .
( و ) الأَعْرَابُ : ( التَّزَوُّجُ بالعَرُوبِ ) كَصَبُور اسم ( للمَرْأَةِ المُتَحَبِّبَةِ إِلَى زَوْجِهَا ) المُطِيعَةِ له وَهِي العَرُوبَةُ أَيضاً ( و ) العَرُوبَة أَيضاً كالعَرُوبِ : ( العَاصِيَةُ له ) الخَائِنَةُ بفَرْجِهَا ، الفاسدَةُ في نفسِهَا . وكلاهُمَا قَوْلُ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ . وأَنشد في الأَخيرِ :
____________________

(3/337)



فما خَلَفٌ مِنْ أُمِّ عِمْرَانَ سَلْفعٌ
مِن السُّودِ وَرْهَاءُ العِنَانِ عَرُوبُ
العِنَانُ من المُعَانَّةِ وَهِيَ المُعَارَضَةُ
( أَو ) العَرُوب : ( العَاشِقَة له أَو المُتَحَبِّبَة إِلَيه المُظْهِرَة لَهُ ذلِكَ ) وبه فُسِّر قَوْله : { عُرُباً أَتْرَاباً } ( الواقعة : 17 ) ( أَو ) أَنْشَد ثَعْلَب :
فما خَلَفٌ من أُمِّ عِمْرَانَ سَلْفَعٌ
من السُّودِ وَرْهَاءُ العِنَانِ عَرُوبُ
قال ابنُ سِيدَه : هكَذَا أَنْشَدَه ولم يُفَسِّره ، قال : وعِنْدِي أَنَّ عَرُوب في هَذَا البَيْتِ هِي ( الضَّحَّاكَةُ ) وهُم مِمَّا يَعِبُونَ النساءَ بالضَّحِك الكَثِيرِ ( ج عُرُبٌ ) بضَمِّ فسُكُوه وبضَمَّتَيْن ( كالعَرُوبَ والعَرِبَةِ ) الأَخيرَة كفَرِحَة وفي حديث عَائِشَة ( فاقدُرُوا له قَدْرَ الجَارِيَة العَرِبَة ) قال ابنُ الأَثِير : هي الحَرِيصَةُ على اللَّهْو ، فأَما العُرُب فجمعُ عَروب وهي المَرْأَةُ الحَسْنَاءُ المتحَبِّبَة إِلَى زوجِها ، وقيل العُرُبُ : الغَنِجَات ، وقيل : المُغْتَلِمَات ، وقيل : العَوَاشِق ، وقيل : هُنَّ الشَّكِلَاتُ بلُغَة أَهلِ مكةَ ، والمَغْنُوجَات بلُغَةِ أَهلِ المدينة ، وقَال اللحيانيّ : العَرِبَةُ : العَاشِقُ الغَلِمَةُ . وهي العَرُوبُ أَيْضاً ( ج عَرِبَاتٌ ) كَفَرِحَات قال :
أَعْدَى بِهَا العَرِبَاتُ البُدَّنُ العُرُبُ
( والعَرْبُ ) بفتح فسُكُون . الإِفْصَاح كالإِعْرَاب ، و ( النَّشَاطُ ) والأَرَنُ ، وعَرِبَ عَرَابَةً : نشِطَ ، ( ويُحَرَّكُ ) . وعلى الأَوَّل يُنْشَد بيتُ النابِغَةِ :
والخيل تَنْزِعُ عَرْباً في أَعِنَّتِهَا
كالطَّيْرِ تَنْجُو من الشُّؤْبُوبِ ذِي البَرَدِ
وشَاهِدُ التَّحْرِيكِ قولُ الرّاجِزِ :
كُلُّ طِمِرَ غَذَوَانِ عَرَبُه
( و ) العِرْبُ ( بالكَسْرِ : يَبِيسُ البُهْمَى ) خَاصّة ، وقيل : يَبِيسُ كُلِّ
____________________

(3/338)


بَقْلٍ ، الوَاحِدَة عِرْبَة . وقيلَ : عِرْبُ البُهْمَى : شَوْكُهَا .
( و ) العَرَبُ ( بالتَّحْرِيكِ : فَسَادُ المَعِدَةِ ) مِثْلُ الذَّرَبِ وسَيَأْتي .
( و ) العَرَب : ( المَاءُ الكَثِيرُ الصَّافي ، ويُكْسَر رَاؤُه ) وهو الأَكْثَر ، والوَجْهَانِ ذكرَهُما الصَّاغَانِيّ . يقال : ماءٌ عَرِبٌ : كَثِير . ونهر عَرِبٌ : غَمْر . وبئرٌ عَرِبة : كثيرةُ المَاءِ ، وسيأْتِي ، ( كالعُرْبُبِ ) كقُنقُذ .
( و ) العَرَب : ( نَاحِيَةٌ بالمَدينَة ) ، نقله الصَّاغَانِيّ .
( و ) العَرَب : ( بَقَاءُ أَثَرِ الحُرْحِ بَعْد البُرْءِ ) .
( والتَّعْرِيبُ : تَهْذِيبُ المَنْطِقِ مِنَ اللَّحْنِ ) ، ويقال : عَرَّبتُ له الكلامَ تَعْرِيباً ، وأَعْرَبتُ له إِعرَاباً إِذَا بيَّنْتَه له حتى لا يَكُونَ فِيه حَضْرَمَةٌ . وقيل : التَّعْرِيب : التَّبِيينُ والإِيضاحُ ، وفي الحَدِيثِ ( الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عن نَفْسِها ) . قال الفرَّاءُ : إِنما هو تُعرِّب بالتَّشديد ، وقيل : إِنَّ أَعربَ بمعنَى عَرَّبَ . وقال الأَزْهَرِيُّ : لإِعْرَابُ والتَّعْرِيبُ معنَاهُمَا وَاحِدٌ ، وهو الإِبَانَةُ . يقال : أَعربَ عنه لسانه وعَرَّبَ أَي أَبانَ وأَفصحَ ، وتقدَّم عن ابْنِ قُتَيْبَةَ التَّخْفِيفُ عَلَى الصَّوَابِ ، قال الأَزْهَرِيُّ : وكِلَا القَوْلَيْن لُغَتَان مُتَساوِيتَان بمَعْنَى الإِبانَةِ والإِيضاح . ومنه الحَدِيثُ الآخَرُ ( فإِنَّما كانَ يُعْرِب عَمَّا في قَلْبِه لِسَانُه ) . منه حَدِيثُ التَّيمِيِّ : ( كَانُوا يَسْتَحبُّون أَن يُلَقِّنوا الصَّبِيَّ حِينَ يُعَرَّبُ أَن يَقُولَ : لا إِله إِلَّا اللّهُ . سَبْعَ مَرَّات ) أَي حِينَ يَنْطِق وَيَتَكَلَّم . وقال الكُمَيْت :
وجَدْنَا لكُم في آله حَامِيمَ آيَةً
تأَوَّلَهَا منا تَقِيِ مُعَرِّبُ
هكَذَا أَنشَدَه سِيبَوَيْه كمُكَلِّم . وأَورَد الأَزْهَرِيّ هَذَا البَيْتَ تَقِيٌّ ومُعْرِبْ . وقَالَ : تَقِيٌّ : يَتَوَقَّى إِظهارَه حَذَرَ أَن يَنَالَه مَكْرُوهٌ من أَعدائكم . ومُعْرِبٌ أَي مُفْصِحٌ بالحق لا يَتَوقَّاهم . وقال الجوهَرِيّ : مُعرِبٌ : مُفْصِح بالتَّفْصِيل ،
____________________

(3/339)


وتَقِيٌّ : ساكِتٌ عنه للتَّقِيَّة . قال الأَزْهَرِيُّ : والخِطَابُ في هَذَا لِبَنِي هَاشِم حِينَ ظَهَرَ عليهم بَنُو أُمَيَّة والآيَةُ قولُه عزّ وجلّ : { قُل لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى } ( الشورى : 23 ) وقال الصَّاغَانِيّ : والروايَةُ ( مِنْكُم ) ، ولا يَسْتَقِيمُ المَعْنَى إِلَّا إِذَا رُوِيَ على مَا وَرَدَت بِهِ الرِّوَايَة ، ووقع في كِتَاب سِيبَوَيْهِ أَيْضاً ( مِنَّا ) فتَأَمَّل .
( وَ ) التَّعْرِيبُ : ( قَطْعُ سَعَفِ النَّخْلِ ) وهو التَّشْذِيب ، وقد تَقَدَّم .
والتَّعْرِيب : تَعْلِيم العَرَبِيَّة . وفي حديث الحَسَن ( أَنَّه قَالَ لَهُ البَتِّيُّ : ما تَقُولُ في رجل رُعِف في الصَّلَاة ؟ فقال الحَسَن : إِنَّ هَذَا يُعَرِّبُ الناسَ ، وهو يَقُولُ رُعِف ) أَي يُعَلِّمهم العَرَبِيَّةَ ويلْحَن ) .
وتَعْرِيبُ الاسْمِ الأَعْجَمِيّ : أَنْ يَتَفَوَّه بِهِ العَرَبُ على مِنْهَاجِها .
والتَّعْرِيبُ : أَن تَتَّخِذَ فرساً عَرَبيًّا .
( وَ ) التعريبُ ( أَنْ تَبْزُغَ ) بالبَاء الموَحَّدَة والزَّاي وآخره العين المُهْمَلَة من بَاب نَصَر ( عَلَى أَشَاعِرِ الدَّابَّة ثُمَّ تَكْوِيَها ) ، وقد عَرَّبها ، إِذَا فَعَلَ ذَلك .
وفي لِسَانِ العَرب : وَعَرَّبَ الفَرسَ بَزَّغَه وذَلِكَ أَن يُنْتفَ أَسفلُ حَافِرِه ، ومعناه أَنَّه قد بَانَ بِذلِكَ ما كَانَ خَفِيًّا من أَمرِه لِظُهُورِه إلى مَرْآة العَيْن بعدَ ما كان مَسْتُوراً ، وبذلك تُعرفُ حالُه أَصُلْب هو أَمْ رِخْو وأَصَحِيحٌ هو أَم سَقِيم . وقال الأَزْهَرِيُّ : التَّعْرِيب : تَعْرِيبُ الفَرَس وهو أَن يُكْوَى عَلَى أَشَاعِر حَافِره في مَوَاضِع ثم تُبْزَغ بِمِبْزَغ بَزْغاً رَفِيقاً لا يُؤَثِّر في عَصَبه ليَشْتَدّ أَشْعَرُه .
( و ) التَّعْرِيبُ : ( تَقْبِيحُ قَوْل القَائِل ) وفِعْلِه . وعَرَّبَ عَلَيْهِ : قَبَّح قوْلَهُ وفِعْلَهُ وغَيَّرَه عَلَيْه .
( و ) الإِعْرَابُ كالتَّعْرِيبِ وهو ( الرَّدُّ عَلَيْهِ ) والرّدّ عن القَبِيح . وَعَرَّب
____________________

(3/340)


علَيْه : مَنَعَه . وأَمَّا حَدِيث عُمَر بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْه : ( مَالَكُم إِذَا رَأَيْتُم الرَّجُلَ يُحَرِّقُ أَعرَاضَ النَّاسِ أَن لا تُعَرِّبُوا عَلَيْه ) فإِنَّه من قَوْلِكَ : عَرَّبْتُ عَلَى الرجلِ قولَه إِذَا قَبَّحْتَه عَلَيْه . وقَال الأَصْمَعِيُّ وأَبُو زَيْدٍ في قَوْلِه أَن لا تُعَرِّبُوا عَلَيْهِ معنَاه أَنْ لا تُفْسِدُوا عَلَيْه كلَامَه وتُقَبِّحُوه . وقيل : التَّعْرِيبُ : المَنْعُ ، والإِنْكَارُ في قَوْلِه أَن لا تُعَرِّبُوا أَي لَا تَمْنَعُوا . وقيل : الفُحْشُ والتَّقْبِيح . وقَال شَمِر : التَّعرِيبُ : أَنْ يَتَكَلَّم الرجلُ بالكَلِمَةِ فيُفْحِشَ فِيهَا أَو يُخْطِيء فَيَقُول له الآخَرُ : لَيْسَ كَذَا وَلَكِنَّه كذَا ، للذي هو أَصْوَبُ . أَرَادَ مَعْنَى حَدِيث عُمر أَن لا تُعَرِّبُوا .
( و ) التَّعْرِيبُ : ( التَّكَلُّم عن القَوْمِ ويقال : عَرَّبَ عنه إِذَا تَكَلَّم بحُجَّته ، وعَرَّبه كأَعْرَبَه وأَعْرَبَ بِحُجَّته أَي أَفْصَحَ بها ولم يتّق أَحَداً ، وقَدْ تقدَّم . وقَال الفَرَّاءُ : عَرَّبتُ عن القَوْم ) إِذَا تَكَلَّمتَ عَنْهُم واحْتَجَجْتَ لَهُم .
( و ) التَّعْرِيبُ : ( الإِكْثَارُ مِنْ شُرْب ) العَرَب ، وهو الكَثِيرُ مِنَ ( المَاءِ الصَّافِي ) نقله الصَّاغَانِيّ . ( و ) التَّعْرِيب : ( اتِّخَاذُ قَوْسٍ عَرَبِيَ . و ) التَّعْرِيبُ : ( تَمْرِيضُ العَرِبِ ) ، كفَرِحٍ ( أَي الذَّرِبِ المَعِدَةِ ) قال الأَزْهَرِيّ : ويُحْتَمل أَن يكونَ التّعْرِيبُ عَلَى مَنْ بقول بلِسَانه المُنْكَر مِن هذا ؛ لأَنَّه يُفْسِد عليه كَلَامَه كما فَسدَت مَعِدَتُه . وقال أَبُو زَيْد الأَنْصَارِيّ : فعلتُ كَذَا وكَذَا فما عَرَّبَ عليَّ أَحَدٌ ، أَي ما غَيَّرَ عليَّ أَحَدٌ .
( وَعَرُوبَةُ ) بلا لام ( وبِاللَّامِ ) كِلْتَاهما : ( يومُ الجُمُعَةِ ) . وفي الصَّحَاح : يَوْمُ العَرُوبَةِ ، بالإِضَافَة ، وهو من أَسْمَائِهِم القَدِيمَة ، قَالَ :
أُؤَمِّلُ أَنْ أَعِيشَ وأَنَّ يَوْمِي
بأَوَّلَ أَو بِأَهْوَنَ أَوْ جُبَارِ
أَو التَّالِي دُبَارِ فإِنْ أفُتْه
فمُؤْنِسَ أَو عَرُوبَةَ أَو شِيَارِ
وَقَدْ تَرَك صَرْفَ ما لا يَنْصَرِف
____________________

(3/341)


لجَوَازِه في كَلَامِهِم فكَيْفَ في الشِّعْر ، هذا قَوْلُ أَبِي العَبَّاس . وفي حَدِيثِ الجُمُعَة ( كانتْ تُسَمَّى عَرُوبَةَ ) وهو اسم قَدِيمٌ لَهَا ، وكَأَنَّه ليسَ بعربيّ يقال يومُ عَرُوبَةٍ ويَوْ العَرُوبَةِ ، والأَفْصَحُ أَن لا يَدْخُلَهَا الأَلِفُ واللَّامُ . ونَقَل . شيخُنَا عن بعض أَئِمَّة اللُّغَة أَنَّ أَلْ في العَرُوبَة لازِمَةٌ . قال ابن النَّحَّاس : لا يَعْرِفُه أَهْلُ اللُّغَة إلا بالأَلف والَّلام إِلَّا شَاذًّا ، قال : ومعناه المُبَيَّن المُعَظَّم من أَعْرب إِذَا بَيَّن ، ولم يَزَل يومُ الجُمُعَة مُعْظَّما عند أَهْل كل مِلّة . وقال أَبو موسى في ذَيْل الغَرِيبَيْن : الأَفْصَح أَن لا تَدْخُلَ أَل ، وكأَنَّه ليس بعَرَبِيَ وهو اسْمُ يَوْمِ الجُمُعَة في الجَاهليَّة اتْفَاقاً . واخْتُلف في أَن كَعْباً سمَّاه الجُمُعَة ، لاجْتِماعِ النَّاسِ إليه فِيه ، وبه جَزَم الفَرَّاء وثَعْلَبٌ وغيرُهما ، وصحّح ، أو إِنَّمَا سُمِّيَ بعدَ الإِسْلَام ، وصَحَّحَه ابنُ حَزْم . وقِيلَ : أَوّلُ مَنْ سَمّاه الجُمُعة أَهلُ المَدينَة ، لصَلَاتهم الجُمُعَة قبل قُدُومه صَلَّى اللّهُ عليه وسلم مع أَسْعَد بن زُرارة أَخرجه عَبْدُ بْنُ حُمَيْد عَنه ابْنِ سِيرِين ، وقيل غيرُ ذَلِكَ ، كما في شَرْح المَوَاهِب . وفي الرَّوْضِ الأُنُف : مَعْنَى العَرُوبَ الرَّحْمَة ، فيمَا بَلَغَني عن بعض أَهل العلم ، انتهى ما نقلناه من حاشية شيخنا . قلت : والذي نص السُّهَيْلِيُّ في الرَّوْضِ الأُنُف : كعبُ بنُ لُؤَيّ جَدُّ سَيِّدنَا رَسُولِ الله صَلَّى اللّهُ عَلَيْه وَسَلَّم أَوّلُ من جَمَّع يوم العَرُوبَة ، ولم تُسَمَّ العَرُوبَةَ إِلّا مُذْ جَاءَ الإِسْلَامُ ، وهو أَوّلُ من سَمّاهَا الجُمُعَة ، فكَانَتْ قُرَيشٌ تَجْتَمِع إِليه في هَذَا اليَوْم فيَخْطُبُهم ويُذَكِّرُهُم بمَبْعَثِ النَّبِيِّ صلَّى اللّهُ عَلَيْه وسَلَّم ويُعْلِمُهُم أَنَّه مِن وَلَده ، ويَأْمرُهم باتِّبَاعه والإِيمانِ بِه ويُنْشِد في هَذَا أَبْيَاتاً مِنْهَا :
يَا لَيْتَنِي شَاهِدٌ فَحواءَ دَعْوتِهِ
إِذَا قُرَيْشٌ تَبغّى الخَلْقَ جِذْلَانَا
( وابْنُ ) العَرُوبَة : رَجُلٌ مَعْرُوف .
وفي الصَّحَاح ابْنُ ( أَبِي العَروبَةِ بِاللَّام وتَرْكهَا ) أَي الأَلف واللَّام
____________________

(3/342)


( لَحْنٌ أَو قَلِيلٌ ) قال شيخُنا : وذَهَب بعضٌ إلى خلافِه وأَنَّ إِثْبَاتَهَا هُوَ اللَّحْن لأَنَّ الاسمَ وُضِع مُجَرَّدا .
( و ) عَنِ ابْنِ الأَعْرَابِيّ ( العَرَابَات مُخَفَّفَةً وَاحِدَتْها عَرَابَةٌ ) وهي ( شُمُلُ ) ، بضمتين ، ( ضُرُوعِ الغَنم ، وعَامِلُهَا عَرَّابٌ ) ، كشدَّاد .
( وعَرِب ، كفَرِحَ ) ، الرجلُ عَرَباً وعَرَبَةً إِذَا ( نَشِط . و ) عَرِب السَّنامُ عَرَباً إِذَا ( وَرِم وَتَقَيَّحَ ) .
( و ) عَرِب ( الجُرْحُ ) عَرَباً وحَبِطَ حَبَطاً : ( بَقِيَ أَثَرُه ) فيه ( بَعْدَ البُرْءِ ) ونكْسٌ وغُفْر . وعَرِبَ الجُرْحُ أَيضاً إِذَا فسَدَ . قِيل : ومنه الإِعْرابُ بمَعْنى الفُحْشِ والتَّقْبِيح . ومنه الحَدِيثُ ( أَنَّ رَجُلاً أَتَاه فقال : إِنَّ ابْنَ أَخِي عَرِبَ بَطْنُ أَي فَسَد . فقال : اسْقِه عَسَلاً ) . والعَرَب مِثْلُ الإِعْرَاب ، من الفُحْشِ في الكَلَام ( وَ ) عَرِب الرجلُ عَرَباً فهو عَرِبٌ إِذَا اتَّخَمَ ، وعَرِبت ( مَعِدَتُه ) عَرَباً : ( فَسَدَت ) وقيل : فسَدَت ما يَحْمل عَلَيْها ، مثل ذَرِبَت ذَرَباً ، فِي عَرِبَةٌ وذَرِبَةٌ .
( و ) عَرِب ( النهرُ : غَمَر فهو عَارِبٌ وعَارِبَةٌ و ) عَرِبت ( البِئرُ : كَثُر مَاؤُهَا فَهِي عَرِبَةٌ ) كفَرِحَة .
( و ) عَرَب ( كَضَرَب : أَكَلَ ) نقله الصّاغانِيّ .
( والعَرَبَةُ مُحَرَّكَة ) . هكذا في النّسَخ ، ومثله في لِسَان العَرَب والمُحْكَم وغَيْرهما ، إلا أَن شيخَنا نَقَل عن الجَوْهَرِيّ أَنّه العَرَب محرَّكةً ، بإِسقَاطِ الهَاءِ ، ولعَلّه سَقَطَت من نُسْخَته التي نَقَل منها : ( النَّهْرُ الشَّدِيدُ الجَرْي . و ) العَرَبَة أَيضاً : ( النَّفْسُ ) . قال ابن مَيَّادَة يمدَح الوَلِيدَ بْنَ يَزِيد :
لَمَّا أَتَيْتُكَ أَرْجُو فضَلَ نَائِلِكُمْ نَفَحْتَنِي نَفْحَةً طَابَت لهَا العَرَبُ
هكذا أَنشده الجوهَرِيّ ، قال الصَّاغَانيّ : والبَيْتُ والرِّوَايَةُ :
لَمَّا أَتيتُك مِن نَجْدٍ وسَاكنه
نَفَحْتَ لِي نَفْحَةً طَارَتْ بِهَا العَرَبُ
( و ) عَرَبَةُ : ( نَاحِيَةٌ قُربَ المَدينَة )
____________________

(3/343)


وهي خِلَاف عَرَب ، من غَيْر هَاء كمَا تَقَدَّم في كلام المُؤَلِّف ، والظَّاهِرُ أَنَّهُمَا وَاحِد ، وعَرَبَةُ : قريةٌ في أَوّلِ وَادِي نِخْلَة من جِهَة مَكَّة ، وأُخْرَى في بلاد فِلَسْطِين ، كذَا في المَرَاصِد .
والعَرَبِيَّة هي هَذِه اللُّغَة الشرِيفَةُ رفَعَ اللّهُ شأْنَهَا . قال قَتَادَة : كَانتْ قريشٌ تجْتَبِي أَي تَخْتَار أَفضلَ لْغَات العَرَب ، حَتَّى صار أَفضلُ لُغَاتِهَا لُغَتَهَا ، فنزَلَ القرآن بِهَا ، واختُلِف في سَبَب تَسْمهيَة العَرَب ، فقِيل لإِعْرَاب لِسَانِهِم أَي إيضاحِه وَبَيَانِه ؛ لأَنَّه أَشرَفُ الأَلْسُن وأَوضَحُها وأَعربُهَا عَن المُرَاد بوُجُوه من الاختِصار والإِيجَاز والإِطناب والمُسَاوَة وغَيْره ذَلِكَ . وقد مَالَ إِلَيه جَمَاعَةٌ ورجَّحُوه من وُجُوه ، وقيل : لأَنّ أَولَاد إِسماعيل صلى الله عَلَيْه وسلم نَشَئُوا بعَرَبَة ، وهو من تِهامَة ، فنُسِبوا إلى بَلَدِهم . ورُوِي عن النَّبِيّ صلَّى الله عليه وسَلَّم أَنَّه قال : ( خمسةُ أَنْبِيَاء من العَرَب هُمْ مُحَمَّدٌ وإِسْمَاعِيلُ وشُعَيْبٌ وصَالِحٌ وهُودٌ ) صلوَات الله عليهم . وهذا يَدُلّ على أَنْ لسانَ العَرَب قَدِيم ، وهؤُلاء الأَنْبِيَاءُ كُلُّهم كانُوا يَسْكُنُون بلَادَ عَرَبَة ، فكان شُعَيْبٌ وقومُه بأَرْضِ مَدْيَن ، وكان صَلِح وقومُه بأَرْضِ ثَمُودَ ، ينزِلون بناحِيَة الحِجْر ، وكانَ هُودٌ وقومُه عادٌ يَنْزِلُون الأَحْقافَ مِنَ رِمَال اليَمَن ، وكَانَ إِسمَاعِيلُ بْنُ إِبراهِيمَ والنَّبِيُ المُصْطَفَى صَلَّى الله عليهما من سُكَّان الحَرَم . وكُلّ من سَكَن بلادَ العَرَب وجَزِيرَتَها ونَطَق بلِسَان أَهْلِهَا فهم عَرَبٌ ، يَمَنُهم وَمَعَدُّهم .
قال الأَزْهَرِيّ : ( وَأَقَامَتْ قُرَيْشٌ بِعَرَبَة ) فتَنَّخَتْ بِهَا ، وانْتَشَرَ سَائِرُ العَرب في جَزِيرَتها ( فنُسِبَتِ العَرَبُ ) كُلُّهم ( إِلَيْهَا ) ، لأَنَّ أَبَاهم إِسْمَاعيل ، صَلَّى اللّهُ عليه وسَلَّم ، بها نَشَأَ وَرَبَلَ أَولادُه فِيهَا فَكَثروا ، فَلَمَّا لم تَحْتَمِلْهم البِلَاد انْتَشَرُوا ، فأَقَامت قُرَيْشٌ بِهَا . ورُوِيَ عن أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللّهُ عَنْه قَال : قُرَيْشٌ هم أَوْسَطُ العَرَب في العَرَب داراً وأَحْسَنُه جِوَاراً ، وأَعْرَبُه أَلْسِنَةً . وقد تَعَقَّب شَيْخُنَا هَا هُنَا لمُؤَلِّف بأُمُورٍ :
الأَوَّلُ المَعْرُوفُ في أَسْمَاءِ الأَرَضينَ
____________________

(3/344)


أَنها تُنْقَل من أَسْمَاءِ سَاكِنِيهَا أَو بَانِيها أَو من صِفَة فِيهَا أَو غَيْرِ ذلك . وأَما تَسْمِيَةُ النَّاسِ بالأَرْض ونَقْلُ اسْمِهَا إِلَى مَنْ سَكَنَهَا أو نَزَلَهَا دون نِسْبَة فَغَيْرُ معروفِ وإِنْ وَقَع في بَعْضِ الأَفْرَاد كَمَذْحِج ، عَلَى رأْي .
والثَّاني أَنَّ قولَهم سُمِّيَت العَرَبُ باسْمِها لنُزُولِهِم بِهَا صَرِيحٌ بأَنَّها كانَتْ مُسمَّاةً بذلك قَبْل وُجُودِ العَرب وَحُلُولِهم الحِجَازَ وما وَالَاه مِن جَزِيرَة العَرَب ، والمعروفُ في أَراضِي العَرَبِ أَنَّهم هُمُ الَّذِين سَمَّوْهَا ولَقَّبُوا بُلدانَها ومِيَاهَا وقُرَاهَا وأَمْصَارَهَا وبَادِيَتَهَا وحَاضِرَتَهَا بِسَبَبٍ مِنَ الأَسْباب ، كَمَا هُوَ الأَكْثَر ، وقد يَرْتَجِلُون الأَسْمَاءَ ولا يَنْظُرُون لِسَبَب .
والثَّالِثُ أَنْ ما ذُكِر يَقْتَضِي أَنَّ العَرَب إِنَّما سُمِّيَت بِذلِكَ بَعْدَ نُزُولِهَا فِي هَذِه القَرْيَة والمَعْرُوفُ تَسمِيَتُهُم بِذلِك في الكُتُب السَّالِفَة ، كالتَّوْرَاةِ والإِنْجِيلِ وغَيْرِهِما ، فكَيْفَ يُقَالُ إِنهُم إِنَّمَا سُمُّوا بَعْدَ نُزُولهم هَذِه القَرْيَة .
والرَّابِعُ أَنَّهُم ذُكِرُوا مَع بَقَايَا أَنْوَاع الخَلْق ، كالفُرْسِ ، والرُّومِ والتُّرْك وغَيْرِهِم ، ولم يَقُل فيهم أَحَدٌ إِنهم سُمُّوا بأَرْضٍ أَو غَيْرِهَا ، بَلْ سُمُّوا ارتِجَالاً ، لا لِصَفَةٍ أَو هَيْئة أَو غَيْرِ ذلِك ، فالعَرَب كذلك .
والخَامِسُ أَنَّ المعروفَ في المَنْقُولِ أَنْ يَبْقَى على نَقْلِه على التَّسْمِيَة ، وإِذا غُيِّر إِنَّمَا يُغَيَّر تَغْيِيراً جُزْئِيًّا للتَّمْيِيزِ بَيْنَ المَنْقُول والمَنْقُولِ عَنْه فِي الجُمْلَة ، والمَنْقُولُ هنا أَوْسَعُ دائِرَةً مِن المنقول عَنْه من جِهَاتٍ ظَاهِرَة ، ككَوْنِ أَصْلِ المَنْقُول عَنْ عَرَبَةً بالهَاءِ ، ولا يُقَال ذلِكَ في المَنْقُولِ ، وكَكَوْنِهِم تَصَرَّفُوا فيه بلُغَات لا تُعْرَف ولا تُسْمَع في المَنْقُولِ عنه ، فقَالُوا عَرَبٌ ، مُحَرَّكَة ، وعُرْب ، بالضَّمِ ، وعُرُبٌ ، بضَمَّتَيْن ، وأَعْرَابٌ وأَعْرَابِيٌّ ، وغَيْرُ ذلك .
والسَّادِسُ أَنَّ العَرَب أَنْوَاعٌ وأَجْنَاسٌ وشُعُوبٌ وَقَبَائِلُ مُتَفَرُّقُونَ في الأَرْضِ ، لَا يَكَادُ يَأْتِي عليهم الحَصْرُ ، ولا يُتَصَوَّر سُكْنَاهم كُلِّهم في هَذِه القَرْيَة أَو حُلُولُهم فِيهَا ، فكَانَ الأَوْلَى أَن يُقْتَصَرَ بالتَّسْمِية على مَنْ سَكَنَها دُونَ غَيْرِه .
____________________

(3/345)



ثم أَجَابَ بِمَا حَاصِلُه : أَنَّ إِطْلَاقَ العَرَب عَلَى الجِيلِ المَعْرُوف لا إِشْكَالَ أَنَّه قَدِيم كغيره من أَسْمَاءِ بَاقِي أَجْنَاسِ الناس وأَنْوَاعهم ، وَهُو اسْمٌ شَامِل لجَمِيع القَبَائِل والشُّعُوبِ ، ثم إِنَّهم لَمَّا تَفَرَّقُوا في الأَرَضِين وتَنَوَّعت لَهُم أَلقابٌ وأَسماءٌ خَاصّة باخْتِلاف ما عرضت من الآباء والأُمهات والحالات التي اخْتَصَّت بِهَا كقُرَيْشٍ مَثَلاً وثَقيفٍ ورَبِيعَةَ ومُضَر وكِنَانة ونِزَار وخُزَاعة وقُضَاعَة وفَزَارة ولِحْيَان وشَيْبَان وَهمْدان وغَسَّان وغَطَفَان وسَلْمَان وتَمِيم وكَلْب ونُمير وإِيَاد وَوَداعَة وبَجِيلَة وأَسْلَم ويَسْلَم وهُذَيْل ومُزَيْنَة وجُهَيْنة وعَامِلَة وبَاهِلَة وخَثْعَم وطَيِّىء والأَزْد وتَغْلِب وقَيْس ومَذْحِج وأَسد وعَنْبس وعَنْس وَعَنَزَة ونَهْد وبَكْر وذُؤَيْب وذُبْيَان وكِنْدَة ولَخْم وجُذَام وضَبَّة وضِنَّة وسَدُوس والسَّكون وَتَيْم وأَحْمَسَ وغَيْرِ ذلك ، فأَوْجَب ذلِك تمييز كُلِّ قَبِيلَة باسْمِهَا الخَاصّ ، وتُنُوسِيَ الاسْمُ الّذِي هو العَرَب ، ولم يَبْقَ له تَدَاوُلٌ بينهم ولا تَعَارُفٌ ، واستَغْنَت كُلُّ قَبِيلَة باسْمِهَا الخَاصّ ، مع تَفَرُّق في القَبَائل وَتَبَاعُد الشُّعُوب في الأَرْضِينَ . ثم لَمَّا نَزَلَت العَرَبُ بِهذِه القَرْيَة ، في قَوْل ، أَو قُرَيْشٌ بالخُصُوص ، في قَوْل المُصَنّف ، رَاجَعُوا الاسْمَ القَدِيم وتَذَاكَروه وتَسَموُا بِه ، رُجُوعاً للأَصْل ، فمَنْ عَلَّل التَّسْمِيَة بما نَقَله البَكْرِيُّ وَغَيْرُه نَظَر إِلَى الوَضْع الأَوّل المُوَافِق للنَّظَرِ من أَسماءِ أَجْنَاسِ النَّاسِ . ومَنْ عَلَّل بِمَا ذَكَرَه المُصَنِّف وغيرُه مِنْ نُزُول عَربَة نَظَرَ إِلى ما أَشَرْنَا إِليه .
ويَدُلُّ على أَنّه رُجُوعٌ للأَصْل وتَذَكُّرٌ بَعْدَ النِّسْيَان أَنَّهُم جَرَّدُوهُ من الهَاءِ المَوْجُودَةِ في اسم القَرْيَة وذَكّرُوه على أَصْلِه المَوْضُوعِ القَدِيم . هَذَا نَصُّ جَوَابه . وقد عَرَضَه على شَيْخَيُهِ سَيِّدِنا الإِمام مُحَمَّدِ بْنِ الشَّاذِلِيِّ وَسَيِّدِنَا الإِمَامِ مُحَمَّده بْنِ المسنَّاوِيّ تَغَمَّدَهُماالله تعالى غُفْرَانِه فارْتضَيَاه وسَلَّما له بالقَبُول وأَجْرَياه مُجْرَى الرَّأْي المَقْبُول وأَيَّدَه الثَّانِي بقَوْله : إِنَّه ينظُر إِلى ما اسْتَنْبَطُوه في الجَوَاب عن بَعْضِ الأَدلَّة التي
____________________

(3/346)


تَتَعَارض أَحْيَاناً فتتَخَرَّج على النّسبِيَّات والحَقِيقِيَّات .
وذكر شيخُنَا بعد ذلك أَوَّلِيَّةَ بناءِ المَسُجِدِ الحَرَام والمَسْجِدِ الأَقْصَى لإِبْرَاهِيمَ وسليمان عَلَيْهِمَا السَّلَام مَع أَنَّ الأَوّلَ مِنْ بناءِ جِبْرِيل عَلَيْه السَّلَام مع المَلَائِكَةِ . والثَّاني من بِنَاءِ آدَم عَلَيْه السَلَام ، فَقَالُوا تُنُوسِي بِنَاءُ هؤُلاءِ بمُرُور الأَزْمَان وتَقَادُم العَهْد فَصَار مَنْسُوباً لسَيِّدِنا إِبْرَاهِيم وَسَيِّدِنا سُلَيْمَان ، فَهُوَ الأَوْلَى بهذَا الاعْتِبَار ، إِلَى آخِرِ ما ذكر .
قلت : وقد يُقَالُ إِنَّ رَبِيعَةَ ومُضَرَ وكِنَانَة ونِزَاراً وخُزَاعَة وقَيْساً وضَبَّة وغَيْرَهم مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلام مِمّن ذكر آنِفاً . ولم يَذْكُر من العَرب المستَعْربة وهم سكان هذه الجزيرة ومجاورو سَاحَاتِ مَكَّةَ وأَوْدِيَتِها ، وقد تَوَارَثُوها من العَرَب العَارِبة المُتَقَدِّم ذِكْرُهم وإِن تَشَتَّت منهم في غَيْرها فَقَلِيل من كَثِير ، كيف تُنُوسِيَ بَيْنَهم هذَا الاسْم ثم تُذُوكِرُوا به فِيمَا بَعْد ، وهَذا لا يَكُون إِلا إِذَا فُرِض وقُدِّر أَنه لم يَبْق بِتِهامَةَ من أَولادِ إِسْمَاعِيل أَحَدٌ وهَذَا لَا قَائِل به . وقوله : ثم لَمَّا نَزَلَت العربُ ، ليتَ شِعْري أَيّ العَرَب يَعْنِي ؟ أَمِن العَرَب العَارِبَة فإِنهم انْقَرَضُوا بِهَا ولم يُفَارِقُوها أَو من المُسْتَعْرِبَة وَهُم أَولادُ إِسْمَاعِيل ، واخْتَصَّ مِنْهم قُرَش فَصَارَ القَوْلَانِ قَوْلاً وَاحِداً .
ثم الجَوَاب عما أَورده . أَمَّا عن الأَوَّل فَلِمَ لا يَكُون هَذَا من جُمْلَة الأَفْرَاد التي ذكرها كمَذْحِج وغَيْرِه ، ومِنْهَا نَاعِط وشَبَام قَبِيلَتَان من حِمْير ؛ سُمِّيتَا باسْمِ جَبَلَيْن نَزَلَاهُمَا ، وكَذَلك بنو شُكْر بالضَّم سُمُّوا باسْمِ المَوْضع ، وفي مُعْجَمِ البَكْرِيّ : سُمي جُدَّة بن جرم بن رَبّان بن حُلْوان بْنِ الحَاف بن قُضاعَة بالموضع المعروف من مكة لولادته بِهَا ، وهذا قد نَقَلَه شيخُنَا في شَرْحِ الكِتَاب في ج د د كما سيأْتي .
وفي معجم ياقوت : مَلَكَانُ بْنُ عَدِيّ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ أُدَ ؛ سُمِّي باسْم الوَادِي وهو مَلِك من أَوْدِيَة مَة لوِلَادَتِهِ فيه . وقرأْت في إِتحافِ البَشَر للنَّاشريّ ما نَصُّه : فَرَسَانُ مُحَرَّكَة :
____________________

(3/347)


جَبَلٌ بالشَّام سُمِّيَ به عِمْرَانُ بنُ عَمْرِو بْنِ تَغْلِب ، لاجتيازه فيه ، وبه يُعْرَف ولدُه . ورأَيْت في تاريخه ابن خِلِّكَان مَا نَصْه : كاتم والتُّكرور : جِنْسَانِ من الأُمم سُمِّيا باسْم أَرْضِهِما ، ومثلُه كَثِير يعرفه المُمَارِس في هَذَا الفن .
وعند التأَمل فيما ذكرنا يَنْحَلُّ الإِيرادُ الثَّانِي أَيضاً .
وأَما عن الثَّالِث فنقول : ما المرَادُ بالعَرَب الدينَ تَذْكرُهم ؟ أَهُمُ القَبَائِلُ الموجودةُ بالكثرة التي تَفَرَّعت قريباً ، أَم هُمْ أَولادُ إِرَم بْنِ سَام البطونُ المُتَقَدِّمَة بعد الطُّوفَان ؟ فإِن كان الأَوّل فإِنهم ما نَزَلُوا عَرَبَة ولا سَكَنُوها ، وإِن كَان الثَّانِي فلا رَيْبَ أَنَّ التوراة والإِنْجِيلَ وغَيْرهما من الكُتُب مَا نَزَلَت إِلَّا بَعْدَهم بكَثِير ، وكَان مَعَدُّ بْنُ عَدْنَان في زَمَن سَيِّدِنا مُوسَى عليه السلام ، كما يَعْرِفُه مَنْ مارس عِلْمَ التَّوَارِيخ والأَنْسَاب . وأَمَّا ما وَرَد في حَدِيثِ المَوْلد من إِطْلَاق لَفْظِ العَرَب قَبْلَ خَلْق السموات والأَرْض فهو إِخْبَار غَيْبِيٌّ بما سَيَكُون ، فهو كَغَيْرهِ مِن المُغَيَّبَات .
وأَمَّا عن الرَّابع فإِنه إِذا كَان بعضُ الأَسْماءِ مُرْتَجِلَةً وبَعضُهَا مَنْقولَةً لَا يُقَال فيها : لمَ لم تَكُن مُرْتَجَلات كُلُّها أَو مَنْقُولَاتٍ كُلّهَا حَتَّى يلزم ما ذكر لاختلافِ الأَسْبَاب والأَزمنة .
وأَما عَن الخَامِس فنقول : أَليسَ التعريبُ في الكلام هو النَّقْلَ من لِسَان إِلى لسَان . فالمُعرَّب والمعرَّب مِنْه هو المَنْقُول والمَنْقُولُ مِنْه . وهذا لفْظ العرَبُون في هذه المادة سيأْتي عن قريب وهو عَجَمِيّ . كيف تَصَرَّفُوا فيه مِن ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ أَعْرَبَ وعَرَّب وعَرْبَن واشتَقُّوا منها أَلفَاظاً أُخَر غير ذلك ، كما سيأْتِي ، فيُجْعَل هذَا مِنْ ذَاك . وهذَا لَفْظُ العَجَم تصرفوا فِيهِ كا تَصَرفوا في لفظ العَرَب .
وأَما عَنِ السَّادِس فأَن يُقَال : إِن كان المُرَادُ بعَرَبَة الَّتي نُسبَت العرَب إِليهَا هِي جزِيرة العرَب ، عَلَى ما في المَرَاصِد وغيره ، وبِالعَرَب هم أُصُولُ القَبَائِل ، فلا إِشكالَ ، إِذْ هم لم يَخْرُجُوا مِنَ الجَزِيرَةِ ، والذي خَرَجَ في العَهْد القَرِيب وهم قَلِيل ،
____________________

(3/348)


وغَالِبُهم في مواطنهم فيها ، وأَمَّا الشُّعوبُ والقَبَائِلُ التي تفرَّعَتْ فِيمَا بَعْد فهم خَارِجون عن البَحْثِ ، وكذلك إِن كان المرادُ بها مَكّة وسَاحَاتِهَا ، فإِنّ طسمَ وجَدِيسَ وعِمْلِيقَ وجُرْهُمَ سَكَنُوا الحَرَم وَهُم العَرَبُ العَارِبَة ، ومنهم تَعَلَّم سيدُنا إِسماعِيل عليه السلام اللسانَ العَرَبِيَّ . وعادٌ وثمودُ وأُميم وعَبيل وَوَبار ، وهم العرب العاربة ، نزلوا الأَحقَفَ ومَا جَاورها وهي تِهَامَةُ على قَوْل من فَسَّر عربَة بتِهَامَة ، فَهؤلاء أُصُولُ قَبَائِلِ العرَبِ العَارِبَةِ التي أَخذَت المُسْتَعْرِبَةُ مِنْهم اللِّسَانَ قَد نَزَلُوا ساحَاتِ الحَرَم ، ومنهم تَفَرَّعَت القَبائلُ فيما بعد وتَشَتَّتَتْ ، فبقي هذا اللفظُ عَلَمَا عليهم لسُكْنى آبَائِهم وجُدُودهِم فيها وإِن لم يَسْكُنُوا هم ، وقد أَسلفْنَا كلامَ الأَزْهَرِيّ وغَيْرِه وهو يُؤَيِّد ما ذكرنَاه . ثم إِن قول المصنف : أَقامت قريش إلى آخره . وفي التهذيب وغيره : أَقامت بَنُو إِسماعيل ، وعلى القَوْلين تَخْصِيصُهما دُون القَبَائل إِنما هو لشرفِهِما ورِياسَتِهما على سَائِر العرب فصارَ الغَيْرُ كالتَّبَع لهما ، فلا يقال : كان الظاهر أَن تُسَمَّى بها قريش فقط ، ويدُلّ لمَا قُلنا أَيضاً ما قَدَّمْنا أَنَّه يُقَال رَجُل عَرَبيّ إِذا كان نسبُه في العَرَب ثابِتاً وإِن لم يَكُن فَصيحاً ، ومَنْ نَزَلَ بلاد الرِّيف واستوطَن المُدُن والقُرَى العرَبِيَّة وغيرَهمَا مِمَّا يَنْتَمِي إِلى العَرَب فَهُم عَرَب وإِن لم يكُونُوا فُصَحَاءَ ، وكَذَا ما قَدَّمنا أَنّ كلَّ مَنْ سكن بلاد العَرَب وجَزِيرَتَهَا ونَطَق بلِسَانِ أَهلِها فَهُم عَرب ، يَمَنُهم وَمَعَدُّهُم .
( و ) عرَبَةُ التي نُسِبَت إِليها العربُ اختُلفَ فيها ، فقال إِسحاقُ بنُ الفَرَج : ( هِيَ بَاحَةُ العَرَبِ ) أَي ساحتهم ( وبَاحَةُ دَاره أَبِي الفَصَاحَة ) سيدنا ( إِسْمَاعِيل عَلَيْه السَّلَام ) والمرادُ بذلك مَكَّة وسَاحَاتُهِا . وقَال بعضهم : هِيَ تِهَامة وقد تَقدَّمت الإِشَارَة إِليه . وفي مراصِد الاطْلاع : إِنها اسمُ جَزِيرَة العَرَب ( واضطُرَّ الشَّاعِرُ إِلَى تَسْكِين رَائِها ) أَي من عَرَبَة ( فَقَالَ ) مُشِيراً إِلى أَنَّ عربَة هي مَكَّةُ وسَاحاتُها :
( وَعَرْبَةُ أَرْضٌ ما يُحِلُّ حَرَامَها مِنَ النَّاسِ إِلَّا اللَّوذَعِيُّ الحُلَاحِلُ )
____________________

(3/349)



( يَعْنِي ) الشاعِرُ بِاللَّوّذعِيّ الحُلَاجِل ( النَّبِيَّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْه وسَلَّم ) فإِنَّه أُحِلّت له مكةُ ساعة من نهار ثم هِيَ حَرامٌ إِلى يوم القيامة .
( والعَرَبَاتُ ) مُحَرَّكة ؛ بِلادُ العرب ، كما في المراصد ، ووجدت له شاهداً في لسان العرب :
ورُجَّتْ باحَةُ العَرَبَاته رَجًّا
تَرَقْرَقُ في مَنَاكِبِها الدِّمَاءُ
ويَدُلُّ له قولُ الأَزْهَرِيّ ما نَصُّه : الأَقْرَبُ عِندِي أَنَّهُم سُمُّوا عرباً باسْمِ بَلَدِهِم العَرَبات ، وقد أَغفَلَه المصنف . والعَرَباتُ أَيضاً : ( طَرِيقٌ في جَبَل بِطَرِيقِ مِصْرع ) نَقَلَه الصّاغانيّ .
( و ) العَرَبَات : ( سُفُنٌ رواكِدُ كَانَتْ في دِجْلَةَ ) النَّهْرِ المعْرُوف ، وَاحِدتها عَرَبَة .
( و ) قولهم : ( مَا بِهَا ) أَي بالدَّارِ ( عَرِيبٌ ومُعْرِبٌ ) أَي ( أَحَدٌ ) ، الذكَرُ والأُنثى فيه سواءٌ ، ولا يُقَال في غَيْرِ النَّفْيِ .
( والعُرْبَانُ ) كعُثْمان ( والعُرْبُونُ بضَمِّهِما والعَرَبُونُ ، مُحَرَّكَةً و ) قَد ( تُبْدَلُ عَيْنُهُنَّ هَمْزَةً ) على الأَصْل المَنْقُول منه ، نَقَلَه الفِهْريّ في شَرْح الفَصِيح عن أَبِي عُبَيْد في الغَرِيب ونقلوه أَيضاً عن ابْنِ خَالَوَيْه ، وقد تُحذَف الهَمْزةُ فيُقَال فيه الرَّبُون كأَنَّه من رَبَن ، حَكاهُ ابْنُ خَالَوَيْه وأَوْرَده المُصَنِّف هناك ، فهِي سَبْعُ لُغَات ، ونقل شيخُنَا عن أَبِي حَيَّان لُغَةً ثَامِنَة وهي العَرْبُون ، بفتح فسكون فضم . قلت : وهي لُغَةٌ عَامِّيَّة ، وقد صرح أَبو جَعْفَر اللَّبْلِيّ بمَنْعِهَا في شَرْح الَصِيح مما نَقَله عن خَطّ ابنِ هشَام ، وصَرّح الكَمَالُ الدَّمِيرِيّ في شَرْحٍ المِنْهَاج بأَنَّه لفظٌ مُعَرَّب ليسَ بعربيّ ، ونَقلَه عن الإِصمَعِيّ القَاضي أَيضاً والفَيُّومِيُّ وغيرهُمَا ، وأَورَدَه الخَفَاجِيُّ في شِفَاءِ الغَلِيل فيمَا في لغة العَرَب من الدَّخِيل ، وحَكَى ابنُ عُدَيْس لُغَةً تَاسِعَةً قال : نقلتُ من خَطّ ابن السّيد ، قال : أَهلُ الحِجَاز يقولون : أُخِذَ مِنْي عُرُبَّان بضمَّتَيْن وتَشْدِيد الموحَّدة ، نقَله بعضُ شُرَّاح الفَصِيح ، قاله شيخُنا ، ونَقَل أَيضاً عن بعض شُرُوح الفَصيح أَنه مشْتَقٌّ
____________________

(3/350)


من التَّعْرِيب الذي هُوَ البَيَان ؛ لأَنَّه بَيَان للبَيع .
والأَرَبُونُ مشتَقٌّ من الأُرْبَةِ وهو العُقْدة ؛ لأَنَّه به يَكُون انْعِقَادُ البَيْع ، وسَيَأْتِي . وهو ( مَا عُقِدَ بِهِ المُبَايَعَةُ ) ، وفي بَعْض ( النسخ ) البيعة ( مِنَ الثّمَنِ ) ، أَعجميّ عُرِّب . وفي الحدث ( أَنَّه نَهَى عَنْ بَيْعِ العُرْبَانِ ) وهو أَن يَشْتَرِيَ السِّلْعَةَ ويَدْفَع إِلى صَاحِبِها شيئاً على أَنَّه إِن أَمْضَى البَيْعَ حُسِب من الثَّمَن ، وإِن لم يُمْضِ البَيْعَ كان لِصَاحِبِ السِّلْعَة ، ولم يَرْتَجِعْه المُشْتَرِي . يقال : أَعْرَبَ في كَذَا وَعَرَّبَ وعَرْبَنَ وهو عُرْبَانٌ وعُرْبُون .
وفي المصباح : هو القَلِيلُ من الثَّمَن أَو الأُجْرَة يُقَدِّمُه الرجلُ إِلى الصانع أَو التاجرِ ليَرتَبِطَ العقْدُ بينَهما حتى يَتَوافَيا بعد ذَلِك ، ومِثْلُه في شُرُوح الفَصِيح فكَمَا أَنَّه يكونُ في البيع يكون في الإِجَارَة ، وكأَنَّه لمَّا كان الغَالِبُ إِطلاقَه في البيع اقتَصَروا عليه فيه ، قاله شيخُنَا .
وفي لسان العرب : سُمِّيَ بذلكَ لأَنَّ فيه إِعْرَاباً لعَقْد البيع ، أي إِصلاحاً وإِزَالة فَسَادٍ ؛ لئلا يَمْلِكَه غيرُه باشتِرائِه ، وهو بَيْعٌ باطلٌ عند الفُقَهَاء ، لِمَا فِيهِ من الشَّرْط والغَرَر ، وأَجازه أَحْمَدُ . ورُوِيَ عن ابْنِ عُمَرَ إِجَازَتُه . قال ابنُ الأَثير : وحَدِيثُ النَّهْي مُنْقَطِع وفي حَدِيثِ عُمَر ( أَنَّ عَامِلَه ( بمكة ) اشتَرَى دَاراً للسِّجْنِ بأَرْبَعَةِ آلَاف ، وأَعْرَبُوا فِيهَا أَربَعمِائة ) أَي أَسْلَفُوا ، هذه عِبَارَة لِسَانِ العَرَب بعَيْنِها ، فلا اعْتِدَادَ بما قَالَه شيخُنَا ونَسَب ابْن مَنْظُور إِلى القُصُور .
( وعَرَبَانُ مُحَرَّكَةً : د بالخَابُورِ ) .
( و ) كسابة ؛ ( عَرَابَةُ بْنُ أَوْسِ بن قَيظِيّ بْنِ عَمْرو بْنِ زَيْد بن جُشَمَ بنِ حَارِثة من بَنِي مَالِكِ بْنِ الأَوْسِ ثم مِن بَنِي حَارِثَة منهم . قال ابنُ حِبّان : له صُحْبَة . وقال ابنُ إِسحاق استَصْغَرَه النَّبِيُّ صلَّى الله عَلَيْه وسلم والبراءَ بْنَ عَازِب وغيرَ وَاحِد فَردَّهم يومَ أُحُد ، أَخرجه البُخَارِيّ في تَارِيخه من طَرِيق ابْنِ إِسحاق . حدَّثني الزُّهْرِيّ عن عُروة بْنِ الزُّبَيْرِ بِذَلِك ، كذا في الإِصَابة
____________________

(3/351)


( كَرِيمٌ ) أَي معروف قاله ابنُ سَعْد . وفيه يقولُ الشَّمَّاخُ بنُ ضِرارٍ المُرِّيُّ ، كذَا في الإِصابَة والكَامِلِ للمُبرِّد ، والَّذِي في الصَّحَاح أَنَّه للحُطَيْئة :
إِذَا مَا رايَةٌ رُفِعَت لمَجْدٍ
تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ باليَمِينِ
( ويَعْرُبُ ) كيَنْصُر ( بْنُ قَحْطَانَ : أَبُو ) قَبَائِله ( اليَمَنِ ) كُلِّهَا . ( قِيلَ ) : هو ( أَوَّلُ مَنْ تكلَّم بالعَرَبِيَّة ) وَبَنُوه العرَبُ العَارِبَة ، قيل : وبِه سُمِّي العربُ عَرَباً ، ونقل شيخُنَا عن ابْنِ دُرَيْد في الجَمْهَرَةِ سُمِّيَ يَعْرُبَ بْنَ قَحْطَان ؛ لأَنَّه أَوّلُ من انْعَدَل لِسَانُه عن السرْيَانِيَّةِ إِلَى العَرَبِيَّة . وقال مُحَمَّدُ بْن سَلَّام الجُمَحِيّ في الطَّبَقَات : قال يُونُس بْنُ حَبِيب : أَوَّل مَنْ تَكَلَّم بالعرَبِيَّة إِسمَاعِيلُ علِيه السَّلام . ثُمَّ قَال مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّام : أَخبَرنِي مِسْمَعُ بْنُ عَبْدِ المَلِك أَنَّه سَمِعَ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيّ يقول : أَوَّلُ من تَكَلَّم بالعربية ونَسِي لِسَانَ أَبِيه إِسماعِيلُ عليه السَّلَامُ ، وأَخرَجَ الحَاكِم في المُستَدْرَك وصَحَّحهُ والبَيْهَقِيُّ في شعب الإِيمان من طَرِيق سُفْيَان الثَّوْرِيّ عن جَعْفَر بْنِ مُحَمَّد عن أَبِيه عن جَابِر ( أَنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم تَلَا : { قُرْءاناً عَرَبِيّاً لّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } ( فصلت : 3 ) ثم قَالَ : أُلْهِمَ إِسمَاعِيلُ هَذا اللِّسَان العَرَبِيَّ إِلْهَاماً . وقال الشِّيرَازيُّ في الأَلْقَاب : أَولُ من فُتِق لِسَانُه بالعَرَبِيَّة المُبِينَة إِسْمَاعِيلُ عليه السَّلَام وهُوَ ابنُ أَربَعَ عَشرَةَ سَنَة . قال شَيْخُنا : ولهم كَلَامٌ طَوِيل ، الأَشهَرُ منه القَوْلَانِ المَذْكُورَان . ووُفِّق بينَهُما بأَنَّ يَعْرُبَ أَوّلُ مَنْ نَطَق بمَنْطق العَرَبِيَّة ، وإِسْمَاعيل هو أَوّلُ مَنْ نطق بالعَرَبِيَّة الخَالصَة الحِجَازِيَّة التي أُنْزِلَ عَلَيْهَا القُرآنُ ، انتهى .
( وبَشِيرُ بْنُ جَابِرِ بْنِ عُرَاب ) بن عَوْفٍ ( كعراب : صَحَابِين ) شَهِدَ فتح مصر . ( وعُرَابِيُّ بْنُ مُعَاوِيَة بن عُرَابِيَ بالضَّمِّ ) الحَضْرَمِيُّ : ( من أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ ) كُنْيَتُه أَبو زَمْعَة وقيل : أَبو رَبِيعَة ، رَوَى عن سُليمانَ بْنِ زِيَاد
____________________

(3/352)


الحَضْرَمِيِّ وعَبْدِ الله بن هُبَيْرَةَ اليَمَانِيِّ ، وذَكَرَه البُخَارِيُّ في تَارِيخِه بالغَيْنِ المُعْجَمة ، وهو تَصْحِيف نَبَّه عليه الدَّارَقُطْنِيّ . وقال : هو معرُوفٌ في مصر بعَيْنٍ مُهْمَلَة : ( وعَرَابِيُّ بالفَتْح لَقب محمد بْنِ الحُسَيْن بْنِ المُبَارَكِ ) المُحدِّث ، روى عن يُونُسَ بْنِ مُحَمَّد المُؤَدِّب : ( وعَرِيبٌ كغَرِيبٍ ) : اسم ( رَجُل وفَرَس ) . أَما الرَّجُلُ فعَرِيبُ بن حُمَيْد ، عن عَمَّار ، وعنه السَّبيعي ، وعَرِيبُ بْنُ سَعْد ، عن عُمَر ، وعَرِيبُ بْنُ كُلَيْبٍ الحَضْرَمِيُّ ، ونَمر بن عَرِيب ، وآخرُون . وأَما الفَرسُ فهِي لثَعْلَبَة بْنِ أُمِّ حَزْنَةَ العَبْدِيّ ، كما نَقَله الصَّاغَانيّ .
( و ) العَرَابُ ( كَسَحَاب : حَمْلُ الخَزَم ) بالخَاءِ المعجَمَة الزاي مُحرَّكة : اسم ( لِشَجرٍ يُفْتَلُ مِنْ لِحَائه الحِبَالُ ) الواحدَة عَرَابَة ، تأْكُلُه القُرُودُ ، ورُبَّمَا أَكلَه الناسُ في المَجَاعَة .
( و ) يُقَالُ : ( أَلْقَى ) فلانٌ ( عَرَبُونَه ) ، مُحَرَّكة ، لعدَم مَجِيء فَعلُول ، وقد تقدَّمَت الإِشَارَة إِلَيْهِ ، أَي ( ذَا بَطْنِه ) أَي أَحْدَثَ .
( واسْتَعَرَبَتِ البَقَرَةُ : اشتَهَت الفَحْل . عَرَّبَها الثَّوْرُ : شَهَّاهَا . و ) في الحديث : ( لَا تَنْقُشُوا في خواتِيمِكم عَرِبِيًّا ) وفي بعض الروايات : العَرَبِيَّة ( أَي لا تَنْقُشُوا ) فيها ( مَحَمَّدٌ رسولُ الله ) لأَنَّه كان نقْشَ خاتمهِ صلى الله عليه وسلم ( كَأَنَّه قَالَ : نَبِيًّا عَرَبِيًّا ، يَعْنِي نفسَه صَلَّى اللّهُ عَلَيْه وسَلَّم ) . ومنه حَدِيثُ عُمَرَ رضي الله عنه ( لا تَنْقُشُوا في خَوَاتِيمكم العَرَبِيَّةَ ) وكان ابنُ عُمَرَ يكرَهُ أَن يُنْقَشَ في الخَاتَمِ القرآن .
( وتَعَرَّبَ : أَقَامَ بالبَادِيَة ) ومنه قَولُ الشّاعِرِ :
تَعَرَّبَ آبائِي فَهلَّا وقَاهُمُ
من الموْتِ رَمْلَا عَالِجً وزَرُودِ
يقول : أَقَامَ آبَائِي في البَادِيَة ولم يَحْضُرُوا القُرَى وقَال الأَزْهَرِيّ : تعرَّب مِثل استَعْرَب .
____________________

(3/353)


وتعربَ : رجَعَ إِلى البادِيَة بعدَمَا كَانَ مُقِيماً بالحَضَر فلِحِق بالأَعْرَاب . وقَال غيره تعرَّب أَي تشَبَّه بالعَرَب . وتعرَّب بعد هِجْرته ، أَي صارَ أَعْرَابِيًّا . وفي الحَدِيث ( ثلاثٌ من الكَبَائِر . مِنْها التَّعَرُّبُ بعدَ الهِجْرَ ) . وهو أَن يَعُود إِلى البَادِيَة ويُقِيمَ مع الأَعْرَابِ بعد أَنْ كَانَ مُهَاجِراً . وكَان مَنْ رَجَع بعد الهِجْرَة إِلى مَوْضِعِه من غَيْر عُذْر يَعُدُّونه كالمُرتَ . ومنه حَدِيثُ ابنِ الأَكوَعِ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ خَرَج إِلَى الرَّبَذَة وأَقَامَ بِهَا ، ثم إِنَّه دَخَل على الحَجَّاج يَوْماً فقال له : يا ابْنَ الأَكْوَع ارتدَدْتَ على عَقِبَيك وتعرَّبْتَ . ويُرْوَى بالزَّاي وسيُذْكَر في مَوْضِعِه .
( وَعُروبَاءُ ) أَي كَجَلُولَاءَ ، وقد وُجدَ كذلك في بَعْضِ النسَخ : ( اسْمُ السَّماءِ السَّابِعَة ) قالَه ابْنُ الأَثِير والّذي في الأَعْلَام للسُّهَيْلِيّ أَنَّه عِرْبِيَاءُ كما أَن جِرِبْيَاءَ اسمٌ للأَرْضِ السَّابِعَة ، وأَوردَهُ ابنُ التِّلِمْسَانيّ نقلاً عنه ، قاله شَيْخُنا .
ومما يُسْتَدْرَك عَلَيْه : عَرُبَ الرَّجُلُ يَعْرُبُ عُرْباً وعُرُوباً عن ثَعْلَب وعُرْبَةً وعَرَابَةً وعُرُوبِيَّ كفَصُحَ : أَفْصَحَ بَعْد لُكْنَةِ في لِسَانِه . ورجُلٌ عَرِيبٌ : مُعْرِبٌ . وَعَرَّبَتْهُ العَرَب ، وأَعْرَبَتْهُ إِذَا تَفوَّه بِه العَرَب على مِنْهَاجِها وقد ذكرناه . وعَرُبَ لِسَانُه بالضَّمِّ عُرُوبَةً أَي صَارَ عَرَبِيًّا . وَتَعَرَّبَ واسْتَعْرَبَ : أَفْصحَ .
والتَّعْرِيبُ مِثْلُ الإِعْرَابِ ، مِن الفُحْشِ في الكلَامِ . وفي حَدِيثِ بَعْضِهِم : ( ما أُوتِيَ أَحَدٌ من مُعَارَبَةِ النِّساءِ ما أُوتِيتُه أَنَا ) كَأَنَّه أَرَادَ أَسبابَ الجِمَاع ومُقَدّماته .
وأَعْرِبَ سَقْيُ القَوْمِ إِذَا كَان مَرَّةٌ غِبًّا ومَرّةً خِمْساً ثم قَامَ على وَجْهٍ وَاحِد .
والعَرَبْرَبُ : السُّمَّاقُ قد ذكره غَيْرُ وَاحِدٍ هنا .
وعُرَيْبٌ مُصغَّرا : حَيٌّ مِنَ اليَمَن .
وفي الأَسَاس : تعرَّبَتْ لِزَوْجِها : تغَزَّلَت وتَحبَّبَت .
____________________

(3/354)



( وابْنُ العَرَبِيّ ) بالأَلِف واللَّام هو ( القَاضِي أَبُو بَكْرٍ المَالِكيُّ ) عَالِمُ الأَنْدَلُس صاحب بُغْيَةِ الأَحْوَذِيِّ وغَيْرِه . ( ابْنُ عَرَبِيَ ) بلا لَامٍ محركة هو العَارِفُ المُحَقِّق مُحْيي الدِّين ( مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ الخاتِمِيُّ الطَّائِيُّ ) نَزِيلُ دِمَشْق والمدفونُ بِهَا . وُلِدَ ليلَة الإِثْنَيْن أَو الجُمُعة 27 رمضان سنة 560 ه بمَرْسِيَةَ وتُوُفّيَ ليلةَ الجُمُعَة 27 ربيع الآخر سنة 638 ه بِدِمَشْق ، فمُدَّة حَيَاته سَبْعٌ وسَبْعُون سنة وستة أَشْهُر وخَمْسٌ وعشْرُون يوماً . ويقال : إِنَّ المَوْلِدَ والوَفاةَ كلَاهُمَا في 27 رمضان وقد وَهِم المُصَنِّف في إِيرَادِه هكذا . والصَّوَابُ أَنَّ القَاضيَ أَبَا بَكْر هو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الله . والحَاتميّ هو مُحَمَّدُ بنُ عَليّ كَمَا حَقَّقَه الحَافِظُ فِي التَّبْصِير ، وهذا الفَرْقُ الذِي ذَكَره هو الذي سَمِعْنَاه منْ أَفْوَاهِ الثِّقَت ، غيرَ أَنِّي رأَيتُ في جُزْء من أَجْزَاءِ الحَدِيثِ على هَامشه طباق فيه سَمَاعٌ لابن عَرَبِيَ بخَطِّه وقد ذكر فيه آخر السّماع ، وكتبه مُحمَّدُ بنُ عَلِيّ بْنِ مُحَمَّد بْنِ مُحَمَّدِ بنِ العَرَبِيِّ ، الطَّائِيُّ ، هكذا بالأَلف واللَّام وكذا في نُسَخ من فُتُوحَاتِه ، على ما نَقَلَه شيخُنا ثم قَال : وهذا اصْطَلَح عليه النَّاسُ وتَدَاوَلُوه .
قلتُ : وفي التَّبْصِيرِ كلَاهُما ابْنُ عَرَيَ من غَيْر اللّام .
ومُنْيَة أَبِي عَرَبِيّ قريَة بالشَرْقِيّة . وحَوض الْعَرَب : أُخْرَى بالدَّقَهْلِية . وبِرَك العَرب : أُخرَى بالغَربية . وبَنُو العَرَب بالمنوفِيّة كذَا في القَوَانِين .
وصالحُ بنُ أَبِي عَرِيب ، كأَمِير : محدِّث . ويَحْيَى بنُ حَبِيب بنِ عَرَبِيّ : شَيْخُ مسلم . وعثمانُ بنُ محمد بنِ نَصْر بْنِ العِرْب ، بالكسر ، مُحدِّث ، وأُخْته حَبِيبَة حَدَّثت عن أَبِي مُوسَى المَدِينيّ ، وأَبُو العَرَبِ القَيْرَوَانِيّ المُؤَرِّخ ، بالتَّحْرِيك ، اسمُه مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بنِ تَمِيم ، نَقَلَه الصَّاغَانِيُّ . وأَبو القَاسم عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْن بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُرَيْبَةَ كجُهَيْنَة الرَّبَعيّ شَيْخُ السِّلَفِيِّ
____________________

(3/355)


مات سنة 502 ه وأَبُوه حَدَّث أَيضاً ومات سنة 475 ه وقال مْممّدُ بْنِ بِشْر : حدَّثنا أَبَانٌ البَجَلِيُّ عن أَبَانه بْنِ تَغلِبَ وكَانَ عَرَبَانِيًّا ، بالفتح ، عن عِكْرِمَة ، فذَكَرَ حَدِيثاً . قال الرُّشَاطِيّ : إِنَّه عارِفٌ بِلِسَان العَرَب ، وقَاله بالأَلِف والنُّون ليُفرِّقَ بينَه وَبَيْن العَرَبِيّ النَّسَب ، كذَا قَالَه الحَافِظ .
قلْتُ : وفي التَّوشِيحِ : رجلٌ عَربَانٌ ، أَي فَصِيحُ اللِّسَان .
وخَلَفُ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَف يُعرَف بابْنِ العُرَيْبِي ، بالضَّمِّ ، ذكره ابن الجَزرِيّ في طبقات القُرَّاء .
والاعْرَابِيُّ : فرسُ عَبَّادِ بْنِ زِيَادِ ابْن أَبِيهِ ، وكَان مُقْتَضَباً لا يُعْرف لَه أَبٌ . وكَانَ مِنْ خُيُول أَهْل العَالِيَة ، نقله الصَّاغَانِيّ . قلت : وذكره ابنُ الكَلْبِيِّ في أَنْسَابِ الخَيْلِ ، قال : وكَان من سوَابِق خَيْل أَهْلِ الشَّام كالقَطِرَنِيِّ له أَيضاً ، وقد يُذْكَر في ( ق ط ر ) .
عرتب : ( العَرْتَبَةُ الأَنْفُ ، أَو ما لَانَ مِنْه ، أَو الدَّائِرَة تَحْتَه ) في ( وَسَط الشَّفَةِ ) العُلْيَا عِنْدَ الأَنْف . وهي العَرْتَمَة ، والبَاءُ لُغَةٌ فِيهَا ، قاله الأَزْهَرِيُّ . ( أَو طَرَف وَتَرَةِ ) ، مُحَرَّكة . ( الأَنْفِ ) ، قال الجَوْهَريّ : سأَلْتُ عَنْهَا أَعْرَابِيًّا مِنْ بَنِي أَسَد فوضَعَ إِصْبَعَهُ على طَرَف وَتَرَةِ أَنْفه .
عرزب : ( العَرزَبُ ، كَجَعْفَرٍ ) ، أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وقال ابنُ دُرَيْد : العَرْزَبُ ( و ) مِثْلُ ( إِرْدَبَ ) أَي بالكَسر وفتح الثَّالث مع تشْدِيدِ المُوَحَّدَة : ( الصُّلْبُ الشَّديدُ الغَلِيظُ ) ، واقتَصَر ابنُ دُرَيْد على ضَبْطِه كجَعْفَر ، ولم يَذْكُر الغَلِيظ واللُّغَةُ الثَّانِيَة نَقَلها الصَّاغَانِيُّ .
( والضَّحَّاكُ بْنُ ) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن ( عَرزَبٍ كجَعْفَرٍ ، تَابِعِيٌّ ) نَسَبَه إِلَى جَدّه .
ومما يُسْتَدْرَكُ عليه : العَرْزَبُ : المُخْتَلِطُ الشَّدِيدُ .
عرطب : ( العَرْطَبَةُ : العُودُ ) : عُودُ اللَّهُوِ . وفي الحَدِيث ( إِنَّ اللّهَ يغفِرُ لِكُل مُذْنِب
____________________

(3/356)


إِلَّا لصاحِب عَرْطَبَة أَو كُوبَة ) ( أَو الظّنْبُور ) بالضَّم هذا عن أَبي عَمْرو ، ( أَو الطَّبْلُ ) مطلقاً ، ( أَو طَبْلُ الحَبَشَة ) خَاصَّة . ( ويُضَمُّ ) في الأَوَّلَيْنِ : ( عرقب : ( العُرْقُوبُ ) بالضَّمِّ ، وإِنَّمَا أَطلقَه لشُهْرَته ولعَدَم مَجِيء فَعْلُول ؛ ( عَصَبٌ غَلِيظ ) مُوَتَّر ( فَوْقَ عَقِبِ الإِنْسَان . ومِنَ الدَّابَّة في رِجْلِها بمنزلة الرُّكْبَةِ في يَدِهَا ) . قال أَبو دُوَاد :
حَدِيدُ الطَّرْفِ والمَنْكِ
ب والعُرْقُوبِ والقَلْبِ
قال الأَصْمَعِيُّ : وكُلُّ ذِي أَرْبعٍ عُرْقُوبَاه في رِجْلَيْه ، ورُكْبتَاه في يَدَيْهِ ، والعُرْقُوبانِ مِنَ الفَرَس : ما ضَمَّ مُلْتَقَى الوَظِيفَيْنِ والسَّاقيْن من مآخِرِهِما من العَصَب . وهو مِن الإِنْسَان : ما ضَمَّ أَسفَلَ السَّاقِ والقَدَم . وقال الأَزْهَرِيُّ : العُرْقُوبُ : عَصَبٌ مُوَتَّر خَلْفَ الكَعْبَيْنِ . ومِنْه قولُ النَّبِيَّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْه وسَلَّم ( ويْلٌ للعَرَاقِيبِ من النَّارِ ) يعني في الوُضُوءِ . وفي حَدِيث القَاسِم زكان يَقُولُ للجزَّارِ لا تُعَرقِبْهَا ) أَي لا تَقْطَع عُرْقُوبَهَا ، وهو الوَتَر الذي خَلْفَ الكَعْبين بَيْن مَفْصِل القَدم والسَّاقِ من ذَوَات الأَرْبَعِ ، وهو مِنَ الإِنْسَان فُوَيْقَ العَقِب .
( و ) العُرْقُوبُ : ( ما انْحَنَى مِن الوَادِي ( والْتَوى شَدِيداً . ( و ) العُرْقُوبُ ( من القَطَا : سَاقُهَا ) ، وَهُو مما يُبَالَغُ بِهِ فِي القِصَر فيُقَالُ : يومٌ أَقْصَرُ من عُرْقُوبِ القَطَا . قال الفِنْدُ الزِّمَّانيُّ :
ونَبْلِي وفُقَاهَا كَ
عَرَاقِيب قَطاً طُحْلِ
قال ابن بَرِّيّ : قد ذَكر أَبو سَعيدِ السَّيرَافِيُّ في أَخْبَار النَّحْوِيِّين أَنَّ هَذَا بَيْتَ لامرِيءِ القَيْس بْنِ عَابِسٍ ، وذَكَر قَبْلَه أَبْيَاتاً ، وهي :
أَيَا تَمْلِكُ يا تَمْلِي
ذَرِيني وذَرِي عَذْلِي
ذَرِيني وسلَاحِي ث
مّ شُدِّي الكَفّ بالعُزْلِ
____________________

(3/357)



ونَبْلِي وفُقَاهَا كَ
عَرَاقِيبِ قَطاً طُحْل
وَثَوْبَايَ جَديدَان
وأُرْخِي شَرَكَ النَّعْلِ
ومِنِّي نظرَةٌ خَلْفِي
ومنِّي نَظْرَةٌ قَبْلَي
فإِمَّا متُّ يا تَمْلي
فمُوتِي حُرَّةً مثْلي
كذا في لسان العرب .
( و ) العُرْقُوبُ : جَبَ مُكلَّل بالسحاب أَبداً لا يُمْطِر ، وهو أَيضاً ( طَرِيقٌ في الجَبَل ) ضَيِّق ، أَو يكون في الوَادِي القَعِيرِ البَعِيدِ لا يَمْشِي فيه إِلَّا وَاحِدٌ .
( و ) العُرقُوبُ : ( الحِيلَةُ ) وَسَيَأْتي قريباً ، ( و ) العُرْقوب : ( عِرْفَانُ الحُجَّةُ ) ، نقله الصَّاغَانِيّ .
( و ) عُرقُوبٌ : ( فرسٌ ) لزيدِ الفَوَارِسِ الضَّبِّيِّ . وأُمُّ عُرْقُوبٍ وأُمُّ العَرَاقِيبِ : أَفْرَاسُ عُرْقوبُ ( بنُ صَخْرٍ أَو ) هو عُرقوبُ ( بنُ مَعْبد ) كذا في النسخ كمَقْعَد ، وضَبطَه ابنُ دُرَيْد كمُفيد أَيضاً ( ابْنِ أَسَد ) : رَجُلٌ ( من العَمَالِقَة ) ، على القول الأَوَّل قاله ابنُ الكَلْبِيّ ، وعليه اقْتَصَر الجوهَرِيّ . وعلى القَوْلِ الثَّانِي فهو رَجُل من بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ سَعْد ، كذا في الإِيناس للوَزِير أَبِي القَاسم المَغْربِيِّ ، والجَمْهَرَة لابْنِ دُرَيْد ، وزاد الثَّانِي : وقيل إِنَّه من الأَوْس ، كَان ( أَكْذبَ أهْلِ زَمَانِه ) . ضَربَت به العَرَبُ المَثَل في الخُلْفِ فقالوا ( مَواعِيدُ عُرْقُوب ) ( و ) ذلك أَنَّه ( أَتَاه سَائِلٌ ) وهو أَخٌ لِيسأَله شيئاً ( فَقَالَ ) له عُرْقُوب : ( إِذَا أَطْلَعَ نَخْلِي ) وفي رواية إِذَا أَطْلَعَت هَذِه النخلةُ ( فَلمَّا أَطْلَع ) أَتَاهُ عَلى العدَة ( قَال : إِذا أَبْلَحَ ) ، وفي أُخْرَى : دَعْها حتى تَصِيرَ بَلَحاً ( فَلَمَّا أَبْلَحَ ) أَتَاهُ ( قَال : إِذَا أَزْهَى ، فلَمَّا أَزْهَى ) أَتَاه ( قال : إِذَا أَرْطَبَ ) وفي بعض الرِّوَايَات زيادَة : إِذا أَبْسَر بين أَزْهَى وأَرطَب ( فَلمَّا أَرْطَبَ ) أَتاه ( قَال : إِذَا أَتْمَرَ ، فلما أَتْمَر ) عَمَد إِليه
____________________

(3/358)


عُرقوبٌ و ( جَدَّه لَيْلاً ) أَي قَطَعه . ( ولم يُعْطه ) منه ( شَيْئاً ) ، فصارَت مَثَلاً في إِخْلافِ الوعْدِ . ( و ) فيه ( قال جُبَيْهَاءُ الإِشْجَعِيّ :
وَعَدْتَ وكَانَ الخُلْفُ منْكَ سَجِيّةً أَي طَبِيعَةً لازمة مثْل .
( مَوَاعِيد عُرْقُوب أَحاه بيَتْرَبِ ) بالتَّاء ، وهي باليَمَامَة ، ويروى بالمُثَلَّثَة ، وهي المَدِينة بنَفْسِها . ويقال : هو أَرض بني سَعْد ، والأَوّلُ أَصحُّ . وبه فُسِّر قولُ كعبِ بْنِ زُهَيْر :
كانت مواعِيدُ عُرْقوبٍ لَهَا مَثَلاً
وما مَوَاعِيدُهَا إِلَّا الأَبَاطِيلُ
وفي الأَسَاس ، ومن المجاز : هو أَكذَبُ من عُرْقُوب يَتْرَب . وتقول : فلانٌ إِذا مَطَل تَعقْرَب ، وإِذَا وَعَد تَعرْقَب ، وأَنشد الميدانيّ :
وأَكْذَبُ من عُرقوبِ يَتْرَبَ لهْجَةً
وأَبينُ شُؤماً في الحَوَائِجِ من زُحَلْ
( و ) من أَمثالِهم : ( الشَّرُّ أَلجَأُه إِلى مُخِّ عُرْقُوب ) ، و ( شَرٌّ ما أَجَاءَك ) أَي ما أَلْجَأَكَ ( إِلَى مُخَّةِ عُرْقُوب ) ، أَي عُرْقُوبِ الرَّجُلِ ، لأَنَّه لا مُخَّ له . ( يُضْرَبُ ) هذا ( عِنْدَ طَلَبِ مِنَ اللَّئِيم ) أَعطاك أَو مَنَعك ، وهو لُغَة بني تميم . يُقَال : أَلجأْتُه إِلَى كَذَا أَي أَلجأْتُه . والمَعْنَى ما أَلجأَك إِلَيْهَا إِلّا شعرٌّ ، أَي فَقْرٌ وفاقةٌ شَديدةٌ .
( و ) من المستعار : ما أكثَر عرَاقِيبَ هذَا الجَبَل . ( العَرَاقِيب ) كالعُرْقُوب : ( خَيَاشِيمُ الجِبَال ) وأَطرافُهَا ، وهي أَبعدُ الطُّرُقِ ، لأَنَّكَ تَتَّبِع أَسهلَه أَينَ كان ، قاله أَبو خَيْرة : ( أَو ) هي ( الطُّرقُ الضُّيِّقَة في مُتُونِهَا ) أَي الجِبَال قاله الفَرَّاءُ . قال الشَّاعر :
ومَخُوف من المَنَاهِل وَحْشٍ
ذِي عَرَاقِيبَ آجِنٍ مِدْفَانِ
( وتَعَرْقَبَ ) الرَّجُلُ : ( سَلَكَهَا ) ، أَي أَخذَ في تِلك الطُّرقِ . ويقال : تَعَرْقَبَ لخَصْمِه إِذَا أَخذَ في طَرِيق تَخْفَى عليه ، وأَنْشَد :
____________________

(3/359)



إِذَا مَنْطقٌ زَلَّ عن صَاحِبِي
تَعَرْقَبْتُ آخَرَ ذا مُعْتَقَبْ
أَي أَخذتُ في مَنْطِق آخرَ أَسهلَ منه ، ويُرْوَى : تَعَقَّبْتُ .
( و ) العَرَاقِيبُ ( مِنَ الأُمُور ) كالعَرَاقِيل : عِظَامُهَا وصِعَابُها و ( عَصَاوِيدُهَا ) .
( و ) عَرَاقِيبُ : ( ة ) ضَخْمة ( قُرْبَ حِمَى ضَرِيَّةَ ) للضِّباب . ( وطَيْرُ العَرَاقِيبِ : الشِّقِرَّاقُ ) ، بكَسر الشِّين والقَاف وتَشْدِيدِ الرَّاءِ ، وهم يَتَشَاءَمون به ، ومنه قَوْلُ الشّاعر :
إِذَا قَطَناً بلَّغْتِنِيهِ ابنَ مُدْرِكِ
فلاقَيْتِ من طَيْرِ العَراقِيبِ أَخْيَلَا
وتقُول العرَب : إِذَا وَقَع الأَخْيَلُ علَى البَعِير لَيُكْسَفَنَّ عُرقُوباه . وقَال المَيْدانِيّ : كُلُّ طَائِر يُتَطَيَّر منه للإِبل فَهُوَ طَيْرُ عُرْقُوب ؛ لأَنَّه يُعرِقِبُهَا ، ومِثله في المُستقصَى . والمُصَنِّف خَصَّه بطيرٍ مُعَيْن ، وقَصَره على الجَمْع ، ففيه نَظَرٌ من وَجْهَيْن ، قاله شيخنا .
( وعَرْقَبَه : قَطَع عُرْقُوبَه ) وبه فُسِّر حَديثُ القاسم المُتَقَدّم . ( و ) عرقَبَه ( رَفَعَ بعُرْقُوبَيْه ) ، مُثَنًّى ، ( لِيَقُومَ ، ضِدٌّ ) . وفي النَّوادر : عَرْقَبْتُ البَعِيرَ وعَلَّيْتُ له ، إِذا أَعَنْتَه برَفْعٍ . ويقال : عَرْقبْ لبَعِيرِك أَي ارفَعْ بعُرْقُوبه حتى يَقُومَ .
( و ) عَرْقَبَ ( الرجُلُ : احتالَ ) . قال أَبو عَمْرٍ و : تقول : إِذَا أَعياك غَريمُك فعَرْقبْ أَي احْتَلْ . ومنه قولُ الشاعر :
ولا يُعْيِيكَ عُرقوبٌ لوَأْيٍ
إِذَا لم يُعْطِكَ النَّصَفَ الخَصيمُ
ومثله في المشرق المعلم .
( وتَعَرْقَبَ عَن الأَمْرِ عَدَلَ ) . وتَعَرْقَبَ الدَّابَّةَ : ركبَهَا مِنْ خَلْفها
____________________

(3/360)


نقله الصّاغَانِيّ . ويومُ العُرْقُوب : من أَيَّامهم .
عزب : ( العَزَبُ مُحَرَّكَة : مَنْ لا أَهْلَ له كالمِعْزَابَة ) بالكَسْر ، ونَظِيرُه مِطْرَابَة ومِطْوَاعَة ومِحْذَامة ومِقْدَامَة . ( والعَزِيب لا تُقَلْ أَعْزَبُ ) بالأَلف على أَفْعَل ، كما صرَّح به الجوهَرِيُّ وثعلبٌ والفَيُّومِيُّ ، وهو قولُ أَبي حَاتِم ، أَي لكَوْنه غيرَ وَارِدٍ ولا مَسْمُوع ، ( أَو قَلِيلٌ ) أَجَزَه غيرُه واستدَلَّ بحَدِيث : ( ما في الجَنَّةِ أَعْزَبُ ) ورجلان عَزَبان ( ج أَعْزَابٌ ) كسَبَبٍ وأَسبابٍ ، ( وَهِيَ ) أَي الأُنْثَى ( عَزَبَةٌ وعَزَبٌ ) ، محرَّكَة فيهما ، أَي لا زوجَ لها ، نقله القَزَّاز في جامعِ اللُّغَة .
وقال الزَّجَّاج : العَزَبة بالهَاء غَلَطٌ من أَبي العَبَّس ، وإِنما يقال : رجل عزَبٌ وامرأَة عزَب ، لا يُثَنَّى ولا يُجْمَع ولا يُؤَنَّث ، لأَنَّه مصدر ، كما تَقُولُ : رجل خَصْم وامرأَة خَصْم ، قال الشاعِرُ في صفَة امرأَةِ :
إِذَا العَزَب الهوجَاءُ بالعِطْر نَافَحَتْ
بَدَتْ شمْسُ دَجْن طَلَّةً مَا تَعَذَّرُ
وقال الراجز :
يا مَنْ يَدُلُّ عزَباً على عَزَبْ
على ابْنَةِ الشَّيْخ الأَزَبّ
وفي رِوَايَة :
على فَتِيتِ مِثلِ نِبْرَاسِ الذّهبْ
وأَشَارَ لِمْثلِ ما ذَكَره الزَّجَّاج ابنُ دَرَسْتَوَيه ، ونَقله ابنُ هِشَام اللَّخْمِيّ وأَبُو جَعْفَر اللَّبْلِيّ . قال شيخُنا في شرح نظم الفَصيح : إِنَّ كلامَ الزّجّاج ومَنْ تَبِعَه فيه نَظَر ظَاهِر . أَمَّا أَوّلاً فإِنّه لم يَرِد كونُ العَزَب مَصْدَراً في كِتابٍ ، ولا دَلَّ عليه شيءٌ مِن كلام العَرَب ، وإِنَّمَا قالوا في المصدَر : العُزْبَة والعُزُوبَة ، بالضَّم فِيهِمَا ، وأَمَّا ثَانِياً فإِنَّ الظاهِرَ فيه أَنَّه صِفَةٌ لا مصدَرٌ ؛ لأَن فَعَلاً كما يَكُون مَصْدَراً عِنْدَ الصَّرْفِيِّين لفَعِل المكسور اللَّازِم كالفَرَح والجَذَلَ
____________________

(3/361)


يَكُون صِفَةً ، كالحَسَن ، والبَطَل ، ولَيْسَ خَاصًّا بأَوزانِ المصْدر ، وكونُه وَصْفاً هو الَّذِي تَدُلّ له قوَّة كلامهم ، ويُؤَيِّدُه كونُهم أَنَّثُوه بالهَاءِ ، وهو الَّذِي اقتصرَ عليه الجَوْهَرِيُّ نقلاً عن الكِسَائِيِّ ، والتَّفْرِقَةُ في كلامِهِم دَالَّةٌ عليه ، ولو كَانَ مَصْراً لذَكَرُوه مع المَصَادر عند عِدَادِها .
وأَمَّا ثالِثاً فإِنْ البيتَ الذي استَدلُّوا به ليس بِنَصَ في المُؤَنَّثْ ، لاحْتِمال كَوْنِه ضرورَةً وكونِ على بمعنى مع ، ثم قَالَ : وعلى تَقْدِير ثُبُوتِه مُجَرَّداً من الهاء ، كما حكاه المُصَنِّف والقَزَّاز وغيرُهما ، يكون من الأَوْصَاف التي لم تَلْحَقْهَا الهاءُ شُذُوذاً ، كرَجُل عَانس وامرأَةَ عَانسٍ انتهى .
( والاسم العُزْبَةُ والعُزُوبَةُ ، مَضْمُومَتَيْن ) ويقال : إِنَّه لعَزَبٌ لَزَبٌ وإِنَّهَا لعَزَبَة لَزَبة ( والفِعْلُ ) منه ( كَنَصَرَ ) عَزَب يَعْزُب عُزُوبَةً فهو عَازِب وحمعه عُزَّابٌ . ( وتَعَزَّبَ ) بعد التَّأَهُّل ، وتعزّب فلانٌ زماناً ثم تَأَهَّل ، وتَعزَّب الرجُلُ : ( تَركَ النِّكَاح ) وكَذَلك المَرْأَة .
( والعُزُوبُ : الغَيْبَةُ ) . قال تعالى : { عَالِمِ الْغَيْبِ لاَ يَعْزُبُ } ( سبأ : 3 ) أَي لا يَغِيب عن عِلْمِه شيءٌ ، وفيه لغتان عَزَب ( يَعْزُب ) كيَنْصُرُ ( ويَعْزِب ) كيَضْرِب إِذَا غَابَ .
( و ) العُزُوب : ( الذَّهَابُ ) يقالُ : عَزَب عنه يعزُب عُزُوباً . إِذَا ذَهَب ، وأَعزَبَه اللّهُ : أَذْهَبَه .
( والمِعْزَابَةُ : مَنْ طَالَت عُزُوبَتُه ) حَتَّى مالَهُ فِي الأَهْلِ مِنْ حَاجَةِ ( وَمَنْ يَزُب بِمَاشِيَته ) . قال الأَزهريّ : وليس في الصِّفَاتِ مِفْعَالة غَيْر هَذِه الكَلِمَة . قال الفَرَّاءُ : ما كَان من مِفْعَال كانَ مُؤَنَّثُه بغير هَاءٍ ؛ لأَنه انْعَدَلَ عن النُّعوت انْعِدَالاً أَشَدَّ من صَبُور وشَكُور وما أَشْبَههما مما لا يُؤَنَّث ، ولأَنَّه شُبِّه بالمَصَادِر لدِخُول الهَاءِ فيه . يقال : امرأَةٌ مِحْمَاقٌ ومِذْكَارٌ ومِعْطَارٌ . قال الأَزْهَرِيّ : وقد قِيلَ مِجْذَامَة إِذَا كَانَ قَاطِعاً للأُمور ، جَاءَ على غَيْر قِيَاس وإِنَّمَا زَادُوا فيه الهَاءَ لأَنَّ العرب تُدْخِل الهاءَ في المُذَكَّرِ على جِهَتَيْن : إِحدَاهُمَا
____________________

(3/362)


المَدْحُ ، والأُخْرَى الدَّمّ إِذَا بُولغَ في الوَصْفِ . والمِعْزَابَة دخَلَتْهَا الهَاءُ للمُبَالَغة ، وهو عِنْدِي الرَجُلُ يُكْثِر النهوضَ في مَالِه العَزِيب يَتَتَبَّع مَساقِطَ الغَيْث ، وأُنُفَ الكلإِ ، وهو مَدْح بالِغٌ على هَذا المَعْنَى ( كالمِعْزَاب ) بإِسقاط الهَاء . يقال عَزَب الرجُلُ بإِبلِه إِذَا رَعَاهَا بَعِيداً من الدار التي حَلَّ بِهَا الحَيُّ لا يَأْوِي إِلَيهم ، فهو معْزابٌ ومِعْزَابَة ، وكُلُّ مِنْفَرِدٍ عَزَبٌ ، والمِعْزَابُ من الرجال أَيضاً : الذي تَعَزَّب عن أَهْلِه في مَالِه . قال أَبُو ذُؤَيب :
إِذا الهَدَفُ المِعْزَابُ صَوَّبَ رَأْسَه
وأَعْجَبَه ضَفْوٌ من الثَّلَّةِ الخُطْلِ
وفي الأَسَاس ، مِنَ المَجَازِ : المعْزَابُ : مَنْ طَالَت عُزُوبَتُه .
( والعَزِيبُ : الرجُلُ تَعَزَّبَ ) ، عَلَى مثال تَفَعَّل . وضُبط في بعض النُّسَخ يَعْزُب على مثال يَنْصُر ، ( عَنْ أَهْلِه ومَالِه ) ، وقد تقدَّم في أَوْلِ المَادّة أَنَّه مَنْ لا أَهْلَ له فقط . والذِي قالَهُ الأَزْهَرِيّ : إِنَّ العَزِيب هو المَالُ العازِبُ عن الحَيِّ . قال : هكَذَا سمعتُه من العَرَب . ( و ) العَزِيبُ ( مِنَ الإِبِل والشَّاءِ : الَّتي تَعْزُب عن أَهْلِهَا في المَرْعَى ) قال :
وما أَهلُ العَمُودِ لنا بأَهْلٍ
ولا النَّعَمُ العَزِيبُ لَنَا بِمَالِ
( وإِبِلٌ عَزِيبٌ : لَا تَرُوحُ على الحَيِّ ) وهو ( جَمع عَازِب كغَزِيّ ) في ( جمع غازٍ ) .
( وأَعْزَبَ ) الرجُل : ( بَعُدَ ) ، لَازِم . ( و ) أَعْزَبَ : ( أَبْعَدَ ) ، مُتَعَدَ ، مثل أَمْلَق الرجلُ إِذا أَعْدَم ، وأَمْلَقَ مالَه الحَوَادِثُ ، وعَزَب عَنِّي فلانٌ يَعزُبَ عُزُوباً : غَابَ وبَعُد . ويقال : رجل عَزَبٌ للّذِي يَعْزُب في الأَرْض . وعَزَب يعزُت : أَبعَدَ . وفي حَدِيثِ أَبي ذَرَ : ( كنت أَعزُب عَنِ المَاءِ ) أَي أُبْعِدُ . وفي حَدِيث عَاتِكَةَ :
فهُنَّ هواءٌ والحُلومُ عَوَازِبُ
جمع عَازِب أَي أَنَّها خَالِية بعيدَةُ
____________________

(3/363)


العُقُولِ ، كذا في لسان العرب .
والعَازِبُ : البَعِيد . وعَزَبتِ الإِبلُ : أَبْعَدَت في المَرْعى لا تَرُوح ، وأَعْزَبهَا صاحِبُها ، وعَزَّبَ إِبلَه وأَعْزَبَهَا : بَيَّتَهَا في المَرْعَى ولم يُرِحْها . وفي حديثِ أَبِي بَكْر ( كَانَ له غَنَم فأَمَر عمرَ بنَ فُهَيْرَةَ أَن يَعْزُبَ بها ) أَي يُبْعِد بها ، ويروى يُعَزِّب ، بالتَّشْديد ، أَي يَذْهَبَ بهاإِلى عَازِبٍ من الكَلَإِ . وتَعَزَّب هو : بَاتَ مَعَها . ( و ) أَعْزَبَ ( القومُ ) فهم مُعْزِبون أَي ( عَزَبَت إِبِلُهم ) أَي أَبْعَدَت في المَرْعَى لَا تَرُوحُ .
( والمِعْزَبَةُ كالمِعْرَفَةِ : الأَمَةُ ) ، والجَمْعُ المَعَازِب ، عن ابْنِ حَبِيب . قال : وأَشبَع أَبو خِرَاش الكَسْرَةَ فولَّدَ يَاءٌ حيثُ يَقُولُ :
بصاحِبٍ لا تُنَالُ الدَّهْرَ غِرَّتُه
إِذَ افْتَلَى الهَدَفَ القِنَّ المَعَازِيبُ
افْتَلَى : اقتطَع .
قالَ ثَعْلَب : ولا تكون المُعَزِّبَةُ إِلَّا غَرِيبَةً .
( و ) المِعْزَبَة أَيضاً : ( امْرَأَةُ الرَّجُلُ ) يأْوِي إِليها فَتَقُوم بإِصْلَاح طَعَامِه وحِفْظ أَدَاته ، وهو مَجَاز ( كالعازِبَة والمعَزّبَةِ ) بالتَّشْدِيدِ وهي المُحْصِّنَة والحَاضِنَة ( والرُّبضُ الحاصِنة ) والقَابِلة واللِّحَاف ويقال : ما لِفُلَان مُعَزِّبَة تُقَعِّدُه . ويقال ليس لِفلَان امرأَةٌ تعزِّبُه أَي تُذْهِب عُزُوبَتَه بالنِّكاح ، مِثْل قَوْلِك : هي تُمَرِّضُه ، أَي تَقُوم عَلَيْه في مَرَضِه ، قاله أَبُو سَعِيد الضَّرِير .
وفي نَوَادِرِ الأَعْرَاب : فلان يُعزِّبُ فُلَاناً ويُرْبِضُه : يَكُونُ له مِثْلَ الخَازِن .
( والعَازِبُ ) من ( الكَلإِ : البَعِيدُ ) المَطْلَبِ ، وأَنْشَد :
وعَازبٍ نَوَّر في خَلَائِهِ
وكلأٌ عازِبٌ : لم يُرْعَ قَطّ ولا وُطِيءَ . وأَعْزَبَ القَوْمُ : أَصابُوا كلأً عَازِباً . وفي حَدِيثِ أمِّ مَعْبَد ( والشّاءُ
____________________

(3/364)


عازِبٌ حِيَالٌ ) أَي بَعِيدةُ المَرْعَى لَا تَأْوِي إِلى المَنْزِل في اللَّيْل ، الحِيَال جمع حَائِل ، وهِيَ التي لم تَحْمِل .
وفي الأَسَاس : وروضٌ عازِبٌ وعَزِيبٌ وَمَالٌ عَزَبٌ ، ولا يَكُونُ الكَلأُ العَازِبُ إِلا بفَلَاةِ حيثُ لا زَرْعَ .
( و ) عَازِبٌ : ( جَبلٌ . و ) يقال : سَوَامٌ مُعَزَّبٌ . ( المُعَزَّبُ كمُعَظَّم : الَّذِي عُزِبَ بِه ) أَي أُبْعِد به ( عَنِ الدَّارِ . و ) يقال : ( عَزَبَ طُهْرُ المَرأَة إِذَا ( غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا ) قَال النَّابِغَة الذُّبْيَانِيّ :
شُعَبُ العِلَافِيَّاتِ بَيْن فُرُوجِهِمْ
والمُحْصَنَاتُ عَوَازِبُ الأَطْهَارِ
العِلَافِيَّات : رِحَالٌ منسوبَةٌ إِلَى عِلَاف ؛ رجُلٍ من قُضاعةَ كان يَصْنَعُهَا . والفُرُوجُ جَمْعُ فَرْج ؛ وهو ما بَيْن الرِّجْلَيْن يُرِيد أَنَّهم آثروا الغَزْوَ على أَطْهَارِ نِسَائِهم .
( و ) عَزَبَتِ ( الأَرْضُ ) إِذا ( لم يَكُن بِهَا أَحَدٌ ، مُخْصِبَةٌ كَانَت أَو ) ، وفي نسخة أَم ( مُجْدِبَةً . والعَزُوبَةُ ) الهاءُ فيها للمُبَالغَة مِثْلُهَا في فَرُصة ومَلُولَة : ( الأَرْضُ البَعِيدَةُ المَضْرِبِ إِلَى الكَلإِ قَلِيلَتُه . ومنه الحدِيث ( أَنَّه بَعَثَ بَعْثاً فأَصْبَحُوا بأَرْض عَزْوبَةٍ بَجْرَاءَ ) .
( والعَوْزَبُ ) كجَوْهَرٍ : ( العَجُوزُ ) ، لبُعْدِ عَهْدِها عن النِّكَاح .
( و ) من أَمثَالِهِم : ( إِنَّمَا اشْتَرَيتْ الغنَمَ حِذَارَ العازِبَة ) ( العَازِبَةُ الإِبِلُ . و ) قِصَّتُه أَنّه ( كان لِرَجُل إِبِلٌ فبَاعَها واشْتَرَى غَنَما لِئلَّا تَعْزُب ، فعَزَبت غَنَمُه ) فعَاتَبَ عَلَى عُزُوبِهَا ، ( فَقَالَ : إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ الغَنَم حِذَارَ العَازِبَة . فذَهَبَت مَثَلاً ) فيمَن ترفَّقَ أَهُونَ الأُمُور مَؤُنَةً فلزِمه فيه مشقَّةٌ لم يَحْتَسِبْها .
( وهِرَاوَةُ الأَعْزَابِ ) هِرَاوَةُ الَّذِين يُبْعِدُون بإِبْلِهم يالمَرْعَى ، ويُشَبَّه بهَا الفرَسُ . ووجدتُ في هَامِش
____________________

(3/365)


لسان العَرَب حاشِيَةً نُقِلت من حَاشِيَة في نُسْخَةِ ابْنِ الصلاح المُحدِّث ما نَصّه : الأَعْزَاب : الرِّعَاءُ يَعْزُبُون في إِبلهم . وقَال لَبِيد يُشَبِّه الفرسَ بعَصَا الرَّاعِي في انْدِمَاجِها وامِّلاسِها ؛ لأَنَّهَ سلاحهُ فهو يُصْلِحُها ويُمَلِّسُها ، وقِيلَ هُو لعَامِر بْنِ الطُّفَيْل :
تَهْدِي أَوَائِلَهُنَّ كُلُّ طِمِرَّةٍ
جَرْدَاءَ مثلِ هِرَاوَةِ الأَعْزَابِ
وقيل : هي ( فَرَسٌ ) للرَّيَّان بنِ خُويْصٍ العَبْدِيّ ، اسم لها ( مَشْهُورَةٌ ) نقله أَبو أَحْمَد العُكبرِيّ عن أَبي الحَسَن النَّسَّابة ، ومثله قال أَبُو سَعِيد البَرْقِيّ ، و ( كَانَت ) لا نُدْرَك ، جَعَلَها ( مَوْقُوفَةً على الأَعْزَاب ) من قَوْمه ، فكان العَزَبُ منهم ( يَغْزُونَ عَلَيْهَا ويَسْتَفِيدُونَ المَالَ ليَتَزَوَّجُوا ) ، فإِذا اسْتَفَاد وَاحِدٌ منهم مَالاً وأَهْلا دَفَعها إِلى آخرَ منهم ، فكَانُوا يَتَدَاوَلُونَها كذلك ، فضُرِبَت مَثَلاً فقِيل : أَعزُّ من هَرَاوة الأَعْزَاب .
ومما يُستدرك على المُؤَلِّفِ مِمَّا لم يَذكُرْه .
العُزَّابُ هم الَّذِين لا أَزواج لَهُم من الرِّجَالِ والنِّسَاءِ . والعَزَب : اسم للجَمْع كخَادِم وخَدَم ، وكذلك العَزِيب اسم للجمع كالغَزِيِّ .
والمُعْزِب كمُحْسِن : طالِب الكَلإِ العَازِب . ومنه الحَدِيث ( أَنَّهُم كَانُوا في سَفَر مع النبيّ صلَّى الله عليه وسلم فسمعَ مُنَادِياً قال : انظُروهُ ستَجِدُوه مُعزِبا أَو مُكْلِئاً ) قال الأَزْهَرِيّ : هو الذي عَزَب عن أهله في إِبلِه ، أَي غَاب .
وفي حَدِيثِ ابنِ الأَكْوَع لما أَقَامَ بالرَّبَذَة قال له الحَجَّاج : ( ارتدَدْتَ على عَقِبَيكِ ، تعَزَّبْتَ . قال : لا ولكِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وسلم أَذِن لِي في البَدْوِ ) . أَرادَ بَعُدْتَ عن الجَمَاعَات والجُمُعاتِ بسُكْنَى البَادِيَة ويروى بالرَّاءِ ، وقد تَقَدَّم .
وي الأَسَاس ، ومن المُسْتَعَار في الحَدِيثِ : ( من قرأَ القرآنَ في أَرْبَعِين ليلةً فقد عَزَّبَ ) أَي بَعُدَ عَهْدُه بما
____________________

(3/366)


ابْتَدَأَه منه وأَبطَأَ في تلَاوتِه .
ومن المجاز أيضاً قولُ الشاعر :
وصَدْرٍ أَراحَ الليلُ عازبَ هَمِّه
تضاعَفَ فيه الحُزْنُ من كُلِّ جَانِبِ
والعِزْبَة بالكسر : اسمٌ لعِدّة مواضع بثَغْر دُمْيَاط ، ومن أَحَدِها شيخ مَشَايخنا الشِّهَابُ أَحمدُ بن محمد بن عبد الغَنِيّ الدُّمْيَاطيّ العِزْبِيّ المُقْرِىء ، روى عن الشَّمْسِ البَابِليّ وغَيْرِه ، وأَلَّف ( الإِتحافَ في قِرَاءَة الأَرْبَعَة عَشَرَ ) ، ودَخَل اليمَنَ ومَات بالمَدِينَة المنوّرة سنة 1116 ه .
عزلب : ( العَزْلَبَةُ ) : أَهملَه الجَوْهَرِيّ وقال ابن دُرَيْد : هو ( النِّكَاح ) ، قال : ولا أَحُقّه . وقرأْتُ في تَهْذِيبِ الأَفْعَال لابْنِ القَطَّاع ما نَصُّه : العَزْلَبَة : كِناية عن النِّكَاح .
عسب : ( العَسبُ : ضِرَابُ الفَحْل ) وطَرْقُه . ويقال : إِنه لشَدِيد العَسْبِ ، وقد يُسْتَعَار للناس . قال زُهَيْرٌ في عبدٍ له يُدعَى يسَاراً أَسَرَه قومٌ فَهَجَاهُم ولولا عَسْبُه لرَدَدْتُمُوهُ
وشعرُّ مَنِيحَةٍ أَيرٌ يُعَارُ
( أَو ) العَسْبُ : ( مَاؤُه ) أَي الفَحْل ، فرساً كان أَو بَعِيراً ، ولا يتصرف منه فعل ، ( أَو نَسْلُه ) . يقال قَطَع الله عَسْبَه أَي ماءَه ونسْلَه ، ( و ) فقال العَسْبُ : ( الوَلَدُ ) ، قال بعضُهم : مجازاً . قال كُثَيِّر يَصِف خَيْلاً أَزلَقَت مَا فِي بَطْنِهَا من أَوْلَادِهَا من التَّعَب :
يُغَادِرْنَ عَسْبَ الوَالِقِيّ وناصِحٍ
تَخُصُّ به أُمُّ الطريقِ عِيالَهَا
يَعْنِي أَن هذه الخيل تَرمِي بأَجُنَّتِها من هذَيْن الفَحْلَيْن فتأْكُلُها الطيرُ والسباعُ . وأُمُّ الطَّرِيق هنا الضَبُعُ .
( و ) العَسْبُ : ( إِعْطَاءُ الكِرَاءِ عَلَى الضِّرَابِ ) ، وهو أَيضاً اسمٌ للكِرَاء
____________________

(3/367)


الذي يُؤْخُذُ على ضَرْب الفَحْل ، ( والفِعْلُ ) منهما ( كَضَرَب ) . يقال : عَسَب الفحلُ الناقَةَ يَعْسِبها عَسْباً ، إِذَا طَرَقها ، وعَسَب فحْلَه يَعْسِبه إِذا أَكْرَاه . وهو مَنْهِيّ عنه في الحَدِيث . وأَما إِعَارَتُه فمندُوبٌ إِلَيْهِ ، أَو أَنَّ الَّذِي في الحدِيث بِحَذْفِ مُضَافِ تقدِيرُه نَهَى عن كِرَاءِ عَسْبِ الفحل ، وهو كثير . وإِنَّمَا نَهَى عنه للجَهَالة الَّتي فيه ، ولا بُدّ في الإِجَارة من تَعْيِينِ العَمَل ومَعْرِفَةِ مِقْدَارِه . وفي حَدِيث أَبي مُعاذ : ( كنتُ تَيَّاساً ، فقال لي البَرَاءُ بنُ عَازِب : لا يَحِلُّ لَكَ عَسْبُ الفَحْل ) . وقال أَبو عُبَيْد : معنى العسْب في الحَدِيث الكِرَاءُ والأَصْلُ فيه الضِّرَابُ . والعَرَب تُسَمِّي الشيءَ باسْمِ غَيْرِه إِذَا كان مَعَه أَو من سَبَبه ، كما قَالُوا للمَزَادَة رَاوِيَة ، وإِنَّمَا الرَّاوِيَة البَعِيرُ الذي يُسْتَقَى عليه .
( والعَسِيبُ : عَظْمُ الذَّنَب ، كالعَسِيبَة ) ، وقيل : مُسْتَدَقُّه ، ( أَو مَنْبتُ الشَّعَر منْه ) أَي من الذَّنَب ، وقيل : عَسِيبُ الذَّنَب : مَنْبِتُه من الجِلد والعَظُم . ( و ) العَسِيبُ : ( ظاهِرُ القَدَم . و ) العَسِيب : ( الرِّيشُ ) ظَاهِرُه ( طُولاً ) فِيهِمَا . ( و ) العَسِيبُ : ( جَرِيدةٌ من النَّخْل مُسْتَقِيمَةٌ دَقِيقَةٌ يُكْشَطُ خُوصُها ) . أَنشد أَبو حنيفة :
وقَلَّ لَهَا مِنّي على بُعْدِ دَارِهَا
قَنَا النَّخْلِ أَو يُهْدَى إِلَيْكِ عَسِيبُ
قال : إِنَّمَا استَهْدَتْه عَسِيباً ، وهو القَنَا لتَتَّخِذَ منه نِيرَةً وحَفَّةً .
جَمْعُه أَعْسِبَةٌ عُسُبٌ ، بضَمَّتَيْن ، وعُسُوبٌ ، عن أَبي حنيفة ، وعُسْبَانٌ وعِسْبَانٌ ، بالضم والكسر .
وفي التَّهْذِيبِ : العَسِيبُ : جَرِيدُ النَّخْل إِذا نُحِّيَ عنه حُوصُهُ . ( و ) العَسِيبُ : فُوَيْق الكَرَب ( الَّذِي لم يَنْبُت عَلَيْه الخُوصُ من السَّعَفِ ) ، وما نَبَتَ عليه الخوصُ فهو السَّعَف . وفي الحَديث ( أَنَّه خَرَج وبيَدِه عَسِيبٌ ) . قال ابنُ الأَثِيرِ أَي جَرِيدَة من النَّخْل ، وهي السَّعَفَة مما لَا يَنْبُتُ عليه الخُوصُ . ومنه حديث قَيْلَةَ :
____________________

(3/368)


( وبيَدِهِ عُسَيِّبُ نَخْلَة ) كذا يُرْوَى مُصَغَّراً ، وجَمْعُه عُسُب ، بضَمَّتَين . ومنه حَديث زَيد بْنِ ثابِت ( فجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ القرآنَ من العُسُبِ واللِّخَاف ) ومنه حَديثُ الزُّهْرِيّ : ( قُبِضَ رسولُ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عليه وسَلَّمَ والقُرْآنُ في العُسُب والقُضُم ) . ( و ) العَسِيب : ( شَقٌّ في الجَبَل ، كالعَسْبَة ) ، بفَتْح فَسُكُون . قال المُسَيَّبُ بْنُ عَلَسٍ وذَكَر العَاسِل ، وأَنه صَبَّ العَسَلَ في طَرَفِ هَذَا العَسيب إِلَى صَاحِبٍ له دُونَه فَتَقَبَّلَه منه :
فهَرَاقَ من طَرَف العَسِيبِ إِلَى
مُتَقَبِّلٍ لنَوَاطِفٍ صُفْرِ
( و ) عَسِيبٌ : ( جَبَلٌ ) بعَالِيَة نَجْد مَعْرُوفٌ . قاله الأَزْهَرِيّ : يقال : لا أَفْعَلُ كَذَا ما أَقَام عَسِيبٌ . قال امرؤُ القيسِ :
أَجارَتَنا إِنَّ الخُطوبَ تَنُوبُ
وإِنِّي مُقِيمٌ ما أَقَامَ عَسِيبُ
( واليَعْسُوبُ : أَميرُ النَّحْل وذَكَرُهَا ، و ) استُعمِل بعد ذَلِكَ في ( الرَّئِيس الكَبِيرِ ) والسيِّد والمُقَدَّم ، وأَصلُه فَحْلُ النَّحْلِ ، ( كالعَسُوبِ ) كصَبُورٍ . وهذه عن الصّاغَانيّ ، والياءُ زَائِدَة ؛ لأَنَّ لَيْسَ في الكلامِ فَعْلُول غير صَعْفُوقٍ . جَمْعُه يَعَاسِيبُ . وفي حَدِيث علِيَ : ( أَنا يَعْسُوبُ المُؤْمِنِين ، والمَالُ يَعْسُوبُ الكُفَّار ) . وفي رواية ( المُنَافِقِين ) . أَي يلُوذُ بي المُؤْمِنُون ويَلُوذُ بالمال الكُفَّارُ أَو المُنَاف 2 قُون كما يَلُوذُ النَّحْل بيَعْسُوبِها وهو مُقدَّمُها وسَيِّدُها . واليَعْسُوبُ : الذهَبُ ، على المثل ، ما مَرَّ في الحَدِيثِ ، لقِوَام الأَمْرِ به . وفي حَديثِ عَلِيَ رضي الله عنه أَنَّهُ ذكر فتْنَةً فقال : ( إِذَا كَانَ ذلِكَ ، ضَربَ يَعْسُوبُ الدِّين بذَنَبِه فيجْتَمعُون إِليه كما يَجْتَمع قَزعُ الخَرِيف ) . قال الأَصْمَعِيُّ : أَراد سَيِّدَ النَّاس في الدِّين يَوْمَئذٍ . وقيل : ضرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بذَنَبِه ، أَي فَارَقَ الفِتْنَةَ وأَهلَهَا ( وضَربَ في الأَرْض ذاهباً ) في أَهْل دينه . وذَنَبُه :
____________________

(3/369)


أَتباعُه . وضَرَب ، أَي ذَهَب في الأَرْض مُسَافِراً أَو مُجَاهِداً . وقال الزَّمَخْشَرِيُّ : الضرْبُ بالذَّنَبِ هنا مَثَلٌ للإِقَامَة والثَّبَاتِ ، يَعْني أَنَّه يَثْبُتُ هو ومَن يَتْبَعُهُ عَلَى الدِّين . وقال أَبو سعيد : وضَرْبُه بِذَنَبه : أَن يَغْرِزَه في الأَرضِ إِذَا بَاضَ كما تَسْرَأُ الجَرَاد ، فمعنَاه أَنَّ القائمَ يَوْمَئذٍ يَثْبُتُ حتى يَثُوبَ الناسُ إِلَيْهِ وحتى يَظْهَرَ الدينُ ويَفْشُوَ .
( و ) اليَعْسُوبُ : ( ضَرْبٌ ) ، أَي نَوْع ( من الحِجْلانِ ) بالكَسْر جَمْع حَجَل ، للطائر المعروفَ .
( وطَائِرٌ أَصْغَرُ مِنَ الجَرَادَة ) ، عن أَبِي عُبَيد . ونَقَله ياقُوتٌ عن الأَصْمَعِيّ ( أَو أَعْظَمُ ) مِنْهَا ، طَوِيلُ الذَّنَبِ لا يَضُمّ جناحَيْه إِذَا وَقَعَ ، تُشبَّهُ به الخَيْلُ في الضُّمْرِ . قال بِشْر :
أَبو صِبْيَةِ شُعْثِ يُطِيفُ بشَخْصه
كَوَالِحُ أَمثَالُ اليَعَاسِيبِ ضُمَّرُ
وفي حَدِيث مِعْضَدٍ ( لولَا ظَمَأُ الهَوَاجِر ما بالَيْتُ أَنْ أَكُونَ يَعْسُوباً ) . قال ابنُ الأَثِيرِ : هو هنا فَرَاشَةٌ مُخْضَرَّةٌ تَطِيرُ في الرَّبِيع ، وقيل : إِنَّه طائِرٌ أَعظَمُ مِن الجَرَادِ ، قال : ولو قِيلَ : إِنَّه النَّحْلَةُ لجَازَ .
( و ) اليَعْسُوبُ : ( غُرَّةٌ في وَجْهِ الفَرَس ) مُسْتَطِيلَة تَنْقَطِع قبلَ أَن تُساوِيَ أَعلى المُنْخُرَيْنِ ، وإِن ارتَفَع أَيضاً على قَصبَةِ الأَنفِ وعَرُضَ واعتدلَ حَتَّى يبلُغَ أَسفَلَ الخُلَيْقَاءِ فهو يَعْسُوبٌ أَيضاً ، قَلَّ أَو كَثُر ، مَا لَمْ يَبْلُغِ العيْنَيْنِ . ( و ) اليَعْسُوبُ : ( دَائِرَةٌ في مَرْكَضِها ) حيث يَرْكُضُها الفَارِس برِجْل من جَنْبِها ، قاله اللَّيْث . قال الأَزْهَرِيّ : هذا غَلَطٌ . اليَعْسُوبُ عند أَبِي عُبَيْد وغَيْرِه : خَطُّ مِنْ بَياضِ الغُرَّة يَنْحدِرُ حتى يَمَسَّ خَطْمَ الدَّابَّةِ ثم يَنْقَطع .
( و ) يَعْسُوبٌ : ( فَرَسٌ للنَّبِيِّ صَلَّى اللّهُ عليه وسَلَّم ، وأُخْرَى للزُّبَيْرِ ) بْنِ العَوَّام ( رضِي اللّهُ عَنْه ، وأُخْرَى لآخَرَ ) وهو أَبو طَارِق الأَحْمَسِيّ كما نَصَّ عَلَيْه الصَّاغَانِيّ .
____________________

(3/370)



( و ) يَعْسُوبٌ : ( جَبَل ) . قال :
حَتَّى إِذا كنا فويق يَعْسُوبْ
( واسْتَعْسَبَ مِنْه : كَرِهَه ) . وأَعْسَبَه حَمَلَه : أَعَارَه إِيَّاه ، عن اللِّحْيَانِيّ . واسْتَعْسَبَه إِيَّاه : استعَارَه مِنْه .
( وأَعْسَبَ الذِّئْبُ : عَدَا وَفَرَّ ) ، نقله الصاغَانِيُّ .
واستَعْسَبَتِ الْفرَسُ إِذا استَوْدَقَت . والعرب تَقُولُ : استعْسَب فلانٌ استِعْسَابَ الكَلْبِ ، وذَلِك إِذَا مَا هاجَ واغْتَلَم ، وكلْب مُسْتَعْسِبٌ بالكَسْر .
( ورَأْسٌ عَسِبٌ ، كَكَتِفِ ) ، وضَبَطَه الصَّاغَانِيُّ كأَمِيرٍ : ( بَعيدُ العَهْدِ بالتَّرْجِيلِ ) ، أَي استِعْمال المُشْط الدُّهْنِ .
( و ) عِسَابٌ ( ككتابٍ : ع قُرْبَ مَكَّةَ ) حَرَسَهَا الله تَعَالَى .
والكَلْبُ يَعْسِبُ أَي يَطْرُد الكِلَاب للسِّفَادِ .
وأَبُو عَسِيبٍ كأَمِير اسمه أَحمرُ ، صَحَابِيٌّ .
عسرب : ( العَسْرَبُ ) بالسِّين المُهْمَلَة قَبْلَ الراءِ ( كجَعْفَرٍ ) : أَهمَلَه الجَوْهَرِيّ ، وقَالَ الصَّاغَانِيُّ ، هو ( الأَسَدُ ) .
عسقب : ( العَسْقَبَةُ ) : أَهمَلُه الجوهريّ ، وقَال أَبو عَمْرو : هُوَ ( جُمُودُ العَيْنِ في وَقْت البُكَاءِ ) . قال الأَزْهَرِيُّ : جَعَلَه الليثُ العَسْقَفَة بالفَاءِ ، واليَاءُ عِنْدِي أَصْوبُ .
( وبالكسر : عُنَيْقِيدٌ ) صَغِيرٌ ( مُنْفَرِدٌ مُلتَزِق بأَصْلِ العُنْقُودِ ) الكَبِيرِ الضَّخْم . ( ج عِسْقِبٌ ) . بالكَسْرِ أَيضاً ، وهو جِنْسٌ جَمْعِيٌّ كتَمْر وتَمْرَة ، لا جمْعٌ حَقِيقِيٌّ ، قاله شيخُنَا . قلت : ولذلك لَمْ يَعُدَّه ابنخ مَنْظُور في الجُمُوع ، بل ذَكَرَه مع المُفْرَد ( وعَسَاقِبُ ) جَمُعٌ حَقِيقِيٌّ ، واقتصر عليه ابن مَنْظُور ، وجمَعَ بيْنَهما الصَّاغَانِيُّ .
عسكب : ( العِسْكِبَةُ ، بالكَسْرِ ) : أَهمله الجَمَاعَة ، والكَافُ لُغَةٌ في القَافِ هي ( العِسْقِبَةُ )
____________________

(3/371)


كما تقدم ( ويكونُ فيه عشْر حَبَّاتٍ ) وهذا قَيْدٌ غَرِيب .
عسلب : ( عَسْلب . هذه المادة أَهْمَلَها المُصَنِّفُ والجَوْهَرِيُّ وابنُ مَنْظُور هُنَا . وفي التَّهْذِيب لابْنِ القَطَّاع ما نَصُّه : العَسْلَبَةُ : انتزَاعُكَ الشَيءَ من يَدِ الإِنْسَان .
عسنب : ( وكذا عسْنَبْتُ المَاءَ : ثَوَّرتُه .
هُنَا ذَكَرَهُمَا ابْنُ القَطَّاع أَي في حَرْفِ العَيْن المُهْمَلَة ، وَسَيَأْتِي للمُصَنِّف ، ذِكْرُهُما في الغَيْن المُعْجمَة .
عشب : ( العُشْبُ ، بالضَّمِّ : الكَلَأُ الرَّطْبُ ) ، واحِدَتُه عُشْبة ، وهو سَرَعان الكَلَإِ في الرَّبِيع يَهِيجُ ولا يَبْقَى . وجَمْعُ العُشْبِ أَعْشَابٌ . والكَلأُ عند العرَب يَقَع على العُشْبِ وغَيْرِه . والعُشْبُ : الرَّطْبُ من البُقُول البَرِّيَّةِ ينْبُتُ في الرَّبِيع . ويُقَال : روضٌ عاشِبٌ : ذُو عُشْب . ورَوْضٌ مُعْشِب ويَدْخُلُ في العُشْبِ أَحْرَارُ البُقُول وذُكورُها . فأَحْرَارُها : مَا رَقَّ منْها وكان نَاعِماً . وذُكُورُها : مَا صَلُبَ وغَلُظَ منْهَا . قال أَبو حَنِيفَةَ : العُشْب : كُلُّ ما أَبادَه الشِّتَاءُ وكان نَبَاتُه ثَانِيَةً من أَرُومَةٍ أَو بَذْرٍ .
( وأَرْضٌ عَاشِبةٌ وعَشِبَةٌ ) كفَرِحَة ( وعَشِيبَةٌ ) ومُعْشِبةٌ ( بَيِّنَةُ العَشَابةِ ) بالفَتْح أَي ( كَثِيرَةُ العُشْبِ ) . ومكان عَشِيبٌ بَيِّنُ العَشَابةِ ، ولا يُقَالُ : عَشَبَت الأَرْضُ ، وهو قِياسٌ إِنْ قِيل ، وأَنشد لأَبِي النَّجْم :
يَقُلْن للرَّائِدِ أَعْشَبْتَ انْزِلِ
( وأعرْضٌ مِعْشَابٌ ) كمِحْرَابٍ ، ( وأَرَضُونَ مَعَاشيبُ ) : كَرِيمَةٌ مَنَابِيتُ . فإِنَّ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ مِعْشَابٍ ، وإِمَّا أَن يَكُونَ من الجَمْعِ الَّذِي لا وَاحِدَ لَهُ .
( وَ ) يقال : أَرْضٌ فِيهَا تَعَاشِيبُ إِذَا كَانَ فيها أَلوانُ العُشْبِ . و ( التَّعَاشِيبُ ) : العُشْبُ النَّبْذُ المُتَفَرِّقُ ، لا واحِدَ لَهُ .
قال ثَعْلَب فيقول الرَّائد : ( عُشْباً وتَعَاشِيبْ ، وكَمْأَةً شِيبْ ، تُثيرُها بأَخْفَافِهَا النِّيبْ ) : إِنَّ العُشْب ما قَدْ أَدْرَكَ ، والتَّعَاشِيب ما لَمْ يُدْرِك
____________________

(3/372)


ويعني بالكَمْأَةِ الشِّيب البِيضَ ، وقيل : البيضُ الكِبَارُ ، والنِّيبُ : الإِبِلُ المَسَانُّ الإِنَاثُ ، وَاحِدُهَا نَابٌ ونَيُوبٌ . وقال أَبو حَنِيفَة : في الأَرْض تعاشِيبُ ؛ وهي ( القِطَعُ المُتَفَرِّقَةُ منْه ) أَي من النُّبْتِ ، وقال أَيضاً : التّعَاشِيبُ : الضُّرُوبُ من النَّبْتِ . وقال في قَوْل الرَائِد : عُشْباً وتَعَاشِيب الخ : العُشب : المُتَّصِلُ ، والتَّعاشِيبُ : المُتَفَرِّق .
( وأَعْشَبَتِ الأَرْضُ : أَنْبَتَتْه ، كَعَشَّبَتْ ) بالتُّشْدِيد كَذَا هو مضبوط عندنا ، وفي أُخْرَى : كفَرِحت .
( و ) كذا ( اعْشَوْشَبَت ) أَي إِذَا كَثُر عُشْبُها . وفي حَدِيثِ خُزَيْمَة : ( واعْشَوْشَبَ ما حَوْلَهَا ) أَي نَبَت فيه العُشْبُ الكثِيرُ ، وافْعَوْعَلَ مِن أَبْنِيَة المُبَالَغَة ، كأَنَّه يَذْهَب بِذلِك إِلَى الكَثْرَة والمُبَالَغَة والعُمُوم ، على ما ذَهَب إِلَيْهِ سيبَوَيْه في هَذَا النَّحْو ، كَقَوْلك : خَشُن واخْشَوْشَنَ ، ولا يُقَال له حَشِيش حتى يَهِيجَ . تَقُول منه : بَلَدٌ عاشبٌ ، وقد أَعْشَب ، ولا يُقَال في مَاضِيه إِلَّا أعْشَبَتِ الأَرْضُ ، إِذَا أَنبَتَت العُشْبَ .
( و ) أَعْشَبَ ( القَوْمُ : أَصَابُوا عُشْباً ، كاعْشَوْشَبُوا ) ، وبَعِيرٌ عَاشِب ، وإِبِلٌ عَاشِبَة : تَرْعَى العُشْب ( وتَعَشَّبَتِ الْإِبلُ : رَعَتْه ) أَي العُشْبَ قال :
تَعَشَّبَتْ منْ أَوَّلِ التَّعَشُّبِ
بَيْن رِمَاح القَيْنِ وابْنَى تَغْلِبِ
( و ) تَعَشَّبَت الأُبلُ : ( سَمِنَت ) من العُشْب ، ( كأَعْشَبَت ) ، هَكَذا عندَنا في النُّسَخ ، من بَاب الإِفْعَال ، وهو خَطَأٌ والصَّوَاب كاعْتَشَبَت ، من باب الافْتِعَال ، ومثلُه في الأُصول من الأُمَّهَات .
( والعَشَبَةُ مُحَرَّكَةٌ ) ، كالعَشَمَة ، بالميم : ( النَّابُ الكَبِيرَةُ ) . يقال : شَيخٌ عَشَبَة وَعَشَمَة ، بالمِيم والبَاءِ . ( و ) العَشَبَةُ أَيضاً : ( الرَّجُلُ القَصِيرُ ) الدَّمِيمُ ( كالعَشِيبِ . والمَرْأَةُ القَصِيرَةُ في دَمَامة ) وحَقَارَة ، ولَوْ قال والأُنْثَى بالهَاءِ لكان كَافياً بالمَقْصُود ، فإِنَّ الدمامَةَ مُعْتَبَرَةٌ مع القِصَر فيهما ، كما
____________________

(3/373)


لا يَخْفَى . ( و ) العَشَبَةُ : ( الشَّيْخُ المُنْحَنى كبَراً ) . وفي لِسَان العَرَب : ورجُلٌ عَشَبَة : قد انْحَنَى وضَمَر وكَبِر . وعَجُوزٌ عَشَبَة ، كذَلِكَ ، عن اللِّحْيانِيّ .
( و ) العَشَبَةُ أَيضاً : ( النَّعْجَةُ الكَبيرَةُ المُسنَّةُ ) .
( و ) يُقَال : ( أَعْشَبَهُ : أَعْطَاهُ ) عَشَبَةً ، أَي ( نَاقَةً مُسنَّةً ) . ويقال : سأَلتُه فأَعْشَبَني ، بِهَذَا المَعْنَى .
( و ) عَشب الخُبْزُ ( كَفَرِح : يَبِسَ ) ، عن يَعْقُوب .
وعنه أَيضاً : رجل عَشَبَة : يابِسٌ من الهُزَالِ ، وأَنْشَد :
جَهِيزَ يا بِنْتَ الكرَام أَسْجِحى
وأَعْتقى عَشَبَةٌ ذا وَذَح
وقد عَشُب عَشَابَةً وعُشُوبَةً . ( وعيَالٌ ععشَبٌ ) مُحَرَّكة : ( لَيْسَ فِيهِم صَغِيرٌ ) قال :
جَمَعْتُ منهم عَشَباً شَهَابِرَا
ومما يُسْتَدْرَك على المُصَنِّف : عُشْبَةُ الدَّارِ ، وهي التي تَنْبُتُ في دمْنتها وحولها عُشْبٌ في بياض من الأَرْضِ والتُّرَابِ الطَّيِّب . وعُشْبَةُ الدَّار : الهَجِينَةُ مثَلٌ بِذَلِك ، كقولهم : خضراءُ الدِّمَنِ : وفي بعض الوَصِيَّاتِ : ( يا بُنَيَّ لا تَتَّخذْهَا حَنَّانَةً ولا مَنَّانَة ولا عُشْبَةَ الدَّارِ ولَا كَبّةَ القَفَا .
عشجب : ( العَشْجَبُ كجَعْفَر ) : أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ وصَاحِبُ اللِّسَان ، وقَالَ ابنُ دُرَيْد : هو ( الرَّجُلُ المُسْتَرْخِي ) ، نقله الصَّاغَانِيُّ .
عشرب : ( العَشْرَبُ ، كجَعْفَرٍ وهَمَلَّعٍ ) أَهملَه الجَوْهَرِيُّ ، وقَال الأَزْهَرِيُّ : هو كالعَشْرَمِ بالميم : ( الشَّهْمُ ) بالشِّين المُعْجَمَة ، وفي نُسْخَة بالمُهْمَلَة ، وهو نَصُّ التَّهْذِيب ( المَاضِي ) ، واقْتَصر في الضَّبْط على الأَخِير ، ( و ) العَشْرَبُ : الخَشِن ، والعَشْرَبُ : ( الأَسَدُ ، كالعُشَارِبِ ) بالضَّمِّ ، يقال : أَسَدٌ عَشْرَبٌ ، كعَشْزَبٍ ،
____________________

(3/374)


ورجُلٌ عُشَارِبٌ : جَرِيءٌ مَاضٍ . ( و ) العَشْرَبُ : ( الشَّدِيدُ الجَرْي ) بالإِضافَة أَو الجَريءُ ، على مثال فَعِيل ، كما في نُسْخَةٍ أُخْرَى .
عشزب : ( العَشْزَبُ والعَشَزَّبُ ) : كجَعْفَرٍ وهَملَّع ، أَهملَه الجَوْهَرِيّ ، وهما لُغتَان في المُهْمَلَة بمعْنَى ( الشّدِيد ) وزاد أَبو عُبَيْدٍ البَكْرِيّ في شَرْح أَمَالي القَالِيّ : الغَلِيظ ، كما نقَلَه شيخُنَا ، ( من الأُسُود ) . يقال : أَسدٌ عَشْزَبٌ أَي شَدِيد . وأَشار له ابنُ مَنْظُور في المُهْمَلَة .
عصب : ( العَصَبُ مُحَرَّكَةً ) عَصَبُ الإِنْسَان والدّابّة . والأَعْصَابُ : ( أَطْنَابُ المَفَاصِل ) التي تُلَائِمُ بَينها وتَشُدُّها ، وليس بالعَقَب ، يَكُونُ ذلكَ للإِنْسَان وغَيْره ، كالبَقَر والغَنَم والنَّعَم والظِّباء والشَّاء ، حكاه أَبو حنيفة ، الواحدة عَصَبة ، وسيأْتي ذكرُ الفَرْق بين العَصَبِ والعَقَب .
( و ) العَصَبُ : ( شَجَرٌ ) يلْتَوِي على الشَّجَر ، وله وَرَقٌ ضَعيف ، وقالَ شَمر : هو نَبَاتٌ يَتَلَوَّى على الشَّجَر ، وهو ( اللَّبْلَاب ، كالعَصْب ) بفَتْح فَسُكُون ، عن أَبي عمرو ، ( ويُضَمّ ) ، والوَاحِدَة العَصْبَة والعَصَبَة محرّكة والعُصْبَة ، بالضَّمِّ ، الأَخِرة عن أَبي حَنِيفَا ، حَكاها عن الأَزْدِيّ قال :
إِنْ سُلَيْمى عَلِقَت فُؤَادِي
تَشَبُّثَ العَصْبِ فُروعَ الوَادِي
( و ) العَصَب مُحَرَّكَة : ( خِيَارُ القَوْم ، وعَصِبَ اللَّحْمُ كفَرِح ) أَي ( كَثُرَ عَصَبُه ) ، ولحم عَصِبٌ : صُلْبٌ شَدِيدٌ كَثيرُ العَصَب .
( والعَصْبُ : الطَّيُّ ) الشَّديدُ ( واللَّيُّ ) . عَصَبَه يَعْصبُه عَصْباً : طَوَاه ولَوَاه . ( و ) قِيلَ : هو ( الشَّدُّ . و ) العَصْبُ : ( ضَمُّ ما تَفَرَّقَ مِنَ الشَّجَر ) بحَبْل ( وخَبْطُه ) ليَسْقُطَ وَرقُه ، ورُوِيَ عن
____________________

(3/375)


الحَجَّاج أَنَّه خَطَب الناسَ بالكُوفَة فقال : ( لأَعْصِبنَّكُم عَصْبَ السَّلَمَة ) . السَّلَمَة : شَجَرَة من العِضاه ذاتُ شَوْك وورَقُها القَرَظُ الذي يُدبَغُ به الأَدَمُ ويَعْسُر خَرْطُ وَرَقِها لكَثْرَةِ شَوْكِها فتُعْصبُ أَغصانُها بأَن تُجْمَع ويُشَدّ بَعْضُها إِلَى بَعْض بِحَبْلٍ شَدًّا شَدِيداً ثم يَهْصُرُها الخَابِط إِلَيْه ويَخبِطُها بعَصاه فَيَتَنَاثَر ورَقُها للمَاشيَة ( و ) لمَنْ أَرادَ جَمْعَه . وقيل : إِنَّمَا يُفْعَل بِهَا ذلِكَ إِذا أَرَادُوا قَطْعَها حتى يُمْكنَهم الوُصُولُ إِلَى أَصْلِها ( و ) أَصْلُ العَصْب : اللَّيُّ . ومنه ( شَدّ خُصْيَي ) ، مُثَنَّى ، ( التَّيْسِ والكَبْش ( وغَيْرها من البَهَائم شَدًّا شَديداً ( حتى يَسْقُطا ) ، وفي بعض الأُمَّهات يَنْدُرَا بدل يَسْقُطَا ( من غَيْر نَزْع ) أَوسَلّ . يقال : عَصَبْتُ التيسَ أَعْصبُه فهو مَعْصُوبٌ .
ومن أَمْثَال العَرَب : ( فلانٌ لا تُعْصَبُ سَلَماتُه ) يضرب مَثَلاً للرِّجُلِ الشَّدِيد العَزِيز الَّذِي لا يُقْهَر ولا يُسْتَذَلُّ . ومنه قولُ الشَّاعر :
ولا سَلَمَاتِي في بَجِيلَة تُعْصَبُ
كذا في الأَسَاس والمُسْتَقْصَى ولِسَان الْعَرَب .
( و ) في الأَسَاس : عَلَيْهِم أَردِيَةُ العَصْب ؛ وهو ( ضَرْبٌ من البُرُودِ ) اليَمَنيَّة يُعْصَب غَزْلُه ، أَي يُدْرَج ثم يُحَاك ، وليس من بُرُودِ الرَّقْم ، ولا يُجْمَع ، إِنَّمَا يقال : بُرْدُ عَصْبٍ وبُرُودُ عَصْبٍ ، أَي بالتَنوين والإِضافة كما في النِّهَايَةِ ؛ لأَنَّه مُضَافٌ إِلى الفعل ، وربَّما اكتَفَوْا بأَنْ يَقُولُوا : عليه العَصْب لأَن البُرْدَ عُرِفَ بِذَلِك الاسْم قال :
يَبْتَذِلْنَ العَصْبَ والخَزَّ
معاً والحَبِرَات
ومنه قِيلَ للسَّحَاب كاللَّطْخِ : عَصْبٌ . وفي الحديث : ( المُعْتَدَّة
____________________

(3/376)


لَا تَلْبَسُ المُصَبَّغَةَ إلّا ثوبَ عَصْبٍ ) . العَصْبُ : برودٌ يَمَنِيَّة يُعصَب غَزلُهَا أَي يُجْمَعُ ويُشَدُّ ثم يُصْبَغُ ويُنسَجُ فيَأْتِي مَوْشِيًّا لِبَقَاء ما عُصِب فيه أَبيضَ لم يأْخُذْه صِبْغٌ . وقيل : هي بُرُودٌ مُخَطَّطَةٌ ، فيكونُ النَّهْيُ للمُعْتَدَّة عمَّا صُبِغ بَعْد النَّسْج ، وفي حديث عُمَرَ رَضِي اللّهُ عَنْه ( أَنَّه أَراد أَن يَنْهَى عن عَصْبِ اليَمَن ، وقَالَ : ( نُبِّئْتُ أَنَّه يُصبَغُ بالبَوْل ، ثم قال : ( نُهِينَا عن التَّعَمُّق ) كذا في لِسَان العَرَب ، وبَعْضُها في الأَسَاسِ والفَائِقِ وفَتْح البارِي والمَشَارِقِ والمَطَالِع والمِصْبَاح والمُجْمَلِ .
ونقل شيخُنَا عن الرَّوْضِ للسُّهَيْليّ أَن العَصْبَ بُرودُ اليَمَن ؛ لأَنَّهَا تُصْبَغ بالعَصْب ولا يَنْبُتُ العَصْبُ والوَرْسُ واللُّبَانُ إِلّا في اليَمَن ، قاله أَبو حَنيفَة الدِّينَورِيّ في كتاب النَّبات ، وقد قَلَّدَه السُّهَيْليّ فِي ذلِك ، وخالف الجُمْهُورَ حيث إِنَّهم أَجمَعُوا على أَنه من العَصْب ، وهو الشَّدّ ، لئلا يَعُمّ الصِّبغ للبُردِ كلّه ، كما تَقَدَّم .
وفي لسان العرب ما نَصُّه : وفي الحَدِيث أَنَّه قال لثَوْبَانَ : ( اشتَرِ لِفَاطِمَةَ قِلادَةً من عَصْبٍ وسِوَارَيْنِ من عَاج ) . قال الخَطَّابيّ في الَعَالم : إِن لَم تَكُن الثِّيَابَ اليَمَنِية فلا أَدري ما هُو ، وما أَدْرِي أَن القلادة تَكُون مِنْها . وقال أَبو موسى : يَحْتَمِل عِنْدِي أَنَّهَا هي العَصَب بفتح الصَّادِ ، وَهِي أَطْنَاب المَفَاصِل وهو شيءٌ مُدوَّر فيُحتَمَل أَنَّهم كانُوا يَأْخذُون عَصَب بَعْضِ الحَيَوَانَات الطَّاهِرَة فيَقْطَعُونَ ويَجْعَلُونَه شِبْهَ الخَرَز ، فإِذا يَبِسَ يَتَّخذُون منه القَلَائِد ، فإِذا جَازَ وأَمْكَنَ أَن يُتّخَذَ من عِظَامِ السُّلَحْفَاةِ وَغَيْرِها الأَسْوِرَةُ جَازَ وأَمْكَنَ أَن يُتَّخَذَ من عَصَب أَشْبَاهِها خَرَزٌ يُنظَم مِنْهَا القَلَائِدُ . قَال : ثم ذَكَر لي بعضُ أَهْلِ اليَمَن أَنَّ العَصْب سِنُّ دابَّة بحرِيَّةِ تُسَمَّى فرسَ فِرْعونَ ، يُتَّخَذُ منها الخَرَزُ
____________________

(3/377)


وغيرُ الخَرَز من نصابِ سِكِّينٍ وغَيْرِه ، ويكون أَبيضَ ، انتهى .
( و ) العَصْبُ : ( غَيْمٌ أَحْمَر ) تراه في الأُفُق الغَربِيّ ( يَكُونُ ) أَي يَظْهر ( فِي سِنِي ( الجَدْبِ ) أَي القَحْط ، قال الفَرَزْدَقُ :
إِذَا العَصْبُ أَمْسَى في السَّمَاءِ كأَنَّه
سَدَى أُرجُوَانٍ واستَقعَّت عَبُورُهَا
( كالعِصَابة ، بِالكَسْر ) قال أَبُو ذُؤَيْب :
أَعَيْنَيَّ لَا يَبْقَى على الدَّهْرِ فَادِرٌ
بتَيْهُورَةِ تَحْتَ الطِّخَافِ العَصَائِبِ
وقد عَصَبَ الأُفُقُ يَعْصِب أَي احْمَرَّ .
( و ) العَصْبُ : ( شَدُّ فَخِذَيِ النَّاقَة ) أَو أَدْنَى مُنْخُرَيْها بحَبْل ( لِتَدِرَّ ) اللبنَ كالعِصَابِ . وقد عَصَبَها يَعْصِبُها ، وسَيَأْتي .
وفي الأَسَاسِ : ومِثْلِي لا يَدِرُّ بالعِصَابِ أَي لا يُعْطِي بالقَهْرِ والغَلَبَةَ . قلت : وَيَأْتِي المَزِيدُ على ذَلِكَ قَرِيباً .
( و ) العَصْبُ : ( اتِّسَاخُ الأَسْنَان من غُبَار ونَحْوِه ) كشِدَّة عَطَشٍ أَو خَوْفٍ ( كالعُصُوبٍ ) بالضم ، وقد عَصَبَ الفَمُ يَعْصَبُ عَصْباً وعُصُوباً .
( و ) العَصْبُ : ( الغَزْل ) والفَتْلُ . والعَصَّاب : الغَزَّال . قال رُؤْبَةُ :
طَيَّ القَسَامِيّ بُرودَ العَصَّابْ
القَسَامِيُّ : الذِي يَطْوِي الثِّيابَ في أَوّل طَيِّهَا حَتَّى يَكسِرها على طيِّها .
( و ) العَصْبُ : ( القَبْضُ ) وعَصَب الشيءَ وعَصَب ( عَلَى الشَّيْءِ ) : قَبَضَ عَلَيْهِ ( كالعِصَابِ ) بالكَسْرِ ، أَنشد ابنُ الأَعْرَابِيّ :
____________________

(3/378)



وكُنَّا يا قُرَيشُ إِذَا عَصَبْنَا
يَجيء عِصَابُنَا بِدَمٍ عَبِيطِ
عِصَابُنَا أَي قَبْضُنَا على مَنْ يُغادي بالسُّيُوف .
( و ) العَصْب : ( جَفَافُ الرِّيق ) أَي يُبْسُه ( في الفَمِ ) . وفوه عَصاِبٌ . وعَصَبَ الرِّيقُ بِفِيه بالفَتْحِ يَعْصِب عَصْباً ، وعَصِبَ كَفَرِح : جَفَّ ويَبِسيَ عَلَيْهِ . قال ابنُ أَحْمَرَ :
يُصَلِّي علَى مَنْ مَاتَ مِنِّا عَرِيفُنَا
ويَقرأُ حَتَّى يَعْصِبَ الريقُ بالفَمِ
ورجل عَاصِبٌ : عصَب الرِّيقُ بِفِيه . قال أَشْرَسُ بْنُ بَشَّامَة الحَنْظَلِيُّ :
وإِنْ لَقِحَت أَيْدِي الخُصُومِ وَجَدْتَني
نَصُوراً إِذَا ما اسْتَيْبَسَ الريقَ عَاصِبُهْ
لَقِحَت : ارتَفَعَت . شبَّه الأَيْدِيَ بأَذْنَاب اللَّوَاقِح مِنَ الإِبِل .
وعَصَبَ الريقُ فَاهُ يَعْصِبُه عَصْباً : أي 2 سَه . قال أَبُو مُحَمّد الفَقْعَسِيّ :
يَعْصِبُ فَاهُ الرِّيقُ أَيَّ عَصْبِ
عَصْبَ الجُبَاب بشفَاهِ الوَطْبِ
الجُباب : شِبْه الزُّبْدِ في أَلبَانِ الإِبِلِ .
وفي حَدِيث بَدْر ( لَمَّا فَرَغَ مِنْهَا أَتَاهُ جِبْرِيل وقد عَصَب رأْسَه الغُبَارُ ) أَي رَكِبَه وَعَلِقَ بِهِ ، مِن عَصَب الرِّيقُ فَاه إِذَا لَصِق بِهِ ، ورَوَى بعضُ المُحَدِّثِين ( أَنَّ جِبْرِيل جَاءَ يومَ بَدر على فَرَسٍ أُنْثَى وقد عَصَم ثَنِيَّتيه الغُبَار ) . فإن لم يكن غَلَطاً من المُحَدِّث فِي لُغَةٌ في عَصَبَ والبَاءِ والميم يتعقبان في حُرُوف كَثِيرَة لقُرْب مَخْرَجَيْهما . قال : ضَرْبةُ لازِبٍ ولازِمٍ ، وسَبَّدَ رَأْسَه وسَمَّده . كذا في لسان العرب .
( و ) العَصْبُ : ( لُزُومُ الشيءِ ) يقال عَصَبَ الماءَ : لزِمَه . وهذا عَنِ ابْن الأَعْرَابِيّ وأَنْشَد :
____________________

(3/379)



وعَصَبَ المَاءَ طِوَالٌ كُبْدُ
ويقَال : عَصَبَ الرجُلُ بيتَه أَي أَقَام في بَيْته لا يَبْرَحُه لَازماً لَه . ( و ) العَصْب : ( الإِطَافَةُ بالشَّيْءِ ) قال ابنُ أَحْمَرَ :
يا قومٍ ما قَوْمِي على نَأْيِهِمْ
إِذْ عَصَبَ النَّاسَ شَمَالٌ وقُرّ
يَعْجَب مِن كَرَمهِم وَقَالَ : نِعْمَ القومُ ( هم ) في المَجَاعَة إِذْ عَصَبَ الناسَ شَمالٌ وقُرٌّ ، أَي أَطَاف بِهِم وشَمِلَهم بَرْدُهَا .
ويقال : عَصَبَ الغُبَارُ بالجَبَل وغَيْرِه : أَطَافَ ، كذا في لِسَان الْعَرَب .
وفي الأَسَاسِ : وعَصَبوا بِهِ ، أَي أَحَاطُوا . وَوجَدْتُهم عَصِبِين به . ومنه العَصَبَة .
( و ) العَصْبُ : ( إِسْكَانُ لَامِ مُفَاعلَتُنْ في عرُوضِ الوَافِر ورَدُّ الجُزْءِ بِذلِك إِلَى مَفاعِيلُنْ ( وإِنَّمَا سُمِّي عَصْباً لأَنَّه عُصِب أَن يَتَحرَّك أَي قُبِضَ ، ( وفِعْلُ الكُلِّ ) مما تَقَدَّم ( كضَرَب ) إِلا العَصْب بمَعْنَى جَفَافِ الرِّيق ، فإِنَّ مَاضِيَه رُوِي بالوَجْهَيْن الفتح والكَسْر ، كما أَشَرْنَا إِلَيْه .
( والعصَابَةُ بالكَسْرِ : ) ما عُصِب بِه ، كالعِصابِ ، بالكَسْر أَيْضاً ، والعصب قالَه ابنُ مَنْظُور . وعَصَّبَهُ تَعْصِيباً : شَدَّه ، واسمُ ما شُدَّ بِهِ العِصَابَةُ .
وفي الأَسَاس ، ويقال : شَدَّ رأْسَه بعِصَابة ، وغَيْره : بِعِصابٍ ( و ) العِصَابَةُ أَيضاً : التَّاجُ و ( العِمَامَةُ ) . والعَمَائِمُ يقال لها العَصَائِب . قال الفَرَزْدَق :
وركْبٍ كأَنَّ الريحَ تَطْلُبُ مِنْهُمُ
لها سَلَباً من جَذْبِها بالعَصَائِبِ
أَي تَنفُض لَيَّ عَمائِمهُ مِنْ شِدَّتها فكأَنَّها تَسْلُبهم إِيَّاها .
ونقل شيخُنَا عن عِنَايَة الشِّهَاب في البَقَرَة أَنَّ العِصَابَةَ ما يُسْتَرُ بِه الرأْسُ ويُدارُ عَلَيْه قَلِيلاً ، فإِن زَادَ فعِمَامة .
____________________

(3/380)


فَفَرَّقَ بين العِصَابَة والعِمامَة ، وظَاهِر المُصَنِّف أَنّها تُطْلَق على ما ذَكَره وعلى العِمَامة أَيْضاً ، كأَنَّه مُشْتَرَك ، وَهو الَّذِي صَرَّح به في النِّهَايَةِ ، انْتَهَى .
وفي لسان العرب : العِصْبَةُ : هَيْئة الاعْتِصَابِ ، وكل ما عُصِبَ بِكَسْرٌ أَو قَرْحٌ من خِرْقَةٍ أَو خَبِيبَةٍ فهو عِصَابٌ ( له ) وفي الحَديث ( أَنَّهَ رَخَّص فِي المَسْحِ على العَصَائِب والتَّسَاخِينِ ) . وهي كُلُّ ما عَصَبْتَ بِهِ رَأْسَك من عِمَامَة أَو مِنْدِيل أَو خِرْقَة ، والذِي وَرَدَ في حَدِيث بَدْر قَال عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَة ( ارْجِعُوا ولا تُقَاتِلُوا واعْصِبُوهَا بِرَأْسِي ) قال ابنُ الأَثِير : يُرِيد السُّبَّة التي تَلْحَقُهُم بِتَرْكِ الحَرْب والجُنُوح إِلى السِّلْم ، فأَضْمَرَها اعْتِمَاداً على مَعْرِفَة 2 المُخَاطَبِين ، أَي اقْرُنُوا هَذه الحَالَ بِي وانْسُبُوه إِليَّ وإِن كانَتْ ذَمِيمَةً .
( والمَعْصُوبُ : الجَائِعُ جِدًّا ) وهو الَّذِي كادَتْ أَمعاؤُه تَيْبَسُ جُوعاً ، وخَصَّ الجَوْهَرِيُّ هُذَيْلاً بهذه اللُّغَة ، وقد عَصَبَ كَضَرَب يَعْصِب عُصُوباً ، وقيل : سُمِّيَ مَعْصُوباً لأَنه عَصَب بطْنَه بحَجَرٍ من الجُوع . وفي حَدِيثه المُغِيرَة : ( فإِذا هو مَعْصُوبُ الصَّدْرِ ) قيل : كَان مِنْ عَادَتِهِم إِذا جَاعَ أَحدُهم أَن يَشُدَّ جوفَه بعِصَابة ، ورُبّمَا جَعَل تَحْتَها حجَراً .
( و ) المَعْصُوبُ : ( السَّيْفُ اللَّطِيفُ ) وقال البَدْرُ القَرَافيّ : هو من أَسْيَاف رَسُولِ الله صلَّى الله عليه وسلم ، فهو مُسْتَدْرَك لِأَنَّه لم يُذْكَر مع أَسْيَافِ رَسُولِ اللّهِ صَلى اللّهُ عَلَيْه وسلّم في كُتُب السِّيَر ، وقد بَسَط ذَلِك شيخُنَا في هَذِه المادة وفي ( ر س ب ) .
( وتَعَصَّبَ ) أَي ( شَدَّ العِصَابَةَ . و ) تَعَصَّب : ( أَتَى بالعَصَبِيَّة ) ، مُحَرَّكَة ، وهو أَنْ يَدْعُوَ الرّجلُ إِلى نُصْرَةِ عَصَبَته والتَّألُّبِ مَعَهم على من يُنَاوِئهم ظَالمِين كَانُوا أَوْ مَظْلُومِين ، وقد تَعَصَّبُوا عَلَيْهم إِذا تَجَمَّعُوا ، وفي الحَدِيثِ : ( العَصَبِيُّ مَنْ يُعِني قومَه على الظُّلْم )
____________________

(3/381)


وقيل : العَصَبِيُّ هُو الَّذِي يَغْضَب لعَصَبَته ويُحَامِي عَنْهم . والتَّعَصُّبُ : المُحَامَاةُ والمُدَافَعَة . وتَعَصَّبْنَاه له ومَعَه : نَصْرُنَاه .
( و ) تَعَصَّبَ : ( تَقَنَّعَ بالشَّيْءِ ورَضِيَ بِهِ ، كاعْتَصَبَ بِهِ ) .
( و ) يقال : ( عَصَّبَةُ تَعْصِيباً ) إِذَا ( جَوَّعَه ) وعَصَّبَتْهُم السِّنونَ تَعْصِيباً : أَجَاعَتْهُم ، فهو مُعَصَّب ، أَي أَكلت مالَه السِّنُونَ ( و ) عَصَّبَ الدهرُ مالَه : ( أَهْلَكُه ) .
( والعَصَبَةُ مُحَرَّكَةً ) : هم ( الَّذِينَ يَرِثُونَ الرَّجُلَ عن كَلَالَةٍ من غَيْرِ وَالِدٍ وَلَا وَلَدٍ ) . وعَصَبَةُ الرَّجُل : بَنُوه وقَرَابَتُه لأَبِيه .
وفي التهذِيبِ : ولم أَسْمَعْ للعَصَبَةِ بِوَاحِد ، والقِيَاسُ أَن يكُون عَاصِباً ، مثلَ طَالِبٍ وطَلَبَة ، وظَالِم وظَلَمَةَ ( فَأَمَّا فِي الفَرَائِضِ فكُلُّ مَنْ لَمْ يَكُن لَه فَرِيضَةٌ مُسَمَّاةٌ فهو عَصَبَةٌ إِنْ بَقِيَ شَيْءٌ بَعْدَ الفَرَائِض أَخَذَ ) ، هذَا رَأْيُ أَهْلِ الفَرَائِض والفُقَهَاء ( وَ ) عند أَئمة اللغة : العَصَبَة : ( قَوْمُ الرَّجُلِ الَّذِين يَتَعَصَّبُون لَه ) ، كأَنّه على حَذْفِ الزَّائد ، وقِيل : العَصَبَة : الأَقَارِبُ مِن جِهَة الأَب ؛ لأَنهم يَعْصِبُونَه ويَعْتَصِب بِهِم أَي يُحِيطون به ويَشْتَدُّ بهم . وقال الأَزْهَرِيُّ : عَصَبَةُ الرَّجُلِ : أَولياؤُه الذُّكُور من وَرَثَتِهِ ، سُمُّوا عَصَبةً لأَنَّهُم عَصَبُوا بِنَسَبِه أَي استَكَفُّوا بِهِ ؛ فالأَبُ طَرَفٌ ، والابْنُ طَرَفٌ ، والعَمُّ جَانِبٌ ، والأَخُ جَانبٌ ، والجَمْعُ العَصَبَاتُ . والعَرَبُ تُسَمِّي قَرَبَاتِ الرَّجُلِ أَطرافَه ، ولمّا أَحاطَتْ بِه هَذه القراباتُ وعَصَبت بنَسَبه سُمُّوا عَصَبَةً ، وكُلُّ شيء استدَارَ بِشيْء فَقَد عَصَبَ ( بِه ) ، والعمائمُ يقال لها العَصَائِب مِنْ هَذَا . ثم قال : ويقال : عَصَبَ القومُ بِفُلان أَي استَكفُّوا حَوْلَه وعَصَبَت الإِبِلُ بعَطَنِهَا إِذا استَكَفَّت بِهِ ، قَال أَبو النَّجْمِ :
إِذْ عَصَبَت بالعَطَنِ المُغَرْبَلِ
يَعْنِي المُدقَّقَ تُرَابُه .
( والعُصْبَة بالضَّمِّ مِنَ الرِّجَالِ
____________________

(3/382)


والخَيْلِ ) بفُرْسَانِهَا ( وَ ) جَمَاعَةِ ( الطَّيْرِ ) وغيرِها : ( مَا بَيْنَ ) الثَّلَاثَة إِلَى العَشَرَة ، وقيل : ما بَيْنَ ( العَشَرَةِ إِلى الأَرْبَعِين ) ، وقيل : العُصْبَة : أَرْبَعُون ، وقِيل : سَبْعُون . وقد يُقَالُ : أَصْلُ مَعْنَاهَا الجَمَاعَة مُطْلَقاً ، ثم خُصَّتْ في العُرْفِ ، ثم اختُلفَ فِيه ، أَو الاخْتلافُ بحَسَبِ الوَراِد ، حَقَّقَه شيخُنَا ( كالعِصَابَة ، بالكَسْر ) ، في كُلَ مِمَّا ذُكِر . قال النَّابِغَة :
عِصَابَة طَيْرٍ تَهْتدِي بعَصَائِب
وفي حَدِيث عَلِيَ رَضي اللّهُ عَنْه : ( الأَبْدَالُ بالشَّامِ ، والنُّجَبَاءُ بمِصْر ، والعَصَائِبُ بالعِرَاق ) . أَرادَ أَن التَّجَمُّعَ للحُرُوبِ يكونُ بالعِرَاق ، وقيل : أَرادَ جَمَاعَةً من الزُّهَّادِ ، سَمَّاهم بالعَصَائِبِ ؛ لأَنَّه قرنَهم بالأَبْدالِ والنُّجَبَاءِ .
وفي لِسَان العَرَبِ : في التَّنْزِيل : { وَنَحْنُ عُصْبَةٌ } ( يوسف : 8 ) قال الأَخْفَشُ : العُصْبَة والعِصَابَةُ : جَمَاعَةٌ ليسَ لها وَاحِدٌ . قال الأَزْهَرِيُّ : وذَكَر ابْنُ المُظَفَّر في كتابه حَديثاً : ( أَنَّه يَكُون في آخِرِ الزَّمان رَجُلٌ يقال له أَمِيرُ العُصَب ) قال ابنُ الأَثِير : هو جمع عُصْبَة ، أَي كغُرْفَة وغُرَف ، فيكُونُ مَقِيساً ، كالعَصَائِب . ( و ) في حَدِيثِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّام لَمَّا أَقبلَ نَحْوَ البَصْرَة وسُئل عن وَجْهِه ، فقال : :
عَلِقْتُهمْ إِنْي خُلِقْتُ عُصْبَهْ
قَتَادَةً تَعَلَّقَت بِنُشْبَهْ
قال شَمِرٌ : وبَلَغَني أَنْ بعضَ العَرَب قال :
غَلَبْتُهم إِنّي خُلِقْتُ عُصْبَهْ
قَتَادَةً مَلْوِيَّةً بنْشْبَهْ
قال : والعُصْبَةُ : نباتٌ يَلْتَوِي على الشَّجَر ، وهُوَ اللَّبْلَاب . والنُشبَةُ من الرِّجَال : الَّذِي إِذَا عَبِثَ بشيء لم يَكَد يُفارِقُه .
ويقال للرَّجُلِ الشَّدِيدِ المِرَاس :
____________________

(3/383)


( قَتادَةٌ لُوِيَتْ بَعُصْبَة ) ، والمَعْنَى : خُلِقْتُ عُلْقَة لخُصُومِي ، فوَضَعَ العُصْبَة مَوْضع العُلْقَة ، ثم شَبَّه نفسَه في فَرْطِ تَعَلُّقه وتَشَبُّثه بِهِم بالقَتَادَة إِذَ استَظْهَرَت في تَعَلُّقِها واسْتَمْسَكَت بنُشْبَة ، أَي بشيء شَدِيدِ النُّشوب ، والباءُ التي في قَوْله بُنْشَبةٍ للاستِعَانَة كالَّتي في : كتبتُ بالقَلَم .
وأَما قولُ كُثَيِّر :
بادِيَ الرَّبْعِ والمَعَارِفِ منهَا
غيرَ رَسْمٍ كعُصْبَةٍ الأَغْيَالِ
فقد رُوِيَ عن ابن الجَرَّاحِ أَنه قال : العُصْبة : ( هَنَةٌ تَلْتَفُّ على القَتَادَةِ ) ، هكَذَا في النُّسخ الكَثِيرَة ، وهو الصَّوَابُ ، وفي بَعْضِها على الفَتَاةِ ، بالفَاءِ والفَوْقِيَّة ، مُؤَنَّث الفَتَى ، وفي أُخْرَى بالقَافِ والنُّون ، وكلاهُما تَحْرِيف ، وإِن صَحَّحَ بعضُّهم الثَّانية ، على ما قاله شيخُنَا ( لا تُنْزَعُ عَنْهَا إِلَّا بِجَهْد ) . وفي بعضِ أُمَّهَاتِ اللغة بَعْدَ جَهْد ، وأَنْشَد ابنُ الجَرَّاح :
تَلبَّسَ حُبُّهَا بدَمِي ولَحْمِي
تَلَبُّسَ عُصْبَةٍ بِفُرُوع ضَالِ
( واعْتَصَبُوا : صَارُوا عُصْبَةً عْصْبَةً ) هكذا بالتَّكْرَار في نُسْخَتِنا ، وعليها عَلَامة الصِّحَّة ، والَّذي في لسان العرب والمُحْكَم الاقْتِصارُ عَلى وَاحِد . قال أَبو ذُؤَيْب :
هَبَطْن بَطْنَ رُعَاطٍ واعْتَصبْنَ كَمَا
يَسْقِي الجُذُوعَ خِلَالَ الدُّورِ نَضَّاحُ
( و ) عَصَب ( النَّاقةَ : شدَّ فَخِذَيْهَا لِتَدِرَّ ) أَي تُرْسِل الدَّرَّ وهو اللَّبَنُ ( ونَاقَةٌ عَصُوبٌ : لا تَدِرُّ إِلَّا كَذلِك ) وفي بَعْضه الأُمَّهَات : إِلا عَلى ذلك ، قال الشَّاعر :
وإِن صَعُبَت عَلَيْكم فاعْصِبُوهَا
عِصَاباً تُسْتَدَرُّ بِهِ شَدِيدَا
وقال أَبو زيد : العَصُبُ : الناقة الَّتي لا تَدِرّ حتى تُعْصَبَ أَدانِي مُنْخُرَيْهَا بخَيْط ثم تُثَوَّر ولا تُحَلُّ حتى تُحْلب . وفي حديث عمر ومُعَاوِيَة : ( أن العَصُوبَ يَرْفُقُ بها حَالِبُهَا
____________________

(3/384)


فتَحْلُبُ العُلْبةَ ) قال : العَصُوبُ : النَّاقَة التي لا تَدِرُّ حَتَّى يُعْصَب فَخِذَاها أَي يُشَدَّانِ بالعِصَابة . والعِصابُ : ما عَصَبها بِهِ . وأَعْطَى على العصْبِ أَي على القَهْر مَثَلٌ بِذلِك . قال الحُطَيْئَةُ :
تَدِرُّونَ إِن شسُدَّ العِصَابُ عَلَيْكُمُ
ونَأْبَى إِذَا شُدَّ العِصَابُ فلا نَدِرّ
قال : شيخُنَا : وهِي من الصِّفَات المَذْمُومَة في النُّوق .
( وعَصِبُوا بِهِ كسَمِعَ وضَرَبَ : اجتَمَعُوا ) حَوْله . قال سَاعِدَةُ :
ولكِنْ رأَيْتُ القَوْمَ قد عَصَبُوا بِهِ
فلا شَكَّ أَنْ قَدْ كَانَ ثَمَّ لَحِيمُ
وفي الأَسَاس : عَصَبُوا بِهِ : أَحَاطُوا . ووجَدْتُهُم عَاصِبِينَ بِهِ وقَدْ تَقَدَّم .
( والعَصُوبُ ) من النساءِ : ( المَرْأَةُ الرَّسْحَاءُ أَوِ الزَّلَّاءُ ) ، وكلاهما عن كُرَاع . وقال أَبو عُبَيْدَة : العَصُوبُ : الرَّسْحَاءُ والمَسْحَاءُ والرَّصْعَاءُ والمَصْوَاءُ والمِزْلَاقُ والمِزْلَاجُ والمِنْدَاصُ .
( واعْصَوْصَبَتِ الإِبلُ : جَدَّت في السَّيْرِ كأَعْصَبَت ) ، واعْصَوْصَبَ القومُ إِذَا اجتَمَعُوا ، فإِذا تَجَمَّعُوا على فَرِيقٍ آخَرينَ قيل : تَعَصَّبُوا . واعْصَوْصَبُوا : استجْمَعُوا وصَارُوا عِصَابَة وعَصَائِبَ ، وكَذَلِكَ إِذَا جَدُّوا في السَّيْر ( و ) اعْصَوْصبَتِ الإِبِلُ وعَصبَت وعَصِبَت : ( اجْتَمَعَتْ ) . وفي الحَدِيث ( أَنَّه كان في مَسِيرٍ فرَفَع صوتَه ، فلما سَمعوا صَوْتَه اعْصَوْصِبُوا ) أَي اجْتَمَعُوا وصَارُوا عِصَابَةً واحِدَةً وجَدُّوا في السَّيْر ( و ) اعْصَوْصَبَ اليوم و ( الشَّرُّ : اشْتَدَّ ) وتجَمَّع ، كأَنَّه من الأَمْرِ العَصِيبِ أَي الشَّدِيد ( و ) في التَّنْزِيلِ : { هَاذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } ( هود : 77 ) ، قال الفرَّاءُ يومٌ ( عَصَبْصَبٌ وعَصِيبٌ : شَديدُ الحَرِّ
____________________

(3/385)


أَو شَدِيدٌ ) . وليلةٌ عَصِيبٌ ، كَذَلك ، ولم يَقُولُوا عصيبة قال كُرَاع : هُو مُشْتَقٌّ من قَوْلك : عَصَبْتُ الشيءَ إِذَا شَدَدْتَه ، وليسَ ذَلِك بمَعْرُوف . أَنشد ثَعْلَب في صفة إِبِلٍ سُقِيَت :
يا رُبَّ يَوْم لَكَ مِنْ أَيَّامِهَا
عَصَبْصَبِ الشَّمْسِ إِلَى ظَلامِها
وقال الأَزْهَرِيّ : هو مأْخُوذٌ من قَوْلِك عَصَبَ القومَ أَمرٌ يَعْصِبُهُم عَصْباً إِذَا ضَمَّهُم واشْتَدَّ عَلَيْهِم . وقَال أَبُو العَلاء : يوم عَصَبْصَبٌ : بَارِدٌ ذو سَحَابٍ كَثِير ، لا يَظْهَرُ فِيه مِن السَّمَاء شَيءٌ ، كذا في لسان العرب .
( والعَصِيبُ ) من أَمْعَاءِ الشَّاءِ : ما لُوِي مِنْهَا . والعَصيبُ : ( الرِّئَةُ تُعَصَّبُ بالأَمْعَاءِ فتُشْوَى ) و ( الجَمْعُ أَعْصِبَةٌ وعُصُبٌ ) . قال حُمَيْدُ بْنُ ثَوْر وقِيلَ هو للصِّمَّةِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ القُشَيْرِيّ :
أُولئك لم يَدْرِينَ ما سَمَكُ القُرَى
ولا عُصُبٌ فِيهَا رِئَاتُ العَمَارِسِ
وفي لسان العرب : ويُقَالُ لأَمْعَاءِ الشَّاةِ إِذَا طُوِيَت وجُمِعَت ثم جُعِلَت في حَوِيَّة من حَوَايَا بَطْنِها : عُصُبٌ ، واحِدُها عَصِيبٌ .
( والتَّعْصِيبُ : التَّسْوِيدُ ) ، من سَوَّدَه قَوْمُه إِذَا صَيَّروهُ سَيِّداً .
وفي الأَسَاس : وكَانُوا إِذَا سَوَّدُوه عَصَّبُوه ، فجرى التَّعْثيبُ مَجْرَى التَّسْوِيد . ( والمُعَصِّبُ ، كمُحَدِّث : السَّيِّدُ ) المُطَاع . والذي في التَّوْشِيح وظاهر عِبَارَة لِسَان العَرَب ضَبْطُه كمُعَظَّم ، كما سنَذْكُره . قال ابن مَنْظُور : ويقال للرَّجُل الذي سَوَّدَه قومُه : قد عَصَّبُوه فهو مُعَصَّب ، وقد تَعَصَّبَ . ومنه قول المُخَبَّل في الزِّبْرِقَان :
رأَتُكَ هَرَّيتَ العِمَامَةَ بَعْدَ مَا
أَراكَ زماناً حاسِراً لم تَعَصَّبِ
وهو مَأْخُوذٌ مِن العصَابَة ، وهي العِمَامَة وكانَت التِّيجَانُ للمُلُوك ، والعَمَائِمُ الحُمْرُ للسَّادَة من العرب ،
____________________

(3/386)


قال الأَزْهَرِيّ : وكان يُحْمَلُ إِلى الباديَة من هَرَاةَ عَمَائِمُ حُمْرٌ يَلْبَسُهَا أَشْرَافُهُم .
ورجُلٌ مُعَصَّبٌ ومُعَمَّم أَي مُسَوَّد . قال عَمْرُو بْنُ كُلْثُوم :
وَسيِّدِ مَعْشَرٍ قد عَصَّبُوه
بتَاجِ المُلْكِ يَحْمِي المُحْجَرِينَا
فجعل المَلِكَ مُعَصَّباً أَيضاً لأَنَّ التَاجَ أَحَاطَ برَأْسه كالعِصَابَة التي عَصَبَت برأَس لابِسِهَا .
ويقال : اعْتَصَبَ التَاجُ على رَأْسه إِذا استكَف بِه . ومِنْهُ قولُ ابْنِ قَيْسِ الرُّقَيَّات :
يَعْتَصِبُ التاجُ فوقَ مَفْرِقِه
على جَبِينٍ كأَنَّه الذَّهَب
وكانُوا يُسَمُّون السَّيِّدِ المُطَاعَ مُعَصَّبا ؛ لأَنه يُعَصَّب بالتَّاج أَو تُعَصَّب به أُمُورُ النَّاس ، أَي تُرَدُّ إِليه وتُدَارُ بِهِ ، والعَمَائِمُ تِيجَانُ العَرَب .
وفي الأَسَاس : المَلِكُ المُعْتصِبُ والمُعَصَّب أَي المُتَوَّج . وعَصَّبَه بالسَّيْف تَعْصِيباً : عَمَّمه بِه . ( و ) المُعَصِّب بضَبْطِ المُؤلف كمُحَدِّث وبِضَبْطِ غَيْرِه كمُعَظَّم : ( الَّذي يَتَعَصَّبُ بالخِرَقِ جُوعاً ) . والذِي عَصَبَتْه السِّنُونَ أَي أَكَلَت مَالَه . والجَائِع الذي يَشْتَدُّ عليه سَخْفَةُ الجُزعِ فيُعَصِّبُ بطنَهُ بحَجَرٍ . ومنه قوله :
ففي هذا فنَحْنُ لُيُوثُ حَرْبٍ
وفي هَذَا غُيُوثُ مُعَصِّبِينا
( و ) المُعَصَّبُ : ( الرَّجُلُ الفَقيرُ ) . وعَصَبَهُم الجَهْدُ وهو من قولهم يوم عَصِيبٌ ( وانْعَصَبَ : اشْتَدَّ ) .
( و ) عُصَيْبٌ ( كزُبَيْر : ع بِبِلَادِ مُزَيْنَةَ ) .
( والحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ العَصَّابُ كشَدَّادٍ : مُحَدَّثٌ ) عن شافع . وفاته مُحمّدُ بنُ إِسحاقَ العَصَّابُ عن سَلَمَ بْنِ العَوَّام بْنِ حَوْشَب ، عنه الحَسنُ بنُ الحُسَيْن العَطَّار .
ومما يُسْتَدْرَكُ عليه :
يقال للرَّجل إِذَا كان شَدِيدَ أَسْرِ الخَلْق غيرَ مُسْتَرْخِي اللَّحْمِ : إِنَّه لمَعْصُوبٌ
____________________

(3/387)


ما حُفْضِج . ورجل مَعْصُوبُ الخَلْق : شَدِيدُ اكْتِنَازِ اللَّحْم عُصِب عَصْباً . قال حَسَّان :
دَعُوا التَّخَاجُؤَ وامْشُوا مِشْيَةً سُجُحاً
إِنَّ الرجَالَ ذَوُو عَصْبٍ وتَذْكِيرِ
وجارِيةٌ مَعْصُوبَةٌ ؛ حَسَنَةُ العَصْب أَي اللَّلِّي مجدولةُ الخَلْق . ورجل مَعْصوب : شَدِيدٌ . وعَصَّب الرجلَ تَعْصِيباً : دَعَاه مُعَصَّباً ، عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ ، وأَنْشَدَ :
يُدْعَى المُعَصَّبَ مَنْ قَلَّت حَلوبَتُه
وهل يُعَصَّبُ مَاضِي الهَمَّ مِقْدَامُ
ويقال : عَصَب القَيْنُ صَدْعَ الزُّجاجَةِ بِضَبَّ من فِضّة إِذا لأَمَهَا بِه . والضَّبِّةُ : عِصَابُ الصَّدْعِ ، نقله الصَّاغَانِيّ . وفي حَدِيث عَلِيَ كَرَّم الله وَجْهَه ( فِرُّوا إِلَى اللّهِ وقُومُوا بما عَصَبَهُ بكم ) أَي بما افْتَرَضَه عليكم وقَرنَبكم من أَوامِرِه ونَوَاهيه . وفي حَديث المهاجِرِين من المَدِينَة ( فنزلُوا العُصْبَة ) هو مَوْضِعٌ بالمَدِينة عند قُبَاءَ ، وضبطه بعضهم بفَتْح العَيْنِ والصَّادِ ، هذا من لِسَانِ العَرَب .
وفي الأَسَاسِ : ومِثْلِي لا يَدِرُّ بالعِصَاب ، أَي لا يُعْطِي بالقَهْرِ والغَلَبَة ، من النَّاقَةِ العَصوب . وفلان خِوَانُه مَنْصُوبٌ وجَارُهُ مَعْصُوبٌ ، ويقال فيه : عاصب .
وورد عليَّ مَعْصُوبٌ أَي كِتَابٌ ، لأَنَّه يُعْصَب بخَيْطٍ .
والأُمُور تَعْصِبُ بِرَأْسه انتهى .
وعليُّ بنُ الفَتْح بْنِ العَصَب الملحيّ ، محركة ، عن البَاغَنْديّ ، وملكةُ بنتُ عَصْب بْنِ عَمْرو ، بالفَتْح فالسكون ، والِدَةُ زَائِدَةَ بنِ الحَارثِ بْنِ سَامَة بن لُؤَيّ وإِخْوَتِه .
وعن ابن الأَعْرَابيّ : غُلامٌ عَصْبٌ وعَضْبٌ وعَكْبٌ إِذا كان خَفِيفاً نَشِيطاً في عَمَلِه .
عصلب : ( العُصْلُبُ بالضَّم بالفَتْحِ والعُصْلُبيُّ منْسُوبةً ) معضْمُومَةً ( والعُصْلُوبُ )
____________________

(3/388)


بالضَّم أَيضاً ، وإِنما أَطلَقَه هنا اعْتماداً على ما هُو مَعْرُوف عِنْدَهم ، وهو نُدْرَة مَجِيء فَعْلُول بالفتح ، كل ذَلِكَ بمعنى ( القَوِيّ ) ، والذِي في الصِّحاحِ ولِسانِ العَرَب : ( الشَّدِيدُ الخَلْق العَظِيمُ ) ، زاد الجَوْهَرِيّ : من الرِّجَالِ ، قَال :
قد حَشَّهَا اللَّيْلُ بعُصْلُبِيِّ
أَروعَ خَرَّاجٍ من الدَّادِيِّ
مُهاجرٍ لَيْسَ بأَعْرَابِيِّ
قال ابنُ مَنْظُور : والَّذِي في خُطْبة الحَجُّاج :
قد لَفَّها الليلُ بعَصْلَبيّ
والضمير في لَفَّها للإِبِل ، أَي جِمَعهَا الليلُ بسائِقٍ شَدِيد ، فَضَربَه مَثَلاً لِنَفْسه ورَعِيَّته . وعن الليثِ : العُصْلُبِيّ : الشَّدِيدُ البَاقِي على المَشْيِ والعَمَل .
( وكقُنْفُذٍ ) فَقَط هو : ( الطَّوِيلُ . 9 وقال اللَّيْثُ : هو ( المُضْطَرِبُ ) من الرِّجَالِ ، واقْتَصَر علَيْه .
( والعَصْلَبةُ : شِدَّةُ الغَضَبِ ) ، قَالَه اللَّيْثُ أَيْضاً ، وهو هكَذَا بالغَيْنِ والضَّادِ المُعْجَمَتَيْنِ في سائِر النُّسخ . والذِي في التَّكْمِلَة : شِدَّة العَصْب ، بالعَيْن والصَّادِ المُهْملَتَين ، وهو الصَّوَاب . ثم إِنّ هَذِه الترجمة ذكرها الجَوْهَرِيّ في آخر مادة عَصَب ، مُشِيراً إِلى زِيَادَةِ اللَّام : وظَاهِرُ صَنِيع المُؤَلِّف أَنَّه من زِيَادَاتِه ، فَفِيه تَأَمُّل . وقد أَشَارَ لذلك شيخُنا ، وذكر أَيضاً أَنَّ الأَبْيَاتَ المذكورةَ ذَكَرها المُبَرِّد في الكَامِل .
عضب : ( العَضْبُ : القَطْعُ ) عَضَبه يَعْضِبُه عَضْباً : قَطعَه ، وتَدْعُو العَربُ على الرَّجُل : مالَه عَضَبَه الله . يَدعُون عليه بقَطْع يَدَيْه ورِجْلَيْهِ ( و ) العَضْب : ( الشَّتْمُ والتَّنَاوُلُ ) ، يقال : عَضَبَه بلسانِه : تَنَاولَه وشَتَمه . ورجل عَضَّاب كشَدَّادٍ : شَتام . ( و ) العَضْبُ : ( الضَّرْبُ ) يقال : عَضَبْتُه بالعَصَا إِذَا ضَرَبْتَه بها أَعضِبُه عَضْباً .
____________________

(3/389)



( و ) العَضْبُ : ( الرُجُوعُ يقال عَضَبَ عَلَيْه أَي رَجَع عَلَيْه .
( و ) العَضْبُ : ( الإِزْمَانُ ) يقال : عَضَبَتْه الزَّمانَة تَعْضِبه عَضْباً إِذَا أَقَدَتْه عن الحَرَكة وأَزْمَنَتْه . وقال أَبُو الهَيْثَم : العَضْب : الشَّلَلُ ، والخَبَلُ ، والعَرَجُ ، والخَبَل ، ويقال : لا يعْضِبُك اللّهُ ولا يَعْضِب اللّهُ فُلاناً أَي لا يَخْبِلُه اللّهُ .
( و ) العَضْبُ : ( جَعْلُ النَّاقَة والشَّاةِ عَضْبَاءَ ، كالإِعْصَابِ ) ، وهذه عن الفَرَّاء . و ( فِعْلُ الكُلِّ كَضَرَبَ ) ، كَمَا أَسلَفْنَا بيانَه .
( و ) العَضْبُ : ( السَّيْفُ ) ، وقَيَّدَه الجَوْهَرِيُّ بِالقَاطع ، يقال : سَيْفٌ عَضْبٌ أَي قَاطِع ، وَصْفٌ بالمَصْدَر .
( و ) العَضْبُ : ( الرجُلُ الحَدِيدُ الكَلامِ ، وقد عَضُب ) لِسَانُه ( كَكَرُم عُضُوباً وعُضُوبَةً ) : صَار عَضْباً أَي حَدِيداً في الكَلَام . ومن المَجَازِ : لِسَانٌ عَضْبٌ ، أَي ذَلِيقٌ مِثلُ سيف عَضْب . ويقال : إِنَّه لمَعْضُوبُ اللِّسَان ، إِذا كان مَقْطُوعاً عَيِبًّا فَدْماً .
( و ) عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ : العَضْبُ : ( الغُلَامُ الخفِيفُ ) الجِسْم الحَادُّ ( الرَّأْس ) ، عَضْبٌ ونَدْبٌ وشَطْبٌ ، وشَهْبٌ وعَصْبٌ وعَكْبٌ وسَكْبٌ ، وقد سَبَق البعضْ ويأْتِي البعضُ في مَحَلْه .
( و ) عن الأَصْمَعِيِّ : العَضْبُ : ( وَلَدُ البَقَرَةِ إِذَا طَلَعَ قَرْنُه ) وذلك بَعْد ما يَأْتِي عليه حَوْلٌ ، وذلك قبل إِجْذَاعِهِ . وقال الطَّائِفيُّ : إِذَا فبِضَ على قَرْنِه فهو عَضْب ، والأُنْثَى عَضْبَةٌ ، ثم جَذَع ، ثم ثَنِيُّ ثم رَبَاعٌ ثم سَدَسٌ ثم التَّمَمُ والتَّمَمَةُ ، فإِذا اسْتَجْمَعَت أَسْنَانُه فهو عَمَمٌ ، كما في لِسَان العَرَب .
( والعَضْبَاءُ : النَّاقَة المَشْقُوقَةُ الأُذُنِ ) وكذلِك الشَّاةُ ، وجَمَلٌ أَعْضَبُ كذلِك . ( و ) العَضْبَاءُ ( مِنْ آذَانِ الخَيْلِ : الَّتِي جَاوَزَ القَطْعُ رُبْعَهَا . ( و ) العَضْبَاءُ : ( لَقَب نَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْه وسَلَّم ) اسْمٌ لها
____________________

(3/390)


عَلَمٌ ( ولم تَكُن عَضْبَاءَ ) أَي من العَضَب الَّذِي هو الشَّقُّ في الأُذُنِ ، إِنَّما هو اسْمٌ لَهَا سُمِّيَت به ، لِنَجَابَتِهَا ومُضِيِّهَا في وَجْهِهَا ، كما في المِصْبَاحِ وغَيْرِه . وقال الجوهَرِيُّ : هو لَقَبُهَا . قال ابنُ الأَثِير : لم تكن مَشْقوقَةَ الإِذُن . قال : وقال بعضُهم : إِنهَا كانت مشْقُوقَةَ الأُذُنِ والأَوْلُ أَكْثَرُ . وقال الزَّمَخْشَرِيُّ : هو مَنْقُولٌ مو قَوْلهم : ناقة عَضْبَاءُ ، وهي القَصِيرَةُ اليَدِ . وفي التَّوشِيحِ : وهل هِيَ القُصْوَى أَو غ 2 يْرهَا ، قَوْلَان : قال شَيْخُنا : وَوَقَع الخِلافُ ، هل نُوقُه صَلَّى الله تعالى عليه وسَلَّم تَسْلِيماً العَضْبَاءُ والقُصْوَى والجَدْعَاءُ ثَلَاثَة أَو وَاحِدَة لَهَا أَلقَابٌ ثَلَاثَة ، كما جزَم به المُصَنِّفُ في ( ج د ع ) أَقْوالٌ .
( و ) في الص 2 حَاحِ : العَضْبَاءُ : ( الشاةُ المَكْسُورَةُ القَرْنِ الدَّاخِلِ ) وهو المُشَاشُ ، ويقال : هي التي انكَسَر أَحدُ قَرْنَيْهَا . ( وكَبْشٌ أَعْضَبُ بَيِّنُ العَضَب ) ، محركة ، ( وقَد عَضِبَ كفَرِح ) عَضَباً ، وأَعْضَبَهَا هُوَ . وعَضَبَ القَرْنَ فانْعَضَبَ قَطَعَه فانْقَطَعَ . قال الأَخْطَل :
إِنَّ السُّيُوفَ غُدُوَّهَا وَرَوَاحَهَا
تَرَكَتْ هَوَازِنَ مثلَ قَرْنِ الأَعْضَبِ
وفي الحديث عن النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسَلَّم ( أَنَّه نَهَى أَن يُضَحَّى بالأَعْضَبِ القَرْنِ ، والأُذن ) قال أَبو عُبَيْد : الأَعْضَبُ : المَكْسُورُ القَرْنِ الدَّاخِلِ ، قال : وقد يَكُونُ العَضَب في الأُذُنِ أَيضاً . فأَمَّا المعروفُ ففي القَرْن ، وهُو فيه أَكْثَرُ . وقد نَقَل شيخُنَا عن الشّهاب في العِنَايَة الوَجْهَيْنِ ، وعَزَا الثانيَ إِلَى المِصْبَاح وأَنَّه اقْتَصَر عليه .
( والمَعْضُوبُ : الضَّعِيفُ ) . تَقُولُ منه : عَضَبه . وقال الإِمَامُ الشافِعِيُّ في المَنَاسِكِ : وإِذَا كان الرجُلُ مَعْضوباً لَا يَسْتَمْسِك على الرَّاحِلَة فحَجَّ عنه رَجُلٌ في تِلْك الحالَة فإِنه يُجْزِئه . قال الأَزْهَرِيّ : ( و ) المَعْضُوبُ في كلام العرب : المَخْبُولُ ( الزَّمِنُ ) الذِي ( لا حَرَاكَ به ) وقد عَضَبَتْه الزَّمانَةُ
____________________

(3/391)


إِذَا أَقعدَتْه عن الحرَكةِ ، وتَقدم قولُ أَبِي الهَيْثَم .
( والأَعضَبُ ) من الرِّجال : ( مَنْ لا ناصِرَ لَه ، و ) من الجِمَال : ( القَصِرُ اليَدِ ) ، مأْخوذٌ منقول الزَّمَخْشَرِيّ المُتَقَدِّم في العَضْبَاءِ . ( والَّذِي مَات أَخوهُ ، أَو مَنْ لَيْسَ له أَخٌ ولا أَحَدٌ ) ، كُلُّ ذلك أَقوالٌ ، والأَخِيرُ هو الأَوّلُ في لسان العرب .
( و ) العَضْبُ : أَن يكونَ البيتُ من الوَافِر أَخرمَ . الأَعْضَبُ ( في عَروضِ الوَافِره ) : الجُزْءُ الَّذِي لَحقه العَضْب وهو ( مُفْتَعِلُن مَخْرُوماً ) بالخَاء والزَّاي المُعْجَمَتَيْن ( من مُفَاعَلَتُن ) فيُنْقَلُ إِلَى مُفْتَعِلن . وَبَيْتُه قولُ الحُطَيْئة :
إِن نَزَلَ الشتاءُ بِدَار قَوْمٍ
تَجَنَّبَ جَارَ بَيْتِهِمُ الشِّتاءُ ( وهو يُعَاضِبني : يُرَادُّ نِي ) وهو يُعاضِبُ فُلاناً أَي يُرَادّه .
ومما لم يَذْكُره المُؤَلِّف من ضَرُورِيَّات المَادَّة .
العَضْبُ : اسمُ سَيْفِ رَسُولِ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْه وسَلَّم ، كما ذكره عبدُ البَاسِط البلقينيّ وغَيْرُه من أَهْله السِّيَر قال شَيخُنَا : ويقال : إِنَّه هو الَّذِي أَرسلَ إِليه النَّبِيُّ صلَّى اللّهُ عليه وسَلَّم سَعْد بنَ عُبَادَة حينَ سَارَ إِلى بَدْر ، ولَيْسَ هو ذَا الفقار ، على الأَصَحّ ، انتهى . وفي المَثَل ( إِنَّ الحاجَةَ ليَعْضِبُهَا طَلَبُهَا قَبْل وَقْتِهَا ) يَقُولُ : يَقْطَعُهَا ويُفْسِدُهَا ويقال : إِنَّك لتَعْضِبُني عن حاجَتي ، أَي تَقْطَعُني . والعَضَب في الرُّمْح ، أَي محركة : الكَسْر . ويقال : عَضَبْتُه بالرُّمْحِ أَيضاً ، وهو أَن تَشْغَلَه عَنْه .
وعَضُب الدَّولة أَتق من أُمَرَاءِ دِمَشْق مَدَحَه الخَيَّاط الشَّاعر بَعْدَ الخَمْسِمائة ، نَقَله الحَافِظ .

____________________

(3/392)


عطب : ( العُطْبُ بالضَّمِّ وبِضَمَّتَيْن : القُطْنُ ) مثل عُسْر وعُسُر . قاله ابنُ الأَعْرَابِيّ . وفي حَدِيث طَاوُوس أَو عِكْرِمَةَ ( لَيْسَ في العُطْبِ زَكَاةٌ ) هو القُطْنُ . قال الشاعرُ :
كأَنَّه في ذُرَى عَمَائِمهمْ
مَوْضَّعٌ من مَنَادِفِ العُطُبِ
( و ) العَطْبُ ( بالفَتْح ) من القُطْن والصُّوفِ : ( لِينُه ونُعُومَتُه ، كالعُطُوب ) بالضم . والَّذِي في التَّهْذِيبِ العَطْبُ : لِينُ القُطْنِ والصُّوفِ ، واحِدَتُه عَطْبة . وقد وجدتُه مضبوطاً بالضَّمِّ ، ثم ظَاهِرُ عِبَارَتِه أَنَّه لَيِّن كسَيّد ، فإِن كَان كَذلِكَ ففِي عِبَارَةِ المُؤَلِّف نوعُ تَسَامُح : يقال : ( عَطَبِ كَنَصَرَ ) يَعْطُب عَطْباً وعُطُوباً : ( لَانَ ) ، وهذا الكَبْشُ أَعطَبُ مِنْ هَذَا ، أَي أَلْيَنُ . ( و ) عَطِبَ ( البَعِيرُ والفَرَسُ : انْكَسَرَ ) أَو قَامَ عَلَى صَاحِبِه . ( وأَعْطَبَه غَيْرُه ) إِذا أَهْلَكه . والمَعَاطِبُ : المَهَالِكُ ، واحدُها مَعْطَب . وفي الحَدِيثِ ذِكرُ عَطَب الهَدْيِ ، وهو هَلَاكُه ، وقد يُعَبَّر به عن آفَةٍ تَعْتَرِيه تَمْنَعُه عن السَّيْرِ فيُنْحَرُ ، واستَعْمَل أَبو عُبَيْد العَطَبَ فهي الزَّرْعِ فقال : فَنُرَى أَنَّ نَهْيَ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلَّم عن المُزارَعَة إِنَّمَا كان لِهذِه الشُّرُوطِ ، لأَنَّها مَجْهُولَةٌ لا يُدرَى أَتَسْلَمُ أَم تَعْطَبُ .
( و ) عَطِبَ ( عَلَيْه : غَضِبَ أَشَدَّ الغَضَب ) .
( والعُطْبَةُ بالضَّمِّ ) : قِطْعَةٌ مِن قُطْنٍ أَو صُوفٍ . و ) خِرْقَة تُؤْخَذُ بِهَا النَّارُ ) قال الكُمَيْتُ :
ناراً من الحَرْبِ لا بالمَرْخِ ثَقَّبَهَا
قَدْحُ الأَكُفِّ ولمْ تُنْفَخْ بِهَا العُطَبُ
( واعْتَطَبَ بِهَا ، أَخَذَ النَّارَ فِيهَا ) ويقال : أَجِدُ ريحَ عُط 2 ة أَي قُطْنَةِ أَو خِرْقَة محترِقةٍ .
( والعَوْطَبُ ) كجَوْهَر : ( الدَّاهِيَةُ . و ) العَوْطَبُ : ( لُجَّةُ البَحْرِ ) قال الأَصْمَعِيُّ : هُمَا من العَطَب ، وقال ابنُ
____________________

(3/393)


الأَعرابِيّ : العَوْطَبُ : أَعمقُ موضِعٍ في البَحْرِ ، ( أَو المُطْمَئنُّ بَيْنَ المَوْجَتَيْنِ ) ، وهو قولُ ابْنِ الأَعْرَابِيّ أَيْضاً . ( و ) عَوْطَ ( شَجَرٌ ) .
( والمُعْطِبُ ) كمُحْسِن : ( المُقْتِرُ ) .
( والتَّعْطِيبُ : عِلَاجُ الشَّرَابِ ليَطِيبَ رِيحُه ) ، عن أَبي سَعِيد . يقال : عَطَّبَ الشرابَ تَعْطِيباً . وأَنشد بيتَ لَبِيد :
إِذَا أَرسلَتْ كَفُّ الوَلِيدِ عِصامَهُ
يَمُجُّ سُلَافاً مِن رَحِيقٍ مُعَطَّبِ
وقال غيره : مِن رَحِيقٍ مُقَطَّب . قَال الأَزْهَرِيُّ : وهو المَمْزُوجُ ، ولا أَدْرِي ما مُعَطَّب .
( و ) التَّعْطِيب : ( في الكَرْمِ ) : بُدُوُّ أَي ( ظُهُورُ زَمَعاتِه ) .
ومن سَجَعَات الأَسَاسِ : لا تنسَ ما نَقَم اللّهُ من حَاطِب ، وما كَادَ يَقَع فيه من المَعَاطِب . وتَقُولُ : رُبَّ أَكْلَةٍ مِنْ رُطَب ، كانَتْ سَبَباً في عَطَب .
عظب : ( عَظَب الطَّائِرُ يَعْظِب ( عَظْباً ، أَهملَه الجَوْهَرِيّ . وقال الليث : أَي ( حَرَّكَ زِمِكَّاه ) ، بكَسْرِ الزَّاي والمِيم وفَتْح الكَافِ المُشَدَّدَةِ مقصوراً ، أَصْل الذَّنَبِ ، ( بِسُرْعَة و ) حَظَبَ عَلَى الشَّيءِ وعَظَب ( عَلَيْهِ ) يَعْظِب ( عَظْباً وعُظُوباً : لزِمَه وصَبَر عليه ) ، عن الأَصْمَعِيّ ( كَعَظِب ) عَلَيْهِ ( بالكَسْرِ ) وإِنّه لحَسَنُ العُظُوبِ على المُصِيبَة ، إِذا نَزَلَت به ، يَعْنِي أَنّه حَسَنُ التَّصَبُّر جَمِيلُ العَزاءِ . ( و ) قال مُبْتَكَرٌ الأَعْرَابِيّ : عظَّب فلان ( عَلَى مالِه : أَقَامَ عَلَيه ) وهو عَاظِبٌ : إِذا كَانَ قَائِماً عَلَيْه ، وقد حَسُن عُظُوبُه عَلَيْه . ( و ) عَظَب ( جِلْدُه ) إِذَا ( يَبِس و ) عَظَبَت ( يَدُه ) إِذا ( غَلُظَت على العَمَل . و ) عَظِب ( كفَرِح ) يَعْظَب إِذا ( سمِن ) . والعَظُوبُ : السَّمِينُ ، عَنِ ابْن الأَعْرَابِيّ .
( و ) في النَّوَادِر : كُنتُ العامَ عَظِباً وعاظِباً وَعَذِباً وشَطِفاً وصَامِلاً وشَذِباً ( العَظِبُ والعَاظِبُ ) وما بَعْدَهُمَا : ( النَّازِلُ ) الفَلَاة و ( مواضعَ اليُبْسِ .
____________________

(3/394)


والتَعْظِيبُ : التَّسْوِيف ) . يقال : عَظَّبَه عن بُغْيَتِه إِذا سَوَّفَه عنها .
( و ) يقال : رجل ( عِظْيَبُّ الخَلْقِ ) بفتح الخَاءِ المُعْجَمَة وسُكُونِ اللَّام ، أَي الذَّاتِ والصُّورَة الظَّاهِرَة ( كإِرْدَبّ ) أَي بالكَسْر فسُكُونٍ ففَتْح فتشدِيد : ( عَظِيمُه . و ) عِظْيَبُّ ( الْخُلُقِ ) بالضَّمِّ : ( سَيِّئُه ) .
( والعُنْظُبُ كقُنْفُذٍ وجُنْدَبٍ ) أَي بفَتْح الثَّالث وهو لُغَة ، ( و ) عِنْظَابٌ مثل ( قِنْطار ) عن اللِّحْيَانِيّ ) وقُسْطَاسً ، و ) عُنْظُوب مثلُ ( زُنْبُورٍ ) كُلُّه : ( الجَرادُ الضخْمُ أَو الذَّكَر ) مِنْه ، والأُنْثَى عُنْظُوبَة ، والجَمْعُ عنَاظِبُ . قال الشّاعِر :
غَدَا كالعَمَلَّسِ في خَافَةٍ
رءُوسُ العَنَاظِبِ كالعُنْجُدِ
العَمَلَّسُ : الذِّئبُ . والخَافَةُ : خَريطَةُ من أَدَم . والعُنْجُدُ : الزَّبِيبُ .
وقال اللِّحْيَانِيّ : هو الذَّكَر ( الأَصْفَرُ مِنه ) أَي الجَرَادِ ( كالعُنْظُبانِ ) بضَمِّ الأَوَّل والثَّالِث . قا أَبو حَنيفة : هو ذَكَر الجَرَادِ ( والعُنْظَابَة والعُنْظُبَاءِ ) وهما الجَرَادُ الضَّخْمُ .
( وعُنْظُبَة ، كقُنْفُذَةٍ : ع ) قال لَبِيد :
هل تَعْرِفُ الدَّارَ بسَفْح الشُّربُبَه
من قُلَلِ الشِّحْرِ فذَاتِ العُنْظُبَهْ
جَرَّت عَلَيْهَا أَن خَوَتْ مِن أَهْلهَا
أَذيَالَهَا كلُّ عَصُوفٍ خَصِبَهْ
هكَذَا أَنشدَه الجَوْهَرِيّ ، وقال الصّاغَانِيّ : ليس للِبِيد على هذا الرَّوِيّ شَيْء . والعَصُوفُ : الرِّيحُ العَاصفَة . والحَصِبَةُ : ذات الحَصْبَاءِ .
بَقي أَنْ شيخَنا نَقَل عن أَبِي حَيّان أَن نُونَ العُنْظُب زَائِدَة . قلت : وهو صَنِيعُ المُصَنِّف . ونقل عن غَيْرِه أَيضاً تَفْسِيره بذَكَر الخَنَافِس
____________________

(3/395)


كالحُنْطُبِ ، وقد تَقَدَّمَ .
وفي لسان العرب : المُعَظَّبُ المُعَوَّدُ للرِّعْيَةِ والقيامِ على الإِبِل الملازمُ لعَمَله القَوِيُّ عَلَيْهِ . وقيل : المُلَازِم لكُلّ صَنْعَة .
عظرب : ( العِظْرِبُ ، بالكَسْر ) والظَّاءِ المُشَالَة كزِبْرِجٍ ، أَهْمَلَه الجَوْهَرِيّ وصَاحِبُ اللّسَان وقال الصَّاغَانِيّ : هي ( الأَفْعَى الصَّغِيرَةُ .
عقب : ( العَقْبُ ) بفَتْح فَسُكُون : ( الجَرْيُ ) يجيءُ ( بَعْدَ الجَرْيِ ) الأَوّل .
وفي الأَسَاسِ : ويُقَال للفَرَس الجَوَاد هو ذُو عَفْوٍ وعَقْبٍ ، فعَفْوُه : أَوَّل عَدْوِه ، وعَقْبُه : أَن يُعْقِب مُحْضِراً أَشَدَّ من الأَوَّل ، ومنه قولهم لمِقْطَاع الكَلَام : لو كان له عَقْبٌ لتَكَلَّم ، أَي جَوَابٌ ، ومثله في لِسَان العَرَب .
( و ) العَقْب : ( الوَلَدُ . وولَدُ الوَلَد ) من الرَّجُلِ : البَاقُون بعدَه ، ( كالعَقِبِ ككَتِفٍ ) ، في المَعْنَيَيْنِ . تقول : لِهذَا الفَرَسِ عَقْبٌ حَسَنٌ ، وفَرَسٌ ذو عَقْب أَي لَهُ جَرْيٌ بعد جَرْيٍ . قال امرؤ القَيْسِ :
على العَقْبِ جَيَّاش كَأْنَّ اهتِزامَهُ
إِذا جَاشَ فيه حَمْيُه غَلْيُ مِرْجَلِ
قال ابن منْظُور : وقالوا : عِقَاباً ، أَي جَرْياً بَعْدَ جَرْيٍ . وأَنْشَد ابنُ الأَعْرَابِيّ :
يَمْلَأُ عَيْنَيْكَ بالفِنَاء 2 ويُرْ
ضِيكَ عِقَاباً إِنْ شِئتَ أَو نَزَقَا
وقول العرَب : لا عَقِبَ له ، أَي لم يَبْق له وَلَد ذَكَر ، والجَمع أَعْقَابٌ .
( و ) العُقْبُ ( بالضَّمِّ و ) العُقُب ( بالضمَّتَيْن ) مثل عُسْر وعُسُر : ( العاقِبَةُ ) . ومنه قَوْلُه تَعَالَى : { هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا } ( الكهف : 44 ) . أَي عَاقِبَة .
( و ) العَقْب بالتَّسْكِين و ( كَكتِفٍ : مُؤَخَّرُ القَدَمِ ) ، مُؤَنَّثَة ، منه ، كالعَقِيبِ كأَمِير . ونَقَل شيخُنَا في هَذَا أَنّه لُغَيَّة
____________________

(3/396)


رَدِيئَة ، والمَشْهُورُ فيه الأَوّلُ .
وفي المصباح : أَنْ عَقِيباً بالياءِ صِفَة وأَن استعمالَ الفُقَهَاءِ والأُصُولِيِّين لَا يَتِمّ إِلا بِحذْفِ مُضَاف ، وسَيَأْتِي . وفي الحديث ( أَنِ بَعَثَ أُمَّ سُلَيم لتَنْظُر لَهُ امرأَةً فقال : انْظُرِي إِلَى عَقِبَيْهَا أَو عُرْقُوبَيْهَا ) فقيل لأَنَّه إِذا اسوَدَّ عَقِباهَا اسوَدَّ سَائِر جَسَدِها . وفي الحَدِيثِ ( نَهَى عن عَقِب الشَّيْطان فِي الصَّلَاة ) وهو أَن يَضَع أَلْيَتَيْه على عَقِبَيْهِ بَيْنَ السَّجْدَتَين . وفي حَدِيث عَلِيّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللّهُ تَعَالَى عَلَيْه وسَلّم : ( يَا عَلِيُّ إِني أُحِبّ لَكَ ما أُحِبّ لنَفْسِي ، وأَكْرَه لَكَ ما أَكْرهُ لنَفْسِي ، لا تَقرَأُ وأَنْتَ رَاكِعٌ ، لا تُصَلِّ عَاقِصاً شَعْرَك ، ولا تُقْعِ على عَقِبَيْك في الصَّلاة فإنها عَقِب الشَّيْطَانِ ، ولا تَعْبَث بالحَصى وأَنت في الصّلاة ، ولا تَفْتَح على الإِمام ) . وفي الحديث : ( ويلٌ للعَقِب من النَّار ، وَوَيْلٌ للأَعْقَابِ من النَّارِ ) . قال ابن الأَثِيرِ : وإِنمَا خَصَّ العَقِبَ بالعَذابِ ؛ لأَنَّه العُضْوُ الذي لم يْغْسَل . وقيل : أَرادَ صَاحِب العَقِب ، فحذَفَ المُضَاف ؛ وَجَمْعُها أَعْقَابٌ وأَعْقُبٌ . أَنشَد ابْنُ الأَعْرَابيِّ :
فُرْقَ المَقَادِيم قِصارَ الأَعْقُبِ
( و ) العَقَب : ( بالتَّحْرِيك : العَصَبُ ) الّذِي ( تُعْمَلُ منه الأَوْتَارُ ) الواحِدَة عَقَبَة . وفي الحَدِيثِ ( أَنّه مَضَغَ عَقَباً وهو صَائِم ) . قال ابنُ الأَثِيرِ : هو بفَتْح القَافِ : العَصَبُ . والعَقَبُ من كُلِّ شيءٍ : عَصَبُ المَتْنَيْن والسَّاقَيْن والوَظِيفَيْن يخْتَلِط باللَّحْم يُمْشَق منه مَشْقاً ويُهذَّبُ ويُنَقى من اللَّحْم ويُسَوَّى منه الوَتَر ، وقد يكو في جَنْبَيِ البَعِير . والعَصَبُ : العِلْبَاءُ الغَلِيظ ولا خَيْرَ فِيهِ . وأَما العَقْب مُؤَخَّر القدم فَهُو مِنَ العَصَب لا مِنَ العَقَب . وفرق ما بَين العَصَب والعَقَب أَن العَصَب يَضْرِبُ إِلى الصُّفْرَة ، والعَقَب يَضْرِب
____________________

(3/397)


إلى البَيَاضِ وهو أَصلَبُهما وأَمْتَنُهُمَا ، وقال أَبو حنيفة : قال أَبو زياد : العَقَبُ : عَقَبُ المَتْنَيْن من الشَّاةِ والبَعِيرِ والنَّاقثَةِ والبَقَرةِ .
( وعَقَبَ ) الشيءَ يَعْقِبُه ويَعْقُبُه عَقْباً ، وعَقَّبَه : شَدَّه بعَقَبٍ . وعَقَب الخَوْقَ وهو حَلْقَةُ القُرْطِ يَعْقُبه عَقْباً : خَاف أَن يَزِيغَ فشَدَّه بِعَقَب . وعَقَب السهمَ والقِدْحَ و ( القَوْسَ ) عَقْباً إِذا ( لَوَى شَيْئاً مِنْهَا علَيْهَا ) ، قال دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّة :
وأَسمَرَ مِنْ قِدَاحِ النَّبْعِ فَرْعٍ
به عَلَمَانِ من عَقَبٍ وضَرْسِ
في لِسَانِ العَرَب قال ابنُ بَرِّيّ : صوابُ هَذَا البَيْت : وأَصْفَرَ من قِدَاحِ النَّبْع ، لأَنَّ سهامَ المَيْسِر تُوصَفُ بالصُّفرة ، كقَوْل طَرَفَةَ :
وأَصفرَ مَضْبُوح نظرتُ حُوَارَه
على النارِ واستَوْدَعْتُه كَفَّ مُجْمِدِ
ثم قال : وعَقَبَ قِدْحَه بالعَقَب يعْقُبه عَقْباً : انْكَسَر فشَدَّه بعَقَبٍ .
( والعَاقِبَةُ ) : مصدر عَقَب مكانَ أَبيه يَعْقُب ، و ( الوَلَدُ ) . يقال : ليست لفلان عاقبَةٌ ، أَي ليسَ له وَلَدٌ ، فهو كالعَقْب والعَقِب الماضي ذِكرُهما ، والجَمْع أَعْقَاب . وكُلُّ من خَلَفَ بَعدَ شَيْء فهو عاقِبَةٌ وعَاقِب له ، وهو اسم جاءَ بِمَعْنَى المَصْدَر كقوله تعالى : { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } ( الواقعة : 2 ) ( و ) العَقْبُ والعَاقِب والعَاقِبَة والعُقْبَة بالضم العُقْبَى والعَقِب كَكَتِف والعُقْبَان بالضم : ( آخر كُلِّ شَيْءٍ ) . قال خالدُ بنُ زُهَيْر :
فإِن كُنْتَ تَشْكُو من خَلِيلٍ مَخَافَةً
فتِلْكَ الجَوَازِي عَقْبُها ونُصُورُهَا
يقول : حَدِّثْنَا بما فَعلْتَ بِابْن عُوَيْمِر ، والجمع العَوَاقِب والعُقُب
____________________

(3/398)


والعُقْبَان والعُقْبَى بضَمِّهما كالعَاقبَة . وقالوا : العُقْبَى لَكَ في الخَيْر ، أَي العَاقبَة . وفي التَّنْزِيل : { وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا } ( الشمس : 15 ) قال ثَعْلَب : معناه لا يَخَافُ اللّهُ عَزّ وَجَلَّ عاقِبَةَ ما فَعَل أَي أَن يُرْجع عليه في العَاقِبَة كما نَخَافُ نَحْنُ .
وفي لسان العرب : جِئتُك في عَقِب الشَّهْرِ ، أَي كتِف ، وعَقْبِه بفَتْح فَسُكُون وعلى عَقِبه ، أَي لأَيَّامٍ بَقِيَت منه عشَرَةٍ أَو أَقَلَّ . وجِئتُ في عُقْبِ الشَّهْر وعلى عُقْبِه ، بالضم والتَّسْكِين فِيهِا ، وعُقُبه ، بضَمَّتَيْن ، وعُقْبَانِه بالضم ، أَي بعد مُضِيِّه كُلِّه . وحَكَى اللِّحْيَانيّ : جِئتُك عُقُب رَمَضَان بالضَّمّ أَي آخِرَه ، وجِئتُ فلاناً على عُقْبِ ممَرّه ، بالضَّمِّ ، وعُقُبِه ، بضَمَّتَيْنِ ، وعَقِبِه كَكَتِف ، وعُقْبَانِه ، بالضَّمِّ ، أَي بَعْدَ مُرُورِه . وفي حدِيث عُمَرَ : ( أَنَّه سافَر في عَقْب رَمَضَان ) بالتّسْكين أَي في آخِره وقد بَقِيَتْ منه بَقِيَّةٌ . وقال اللِّحْيانِيّ : أَتيتُك على عُقُب ذَاكَ ، بضَمَّتَيْن ، وعُقْب ذَاكَ ، بضَمَ فَسُكُون ، وعَقِبِ ذَاكَ ، كَكتِفٍ ، وعَقْبِ ذَاكَ ، بالتَّسْكِين ، وعُقْبَانِ ذَاكَ ، بالضَّمِّ ، وجئتُه عُقْبَ قُدُومِه ، بالضَّمِّ ، أَي بَعدَه . قلت : وفي الفَصِيح نَحْوٌ مِمَّا ذُكِرَ .
وفي المُزْهِرِ : في عقِب ذِي الحِجَّة ، يقال بالفَتْح والكَسْر لِمَا قَرُب من التَّكْمِلَة ، وبِضَمَ فسُكُونٍ لِمَا بَعْدَهَا . ونقل شيخُنا ، جِئتُك على عُقْبِه وعُقْبَانِه ، أَي بالضَّم وعَاقِبِه وعَقِبِه . قال أَبو جعْفَر : قال ابنُ عُدَيْس : وزاد أَبُو مِسْحَل : وعِقْبانِه ، أَي بالكَسْرِ .
وفي لسان العرب : ويقال : فلان عُقْبَةُ بَنِي فُلَانٍ ، أَي آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْهُم . وحكى اللِّحْيَانيّ : صَلَّينَا عُقُبَ الظُّهْر ، وصلَّيْنَا أَعْقَاب الفَرِيضَة تَطَوُّعاً ، أَي بَعْدَها .
( والعَاقِبُ ) من كل شيء : آخِرُه .
والعَاقِبُ : السَّيِّد . وقيل : الَّذي دُونَ السِّيّد ، وقيل : ( الَّذِي يَخْلُف السَّيِّدَ ) بعدَه . وفي الحديث ( قَدِم
____________________

(3/399)


على النبيّ صلَّى اللّهُ عَلَيْه وسلَّم نَصَارى نَجْرَان ، السَّيِّدُ والعَاقِب ) ، ( و ) العاقِبُ : ( الَّذِي يَخْلُف مَنْ كَانَ قَبْلَه في الخَيْر كالعَقُوب ) ، كصَبُور ، وقيل : السَّيِّدُ والعاقِب هُمَا من رُؤَسَائِهِم وأَصْحَاب مَرَاتِبِهِم . وقال النبيُّ صَلَّى اللّهُ عليه وسلّم ( لي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ : مُحَمَّد . وأَحْمَدُ والمَاحِي يَمْحُو اللّهُ بِي الكُفْرَ ، والحَاشِرُ أَحشُر الناسَ على قَدَمِي ، والعَاقِبُ ) . قال أَبو عُبَيْد : العَاقب : آخرُ الأَنْبِيَاء . وفي المُحْكَم : آخِرُ الرُّسُل .
( وعَقَبَهُ ) يَعْقُبُه : ( ضَرَبَ عَقِبَه ) أَي مُؤَخَّرَ القَدَم . ( و ) يقال : عَقَبَه يعقُبه عَقْباً وعُقُوباً إِذا ( خَلَفَه ) . وكُلُّ ما خَلَف شَيْئاً فقد عَقَبَه وعَقَّبه ( كأَعْقَبه ) . وأَعْقَبَ الرَّجُلُ إِذَا مَاتَ وتَرَك عَقِباً أَي وَلَداً . يقال : كان لَهُ ثَلَاثَةٌ من الأَوْلادِ فأَعْقَب مِنْهُم رَجُلَان أَي تَرَكَا عَقِباً ودَرَجَ وَاحِدٌ . وقول طُفَيْل الغَنَوِيّ :
كريمَةُ حُرِّ الوَجْهِ لم تَدْعُ هَالِكاً
من القَوْمِ هُلْكاً في غَدٍ غَيْرَ مُعْقِب
يعني أَنَّه إِذا هَلَك مِن قَوْمِهَا سَيِّدٌ جاءَ سَيِّدٌ ، فهي لم تَنْدُب سَيِّداً وَاحِداً لا نظيرَ لَهُ ، أَي أَنّ له نُظَراءَ من قَوْمه .
وذَهَب فلانٌ فأَعْقَبَه ابنُه إِذَا خَلَفه ، وهو مثل عَقَبه . وعَقَبٍ مكانَ أَبِيهِ يَعقُب عَقْباً وعاقِبةً . وعَقَّبَ إِذا خَلَف . وعَقَبوا من خَلْفِنا وعَقَّبُونَا : أَتَوْا . وعَقَبُونَا مِنْ خَلْفنا وَعَقَّبُونَا أَي نَزَلُوا بَعْدَ مَا ارتَحَلْنَا . وأَعْقَبَ هذَا هذَا ، إِذَا ذَهَب الأَوَّلُ فلم يَبْقَ منه شَيْءٌ وصارَ الآخَرُ مَكَانَه . ( و ) عَقَبَ الرَّجُلَ في أَهْلِه : ( بَغَاهُ بِشَرَ ) وَخَلَفَه . وعَقَب في أَثَرِ الرَّجُل بما يَكْرَه يَعْقُب عَقْباً : تناوَلَه بما يَكْره وَوَقَع فيه .
( والعُقْبَةُ ، بالضَّمِّ ) : قدُ فَرْسخَيْنِ ، والعُقْبَة أَيضاً : قَدْرُ ما تَسِيرُه ، والجَمْع عُقَبٌ : قال :
خَوْداً ضِنَاكاً لا تَسِيرُ العُقَبَا
أَي أَنها لا تَسِيرُ مَع الرِّجَال ؛ لأَنَّهَا لا تَحْتَمِل ذَلِكَ لِنَعْمَتِهَا وتَرَفِهَا . والعُقْبَةُ : ( النَّوْبَةُ ) . تقول : تَمْت عُقْبَتُك .
____________________

(3/400)


( و ) العُقْبَةُ : ( البَدَلُ ) والدُّولَة . والعُقْبَةُ أَيضاً : الإِبلُ يَرْعَاهَا الرَّجُلِ ويَسْقِيها عُقْبَتَه أَي دُولتَه ، كأَنْ الإِبلَ سُمِّيَت باس الدُّولَة ، أَنشد ابنُ الأَعْرَابِيّ :
إِنَّ عَلَيَّ عُقْبَةً أَقْضِيها
لَستُ بِنَاسِيها ولا مُنْسِيها
أَي أَنَا أَسُوقُ عُقْبَتِي وأُحْسِنُ رَعْيَها . وقولُه : لستُ بِنَاسِيها ولا مُنْسِيها ، يقول : لستُ بتَاركها عَجْزاً ولا بمُؤَخِّرها ، فَعَلَى هَذَا إِنَّما أَرادَ ولا مُنْسِئِها ، فأَبدَل الهمزَةَ يَاءً لإِقَامَةِ الرِّدْف .
والعُقْبَة : الموضِع الذي يُرْكَب فيه . وتَعاقَب المُسَافرانِ على الدَّابَّة : ركِب كُلُّ واحِدٍ منهُما عُقبَةً . وفي الحَدِيث : ( فكان الناضِحُ يعتَقِبُه منا الخَمْسَةُ ) . أَي يَتعاقَبُونَه في الرُّكُوب وَاحِداً بعد وَاحِدٍ . يقال : دارت عُقْبَةُ فلانٍ أَي جاءَت نَوْبَتُه ووقتُ رُكُوبِه . وفي الحَدِيثِ : ( مَنْ مَشَى عَنْ دَابَّتِه عُقْبَةً فعلَهُ كَذَا ) أَي شَوْطاً . ويقال : عاقبتُ الرجلَ ، من العُقْبَة ، إذا رَاوَحْتَه في عَمَلٍ ، فكانَت لَه عُقْبَةٌ ولك عُقْبَةٌ ، وكذلك أَعقَبْتُه . ويَقُولُ الرجلُ لزَمِيلِهِ : أَعقِب أَي انْزِل حَتَّى أَركبَ عُقْبَتِي ، وكذَلك كُلّ عَمَل ، ولمّا تَحَوَّلَتِ الخِلَافَةُ إِلَى الهَاشِمِيّين عن بَنِي أُمَيَّة ، قال سُدَيْفٌ شاعِرُ بَنِي العَبَّاسِ لِبَنِي هَاشِم :
أَعْقبِي آلَ هَاشِم يامَيَّا
يقول : انْزِلي عَنِ الخِلَافَة حتى يَرْكَبَهَا بَنُو هَاشِمٍ فتَكُونَ لهم العُقْبَةُ .
واعتَقَبتُ فلاناً من الرُّكُوب أي أَنزَلْتُه فركِبْتُ وأَعقبتُ الرجلَ وعاقَبتُه في الراحِلَة إِذا ركِبَ عُقْبَةً وَرَكِبْتَ عُقْبَةً ، مثل المُعَاقَبَةِ . ونَقَل شيخُنا عن الجَوْهَرِيّ تقول : أَخذتُ من أَسِيرِي عُقْبَةٌ ، أَي بَدَلاً .
وفي لِسَانِ العَرَبه : وفي الحَدِيثِ ( سأُعْطِيك منها عُقْبى ) أَي بَدَلاً عن الإِبقاءِ والإِطْلاقِ .
وفي النِّهَايَةِ : وفي حَدِيث الضِّيَافَةِ : ( فإِنّ لَم يَقْروه فلَه أَن يُعْقِبَهم بمثل قِرَاه ) أَي يأْخذ مِنْهُم عِوَضاً عَمَّا حَرَمُوه من
____________________

(3/401)


القِرَى : يُقالُ : عَقَبَهم ، مُخَفِّفاً مُشَدَّداً ، وأَعْقَبَهُم ، إِذا أَخذَ منهم عُقْبَى وعُقْبَةً ، وهو أَن يؤْخُذَ منهم بَدَلاً عَمًّا فَاتَه . وقال في مَحَلَ آخَرَ : العُقْبَى : شِبْهُ العِوَض ، واسْتَعَقْبَ منه خَيْراً أَو شَرًّا : اعْتَاضَه ، فأَعْقَبَه خَيْراً ، أَي عَوَّضَه وأَبدَلَه ، وهو بمَعْنى قَوْلِهِ :
ومَنْ أَطاعَ فأَعْقِبْه بطَاعَتِه
كما أَطاعَكَ وادّلُلْه عَلَى الرَّشَدِ
وسَيَأْتِي .
( و ) العُقْبَةُ : ( اللّيْلُ والنَّهَارُ لأَنَّه 2 ا يَتَعَاقَبَان ) . والعَقِيبُ كأَمِير : كُلُّ شَيْءٍ أَعقَبَ شَيْئاً ، وهما يَتَعَاقَبان ويَعْتَقِبَان إِذَ جاءَ هَذَا وذَهَب هَذَا ، كاللَّيْل والنَّهَار ، وهما عَقِيبَان ، كُلُّ واحِد مِنْهُمَا عَقِيبُ صاحِبِه . وعَقِيبُك : الّذي يُعَاقبُك في العَمَل ، يعمَلُ مرة وتَعمَلُ أَنتَ مَرَّة . وعَقَب الليلُ النهارَ : جَاءَ بعدَه ، وعاقَبَه : جاءَ بِعَقِبه ، فهو مُعَاقِبٌ وعَقِيبٌ أَيْضاً .
( و ) العُقْبَةُ ( من الطَّائر : مسافَةُ ما بَيْنَ ارْتِفَاعِهِ وانْحِطَاطِهِ ) . ويقال : رأَيت عاقِبَةً من طَيْر إِذَا رأَيتَ طيراً يعقُب بَعْضُهَا بَعْضاً ، تقَع هذهِ فتطِيرُ ، ثم تَقَع هَذه مَوقِعَ الأُولى .
وعُقْبَةُ القِدْرِ : قَرَارَتُه ، وهو ما الْتَزَق بأَسْفَلِهَا من تَابَلٍ وغَيْرِه . ( و ) العُقْبَةُ أَيضاً : ( شَيْءٌ من المَرَقِ يَرُدُّهُ مُسْتَعِيرُ القِدْرِ إِذا رَدَّهَا ) أَي القِدْرَ . وأَحسن من هذا قَولُ ابْنِ مَنْظور : مَرَقَةٌ تُرَدُّ في القِدْر المُسْتَعَارة ، ثم قَالَ : وَعْقَبَ الرجُلُ : رَدَّ إِليْه ذلكَ . قال الكُمَيت :
وَحَارَدَتِ النُّكْدُ الجِلَادُ ولم يَكُن
لعُقْبَةِ قدْرِ المُسْتَعِيرِين مُعْقِبُ
وكان الفَرَّاء يُجِيزُهَا بالكَسْر بمَعْنَى البَقِيّة .
( و ) العُقْبَةُ والعُقْبُ ( من الجَمَال ) .
( والسَّرْوِ والكَرَم ( أَثَرُه . و ) قال اللِّحْيَانِيّ ، أَي سِيمَاه وعَلَامَتُه و ( هَيْئَتُه ويُكْسَر ) قال اللّحْيَانيّ : وهُو أَجْوَدُ .
وفي لسان العرب : وعُقْبَةُ الماشيةِ في المَرْعَى : أَن تَرْعَى الخُلَّة عُقْبَةً ثم
____________________

(3/402)


تُحَوَّل إلى الحَمْض ، فالحَمْضُ عُقبَتُها وكَذَلِكَ إِذا تَحَوَّلَت من الحَمْض إِلى الخُلّة فالخُلَّة عُقْبَتُها ، وهذا المَعْنَى أَرادَهُ ذُو الرُّمَّة بقَوْلِه يَصِفُ الظَّلِيم :
أَلهَاهُ آءٌ وتَنُّومٌ وعُقْبَتُه
مِن لائِحِ المَرْوِ والمَرْعَى له عُقَبُ
وقال أَبو عَمْرٍ و : النَّعَامَةُ تَعقُب في مَرْعًى بَعْدَ مَرْعًى ، فمَرَّة تَأْكُلُ الآءَ وَمَرَّة التَّنُّومَ وتَعْقُب بعد ذلك في حِجَارَة المَرْوِ وهي عُقْبَتُه ولا يَغِثُّ عليها شَيْءٌ من المَرْتَع . وفيه أَيضاً عِقْبَة القَمَرِ : عودَتُ ، بالكَسْر . ويقال عَقْبَة بالفَتْح وذلك إِذَا غَاب 2 ثُم طَلَع . وقال ابن الأَعْرَابِيّ : عُقْبَةُ القَمَر ، بالضَّمِ : نجمٌ . يُقَارِنُ القمرَ في السَّنَة مَرَّةً . قال :
لا تَطْعَمُ المِسْكَ والكَافُورَ لِمَّتُه
ولا الذَّرِيرَةَ إِلَّا عُقْبَةَ القَمَرِ
هو لبَعْضِ بَنِي عَامر . يقول ) يَفْعَلُ ذلِكَ في الحَوْلِ مَرَّةً ، ورواية اللِّحْيَانِيّ عِقْبَة ، بالكَسْر ، وهذا مَوْضِع نَظَرٍ ؛ لأَنَّ القَمَر يَقْطَع الفَلَك في كُلِّ شَهْر مَرَّة ، وما أَعْلَم ما مَعْنَى قَوْله يُقَارن القَمرَ في كُلِّ سنَةٍ مَرَّةً . وفي الصِّحَاح يقال : ما يَفْعَلُ ذَلكَ إِلَّا عُقْبَةَ القَمَرِ ، إِذَا كان يَفْعَلُه في كُلِّ شهرٍ مَرّة ، انتهى .
قال شيخُنا : قلتُ : لَعَلَّ مَعْنَاه أَنّ وإِن كان في كُلِّ شَهْر يَقْطَعُ الفَلَك مَرَّة إِلا أَنّه يَمُرُّ بَعِيداً عن ذلك النَّجْم إِلّا في يوم مِن الحَوْل فيُجامِعُه ، وهذا ليس بَعِيداً لِجَوَازِ اختلافِ مَمَرِّه في كُلِّ شهر لِمَمَرِّه في الشَّهْر الآخَرِ ، كَمَا أَومَأَ إِليه المَقْدِسِيُّ وَغَيْرُه ، انتهى .
( و ) العَقَبَة ( بالتَّحْرِيك : مرقًى صَعْبٌ من الجبَالِ ) ، أَو الجَبَلُ الطَّوِيلُ يعرِضُ للطَّرِيقِ فيأْخُذُ فِيهِ وهو طَوِيل صَعْبٌ شَدِيدٌ وإِن كَانَت خُرِمَت بَعْدَ أَن تَسْنَد وتَطُولَ في السّماءِ في صُعُود وهُبُوط ( أَطولُ من النَّقْبِ و ) أَصْعَبُ مُرتَقًى ، وقد يكون طُولُهما واحِداً . سَنَدُ النَّقْبِ فيه شيءٌ من
____________________

(3/403)


اسلِنْقاءٍ ، وسَنَدُ العَقَبة ( مُسْتَوٍ ) كهَيْئة الجِدَارِ .
قال الأَزْهَرِيّ : و ( ج ) العَقَبَة ( عِقَابٌ ) وَعَقَبَاتٌ . قلت : وما أَلْطفَ قَوْلَ الحافِظِ بْنِ حَجَرٍ حِينَ زَارَ بَيْتَ المَقْدِسِ :
قَطَعْنَا في مَحَبَّتِه عِقَاباً
وما بَعْدَ العِقَابِ سِوَى النَّعِيم
( ويَعْقُوب اسْمُه إِسْرَائِيل ) أَبو يُوسُفَ الصِّدِّيقِ عَلَيْهِمَا السَّلَام ، لا يَنْصرِف في المَعْرِفة للعُجْمَة والتَّعْرِيفِ ؛ لأَنَّه غُيِّر عن جِهَته فوَقَع في كَلامِ العَرَب غيرَ مَعْرُوفِ المَذْهَب ، كذا قالَه الجَوْهَرِيّ ، وسُمِّي يَعْقُوبُ بهذا الاسم لأَنه ( وُلِدَ مع عِيصُو في بَطْنٍ وَاحِد ) ، وُلِدَ عِيصُو قَبْلَه ( وَكَانَ ) يعقوبُ ( مُتَعَلِّقاً بعَقِبِهِ ) خَرجَا معاً ، فعِيصو أَبُو الرُّوم .
وفي لسان العرب : قال اللّهُ تَعَالَى في قِصَّة إبراهِيم عَلَيْهِ السَّلَام : { وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } ( هود : 71 ) والأَخْفَشُ أَنه منصوبٌ وهو في مَوْضِع الخَفْضِ ، عَطْفاً على قوله فَبَشَّرنَاها بإِسحاق ، ومِنْ وراء إِسْحَاقَ يَعْقُوب . قال الأَزْهَرِيُّ : وهذا غيرُ جَائِز عند حُذَّاقِ النَحْوِيِّين من البَصْرِيّين والكُوفِيِّين . وأَما أَبو العَبَّاس أَحمد بْنُ يَحْيَى فإِنّه قال : نُصِب يعقوب بإِضمَار فِعْل آخَرَ كأَنه قال : فبَشَّرنَاها بإِسحاقَ وَوَهَبْنا لها من وَرَاءِ إِسْحَاق يَعْقُوبَ ، ويعقوبُ عنده في مَوْضِع النَّصب لا في مَوْضِع الخَفْض ، بالفعل المُضْمَر ، ومثله قَوْلُ الزَّجَّاج ، وابْنُ الأَنْبارِيّ قال : وقَولُ الأَخفش وأَبِي زيْد عِنْدَهم خَطَأٌ .
( واليَعْقُوبُ ) باللام ، قال شيخُنَا : هو مَصْروفٌ ، لأَنّه عَرَبِيٌّ لم يُغَيَّر وإِن كان مَزِيداً في أَوَّلِه فلَيْس على وَزْنِ الفعْل وهو الذَّكَر من ( الحَجَل ) والقَطا ، قال الشاعر :
عَال يُقَصِّرُ دُونَه اليَعْقُوبُ
____________________

(3/404)



والجَمعُ اليَعاقِيبُ . قال ابن بَرِّيّ : هذا البيتُ ذكرَه الجَوْهَرِيّ على أَنَّه شَاهِدٌ على اليَعْقُوب لذَكَرِ الحَجَل ، والظاهِرُ في اليَعْقُوب هَذَا أَنَّه ذَكرُ العُقَابِ ، مل اليَرْخُوم ذَكَر الرَّخَم ، واليَحْبُور ذَكَر الحُبَارَى ؛ لأَن الحَجَل لا يُعرَفُ لها مثْلُ هَذَا العُلُوِّ في الطّيَرَانِ ، ويَشْهَدُ بِصِحة هذَا القَوْلِ قولُ الفَرَزْدَق :
يوماً تعركْن لإِبْرَاهِيم عافِيَةً
من النُّسُور عَلَيْه واليَعَاقِيبِ
فذَكَر اجتماعَ الطَّيْر على هَذَا القَتيل من النُّسُور واليَعَاقِيب ، ومَعْلُومٌ أَن الحَجَل لا يأْكُلُ القَتْلَى .
وقال اللِّحْيَانِيُّ : اليَعْقُوبُ : ذَكَر القَبْجِ ، قَال ابنُ سِيدَه : فلا أَدْرِي ما عَنَى بالقَبْجِ ، أَلْحَجَلَ أَم القَطَا أَم الكِرْوَانَ . الأَعرفُ أَنَّ القَبْجَ الحَجَلُ ، وقيلَ اليَعَاقِيبُ ( من ) الخَيْل سُمِّيت بذَلِكَ تَشْبِيهاً بيعَاقِيبِ الحَجَل لسُرْعَتِهَا . وقولُ سَلامةَ بْنِ جَنْدَلٍ :
وَلَّى حَثِيثاً وهَذَا الشَّيْبُ يَتْبَعَهُ
لو كَانَ يُدرِكُه ركْضُ اليَعَاقِيبِ
قيل : يَعْنِي اليَعَاقِيبَ من الخَيْل ، وقيل : ذُكُور الحَجَل ، وقد تعرَّضَ له ابنُ هشام في شَرْح الكَعبيَّة ، واسْتَغْرَبَ أَن يَكُونَ بمَعْنَى العُقَاب .
وفي لسان العرب : ويقال : فَرسٌ يَعْقُوبٌ : ذو عَقْب ، وقد عَقَب يَعْقِبُ عَقْباً . وزَعَم الدَّمِيرِيُّ أَنَّ المُرَاد باليَعَاقِيب الحَجَل ، لقَوْلِ الرَّافِعِيّ : يجبُ الجزاءُ بقَتْل المُتَوَلِّد بين اليَعْقُوبِ والدَّجاج ، قال : وهذا يَردّ قولَ من قال : إِنَّ المُرادَ في البَيْتَيْن الأَوّلَيْن هو العُقَابُ ، فإِنَّ التَّنَاسُلَ لا يقع بين الدّجَاجِ والعُقَابِ ، وإِنَّما يقعُ بَيْنَ حَيَوَانَيْنِ بَيْنَهُمَا تَشَاكُلٌ وتَقَارُبٌ في الخَلْق ، كالحِمَار الوَحْشِيّ والأَهلِيّ . قال شيخُنَا : ولا ينهض له ما ادَّعَى إِلَّا إِذَا قيلَ
____________________

(3/405)


إِنَّ اليَعْقُوبَ إِنما يُطْلَق على العُقَاب ، وأَمَّا مع الإِطْلَاق والاشْتِرَاك فلا ، كما لا يخفى على المُتَأَمِّل .
( ويَعْقُوبُ ) أَربعة من الصَّحَابَة انظر في الإِصابة . ويَعْقُوبُ ، وفي نسخة يحيى ( بْنُ سَعِيد ، وعَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ مُحَمّدِ بْنِ عَلِيَ . ومحمد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ بْنِ مُحَمَّد بْن بَعْقُوب . و ) أَبو مَنْصُور ( مُحمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيد ) بن عليّ البُوشَنْجِيّ الواعِظ ، حَدَّثَ عن أَبي مَنْصُور البُوشَنْجِيّ وغيرِه ، وعَنْه ابْن عساكر في شاومانه إِحْدَى قُرَى هَرَاة ، وقع لنا حَدِيثُه عالياً في مُعْجَمه . وأَبو نَصْر أَسعدُ بْنُ المُوَفَّق بْنِ أَحمَد ، القاينيّ الحَنِفيّ منَ شُيُوخِ ابْنِ عَسَاكر ، حَدِيثُه في المُعْجَم ، وذَكَر ابنُ الأَثِيرِ أَبا مَنْصُور مُحَمَّد بنَ إِسماعِيل بْنِ يُوسُفَ بْنِ إِسْحَاق بْنِ إِبْرَاهِيمِ النَّسَفِيّ ، رَوى عن جَده وعن أَبِي عُثْمَان سَعِيدِ بْنِ إِبرَاهِيمَ بْنِ مَعْقِل وأَبي يَعْلَى عَبْدِ المُؤْمِن بْنِ خَلَف . وسَمِعَ منه أَهلُ بُخَارَى جامِعَ التِّرْمِذِيّ ستّ مَرَّات ، وعنه أَبو العَبَّاس المُسْتَغفِريّ ، ومات سنة 389 ه في شَهْرِ رَمَضَان ، كذَا في أَنْسَابِ البُلْبَيسيّ ، ( اليَعْقُوبِيُّون : مُحَدِّثُونَ .
( ) نسبة كلهم إِلى جَدِّهم الأَعْلَى . وأَما أَبُو العَبَّاس أَحمدَ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَر بْنِ وَاهبِ بن وَاضِحٍ اليَعْقُوبِيّ الكَاتب المِصْرِيّ مَوْلَى أَبِي جَعْفَرٍ المَنْصُور صَاحِبُ التاريخ فنِسْبَتُه إِلَى وَالِدِه ، ذَكرَه الرُّشَاطِي . وأَبو يَعْقُوب يُوسُف بن مَعْرُوف الدستيخنيّ وأَبو يَعْقُوب الأَذْرُعِيّ ، وأَبو يَعْقُوب إِسْرَائِيلُ بن عَبْدِ المُقْتَدر بْنِ أَحْمَدَ الحَمِيدِيّ الإِربَلِيّ السّائِح . وأَبُو الصَّبْرِ يَعْقُوبُ بنُ أَحْمَد بْنِ عَلِيّ الحُمَيِدِيّ الإِرْبَلِي ، وأَبوُ الفَضْل صَالحُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ حَمْدُون التَّمِيمِيّ . وأَبو الرَّجَاءَ يَعْقُوبُ بنُ أَيُّوبَ بنِ عَلِيَ الهَاشِمِيّ الفارقيّ ، حَدَّث عن أَبِي عَلِيَ الحَبَّاز وغَيْرِه . وأَبو عَبْده الله مُحمَّدُ بْنُ يَعْقُوب بْنِ إِسْحَاقَ شيخُ ابْنِ شَاهِين ، وقد تَقَدَّم في ( خ ض ب ) ويعقوبُ بنُ يُوسف بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيّ بْنِ أَحْمَدَ اللُّؤْلُؤِيّ النَّخْذِيّ ، تَفَقَّه بُخَارَى ، وروى عن أَبِي
____________________

(3/406)


حَفْص عُمَرَ بْنِ مَنْصُور بن جَنْبٍ البَزَّار مات ببلده أَندَخوذ بين بَلْخ ومَرْو . محدثون .
( وإِبِلٌ مُعَاقِبَةٌ : تَرْعَى مَرَّةً مِن ) ، وفي نُسْخَة ( في ) ( حَمْضٍ ) بالفَتْح فالسّكون ( ومَرَّة في ) وفي نسخة ( من ) ( خُلَّةٍ ) بالضَّم وهما نَبْتَان ، ( وأَمَّا الَّتي تَشْرَبُ الماءَ ثُمَّ تَعُودُ إِلَى المَطِن ثُمّ ) تَعُودُ ( إِلَى المَاءِ ، فَهِي العَوَاقبُ ) . وعن ابن الأَعْرَابيّ : وعَقَبَت الإِبِلُ من مَكَانٍ إِلى مَكَان تَعْقُب عَقْباً وأَعْقَبَت ، كِلَاهُمَا تحَوَّلَت مِنْ إِلَيْهِ تَرْعَى . وقال أَيضاً : إِبل عَاقِبَةٌ : تَعْقُب في مَرْتَعٍ بَعْدِ الحَمْض ولا تكونُ عَاقِبَةً إلا في سَنَة شَدِيدَة تَأْكُلُ الشَّجَرَ ثمّ الحَمْضَ قال : ولا تكون عَاقِبَةً في العُشْب . وقال غيرُه : ويقال : نَخْلَةٌ مُعَاقِبَة : تَحمل عاماً وتُخْلِفُ آخَر .
( وأَعْقَبَ زَيْدٌ عَمْراً ) في الرَّاحِلَة وعَاقَبَة إِذا ( رَكِبَا بالنَّوْبَةِ ) ، هذا عُقْبَة ، وهذا عُقْبَة ، وقد تَقَدَّم أَيضاً .
( و ) عَقَبَ الليلُ النهارَ : جَاءَ بَعْدَه ، و ( عَاقَبَه ، وعَقَّبَ تَعْقِيباً : جَاءَ بعَقِبهِ ) فهو مُعَاقِب وعَقيبٌ أَيضاً . والتَّعْقيبُ مِثْلُه ، وذَهَبَ فلانٌ وعَقَبَه فُلَانٌ بَعْدُ ، واعْتَقَبَه أَي خَلَفَه ، وهما يُعَقِّبَانه ويَعْتَقِبانِ عَلَيْه ويَتَعَاقَبَان : يَتَعَاوَنَان .
( والمُعَقِّبَاتُ ) : الحَفَظَة في قوله عزّ وجلّ : { لَهُ مُعَقّبَاتٌ مّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } ( هود : 11 ) والمُعْقِّباتُ : ( مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ والنَّهَارِ ) لأَنَّهم يَتَعاقَبُونَ ، وإِنَّمَا أَنَّثَ لكَثْرة ذلِكَ مِنْهُم ، نحو نَسّابَة وعَلَّامة وقَرَأَ بَعْضُ الأَعْرَاب : ( لَهُ مَعَاقيبُ ) . وقال الفَرّاء : المُعَقِّبَاتُ : المَلَائِكَة ، ملائِكَةُ اللَّيْلِ تَعقُب ملَائِكَةَ النَّهَارِ . قال الأَزْهَرِيُّ : جَعَلَ الفَرَّاءُ عَقَّب بمعْنى عَاقَب ، كما يُقَالُ : عَاقَدَ وعَقَّدَ ، وضَاعَفَ وضَعَّفَ ، فكأَنَّ ملائكَةَ النهارِ تحفَظُ العِبَادَ ، فإِذَا جَاءَ الليلُ جَاءَ معه مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ ، وصَعِدَ ملائِكَةُ النَّهارِ ، فإِذا أَقبَلَ النّهارُ عاد من صَعِد وصَعد ملائكَةُ اللَّيْل ، كأَنَّهم جَعَلُوا
____________________

(3/407)


حِفْظَهم عُقَباً أَي نُوَباً ، وكُلُّ من عَمِل عَمَلاً ثم عادَ إِلي فقد عقَّب . وملائكةٌ مُعَقِّبَة ، ومُعَقِّباتٌ جَمْعُ الجَمع . ( و ) قولُ النَّبِيِّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْه وسَلَّم : ( مُعْقِّباتٌ لا يَخِيبُ قَائِلُهُن ) وهو أَن يُسَبِّح في دُبُرِ صَلاته ثلاثاً وَثَلَاثِين تَسْبِيحَةً ، ويَحْمَده ثَلَاثاً وثَلَاثِين تَحْمِيدَةً ، ويكَبِّره أَربعاً وثَلاثين تَكْبِيرَةً ، وهي ( التَّسْبِيحَاتُ ) . سُمِّيت ( مُعقِّبات ) لأَنَّهَا ( يَخْلُف بَعْضُهَا بَعْضاً ) أَو لأَنَّها عادَتْ مَرَّة بعد مَرَّة ، أَو لأَنها تُقَالُ عَقِيبَ الصَّلاةِ . وقال شَمِر : أَراد بقَوْله مُعَقِّبَاتٌ تَسْبِيحَات تَخْلُف بأَعْقَابِ النَّاس . قال : والمُعَقِّب من كُلِّ شَيء مَا خَلَف بِعقِبِ ما قَبْلَه . وأَنشدَ ابنُ الأَعْرَابِيّ للنَّمِر بْنِ تَوْلَبٍ :
ولستُ بشَيُخٍ قد تَوَجَّهَ دَالِفٍ
ولكنْ فَتًى من صالِح الناسِ عَقَّبَا
يَقُولُ : عُمِّر بَعْدَهم وبَقِيَ .
( و ) المُعَقِّبَات : ( اللَّوَاتِي يَقُمْنَ عِنْدَ أَعْجَازِ الإِبِلِ المُعْتَرِكَاتِ عَلى الحَوْضِ ، فإِذَا انْصَرَفَت ناقَةٌ دَخَلَتْ مَكَانَها أُخْرَى ) وهي النِّاطرَات العُقَبِ . والعُقَبُ : نُوَبُ الوَارِدَة ، تَرِد قِطْعَةٌ فتَشْرَبُ ، فإِذا وردت قِطْعَةٌ بعدها فشَرِبَت فذلك عُقْبَتُهَا ، وقد تَقَدَّم الإِشَارَةُ إِليه .
( والتَّعْقِيبُ : اصْفِرَارُ ثَمَرَةِ العَرْفَج ) وحَيْنُونَةُ يُبْسِهِ مِن : عَقَبَ النبتُ يعقُب عَقْباً إِذا دَقَّ عُودُه واصْفَرَّ وَرَقُه ، عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ .
( و ) التَّعْقِيبُ : ( أَن تَغْزُوَ ثم تُثَنِّيَ ) أَي تَرْجع ثانِياً ( مِنْ سَنَتِك ) . والمُعَقِّب : الذي يَغْزُو غَزْوَةً بَعْدَ غَزْوَةٍ ويَسِير سَيْراً بَعْد سَيْر ، ولا يُقِيم في أَهْلِه بعد القُفُول . وعَقَّب بِصلاةٍ بَعْد صلاة وغَزَاة بعد غزاة : وَالَى . وفي الحَدِيث : ( وإِنَّ كُلَّ غَازِيَةٍ غَزَتْ يَعقُب بعضُهَا بَعْضاً ) أَي يكون الغزوُ بينَهُم نُوَباً ، فإِذَا خرجَت طَائِفَةٌ ثم عادَت لم تُكَلَّفْ أَن تَعُودَ ثانِيَةً حتى تَعْقُبَهَا أُخْرَى غيرها . ومنه حَدِيثُ عمرَ ( أَنَّه كَانَ كُلَّ عام يُعَقِّبُ الجيوشَ ) . قال شَمِر : ومعنَاه أَنه يَرُدُّ قوماً ويَبْعَث آخَرين يُعَاقبونَهُم
____________________

(3/408)


يقال : عَقَّب الغَازِيةَ بأَمْثالِهِم وأَعْقَبُوا إِذَا وَجَّه مَكانَهم غَيْرَهُم . ( و ) التَّعْقِيبُ : ( التَّرَدُّدُ في طَلَب المَجْدِ ) ، هكذا في نُسْخَتِنَا وهو غَلَط ، وصوابُه التَّردُّدُ في طَلَبٍ مُجِدًّا كما في لِسَانِ العَرَب والصّحَاح وغَيْرِهِما . ويدل لذلك قولُه أَيضاً : والمُعَقِّب : المُتَّبِع حَقّاً له ليَسْتَرِدَّه . وقال غيرُه : الَّذِي يَتْبَع عَقِب الإِنْسَانِ في حَقَ . قال لَبِيدٌ يَصِف حِمَاراً وأَتانَه :
حتى تَهَجَّرَ في الرَّواحِ وهَاجَه
طَلَبُ المُعَقِّبِ حَقَّه المَظُلومُ
قال ابن مَنْظُور : واسْتَشْهَد به الجَوْهَرِيُّ على قولِه : وعَقَّب في الأَمْرِ إِذَا تَرَدَّد في طَلَبِه مُجِدًّا ، وأَنْشَدَه :
وقال : رفع المظلوم وهو نَعْتٌ للمُعَقِّب على المَعْنَى ، والمُعَقِّب خَفْض في اللَّفْظِ ومعنَاه أَنَّه فَاعِل . ويُقَالُ أَيضاً : المُعَقِّب : الغَرِيمُ المُمَاطِلُ . عَقَّبَنِي حَقّي أَي مَطلَني فَيَكُون المَظْلُوم ففَاعِلاً والمُعَقِّب مَفْعُولاً .
وقال غيرُه : المُعَقِّب : الَّذِي يَتَقَاضَى الدَّيْنَ فيعود إِلى غَرِيمه في تَقاضِيهِ .
( و ) التَّعْقِيبُ : ( الجُلُوسُ بَعْدَ ) أَن يَقْضِيَ ( الصَّلَاة لدُعَاء ) أَو مَسْأَلة . وفي الحَدِيثِ : ( مَنْ عَقَّب في صَلَاةٍ فهو في الصَّلاة ) . ( و ) في حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالك ) أَنَّه سُئل عن التَّعْقيب في رَمَضَانَ فأَمرَهُم أَن يُصلُّوا في البُيُوتِ ) . قال ابنُ لأَثِيرِ : التَّعْقيبُ : هو أَن تَعمَل عَمَلاً ثم تَعُودَ فيه . وأَراد به هَا هُنَا ( الصَّلَاة ) النافِلَة ( بَعْدَ التَّرَاوِيحِ ) ، فكَرِه أَن يُصَلُّوا في المَسْجِد وأَحَبَّ أَن يكونَ ذلك في البُيوتِ . قلتُ : وهو رَأْي إِسْحَاقَ بْن راهَوَيه وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْر . وقال شَمِر : التعقِيبُ : أَن يَعْمل عَمَلاً من صَلَاةٍ أَو غيرِهَا ثم يعود فيه من يَوْم . قال : وسمِعتُ ابنَ الأَعْرابيّ يقول : هو الّذِي يَفْعَلُ الشيءَ ثم يعودُ ثانيَةً ، يقال : صَلَّى من اللّيلِ ثم عَقَّبَ ، أَي عَادَ في تِلْك الصَّلاة .
( و ) التَّعْقِيبُ : ( المُكْثُ ) والانْتِظَار ، يقال : عَقَّب فُلانٌ في الصّلاةِ تَعْقيباً
____________________

(3/409)


إِذا صلَّى فأَقَامَ في مَوْضِعه يَنْتَظِر صلاةً أُخْرَى . وفي الحَدِيث : ( مَنْ عَقَّب في صَلَاة فَهُو في صَلَاة ) أَي أَقَامَ في مُصَلَّاهُ بعدما يَفْرُغُ من الصَّلاةِ . ويقال : صَلَّى القومُ وعَقَّب فلانٌ . والتَّعقِيبُ في المَسَاجِد : انتظارُ الصَّلَوَاتِ بَعْد الصَّلَوَات .
( و ) التَّعْقِيبُ : ( الالْتِفَاتُ ) . وقَوْلُه تَعَالَى : { وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقّبْ } ( النمل : 10 ) قيل أَي لم يَعْطِف ولم يَنْتَظِر ، وقيل : لم يَمْكُث ، وهو قولُ سفيانَ . وقيل : لم يَلْتفِت ، وَهُو قولُ قَتَادَة . وقيل : لم يَرْجِع ، وهو قولُ مُجَاهِد . وكلُّ رَاجِعٍ مُعَقِّبٌ . قال العَجّاج :
وإِن تَوَنَّى التَّالِيَاتُ عَقْبَا
( والعُقْبَى ) : المَرْجِع ، وعَقِبُ كُلِّ شَيْءٍ وعُقْبَاه وعُقْبَانُه وعَاقِبَتُه : خَاتِمَتُهُ .
ويقال : إِنَّه لعالِم بعُقْبَى الكَلامِ وعُقْبَى الكَلامِ وهو غامِضُ الكَلامِ الذي لا يَعْرِف الناسُ وهو مِثْل النّوَادِرِ . والعُقْبَى أَيضاً : ( جَزَاءُ الأَمْرِ ) يقال : العُقْبَى لَكَ في الخَيْر ، أَي العَاقبَة . ( وأَعْقَبَه ) بِطَاعَتِه ، وأَعْقَبَه على ما صَنَع أَي ( جازَاهُ . و ) أَعْقَب ( الرَّجُلُ ) إِذا ( مَاتَ وخَلَّف ) ، أَي تَرَك ( عَقِباً ) أَي وَلَداً . يقال : كان له ثلاثَةُ أَولادٍ فأَعْقَبَ منهم اثْنان أَي تَركا عَقِباً ودَرَجَ وَاحِدٌ . وقد تقدم إِنشادُ قول طُفَيْلٍ الغَنَوِيُّ . ويقال : أَعقَبَ هذَا هذَا ، إِذا ذَهَب الأَولُ فلم يَبْقَ منه شَيْءٌ وصارَ الآخرُ مكانَه . ( و ) أَعْقَبَ ( مُسْتَغِيرُ القِدْرِ : رَدَّهَا ) إِليه ( وفيها العُقْبَةُ ) الضّم ، وهي قَرارةُ القِدْر أَو هي مَرَقَةٌ تُرَدُّ في القِدْر المُسْتَعَارَةِ . قال الكُمَيْتُ :
وحَاردَتِ النُّكْدُ الجِلَادُ ولم يَكُن
لعُقْبَةِ قِدْرِ المُسْتَعِيرِينَ مُعْقِبُ
وقد تَقَدَّم .
( و ) تعقَّب الخَبَرَ : تَتَبَّعَه ، ويقال تَعَقَّبْتُ الأَمْرَ إِذَا تَدَّبَّرْتَه ، والتَقُّبُ : التّدبُّر والنَّظرُ ثانيةً ، قال طُفَيْلٌ الغَنَوِيُّ :
____________________

(3/410)



فلَمْ يَجِدِ الأَقْوَامُ فِينَا مَسَبَّةً
إِذَا اسْتُدْبِرَتْ أَيَّامُنَا بالتَّعَقُّب
يقول : إِذا تَعَقَّبُوا أَيَامَنا لم يَجِدُوا فِينَا مَسَبَّةً .
ويقال : لم أَجِدْ عن قَوْلكِ مُتَعَقَّباً أَي رُجُوعاً أَنْظُرِ فيهِ ، أَي لَمْ أُرَخِّص لنَفْسِي التَّعَقُّبَ فيه لأَنظُرَ آتيه أَم أَدَعُه . وقولُه : { لاَ مُعَقّبَ لِحُكْمِهِ } ( الرعد : 41 ) أَي لا رَادَّ لقَضَائِه . وعَاقَبه بذَنْبِه مُعاقَبَة وعِقَاباً : أَخذَه بِهِ و ( تَعقَّبَه : أَخَذَه بذَنْبٍ كَانَ مِنْه . و ) تَعَقَّبَ ( عَن الخَبَر ) إِذا ( شَكَّ فِيهِ وعَاد للسُّؤَال عَنْه ) قال طُفَيْلٌ :
تَأْوَّبَنِي هَمٌّ مع اللَّيلِ مُنْصبُ
وجَاءَ من الأَخْبَارِ ما لا أُكَذِّبُ
تَتابعْنَ حتَّى لم تَكُن لِيَ رِيبَةٌ
ولم يَكُ عَمَّا خَبَّرُوا مُتَعَقَّبُ
وفي لسان العرب : وتَعَقَّب فلانٌ رأْيَه إِذَا وَجَع عَاقِبَتَه إِلى الخَيْر ، وتَعقَّب من أَمْره : نَدِمَ ، ويقال : تعقَّبْتُ الخَبَر إِذَا سأَلتَ غيرَ مَنْ كنتَ سأَلْتَه أَوَّلَ مَرَّة ، ويقال : أَتَى فلانٌ إِليّ خَيْراً فعَقَبَ بخَيْر منه .
( و ) الاعتقاب : الحَبْسُ والمَنْعُ والتَّنَاوُبُ . واعْتقَب الشيءَ : حَبَسَه عندَه . و ( اعْتَقَبَ ) البائعُ ( السِّلْعَةَ ) أَي ( حَبَسَهَا عنِ المُشْتَرِي حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ ) ومنه قَولُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ : ( المُعْتَقِب ضامِنٌ لِمَا اعْتَقَب ) يريد أَن البائع إِذَا بَاعِ شيئاً ثم مَنَعه من المُشْتَرِي حتى يَتْلَفَ عند البائعِ فقد ضَمِنَ . وعبارة الأَزْهَرِيّ : ( حتى تلِفَ عند البائع ) هَلَكَ من مَاله وضَمَانُه مِنْه . وعن ابن شُمَيْل : يُقَالُ : باعَني فلانٌ سِلْعَةٌ وعليه تَعقِبَةٌ إِن كانت فيها . وقد أَدْرَكَتْني في السِّلعة تَعْقِبَةٌ ، ويقال : ما عَقَّب فيها فَعَلَيْكَ مِن مَالك أَي ما أَدرَكَنِي فيها من دَرَك فعَلَيْك ضمانُه . وقولُه عَلَيْه السَّلَام : ( لَيُّ الواجِدِ يُحِلّ عُقُوبَتَه وعِرْضَه ) . عقوبَتُه : حَبْسُه . وعِرْضُه : شِكَايَتُه . حكَاهُ ابنُ الأَعْرَابِيّ وفسرّه بما ذَكَرْنَاه .
____________________

(3/411)


واعْتَقَبْتُ الرّجلَ : حَبَسْتُه ، كذا في لِسَان الْعرَبِ وبَعْضُه في المِصْبَاح والأَسَاسِ .
ويقال : ذَهَبَ فلانٌ واعْتَقَب فلانٌ بَعْدُ أَي خَلَفَه ، وهما يُعَقِّبَانِه ويَعْتَقِبَان عليه وَيَتَعاقَبان أَي يَتَعَاوَنَان ، كذا في الأَسَاسِ .
والاعْتِقَابُ : التَّدَاوُلُ ، كالتَّعَاقُب ، وهُمَا يَتَعَاقَبَانِ ويَعْتَقِبَان ، أَي إِذا جَاءَ هذَا ذَهَب هذَا .
( والعُقَابُ بالضَّمَّ : طائِرٌ ) من العِتَاقِ . وعبارة المِصْبَاحِ : من الجَوَارِح ( م ) أَي مَعْرُوف ، يقَعُ على الذَّكَرِ والأُنْثَى إِلَّا أَن يَقُولُوا : هذا عُقَابٌ ذكَرٌ . قال شيخُنَا : وقالوا : لَا يَكُونُ العُقَاب إِلَّا أُنْثَى ونَاكِحُه طَيْرٌ آخَرُ من غير جِنْسِه : وقال ابن عُنَيْن يَهْجُو شَخْصاً يقالُ له ابنُ سَيِّدَةٍ :
قلْ لابن سَيّدَةِ وإِنْ أَضْحَتْ له
خَوَلٌ تُدِلّ بكثْرةِ وخُيُولِ
ما أَنْتَ إِلَّا كالعُقَابِ فأُمّه
مَعْرُوفَةٌ وله أَبٌ مَجْهُولُ
( ج أَعْقُبٌ ) أَي في القِلَّة ، لأَنَّها مُؤَنَّثَة كَمَا مَرّ وأَفْعُلٌ يختَصُّ به جمعُ الإِناثِ ، كأُذْرُعٍ في ذِرَاع ، وأَعْتُقٍ في عَنَاقٍ ، وهو كَثِير ، قاله شَيُخُنَا . وحَكَاه في لِسَانِ العَرَب أَيضاً بصِيغَة التَّمْرِيض ( وعِقْبَانٌ ) بالكَسْر جمع الكَثْرَة وأَعْقِبَةٌ ، عن كُرَاع ، وعَقَابِينُ جمعُ الجَمْعِ قال :
عَقَابِين يَوْمَ الدَّجْنِ تَعْلُو وتَسْفُلُ
قال شيخُنا ، وحَكَى أَبو حَيَّان في شَرْح التَّسْهِيل أَنه جُمِعَ على عَقَائب ، واستبعَدَه الدَّمامِينِيّ ، انتهى . وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ : عَتاقُ الطيرِ : العِقْبَانُ ، وسِبَاعُ الطيْرِ : التي تَصِيدُ ، والَّذِي لم يَصِدِ : الخَشاشُ . وقال أَبو حَنيفَة : من العِقْبَان عِقْبَانٌ تُسَمى عِقْبَانَ الجِرْذَانِ ، ليْسَت بِسُودٍ ولكنَّهَا كُهْبٌ ولا يُنْتَفَع بِرِيشِهَا إِلا أَن يَرْتاشَ بها الصبيانُ الجَمَامِيحَ .
____________________

(3/412)



( و ) العُقَابُ : ( حَجَرٌ نَاتىءٌ ) وعبَارَةُ لِسَانِ العَرَبِ : صَخْرَة نَاتِئَةٌ ناشزَةٌ ( في جَوْفِ البِئرِ يَخْرِقُ الدَّلْوَ ) ، ورُبّمَا كانَت من قِبَل الطَّيِّ ، وذلك أَن تَزُول الصخرةُ عن مَوْضِعها ، ورُبَّمَا قَامَ عليهَا المُسْتَقِي ، أُنْثَى ، والجَمْعُ كالجَمْع ، وقد عَقَّبها تَعقيباً : سَوَّاها . والرجُلُ الذِي يَنْزِل في البِئر فَيَرْفَعُهَا يُقَال له المُعَقِّبُ . وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ : القَبيلَةُ صَخرةٌ على رَأْسِ البِئر . والعُقابَانِ من جَنَبَتَيْها يَعْضُدَانهَا . ( و ) قيل العُقَابُ : ( صَخْرَةٌ نَاتِئةٌ في عُرْضِ جَبَلٍ كمِرْقَاةٍ ) وقيل هو مَرْقًى في عُرضِ الجَبَل .
( و ) العُقَابُ : ( شِبْهُ لَوْزَةٍ تَخْرُجُ فِي إِحْدَى قَوَائِمِ الدَّابَّة ) ، نقله الصَّاغَانِيُّ .
( و ) العُقَابُ فيمَا يُقَال : ( خَيْطٌ صَغِيرٌ ) يَدْخُلُ ( في خُرْثَيْ ) تَثْنِيَة خُرْت بضم الخَاءِ وسُكُونِ الرَّاءِ والمُثَنَّاة الفَوْقِيَّةِ آخره ، وهو ثَقْبُ الأُذُنِ ( حَلْقَةِ القُرْطِ ) يُشَدُّ بِهِ ، وعَقَب القُرطَ : شَدَّه بِهِ . قال سَيَّارٌ الأَبانِيّ :
كأَنَّ خَوْقَ قُرْطِهَا المَعْقُوبِ
عَلَى دَباةِ أَو عَلَى يَعْسُوبِ
جَعَلَ قُرطَهَا كأَنَّه عَلى دَباةٍ لِقِصَر عُنُقِ الدَّبَاةِ ، فوصَفَها بالوَقْص . والخَوْقُ : الحَلْقَة . والدّباةُ : نوعٌ من الجَرَاد . واليَعْسُوب : ذَكَرُ النَّحْل .
وقال الأَزْهَرِيّ : العُقابُ : الخيْطُ الَّذي يَشُدُّ طرَفَيْ حَلْقَةِ القُرْط .
( و ) العُقَابُ : ( مَسِيلُ المَاءِ إِلى الحَوْضِ ) قال :
كأَنَّ صَوتَ غَرْبِهَا إِذا انْثَعَبْ
سَيْلٌ على مَتْنِ عُقَاب ذِي حَدَبْ
( و ) العُقَابُ : ( الحَجَرُ يَقُومُ عَلَيْهِ السَّاقِي ) بَيْنَ الحَجَرَيْنِ يَعْمِدَانِهِ .
( و ) العُقَابُ : اسم ( أَفْرَاس لَهُم ) منها فرسُ حُمَيْضَةَ بْنِ سَيَّارٍ الفَزارِيّ ، وفَرسُ الحَارِث بْنِ جَوْنٍ العَنْبَرِيّ ، وفرسُ مِرْدَاسِ بْنِ جَعْوَنَةَ السَّدُوسيّ
____________________

(3/413)


والعُقَابُ : الغَايَةُ . قال أَبو ذُؤيْب :
ولا الراحُ رَاح الشَّامِ جاءَتْ سَبِيئةً
لها غايةٌ تَهْدِي الكِرَامَ عُقَابُهَا
أَرادَ غَايَتَهَا . وحَسُنَ تَكرَارُه لاخْتِلاف اللَّفْطَين ، وجمعها عِقْبَانٌ .
والعُقابُ : الحَرْبُ عن كُرَاع ( و ) العُقَابُ : عَلَمٌ ضَخْمٌ ، واسْمُ ( رَايَة للنَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْه وسَلَّم ) ، كما وَرَد في الحَدِيث .
وفي لِسَانِ العَرَبِ : العُقَابُ : الذي يُعْقَدُ للوُلاة ، شُبِّه بالعُقاب الطَّائر ، وهي مُؤَنَّثَة ( و ) العُقَابُ : ( الرَّابِيَةُ ، وكُلّ مُرْتَفِعٍ لم يَطُلْ جِدًّا ) .
( و ) عُقَابُ : ( كَلْبَةٌ ) عُقابُ : ( امْرَأَةٌ ) وهي أُمُّ جَعْفَر بْنِ عَبْدِ الله الآتي ذكْرهُ .
وعُقَاب : موضِعٌ بالأَنْدَلس ، كانت به وَقْعَةُ المُوَحِّدِينَ مَشْهُورة ، استدْرَكَه شَيْخُنا .
وفي لسَان العَرَب : العُقابَان : خَشَبَتَان يَشْبَحُ الرجُلُ بَيْنَهُمَا الْجِلْدَ والعربُ تُسمِّي الناقةَ السوداءَ عُقَاباً على التَّشْبِيهِ .
( و ) عُقَيْبٌ ، ( كزُبَيْرٍ ) : ابنُ رُقَيْبَةَ ( صَحَابِيٌّ ) ويقال فيه : رُقَيْبَة بنُ عُقَيب . قال الحافِظُ تَقِيُّ الدِّين بن فَهْد في مُعجَمِهِ : رُقَيْبَةُ بْنُ عُقْبَة أَو عُقَيْبُ بْنُ رُقَيْبَة مجهول ، وله حَديثٌ عجِيب . قُلتُ : أَو مرادُ المُصَنِّف عُقَيْبُ بنُ عَمْرِو بْنِ عَدِيَ ، فإِنَّه صحابِيٌّ أَيضاً ، شَهِدَ أُحُداً ولابنهِ سَعْد صُحْبَة أَيضاً . سَعْد صُحْبَة أَيضاً . و : مَوْضِعٌ .
ومُعَيْقِيب أَيْضاً صحابيٌّ ، استدرَكَه شيخُنا . قلت وهما اثْنَانِ ، أَحدهُما مُعَيْقيبُ بنُ أَبِي فَاطِمَة الدَّوْسِيّ حَلِيفُ بني أُميَّة من مُهَاجِرَةِ الحَبَشَة ، وهو الَّذِي عُنِي به شيخُنا . وثَانِيهما مُعَيْقِيبُ بنُ عرض اليَماميّ تفرّد بذكره شاصويْه بن عبيد وهو يَعْلُو عند الجَوْهَرِيّ ، كَذَا في المُعْجَم .
( وكالقبَّيْطِ : طائِرٌ ) ، لا يُسْتَعْمَل إِلا مُصَغَّراً .
( و : ع ) ضَبَطَه الصَّاغَانِيُّ مُصَغَّراً مع تَشْدِيد اليَاء المَكْسُورَةِ ، عن ابْنِ دُرَيْد . قلتُ : ولعلَّه من مضافات دِمَشْق ، وقد نُسِب إِليهَا أَبُو إِسحاقَ
____________________

(3/414)


إِبراهيمُ بْنُ محمود بْنِ جَوْهَر البَعْلَبَكِّيّ ثم الدِّمَشْقِيّ المقرِىء الحَنْبَلِيّ عُرِف بالبَطَائِحِيّ ، حَدَّث بدمشق وغَيْرِهَا . روى عنه أَبُو مُحَمَّد الحسنُ بنُ أَبِي عِمْرَان المَخْزُومِيّ بدمشق ومُحَمَّدُ بن عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عِيسَى اليُونِينِيُّ البَعْلَبَكِّيُّ . وأَبو يُونُس الأَرمَنيّ . ومحمدُ بنُ عُبادَةَ بْنِ محمد الأَنْصاريُّ الحَلَبِيُّ ، الثَّلاثَةُ بالعُقَّيْبَة .
( و ) المَعْقَبُ : : ( كمِنْبَر : الخِمَارُ لِلمَرْأَةِ ) ، عن ابن الأَعْرَابِيّ ، لأَنّه يَعْقُبُ المُلاءَة وَيَكُونُ خَلَفاً مِنْها . قال امرؤُ القَيْسِ :
وحَارَ بَعْدَ سَوَادِ بَعْد جِدَّتِه
كمِعْقَبِ الثوبِ إِذْ نَشَّرْتَ هُدَّابَهْ
( و ) المِعْقَبُ : ( القخرْطُ ) نقله الصاغَانيّ .
( و ) المِعْقَبُ : ( السائقُ الحاذِقُ بالسَّوْقِ ) ، والمِعْقَبُ : بَعِيرُ العُقَبِ .
( و ) المِعْقَبُ : ( الذِي يُرَشَّح ) مَبْنِيًّا للمَجْهُول وفي نُسْخَة بصيغَة الفِعْلِ المَاضِي ( للخِلَافَةِ بَعْد الإِمام ) أَي يُهَيَّأُ لها .
( و ) المُعَقَّبُ ( كمُعَظَّم : مَنْ يَخْرُج من حَانَةِ الخَمَّارِ إِذَا دَخَلَها مَنْ هُوَ أَعْظَمُ ) قدراً ( مِنْه ) . قال طَرَفَة :
وإِنْ تَبْغِني في حلْقَةِ القَوْمِ تَلْقَنِي
وإِنْ تَلْتَمِسْني في الحَوَانِيتِ تَصْطَدِ
أَي لا أَكُونُ مُعَقَّباً .
والمُعَقِّبُ كمْحَدِّثِ : المُتَّبِع حَقا لَهُ يسْتَرِدُّه . والذي أُغِير عليه فَحَرِب فأَغَارَ على الَّذِي أَغَارَ عليه فاستَرَدَّ مَالَه .
( والمِعْقَابُ : البيتُ يُجْعَلُ فيه الزَّبِيبُ ) . والمِعْقَابُ : المَرْأَةُ التي من عادَتِهَا أَن تَلِدَ ذَكَراً ثم أُنْثَى .
وأَعْقَبَ الرجلُ إِعْقَاباً إِذا رَجَعَ مِنْ شَرَ إِلَى خَيْر . ( واستَعْقَبَه وتَعَقَّبَه ) إِذا ( طَلَب عوْرَتَه أَو عَثْرَتَهُ ) ، وأَصْلُ
____________________

(3/415)


التَّعَقُّب التَّتبُّع : واستَعْقَبَ منه خَيْراً أَو شَرًّا : اعتَاضَه فأَعْقَبَه خَيْراً أَي عَوَّضَه وبَدَّلَه .
( وعَقِبٌ ، ككَتِفِ ) : موضع . أَنشد أَبو حَنِيفَة لعُكِّاشَةَ بْنِ أَبي مَسْعَدَة :
حَوَّزَهَا من عَقِبٍ إِلَى ضَبُعْ
في ذَنَبانٍ ويَبِيسٍ مُنْقَفِعْ
( وكَفْرُ تِعْقَابٍ بالكَسْرِ ) وَكَفْرُ عَاقِب : ( ع ، ويَعْقُوبَا ) ، الموجود عندنا في النُّسَخِ بالمُثَنَّاة التَحْتِيَّة ، وصوابُه بالمُوَحَّدَة : ( ة ) كَبِيرَةٌ ( ببَغْدَاد ) على عشرة فَرَاسِخ منها على طَرِيقِ خُرَاسَان .
( واليَعْقُوبِيُّونَ ) كذلك صَوابُه بالباءِ : ( جَمَاعَةٌ مُحَدِّثُونَ ) ، منهم أَبُو الحَسَن مُحَمَّد بنُ الحُسَين بنِ عَلِيّ بن حَمْدون قاضيها ، رَوَى عنه أَبُو بَكْر الخَطيب توفي سنة 430 ه ذكره البُلْبَيسِيّ في أَنْسَابِهِ . ومن بَهْجَة الأَسْرَار : أَبو مُحَمَّد عَلِيُّ بنُ أَبِي بَكْر بن إِدْرِيسَ اليَعْقُوبِيُّ ، حدَّث بها سنة 616 ه وأَبُو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بن أَبِي المَكَارِم الفضلُ بن بُخْتيار بن أَبي نَصْر اليَعْقُوبِيّ الوَاعِظ الخَطِيب . وأَبو الفَضْل صَالِحُ بنُ يَعْقُوب بن حَمْدُون اللَّخُميّ اليَعْقُوبِيّ .
( وثَنِيَّةُ العُقَابِ ) بضَمِّ العَيْن وكَسْرِهَا ( بِدمَشْقَ . وَنِيقُ ) ، بالكَسْرِ ، ( العُقَابِ ) : بالضَّم والكَسْر : موضع ( بالجُحْفَة ) .
( وتِعْقَابٌ بالكَسْر : رَجُلٌ ) وإِليه نُسِب الكَفْر ، كما نَقَله الصَّاغَانِيّ .
( والعِقْبَة ) يالفتح فالسُّكُون ( ويُكْسَرُ ) : الوَشْيُ كالعِقْمَةِ ، وزعم يَعْقوب أَنَّ الباء بدلٌ من المِيمِ . وقال اللِّحْيَانِيّ : العِقْبَةُ بالكَسر : ( ضَرْبٌ من ثِيابِ الهَوْدَجِ مَوْشِيٌّ ) كالعِقْمَة .
( وعُقَابٌ عَقَنْبَاةٌ وعَبَنْقَاةٌ ) بتقديم البَاءِ على النُّون ( وَبَعَنْقَةٌ ) وقَعَنْبَاةٌ ، على القَلْب : ( ذاتُ مَخَالبَ حِدَادٍ ) . وفي التَّهْذِيب في الرُّبَاعِيّ : هي ذاتُ المَخَالب المْنْكَرَة الخَبِيثَة . قال الطِّرِمَّاحُ ، وقيل : هو لجِرَان العَوْدِ :
____________________

(3/416)



عُقَابٌ عَقَبْناةٌ كأَنَّ وظِيفَها
وخُرْطُومَها الأَعْلَى بِنارٍ مُلَوَّحُ
وقيل : هي السَرِيعَةُ الخَطْفِ المُنْكَرَةُ . وقال ابْنُ الأَعْرَابِيّ : ذلك على المُبَالَغَة كما قَالُوا : أَسَدٌ أَسِدٌ وكَلب كلِبٌ . وقَال اللَّيثُ : العَقَنْبَاةُ : الدَاهِيَةُ من العِقْبانِ ، وجَمْعُه عَقَنْبَاتٌ .
( وأَبُو عُقابٍ ، كغُرَابٍ : تابِعِيٌّ ) يُقال اسمُه سُلَيْمَان ، رَوَى عن عَائِشَة ولم يُدْرِكْها ، وعنه أَبو عوَانَة ، قاله الحَافِظُ . ( وابن عُقَابَ الشَّاعِرُ ) اسمُه ( جَعْفَرُ بْنُ عَبْد الله ) بن قَبِيصَة . ( وعُقَابُ ) اسم ( أُمّه ) فلا يُصرَف للعلَميَّة والتَّأْنِيث .
( والمُعْقب ) كمُكْرم : ( نَجْمٌ يَعقُب نَجْماً ، أَي يَطْلُع بَعْدَه ) فيَرْكَبُ بطُلُوعه الزَّميلُ المُعَاقِبُ . ومنه قولُ الراجِزِ :
كَأَنَّهَا بَيْنَ السُّجُوفِ مُعْقِبُ
وقال أَبو عُبَيْدَة : المُعْقِبُ : نَجْمٌ يتعاقَب فِيهِ الزَّمِيلَانِ في السَّفَرِ ، إِذَا غَابَ نَجْمٌ وطَلَع آخَر رَكِبَ الَّذي كان يَمْشِي .
( وعَبْدُ المَلِك بنُ عَقَّاب ككَتَّان : ( مُحَدِّثٌ ) مَوْصِلِيّ ، رَوَى عن حَمَّاد بْنِ أَبي سُلَيْمَان ، وعنه أَبُو عَوَانَة وغَيْرُه .
ومما يُستَدْرَك عليه :
في الحَديثِ : ( نَهَى عن عُقْبَةِ الشَّيطَانِ ) ، بالضَّمِّ ، وهو الإِقْعَاءُ ، وقد تقدم .
وعَقبُ النَّعْلِ ) مُؤخَّرُهَا أُنْثَى . ووطِئوا عَقِبَ فلانٍ : مَشَوْا في أَثَره . وفي الحَديثِ ( أَنَّ نَعلَه كانت مُعقَّبةً مُخَصَّرةً ) . المُعَقَّبَة : التي لها عَقَبٌ . وولَّى عَلَى عَقِبه وعَقِبَيْه ، إِذا أَخذَ في وَجْه ثم انْثَنَى .
والتّعقيبُ : أَن يَنْصَرِف من أَمرٍ أَرادَه . وفي الحديث : ( لَا تَرُدَّهم على أَعْقَابهم ) أَي إِلى حَالَتهم الأُولَى من تَرْك الهِجْرَة . وفي
____________________

(3/417)


الحَدِيثِ : ( مَا زَالُوا مُرتَدِّين على أَعقَابِهِم ) أَي راجِعِين إِلى الكُفْر كأَنَّهم رَجَعُوا إِلى وَرَائِهم . وجَاءَ نُعَقِّباً أَي في آخر النَّهَار . وعَقَب فلانٌ على فلانَةَ ، إِذا تَزَوَّجَهَا بعد زَوْجِهَا الأَوّل ، فهو عاقِبٌ لها أَي آخِرُ أَزواجِهَا ، وأَنْشَد ابنُ الأَعْرَابِيّ :
يَمُلأُ عَيْنَيْك بالفِناء ويُر
ضِيك عقَاباً إِنْ شئتَ أَوْ نَزَقَا
قال : عِقَاباً يُعقِّبُ عَليه صاحِبُه ، أَي يَعْزُو مَرَّةً بعد أُخْرَى ، وقيل غير ذلك . وقد تقدمت الابشارة إِليه .
وكُلُّ شَيْءٍ خَلَف شَيْئاً فهو عَقْبُهُ ، كماءِ الرُّكْيةِ ، وهُبُوبِ الرِّيحِ وطَيَرَان القَطَا وعَدْوِ الفَرَس . وفرَسٌ مُعَقِّب في عَدوِه : يَزْدَادُ جَوْدَةً .
وعَقَبَ الشيبُ يعْقبُ ويَعْقب عُقُوباً وعَقَّب : جاءَ بعد السَّوَادِ . ويقال : عَقَّب في الشَّيْب بأَخْلاقٍ حَسَنَة ، وأَعقَبَه نَدَماً وَهَم : أَورثَه إِيَّاه . قال أَبُو ذُؤَيْبا أَوحدَى بَنِيّ وأَعْقَبُونِي حَسْرةً
بَعْدَ الرُّقَادِ وعَبْرَةً ما تُقْلِعُ
ويقال : فعلتُ كذا فاعتَقَبْت منه نَدَامَةً ، أَي وجدتُ في عاقِبَتِه ندامَةً . ويقال : أَكلَ أُكْلَةً أَعقَبَتْه سُقْماً أَي أَورثَتْه . وعَاقَبَ بين الشَّيْئَيْن إِذَا جَاءَ بأَحدِهما مَرَّةً وبالآخَر أُخْرى . ويقَال : فلان عُقْبَةُ بَني فلانٍ أَي آخِر مَنْ بَقِي منهم ، وفلانٌ يَسْتَقِي على عُقْبَةِ آلِ فلانٍ ، أَي بَعْدَهُم . وعَقَّب علَيْهِ : كَرَّ ورَجَع . وقولُ الحَارِث بن بَدْرِ : كنتُ مَرَّةً نُشْبة ، وأَنَا اليومَ عُقْبَة . فسّره ابنُ الأَعْرَابِيّ فقال : معناه كنتُ مَرّة إِذا نَشبْت أَو عَلِقْت بإِنْسَان لَقِيَ مِنْي شَرًّا ، فقد أَعْقَبْتُ اليومَ ورَجَعْتُ ، أَي أَعْقَبْتُ منه ضَعْفاً ، والعَقْبُ : الرَّجْعُ قال ذُو الرُّمَّة :
____________________

(3/418)



كأَنْ صِيَاحَ الكُدْر يَنْظُرنَ عَقْبَنَا
تَرَاطُنُ أَنباطٍ عليه طَغَامُ
معنَاه ينْتَظِرنْ صَدَرَنا لِيَرِدْنَ بَعْدَنَا .
وفي حَدِيثِ صلَاة الخَوْف : ( إِلا أَنَّ كانَتْ عُقَباً ) أَي يُصَلّي طائِفَةٌ بعد طائِفَة ، فهم يَتَعَاقَبُونها تَعاقُبَ الغُزاة .
والمُعَقِّب : الذي يَتَقَاضَى الدَّيْنَ فيَعُودُ إِلى غ 2 رِيمه في تَقاضِيه . والَّذي يَكُرّ على الشَّيْء ، ولا يَكُرُّ ( أَحَدٌ ) على ما أَحْكَمَه اللّهُ . قال لبيد :
إذا لم يُصب في أَوْلِ الغَزْوِ عَقَّبَا
أَي غَزَا غَزْوَة أُخْرَى .
وتَصدَّقَ فلانٌ بصدَقَة ليس فيها تَعْقِيبٌ ، أَي استثْنَاء ، وأَعْقَبَه الطّائفُ إِذا كان الجُنُون يُعاودُه في أَوقات . قال امرؤُ القَيْس يَصف فرساً :
ويَخْضِدُ في الآرِيّ حَتى كأَنَّه
به عُرَّةٌ أَو طائفٌ غيرُ مُعْقِبِ
والتعاقُبُ ، الوِرْدُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ . وفي حَدِيث شُرَيْحٍ ( أَنَّه أَبطلَ لنَّفْحَ إِلّا أَن تَضْرِبَ فتُعَاقِب ) أَي أَبطل تنَفْح الدَّابة برِجْلهَا وهو رَفْسُهَا كَانَ لا يُلْزِم صاحِبَها شيئاً إِلَّا أَن تُتْبِع ذَلِك رَمُحاً . وأَعْقَبَه اللهُ بإِحسانِه خَيْراً ، والاسمُ منه العُقْبَى ، وهو شِبْه العِوَض . وأَعقَبَ الرجلُ إِعْقَاباً إِذا رَجَع من شَرَ إِلى خَيْر . وتَعَقَّبَ منه : نَدم ، وأَعْقَبَ الأَمْرَ إِعْقَاباً وعقْبَاناً بالكسرِ وعُقْبَى حَسَنَة أَو سَيِّئَة . وفي الحَديث ( ما من جرْعَة أَحْمَدَ عُقْبَى من جَرْعَة غَيْظ مَكْظُومَة ) . وفي رواية ( أَحمد عقْبَانا ) بالكَسْر أَي عَاقبة ، وأُعْقِب
____________________

(3/419)


عِزُّه ذُلًّا ، مَبْنِيًّا للمفعول أَي أُبْدِل ، قال :
كَمْ من عَزِيزٍ أُعْقِبَ الذُّلَّ عِزُّهُ
فأَصْبَح مَرْحُوماً وقد كَانَ يُحْسَدُ
ويقال : تَعقَّبْتُ الخبَرَ ، إِذَا سأَلْتَ غيرَ من كنتَ سأَلتَه أَوَّل مَرّة . ويقال : أَتَى فُلَانٌ إِليَّ خَبَراً فعَقَب بِخَيْرٍ منه .
وأَعقَب طَيَّ البِئر بحجَارةٍ من ورائِهَا : نَضَدَها . وكُلُّ طَرِيق بعضُه خَلْفَ بَعْضٍ أَعقَابٌ كأَنَّهَا مَنْضُودَةٌ عَقْباً على عَقْبٍ . قال الشّمْاخُ في وَصف طَرَائِقِ الشَّحْمِ على ظَهْر النَّاقَة :
إِذا دَعَت غَوثَهَا ضَرَّاتُهَا فَزِعَتْ
أَعْقَابُ نَيَ على الأَثْباج مَنْضُودِ
والأَعْقَابُ : الخَزَف الذي يُدْخَل بَيْن الآجُرّ في طَيِّ لبِئر لكي يَشْتَدَّ . قال كُراع : لا وَاحِدَ لَهُ . وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ : العقَاب ( أَي ككتاب ) : الخزفُ بين السَّافَاتِ ، وأَنْشَد في وَصْفِ بئر :
ذاتَ عقابٍ هَرِشٍ وذَاتَ جَمْ
ويروى : ذَاتَ حَمْ .
وأَعْقَابُ الطَّيِّ : دَوائِرُه أَي مُؤَخَّره ، وقد عَقَّبْنَا الرَّكِيَّةَ أَي طَوَيْنَاهَا بِحَجَرٍ من وراءِ حَجَر . وعَقَبْتُ الرجُلَ : أَخذُتُ من مَالِه مثلَ ما أَخَذَ منِّي وأَنا أَعقُب بضَمِّ القَافِ .
والمُعَاقَبَة في الزِّحافِ : أَن تَحْذِف حَرْفاً لثَبَات حَرْف ، كأَن تَحذفَ اليَاءَ من مَفَاعِيلن وتُبْقِيَ النُّونَ ، أَوْ أَن تَحْذفَ النُّونَ وتُبْقِيَ اليَاءَ ، وهو يَقَعُ في شُطُورٍ من العَرُوضِ .
والعربُ تُعقِبُ بينَ الفَاءِ والثَّاءِ ، وتُعَاقِبُ ، مِثل جَدَثٍ وجَدَفٍ .
وعاقَب : رَاوَحَ بَيْن رِجْلَيْه وأَنشَدَ ابْنُ الأَعْرَابِيّ :
ووَعَرُوبٍ غيرِ فَاحِشَةٍ
قد مَلَكْتُ وُدَّهَا حِقَبَا
ثم آلَتْ لا تُكَلِّمُنَا
كُلُّ حَيِّ مُعْقَبٌ عُقَبَا
مَعْنَى قوله مُعْقَب أَي يَصِيرُ إِلى غَيْرِ حَالَته التي كَانَ عَلَيْها .
وقِدْحٌ مُعَقَّبٌ وَهُوَ المُعَادُ في الرِّبابَة
____________________

(3/420)


مَرَّةً بعد مَرَّة تَيَمُّناً بفَوْزِه ، وأَنْشد :
بمَثْنَى الأَيَادِي والمَنِيحِ المُعَقَّب
وجَزُورٌ سَحُوفُ المُعَقَّب إِذا كان سَمِيناً .
وفي الأَساس : ويقال : لم أَجِد عن قَوْلِك مُتقَّباً ، أَي مُتَفَحَّصاً ، أَي هو من السَّدَادِ والصِّحَّة بِحَيْث لا يحتاج إِلى تَعَقُّب . وَهُو في عَقَابِيل المَرَضِ وأَعْقابِهِ أَي بَقَايَاهُ . ولَقِيَ منه عُقْبَةً أَي شِدَّة . وأَكَلُوا عُقْبتَهُم : ما يَعْتَقِبُونَ بعدَ الطَّعَام من حَلَاوَة . وفلان مُوَطَّأُ العَقِب ، أَي كَثِيرُ الأَتْباع .
وفي لسان العرب ، وقَوْله تعالى : { وَإِن فَاتَكُمْ شَىْء مّنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ } ( الممتحنة : 11 ) هكذا قرأَها مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ وفَسَّرها فَغَنِمْتُم ، وقرأَهَا حُمَيْد : فَعَقَّبتُم ، بالتّشْديد . قال الفرَّاءُ : وهي بمَعْنَى عاقَبْتُم . قال : وهي كقولك : تَصَعَّر وَتَصَاعَر ، وتَضَعَّفَ تَضَاعَفَ في ماضي فَعَلْتُ وفاعَلْتُ ، وقُرِىءَ ( فعَقَبْتُم ) بالتَّخْفيفِ وقال أَبو إِسْحَاق النَّحْوِيّ : من قرأَ فعَاقَبْتُم فمَعْنَاه أَصَبْتُموهُم بالعُقُوبَة حتى غَنمْنُمْ . ومَنْ قَرأَ : فعَقَبْتُم فمعناه فغَنِمْتم ، وَعَقَّبْتُم أَجودُهَا في اللغَة ، وعَقَبْتُم جَيِّدٌ أَيضاً ، أَي صَارَت لكم عُقْبَى ، إِلَّا أَنَّ التَّشْدِيدَ أَبلغ . قال : والمعَنَى أَنَّ ( مَنْ ) مَضَتْ امرأَتُه منْكم إِلى مَنْ لَا عَهْدَ بَيْنَكم وَبَيْنَه وإِلَى مَنْ بَيْنَكُم وَبَيْنَ عَهْدٌ فنَكَث في إِعْطَاءِ المَهْر فغَلَبْتُم عَلَيْه فالّذِي ذَهَب امرأَتُه يُعْطَى مِنَ الغنِيمَة المَهْرَ من غَيْر أَن يُنْقَصَ مِن حَقّه في الغنائم شَيئاً ، يُعْطَى حَقَّه كَمَلاً بعد إخراجِ مُهُورٍ النِّسَاءِ .
والعَقْبُ والمُعَاقِبُ : المُدْرِكُ بالثّأْرِ . وفي التَّنْزِيلِ : { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ } ( النحل : 126 ) . وأَنْشَدَ ابْنُ الأَعْرَابِيّ :
ونَحْنُ قَتَلْنَا بالمَخَارِقِ فَارِساً
جَزَاءَ العُطَاس لَا يَمُوتُ المُعَاقِبُ
____________________

(3/421)



أَي لَا يَمُوتُ ذِكْرُ ذلِكَ المُعَاقِب بَعْدَ مَوْتِه . وقوله : جَزاءَ العُطَاسِ أَي عَجَّلْنا إِدْرَاكَ الثأْرِ قدرَ مَا بَيْنَ التَّشْمِيت والعُطَاس .
وفي مُخْتَارِ الصّحاح للرَّازِيّ قلتُ : قَالَ الأَزْهَرِيُّ : قال ابنُ السِّكِّيت : فُلان ، أَي بَعْدَهم ، ولم أَجِدْ في الصَّحَاح ولا في التَّهذيب حُجَّة على صِحَّة قولِ لناس : جاءَ فلانٌ عَقِيبَ فُلان أَي بَعْدَه إّلا هذَا . وأَما قولهم : جاءَ عَقِيبَه بمعنى بَعْدَه فليس في الكِتَابَيْن جوازُه ، ولم أَرَ فِيهِا عَقِيباً ظَرْفاً بمَعْنَى المُعَاقِب فَقَط كاللَّيْل والنَّهَار عَقِيبَان لا غَيْره . وعن الأَصْمَعِيّ : العَقْبُ : العقَابُ .
وعَقَب الرجُلُ يَعْقُب عَقْباً : طَلَب مَالاً أَو غَيْرَه . ويقال : مِنْ أَيْنَ كان عَقِبُك أَي مِنْ أَينَ أَقبلْتَ .
ورجل عِقِبَّان بكَسْرِ الأَوَّل والثَّانِي وتَشْدِيدِ المُوَحَّدَة ، أَي غَلِيظٌ ، عن كُراعٍ . قال والجمع عِقْبان قال الأَزهريّ : ولستُ مِن هَذا الحَرْف على ثِقَة .
وفي أَنْسَابِ البُل 2 يسِيّ : العُقَاة بالضُّم : بطْن من حَضْرَمَوْتَ ، منهم أَدأَبُ بنُ عَبْدِ الله بْنِ مُحَمَّد الحَضْرمِيُّ ، والعَقَبِيُّون ثلاثَةٌ وسَبْعُونَ رَجلاً وامرأَتان ، رَضي اللّهُ عَنْهُم ، وهُم الَّذين شَهِدُوا بيْعَةَ العَقَبَة قَبْلَ الهجْرَة ، ومَحَلُّه في كُتُب السِّيَر .
والعَقَبَة وراءَ نهر عيسَى قُربَ دجْلَة . منها أَبو أَحْمَد حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّد بنِ العَبَّاس بْنِ الفَضْل بْنِ الحَارِثِ الدِّهْقَان ، روى عن الدوريّ والعطارديّ ، وعنه الدَّارَقُطْني وابن رزقويه ، ثقة ، مات في ذي القعدة سنة 347 ه .
وعقَبَةُ أَيْلَةَ معروفَةٌ بالقُرب من مصْر . والعَقِب ككَتِف : بطنٌ من كنَانَة ، منه أَبُو العَافية فَضْلُ بنُ عُمَيْر بْنِ راشِد الكنَانِيّ ثم العَقَبِيّ ، مِصْرِيّ ، وقد وَهِم فيه ابنُ السَّمْعَانيّ ، وتَعَقَّبَه ابنُ الأَثيرِ فَلْيُرَاجَعْ .
قلت : وأَبو يَعْقُوب الأَذْرُعيّ : محدِّث ، روى عنه أَبو عَلِيّ بْنُ شُعيْبٍ وغَيْرهِ ، وأَبو القاسم بن أَبي العَقب الدِّمشقِيّ حدَّث عن أَبي عبد الله محمد بن حِصن
____________________

(3/422)


الأَلوسيّ وهاتان الترجمتان من معجم ياقوت ، المُسَمَّوْن بعُقْبَة من الصّحابة ثلاثةٌ وثَلَاثُون ، رضي الله عنهم . راجع في الإِصابة والمعجم . وأَبو عُقبة وأَبو العَقِب صحابيَّان .
واليَعْقُوبِيَّة : فرقةٌ من الخَوَارِج أَصحاب يَعْقُوب بْن عَلِيّ الكَرخِيّ . وفِرقَةٌ أُخرى من الصنارعى آل يعقوب البرادعيّ ، وهم يقولون باتِّحَادِ اللَّاهُوتِ والنَّاسُوتِ ، وهم أَشَدُّ النَّصَارعى كُفراً وعَناداً ، ذكره التقيّ المقريزيّ في بعض رَسَائِله .
وقال شيخنا : وعقبان : قرية بالأَندلس نسب إِليهَا جماعة من أَعلام المالكيّة بتِلِمْسان وغيرها .
وقال ابن شُمَيْل : يُقَالُ : باعَنِي فلانٌ سِلَعةٌ وعليه تَعْقبَةٌ إِن كَانَت فيهَا . وقد أَدْرَكَتْنِي في تلْكَ السِّلْعَة تَعْقِبَةٌ . ويقال : لَقيتُ نه عُقبَةَ الضَّبُعِ واستَ الكَلْب ، أَي لَقيتُ منه الشِّدَّة . وقولُه تَعَالى : { لاَ مُعَقّبَ لِحُكْمِهِ } . قال الفَراءُ أَي لا رَادَّ .
والتَّعقِيبُ : شَدُّ الأَوتَارِ عَلَى السَّهْم . قال لَبِيد :
مُرُطُ القِذاذِ فلَيْسَ فيه مَصْنَعٌ
لا الرِّيشُ يَنْفَعُه ولا التَّعْقيبُ
وسَيَأْتِي في ر ى ش وفي م ر ط .
عقرب : ( العَقْرَبُ ) : واحِدة العَقَارِب من الهَوامِّ ( م ) يذكر ( ويُؤَنّثُ ) بلفظٍ وَاحِدِ عن اللَّيْث ، والغَالب عليه التَّأْنِيثُ ( و ) العَقْرَبُ : ( سَيْرٌ للنَّعْل ) على هَيْئَتِهَا . وعَقْربَةُ النَّعْلِ : عَقْدُ الشِّرَاكم ، ( وسَيْرٌ ) مَضْفورٌ في طَرَفه إِبْزِيمٌ ( يُشَدُّ به ثَفَرُ الدَّابَة في السَّرْج ) قاله اللَّيث . وفي نُسْخَة ( من السَّرْج ) . ( و ) العَقْرَبُ : ( بُرْجٌ في السَّمَاءِ ) يُقَالُ له : عقربُ الرِّبَاع . قال الأَزْهَرِيُّ : وله من المنازِل الشَّوْلَةُ والقَلْبُ والزُّبانَى وفيه يقول ساجعُ العَرَب : إِذَا طَلَعَت العَقْرَب ، حَمسَ المِذْنَب ، وقُرّ الأَشْيَب ، ومات الجُنْدَب . هكذا قال
____________________

(3/423)


الأَزهَرِيّ في تَرْتِيبِ المَنَازِل ، وهذا عَجِيبٌ . قَالَهُ ابْنُ مَنْظُور ( و ) عَقْرَب : اسم ( فَرَس عُتْبَةَ بْنِ رَحْضَةَ ) بفتح فسكون ، الغِفَارِيّ .
( وَعَقْرَباءُ : أعرضٌ ) باليَمَامةِ ثَمَّ كانت الوَقَائعُ مع مُسَيْلمَةَ الكَذَّاب . وفي لسان العرب : موضع . وفي مُخْتَصَرِ المَرَاصد : كُورَةٌ من كُوَرِ دِمَشْق كان يَنْزِلُهَا المَلِكُ الغَسَّانيّ . ثم رأَيتُ الحافِظَ جمالَ الدّين يُوسُف بْنَ شَاهِين سبْطَ الحافِظِ ابْنِ حَجَر ذكر في مُعْجَمه في ترجمة سَاعِدِ بْن سَارِي بْنِ مَسْعُود بْنِ عَبْد الرَّحْمنِ نَزِيل دمَشْق أَنَّه مَاتَ بقَرْيَةِ عَقْرَبَاءَ سنة 819 ه .
( وَهيَ ) أَيْضاً ( أُنْثَى العَقَارِب ) على قَوْلٍ مَمْدُود ( غَيْر مَصْرُوف ، كالعَقْرَبَة ) بالهَاءِ .
ونقل شيخُنا عن مُخْتَصَر البَيَان فيما يَحلُّ وَيَحْرُم من الحَيَوَانِ : وقد سُمِع العَقْراب في اسْمِ الجِنْس قال :
أعوذُ بالله من العَقْرَاب
الشَّائلَاتِ عُقَدَ الأَذْناب
قال : وعند أَهْلِ الصَّرْف أَلِفُ عَقْرَابٍ للإِشباع ، لِفِقْدَانِ فَعْلال بالفَتح .
( والعُقْرُبَانُ بالضَّمِّ ، ويُشَدَّدُ ) الرَّابِع وهَذه عَنِ الصَّاغَانيّ : دُوَيْبَّة تدخل الأُذُن ، وهي هذه الطَّوِيلَ الصفراءُ الكَثيرَةُ القَوَائم . قال الأَزْهَرِيُّ : يقال : هو ( دَخَّالُ الأُذُن ) . وفي الصَّحاح : هو دَبَّةٌ له أَرجُلٌ طِوالٌ وليس ذَنَبُه كذَنَب العَقَارِب . قال إِياسُ بْنُ الأَرَتّ :
كأَنَّ مَرْعَى أُمَّكُم إِذْ غَدَتْ
عَقْرَبَةٌ يَكُومُها عُقْرُبَانْ
ومَرْعَى اسمُ أُمِّهم . ويُرْوَى ( إِذ بَدَتْ ) . رَوَى ابنُ بَرِّيّ عن أَبي حَاتم قال : ليس العُقرُبانُ ذَكَرَ العَقَارِب وإِنَّمَا هو دَابَّة له أَرْجُلٌ طِوَالٌ ، وليس ذَنَبُهُ كذَنَبِ العَقَارِبِ ، وَيَكُومُهَا : يَنْكحُهَا .
( و ) يُطْلَق ويُرَادُ بِهِ ( العَقْرَبُ ، أَو الذَّكَرُ منْه ) أَي من جِنْسِ العَقَارِبِ
____________________

(3/424)


وفي المصباح : العَقْرَبُ يُطْلَق على الذَّكَر الأُنْثَى ، فإِذا أرِيدَ تأْكِيدُ التَّذْكِيرِ قيل عُقْرُبان ، بضَمِّ العَيْنِ والرَّاءِ . وقيل : لا يقال إِلَّا عَقْرَب للِذَّكَر والأُنْثَى . وفي تَحْرِيرِ التَّنْبِيهِ ؛ العَقْرَب والعَقْرَبَة والعَقْرَبَاءُ كُلُّه للأُنْثَى ، وأَمّا الذَّكَرُ فعُقْرُبان .
وقال ابن مَنْظُور : قال ابنُ جِنّي : لك فيه أَمرانِ ، إن شِئتَ قلتَ إِنّه لا اعّتِداد بالأَلِف والنُّون فيه فَيبْقَى حينئذٍ كأَنه عُقْرُبٌّ بمنزلة قُسْقُبَ وقُسْحُبَ وطُرْطُبَ ، وإِن شئتَ ذَهبتَ مَذْهَباً أَصْنَعَ من هَذَا ؛ وذَلك أَنْه قد جَرَت الأَلِفُ والنُّون من حيثُ ذكَرنا في كَثِيرٍ من كَلَامِهِم مَجْرَى ما لَيْس موجوداً ، على ما بَيَّنَّا . وإِذا كَانَ كَذلك كانَت البَاءُ لِذلِك ، كأَنَّهَا حرفُ إِعْرَاب ، وحرفُ الإِع 2 اب قد يَلْحَقُه التَّثْقيل في الوَقْف ، نَحْو : هذا خالدّ ، وهو يَجْعَلّ ، ثم إِنَّه قد يُطلَق ويُقَرُّ تَثْقِيلُه عَلَيْه نحو الأَضْخَمّا ، وعَيْهَلَّ فكأَنّ عُقْرُبَاناً لذلك عُقْرُبٌ ثم لَحِقها التَّثْقِيل لتَصَوُّرِ مَعْنَى الوَقْف عَلَيْهَا عِنْد اعْتِقَاد حَذْفِ الأَلِف والنُّون من بَعْدها ، فصارَت كأَنّها عُقْرُبٌّ ، ثم لَحِقَت الأَلف والنون ، فَبَقِي على ثقله كما بقي الأَضْخَمّا عند انْطِلَاقه على تَثْقِيله إِذْ أُجْرِي الوصلُ مُجْرَى الوقْفِ فقيل عُقْرُبَّانٌ . قال الأَزْهَرِيُّ : ذَكَرُ العَقَارب عُقْرُبَانٌ مُخَفَّف البَاءِ ، كذا في لَسَان العَرَب .
( وأَرْضٌ مُعَقْرِبَةٌ ) بكسْرِ الرّاء . ( و ) بَعْضُهم يَقُول : أَرض ( مَعْقَرَةٌ ) كأَنَّه رَدَّ العَقْرَبَ إِلَى ثَلَاثَ أَحْرُف ، ثم بَنَى عَلَيْهِ ، أَي ذَاتُ عَقَارِب أَو ( كَثِيرَتُهَا ) وكذَلك مُثَعْلِبَةٌ ومُضَفْدِعَة ومُطَحْلِبَة ، ومكانٌ مُعَقْرِب بكسر الرَّاءِ : ذو عَقَارِبَ .
( والمُعَقْرَبُ بفَت الرَّاءِ ) وهكذا في النُّسَخ الَّتي بِأَيْدِينا ، وقد سَقَط من نُسْخَةِ شَيْخِنا فاعترَضَ على المُؤَلِّف في ترك الضَّبْطِ كما قَبْلَه ، ولا يخْفَىءْن هذَا الضَّبْطَ الأَخِير يُقَيِّدُ ويُفيدُ أَن الَّذِي سَبَقَ بكَسْرِ الرَّاءِ ، كما هُو منْ عَادَته في كَثِير من عِبَارَاتِه : ( المُعْوَجُّ والمَعْطُوفُ ) . وفي الصَّحاح : وصُدْغٌ
____________________

(3/425)


مُعَقْرَب بفَتْح الرِّاءِ أَي مَعْطُوفٌ . وشَيْءٌ مُعَقْرَبٌ أَي مُعْوَجٌّ .
( و ) المُعَقْرَبُ : ( الشَّدِيدُ الُعلْقِ المُجْتَمِعُه ) ، وحِمَارٌ مُعَقْرَبُ الخَلْقِ : مُلَزَّز مُجتَمِعٌ شَهدٌ . قال العَجَّاجُ :
عَرْدَ التَّراقِي حَشُورَاً مُعَقْرَبَا
( و ) المُعَقْرَبُ : ( النَّصُورُ ) كصَبُور ، من النَّصْر ، للمُبَالَغَة ( المَنِيعُ ، وهو ذو عُقْرُبانَةٍ ) . قال شيخُنَا : ولو قال : النَّاصر البَالِغ المَنَعَة كان أَدَلَّ على المُرَاد وأَبعَد عن الإِيْهامِ ؛ لأَنّ بناءَ فَعُول من نَصَر ولو كَان مَقيساً لكنَّه قلِيلٌ في الاسْتِعْمال ، ولا سِيَّما في مَقَامِ التَّعْريف لِغَيْره ، انتهى .
ثم إِنَّ هذه العِبارَةَ لم أَجِدْها في كتاب من كُتُب اللُّغَة ، كلِسَان العَرَب والمُحْكَم والنِّهَايَة والتَّهْذِيب والتَّكْمِلَة .
( والعَقَارِبُ : النَّمَائِمُ ) . ودَبّت عَقَارِبُه ، مِنْه ، عَلَى المَثَل ، وسَيَأْتي . قال شيخُنَا : وقد استَعْمَلُوه في دَبِيبِ العذار ، وهو من مُسْتَحْسَنَاتِ الأَوصافِ ومُلَح الكِنَايات .
( و ) عَقَارِبُ الشّتاءِ : ( الشَّدَائِدُ ، و ) أَفرَدَه ابنُ بَرِّيّ في أَمَالِيه ، فقال : العَقْرَبُ ( مِنَ الشِّتَاءِ ) : صَوْلَتُه و ( شِدَّةُ بَرْدِهِ ) .
( وإنَّهُ لَتَدِبُّ عَقَارِبُه ) ، من المَعْنَى الأَوّل على المَثَل . ويُقَالُ أَيْضاً للَّذِي ( يَقْتَرِضُ ) ، من باب الافْتِعَال ، وفي بَعْضِ النُّسَخ يَقْرِض ( أَعْرَاضَ النَّاس ) ، قال ذُو الإِصْبَع العَدْوَانِيّ :
تَسْرِي عَقَارِبُه إِلَيّ
ولا تَدِبُّ لَهُ عَقَارِبْ
أَراد ولا تَدِبُّ لَهُ مِنِّي عَقَارِبِي .
( والعَقْرَبَةُ ) ، هكذا بالهاء في سائِر النُّسَخ وَهُو أَيضاً بخَطّ ابنِ مَكْتُوم ، ومِثْلُه في التَّكْمِلَة ، والذي في لِسَان العَرَبِ : الَعقْرَبُ : ( الأْمَةُ الخَدُومُ ) ، أَي الكَثيرَةُ الخِدْمَةِ ، ( العَاقِلَةُ ) .
( و ) العَقْرَبَة : ( حَدِيدَةٌ كالكُلَّاب تُعَلَّقُ في السَّرْجِ ) ، وفي نُسْخَة بالسَّرْجِ
____________________

(3/426)


والرَّحْل حكاهُ ابنُ دُرَيْد .
ومما يُسْتَدْرَكُ به على المُؤَلّف قَوْلُهم : عيشٌ ذُو عَقَارِب ، إِذا لم يَكُن سَهْلاً وقيل : فِيهِ شَرٌّ وخُشُونَة . قال الأَعْلَمُ :
حتَّى إِذَا فَقَدَ الصبُو
حَ يَقُولُ عَيْشٌ ذُو عَقَارِبْ
والعَقَارِبُ : المِنَنُ ، على التَّشْبِيهِ . قال النَّابِغَة :
عَلَيَّ لِعَمْرٍ و نِعْمَةٌ بعدَ نِعْمَة
لوالِدِه لَيْسَت بِذَاتِ عَقَارِبِ
أَي هَنِيئة غير مَمْنُونَة .
وعَقْرَبَةُ الجُهَنِيُّ : صحابِيٌّ ، له حَدِيث عند بَنيه ، قُتِل يومَ أُحُد ، رواه ابنُ مَنْدَه ، كذا ذي المُعْجَمِ .
وعَقْرَبُ بْنُ أَبِي عَقْرَب ؛ اسمُ رَجُل من تُجَّار المَدِين 2 ة ، مَشْهُورٌ بالمَطْل ، يقال في المَثَل : ( هو أَمْطَلُ من عَقْرَب ) و ( أَتْجَرُ من عَقْرَب ) حَكى ذَلكَ الزُّبَيْرُ بن بَكَّار ، وذكَر أَنّه عَامَلَ الفَضْلَ بنَ عَبَّاس بن عُتْبَة بن أَبي لَهَب ، وكان العضْلُ أَشَدِّ الناس اقتِضَاءً ، وذكَر أَنَّه لَزم بَيْتَ عَقْرَب زَمَاناً فلم يُعْطه شيئاً ، فقال فِيهِ :
قد تَجِرَتْ في سُوقنَا عَقْرَبٌ
لا مَرْحَباً بالعَقْرَبِ التَّاجِرَهْ
كُلُّ عَدُوَ يُتَّقَى مُقْبِلاً
وعَقْرَبٌ يُخْشَى من الدَّابِرَهْ
إِن عادَتِ الْعَقَرْبُ عُدْنَا لهَا
وكَانَتِ النَّعْلُ لها حَاضِرَهْ
كُلُّ عَدُوّ كَيْدُه في اسْتِه
فغَيْرُ مَخْشِيَ ولا ضَائرَهْ
كذا في لِسَانِ العَرَبِ ، ومثله في مَجْمَع الأَمْثال للمَيْدَانِي وغَيْرِهِما .
قلت : وأَبُو عَقْرَب البَكْرِيّ وقيل الكِنَانِيّ اللَّيْثِيّ والدُ أبِي نَوْفَلٍ ، صَحَابِيٌّ اسمُه خَالِدُ بْنُ حُجَيْر ، وقيل عُوَيج بْنُ خُوَيْلِد ، واسْمُ أَبِي نَوْفَل مُعَاوِيَة ، كذا في المُعْجَم .
وعُقَيْرِبَاء مَمْدُوداً مُصَغِّراً : ناحِيَةٌ
____________________

(3/427)


بحِمْص . والعُقَيْرِبَانُ مُصَغَّراً هو درونج .
عكب : ( العَكَبُ مُحَرَّكةً : غِلَظٌ في اللَّحْيِ ) نقله الصَّاغَانِيّ ( والسَّفَةِ ) مِنَ الإِنسان . وقال ابن دُرَيْد : غَلِظُ الشَّفَتَيْن ( وتنهي أَصابع الرِّجْلِ ) بَعْضِها إِلَى بَعْض ( و ) من المَعْنَيَيْنِ الأَوَّلَيْنِ الامَةُ ( العَكْبَاءُ ) هي العِلْجَةُ ( الجَافِيَةُ الخَلْقِ ) من إمٍ عُكْبٍ .
( والعُكُوبُ ) بالضَّمِّ بدَلِيلِ ما يَأْتِي فِيمَا بَعْد : ( الازْدِحَامُ ) . وللإِبِل عُكُوبٌ أَي ازْدِحَامٌ . ( والوخقُوفَ ) أَي العُكُوف ولو فَسَّرَه به كان أَوْلَى . وعَكَبَت الطَّيْرُ تَعْكُب عُكُوباً : عَكَفَت . العُكُوبُ : عُكُوفُ الطَّيْرِ المُجْتَمِعَةِ . وعُكُوبُ الوِرْدِ ، وعُكُوبُ الجَمَاعَة . وعفَتِ الخيلُ عُكُوفاً وعَكَبَت عُكُوباً بمَعْنًى وَاحِد وطي عُكُوبٌ وعُكُوفٌ وأَنْشَدَ الليثُ لمُزَاحِمٍ العُقَيْليّ :
تَظَل نُسورٌ من شَمَامٍ عَلَيْهِمُ
عُكُوباً مع العِقْبانِ عِقْبانِ يَذْبُلِ
والبَاءُ لُغَةُ بَني خَفاجَةَ من بَنِي عُقَيْل .
( و ) العُكُوب : ( غَلَبَانُ القِدْرِ ) يُقَال : عَكَبَت القِدْرُ تَعْكُب عُكُوباً إِذَا ثَارَ عُكَابُهَا ، وهو بُخَارُها وشدَّةُ غَلَيَانِهَا ، وأَنْشَدَ :
كأَنَّ مُغِيرَاتِ الجُيُوشِ الْتَقَتْ بِهَا
إِذا اسْتَحْمَشَتْ غَلْياً وَفَاضَ عُكُوبُها
( و ) العُكُوب بالضم : ( جَمْعُ عَاكِب . و ) العَكُوبُ ( بالفَتْح : الغُبَارُ ) . قال بِشْرُ بنُ أَبِي خَازِم :
نَقَلْنَاهُمُ نَقْلَ الكِلَابِ جِرَاءَهَا
علَى كخِّ مَعْلُوب يَثُورُ عَكُوبُهَا
( كالعَكْبِ ) بفَتْح فَسُكُون ( والعْكَاب ) كغُرَاب ، وهما عن الصَّاغَانِيّ . ( والعَكُوب ) وهذا عن الهَجَرِيّ وأَنْشَدَ :
وإِنْ جَاءَ يوماً هاتِفٌ مُتَنحِّط ) ، فلِلْخَيْلِ عاكوبٌ من الضَّحْلِ سَانِدُ
( والعَكّوبُ مُشَدَّدَةً ) أَي كَتَنّورٍ ، وَهَذِه
____________________

(3/428)


عن الصَّاغَانِيّ ، كالعَاكِب قال :
جَاءَتْ مَعَ الرَّكْبِ لها ضَباظبُ
فغَشِيَ الذَّادَةَ مِنْهَا عَاكِبُ
( والعَاكِبُ ) من الإِبِل : الكَثيرَةُ و ( الجَمعُ الكَثِير ) .
( وَكَغُرابٍ : الدُّخَانُ ) وبُخَارُ القِدْرِ .
( و ) عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ : العَصْبُ والعَضْبُ بالصَّادِ والضَّاد و ( العَكْبُ بالفتح ) هُوَ ( الخَفِيفُ النَّشِيطُ ) في العَمَلِ . يقال : غلام عَكْبٌ وعَصْبٌ وعَضْبٌ ، عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ . ( و ) العَكْبُ : ( الشِّدَّةُ فِي السَّيْرِ ) ، هكذا في النُّسَخ التي بأَيْدِينا ، وفي أُخْرَى صَحِيحَة : في الشَّرِّ ، بالشِّين المُعْجَمَة . قال شيخُنا ؛ وكان شيخُنا ابْنُ الشَّاذِليّ يَميل إِلى الأُولَى . قلتُ : والصَّوَابُ الثَّانِيَة ؛ لأَنَّه قال في لسان العرب : والعَكْبُ : الشِّدَّة في الشَّرِّ ، والشَّيْطَنَةُ . ومنه قِيَ للمَارِد من الإِنْسِ والجِنِّ عِكَبٌّ ، كَمَا يَأْتِي ، هَذِه عِبَارَتُه صَرِيحَة فِيمَا صَوَّبْنَاه كما لا يَخْفَى ، ومِثْلُه عِبَارَة التَّكْمِلَة .
( و ) العِكَبُّ بالكَسْرِ ففتح فتَشْدِيد ( كهِجَفَ : القَصِيرُ الضَّخْم ) الجَافِي ، وكَذلِك الأَعْكبُ ( والمَارِدُ من الإِنْسِ والجنِّ ) وقد تَقَدَّمَ الإِشَارَةُ إِليه ( و ) العِكَبُّ : ( الَّذِي لأُمِّه زَوْجٌ ) ، عن ابْنِ دُرَيْد . قال : ولا أَدري ما صِحَّة ذلِك . والعِكَب : اسمُ شَاعِر . وقَال ابْنُ منْظُور : ووجدتُ في بَعْض نُسخ الصَّحَاحِ المقْرُوءَة على عِدَّة مَشَايخ حاشِيةٌ بخَطّ بَعْضِ المشَايِخِ : وعِكَبٌّ : اسمُ إِبْلِيسَ . قلت : وهو قَوْلُ ابنْ الأَعْرابِيّ ، نقله القَزَّازُ في جَامِعه وأَنْشَد :
رَأيتُكَ أَكذَب الثَّقَلَيْنِ رَأْياً
أَبَا عمْرٍ و وأَعْصَى مِنْ عِكَبِّ
فَلَيْتَ اللّهَ أَبْدَلَنِي بِزيْدٍ
ثلاثَة أَعْنُزٍ أَو جَرْوَ كَلْب
ومثله قال ابنُ القطاعِ في كِتَاب الأَوزانِ . وفي بعضِ أَمْثَالِ العَرَبِ : مَنْ يُطِعْ عِكَبًّا يُمْسِ مُنْكَبًّا ) قاله شيخنا .
____________________

(3/429)



( و ) عِكَبٌّ اللَّخْمِي : ( اسمُ سَجَّانِ ) أَي صَاحِب سجْنِ ( النُّعْمَان بْن المُنْذِر ) ملِكِ العربِ قال المُنَخَّل اليَشْكُرِيّ :
يُطَوِّفُ بِي عِكَبٌّ في مَعدَ
ويَطْعُنُ بالصُّمُلَّةِ في قَفَيَّا
( وَعَكَّبَتِ النَّارُ تَعْكِيباً ) : أَثَارَت العُكَابَ أَي ( دَخَّنَتْ . و ) يقال ( تَعَكَّبَتُه الهُمُومُ ) إِذا ( رَكِبَتْهُ ) .
( والاعْتِكابُ : إِثَارَةُ الغُبَارِ وثَورَانُه لَزِمٌ ) و ( مُتَعَدَ ) . يقال : اعْتَكَبَتِ الإِبلُ : اجتمَعَت في مَوْضِع ، فأَثارَت الغُبَارَ فِيهِ . قال :
إِني إِذَا بَلَّ النَفِيُّ غارِبِي
واعْتَكَبَتْ أَغْنَيْتُ عَنْكَ جَانِبِي
واعْتَكَبَ المكانُ : ثَارَ فِيهِ العَكُوبُ
( وعُكَابَةُ كدُخَانَة ) هكَذا بالخَاءِ المُعْجَمَة في النُّسْخَة ، وصوابه كَدُجَانة بالجِيمِ ، باسْمِ الصَّحَابِيّ المَعْرُوفِ ، وهو وَزْنٌ مَشْهُورٍ فَلا يُلْتَفَت لقَوْلِ شَيْخِنَا : إِنَّ الوَزْنَ به غَيْرُ سَديد لأَنَّه وزنٌ غَيْرُ مَشْهُور ولا مُتَدَاوَل . ( ابنُ صَعْب ) ابْنِ عَلِيِّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ : ( أَبو حَيَ مِنْ ) بَنِي ( بَكْرِ ) بْنِ وَائِل أَخي تَغْلب ابْنِ وَائِل ، وَوَلَذُ عُكَابَة قَيْسٌ وعِدادُهُم في بَنِي ذُهْل وثَعْلَبَة ، ويُقَال لَهُم الخضْر قال الأَعْشَى :
فما ضَرَّهَا إِذ خالَطَتْ في بُيُوتِهِم
بَنِي الخضْر ما كَانَ اختلافُ القَبَائِلِ
قاله شَيْخُنا ، وهو في كتاب الأَنساب لأَبِي عُبَيْد ، والبَلَاذُرِيّ ، والمَعَارِف لابْنِ قُتَيْبَة .
وبَقِيَ هنا :
ذِكْرُ العِكَابِ والعُكْبِ والأَعْكُبِ اسْمٌ لِجَمْع العَنْكَبُوت ، هنا ذَكَرَها ابْنُ مَنْظُور وغَيْرُه ، وسَيْأْتي في العَنْكَبُوتِ .
والأَعْكَب : الَّذي تَدَانَى بعضُ أَصابِع رِجْلَيْه من بَعْض مع تَرَاكُب ، ومنه تَعَكَّبَتْنِي الهُمُومُ ، الذِي ذَكَره المُصَنِّفُ .
والعَكُّوب كَتَنُّور : بقلَةٌ معروفة ؛ وهي شَوْكُ الجِمَالِ .

____________________

(3/430)


عكدب : ( عكدب : قال الأَزْهَرِيّ : يُقال لِبَيْتِ العَنْكَبُوتِ العُكْدُبَة . قلتُ : ورُوِي ذَلِكَ عن الفَرَّاء ، وقد أَهْمَلَه المُصَنِّفُ والصَّاغَانِيّ .
عكشب : ( عكشب : قال الأَزهريّ : عَكْبشَهُ وعَكْشَبَهُ : شَدَّهُ وَثَاقاً ، وسيَأْتِي في الشِّين ، نقَله عن الفَرَّاءِ ، وقد أَهمَلَه المُصَنِّفُ والصَّاغانِيّ ، وذكَرَه الأَزْهَرِيّ وابنُ القَطَّاعِ .
علب : ( العَلْبُ : الأَثَرُ والحَزُّ ) يقال : عَلَبَ الشيءَ يَعْلُبُه بالضَّمِّ عَلْباً وعُلُوباً : أَثَّر فِيهِ وَوَسَمَه أَو خَدَشَه .
والعَلْبُ : أَثَرُ الضَّرْبِ وغَيْرِهِ ، الجمع عُلُوبٌ . يقال ذلك في أَثر المِيسَمِ وغَيْرِه . قال ابنُ الرِّقاع يَصِفُ الرِّكابَ :
يَتْبَعْنَ ناجِيةً كأَنَّ بدَفِّها
من غَرْضِ نَسْعَتِهَا عُلُوبَ مَوَاسِمِ
وقال طَرَفَة :
أَنَّ عُلوبَ النِّسْعِ في دَأَيَاتِها
مَوَارِدُ من خَلْقاءَ في ظَهْر قَرْدَدِ
( كالتَّعْلِيبِ ) ، وقال الأَزْهَرِيّ : العَلْب : تأْثِيرٌ كأَثَرِ العِلابِ . قال : وقال شَمِر : أَقرأَنِي ابْنُ الأَعْرَابِيّ لطُفَيْلٍ الغَنَوِيّ :
نَهُوضٌ بأَشْنَاقِ الدِّيَاتِ وحَمْلِهَا
وثِقْلُ الَّذِي يَجْنِي بَمنْكِبِه لَعْبُ
قال ابنُ الأَعْرَابِيّ : أَراد به عَلْبٌ وَهُوَ الأَثَر . وقال أَبُو نَصْر : يَقُولُ : الأَمْرُ الذِي يَجْنِي عَلَيْه وهو بمَنْكِبه خَفِيف .
وفي حَدِيثِ ابْنِ عُمَر ( أَنَّه رَأَى رَجُلاً بأَنْفِه أَثَرُ السُّجاود فَقَال : لا تَعْلُب صُورَتَك ) ، يقول : لا تُؤَثِّر فِيهَا أَثَراً لشِدَّة اتَّكَائِك على أَنْفِك في السُّجُود .
( و ) العَلْبُ : ( المَكَانُ الغَلِيظُ ) الشَّدِيدُ من الأَرْضِ الذي لا يُنْبِتُ البَتَّةَ ( ويُكْسَر ) أَي في الأَخِيرِ ( و ) العَلْبُ : ( حَزْم مَقْبِضِ السَّيْف وَحْوِهِ ) كالسِّكّينِ والرُّمْح
____________________

(3/431)


( بعِلْبَاءِ البَعِيرِ ، أَي عَصَبِ عُنُقِه ) . عَلَبَهُ ( يَعْلُبُه ) بالضَّم ( ويَعْلِبُه ) بالكَسْر فهو مَعْلُوبٌ ، أَي حَزَمَ مَقْبِضَه به . وفي حَديث عُتْبَةَ ( كنتُ أَعمِدُ إِلَى البَضْعَة أَحْسِبُها سَنَاماً فإِذا هِي عِلْبَءُ عُنُق ) ( كالنَّعّليب ، و ) قد عَلَّبتُه فهو مُعَلَّب . قال امرؤُ القَيْسيِ :
فظَلَّ لثِيرَانِ الصَّرِيم غَمَاغِمٌ
يُدَعِّسُها بالسَّمْهَرِيِّ المُعَلَّبه
والعَلْبُ : ( لشَّيءُ الصُّلْبُ ) . يقال : لَحْمٌ عَلْبٌ أَي صُلْبٌ ( كالعَلِب ككَتِف ) ، قيقال : عَلِبَ اللَّحْمُ ، بالكَسْر عَلَباً : اشتد وغلُظَ ، وعَلَب أَيضاً بالفَتْح يعلُب : غَلُظ وصَلُب ولم يَكُن رَخْصاً ، قاله السّهَيْلِيّ .
( و ) العِلْبُ : ( بالكَسْر : الرَّجُلُ لا يُطمَعُ فِيمَا عنْدَه ) من كَلمَة أَو غَيرِهَا . ويقال : إِنَّه لعلْبُ شَرَ ، أَي قَوِيّ عليه ، كقَوْلِك : إِنَّه لَحِكُّ شَرٌّ . ( والمَكَانُ ) الغَليظُ من الأَرْض ( الَّذِي لو مُطِر دَهْراً لم يُنْبتْ خَضْرَاء ، ( ويُفْتَحُ ) ، وهو عبارة التهذيب . وكُلُّ مَوْضِع خَشِن صُلْب من الأَرْض فهو عِلْب . ولا يخفى أَن هذا المَعْنَى بعينه قد تقدم في أَوّل المادّةِ ، فهو تَكرار ولم يُنَبِّه عليه شيخُنا ( و ) العِلْبُ : ( مَنْبِتُ السِّدْرِ ج ) أَي جَمْعُه ( عُلُوبٌ ) ، بالضم قاله أبو زَيْد .
( و ) العَلَبُ : ( بالتّحْرِيكِ : الصَّلَابَةُ والشِّدَّة والجُسُوءُ ) . يقال : عَلِب النَبَاتُ عَلَباً فهو عَلِبٌ : جَسَأَ ، قاله السُّهَيْلِيّ . وفي الصِّحَاح : عَلِب ، بالكَسْر ، وعَلِبَ اللحْمُ بالفتح والكَسْر : اشتَدَّ وصَلُب . وعَلِبَت يَدُه ، بالكس : اشتَدَّ وصَلُب . وعَلِبَت يَه ، بالكسر : غَلُظَت . ( و ) العَلَبُ : ( تَغَيُّر رَائِحَةِ اللَّحْم بَعْدَ اشْتِدَادِه ، الاستِعْلَابه ) يقال : استعلَبَ اللحمُ والجِلْدُ ، إِذا اشتَدَّ وغَلُظَ ولم يكن هِشًّا مثل عَلِبَ . ( وفِعْلُ الكُلِّ كفَرِح ونَصَر ) ، على ما أَسلفنا بيانَه .
( و ) عَلِبَ البعيرُ بالكَسْر عباً وهو أَعْلَبُ وعَلِبٌ ، وهو ( دَاءٌ يأْخُذُه ) ( في العِلْباءَيْن ) ، بالكَسْر تَثْنِية عِلْبَاء فتَرِمُ منه الرَّقَبَةُ وتَنْحَنى . يقال : هما عِلْبَاوانِ يَمِيناً وشمالاً بينهما مَنْبِتُ
____________________

(3/432)


العُنُق ، وإِن شئت قلت : عِلباءان ، لأَنَّها همزة ملحقة ، شُبِّهَت بهَمْزَة التَّأْنيث الَّتِي في حَمْرَاءَ ، أَو بالأَصلية التي في كِسَاءٍ .
( و ) عَلِبَ السيفُ عَلَباً ، وَهُوَ ( تَثَلُّمُ حَدِّ السَّيْفِ ) .
( والعَلَابِيّ ، مُشَدَّدَةَ اليَاءِ ) التَّحْتِيَّة التي في آخِرِه ؛ لأَنَّهُمَا ياءان : إِحْداهُما يَاءُ مَفَاعِيل ، والثَّانِيَةُ المُبْدَلَة عن الهَمْزَة المَمْدُودَةِ الَّتِي في آخر مفرده قَاله شَيْخُنا .
قال القُتَيْبِيّ : بَلَغَني أَن العَلَابِيَّ : ( الرَّصَاصُ ) بالفَتْح ، قال : ولستُ منه على يَقِين . وقال الجَوْهَرِيّ : العَلَابِيُّ : الرَّصَاصُ أَو جِنْسٌ منْه . قال الأَزْهَرِيُّ : ما علمتُ أَحَداً قاله ولَيْسَ بِصَحِيح . وقال شَيْخُنا : وتَفْسيرُه بالرَّصَاصِ يَقْتَضِي أَنَّه مُفْرَدٌ على صيغَة الجَمع ، أَو جَمْعٌ لا وَاحدَ لَهُ كأَبَابِيل وعَبَابِيد .
قلتُ : وقد وَرَد في الحَديث : ( لقَدْ فَتَحَ الفُتُوحَ قَوْمٌ ما كَانَتْ حلْيَةُ سُيُوفِهِم الذَّهَبَ والفضَّةَ إِنَّمَا كَانَتْ حِلْيَتُهَا العَلَابِيَّ والآنُكَ ) . فلما عَطَف عليه الآنُكَ ظَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنّه الرّصاصُ . ( و ) الصَّحِيحُ الذِي لا مَحيصَ عنه أنَّه ( جَمْعُ عِلْبَاءِ البَعِيرِ ) ، بالكَسْرِ مَمْدُود ، وهو العَصَبُ . قال الأَز 2 هَرِيّ : الغَلِيظُ خَاصَّة . وقال ابْنُ سِيدَه : هو العَقَبُ . وقال اللِّحْيَانِيّ : العِلْبَاءُ مُذَكَّر لا غَيْر ، وهما عِلْبَاوَانِ . وقال ابْنُ الأَثِير : هو عَصَبٌ في العُنُق يَأْخُذُ إِلَى الكَاهِل ، وكَانَت العَرَبُ تَشُدُّ على أَجْفَانِ سُيُوفِها العَلَابِيَّ الرَّطْبَةَ فتَجِفُّ عليها ، وتَشُدُّ بِها الرِّماحَ إِذا تَصَدَّعَت فتَيْبَسُ وتَقْوَى عليه . ورُمْحٌ مُعَلَّبٌ ، إِذَا جُلِزَ ولُوِيَ بعَصَبِ العِلْبَاءِ .
( وَعلْبَى ) كسَلْقَى ، مُلْحَقٌ بدَحْرَجَ ( عَبْدَهُ ) إِذا ( ثَقَبَ عِلْباءَه ) وجَعَل فِيهِ خَيْطاً ( أَو قَطَعَها ، و ) عَلْبَى ( الرجلُ : ظَهَرَت عَلَابِيّه كِبَراً ) . وفي التَّهْذيب : انْحَطَّ عِلباؤُه قَالَ :
إِذَا المَرْءُ عَلْبَى ثُمَّ أَصْبَحَ جِلْدُه
كَرَحْضِ غَسيلٍ فالتَّيَمُّنُ أَرْوَحُ
____________________

(3/433)



التَّيَمّن : أَن يُوضَع على يَمِينِه في القَبْرِ .
ويقال : تَشَنَّجَ عِباءُ الرَّجُلِ ، إِذَا أَسَنّ .
( والعُلْبَةُ بالضَّمّ : النَّخْلَةُ الطَّوِيلَة ) نقله الصّاغَانيْ ( و ) العُلْبَةُ : ( قَدَحٌ ضَخْمٌ من جُلُودِ الإِبِل ) وقيل : مِحْلَبٌ من جِلْد ( أَو مِنْ خَشَبٍ ) كالقَدَح الضصَّخْم ( يُحْلَبُ فِيهَا ) ، وقيل إِنها كهَيْئَةِ القَصْعَةِ من جِلْد ، ولها طَوْقٌ من خَشَب ، وفي حَدِيثِ وفَاةِ النبيِّ صَلَّى اللّهُ عليه وسَلَّم ( وبَيْنَ يَدَيْه رَكْوَةٌ أَو عُلْبَةٌ فِيهَا مَاءً ) العُلْبَةُ : قدَحٌ من خَشَب ، وقيل : مِنْ جِلْد وخَشَبٍ يُحْلَبُ فيه . ومنه حَدِيثُ خَالِدِ : ( أَعْطَاهُم عُلْبَةَ الحَالِب ) أَي القَدَحَ الّذي يُحْلَبُ فِيه . وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : هي العُلْبَةُ والجَنْبَةُ والدَّسْمَاءُ والسَّمْرَاءُ ( ج عِلَابٌ وعُلَبٌ ) قال :
لم تَتَلَفَّع بِفَضْلِ مِئْزَرِهَا
دَعْدٌ ولم تُسْقَ دَعْدُ بالعُلَبِ
وقيل : العِلَابُ : جِفَانٌ تُحْلَبُ فِيهَا النَّاقَة . قال :
صاح يا صَاحِ هل سَمِعْتَ بِرَاع
رَدَّ في الضَّرْعِ ما قَرَى في العِلابِ
ويروى : في الحِلَابِ .
والمُعلِّب : الذي يَتَّخِذُ العُلْبَةَ . قال الكُمَيْتُ يَصِفُ خَيْلاً :
سَقَتْنَا دماءَ القَوْمِ طَوْراً وتَارَةً
صَبُوحاً له اقتارُ الجُلُودِ المُعَلَّبِ
قال الأَزْهَرِيُّ : العُلْبَةُ : جِلْدة تُؤْخَذ من جَنْب جِلْد البَعِير إِذا سُلِخ وهو فَطِير فتُسَوَّى مستديرةً ، ثم تملأُ رَمْلاً سَهْلاً ، ثم تُضَمُّ أَطرافُها وتُخَلُّ بِخِلال ويُوكَى عَلَيْهَا مَقْبُوضةً بحبل ، وتُتْرَكُ حَتَّى تَجِفّ وتيْبَسَ ، ثم يُقْطَعُ رَأْسُهَا وقد قامت قَائِمَةً لجَفَافِهَا تُشْبِه قَصْعَةً مُدَوَّرة كأَنَّها نُحِتَت نَحْتاً أَو خُرِطَت خَرْطاً ويُعَلِّقها الرَّاعِي والرَّاكبُ ، فيَحْلُبُ فِيهَا وَيَشْرَبُ بها . وللبَدَوِيّ فيها
____________________

(3/434)


رِفْقُ خِفَّتِها وأَنَّها لا تَنْكَسر إِذَا حَرَّكَها البَعِيرُ أَو طَاحَت إِلَى الأَرْضِ .
( وعُلْبَةُ بْنُ زَيْد ) بْنِ صعيْفِيَ الأَنْصَارِيُّ الأَوسِيُّ ، وقيل : الحَارِثيّ ، أَحَدُ البَكَّائِينَ ، ( ومُحَمَّدُ بْنُ عُلْبَةَ ) القُرَشِيّ ، عِدَادُه في المِصْرِيِّين ، له ذِكْر في حَدِيث لُهَيْبٍ ( صَحَابِيَّان ) ، وَزَكَرِيَّا بْنُ عَلِي العُلْبِيّ مُحَدِّث .
( و ) قال ابنُ الأَعْرَبِيّ : العِلَبُ جمع عِلْبَة ( بالكَسْر ) وَهيَ ( أبنَةٌ ) ، بالضَّمِّ ، هي العُقْدَةُ تَكُون ( غَلِيظَة من الشَّجَرِ تُتَّخَذُ مِنْهَا ) ، وفي قول آخر : غُصْنٌ عَظِيم تُتَّخَذُ منه ( المِقْطرَة ) ، كمِكْنَسَة ، وهي خَشَبَةٌ فيها خُروقٌ على قَدْرِ سَعَةِ رِجْلِ المَحْبُوسين . قال :
في رِجْلِه عِلبَةٌ خَشْناءُ من قَرَظٍ
قد تَيَّمَتْه فبَالُ المَرْءِ مَتْبُولُ
( اعْلَنْبَى الدِّيكُ أَو الكَلْبُ ) والهِرُّ وغَيْرُهَا إِذَا ( تَهَيَّأَ للِشَّرِّ ) والقِتَالِ ، وقد يُهْمَز ، وقيل : إِذَا تَنَفَّشَ شَعَرُه ، وأَصلُه من علْبَاءِ العُنُق ، وهو مُلْحَق بافْعَنْلَلَ ، بياء .
( وعُلْيَبٌ بالضَّمِّ و ) عِلْيَبٌ بالكَسْر ( كحِذْيَم ) عن ابْنِ دُرَيْدِ : اسم ( وَادٍ ) مَعْرُوف على طَرِيقِ اليَمَنِ ، وقيل : مَوْضع والضَّمُّ أَعْلَى ، وهو الذي حَكَاه سيبَوَيْه . ( وَ ) حكى بَعْضُهم عن أبي الحُسَيْن بن زنجيَ النَّحْوِيّ البَصْرِيّ أَنه قَالَ : ( لَيْسَ ) في كَلَامهم كَلِمَةٌ ( عَلَى ) وزن ( فُعْيَل ) بضَمِّ الفَاءِ وتَسْكِين العَيْن وفَتْحِ اليَاءِ ( غَيْرُه ) وتَصَحَّفَ على بَعْضِهِم فَقَال : إِلَّا أَغْيَب وهو خَطَأٌ . قال سَاعِدَة :
والأَثْلُ من سَعْيَا وحَلْيَةَ مُنْزَلٌ
والدَّوْمُ جَاءَ به الشُّجُونُ فَعُلْيَبُ
وقال أَبو دَهْبَل :
ومَا ذَرَّ قَرْنُ الشَّمْسِ حتى تَبَيَّنَتْ
بِعُلْيَبَ نخْلاً مُشرِفاً ومُخَيَّمَا
____________________

(3/435)



كذا في مُعْجَم يَاقُوت ، واشتَقَّه ابنُ جِنّى من العَلْب الَّذِي هو الأَثَر والحَزُّ ، وقال : أَلا تَرَى أَنَّ الوَاديَ له أَثَرٌ . ونقل شيخُنا عن أَبِي حَيَّان : قال الجَرْمِيّ : عُنْيَب ، بالنُّونِ ، ولا يَكُون فُعيل إِلَّا اسْماً وَسَيَأْتِي في ع ن ب .
( والعُلْيُبُ كقُنْفُذٍ : ع ) نقله أَبُو عَمْرو وفي يَاقُوتَةِ القُطْرُبِ .
( و ) العَلِبُ ( كَكَتِفٍ : الوَعِلُ ) المُسِنُّ الجَاسِيءُ . وتيسٌ عَلِبٌ ، ووعِلٌ عَلِبٌ أَي ( الضَّخْم ) المُسِنُّ ، لشِدَّتِه . ورجُلٌ عَلِبٌ : جافِ غَلِيظٌ ، ( ويُضَمُّ ) .
( و ) عَلِبَ النبَاتُ عَلَباً فهو عَلِبٌ : جَسَأَ . وفي الصَّحَاح : عَلِبَ بالكَسْر ، واسْتَعْلَبَ اللحمُ والجِلْدُ : اشتَدَّ وغَلُظَ . واسْتَعْلَبَ البَقْلَ : وجَدَه عَلِباً . و ( استَعْلَبَت المعاشِيَةُ البَقْلَ ) إِذا ( أَجِمَتْهُ واستَغْلَظَتْ ، و ) ذَلِكَ إِذا ذَوَى . وقال شَمرُ : هؤلاءُ ( عُلْبُوبَةُ القَوْم ) أَي ( خِيَارُهُم ) .
( والإِعْلنْبَاءُ : أَن يُشْرِفَ الرجُلُ ويُشْخِصَ نَفْسَه ، كما يَفْعَلُ عِنْد الخُصُومَةِ ) والشَّتْم ( ومِنْه ) يُقَالُ : ( اعْلَنْبَى الدِّيكُ ) والهِرُّ ونَحْوُهُمَ ، وقد تقَدَّم في كَلامِ المُؤَلِّف ، فهو كالتّكرارِ فلو ذكَرَهُمَا في مَحَلَ واحِدٍ كَانَ أَحْسَن .
( و ) عَلِبَ السيفُ عَلَباً ، مُحَرَّكة : تَثَلَّم حَدُّه . و ( المَعْلُوبُ : سيف الحَارِث بْنِ ظَالِمٍ ) المُرِّيّ ، صفةٌ لازِمَة . فإِمَّا أَن يكونَ من العَلْب الَّذي هو الشَّدُّ وإِمَّا أَن يكون من التّثَلُّم ، كأَنه عُلِب . قال الكُمَيْتُ :
وسَيْفُ الحَارِث المَعْلُوبُ أَرْدَى
حُصَيْناً في الجَبَابِرَةِ الرَّدِينَا
ويقال : إِنَّمَا سمّاه معْلُوباً لِآثار كانت بمَتْنِه ، وقيل : لأَنه كانَ انْحَنَى مِن كَثْرةِ ما ضَرَب بِه ، وفيه يَقُولُ :
أَنَا أَبُو لَيْلَى وسَيْفِي المَعْلُوبْ
وقد تقدم في ش ذ ب .
( و ) المَعْلُوب : ( الطَّرِيقُ ) الَّذي يُعْلَب بِجَنْبَتَيْه ، ومثله ( اللَّاحِبُ )
____________________

(3/436)


والمَلْحُوبُ . وطريقٌ مَعْلُوبٌ : لَاحِبٌ ، وقيل : أَثَّر فِيهِ السَّابِلَةُ . قال بِشْر :
نَقَلْنَاهُمُ نَقْلَ الكِلَابِ جِرَاءَها
علَى كُلِّ مَعْلُوبٍ يَثُورُ عَكُوبُهَا
يقول : كُنْا مُقْتَدِرِين عَلَيْهم وَهُم لَنَا أَذِلَّاء كاقْتِدَارِ الكِلَابِ على جِرَائِهَا .
( وعِلْبَاءُ ، بالكَسْرِ ) ممدوداً : اسم ( رَجُل ) . قال امرؤُ القَيْس :
وأَفْلَتَهُنَّ عِلْبَاءٌ جَرِيضاً
ولو أَدْرَكْنَه صَفِرَ الوِطابُ
سُمِّيَ بعِلْبَاءِ العُنُق . قال شَيْخُنا : والمَشْهُورُ بِهَذَا الاسْمِ عِلْبَاءُ بْنُ الهَيْثَمِ السَّدوسِيّ ، انتهى . وأَنْشَدَ في التَّهْذِيب :
إِنْي لِمَنْ أَنْكَرنِي ابنُ اليعثْرِبِي
قَتلتُ عِلْبَاءَ وهِنْدَ الجَمَلِي
وابْناً لِصَوْحَانَ على دِينِ عَلِي
أَراد ابنَ اليَثْرِبِيِّ والجَمَلِيِّ وَعلِيّ فخَفَّفَ بحَذْفِ الياءِ الأَخِيرَةِ .
قلتُ : وفي الصَّحَابَة مَنِ اسمُه علباءُ ثلاثَةٌ : عِلْبَاءُ الأَسَدِيّ بْنُ أَصْمَع العَبْسِيّ وعِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ السُّلَميّ .
( و ) العِلَابُ ( كَكتَابٍ : وَسْمٌ في طُولِ العُنُقِ ) على العِلْبَاءِ . ( ونَاقَةٌ مُعَلَّبَةٌ ، كمُعَظَّمَة ، ومُعْلِبَة ، كمُحْسِنَة ) : وُسِمتْ به .
( وعِلْبِيَةُ كهِبْرِيَة : مُوَيْهَةٌ ) ، تَصْغيرُ مَاءَة ، ( الدّأّثِ ) كشَدَّاد ، بالمُهْمَلَة وآخره مُثَلَّثَة وهو في بِلَادِ أَسَدٍ بقربِ جَبلِ عَبْدة ( وعِلْبُ الكُرْمَة ، بالكَسْرِ ) أَي في أَوَّله وضَمّ الكَافِ وسُكُون الرَّاء ، وفي نُسْخَة ، اللومة ، باللام والواو ، وهو تَحْرِيف ، قاله شَيْخُنا : ( آخِرُ حَدِّ اليَمَامَةِ من جِهَة البَصْرَة ) ، أَي إِذا خرْجتَ منها تُرِيدُ البَصْرَةَ .
وممَّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
____________________

(3/437)



الأَعْلَابُ : أَرضٌ لِعَكّ بْنِ عَدْنان ، بين مَكَّةَ والسَّاحل ، لها ذِكْرٌ في حَدِيثِ الرِّدَّة ، كذا في معجم يَاقُوتٍ ، وسيأْتي لا ذكْر في الأَحَاديث إِنْ شَاءَ اللّهُ تَعَالَى .
والمُعَلْبَاةُ : الَّتِي ثُقِبَت بالمِدْرَى ( في ) عِلْبَاوَيْهَا .
وَعَلْبَيْتُ : قطعتُ عِلْبَاءَه .
ومما يستدرك عليه :
علنب : ( علنب ) . في التَّهْذِيبِ في الخ 2 اسِيّ : اعلنْبَأَ بالحِمْلِ ، أَي نَهَضَ بِهِ .
علهب : ( العَلْهَبُ ) أَهمَله الجَوْهَرِيّ ، وقال ابنُ شُمَيْل : هو ( التَّيْسُ ) من الظِّبَاء ( الطَّوِيلُ القَرْنَيْن ) . قال :
وعَلُهَباً من التُّيُوس عَلَّا
عَلًّا أَي عَظيماً .
( و ) قد يُوصَفُ به ( الثَّوْرُ الوَحْشِيّ ) وأَنْشَدَ الأَزْهَريُّ :
مُوَشًّى أَكَارعُه عَلْهَبَا
والجمعُ علاهِبَةٌ ، زادوا الهاءَ ، على حَدِّ القَشَاعِمَة ، قال :
إِذَا قَعِسَتْ ظُهورُ بَنَاتِ تَيْمٍ
تَكَشَّفُ عن عَلاهِبةِ الوعُولِ
يقُول : بُطُونُهُنَّ مثلُ قُرُونِ الوُعُول .
( و ) العَلْهَبُ : ( الرَّجُلُ الطَّوِيلُ ) وقِيلَ : هو المُسِنُّ من النَّاسِ والظِّبَاءِ ، ( وَهِيَ بِهَاءٍ ) ، أَي عَلْهَبَةٌ .
عنب : ( العِنَبُ ) هو ثَمَرُ الكَرْمِ : ( م كالعِنَبَاءِ ) يالمَدِّ ، نُقِل عن الفِهْريّ في شَرْحِ الفَصِيح . يقال : هَذَا عِنَب وَعِنَباء بالمَدِّ وأَنشد الفَرَّاء :
كأَنَّهَا من شَجَر البَسَاتِينْ
العِنَبَاءُ المُتَنَقَّى وَالتِّينْ
قاله شيخُنا . قلتُ : والأَبْيَاتُ قي التَّهْذِيب ، ولسانِ العَرَب :
تُطْعِمْه أَحياناً وحِيناً تَسْقِينْ
كأَنَّها من ثَمَر البَسَاتِينْ
____________________

(3/438)



لا عَيْبَ إِلَّا أَنَّهُن يُلْهِينْ
عن لَذَّة الدُّنْيا وعن بَعْضِ الدِّين
العِنَبَاءَ المْتَنَقَّى والتِّينْ
ولا نَظِيرَ له إِلا لسِّيَرَاءُ ، وهو ضَرْبٌ من البُرُودِ ، وهذا قولُ كُرَاع . وعَنِ الخَليلِ والحِوَلَاءُ ، وأَنَّها لا رَابِعَ لها ، كما صَرَّحَ به المُصَنِّف في حَولَ غير مَعْزُوَ ، ونقله مُحَمَّدُ بنُ أَبَن وغيرُه ، قال شيخُنا : وذكر ابنُ قُتَيْبَة سِيَراء وعِنَباء وحِوَلاء وخِيَلَاء وقال : لا خَامِسَ لَهَا ، فَزعاَ خِيَلاء ، بالخَاءِ المُعْجَمَة واليَاءِ التَّحْتِيَّة .
( وَاحِدُه عِنَبَة ) ، وهذا خِلَافُ قَاعِدَتِه التي شرَطها المُؤَلِّف في الخُطْبَة ، وهو قولُه : إِذا أَتْبَع المُؤَنَّثَ المُذَكَّرَ يقُول : وهِي بِهَاء . ( وَقَوْلُ الجَوْهَرِيّ ) الحَبَّةُ من العِنَب عِنَبَة و ( هو بِنَاءٌ نَادِرٌ ، لأَنَّ الأَغْلَبَ عَلَيْه ) أَي هذا البناء . ( الجَمْعُ كقِرَدَة ) وقِرْد ( وفِيَلَة ) وفِيلِ ، وثِوَرَة وثَوْر ( إِلَّا أَنَّه قد جَاءَ لِلْوَاحِدِ ، وهو قَلِيلٌ نحو ) العِنَبَة و ( التِّوَلَةِ ) يالتَّاء المُثَنَّاة الفَوْقِية ( والحِبَرَةِ ) بالحَاء المُهْمَلَة والمُوَحَّدَة ( والطِّيَبَةِ ) بالطَّاء المُهْمَلَة والمُوَحَّدَتَيْن ( والخِيَرَةِ ) بالمُعْجَمَة والتَّحْتِيّة ، قال : ( ولا أَعْرِفُ غيرَه ) وهذا القولُ ( قُصُورٌ مِنْه وقِلَّةُ اطِّلاع ) في لُغَة العَرَب . قال شيخُنَا : وقَوْلُ الجَوْهَرِيّ : لا أَعْرِفُ غيرَه ، يَعْنِي من الأَلْفَاظ الصَّحِيحة الوَارِدَة الَّتِي على شَرْطِه ، وحَسْبُك بِهِ ، فلا يُعْتَرضُ عَلَيْه بالأَلْفَاظِ الغَيْرِ الثَّابِتَةِ عِنْدَه .
( ومِنَ النَّادِرِ ) وفي نُسخَة ، ومن البَابِ ( الزِّمَخَة ) بالزّايِ والمِيم والخَاءِ المُعْجَمَة ( والمِنَنَةُ ) بالميم والنُونين ( والثِّوَمَةُ ) بالثاء المُثَلَّثَة ، وفي نسخة بالنُّون ، قال شيخنا : ولم يَذْكُرْهَا المُؤَلِّف في المَادَّتَيْن ( والحِدَأَةُ ) بالمُهْمَلَتَيْنِ ( و الظِّمَخَةُ ) بالمشالة المُعْجَمَة والميم والخَاء المُعْجَمَة ( والطِّبَحَةُ ) بالذَّالِ المُعجَمَة والمُوَحَّدَة والحَاءِ المُهْمَلَة ( والطِّيَرَةُ ) بالطَّاءِ
____________________

(3/439)


المُهْمة والتَّحْتيَّة ( والهِنَنَةُ ) بالهَاء والنُّونَيْن ( وغَيْرُ ذَلِكَ ) . قال شَيْخُنا : ظاهرُه أَنَّ هُنَاكَ أَلفَاظاً على هَذَا الوَزْن ولا تَكَادُ تُوجَد ، بل هذه الأَلْفاظ التي ذكرها لا تخلْو عن نَظَر وشُذُوذ وتَلْفِيقً يَعْرِفه أَربابُ الصِّنَاعَة . وقَال أَيضاً في شَرْح نَظْمِ الفَصِيح : إِنَّ مُرَادَ الجَوْهَرِيّ أَنّه لم يَأْت بِنَاءٌ مُسْتَقِلٌّ ليس فيه لغةٌ أُخرى عَدَا ما ذكر ، فلا يَرِد عليه ما فِيه لُغَةٌ أَو لُغَاتٌ من جُمْلَتِها هذا ، ثم قال : إِيرادُ هذِه الأَلْفَاظِ لا يتُخْرِجُ هذه الأَلْفَاظ ، كما أَومأَ إِليه بِقَوْلِه : ومن النَّادِرِ ، وقولُ المُصَنِّف : قصورٌ وقِلَّة اطّلَاعٍ ، يُوهِمُ أَنَّ الجَوْهرِيَّ لم يَطَّلع على ما أَوْرَدَه هُوَ في الأَلْفَاظ ، وليس كَذلِكَ ، بل هو عَارِفٌ بِهَا ، وقد أَورَدَ أَكثَرَها في صِحَاحه ، وما أَهْمَلَه دَاخلٌ فِيمَا لَمْ يَصِحّ ، إِمَّا لِعَدَم ثُبُوته عنده بالكُلِّيَّة ، لأَنَّ هَذه اللُّغَةَ لم تَثْبُت عِنْده فيه واللّهُ أَعْلَم .
( وقدْ عَنَّبَ الكَرْمُ تَعْنِيباً ) قال الجَوْهَرِيُّ : فإِن أَرَدْتَ جَمْعَه في أَدْنَى العدَدِ ، جمعْتَه بالتَّاءِ ، فقلت : عَنَبَات ، وفي الكَثير عنَبٌ وأَعنَابً . ( و ) العِنَبُ : ( الخَمْرُ ) ، حكاها أَبو حَنِيفَة ، وزعم أَنَهَّا لغَةٌ يَمَانِية كما أَنَّ الخمرَ العِنَبُ أَيضاً في بَعْضِ اللُّغَات . قال الراعي في العِنَب التي هيَ الخَمْرُ :
ونَازَعني بها إِخوَانُ صِدْقٍ
شِوَاءَ الطَّيْرِ والعنَبَ الحَقِينَا
ثم إِنَّ الموجُودَ في نُسْخَةِ شيخِنا التي شَرَحَ عَلَيْهَا ( والكَرْم ) بدَلَ ( الخَمْر ) وقال : أَي يُطْلَقُ العِنَبُ ويرادُ به الكَرْم أَي شَجَر الثَّمر المَعْرُوف بالعِنَب ، ولم أَجِدْه في نُسْخَة من النُّسَخِ الَّتي بأَيْدِينا .
( و ) العِنَبُ : ( اسم بَكْرَةٍ خَوَّارَةٍ ، ومنه يوْمُ العِنَبِ ) : من الأَيَّام المَشْهُورَة ( بين قُرَيْشٍ و ) بَيْنَ ( بَني عَامر ) بن لؤيّ ، وفيه يَقُولُ خِداشُ بْنُ زُهَيْر :
كَذَاكَ الزَّمَانُ وتَصْرِيفُه
وتِلْكَ فَوَارِسُ يَوْم الع 2 نَبْ
( وحِصْنُ عنَب : بِفَلَسْطِين ) الشامِ .
____________________

(3/440)



( والعِنَبَةُ ) بلَفْظِ الوَاحِد . ( بَثْرَةٌ تَخْرُجُ بالإِنْسَانِ ) تُعْدِي وقال الأَزْهَرِيّ : ) تَسْمَئِدُّ فتَرِمُ وَتَمْتَلِىء ( ماء ) وتِوجِعُ وتأْخُذُ الإِنْسَانَ في عَيْنِه وفي حَلْقِه يقال : في عَيْنِه عِنَبَة .
( و ) عِنَبَةُ : ( عَلَمٌ ) . وَعِنَبَةُ الأَكْبَرُ : جَدُّ قَبِيلَة من الأَشْرَافِ بني الحَسَن بالعِرَاقِ ونواحي الحلَّ .
( وبِئْرُ أَبِي عِنَبَة ) قد وَرَدَت في الحَدِيثِ ، وهي بِئر مَعْرُوفَة ( بالْمَدِينَة ) المنوَّرَة ، على سَاكِنِها أَفضلُ الصَّلاة والسَّلَام ، على مِيلٍ منها . عَرضَ رسول اللّهُ صلَّى اللّهُ عليه وسلَّم أَصحابَه عندَهَا لَمَّا سَارَ إِلَى بَدْر .
وأَبو عِنَبَة الخَوْلَنِيّ اختُلِف في صُحْبَته أَثبته بَكْر ( بن زُرْعة ) وقال : هُوَ عَبْدُ اللّهِ بْنِ عِنَبَة صَلَّى القِبْلَتَيْن ( مَعَ ) النبيِّ صَلَّى اللّهُ عليه وسَلَّم . والعُنَّابُ ، كرُمَّان : ثَمَرٌ ، م ) أَي معروفٌ . الواحِدة عُنَّابَةُ . ويقال له : السَّنْجَلَانُ بِلسانِ الفُرْس ( و ) ربما سُمِّيَ ( ثَمَرُ الأَرَاكِ ) عُنَّاباً ، عن ابْنِ دُرَيْد .
( و ) العُنَابُ ( كَغُرَابً ) : الرَّجُلُ ( العَظِيمِ الأَنْفِ ) قال :
وأَخْرَقَ مَهْبُوتِ التَّرَاقِي مُصَّعَّدِ الْ
بَلَاعِيم رِخْوِ المَنْكِبَيْنِ عُنَابه
( كالأَعْنَبِ ) ، وفُسِّر بالضَّخْم الأَنْفِ السَّمِج .
( و ) العُنَابُ : ( جَبَلٌ بِطَريق مَكَّةَ ) المُشَرَّفَةِ . قال المَرَّارُ بْنُ سعيد :
جَعَلْنَ يَمِينَهُن رِعَانَ حَبْس
وَأَعْرَضَ عَنْ شَمَائلِها العُنَابُ
( و ) العُنَابُ : ( وادٍ ) .
( و ) العُنَابُ : ( العَفَلُ ) ، مُحَرَّكَة ، ( أَو ) هُوَ مِنَ المَرْأَة : ( البِظْرُ ) قَالَ :
إِذَا دَفَعَتْ عنها الفَصِيلَ بِرِجْلِهَا
بَدَا من فُرُوجِ البُرْدَتَيْن عُنَابُهَا
وقيل هو ما يُقْطَع مِنَ البَظْرِ .
( و ) عُنَبُ : ( فَرَسُ مَالِك بْنِ نُوَيْرَةَ ) اليَرْبُوعِيّ ، وقيل : بالمُوَحَّدَتَيْن
____________________

(3/441)


وقد تقدم في ع ب ب .
( و ) قال الليث : العُنَابُ : ( الجَبَلُ ) ، وفي بَعْضِ دَوَاوِينِ اللُّغَةِ : الجُبَيْلُ ، مُصَغَّراً ، ( الصَّغِير ) الدقيقُ ( الأَسْوَد ) المُنْتَصِب ( و ) قال شَمِر في كتاب الجِبَال : العُنابُ : النَّبَكَةُ الطويلةُ في السَّمَاءِ الفَاردَة المُحَدَّدَةُ الرأْسِ ، يكون أَحمَر وأَسوَدَ وعلى كُلِّ لَونٍ يَكونُ ، والغَالِب عليها السُّمْرَة ، وهو ( الطَّوِيل ) في السماءِ لا يُنْبِتُ شَيْئاً ( المُسْتَدِيرُ ) وهو وَاحِدٌ ، ولو جَمَعْتَ قُلْتَ : العُنُبُ ( ضِدٌّ ) ، بين قَوْل اللَّيْث وقول شَمِر . ( وعُنْبَبٌ كجُنْدَبٍ وقُنْفُذ : ع ، أَو وَاد باليَمَنِ ) ثُلَاثِيُّ عند سِيبَوَيْه ، وحمَله ابْنُ جِنّي على أَنَّه فُنْعَل ، قال : لأَنَّه يَعُبُّ المَاءَ ، وقد ذكر في ( ع ب ب ) .
( و ) العُنْبَبُ ( من السَّيْلِ : مُقَدَّمُه ) وكذلك عُنْبَبُ القَوْم : مُقَدَّمُهم ، نقله الصَّاغَانِيّ ، والعُنْبَبُ : كَثْرَةُ المَاءِ . وأَنشد ابنُ الأَعْرَابِيّ :
فَصَبَّحَتُ والشَّمُس لم تَغَيَّب
عَيْناً بغَضْيَانَ ثَجُوجَ العُنْبَبِ
( والعَنَبانُ ، مُحَرَّكة : النَّشِيطُ الخَفِيفُ ) . يقال : ظَبْيٌ عَنَبَان قال :
كَمَا رأَيتَ العَنَبَانَ الأَشْعَبَا
يوماً إِذَا رِيعَ يُعَنِّي الط 2 بَا
الطَّلَبُ اسْمُ جَمْعِ طَالبٍ .
( و ) قيل العَنَبان : ( الثَّقيلُ مِنَ الظِّبَاء ) فَهُوَ ( ضدٌّ ، أَو ) هو ( المُسنُّ مِنّهَا ) ولا فِعْلَ لَهُمَا ، وقيل : هو تَيْسٌ الظِّباءِ وجمعه عِنْبَانٌ . قال شَيْخُنَا في آخِرِ المَادّة : وقولُه والعَنَبان مُحَرَّكة إِلى آخره مِثْلُه في الصَّحَاح وغَيْرِه ، وهو صَرِيح في أَنَّه صفَة ، وقد تَقَرَّرَ أَنَّ الصِّفَاتِ لا تُبْنَى على هذَا الوَزْن ، وإِنَّمَا هو من أَوْزَانِ المَصْدَر ، فَيَكُون هذَا مِنَ الشَّوَاذّ .
( والعُنَابَةُ ، بالضِّمِّ ) والتَّخْفِيفِ : ( ع ) ، وهي قَارَةٌ سوداءُ أَسْفَلَ من الرُّوَيْثَةِ ، بَيْنَ مَكَّةَ والمَدِينَة . قال كُثيرُ عَزَّةَ :
وقُلْتُ وقد جَعَلْن بِرَاقَ بَدْر
دَمِيناً والعُنَابَةَ عن شِمَالِ .
____________________

(3/442)



قلت : وقد جَاءَ ذكرُهَا في الحَدِيثِ ( كان يَسْكُنُها عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ ) وهو قَوْلُ مُسَاوِر الأَسدِيّ ، ويقَالُ : إنَّه بالتَّشْدِيدِ عند أَهْلِ الحَدِيث ، واللّهُ أَعلْمَ . ( و ) العُنَابة : اسم ( ماء ) في دِيَارِ بَنِي كِلَاب في مُسْتَوى الغَوط الرّمَّة ، بَيْنَها وبين فَيْدٍ سِتُّونَ مِيلاً على طريقٍ كانت تُسّلَك إِلَى المَدِينَة ، وقيل : بَيْنَ تُوز وسَمِيرَاءَ في ديار أَسَد .
( و ) المُعَنَّب ( كمُعَظَّم : الغَلِيظُ ) من القَطِرَان وأَنْشَدَ :
لو أَنَّ فيه الحَنْظَلَ المُقَشَّبَا
والقَطِرَانَ العَاتِقَ المُعَنَّبَا
( و ) الُعَنَّبُ : ( الطَّوِيلُ ) من الرِّجَال . ورجل عَانِبٌ ذو عِنَبٍ ، ما يَقُولُون : تَامِرٌ ولابِنٌ ، .
( والعَنابُ ) كشَدَّاد : ( بَائِعُ العِنَب ) كالتَّمَّارِ بَائِعُ التَّمْرِ .
( و ) عَنّابٌ اسْمٌ ، هو ( وَالِدُحُرَيْثٍ النَّبْهَانِيّ ) الطَّائِيّ الشَّاعِر المُكْثِر . ( و ) أَما ( قَوْلُ الجَوْهَرِيّ عَنّابُ بْنُ أَبِي حَارِثَةَ ) رَجُلٌ من طَيِّء ( غَلَطٌ ، والصَّوَابُ عَتَّابٌ بالمُثَنَّاة ) من ( فَوْق ) . قال شيخُنَا وقد وَافَقَ الجَوْهَرِيُّ فِيهِ جماعَةً ، وقَلَّدَه هُوَ أَيْضاً غيرُه ، وصَحَّحَ جماعَةٌ ما لِلْجَوْهريّ وقَالُوا : عَتَّابٌ بالفَوْقِيَّة غيره ، انتهى .
ومما يُسْتَدْرَكُ عليه :
في مَجْمَع الأَمْثَالِ للمَيْدَانِيّ ( لا تَجْنِي مِنَ الشَّوْكِ العِنَبَ ) وقَالُوا : صِبْغُ الكِيسِ عُنَّابِيٌّ ، إِذَا أَفْلَسَ . قال شيخُنا : قال الشِّهَاب : وهذا من كلام المُوَلدين ، وأَنشد لابْنِ الحَجَّاج :
مولاي أَصبحْتُ بِلا دِرْهَمً
وقد صَبَغْتُ الكِيسَ عُنّابِي
وفي المُعْجَمِ الصَّغيرِ للبَكْرِيّ : وعَيْنَبٌ ، كصَيْقَلٍ : أَرضٌ من الشِّحْرِ بَيْن عُمَان واليَمَن : وجَاءَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْه وسلَّم أَقَطْعَ مَعْقِلَ بْنَ سِنَانٍ المُزَنِيَّ ما بَيْن مَسْرَحِ غَنَمِه من
____________________

(3/443)


الصَّخْرَةَ إِلَى أَعْلَى عَيْنَبٍ ، ولا أَعْلَمُ في ديار مُزَيْنَة ولا الحِجَاز مَوْضِعاً ما لَه هَذَا الاسْم .
وعلِيّ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُحَمَّد المِصْرِيّ العَنّابِيّ ، وأَبُو زُرْعَة مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أَحْمَدَ الأَسْترابَاذيُّ العنّابيّ ، وأَبُو إِسحاقَ إِسْمَاعِيلُ بنُ عُمَر العِنبيّ : مُحَدِّثُون ، وأَبو مُحَمَّد بْنُ عَنَّاب ، كشَدَّاد . قال ابنُ نُقْطَة : كَان يَسْمَعُ منها بدمَشْقَ ، والعَنَّاب أَيضاً : لعقَبُ شَحمة بن نعم بن الأَخْنَس الطَّائِيّ النَّبْهَانِيّ ، وقال أَبو عُبَيْدَةَ : هُوَ بالضَّمِّ .
عندب : ( المُعَنْدِب ، بكَسْرِ الدَّال ) ، أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وقال أَبو عَدْنَان : هو ( الغَضْبَانُ ) ، قال : وأَنْشَدَتْني الكِلَابيَّة لِعَبْدِ يقال له وَفِيقٌ :
لَعَمْرُك إِنّي يومَ واجَهْتُ عِيرَها
مُعيناً لَرَجْلٌ ثَابِتُ الحِلْم كَامِلُهْ
وأَعْرَضْتُ إِعْرَاضاً جَمِيلاً مُعَنْدِباً
بعُنْقٍ كشُعْرُورٍ كَثِيرٍ مَوَاصِلُهْ
والشُّعْرُورُ : القِثَّاءُ .
عندلب : ( العَنْدَلِيبُ ) ، نقل شيخُنَا عن أَبِي حَيَّان في الارْتِشَاف أَنَّ وزنَه فَعْلَلِيل ، فنونه عنده أَصْلِيّة ، وهو ظَهِرُ كَلَامِ الجَوْهَرِيّ ؛ لأَنَّه نَقَل هنا كلامَ سِيبَوَيْه المَشْهُور : إِذا كانت النونُ ثانيةً فلا تُجْعَلُ زَائِدَةً إِلا بثَبَت . وزَعَم بعضُ الصَّرْفِيِّين أَنَّهَا زائدة ، وأَن وَزْنَه وأَن وَزْنَه فَنْعَلِيلٌ ، والصَّوَابُ الأَوَّل : ( طَائِرٌ ) ، وفي سِفْرِ السَّعَادَة : عُصْفورٌ صَغِيرٌ . ( يُقَالُ له : الهَزَارُ ) . داستا نفارسيَّتُه ، وقد يُقْتَصَر عَلَى الأَوّلِ ، ومعناه الأَلف ودستان هو القِصَّة والحِكَايَةُ ، ( يُصَوِّت أَلْوَاناً ) وأَنْوَاعاً ، ( ج : عَنَادِلُ ) ، وسيُذْكَر في ترجمة عَنْدَلَ إِن شاءَ اللّهُ تعالى ؛ لأَنه رُباعيّ عند الأَزْهَريّ .
عنزب : ( العُنْزُبُ بالضَّمِّ ) ، أَهمله الجَوْهَرِيُّ وصاحِبُ اللِّسَانِ ، وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ : هو ( السمَاقُ ولَيْسَ بتَصْحِيف عَبْرَبٍ ) بمُوَحِّدَتيْن ( ولا عُتْربٍ ) ، بالفوقية بعد العَيْن ، وقد تَقَدَّم ذِكْرُهما في مَحَلِّهما .

____________________

(3/444)


عنظب : ( عنظب ) . لكم يذكره المُؤَلِّفُ ، وقد تقدم عن سِيبَوَيْه أَنَّ النُّونَ إِذَا كانت ثَانِيَةً في الكلمة فلا تُجْعَلُ زَائِدَة إِلَّا بِثَبَت . وقال لليث : العُنْظُب : الجَرَادُ الذكر . وقال الأَصمَعِيّ : الذكَرُ من الجراد هو الحُنْظُبُ العُنْظُب . وقال الكسائِيّ : هو العُنْظُبُ والعُنْظَابُ والعُنْظُوبُ . وقال أَبو عمرو : هو العُنْظُبُ . فأَما الحُنْظُب فَذَكَرُ الخَنَافِس . وعن اللِّحْيَانِّي يقال : عُنْظُبٌ وعُنْظَابٌ وعِنْظَابٌ ، وهو الجراد الذَّكَرُ . وقيل : هو الجَرَادُ الأَصْفَر ، وقد تقدم في ( عظب ) وأَوْرَدْنَا هُنَاك ما يَتَعَلَّقُ به .
عنكب : ( العَنْكَبُوتُ ) : دُوَيْبّه تَنُسُجُ في الهاءِ وعلى رَأْس البِئر نَسْجاً رَفِيقاً مُهَلْهَلاً ، وهي ( م ) . قال شيخنا : قد سَبَق أَن سِيبَوَيْه قال : إِذا كانَت النُّونُ ثانِيةً فلا تُجْعَلُ زائِدَةً إِلَّا بثَبَتٍ ، وهَذَا الكَلام نقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ عنه في عَنْدَليب ، كما أَشَرْنَا إِليه ثَمَّة ، وذكر الجَوْهَرِيُّ العَنْكَبُوتَ في ( عَكَبَ ) فكَلَامُه كالصَّرِيح في أَصَالَتها كما قُلْنَا في عَنْدَلِيب قبله . وكَلامُ الجَوْهَرِيّ أَو صَرِيحُه أَنَّ النّونَ زَائِدَةٌ لأَنَّه لم يَجْعَل لهَا بِنَاءً خَاصًّا ، بل أَدخَلَها في ( عَكَبَ ) من غَير نَظَر ، والله أَعلم . وصَّح الشيخُ ابنُ هشَام في رِسَالَةِ الدَّلِيل بأَنَّ أَصالَةَ النُّون هو الصحِيح ، وهو مَذْهَبُ سيبوَيْه ، لجَمْعِه على عَنَكِب ، وأَطَال في بَسْطِه ، وعليه فوزْنه فَعْلِلُوت ، واللّهُ أَعْلَم . وأَما القوْلُ بزيَادَتها فيكون وزن فَنْعَلُوت ، انتهَى .
قلتُ : الَّذِي رُوِيَ عن سِيبَوَيْه أَنَّه ذَكَرَها في مَوْضِعَين ، فقال في موضع ، عَنَاكِبُ فَنَاعِلُ ، وقال في مَوْضِع آخر : فَعَالِلُ ، والنَّحْوِيُّون كُلُّهم يَقُولُون : عَنْكبوت فَعْلَلُوت ، فعَلَى القَوْل الأَوَّل تكونُ النُّونُ زائدة ، فيكون اشتِقَاقُهَا من العكَب ، وهو الغِلَظ ، حَقَّقَه الصاغَانيّ .
والعَنْكَبُوت مُؤَنَّثة ( وقد تُذَكَّرُ ) وعِبارة الأَزْهَرِيّ : ورُبَّمَا ذُكِّر في الشعر
____________________

(3/445)


قال أَبو النَّجْم :
مِمَّا يُسَدِّي العَنْكَبُوتُ إِذْ خَلَا
قال أَبُو حَاتِم : أَظُنُّه إِذْ خَلَا المَكَانُ والمَوْضِعُ . وأَما قَلُه :
كأَنَّ نَسْجَ العَنْكَبُوتِ المُرْمِلِ
فإِنَّما ذَكَّر لأَنَّه أَرَادَ النَّسجَ ، ولكنَّه جَرَّه على الجِوَارِ .
قال الفَرَّاءُ : العَنْكَبُوتُ أُنثَى ، وقد يُذَكِّرُهَا بَعْضُ العرب ، وأَنْشَدَ قَوْلَه :
على هَطَّالِهمْ مِنْهم بُيوتٌ
كأَنّ العَنْكَبُوتَ هو ابْتَنَاهَا
هَطَّال : جَبَلٌ .
قال : والتَّأْنِيثُ في العَنْكَبُوتِ هو الاكْثَر ( وَهِيَ العَكَنْبَاةُ ) في لُغَة اليَمَن ، أَي بتقديم الكَاف على النُّون قال :
كأَنَّما يَسْقُطُ من لُغَامِهَا
بَيْتُ عَكَنْباةٍ على زِمَامِهَا
( و ) يُقَالُ لها أَيْضاً : ( العَنْكَبَاةُ ) أَي بتَقْدِيمِ النُّونِ على الكاف . قال السَّخَاوِيُّ في سِفْر السَّادَة : العَنْكَبُوتُ والعَنْكَبَاةُ بمَعْنًى وَاحِد ( والعَنْكَبُوهُ ) بالهاء في آخره ( و ) حكى سيبويه ( العَنكَبَاءُ ) مُسْتَشْهِداً على زِيَادَة التّاء في عَنْكَبُوت فلا أَدْرِي أَهُو اسْمٌ للِوَاحِد أَم هُوَ اسم للجَمْع . قال الصّاغَانِيّ : وهاتان بِلُغَة أَهلِ اليَمَن
( وَ ) قال ابنُ الأَعْرَابِيّ : ( الذَّكَرُ ) منها ( عَنْكَبٌ وهي عَنْكَبَةٌ ) وقيل : العَنْكَبُ : جِنْسُ العَنْكَبُوت ، وهو يُذَكَّر ويُؤَنَّث أَعْنِي العَنكَبُوت . قال المُبَرِّد : العَنْكَبُوت أُنثَى ويُذَكَّر ، والعَنْزَرُوت أُنْثَى ويذكر ، والبَرْنَمُوتُ أُنثى ولا يُذَكَّر ، وَهُوَ الجَمَلُ الذَّلُولُ . وقَولُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّة :
مَقَتَّ نِسَاءً بالحِجَز صَوَالِحاً
وإِنا مَقَتْنَا كُلَّ سَوْدَاءَ عَنْكَبِ
قال السُّكَّرِيُّ : العَنْكَبُ هنا القَصِيرَةُ . وقال ابْنُ جِنِّي : يجوزُ أَن يَكُونَ العَنْكب هُنا هو العَنْكب الذي هو العَنْكَبُوتُ ، و هو الذي ذَكَر سِيبَوَيْه أَنَّه لُغَةً في عَنْكَبُوت ، وذَكَر معه أيْضاً
____________________

(3/446)


العَنْكَبَاء إِلّا أَنَّه وُصِفَ بِهِ وإِن كان اسماً لما كَانَ فيه مَعْنَى الصِّفَة من السَّوَادِ والقِصَر ، كذا في لِسَان العَرَب . ( ج عَنْكَبُوتَاتٌ وعَنَاكِبُ ) ، وعَنَاكِيبُ ، عن اللِّحْيَانِيّ ، وتَصْغيرُهَا عُنَيُكبٌ وعُنَيْكِيبٌ . قال شيخُنَا : وعن الأَصْمَعِيّ وقُطْرُب : عَنَاكبِيت . وهذا من الشّاذّ الذي لا يُعَوَّلُ عَلَيْه ؛ لاجْتِمَاع أَرْبَعَة أَحرُفٍ بعد أَلفه وكذلك قالا في تَصْغِيرِه عُنَيكبِيت ، وهذا من المَرْدُودِ الذي لا يُقْبَل .
( والعِكَابُ ) ككتَاب ( والعُكُبُ ) بضَمَّتَيْنِ ، ( والأَعْكُبُ ) كُلُّهَا ( أَسْمَاءُ الجُمُوعِ ) وليست بجَمْع ؛ لأَنَّ العَنْكَبُوت رُبَاعِيّ ذكرَه غَيْرُ وَاحِد في ( ع ك ب ) .
وفي لسان العرب : العَنْكَبُوتُ : دُودٌ يتولّد في الشُّهْد ، ويَفْسدُ ، عنه العَسَلُ ، عن أَبي حَنِيفَة .
وعن الأَزْهَرِيّ : يقال للتَّيْسِ : إِنه لمُعَنْكَبُ القَرْنِ ، وهو المُلْتَوِي القَرْن حَتَّى صار كَأَنَّه حَلْقَة . والمُشَعْنَبُ : المُسْتَقِيم . وعن الفَرَّاء في قَوْلِه تَعَالَى : { مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَآء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً } ( العنكبوت : 41 ) قال : ضربَ الله بيتَ العَنْكَبُوت مثلاً لمَنِ اتَّخَذَ من دُونِ الله وَلِيًّا أَنَّهُ لا يَنْفَعُ ولا يضُرُّه كما أَنَّ بَيْتَ العنكبوت لَا يَقِيهَا حَرًّا ولا بَرْداً .
ومما يستدرك عليه :
عَنْكَبٌ كجَعْفَرٍ : ماء بأَجَإٍ لبني فَرِير ابن عُنَيْنِ بن سَلَامانَ .
عهب : ( العَيْهَبُ ) من الرِّجَال ( الضَّعيفُ عن طَلَبِ وِتْرِهِ ) ، بكَسْر الوَاوِ ، وقد حُكي بالغَيْن المُعْجَمَة أَيضاً . ( و ) قيل : هو ( الثَّقِيلُ ) من الرِّجَال ( الوَخِمُ ) ككَتِف ، وقد ضُبِط في بَعْض النُّسَخ كَفلْس . قال الشُّوَيْعِرُ :
حَلَلْتُ بهِ وِتْرِي وأَدْرَكْتُ ثُؤْرَتِي
إِذا ما تَنَاسَى ذَحْلَهُ كُلُّ عَيْهَبِ
قال ابْن بَرِّيّ : الشوَيْعِرُ هَذَا هو مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرانَ بْنِ أَبِي حُمْرَان الجُعْفِيّ ، وهو أَحَدُ مَنْ سُمِّيَ في الجَاهِلِيَّة بمُحَمَّد ، وليس هو الشَّوَيْعِر الحَنَفيّ
____________________

(3/447)


والشُّوَيْعَر الحَنَفيّ اسمُه هَانِىء بن تَوحبَةَ الشَّيْبَانِيّ ( و ) قال ابنُ مَنْظُور : ورأَيْتُ في بَعْضِ نُسَخ الصّحاح المَوْثُوقِ بها : العَيْهَبُ : ( الكِسَاءُ الكَثيرُ الصُّوفِ ) يقال : كِسَاءٌ عَيْهَبُ .
( و ) يُقَال : أَتيتُه في رُبَّى الشَّبَاب وحِدْثَى الشَّبَابِ ، بالضَّمِّ في أَوَّلِهِما و ( عِهِبَّى الشَّبَابِ كالزِّمِكَّى ) ، بالقَصْر ( ويُمَدُّ ) أَي شَرُخه و ( أَوَّله ) وأَنْشَدَ :
عَهْدي بسَلْمَى وَهْي لم تَزَوَّجِ
على عِهِبَّى عَيْشِها المُخَرْفَجِ
( و ) العِهِبَّى ( مِنَ المُلْكِ ) بالقَصر والمَدِّ ، أَي ( زَمَنُه ) .
قال أَبو عَمْرٍ و : ( و ) يقال ( عَوْهَبَه ) وعَوْهَقَه ، إِذا ( ضَلَّله ، وهو العِيهَابُ بالكَسْرِ ) والعِيهَاقُ ، ( و ) عن أَبي زيد ( عَهِبَهُ ) أَي الشيءَ وغَهِبَه بالغَيْن المُعجَمَة ( كَسَمِهَه ) إِذا ( جَهِلَه ) وأَنشد :
وكائِنْ تَرَى من آمِل جَمْعَ هِمَّةٍ
تَقَضَّتْ لَيَالِيهِ ولم تُقْضَ أَنْحُبُهْ
لُمِ المَرْءَ إِن 2 اءَ الأَسَاءَةَ عَامِداً
ولا تُحْفِ لَوْماً إِنْ أَتَى الذَنبَ يَعْهَبُه
أَي يَجْهَلُه . قال الأَزْهَرِيّ ، والمَعْرُوفُ في هذَا الغَيْنُ .
عيب : ( *!العَيْبُ ) *!والعَيْبَةُ (*! والَعابُ : الوَصْمَةُ ) . قال سيبَوَيْه : أَمالُوا *!العَاب تَشْبِيهاً له بأَلِف رَمَى ؛ لأَنَّهَا مُنْقَلِبَة عن ياء ، وهو نَادِر (*! كالمَعَابِ *!والمَعِيب *!والمَعَابَةِ ) تقول : ما فِيه*! مَعابَةٌ *!ومَعَابٌ ، أَي عَيْبٌ ، ويقال : موضِعُ *!عَيْبٍ . قال الشاعر :
أَنَا الرَّجُلُ الَّذِي قد *!عِبْتُمُوهُ
وما فيه*! لعَيَّابٍ*! مَعَابُ
لأَنَّ المَفْعَلَ من ذَوات الثَّلَاثَة نحو كَالَ يَكِيل إِنْ أُرِيدَ بهِ الاسم مكْسُورٌ ، والمَصْدَر مَفْتُوح ، ولو فَتَحْتَهُمَا أَو كَسَرْتَهُمَا في الاسْم والمَصْدَر مَفْتُوح ، ولو فَتَحْتَهُمَا أَو كَسَرْتَهُمَا في الاسْم والمَصْدَر جَمِيعاً لَجَازَ ؛ لانَّ العرَبَ تقول : المَسَارُ والمَسِيرُ ، والمَعَاشُ والمَعِيشُ ، *!والمَعَابُ *!والمَعِيبُ .
____________________

(3/448)



وجَمعُ العَيْبِ *!أَعْيَابٌ *!وعُيُوبٌ ، الأَوَّل عن ثَعْلَب ، وأَنْشَد :
كَيْمَا أَعُدَّكُمُ لأَبْعَدَ مِنْكُمُ
ولقد يُجَاءُ إِلَى ذَوِي *!الأَعْيَابِ
ورواه ابنُ الأَعْرَابِيّ : إِلى ذَوِي الأَلْبَابِ .
( *!وعَاب ) الشَّيْءُ والحائطُ *!عَيْباً *!وعِبْتُه أَنَا وَ*!عَابَهُ *!عَيْباً *!وعَاباً ( لَازِمٌ ) و ( مُتَعَدّوهو*! مَعيبٌ *!ومَعْيُوبٌ ) الأَخِيرُ على الأَصْل . وقال أَبو الهَيْثَم في قَوْلِه تَعَالَى : { فَأَرَدتُّ أَنْ*! أعيبها } ( الكهف : 79 ) أَي أَجْعَلَهَا ذَاتَ *!عَيْب ، يَعْني السفِينَةَ قال : والمُجَاوِزُ واللَّازم فيه سواءٌ واحد .
( ورجُلٌ *!عُيَبَةٌ كهُمَزَة *!وَعَيَّابٌ ) كشَدَّاد ( *!وعَيَّابَةٌ ) كعَلَّامَة ، والهَاءُ للمُبَالَغَة : ( كَثيرُ العَيْبِ للِنَّاسِ ) .
قال :
اسْكُت ولا تَنْطقْ فأَنْتَ خَيَّابْ
كُلُّك ذُو عَيْبٍ وأَنْتَ عَيَّابْ
وقال :
وَصاحِب لي حَسَنِ الدِّعَابَهْ
ليس بِذي عَيْبٍ ولا عَيّابَه
( *!والعَيْبَةُ : زَبِيلٌ ) كأَمِير ( مِنْ أَدَم ) ، مُحَرَّكة يُنْقَل فيه الزرْعُ المحْصُودُ إِلى الجُرْن ، في لغة هَمْدَان . ( و ) العَيْبَةُ : ( مِن الرَّجُلِ ) هو ( مَوْضِعُ سِرّه ) ، على المَثَل . وفي الحديثِ ( الأَنْصَارُ عَيْبَتي وكَرِشِي ) أَي خَاصَّتِي ومَوْضِعُ سِرِّي .
( ج : *!عِيَبٌ ) كبَدْرة وبِدَر (*! وعِيَابٌ ) بالكَسْر (*! وعِيَباتٌ ) بكَسْر فَفَتْح .
( *!والعِيابُ : الصُّدُور والقُلوبُ ، كِنَايَةٌ ) أَي أَن العرب تَكْنِي عن الصُّدُورِ والقُلُوب التي تَحْتَوِي على الضَّمَائر المُخْفَاة بالعِياب ، وذلك أَنَّ الرجلَ إِنَّمَا يَضَعُ في عَيْبَته حُرَّ مَتَاعِه وثِيَابِه ، وَيَكْتُم في صدره أَخصَّ أَسرارِه التي لا يُحِبّ شُيوعَها ، فسُمِّيت الصدُورُ عِيَاباً تَشْبِيهاً *!بعِيَابِ الثِّيَاب . ومنه قولُ الشَّاعر :
وكادَتْ *!عِيابُ الوُدِّ مِنْا ومِنْكُمُ
وإِنْ قيلَ أَبنَاءُ العُمُومَةِ تَصْفَرُ
____________________

(3/449)



أَرادَ *!بِعِيَابِ الوُدِّ صُدُورَهَم . وفي الحَديث أَنَّه أَمْلَى في كِتَاب الصُّلْح بَيْنَه وَبَيْنَ كفّار أَهْلِ مَكَّة بالحُدَيْبيَة ( لا إَغْلَالَ ولا إِسْلالَ وَبَيْنَنَا وبَيْنَهُم *!عَيْبَةٌ مَكفُوفَة ) رُوِي عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ أَنَّه قال : معناه بَيْنَنَا وَبَيْنَهُم في هذا الصُّلْح صَدْرٌ معقودٌ على الوَفَاءِ بِمَا في الكِتَاب ، نَقِيٌّ من الغِلّ والغَدْر والخِدَاعِ ، والمَكْفُوفَةُ : المُشْرَجَةُ المَعْقُودَة . قال الأَزْهَرِيُّ : وقرأْتُ بخَطّ شَمِر : قال بَعْضُهُم : أَراد به : الشّرُّ بينَنَا مَكْفُوفٌ ، كما تُكَفُّ *!العَيْبَةُ إِذا شُرِّجَت . وقيل : أَرادَ أَن بَيْنَهُم مُوادَعَةً ومُكَافّةً عن الحَرْبِ يَجْرِيانِ مَجْرَى المودَّةِ التي تَكُونُ بين المُتَصافِين الذين يَثِق بَعضُهم إِلى بعض . ( و ) *!العِيَابُ : ( المِنْدَفُ ) ، بالكَسْر . قال الأَزْهَرِيّ : لَمْ أَسْمَعْه لغيرِ اللَّيْث .
( *!والعَائِبُ : الخَاثرُ مِنَ اللَّبَن . و ) مِنْه يُقَالُ : ( قد *!عَابَ السِّقَاءُ ) ، أَي إِذَا خَثُر مَا فِيه من اللَّبَن .
( *!وأُعْيَبٌ كَجُنْدَب : ع باليَمَنِ ) أَي على طَرِيقِه ( وهو فُعْيَلٌ ) وقد سبَقَ في كلَام المُصَنِّف في ( ع ل ب ) أَنَّه ليس في كَلَامِهم فُعْيَلٌ غير عُلْيَب ، ولو كَانَ أُعْيَبٌ فُعْيلاً لوجَبَ ذكرُه في الهَمْزة ، قاله شيخُنا ، وهو ظَاهرٌ ، لمَنْ تَأَمَّل . ( أَوْ أُفْعَلٌ ) وقد أُخرِجَ على أَصْله ، وهو وَزْن قَليلٌ جِداً .
ومما يُسْتَدْرَكُ عليه :
*!عَيَّبَه *!وتَعَيَّبَه ، إِذا نَسيَبَه إِلى العَيْب ، وجَعَلَه ذَا عَيْب . قال الأَعْشَى :
وليس مُجِبراً إِنْ أَتَى الحَيَّ خائِفٌ
ولا قائِلاً إِلَّا هُوَ *!المُتَعَيَّبَا
أَي ولا قائلاً القَوْلَ *!المَعيب إِلَّا هو . *!والمُعَيَّب كمُعَظَّم : *!المَعْيُوب ، وأَنْشَد ثَعْلَب :
قال الجَوَارِي ما ذهَبْتَ مَذْهَبا
وعِبْنَنِي ولَمْ أَكُن *!مُعَيَّبَا
وفي حديث عَائِشَة رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا في إِيلَاء النَّبِيِّ صلَّى الله علَيْه وسلَّم على نِسَائه قالت لعُمَرَ رَضي اللّهُ عنه لَمَّا لَامَهَا : ( مَالِي ولَكَ يا ابْنَ الخَطَّاب عَلَيْكَ*! بعَيْبَتِكَ ) أَي اشتَغِل بأَهْلِكَ ودَعْنِي .
*!وعَيْبَة كطَيْبَة : من مَنَازِل بَنِي سَعْدِ بْنِ زَيْد .

____________________

(3/450)


2 ( فصل الغين ) المعجمة ) 2
غبب : ( *!الغِبُّ بالكَسْرِ : عَاقِبَةُ الشَّيءِ ) أَي آخِرُه . *!وغَبَّ الأَمْرُ : صَارَ إِلَى آخِرِه ، وكذلك *!غَبَّت الأُمُورُ ، إِذَا صارت إِلى أَواخرِهَا ، وأَنْشَدَ :
*!غِبَّ الصَّباح يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرَى
( *!كالمَغَبَّة بالفَتْح ) : ويُقَال : إِنْ لهذا الأَمرِ *!مَغبَّةً طَيِّبَةً أَي عَاقِبَةً .
( و ) الغِبُّ : ( وِرْدُ يَوْمٍ وظِمْءُ ) ، بالكسر ، ( آخَر ) ، وقيل : هُو لِيَوْم ولَيْلَتَيْن ، وقيل : هو أَنْ تَرْعَى يوماً وتَردَ من الغَدِ . ومن كلامهم : لأَضْرِبَنَّكَ *!غِبَّ الحِمارِ وَظَاهِرَة الفَرَس ؛ فغِبُّ الحِمَار أَنْ يَرْعَى يَوْماً ويَشْرَب يوماً ، وظاهِرَةُ الفَرسِ أَن يَشْرب كُلّ يوم نِصْفَ النّهَار . ( و ) الغِبُّ ( في الزِّيَارَة : أَن تَكُونَ ) في ( كُلّ أُسْبُوع ) مَرَّة . قاله الحَسَن . قال أَبو عَمْرو : يقال : غَبَّ الرَّجلُ ، إِذا جَاءَ زائراً بَعْدَ أَيّامٍ . ومنه ( زُرْ *!غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا ) . قال ابنُ الأَثير : نُقِل الغِبُّ في أَوراد الإِبِل إِلَى الزِّيارَة ، قال : وإِن جَاءَ بَعْدَ أَيَّام . يقال : غَبَّ الرجلُ إِذَا جَاءَ زَائِراً بَعْدَ أَيَّام . ( و ) الغِبُّ ( من الحُمَّى : ما تَأْخُذُ يوماً وتَدَعُ يَوْماً ) ، هكَذَا في النُّسَخ ، وفي أُخْرَى وتدَعُ آخَرَ ، وهو مُشْتَقّ من غِبِّ الوِرْدِ لأَنَّهَا تأْخذ يَوْماً وتُرَفِّه يَوْماً ، وهي حُمَّى غِبٌّ على الصِّفَة للحُمَّى ( وقد*! أَغبَّتْهُ الحُمَّى *!وأَغَبَّتْ عَلَيْهِ *!وغَبَّتْ ) *!غِبًّا ، ورجل*! مُغِبٌّ ، رُوِي عن أَبي زَيْد على لَفْظِ الفَاعِل .
( و ) *!الغَبُّ ( بالفتح : مَصْدَر*! غبَّت المَاشِيَةُ *!تَغَبُّ ) بالكَسْر ( إِذا شَرِبَت غِبًّا ، *!كالغُبُوبِ ) بالضَّم ، وقد أَغَبَّهَا صَاحِبُها ، ( وإِبِل ) بَنِي فُلانٍ ( *!غَابَّةٌ *!وغَوابُّ ) وذَلِكَ إِذا شَرِبَت يَوْماً *!وغَبَّت يَوْماً ، قالَه الأَصْمَعيُّ .
( و ) قال ابنُ دُرَيْدٍ : *!الغُبُّ ( بالضَّم : الضَّارِبُ مِنَ البَحْرِ حَتَّى يُمْعِنَ ) في الأَرْض ، ونَصُّ ابْنِ دُرَيْد ( في البَرِّ ) ، قال : وهو مِنَ الأَسْمَاءِ التي لا تَصْرِيف لهَا ، وجَمْعُه ، *!غُبَّانً كما يَأْتي ، ( و ) *!الغُبُّ : ( الغَامِضُ مِنَ الأَرْض ) . قال :
____________________

(3/451)



كأَنَّها في الغُبِّ ذي الغِيطانِ
ذِئَابُ دَجْنٍ دَائِمُ التَّهْتَانِ
( ج : *!أَغْبَابٌ *!وغُبُوبٌ ) بالضَّم *!وغُبَّانً . ومن كلامهم : أَصابَنَا مطرٌ سَالَ منه الهُجَّان والغُبَّان . والهُجَّانُ مَذُكُورٌ في مَحلِّه .
(*! وأَغَبَّ ) الزَّائرُ ( القَوْمَ ) بالنَّصب مَفْعُولُ أَغبَّ أَي ( جَاءَهم يَوْماً وَتَرَك يَوْماً ، *!كَغبَّ عَنْهُم ) ، ثُلَاثيًّا ، وهما من الغَبّ بمَعْنَى الإِتْيانِ في اليَوْمَيْن ويَكُون أَكْثَرَ ، وأَغَبَّت الإِبلُ ، إِذَا لم تَأْتِ كُلَّ يَوْم بلَبَن . وفي الحَدِيث (*! أَغِبُّوا في عِيَادَ المَرِيضِ وأَرْبِعُوا ) ، يقول : عُدْ يَوْماً ودَعْ يَوْماً أَو دَعْ يَوْمَيْن وعُد اليَومَ الثَّالِث ، أَي لا تَعودُوه في كُلِّ يَوْم لمَا يَجِدُه من ثِقَل العُوَّاد . وقال الكِسَائِيُّ : *!أَغْبَبْتُ القَوْمَ *!وغَبَبْتُ عنْهُم من الغِبّ : جِئتُهم يوْماً وتَرَكْتِم يَوْماً فإِذا أَردْتَ الدَّفْعَ قلت : *!غَبَّبْتُ عنه ، بالتَّشْدِيد ، كما يأْتي . ( و ) في التَّهْذِيب : أَغَبَّ ( اللَّحْمُ ) إِذا ( أَنْتَنَ *!كغَبَّ ) ثُلَاثِيًّا . وفي حَدِيثِ الغِيبَة : ( فقَاءَتْ لَحْماً *!غَابًّا ) أَي مُنْتِناً .
وفي لِسَانِ العَرَبِ : يُقَال : غَبّ الطَّعَامُ والتَّمْرُ يَغِبُّ غَبًّا وغِبًّا *!وغُبُوباً *!وغُبُوبَةً فهو *!غَابٌّ : بات لَيْلَةً ، فَسَد أَو لم يَفْسُد ، وخَصَّ بَعْضُهم اللَّحْمَ . وقيل : غَبَّ الطَّعَامُ : تَغَيَّرتْ رَائِحَتُه ، ثم قال : ويُسَمَّى اللحْمُ البَائِتُ *!غَابًّا *!وغَبِيباً . وقال جَرِيرٌ يَهْجُو الأَخْطَل :
والتَّغلَبِيَّةُ حِينَ غَبَّ غَبِيبُهَا
تَهْوِي مشافِرُها بِشَرِّ مَشَافِرِ
أَراد بقوله : غَبَّ غَبِيبُهَا : ما أَنْتَنَ من لُحُومِ كمَيْتَتِها وخَنَازِيرِها .
ثم قَال : وغَبَّ فلانٌ عنْدَنَا غَبًّا ، وأَغَبَّ : بَاتَ . ومنه سُمِّيَ اللحمُ البَائِت غَابًّا . ومنه قَوْلُهم : رُوَيْدَ الشِّعْرِ*! يَغِبّ ، ولا يكُونُ يَغِبّ ، مَعْنَاه دَعْه يَمُكُثْ يوماً أَو يَوْمَيْن .
( *!والتَّغْبِيبُ ) في الحَاجَةِ ( تَرْكُ ) . وفي بَعْضِ الأُمَّهَات : عَدَمُ ( المُبَالَغَة ) فيهَا . ( و : أَخْذُ الذِّئْب
____________________

(3/452)


بحَلْقِ الشَّاةِ ) . يقال : *!غَبَّبَ الفرَسُ : دقَّ العُنُقَ . والتَّغْبِيبُ أَيضاً : أَن يَدَعها وبِهَا شَيْءٌ مِن حيَة ، كذا في لسان العرب . ( و ) التَّغْبِيب ( عَنِ القَوْمِ : الدَّفْعُ عَنْهُم ) قاله الكِسَائِيُّ وثَعْلَب ، وقد أَشرنا لَهُ آنِفاً .
(*! والمُغِبُّ ) ، على صِيغَة اسْمِ الفَاعِل : من أَسْمَاء ( الأَسَد ) ، نقله الصَّاغَانِيّ .
( *!والغَبْغَبُ ) كجَعْفَر : ( صَنَمٌ ) كان يُذْبَح علَيْهِ في الجَاهِلِيَّة ، وقيل : هو حَجَرٌ يُنْصَب بين يَدَي الصَّنَمِ كان لِمنَافٍ مُسْتَقْبلَ رُكْنِ الحَجَر الأَسْوَد وكَانَا اثْنَيْن . قال ابْنُ دُرَيْد ، وقال قَوْمٌ : هو العَبْعَبُ ، بالمُهْملَة ، وقد تَقَدَّم ذِكْرُه . وفي التَّهْذِيب : قال أَبُو طَالِبٍ في قوْلِهِم : ( رُبَّ رَمْيَةٍ من غيْر رَامٍ ) أَوَّلُ منْ قاله الحَكمُ بْنُ عبد يَغُوثَ ، وكان أَرْمَى أَهْل زمَانِه ، فآلى لَيَذْبَحَنَّ على الغَبْغَبِ مَهاةً فحَمَل فوسَه وكِنانَتَه فلم يَصْنَع شَيْئاً ، فقال : لأَذْبَحَنَّ نَفْسِي ، فقال له أَخُوهُ : اذْبَحْ مَكَانَها عَشْراً من الإِبِل ، ولا تَقْتُلْ نَفس . فقال : لا أَظْلِم عَاتِرَةً ، وأَتْرُكُ النَّافِرَةَ ، ثم خَرج ابنُ . مَعَه فَرَمَى بَقَرَةً فَأَصَابَهَا فقال أَبُوهُ ( رُبَّ رَمْيَةٍ منْ غَيْر رَام ) .
( و ) *!غَبْغَبَ ، إِذَا خَانَ في شِرَائِه وبَيْعِه . قاله أَبُو عَمْرو . وعن الأَصْمَعِيّ : *!الغَبْغَبُ : هو ( اللَّحْمُ المُتَدلِّي تَحْتَ الحَنَك ، *!كالغَبَب ) مُحَرَّكة . وقال الليثُ : الغَبَبُ للبَقَر والشَّاءِ : ما تَدَلَّى عند النَّصِيل تَحْتَ حَنَكها . والغَبَغَبُ للدِّيكِ والثَّوْر . *!والغَبَبُ *!والغَبْغَبُ : ما تَغَضَّنَ من جِلْدِ مَنْبِت العُثْنُونِ الأَسْفَل . وخَصَّ بعضُهُم بِهِ الدِّيَكَة والشَّاءَ والبَقَر . واسْتعارَةُ العَجَّاج في الفَحْل فقال يَعْنِي شِقْشِقَةَ البَعِيرِ :
بِذَاتِ أَثْنَا تَمَسُّ *!الغَبْغَبَا
واستعارَه آخر للحِرْبَاء فقال :
____________________

(3/453)



إِذَا جَعَلَ الحِرْبَاءُ يَبْيَضُّ رأْسُه
وتَخْضَرُّ من شَمْسِ النَّهارِ*! غَبَاغِبُهْ
وعن الفَرَّاء : يُقال : *!غببٌ *!وغَبْغَبٌ وعن الكِسَائِيّ : عجُوز *!غَبْغَبُها شِبْر ، وهو الغَبَبُ . والنَّصِيلُ : مفْصِل ما بَيْن العُنُقِ والرَّأْسِ من تَحْتِ اللَّحْيَيْنِ .
( و ) قِيل : الغَبْغَبُ ؛ المَنْحَر ، وهو ( جُبَيْلٌ بمِنًى ) فخَصَّص . قال الشَّاعِر :
والرَّاقِصَاتِ إِلى مِنًى *!فالغَبْغَبِ
وقيلَ : هو المَوْضِع الّذِي كَانَ فِيهِ اللَّاتُ بالطَّائِف ، أَو كَانُوا ينْحَرُون للّات فيه بها ، وقيل : كُلُّ مَنْحَر بمِنًى غَبْغَبٌ .
( وأَبُو *!غَبَابٍ ) بالفَتْح ( كَسحابٍ ) : كُنْيَة ( جِرانِ ) بالكَسْر ( العَوْدِ ) بالفَتْح ، هو لَقَبُ شَاعِرٍ إِسْلَامِيّ . ( و ) *!غُبَابٌ ( كَغُرابٍ ) : لَقَبُ ( ثَعْلَبة بنِ الحارِث ) بْنِ تَيْم اللّهِ بْنِ ثَعْلَبَة بْن عُكَابَة ، سُمِّيَ بِذَلِك لأَنَّه قال في حَرْب كَلْب :
أَغْدُو إِلَى الحَرْبِ بقَلْبِ امْرِىءٍ
يضْرِبُ ضَرْباً غَيْرَ تَغْبِيبِ
( و )*! غُبَيْب ( كَزُبَيْر : ع بالمدينَة ) المُنَوَّرة ، على ساكِنها أَفضلُ الصَّلَاة والسَّلام . ( ونَاحِيَةٌ ) مُتْسعَةٌ ( باليمَامة ) نقله الصاغانيّ .
( *!والغُبَّةُ بالضم : البُلْغَةُ منَ العيْش ) كالغُفَّة ، نَقَله الصَّاغَانيّ .
( وبِلَا لَام فَرْخُ عُقَابٍ كان لِبَنِي يَشْكُرَ ) وله حَديث .
( و ) *!الغَبِيبَةُ ( كالحبِيبَة ) عن ابْن الأَعْرَابِيّ : هو من أَلْبانِ الإِبل مثل المُرَوَّبِ ، ويقال للرَّائِبِ من اللَّبَن : غَبِيبَة . وقال الجَوْهَرِيّ : هُو مِنْ أَلْبانِ الإِبِل ( لَبَنُ الغُدْوَةِ ) أَي يُحْلَبُ غُدْوَةً ثم ( يُحْلَبُ عَلَيْه مِنَ اللَّيْلِ ، ثم يُمْخَضُ ) من الغَدِ .
____________________

(3/454)



(*! وغَبَّ ) فلانٌ ( عِنْدَنَا : بَاتَ ،*! كأَغَبَّ ) قيل . ومنه سُمِّي اللَّحمُ البائِتُ *!الغَابَّ . ( ومِنْهُ ) على ما قَاله المَيْدَانيّ والزَّمَخْشَرِيّ ( قَوْلُهُم : رُوَيْدَ الشِّعْرِ*! يَغِبَّ ) بالنَّصْب أَي دعْهَ حَتَّى تَأْتِيَ عَلَيْه أَيَّامٌ فتَنْظُرَ كيف خاتمَتْه أَيُحْمَدُ أَم يُذَمّ ، وقِيل غيرُ ذَلِك . انظُرْه في مَجْمَع الأَمْثَال .
( *!والمُغَبَّبَةُ كمُعَظَّمَة : الشَّاةُ تُحْلَبُ يوماً وتُتْرَكُ يَوْماً ) ، عن ابن الأَعْرَابيّ . ( و ) يقال : ( مِياهٌ *!أَغْبَابٌ ) إِذا كانَت ( بَعِيدَة ) قال ابْنُ هَرْمَةَ :
يَقُولُ لا تُسْرِفُوا في أَمْرِ رَبِّكُمُ
إِنَّ المِيَاهَ بجَهْدِ الرَّكْبِ أَغْبَابُ
هؤلاءِ قَوْمٌ سَفْر ومعَهُم من الماء ما يَعْجِز عن رِيِّهم ، فلم يَتَرَاضَوا إِلَّا بِتَرْك السَّرَف في المَاء .
( و ) في حديث الزُّهْرِيّ ( لا تُقْبَلُ شَهَادَةُ ذِي *!تَغِبَّة ) . (*! التَّغِبَّةُ : شَهَادَة الزُّورِ ) قال ابْنُ الأَثِير : هكذا جَاءَ في رِوَايَة وهي تَفعِلَة مِن*! غَبَّبَ الذِّئْبُ في الغَنَم إِذَا عَاثَ فِيهَا أَو من غَبَّب مُبالَغَة في غَبَّ الشْيءُ إِذا فَسَد .
( و ) ما*! يُغِبُّهم لُطْفِي ، أَي ما يَتَأَخَّر عَنْهُم يوماً ، بل يَأْتِيهِم كُلَّ يَوْم ، قال :
على مُعْتَفِيه ما *!تُغِبُّ فَواضلُه
وفلانٌ لا *!يُغِبُّنَا عَطَاؤُه أَي ) لا يَأتِينَا يَوماً دُونَ يوْم ، بل ( يأْتِينَا كُلَّ يَوْم ) .
ومِمَّا يُسْتَدْرَكُ به على المُؤَلِّف :
قال ثَعْلَب : غَبَّ الشيءُ في نَفْسه يَغِبّ غَبًّا *!-وأَغَبَّنِي : وقَع بِي . وفي حدِيث هِشَام ( كَتَبَ إِلَيْه *!يُغَبَّبُ عن هَلَاكِ المُسْلِمِين ) ، أَي لم يُخْبِر بكَثْرة مَنْ هَلَكَ منهم . وفيه اسْتعارَةٌ ، كأَنَّه قَصَّر في الإِعْلام بكُنْهِ الأَمْرِ .
*!والغَبِيبُ كَأَمِير : المسِيلُ الصَّغير الضَّيِّق مِن مَتْنِ الجَبل ومَتْن الأَرْض ، وقِيلَ : في مُسْتَوَاها . وغَبَّ بمَعْنَى بعُدَ قَال :
غِبَّ الصَّباح يَحْمَدُ القَومُ السُّرَى
____________________

(3/455)



ومنه قولُهُم : غَبَّ الأَذَانُ ، وغَبَّ لسَّلام . وفي الأَسَاس : نجْمٌ *!غَابٌّ أَي ثَابِت *!وأَغبَّت الحَلُوبَةُ : دَرَّت غِبًّا . وتَقُولُ : الحُبُّ يَزِيدُ مع *!الإِغْبَابِ ويَنْقُصُ مع الإِكُبَابِ . وَماءٌ غِبٌّ : بَعِيدٌ .
ومما يستدرك عليه :
غثلب : ( غَثْلَب الماءَ إِذا جَره جَرْعاً شَديداً . نقله صَحِبُ اللسانِ ، وأَهْملَه المُصَنِّفُ والجَوْهرِيُّ والصَّاغانِيُّ .
غدب : ( الغُدْبَةُ بالضَّمِّ ) أَهمَله الجَوْهَرِيّ . وقال ابنُ دُرَيْد : هي ( لَحْمَةٌ غَلِيظَ ) شَبِيهَةٌ بالغُدَّة تكُونُ ( في لَهَازِم الإِنْسَانِ ) وغَيْرِه .
( و ) قالوا : رَجُلٌ غُدُبٌّ ( كعُتُلَ ) وهو الجَافي ( الغَلِيظُ الكَثِيرُ العَضَل ) ، كحركة .
( وغَدْبَاءُ ) كَصَحْراء : ( ع ) ، قال الشاعر :
ظَلَّت بغَدْبَاءَ بِيَوْمٍ ذِي وَهجْ
( والغُنْدُبَةُ ) بالضَّم يأْتي ذكرها ( في غ ن د ب ) بناءً على أَنَّ النُّونَ أَصْلِيَّة .
غرب : ( الغَرْبُ ) قال ابنُ سيدَه : خِلَافُ الشَّرْقِ وهو ( المَغْرِب ) وقَوْلُه تَعَالى : { رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ } ( الرحمن : 17 ) أَحدُ المَغْرِبَيْنِ : أَقْصَى ما تَنْتَهي إِلَيْه الشَّمْسُ في الصَّيْف ، والآخر أَقْصَى ما تَنْتَهِي إِلَيْهِ في الشِّتَاءِ ، وأَحَدُ المَشْرِقَيْن : أَقْصَى ما تُشْرِق منْه في الصَّيْفِ ، والآخَرُ أَقْصَى ما تُشْرِق مِنْه في الشِّتَاءِ . وبين المَغْرِب الأَقْصَى والمَغْرِبِ الأَدْنَى مائَةٌ وثَمَانُون مَغْرباً ، وكذلك بَيْنَ المشْرِقَيْنِ . وفي التَّهْذِيب : للشَّمْسِ مَشْرِقَانِ ومَغْرِبَانِ ، فأَحَدُ مَشْرِقَيْهَا أَقْصَى المَطالِع في الشِّتَاء والآخَرُ أَقْصَى مَطَالِعِها في القَيْظِ ، وكَذَلِكَ أَحَدُ مَغْرِبَيْهَا أَقْصَى المَغَارِب في الشِّتَاءِ وَكذَلكَ الآخَرُ . وقولُه جَلَّ ثَنَاؤُهُ { فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ } ( المعارح : 40 ) جَمع ؛ لأَنَّه أُرِيد أَنَّهَا تُشْرِقُ كُلَّ يوم من موضِع وتَغْرُب في
____________________

(3/456)


موضع إِلَى انْتهَاء السَّنَة .
والغُرُوبُ غُروب الشَّمْسِ . وغَرَبَتِ الشَّمْسُ تَغْرُب ، سَيَأْتِي قَرِيباً .
( و ) الغَرْبُ : ( الذَّهابُ ) بالفَتح مَصْدر ذَهب . ( و ) الغَرْبُ : ( التَّنَحِّي ) عن النَّاسِ ، وقد غَرَبَ عَنَّا يَغْرُب غَرْباً ( و ) الغَرْبُ : ( أَوَّلُ الشَّيء وحَدُّه ، كَغُرَابهِ ) بالضَّمِّ . ( و ) الغَرْبُ والغَرْبَةُ : ( الحِدَّةُ ) . في التَّهْذِيبِ : يقال : كُف عَنْ غَرْبك أَي حِدَّتك . وغَرْبُ الفَرس : حِدَّتُه وَأَوَّلُ جَرْيِه . تقول : كَفَفْتُ مِن غَرْبِه ، قال النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيّ :
والخَيْلُ تَمْزَعُ غَرْباً في أَعِنَّتِهَا
كالطَّيْرِ يَنْجُو مِنَ الشُّؤْبُوبِ ذِي البَرَد
هكذا أَنْشَدَهُ الجَوْهَريّ ، قال ابْنُ بَرِّيّ : صَوَابُ إِنْشَادِه ( والخَيْلَ ) بالنَّصْبِ لأَنَّه مَعْطُوفٌ على المِائة مِنْ قَوْلِه :
الواهِبِ المِائَةَ الأَبْكارَ زَيَّنَها
سَعْدانُ تُوضِحَ في أَوْبارِها اللِّبَد
والشُّؤْبُوبُ : الدَّفْعةُ منَ المطَرِ الَّذِي يَكُون فيه البَرَدُ وقد تَقَدَّمَ ، والمَزْعُ : سُرْعَةُ السَّيْر . والسَّعْدانُ : نَبْتٌ تَسمن عِنْه الإِبلُ تَغزُر أَلبانُها ويَطِيبُ لَحْمُها . وتُوضِحُ : مَوْضع . واللِّبَد : ما تَلَبَّدَ من الوبَر ، الواحِدَةُ لِبْدَة ، كذا في لسان العرب .
ويقال : في لِسانه غَرْبٌ ، أَي حِدَّةٌ ، وغَرْبُ اللِّسانِ : حَدَّتُه .
وسيْفٌ غَرْبٌ ، أَي قَاطعٌ حَديد . قال الشَّاعِر يَصِف سَيْفاً :
غَرْباً سَرِيعاً في العِظَامِ الخُرْس
ولِسَانٌ غَرْبٌ : حَدِيدٌ وفي حَدِيثِ ابْنِ عبَّاس ذَكَر الصِّدِّيقَ فقال : ( كَانَ واللّهِ بَرًّا تَقِيًّا يُصادَى غَرْبُه ) وفي رواية ( يُصادَى مِنْ غَرْبٌ ) . الغَرْبُ : الحدَّةُ ، ومنه غَرْبُ السَّيْف ، أَي كَانَت تُدَارَى حَدَّتُه وتُتَّقَى . ومنه حَدِيثُ عمر ( فسَكَّن مِنْ غَرْبه ) . وفي حديث عَائشَةَ قالت عن زَيْنبَ رَضيَ اللْهُ عنهما : ( كُلُّ خِلالِها محْمُودٌ ما خلا سَوْرَةً من غرْبٍ كانتْ فِيها ) وفي حديث الحسَن :
____________________

(3/457)


سُئل عن قُبْلةِ الصَّائِم ، فقال : إِنِّي أَخافُ عليك غَرْبَ الشَّبابِ ) أَي حِدَّتَه . هذا كُلُّه خُلاصَةُ ما في التَّهْذيب والمُحْكَمِ والنِّهَايَة .
( و ) الغَرْبُ : ( النَّشَاطُ والتَّمادِي ) في الأَمْرِ .
( و ) الغَرْبُ : ( الرِّغوِيَةُ ) التي يُحْمَل علَيها المَاءُ ، قال لَبِيد :
غَرْبُ المَصَبَّة محْمود مَصَارِعُه
لَاهِي النَّهارِ لِسيْرِ اللَّيْلِ مُحْتَقِرُ
وفَسَّره الأَزْهَرِيُّ بالدَّلْو .
( و ) الغَرْبُ : ( الدَّلْوُ العظيمَةُ ) تُتَّخَذُ من مَسْكِ ثَوْرِ مُذَكَّر ، ومعه غُرُوبٌ . وبه فُسِّر حَديثُ الرُّؤْيَا ( فأَخَذَ الدَّلْوَ عُمرُ فاسْتَحالَتُ ( في يَدِه ) غَرْباً ) قال ابنُ الأَثير : ومَعْنَاهُ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا أَخَذَ الدَّلْوَ لِيَسْتَقِيَ عَظُمَت في يَدِه ؛ لأَنَّ الفُتُوحَ كانَت في زَمَنِه أَكثَرَ مِنْهَا في زَمَن أَبِي بَكْر ، رَضِي اللّهُ عَنْهما . ومعنى اسْتَحالَتْ انقَلَبت عن الصِّغَرِ إِلى الكِبَر . وفي حَدِيثِ الزَّكَاة ( وما سُقِيَ بالغَرْب ففيه نِصْفُ العُشْرِ ) وفي الحَدِيث ( لوّ أَنَّ غَرْباً من جَهَنّم جُعِلَ في الأَرْض لآذَى نَتْنُ رِيحِه وشِدَّةُ حَرِّه ما بَيْن المَشْرِق والمَغْرِب ) .
( و ) الغَرْب : ( عِرْقٌ في ) مَجْرَى الدَّمْع ، وهو كالنَّاسُورِ ، وقيل : هو عِرْق في ( العَيْن يَسْقِي ولا يَنْقَطِع ) سَقْيُه . قال الأَصمَعِيّ : يقال : بِعَيْنه غَرْبٌ ، إِذا كانت تسيل ولا تَنْقَطع دُمُوعُها .
( و ) الغَرْبُ : ( الدَّمعُ ) حين يَخْرُج من العَيْن ، جمعه غُروبٌ قال :
مالكَ لا تذكُرُ أُمَّ عَمْرِو
إِلَّا لعَيْنَيْك غُروبٌ تَجْرِي
وفي حديث الحَسَن ذكرَ ابنَ عبَّاس فقال : ( كان مِثَجًّا يَسِيل غَرْباً ) . شَبَّه به غزَارَةَ عِلْمه وأَنَّه لا يَنْقَطع مَدَدُه وجَرْيُه . ( و ) الغَرْبُ : ( مَسِيلُه ) أَي الدَّمْع ( أَو ) هو ( انْهِلَالُه ) وفي نسخة انْهمالُه ( من العيْنِ . و ) الغَرْبُ : ( الفَيْضَةُ من الخَمْر ، و ) كذلك هي ( من الدَّمْع ،
____________________

(3/458)


و ) الغَرْبَ : ( بَثْرَةٌ ) تَكُونُ ( في العَيْن ) تُغِذُّ ولا تَرْقَأُ . ( و ) غَرِبت العَيْنِ غٍ رَباً وهو ( وَرم في المَآقي ) .
( و ) الغَرْب : ( كَثرةُ الرِّيقِ ) في الفَمِ ( وبَلَلُه ) وجمعه غُروب : ( و ) الغَرْبُ في السِّنّ ( مَنْقَعُه ) أَي مَنْقَعُ رِيقِه ، وقيل : طَرَفُه وحِدَّتُه ومَاؤُه . قال عَنْتَرَة :
إِذ تَسْتَبِيكَ بذِي غُرُوبٍ وَاضِحٍ
عَذْبٍ مُقَبَّلُه لَذِيذِ المَطْعَمِ
( و ) الغَرْبُ : ( شجَرَةٌ حِجَازِيَّةٌ ) خَضراءُ ( ضخمةٌ شاكَةٌ ) بالتَّخْفيفِ ، وهي التي يُعمَل منها كالمُحَيْل الذي تُهنأُ به الإِبِل ، واحِدَتُه غَرْبة ، قاله ابن سِيده . والُحَيْل هو القَطِرَانُ ، حِجَازِيَّه ، كذا في التَّهْذِيب . وقال أَيضاً : الأَبْهَلُ هو الغَرْبُ ، لأَن القَطِرانَ يُسْتَخْرجُ منه ( وقِيل : ومنْه ) الحَدِيث ( لَا يَزَالُ أَهْلُ الغَرْبِ ظاهِرين على الحَقّ ) . لم يَذْكُره أَهلُ الغَرِيب ، فلِغرَابَته ذَكرَ هُنَا . وفي لسان العرب : وقيل : أَراد بهم أَهلَ الشام ؛ لأَنهم غَرْبُ الحجَازِ . وقيل : أَراد بِه الحِدَّة والشَّوْكَةَ ، يريد أَهلَ الحجازِ . وقال ابن المَدَائِنِيّ : الغَرْبُ هنا الدَّلْوُ ، وأَراد بهم العَرَبَ لأَنَّهم أَصحابُها وهم يَسْتَقُونَ بها .
قال شَيْخُنَا : ورجَّح عِياضٌ في الشِّفاء وَغَيْرُه من أَهْلِ الغَرِيب على الحَقِيقَةِ ، وأَيَّده بأَنَّ الدارَقُطْنِي رواه ( المغرب ) بِزِيادة . المِيمِ ، وهو لا يَحْتَمِل غيرَه ، وفيه كَلَامٌ في شُرُوحِ الشِّفاءِ .
( و ) الغَرْبُ : ( يَوْمُ السَّقْي ) . نَقله الأَزْهَرِيُّ عن اللَّيْث قال :
في يَومِ غَرْب ومَاءُ البِئْر مُشْتَرَكٌ
وأَراد بقَوْله في يَوْم غَرْبٍ أَي في يوْم يُسْتَقَى بِهِ على السَّانِيَة ، قال : ومنه قَوْلُ لَبِيد :
فصَرَفْتُ قَصْراً والشُّؤُونُ كأَنَّهَا ) ، غَرْبٌ تَخُبُّ به القَلُوصُ هَزِيمُ
وفَسَّره اللَّيْثُ بالدَّلْوِ الكبِيرة ، وقد تَقَدَّم .
____________________

(3/459)



( و ) الغَرْبُ : ( الفَرَسُ الكَثِيرُ الجَرْي ) قال لَبِيد :
غَرْبُ المَصَبَّةِ مَحْمُودٌ مَصَارِعُه
لاهِي النَّهَارِ لسَيْرِ اللَّيْل مُحْتَقِرُ
أَرادَ بقَوْله : غَرْبُ المَصْبَّة أَنَّه جَوادٌ وَاسِعُ الخَيْرِ والعَطاءِ . عند المَصَبَّة ، أَي عند إِعْطاءِ المال يُكْثِرُهُ كما يُصَبُّ المَاءُ :
ويقال : فَرَسٌ غَرْبٌ ، أَي مُتَرامٍ بنَفْسِه مُتَتابِعٌ في حُضْرِه ، لا يُنْزِعُ حَتى يَبْعَدَ بِفارِسِه .
( و ) الغَرْبَانِ : ( مُقْدِمُ العَيْنِ ومُؤْخِرُهَا ) ، وللعيْن غَرْبَانِ .
( و ) الغَرْبُ : ( النَّوَى والبُعْدُ ، كالغَرْبَة ) ، بالفَتْح . ونَوًى غَرْبَة : بَعِيدَة . وغَرْبَةُ النَّوى : بُعْدُهَا . قال الشَّاعِر :
وَشَطَّ وَلْيُ النَّوَى إِنَّ النَّوَى قُذُفٌ
تَيَّاحَةٌ غَرْبَةٌ بِالدَّارِ أَحْيانَا
تَأْتِيَه في سَفَرك . ودَارُهُم غَرْبَة : نَائية .
( وقد تَغَرَّبَ ) . قال سَاعِدةُ بْنُ جُؤَيَّةَ يَصِفُ سَحَاباً :
ثم انْتَهَى بَصَرِي وأَصْبَحَ جَالساً
مِنْه لنَجْد طائقٌ مُتَغَرِّبُ
وقيل : مُتَغَرِّبٌ هنا : أَتَى منْ قِبَل المَغْرِب .
فظهر بما ذَكَرْنَا أَنَّ المُؤَلِّف ذَكَرَ لِلْغَرْب أَرْبعَةً وَعِشْرِين مَعْنًى ؛ وهو : المَغْرِب ، والذَّهَابُ ، والتّنَحِّي ، وأَوَّلُ لشَّيْء ، وحَدُّه ، الحِدَّةُ والنَّشَاطُ ، والتَّمَادِي ، والرَّاوِيَةُ ، والدَّلْوُ ، والعِرْقُ ، والدَّمْعُ ، ومسِيلُه وانْهِمَالُه ، والفَيْضَة ، والبَثْرَةُ ، والوَرَمُ ، وكَثْرَةُ الرِّيق ، والبَلَلُ ، والمَنْقَع ، والشَّجَرَةُ ، ويومُ السَّقْيِ ، والفَرَسُ ، ومُقْدِمُ العَيْن والنَّوَى . اقْتَصَرَ منها في الأَسَاسِ على التِّسْعَة ، والبَقِيَّةُ في المُحْكَمِ والتَّهْذِيبِ والنِّهايَةِ .
ومما يُسْتدرَك على المُؤَلِّف من مَعَانِيه .
الغَرْبُ : السَّيْفُ القَاطِعُ الحَدِيدُ . قال :
غَرْباً سَرِيعاً في العِظَامِ الخُرْسِ
والغَرْبُ : اللِّسَانُ الذَّلِيقُ الحَدِيدُ ،
____________________

(3/460)


والغَرْبُ : الشَّوْكَةُ . يقال : فَلَّ غَرْبَهُمْ وكَسَر غَرْبَهم ، أَي شَوْكَتَهم ، كما تَقَدَّم ، وهو مَجَاز . قال شَيْخُنا في آخِرِ المَادَّة : وبَقِي غُرُوبُ الأَسْنَانِ وهي حِدَّتُهَا ومَاؤُها ، وَاحِدُها غَرْب ، وقد أُطْلِقَت بمَعْنَى الأَسْنَان ، كَمَا في حَدِيثِ النَّابِغَةِ الجَعْدِيّ . قال الرَّاوِي :
( ولا تَولَّت بَرْق غُروبه ) أَي تبرق أَسنانه من بَرَق البَرْقُ إِذا تلأْلأَ . والغُرُوبُ : الأَسْنَان ، وكنتُ تركْتُ نقلَه لشُهْرَته في دَوَاوِين الغَرِيب فوقَف بَعْضُ الأَصْحَاب على كِتَابِنا ( العُيونُ السَّلسَلَة في الأَسَانِيدِ المُسْلُسَلَة ) فأَنْكَر الغُرُوبَ بمَعْنَى الأَسْنَان ، واستدَلّ بأَنَّها لَيْسَتْ في القَامُوس ، فقُلْت في العُيُون : الغُرُوبُ : الأَسْنَانُ ، كما في النِّهِاية ، ورِقَّتُهَا وحِدَّتُهَا ، كما في الصِّحَاح وغَيْرِه ، وأَغْفَلَه المَجْدُ في قَامُوسِه تَقْصِيراً على عَادَتِه ، إِلى آخر ما قال .
قلت : والَّذي في الأَسَاسِ : وكأَنّ غُرُوبٍ أَسنَانِها وَميضُ البَرْقِ ، أَي مَاؤُها وظَلْمُها .
وفي التَّهْذِيبِ والنِّهَاية والمُحْكَمِ ولِسَانِ العَرَب : وغُرُوبُ الأَسْنَان : مَنَاقِعُ رِيقها ، وقيل : أَطْرَافُهَا وحِدَّتُها وَمَاؤُهَا . قال عنترة :
إِذ تَسْتَبِيكَ بِذِي غُرُوبٍ واضِحٍ
عَذْبٍ مُقْبَّلُه لَذِيذ المَطْعَمِ
وغُرُوبُ الأَسْنَان : المَاءُ الَّذي يَجْرِي عَلَيْهَا ، الوَاحِد غَرْبٌ ، وغُرُوبُ الثَّنَايَا حَدُّهَا وأُشَرُها . وفي حدِيثِ النَّابِغَة : ( تَرِفُّ غُرُوبُه ) هي جمع غَرْب وهو ماء الفَمِ وحِدَّةُ الأَسْنَان ، فيُسْتَدْرَك عليهم الغَرْبُ بمَعْنى السِّنِّ . والمَعَانِي الثَّلَاثَة التي استَدْرَكْنَاها ، فَصَارَ المَجْموعُ ثَمَانِيَةً وعِشْرِينَ مَعْنًى ، وإِذا قُلْنا : مُؤْخِر العَيْنِ المَفْهُوم من قَوْله والغَرْبَان فَهِي تِسْعَةٌ وعِشْرُون . ويُزَاد عَلَيْه أَيْضاً الغُرُوبُ : جمع غَرْبٍ ، وهي الوَهْدَةُ المُنْخَفِضَة . وللّهِ دَرُّ الخَلِيل بْنِ أَحْمَد حيثُ يَقُولُ :
يا وَيْحَ قَلْبِي من دَوَاعِي الهَوى
إِذْ رحَل الجِيرَانُ عِنْد الغُرُوبْ
____________________

(3/461)



أَتْبَعْتُهم طَرْفي وقد أَزْمعُوا
ودَمْعُ عينيّ كفَيْضِ الغُرُوبْ
بَانُوا فِيهِم طفْلَةٌ حُرَّةٌ
تفتَرُّ عن مِثْل أَقَاحِي الغُرُوبْ
الأَوّلُ غروبُ الشَّمْسِ . والثَّانِي : الدِّلاءُ العَظِيمَةُ . والثَّالِثُ : الوَهْدَةُ المُنْخَفِضَةُ .
فكمل بذلك ثَلَاثُونَ . ثم إِنّي وَجَدْتُ في شرح البَدِيعِيَّة لبَدِيع زَمَانِه عَلِيِّ بْنِ تَاج الدِّين القلعيّ المَكّيّ رَحِمه اللّهُ تَعالى قال ما نَصُّه في سَانِحَات دُمَى القَصْر للعَلَّامَة دَرْوِيش أَفندي الطَّالُوِي رَحِمَه اللهُ : كَتَب إِليّ الأَخ الفَاضِل دَاوود بْن عُبَيْد خَلِيفَة نَزِيل دِمَشْق عن بعض المدارس في لفظ مشترك الغرب طَالِباً مِنْي أَنْ أَنْسُج على مِنْوَالِهَا وأَحذُوَ على أَمثالها وهي :
لقد ضَاءَ وجهُ الكَوْنِ وانْسلَّ غَرْبُهُ
فَلَمْ يَدْرِ أَيْمَا شرقُه ثم غَرْبُهُ
وسائِل وَصْلٍ منه لَمَّا رأَى الجَفَا
بما قَدْ جَرَى من بعده سَالَ غَرْبُهُ
يَمُرُّ عليه الحَتْفُ في كُلِّ ساعَةٍ
ولكنْ بِحُجْبِ السُّقْم يُمنَعُ غَرْبُهُ
تَدَلَّى إِليه عندما لَاح فَقْدُه
بثَغْرٍ شَنِيبٍ قد رَوَى الغلَّ غربُهُ
فكتبتُ إِليه هَذِه الأَبيات ( العربية ) التِي هي لا شَرْقِيَّة ولا غَرْبِيَّة ، وهي :
أَمِنْ رَسْم دَارٍ كاد يُشْجِيك غَربُهُ
نَزَحْتَ ركيّ الدَّمْع إِذْ سَالَ غَرْبُهُ
عرق الجبين :
عفا آيَةُ نَشْرُ الجَنُوبِ مَعَ الصَّبَا
وكُلُّ هَزِيم الوَدْقِ قد سَال غَربُه
الدلو :
به النَّوْء عَفَّى سطْرَه فكأَنَّه
هِلالٌ خِلالَ الدَارِ يَجْلوه غَرْبُهُ
محل الغروب :
____________________

(3/462)



وقَفْتُ به صَحْبِي أُسائِلُ رَسْمه
على مِثْلِها والجَفْنُ يَذْرِف غَرْبُهُ
الدمع :
على طَلَلٍ يَحْكِي وُقُوفاً برَسْمِه
بحاجة صَبَ طالَ بالدَّارِ غَرْبُهُ
التمادى :
أَقُولُ وقد أَرْسَى العَنَا بعِرَاصِه
وأَتْرفَ أَهليه البِعادُ وغرْبُهُ
النوم :
سَقَى ربعَك المعهودَ رَيْعَانُ عارضٍ
يَسُحُّ على سُحْم الأَثَافِيّ غَربُهُ
الراوية :
وليل كيوْمِ البَيْن مُلْقٍ رِوَاقَه
عليَّ وقد حَلَّى الكواكبَ غربُهُ
أَول الشيء :
أُراعِي به زُهْرَ النُّجُوم سَوابحاً
ببَحْرٍ من الظَّلماءِ قد جَاشَ غَرْبُهُ
أَعلى الماء :
يُرَاقِب طَرْفي السَّابِحَاتِ كأَنَّما
لِطُولِ دَوَامٍ نِيطَ بالشُّهْب غَرْبُهُ
مُقْدِم العين :
كأَنَّ جَنَاحَيّ نَسْرِه حُصَّ مِنهما
قَوَادِمُ حتى ما يُزايِل غَرْبُهُ
التنحّي :
ذكرْتُ به لُقْيَا الحبِيبِ وبَيْنَنَا
أَهاضِيبُ أَعلامِ الحِجَازِ وغَرْبُهُ
شجر :
فهَاجَ لِيَ التَّذْكَارُ نَارَ صَبَابَةً
لها الجَفْنُ أَضْحَى سائِلَ الدَّمْع غَرْبُه
المبل :
إِلى أَنْ نَضَا كَفُّ الصباح سِلاحَه
وأُغمِد من سَيْفِ المَجَرَّةِ غربُهُ
الحد :
____________________

(3/463)



وولّت نجومُ اللَّيْل صَرْعَى كأَنَّما
أُرِيقَ عليهَا من فَم الكأْسِ غَربُهُ
فيض :
وأَقبَل جيشُ الصُّبْح يُغْمِد سيفَه
بنَحْرِ الدُّجَى والليلُ يركُضُ غربُهُ
فرس يجري :
وزَمْزم فوق الأَيْكِ قُمْرِيُّ بانَةٍ
بروضٍ كَفَاه عن نَدَى السُّحْب غَربُهُ
يوم السَّقْي :
فهَبَّ يُدِيرُ الرَاحَ بدرٌ يَزِينُه
إِذَا قامَ يجلُوه على الشّرب غَربُهُ
النشاط :
من الرِّيم خُوطِيّ القَوَامِ بثَغْرِه
وسَلْسَال راحٍ يُبْرِيءُ السُّقْمَ غَربُهُ
سيلان الريق :
بِخَدَ أَسِيلٍ يَجْرَحُ اللُّبَّ خَدُّه
وطَرْفٍ كَحِيل ينفُثُ السِّحْرَ غَرْبُهُ
مُؤْخِر العين :
يُرِيكَ شَبِيهَ الدُّرِّ منه مُنَضَّداً
كمَنْطِق داوُودٍ إِذا صَالَ غَرْبُهُ
اللسان :
فتًى قد كَسَاه الفضلُ ثَوْبَ مَهَابَةٍ
لها خَصْمُه قد نَسَّ بالفَم غَرْبُهُ
الريق :
إِلَيْكَ أَتَتْ تَفْلِي الفَلَا بَدَوِيَّةٌ
ولم يُنضِهَا طُولُ المسِير وغَرْبُهُ
البعد :
أَرقّ من الصَّهْبَاءِ فاعْجبْ نَسِيمُها
وأَعْذَبُ من ثَغْرٍ حَوَى الشَّهْدَ غربُهُ
منقطع الريق :
إِذا ما جَرَت في حَلْبَةِ الشِّعْرِ لم يَكُ ال
كُميْت يُدَانِيها وإِن زَادَ غَرْبُهُ
الجري :
ولو عَرَضَتْ يوماً لغَيْلانَ لم يَكُنْ
بأَطْلالِ مَيَ يُغْرِق الجفْنَ غربُهُ
انهلال الدمع :
____________________

(3/464)



فَدُونَكَها لا زِلْتَ تَسْمُو إِلَى العُلَا
مَدَى الدَّهْر ما صَبٌّ سَقَى الدَّارَ غَربُهُ
فيضة من دمع .
فَزَادَ على المُصَنِّف فيما أَورده : عَرَق الجَبِين ، والنَّوم ، وأَعْلَى المَاء ، والجَرْي ، فَصَارَ المجمُوعُ أَربعةً وثَلَاثِين مَعْنًى للفْظ الغَرْب ، فافْهَم ذَلِك والله أَعْلم .
( و ) الغُرْبُ . ( بالضَّمِّ : النُّزُوحُ عن الوَطَنٍ كالغُرْبَة ) بالضَّمِّ أَيْضاً ( والاغْتِرَاب والتَّغَرُّب ) ، والتَّغَرُّب أَيضاً البُعْدُ ، تَقُولُ منه : تَغرَّب واغْتَرَبَ .
( و ) الغَرَبُ : ( بالتَّحْرِيك : شَجَرٌ ) يُسوَّى منه الأَقْدَاحُ البِيضُ ، كذا في التَّهْذِيب . وقال ابنُ سِيدَه : هو ضَرْب من الشَّجَر ، واحِدَته غَرَبَةٌ ، وأَنْشَدَ :
عُودُك عُودُ النُّضَارِ لا الغَرَبُ
( و ) الغَرَبُ : ( الخَمْرُ ) قال :
دَعِينِي أَصْطَبِح غَرَباً فأُغْرِبْ
مع الفِتْيَانِ إِذ صَبَحُوا ثُمُودَا
( و ) الغَرَبُ : الذَّهَبُ ، وقيلَ : ( الفِضَّةُ ) . قال الأَعْشَى :
إِذَا انْكَبَّ أَزْهَرُ بين السُّقَاةِ
تَرَامَوْوا بِهِ غَرَباً أَو نُضَارَا
نَصَب غَرَباً على الحَال وإِن كان جَوْهراً ، وقد يكُون تَمْيِيزاً .
( أَو ) الغَرَبُ ( جَامٌ مِنْهَا ) أَي الفِضَّة قال الأَعْشَى :
فدَعْدَعَا سُرَّةَ الرَّكاءِ كَمَا
دَع 2 عَ سَاقِي الأَعَاجِمِ الغَرَبَا
في لِسَانِ العَرَبِ ، قال ابنُ بَرِّي هَذَا البَيْتُ لِلَبِيدٍ ولَيْسَ للأَعْشَى كما زَعَم الجَوْهَرِي ، والرَّكاءُ بفَتْح الرَّاء : مَوْضِع قال : ومِنَ النَّاس من يكْسر الرَّاءَ والفَتْحُ أَصحُّ ، ومَعْنَى دَعْدَعَ : ملأَ ، وصفَ مَاءَيْن التَقَيَا من السَّيْل فملآ سخَّةَ الرَّكاء ، كما ملأَ ساقي الأَعاجم قَدَحَ الغَرَب خَمْراً .
قال : وأَمَّا بيتُ الأَعْشَى الَّذِي وقَعَ فيه الغًرَب بمعنى الفِضَّة ، فهو الَّذِي
____________________

(3/465)


تَقَدَّم ذِكْرُه . والأَزْهَرُ : إِبْرِيق أبيضُ يُعْمَلُ فِيهِ الخَمْر ، وانْكبَابُه ، إِذَا صُبَّ نه في القَدح ، وتَرَامِيهِمِ بِالشَّرَابِ هو مُنَاولَة بَعْضِهِم بَعْضاً أَقْدَاحَ الخَمْر .
وقيل : الغَرَب والنُّضَار ضَرْبَان من الشَّجَر تُعْمَل منهُمَا الأَقْدَاحُ . وفي التَّهْذِيب : النُّضارُ : شَجَرٌ تُسَوَّى منه أَقدَاحٌ صُفْر ، وسَيأْتي في محلَّه ، ( و ) الغَرَب : ( القَدَحُ ) ، وجَمْعُه أَغْرابٌ . قال الأَعْشى :
بَاكَرَتْهُ الأَغْرَابُ في سِنَةِ النَّوْ
مِ فَتجْرِي خِلَال شَوْكِ السَّيَالِ
( و ) الغَرَبُ : ( دَاءٌ يُصِيبُ الشَّاةَ ) فيَتَمَعَّط خُرْطُومُهَا ويَسْقُط منه شَعَرُ العَيْن . والغَرَبُ في الشاة كالسَّعَف في النَّاقَة ، وقد غَرِبَت الشَّاةُ بالكَسْر .
( و ) الغَرَبُ : ( الذَّهَبُ ) ، وكان يَنْبَغِي ذِكرُه عند الفِضَّة ، وقد أَشرْنَا إِليه آنفاً . ( و ) الغَرَبْ : ( المَاءُ ) الذي ( يقْطُر مِنَ الدَّلْو بَيْنَ البِئرِ والحَوْضِ ) ، هكذا في النُّسَخ ، وفي أُخْرَى تَقْدِيم الحَوْض على البِئر وقيل : هُو كُلُّ ما يَنْصَبُّ من الدِّلَاء من لَدُن رَأْسِ البِئر إِلى الحَوْض ويَتَغَيَّر ريحُه سَرِيعاً وقيل : هو ما حَوْلَهُمَا من الماءِ والطِّين . قال ذُو الرُّمَّة
وأُدْرِكَ المُتَبَقَّى مِنْ ثَمِيلَتِه
ومن ثَمَائلها واسْتُنْشِيءَ الغَرَبُ
( و ) قيل : هو ( رِيحُ المَاءِ والطِّينِ ) لأَنَّه يتغَيَّر سَرِيعاً . ويقال للدَّالِج بَيْن البِئر والحَوْض لا تُغْرِب ، أَي لا تَدْفُقِ المَاءَ بَيْنَهُمَا فتَوْحَلَ ( و ) الغَرَب : ( الزَّرَقُ في عَيْنِ الفَرَس ) مع ابْيِضَاضِها .
( والغُرَابُ : م ) أَي معرُوف فلا يُحْتَاج إِلى ضَبْطِه ، وهو الطَّائِرُ الأَسْوَد . وقَسَّمُوه إِلَى أَنواعٍ . وفي الحَدِيث أَنَّه غَيَّر اسمَ غُرَاب لِمَا فيه من البُعْد ولأَنَّه من أَخْبَثِ الطُّيُور . والعَرَبُ تَقُولُ : ( فلانٌ أَبصَرُ من غُرَابً ، وأَحْذَرُ مِنْ غُرَابٍ ، وأَزْهَى من غُرَاب ، وأَصْفَى عَيْشاً من غُرَاب ، وأَشَدُّ سَواداً مِنْ غُرَاب ، وهذا
____________________

(3/466)


بِأَبِيه أَشبَهُ مِنَ الغُرَابِ بالغُرَابِ ، وإِذا نَعَتُوا أَرضاً بالخِصْب قالوا : وقَع في أَرْض لَا يَطِيرُ غُرَابُهَا . ويَقُولُون : وَجَدَ ثَمرَة الغُرَابِ ، وذلك أَنَّه يَتَّبع أَجْودَ الثَّمر فيَنتقِيه ، ويَقُولُون : أَشأَمُ مِنْ غُرَاب ، وأَفْسَقُ مِنْ غُرَاب ، وَيَقُولُون : طَارَ غُرَابُ فلانٍ إِذَا شَابَ رأْسُه ، وغُرَابٌ غَاربٌ على المُبَالَغَة . كما قالوا : شِعْرٌ شَاعِرٌ ، ومَوْتٌ مَائتٌ . قال رؤبَة :
فازجُرْ مِنَ الطَّيْرِ الغُرَابَ الغَارِبَا
قال شيخُنَا : قالوا : وليس شَيْءٌ في الأَرْض يُتَشَاءَم بِه إِلّا والغُرَابُ أَشأَمُ مِنْهُ . وللبَدِيع الهَمَذَانِيّ فَصْلٌ بَدِيع في وَصْفِه ذَكَره في المُضَافِ والمَنْسُوب . وأَورَد ما يُضَافُ إِلَيْه الغُرابُ ويُضَافُ إِلَى الغُرَاب ، والأَبْيَاتُ في غُرَاب البَيْنِ كَثيرَةٌ مُلئت بها الدَّفَاتِر ، وإِنَّمَا الكلامُ فيما حَقَّقه العَلَّامَة الكَبِير قَاضِي غَرْنَاطَةَ أَبو عَبْدِ اللّهِ الشَّرِيفُ الغَرْنَاطِيّ في شَرْحه الحَافِل على مَقْصُورَة الإِمام حَازِن ، وصرَّح بأَنَّ غُرَاب البَيْنِ في الحقيقَة إِنَّما هو الإِبِلُ التي تَنْقُلُهم مِنْ بِلاد إِلى بِلَاد . وأَنْشَدَ في ذلك مَقَاطِيعَ مِنْهَا :
غَلِطَ الَّذِينَ رَأَيْتُهُم بجَهَالَة
يَلْحَون كُلّهمُ غُراباً يَنْعَقُ
ما الذَّنبْ إِلّا للأَباعر إِنَّها
مِمَّا يُشَتِّتُ جمْعَهمْ ويُفَرِّقُ
إِنَّ الغُرَابَ بيُمْنِهِ تَدْنُو النَّوَى
وتُشَتِّتُ الشملَ الجَمِيعَ الأَيْنُقُ
وأَنشَدَ شَيْخُنا ابْنُ المسَنَّاويّ لابْنِ عَبْدِ رَبّه وهو عَجِيبٌ :
زَعَق الغُرَابُ فقلتُ أَكذَبُ طَائِرٍ
إِن لم يُصَدِّقْهُ رُغَاءُ بَعِيرِ
انْتَهى .
( ج أَغْرُبٌ وأَغْرِبَةٌ وغِرْبَانٌ ) بالسر ( وغُرْبٌ ) بضَمَ فسُكُون قال :
وأَنْتُم خِفَافٌ مِثْلُ أَجُنِحةِ الغُرْبِ
( جج ) أَي جَمْعُ الجَمْع ( غَرَابِينُ ) وهو جَمع غ 2 رْبَان كسِرْحَان وسَرَاحِين .
( و ) بلا لام ( فَرَسٌ ) كانت
____________________

(3/467)


( لِغَنِيِّ ) بْنِ أَعْصُر ، على التَّشْبِيه بالغُرَاب من الطَّيْر . وفرس آخر للبَرَاء بْنِ قَيْس .
( و ) الغُرَابُ من الفَأْسِ : حَدّهَا ) . قال الشَّمَّاخُ يَصِف رَجُلاً قَطَع نَبْعَةً :
فأَنحَى عليها ذَاتَ حَدَ غُرَابُها
عَدُوٌّ لأَوْسَاطِ الغِضاهِ مُشَارِزُ
( و ) الغُرَابُ : ( البَرَدُ والثَّلْجُ ) ، مأْخوذٌ من المُغرَب وهو الصبح لبياضهما .
( و ) الغُرَابُ : ( لَقَبُ ) أَبِي عَبْدِ اللّهِ ( أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَصْفَهَانيّ ) المُحَدِّث عن غنم البرجيّ وعنه على ابن بوزندان .
( و ) الغُراب : ( جَبَلٌ ) ، قال أَوْسٌ :
فمُنْدَفَعُ الغُلَّان غُلَّانِ مُنْشِدٍ
فنَعْفُ الغُرَاب خُطْبُه فَأَسَاوِدُهْ
( و ) الغُرَابُ : ( ع بِدِمَشْقَ ، وجَبَلٌ ) آخر ( شَاهِقٌ ) وفي نسخة : شامي ( بالمَدِينَةِ ) أَي على طَرِيقِ الشَّام كذا في النِّهاية في تَرْجَمَة ( غرن ) .
( و ) الغُرَابُ : ( قِذَالُ الرَّأْسِ ) . يقال : شاب غُرَابُه ، أَي شَعَرُ قَذَالِه . وطار غُرَابُ فُلَان ، إِذا شَابَ . نقله الصَّاغَانِيّ .
( و ) الغُرَابُ ( من البَرِبرِ ) بالمُوَحَّدَة كأَمِير : ( عُنْقُودُه ) الأَسْوَدُ ، جِمْعُهَا غِرْبَان . قال بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِم :
رَأَى دُرَّةً بيضاءَ يَحْفل لَوْنَها
سُخَامٌ كغِرْبَان البَرِيرِ مُقَصَّبُ
يعني به النَّضِجَ من ثَمَر الأَرَاك ، ومَعْنَى ، يَحْفِل لَوْنَها : يَجْلُوه ، والسُّخَام : كُلُّ شَيء لَيِّنٍ من صُوفٍ أَو قُطْن أَو غَيْرِهما ، وأَرَادَ بِهِ شَعَرها ، والمُقَصَّبُ : المُجَعَّدُ .
( والغُرَابَانِ ) هما : ( طَرَفَا الوَرِكَيْنِ الأَسْفَلَانِ ) اللذان ( يلِيَان أَعَالِيَ الفَخِذ ) يْن وقيل : هما رُءوسُ الورِكَيْن وأَعَالي فُرُوعهما ، ( أَو ) هما ( عَظْمَانِ رَقِيقَان أَسْف مِنَ الفَرَاشَةِ ) . والغُرَابَانِ من
____________________

(3/468)


الفَرسِ والبَعير : حَرْفَا الوَرِكَيْن الأَيْسرِ والأَيمنِ اللَّذَانِ فوق الذَّنَب حيث الْتَقَى رَأْسا الوَرِك اليُمْنَى واليُسْرى والجَمْعُ غِرْبَانٌ . قال الرَّاجزُ :
يا عَجَبا للعجَبِ العُجابِ
خَمْسَةُ غرْبانٍ عَلَى غُرَابِ
وقال ذُو الرُّمَّة :
وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الجَمائِلَ بَعْدَمَا
تَقَوَّبَ عن غرْبَانٍ أَوْراكِها الخَطْرُ
أَراد تَقَوَّبَت غِربانُهَا عن الخَطْرِ فقَلَبه ، لأَنَّ المَعْنَى معروفٌ ، كقَوْلك : لا يدخُلُ الخاتَمُ في إِصْبعِي ، أَي لا يدْخُل إِصْبَعي في خَاتَمي .
وقيل : الغِرْبَانُ : أَوراكُ الإِبِل أَنْفُسِها ، أَنْشَدَ ابْنُ الأَعْرابِيّ :
سأَرْفَعُ قولاً للحُصَيْن ومُنْذِرٍ
تَطِيرُ به الغرْبَانُ شَطْرَ المَوَاسِمِ
قال : الغرْبانُ هُنَا أَوراكُ الإِبِل . أَي تَحْمِلُه الرُّوَاةُ إِلى المَوَاسِم ، والغِرْبَانُ : غِربَانُ الإِبِلِ . والغُرَابَانِ : طَرَفَا الوَرِك اللَّذَانِ يكُونَان خَلْف القَطَاةِ ، والمعنى أَنَّ هَذَا الشِّعرَ يُذهَبُ به على الإِبل إِلَى المَوَاسِم ، وليس يُريدُ بالغِرْبانِ غيرَ ما ذكرْنا . وهَذَا كَما قَالَ الآخر :
وإِنَّ عِتَاقَ العِيسِ سَوْفَ يزُورُكُم
ثَنَاءٌ على أَعْجَازِهِنّ مُعَلَّقُ
فلَيْسَ يُرِيدُ الأَعْجازَ دُونَ الصُّدُورِ .
والغُرَابُ : حَدُّ الوَرك الذي يلي الظْهرَ ، كَذا في لسان العرب .
( ورِجْلُ الغُرَاب : ضَرْبٌ مِنْ صَرِّ الإِبِلِ ) شَدِيد ( لَا يَقْدِرُ مَعَهُ الفَصِيلُ أَن يَرْضَع أُمَّه ) ولا ينْحَلّ . ( وحَشِيشَةٌ ) مذكورة في التّذْكرة لا وغيرها من كتب الطّبّ ، وهي التي تُسَمَّى بالبَرْبَرِيّةِ ) أَي لِسَانِ البَرْبَر : الجِيلِ المَعْرُوف ( آطْرِيلَال ) بالكَسْر وهو ( كالشَّبَتِ ) محركة وبِكَسْرِ الاوَّل وسُكُون الثَّاني ( في سَاقِه وجُمَّتِه ) ، بالضَّم فتشديد ( وأَصْله ) أَي شَبِيه
____________________

(3/469)


بالشبَت في هَذِه الثّلاثة ( غَيْرَ أَن زَهْرَهُ ) أيْ رِجْلِ الغُرَاب ( أَبيَضُ ) بخِلَاف الشَّبَت ، ( و ) هو ( يَعْقِدُ حَبًّا كحَبِّ المَقدُونِسِ ) تقريباً ، ثم ذكر خَوَاصَّها فقال : ( ودِرْهَمٌ من بِزْرِه ) حالة كونه ( مَسْحُوقاً مَخْلوطاً بالعَسَل ) المَنْزُوع الرَّغُوَةِ ( مُجَرَّبٌ ) مَشْهُور ( في استئْصَالِ ) مَادَّة ( البَرَص ، و ) كذا ( البَهَقِ ) وهما مُحَرَّكتان ( شُرباً ، وقد يُضَافُ إِليه ) أَيضاً ( رُبْعُ دِرْهَم ) من ( عَاقِرِ قَرْحَا ) المَعْرُوف بعُودِ القَرْح ( وَ ) شرط أَن ( يَقْعُد في شَمْس ) صَيْف ( حَارَّة ) حَالَةَ كونه ( مَكْشُوفَ المَوَاضِع البَرِصَة ) والبَهقة . وزاد الصاغَانيّ : وأَصلها إِذَا طُبِخ نَفَع من الإِسْهَال ، وهذَا الذِي ذَكَرَه المُؤَلِّف هنا مَذْكُورٌ في التَّذكرة وغَيْرِها من كُتُبِ الطّبّ ، مشْهُورٌ عِندَهُم ، وإِنما ذَكَرها لغَرابَتِها ، ولِمَا فِيها من هذِه الخَاصِّيَّة العَجِيبَة ، فأَحبّ أَن لا يُخْلِيَ كتَابه من فَائِدة ؛ لأَنه القَامُوس المُحِيط والله أَعْلَم .
( و ) من المجاز ، يقال : ( صُرَّ عَلَيْه رِجْلُ الغُرَابِ ) إِذَا ( ضَاقَ الأَمْرُ علَيْهِ ) وكذلك أُصِرَّ ، وقيل : إِذا ضَاقَ على الإِنْسَان مَعَاشُه قالا إِذا رِجْلُ الغُرَاب عليَّ صُرَّتْ
ذكرتُكَ فاطْمأَنَّ بيَ الضَّمِيرُ
وقال الكُمَيْتُ :
صَرَّ رِجْلَ الغُرابِ مُلْكُكَ في النَّا
سِ على مَنْ أَرادَ فِيه الفُجُورَا
( والغُرابِيُّ ) أَي بالضَّم : ( ثَمَرٌ ) هَكَذَا ، وصَوَابه : تَمْر بالمثناة الفَوْقيَّة . وقال أَبُو حنِيفَة : هو ضرب من التَّمْر .
( و ) الغُرَابِيُّ : ( حِصْنٌ باليَمَن ) في جَبلٍ عَالٍ في وسَط البحْرِ ، وكانت فيها شَجَرَة تُسَمَّى ذَات الأَنْوَار ، عُبِدَت في الجَاهِلِيّة ، وَهُو من فُتُوح سَيِّدِنَا عَلِيّ رضي الله عنه . ( و : ع ، بِطَرِيقِ مصْر ) هكذا في النُّسَخ ، وفي بَعْض : وحِصْن ، و : ع ، بطريق اليمنِ ، وفي أُخرى : في رُمَيْلَةِ مصر . وقال الحَافظ : في رَمْلِ مِصْر ، والصَواب هي الأُولَى .
____________________

(3/470)



( و ) أَبو بكر ( محمد بنُ مُوسَى الغَرَّاب كشَدَّاد ) البطَلْيوسِيّ ( شيخٌ لأَبِي عَليَ الغَسّاني ) .
( وأَغْرِبَةُ العَرَبِ : سُودَانُهم ) ؛ شُبِّهُوا بالأَغْربة في لَونهم . زاد شيخُنا وكلُّهم سَرى إِليهم السواد من أُمَّهاتهم ، ( والأَغْرِبَةُ في الجَاهِليَّة ) أَي قَبْلَ الإِسلام : أَبُو الفَوَارِس ( عَنْتَرَةُ ) ابنُ شَدَّاد بْنِ مُعَاوِيَة بْنِ قُرَادٍ المَخْزُوميُّ ثم العَبْسِيّ ويقال له عَنْتَرَة بنُ زَبِيبَةَ ؛ وَهِي أَمَةٌ سوداءُ ( وخُفَافٌ ) كغُرَاب ابنُ عُمَيْر بْنِ الحَارِثِ بْنِ الثَّرِيد السُّلمى ( ابْن نُدْبَةَ ) بالضم وهي جاريَةٌ سوداءُ سباها الحَارِثُ ووَهَبَها لابنِه عُميْر ، فولَدَت له خُفَافاً ، قال شيخُنا ؛ وصَرَّحُوا أَنه مُضَرمٌ . وقال ابن الكَلْبِيُّ : شَهِد الفَتْح . وقال غيرُه : شَهِد حُنَيناً وعاش إِلى زَمَن سيّدِنا عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِي اللّهُ عنه . وترجمته في الإِصَابة والمُعْجَم . ( وأَبو عُمَيْرِ بْنُ الحُبَابِ ) السّلَمِيُّ أَيضاً ( وسُلَيْكُ ) المَقانب ( بن السُّلَكَة ) كهُمَزَة وَهِيَ أُمّه . عَدَّاء بَالِغ : يقال : أَعْدَى من السُّلَيْك ، وسيأْتي : ( وهشَامُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْط ، إِلَّا أَنَّه ) أَي هِشَاماً هذا ( مُخَضْرَمٌ قد وَلِي في الإِسْلَامِ ) . قال ابنُ الأَعْرَابِيّ : وأَظُنّه قَد وَلِيَ الصائِفَة وَبَعْضَ الكُوَر . قال شيخُنا : ظاهِرُه أَنه وحدَه مُخَضْرَمٌ وسبق أَنَّهُم عَدُّوا خُفَافاً مُخَضْرَماً . ثم إِنَّ هذِه الأَرْبَعَةَ اقْتَصَرَ عليهم أَبُو مَنْصُور الثَّعَالِبِيُّ في ثمار القلوب ، وزَادَ في التَّهْذِيبِ والمُحْكَم ولسان العرب .
( و ) أَغْرِبَةُ العَرَب ( مِنَ الإِسْلَامِيِّين : عبدُ اللّهِ بْنُ خَازِم ) بالمُعْجَمَة والزاي ( وعُمَيْرُ بْنُ أَبِي عُمَيْر ) بْنِ الحُبَاب السُّلَمِيّ المُتَقَدِّم ذكرُه . ( وهَمَّام ) كشَدَّادٍ ( ابْنُ مُطَرِّف ) التَّغْلَبِيّ . ( ومُنْتَشِرُ بنُ وَهْب ) البَاهِلِيّ . ( وَمَطَرُ بْن أَوْفَى ) المَازِنيّ . ( وتَأَبَّطَ شَرًّا ) لقب ثَابِت بْنِ جابِر بْنِ مُضَر بنِ نزَار ، وسَيَأْتِي . ( والشَّنْفَرَى ) : اسمُ شَاعِر من الأَزْد من العَدَّائين . ( وحَاجزٌ ) قال ابن سيده : كُلُّ ذلك عن ابن الأَعْرَابيّ غَيْرَ أَن حَاجِزاً ( غَيْر مَنْسُوب ( إِلى أَبٍ
____________________

(3/471)


ولا أُمَ ولا حَيَ ولَا مَكَانٍ ولا عَرَّفَه ابنُ الأَعْرَابيّ بأَكْثَرَ مِنْ هذَا .
( والإِغْرَابُ : إَتْيَانُ الغَرْبِ ) . يقال : غَرَّبَ القومُ : ذَهَبُوا في المَغْرِبِ . وأَغْرَبُوا : أَتَوا الغَرْبَ .
( و ) الإِغْرَابُ : ( الإِتْيَانُ بالغَرِيبِ ) . يقال : أَغربَ الرجلُ إِذَا جَاءَ بشْيءٍ غَرِيبٍ ، ولا يَخْفَى ما في كلام المُصَنِّف من حُسْنِ السبك . وفي الأَسَاس : يقال : تَكَلَّمَ فأَغْرَبَ : جاءَ بغَرِيبِ الكلام ونَوَادِرِه ، وفلان يُغرِبُ كلامَه ويُغْرِبُ فِيه . أَغْرَبَ القَوْمُ : انْتَوَوْا . وأَغْربَ فِي الأَرْضِ إِذَا أَمْعنَ فِيها ، ( كالتَّغْرِيبِ ) قال ذُو الرُّمَّةِ :
فَراحَ مُنْصَلِتاً يحْدُو حَلَائِلَه
أَدْنَى تَقَاذُفِهِ التَّغْرِيبُ والخَبَبُ
وغَرَّبت الكلابُ : أَمعَنَت في طَلَب الصَّيْد . ويُقَالُ للرَّجُل : يا هَذَا غَرِّب شَرِّق ، ومثِل في الأَساس ( و ) الإِغْرَاب
____________________

(3/472)


( بيَاضُ الأَرْفَاغ ) ممّا يَلي الخَاصِرة .
( ومَغْرِبانُ الشَّمْس ) على لفظ تَثْنِيَة المَغْرِب : ( حيث تَغْرُبُ . و ) قَوْلُهُم : ( لَقِيتُه مَغْرِبَها ) ومغْرِبانَها ومغْرِبَانَاتِهَا ( ومُغَيْرِبانَها ومُغَيْرِبَانَاتِهَا ) أَي ( عِنْدَ غُرُوبِهَا ) .
وفي لِسَانِ العَرَب ، وقولُهُم : لَقِيتُه مُغَيْرِبَانَ الشَّمْسِ صَغَّروهُ على غَيْر مُكَبَّرِه كأَنَّهم صَغَّرُوا مَغْرِبَاناً والجَمْع مُغَيْرِبانَاتٌ ، كما قَالُوا : مَفارِقُ الرَّأْس كأَنَّهم جعَلُوا ذلك الحَيِّز أَجزاءً كُلَّما تَصَوَّبَت الشمسُ ذَهب منها جُزْءٌ فجَمَعُوه على ذلك . وفي الحَديثِ ( أَلَا إِنَّ مَثَلَ آجَالِكُم في آجَال الأُمَم قبلَكُم كما بَيْن صلَاة العَصْر إِلَى مُغَيْرِبَانِ الشَّمْس ) أَي إِلَى وَقْت مَغِيبهَا . وفي حديث أَبي سعيد ( خَطَبَنَا رسولُ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِلَى مُغَيْرِبَانِ الشَّمْسِ ) .
( وتَغَرَّب : أَتَى مِنَ ) قِبَل ( المَغْرِبِ ) وبه فَسَّر بعضُهُم قولَ سَاعِدة بْن جُؤَيَّة في وَصْف السَّحَاب ، المُتَقدِّم ذكره .
( والغَرْبِيُّ مِنَ الشَّجَرِ : ما أَصَابَتْه الشَّمْسُ بحَرِّهَا عند أُفُولِهَا ) وفي التنزيل العزيز : { زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ } ( النور : 35 ) . ( و ) الغَرْبِيّ : ( نَوْعٌ من التَّمْرِ ) ، وقد تَقَدَّم عن أَبِي حَنِيفَة أَنَّه الغُرَابِيّ . ( و ) الغُرَابِيُّ ( و ) الغَرْبيُّ : ( صِبْغٌ أَحْمَرُ ) ، نقله الصَّاغَانِيّ . ( و ) الغَرْبِيُّ : ( فَضِيخُ ) ، بمُعْجَمَات كأَمِير ( النَّبِيذ ) ، قال أَبو حَنِيفة : الغَرْبيّ يُتَّخَذُ من الرُّطَبِ وَحْدَه ، ولا يَزَالُ شَارِبُه مُتماسِكاً ما لم يُصِبْه الرِّيحُ ، فإِذا بَرَزَ إِلَى الهواء وأَصَابَه الرِّيحُ ذَهَب عَقْلُهُ ، ولذلِكَ قال بَعْضُ شُرَّابه :
إِن لم يَكُن غربِيُّكُم جَيِّداً
فنَحْنُ بِاللّهِ وبِالرِّيحِ
( و ) الغُرُبُ : غُيُوبُ الشَّمْس . وغٍ رَبَت الشَّمْسُ تغرُب غُروباً ومِغَيْرِبَاناً : غَابَتْ في المَغْرِب ، وكذلك ( غَرَبَ ) النجمُ ، أَي ( غَابَ ، كَغَرَّب ) مُشَدَّداً ، وغَرَب الوحشُ : عابَ في كِناسِه ، من الأَسَاس ، ( و ) غَرَبَ
____________________

(3/473)


غَرْباً : ( بَعُدَ ، كغَرَّب وتَغَرَّب ، ويقال : اغْرُبْ عَنِّي ، أَي تَبَاعَدْ .
( واغْتَرَبَ ) الرجلُ : نكَحَ في الغَرَائبِ . و ( تَزَوَّجَ في غَيْرِ الأَقَارِبِ ) . وفي الحديث ( اغْتَرِبُوا لا تُضْوُوا ) أَي لا يَتَزَوَّج الرَّجُلُ في القَرَابَةِ فيجِيءَ ولَدُه ضَاوِيًّا . والاغِترَابُ : افْتعَالٌ من الغُرْبَة ، أَراد تَزَوَّجُوا إِلَى الغَرَائِب من النِّساءِ غَيْرِ الأَقَارِب فإِنّه أَنجبُ للأَوْلَاد . ومنه حديث المُغِيرَة ( ولا غَرِيبَةٌ نَجِيبَةٌ ) أَي أَنَّها مع كَوْنها غَرِيبةٌ فإِنَّها غيرُ نَجِيبَةِ الأَوْلَاد .
( و ) غُرَّبٌ ( كسُكَّرٍ : جَبَلٌ بالشَّام ) دونها في بِلاد بَنِي كَلْب ، ( وبهاءٍ ) عَيْن ( مَاء عِنْدَه ) وهي الغُرَّبة بالتَّشْدِيد ( وقد يُخَفَّفُ ) ، والتشْدِيد هُوَ الصَّحيح ، هذَا قول ابن سِيده . وقال غيره : غُرَّب : اسْمُ مَوْضع ، ومنه قَوْلُه :
في إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْن لغُرَّبِ
( واسْتَغْرَبَ ) في الضحِك معنِيًّا للمَعْلُوم ، ( واسْتُغْرِبَ ) مَبْنِيًّا للمَجْهُول أَي أَكثرَ مِنْه ، وهذه عن الصَّاغَانيّ . ( و ) يقال ؛ ( أَغْرَبَ : بَالَغَ في الضَّحِكِ ) أَو إِذَا اشتَدَّ ضَحِكه ولَجَّ فيه ، واستَغْرَب عليه الضَّحِكُ كذلك . وفي الحديث ( أَنَّه ضَحِك حتَّى استَغْرَبَ ) . أَي بَالَغ فيه . يقال : أَغْرَبَ في ضَحِكه واستَغْرَب ، وكَأَنَّه من الغَرْب وهو البُعْد . وقيل : هو القَهْقَهَة . وفي حَدِيثِ الحَسَن ( إِذا استَغْرَبَ الرجلُ ضَحِكاً في الصَّلَاةِ أَعَادَ الصَّلَاةِ أَعَادَ الصَّلَاة ) وقال وهو مَذْهَب أَبِي حَنيفَة ويزيد عليه إِعَادَة الوُضُوء . وفي دعاءِ أَبي هُبَيْرَة : ( أَعوذُ بِكَ من كُل شَيْطان مُسْتَغْرِب وكُلِّ نَبَطِيَ مُسْتَعْرِبٍ ) . قال الحَرْبِيُّ : أَظُنّه الذي جَاوَزَ القَدْرَ في الخُبْثِ ، كأَنَّه من الاستِغْرَابِ في الضِّحِك ، ويجوز أَن يكون بمعنى المُتَنَاهِي في الحِدَّة ، من الغَرْب وهي الحِدَّة . قال الشاعر :
فما يُغْرِبُونَ الضَّحْكَ إِلّا تَبَسُّماً
لا يَنْسُبُون القَوْلَ إِلّا تَخَافِيَا
وعن شَمر : يقال : أَغرَبَ الرجلُ إِذا ضَحِكَ حتّى تَبْدُوَ غُرُوبُ أَسْنَانه ، كذَا في لسان العرب ، وبَعْضُه من المُحْكَم
____________________

(3/474)


والتَّهْذِيب والأَسَاسِ .
( والعَنْقَاءُ المُغرِبُ بالضَّمِّ ) أَي بِضَمِّ المِيمِ ( وَعَنْقَاءُ مُغْرِبٌ ) بغير الهَاء فِيهِما ( و ) عَنْقَاءُ ( مُغْرِبَ ) بالهاء ( و ) عَنْقَاءُ ( مُغْرِبٍ ، مُضَافَةً ) عن أَبِي عَلِيّ : ( طَائِر مَعْرُوفُ الاسْم لا الجِسْم ) وفي الصَّحَاح مَجْهُول الاسم . وقال أَبُو حَاتِم في كِتَاب الطَّيْرِ : وأَما العنْقَاءُ المُغْرِبةُ فالدَّاهِيَةُ ولَيْست من الطَّيْر فيهما عَلمْنا ، وقال الشَّاعرُ :
ولولا سُلَيْمَانُ الخَلِيفَةُ حلَّقَت
بِه مِنْ يَدِ الحَجَّاح عَنْقَاءُ مُغْرِبُ
( أَو ) هو ( طَائِرٌ عَظِيمٌ يُبْعِدُ في طَيرَانه ) . يُقَال : هو العُقَاب ، وقيل : لَيْسَ بِهِ ، لا تُرى إِلَّا في الدُّهُور ، وقال : الزَّجَّاج : لَمْ يَرَه أَحدٌ ، وقيل في قَوْلهِ تَعَالى : { طَيْراً أَبَابِيلَ } ( الفيل : 3 ) هي عَنْقَاءُ مُغْربةٌ . وقال ابْنُ الكَلْبِيّ : كان لأَهْلِ الرَّسِّ نَبيٌّ يقال له حَنْظَلَةُ بنُ صَفْوَان ، وكان بأَرْضِه جَبل يقال له دَمُخ مَصعدُه في السَّماءِ مِيلٌ ، فكان يَنْتَابُه طَائِرٌ كأَعظَمِ ما يكُونُ ، له عُنُقٌ طَويلٌ كأَحْسَن ما يَكُنن ، فيه من كُلِّ لَوْن ، وكانَت تَقَع مُنْقَضَّة على الطَّيْر فتأْكُلُهَا فجاعت وانقَضَّت على صبِيَ فذهَبَت بِهِ ، فسُمِّيت عَنْقَاءَ مُغْرِباً ؛ لأَنها تَغْرُب بكُلِّما أَخذَتْ ، ثم انقَضَّت على جَارِية تَرعَرَعت فضَمَّتْهَا إِلَى جَنَاحَيْن لها صغيرين ، ثم طارَتْ بهَا فشَكَوْا ذَلِك إِلى نَبِيِّهم فدَعَا عليها ، فسلَّطَ اللّهُ عَلَيْها آفَةً فهَلَكت ، فضَرَبت بها العربُ مَثَلاً في أَشْعَارِها ، ( أَو ) هو ( مِنَ الأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ على غَيْرِ مَعْنًى ) ، وقال ابنُ دُرَيْد : كلمة لا أَصْلَ لَها . وقال غيْرُه : لم يبْقَ في أَيْدي النَّاسِ من ص 2 فَتِهَا غيرُ اسْمِهَا . ( و ) في الحديث : ( طَارَتْ بِهِ عنْقَاءُ مُغْرب ) أَي ذَهَبَت به ( الدَّاهِيَةُ ) ، وسيَأْتِي ذلكَ للمُصَنّف بعَيْنه في ( ع ن ق ) . ( و ) قال أَبو مَالِك : العَنْقاءُ المُغْرِبُ ( رأْسُ الأَكَمَةِ ) في أَعْلَى الجَبَلِ الطَّوِيل ،
____________________

(3/475)


وأَنكَرَ أَن تَكُونَ طَائِراً وأَنشد :
وقَالُوا الفَتَى ابْنُ الأَشْعَرِيَّة حلَّقَت
بِهِ المُغْرِبٌ العنْقَاءُ إِنْ لم يُسَدَّدِ
ومنه قالوا : طارَت بِهِ العَنْقَاءُ المُغْرِبُ . قال الأَزْهَرِيُّ . حذِفَت هاء التأْنِيث مِنْهَا ، كما قَالُوا : لِحْيَةٌ نَاصِلٌ ( وأَغرَبَ الدابَّةُ ) إِذَا اشْتَدَّ بَيَاضُه . ( و ) في التَّهْذِيبِ : والعَنْقَاءُ المُغْرِبُ قال : هكَذَا جَاءَ عن العرَب بغَيْر هَاءٍ وهي ( الّتِي أَغْربَت في البِلَاد فَنَأَتْ ) أَي بَعُدت ( فلم تُحَسَّ ولَمْ تُرَ ) ، مَبْنيًّا للمجهول فيهما .
( والتَّعْرِيبُ : أَن يَأْتِيَ بِبَنِينَ بِيضٍ وبَنِين سُودٍ ) فَهُو ( ضِدٌّ ) . قال شَيْخُنَا : هذا تَعَقَّبُوه ، وقَالُوا : لا ضِدّيّةَ فِيهِ فإِنَّ التَّغرِيبَ هو الإِتْيَانُ بالنَّوْعَيْن جَمِيعاً ، الإِتيانُ بكخلِّ وَاحد من النَّوّعَيْنِ على انفرادِه لا يُسَمَّى تَغْريباً حَتَّى يَكُونَ من الأَضْدَادِ ، كما أَشَار إِلَيْه سعدى لبي ، انتهى .
( و ) التَّغْرِيبُ : ( أَنْ تَجْمَعَ ) الغُرَابَ ؛ وهو ( الثَّلْج والصَّقِيع فَتَأْكُلَه ) .
والتَّغْرِيبُ في الأَرْضِ : الإِمْعَانُ ، وقَدْ تَقَدَّم ، وغَرَّبَه إِذَا نَحَّاه ، كأَغْرَبَه . والتَّغْرِيبُ : النَّفْيُ عن البلد الّذِي وَقَعَت الخِيَانَةُ فِيهِ . وفي الحَدِيث ( أَنَّ رَجُلاً قَالَ لَه : إِنَّ امْرَأَتي لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ فقال : غَرَّمْهَا ) . أَي أَبْعدْهَا يُرِيد الطَّلبَاقَ . وغَرَّبهُ الدَّهْرُ وغَرَّبَ عَلَيْه : تَرَكَه بُعْداً .
( والمُغرَب بفَتْحِ الرَّاءِ ) أَي مع ضَمِّ المِيم : ( الصُّبْحُ ) ، له بَياضِه . والغُرَابُ : البَرَدُ ، لِذَلِك ، وقد تقدَّمَت الإِشَارَةُ إِلَيْه ( و ) المُغْرَبُ : ( كُلُّ شَيْءٍ أَبْيَضَ ) . قال مُعَاوِيَةُ الضَّبِّيّ :
فهَذَا مَكَانِي أَوْ أَرَى القَارَ مُغْرَباً
وحَتَّى أَرَى صُمَّ الجِبَال تَكَلَّمُ
ومَعْنَاه أَنَّه وَقَعَ في مَكَان لا يَرْضَاه ولَيْسَ لَه مَنْجًى إِلّا أَنْ يَصيرَ القَارُ أَبيضَ ، وهو شِبْهُ الزِّفْت أَو تُكَلِّمَهُ الجِبَال ، وهذا ما لا يكُونُ ولا يَصِحُّ وُجُودُه عادَةً .
____________________

(3/476)



( أَو ) المُغْرَبُ : ( ما كُلّ شَيْء منه أَبْيَضُ ، وَهُوَ أَقْبَحُ البَيَاضِ . و ) في الصّحاح : المُغْرَبُ : ( ما ابْيَضَّ أَشْفَارُه ) من كُلّ شَيْء . قال الشَّاعِرُ :
شَريجَان مِنْ لَوْنَيْنِ خِلْطَانِ مِنْهُمَا
سَوَادٌ ومِنْهُ وَاضِحُ اللَّوْنِ مُغْرَبُ
وعن ابن الأَعْرَابِيّ : الغُرْبَةُ : بياضٌ صِرْفٌ . والمُغْرَبُ مِنَ الإِبِل : الَّذِي تَبْيَضُّ أَشْفارُ عَيْنَيه وحَدَقَتَاه وهُلْبُه وكُلُّ شَيْءٍ منه . وقال غيرُه المُغْرَب من الخَيْلِ : الَّذِي تَتَّسع غُرَّتُه في وَجْهه حتَّى تُجَاوِزَ عَيْنَيْهِ . ويقال : عَيْنٌ مُغْرَبَةٌ أَي زَرْقَاءُ بيْضَاءُ الأَشْفَارِ والمَحَاجِر فإِذَا ابيضَّت الحَدَقَة فهو أَشَدُّ الإِغْرَاب .
( والغِرْبِيبُ بالكَسْرِ ) : ضَرْبٌ من العِنَب بالطَّائِف شَدِيدُ السَّوَادِ وهو ( مِنْ أَجْوَدِ العِنَبِ ) وأَرَقِّه وأَشَدِّه سَوَاداً ( و ) في الحَدِيث : ( إِنَّ الله يُبْغِضُ ( الشَّيْخ ( الغِرْبِيبِ ) هو الشَّدِيد السَّواد ، وجَمْعُه غَرَابِيبُ . أَراد الَّذِي لا يَشِيبُ وقيل : أَرادَ الَّذِي ( يُسَوِّدُ شَيْبَه بالخِضَابِ و ) يقال : ( أَسْوَدُ غِرْبِيبٌ ) أَي ( حَالِكٌ ) شَدِيدُ السَّواد . ( وأَمَّا ) إِذَا قُلْتَ : ( غَرَابِيب سُودٌ فإ ) نَّ ( السُّود بَدَلٌ ) من غَرَابِيب ( لأَنَّ تَوْكِيدَ الأَلْوَانِ لا يَتَقَدَّم ) وهو عِبَارَةُ ابْن مَنْظُور . قال شَيْخُنَا نَقْلاً عن السُّهَيْلِيّ : وظاهرُه أَنَّ تَوْكِيدَ غَيْرِ الأَلْوان يتَقَدَّم ، ولا قَائِلَ بِه من أَهْلِ العَرَبِيَّة : وقال الهَرَوِيّ : أَي ومن الجِبَال غَرَابِيبُ سُودُ وهي الجدر ذوات الصُّخُورِ السُّود .
( وأُغرِبَ ) الرَّجُلُ ( بالضَّم ) أَي ( اشْتَدَّ وَجَعُه ) من مَرَضٍ أَو غَيْرِه ، عن الأَصْمَعِيّ : ( و ) أُغْرِب ( عَلَيْه ) وأُغْرِب به : ( صُنِع بِهِ صَنِيعٌ قَبيحٌ ) ، كما في التَّكْمِلَة . ( و ) أُغْرِب ( الفَرسُ : فَشَتْ غُرَّتُه ) وأَخذَت عَيْنَيْه وابيَضَّت الأَشْفَارُ ، وكذلك إِذَا ابيَضَّت من الزَّرَق أَيْضاً ، وقد تقدَّم بيان الإِغْرَاب في الخَيْل .
( والغُرُوب ، بضَمَّتَيْن : الغَرِيبُ ) . ورجلٌ
____________________

(3/477)


غَرِيبٌ وغُرُبٌ بِمَعْنًى ، أَي لَيْسَ مِنَ القَوْم ، وهُمَا غُرُبَانِ : قال طَهْمَانُ بْنُ عَمْرٍ و الكِلَابِيُّ :
وإِنِّيَ والعَبْسِيَّ في أَرْضِ مَذْحِجٍ
غَرِيبانِ شَتَّى الدَّارِ مُخْتلِفَانِ
وما كان غَضُّ الطَّرْفِ مِنَّا سَجِيَّةً
ولكِنَّنَا فسي مَذْحِجٍ غرُبَانِ
والغُرَباءُ : الأَبَاعِدُ . وعن أَبي عَمْرو : رَجُلٌ غَرِيب وغَرِيبِيِ وشَصِيبٌ وطَارِيٌّ وإِتاوِيّ بِمَعْنًى . وفي لِسَانِ العَرَب : والأُنْثَى غَرِيبَةٌ والجَمْعُ غرَائِب ، قَالَ :
إِذَا كوكبُ الخَرْقَاءِ لَاحَ بسُحْرَةٍ
سُهَيْلٌ أَذَاعَتْ غَزْلَهَا في الغَرَائِبِ
أَي فَرّقَتْه بينَهُن . وذلك لأَنَّ أَكثَر مَنْ تَغْزِل بالأُجْرة إِنَّمَا هِيَ غَرِيبَة .
وفي الحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللّهُ علَيْه وسَلَّم سُئلَ عن الغُرَبَاءِ فَقَالَ : ( الَّذِين يُحْيُون ما أَمَاتَ النَّاسُ من سُنَّتِي ) وفي آخرَ : ( إِنَّ الإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيباً ، وسَيعُودُ غَرِيباً ، فطُوبَى للغُربَاءِ ) أَي أَنّه في أَوَّل أَمْره كالغَرِيب الوَحيدِ الَّذي لَا أَهْلَ لَه عِنْده .
( والغُرَابَاتُ والغُرَابِيُّ والغُرُبَاتُ ) والغُرَابِيُّ والغُرُبَاتُ ) كقُرُبَات ( وغُرْيُبٌ ) كقُنْفُذٍ ( ونِهْيُ ) بالكسر ، ( غُرَاب ، و ) نِهْيُ ( غُرُبٍ بضَمِّهِن ) راجع لِلْكُلِّ وفي نُسْخَة بضَمَّتَيْن ؛ ( مَوَاضِعُ ) . الثَّانِي من حُصُونِ اليَمَن ، قد تقدم ذكرُه في أَوَّل المَادَّة ، والأَوَّلُ والثَّالثُ والرَّابعُ ومَا بَعْدَهَا نَقَلَه الصَّاغَانِيّ ، وضَبَطَ الرَّابع كزُبَيْر ، وقد جاءَ ذِكْرُه في شِعْرٍ مُضَافاً إِلى ضَاحٍ ، وهو وَادٍ في دِيَار بَنِي كِلَاب ، فَتَأَمَّل .
( و ) في الأَسَاس : وجْهٌ كمرْآةِ الغَرِيبَة ؛ لأَنَّهَا في غَيْر قَوْمِها فمِرآتُهَا أَبداً مَجْلُوَّة .
ومن المجاز : استِعرْ لنا ( الغَريبَة ) وَهي ( رَحَى الْيَد ) ؛ سُمِّيت ( لأَنَّ الجِيرَانَ يَتَعَاوَرُونَها ) بينَهم ولا تَقَرُّ عند أَصْحَابِهَا ، وأَنْشَدَ بَعْضُهم :
____________________

(3/478)



كأَنَّ نَفِيَّ مَا تَنْفِي يَدَاهَا
نَفِيُّ غَرِيبَة بِيَدَيْ مُعِينِ
والمُعِينُ : أَن يَسْتَعِينَ المُدِيرُ بِيَدِ رَجُل أَو امْرَأَة يضَعُ يَدَه على يَدِه إِذَا أَدَارَهَا .
( والغَارِبُ : الكَاهِلُ ) من الخُفِّ ، ( أَو ) هو ( مَا بَيْنَ السَّنَام والعُنُقِ ، ج غَوَاربُ و ) منه قولُهم : ( حَبْلُكِ عَلى غَارِبكِ ) ، وهو من الكنَايَات ، وكَانَت العَرَبُ إِذَا طَلَّقَ أَحَدُهُم امرأته في الجَاهِلّية قال لها ذلك ( أَي ) خَلَّيْتُ سبيلَكِ ( اذْهَبي حَيْثُ شِئْت ) . قال الأَصْمَعيّ : وذلكَ أَنَّ النّاقَةَ إِذَا رَعَتَ وَعلَيْهَا خطَامُها أُلْقِي عَلَى غَارِبها ، وتُرِكَت لَيْسَ عَلَيْهَا خِطَام ؛ لأَنَّها إِذَا رَأَتِ الخِطَام لم يُهْنِها المَرْعَى . قال : مَعْنَاه أَمرُكِ إِلَيْكِ اعْمَلِي ما شِئْتِ . وفي حديث عائشة رَضِيَ اللّهُ عنها قالت لِيَزِيدَ بْنِ الأَصَمّ : ( رُمِيَ بِرَسَنِكَ على غَارِبكَ ) أَي خُلِّيَ سَبِيلُكَ فليس لك أَحَدٌ يَمْنَعُكَ عَمَّا تُرِيد ، تَشْبِيهاً بالبَعِير يُوضَعُ زِمَامُ ( على ظَهْرِه ) ويُطْلَق يَسْرَح أَيْنَ أَرَادَ في المَرْعَى . وَوَرَدَ في الحَدِيث في كِنَايَات الطَّلَاقِ ( حَبْلُك على غَارِبك ) أَي أَنْت مرسَلةٌ مُطلَقَة غَيْرُ مَشْدُودَة ولا مُمْسَكة بعَقْدِ النِّكاح .
والغَارِبَان : مُقَدَّمُ الظَّهْر ومُؤَخَّرُه . وقيل : غَارِب كُلِّ شَيْء : أَعلَاهُ . وبَعِيرٌ ذو غَارِبَيْن إِذَا كان ما بَيْنَ غَارِبَيّ سَنَامِه مُتَفَتِّقاً ، وأَكثَرُ مَا يَكُونُ هَذَا في البَخَاتِيّ الَّتِي أَبوها الفَالِج وأُمّهَا عَرَبِيَّة . وفي حَدِيث الزُّبَيْرِ : ( فما زال يَفْتِلُ في الذِّرْوَة والغارِب حَتَّى أَجابَتْه عَائشةُ إِلَى الخُرُوج ) الغارِبُ : مُقدَّمُ السَّنام والذَّرْوَةُ : أَعْلاه . أَراد أَنَّه ما زال يُخادِعُهَا وَيَتلطَّفُهَا حَتَّى أَجابَتْه ، والأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الرجلَ إِذا أَرَادَ أَنْ يُؤَنِّسَ البعِيرَ الصَّعْبَ ليَزُمَّه وَيَنْقَادَ لَهُ جعلَ يُمِر : يدَه عليه ، ويَمْسَحُ غاربَه ويَفْتِلُ وَبَرَه حتى يَسْتَأْنِس ويَضَع فيه الزِّمَامَ ، كذا في لِسَان العرب .
____________________

(3/479)



( و ) في الأَسَاسِ : ومن المَجَاز : بحرٌ ذُو غَوَارِبَ ، ( غَوَارِبُ المَاءِ ) : أَعَالِيه . وَقيل : ( عَوالِي ) وفي نسخة أَعالِي ( موْجِهِ ) شُبِّه بغوَارِب الإِبِل ، وقيل : غارِبُ كُلِّ شيء ؛ أَعلاهُ . وعن الليث الغَارِبُ ) : أَعْلَى المَوْج وأَعْلَى الظَّهْرِ . والغَارِبُ : أَعلَى مُقَدَّمِ السَّنامِ ، وقد تَقَدَّم . ( و ) في الحديث أَنَّ رَجُلاً كان واقِفاً معه في غَزَاةٍ ف أَصابَه سَهْمُ غَرْبٍ ) بالسُكون ( ويُحَرَّكُ ) وهذا عن الأَصْمَعِيّ والكسَائِيّ ، وكذلك سَهْمُ غرَبٍ بالإِضافَةِ في الكُلِّ ( و ) كذلك ( سَهْمٌ غَرْبٌ نَعْتاً ) لسَهْم ( أَي لا يُدْرَى رَامِيهِ وقيل : هو بالسُّكُون . إِذَا أَتاهُ مِن حَيْث لا يَدْرِي ، وبالفَتْح إِذا رَمَاه فأَصَاب غيرَه . وقال ابنُ الأَثِيرِ والهَرَوِيّ : لم يَثْبُت عن الأَزْهَرِيّ إِلّا الفَتْحُ ، ونقل شَيخُنا عن ابْنِ قُتَيْبَة في غَرِيبه : العَامّة تَقُولُ بالتَّنْوِين وإِسْكَانِ الراء منْ غَرْب ، والأَجْوَدُ الإِضافَةُ والفَتْح ، ثم قال : وحكى جَمَاعَةٌ من اللُّغَويِّين الوَجْهَيْن مُطْلَقاً ، وهو الذي جَزَم به في التَّوْشيح تَبَعاً للجَوْهَرِيّ وابْنِ الأَثِير وغَيْرِهما . ( وغَرِب كفَرِح ) غَرَباً : ( اسْوَدَّ ) وجهه من السَّمُوم ، نقله الصَّاغَانِيّ .
( و ) غَرُبٍ ( كَكَرُم : غَمُضَ وَخِفي ) . ومنه الغَرِيب وهو الغَامِضُ من الكَلَام . وكَلِمَة غرِيبَةٌ وقد غَرُبت وهو من ذلِك .
وفي الأَسَاس : ويقال : في كَلَامِه غَرَابَة ، وقد غَرُبَتِ الكَلِمَة : غَمُضَت فِي غَرِيبَة .
( و ) في النِّهَايَة وَرَدَ : إِنَّ فِيكُم مُغَرِّبين ، قيل : وما ( المُغَرِّبُون ) ؟ أَي ( بكَسْرِ الرَّاءِ المُشَدَّدَةِ في الحدِيث ) الوَارِد ، قال : ( الَّذِين تَشْرَكُ ) وفي نسخة تَشْتَرِكُ ( فِيهِم الجِنُّ ؛ سُمُّوا بِه لأَنَّهُ دَخَل فِيهِمِ عِرْقٌ غَر 2 يبٌ ، أَو لِمَجِيئهِم ) . 6 وعبارة النِّهَايَة : أَوْ جاءُوا ( مِنْ نَسَبٍ بَعِيدِ ) . وعَلَى هذا اقْتَصَر الهَرَوِيُّ في غَرِيبَيْه . وزادَ في النِّهَاية ونَقَلَه أَيضاً ابنُ مَنْظُور الإِفْرِيقيّ : وقيل : أَرادَ بمُشَاركة الجِنِّ فيهم أَمْرَهُم بالزِّنَا وتَحْسِينَه لَهُم ، فجَاءَ أَولادُهُم عن غير رِشْدَة . ومنه قولُه تَعَالَى : { وَشَارِكْهُمْ فِى الاْمْوالِ وَالاْوْلَادِ } ( الإسراء : 64 ) .
____________________

(3/480)



ومما يُسْتَدْرَكُ عليه .
شَأْوٌ مُغَرِّب بكَسْرِ الرَّاءِ وفَتْحِهَا أَي بَعِيدٌ ، قال الكُمَيْتِ :
أَعَهْدَك مِن أْولَى الشِّبِيبَة تَطْلُبُ
على دُبُرٍ هَيْهَاتَ شَأْوٌ مُغَرِّبُ
وقالوا : ( هَلْ أَطْرَفْتَنَا من مُغَرِّبَةِ خَبَرٍ ) أَي هل من خَبَر جَاءَ من بُعْدٍ . وقيل : إِنَّمَا هُو من مُغَرَّبَة خَبَر . وقال يَعْقُوب : إِنمَا هو هَلْ جَاءَتْكَ مُغَرِّبَة خبر ، يَعْنِي الخَبَرَ الذِي يَطْرَأُ عَلَيْكَ من بَلَد سِوَى بَلَدك . وقال ثَعْلَب : ما عنْدَه من مُغَرِّبَة خَبَر ، تَسْتَفْهِمه أَو تَنْفى ذَلك عنه ، أَي طَرِيفَةٌ . وفي حديث عُمَرَ رَضي الله عَنْه أَنَّه قَالَ لِرَجُلٍ قَدِم عليه من بَعْض الأَطْرَاف : ( هل مِنْ مُغَرِّبَةِ خَبَر ؟ ) أَي هل من خَبَرٍ جَديدٍ جَاءَ من بَلَد بَعيد . قال أَبو عُبَيْد : يقال بكَسْر الرَّاءِ وفَتْحِهَا مع الإِضَافَة فِيهِمَا . قالها الأُمَويُّ بالفَتْح ، وأَصلُه من الغَرْب وهو البُعْد ، ومنه قِيل : دَارُ فُلَان غَرْبَة ، والخَبَر المُغْرِبُ : الَّذِي جَاءَ غَرِيباً حَادِثاً طَريفاً . وأَغربَ الرجُلُ . صار غَرِيباً ، حكاه أَبو نَصْر .
وقِدْحٌ غَرِيب : لَيْسَ من الشَّجَر التي سائِرُ القِدَاح مِنْهَا ، وعَيْنٌ غَرْبَةٌ : بَعِيدَةُ المَطْرَحِ ، وإِنَّه لغَرْبُ العَيْنِ : بَعِيدُ مَطْرَح العَيْن ، والأُنْثَى غَرْبَةُ العَيْن ، وإِيَّاهَا عَنَى الطِّرِمَّاحُ بقَوْلِه :
ذَاكَ أَمْ حَقْباءُ بَيْدَانَةٌ
غَرْبَةُ العَيْنِ جَهَادُ المَسَامْ
وقال الأَزْهَرِيّ : وكُلُّ ما وَارَاكَ وستَرك فَهُوَ مُغْرِبٌ ، وقال سَاعدَة الهُذَلِيّ :
مُوَكَّلٌ بِشُدُوف الصَّوْم يُبْصرُها
) ، من المغَارِب مخْطوفُ الحَشَازَرِمُ
وكُنُسُ الوحْشِ : مغَارِبُها ، لاسْتِتَارِهَا بهَا .
وأُغْرِبَ الرجلُ : وُلِد له وَلَدٌ أَبيضُ . وفي حديث ابن عبَّاس ، اخْتُصِم إِلَيْه في مَسِيل المطَر فقال : ( المطَر غَرْب ،
____________________

(3/481)


والسَّيْلُ شَرْق ) أَرَادَ أَنَّ أَكثَرَ السحابِ يَنْشَأُ من غَرْبِ القِبْلة والعيْن هُنَاكَ . تَقولُ العربُ مُطِرْنَا بالعَيْن ، إِذَا كَان السحابُ ناشِئاً من قِبْلَة العِرَاقِ ، وقولُه : والسيلُ شَرْقٌ يريد أنَّه يَنْحَطُّ مِن نَاحِية المَشْرِق لأَن نَاحِية المَشْرِق عَالِيَة ونَاحِيَةَ المغْرِب مُنْحَطَّة ، قال ذلك القُتَيْبِيّ ، قال ابنُ الأَثِير : ولعله شيءٌ يختَصُّ بتلك الأَرْض التي كان الخِصَام فِيهَا .
وفي المُسْتَقْصَى والأَسَاس ولِسَانِ العرَبِ ( لأَضْرِبنَّكُم ضَرْبَ غَرِيبةِ الإِبِلِ ) . قال ابنُ الأَثِير : هو قول الحجَّاج ، ضربَه مَثَلاً لنَفْسِه مع رَعِيَّته يُهدِّدُهم ، وذلِكَ أَن الإِبِلَ إِذَا ورَدَتِ الْمَاءَ فدخل فيها غَرِيبَةٌ من غَيْرِهَا ضُرِبتْ وطُرِدت حتى تَخْرُج عَنْها ، وهو مجَاز .
وفي الأَسَاسِ : ومن المَجَاز : أَرض لا يَطِيرُ غُرابُها أَي كَثِيرَةُ المَاءِ والخِصْبِ . وازْجُرْ عَنْكَ غَرَائِبَ الجَهْل ، وطَار غُرَابُه ، إِذَا شَابَ .
ومما استدْرَكَه شيخُنَا رَحِمَ اللّهُ :
من الأَمْثَال ( مَنْ يُطِع غَرِيباً يُمْسِ غَرِيباً ) قالوا : هو غَرِيب بن عِمْليق بْنِ لَاوذ بْن سام بن نُوح عَلَيْهِ السَّلَام ، وكان مُبَذِّراً للمَال ، قاله الميدَانيّ في مَجْمَع الأَمْثَالِ . وقيل في هذَا المَثَل غيرُ ذَلِكَ ، راجِعُه في كُتُب الأَمْثَالِ .
3 والغُرْبَة بالضَّمِّ : بيَاضٌ صِرْفٌ ، كَمَا أَنَّ الحُلْبَةَ سَوَادٌ صِرْفٌ .
والغَرَيبُ من الكلام : العَمِيقُ الغَامِضُ .
والغَرِيبُ فرسُ زَيْدِ الفَوَارِس .
وأَغرَبَ السَّاقِي ، إِذَا أَكْثَر الغَرْب ، أَي ما حَوْلَ الحَوْضِ من المَاءِ والطِّين .
والغَرْبِيُّ : الغَرِيبُ . والمَغَاربُ : السُّودَانُ ، والمغَارِبُ : الحُمْرَانُ . ضِدٌّ . وأَسوَدُ غُرَابِيٌّ ، مِثْلُ غِرْبِيب .
وإِذَا نَعَتُوا أَرضاً بالخِصْب قالوا : وقَعَ في أَرْضٍ لا يَطِيرُ غُرَابُهَا . ويقُولُون : وَجَد تَمْرَةَ الغُرَاب ، وذلك أَنَّه يتْبَعُ أَجْوَدَ التَّمْرِ فيَنْتَقِيه .
____________________

(3/482)



وغُرَابَة ، كثُمَامة : جِبَالٌ سُودٌ .
وأَبو الغَرْبِ بالفَتْح : عَوْفُ بْنُ كُسَيْب ، أُمُّه الرَّبْذَاءُ بِنْتُ جَرِيرِ بْنِ الخَطَفَي ، نَقله الصّاغَانِيّ . قلت : كان في أَوَاخِر دَوْلَةِ بَنِيِ أُمَيَّة ، نقلَه الأَمِير . وستُّ الغَرْب : بنتُ محمّد بْنِ مُوسَى بّن النُّعْمَان ، رَوَتْ خَبَرَ البطاقة عن ابْنِ ععلَّاقٍ . وسِتّ الغَرْبِ بِنْتُ عَلِيِّ بْن الحَسَن ، سَمِعَت من المِزِّيّ هكذا قَيَّدَهما الحَافِظ . وكَأَمِير مُحَمَّدُ بْنُ غَريب القَزَّاز ، رَاوِي كتاب الطّهور عن مُحَمَّد بْنِ يَحْيَى الخَرْوَزِيّ . وعليّ بن أَحمدَ بْنِ إِبرَاهِيمَ بْنِ غَرِيب ، خال المقتدر وغريب القِرْمِيسِينِيّ من شيوخ ابن ماكولا . وأَبو الغَرِيب مُحَمَّد بنُ عَمَّار البُخَارِيّ عن المُخْتَار بْنِ سَابِق . وبالتَّثْقِيل غرّيب لقَب مُعاوِيةَ بْنِ حُذَيْفَة بْنِ بَدْرٍ الفَزَارِيّ .
وعبدُ الخَالِقِ بْنُ أَبِي الفَضْل بْنِ غَريبَة ، كَسفِينَة ، عن أَبِي الوقْت ، مات سنة 622 ه .
وغَرِيبَةُ بِنْتُ سَالِمِ بْنِ أَحْمَد التَّاجِر ، عن أَبِي عَلِيِّ بْن المَهْدِيِّ . وغُرَابُ بنُ جُذَيْمَةَ بالضم ، وكذا غُرَابُ بْنُ ظَالِمٍ في فزارَة . وغُرَابُ بن مُحَارِب بُطُون .
غسلب : ( الغَسْلبَةُ ) أَهمله الجَوْهَرِيّ . وقَال الصّاغَانِيّ : هو ( انْتِزَاعُكَ الشيءَ مِنْ ) يد ( آخرَ كالمُغْتَصِب لَه ) .
غسنب : ( غَسْنَب المَاءَ ) أَهمَلَه الجَوْهَرِي والصَّاغَانِيّ . وفي اللِّسان أَي إِذَا ( ثَوَّرَه ) وهَيَّجه . ولكن الذي في تَهْذيب ابْنِ القَطَاع أَنَّهُمَا بالعَيْنِ المُهْمَلَة ، نقلتهُ عن نُسْخَة قَدِيمة مُصَحَّحَة ، وقد أَشرنا إِليهما آنفاً .
غشب ( الغَشْبُ ) بالبَاءِ أَهمَلَه الجَوْهَرِيّ ، وقال ابْن دُرَيْد : هو ( لُغَةٌ في الغَشْمِ ) بالمِيم . قال شيخُنا : وأَكثَرُ أَئمَّة اللُّغَة والتَّصْرِيف أَنَّهَا لَيْسَت بِلُغَة وإِنَّمَا هِيَ إِبْدَالٌ ، وهي مُطَّرِدَةٌ في لُغَة مَازِن ، وصَوَّبُوه . قال ابْنُ دُرَيْد : ( و ) أَحْسَبُ أَنَّ الغَشْب ( ع ) أَي مَوْضِع ( و ) قد
____________________

(3/483)


( سَمَّوا غَشْبِيًّا ، كأَنَّه مَنْسُوبٌ إِلَيْه ) وفي لِسَانِ العَربي : فيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوباً إِلَيْه .
غشرب : ( الغَشَرَّبُ كعَمَلَّس ) أَهْمَلَه الحَوْهَرِيّ وقال ابنُ دُرَيْدٍ : هو ( الأَسَدُ ) .
( والغُشَارِبُ بالضَّمِّ ) ، مِنَ الرِّجال : ( الجَرِيءُ الماضِي ) ، والعيْنُ لُغَةٌ في ذلِك ، وقد تَقَدَّم .
غصب : ( غَصَبَه يَغْصِبُه ( غَصْباً : ( أَخَذَه ظُلْماً ، كاغْتَصبه ) وهو غَاصِبٌ . ( و ) غَصَبَ ( فُلاناً على الشَّيءِ : قَهَرَه ) ، والاغْتِصابُ مِثْلُه . ( و ) غَصَبَ ( الجِلْدَ ) غَصْباً ، إِذَا ( أَزالَ عنه شَعَرَه ووبَرَه نَتْفاً وقَشْاً بِلَا عَطْنٍ في دِباغ ولا إِغْمَالٍ ) بالغَيْنِ المُعْجَمَة ( في نَدًى ) أَو بَوْل ولا إِدْراج . قال الأَزْهرِيُّ : سمِعْتُ ذَلِكَ عَنِ العَرب .
وفي لسان العرب : وقد تَكَرَّر ذِكْرُ الغصْب فِي الحَدِيث ، وهو أَخْذُ مَالِ الغَيْرِ ظُلْماً وعُدُواناً . وفي الحَدِيثِ ( أَنَّه غصَبَها نَفْسَها ) أَرادَ أَنَّه وَاقَعها كُرْها فاسْتَعَارَه لِلْجِمَاع .
غصلب : ( الغُصلُبُ بالضَّمِّ ) أَهملَه الجَوْهَرِيّ وصاحِبُ اللِّسَان ، وقال الصَّاغَانِي : هو ( الطَّوِيلُ المُضْطَرِبُ ) مِنَ الرِّجَالِ .
غضب : ( الغَضْبُ ) بفَتْح فَسُكُون : ( الثَّوْرُ ، والأَسَدُ ، كالغَضُوب . وَ ) الغَضْبُ : ( الشَّدِيدُ الحُمْرَةِ أَوِ الأَحْمَرُ ) من كُلِّ شَيْء . و ( الغَليظُ . و ) الغَضْبُ : ( صَخْرَةٌ صُلْبَةٌ ) مُسْتَدِيرَةٌ ( كالغَضْبَةِ ) بالهاء قال رُؤْبَةُ :
قال الحَوَازِي وأَبَى أَنْ يُنْشَعَا
أَشَرْبَةٌ في قَرْيَة ما أَشْفَعَا
وغَضْبَةٌ في هَضْبَةٍ ما أَمْنَعَا
وقِيل : هِيَ المُرَكَّبةُ في الجَبَل المُخَالِفَةُ له .
____________________

(3/484)



( و ) الغَضَبُ ( بالتَّحْرِيكِ : ضِدُّ الرِّضَا ) وقد اخْتَلَفُوا في حَدِّه ، فقِيل : هو ثَوَرَانُ دمِ القَلْبِ لقَصْدِ الانْتِقَام ، وقيل : الأَلَم على كُلِّ شَيء يُمْكِن فيه غَضَب ، وعلى ما لَا يُمْكِن فيه أَسف ، وقيل : هو يَجْمَعُ الشَّرّ كُلَّه ، لأَنه يَنْشَأُ عن الكِبْر . قال شَيْخُنا : ولذلك أَوْصَى النَّبِيُّ صَلَّى اللّهُ عليْه وسلَّم الرجلَ الَّذِي قال له أَوْصِنِي بقَوْله : ( لا تَغْضَب وقيل : الغَضَب معه طمع في الوُصُولِ إِلى الانْتِقَام ، والغَمُّ مَعَه يَأْسٌ من ذلك ، ( كالمَغْضَبَة ) وقد ( غَضِب ، كسَمِع ، عَلَيْه . و ) غَضِب ( لَهُ ) : غَضِب على غَيْرِه من أَجْله ، وذلِك ( إِذَا كَانَ حَيًّا ) . ( و ) يقال : غَضِبَ بِهِ ، إِذَا كَانَ ( مَيِّتاً ) ، وقال ابن عَرَفَة : الغَضَب منه محمُود ومَذْمُوم . فالمَذْمُوم : ما كان في غَيْرِ الحَقِّ ، والمَحْمود : ما كان في جَانِب الدِّين والحَقِّ ، وأَما غَضَبُ الله فهو إِنكارُه على مَنْ عَصَاه فيُعَاقِبه . وقال اللّهُ تَعَالَى : { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ } ( الفاتحة : 7 ) يَعْنِي اليَهُودَ . ( وهو غَضِبٌ ) كَكَتِفٍ ( وغَضُوبٌ ) كصبُور ( وغُضُبٌّ ) كعُتُلَ ( وغُضُبَّةٌ ) بزِيَادَةِ الهَاءِ ( وغَضُبَّةٌ ) بفَتحِ الغَيْنِ مع ضَمِّ الضَّادِ ( وغَضَبَّةٌ ) بفَتْحهِمَا معَ تَشْدِيد المُوَحَّدَة ، هكَذا في النُّسَخ المُصَحَّحَة ، ونقله الصَّاغَانِيُّ هذا عن أَبِي زَيْد ، وضَبَطَه شيخُنا كَهُمَزَة ، وهو خَطَأٌ ( وغَضْبَانُ ) ، وهذا الأَخِير هو المُتَّفَق عليه بَيْن أَربَابِ اللُّغَة والتَّصْرِيف . يقال : رجل غَضِبٌ وغُضُبٌّ إِلى آخر ما ذكر ، أَي يَغْضبُ سَرِيعاً ، وقيل : شَدِيدُ الغَضَب . وقد نقل الجوهَريُّ بعضَ هَذِه الأَلفاظ عن الأَصْمَعِيّ ( وَهِي ) أَي الأَنْثَى ( غَضْبَى ( ) كسَكْرَى ويُوجَدُ في بَعْضِ النُّسَخ بالمَدّ ، وهو شَاذٌّ ، والصَّوَابُ بالقَصْرِ ، كما في نُسْخَتِنَا . ( وغَضُوبٌ ) بالغَة . ويستوى فيه المُذَكَّرُ والمُؤَنَّث ، وسيَأْتي أَنَّه اسمُ امرأَة ، ( وَ ) لغةُ بني أَسَد : امرأَةٌ ( غَضْبَانَةٌ ) وملآنَةٌ وأَشباهُهُما ، وهي لُغَةٌ ( قَلِيلَةٌ ) ، صرَّح به ابنُ مَالِك وابنُ هشَام وأَبِو حَيَّان ، ( ج غضَابٌ ) ، بالكَسْر
____________________

(3/485)


قال دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّة يَرْثِي أَخَاه عَبْدَ الله :
فإِن تُعْقِب الأَيَّامُ والدَّهْرُ تَعلَمُوا :
بَنِي قَارِبٍ أَنَّا غِضَابٌ بمَعْبَدِ
قال ابنُ مَنْظُور : قولُه بمَعْبَد عْنِي عَبْدَ اللّهِ ، فاضْطُرَّ .
( وغَضَابَى ) بالفَتْح ، كَنَدَامَى ( ويُضَمّ ) أوَّلُه ، وهو الأَكْثرُ ، مثل سَكْرى وسُكارى . وأَنْشدَ الجَوهَرِيّ :
فإِن كُنْتُ لمْ أَذْكُرْك والقوْمُ بَعْضُهمْ
غُضابَى على بَعْضٍ فمَالِي وَذائِمُ
( وقد أَغْضَبَه غَيْرُه ) فَتَغَضَّبَ ، ( وغَاضَبْتُه : رَاغَمْتُه ) ، وبه فُسِّر قولُه تَعَالى : { وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً } ( الأنبياء : 87 ) أَي مُراغِماً لقومه . ( و ) غاضَبْتُ ( فُلَاناً : أَغْضَبْتُه وأَغْضَبَنِي ) وهو على حقِيقَةِ المُفَاعَلَة .
( والغَضُوبُ : الحَيَّةُ الخَبِيثَةُ ، والعَبُوسُ مِنَ النُّوقِ ) وكذَلِكَ غَضْبى قال عَنْتَرَةُ :
يَنْبَاعُ من ذِفْرَىء غَضُوبٍ جَسْرَةٍ
زَيَّافَةٍ مِثْلِ الفَنِيقِ المُقْرَمِ
( و ) الغَضُوب : جَماعة ( النّسَاء و ) غضوب . والغَضُوب : ( اسْمُ امْرَأَة ) . قال ساعدة بن جُؤَيَّة :
هَجَرَتْ غَضُوبُ وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ
وَعَدت عَوَادٍ دُونَ وَلْيِك تَشْعَبُ
وقال :
شَاب الغُرَابُ ولا فؤَادُك تَارِكٌ
ذِكْر الغضُوبِ ولا عِتَابُك يُعْتِبُ
فَمَنْ قَالَ : غَضُوبُ ، فَعلى قَوْلِ من قَالَ حارِث وعَبَّاس ، ومن قَالَ الغَضُوبَ فعلَى مَنْ قَالَ الحَارِث والعَبَّاس .
( والغَضْبَةُ : جِلْدُ المُسِنِّ مِنَ الوُعُولِ ، و ) الغَضْبَةُ : جُنَّةٌ ( شِبْهُ الدَّرَقَةِ ) ،
____________________

(3/486)


محركة ، وهي التُّرْس تُتَّخَذُ ( مِنْ جِلْدِ البعِيرِ ) يُطْوَى بعْضُها على بَعْض للقِتَالِ . ( و ) الغَضْبَةُ : ( بَخْصَةٌ ) ، بالموحدة والخاء المُعْجَمة والصَّادِ المُهْمَلَة : نُتوّ فَوْق العَيْنَيْن أَو تَحْتهما كهيئة القَمْحَة ( تَكُونُ بالجَفْنِ الأَعْلَى ) من العَين ( خِلْقَةً ) كذا في المُحْكَم . ( و ) الغَضْبَةُ : ( جِلْدةُ الحُوتِ ) ، نقله الصَّاغَانِيّ . ( وجِلْدَةُ الرَّأْس ) نقله الصَّاغَانِيّ أَيضاً ( وجِلْدَةُ ما بَيْن قَرْنَيِ الثَّوْرِ ) ، نقله الصَّاغَانِيُّ أَيضاً .
( والغُضَابُ ، بالكَسْرِ وبِالضَّمِ : القَذَى في العَيْنِ ) وفي أُخْرَى في العَيْنَيْن ، بالتثنية ( و ) الغُضَابُ : ( دَاءٌ ) آخرُ يَخرج بالجِلْد وليس بالجُدَرِيّ . يقال منه : غُضِب بصَرُ فُلان ، إِذا انْتَفَخ من الغُضَاب ما حَوْلَه ( أَو ) هو ( الجُدَرِيّ ) . ويقال للمَجْدُور : الم 2 غْضُوب ، ( وفِعْلُه كَسمِع وعُنِيَ ) والثَّانِي أَكثرُ ، والأَخِير نقله الصَّاغَانِيّ . يقال : غُضِبَتْ عينُه ، وغَضِبَت ، بِالفَتْح والكَسْرِ .
( و ) الغِضَابُ ( كَكِتَاب : ع بالحِجَازِ ) قال رَبِيعَةُ بْنُ الجَحْدرِ الهُذَلِيّ :
أَلا عاد هذَا القلبَ ما هُوَ عَائِدُهْ
وراثَ بأَطْرَافِ الغِضَابِ عَوَائِدُهْ
( والأَغْضَب : ما بيْنَ الذَّكَرِ إِلَى الفَخِذ ) ( نَقَله الصَّاغَانِيّ .
( وغَضْبَانُ : جَبَلٌ بالشَّامِ ) في أَطْرَافِهِ .
( وغَضْبَى ، كسَكْرَى ) : اسم ( فَرَسِ خَيْبَرِيّ ) بياء النِّسْبةِ ( ابْنِ الحُصَيْنِ ) الكَلْبِي . ( وقَوْلُ الجَوْهَرِي ) كما قاله الصَّاغَانِي وَهُو قَولُ ابْنِ سِيدَه أَيضاً ( غَضْبَى ) أَي كسَكْرَى : ( اسمُ مِائَة مِنَ الإِبِل ) وحكاه أَيضاً الزَّجَاجِيّ في نَوَادِرِه ، ( وهي مَعْرِفَةٌ ) أَي بالعَلَمِية ( ولا تَدْخُلُها أَلْ ) . قال شَيْخُنا : أَي لأَنَّهَا من أَدواتِ التَّعْرِيف ، وقد حَصَل لها في العَلَمِيَّة ، وهم يَمْنَعُون من اجْتِماع مُعَرِّفَيْن على مُعَرَّف وَاحِد وإِن كان المُحَقِّق الرِّضِيّ في شَرْح الكافية جَوَّز ذَلِك ، وقال : ما المَانِع من اجْتِمَاع المُعَرِّفَيْن على مُعَرَّفٍ واحِدِ إِذَا
____________________

(3/487)


كان أَحدُهُما يُفِيد غيرَ ما يُفِيدُه الآخر ؛ ولذلك جَوْز إضافَة العَلَم كقَوْلِهِ :
عَلا زَيْدُنَا يومَ النَّقَا رأْسَ زَيْدِكم
وهو ظَاهِرٌ قَوِيٌّ ، لكن الأَكْثر على منْعه ( و ) لا يدخلها ( التَّنْوِين ) قال شَيْخُنَا : أَي لكونها عَلَماً ، فتكون مَمْنوعَةً من الصَّرْف للعَلَميَّة والتَّأْنِيث ، وهذَا غَيرُ مُحتاج إِليه . لأَنَّ أَلِف التأْنِيث تَمْنَع من الصَّرْف مُطلقاً سواءٌ كان مَدْخُولُها مَعْرِفةً أَو نكرةً ، كما في الخُلَاصَة وشُرُوحِهَا وغيرها من دَوَاوين النَّحْو . وفي الصّحَاح : أَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيّ :
ومُسْتَخْلِفٍ من بَعْده غَضْبَى صَرِيمَةً
فَأَحْرِ به لِطُولِ فَقْرٍ وأَحْرِيَا
وقال : أَراد النُّونَ الخَفِيفَة فوقَف ، وهو ( تصْحِيفٌ ) من الجَوْهَرِيّ ، وقد قَدَّمنا أَنه قولُ ابْنِ سِيدَه والزَّجَّاجِيّ . وقال ابن مُكَرَّم : ووجدتُ في بعضِ النُّسخ حاشِيةً أَنَّ هذه الكَلِمةَ تَصْحِيفٌ مِنَ الجوْهَرِيّ ومِنْ جمَاعَة ( والصَّوَابُ غَضْبَا ، بالمُثَنَّاة ) من ( تحْت ) مَقْصُورَة كأَنَّها شُبِّهَت في كَثْرتها مَنْبِت الغَضَى ، ونُسِب هذا التَّشْبِيه ليَعْقُوب . قلت : وهو قَوْل أَبِي عَمْرو ، إِليه مالَ ابنُ بَرِّيّ في الحَوَاشي ، والصَّاغَانِيّ في التَّكْمِلَة ، ونقل شيخُنا عن شَرْح التَّسْهيل للشَّيْخ أَبِي حَيَّان أَنَّه نقل عن ابن ولَّاد أَنَّهَا بالنُّون ، وهذا أَغْرَبُهَا ، فإِنه لا يُعْرف في الدَّوَاوين .
( والغُضَابِيُّ ، كَغُرَابِيّ ) : الرَّجُلُ ( الكَدِرُ في مُعَاشَرَتِه ومخَالَفَته ) كأَنه نُسِبَ إِلَى الغُصابِ ، وهو القَذَى .
ومن المجاز : غَضِبَتِ الفرسُ على اللِّجام ، كَنَوْا بغَضَبِهَا عن عَضِّها عَلَى اللُّجُم . قال أَبُو النَّجْم :
تَغْضَبُ أَحْيَاناً على اللِّجَامِ
كغَضَبِ النَّارِ على الضِّرامِ
فسره فقال : تَعَضُّ على اللِّجام من مَرَحِها ، فكأَنَّها تَغْضَبُ ، وجَعَل للِنَّار غَضَباً على الاسْتِعَارة أَيضاً وإِنما عَنَى شِدَّةَ التهابها كقَوْلِهِ ، تَعَالى : { سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } ( الفرقان : 12 ) أَي صَوْتاً كصَوْتِ المُتَغَيِّظ ، واستعَارَه الرَّاعِي للقِدْر ، فقال :
____________________

(3/488)



إِذَا أَحْمَشُوها بالوَقُودِ تَغَضَّبَتْ
عَلى اللَّحْمِ حتى تَتْرُكَ العَظْمَ بَادِيا
وإِنّما يُرِيدُ أَنَّها يَشتَدُّ غَليانُها وتُغَطْمِطُ فيَنْضَجُ ما فِيهَا حتى يَنْفَصِل اللحمُ من الَعظْمِ .
وقال الفراءُ : أَصبحَ جلْدُه غَضْبَةً واحِدَةً من الجُدَرِيّ ، أَي قِطْعَةً وأَغضَبَتِ العَيْنُ إِذَا قَذَفَت مَا فِيهَا . ورجُلٌ غُضَابٌ ، كغُراب : غَلِيظُ الجِلْدِ ، نقله الصَّاغَانِيُّ .
والمغْضُوبُ : الذي رَكِبَه الجُدَرِيّ .
وبَنُو غَضُوبَةَ : بطنٌ من العَرَبِ . وغَضْبُ بْنُ كَعْبٍ في سُلَيْم بْنِ مَنْصُورِ . وفي الأَنْصارِ غَضْبُ بْنُ جُشَم بْنِ الخَزْرَج .
غضرب : ( مَكان غَضْرَبٌ ) كجَعْفَرٍ ، أَهمله الجَوْهَرِيُّ . وقال ابنُ دُرَيْد : مَكَانٌ غَضْرَبٌ ( وغُضَارِبٌ ، بالضَّمِّ ) أَي خِصبٌ ( كَثِيرُ النَّبْتِ والمَاءِ ) . نَقَلَه الصَّاغَانِيُّ .
غطرب : ( الغَطْرَبُ ) ، بالغَيْن المُعْجَمَة والطَّاءِ المُهْمَلَة ، وتُكسر غَيْنُه : ( الأَفْعَى ) روى ذلك ( عَنْ كُرَاع ) صاحب المُجَرّد وغيره ، أَو هو أَحَدُ الرواة عن مَالِك . ( وعِنْدِي أَنَّه تَصْحِيف إِنَّمَا هُوَ بالعَيْن المُهْمَلَةِ والظَّاءِ المُعْجَمَة وقد تَقَدَّم ) قال شيخُنا : والعِنْدِيَّة لا تَثْبُتُ بِهَا اللغَة ، ولا يُصَادِم ما نقله كُراع ، وهو أَحَدُ المُعْتَمَدِين في الفنِّ ، فلا بدّ من نَقْضِه بنَقْلٍ عن إِمام من أَئِمَّة هذا الشأْن ، وإِلّا فالأَصْلُ ثَبَاتُ قَوْلِه . انتهى .
غلب : ( الغَلْبُ ) بفَتْح فَسُكُون ( ويُحرَّك ، وَهِيَ أَفْصَح ، ( والغَلَبَة ) مُحَرَّكة ، ( والمَغْلَبَةُ ) بالفَتْح ، وهو قَلِيل ، ( والمَغْلَبُ ) ، بغير هاءٍ ، وَهُمَا مَصْدَرَانِ مِيمِيَّان ، وفي الأَوّل قال أَبُو المُثَلَّم :
رَبَّاءُ مَرْقَبَةٍ ، مَنَّاعُ مَغْلَبَة :
رَكَّابُ سَلْهَبَة ، قَطَّاعُ أَقْرَانِ
____________________

(3/489)



وفي المَغْلَبَةِ قالت هِنْدُ بنتُ عُتْبَةَ تَرْثِي أَخَاهَا :
يَدْفَعُ يومَ المَغْلَبَتْ
يُطْعِم يوْمَ المَسْغَبَتْ
( والغُلُبَّى كالكُفُرَّى ، والغِلِبَّى كالزِّمِكَّى ) وَهُمَا عن الفَرَّاء ، هكذا عِنْدنا في النُّسَخ المُصحَّحة ، فلا يُعَوَّل على قَوْل شَيْخِنا : لَوْ قَالَ كَذَا لأَجَاد ، ثم قال : وربما وُجِد في نُسَخ ، لكنه بإِصْلاح ، والأُصُولُ المُصَحَّحة مُجَرّدة . قلت : وهذه دعوى عَصَبِيَّة من شيخنا ، فإِنَّ النُّسخَ الَّتِي رأَينَاها غَالِباً مَوْجودٌ فِيهَا هَذَا الضَّبْط ، وإِذَا سَقَط من نُسْخَت لا يَعُمُّ السُّقُوطُ من الكُلِّ ، وكذا قولُه في أَوَّلِ المَادَّة : أَورد المُصَنِّفُ هذَا اللَّفْظَ وأَتْبَعَه بأَلْفَاظٍ غَيرِ مَضْبُوطة ولا مَشْهُورَة تبعاً لِما في المُحْكم وذاك يتقيد لضبطها بالقَلم ، وهذا الْتَزَمِ ضَبْطَ الأَلْفَاظ باللِّسَان ، وكَأَنَّه نَسِيَ الشَّرط ، وأَهْمَل الضَّبْط إِلى آخر مَا قَالَ . ولا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَه : ويُحَرَّك ، ضَبْطٌ لِمَا قَبْلَه ، والَّذِي بَعْدَه مُسْتَغْنٍ عن الضَّبْط لاشْتِهَاره ، واللّذانِ بَعْدَه من المَصَادِر المِيمِيَّة مَشْهُورَةُ الضَّبْطِ لا يكاد يُخْطِيءُ فيهِمَا الطَّالِب ، واللذَانِ بعدَه فقد ضَبَطَهما بالأَوْزَان وإِن سَقط من نُسْخَتِه ، وضَبَط الَّذِي بَعْدَه فقال : ( والغُلُبَّةُ بضَمَّتَيْنِ ) عن اللّحْيَانِيّ قال الشَّاعِرُ :
أَخذْتُ بِنَجْدٍ ما أَخَذْتُ غُلُبَّةً
وبالغَوْرِ لي عِزٌّ أَشَمُّ طَوِيلُ
( والغَلُبَّة بفَتْحِ الغَيْنِ ) وضَمِّ اللَّامِ ، كذا هو في نُسْخَتِنَا مضبوطٌ بالقَلَم ، أَي مع تَشْدِيدِ المُوَحَّدَة فِيهِما ، وَهَذِه عن أَبِي زَيْد . ( والغَلَابِيَة ) أَي كزَلَابِيَة ، والغِلِبَّاءُ ، بالكَسْر وتَشْدِيدِ المُوَحَّدة مَمْدُوداً ، عن كُرَاع ، والغُلَبَة كهُمَزَة ، عن الصَّاغَانِيّ ، كُلُّ ذَلِك بمَعْنَى الغَلَبَة و ( القَهْر ) ، وقولهم : ( لتَجِدَنَّه غُلُبَّةً عن قَلِيل ) أَي بضَمَّتَيْن ، وغَلُبَّة أَي بالفَتْح مع التَّشْدِيدِ ، أَي غَلَّاباً .
( والمُغَلَّبُ ) ، كمُعَظَّم : ( المَغْلُوب
____________________

(3/490)


مِرَاراً : أَو ) المُغَلَّبُ من الشُّعَرَاءِ : ( المَحْكُومُ لَهُ بالغَلَبَةِ ) على قِرْنِه كأَنَّه غُلِّبَ عَلَيْه . وفي الحَدِيثِ : ( أَهلُ الجَنَّةِ الضُّعَفَاء المُغَلَّبُون . المُغَلَّب : الذِي يُغْلبُ كثيراً . وشَاعِر مُغَلَّبٌ ، أَي كَثيراً . مَا يُغْلَبُ . وغُلِّبَ عَلَى صَاحِبِه : حُكمَ له عليه بالغَلَبَةِ . قال امرؤ القَيْس :
وإِنَّكَ لَمْ يَفْخَرْ عَلَيْكَ كَفَاخِرٍ
ضَعِيفٍ ولم يَغْلِبْكَ مِثْلُ مُغَلَّبِ
وقال مُحَمَّدُ بنُ سَلَّام : إهذَا قَالَت العَرَبُ : شاعِرٌ مُغَلَّبٌ فهو مَغْلُوب ، وإِذَا قالوا : غُلِّبَ فلانٌ فَهُو غَالِب . ويقال : غُلِّبَت لَيْلَى الأَخْيَلِيَّة على نَابِغَة بَنِي جَعْدَة ؛ لأَنها غَلَبَتْه وكان الجَعْدِيّ مُغَلَّبا ، وهو ( ضِدٌّ ) ، صَرَّح بِهِ ابنُ منظور وابنُ سِيده وغَيْرُهُمَا . ( و ) المُغَلَّبُ : ( شَاعِرٌ عِجْلِيٌّ ) ، بالكَسْر ، إِلى عِجْلِ بن لُجَيْم .
( وغَلِب ، كفَرِح ) غَلَباً : ( غَلُظَ عُنُقُه ) قيل : مع قِصَرٍ فيه ، وقيل : مع مَيْلٍ ، يَكُون ذلك مِنْ دَاءٍ أَو غيره ، وهو أَغلَبُ . وَحَكَى اللِّحيانيّ : ما كانَ أَغْلَبَ ، ولقد غَلِبَ غَلَباً ، يَذْهَب إِلى الانْتِقال عما كَان عليه . قال : وقد يُوصَف بذلِكَ العُنُق نَفسُه فيقال : عُنقٌ أَغْلَبُ ، كما يقال : عُنُقٌ أَجْيَدُ وأَوْقَصُ وفي حديث ابن ذِي يَزَن :
بِيضٌ مَرَازِبَةٌ غُلْبٌ جحَا جِحَةٌ
هي جمع أَغلب ، وهو الغَليظُ الرَّقَبة . وناقة غَلْبَاءُ : غَلِيظَةُ الرَّقَبَة : ومنه قولُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْر :
غَلباءُ وَجْنَاءُ عُلكومٌ مُذَكَّرَةٌ
( و ) مِن المحاز : ( الغَلْبَاءُ : الحَدِيقَةُ المُتَكَاثِفَةُ ، كالمُغْلَوْلِبَة ) . واغْلَوْلَبَ العُشْبُ ، إِذَا تكاثَفَ . ( و ) الغَلْبَاءُ ( من الهِضَاب : المُشْرِفَةُ العَظِيمَة ) . يقال : هَضْبَةٌ غلباءُ ، أَي عظِيمة مُشْرِفَة . وقوله تعالى : { وَحَدَآئِقَ غُلْباً } ( عبس : 30 ) قال البَيْضَاوِيّ : أَي غِظَاماً . مُسْتَعَار مِنْ وَصْفِ الرِّقاب
____________________

(3/491)


( و ) الغَلْبَاءُ ( من القَبَائِل : العَزيزَةُ المُمْتَنِعَةُ ) .
( و ) الغَلْبَاءُ : ( أَبُو حَيّ ، وَهُوَ المَعْرُوف بتَغلِبَ ) كانت تَغْلِبُ تُسمَّى الغَلْبَاءَ . قال الشاعر :
وأَورَثَنِي بَنُو الغَلْبَاءِ مَجْداً
حَدِيثاً بعد مَجْدِهمُ القَدِيمِ
أَو أَنَّ بَنِي الغَلْبَاءِ : حَيٌّ آخَرُ غير بَنِي تَغْلِبُ .
وفي المصباح : بنو تَغْلبَ : حَيٌّ من مُشْرِكي العَرَب ، طَلَبَهم عُمَرُ بالجِزْيَة فأَبَوْا أَن يُعْطُوها باسم الجِزْية ، وصَالَحُوا على اسْمِ الصَّدَقَة مُضَاعَفَةً ، ويُرْوَى أَنَّه قال : هَاتُوها وسَمُّوها ما شِئْتُم ، ( والنِّسْبَةُ ) إِلَيْهَا ( بِفَتْح اللَّام ) استِيحَاشاً لتَوَالِي الكَسْرَتَيْن مع يَاءِ النَّسَب ، وهو قول ابْن السَّرَّاج ، كذا في المِصْباح ، وربما قَالُوه بالكَسْرِ لأَنَّ فيه حَرْفيْن غَيْر مكسوريْن ، وفارقَ النِّسْبَةَ إِلى نَمِر . قلت : والذِي في المِصْباح أَن الكَسْر هو الأَصْلُ ( وَهُو ) أَي تَغْلِب ( ابْنُ وَائِلِ بْنِ قَاسِط ) بن هِنْبِ بْنِ أَفْصَى بن دُعْمِيّ بن جَدِيلَة بْنِ أَسَدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نِزَار بن مَعَدّ بْنِ عَدْنَان .
( وقَوْلُهم : تَغْلِبُ بِنْتُ وَائِل ) إِنَّمَا هو ( ذَهَابٌ إِلَى مَعْنَى القَبِيلَة ، كقَوْلِهِم : تَمِيمُ بِنْتُ مُرّ ) . قال الوَلِيدُ بنُ عُقْبَة وكان وَلِيَ صَدَقَات بني تَغْلِب :
إِذَا ما شَدَدْتُ الرأْسَ مِتِّي بمِشْوَذٍ
فغَيَّكِ مني تَغْلِبَ ابْنةَ وائل
وقال الفرزدق :
لولا فَوَارِسُ تَغْلِبَ ابنةِ وَائِلٍ
ورَدَ العَدُوُّ عليكَ كُلَّ مكانِ
( وتَغَلَّبَ ) على بَلَد كذا : ( اسْتَوْلَى ) عليه ( قَهْراً . الأَغْلَبُ : الْأَسَدُ ) .
( و ) الأَغْلَبُ : ( شُعراءُ ) ورُجَّازٌ ( أَزْدِيٌّ وكَلْبِيٌّ وعِجْلِيٌّ ) أَي ن هَذِه القَبَائِل الثَّلَاثَة ، فالكَلْبِيّ : اسمه بِشْرُ بنُ حَرزُ بن خُثَيْم بن جَعْول ، والأَزدِيّ : هُو ابنُ نُبَاتَة ، وهُمَا شَاعِرَانِ .
( ويَغْلِبْ بْنُ كُلَيْبٍ ) الحَضْرَمِيّ
____________________

(3/492)


( كيَضْرِب ) ، وكذا يَغْلِب بنُ رَبِيعَة بن نَمِرٍ الحَضْرَمِيّ . قلت : ومِنْ وَلَد الأَخِير قَاضِي مِصْر أَبو مِحْجَن توبَةُ بْنُ نَمِر بْنِ حَرْمَلَة بْنِ يَغْلِب ، هذا وسَيَأْتي ذِكْرُه وذكْرُ ذَوِيهِ في ( ب س س ) .
( وغَلْبُونُ ) بالفَتْح ( وغَالِبٌ و ) غَلَابٌ ( كسَحَاب و ) غِلَّابٌ مثل ( كَتَّان و ) غُلَيْبٌ مِثْل ( زُبَيْر : أَسْمَاءٌ ) . فمِنَ الأَوَّل جَدُّ أَبِي الطَّيِّب مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَد بن غَلْبُون المقرىء المصريّ ، روى عن أَبي بكر السَّامِريّ ، وعنه أَبو الفَضْل الخُزَاعِيّ والثاني قَبِيلَةٌ من خَوْلَانَ ، إِلَى غَالِبِ بْن سَعْد بْنِ خَوْلَان من قُضَاعَة ( مِنْهُم ) عُمَرُ بْنُ زَيْدِ الغَالِبيُّ الشَّاعِر ، ومُحَمَّدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ غَالِب الغَالِبِيّ ، إِلى جدِّه . قال أَبو علِيّ القَالِيّ : نَاولني كَتَاب الأَلْفَاظ لِيَعْقُوب بْنِ السِّكِّيت عن ابْنِ كَيْسَان عن ابْنِ كَيسَان عن ثَعْلَب عنه ، والثالِث سَيَأْتِي تَحْقِيقُه . والرابع خَالِدُ بْنُ غلَّاب القُرَشِيّ البَصْرِيّ . قال ابنُ مَرْدَوَيْه في تاريخ أَصْبهَان : لَهُ صُحْبَة . قلت : وهكذا في مُعْجَم ابْنِ فَهْد ، ولكن وَهِمَ ابنُ السَّمْعانِيّ هنا فقال : وهو جَدّ الغَلَّابِين بالبصرة . وغَلَابُ أُمُّه ، لأَنَّ الصوابَ التَّخْفِيف كما يَأْتي . وغالِب بْنُ الحَارِث المُزَنِيّ ، وغَالِبُ بْنُ بِشْر الأَسَدِيّ ، وغَالِبُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ الكِنانيّ : صَحَابِيُّون .
( و ) غَلَابه ( كَقطَامِ ) : اسمُ ( امرَأَة ) مِنَ العَرَبِ ، مِنْهُم مَنْ يَبْنِيهِ على الكسر ومِنْهُم من يُجْرِيه مُجْرى زَيْنَب . قال ابنُ الكَلْبِيّ : بنو غَلَاب : هم بَنُو الحَارِث بْنِ أَوْس ، قال الرُّشاطِيّ : الحَارِث بنُ أَوْس بْنِ النَّابِغَة بن غَنِيّ بْنِ حَبِيبِ بْنِ وَاثِلَةَ بْنِ دُهْمَان بْنِ نَصْرِ بْنِ مُعاوِية ، أَهل بَيتٍ بالبَصْرَة يُعْرَفُونَ ببنِي غَلَابِ ، وغَلَابِ : جَدَّة لهم من مُحَارِب بْنِ خَصَفَة . وقال الرُّشَاطِيّ : رأَيتُ بخَطِّ أَمِيرِ المُؤْمِنِين الحكَم : أُمُّ الحارِث بْنِ أَوْس غَلابُ ابْنَةُ الفَهْمِيّ ، وهذا يُخَالِف قَوْلَ ابن دُرَيْد . مِنْهم غَسَّانٌ بْنُ المُفَضَّل ، وبِشْرُ بْنُ المُفَضَّل ، وعَبَّاس بْنُ أَبِي طَالب
____________________

(3/493)


وقال ابنُ لأَثير : أَبو بَكْر مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ دِينَار الغَلابِيّ البصْرِيّ ، عن عَبْدِ اللّهِ بن رَجَاء ، وعنه الطَّبرانيّ وغَيْرُه ، وقال : غَلَاب اسمُ بَعْضِ أَجْدادِه .
( وغَالِبٌ : ع ) أَي موضِعُ نَخْل ( دُونَ مِصْر ) حمَاها اللّهُ عَزَّ وجَلَّ ، قال كُثَيِّر عزَّة :
يجُوزُ بِيَ الأَصْرامَ أَصرَامَ غَالِب
أَقُولُ إِذَا ما قِيلَ أَيْن تِرَيدُ
أُريدُ أَبَا بَكْر وإِنْ حَالَ دُونَه
أَماعِزُ تَغْتَالُ المَطِيَّ وَبِيدُ
( والمُغْلَنْبِي : الَّذِي يغْلِبُك ويَعْلُوك ) وهذَا البَابُ مُلْحَق باحْرَنْجَمَ ، على ما عُرِفَ في التَّصْرِيف .
وما بَقِيَ على المُصَنِّف :
قولُهم : غَلَب على فُلان الكَرَمُ ، أَي هو أَكْرَمُ خِصالِه . ورجل غَالِبٌ من قَوْمٍ غَلَبَة ، وغَلَّاب من قَوْم غَلَّابِين . ورجُلٌ غُلُبَّةٌ وَغَلُبَّة : غَالِبٌ كَثيرُ الغَلَبَة . وقال اللِّحْيانِيُّ : شَديدُ الغَلَبة وقال : ( لتَجِدنَّه غُلُبَّة عن قَلِيل ) وَغَلُبَّة ، أَي غَلَّاباً ، وقد غَالَبه مُغَالَبَةً وغِلَاباً . قال كَعْبُ بْنُ مالِك :
هَمَّتْ سَخِينَةُ أَن تُغَالِبَ رَبَّها
ولَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الغَلَّابِ
واستْغْلَب عليه الضَّحِكُ : اشْتَدَّ كاستَغْرَبَ . وغَلَبه على نَفْسِه ، إِذَا أَكْرهه ، من الأَسَاسِ .
وبنوالأَغْلَب بِإِفْرِيقِيَة ، وهم من تَمِيم بنِي الأَغْلَب بْنِ سَالم بْنِ سوَّارَة بْنِ إِبْرَاهيم بن عِقَال بن خَفَاجة بْنِ عبْدِ اللّهِ بن عَبَّاد . منهم بَنُو زِيادَة بْنِ مُحَمَّد بْنِ أَحْمَد بْنِ الأَغْلَبِ بْنِ إِبراهِيمَ بنِ الأَغْلَب . وتَغْلبُ بنُ حُلْوانَ بْنِ عَمْرو بْنِ الحَافِ بنُ قُضَاعَة . ذكره الأَمِيرُ ابنُ مَاكُولا وغَيْرُه من أَهْل النَّسَب .
وبعِيرٌ غُلَالِبٌ كعُلَابِط : يَغْلِب بهسَيْرِه . واغلَوْلَبَ القَوْمُ ، إِذا كَثُرُوا . واغْلَوْلَبَت الأَرْضُ ، إِذة التَفَّ عُشْبُها .

____________________

(3/494)


غنب : ( الغُنَبُ كصُرَد ) أَهمله الجوهرِيّ ، وقال ابنُ الإِعْرَابِيّ : هي ( دَارَاتٌ أَوْساطَ ) الإِشْداقِ . قال : وإِنَّما تَكُونُ في أَوْسَاطه ( أَشْدَاقِ الغِلْمَان المِلَاح وَاحِدَتُها غُنْبَةٌ ، بالضَّمّ ) ويقال : الغُنْبَةُ : التي تَكُون وسطَ خَدّ الغُلام المَلِيح ، ولكن ضَبَطَه الصَّاغَانيّ الغُنُب ، بضَمَّتَيْن .
( والغَنْبُ بالفَتْح ) فالسُّكُون : ( الغَنِيمَةُ الكَثِيرَةُ ) كأَنَّ الباءَ بَدَلُ المِيم .
غندب : ( الغُنْدُوبُ ، والغُنْدُبة بضَمِّهما ) أَهمَلَهما الجوهرِيّ ، وقال اللَّيْثُ : هما ( لَحْمَةٌ صُلْبَة حَوالَيِ الحُلْقُومِ ) .
( والغُنْدُبَتَان : عُقدَتَان في أَصْل اللِّسَانِ ) . واللَّغَانِينُ هي الغَنَادِب بِمَا علَيْهَا من اللَّحْم حولَ اللَّهاة ، واحِدَتُها لُغْنُونَة ، وهي النَّغَانِغ ، واحدتُها نُغْنُغَة . ( أَو ) الغُنْدُبَتَان : ( لَحْمَتَان ) قد ( اكْتَنَفَتَا اللَّهَاةَ ) وبينهما فُرْجَةٌ . وقيل : هما اللَّوْزَتَان ، وقيل : غُنْدُبَتَا العُرْشَيْن : اللَّتَانِ تَضُمَّان العُنُقَ يمِيناً وشمالاً ( أَو ) ما ( شِبْهُ الغُدَّتَيْن في النَّكَفَتَيْنِ ) ، في كُلّ نَكَفَة غُنْدُبَة ( ج ) أَي جمع الكُلِّ ( غَنَادِبُ ) ، قال رُؤْبةُ :
إِذَا اللَّهاةُ بَلَّتِ الغَباغِبَا
حَسِبْت في أَرْآدِه غَنادِبَا
غهب : ( الغَيْهَبُ : الظُّلْمَة ) ، وبه فُسِّر حَدِيثُ قُسِّ : ( أَرمُق الغَيْهَب ) ( كالغَيْهَبَانِ ، و ) قد ( اغْتَهَبَ ) الرجلُ : ( سَارَ فِيهِ ) أَي الغَيْهَب . قال الكُمَيْت :
فذَاكَ شَبَّهْتُ المُذَكَّرَةَ الْ
وجْنَاءَ في البِيد وهْي تَغْتَهِبُ
أَي تُباعِدُ في الظُّلَمِ وتَذْهَبُ .
( و ) الغَيْهَبُ : ( الشَّدِيدُ السَّوَادِ مِنَ الخَيْل واللَّيْلِ ) بالجَرِّ معطوفٌ على
____________________

(3/495)


الخَيل ويُمْكِن أَنْ يَكُونَ بالرَّفْع على أَنَّه مَعْطُوفٌ على الشَّدِيد ، كَما في الأَسَاسِ . والغَيْهبُ : اللَّيْلُ . تقول : أَحسنُ من بياضِ الكَوْكَبِ في سوَادِ الغَيْهَبِ ، انتَهى . وعن اللَّيْثِ : الغَيْهَبُ : شِدَّةُ سوادِ اللَّيْلِ والجَملِ ونَحْوِه . يقال : جمل غَيْهبٌ : مظلمُ السوادِ . قال امرؤ القيس :
تَلافَيْتُها والبُومُ يدْعُو بها الصَّدى
وقد أُلْبِسَتْ أَفرَاطَها ثِنْيَ غَيْهَبِ
وعن اللِّحْيَانِيّ : أَسْوَدُ غَيْهَبٌ ، وغَيْهَمٌ . وعن شَمِر : الغَيْهَبُ من الرِّجال : الأَسْوَدُ ، شُبِّه بغَيْهَبِ اللَّيْل . وأَسوَدُ غَيْهَبٌ : شدِيدُ السَّوَادِ . وليلٌ غَيْهَبٌ : مُظْلِم . وفرس أَدْهَمُ غَيْهَب ، إِذَا اشتَدَّ سوادُه .
وفي كتابِ الخَيْل لأَبِي عُبيْد : أَشَدُّ الخَيْل دُهْمةً الأَدهَمُ الغَيْهبِيُّ ، وهو أَشدُّ الخَيْل سَوَاداً ، والأُنْثَى غَيْهَبَة ، والجَمْعُ غَيَاهِبُ . قال : والدَّجُوجِيّ دُونَ الغَيْهَبِ في السَّوادِ ، وهو صَافِي لَوْنِ السَّواد . ( و ) الغَيْهَبُ : ( الرَّجُلُ ) الضَعِيفُ ( الغَافِلُ ) المَهْبُوت . قال :
حَلَلْتُ به وِتْرِي وأَدْرَكْتُ ثُؤْرَتِي
إِذَا ما تَنَاسَى وِتْرَه كُلُّ غَيْهَبِ
وقد مَرَّ في العَيْن المُهْمَلَة ( أَو ) هو ( الثَّقِيلُ الوَخِم أَو ) هو ( البَلِدُ ) ، قال كَعْبُ بن جُعَيْل يصَف الظَّلِيم :
غيْهَبٌ هَوْهَاءَةٌ مُخْتلِطٌ
مُسْتعَارٌ حِلْمهُ غيرُ دَئِلْ
وفي الرَّوْضِ للسّهَيْلّي ، ويقال لذكَر النَّعَام : غَيْهَب . ( و ) الغَيْهَبُ : ( الكِسَاءُ الكَثِيرُ الصُّوف ) ، لغة في العيْنِ المُهْمَلَة ، وقد تَقَدَّم .
( والغَيْهَبَةُ : الجَلَبَةُ ) ، مُحَرَّكَة ، هو الصِّيَاحُ والحَرَكَة ( فِي القِتَال ) ، نقله الصَّاغَانِيّ . ( والغَيْهَبَانُ ) بِرفْعِ النُّون : ( البَطْنُ ) ، نَقَلَه الصَّاغَانِيّ .
( وغِهِبَّى الشَّبَابِ كَزِمِكَّى ويُمَدُّ : أَوَّلُه ) وإِبَّانُه ( لُغَةٌ في ) العَيْنِ ( المُهْمَلَة ) وقد تقدم .
( وغهِب عَنْه كفَرح ) وأَغْهَبَ
____________________

(3/496)


( غَفَلَ ) عنه ( وَنسِيَه ) .
والغَهَبُ بالتَّحْرِيك : الغَفْلَةُ .
( و ) في الصِّحاحِ في الحدِيث : سُئل عَطَاءٌ عن رجُلٍ ( أَصاب صَيْداً غَهَباً ، مُحرَّكَة ) قال : عليه الجزَاء . الغَهَبُ : أَن يُصِيب ( غَف 2 ةً بِلَا تَعَمُّدٍ ) . ومِثْلُه في لِسَانِ العرَبِ والنِّهايَة وغَيْرهما دَواوِين اللُّغَةِ .
غيب : (*! الغَيْبُ : الشَّكُّ ) قال شيخُنا : أَنكَره بعْضٌ ، وحَملَه بعْضٌ على المجَاز ، وصَحَّحه جمَاعة ( ج *!غِيابٌ *!وغُيُوبٌ ) قال :
أَنت نَبِيٌّ تَعْلَمُ *!الغِيَابا
لا قائلاً إِفكاً وَلَا مُرْتَابَا
( و ) الغَيْبُ : ( كُلُّ مَا *!غَابَ عَنْكَ ) ، كأَنه مَصْدَر بِمَعْنَى الفَاعِل ، ومثْلُه في الكَشَّاف . قال أَبُو إِسْحَاق الزَّجَّاجُ في قَوْلِه تَعَالَى : { يُؤْمِنُونَ*! بِالْغَيْبِ } ( البقرة : 3 ) أَي بما غَابَ عنْهم ، مما أَخْبَرَهُم به النَّبِيُّ صلَّى اللّهُ عَلَيْه وسَلَّم من أَمْرِ البَعْث والجنَّة والنَّارِ . وكُلُّ مَا غَاب عَنْهُم مِمَّا أَنْبَأَهُم به فهو *!غَيْبٌ . وقال ابْنُ الأَعْرَابِيّ : يُؤْمِنُون بِاللّهِ . قال : *!والغَيْبُ أَيْضاً : مَا غَابَ عن العُيُونِ وإِنْ كَانَ مُحَصَّلاً في القُلُوب . ويقال : سَمِعتُ صَوتاً مِنْ ورَاء الغَيْبِ ، أَي مِنْ مَوْضِعٍ لا أَراه . وقد تَكرَّر في الحَدِيثِ ذكْرُ الغَيْب ؛ وهو كلُّ ما غَاب عَنِ العُيُون سَوَاءٌ كان مُحصَّلاً في القلوب أَو غَيْرَ مُحصَّل .
والغَيْبُ من الأَرْضِ : ما غَيَّبكَ ، وجَمْعُه *!غُيُوبٌ . أَنشدَ ابْنُ الأَعْرابِيّ :
إِذَا كَرِهُوا الجميعَ وحَلَّ مِنْهُم
أَراهِطُ بالغُيوبِ وبالتِّلَاعِ
( و ) الغَيْبُ : ( مَا اطْمأَنَّ من الأَرْضِ ) وجَمْعُه غُيُوبٌ . قال لَبِيدٌ يَصِف بَقرةٌ أَكَلَ السَّبُع وَلدَها ، فأَقبَلَت تَطُوفُ خَلْفَه :
وتَسَمَّعتْ رِزَّ الأَنِيسِ فرَاعهَا
عن ظَهْرِ غَيْبٍ والأَنِيسُ أَي صَوْتَ
____________________

(3/497)


الصَّيْادِين ، فَرَاعَهَا ، أَي أَفزَعَهَا . وقوله : والأَنِيسُ سَقَامُهَا ، أَي أَنَّ الصَّيَّادِين يَصِيدُونَها فهم سَقَامُهَا .
وقال شَمِر : كُلُّ مَكَان لا يُدْرَى ما في فهو غَيْبٌ ، وكذلك المَوْضِعُ الَّذِي لا يُدْرَى ما وَرَاءَه ، وجَمْعُه غُيُوب . قال أَبو ذُؤَيْب :
يَرْمِي *!الغُيُوبَ بِعَيْنَيْه ومَطْرِفُهُ
مُغْضٍ كما كَسَفَ المُسْتَأْخِذُ الرَّمِدُ
كذا في لسان العرب .
( و ) الغَيْبُ : ( الشَّحْمُ ) ، أَي شَحْمُ ثَرْبِ الشَّاةِ ، وشاةٌ ذَاتُ غَيْب أَي شَحْمٍ ،*! لَتَغَيُّبِه عن العيْن . وقولُ ابْنِ الرِّقاع يَصِفُ فَرَساً :
وَتَرَى لِغَزِّ نَساهُ *!غَيْباً غَامضاً
قَلِقَ الخَصِيلَة من فُوَيْقِ المَفْصِل
قوله غَيْباً ، سيَعْنِي انْفَلَقَت فَخِذَاه بلَحْمَتَين عند سمَنه فجَرَى النَّسا بَيْنَهُمَا واسْتَبَانَ . والخَصيلَةُ : كُلُّ لَحْمَ فيها عَصَبَة . والغَرُّ : تَكَسُّر الجلْدِ وتَغَضُّنُه .
(*! والغَيْبَةُ ) بالفَتْح ، والغَيْب ( *!كالغِيَاب بالكَسْرِ ، *!والغَيْبُوبَةِ ) على فَعْلُولة ويقال . فَيْعُولَة ، على اخْتلاف فيه . ( *!والغُيُوبِ *!والغُيُوبَةِ ) بضَمِّهِمَا ( *!والمغابِ ، *!والمِغِيبِ ) كُلُّ ذلك مَصْدَر غاب عَنِّي الأَمرُ ، إِذَا بَطَنَ . (و) الغَيْبُ : مثلُ ( *!التَّغَيُّب ) . يقال : *!تَغَيَّبَ عنِّي الأَمْرُ : بَطَنَ ، *!وغَيَّبَهُ هُو وغَيَّبهُ عنْه . وفي الحَدِيثِ ( لَمَّا هجَا حَسّانُ قُريْشاً قالوا : إِنَّ هذا لَشَتْمٌ ما غَابَ عَنهُ ابنُ أَبي قُحَافَةَ ) . أَرادُوا أَنَّ أَبا بَكْر كان عَالِماً بالأَنْسَابِ والأَخْبَارِ ، فهو الذي عَلَّم حَسَّانَ . ويدُلُّ عليه قولُ النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عليْه وسَلَّم لِحَسَّان : ( سَلْ أَبا بَكْر عن*! معَايِبِ القَوْم ) . وكان نَسَّابَة عَلَّامَة .
وغَابَتِ الشَّمسُ غيرُهَا من النُّجُوم *!مغِيباً *!وغِياباً *!وغُيُوباً *!وغَيْبُوبَةً *!وغُيُوبَةً ، عن الهَجَرِيّ : غَرَبَت . وغاب الرَّجلُ *!غَيْباً *!ومَغِيباً *!وتَغَيَّبَ : سَافَر ، أَو بَانَ . وأَمَّا ما أَنشَدهُ ابْنُ الأَعْرَابِيّ :
____________________

(3/498)



ولا أَجْعَلُ المَعُرُوفَ حِلَّ أَلِيَّة
ولا عِدَةً في النَّاظِرِ *!المُتَغَيَّبِ
إِنَّمَا وَضَع فيه الشاعِرُ *!المُتَغَيَّبَ موضع المُتَغَيِّب . قال ابنُ سِيدَه : وهكذا وجدتُه بخَطِّ الحَامِض ، والصحِيح المُتَغَيِّب ، بالكَسْرِ .
( وغَابَ الشَّيْءُ يَغِيبُ *!غِيَابَةً بالكَسْرِ *!وَغُيُوبةً ) بالضَّمِّ بالفَتْح ، هما عن الفَرَّاء (*! وَغيَاباً ) بالفَتْحِ ( *!وغِيَاباً *!وغِيبةً بِكَسْرِهِمَا ، وقوم *!غُيَّبٌ ) كوُكَّع ( وغُيَّابٌ ) مثل كُفَّار ) *!وغَيَبٌ ، محركة ) ، كخَادِمٍ وَخَدَمٍ ، أَي (*! غَائِبُون ) ، الأَخِيرةُ اسمٌ للجمْع ، وصَحَّت اليَاءُ فيها تَنْبِيهاً على أَصْل غاب ، وإِنما تَثْبُتْ فيه الياءُ مع التَّحْرِيك ؛ لأَنَّه شُبِّه بِصَيَدٍ وإِنْ كان جَمْعاً ، وصيَدٌ مَصْدَرُ قَوْلك : بعِيرٌ أَصْيدُ ؛ لأَتنَّه يجوز أَن تَنْوِيَ به المَصْدَر . وفي حديثِ أَبِي سَعِيد ( إِنَّ سَيِّد الحَيِّ سَلِيمٌ ، وإِنّ نَفَرَنَا *!غَيَبٌ ) أَي رِجَالنَا *!غَائِبُون .
( و ) قال الهَوَازِنِيّ : ( *!الغَابَةُ ) : الوَطْأَةُ مِنَ الأَرْض الَّتي دُونَهَا شُرْفَة ، وهي ( الوَهْدَةُ ) ، رواه شَمِر عن الهوازِنِيّ . ( و ) قال أَبو جَابِر الأَسَديّ : الغَابَة : ( الجمْعُ مِنَ النَّاسِ ، وَ ) من المَجَاز : أَتوْنَا في *!غَابَة . قلت : يُحْتَمَل أَنْ يكون مَعْنَى جَمْع من النَّاسِ ، أَوِ الغَابَة : ( الرُّمْحُ الطَّوِيلُ ) الذي له أَطْرَافٌ تُرَى كأَطْرَافِ الأَجَمَةِ ( أَو المُضْطَرِبُ ) منه ( فِي الرِّيح ) ، وقِيلَ : هِيَ الرِّماح إِذَا اجتَمعتْ . قال ابنُ سِيدَه : ( وَ ) أُرَاه على التَّشْبِيه بالغَابَة الَّتِي هِيَ ( الأَجَمَةُ ) ذاتُ الشَّجَرِ المُتَكَاثِف ؛ لأَنَّها*! تُغَيِّبُ مَا فِيهَا ، والجَمْعُ من كُلِّ ذَلكَ *!غَابَاتٌ *!وَغَابٌ .
وقيل : الغَابَة : الأَجَمَة الَّتِي طالَت ولهَا أَطْرَافٌ مُرْتفِعَةٌ باسقةٌ . يقال : ليْثُ *!غابةٍ . *!والغابُ : الآجام ، وهو من الياءِ . وفي حَدِيثِ عَلَيَ كرَّم اللّهُ وَجْهَه :
كليْثِ غابَاتٍ شدِيدٍ قَسْوَرَهْ
أَضَافَه إِلَى*! الغَابَاتِ لِشدتَّه وقُوَّته .
( و ) غَابَةُ : اسْمُ ( ع ، بالحجازِ ) .
____________________

(3/499)



وقال أَبو حَنيفَة : الغَابَة : أَجَمةُ القَصب . قال : وقد جُعِلَت جماعَة الشَّجَر ، لأَنَّه مأْخُوذٌ من الغَيَابَةِ . وفي الحَدِيث ( أَنّ مِنْبر سَيِّدِنا رسُولِ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عليه وسَلَّم كان من أَثْلِ الغَاب 2 ةِ ) وفي رواية : ( من طَرْفاءِ الغَابَة ) . قال ابنُ الأَثير : الأَثْلُ : شجَرٌ شَبِيهٌ بالطَّرْفَاءِ إِلَّا أَنَّه أَعْظَمُ منه . والغَابَةُ : غَيْضَةٌ ذَاتُ شَجَر كثير ، وَهي على تِسْعَةِ أَمْيال من المَدِينَة . وقَال في مَوْضع آخَر : هي موْضِع قَرِيبٌ من المدينة من عوَاليهَا ، وبِهَا أَمْوالٌ لأَهْلها ، قال : وهو المَذْكُور في حَدِيثِ السِّباق . وفي حديثِ تَرِكَة ابْنِ الزُّبَيْر وغَيْر ذلك .
( وغَيَابَةُ كُلِّ شَيْءٍ : ما سَتَرَك ) ؛ وهو قَعْرُه ( مِنْهُ ) كالجُبِّ والوَادِي وغَيْرهما . تَقولُ : وقَعْنَا في غَيْبَة من الأَرْض ، أَي في هَبْطة ، عن اللِّحيانيّ . ووقعوا في غَيابَةٍ من الأَرْض ، أَي في مُنْهَبَط منها . ( ومنه ) قول الله عزّ وجلّ : { وَأَلْقُوهُ فِى*! غَيَابَات الْجُبّ } ( يوسف : 10 ) وفي حرف أُبَيَ : ( في*! غَيْبةِ الجُبِّ ) .
( و ) بَدا ( *!غَيَبَاتُ الشَّجَر ) بفَتح الغَيْن وتَخْفِيفِ اليَاء وآخِره تَاءٌ مُثَنَّاة فَوْقِية ، هكَذَا ي نُسْخَتِنا ، وهو خَطَأٌ ، وصَوَابُه غَيْبانُ بالنُونِ في آخِرِه ( وتُشَدَّدُ الياءُ ) التَّحْتِيَّة وفي نُسْخَة زِيَادَة قوله : وتُكْسَرُ ، أَي الغَيْن ( عُرُوقُه ) التي تغَيَّبَت منه ، وذلك إِذا أَصابه البُعاقُ مِن المَطَرِ فاشْتَدَّ السَّيْلُ فحَفَر أُصولَ الشَّجَر حتى ظَهَرت عُروقُه وما*! تَغَيَّبَ مِنْهُ .
وقال أَبُو حَنِيفَة : العَرب تُسَمِّي ما لم تُصِبْه الشَّمْسُ من النَّبَاتِ كُلِّه *!الغَيْبَانَ بتَخْفِيف اليَاءِ ، والغَيَابَةُ*! كالغَيْبَان ، وعن أَبي زِيَادِ الكِلَابِيّ : *!الغَيَّبَانُ بالتَّشْدِيد والتَّخْفِيفِ مِنَ النَّبَاتِ : ما غَابَ عَنِ الشَّمْسِ فلم تُصِبْه ، وكذلك *!غَيَّبَانُ العُرُوق . كذَا في لسان العرب .
( و ) روى بعْضُهُم أَنْه سَمِع : ( غَابَه ) *!يَغِيبُه ، إِذَا ( عابَه وذَكَره بِمَا فِيهِ مِنَ السُّوء ) . وفي عبارة غَيْره وذَكَر منه ما يَسُوءُه ، ( *!كاغْتَابَه ) .
*!والغَيْبَةُ من *!الغَيْبُوبَة ، *!والغِيبَةُ من *!الاغْتِيَاب . يقال : اغتاب الرجُل صاحِبَه *!اغْتِيَاباً ، إِذَا وَقَعَ فيه : وهو أَن يَتَكَلَّم خَلْف إِنْسَان مَسْتُورٍ بِسُوءٍ ، أَوْ بِمَا يَغُمُّه وإِن كَان
____________________

(3/500)


فِيهِ ، فإِن كان صِدْقاً فهو غِيبَةٌ ، وإِنْ كَانَ كَذِباً فهو البَهْتُ البُهْتَانُ ، كذلك جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلَّى اللّهُ عليْه وسلَّم ، والاسم *!الغِيبَة ؛ ولا يكونُ ذلِكَ إِلّا مِنْ وَرَائِه ، وفي التَّنْزِيلِ العَزِيز : { وَلاَ *!يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً } ( الحجرات : 12 ) أَي لا يتَنَالْ رَجُلاً بظَهْرِ الغَيْب بما يَسُوءُه مِمَّا هُوَ فِيه ، وإِذَا تَنَاوَلَه بِمَا ليس فيه فهو بَهْتٌ وبُهْتَانٌ ، وعن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ : غَابَ ، إِذَا *!اغْتَابَ ، وغَابَ ، إِذَا ذَكَر إِنْسَاناً بخَيْرٍ أَوْ شَرَ ( *!والغِيبَةُ فِعْلة مِنْه ) أَي من الاغْتِيَاب ، كمَا أَسْلفْنَا بَيَانَه ( تكُونُ حَسَنَةً أَو قَبِيحَةً ) ، وأَطْلَقَه عن الضَّبْطِ لشُهْرَتِه .
( وامرَأَةٌ *!مُغِيبٌ ، *!ومُغِيبَةٌ ) : غَابَ عنها بَعْلُها أَو وَاحِدٌ من أَهْلِها . الأُولَى عن اللِّحْيَانِيّ . ويقال : هي *!مُغِيبة ، بالهاء ، ومُشْهِدٌ ، بلا هَاءٍ ، نَقَلَه ابنُ دُرَيْد . ( و ) *!أَغابَتِ المَرْأَة فهي ( مُغِيبٌ كمُحْسِن ) أَي بالأَعْلَال ، وَهذِه عن ابْنِ دُرَيْد ، *!غَابُوا عَنْهَا . وفي الحَدِيثِ ( أَمْهِلُوا حَتَّى تَمْتَشِط الشَّعثَةُ وتَسْتَحِدَّ *!المُغِيبَةُ ) هي التي ( غَابَ ) عَنها ( زَوْجُهَا ) . وفي حَدِيث ابْنِ عَبَّاس ( أَنَّ امرأَة*! مْغِيباً أَتت رَجُلاً تَشْتَرِي منه شَيْئاً ، فتعرَّض لَهَا ، فقالَت له : ويْحَك إِنِّي مُغِيبٌ . فتَرَكها ) ( و ) قَوْلُهُم : وهم يَشْهَدُون أَحْياناً *!وَيَتَغَايَبُون أَحْيَاناً ، أَي*! يَغِيبُون أَحْيَاناً ، ولا يقال : *!يَتَغَيَّبُون . ويقال : (*! تَغَيَّب عَنِّي ) فُلَانٌ ، و ( لَا يَجُوزُ ) ، أَي عِنْد الجَمْهُور عَدَا الكُوفِيِّين ، (*!- تَغَيَّبنَي ، إِلَّا في ضَرُورَة شعْر ) قال امرؤُ القَيْس :
فَظلَّ لَنَا يومٌ لَذِيذٌ بنَعْمَةٍ
فَقِلْ في مَقِيلٍ نَحْسُه*! مُتَغَيِّبِ
وقال الفَرَّاءُ : *!المُتَغَيِّبُ مَرْفُوعٌ والشِّعْرُ مُكْفَأٌ ولا يجُوز أَن يَرِدَ على المَقِيل ، كما لَا يَجُوزُ : مررتُ برَجُل أَبوه قَائِمٍ .
( *!وَغَائِبُكَ : مَا غَابَ عنْكَ ، اسمٌ كالْكَاهِل ) والجَازِلِ ، أَي لَيْسَ بمُشْتَقَ
____________________

(3/501)


من *!الغَيْبُوبَة . وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيّ :
ويُخْبِرُنِي عنْ غَائبِ المَرْءِ هَدْيُه
كَفَى الهَدْيُ عمَّا غَيَّب المرءُ مُخْبِرَا
قال : شَيْخُنَا : ولكنْ قولُه في تَفْسِيره : ما غَاب عَنْك ، أَي الَّذِي غَابَ ، صَرِيح في أَنَّه صِيغَةُ اسْمِ فَاعِل من غَابَ وإِن كَانَ يُمْكن دَعْوَى أَنَّه الأَصْل وتُنوسِيَ الوصْفِيَّةُ وصارَ اسْماً للغَائِب مُطْلَقاً ، كالصَّاحِب ، فَتَأَمَّل ، انتهى .
ومِمّا بقِي على المؤلف :
فولُهم : (*! غَيَّبَه *! غَيَابُهُ ) أَي دُفِن في قَبْرِه ، ومِنْه قَوْلُ الشَّاعِر :
إِذَا أَنَا *!غَيَّبَتْنِي غَيابتي
أَرَادَ بِهَا القبرَ لأَنَّه *!يُغَيِّبه عن أَعْيُن النَّاظِرِين ، ومِثْلُه في مَجْمع الأَمْثال للميْدانِي .
وقيل الغَيابة في الأَصل قَعْرُ البِئرُ ، ثم نُقِلَت لِكُلِّ غَامِضٍ خَفِيّ *!والمُغَايبَة خلَافُ المُخَاطَبَة .
وفِي الأَساسِ تَقُولُ : أَنَا مَعَكُم لا *!أُغَايِبُكم ، وتَكلَّمَ به عن ظَهْرِ غَيْبٍ ، وشَرِبَتِ الدَّابَّةُ حَتَّى وَارَت غُيوبَ كُلَاها ، وهي هُزُومها ، جَمْع غَيْب وهي الخَمْصة التي في موضع الكُلْيَة انتهى .
وفي لسان العرب : في حَدِيثِ عُهْدَةِ الرَّقِيقِ ( لا دَاءَ ولا خُبْثَةَ ولا تَغْيِيب ) التَّغْيِيبُ : أَن ( لا ) يبيعه ضَالَّة و ( لا ) لُقَطَة .

____________________

(3/502)


2 ( فصل الفاء ) 2
قال شَيْخُنا : هذا الفَصْل سَاقِطٌ بِرُمَّته من الصِّحَاح والخُلَاصَةِ وأَكْثَرِ الدَّوَاوِينِ ؛ لأَنَّه لَيْسَ فِيه شَيْءٌ من الأَلْفَاظ العَرَبِيَّة ، إِنَّما فِيهِ أَسماءُ قُرًى أَو بُلْدَان أَو أَشْجَار أَعْجَميَّة . قلت : ذُكِرَ في الأَسَاسِ منها فَرَّبَ ، وفي المُحْكَم والنِّهَايَةِ ولِسَانِ الْعَرَب والتَّكْمِلَة : فرب وفرقبَ وفرنبَ . وزاد المُؤَلِّفُ عَلَيْهم بمَادَّتَيْن ، على ما يأْتي بَيَانُ الكُلّ .
فمِنْ زِيَادَات المُؤَلِّف عَلَيْهِم :
فبب : ( *!فُبٌّ كَجُبَ ) هو بالضَّمِّ ، كما هو في نُسْخَتِنا ، وَهُوَ الصَّوَابُ : ( ع بالكُوفةِ ) رُوِي ذلك ( عن ) النَّسّابَة الإِخْبَارِيّ أَبِي عَبْدِ اللّهِ ( يَاقُوت ) بْنِ عبدِ اللّهِ الرُّومي الأَصْل الحَمَوِيِّ المَوْلِد في كِتابه مُعْجَم البُلْدَان ، عِنْدِي منه الجُزْءُ الأَوّلُ والثَّانِي والعاشِر من تَجْزِئَةِ عشرَةِ أَجْزَاء ، وهي نُسْخَة خَلِيل بْنِ أَيبَك الصَّفَدِيّ ، وعليها خَطُّه وخَطُّ العَلَّامة أَحْمَد بْنِ مُبَارَكْشَاه الصِّدِّيقيّ الحنَفيّ الذي اخْتَصَرَه عَلَى نَحْوِ العُشْر في سَنَة أَرْبعين وثَمَانِمَائةِ .
( أَو ) هو ( بَطْنٌ من هَمْدَان ، منه سَعْدَانُ ) بن نَصْر ( *!-الفُبِّيُّ ) مُحَدِّث مشهورٌ ، ذَكَره السَّمْعَانِيّ ( أَو ) هُوَ ( سَعِيدٌ ) ، وسَعْدَانُ لقب ( أَو هُوَ بالقَافِ ) بَدَل الفَاءِ ، وهو ضَعِيفٌ .
قال شيخُنا : الظَّاهِرُ أَنَّهما يَرْجِعَان إِلى قَوْل وَاحِدٍ ، وهو أَنَّ المَكَانَ سُمِّيَ بهَذَا البَطْن ، ويَدُلّ لِذلِك قولُ صَاحِب المرَاصِد :*! فُبّ بالضَّم ثم التَّشْديد : موْضِع بالكُوفَة ، وهم بطْنٌ من همْدَان .
فرب : ( فَرَّبَت ) المَرْأَةُ ( تَفْرِيباً ) ، أَهمَلَه الجَوْهَرِيّ . وقال الصَّاغَانِيُّ وصَاحِبُ اللِّسَانِ : أَي ( ضَيَّقَت ) فَلْهَمَها أَي ( فَرْجَهَا بالأَدْوِيَة ) وهي عَجَمُ الزَّبِيبِ وَمَا أَشْبَه ذلكَ ، كفَرَّمت ، بالميم .
( وفَرَابُ ، كَسَحَابٍ : ة ) في سَفْح جَبَلٍ ( قُرْبَ سَمَرْقَنْدَ ) على ثَمَانِيَة فَرَاسخَ . منْهَا أَبُو الفَتْح أَحمدُ بنُ الحُسَيْنِ بْنِ عَبْد الرَّحْمَن الشَّاشيّ ، سَكَن
____________________

(3/503)


فَرَابَ وحَدَّث بِهَا ، سَمع منه عبدُ الرّحيم بْنُ السَّمْعَانِيّ ( و ) فُرَّابٌ ( كَزُنَّارٍ : ة ) بِأَصْفَهَان ) ، نقَلَه الصَّاغَانِيّ ، ( و ) في الحدِيثِ ذكر فِرْيَاب ( كجِرْيَال : د ) مَشْهُورةٌ بخُراسَان مِن أَعمال جُوزْجَان ( بِبلْخٍ ) ، بينَها وبين بَلْخ سِتَّةُ مَرَاحِل ، كذا في المَرَاصد ، منها جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّد الفرْيَابِيّ الحافِظُ صاحِبُ التصانِيف وآخَرُون ( أَو هو فِيرِيَاب كَكِيمِياءَ ) أَي بِزِيَادة يَاءٍ بعدَ الفَاء ، ولم يُنْسَب إِلَيْهَا بالحَذْف والإِثْبَات : ( أَوْ ) هو ( فَارِيَاب كقَاصعاءَ . و ) فَارَاب ( كَسَابَاط : نَاحية وراءَ نَهْرِ سَيْحُون ) في تُخُوم بلادِ التُّرْك ، وإِلَيْهَا نُسِب خال الجَوْهَرِيّ مُصَنِّف ديوَانِ الأَدَب ( أَو هِيَ بَلَدُ أُتْرَارَ ) ، بالضَّمِّ ، وهي قاعِدَةُ بِلَادِ التُّرْك ، وهو الصَّحِيحُ المَشْهُور .
فرفب : ( الفَرَافِبُ ) أَهملَه الجَوْهَرِيّ وصَاحِبُ اللسان ، وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ وأَبُو عَمْرو : هو ( شَجَرٌ تُعْمَلُ مِنْه الرِّحالُ ) ، وهو بفاءَين ، نَقَلَه الصَّاغَانِيُّ .
فرقب : ( فُرْقُبٌ ، كقُنْفُذ ) ، بالفاء وبعد الرَّاءِ قَاف ، أَهمَلَه الجَوْهَرِيّ وقال اللِّحْيَانِيّ : هُو : ( ع ، ومنه ) أَي من هذا الموضع ( الثِّيَابُ الفُرْقُبِيَّة ؛ وهي ثِيَابٌ بِيضٌ من كَتَّان ) ، كما قاله اللَّيْثُ ؛ وهي الثُّرْقُبِيَّة أَيضاً حكاها يَعْقُوب في البَدَل : ثوب فُرْقُبِيٌّ وثُرْقُبِيٌّ بمَعْنًى وَاحد . وفي حَدِيثِ إِسْلَام عُمَر رَضِي اللّهُ عَنْه ( فأَقْبَلَ شَيخٌ عليه حبَرَة وثَوْبٌ فُرْقُبِيٌّ ) . وهو ثَوْبٌ أَبيضُ مِصْرِيٌّ من كَتَّان . وقال الزَّمخْشَرِيُّ : الفُرْقُبِيَّة والثُّرْقُبِيَّة : ثيابٌ مِصْريَّة من كَتَّانِ ويروى بقَافَيْن منسوبٌ إِلَى قُرْقُوب ، مع حَذْفِ الوَاوِ في النَّسَب ، كسابُرِيّ في سَابُور .
( و ) عن الفَرَّاءِ : ( زُهَيْرُ بْنُ مَيْمُونٍ الفُرْقُبِيّ الهَمْدَانيُّ : قارِيٌّ نَحْوِيٌّ ) مَنْسوبٌ إِلى مَوْضِع ( أَوْ هو بقَافَيْن ) وقد تَقَدَّم النَّقْلُ فِيهِ عَنِ الزَّمَخْشَرِيّ . وقال أَبو عَمْرو الدَّانيّ في طَبَقَات القُرَّاء : هُوَ كُوفِيٌّ يُعْرَفُ بالكِسَائِيّ ، له اخْتِيَار
____________________

(3/504)


في القِرَاءَة . رَوَى عنه الحرُوفَ نُعَيمُ بنُ مسيرة .
وقال الرُّشَاطِيُّ : وَرَدَت هَذه النِّسْبَةُ في الثِّيَابِ والرِّجالِ ، فيُمْكِن أَنْ تَكُونَ إِلَى مَوْضع ، أَو يَكُونَ الرَّجُلُ مَنْسُوباً إِلى حَمْلِ الثِّيَابِ .
فرنب : ( الفِرْنِبُ ) أَهْمَلَه الجوْهرِيُّ ، وقال ابنُ الأَعْرابِي : هي ( الفَأْرة ) وأَنْشَد :
يَدبُّ باللَّيْلِ إِلَى جَارِه
كضَيْوَنٍ دَبَّ إِلَى فِرْنِبٍ
( أَوْ ولَدُهَا منَ اليرْبُوع ) ، نقله الأَزْهرِيُّ والصَّاغَانِيُّ .

____________________

(3/505)


2 ( فصل القاف ) 2
قأب : ( *!قَأَب الطَّعَامَ ) ودأَبَه ( كَمَنعَ : أَكَلَه . و )*! قَأَبَ ( المَاءَ : شَرِبَه *!كقَئِبَه ) بالكَسْر ، يقال :*! قَئِبْت من الشَّراب *!أَقْأَبْ *! قَأْباً ، إِذا شَرِبْتَ منه . وعن اللَّيْث : قَئِبْت مِنَ الشَّرَاب *!وقَأَبْتُ ، لغة ، إِذا امْتَلَأْت منه ( أَو ) قأَبَ الماءَ ، إِذا ( شَرِبَ كُلَّ مَا فِي الإِنَاءِ ) وقال أَبو نُخَيْلَةَ :
أَشلَبْتُ عَنْزِي وَمسَحْتُ قَعْبِي
ثم تَهيَّأْتُ لشُرْبِ قَأْبِ
( *!وقَئِب من الشَّرَابِ*! قَأْباً *!وقَأَباً ) الأَخيرُ مُحرّكَة على القِياسِ : أَكْثَرَ من شُرْبِ المَاءِ . و ( تَملَّأَ ) ، قَالَه الجَوْهَرِيّ ( وهو *!مِقْأَبٌ ، كمِنْبَرٍ ) ، هكذا في نُسْخَتِنا وسَقَط من نُسْخَة شَيْخنا ، فاحْتَاج إِلَى ضَبْط من عِنْدِه ( *!وقَؤُوب ) أَي كَصَبُور : ( كَثِيرُ الشُّرْبِ ) .
( و ) قال الصَّاغَانِيُّ ، يقال : ( إِنَاءٌ*! قَوْأَبٌ ) كجَعْفَر ) (*!- وَقَوْأَبِيٌّ ) على النِّسْبَة : ( كَثِيرُ الأَخْذِ لِلمَاء ) وأَنشد :
مُدٌّ مِن المِدَادِ *!-قَوْأَبِيُّ
وعن شَمِر : *!-القَوْأَبِيُّ : الكَثِيرُ الأَخْذ ، كذا في لسان العرب .
قبب : (*! قَبَّ القومُ *!يَقِبُّون )*! قَبًّا و (*! قُبُوباً : صَخِبُوا في الخُصُومَة ) أَو التَّمارِي : ( و ) قَبَّ ( الأَسدُ والفَحْلُ )*! يقِبُّ بالكَسْرِ ( قَبًّا *!وقَبِيباً ) إِذا ( سُمِع ) وفي أُخْرَى سُمِعت ( قَعْقَعَةُ أَنْيابِه . و ) قَبَّ ( نَابُه ) أَي القَحْل والأَسدُ قَبًّا وقَبِيباً : ( صوَّتَتْ وقَعْقَعَت ) ، يُضِيفُونَه إِلى النَّاب . قال أَبو ذُؤَيْب :
كأَنَّ مُحرَّباً من أُسْدِ تَرْجٍ
يُنَازِلُهم لِنَابَيْهِ*! قَبِيبُ
وقال بعضهم : *!القَبِيب : الصوتُ ، فعَمَّ به .
( و ) قَبَّ التَّمْرُ و ( اللَّحْمُ ) والجِلْد*! يَقِبُّ بالكَسْر ( *!قُبُوباً : ذَهَبَ طَرَاؤُه ) ونُدُوُّه ( وذَوِيَ ) ، وكذلك الجُرْح إِذا
____________________

(3/506)


يَبِسَ وذهَب ماؤُه وجَفَّ : ( و ) قَبَّ ( النَّبْتُ يَقِبُّ ) بالكَسْر ( وَيَقُبُّ ) بالضَّم ( قَبًّا : يَبِسَ ) وقيل : قَبَّت الرُّطَبَة ، إِذا جفَّت بَعْضَ الجُفُوف بَعد التَّرْطيب ، وسَيَأْتي ، واسم ما يَبِس منه القِبيبُ كالقَفِيفِ سواء : قال شَيْخُنا : المَعْرُوفُ في هَذَا البَاب الكسْر على القِيَاس ، والضَّمُّ من زِيَادَات المُصَنِّف ، ولم يَذْكُره أَئِمَّةُ التَّصْرِيف مع أَنَّهم استَثْنَوا مَا جَاءَ بالوَجْهَين ، كما في الكَافِيَة والتَّسْهِيل واللَّامِيّة وشُرُحها . ولم يَذْكُر هذِه اللُّغة أَئمةُ اللغة لا أَربَابُ الأَفعال ، ولا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَوردَه المُصَنِّف . انْتَهَى . قلت : روايةُ الضَّمِّ في المُحْكَم وفي لسان العرب ، وكَفَى بِهِمَا عُمْدَة ، والمؤَلّف مَا جَاءَ بها مِنْ عنْد نَفْسه حتى يَرِدَ عَلَيْه ما قَالَه شَيْخُنا ، كما لا يَخْفَى .
( *!والقَبَبُ ) مُحَرَّكَةً : ( دِقَّةُ الخَصْرِ ) ، هكذا بالدَّالِ المُهْمَلَة عِنْدَنَا في النُّسَخ ، وفي أُخْرَى بالرَّاءِ ( وضُمُورُ البَطْنِ ) ولُحُوقُه . ( قَبَّ بَطْنُه ) قَبًّا ( وقَبِبَ ) قَبَباً ، أَي بالفَكِّ على الأَصْلِ ، وهو شَاذٌّ ، وهو *!أَقبُّ ، والأُنْثَى *!قَبَّاءُ بَيِّنَةُ *!القَبَبِ . قال الشاعِرُ يصِف فَرساً :
اليَدُّ سابِحَةً والرِّجْلُ طَامِحَةٌ
والعيْنُ قَدِحةٌ والبَطْنُ *!مَقْبُوبُ
أي قُبَّ بطنُه ، والفعلُ قَبَّة يَقُبُّهُ قَبًّا ، وهو شِدَّةُ الدَّمْج للاسْتِدَارَة . وقال بعضُهم : قَبَّ بَطنُ الفَرَس فهو أَقبُّ ، إِذَا لَحِقَت خاصِرَتَاه بِحَالِبيْهِ ، والخَيْلُ القُبُّ . الضَّوَامِرُ .
(*! والقَبُّ : القَطْعُ ) يقال :*! قَبَّه *! يَقُبُّه قَبًّا ، (*! كالاقْتِبَاب ) ، أَنشدَ ابنُ الأَعْرَابِيّ :
يَقْتَبُّ رأْسَ العَظْم دُونَ المَفْصِل
وإِنْ يُرِدْ ذلكَ لا يُخَصِّلِ
وخَصَّ بعضُهُم به قَطْعَ اليَدِ ، يقال :*! اقتبَّ فلانٌ يدَ فُلَان *!اقْتبَاباً ، إِذَا قَطَعَها ، وهو افْتِعَال . وقيل : *!الاقْتبابُ : كُلُّ قَطْع لا يَدَعُ شَيْئاً . قال ابنُ الأَعْربيّ ، كان العُقَيْليُّ لا يتكَلَّم بشَيْءٍ إِلَّا كَتَبْتُه عنه ، فقال : ما تَرَك عِنْدِي*! قَابَّةً إِلَّا *!اقتَبَّها ، ولا نُقَارَةً إِلا انْتَقَرَهَا . يعني ما تَرَك عِنْدِي كَلمَةً
____________________

(3/507)


مُسْتَحْسَنَةً مُصْطَفَاةً إِلَّا اقتَطَعَهَا ، ولا لَفْظَةً مُنْتَخَبَة مُنْتَقَاةً إِلّا أَخذَهَا لِذَاتِه .
( و ) *!القَبُّ ) : ( الفَحْلُ من النَّاسِ و ) من ( الإِبِل ) .
( و ) القَبُّ : ( مَا يَدْخُلُ في جَيْبِ القَمِيصِ مِنَ الرِّقَاع ) .
( و ) القَبُّ : الثَّقْبُ ) الَّذِي ( يَجْرِي فِيه المِحْوَرُ مِنَ المَحَالَةِ ) ، أَو الخَشَبَةُ المَثْقُوبَةُ الَّتِي تَدور في المِحْوَر . ( أَو ) هو ( الخَرْقُ ) الَّذِي في ( وَسَطِ البَكَرَةِ ) ، وله أَسْنَانٌ من خَشَب ، قالَهُ الأَصْمَعِيّ .
( أَو الخَشَبةُ ) الَّتِي ( فَوْقَ أَسْنَانِ المَحَالَة ) ، أَو الَّتِي فوقَهَا أَسنانُ المَحَالَة . قَالَهُ الأَصْمَعِيُّ أَيضاً .
( و ) مِنَ المَجَازِ : القَبُّ : ( الرَّئِيسُ ) أَي رَئِيسُ القَوْمِ وسَيِّدُهم ، ( و ) قيل : هو ( المَلِكُ ، و ) قيل : ( الخَليفَةُ ) ، وقيل : هو الرَّأْس الأَكْبر ، يقال : عليك *!بالقَبِّ الأَكبرِ أي بالرأس الأكبر.قال شمر: الرَّأْس يُرَادُ به الرَّئِيس . يقال : فُلانٌ *!قب بَنِي فُلان ، أَي رئِيسُهم .
( و ) القَبُّ : ( مَ بيْنَ الورِكَيْن ، أَو ) قَبُّ الدُّبُر : مَفْرَجُ مَا بَيْن ( الأَلْيتَيْنِ ، و ) القَبُّ : ضَرْبٌ ( مِنَ اللُّجُم ، أَصْعَبُهَا وأَعْظَمُهَا ) ، نَقَلَه الصَّاغَانيّ .
( و ) القِبُّ ( بالكَسْرِ : العَظمُ النَّاتِيءُ من الظَّهْرِ بَيْنَ الأَلْيَتَيْنِ ) .
ومِنَ المجاز : أَلْزِقْ*! قِبَّكَ بالأَرْض ، أَي عَجْبك ، كذَا في الأَسَاسِ . وقرأْتُ في هامِش نُسْخَةِ لسَانِ العَرَب ما نَصُّه : وفي نُسْخَة من التَّهْذِيب بخَطِّ الأَزْهَريّ ، *!قَبَّك بالفَتْح .
( و ) من المجاز : القِبُّ : ( شَيْخُ القَوْم ) الذي عَلَيْه مدَارُ أَمْرِهم ، ولا يَخْفَى أَنَّه هو القَبُّ بالفَتْح بِمَعْنَى الرَّئيس ، والرَّأْسُ الأَكبَرُ ، على ما تقدم قريباً .
( و ) *!القُبُّ ( بالضم : جَمْع القَبَّاء ) اسم ( للدَّقِيقةِ الخَصْرِ ) . وفي حَدِيث عَلِيَ رضِيَ اللّهُ عنه في صِفةِ امرأَةٍ ( أَنهَا جَدَّاءُ قَبَّاءُ ) القَبَّاءُ : الخَمِيصَةُ البَطْن ، *!والأَقَبُّ : الضَّامِرُ البَطْنِ .
( وأَبُو جَعْفَر*!- القُبِّيُّ ، بالضَّمِّ ) المُرَادِيّ ،
____________________

(3/508)


أَدْرَك ابنَ مَسْعُود ، حَدَّث عنه عمرَانُ بنُ سُلَيْم ( وعِمْرَانُ بْنُ سُلَيْم القُبِّيُّ ) ، هكذا في النُّسَخ ، والصَّوَابُ ابنُ سُلَيْمَان ، رَوَى عن قَتَادَةَ ، وعَنْه يزيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ ( نِسْبَة إِلَى *!القُبَّة ) وَهي : ( ع بالكُوْفَة ) ، سُمي *!بالقُبّ قَبِيلَة من مُرَاد ، وقد يَشْتَبِه بالفبّ ، بالفَاء ، مَوْضِع آخَر بالكوفة ، فَهُمَا من المُشْتَبه ، (*! وقُبَّةُ جَالِينُوسَ : بِمَصْر ) ، وهي المشهورة الآن *!بقُبَّةِ الغُورِي ، ( وقُبَّةُ الرَّحْمَة : بالإِسْكَنْدَرِيَّة ، وقُبَّةُ الحِمَارِ : كانَتْ بِدَارِ الخِلَافَة ) سُمِّيَت بِهَا ( لأَنَّه كان يُصْعَدُ إِلَيْها على حِمَارٍ لَطِيفٍ : وقُبَّةُ الفرْكِ ) بكسر الفاءِ : ( ع ، بِكِلْوَاذَا ) بكسر الكاف وسكون اللام ، وبَيْنَ الأَلِفَيْن ذالٌ مُعْجَمة ، من قُرَى بَغْدَاد .
( و ) أَبُو سُلَيْمَانَ ( أَيُّوبُ بْنُ يَحْيَى ) ابْنِ أَيوبَ (*!- القَبِّيّ ) الحَرَّانِيّ ( بالفَتْحِ ) ، إِلى القَبّ ، وهو كَيْلٌ للغَلاَّت ، مَاتَ بعدَ سنةِ ثَمانِينَ وِمائَتَيْنِ ، وهو أَحَدُ الأَمَّارِينَ ، بالمَعْرُوف ، كذَا في الإِكْمال . وقيل : إِنَّمَا قِيلَ له ذلِك لأَنَّه كَانَ له قَبٌّ خِلْقَةً ، قاله الحَافِظ .
(*! والقَابَّةُ ) في قولهم : ما سمعْنَا العَامَ *!قابَّةً ، أَي صوْت ( الرَّعْد ) يذْهَبُ بِهِ إِلى القَبيب ، وهو الصوتُ ، على ما تقدَّم . ذكره ابْنُ سِيده ولم يَعْزُه إِلى أَحَدٍ ، وعزاه الجوْهرِيّ إِلَى الأَصْمعِيّ ، قال ابنُ السِّكِّيت : لم يَرْوِ أَحدٌ هذا الحَرْفَ غيْرُ الأَصْمَعِيّ قال : والنَّاسُ على خِلافه . ( و ) ما أَصابَتْهُم قابَّةٌ أَي ( القَطْرَةُ مِن المَطر ) . قال ابنُ السِّكّيت : ما أَصابَتْنا العَامَ قَطْرةٌ ، وما أَصَابَتْنَا العَامَ قَابَّةٌ ، بمَعْنًى وَاحِد .
(*! وقَبْقَبَ ) الأَسدُ والفَحْلُ *!قَبْقَبَةً ، إِذَا ( هَدَرَ . و )*! قَبْقَبَ الأَسدُ : ( صَوَّتَ ) وصَرَفَ نَابَيْه . *!والقَبْقَبَة والقَبِيبُ : صوتُ أَنْيَابِ الفَحْلِ وهَدِيرُه ، وقيل : هو تَرْجِيعُ .
( و ) قَبْقَبَ الرجلُ : ( حَمُقَ ) .
( *!والقَبْقَابُ : الكَذَّابُ . والجَمَلُ الهَدَّار . والفَرْجُ ) يقال : بَلَّ البَوْلُ مَجَامِعَ *!قَبْقَابِه . وقالوا : ذَكَرٌ *!قَبْقَابٌ ، فَوصَفُوه به ، ( أَو ) هو الفَرْجُ ( الوَاسعُ الكَثيرُ المَاءِ ) إِذا أَوْلجَ الرجُل فيه ذَكَرَهُ قَبْقَب ، أَي صَوَّتَ . سُمِعَ ذلِك
____________________

(3/509)


عن أَعْرَابِيّ حين أَنْشَد :
لَعْساءُ يا ذاتَ الحِرِ القَبْقَابِ
وقال الفرزدق :
فكَمْ طَلَّقَتْ في قَيْسِ عَيْلانَ من حِرٍ
وقد كان*! قَبْقَاباً رِمَاحُ الأَرَاقِمِ
( و ) القَبْقَابُ : ( النَّعْلُ من خشَبٍ ) . في المشْرِق أَنه خَاصٌّ بلُغَةِ أَهْلِ اليمن ، نقله شَيْخُنا . وقيل : إِنهُ مُوَلَّدٌ لا أَصل له في كلام العَرَب ، وذكر الخَفَاجِيُّ في الرَّيْحَانَة أَنَّه نَعل يُصْنَع من خَشَب ، حدَثٌ بعد العَصْرِ الأَوّل ، ولفظُه مُوَلَّد أَيْضاً ، ولم يُسْمع من العَرب ، وقد نَظَم ابنُ هَانِىء الأَندَلُسِيّ فيه قوله :
كنت غُصْناً بين الرِّيَاضِ رَطِيباً
مَائِسَ العَطْف مِن غنَاءِ الحَمَامِ
صِرْتُ أَحْكِي عِدَاكَ في الذُّلِّ إِذْ صرْ
تُ برَغْمِي أُدَاسُ بالأَقْدَامِ
انتهى .
( و ) القَبْقَابُ : ( الخَرَزَةُ ) التي ( يُصْقَلُ بِهَا الثِّيَابُ ) ، نقلَه الأَزْهَرِيّ هكَذَا . وقال أَبُو عمْرٍ و في ياقوته : القَبْقَابُ هو القَيْقَاب مُصَحَّحاً مُحَقَّقاً قاله الصَّاغَانِيْ . ( و ) رَجُلٌ قَبقَابٌ ، أَي ( كَثِيرُ الكَلَامِ ، كالقُبَاقِب ) بالضَّمِّ . وقيل : كَثِيرُ الكَلَامِ أَخْطَأَ أَو أَصَاب ( أَو المِهْذَارُ ) وهو كَثِيرُ الكَلَام مُخَلِّطُه ، وأَنشَدَ ثَعْلَب :
أَو سَكَتَ القومُ فأَنْتَ*! قَبْقَابْ
( و )*! القَبِيبُ كأَمِير ( صوتُ أَنْياب الفَحْلِ ) وهَدِيرُه ( *!كالقَبْقَبَة ) ، وقد مَرَّ آنفاً .
(*! والقَبْقَبُ ) كجَعْفَرٍ ، وزاد السُّهَيْلِيّ : والقَبْقَابُ أَيْضاً ، على ما نَقَله شَيْخُنا : ( البَطْنُ ) وفي الحَدِيث : ( من كُفِيَ شَرَّ لَقْلَقِه *!وقَبْقَبِه وذَبْذَبِه فَقَدْ وُقِيَ ) وقيل للبَطْنِ*! قَبْقَبٌ من القَبْقَبَة ، وهي حكاية صوت البطن .
( و )*! القِبْقِبُ ، ( بالكَسْرِ : صَدَفٌ بَحْرِيٌّ ) فيه لَحْمٌ يُؤْكَل ، نَقَله الصَّاغَانِيّ
____________________

(3/510)


( و )*! قُبَابٌ ( كغُرابٍ : أُطُم بالمَدِينة ) على ساكِنِهَا أَفضلُ الصّلاة والسّلام ، وفي التَّكْمِلَة : *!القُبَابَةُ ، بالهاء .
( و )*! القُبَابُ : ( من السُّيُوفِ ونحْوهَا : القاطِعُ ) ، من*! قبَّ ، إِذَا قَطَعَ ( و ) القُبَابُ ( مِن الأُنُوفِ : الضخْمُ العَظِيمُ ) .
( وكَكِتَاب : ع ، بسَمَرْقَنْد ، ومَحَلَّةٌ بنَيْسَابُور و )*! قِبَاب : ( ع بِنَجْد في طريق حَاجِّ البَصْرَة و ) *!القِبَابُ : ( ة بأَسْفَلِ مِصْرَ ) منها المُحدِّث عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ القِبَابِيّ الحَنْبَلِيّ . قلت : والصَّوَابُ في هَاتَيْن كَسْرُ أَوَّلهمَا ، كما قَيَّدهُ الصَّاغَانيُّ والحَافِظ ، والأَخِيرةُ تُعرفُ بالكُبْرى ( و : ة قُربَ بَعْقُوبَا ) مِن نَوَاحِي بَغْدَاد ، والصَّوابُ فِيهَا أَيضاً كسرُ الأَول .
( و ) القِبَابُ ( نَوْعٌ مِنَ السَّمَكِ ) يُشْبِهُ الكَنْعَد . قال جَرِيرٌ :
لا تَحْسِبَنَّ مِرَاسَ الحَرْب إِذْ خَطَرَتْ
أَكْلَ القِبَابِ وأَدْمَ الرُّغْف بالصِّير
( و ) القِبَابُ ( جَمْعُ القُبَّة ) بالضَّمِ (*! كالقُبَبِ ) بالكَسْر ، هَكَذَا في نُسْخَتِنا مَضْبُوطٌ بالقلم ، والظاهر أَنَّه بالضَّمِّ ، ثم رَأَيْتُ شيْخنا ضبطَه كغُرَف فلا مَحِيدَ عنْه . *!والقُبَّةُ من البنَاء معْرُوفَة . وقيل : هيَ البِنَاءُ من الأَدَمِ خَاصَّة مُشْتَقٌّ من ذلِكَ . وقال ابنُ الأَثِير : *!القُبَّة مِنَ الخِبَاء : بَيْتٌ صَغير مُسْتَدِير ، وهو من بُيُوتِ العَرب . وفي العِنايَة : القُبَّة : ما يُرفع للدُّخُولِ فيه ولا يَخْتصُّ بالبِناءِ .
( و )*! القَبَّابُ ( كَكَتَّان : الأَسَدُ*! كالمُقَبْقِبِ ) ، نَقَلَهُمَا الصَّاغَانيُّ .
( و ) القَبَّابُ : ( ع بأَذْرَبِيجَانَ ) . قلتُ : والصَّوابُ أَنَّه بالنُّون في آخِرِه كما ضَبَطَه الصَّاغَانِيّ والحَافِظُ .
(*! والقُبَاقِبُ بالضَّمِّ ) ومثلُه في الصَّحاحِ وَفِي لِسَانِ العَرَب :*! قبَاقِبُ ، بِلَا لَامٍ : ( العَامُ المُقْبِلُ ) أَي هو اسمُ عَلَمٍ للعَامِ
____________________

(3/511)


الَّذِي يَلِي قَابِلَ عَامِك . ( و ) القُبَاقِبُ : ( الرَّجُلُ الجَافِي ) المِهْذَارُ .
( و : ع ، ونَهَر بالثَّغْرِ ، ومَاءٌ لِبَنِي تَغْلِب ) بُنِ وَائِل ( بأَرْضِ الجَزِيرَة ) المَعْرُوفَةِ بجَزِيرَةِ ابْنِ عُمَر .
وفي الصّحَاح : وتَقُولُ : لا إتِيك العَامَ ولا قَابِلَ ولا قُباقِبَ . قال ابنُ بَرِّيّ : الذِي ذكره الجَوْهَرِيّ هو المعْرُوف ، قال : أَعْني قوله : إِن قُبَاقِبا هو العَامُ الثَّالِث ، قال : وأَمَّا العامُ الرَّابِعُ فيُقَال لَه : المُقَبْقِب . قال : ومنهم من يَجْعَلُ القابَّ العَامَ الثَّالث . والقُبَاقِبَ : العَامَ الرَّابِع . والمُقَبْقبَ : العامَ الخَامِس . ( ويُقَالُ ) وهو المَحْكيّ عن خَالِد بْنِ صفْوَانَ ، أَنَّه قال لابْنه في مُعَاتَبةِ : يا بُنَيَّ ، ( إِنَّكَ لن تُفْلِحَ العَامَ ولا قَابِلَ ولا قَابَّ ولا قُبَاقِبَ ولا مُقَبْقِبَ ) . وقال ابنُ سِيدَه فِيمَا حَكِاه : ( كُلُّ ) كلمة ( مِنْهَا اسْمُ ) عَلَمٍ ( لِسَنَةِ بعد سنة ) ، وقال : حَكَاهُ الأَصْمَعِيُّ ، وقال : ولا يَعْرِفُونَ ما وَرَاءَ ذَلِك .
( وسُرَّةٌ*! مَقْبُوبَةٌ ، *!ومُقَبَّبَةٌ ) ، الأَخِيرة كمُعَظَّمَةٍ ، هكذا في النُّسَخ ، وَهِي الصَّاب ، وفي أُخْرَى مُقبقَبة أَي ( ضَامِرَةٌ ) قَال :
جَارِيَةٌ من قَيْسٍ بْنِ ثَعْلَبَا
بَيْضَاءُ ذَاتُ سُرَّة *!مُقبَّبَهْ
كأَنَّهَا حِلْيَةُ سَيْفٍ مُذْهَبَهْ
(*! وقبَّبَت ) ، هكذا في نُسْختِنا ، وصَوَابُه*! قَبَّت ( الرُّطَبَة ) كهُمَزة ، إِذا ( جَفَّت ) بعض الجُفُوف بَعْدَ التَّرْطِيب .
( و ) قَبَّبَ ( الرَّجُلُ ) إِذا ( عَمِل قُبَّةً ) ، *!وقبَّبَها *!تقْبِيباً إِذا بَناهَا ( وبَيْتٌ *!مُقبَّبٌ : عُمِلَ ) وفي نُسْخة جْعِل ( فوْقه قُبَّةٌ ) والهَوَادِجُ تُقبَّبُ .
( وذُو القُبَّة ) : لقب ( حنْظَلَةَ بْنِ ثعْلَبة ) بْنِ سَيَّارٍ العِجْلِيّ ، سُمِّي به ( لِأَنَّه نَصَبَ قُبَّةً بصحْرَاءِ ذِي قارٍ ) فَتَعطّفَتْ عليه رَبيعَة ، وهَزَموا الفُرْسَ (*! وتَقَبَّبَها : دَخَلَها ) .
( وقُبَّةُ الإِسْلَامِ : البَصْرةُ ) ، وهي خِزَانة العَرَب قال :
____________________

(3/512)



بنَتْ قُبَّةَ الإِسْلَام قَيْسٌ لأَهْلِهَا
ولَوْ لَمْ يُقِيمُوهَا لَطَالَ الْتِواؤُهَا
( وحِمَارُ*! قَبَّانَ ) هُنَيٌّ أُمَيْلِس أُسَيْدٌ رأْسُه كرَأْس الخُنْفُساء طُوَالٌ ، قَوائِمُه نحوُ قَوَائِم الخُنْفُسَاء وهي أَصغرُ منها ( و ) قيل : ( عَيْرُ قَبَّانَ ) أَبْلقُ مُحَجَّلُ القوائم ، له أَنْفٌ كأَنْف القُنْفُذ إِذا حُرِّك تَماوتَ حتى تَرَاه كأَنَّه بَعْرة ، فإِذا كُفَّ الصَّوتُ انْطلَق ، وقيلَ هُوَ ( دُوَيْبَّة ) وهو ( فَعْلَانُ مِنْ قَبّ ) لأَنَّ العَرَبَ لا تَصْرِفُه ، وهو مَعْرِفَة عِنْدَهُم ، ولو كان فَعَّالا لصرفَته ، تقولُ : رأَيت قَطِيعاً من حُمُرِ قَبَّانَ . قال الشاعر :
يا عَجَباً لَقدْ رَأْيتُ عجَبَا
حِمارَ قَبَّانَ يَسُوقُ أَرْنَبَا
كذا في الصّحَاحِ . وأَنكرَ شيخُ عَيْرَ قَبَّان ، وأَنَّهم لم يَذْكُرُوه إِلّا في ضَرُورةٍ عَجَزُوا فِيهَا عن حِمَار فأَبْدَلُوه بالعَيْر ، ولم يَذْكُرْه أَربابُ الدَّوَاوين المَشَاهير . قُلْتُ : وهو في المُحْكَم ولِسَان العَرَب ، فأَيُّ دِيوَان أَشْهَر منْهُمَا .
ونُقِل عن الجَاحِظَ في كِتَاب البيان أَنَّ من أنواعه أَبُو شَحْم وهو الصَّغِيرُ منها ، قال : وأَهل اليَمَن يُطْلِقُون حِمَارَ قَبَّان على دُوَيْبَّة فوق الجَراد من نوع الفَرَاش .
وفي مفردات ابْنِ البَيْطَار : حِمَار قَبَّانَ يُسَمَّى حِمارَ البَيْت أَيضاً . قلت : ولم يتعَرَّضُوا لِوَجْه التَّسْمية ، وهُوَ واللّهُ أَعلم إِنّما سُمِّيَ به لكَوْنِ ظَهْرِه كأَنَّه قُبَّة ، كما صَرَّح به السّيوطِيّ في ديوان الحَيَوَان . ومن أَمثالهم : ( هو أَذَلُّ من حِمار قَبَّانَ ) كذا في مَجْمَع الأَمْثل والمُسْتَقْصَى . قال شيخنا : وقالوا : هو ضَرْبٌ من الخَنَافس يَكُون بَيْنَ مَكَّةَ والمَدِينَة .
(*! والقُبِّيّونَ ، بالضَّمِّ ) ، وقد جاءَ ذِكْره ( في الحَدِيثِ ) الذي لا طَرَف له . ونَصُّه ( خَيْرُ النَّاسِ*! القُبِّيُّونَ ) . وسُئل أَحمدُ بنُ يَحْيَى عن*! القُبِّيِّين فقال : إِنْ صحَّ فهم ( الَّذِين يَسْرُدُون الصَّومَ حتى تَضْمُرَ بُطُونُهم ) وفي رواية أُخْرَى
____________________

(3/513)


*!المُقَبَّبُون بدل القُبِّيِّين والمَعْنَى وَاحِد .
( *!وقُبِّينُ كقُمِّينَ ) أَي بضَم فكَسْر مع تَشْدِيد : ( ع ، بالعِراق ) نقله الصّاغَانِيّ (*! وَقِبَّةُ الشَّاةِ ، بالكسر وتُخَفَّفُ ) أَي الموحدة ، وبالتَّخْفِيف رأَيته في فَصِيح ثَعْلَب مَضْبُوطاً بالقَلم ، وفي هَامِش الكِتَابِ : وهو الوِعَاءُ الذِي يَتَنَاهى إِلَيْه الفَرْثُ ، وهي ( الحِفْثُ ) ، بكسر المُهْمَلَة وسُكُون الفَاءِ وآخره ثَاءٌ مُثَلَّثَة ، هذا مَضْبُوط عندنا ، وفي فَصِيح ثَعْلب : وهي الفَحِث ، أَي ككتِفٍ ، وذُكِر في بَاب المَكْسُور الاوّل من الأَسْمَاء ، وهي إِنْفَحَةُ الجَدْيِ ، أَي يَكُون له ما دَام يَرْضَع فإِذا أُكِل سُمِّيَت قِبَّة .
(*! وقُبَيْبَاتُ ) مُصَغَّراً : ( بِئرٌ دا ون المُغِيثةِ ) ، نقله الصَّاغَانِيّ . ( وماءٌ لِبَنِي تَغْلِب ) بْنِ وَائِل ، وهو غَيْرُ القُباقِب المَارْ ذكره ( و : ع ، بِظَاهِر دمَشْقَ . وَملَّة بِبَغْدَادَ وَمَاءٌ لِبَنِي تَمِيمٍ . و : ع بالحِجَاز . وقُبِّينُ بالضَّمِّ ) وقد تقدم ضَبْطُه أَيضاً : ( اسمُ نَهر ، ووِلَايَةٌ بالعِرَاقِ ) ، وكلامه هنا غيرُ مُحَرَّز ؛ فإِنه قال أَوَّلاً : إِنَّه مَوْضِع بالعِراق ، ثم قال : إِنَّه وِلَاية بالعراق ، وَهُمَا وَاحِد .
( *!وقَبْ ) قَبْ ( حِكَايَةُ وَقْعِ السَّيْف ) عند القِتَال ، من *!القَبْقَبَة ، وهو التَّصْوِيتُ .
(*! والقَبِيبُ ) كأَمِير من ( الأَقِط ) الذي ( خُلِطَ رَطْبُه بِيَابِسه ) ، وفي أُخرى يَابِسُه بِرَطْبِه .
ومِمَّا بَقِيَ على المُصَنِّف من المادَّة :
عن الأَصْمعِيّ ، قبَّ ظهرُه يَقِبّ قُبُوباً إِذَا ضُرِب بالسَّوْط وغَيْره فجَفَّ فذَلِك القُبُوبُ . قال أَبو نَصْر : سَمِعْتُ الأَصْمَعِيَّ يقول : ذُكِر عن عُمَر أَنَّه عرَب رجلاً حَدًّا ، فقال : إِذا قَبَّ ظهرُه فرُدُّوه إِليَّ ، أَي إِذا اندمَلَت آثارُ ضَرْبِهِ وجَفَّت ، من قَبَّ اللحمُ والتَّمرُ ، إِذا يَبِسَ ونَشِف . وفي حَدِيث عَلِيَ كرَّم الله وجهه : ( كانَت دِرْعُه صَدْراً لاقَبَّ لَهَا ) أَي لا ظَهْرَ لها ، سُمِّي قَبًّا لأَن قِوَمَا به من قَبِّ البَكَرة ، وقد تَقدَّم . والأَقَبُّ : الضَّامِر ، وجَمْعُه قُبٌّ . وحَكَى ابنُ الأَعْرَابِيّ :*! قَبِبَت المَرْأَةُ ، بإِظهار التَّضْعِيف ، ولَهَا أَخَوَاتٌ حَكَاها يَعْقُوب عَنِ الفَرَّاء ، كمَشِشت الدَّابَّةُ ، ولَحِحَتْ عَيْنهُ .
والخيْلُ القُبُّ : الضَّوَامِرُ .
____________________

(3/514)



والقَبْقبَة : صَوتُ جَوْفِ الفرَسِ ؛ وهو القَبِيبُ .
وقَبَّ الشيءَ وَقبَّبَه : جمع أَطْرَافه ، والقَبْقَبُ : خَشَبُ السَّرْج . قال :
يُطَيِّرُ الفَارِسَ لولا قَبْقَبُه
وفي الأَسَاسِ : ومن المَجَاز : وَتَرٌ قَبٌّ طَاقَاتُه ، أَي مُسْتَوِيَةٌ . والقَبُّ : بالفَتْح : مِكْيَالٌ للغَلَّة كالقَبَّانِ ، وقد نُسِبَ إِليه جَماعَةٌ من المُحَدِّثين ، كالحَسَن بن محمد النَّيْسَابُوريّ *!-القَباَّنِيّ الحَافِظ . وفَضْلُ بنُ أَبِي طالبٍ القَبَّانيّ الوَزَّانُ ، عن أَبي الحُسَيْن بن يُوسُف ، وغَيْرهما .
والقِبَابُ ككتَاب : ستَّة أَماكن ذكر المُصَنَّف منها ثَلَاثة وبَقِيَ عليه : .
قِبَابُ : موضع بِسَمَرْقَند ، وأَقْصَى مَحَلَّة بنَيْسَابُور على طَرِيق العِرَاق . ومَوْضِع خَارِج بَغْدَاد على طَرِيق خُرَاسان يُعْرَف *!بقَبَّان الحُسَيْن وقُبَيْبَات بالضَّم : قَرْيَةٌ شَرْقِيّ مِصْر .
والقِبَابُ ككِتَابُ : لَقَبُ أَبِي بَكْرٍ عَبدِ اللّهِ بْنِ مُحَمَّد بْنِ فَوْرَك الأَصْبهَانيّ ، لأَنَّه كان يَعْمَلُ الهِوَادِجَ .
*!وقُبَّ بَطْنُه وقَبَّه غيْرُه ، وهو شِدَّةُ الدَّمْج للاسْتدَارة . قال امرؤُ القيْس يصِف فرساً :
رَفاقُها ضَرِمٌ وجَرْيُها خَذِمٌ
ولحْمُها زِيَمٌ الطَّيُّ *!مقُبوبُ
.
قتب : ( القِتْبُ بالكسْرِ ) ، قاله الكسائيّ ، ويُحرَّكُ : ( المِعَى ) ، أُنثى والجمْعُ أَقْتابٌ ( كالقِتْبَة ) ، بالاء ، قاله ابنُ سِيدَه . ( و ) قال أَيضاً : القِتْبُ بالكسر : ( جَمِيعُ أَداة السَّانيةِ ) من أَعْلاقها وحِبالَها ( و ) قيل : القِتْب : ( ما ) تحَوَّى ، أَي ما ( اسْتدار من البطْنِ ) وهي الحوايا ، وأَمَّا الأَمْعَاءُ فهي الأَقْصابُ ، على ما يَأْتي ، اختارَ أَبُو عُبَيْد . وفي الحديث : ( فتنْدلق أَقْتابُ بَطْنِه ) . وقال الأَصْمَعيّ : واحدُها قِتْبة . ( و ) القِتْبُ ، بالكسْر :
____________________

(3/515)


( الإِكافُ ) . قال شيْخُنا : ظاهِرُه أَن الإِكاف يكون للإِبلِ ، ويَأْتي له في أَكف أَنه خاصٌّ بالحُمُر ، وهو الَّذِي في أَكْثر الدَّوَاوِين ، كما سَيَأْتي هناك ( وبالتَّحْرِيكِ أَكْثر ) في الاسْتِع 2 مَال . وفي النِّهَايَة في حَدِيثِ عَائِشةَ ضي اللهُ عَنْهَا ( لا تَمنعُ المرأَةُ نفسَها مِنْ زَوْجِهَا وإِنْ كانَتْ عَلى ظَهْرِ قَتَب ) . القَتَب للجَمَل كالإِكاف لغَيْرِه . ومعْنَاه الحَثُّ لهُن على مُطاوَعَة أَزْوَاجِهِن وأَنه لا يَسَعُهُنّ الامْتِناعُ في هذهِ الحَال ، فكيْف في غيْرِها . وقيل : إِنَّ نساءَ العَرَب كُنَّ إِذا أَردْن الوِلادَة جَلسْن على قَتَب ويَقُلْن إِنَّه أَسْلَس لخُرُوج الوَلد ، فأَرَادَت تلْك الحَالة . قال أَبو عُبَيْد : كُنا نَرَى أَنَّ المَعْنى : وهي تسِير على ظهْرِ البَعِيرِ ، فجَاءَ التَّفْسِيرُ بَعْدَ ذلِك ، ( أَو ) القَتَبُ للبَعِير كما في المِصْباح والمُحْكَم . والإِكافُ للحَمير . وفي الخُلَاصَة أَنَّه عَامٌّ في الحَمِيرِ والبغَال والإِبِل .
قال ابنُ سِيدَه : وقِيلَ : هو ( الإِكَافُ الصَّغيرُ ) الَّذِي ( عَلَى قَدْرِ سَنَامِ البَعير ) . وفي الصِّحَاح : رَحْلٌ صَغيرٌ على قَدْرِ السَّنَام ، ( ج ) أَي الجَمْعُ من كُلِّ ذَلك ( أَقْتَابٌ ) . قال سِيبَوَيْه : لم يُجَاوِزُوا به هذَا البِنَاءَ .
( و ) القَتْبُ ( بالفَتْح : إِطْعَامُ الأَقْتَابِ المَشْوِيَّة ) ، هكذا في نُسْخَتِنَا ، ومِثْلُه في التَّكْملَة ، وفي أُخْرَى : المُسْتَوِية من اسْتَوَى الشيءُ إِذَا صَلْحَ .
( والإِقْتَابُ ) مَصْدَر أَعقْتَبَ البَعيرَ ، إِذَا ( شَدَّ القَتَب ) عَلَيْه .
( و ) مِنَ المَجَازِ : الإِقْتابُ : ( تَغْلِيظُ اليَمِين ) . وفي التَّهْذيب : أَقتبْتُ زَيداً يَمِيناً إِقْتاباً ، إِذا غَلَّظْتَ عليه اليَمِينَ فهو مُقتَبٌ عَلَيْه . ويقال : ارْفُق ( به ) ولا تُقْتِب عَلَيْه في اليَمين .
وفي الأَسَاس : وأَقْتَبْتُ زيداً يَمِيناً ، وأَقْتَبَه في اليَمِين : غَلَّظَها عَلَيه وأَلَحَّ ، كَأَنَّه وَضَع عليه قَتَباً .
( والقَتُوبَةُ ) بالفَتْح ، كما يُبَيِّنُه الإِطْلَاق ، ومنْهُم مَنْ ضَبَطه بالضَّمِّ ، من
____________________

(3/516)


( الإِبِل الَّتِي تُقْتِبُهَا بالقَتَبِ ) إِقْتاباً . قال اللِّحْيَانيّ : هي ما أَمْكنَ أَنْ يُوضَع عليه القَتَب ، إِنَّمَا جَاءَ بالهَاءِ لأَنَّها الشَّيءُ مما يُقْتَب . وفي الحَديثِ ( لا صَدَقَةَ في الإِبل القَتُوبَة ) ، وهي الإِبِل التي تُوضَع الأَقْتَابُ على ظُهُورِهَا ، فَعُولَة بمَعْنَى المَفْعُولَة ، كالرَّكُوبَة والحَلُوبَة . أَراد لَيْسَ في الإِبِل العَوَامل صَدَقَة . قال الجوهريّ : وإن شئْتَ حذفتَ الهَاءَ فقلت : القَتُوبُ .
و ( القَتوب ) : الرَّجُل المُقْتِبُ .
( وذُو قِتَاب ، كسَحَابٍ وكِتَاب : الحَقْلُ ) ، بالفَتْح فالسُّكُون ، ( بْنُ مَالِك ) ابنِ زَيْد بْنِ سَهْل ، أَخو السمَع بْن مَالِك رَهْط أَبي رُهْمٍ أَحْزَاب ابْنِ أَسيدِ ( مِنْ مُلُوكِ حمْيَر ) .
.
( و ) القَتِبُ ( كالكَتِف : الضَّيِّقُ ) الخُلُقِ ( السَّرِيعُ الغَضَب ) .
( و ) القَتَب بمَعْنَى إِكَافِ البَعير قد يُؤَنَّث ، والتَّذْكير أَعم ؛ ولذلك أَنَّثُوا التَّصْغَير فقالوا : ( قُتَيْبَةُ ) ، وهي ( تَصْغِيرُ القتيْبَة ) ، بالكَسْر والهَاءِ ، قاله ابنُ سِيدَه . وفي التَّهْذِيب : ذهب الليثُ ( إِلى ) أَن قُتَيْبَة مأْخُوذٌ من القِتْب ، وقرأْتُ في فُتُوح خُرَاسَان أَنَّ قُتَيْبَةَ بْنَ مُسْلِم لمَّا أَوْقع بأَهْل خُوارَزْم ، وأَحَاط بِهِم أَتاه رسولُهم ، فسأَله عن اسْمه ، فقال قُتيْبَة : فقال ( له ) : لستَ تفتَحها إِنَّمَا يَفْتحُهَا رجُلُ اسمُه رِكاف ، فقال قُتَيْبَة : فلا يفتَحُهَا غَيْرِي ، واسْمي إِكَاف . قال : وهذا يُوَافق ما قَالَه اللَّيْثُ . وقال الإِصمعي : قَتَبُ البَعير : مُذَكَّر لا يُؤَنّث ، ويقال له القِتْب ، وإِنما يَكُونُ للسَّانِيَة ، ا ه . قال الأَصْمَعي : ( وبهَا سَمَّوْا ) رِجالهم .
وقُتَيْبَةُ : بطْن من بَاهِلَة ، وهو قُتَيْبَة بْنُ مَعْن بْنِ مَالك ( والنِّسْبَةُ ) إِليه ( قُتَبِيّ كجُهَنِيَ ) ، منهم قُتَيْبَة بْنُ مُسْلِم ، وسُلَيْمَانُ بْنُ رَبِيعَة وغَيْرُهُما .
( وقِتْبَانُ ، بِالكَسْرِ ) : بَطْنٌ من رُعَيْن مِنْ حمْير ، كذا في كُتُب الأَنْسَاب ، وهو قَوْل الدّارَقُطْني ، ويَرُدُّه قولُ ابْنِ
____________________

(3/517)


الحُباب : فإِنَّه ذَكَر في قَبَائل حِمْير قِتْبَان بن رَدْمان بْنِ وَائِل بْنِ الغَوْث ، إِلّا أَن يكون في رُعَيْن قِتْبَان آخَر . والَّذِي قَالَه الهَمْدَانيّ : إِنَّ الَّذِي ذكره ابن الحُباب إِنما هو قُتْبَان بالمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة كعُثْمَان لا بالمُوَحَّدَة ، وقد تحامل الرُّسَاطِيُّ على الدَّارَقُطْني ، وأُجيبَ عَنْ وليس هذا مَحَلّه . وفي المَرَاصد أَنَّ : ( ع ، بِعَدَنَ ) تبعاً للبَكْريّ . ويقال : إِن الموضِعَ سُمِّي بقِتْبان المَذْكُور .
ومما بَقِي على المُصَنِّف : .
قولُهم للمُلِحِّ : هو قتَبٌ يَعَضُّ بالغارِب ، وقتَبٌ مِلْحَاحٌ .
وأَقْتَبَه الدَّيْنُ : فَدَحَه . قال الرَاجِز :
إِلَيْكَ أَشْكو ثِقْلَ دَيْنٍ أَقْتَبَا
ظَهْرِي بأَقْتَابٍ تَرَكْنَ جُلَبَا
ومن سجَعَات الأَسَاسِ : كأَنِّي لَهُم قَتُوبَة ، وكأَنّ مُؤْنَتَهُم عَلَيَّ مَكْتُوبَه . وفي كَاهِل الفَرَس تَقْتِيبٌ . ورجل مُقَتَّبُ الكَاهِل ، وكُلُّ ذَلكَ منَ المَجَاز .
قثب : ( المَقَاثِبُ ) بالمثَلَّثَة : ( العَطَايَا ) قيل : لَا وَاحِدَ لَهُ ، وقيل : الوَاحد مِقْثَب . وقيل : هو لُثْغَة مُهْمَلَة . قاله شَيْخُنَا ، ولم يَتَعَرَّض بله ابْنُ مَنْظُور ، ولا الجَوْهَرِيّ ولا غَيْرُهُما .
قحب : ( القَحْبُ ) : الشَّيْخُ ( المُسِنُّ ، والعجُوز قَحْبَةٌ ، و ) هو ( الَّذي يَأْخُذُه السُّعَالُ ) قاله أَبُو زَيْد . ( وقد قَحَبَ كنَصَر ) يَقْحُب ( قَحْباً وقُحَاباً ، بالضَّمِّ ) ، أَي في الأَخِيرِ ، إِذَا سعَلَ ( و ) ومِثْلُه ( قَحَّبَ تَقْحِيباً ) إِذَا سَعَل ، ورجل قَحْبٌ وامرأَةٌ قَحْبة : كَثِيرَةُ السُّعَالِ مع الهَرَم ، وقيل : هما الكَثيرَا السُّعَال مع هَرَمٍ أَو غَيْر هَرَم . ( و ) يقَال : أَخَذَه ( سُعَالٌ قَاحبٌ ) أَي ( شَديدٌ ) .
( والقَحْبةُ : الفَاسِدةُ الجَوْفِ منْ دَاءٍ ) ، من القُحَاب ، وهو فَسَادُ الجَوْف ( و ) قال الأَزْهَريُّ : قيل لِلْبَغِيِّ قَحْبَة ؛ لأَنَّهَا كانت في الجَاهلِيَّة تُؤْذِن طُلَّابَها بقُحَابها وهو سْعَالُها . وعن ابْنِ سيدَه : القَحْبَةُ : ( الفَاجِرَةُ ) . وأَصْلُها
____________________

(3/518)


مِنَ السُّعال ، سُمِّيَت ( لأَنَّهَا تَسْعُلُ أَو تُنَحْنحُ أَي تَرْمُزُ بِهِ ، أَوْ هِيَ ) أَي القَحْبَة كلمة ( مُولَّدةٌ ) ، وبِه جَزَم الجَوْهريّ وغيرُه . وقال أَبُو هِلال في كتاب الصِّنَاعَتَيْن : صارَ تَسْمِيَةُ البغيِّ المُكْتَسبة بالفُجُورِ قَحْبة حقِيقَة ، وإِنَّما القُحَاب : السُّعالُ .
وفي شفاء الغَلِيل : العَامَّة تُسَمِّي البغِيِّ قَحْبَة . قال شَاعِرُهم :
وقَحْبَة إِذَا رَأَى
جَمَالَها العِلْقُ سَجَدْ
( وبه قَحْبةٌ ، أَي سُعَالٌ ) . والقَحْبُ : سُعَالُ الشَّيْخ ، وسُعَالُ الكَلْب . ومن أَمْراضِ الإِبل القُحاب ، وهو السُّعَال . وقال الجَوْهَرِيّ : القُحَاب : سُعَال الخَيْلِ والإِبِل ، ورُبَّما جُعِل للنَّاس . وفي التَّهْذِيب : القُحَابُ : السُّعال . فعَمَّ ولم يُخَصِّص .
وقال ابنُ سيدَه : قَحَب البَعِيرُ يَقْحُب قَحْباً وقُحَاباً : سَعَلَ ، ولا يقْحُب منها إلا النَّاجِزُ أَو المُغِدّ . وقَحَبَ الرجلُ والكَلْبُ .
وقيل : أَصْلُ القُحَاب في الإِبل ، وهو فيما سِوَى ذَلِكَ مُسْتَعَار . وبِالدَّابَّة قحْبَةٌ أَي سُعَالُ وفي .
التَّهْذيب : أَهلُ اليَمن يُسَمُّون المرْأَةَ المُسِنَّة قَحْبَة .
ويقال للعجُوز القَحْبَة والقَحْمَة وأَنشد :
شَيَّبَنِي قَبْلَ إِنَى وَقْتِ الهَرَمْ
كُلُّ عَجُوز قَحْبَةٍ فيها صَمَمْ
ثم قال : ويُقَال لكُلِّ كبيرَةٍ من الغَنَم مُسِنَّةٍ . وقال ابنُ سِيدَه : القَحْبة : المُسِنَّة من الغَنَم وغَيْرِها .
وفي الأَسَاس : ويُسَمِّي أَهلُ اليَمن المَرْأَة قَحْبَة ، ويقولون : لا تَثِق بقَوْل قَحْبَة ، ولا تغْترَّ بطُول صُحْبَة ، انتهى فليُنْظر مع كلام الأَزْهَرِيّ . والمَشْهورُ عِنْدَنا الآن : به قَحْبَةٌ أَي سُعَال . ويقال : أَتيْن نسَاءٌ يَقْحُبن ، أَي يَسْعُلْن . ويقال
____________________

(3/519)


للشَّابِّ إِذا سَعل : عُمْراً وشبَاباً . وللشَّيْخ : وَرْياً وقُحَاباً .
وفي التَّهْذِيب : يقال للبَغِيض إِذا سَعَل : وَرْياً وقُحَاباً وللحَبِيبِ إِذا سَعل : عُمْراً وشبَاباً .
ثم إِنَّ هذه الترجمة عندنا مكتوبةٌ بالسَّوَاد على الصَّوَاب ، وفي بعض بالحُمْرَة على أَنَّها من زيادات المُصَنِّف على الجوْهَرِيّ ، وليْسَ كذلكَ .
قحرب : في التَّهْذِيبِ في الرُّبَاعِي يقال للعَصَا : الغِرْزَحْلَة والقَحْرَبَة والقِشْبارةُ والقِسْبَارَةُ .
قحطب : ( قَحْطَبَه ) يقال : ضرَبه وطعَنه فقَحْطَبَه إِذا ( صَرَعَه ، وبالسَّيْفِ : عَلاهُ ) .
وقَحْطَبَةُ : اسْمُ رَجُل ، وهو قَحْطبَةُ : اسْمُ رَجُل ، وهو قحْطبَةُ بْنُ شبِيبِ بْنِ خالد بْن مَعْدَان الطائيّ . قال ابنُ الأَثِير : ( و ) إِليه نُسِب أَبو الغيْث الطَّيِّب بْنُ إِسماعيل بْنِ ( الحُسَيْن ) ، وفي نُسْخة الحسن ، وهو الصَّوَاب ( ابْن قَحْطبَةَ ) بْنِ خالد ( الحَلبِيّ ) إِلى حَلب مدينة مَشْهُورَة وهو خطأٌ والصَّوَاب الخُلَّبِيّ بضمِّ المُعْجَمة وتشْديد اللَّامِ مع فتْحها وهو ( مُحَدِّث ) بغْداديّ ومُحمَّدُ بْنُ إِبْرَاهيم البغْدَاديّ . وأَبو عَمَّار الحُسيْنُ بنُ حُرَيْب المرُوَزِيّ . وأَبو الفضْل العَبَّاسُ بْنُ أَحْمَد بْن عليّ الجُرْجَانيّ . القَحْطبِيُّون ، مُحدِّثُون .
وفي تاريخ حَلب لابْنِ العديم أَبو المخبا حيدرةُ بْن أَبي تُراب علِيُّ بنُ مُحَمّد الأَنْطاكيّ القحطابيّ عابِر الأَحْلام ، سكنَ دمشْق ، وروى عنه الأَميرُ أَبو نصْر بْنُ ماكُولا ، وغيره ، كما تقدَّم .
قدحب و قدحر: قال الأَزْهَرِيّ : حكى اللِّحْيانيّ في نوادرِه : ذهب القومُ بِقِنْدحْبَةَ وقِنْدحُرَةَ وقِدَّحْرَةَ ، كُلُّ ذلك إِذا تفرَّقُوا .

____________________

(3/520)


قرب : ( قَرُبَ ) الشَّيْءُ ( منه كَكَرُمَ ، وقَرِبَهُ كسَمِعَ ) ، وقَرَبَ كنَصَرَ ، وظاهرُ كلام المُصَنِّف على ما يأْتي أَنَّهما مُتَرادِفَانِ ، وقد فرَّق بينَهُمَا أَهل الأُصولِ ، قالوا : إذا قيلَ : لاَ تَقْرَبْ كذا بفَتْح الراءِ ، فمعناه : لا تَلْتَبِسْ بالفِعْل ؛ وإِذا كان بضَمِّ الرّاءِ ، كان معناه : لا تَدْنُ . قال شيخنا : وقد نَصَّ عليه أَربابُ الأَفْعَال . ( قُرْباً ، وقُرْبانا ) بضَمِّهِمَا ، ( وقِرْباناً ) بالكسر ، أَي : ( دَنا ، فهو قَرِيبٌ ، للواحدِ ) والاثْنينِ ( والجَمْعِ ) .
وقوله تعالَى : { وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } ( سبأ : 51 ) جاءَ في التَّفْسِير : أُخِذوا من تحتِ أَقدامِهم . وقوله تعالَى : { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ } ( الشورى : 17 ) ، ذكَّر قريباً ؛ لأَنَّ تأْنيثَ السّاعةِ غيرُ حقيقيَ . وقد يجوز أَنْ يُذَكَّرَ ، لاِءَنَّ السَّاعَةَ في معنَى البَعْثِ ، وقولهُ تعالَى : { وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } ( ق : 41 ) ، أَي : يُنَادي بالحشر من مكانٍ قريبٍ ، وهي الصَّخْرَة الَّتي في بيتِ المَقْدِسِ ، ويقال : إِنّهَا في وَسَطِ الأَرضِ . وقولهُ تَعَالَى : { إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مّنَ الْمُحْسِنِينَ } ( الأعراف : 56 ) ، ولم يَقلْ : ( قَرِيبَةٌ ) لأَنَّهُ أَرادَ بالرَّحمة الإِحْسَانَ ، ولاِءَنَّ ما لا يكون تأْنيثهُ حقيقيَّاً جاز تذكيرُهُ ، وقال الزَّجَّاج : إِنَّما قِيلَ : ( قَرِيبٌ من المحسنين ) ، لأَنَّ الرَّحْمَةَ ، والغفْرَانَ ، والعَفْوَ ، في معنًى واحِد ، وكذلك كلُّ تأْنيثٍ ليس بحقيقيَ . قال ، وقال الأَخْفَش : جائزٌ أَنْ تكونَ الرَّحْمَة هنا بمعنَى المَطَر . قال : وقال بعضهم : هاذا ذُكِّرَ للفَصْل بينَ القريب من القُرْبِ ، والقريبِ من القَرَابَةِ ، قال : وهذا غَلَطٌ ؛ كلُّ مَا قَرُبَ في مكان أَو
____________________

(4/5)


نَسَبَ ، فهو جارٍ على ما يُصِيبُهُ من التَّذْكِير والتأْنِيث .
قال الفَرّاءُ : إِذا كان القريبُ في معنَى المَسَافة يُذَكَّرُ ويُؤَنَّث ، وإِذا كان في معنى النَّسَب يُؤَنَّث بلا اختلاف بينَهمْ ، تقول : هاذِه المَرأَة قَرِيبَتي ، أَي : ذات قرابتي .
قال ابْن بَرِّيّ : ذَكَرَ الفرّاءُ أَنّ العَربَ تُفَرِّق بينَ القريب من النَّسَبِ والقَريبِ من المكانِ ، فيقولونَ : هاذهِ قريبتي من النَّسَب ، وهاذهِ قريبي من المَكَانِ ؛ ويشهَدُ بصِحَّة قوله ، قول امْرِىءِ القَيْسِ :
لَهُ الوَيْلُ إِنْ أَمْسَى ولا أُمُّ هاشِمٍ
قَرِيبٌ ولا البَسْبَاسَةُ ابْنَة يَشْكُرَا
فَذكَّرَ قَرِيباً ، وهو خبرٌ عن أُمِّ هاشِمٍ ، فعلى هاذا يجوز قريبٌ منِّي ، يُرِيدُ قرْبَ المَكَانِ ، وقَرِيبَةٌ مِنِّي ، يريد قُرْبَ النَّسَبِ .
ويقال : إِنَّ فَعِيلاً قد يُحْمَل على فَعُولٍ ، لاِءَنَّهُ بمعناهُ ، مثل : رَحِيم ورَحُوم ؛ وفَعُولٌ ، لا تدخله الهَاءُ ، نحو : امْرَأَةٌ صَبُورٌ ، فلذالك قالوا : رِيحٌ خَريقٌ ، وكَتِيبَةٌ خَصِيفٌ ، وفلانَةُ منِّي قريبٌ . وقد قيلَ : إِنَّ قَرِيباً أَصله في هاذا أَنْ يكونَ صِفَةً لِمَكان ، كقولك : هِي منّي قريباً ، أَيْ مكاناً قَرِيباً ، ثمَّ اتُّسِعَ في الظَّرْفِ ، فرُفِعَ وجُعِلَ خَبَراً .
وفي التَّهْذِيب : والقَرِيبُ نَقِيض البَعِيدِ يكون تحوِيلاً ، فيستوِي في الذَّكَرِ والأُنْثَى والفَرْدِ والجميعِ ، كقولك : هو قريبٌ ، وهي قريبٌ ، وهمْ قريبٌ ، وهُنَّ قريبٌ . وعن ابن السِّكِّيتِ تقول العَرَبُ : هو قريبٌ منِّي وهُمَا قريبٌ منِّي وهُمْ قريبٌ منِّي ، وكذلك المؤنَّث : هي قريبٌ منِّي ، وهي بَعِيدٌ منِّي ، وهُمَا بعيدٌ ، وهُنَّ بعيدٌ مِنِّي وقَرِيبٌ ، فتوَحِّدُ قريباً وتذَكِّرُه ؛ لاِءَنَّهُ ، وإِنْ كان مرفوعاً ، فإِنَّه في تأْوِيلِ : هو في مكانٍ قريبٍ
____________________

(4/6)


منِّي . وقال اللَّهُ تَعالَى : { إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مّنَ الْمُحْسِنِينَ } ( الأعراف : 56 ) .
وقد يَجوز ( قَرِيبةٌ وبعيدة ) ، بالهاءِ ، تَنْبِيهاً على : قَرُبَتْ وبَعُدَتْ ، فمَنْ أَنَّثها في المؤنَّث ، ثَنَّى وجَمَع ؛ وأَنشدَ :
لَيَالِيَ لا عَفْرَاءُ مِنْك بَعِيدَةٌ
فَتَسْلَى ولا عَفْرَاءُ مِنْكَ قَرِيبُ
هاذا كلّه كلامِ ابنِ مَنْظورٍ فِي لسانِ العرب ، والأَزهريِّ في التَّهْذِيبِ ، وقد نقله شيخنا برُمَّته عنه كما نقلت .
وفي المِصْبَاح : قالَ أَبو عَمْرِو بْن العَلاءِ : القَرِيبُ في اللُّغَةِ ، له معنيانِ ؛ أَحَدُهُما : قريبٌ قرْبَ مكانٍ ، يستوي فيه المُذَكَّر والمُؤنَّث ، يقال : زَيْدٌ قريبٌ منكَ ، وهندٌ قريبٌ منكَ ؛ لاِءَنَّه من قُرْبِ المكانِ والمسافةِ ، فكأَنَّه قيل : هِنْدٌ مَوْضِعُهَا قَرِيبٌ ؛ ومنه : { إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مّنَ الْمُحْسِنِينَ } ، والثّاني : قريبٌ قُرْبَ قَرابةٍ ، فيُطابِق ، فيُقال : هنْدٌ قريبةٌ ، وهما قريبتانِ . وقال الخليل : القَرِيبُ والبَعِيدُ يستوي فيهما المُذَكَّرُ والمُؤنَّث والجَمع . وقال ابْن الأَنباريّ فِي قوله تعالَى : { إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ } : لا يجوز حَمْل التَّذكيرِ على معنى أَنَّ فَضْلَ اللَّهِ ؛ لاِءَنَّه صَرْفُ اللفظِ عن ظاهِره ، بَلْ لاِءَنَّ اللَّفْظَ وُضِعَ للتَّذْكِيرِ والتَّوحيدِ . وحَمَلَهُ الأَخْفَشُ على التّأْويل . انتهى .
قلْت : وقد سبَقَ عن اللّسَان آنفاً ، ومثلُهُ في حواشي الصِّحاح والمُشْكل لاِبْنِ قُتَيْبَةَ .
( و ) يُقَال : ما بينَهما مَقْربَةٌ ، ( المَقْربَة ، مُثَلَّثَة الرّاءِ ) ، والقُرْبُ ، ( والقُرْبَةُ ، والقُرُبَةُ ) بضَمِّ الرّاءِ ، ( والقُرْبَى ) بضمِّهِنَّ : ( الْقَرَابَة ) .
( و ) تقول : ( هو قَرِيبِي وذو قَرابَتِي ، ولاَ تَقُلْ : قَرَابَتِي ) ، ونسبه الجوهريّ إِلى العامَّةِ ، ووافَقَه الأَكثرونَ ، ومثله في دُرَّةِ الغَوّاصِ للحَرِيريّ .
____________________

(4/7)



قال شيخنا : وهاذا الّذي أَنكره ، جَوَّزهُ الزَّمَخْشَرِيُّ على أَنَّه مجازٌ ، أَي على حذفِ مضافٍ ، ومثله جارٍ كثيرٌ مسموعٌ . وصَرَّح غيرُه بأَنَّهُ صحيحٌ فَصِيحٌ ، نظماً ونثراً ، ووقع في كلام النُّبُوَّةِ : ( هَلْ بَقِيَ أَحدٌ من قَرَابَتِهَا ) ، قال في النِّهَاية : أَي أَقارِبها ، سُمُّوا بالمصدر ، وهو مُطَّرِدُ . وصَرَّح في التّسهيل بأَنَّه اسمُ جَمْعٍ لقَرِيبٍ ، كما قيل في الصَّحَابَة : إِنَّه جمعٌ لصاحِب . انتهى .
وفي لسان العرب : وقوله تعالى : { قُل لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى } ( الشورى : 23 ) ، أَي : إِلاَّ أَنْ تَوَدُّونِي في قرابَتِي منكم . ويُقَال : فلانٌ ذو قَرَابَتِي وذو قَرَابَةٍ منِّي ، وذو مَقْرَبَةٍ ، وذو قُرْبَى منّي ، قال الله تعالى : { يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ } ( البلد : 15 ) ، قال : ومنهم مَنْ يُجِيز فلانٌ قَرابَتِي ، والأَوّل أَكثرُ . وفي حديث عُمَرَ : ( إِلاَّ حامَى على قَرابَته ) أَي : أَقارِبه ، سُمُّوا بالمصدر كالصَّحابة . وفي التَّهْذِيب : القَرَابَة والقُرْبَى : الدُّنُوُّ في النَّسَبِ ، والقُرْبَى في الرَّحِمِ ، وهو في الأَصل مصدرٌ ، وفي التَّنْزِيلِ العَزيزِ : { وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَى } ( النساء : 36 ) .
( وأَقْرِباؤُكَ وأَقارِبُكَ وأَقْرَبُوكَ : عَشِيرَتُكَ الأَدْنَونَ ) ، وفي التَّنْزِيلِ : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاْقْرَبِينَ } ( الشعراء : 212 ) ، وجاءَ في التّفْسير : أَنَّه لَمّا نَزَلَتْ هاذه الآية صَعِدَ الصَّفَا ، ونادَى الأَقْرَبَ فالأَقْرَبَ ، فَخِذاً فَخِذاً : ( يا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ يا بني هاشِمٍ ، يا بني عبدِ مَنَافٍ ، يا عبّاسُ ، يا صَفِيَّة ، إِنِّي لا أَمْلِك لكم من اللَّهِ شيئاً ، سَلُونِي من مالي ما شِئتُمْ ) هاذا عن الزجَاج .
( والقَرْبُ ) ، أَي بالفَتْح : ( إدخال السَّيْفِ ) ، أَو السِكِّينِ ، ( في القِرابِ ) ، والقِرَابُ : اسمٌ ( لِلغِمْدِ ) ، وجمعُهُ قُرُبٌ ؛ ( أَوْ لِجَفْنِ الغِمْدِ ) .
____________________

(4/8)



والّذي في الصِّحاح : قِرابُ السيْفِ : جفْنهُ ، وهو : وِعَاءٌ يكون فيه السَّيْف بغِمْدِه وحِمَالَتِه ، وقال الأَزْهَرِيُّ : قِرابُ السَّيف : شِبْهُ جِرابٍ من أَدَمٍ ، يَضَعُ الرّاكبُ فيه سيفَهُ بجَفْنِه ، وسَوْطَهُ ، وعَصاهُ ، وأَدَاتَهُ . وفي كتابه لوائلِ بْنِ حُجْرٍ : ( لكلِّ عَشَرَةٍ من السَّرَايا ما يَحمل القِرابُ من التَّمْر ) . قال ابْن الأَثيرِ : هو شِبْهُ الجِراب ، يَطْرَح فيه الراكبُ سَيْفَه بغِمده ، وسَوْطَهُ ؛ وقد يطرح فيه زادَهُ من تَمْرٍ وغيرِه . قال ابن الأَثيرِ : قال الخَطَّابِيُّ : الرِّواية بالبَاءِ هكذا ، قال : ولا موضعَ له هُنَا ، قال : وأُرَاهُ ( القِرَافَ ) جمع قَرْفٍ ، وهي أَوْعِيَةٌ من جُلودٍ ، يُحْمَل فيها الزَّادُ للسَّفَر ، ويُجْمَع على ( قُرُوفٍ ) أَيضاً ، كذا في لسان العرب . قلت : وهاكذا في استدراك الغلط ، لأَبي عُبَيْدٍ القاسمِ بْنِ سَلاّمٍ ، وأَنْشَدَ :
وذُبْيَانِيَّةٍ وَصَّتْ بَنِيها
بِأَنْ كَذَبَ القَرَاطِفُ والقُرُوفُ
( كالإِقْراب ، أَو ) الإِقْرَاب : ( اتِّخَاذُ القِرَابِ للسَّيْفِ ) والسِّكِّين ، يقال : قَرَبَ قِراباً ، وأَقْرَبَهُ : عَمِلَهُ ، وأَقْرَبَ السَّيْفَ والسِّكِّينَ : عَمِلَ لها قِراباً .
وقَرَبَهُ : أَدْخَلَه في القِرَابِ . وقِيلَ : قَرَبَ السَّيْفَ : جَعَلَ له قِرَاباً ، وأَقْرَبَهُ : أَدْخَلَهُ في قِرَابه .
( و ) القَرْبُ : ( إِطْعَام الضَّيْفِ الأَقْرَابَ ) ، أَي : الخَواصِرَ ، كما يأْتي بَيانهُ .
( و ) القُرْبُ ( بالضَّمِّ ) على الأَصْل ، ( و ) يقال : ( بِضَمَّتَيْنِ ) على الإِتْباعِ ، مثل : عُسْرٍ وعُسُرٍ : ( الخَاصِرَة ) ؛ قال الشَّمَرْدَلُ يَصِفُ فَرَساً :
لاحِقُ القُرْبِ والأَياطِلِ نَهْدٌ
مُشْرِفُ الخَلْقِ في مَطاهُ تَمَامُ
( أَو ) القُرْبُ ، والقُرُبُ : ( مِنْ )
____________________

(4/9)


لَدُنِ ( الشّاكِلَةِ إِلى مَرَاقِّ البَطْنِ ) ، وكذالك لَدُنِ الرُّفْغِ إِلى الإِبْطِ قُرُبٌ من كلِّ جانِبٍ ، ( ج الأَقْرَابُ ) .
وفي التَّهْذِيب : فَرَسٌ لاحِقُ الأَقراب ، يَجمعونَهُ ، وإِنَّمَا له قُرُبانِ ، لِسَعَتِه ، كما يقال : شاةٌ ضَخْمَةُ الخَواصرِ ، وإِنَّما لها خاصِرَتانِ . واستعاره بعضُهم للنّاقة ، فقال :
حَتَّى يَدُلَّ عليها خَلْقُ أَرْبَعَةٍ
في لاحِقٍ لازِقِ الأَقْرَابِ فانْشَمَلا
أَراد : حتّى دَلَّ ، فوضع الآتيَ مَوْضِعَ الماضي . قال أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الحِمَارَ والأُتُنَ :
فَبَدَا لَهُ أَقْرَابُ هاذا رائغاً
عَجِلاً فعَيَّثَ في الكِنَانَةِ يُرْجِعُ
وفي قصيدة كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ :
يَمْشِي القُرَادُ عليها ثمَّ يُزْلِقُهُ
عنها لَبَانٌ وأَقْرَابٌ زَهالِيلُ
اللَّبَانُ : الصَّدْرُ ، والأَقْرابُ : الخَوَاصرُ ، والزَّهَاليلُ : المُلْسُ .
( و ) قَرِب الرجُلُ ، ( كَفَرِح : اشْتَكاهُ ) ، أَي : وَجَعَ الخاصرةِ ، ( كقَرَّبَ تَقْرِيباً ) .
( و ) قُرْبٌ ، ( كقُفْلٍ : ع ) .
( و ) قال الأَصْمَعِيُّ : قلت لاِءَعْرَابيّ : ما القَرَبُ ؟ أَي ( بالتَّحْرِيكِ ) ؟ فقال : هو ( سَيْرُ اللَّيْلِ لِوِرْدِ الغَدِ ، كالقِرَابَةِ ) أَي بالكَسْر ، ( وقد قَرَبَ الإِبِلَ ، كنَصَرَ ) هكذا في النُّسَخ ، والَّذِي عندَ ثعلبٍ : وقد قَرِبَت الإِبِلُ تَقْرَبُ قُرْباً . وقَرَبْتُ ، أَقْرُبُ ، ( قِرَابَةً ، مثل : كَتَبْتُ ، أَكتُبُ ، كِتَابَةً ؛ وأَقْرَبْتَها ) أَي : إِذا سِرْتَ إِلى الماءِ وبينَكَ وبينَهُ ليلَةٌ .
( و ) القَرَبُ : ( البِئرُ القَرِيبَةُ الماءِ ) ، فإِذا كانت بعيدةَ الماءِ ، فهي النَّجاءُ ؛ وأَنشدَ :
يَنْهَضْنَ بالقَوْمِ عَلَيْهِنَّ الصُّلُبْ
مُوَكَّلاَتٌ بالنَّجَاءِ والقَرَبْ
____________________

(4/10)



يعني الدِّلاءَ .
( و ) القَربُ : ( طَلَبُ الماءِ لَيْلاً ، أَوْ أَنْ لا يَكونَ بَيْنَكَ وبَيْنَ الماءِ إِلاَّ لَيْلَةٌ ، أَو إِذا كانَ بَيْنَكمَا يَوْمَانِ ، فأَوّل يومٍ تَطْلُبُ فيهِ الماءَ : القَرَبُ ، والثّاني : الطَّلَقُ ) قاله ثعلبٌ .
وفي قول الأَصمعيّ عن الأَعرابيِّ : وقُلتُ : ما الطَّلَقُ ؟ فقال : سَيْرُ اللَّيْلِ لِوِرْدِ الغِبِّ . يُقَال : قَرَبٌ بَصْبَاصٌ ، وذلك أَنَّ القَوْمَ يَسيرون بالإِبلِ نَحْوَ الماءِ ، فإِذا بَقِيَتْ بينَهُم وبينَ الماءِ عَشِيَّةٌ عَجَّلوا نَحْوَهُ ، فتلك اللَّيْلَةُ ليلةُ القَرَبِ . قلْتُ : وفي الفَصِيحِ : وقَرَبْتُ الماءَ ، أَقْرُبُه ، قَرَباً ؛ والقَرَبُ : اللَّيْلَةُ الّتي تَرِدُ في صَبِيحَتِهَا الماءَ .
قال الخَلِيلُ : والقَارِبُ : طالِبُ الماءِ ليلاً ، ولا يُقَال ذالك لِطَالبِ الماءِ نَهاراً . وفي التَّهْذِيبِ : القَارِبُ الَّذي يَطلبُ الماءَ ، ولَمْ يُعَيِّنْ وَقْتاً . وعن اللَّيْثِ : القَرَبُ أَنْ يَرْعَى القَوْمُ بَيْنَهُمْ وبينَ المَوْرِد ، وفي ذالك يَسيرُون بعضَ السَّيْرِ ، حتّى إذا كان بينهم وبينَ الماءِ ليلةٌ أَو عَشِيَّةٌ ، عَجَّلوا ، فَقَرَبُوا ، يَقْرُبُونَ قُرْباً ؛ وقد أَقْرَبُوا إِبِلَهُم . قال : والحِمارُ القَارِبُ الَّذي يَقْرَبُ القَرَبَ ، أَي : يُعجِّل ليلَةَ الوُرُود . وعن الأَصْمَعِيّ : إِذَا خَلَّى الرَّاعِي وُجُوهَ إِبِلِه إِلى الماءِ ، وتَرَكَها في ذالك تَرْعَى لَيلَتَئذٍ ، فهي ليلة الطَّلَقِ ، فإِنْ كان ليلة الثّانية ، فهي لَيْلَة القَرَبِ ، وهو السَّوْق الشَّدِيدُ .
وقال أَيضاً : إِذا كانَتْ إِبلهم طَوَالِقَ ، قيلَ : أَطْلَقَ القوم ، فهم مُطْلِقونَ ، وإِذا كانَتْ إِبِلهُمْ قوارِبَ ، قَالوا : أَقْرَبَ القَوْمُ ، فهم قَارِبُون ،
____________________

(4/11)


ولا يُقَال : مُقْرِبُونَ . قال : وهاذا الحَرفُ شاذٌ .
وقال أَبو عَمْرو : القَرَبُ في ثلاثةِ أَيّامٍ ، أَو أَكثَرَ . وأَقْرَبَ القَوْمُ ، فهم قارِبُونَ ، على غير قياسٍ : إِذا كانت إِبِلُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ .
وقد يُستعملُ القَرَبُ في الطَّيْرِ ؛ أَنشدَ ابْنُ الأَعْرابِيّ لِخَليج :
قد قُلْتُ يوماً والرِّكَابُ كَأَنَّها
قَوَارِبُ طَيْرٍ حانَ منها وُرُودُهَا
وهُوَ يَقرُبُ حاجَتَهُ ، أَي : يَطْلُبُهَا ، وأَصلُهَا من ذالك . وفي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ : ( إِنْ كُنَّا لَنَلْتَقِي في اليَوْمِ مِرَاراً ، يَسْأَلُ بعضُنا بعضاً ، وإِنْ نَقْرُبُ بذالكَ إِلاَّ أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ تعالى ) . قال الأَزهريّ : أَي ما نطلُبُ بذالك إِلاَّ حَمْدَ الله تعالى . قال الخَطَّابيُّ : نَقْرُبُ ، أَي : نَطلبُ ، والأَصل فيه طَلَبُ الماءِ ، ومنه : ليلةُ القَرَبِ ، ثم اتُّسِعَ فيه ، فقيلَ فيه : فلانٌ يَقْرُبُ حاجَتَهُ ، أَي : يَطْلُبها ؛ فإِنْ الأُولَى هي المخفَّفة من الثَّقِيلة ، والثانية نافيَةٌ . وفي الحديث ، قال لَهُ رَجُلٌ : ( مَا لي قَارِبٌ ولا هارِبٌ ) أَي : ما لَهُ وَارِدٌ يَرِدُ الماءَ ، ولا صادِرٌ ، يَصْدُرُ عنه . وفي حديثِ عليَ ، كرَّم اللَّهُ وَجهَهُ : ( وما كنتُ إِلاّ كقَارِبٍ وَرَدَ ، وطالبٍ وَجَدَ ) كذا في لسان العرب .
( والقُرْبَانُ ، بالضَمِّ ؛ ما يُتَقَرَّبُ به إِلى اللَّهِ تعالَى ) شأْنُهُ ، تقولُ منهُ : قَرَّبْتُ إِلى اللَّهِ قُرْبَاناً ، وقال اللَّيْثُ : القُرْبانُ : ما قَرَّبْتَ إِلى اللَّهِ تعالَى ، تبتغي بذالك قُرْبَةً ووَسِيلةً ؛ وفي الحديث : ( صِفَةُ هاذِهِ الأُمَّةِ في التَّوْرَاةِ : قُرْبَانُهُمْ دِمَاؤُهم ) أَي : يتقرَّبُون إِلى الله بإِراقةِ دِمائهم في الجِهاد . وكان قُربانُ الأُمم السّالفةِ ذَبْحَ البَقَر والغَنَم والإِبِلِ . وفي الحديث : ( الصَّلاةُ قُرْبانُ كُلِّ تَقيَ ، أَي أَنَّ الأَتقياءَ
____________________

(4/12)


من النّاسِ يتقرَّبُونَ بِهَا إِلى اللَّهِ تعالَى ، أَي : يطلُبُونَ القُرْبَ منه بها .
( و ) القُرْبانُ : ( جَلِيسُ المَلِكِ الخَاصُّ ) ، أَي : المُخْتَصُّ به . وعِبَارَةُ الجَوْهَرِيّ وابْنِ سِيدَه : جليسُ الملك وخاصَّتُه لقُرْبه منه ، وهو واحِدُ القَرَابِين تقول : فُلانٌ من قُرْبان المَلكِ ومن بُعْدانِه . وقَرَابِينُ الملكِ : وزراؤُهُ وجُلَساؤُهُ وخاصَّتُهُ ، ( ويُفْتَحُ ) ، وقد أَنْكَره جماعةٌ .
( و ) قَرَّبَهُ لِلَّهِ : ( تَقَرَّبَ به ) إلَى اللَّهِ تعالَى ، ( تَقَرُّباً ، وتِقِرَّاباً ، بكَسْرَتَيْنِ ) معَ التَّشْدِيدِ ، أَي : ( طَلَبَ القُرْبَةَ ) والوَسِيلةَ ( به ) عِنْدَهُ .
( ج قَرابِينُ ) .
( وقَرَابِينُ أَيضاً : وادٍ بنَجْدٍ ) .
( وقُرْبَةُ بالضَّمِّ : وَادٍ ) آخَرُ .
( واقْتَرَبَ ) الوَعْدُ : أَي ( تَقَارَبَ ) ، والتَّقَارُبُ : ضِدّ التَّبَاعُدِ . ونقل شيخُنَا عن ابْنِ عَرَفَةَ : أَنَّ اقْتَرَبَ أَخَصُّ منْ قَرُبَ ، فإِنَّه يَدُلُّ على المُبَالغة في القُرْبِ . قلتُ : ولَعَلَّ وَجْهَهُ أَنّ افتعل يدُلُّ على اعتمالٍ ومشَقَّةٍ في تحصيلِ الفِعْل ، فهو أَخَصُّ مِمَّا يدُلُّ على القُرْبِ بلا قَيْدٍ ، كما قالُوه في نظائره ، انتهى .
( و ) من المجاز : ( شَيْءٌ مُقارِبٌ ، بالكَسْرِ ) أَي : بكسر الرّاءِ ، على صِيغة اسم الفاعل : أَي وَسَطٌ ( بَيْنَ الجَيِّدِ والرَّدِيءِ ) ، ولا تَقُلْ : مُقَارَبٌ بالفتح . وكذالك إِذا كان رَخيصاً كذا في الصّحاح .
ويقال أَيضاً : رَجُلٌ مُقَارِبٌ ، ومَتَاعٌ مُقَارِبٌ ، ( أَوْ ) أَنّه : ( دَيْنٌ مُقَارِبٌ ، بالكَسْرِ ؛ ومَتَاعٌ مُقَارَبٌ ، بالفتح ) ، ومعناه : أَي ليس بنفيس . قال شيخُنا : ومنه أَخذ المُحَدِّثُونَ في أَبواب التَّعدِيل والتَّجرِيح : فلانٌ مقارَبُ الحديثِ ، فإِنَّهم ضبطوه بكسر الرّاءِ وفتحها ، كما نقله القاضي أَبُو بكر ابْنُ العَرَبيّ في شرح التِّرْمِذِيّ ، وذكره شُرَّاحُ أَلفيَّةِ العِراقيّ ، وغيرُهُمْ .
____________________

(4/13)



( وَأَقْرَبَتِ ) الحَاملُ : ( قَرُبَ وِلاَدُها ، فَهِيَ مُقْرِبٌ ) ، كمُحْسِن ، و ( ج مَقَارِيبُ ) ، كأَنَّهم تَوَهَّمُوا واحدها على هاذا مِقْرَاباً ، وكذلك الفَرَسُ والشّاةُ ، ولا يقالُ للنَّاقَةِ إِلاّ أَدْنَتْ ، فهي مُدْنٍ . قالت أُمُّ تَأَبَّطَ شَرّاً تَرْثِيهِ بعدَ موتِه :
وابْنَاهُ وابْنَ اللَّيْلْ
لَيْسَ بزُمَّيْلْ
شَرُوبٌ لِلْقَيْلْ
يَضْرِبُ بالذَّيْلْ
كمُقْرِبِ الخَيْلْ
لاِءَنَّها تَضْرَحُ منْ دنا منها ، ويُرْوَى : كمُقْرَبِ الخَيْل ، بفتح الرّاءِ ، وهو المُكْرَمُ . وعن اللَّيْث : أَقْرَبَتِ الشَّاةُ والأَتانُ ، فهي مُقْرِبٌ ، ولا يُقَالُ للنّاقة .
وعن العَدَبَّسِ الكِنانِيّ : جمعُ المُقْرِب من الشّاءِ مَقارِيبُ ، وكذالك هي مُحْدِثٌ ، وجمعُهُ مَحَادِيثُ .
( و ) أَقْرَبَ ( المُهْرُ ، والفَصِيلُ ) ، وغيرُهُ : إِذا ( دَنَا لِلإِثْناءِ ) ، أَوْ غيرِ ذالكَ من الأَسْنَان .
( و ) يُقَالُ : ( افْعَلْ ذالكَ بِقَرابٍ ، كسَحابٍ ) ، أَي ( بِقُرْبٍ ) . هكذا في نُسَخ القاموس ضُبِطَ كسَحاب . وفي الصِّحاح : وفي المَثَل : ( إِنَّ الفِرارَ بقِرَابٍ أَكْيَسُ ) ، قال ابنُ بَرِّيّ : هاذا المَثَلُ ذكره الجَوْهَرِيُّ بعدَ قِرَابِ السَّيْفِ ، على ما تراهُ ، وكان صوابُ الكلام أَنْ يقولَ قَبْلَ المَثَل : ( والقِرابُ : القُرْبُ ) ويَسْتَشْهِدَ بِالمَثَلِ عليه . والمَثَلُ لجابِرِ ابنِ عَمْرٍ و المُزَنِيّ ؛ وذالك أَنَّهُ كان يسيرُ في طريق ، فرأَى أَثَر رجُلَيْنِ ، وكان قائفاً فقَال : أَثرُ رَجُلَيْنِ ، شديد كَلَبُهما عَزِيز سَلَبُهما ؛ والفِرارُ بقِرَاب أَكْيَسُ . أَي بحيثُ يُطْمَعُ في السّلامة مِن قُرْب ، ومنهم من يَرْوِيه : ( بقُرابٍ ) بضم القاف . وفي التَّهذيب : الفِرار قبلَ أَنْ يُحاطَ بك أَكْيَسُ لك .
قلتُ : فظهر أَنّ القِرَابَ بمعنى
____________________

(4/14)


القُرْب يُثَلَّثُ ، ولم يتعرَّضْ له شيخُنا على عادته في ترك كثير من عبارات المَتْن .
( وقِرَابُ الشَّيْءِ ، بالكَسْرِ ، وقُرَابُهُ وقُرَابَتُه ، بضمِّهِمَا : ما قارَبَ قَدْرَهُ ) ، وفي الحديث : ( إِنْ لَقِيتَنِي بِقُرابِ الأَرْضِ خَطِيئةً ) أَي : بما يُقَارِبُ مِلأَهَا ، وهو مصدرُ ( قَارَبَ يُقَارِبُ ) .
والقِرابُ : مُقَارَبَةُ الأَمْرِ ، قال عُوَيْفُ القَوَافِي يَصِفُ نُوقاً :
هُوَ ابنُ مُنَضِّجَاتٍ كُنَّ قِدْماً
يَزِدْنَ على العَدِيدِ قِرَابَ شَهْرِ
وهاذا البيتُ أَوردَهُ الجَوْهَرِيُّ : ( يَرِدْنَ على الغَدِيرِ ) ، قالَ ابنُ بَرِّيّ : صوابُ إِنشاده ( يَزِدْنَ على العَدِيد ) من معنى الزِّيادة على العِدَّة ، لا من معنى الوُرُود على الغدير . والمُنَضِّجَة : الّتي تأَخَّرتْ وِلادتُها عن حين الوِلادةِ شهراً ، وهو أَقوَى للوَلَدِ .
قال الجَوْهَرِيُّ : ( و ) القِرابُ : إِذا قارَبَ أَنْ يَمْتَلِىءَ الدَّلْوُ . قال العَنْبَرُ بنُ تَمِيمٍ ، وكان مُجَاوِراً في بَهْراءَ :
قَدْ رابَنِي مِنْ دَلْوِيَ اضْطرابُهَا
والنَّأْيُ مِنْ بَهْراءَ واغْتِرَابُها
إِلاَّ تَجِيءْ مَلأَى يَجِيءْ قِرَابُها
ذُكِرَ أَنَّه لمّا تَزَوَّج عَمْرُو بنُ تَمِيمٍ أُمَّ خارِجَةَ ، نقلها إلى بلدِه ؛ وزعَمَ الرُّوَاةُ أَنَّهَا جاءَت بالعَنْبَرِ معها صغيراً ، فأَوْلَدَها عَمْرُو بْنُ تَمِيمٍ أُسَيْداً ، والهُجَيْمَ ، والقُلَيْبَ ، فخَرَجُوا ذاتَ يومٍ يستقون ، فقَلَّ عليهِمُ الماءُ ، فأَنْزَلُوا مائحاً من تَمِيم ، فجعل المائحُ يملأُ دَلْوَ الهُجَيْمِ وأُسَيْد والقُلَيْبِ ، فإِذا وَرَدَتْ دَلْوُ العَنْبَرِ ، تَركَها تَضطربُ ، فقالَ العَنْبَرُ هاذه الأَبياتَ .
وقال اللَّيْثُ : القُرابُ : مُقَارَبَةُ الشَّيْءِ ، تقول : معه أَلْفُ دِرْهَمٍ أَو
____________________

(4/15)


قُرَابُهُ ، ومَعَهُ مِلءُ قَدَحٍ ماءٍ أَو قِرَابُهُ ، وتقول : أَتيته قُرَابَ العِشاءِ ، وقُرابَ اللَّيْلِ .
( وإِناءٌ قَرْبانُ ) ، كسَحْبَان ، وتُبْدَلُ قافُه كافاً . ( وصَحْفَةٌ ) ، وفي بعض دواوين اللُّغَةِ : جُمْجُمَةٌ ( قَرْبَى ) : إِذا ( قَارَبَا الامتِلاءِ ، وقد أَقْرَبَهُ ، وفِيهِ قَرَبُهُ ) ، مُحَرَّكَةً ، ( وقِرَابُهُ ) ، بالكسر . قال سِيبَوَيْهِ : الفِعْلُ من قَرْبانَ : قَارَبَ ، قال : ولم يَقُولُوا ( قَرُبَ ) استِغْناءً بذالك .
وَأَقْرَبْتُ القَدَحَ ، من قولهم : قَدَحٌ قَرْبانُ ، إِذا قارَبَ أَنْ يَمْتَلِىءَ ، وقَدَحَانِ قَرْبانانِ ، والجمع قِرابٌ ، مثلُ عَجْلانَ وعِجال . تقولُ : هذا قَدَحٌ قَرْبانُ ماءً ، وهو الَّذي قد قارَبَ الامْتلاءَ . ويقال : لَوْ أَنَّ لي قُرَابَ هاذا ذَهَباً ، أَي ما يُقَارِبُ مِلأَهُ . كذا في لسان العرب .
( والمُقْرَبَةُ ) ، بضمِّ المِيم وفتح الرّاءِ : ( الفَرَسُ الَّتي تُدْنَى ، وتُقْرَبُ ، وتُكْرَمُ ، ولا تُتْرَكُ ) أَنْ تَرُودَ قاله ابْنُ سِيدَه . ( وهو مُقْرَبٌ ، أَو ) إِنَّمَا ( يُفْعَلُ ذالك بالإِنَاثِ ، لئِلأ يَقْرَعَها فَحْلٌ لَئِيمٌ ) ، نقل ذلك عن ابْنِ دُرَيْد . وقال الأَحْمَرُ : الخيلُ المُقْرَبَةُ : الَّتِي تكون قريبةً مُعَدَّةً . وعن شَمِر : المُقْرَباتُ من الخيْل الَّتِي ضُمِّرَتْ لِلرُّكُوبِ . وفي الرَّوْضِ الأَنُفِ : المُقْرَبَاتُ من الخيل : العِتاقُ الَّتي لا تُحْبَسُ في المَرْعَى ، ولاكن تُحْبَسُ قُرْبَ البُيُوتِ مُعَدَّةً لِلْعدُوّ .
( و ) قال أَبو سعيدٍ : ( المُقْرَبَةُ ) من الإِبِلِ : الَّتِي عليها رِحالٌ مُقْرَبَةٌ بالأَدَمِ ، وهي مَراكبُ المُلوكِ ؛ قال : وأُنْكِرَ هاذا التَّفْسِيرُ . وفي حدِيثِ عُمَرَ ، رَضِيَ الله عنه : ( ما هاذِه الإِبِلُ المُقْرِبَةُ ؟ ) ، قال : هكذا رُوِي بكسر الرّاءِ ، وقيل : هي بالفَتح ، وهي الّتِي ( حُزِمَتْ للرُّكُوبِ ) ، وأَصْلُهُ من القِرابِ .
( والمُتَقَارِبُ ) ، في العَرُوضِ : فَعُولُنْ ، ثَمَانَ مَرَّاتٍ ، وفَعُولنْ فَعُولنْ فَعَلْ ،
____________________

(4/16)


مَرَّتَيْنِ ، سُمِّي به ( لِقُرْبِ أَوْتَادِهِ من أَسْبَابِهِ ) ، وذالِكَ لاِءَنَّ كُلَّ أَجْزَائِهِ مَبْنِيٌّ على وَتِدٍ وسَبَبٍ ، وهو الخَامِسَ عَشَرَ من الْبُحُور ، وقد أَنكر شيخُنَا على المصنِّف في ذكره في كتابه ، مع أَنّه تابَعَ فيه مَنْ تقدَّم من أَئمّة اللُّغَةِ ، كابْنِ مَنْظُورٍ وابْنِ سِيدَهْ ، خصوصاً وقد سمي كتَابَهُ ( البَحْرَ المُحِيطَ ) ، كما لا يَخْفَى على المُنْصِفِ ذي العقل البَسِيط .
( وقَارَبَ ) الفَرَسُ ( الخَطْوَ ) : إِذا ( داناهُ ) ، قاله أَبُو زَيْدٍ ، وقَارَبَ الشَّيْءَ : دانَاهُ ، عن ابْنِ سِيدَهْ .
وتَقاربَ الشَّيْئانِ : تَدَانَيَا .
والتَّقَرُّبُ : التَّدَنِّي إِلى شَيءٍ ، والتَّوَصُّلُ إِلى إِنسانٍ بقُرْبَةٍ أَو بِحَقَ .
والإِقْرَابُ : الدُّنُوُّ .
( و ) يُقَال : قَرَبَ فُلاَنٌ أَهلَهُ قُرْبَاناً ، إِذا غَشِيَهَا .
و ( المُقَارَبَةُ ، وَالقِرَابُ ) : المُشَاغَرَة ، وهو ( رَفْعُ الرِّجْلِ لِلْجِماعِ ) .
( والقِرْبَةُ ، بالكَسْرِ ) : من الأَسْقِيَةِ . وقال ابْنُ سِيدَهْ : ( القِرْبَةُ : الوَطْبُ من اللَّبَنِ ، وقد تكونُ للماءِ ، أَوْ هي المخروزةُ من جانبٍ واحدٍ . ج ) أَي في أَدْنَى العَدَد : ( قِرْباتٌ ) بكسر فسكون ، ( وقِرِباتٌ ) بكسرتينِ إِتْباعاً ، ( وقِرَبَاتٌ ) بكسر ففتح . ( و ) في الكثير : ( قِرَبٌ ) كعِنَبٍ ، ( وكَذالِكَ ) جمع ( كُلّ ما كان على فِعْلَةٍ ، كفِقْرَةٍ وسِدْرَة ) ونَحْوِهِما ، لك أَن تفتَحَ العينَ ، وتَكسِرَ وتُسَكِّنَ .
( وأَبُو قِرْبَةَ : فَرَسُ عُبَيْدِ بْنِ أَزْهَر .
وابْنِ أَبِي قِرْبَةَ : أَحْمَدُ بنُ عَلِيّ بْنِ الحُسَيْنِ العِجْلِيُّ ؛ و ) أَبو عَوْنٍ ( الحَكَمُ بْنُ سِنَانٍ ) قال ابنُ القَرَّاب هاكذا سمَّى الواقِدِيُّ أَباهُ سِناناً ، وإِنَّما هو سُفْيانُ ، والأَوَّلُ تحريف من النّاسخ ، رَوَى عن مالِك بن دِينارٍ وَأَيُّوبَ ، وعنه ابنُهُ والمقدميّ . مات سنة 190 ( وأَحْمَدُ بنُ دَاوُودَ ، وأَبُو بَكْر
____________________

(4/17)


بنُ أَبِي عَوْنٍ ) هو وَلَدُ الحَكَم بْنِ سِنانٍ ، واسْمُه عَوْن ، رَوَى عن أَبيه ؛ ( وعَبْدُ اللَّهِ بنُ أَيُّوبَ ، القِرْبِيُّون ، مُحَدِّثُونَ ) .
( والقَارِبُ : السَّفِينَةُ الصَّغِيرَةُ ) تكونُ مع أَصحَابِ السُّفُنِ الكِبَارِ البَحْرِيَّةِ ، كالجَنَائب لها ، تُسْتَخَفُّ لِحَوائجِهم ، والجمعُ القَوَارِبُ ، وفي حديث الدَّجَّالِ : ( فَجَلَسُوا في أَقْرُبِ السَّفِينةِ ) واحدها قارِبٌ ، وجَمْعُه قَوَارِبُ ، قال ابنُ الأَثِيرِ : فَأَمَّا أَقْرُبٌ ، فغيرُ معروف في جمع قارِبٍ ، إِلاَّ أَنْ يكونَ على غيرِ قياسٍ . وقيل : أَقْرُبُ السَّفِينةِ : أَدَانِيها ، أَي : ما قَارَبَ الأَرْضَ منها . وفي الأَساس : إِنّ القَارِبَ هو المُسَمَّى بالسُّنْبُوكِ .
( و ) القارِبُ : ( طالِبُ الماءِ ) ، هاذا هو لأَصل . وقد أَطْلَقَهُ الأَزْهَرِيُّ ، ولم يُعَيِّنْ له وقتاً ، وقيَّدَهُ الخَلِيلُ بقوله : ( لَيْلاً ) ، كما تقدَّمَ البحثُ فيهِ آنِفاً .
( والقَرِيبُ ) ، أَي : كَأَميرٍ ، وضُبِطَ في بعض الأُمَّهاتِ كسِكِّيتٍ : ( السَّمَكُ المَمْلُوحُ ما دامَ في طَراءَتِهِ ) .
( و ) قَرِيبُ ( بْنُ ظَفَرٍ : رسول الكُوفِيِّينَ إِلى عُمَرَ ) بْنِ الخَطَّابِ ، رضِيَ الله عنه .
( و ) قَرِيبٌ ( عَبْدِيٌّ ) ، أَي منسوب إِلى عبدِ القَيْسِ ( مُحَدِّثٌ ) .
( و ) قُرَيْبٌ ، ( كزُبَيْرَ : لَقَبُ والِدِ ) عبد المَلِك ( الأَصْمَعِيّ ) الباهِلِيّ الإِمامِ المشهور ، صاحبِ الأَقوالِ المَرْضِيَّةِ فِي النَّحْوِ واللُّغَة ، وقد تقدّم ذكرُ مَوْلِدهِ ووفاته في المُقَدّمةِ .
( و ) قُرَيْبٌ : ( رَئِيسٌ للخَوارِج ) .
( و ) قُرَيْبُ ( بن يَعْقُوبَ الكاتِبُ ) .
( وقَرِيبَةُ ، كحَبِيبَة : بِنْتُ زَيْدٍ ) الجُشَمِيَّة ، ذكرها ابْنُ حبيبٍ .
____________________

(4/18)



( وبِنْتُ الحارِثِ ) هي الآتي ذكرُها قريباً ، فهو تَكْرارٌ : ( صَحَابيَّتانِ ) .
( و ) قَرِيبَةُ ( بِنْتُ عبدِاللَّهِ بنِ وَهْبٍ ، وأُخْرَى غَيْرُ مَنْسُوبَةٍ : تابِعِيَّتَانِ ) .
وقُرَيْبَةُ ، بالضَّمِّ : بنت محمّد بن أَبي بكرٍ الصِّدِّيق ، نُسِب إِليها أَبو الحسَن عليُّ بْنُ عاصِمِ بْنِ صُهَيْبٍ القُرَيْبِيّ ، مَوْلَى قُرَيْبَةَ ، واسِطيٌّ ، كثير الخطإِ ، عن محمّد بن سوقة وغيره ، مات سنة 251 .
وابْنُ أَبِي قَريبَةَ ، بالفتح : مصريٌّ ثقةٌ عن عطاءٍ وابْنِ سِيرِينَ ، وعنه الحَمّادانِ .
( و ) قُرَيْبَةُ ( كجُهَيْنَةَ بنتُ الحارِثِ ) العُتْوَارِيَّةُ لها هِجرةٌ ، ذكرها ابْنُ مَنْدَهْ ، ويقالُ فيها : قُرَيْرَةُ ، قاله ابنُ فهد .
( وبِنْتُ أَبِي قُحَافَةَ ) أُخْتُ الصِّدِّيقِ ، تَزَوَّجها قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ، فلم تَلِدْ له .
( وبِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ ) بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عبدِ اللَّهِ المَخْزُوميّةُ ، ذكرها الجماعةُ ، ( وقَدْ تُفْتَحُ هذِهِ ) الأَخِيرَة :
( صَحَابِيَّاتٌ . ولا يُعَرَّجُ على قَوْلِ ) الإِمامِ شمسِ الدِّينِ أَبي عبدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ ( الذَّهَبِيّ ) ، وهو قوله في الميزان : ( لَمْ أَجِدْ بالضَّمِّ أَحَداً ) ، وقد وافقه الحافظ بْنُ حَجَرٍ تلميذُ المصنّف ، في كتابه لسان الميزان ، وغيره .
( و ) قال سِيبَوَيْهِ : تقولُ : إِنَّ قُرْبَك زَيْداً ، ولا تقولُ : إِنَّ بُعْدَك زيداً ، لاِءَنَّ القُرْبَ أَشدُّ تَمَكُّناً في الظَّرْف من البُعْد ؛ كذالك إِنّ قَرِيباً منك زَيْداً ، وكذالك البعيدُ في الوجْهينِ .
وقالوا : هو قُرَابَتُك ، ( القُرَابَةُ ، بالضَّمِّ : القَرِيب ) ، أَيْ : قَرِيبٌ منك في المكان .
والقُرابُ : القَرِيب ، يقال : ما هو بعالم ، ولا قُرابُ عالِمٍ ، ولا قُرَابَةُ
____________________

(4/19)


عالِمٍ ، ولا قَرِيبٌ من عالِمٍ . ( و ) قولهم : ( مَا هُوَ بِشَبِيهِكَ ، ولا بِقُرَابَةٍ مِنْكَ ، بالضَّمِّ ) ، أَيْ ( بِقَرِيبٍ ) من ذالك .
( و ) في التَّهْذِيب عن الفَرَّاءِ : جاءَ في الخبر : ( اتَّقُوا قُرَابَ المُؤْمِنِ ، وقُرَابَتَهُ ؛ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بنُورِ الله ) ( قُرَابَةُ المُؤمنِ ، وقُرَابُهُ ) ، بضمهما ، أَيْ ( فِرَاسَتُه ) وظَنُّه الَّذي هو قريبٌ من العِلْم والتَّحَقُّقِ ، لِصِدْقِ حَدْسه وإصابته .
( وجاؤُوا قُرَابَى ، كفُرَادَى : مُتَقَارِبِينَ ) .
( و ) قُرَابٌ ، ( كَغُرَابٍ : جَبَلٌ باليَمَنِ ) .
( والقَوْرَبُ ، كجَوْرَبٍ : الماءُ لا يُطَاقُ كَثْرَةً ) .
( وذَاتُ قُرْبٍ ، بالضَّمِّ : ع ، لَه يَوْمٌ ، م ) أَيْ معروفٌ .
قال ابنُ الأَثِيرِ : ( و ) في الحديث : ( مَنْ غَيَّرَ المَطْرَبَة والمَقْرَبَةَ فعليه لَعْنَةُ الله ) ( المَقْرَبُ ، والمَقْرَبَةُ : الطَّرِيقُ المُخْتَصَرُ ) ، وهو مَجازٌ . ومنه : خُذْ هاذا المَقْرَبَةَ ، أَو هو : طريقٌ صغير يَنْفُذُ إِلى طريقٍ كبيرٍ ، قيل : هو من القَرَب ، وهو السَّيْرُ باللَّيْل ؛ وقيلَ : السَّيْرُ إِلى الماءِ . وفي التّهْذِيب : في الحديث : ( ثلاثٌ لَعِيناتٌ : رَجُلٌ غَوَّرَ الماءَ المَعِينَ المُنْتَابَ ، ورجُلٌ غَوَّرَ طَرِيقَ المَقْرَبَةِ ، ورَجُلٌ تَغَوَّطَ تَحْتَ شَجَرَةٍ ) . قال أَبو عَمْرٍ و : المَقْرَبَةُ : المَنْزِلُ ، وأَصلُهُ من القَرَبِ ، وهو السَّيْر ؛ قالَ الرّاعي :
في كُلِّ مَقْرَبَةٍ يَدَعْنَ رَعِيلاَ
وجمعُها مَقَارِبُ . وقال طُفَيْلٌ :
مُعَرَّقَةَ الأَلْحِي تَلُوحُ مُتُونُها
تُثِيرُ القَطَا في مَنْهَلٍ بَعْدَ مَقرَبِ
( وقُرْبَى ، كَحُبْلَى : ماءٌ قُرْبَ تَبالَةَ ) ، كسَحابَة .
____________________

(4/20)



( و ) قُرْبَى : ( لَقَبُ بَعْضِ القُرَّاءِ ) .
( و ) القَرَّابُ ، ( كَشدّادٍ ) : لِمَنْ يَعْمَلُ القِرَبَ ، وهو ( لَقَبُ أَبي علِيَ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيِّ المُقْرِىءِ و ) لقبُ ( جماعَةٍ من المُحَدِّثِينَ ) منهم عَطَاءُ بْنُ عبدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ ثَعْلَبِ بْنِ النُّعْمَانِ ، الدّارِمِيُّ الهَرَوِيُّ .
( و ) من المَجَاز ، تقولُ العرب : ( تَقَارَبَتْ إِبِلُهُ ) ، أَي : ( قَلَّتْ وَأَدْبَرَتْ ) قال جَنْدَلٌ :
غَرَّكِ أَنْ تَقارَبَتْ أَبَاعِرِي
وأَنْ رَأَيْتِ الدَّهْرَ ذا الدَّوائِرِ
( و ) تَقَارَبَ ( الزَّرْعُ ) : إِذا ( دنا إِدْراكُه ، و ) منه الحديثُ الصَّحيحُ المشهور : ( ( إِذا تَقَارَبَ ) ، وفي روايةٍ : اقْتَرَبَ ( الزَّمَانُ ، لَمْ تَكَدْ رُؤْيا المُؤْمِنِ تَكْذِبُ ) ) قال أَهْلُ الغَرِيب : ( المُرادُ آخِرُ الزَّمانِ . و ) قال ابنُ الأَثير : أُراهُ ( اقْتِرابَ السَّاعَةِ ، لأَنَّ الشَّيْءَ إِذا قَلَّ تَقاصَرَتْ أَطْرَافُهُ ) . يقال للشَّيءِ إِذا وَلَّى وَأَدْبَرَ : تَقَارَبَ ، كما تَقدَّم ؛ ( أَو المُرادُ ) اعتِدالُ ، أَي : ( استِواءُ اللَّيْلِ والنَّهَار . ويزعُم العَابِرُونَ ) للِرُّؤْيا ( أَنَّ أَصْدَقَ الأَزمانِ لوُقُوعِ العِبَارة ) ، بالْكسر ، وهو التّأويل والتّفسير الّذي يَظهَرُ لأَرْبَابِ الفِرَاسة ، ( وَقْتُ انْفِتاقِ الأَنْوارِ ) أَي : بُدُوِّها ، ( وَوَقْتُ إِدْراكِ الثِّمارِ ، وحينئذٍ يَستوِي اللَّيْلُ والنَّهَارُ ) ويَعتدلانِ ، ( أَو المُرَاد زَمَنُ خُرُوجِ ) الإِمامِ القائمِ الحُجَّةِ ( المَهْدِيّ ) ، عليه السَّلام ، ( حِينَ ) يتقارَبُ الزَّمانُ ، حتّى ( تَكُونَ السَّنَةُ كالشَّهْرِ ، والشَّهْرُ كالجُمُعَةِ ، والجُمُعَةُ كاليَوْمِ ) كما ورد في الحديث ، أَراد : يَطِيبُ الزَّمانُ حتّى لا يُستطالَ ، و ( يُسْتَقْصَرُ لاسْتِلْذاذِه ) ، وأَيّامُ السرورِ والعافيةِ قَصِيرَةٌ . وقيل : هو كنايةٌ عن قِصَرِ الأَعْمَارِ ، وقِلَّة البَرَكَةِ . أَنشد شيخُنا أَبُو عبدِ الله الفاسِيُّ في حاشيته قال : أَنشد شيخُنا أَبو محمّدٍ المسناوِيُّ في خطبة كتابٍ
____________________

(4/21)


أَلَّفَهُ لسلطان العَصْر مولاي إسماعيل ، ابْنِ مولاي عليّ الشَّريف الحَسَنيّ ، رحمه الله تعالَى :
وأَقَدْتَ من جُرْحِ الزَّمَانِ فكُذِّبَتْ
أَقْوَالُهمْ : جُرْحُ الزَّمانِ جُبَارُ
وأَطَلْتَ أَيَّامَ السُّرُورِ فلم يُصِبْ
من قالَ : أَيَّامُ السُّرُورِ قِصارُ
( والتَّقْرِيبُ : ضَرْبٌ من العَدْوِ ) ، قاله الجَوْهَرِيُّ ، ( أَو ) هو : ( أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ مَعاً ويَضَعَهُما مَعاً ) ، نقل ذالك عن الأَصْمَعِيّ وهو دُونَ الحُضْرِ ، كذا في الأَساس ، وفي حديث الهِجرة : ( أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُها ، فرفَعْتُها تُقَرِّب بي ) ، قَرَّب الفَرَسُ ، يُقَرِّب ، تَقْرِيباً : إِذا عَدَا عَدْواً دُونَ الإِسراعِ . وقال أَبو زيد : إِذا رجَمَ الأَرْضَ رَجْماً ، فهو التَّقْرِيبُ ، ويقال : جَاءَنا يُقَرِّبُ به فَرسُهُ . والتَّقْرِيبُ في عَدْوِ الفَرَسِ ضَرْبانِ : التَّقْرِيب الأَدْنَى ، وهو الإِرْخاءُ ، والتَّقْرِيبُ الأَعْلَى ، وهو الثَّعْلَبِيّةُ .
ونقل شيخُنا عن الآمِدِيّ ، في كتاب المُوَازَنة له : التَّقْريبُ من عَدْوِ الخيلِ معروفٌ ، والخَبَبُ دُونَه قال : وليس التَّقْرِيبُ من وصْفِ الإِبِلِ ، وخَطَّأَ أَبا تَمّامٍ في جعله من وصْفِها ، قال : وقد يكونُ لأَجناسٍ من الحيوان ، ولا يكون للإِبل ، قال : وإِنَّا ما رأَينا بعيراً قطّ يُقَرِّبُ تقريبَ الفَرَسِ .
( و ) من المجاز : التَّقْرِيبُ ، وهو ( أَنْ يَقُولَ : حَيَّاكَ اللَّهُ ، وقَرَّبَ دارَك ) وتقولُ : دخَلْتُ عليه ، فأَهَّلَ ورَحَّبَ ، وحَيَّا وقَرَّبَ .
( و ) في حديث المَوْلِد : ( خرَجَ عبدُ اللَّهِ بْنُ عبدِ المُطَّلِبِ ، أَبو النَّبيّ ، صلى الله عليه وسلم ذاتَ يوم ، مُتَقَرِّباً مُتَخَصِّراً بالبَطْحَاءِ ، فَبصُرتْ به لَيْلَى العَدَوِيةُ ) يقال : ( تَقَرَّبَ ) إِذا ( وَضَعَ يَدَهُ على
____________________

(4/22)


قُرْبِهِ ) ، أَيْ : خاصرته وهو يمشي ، وقيل : مُتَقَرِّباً ، أَي : مُسرعاً عَجِلاً .
( و ) من الْمَجاز : تقول لصاحبِك تَستحثُّه : ( تَقَرَّبْ يا رَجُلُ ) ، أَيْ : ( اعْجلْ ) وأَسْرِع . رواه أَبو سعيدٍ ، وقال : سَمِعْتُه من أَفواههم ، وأَنشد :
يا صاحِبَيَّ تَرَحَّلاَ وتَقَرَّبَا
فَلَقَدْ أَنّى لِمُسافِرٍ أَنْ يَطْرَبَا
كذا في لسان العرب ، وفي الأَساس : أَي أَقْبِل ، وقال شيخُنا : هو بِناءُ صِيغةِ أَمْرٍ لا يتصرَّف في غيره ، بل هو لازمٌ بصِيغةِ الأَمْر ، على قولٍ .
( وقاربَهُ : ناغاهُ ) وحَادَثَهُ ( بِكَلاَمٍ ) مُقَارِبٍ ( حَسَنٍ ) .
( و ) يقال : قَاربَ فُلاَنٌ ( في الأَمْرِ ) : إِذا ( تَرَكَ الغُلُوَّ ، وقَصَدَ السَّدادَ ) وفي الحديث : ( سَدِّدُوا وقارِبُوا ) أَي : اقتصدوا في الأُمور كُلِّهَا ، واتْرُكُوا الغُلُوَّ فيها والتَّقْصِيرَ .
وممّا بقي على المُصَنِّفِ :
في التّهذيب ، ويقال : فلانٌ يَقْرُبُ أَمْراً : أَي يَغْزُوهُ ، وذالك إِذا فَعَل شَيْئاً ، أَو قال قولاً يَقْرُب به أَمراً يغزوه ، انتهى .
ومن المَجَاز : يقال : لقد قَرَبْتُ أَمْراً لا أَدْرِي ما هو . كذا في الأَساس . وقَارَبْتُهُ في البَيْعِ مُقَارَبَةً .
وتَقَرَّب العبدُ من الله ، عزَّ وجَلَّ ، بالذِّكْرِ والعملِ الصَّالِحِ .
وتَقرَّب اللَّهُ ، عزَّ وجلَّ ، من العَبْدِ بالبِرِّ والإِحسان إِليهِ .
وفِي التَّهْذِيبِ : القَرِيبُ ، والقَرِيبَةُ : ذُو القَرَابَةِ ، والجَمْع من النِّساءِ : قَرَائِبُ ، ومن الرِّجالِ : أَقارِبُ ، ولو قيلَ : قُرْبَى ، لَجَازَ .
والقَرَابَةُ والقُرْبَى : الدُّنُوُّ في النَّسَبِ ، والقُرْبَى : في الرَّحِم ، وفي التَّنْزِيل العزيز : { وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَى } ( النساء : 36 ) انتهى .
قلت : وقالوا : القُرْبُ في المكان ،
____________________

(4/23)


والقُرْبَةُ في الرُّتْبَةِ ، والقُرْبَى والقَرابَةُ في الرَّحِمِ .
ويقال للرَّجُلِ القَصِير : مُتَقَارِبٌ ، ومُتَآزِفٌ .
وفي حديث أَبي هُرَيْرَةَ : ( لأُقرِّبَنَّ بكم صَلاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، أَي : لآتِيَنَّكُمْ بما يُشْبِهُها ويَقْرُبُ منها .
وقَرَبَتِ الشَّمسُ للمَغِيبِ ، كَكَرَبَتْ ، وزعَمَ يعقوبُ أَنّ القاف بَدَلٌ من الكاف .
وأَبو قَرِيبَةَ : رَجُلٌ من رُجّازِهم .
والقَرَنْبَى في عَينِ أُمِّها حَسَنَةٌ ، يأْتي في ( قرنب ) .
وظَهَرَتْ تَقَرُّباتُ الْماءِ ، أَي : تَبَاشِيرُه ، وهي : حَصًى صِغارٌ إِذا رآها من يُنْبِطُ الماءَ ، استَدلَّ بها على قُرْبِ الماءِ . وهو مَجاز ، كما في الأَساس .
وممّا استدركه شيخُنا :
قولُهم : قارَبَ الأَمْرَ : إِذا ظَنَّهُ ، قالُوا : لقُرْبِ الظَّنِّ من اليَقينِ ، ذكره بعضُ أَرباب الاشْتقاق ، ونُقِلَ عن العلاّمة ابْنِ أَبي الحَدِيدِ في شرح نَهْج البلاغة .
ويُقَال : هل من مُقَرِّبَة خَبَرٍ ؟ بكسر الرّاءِ وفتحها وأَصلُه البعدُ ، ومنه : شأْوٌ مُقَرِّبٌ . قلت : وقد سبق في ( غرب ) ولعلَّ هذا تصحيفٌ من ذاك ، فراجِعْه .
والتَّقْرِيبُ عندَ أَهلِ المعقُول : سَوْقُ الدَّليلِ بوجْهٍ يقتضي المطلوبَ . كذا نقله في الحاشية .
قرتب : : ( قُرْتُبُ ، بالضَّمّة بِزَبِيدَ ) حَرَسَها اللَّهُ تعالى وسائرَ بلادِ المسلمين ، وهي على مقْربَةٍ منها ، وقد دخَلْتُهَا ، ومنها المحدِّثُ المشهور عبْدُالعلِيمِ بْنُ عيسى بنِ إِقبالٍ القُرْتُبِيُّ ، من المتأَخِّرِينَ .
( والمُقَرْتَبُ ) ، على صِيغة المفعول : الرَّجُلُ ( السَّيِّىءُ الغِذاءِ ) ، وقد أَهمل الجَوْهَرِيُّ هاذه المادّة ، كما أهملَهَا غيرُهُ .

____________________

(4/24)


قرشب : (القرشب :كإردب ) مو المسنعناالسيراقي قال الراجز : كيف قربت شبخك الأزبا لما ارنادقرشيا قمت إليه بالتنفيل ضربا(و) القرشب :هو(السيي الحال ) عنابنالأعرابي (و)قيل هو ألأكول والضخمالطويل من الرحال (و)القرشب من أسماءالأسد (و)قيل هوالسيي الخلق عن كراع (و)قيل مو (الرغيب البطن .أي في الكل :الرشب
قرصب
(قرصبة :أي الشي :إذا قطعةوالضاد أعلي
قرضب ( قَرْضَبَه ) : إِذا ( قَطَعَه ) ، كلَهْذَمَه والقَرْضَبَةُ : شِدَّة القَطْعِ .
( و ) قَرْضَبَ ( اللَّحْمَ في البُرْمةِ : جَمَعَه ) .
( و ) قَرْضَبَ ( الشَّيْءَ : فَرَّقَهُ ) ، فهو ( ضِدٌّ ) .
( و ) قَرْضَبَ ( اللحْمَ : أَكلَ جَميعَهُ ) وكذالك قَرْضَبَ الشَّاةَ الذِّئْبُ .
( و ) قَرْضَبَ ( الرَّجُلُ ) : إِذا ( عدَا . وأَكَل شَيْئاً يابِساً ، فهو قِرْضَابٌ ، بالكسرِ ) حكاه ثعلب ، وأَنشد :
وعامُنا أَعْجَبَنا مُقَدَّمُهْ
يُدْعَى أَبا السَّمْحِ ، وقِرْضَابٌ سِمُهْ
مُبْتَرِكاً لكُلِّ عَظْمٍ يَلْحَمُهْ
( وَهُوَ ) ، أَي القِرْضابُ أَيضاً : ( الأَسَدُ ، واللِّصُّ ) ، والفَقِير ، والكَثِيرُ الأَكْلِ ، ( والسَّيْفُ القَطَّاعُ ) .
وفي الصَّحاح : القَاطِعُ ، وسَيفٌ قِرْضَابٌ : يقطع العِظَامَ ، قالَ لَبِيدٌ :
____________________

(4/25)



ومُدجَّجِينَ تَرَى المَغَاوِلَ وَسْطَهُمْ
وذُبَاب كلِّ مُهَنَّدٍ قِرْضابِ
( كالقُرْضُوبِ ) ، بالضَّمِّ ( فِيهِمَا ) ، أَي في اللِّصِّ والسَّيْفِ .
( و ) قِرْضَابٌ : ( سَيْفُ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ ) .
( و ) يُقالُ : ( ما رَزَأْتُهُ قِرْضاباً ) ، أَيْ : ( شَيْئاً ) .
( والقَرَاضِبَةُ ) ، واللَّهَاذِمَة : ( اللصُوصُ ، والفُقَرَاءُ ) ، والصَّعَالِيكُ ، ( الوَاحِدُ : قُرْضُوبٌ ، وقِرْضابٌ ) ، وعلى الأَوّل اقتصر في لسان العرب .
( والقُراضِبُ ) ، بالضَّمِّ ، ( والقِرْضابُ ، والقِرْضابَةُ ) بكسرِهما ، ( والقُرْضُوبُ ) بالضَّمِّ ، ( والمُقَرْضِبُ ) ، على صيغة اسم الفاعِل : ( الَّذِي لا يَدعُ شيئاً إِلاَّ أَكلَهُ ) .
وقيل : القَرْضَبَةُ : أَنْ لا يُخَلِّصَ الرَّطْبَ من اليابِسِ ، لِشِدَّةِ نَهَمِهِ .
( وقُرَاضِبَةُ بالضم : ع ) ، قال بِشْرٌ :
وحَلُّ الحيُّ حَيُّ بَنِي سُبَيْعٍ
قُرَاضِبَةً ونَحْنُ لَهُمْ إِطارُ
( والقِرْضِبُ ، بالكَسْرِ : مَا يَبْقَى في الغِرْبالِ ، يُرْمَى به ) من الرُّذَالَةِ .
والقِرْضابِيُّ : ماءٌ بطريق مَكَّةَ ، نُسِبَ إِلى القِرْضابِ بْنِ ثَوْبانَ من بنِي عبد الله بْنِ رِياح .
قرطب : ( قَرْطَبَهُ ) : إِذَا ( صَرَعَهُ ) يُقَالُ : طَعَنَهُ ، فَقَرْطَبَهُ ، وقَحْطَبَه ، وقولُ أَبي وَجْزَةَ السَّعْدِيّ :
والضَّرْبُ قَرْطَبَةٌ بِكُلِّ مُهَنَّدٍ
تَرَكَ المَداوِسُ مَتْنَهُ مَصْقُولاَ
قال الفَرّاءُ : قَرْطَبْتُهُ : إِذا صَرَعْتَهُ ، ( أَو ) قَرْطَبَه : إِذا صَرَعَهُ ( على قَفَاهُ ) . وتَقَرْطَبَ على قَفَاهُ : انْصَرَعَ ؛ وقال :
____________________

(4/26)



فَرُحْتُ أَمْشِي مِشْيَةَ السَّكْرَانِ
وزَلَّ خُفَّايَ فَقَرْطَبَانِي
( و ) قَرْطَب ( الجَزُورَ : قَطَعَ عِظَامَهُ ) لم يَذْكُرْهُ الجوْهَريّ ، ولعلّه : قَرْضَبَ ، بالضّاد المُعْجمةِ .
( و ) قَرْطَبَ الرَّجُلُ : ( عَدَا ) عَدْواً ( شَدِيداً ) ، عن أَبي عَمْرٍ و ؛ وعن ابنِ الأَعْرابِيّ : القَرْطَبَةُ : العدْوُ ، ليس بالشَّدِيدِ .
( و ) قيل : قَرْطَبَ : ( هَرَبَ ) .
( و ) قَرْطَبَ : ( غَضِب ) ، قال :
إِذا رَآنِي قد أَتَيْتُ قَرْطَبَا
وجَالَ في جِحَاشِهِ وطَرْطَبَا
والمُقَرْطِبُ : الغَضْبانُ .
( والقُرْطُبَى ، بالضَّمِّ وتخفيف الباءِ : السَّيْفُ ) ، قاله أَبو تُرَاب .
( وسَيْفُ خالِدِ بْنِ الوَلِيدِ ، رَضِيَ الله عنه ، وسَيْفُ ابْنِ الصَّامِتِ بنِ جُشَمَ ) ؛ أَنشدَ أَبُو تُرَابٍ له :
رَفَوْنِي وقالُوا لا تُرَعْ يا ابْنَ صامِتٍ
فَظَلْتُ أُنَادِيهِمْ بثَدْيٍ مُجَدَّدِ
وما كُنْتُ مُغْتَرّاً بأَصْحَابِ عامِرٍ
مَعَ القُرْطُبَى بَلَّتْ بقائِمهِ يَدِي
( و ) القِرْطِبَّى ، ( بالكَسْرِ والتَّشْدِيدِ ) أَي تشديدِ الباءِ المُوَحَّدَةِ : ( ضَرْبٌ من اللَّعِب ، و ) هو ( نَوْعٌ مِنَ الصِّرَاعِ ) يُقَرْطِبُ أَحَدُهُمَا صاحبَهُ على قَفَاهُ .
( والقُرَاطِبُ ، بالضَّمِّ ) : السَّيْفُ ( القَطَّاعُ ) ، وهو القُرَاضِب ؛ والضّادُ أَعلى .
( وقُرْطُبَةُ ) ، بالضَّمِّ : ( د عَظِيمٌ بالمَغْرِبِ ) ، وزَعَمَ أَبُو عُبَيْدٍ البَكْرِيّ أَنّهما في لفظ القُوطِ ، بِالظَّاءِ المُعْجَمَة ، وفي نَفْحِ الطيب ، نقلاً عن
____________________

(4/27)


الحِجَاريّ : قُرْطُبَةُ ، بإِهمالِ الطّاءِ وضَمِّها ، وقد يَكْسِرُهَا المَشْرِقِيُّونَ ، ولا يُعْجِمُهَا آخَرُونَ : مدينةٌ عظيمةٌ بالأَنْدَلُسِ مِن أَعْظمِ بِلادِهَا ، كان افتتاحُها سنةَ اثنتَيْنِ وتسعينَ في زمن الوَلِيدِ بْنِ عبدِالمَلِك ، واستمرَّتْ على حالها وقوّة أَهلِهَا وضَخَامةِ المُلْكِ فيها ، إِلى أَنْ استَوْلَى عليها النَّصَارَى في أَثناءِ المِائَةِ العاشرة .
( والقَرْطَبانُ ، بالفَتْح ) ، ذَكَرَ الفَتْحَ هنا لدَفْعِ الإِبهامِ : ( الدَيُّوثُ ، والذي لا غَيْرَةَ لَهُ ) على حَرِيمِهِ ، ( أَو القَوَّادُ ) قال : وهم يَرْجِعُونَ إِلى معنًى واحِدٍ ؛ لأَنَّ الدَّيُّوثَ لا غَيْرَةَ له ، ويصلُحُ للقِيادةِ .
قال شيخُنَا : قالَ الحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ الطُّوسِيُّ : سَمِعْتُ أَبا عبدِ اللَّهِ البُوشَنْجِيَّ بسَمَرْقَنْدَ ، وقد سأَله أَعرابِيٌّ : أَي شيءٍ القَرْطَبانُ ؟ فقال : كانتِ امْرَأَةٌ في الجاهليّة يُقَالُ لها أُمُّ أَبَانٍ ، وكان لها قَرْطَبٌ وهو السِّدْرُ ، وكانَ لها تَيْسٌ في ذالك القَرْطَب ، وكان يُنَزَّى بدِرْهَمَيْنِ ، وكانَ الناس يقولُونَ : نَذهَبُ إِلى قَرْطَبِ أُمِّ أَبَان ، نُنْزِي تَيْسَها على مِعْزَانَا ، وكَثُرَ ذالك ، فقال العامّةُ : قَرْطَبَانُ ، قاله التّاجُ السُّبْكِيُّ في طَبَقاته الكبرى . قال : وهاذه التَّسميةُ ممّا جاءَ على خِلاف الأَصل والغالب . قال شيخُنا ، ومثلُ هاذا بعيدٌ عن تراكيب العرب واستعمالاتها ، إِلاّ في أَلفاظٍ نادرة ، انتهى .
وفي التَّهْذِيب : وأَمَّا القَرْطَبان ، الّذي تَقُولُهُ العامَّةُ لِلَّذِي لا غَيْرَةَ له ، فهو مُغَيَّرٌ عن وجهه ، قال الأَصْمَعِيّ : الكَلْتَبَانُ مأْخوذٌ من الكَلْب ، وهي القِيَادةُ ، والتّاءُ والنُّونُ زائدتانِ قال : وهاذه اللفظة هي القديمة عن العَرب ، وغَيَّرَها العامَّةُ الأُولى ، فقالت : القَلْطَبَانُ ، وجاءَت عامَّةٌ سُفْلَى ، فغَيَّرتْ على الأُولى ، فقالت : القَرطَبان .
قلت : وممّا بَقِيَ على المُصنِّف :
____________________

(4/28)



القُرْطُب ، والقُرْطوب ، بالضم : الذكَرُ من السَّعَالِي ، وقيل : هم صِغار الجِنِّ .
وقيل : القَرَاطِبُ : صِغار الكِلاب ، واحدهم قُرْطُب ، كذا في لسان العرب .
قرطعب : ( ما عِنْدَهُ قرْطَعْبَةٌ ، وقُرُطْعُبَةٌ ، وقُرَطْعَبَةٌ ) الأُولَى ( كَجِرْدَحْلَةٍ ) ، بكسر الأَوّل وسكون الثّاني وفتح الثّالث وسكون الرّابع ، ( و ) الثَّانِيةُ مثلُ ( كُذُبْذُبَةٍ ) ، بضَمِّ الأَوَّلِ والثّاني والرّابع وسكون الثّالث وفتح الخامس ( و ) الثّالثُ مثلُ ( ذُرَحْرَحَةٍ ) بِضَمِّ الأَوَّل وفتح الثّاني والرّابع والخامس وسكون الثّالث : ( لا قَلِيلٌ ، ولا كَثِيرٌ ) .
وما عَلَيْه قِرْطَعْبةٌ : أَي قِطْعَةُ خِرْقَةٍ ، ( أَوْ ) مَا لَهُ قُرَطْعَبَةٌ أَي ( شَيْءٌ ) ؛ وأَنشد :
فَما عَلَيْهِ مِنْ لِباسٍ طِحْرِبَهْ
ومَا لَهُ مِنْ نَشَبٍ قُرَطْعَبَه
ومثلُه في التَّهذيبُ . وقالَ الجوْهَرِيُّ : يقالُ : ما عِندَهُ قِرْطَعْبَةٌ ، ولا قُذَعْمِلَةٌ ، ولا سَعْنَةٌ ، ولا مَعْنَةٌ ، أَيْ شَيْءٌ قال أَبُو عُبَيْدٍ : ما وَجَدْنا أَحداً يَدْرِي أُصُولَها . كذا في لسان العرب .
قرعب : ( قَرْعَبَّ ) ، يَقْرَعِبُّ ، اقْرِعْباباً : ( انقَبَضَ ) ، وفي أُخْرَى : تَقَبَّضَ ( من بَرْدٍ ، أَوْ غَيْرِهِ ) . وفي تهذيبِ ابْنِ القَطّاع : تَقَبَّض في جِلْسَتِه ، كاقْرَنْبَع .
( والمُقْرَعِبُّ ) ، على صيغةَ اسمِ الفاعلِ : ( المُلْقِي برَأْسِهِ إِلى الأَرْضِ ) ، بَرْداً ، أَوْ ( غَضَباً ) .
قرقب : ( القَرْقب : كقُنْفُذٍ ، وجَعْفَرٍ ، وزُخْرُبَ ) الأَخِيرة بضمّ الأَوَّل والثّالث مع سكون الثّاني وتشديد المُوَحَّدَةِ :
____________________

(4/29)


( البَطْنُ ) ، يَمَانِيَةٌ ، عن كُرَاع ، وليس في الكلام على مِثاله إِلاَّ طُرْطُبٌّ وهو الضَّرْعُ الطَّوِيلُ ، ودُهْدُنٌّ وهو الباطل .
( و ) في حديث عُمَرَ ، رضِيَ الله عنه : ( فأَقْبَلَ شَيْخٌ عليهِ قَمِيصٌ قُرْقُبِيٌّ ) . قال ابنُ الأَثِيرِ : هو منسوب إِلى ( قُرْقُوبٍ ) ، أَي بالضَّمّ ، وهو ( د ، من أَعمال كَسْكَزَ ) منها : أَبو سعيدٍ الحَسَنُ بْنُ عليِّ بْنِ سَهْلٍ القُرْقُوبيُّ . رَوَى عن عبد اللَّهِ بْنِ محمّد بن جعفر الوَرَّاقِ وغيرِه ؛ وقيل : هي ثِيابٌ بِيضٌ كَتَّان . ويُرْوَى بالفَاءِ ، وقد تقدم .
( وكقُنْفُذٍ : طائرٌ ) ونقله عنه السَّيُوطيُّ في عُنْوانِ الدِّيوان . ( وكزُخْزُبَّةٍ ) بضَمِّ الزَّاءَيْنِ المُعْجَمَتَيْنِ مع تشديد المُوَحَّدة : ( لَحْمَةُ الصَّيْدِ ) ، هذا من زياداته .
وممّا بَقِيَ عليه .
( القَرْقَبَةُ ) : وهو صَوْتُ البطْنِ . وفي التّهذيب : صَوْتُ البَطْن إِذا اشْتَكَى .
قرنب : ( القُرْنُبُ ، كقُنْفُذٍ : الخَاصِرَةُ ) المُسْتَرْخِيَةُ ، عن ابْنِ الأَعْرَابِي .
( وكجَعْفَرٍ : اليَرْبُوعُ ، أَو وَلَدُهَا من اليَرْبُوعِ ) ، والفاءُ لُغَةٌ فيه ، وقد تقدّمَ .
ومما بقي عليه :
القَرَنْبَى ، في التّهْذيب ، في الرباعي : القَرَنْبَى ، مقصورٌ ، فَعَنْلَى مُعْتلاًّ ، حكى الأَصْمَعِيُّ أَنَّه دُوَيْبَّةٌ شِبْهُ الخُنْفُسَاءِ ، أَو أَعْظَم منه شيئاً ، طَوِيلَةُ الرِّجْلِ ، وأَنشدَ لِجَرِيرٍ :
تَرَى التَّيْمِيَّ يَزْحَفُ كالقَرَنْبَى
إِلى تَيْمِيَّةٍ كعَصَا الْمَليلِ
وفي المَثَلِ : ( القَرَنْبَى في عينِ أُمِّها حَسَنَةٌ ) والأُنْثَى بالهاءِ . وقال يصف جارِيَةً وبَعْلَها :
____________________

(4/30)



يَدِبُّ إِلى أَحْشائِهَا كلَّ لَيْلةٍ
دَبِيبَ القَرَنْبَى بَاتَ يَعْلُو نَقاً سَهْلا
هُنَا ذَكَرَها غيرُ واحدٍ من الأَئمَّة ، والمُصَنِّفُ أَوْرَدَها في المعتَلِّ كما سيأْتي .
قرهب : ( القَرْهَبُ ) ، كجَعْفَرٍ ، من الثِّيرانِ : ( الثَّوْرُ المُسِنُّ ) الضَّخْمُ ، قال الكُمَيْتُ :
من الأَرْحَبِيَّاتِ العِتَاقِ كأَنَّهَا
شَبُوبُ صِوَارٍ فَوْقَ عَلْيَاءَ قَرْهَبٌ
واستعارَهُ صَخْرُ الغَيِّ لِلْوَعِلِ المُسِنِّ الضَّخْمِ ، فقال يَصِفُ وَعِلاً :
بِهِ كَانَ طِفْلاً ثُمَّ أَسْدَسَ فاسْتَوَى
فَأَصْبَحَ لِهْماً في لُهُومٍ قَرَاهِبِ
وعن الأَزهَرِيّ : القَرْهَبُ هو التَّيْسُ المُسِنّ ، ( أَو ) القَرْهَبُ من الثِّيرَانِ : ( الكَبِيرُ الضَّخْمُ ، ومن المَعِزِ : ذَوَاتُ الأَشْعَارِ ) ، هاذا لَفْظُ يعقوبَ .
( و ) القَرْهَبُ : ( السَّيِّدُ ) ، عن اللِّحْيَانيّ .
( و ) القَرْهَبُ : ( المُسِنُّ ) ، عن كُراع ، عَمَّ به لَفْظاً .
قزب : ( القَزْبُ ) ، بالفَتح : ( النِّكَاحُ الكَثِيرُ ، وبالكَسْرِ اللَّقَبُ ، وبالتَّحْرِيك الصَّلابَةُ والشِّدَّةُ ) .
( قَزِبَ ، كفَرِحَ ) ، يَقْزَبُ ، قَزَباً : صَلُبَ ، واشْتَدَّ ؛ يَمَانِيَةٌ .
( و ) عن ابْنِ الأَعْرَابيّ : ( القَازِبُ : التَّاجِرُ الحَرِيصُ مَرَّةً في البَرِّ ومَرَّةً في البَحْرِ ) ومثلُهُ في لسان العرب .
قسب : ( القَسْبُ : الصُّلْبُ الشَّدِيدُ ) ، يُقَالُ : إِنَّهُ لَقَسْبُ العِلْباءِ ، صُلْبُ العَقَبِ والعَصَبِ ؛ قالَ رُؤْبَةُ :
قَسْبُ العَلابِيِّ جِراءُ الأَلْغادْ
وقد قَسُبَ ، ككَرُمَ ، قُسُوبَةً وقُسُوباً .
( و ) الْقَسْبُ : ( التَّمْرُ اليابِسُ )
____________________

(4/31)


يتفَتَّتُ في الفَمِ ، صُلْبُ النَّوَاةِ . قالَ الشّاعرُ :
وأَسْمَرَ خَطِّيّاً كَأَنَّ كُعُوبَهُ
نَوَى القَسْبِ قد أَرْمَى ذِرَاعاً على العَشْرِ
قال ابْنُ بَرِّيّ : هاذا البيتُ يُذْكَر أَنَّهُ لحاتِمِ طَيِّىء ، ولم أَجِدْهُ في شعره ، وأَرْمَى وأَرْبَى : لُغَتانِ . قال اللَّيْثُ : ومَنْ قاله بالصّاد ، فقد أَخطأَ . ونَوَى القَسْبِ أَصْلَبُ النَّوَى . ومن سَجَعَاتِ الأَسَاس : النَّبَطِيُّ يأْكُلُ الكُسْبَ ، ويَترُكُ القَسْبَ ، أَي رَدِيءَ التَّمْرِ ، وهو صفة في الأَصلِ ، مِنْ : قَسُبَ قُسُوبةً ، فهو قَسِيبٌ : صَلُبَ ويَبِسَ .
( والقُسَابَةُ ) ، بالضَّمّ : رَدِيءُ التَّمْرِ .
وذَكَرٌ قَيْسَبَانٌ : مُشْتَدٌّ غَلِيظٌ ، قال :
أَقْبَلْتُهُنَّ قَيْسَباناً قازِحاً
( و ) القَسْبُ ، و ( القِسْيَبُّ ، كإِرْدَبَ الشَّدِيدُ الطَّوِيلُ ) من كلّ شَيْءٍ ، وأَنشد :
أَلاَ أَرَاكَ يا ابْنَ بِشْرٍ خَبَّا
تَخْتِلُها خَتْلَ الوَلِيدِ الضَّبّا
حتَّى سَلكْتَ عَرْدَكَ القِسْيَبَّا
في فَرْجِها ثمَّ نَخَبْتَ نَخْبَا
والقِسْيَبُّ : الطَّويلُ من الرجال .
( والقَسُوبُ مُخَفَّفةً : الخُفُّ ) ، وهو القَفَشُ والنِّخافُ ، عن ابن الأَعرابيّ .
( و ) القسُّوبُ ، ( مُشَدَّدَةً : الخِفافُ ) هاكذا وقع ، قال ابْنُ سِيدَهْ : ( لا واحِدَ لها ) ولم أَسمع ، قال حسَّانُ بْنُ ثابتٍ :
تَرَى فَوْقَ أَذْنَابِ الرَّوَابِي سَواقِطاً
نِعالاً وقَسُّوباً ورَيْطاً مُعَضَّدَا
( والقَيْسَبُ ) ، كحَيْدَرٍ : ( شَجَرٌ من ) الأَشجارِ . وقالَ أَبو حنيفةَ : هو أَصْلُ ( الحِمْضِ ) . وقال مَرّةً : القَيْسَبَةُ ،
____________________

(4/32)


بالهاءِ : شجرةٌ ، تَنْبُتُ خيوطاً من أَصْلٍ واحدٍ ، وترتفعُ قَدْرَ الذِّرع ، ونَوْرَتُهَا كنوْرَةِ البَنَفْسَجِ ، ويُسْتَوْقَدُ بِرُطُوبَتِها كما يُسْتَوْقَدُ اليَبِيسُ .
( و ) قَيْسَبٌ : ( اسْمٌ ) .
( وقَسَبَ الماءُ ، يَقْسِبُ ) ، من باب ضرب : ( جَرَى ، وله قَسِيبٌ ) ، كأَمِيرٍ : ( جَرْيٌ ، وصَوْتٌ ) ؛ قال عَبِيدٌ :
أَو فَلَجٌ بِبَطْنِ واد
لِلْمَاءِ منْ تَحْتِهِ قَسِيبُ
قال ابْنُ السِّكِّيتِ : مررْتُ بالنَّهْرِ وله قَسِيبٌ ، أَي جِرْيَةٌ . وزاد في الأَساس مِنْ تحتِ الشَّجَرِ . وفي التّهذيب : القَسِيبُ : صوتُ الماءِ تَحْتَ وَرقٍ ، أَو قُماش . قالَ عَبِيدٌ :
أَوْ جَدْولٍ في ظِلالِ نَخْلٍ
لِلْماءِ مِنْ تَحْتِه قَسِيبُ
وسَمِعْتُ قَسِيب الماءِ : خَرِيرَه ، أَي صوتَهُ .
( و ) قَسَبتِ ( الشَّمْسُ ) : شَرَعَتْ و ( أَخَذَت في المَغِيبِ ) .
( والقاسِبُ : الغُرْمُولُ المُتْمَهِلُّ ) ، أَي الذَّكَرُ الصُّلْبُ الشدِيدُ .
( وسَمَّوْا قَيْسَبَة ) ، كما سَمَّوْا قَيْسَباً ، باسْمِ الشَّجَرِ .
قسحب : ( القُسْحُبُّ ، كطُرْطُبَ ) ، وقد تَقَدَّم ضَبْطُهُ : ( الضَّخْم ) ، مثَّلَ به سِيبويْهِ ، وفَسَّرهُ السِّيرافِيُّ .
قسقب : ( القُسْقُبُّ ) : هو ( القُسْحُبُّ ) بمعنى الضَّخْمِ ، ( زِنَةً ومَعْنًى ) .
قشب : ( القَشْبُ : الخَلْط ) ، وكُلُّ ما خُلِطَ ، فقد قُشِبَ ، وكذلك كلّ شَيْءٍ يُخْلَطُ به شَيْءٌ يُفْسِدُهُ ، تَقُولُ : قَشَبْتُهُ . وأَنشدَ الأَصْمَعِيُّ للنّابغة الذُّبْيانِيِّ :
____________________

(4/33)



فَبِتُّ كَأَنَّ العَائِداتِ فَرَشْنَنِي
هَراساً به يُعْلَى فِراشِي ويُقْشَبُ
( و ) يُقَال القَشْبُ : ( سَقْيُ السَّمِّ ) ، وخَلْطُهُ بالطَّعَامِ . والمنقولُ عن ابْنِ الأَعْرابِيِّ : القَشْبُ : خَلْطُ السَّمّ وإِصلاحُه حتى يَنْجَعَ في البَدَن ويَعْمَلَ . وقَشَبَ الطَّعَامَ يَقْشِبُهُ قَشْباً ، وهو قَشِيبٌ .
وقَشَّبَهُ ، أَي مُشَدَّداً : خَلَطَهُ بالسَّمِّ .
ونَسْرٌ قَشِيبٌ : قُتِلَ بالغَلْثَى ، أَو خُلِطَ له في لَحْمٍ يأْكُلُه سَمٌّ ، فإِذا أَكلَه قَتَلَهُ فيؤخَذُ رِيشُه . قال أَبو خِرَاشٍ الهُذَلِيُّ :
بِهِ نَدَعُ الكَمِيَّ عَلَى يَدَيْهِ
يَخِرُّ تَخَالُهُ نَسْراً قَشيبَا
عن أَبي عَمْرٍ و : قَشَبْتُ للنَّسْرِ : هو أَن تَجْعَل السَّمَّ على اللَّحْمِ حتّى يَأْكُلَهُ فيموتَ ، فيؤخَذَ رِيشُه ، وقَشَّبَ لَهُ : سقاهُ السَّمَّ ، وقَشَبه قَشْباً : سَقاهُ السّمَّ .
( و ) القَشْبُ : ( الإِصابَةُ بالمَكْرُوهِ ) من القَوْل ( والمُسْتَقْذَر ) في نُسخَتِنَا بالجرِّ على أَنَّهُ عَطْف على المكروه ، وصوابُهُ بالرَّفع ، والتّقدير : والقَشْبُ المُسْتَقْذَرُ ، بدليلِ ما يأْتي ؛ يقال : قَشَبَ الشَّيْءَ ، واسْتَقْشَبَهُ : اسْتَقْذَرَهُ : ويُقَال : ما أَقْشَبَ بَيْتَهُم ، أَي : ما أَقْذَرَ ما حَوْلَهُ من الغائطِ .
وقَشُبَ الشَّيْءُ : دَنُسَ ، وكُلُّ قَذَرٍ : قَشْبٌ وقَشَبٌ .
وقَشَّبَ الشَّيْءَ : دَنَّسَهُ .
( و ) القَشْبُ : ( الافْتِرَاءُ ) يقال : قَشَّبَنا ، أَي : نهانا عن أَمر لم يكُن فينا ، وأَنشدَ :
قَشَّبتْنَا بِفَعَالٍ لسْتَ تارِكَه
كما يُقَشِّب ماءَ الجُمَّةِ الغَرَبُ
____________________

(4/34)



( و ) القَشْبُ : ( اكْتِسابُ الحَمْدِ ) ، وعليه اقتصر في بعض الأُصول ، وصوابُهُ كما في نسختنا زيادة ( أَو الذمِّ ) ، ومثلُه في الصَّحاح ، وهو قولُ الفرّاءِ ، وحكى عنه أَبو عُبَيْدٍ ( كالاقْتِشَابِ ) يقال : قَشَب ، واقْتَشَبَ .
( و ) القَشْبُ أَيضاً : ( الإِفْسَادُ ) . وكلّ شيْءٍ يُخْلَط به شَيْءٌ يُفْسِدُهُ ، تقول : قَشَبْتُهُ ، وقد تقدَّمَ .
( و ) من المَجَاز ، القَشْبُ : ( اللَّطْخُ بالشَّيْءِ ) ، يقال : قَشَبَهُ بالقَبِيح ، قَشْباً : لَطَّخَه . وفي نسخةٍ أُخْرَى هُنا زِيَادَةُ قولِهِ : كالتَّقْشِيبِ ، وهو وارِدٌ في كلامهم .
( و ) من المَجَازِ ، القَشْبُ : ( التَّعْيِير ) ، وذِكْرُ الرَّجُلِ بالسُّوءِ . وقد وُجِدَ في بعض النُّسَخِ : التَّعْبِير ، بالمُوَحَّدَةِ ، وهو خطأٌ . ( و ) في حديثِ عُمَرَ ، رضيَ الله عنه ، قال لبعضِ بنيهِ : ( قَشَبَكَ المالُ ) من القَشْبِ ، وهو الإِفساد ، و ( إِزالَةُ العَقْلِ ) ، أَي : أَفسَدَك ، وذهَبَ بعَقْلك .
( و ) القَشْبُ : ( صَقْلُ السَّيْفِ ) ، يقال : قَشَبَه : إِذا جَلاَه وصقَلَه ، ( وفِعْلُ الكُلِّ ) قَشَبَ يَقْشِبُ ، ( كضَرَبَ ) يَضْرِبُ .
( و ) القِشْبُ ، ( بالكَسْرِ : النَّفْسُ ) ، وسيأْتي .
( و ) القِشْب : ( والِدُ مالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ ) هاكذا في نسختنا ( بن ) من غير أَلف ، وصوابُهُ ( ابْن ) لكَوْنِ بُحَيْنَةَ أُمَّهُ . قال شيخُنا : والمعروف أَنَّ القِشْبَ جَدٌّ لعَبْدِ الله ، وبُحَيْنَة زوجَةُ مالِكٍ ، لا والدتُهُ ولا والدُهُ ، لاِءَنّه عبدُ اللَّهِ بْنُ مالِكِ بنِ القِشْبِ ، وسيَأْتي في بحن .
( و ) القِشْبُ : ( نَبَاتٌ كالمَغْدِ ) يَسمو من وَسَطِه قَضِيبٌ ، فإِذا طالَ ، تَنَكَّسَ من رُطُوبته ، وفي رأْسه عُقْدَةٌ يُقْتَلُ بها سِباعُ الطَّيْرِ .
____________________

(4/35)



( و ) القِشْبُ : ( الصَّدَأُ ) على الحديد .
( و ) في حديث عُمَرَ ، رَضِيَ الله عنه : ( اغْفِرْ لِلأَقْشَاب ) جمع قِشْبٍ ، وهو ( مَنْ لا خَيْرَ فيهِ ) . ومن ذالك قولُهم : رجَلٌ قِشْبٌ ، وقد تقدّم .
( و ) القِشْبُ : ( السَّمُّ ، ويُحَرَّك ) ، والجمع أَقْشابٌ . يقال : قَشَبْتُ النَّسْرَ ، وهو أَن تَجْعَلَ السَّمَّ على اللَّحْمِ حتّى يأْكُلَهُ ، فيموتَ ، فيُؤْخَذَ رِيشُهُ .
وقَشَبَ له : سَقاهُ السَّمَّ ، وقَشَبه قَشْباً : سَقاهُ السَّمَّ ، وقد تقدَّم قريباً .
( وسَيْفٌ قَشِيبٌ ) أَي : ( مَجْلُوٌّ ) ، وعبارة الصَّحاح : حديثُ عَهْدٍ بالجِلاءِ ؛ ومثلُهُ في فَصِيح ثَعلب ( و ) سَيْفٌ قَشِيبٌ : ( صَدِىءٌ ) وعبارة الأَساس : قَذِرٌ ، وفيهِ قَشْبٌ : أَي قَذَرٌ ، ( ضِدٌّ ) . '
( والقَشِيبُ : قَصْرٌ باليَمَنِ ) .
( و ) القَشِيبُ : ( الجَدِيدُ ، والخَلَقُ ) ، كالقَشِب والقَشِيبَةِ ، ( ضِدٌّ ) .
( و ) القَشِيب : ( الأَبْيَضُ ، والنَّظِيفُ ) يقال : ثَوْبٌ قَشيبٌ ، وريْطَةٌ قَشِيبٌ ، أَيضاً . والجمع قُشُبٌ . قال ذُو الرُّمَّةِ :
كَأَنَّها خِلَلٌ مَوْشِيَّةٌ قُشُبُ
وقد ( قَشُبَ ، ككَرُم ، قَشَابةً ) ، وقال ثعلب : قَشُبَ الثَّوْبُ : جَدَّ ونظفَ . وسيْفٌ قَشِيبٌ : حديثُ عَهْدٍ بالجِلاءِ .
وكُلُّ شَيْءٍ جَدِيدٍ : قَشِيبٌ ، قال لَبِيدٌ :
فالماءُ يجْلُو مُتُونَهُنَّ كما
يَجْلُو التَّلامِيذُ لُؤْلُؤاً قَشِبَا
( والقِشْبَةُ بالكَسْرِ : الرَّجُلُ الخَسِيسُ ) الذَّنِيءُ الَّذِي لا خَيْرَ عنْدَه ، يَمَانِيَةٌ .
( و ) القِشْبَةُ : ( وَلَدُ القِرْد ) قال ابنُ دُرَيْدٍ : ولا أَدرِي ما صِحَّتهُ ، والصَّحِيحُ : القِشَّةُ ، وسيأْتِي ذِكْرُهُ .
( و ) قُشَابٌ ( كغُرَابٍ : ع ) .
( و ) في حَدِيثٍ : أَنه ( مَرَّ النَّبِيُّ ،
____________________

(4/36)


صلى الله عليه وسلم وعَلَيْهِ قُشْبانِيَّتانِ ) بالضَّمِّ ، ( أَي : بُرْدَتَانِ خَلَقانِ ) ، وفي نسخةٍ : خَلقَتانِ ، وقيل : جَديدتانِ ، كما في النِّهَاية . ( و ) القَشِيبُ من الأَضدادِ . حاصِل كلامِ الزَّمَخْشَرِيّ في الفائِقِ ، وابْنِ الأَثيرِ في النّهاية : أَنَّ ( قَوْل الزّاعِمِ : إِنَّ ) بالكسر ( القُشْبَانَ جَمْعُ قَشِيبٍ ، و ) إِنّ ( القُشْبَانِيَّةَ مَنْسُوبَةٌ إِلَيْهِ ) ، أَيْ : إِلى الجَمْع ، خارجٌ عن القِياسِ ، غَيْرُ مَرْضِيَ من القَوْل ، و ( لا مُعَوَّلَ عَلَيْهِ ) ؛ لأَنّ الجمع لا يُنْسَبُ إِليه ، ولاكِنَّهُ بناءٌ مسْتَطْرَفٌ للنسب ، كالأَنْبجانِيّ .
( والقاشِبُ : الخَيّاطُ ) الّذي يَلْقُط أَقْشَابَه ، وهي عُقَدُ الخُيُوطِ ، ببُزاقِهِ إِذا لَفَظَ بها ( و ) القاشِبُ : الَّذِي قِشْبُهُ ضَاوٍ ، وهو ( الضَّعِيفُ النَّفْسِ ) .
و ( قَشَبَنِي رِيحُهُ : آذَانِي ) ، كقَشَّبَنِي تَقْشِيباً ، كأَنَّهُ قال : سَمَّنِي رِيحُهُ . وجاءَ في الحَدِيث : ( أَنَّ رَجُلاً يَمُرُّ عَلى جِسْرِ جَهَنَّمَ ، فيَقُولُ : يا رَبّ قَشَّبَني رِيحُهَا ، وأَحْرَقَني ذَكاؤُهَا ) ، معناه : سَمَّنِي . وكلّ مسمُومٍ : قَشِيبٌ ، ومُقَشَّب . كذا في النّهَاية .
وفي التَّوْشِيح : قَشَبَهُ الدُّخَانُ : مَلأَ خَياشِيمَهُ ، وأَخَذَ بكَظَمِه . انتهى . ورُوِيَ عن عُمَرَ : ( أَنَّهُ وَجَدَ من مُعَاوِيَةَ ، رضي اللَّهُ عنهما ، رِيحَ طِيبٍ ، وهو مُحَرِمٌ ، فقال : مَنْ قَشَبَنَا ؟ ) ، أَراد أَنّ رِيحَ الطِّيبِ على هاذه الحال مع الإِحْرام ومخالفَةِ السُّنَّة قَشْبٌ ، كما أَنّ رِيحَ النَّتْنِ قَشْبٌ ، وكلّ قَذَرٍ : قَشْبٌ ، وقَشَبٌ .
( و ) من المَجَاز : ( رَجُلٌ مُقَشَّبٌ ، كمُعَظَّمٍ ) ، أَي : ممزوجُ الحَسَبِ باللُّؤْمِ ( غَيْرُ خالِصٍ ) .
وممّا لم يذكُرْهُ المُصَنِّفُ :
القِشْبُ ، بالكسر : اليابسُ الصُّلْبُ .
____________________

(4/37)



وقِشْبُ الطَّعَامِ ، بِالكَسْرِ : ما يُلْقَى منه ممّا لا خير فيهِ .
وعن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ : القاشِبُ : الَّذِي يَعِيبُ النّاسَ بما فيهِ ، يقال : قَشَبَهُ بعَيْبِ نفسِه . وقال غيره : وقَشبهُ بِشَرَ : إِذا رماه بعَلامَةٍ من الشَّرِّ يُعرَفُ بها .
ولم يذكُرِ المصنف ( نَسْرٌ قَشِيب ) وهو في مُصَنَّفَاتِ الغَرِيب ، وقد قدَّمْنا شَرحَهُ .
قشلب : ( القُشْلُبُ ، كقُنْفُذٍ ، وزِبْرِجٍ : نَبْتٌ ) قال ابْنُ دُرَيْدٍ : ليس بثَبَتٍ .
قصب : ( القَصَبُ ، محرّكةً : كلُّ نباتٍ ذي أَنابِيبَ ، الواحدةُ قَصَبَةٌ ) ، أَي بالهاءِ ، وهذا مِمّا خالفَ فيه قاعِدتَهُ .
( و ) كلّ نَبَاتٍ كان ساقُه أَنَابِيبَ وكُعُوباً ، فهو قَصَبٌ .
والقَصَبُ : الأَبَاءُ ، الواحدةُ ( قَصْبَاةٌ ) ، بالفتح ، مقصوراً بأَلفِ الإِلحاقِ ، وآخِرُهُ هاءُ تأْنيثٍ ( و ) قال سِيبَوَيْهِ : الطَّرْفاءُ ، والحَلْفَاءُ ( والقَصْباءُ ) ، ونحوُها : اسمٌ واحدٌ ، يقع على جميعٍ ، وفيه علامةُ التَّأْنيث ، وواحدُهُ على بِنائِهِ ولَفْظِهِ ، وفيه علامة التّأْنيث الَّتي فيه ، وذالك قولُك للجميع حلْفَاءُ ، والواحدة حَلفاءُ ، وسيأْتي تحقيق ذالك في حلف ، ( جَماعتُهَا ) ، أَي : القَصبِ النّابتِ الكثير في مَقْصَبةٍ . ( و ) عن ابْنِ سِيدهْ : القَصْبَاءُ : ( مَنْبِتُهَا ، وقد أَقْصبَ المكانُ ) .
( وأَرْضٌ ) قَصِبَةٌ كفَرِحَةٍ ( ومَقْصَبَةٌ ) بالفتح ، أَيْ : ذاتُ قَصبٍ .
وقَصَّبَ الزَّرْعُ ، تَقْصِيباً ، واقْتَصَبَ صار له قَصَبٌ ، وذالك بعدَ التَّفريخ .
( و ) القَصْبُ : القَطْعُ ، يقال : ( قَصَبَهُ ) ، أَي الشَّيْءَ ، ( يَقْصِبُهُ ) ، من بَاب ضَرَبَ ، قَصْباً ، إِذا ( قَطَعَهُ ، كاقْتَصَبَه ) .
( و ) قَصَبَ الجَزَّارُ ( الشَّاةَ ) يَقْصِبُهَا
____________________

(4/38)


قَصْباً : ( فَصَلَ قَصَبَها ) ، وقَطَّعَها عُضْواً عُضْواً .
( و ) قَصَبَ ( البَعِيرُ ) الماءَ ، يَقصِبه ، ( قَصْباً ) : مَصَّهُ .
( و ) قد قَصَب يَقْصِب ( قُصُوباً : امْتَنَع مِنْ شُرْبِ الماءِ ) قَبْلَ أَنْ يَرْوَى ، ( فرَفَعَ رَأْسَهُ عنه ) ، وقيل : القُصُوبُ : الرِّيُّ من وُرُودِ الماءِ وغيرِهِ و ( بَعِيرٌ ) قَصِيبٌ : يَقْصِبُ المَاءَ ، ( و ) كذالك ( ناقَةٌ قَصِيبٌ ) ، أَي : يَمُصُّهُ ( وقاصِبٌ ) : مُمْتَنِعٌ من شُرْبِ الماءِ رافِعٌ رأْسَهُ . وبَعِيرٌ قاصِبٌ ، وناقةٌ قاصِبٌ أَيضاً ، عن ابْنِ السِّكِّيت . وقال قَيْسُ بْنُ عاصِم :
سَتحْطِمُ سَعْدٌ والرِّبابُ أُنُوفَكُمْ
كما حَزّ في أَنْفِ القَصِيبِ جَرِيرُها
ووجدت في حاشية كتاب البَلاذُرِيِّ : ويُقَال : ناقَةٌ مُقْتَصَبَةٌ .
( و ) قَصَبَ ( فُلاناً ) ، أَو دَابَّةً ، أَو بَعِيراً ، يَقْصِبُهِ ، قَصْباً : ( مَنَعَه من الشُّرْبِ ) وقَطَعَهُ عليهِ ( قَبْلَ أَنْ يَرْوَى ) . وعن الأَصْمَعِيِّ : قَصَبَ البَعِيرُ ، فهو قاصِبٌ : إِذا أَبَى أَنْ يَشرَبَ ، والقومُ مُقْصِبُون : إِذَا لم تَشْرَبْ إِبلُهُمْ . ودخَلَ رُؤْبَةُ على سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيَ ، وهو والِي البَصْرَةِ ، فقَالَ : أَيْنَ أَنْتَ من النِّسَاءِ ؟ فقال : أُطِيلُ الظِّمْءَ ، ثُمَّ أَرِدُ فأُقْصِبُ .
( و ) قَصَبَه ، يَقْصِبُهُ ، قَصْباً : ( عابَهُ ، وشتَمَهُ ) ، ووَقَعَ فيه .
وأَقْصَبَه عِرْضَهُ : أَلْحَمَهُ إِيَّاه ، وقالَ الكُميت :
وكُنْتُ لَهُمْ من هاؤُلاكَ وهاؤُلاَ
مِجَنّاً على أَنِّي أُذَمُّ وأُقْصَبُ
ورَجُلٌ قَصَّابَةٌ لِلنَّاسِ : إِذا كانَ يَقَعُ فيهم ، وسيأْتي . وفي حديث عبد المَلِكِ قال لِعُرْوَةِ بْنِ الزُّبَيْرِ : ( هَلْ سَمِعتَ أَخاكَ يَقْصِبُ نِساءَنَا ؟ قال : لا ) ، ( كقَصَّبَه ) تَقصيباً .
( والقَصَبُ ، محرَّكَةً أَيضاً : عِظامُ الأَصابِعِ ) من اليَدَيْنِ والرِّجْلَيْنِ . وامْرَأَةٌ تامَّةٌ القَصَبِ ، وهو مَجازٌ .
____________________

(4/39)



وقيل : هي ما بين كُلِّ مَفْصِلَيْنِ من الأَصَابِع ، وفي صفته ، صلى الله عليه وسلم ( سَبْطُ القَصَبِ ) . وفي المِصْبَاح : القَصَبُ : عِظامُ اليَدَيْنِ والرِّجْلَيْنِ ونَحْوِهِما . وقَصَبَةُ الإِصبَعِ : أُنْمُلَتُها . وفي الأَساس : في كُلِّ إِصْبَعٍ ثلاثُ قَصَباتٍ ، وفي الإِبْهامِ قَصَبتانِ ، انتهى . ( و ) في التّهذيب : عن الأَصْمعيّ : ( شُعَبُ الحلْقِ ) .
( و ) القَصَبُ : عُرُوقُ الرِّئَةِ ، وهي ( مخارِجُ الأَنْفَاسِ ) ومَجَارِيها ، وهو مَجازٌ .
( و ) القَصبُ : ( ما كان مُسْتَطِيلاً ) أجْوَفَ ( من الجوْهِرِ ) ، وفي بَعضِ الأُمَّهاتِ : من الجَواهِرِ ، قاله ابنُ الأَثيرِ وقيل : القصبُ : أَنابِيبُ من جَوْهَرٍ .
( و ) القَصبُ : ( ثِيابٌ ناعِمَةٌ ) رِقاقٌ ، تُتَّخَذُ ( من كَتَّانٍ ، الوَاحِدَةُ قَصَبِيٌّ ) ، مِثْلُ عَرَبيَ وعَرَبٍ . وفي الأَسَاسِ ، في المجازِ : ومع فلانٍ قَصَبُ صنْعاءَ ، وقَصبُ مِصْرَ ، أَيْ : قَصبُ العقِيقِ ، وقَصبُ الكتَّانِ .
( و ) القَصَب : ( الدُّرُّ الرَّطْبُ ) ، والزَّبَرْجدُ الرَّطْبُ ( المُرَصَّعُ بالياقُوتِ ) ، قاله أَبُو العبَّاسِ عن ابْنِ الأَعْرابيِّ حِينَ سُئِلَ عن تفْسِيرِ الحديثِ الآتي ، ( ومِنْهُ ) الحديث : ( أَنَّ جِبْرِيلَ قالَ لِلنَّبيّ ، صلى الله عليه وسلم ( بَشِّرْ خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ في الجنَّةِ مِنْ قَصَبٍ ) ، لا صَخَبَ فيه ولا نَصَبَ ) . هاكذا في أُصُولنا ، وفي نسخةِ الطّبْلاوِيّ وغيرِه ، وهو الصَّواب ، ويُوجَدُ في بعض النّسخ : ومنه : ( بُشِّرَتْ ) ، بتاء التَّأْنيث الساكنة ، كأَنّهُ حكايةٌ لِلَّفْظ الوارد في الحديث . قال ابْنُ الأَثِيرِ : القَصَبُ هُنا : لُؤْلُؤٌ مُجَوَّفٌ واسعٌ ، كالقَصْرِ المُنِيف ؛ ومثله في التَّوشِيح ، وعن ابْنِ الأَعرابيّ : البيْتُ ، هُنا ، بمعنى : القَصْر والدّارِ ، كقولكِ : بَيْتُ المَلِكِ ، أَي :
____________________

(4/40)


قصرُهُ ، وسيأْتي . قال شيخُنا : وأَخرجَ الطَّبرانِيُّ عن فاطمةَ ، رضيَ اللَّهُ عنها ، قالتْ : ( قُلْتُ : يا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيْنَ أُمِّي ؟ قال : في بَيْتٍ من قَصَبٍ . قلتُ : أَمِنْ هذا القَصَبِ ؟ قال : لا ، من القَصَبِ المنظومِ بالدُّرِّ والياقُوتِ واللُّؤْلُؤِ ) . ثمّ قال : قلتُ : وقد قال بعضُ حُذّاقِ المُحَدِّثينَ : إِنَّهُ إِشارةٌ إِلى أَنّها حازَتْ قَصَبَ السَّبْقِ ، لاِءَنَّهَا أَوَّلُ مَنْ أَسلَمَ مُطْلَقاً ، أَو من النِّساءِ ، انتهى .
( و ) من المَجَاز : خَرَجَ الماءُ من القَصَبِ ، وهي ( مَجارِي الماءِ من العُيُونِ ) ، ومَنَابِعها . وفي التَّهْذِيب عن الأَصْمَعِيّ : القَصَبُ : مَجارِي ماءِ البِئْرِ من العُيُونِ ، واحِدَتُهَا قَصَبَةٌ ؛ قالَ أَبو ذُؤَيْب :
أَقامَتْ به فَابْتَنَتْ خَيْمَةً
على قَصَبِ وفُرَاتٍ نَهِرْ
قال الأَصْمَعِيُّ : قَصَبُ البَطْحاءِ : مياهٌ تَجرِي إِلى عُيُونِ الرَّكَايا ، يقول : أَقامتْ بين قَصَبٍ ، أَيْ : رَكَايا ، وماءٍ عَذْبٍ . وكُلُّ ماءٍ عَذْبٍ : فُراتٌ ؛ وكُلُّ كثيرٍ جَرَى فقَدْ نَهَرَ واسْتَنْهَرَ .
( والقُصْبُ ، بالضَّمِّ : الظَّهْرُ ) هاكذا في نسختنا ، وقد تصفَّحْتُ أُمَّهاتِ اللُّغَة ، فلم أَجِدْ مَنْ ذَكَرَهُ ، وإِنّمَا في لسان العرب قال : وأَما قَوْلُ امْرِىءِ القَيْسِ :
والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ والمَتْنُ مَلْحُوبُ
فيُرِيدُ به الخَصْرَ ، وهو على الاستِعارة ، والجمع أَقْصابٌ . قلتُ : فلَعَلَّهُ ( الخَصْرُ ) بدل : ( الظَّهْرِ ) ، ولم يتعرَّضْ شيخُنا له ، ولم يَحُمْ حِماهُ ، فليُحَقَّقْ .
( و ) القُصْبُ أَيضاً : المِعَى ، بالكسر ، ( ج : أَقْصَابٌ ) ، وفي الحديث : ( أَنّ عَمْرَو بْنَ لُحَيَ أَوَّلُ
____________________

(4/41)


من بَدَّلَ دِينَ إِسماعيلَ ، عليه السَّلامُ ) ، قال النَّبيُّ ، صلى الله عليه وسلم ( فرَأَيْتُهُ يَجُرُّ قُصْبَهُ في النّارِ ) وقيل : القُصْب : اسْمٌ لِلأَمْعاءِ كُلِّهَا ، وقيل : هو ما كان أَسفلَ البطن من الأَمعاءِ ، ومنه الحديث : ( الَّذِي يَتخطَّى رِقَابَ النَّاسِ يومَ الجُمُعةِ كالجارِّ قُصْبَهُ في النّارِ ) . وقال الرّاعي :
تَكْسُو المَفَارِقَ واللَّبَّاتِ ذَا أَرَجٍ
مِنْ قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافورِ دَرَّاجِ
( والقَصّابُ ) ، كشَدّادٍ : ( الزَّمّارُ ، والنَّافِخُ في القَصَبِ ) ، قالَ :
وقاصِبُونَ لنا فِيهَا وسُمّارُ
وقال رُؤْبَةُ يَصِفُ الحِمَارَ :
في جَوْفِهِ وَحْيٌ كوَحْيِ القَصَّابْ
يعني عَيْراً يَنْهَقُ .
( و ) القَصَّابُ : ( الجَزّارُ ، كالقاصِب فيهِمَا ) ، والمسموعُ في الأَولِ كثيرٌ ، وحِرْفَهُ الأَخِيرِ القِصَابَةُ ، كذا في المصباح . وكلامُ الجَوْهَرِيّ يَقتضِي أَنّ هاذا التَّصريفَ في الزَّمْرِ أَيضاً ، قاله شيخُنا ؛ فإِمَّا أَنْ يكونَ من القَطْعِ ، وإِمّا أَنْ يكونَ من أَنَّهُ يأْخُذُ الشَّاةَ بقَصَبَتِها ، أَي : بسَاقِها . وقيل : سُمِّيَ القَصّابُ قَصّاباً ، لِتَنْقِيَتِهِ أَقْصَابَ البَطْنِ . وفي حديثِ عليّ ، كرَّمَ اللَّهُ وَجهَهُ : ( لَئنْ وَلِيتُ بنِي أُمَيَّةَ لأَنْفُضَنَّهُمْ نَفْضَ القَصّابِ التِّرَابَ الوذِمَة ) ، يُرِيدُ اللحُومَ الّتي تَتَرَّبُ بسُقُوطِها في التُّرَاب ؛ وقيل : أَرادَ بالقَصَّابِ السَّبُعَ . والتِّرابُ : أَصْلُ ذِرَاعِ الشَّاةِ ، وقد تقدم في ترب .
وعن ابْنِ شُمَيْلٍ : أَخَذَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فقَصَّبَه . والتَّقْصِيبُ : أَنْ يَشُدَّ يَدَيْهِ إِلى عُنُقِهِ ، ومنه سُمِّيَ القَصّابُ قَصّاباً . كذا في لسان العرب .
( و ) من المَجَاز : ( القَصْبَة ) ، بفتح فسُكُون ، كذا هو مضبوطاً في
____________________

(4/42)


نسختنا : ( البِئرُ الحَدِيثَةُ الحَفْرِ ) ، ويقال : بِئْرٌ مستقيمةُ القَصبةِ .
( و ) القَصبَة : ( القَصْرُ ، أَوْ جَوْفه ) . يقال : كنت في قَصبَةِ البلدِ ، والقَصر ، والحِصْن ، أَي : في جوفه .
( و ) القَصبَةُ من البَلَدِ : ( المَدِينة ، أَوْ ) لا تُسَكَّنُ ، قَصَبُ الأَمصار : ( مُعْظَمُ المُدُنِ ) ، وقَصبةُ السَّوَادِ : مَدِينَتُها . والقَصبَةُ : جَوْفُ الحِصْنِ ، يُبْنَى فيه بناءٌ ، هو أَوْسَطُه . وقَصبةُ البِلاد : مدينَتُها . ( و ) القَصبَة : ( القَرْيَةُ ) . وقَصبَةُ القَرْيةِ : وَسَطُهَا ، كذا في لسان العرب .
( و ) القَصبَةُ : ( ة بالعِرَاقِ ) ، وهي واسِطُ القَصَب ، لأَنَّها كانت قبلَ بنائِهَا قَصَباً ، وإِليها نُسِبَ أَبو حنيفةَ محمَّدُ بْنُ حَنِيفَةَ بْنِ ماهانَ . سكن بغْدَادَ ، ويقالُ له أَيضاً : الواسِطِيّ .
( و ) القَصبَةُ : ( الخُصْلَةُ المُلْتَوِيَةُ مِنَ الشَّعَرِ ، كالقُصَّابَةِ ، كَرُمّانَةٍ والقَصِيبَةُ ) ، ككَرِيمَةٍ ، ( والتّقصِيبَةُ والتَّقْصِبَةُ ) على تَفْعِلَةٍ . ( وقَدْ قَصَّبَهُ تَقْصِيباً ) ، ومثلُهُ في الفرق ، لاِبْنِ السِّيدِ . قال بِشْر بْنُ أَبي خازمٍ :
رَأَى دُرَّةً بَيْضاءَ يَحْفِلُ لَوْنَهَا
سُخامٌ كغُربانِ البَرِيرِ مُقَصَّبُ
والقَصَائبُ : الذَّوَائِبُ المُقَصَّبَةُ ، تُلْوَى لَيَّاً حتّى تَتَرَجَّلَ ، ولا تُضْفَرُ ضَفْراً .
وشَعَرٌ مُقَصَّبٌ : أَي مُجَعَّد . وقَصَّبَ شَعْرَه : جَعَّدَه ، ولها قُصّابَتانِ : أَيْ غَدِيرَتَانِ . وقال اللَّيْثُ : القَصْبَةُ : خُصْلَةٌ من الشَّعَر تلتوِي ، فإِنْ أَنت قَصَّبْتَها ، كانت تَقْصِيبَةً ، والجمعُ التَّقاصِيبُ . وتقصيبُكَ إِياها : لَيُّكَ الخُصْلَةَ إِلى أَسفلِها ، تَضُمُّها وتَشُدُّها ، فتُصْبِحُ وقد صارَت تقاصِيبَ ، كأَنَّها بَلابِلُ جاريةٍ . وعن أَبِي زيد : القَصائبُ : الشَّعَرُ المُقَصَّبُ ، وَاحِدَتُها قَصِيبَةٌ .
____________________

(4/43)



( و ) القَصَبَة ( كُلُّ عَظْمِ ذِي مُخَ ) ، على التَّشْبيه بالقَصَبة ، والجمع قَصَبٌ . والقَصَب : كلُّ عَظمٍ مستديرٍ أَجوَفَ ، وكذالك ما اتُّخِذَ من فِضَّةٍ ، وغيْره الواحدةُ قَصَبة .
( والقُصّابَة ، مشَدَّدةً ) : هي ( الأُنْبُوبَةُ ، كالقَصِيبَةِ ) ، وجمعه القَصائبُ .
( و ) القُصّابَةُ : ( المِزْمارُ ) ، والجمعُ قُصّابٌ ، قال الأَعْشَى :
وشاهِدُنا الجُلُّ والياسَمِي
نُ والمُسْمِعاتُ بقُصَّابِها
وقال الأَصمَعِيُّ : أَراد الأَعْشى بالقُصّابِ الأَوتارَ الّتي سُوِّيَتْ من الأَمعاءِ ، وقال أَبو عمرٍ و : هي المزامِيرُ .
( و ) القَصّابَة : الرَّجُلُ ( الوقّاعُ في النّاسِ ) ، وفي حديث عبد المَلكِ ، قال لعُرْوةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، هلْ سمِعْتَ أَخَاكَ يَقْصِبُ نِساءَنا ؟ قال : لا ) .
( و ) القِصَابُ ، ( كَكِتَابٍ ) ، وفي نسخَةٍ ككِتَابَةٍ : ( مُسَنَّاةٌ ، تُبْنَى في اللِّحْفِ ) بالكَسْرِ ، هكذا في النُّسَخ وفي بعض الأُمَّهات : في اللهجِ ( لَئلاّ يَسْتَجْمِعَ السَّيْلُ ) ، ويُوبَلَ ( فَيَنْهدِمَ عِرَاقُ الحائِطِ ) ، أَي أَصْلُهُ ، ( بسَبَبِه ) .
( و ) القِصَابُ : ( الدِّبَارُ ) ، الواحِدةُ ( قَصَبَة ) .
( وذُو قِصَابٍ ) : اسمُ ( فَرسٍ
____________________

(4/44)


لمالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ ) اليرْبُوعِيّ ، رضي الله عنهُ .
( و ) من المجازِ ( القاصِبُ : الرَّعْدُ المُصَوِّتُ ) ، قالَ الأَصمعيّ ، في باب السَّحابِ الَّذي فيه رَعْدٌ وبَرْقٌ : منه المُجَلْجِلُ ، والقاصِبُ ، والمُدَوِّي ، والمُرْتَجِسُ .
قال الأَزْهَرِيّ : شُبِّهَ السَّحَابُ ذُو الرَّعْدِ بالزَّامِر .
( والقَصَبَات ) ، مُحَركَة : ( د ، بالمغرِبِ ) نُسِب إِليه جماعةٌ . ( و : ة ، باليَمامةِ ) ، نقله الصّاغانيّ .
( والقُصَيْبَة ، كجُهيْنةَ : ع ، بِأَرْضِ اليَمامَةِ لِتَيْمٍ وعَدِيّ وثَوْرٍ بني عبدِ مَنَاةَ ) قالت وجِيهةُ بِنتُ أَوْسٍ الضَّبِّيَّة :
فمَالِيَ إِن أَحْببْتُ أَرْضَ عَشِيرتِي
وأَبْغَضْتُ طَرْفَاءَ القُصَيْبةِ مِن ذَنْبِ
كذا قرأْتُ في ديوان الحَمَاسة ، لأِبِي تَمّامٍ .
( و ) قُصَيْبة : ( ع ) آخَرُ ( بيْن يَنْبُعَ وخَيْبَرَ ) ، له ذِكرٌ في كُتُب السِّيَرِ ، قِيل : هُو لِبَنِي مالكِ بْنِ سعْدٍ ، بالقُرْب من أُوَارةَ ، كان به منزِلُ العَجَّاجِ وولده ( و : ع ) آخر ( بالبَحْرَينِ ) .
والقُصَيْبات : موضِعٌ بنواحِي الشَّام .
( وأَقصَب الرَّاعِي : عَافَتْ إِبلُهُ الماءَ ) ، عن ابْن السِّكيت .
وعن الأَصمَعِيّ : قَصَبَ البعِيرُ ، فهو قاصِبٌ : إِذا أَبَى أَنْ يَشْربَ ، والقَوْمُ مُقْصِبُون : إِذا لم تَشْرَبْ إِبِلُهُم .
( والتَّقْصِيبُ : تَجْعِيدُ الشَّعَرِ ) يُقال : شَعَرٌ مُقَصَّبٌ : أَيْ مُجَعَّدٌ ، وقَصَّبَ شَعَرَهُ : أَي جَعَّدَهُ ، ولها قُصَّابَتانِ : أَي غَدِيرَتَانِ .
( و ) التَّقْصِيبُ أَيضاً : ( شَدُّ اليَدَيْنِ إِلى العُنُق ) وعن ابْن شُمَيْلٍ : يقال : أَخَذَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَقصَّبَه : أَي شَدَّ يَدَيْهِ إِلى عُنُقِه ، ومنه سُمِّيَ القَصَّابُ قَصَّاباً .
____________________

(4/45)



( والمُقَصِّبُ ، بكسر الصّادِ المشَدَّدةِ ) ، أَي على صيغة اسمِ الفاعل : الفَرسُ الجَوادُ السّابقُ . قال شيخُنَا : وهاذا الضَّبْطُ جَرى على خِلافِ اصطلاحِه ، والأَوفقُ له قولُه : والمُقَصِّبُ كمُحَدِّثٍ ، أَو هو ( الَّذي يُحْرِزُ قَصَبَ السِّباقِ ) ، أَي : يأْخُذُهَا ويَحُوزُهَا . وهو في معْنَيَيْهِ من المجاز كذا في الأَساس .
ويقال للمُرَاهِن إِذا سبَقَ : أَحْرَزَ قَصبةَ السَّبْقِ ، وقيل للسّابق : أَحْرَزَ القَصبَ ، لاِءَنَّ الغايةَ التي يَسبق إِليها تُذرعُ بالقَصَب ، وتُرْكَزُ تلك القَصَبةُ عند مُنْتَهَى الغايَةِ ، فمن سَبقَها ، حازَها واسْتَحَقَّ الخَطَر ، ويقال : حازَ قَصَبَ السَّبْقِ : أَي استولى على الأَمَدِ ؛ وقال شيخُنا : وأَصلُه أَنهم كانُوا ينْصِبُونَ في حَلْبَةِ السِّبَاق قَصَبَةً ، فمَنْ سبقَ ، اقتَلَعَها وأَخَذَها ، ليُعْلَمَ أَنَّهُ السّابقُ من غيرِ نِزَاعٍ ، ثمّ كَثُر حَتَّى أُطْلِقَ على المُبَرِّزِ الّذِي يسْبِق الخَيْلَ في الحَلْيَة ، والمُشمِّرِ المُسْرِعِ الخفيف ، وهو كثير في الاستعمال ، انتهى . وفي حديث سعِيد بْنِ العاصِ : ( أَنَّهُ سَبَقَ بينَ الخَيْل ، فجَعَلَها مائَةَ قَصَبَةٍ ) أَرادَ أَنه ذَرَعَ الغايةَ بالقَصَبِ ، فجعلها مِائَةَ قَصَبَةٍ .
( و ) المُقَصِّبُ ، أَيضاً : هو ( اللَّبَنُ ) قَدْ ( كَثُفَتْ عَلَيْهِ الرَّغْوَةُ . و ) في المَثَل : ( رَعَى فأَقْصَبَ ) ، مثلُه للجَوْهَرِيّ والمَيْدَانِيّ ( يُضْرَبُ للرَّاعِي ، لأَنَّه إِذا أَساءَ رَعْيَها ، لم تَشْرَبِ ) الماءَ ، لأَنّها إِنَّما تَشْرَبُ إِذا شَبِعَتْ من الكَلإِ ؛ زادَ المَيْدانِيُّ : يُضْرَبُ لِمَنْ لا يَنْصَحُ ، ولا يُبالغُ فيما تَوَلَّى حتّى يَفْسُدَ الأَمْرُ .
( والقَصُوبُ ، من الغَنَمِ : الَّتي تَجُزُّها ) ، من باب ضَرَبَ .
____________________

(4/46)



( وتُدْعَى النَّعْجَةُ ، فيُقَالُ : قَصَبْ قَصَبْ ) ، بالتسْكِين فيهما .
وفي الأَساس : تقول : قَصَبُ الحَظِّ . أَنْفَذُ من قَصَبِ الخَطِّ .
وفيه في المَجَاز : وضَرَبَهُ على قَصَبَةِ أَنْفِه : عَظْمِه .
وفُلانٌ لم يُقْصَبْ : أَي لم يُخْتَنْ .
وزاد شيخُنا نَقْلاً عَن بعضِ الدَّواوين : القَصَبُ عُرُوقُ الجَنَاحِ ، وعِظامُها .
والحَسَنُ بْنُ عبدِ اللَّهِ القَصَّابُ ، وأَبو عبدِ اللَّهِ حَبِيبُ بْنُ أَبي عمرة القَصَّابُ ، وأَبو نَصْرٍ مذكورُ بْنُ سُلَيْمَانَ المُخَرِّميّ القَصَبانيُّ ، بالنُّون ، وأَبو حَمْزَةَ عِمْرَانُ بْنُ أَبِي عَطَاءٍ القَصَّابُ القَصَبِيُّ ، مُحَدِّثُونَ .
ومَحَلَّةُ القَصَبِ : قَرْيتانِ بِمِصْرَ من الغَرْبِيَّة ، وقد دخَلْتُ إِحداهما .
ووَاسِطُ القَصَبِ : مدينةٌ مشهورة بالعِرَاق ، وقد يأْتي في وسط . سُمِّيَت به ، لاِءَنَّها كانت قبل بِنائها قَصَباً .
قصلب : ( القُصْلُبُ ، بالضَّمِّ ) ، أَهملَه الجَوْهَرِيُّ ، وقالَ الصّاغانيُّ : هو ( القَوِيُّ الشَّدِيدُ الصُّلْبُ ) ، كالعُصْلُبِ وقد تَقَدَّم .
قضب : ( قَضَبه ، يَقضِبُه ) ، قَضْباً ، من بابِ ضَرَب ، كما في المختار : ( قَطَعَه ، كاقْتَضَبَهُ ، وقَضَّبَهُ ) الأَخير مُشَدَّداً ، ( فانْقَضَبَ ، وتَقَضَّبَ ) : انْقَطَع ، قالَ الأَعْشَى :
ولَبُونِ مِعْزَابٍ حَوَيْتُ فأَصْبَحَتْ
نُهْبَى وآزِلَة قَضَبْتُ عِقَالَها
____________________

(4/47)



في لسان العرب : قال ابْنُ بَرِّيّ : صوابُ إِنشادِهِ : ( قَضَبْتَ عِقالها ) بفتح التّاءِ ، لأَنّه يخاطب الممدوحَ ، والآزِلَة : النَّاقَةُ الضّامِزَة : الّتي لا تَجْتَرُّ ، وكانُوا يَحْتَبِسُون إِبِلَهُم مَخَافَةَ الغارةِ ، فلمَّا صارَت إِليك ، أَيُّها المَمدوحُ ، اتَّسَعَتْ فِي المَرْعَى ، فكأَنَّها كانت معقولةً ، فقَضَبْت عِقَالَها .
واقْتضَبْته من الشيْءِ : اقتطعْته . وفي حديث النّبِيِّ ، صلى الله عليه وسلم أَنَّه ( كان إِذا رَأَى التَّصْلِيبَ في ثَوْبٍ ) ، قَضَبَهُ . قال الأَصمعيُّ : يَعْنِي قَطَعَ مَوْضِعَ التَّصليبِ منه .
ومنهُ قيل : اقْتضَبْت الحديثَ ، إِنّمَا هو انْتَزَعْتُهُ ، واقْتَطَعْتُه ، يقال : هذا شِعْرٌ مُقْتَضَبٌ ، وكِتَابٌ مُقْتَضَبٌ .
واقْتَضَبْتُ الحديثَ والشِّعْرَ : تَعَلَّقتُ به من غير تَهْيِئَةٍ أَو إِعداد له . وفي الأَساس : من المجاز : اقْتضَبَ الكلامَ : ارْتجلَه ، واقتَضَبَ حَديثَهُ : انتزَعَه واقتطَعَه .
وانْقَضَبَ : انقَطَع عن صَحْبِهِ .
وانْقَضَبَ الكَوْكَبُ من مَحلِّه : انْتَهَى ، أَي : انْقَضَّ ؛ قال ذُو الرُّمَّةِ ، يصِفُ ثَوْراً وَحْشِيّاً :
كَأَنَّهُ كَوْكَبٌ في إِثْرِ عِفْرِيَةٍ
مُسَوَّمٌ في سَوادِ اللَّيْلِ مُنْقَضِبُ
( وقُضَابَتُهُ ) أَي الشَّيْءِ ، كصُبَابَةٍ : ( ما اقْتُضِبَ منه ، أَو ) هو ( ما سَقَطَ من أَعالِي العِيدَانِ المُقْتَضَبَةِ ) ، كذا خَصَّه بعضُهم .
وقُضَابةُ الشَّجَرِ : ما يَتساقطُ من أَطْرافِ عِيدانِها إِذَا قُضِبَتْ .
( و ) القَضْبُ : قَضْبُك القَضِيب ، ونَحْوَه .
وقَضَبَ ( فُلاناً ) ، قَضْباً : ( ضَرَبَهُ بالقَضِيبِ ) ، أَي العُودِ ، كما سيأْتي .
( و ) قال اللَّيْثُ : ( القَضْبُ : كُلُّ شَجَرَةٍ طالتْ وبَسطتْ ) ، هاكذا في نسختنا ، وصوابُه : سَبِطَت
____________________

(4/48)


( أَغصانُهَا ) ، بتقديم السِّين على الطّاءِ المُهْمَلَتَينِ .
( و ) القَضْب : اسمٌ يَقعُ على ( ما قَطَعْتَ من الأَغصانِ للسِّهامِ أَو القِسِيِّ ) ، أَي : لاتِّخاذِها ، قال رؤبة :
وفارِجاً من قَضْبِ ما تَقَضَّبَا
تُرِنُّ إِرْناناً إِذا ما أَنْضَبَا
أَراد بالفارِجِ ، القَوْسَ .
( و ) في تفسيرِ الفَرَّاءِ عندَ قولِهِ تعالَى : { فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً وَعِنَباً وَقَضْباً } ( عبس : 27 ، 28 ) ، قال : وأَهلُ مَكَّةَ يُسَمُّونَ ( القَتَّ ) القَضْبَ .
( و ) قال النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ : القَضْب ( شَجَرٌ ، تُتَّخَذُ منه القِسِيُّ ) ، قال أَبو دُوَادٍ :
رَذَايا كالبَلايا أَو
كَعِيدانٍ مِن القَضْبِ
ويُقَال : إِنَّهُ من جِنْس النَّبْعِ .
وقال أَبُو حَنِيفَةَ : القَضْب : شَجَرٌ سُهْلِيٌّ ، يَنْبُتُ في مَجامعِ الشَّجَرِ ، له وَرَقٌ كورَق الكُمَّثْرَى ، إِلاّ أَنَّهُ أَرَقُّ وأَنْعَمُ ، وشَجَرُه كشَجَرِهِ ، وتَرْعَى الإِبِلُ وَوَرَقَهُ وَأَطْرَافَهُ ، فإِذا شَبِعَ مِنه البَعِيرُ ، هَجَرَهُ حِيناً ، وذلك أَنَّهُ يُضَرِّسُهُ ، ويُخَشِّنُ صَدْرهُ ، ويُورِثُهُ السُّعَالَ . كذا في لِسانِ العرب .
( و ) القَضْبُ : الرَّطْبَةُ ، قاله الفَرّاءُ في التّفسيرِ ، وأَنشدَ لِلَبِيدِ :
إِذا أَرْوَوْا بِهَا زَرْعاً وقَضْباً
أَمَالُوها على خُورٍ طِوَالِ
وقيل : هو الفُصافِصُ ، واحدتها قَضْبَةٌ ، وهي ( الإِسْفِسْتُ ) بالفارسية ، كما في الصِّحاح وغيرِهِ ، وهو بالكسر .
( والمَقْضَبَةُ : مَوضِعُهما ) الّذي يَنْبُتَانِ فيه ؛ وفي التَّهذيب : المَقْضَبَةُ :
____________________

(4/49)


مَنْبِتُ القَضْبِ ، ويُجمَعُ مَقاضِبَ ومَقاضِيبَ ، قال عُرْوَةُ بْنُ مُرَّةَ أَخُو أَبي خِراشٍ الهُذَليِّ :
لَسْتُ ابْنَ مُرَّةَ إِنْ لَمْ أُوفِ مَرْقَبَةً
يَبْدُو لِيَ الحَرْثُ منها والمَقَاضِيبُ
( و ) من المَجاز : ( رَجُلٌ قَضّابَةٌ ) ، بالتّشديد ، أَي : ( قَطّاعٌ للأُمور ) مُقْتَدِرٌ عليها .
( والقَضِيبُ ) من الإِبِلِ : الّتي رُكِبَتْ ، ولم تُلَيَّنْ قبلَ ذالك ؛ وقال الجَوْهَرِيُّ : القَضِيبُ : ( النّاقَةُ ) الّتي ( لم تُرَضْ ) ، أَي : لم تُذَلَّلْ ، من الرِّياضةَ ، الذَّكَرُ والأُنْثَى في ذالك سَواءٌ ، أَنشَد ثعلب :
مُخَيَّسَة ذُلاًّ وتَحْسِبُ أَنَّها
إِذا ما بَدَتْ لِلنَّاظِرِينَ قَضِيبُ
يقولُ : هي رَيِّضَةٌ ذَليلةٌ ، ولِعِزَّةِ نَفْسِهَا يَحْسِبُهَا النّاظر لم تُرَضْ ، أَلاَ تَرَاه يقولُ ، بعدَ هاذا :
كَمِثْلِ أَتَانِ الوَحْشِ أَمّا فُؤادُها
فَصَعْبٌ وأَمّا ظَهْرُها فَرَكُوبُ
( و ) القَضِيبُ : ( الذَّكَرُ ) من الحِمَار ، وغيرِهِ . وقال أَبو حاتمٍ : يقالُ لذَكَرِ الثَّوْرِ : قَضِيبٌ وقَيْصُومٌ . وفي التّهذيب : ويُكْنَى بالقَضِيب عن ذَكَرِ الإِنسانِ ، وغيرِه من الحيوان .
( و ) القَضِيبُ : ( الغُصْنُ ) ، وكلُّ نَبْتٍ من الأَغْصانِ يُقْضَبُ ، ( ج ) قُضُبٌ بضمَّتَيْنِ ، و ( قُضْبانٌ ) بالضَّمّ ، ( وقِضْبانٌ ) بالكسر ، وهاذه عن الصّاغانيّ ، وهي لغة مرجوحة ، وقُضْبٌ . الأَخِيرَةٌ اسْمٌ للجَمع .
( و ) القَضِيبُ : ( اللَّطِيفُ من السُّيُوفِ ) .
قال شيخُنَا : والقَضِيبُ ، أَيضاً : سَيْفٌ من أَسيافِه ، صلى الله عليه وسلم
____________________

(4/50)


كما ذكَرَه أَرباب السِّيَرِ قاطبةً ، انتهى . وفي مَقْتَلِ الإِمَامِ الحُسَيْنِ ، رَضِيَ اللَّهُ عنْهُ ( فجعلَ ابْنُ زِيادٍ يَقرَعُ فَمَهُ بقَضِيبٍ ) ، قال ابن الأَثير : أَراد بالقَضِيبِ السَّيْفَ اللَّطِيفَ الدَّقيقِ ؛ وقيل : أَراد العُودَ ، والجَمْعُ : قَوَاضِبُ ، وقُضُبٌ ، وهو ضِدُّ الصَّفِيحَةِ . وفي الأَساس ، من المَجاز : هِنْدِيَّةٌ قُضُبٌ ، شُبِّهَتْ بقَضيبِ الشَّجرِ .
( و ) القَضِيبُ : ( الْقَوْسُ عُمِلَتْ من قَضِيبٍ ) بتَمامِه ، قاله أَبو حنيفَةَ ؛ وأَنشدَ للأَعْشَى :
سَلاجِمُ كالنَّحْلِ أَنْحَى لَها
قَضِيبَ سَرَاءٍ قَلِيلَ الأُبَنْ
( أَو ) هي المصنوعة ( من غُصْنٍ غَيْرِ مَشْقُوقٍ ) .
( و ) القَضِيبُ : ( السَّيْفُ القَطَّاعُ ، كالقاضِبِ ، والقَضَّابِ ) ككِتَاب ( والقَضَّابَةِ ) بزيادة الهاء ، ( والمِقْضَبِ ) بالكسر .
( و ) قال أَبو حنيفَةَ : ( القَضْبَةُ ) هو ( القَضِيبُ ) ، أَي : القَوْسُ المصنوعة من القَضيب كما تقدَّم ؛ وأَنشدَ لِلطِّرِمّاحِ :
يَلْحَسُ الرَّصْفَ لَهُ قَضْبَةٌ
سَمْحَجُ المَتْنِ هَتُوفُ الخِطامْ
( أَوْ ) القَضْبَة : ( قِدْحٌ ) ، بالكسر ، ( من نَبْعَةٍ ، يُجْعَلُ مِنْهُ سَهْمٌ ، ج : قَضْباتٌ ) ، بفتح فسكون ، وقال ابْنُ شُمَيْل : القَضْبَةُ : شَجَرَةٌ ، يُسَوَّى منها السَّهْمُ ، يقال : سَهْمُ قَضْبٍ ، وسَهْمُ نَبْعٍ ، وسَهْمُ شَوْحَطٍ .
والقَضْبَة أَيضاً : الرَّطْبَةُ ، كالقَضْب وقد تقدَّم .
( و ) القَضْبَةُ : ( ما أُكِلَ من النَّباتِ المُقْتَضَبِ غَضّاً ) طَرِيّاً ، وهي الفِصْفِصَةُ ( ج : قَضْبٌ ) ، بفتح فسكون .
____________________

(4/51)



( وأَرْضٌ مِقْضابٌ : تُنْبِتُهُ ) أَي : القَضْبَة ( كَثِيراً . وقد أَقْضَبَ ) المَكَانُ . هاكذا في النُّسَخِ ، وصوابُهُ : وقد أَقْضَبَتْ ، ولم أَجِدْ قَيْدَ الكَثرَة في كتاب من اللّغة ، قالتْ أُخْتُ مُفَصَّصٍ الباهِلِيّةُ :
فَأَفْأْتُ أُدْماً كالهِضابِ وجامِلاً
قَدْ عُدْنَ مِثْلَ عَلاَئِفِ المِقْضابِ
( و ) قال الصاغانيّ : ( القِضْبَةُ ، بالكسر : القِطْعَةُ من الإِبِل ومن الغَنَم ) .
( و ) القِضْبَةُ : ( الخَفِيفُ اللطِيفُ ) الدَّقِيقُ ( من الرِّجَالِ ، والنُّوقِ ) .
( وقَضَبَها يَقْضِبُها ) ، من باب ضَرَبَ : ( رَكِبَهَا قَبْلَ أَنْ تُرَاضَ ، كاقْتَضَبَهَا ) .
وقَضَبَها واقْتَضَبَهَا : أَخَذَهَا من الإِبِلِ قَضِيباً ، فرَاضَها .
واقْتَضبَ فُلانٌ بَكْراً : إِذا رَكِبَه لَيْلَهُ ، قَبْلَ أَنْ يُراضَ . وناقةٌ قَضِيبٌ ، وبَكْرَةٌ قَضِيبٌ ، بغير هاءٍ .
وكُلُّ من كَلَّفْته عَمَلاً قبل أَنْ يُحْسِنَهُ فقد اقتَضَبْتَه ، وهو مُقْتَضَبٌ فيه .
( والمِقْضَبُ ) ، بالكسر : ( المِنْجَلُ ) الّذي يُقْطَعُ به ، ( كالمِقْضابِ ) على القِياس في بابه .
( وقَضَّبَتِ الشَّمْسُ تَقْضِيباً : امْتَدَّ شُعَاعُهَا ) مثلَ القُضْبَانِ ، عن ابنِ الأَعْرَابيّ وأَنشدَ :
فَصَبَّحَتْ والشَّمْسُ لَمْ تُقَضِّبِ
عَيْناً بِغَضْيَانَ ثَجُوجَ المَشْرَبِ
ويُرْوَى : لَمْ تَقَضَّبِ ، ويُرْوَى : ثَجُوجَ العُنْبَبِ . يقولُ : ورَدَتْ والشَّمْسُ لم يَبْدُ لها شُعاعٌ ، إِنّما طَلَعَتْ كأَنَّها تُرْسٌ لا شُعَاعَ لها . والعُنْبَبُ : كَثْرةُ الماءِ وغَضْيَانُ : اسمُ موضعٍ . وقد تقدَّم في قصب .
( كتقضَّبَتْ ) . نَقَلَهُ الصَّاغانيُّ .
( وقَضِيبٌ : وادٍ ) معروفٌ ( باليَمَنِ ، أَو بتِهامةَ ) . وفي لسان العرب : بأَرْضِ قَيْسٍ ، وفيه قَتلَتْ
____________________

(4/52)


مُرَادُ عَمْرَو بْنَ أُمَامَةَ ، وفي ذالك يقولُ طَرَفَةُ :
أَلا إِنَّ خَيْرَ الناسِ حَيّاً وهالِكاً
بِبَطْنِ قَضِيبٍ عارِفاً ومُنَاكِرَا
( و ) قَضِيبٌ : ( رجلٌ من ضَبَّةَ ) ، عن ابْنِ الأَعْرَابيّ ، له حَدِيث ، ضُرِبَ به المَثَلُ في الإِقامة على الذُّلّ ، ( ومنه قَوْلُهم ) :
أَقِيمِي عَبْدَ غُنْمٍ لا تُرَاعِي
مِن القَتْلَى الّتي بِلِوَى الكَثِيبِ
لأَنْتمْ حِينَ جاءَ القَوْمُ سَيْراً
علَى المخْزَاةِ ( أَصْبَرُ مِن قَضِيبِ )
أَي : لم تَطْلُبُوا بِقَتلاكم ، فأَنْتُم في الذُّلِّ كهذا الرَّجُلِ .
( و ) قَضِيبٌ أَيضاً : رجلٌ آخَرُ ، ( تَمَّارٌ بالبَحْرَيْنِ ) ، كان يأْتي تاجِراً ، فيشترِي منه التَّمْرَ ، ولم يكن يُعامِلُ غَيْرَهُ . ( ومنه قولُهُمْ : أَلْهَفُ من قَضِيبٍ ) . قالَ المَيْدانيُّ : أَفْعَلُ من لَهِفَ يَلْهَفُ لَهَفاً ، وليس من التَّلَهُّفِ لاِءَنَّ أَفْعلَ لا يُبْنَى من المنشعبة إِلاَّ شاذّاً . وكان من قِصَّتِه أَنَّه ( اشْتَرَى قَوْصرَّةَ ) ، بتشدِيدِ الرّاءِ ، ( حَشَفٍ ) ، محرَّكةً ، ( وكانَ فيها ) أَي : القَوْصَرَّةِ ( بَدْرَةٌ ) ، له فيها دنانيرُ ، وفي رواية : كِيسٌ له فيه دنانِيرُ كثيرَة ، كان قد أُنْسِيَ رَفْعَه ( فَلَحِقَهُ بائِعُها ) ، فقال له : إِنّك صديقٌ لي ، وقد أَعطَيْتُك تَمْراً غيرَ جَيِّدٍ ، فرُدَّهُ عَلَيَّ ، لأُعَوِّضَكَ الجَيِّدَ . ( فاسْتَرَدَّهَا ) منه ، فرَدَّها له ، ( وكَانَ مَعَهُ سِكِّينٌ ) ، حَمَله ( ليَقْتُلَ به نَفْسَه إِنْ لم يَجِدِ البَدْرَةَ ) ، فَأَخَذَ القَوْصَرَّةَ وَأَخْرَجَ منها البَدْرَة ، فنَثَرَها ، وأَخْرَجَ منها دَنانيرَه ، وقالَ للأَعرابيّ : أَتَدْرِي لِمَ حَمَلْتُ هاذا السِّكّينَ معي ؟ قالَ : لا ، قالَ : لأَشُقَّ بَطني إِنْ لَمْ أَجِدِ الكِيسَ ، ( فَأَخَذَ قَضِيبٌ السِّكِّينَ ) المذكورَ بعدَ أَنْ تَنَفَّسَ ، ( فقَتَلَ به نَفْسَهُ ، تَلَهُّفاً على البَدْرَةِ ) فضربتِ العربُ بهِ المَثَلَ ، وفيه يقولُ عُرْوَةُ بْنُ حِزامٍ :
____________________

(4/53)



أَلاَ لا تَلُومَا لَيْسَ في اللَّوْمِ رَاحَةٌ
وقَدْ لُمْتُ نَفْسِي مِثْلَ لَوْمِ قَضِيبِ
( ) وممَّا يُستدركُ على المُؤَلِّف :
المُقْتَضَبُ من الشِّعْرِ ، وهو : فاعِلاتُ مُفْتَعِلُنْ مَرَّتَانِ ، وإِنّما سُمِّيَ مُقْتَضَباً ؛ لاِءَنَّهُ اقْتُضِبَ مفعولات وهو الجُزْءُ الثّالثُ من البيت ، أَي : قُطِعَ ، وهو البَحْرُ الثّالثَ عَشَرَ من العَرُوضِ ، وبيتُهُ :
أَقْبَلَتْ فَلاَحَ لَهَا
عَارضَانِ كالبَرَدِ
وقَضَّبَ الكَرْمَ ، تَقْضِيباً : قَطَعَ أَغْصَانَهُ وقُضْبَانَه في أَيَّام الرَّبِيع .
وفي الأَساس : وقُضَابَةُ الكَرْمِ والشَّجَرِ : ما يَأْخُذُهُ القاضِبُ انتهى .
وما في فمي قاضِبةٌ ، أَي سِنٌّ يَقْضِبُ شيئاً ، فَيَبِين أَحَدُ نِصْفَيْهِ من الآخَرِ .
ورُوِيَ عن الأَصمَعِيّ : القَضَبُ : السِّهَامُ الدِّقاقُ ، واحدها قَضِيبٌ ، واستدركه شيخُنا ، ولم يَعْزُه . والقُضَّابُ ، كزُنّارٍ : نَبْتٌ ، عن كُراع .
ومن المَجَاز : اقْتَضَبَ البَعِيرَ : اعْتَبَطَه .
ومَلَكَ البُرْدَةَ والقَضِيبَ : اسْتُخْلِفَ . كذا في الأَساس .
قطب : ( قَطَبَ ) الشَّيْءُ ، ( يَقْطِبُ ) ، من باب ضَرَبَ ، ( قَطْباً ، وقُطُوباً ) ، الأَخيرُ بالضَّمِّ ، ( فهو قَاطِبٌ ، وقَطُوبٌ ) كصَبُور .
والقُطُوبُ : تَزَوِّي ما بين العَيْنَيْنِ عندَ العُبُوسِ ، يقال : رأَيتُهُ غَضْبانَ
____________________

(4/54)


قاطِباً ، وهُوَ يَقْطِبُ ما بين عَيْنَيْه قَطْباً وقُطوباً : ( زَوَى ما بَيْنَ عَيْنَيْهِ ) ، وعَبَسَ ، ( وكَلَحَ ) من شَرَابٍ وغيره ، ( كَقَطَّبَ ) تَقْطِيباً .
والمُقَطَّبِ ، كمُعَظَّمٍ ، وكمُحَدِّثٍ ، ومُحْسِنٍ : ما بَيْنَ الحاجِبَيْنِ . وقال أَبو زيدٍ : وفي الجَبينِ المُقَطِّبُ ، وهو ما بَيْنَ الحاجِبَيْنِ . وفي الحديث : ( أَنَّهُ أُتِيَ بنَبِيدٍ فشَمَّه ، فقَطَّبَ ) أَي قَبَضَ ما بَيْنَ عينيه كما يَفْعَلُهُ العَبُوسُ ، ويُخَفَّفُ ، ويُثَقَّلُ . وفي حديث العَبّاسِ : ( ما بالُ قَرَيْشِ يَلْقَوْنَنا بوجوهٍ قاطِبةٍ ) ، أَي مُقَطِّبَة . قال : وقد يجيء فاعلٌ بمعنى مفعول ، كعِيشَةٍ راضيةٍ . قال الأَزْهَرِيُّ والأَحسنُ أَنْ يكون فاعِلٌ على بابه ، من قَطَبَ المخفَّفة . وفي حديث المُغِيرَةِ : ( دَائِمَةُ القُطُوبِ ) ، أَي : العُبُوس .
( و ) القَطْبُ : القَطْعُ ، يقالُ : قَطَبَ ( الشَّيْءَ ) ، يَقْطِبُه ، قَطْباً : ( قَطَعَه ) .
( و ) قَطَبَ الشَّيْءَ ، يَقْطِبُهُ ، قَطْباً ، ( جَمَعَه ) .
وقَطَّبَ ما بين عَيْنَيْهِ . أَي جَمَعَ كذالك ، وقَطَّبَ بينَ عَيْنَيْهِ : أَي جمع الغُضُونَ .
( و ) قَطَبَ ( الشَّرابَ ) ، يَقْطِبُه ، قَطْباً : ( مَزَجَهُ ، كقَطَّبَه ) تَقْطِيباً ، ( وأَقْطَبَهُ ) ، كلُّ ذالك بمعنًى واحِدٍ ، قال ابْنُ مُقْبِلٍ :
أَنَاةٌ كأَنَّ المِسْكَ تَحْتَ ثِيابِها
يُقَطِّبُهُ بالعَنْبَرِ الوَرْدِ مُقْطِبُ
( و ) منه : ( شَرَابٌ قَطِيبٌ ، ومَقْطُوبٌ ) ، أَي : ممزوجٌ .
( و ) قَطَبَ ( فُلاناً : أَغْضَبَهُ ) .
( و ) قَطَبَ ( الإِناءَ : مَلأَهُ ) ، وقِرْبَةٌ مَقطوبة : أَي مملوءَة ، عن اللِّحيانيّ .
( و ) قَطَبَ ( الجُوَالِقَ : ادْخَلَ إِحْدَى عُرْوَتَيْهِ في الأُخْرَى ) عندَ العِكْم ، ( ثمّ ثَنَى وجَمَعَ بينَهُما ) ، فإِنْ لم يُثْنَ ، فهو السَّلْقُ ، قال جَنْدَلٌ الطُّهَوِيُّ :
وحَوْقَلٍ ساعِدُه قَدِ انْمَلَقْ
يَقُولُ قَطْباً ونِعِمَّاً إِنْ سَلَقْ
____________________

(4/55)



ومنه يُقَالُ : قَطَب الرَّجلُ : إِذا ثَنَى جِلْدَةَ ما بَيْنَ عَيْنَيْهِ .
( و ) في التَّهْذيب : القَطْبُ : المَزْجُ ، وذالك الخَلْطُ . وقَطَبَ ( الْقَوْمُ : اجْتَمَعُوا ) ، وكانُوا أَضيافاً فاختلَطوا ( كأَقْطَبُوا ) ، وهم قاطِبُونَ .
( والقُطْبُ ، مُثَلَّثَةَ ) ، والمعروف هو الضَّمُّ ، ولذا اقتصر عليه في المصباح ، وصحَّحَ جماعةٌ التَّثْلِيثَ ، وأَنكره آخَرون ؛ ( و ) القُطُبُ ، ( كعُنُقٍ : حَدِيدَةٌ ) قائِمَةٌ ( تَدُورُ عليها الرَّحَى ، كالقَطْبَةِ ) بالفتح لغة في القُطْب ، حكاها ثعلب . وفي التّهذيب : القُطْبُ القائمُ الّذي تَدورُ عليه الرَّحَى ، فلم يَذْكُرِ الحديدَة . وفي الصِّحاح : قُطْبُ الرَّحَى الّتي تَدُورُ حولَهَا العُلْيا وفي حديث فاطمةَ ، رضيَ الله عنها : ( وفي يَدِهَا أَثَرُ قُطْبِ الرَّحَى ) .
قال ابن الأَثيرِ : هي الحديدةُ المُرَكَّبَةُ في وَسَطِ حَجَرِ الرَّحَى السُّفْلَى ، والجَمْع : أَقطابٌ ، وقُطُوبٌ . قال ابن سِيدَهْ : وأُرَى أَنّ أَقْطَاباً جمعُ قُطُبٍ ، أَي : كعُنُقٍ ، وقُطْبٍ كقُفْلٍ ، وقِطْبٍ بالكسر ؛ وأَنَّ قُطوباً جمع قَطْبٍ ، أَي بالفتح .
( و ) من المجاز : القُطْبُ ، ( بالضم ) فَقَط ؛ وجَوَّزَ بعضٌ فيه التَّثْلِيثَ أَيضاً ، قاله شيخُنا : ( نَجْمٌ ) صَغِيرٌ ( تُبْنَى عليه القِبْلَةُ ) ، قاله ابْنُ سِيدَهْ . وقيل : هو كَوْكَبٌ بين الجَدْيِ والفَرْقَدَينِ ، يَدورُ عليه الفَلَكُ ، صغيرٌ ، أَبيضُ ، لا يبرَحُ مكانَهُ أَبداً ، وإِنّما شُبِّهَ بقُطْبِ الرَّحَى . وهي الحديدة التي في الطَّبَقِ الأَسْفلِ من الرَّحَيَيْنِ ، يَدُورُ عليها الطَّبَقُ الأَعْلَى ، وتَدورُ الكواكبُ على هاذا الكوكبِ . وعن أَبي عَدْنَانَ : القُطْبُ أَبداً وَسَطُ الأَرْبَعِ من بناتِ نَعْشٍ ، وهو كوكبٌ صغيرٌ لا يزولُ الدَّهْرَ ، والجَدْيُ والفَرْقدانِ تدورُ عليه . وفي لسان العرب : ورأَيتُ حاشيةً في نسخة الشَّيْخ ابْنِ الصَّلاحِ المُحَدِّثِ ،
____________________

(4/56)


رَحِمَهُ الله تعالى . قال : القَطْبُ ليس كوكباً ، وإِنّمَا هو بُقْعَةٌ من السماءِ قَرِيبَةٌ من الجَدْيِ . والجَدْيُ : الكَوكبُ الّذِي تُعرَفُ به القِبْلَةُ في البِلاد الشَّمالِيةِ .
( و ) من المَجاز : القُطْبُ بمعنى ( سَيِّدِ القَوْمِ ) ، حِسّاً ومَعْنًى .
( و ) القُطْبُ : ( مِلاَكُ الشَّيْءِ ) .
وصاحِبُ الجَيْشِ : قُطْبُ رَحَى الحَرْبِ .
( و ) قُطْبُ الشيْءِ : ( مَدَارُهُ ) ، يقال : هو قُطْبُ بني فلانٍ ، أَي سَيِّدُهُمُ الَّذي يَدُورُ عليه أَمْرُهُمْ ، وكُلُّ ذالك مَجَازٌ . ( ج : أَقْطَابٌ ) ، كَقُفْلٍ وأَقْفَالٍ ، ( وقُطُوبٌ ) بالضَّمّ ( وقِطَبَةٌ ) بالكسر ( كَفِيلَةٍ ) ، وهاذِهِ عن الصّاغانيّ .
( و ) قُطْبٌ : ( ع بالعَقِيقِ ) من أَوْديةِ المَدِينةِ المُشَرَّفَة ، على ساكنِها أَفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام ؛ ( أَوْ هُوَ ) أَي الموضعُ ( ذُو القُطْبِ ) .
( و ) القُطْبُ من نِصالِ الأَهْدافِ . و ( القُطْبَةُ : نَصْلُ الهَدَفِ ) ، وعن ابْنِ سِيدَهْ : القُطْبَة نَصْلٌ صَغِيرٌ ، قَصِيرٌ ، مُرَبَّعٌ ، في طَرَفِ سَهْمٍ ، يُغْلَى به في الأَهْدَافِ . قال أَبو حنيفةَ : وهو مِن المَرامِي . قال ثعلب : هو طَرَفُ السَّهْمِ الّذِي يُرْمى به في الغَرَض . وعن النَّضْرِ : القُطْبَةُ لا يُعَدُّ سَهْماً ؛ وفي الحديث أَنَّه قال لرافِعِ بنِ خَدِيجٍ ، ورُمِيَ بسَهمٍ في ثُنْدُوَتِهِ : ( إِنْ شِئْتَ نَزَعْتُ السَّهْمَ ، وتَرَكْتُ القُطْبَةَ ، وشَهِدتُ لكَ يومَ القِيَامةِ أَنَّكَ شَهِيدُ القُطْبَةِ ) . والقطْبُ : نَصْلُ السَّهْمِ ، ومنه الحديث : ( فيَأْخُذُ سَهْمَه ، فينظُرُ إِلى قُطْبِهِ ، فلا يَرَى عليه دَماً ) . ومثلَهُ قالَ السُّهَيْلِيُّ والزَّمَخْشَرِيُّ .
( و ) القُطْبُ والقُطْبَة : ضَرْبانِ من ( نَبَاتٍ ) ، وقيل : هي عُشْبَةٌ ، لها ثَمَرَةٌ ، وحَبٌّ مثلُ حَبِّ الهَرَاسِ . وقال اللِّحْيَانِيُّ : هو ضَرْبٌ من الشَّوْكِ ، تَتشعَّبُ منها ثلاثُ شَوْكاتٍ كَأَنَّهَا حَسَكٌ . وقال أَبو حنيفةَ : القُطْبُ
____________________

(4/57)


يَذهَبُ حِبالاً على الأَرْض ولاً ، وله زهرةٌ صفراءُ ، وشَوكةٌ تكون إِذا حُصِدَ ويَبِسَ مُدَحْرَجَةً ، كأَنَّهَا حَصاةٌ . ( ج : قُطَبٌ ) ؛ أَنشد :
أُنْشَبْتُ بالدَّلْو أَمْشِي نحو آجِنَةٍ
مِنْ دُونِ أَرْجائِها القُلاَّمُ والقُطَبُ
ووَرَقُ أَصْلِها يُشْبِهُ وَرَقَ النَّفَلِ والذُّرَق ، والقُطْبُ ثَمَرُهَا .
وأَرْضٌ قَطِبَةٌ : يَنْبُتُ فيها ذالك النَّوعُ من النَّبات .
( وهَرِمُ ) ، كَكَتِف ، ( ابْنُ قُطْبَةَ ) ، ويقال : قُطْنَة ، بالنُّونِ ، ( الفَزارِيُّ ) الصَّحابيّ ، رَضِيَ اللَّهُ عنه ، الَّذي ثَبَّتَ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ وَقْتَ الرِّدَّةِ ، وهو أَيضاً ( نافَرَ إِليه ) أَي : تحاكَمَ ( عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ ) ، سَيِّدُ بني عامِرٍ في الجاهلية ؛ ( وعَلْقَمَةُ بْنُ عُلاثَةَ ) بْنِ عَوْفٍ العامريُّ من الأَشرافِ ومن المُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ .
( والقُطَابَةُ ، بالضَّمِّ : القِطْعَةُ من اللَّحْمِ ) عن كُرَاع ، من : قَطَبَ الشَّيْءَ يَقْطِبُهُ قَطْباً : قَطَعَهُ .
( و ) بلا لامٍ : ( ة بمِصْرَ ) ، سكنها محمّدُ بْنُ سنجر الجُرْجانيُّ بعدَ أَن كَتَبَ بالعِراقِ وتُوُفِّيَ سنة 258 .
( والقِطابُ ، ككِتَاب : المِزاجُ ) فيما يُشْرَبُ ولا يُشْرَبُ ، قاله اللَّيْثُ ، كقول الطّائفِيّة في صَنْعَة غِسْلَةٍ ، قال أَبو فُرْوَةَ : قَدِمَ فَرِيغُونُ بجاريةٍ ، قد اشتراها من الطّائف ، فَصِيحةٍ ، قال : فدَخَلْتُ عليها ، وهي تُعَالِجُ شَيْئاً ، فقلتُ : ما هاذا ؟ فقالت : هاذِه غِسْلَةٌ ، فقلت : وما أَخْلاطُها ؟ فقالت : آخُذُ الزَّبِيبَ الجَيِّدَ ، فأُلْقِي لَزَجَهُ ، وأُلَجِّنُهُ ، وأُعَبِّيهِ بالوَخِيفِ ، وأَقْطِبُهُ . وأَنشد غيرُه :
يَشْرَبُ الطِّرْمَ والصَّرِيفَ قِطاباً
قال : الطِّرْمُ : العَسَلُ . والصَّرِيفُ :
____________________

(4/58)


اللَّبَنُ الحارُّ . قِطاباً : مِزاجاً ، كذا في لسان العرب .
( و ) القَطْبُ : القَطْعُ ، ومنه : قِطَابُ الجَيْبِ .
وهو أَيضاً : ( مَجْمَعُ الجَيْبِ ) ، يقال : أَدخلتُ يَدِي في قِطابِ جَيْبِهِ : أَيْ مَجْمَعِهِ ؛ قال طَرَفَةُ :
رَحِيبٌ قِطَابُ الجَيْبِ منها رَفِيقَةٌ
بِجَسِّ النَّدَامَى بَضَّةُ المُتَجَرَّدِ
يعني ما يَتَضَامُّ من جانِبَيِ الجَيْبِ ، وهو استعارة .
وكُلُّ ذالك من القَطْب الّذي هو الجَمْعُ بينَ الشَّيْئيْنِ .
وقال الفارِسِيُّ : وقِطابُ الجَيْبِ : أَسفَلُهُ .
( و ) القِطَاب : ( ع ، نَقَلَهُ الصّاغانيّ ) .
( والقاطِبُ ، والقَطُوبُ ) ، كصَبُور : ( الأَسَدُ ) ، نقلهُ الصّاغانيُّ ، وكأَنَّه لتَعَبُّسِهِ .
( والقَطِيبُ ) ، كأَمِيرٍ : ( فَرَسُ صُرَدِ بْنِ حَمْزَةَ اليَرْبُوعِيِّ ) ، نقله الصّاغانيّ .
( و ) القُطَيْبُ ، ( كَزُبَيْرٍ : فَرَسُ سابِقِ بْنِ صُرَدٍ ) .
( والقُطَبِيَّةُ ، كعُرَنِيَّةٍ ) ، أَي بضم ففتح فتشديد التّحتيّة : ( ماءٌ ) لِبني زِنْباعٍ ، ( ومنه قَوْلُ عَبِيدٍ ) ، كأَمير ، ابْنِ الأَبْرَصِ :
أَقْفَرَ من أَهْلِهِ مَلْحُوبُ
فالقُطَبِيّاتِ فالذَّنُوبُ
إِنّما أَرادَ بالقُطَبِيَّة هاذا الماءَ ( جَمَعَها بما حَوْلَها ، أَو القُطَّبِيَّات ) بالضَّمّ ( مُشَدَّدةَ الطَّاءِ : جَبَلٌ ) ، خَفَّفَهُ الشَّاعِرُ ، والأَوّلُ هو الصَّوابُ .
( والقُطْبَانُ ، كعُثْمَانَ : نَبْتٌ ) .
( والقِطِبَّى ) بكسرٍ وتشديدِ الثّالثِ ، ( كالزِّمِكَّى : نَبْتٌ آخَرُ ، يُصْنَعُ منه
____________________

(4/59)


حَبْلٌ مُبْرَمٌ ) ، كحبلِ النّارَجِيلِ ، فيَنْتَهِي ثَمَنُهُ مِائَةَ دِينَارٍ عَيْناً ، ( وهوَ خَيرٌ من الكِنْبارِ ) ، بالكسْر ، وسيأْتي في الرّاءِ .
( والقَطَبُ ) ، محرَّكَةً ، ( المَنْهيُّ عنه ) : هو ( أَنْ يَأْخُذَ ) الرَّجُلُ ( الشَّيءَ ، ثم يَأْخُذَ ما بَقِيَ ) من المَتَاعِ ( على حَسَبِ ذالكَ جُزافاً ، بغير وَزْنٍ ، يُعْتَبَرُ فيه بالأَوَّلِ ) ، عن كُراع .
( و ) من المجاز : ( جاؤوا قاطِبَةً ) ، أَي ( جَمِيعاً ) قال سِيبوَيْهِ : ( لا يُسْتَعْمَلُ إِلاّ حالاً ) ، وهو اسْمٌ يَدُلُّ على العُمُوم : قال شيخُنَا : أَي إِلا منصوباً على الحالِيَّة ، وهو الّذي جَزَمَ به أئمّة العربيّة . وصَرَّح به الشَّيْخ ابْنُ هِشامٍ في المُغْنِي ، وغيره ، ومَنَعُوا خِلاَفَهُ ، وصَرَّحُوا بأَنَّهُ لَحْنٌ عامِّيٌّ غير جائز ، وإن حاول الخَفاجِيّ رَدَّهُ ، وجَوازَ استعماله غيرَ حالٍ ، فلا دليلَ له عليه . انتهى . وعن اللَّيْث : قاطبة : اسْمٌ يَجمَعُ كلَّ جِيلٍ من النّاس كقولك : جاءَتِ العَرَبُ قاطِبَةً . وفي حديث عائشةَ ، رضِيَ اللَّهُ عنها : ( لَمَّا قُبِضَ سَيّدُنا رسولُ اللَّهِ ، صلى الله عليه وسلم ارْتَدَّتِ العَرَبُ قاطِبَةً ) ، أَي : جميعُهُمْ . قال ابْنُ الأَثيرِ : هاكَذَا جاءَ في الحديث ، نَكِرَةً منصوبَةً ، غَيْرَ مُضَافةٍ ، ونصبُها على المصدر أَو الحال . وفي التّهذيب : القَطْبُ : المَزْجُ ، وذلك الخَلْطُ ، ومن هاذا يُقالُ : جاءَ القَوْمُ قَاطِبَةً ، أَي : جميعاً مُخْتَلِطاً بعضُهُمْ ببعضٍ .
( وجاؤُوا بقَطِيبَتِهِمْ ) ، أَي : ( بِجَماعَتِهِمْ ) ، من ذلك .
( والقَطِيبَةُ : لَبَنُ المِعْزَى والضَّأْنِ يُقْطَبَانِ ) ، أَي ( يُخْلَطَانِ ) ، وهي النَّخِيسَةُ ، ( أَو لَبَنُ النّاقَةِ والشَّاةِ ) ، يُخْلَطَانِ ويُجْمَعَانِ . وقيل : اللَّبَنُ الحَلِيبُ ، أَو الحَقِينُ ، يُخْلَطُ بالإِهالَة . وقد قَطَبْتُ له قَطِيبَةً فشَرِبَها .
وكلّ ممزوجٍ : قَطِيبَةٌ .
والقَطِيبَةُ : الرَّثِيئَةُ .
____________________

(4/60)



وقُطْبَةُ ، وقُطَيْبَةُ ؛ اسمانِ .
قطرب : ( القُطْرُبُ ، بالضَّمِّ : اللِّصُّ ، والفَأْرَةُ ) . هكذا في نسختنا ، وكذا في غيرها من النُّسَخ ، وهو خَطَأٌ ، صوابُه اللِّصُّ الفارِهُ اللُّصُوصِيَّةِ ، كما هو عبارةُ ابْنِ منظورٍ ، وغيرِهِ .
( و ) القُطْرُب : ( الذِّئْبُ الأَمْعَطُ ) .
( و ) القُطْرُبُ : ( ذَكَرُ الغِيلانِ ) ، وعن اللَّيْث : القُطْرُبُ : ذَكَرُ السَّعَالِي ، ( كالقُطْرُوبِ ) ، بالضَّمّ أَيضاً ، وهاذه عن الصَّاغانِيِّ .
( و ) القُطْرُبُ : ( الجاهِلُ ) الَّذي يَظْهَرُ بجهله .
( و ) القُطْرُبُ : ( الجَبَانُ ) ، وإِنْ كانَ عاقِلاً .
( و ) القُطْرُب : ( السَّفِيهُ ) ، والقَطارِيب : السُّفَهاءُ ، حكاه ابْنُ الأَعْرَابِيّ ، وأَنشدَ :
عادٌ حُلُوماً إِذا طاشَ القَطَارِيبُ
ولم يَذْكُرْ له واحداً . قال ابْنُ سِيدَهْ : وخَلِيقٌ أَن يكونَ واحدُهُ قُطْرُوباً إِلاّ أَنْ يكونَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ أَخَذَ القَطَارِيبَ من هاذا البيت : فإِن كان كذالك ، فقد يكون واحدُهُ قُطْرُوباً ، وغير ذلك ممّا تَثْبُتُ الياءُ في جَمْعِه رابِعَةً ، من هاذا الضَّرْب . وقد يكون جمعَ قُطْرُبٍ ، إِلاّ أَنّ الشَّاعِرَ احتاج فأَثبت الياءَ في الجَمع وقد عُلِمَ ممَّا ذكرنا أَنّ القُطْرُوبَ لغةٌ في القُطْرُبِ بمعنى السَّفِيهِ . والمؤلِّفُ ذَكرَه في القُطْرُبِ بمعنى ذَكَرِ الغِيلانِ .
( و ) القُطْرُبُ : ( المَصْرُوعُ ) من لَمَمٍ أَو مَرارٍ .
( و ) القُطْرُبُ ، في اصطلاح الأَطِبّاءِ : ( نَوْعٌ من المالِيخُولْيَا ) ، وهو
____________________

(4/61)


داءٌ معروف ، يَنْشَأُ من السَّوْداءِ ، وأَكثرُ حُدُوثِهِ في شَهْرِ شُبَاطَ ، يُفسِدُ العَقْلَ ، ويُقَطِّبُ الوَجْهَ ، ويُدِيمُ الحُزْنَ ، ويُهَيِّمُ باللَّيْلِ ، ويُخَضِّرُ الوَجْهَ ، ويُغَوِّرُ العَينينِ ويُنْحِلُ البَدَنَ ، نقله الصّاغانيُّ .
( و ) القُطْرُبُ : ( صِغَارُ الكِلاَبِ ، وصِغَارُ الجِنِّ ) .
( و ) حَكَى ثَعْلَبٌ أَنَّ القُطْرُبَ ( الخَفِيفُ ) ، وقال على إِثْر ذالك : إِنّه لَقُطْرُبُ لَيْلٍ ، فهاذا يدُلُّ على أَنها دُوَيْبَّةٌ ، وليس بصفةٍ كما زعمَ .
( و ) القُطْرُبُ : ( طائرٌ ودُوَيْبَّةٌ ) كانت في الجاهلِيَّة يزعُمونَ أَنّها ليس لها قَرارٌ الْبَتَّةَ . وقال أَبو عُبَيْد : القُطْرُبُ : دُوَيْبّةٌ ، ( لا تَسْتَريحُ نَهارَها سَعْياً ) . وفي حديثِ ابْنِ مسعودٍ : ( لا أَعْرِفَنَّ أَحَدَكُمْ جِيفَةَ لَيْلٍ ، قُطْرُبَ نَهارٍ ) . قال القارِي في ناموسه : يُشَبَّهُ به الرَّجُلُ يَسْعَى نهارَه في حوائجِ دُنْيَاهُ .
قال شيخُنا بعدَ ذِكرِ هاذا الكلامِ : هو مأْخوذٌ من كلامِ سِيبَوَيْهَ ، لابْنِ المُسْتَنِيرِ ؛ وتَقْيِيدُه بحوائِجِ الدُّنْيا ، فيه نَظَرٌ ؛ فإِنه إِنّما كان يُلازِمُ بابَهُ لتحصيلِ العِلْمِ الّذي هو من أَجَلِّ أَعمالِ الآخرةِ ، فالقَيْدُ غيرُ صحيحٍ . انتهى .
قلتُ : وهذا تحامُلٌ من شيخنا على صاحبِ النّاموسِ ، فإِنّه إِنّما اقتطع عِبَارَتَهُ من كلامِ أَبي عُبَيْدٍ في تفسيرِ قولِ ابْنِ عبّاسٍ ، فإِنّهُ قال : يُقَالُ : إِنّ القُطْرُبَ لا تَستَرِيحُ نَهَارَها سعْياً ، فَشَبَّهَ عبدُ اللَّهِ الرّجُلَ يسعَى نَهَاراً في حوائِجِ دُنْياه ، فإِذا أَمْسَى ، أَمْسَى كالاًّ تَعِباً ، فينامُ ليلَتَهُ ، حتّى يُصْبِحَ كالجِيفَة لا تتحرّكُ ، فهاذا جِيفَةُ لَيْلٍ ، قُطْرُبُ نهارٍ .
( و ) قد ( لُقِّبَ به مُحَمَّدُ بْنُ المُسْتَنِيرِ ) النَّحْوِيُّ ( لاِءَنَّهُ كان يُبَكِّرُ ) أَيْ يَذهبُ ( إِلى سِيبَوَيْهِ ) في بُكْرَةِ النَّهَارِ ، ( فكُلَّمَا فَتَحَ بابَهُ ، وَجَدَهُ ) هُنالِكَ ، ( فقال ) له : ( ما أَنْتَ إِلاَّ قُطْرُبُ لَيْلٍ ) ، فجَرَى ذالك لقَباً له .
____________________

(4/62)



والجمعُ من ذلك كُلِّهِ قَطارِيبُ .
( وقَطْرَبَ ) الرَّجُلُ : ( أَسْرَعَ ، وصَرَعَ ) ، لغةٌ في قَرْطَبَ .
( وتَقَطْرَبَ ) الرَّجُلُ : ( حَرَّكَ رَأْسَهُ ، تَشَبَّهَ بالقُطْرُب ) حكاه ثعلبٌ ، وأَنشد :
إِذا ذاقَهَا ذُو الحِلْمِ منهم تَقَطْرَبا
وقيلَ : تَقَطْرَبَ ، هُنَا : صارَ كالقُطْرُبِ الّذي هو أَحد ما تقدَّمَ ذِكْرُهُ .
والقِطْرِيبُ ، بالكسر : عَلَمٌ .
قعب : ( القَعْبُ : القَدَحُ الضَّخْمُ ) ، الغَلِيظُ ، ( الجافِي ) وقيل : قَدحٌ من خَشَبٍ ، مُقَعَّرٌ ؛ ( أَوْ ) هو قَدَحٌ ( إِلى الصِّغَر ) ، يُشَبَّهُ به الحافِرُ ( أَو ) هو قَدَحٌ ( يُرْوِي الرَّجُلَ ) هاكذا في النُّسخ ، ومثلُه في الأَسَاس . وفي لسان العرب : وهو يُرْوِي الرَّجُلَ . قَالَ الشّاعر :
تِلْكَ المَكَاِمُ لا قَعْبَانِ من لَبَنٍ
شِيبَاً بماءٍ فعادَا بَعْدُ أَبْوَالا
( ج ) أَي في القِلَّةِ ( أَقْعَبٌ ) ، عن ابْن الأَعْرَابيّ ؛ وأَنشدَ :
إِذا ما أَتَتْكَ العِيرُ فانْصَحْ فُتُوقَها
ولا تَسْقِيَنْ جارَيْكَ منها بِأَقْعُبِ
( و ) الكَثِيرُ ( قِعَابٌ ، وقِعَبَةٌ ) ، مثلُ جَبْءٍ وجِبَأَة .
قال شَيْخُنا : وظاهرُ الصَّحاح أَنّهُ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيّ على خلاف الأَصل ، وأَنّهُ بالفتح كَكَمْءٍ وكِمَأَةٍ ، ولكنَّهُم صرّحوا بأَنّ هاذا شاذٌّ ، لم يَرِدْ منه غيرُ كَمْءٍ وكِمَأَةٍ وجَبْءٍ وجِبَأَةٍ ، لا ثالثَ لهما . انتهى .
وعن ابن الأَعْرابِيِّ : أَوّلُ الأَقداحِ الغُمَرُ ، وهو الَّذِي لا يُبْلِغُ الرِّيَّ ، ثم القَعْبُ ، وهو قَدْ يُرْوِي الرَّجُلَ ، وقد يُرْوِي الاثنَيْنِ والثَّلاثَةَ ، ثم العُسُّ .
( و ) القَعْبُ ( من الكَلامِ : غَوْرُهُ )
____________________

(4/63)


يقال : هاذا كَلامٌ له قَعْبٌ ، أَي : غَوْرٌ .
( و ) من المَجَاز : ( التَّقْعِيبُ ) ، وهو ( أَنْ يَكُونَ الحَافِرُ مُقَبَّباً ، كالقَعْبِ ) ، يقالُ : حافر مُقَعّبٌ : كأَنَّه قَعْبَةٌ ، لاستدارتِه ، مُشَبَّهٌ بالقَعْب . قال العَجَّاجُ :
ورُسُغاً وحافِراً مُقَعَّبَاً
وأَنشد ابْنُ الأَعْرَابيّ :
يَتْرُكُ خَوّار الصَّفَا رَكُوبَا
بمُكْرَباتٍ قُعِّبَتْ تَقْعِيبَا
( و ) إِيَّاكَ والتَّقْعِيبَ ، وهو ( تَقْعِيرُ الكَلاَمِ ) ، يقال : فلانٌ مُقَعِّب مُقَعِّرٌ ، لِلْمُتَشَدِّقِ ، والذِي يتكلمُ بأَقْصَى حَلْقِهِ ، ويَفتح فاه كأَنّهُ قَعْبٌ . وفي لسان العرب : قَعَّب في كلامه ، وقَعَّر ، بمعنًى واحدٍ .
( و ) من المَجَاز : ( سُرَّةٌ مُقَعَّبَةٌ ) : دَخَلَتْ في البطن وعَلاَ ما حَوْلَها ، فصار موضعُها ( كَقَعْبٍ ) ، بفتح فسكون ، أَي : في تقعيرِها ، هاذا هو الصَّواب . ووُجِدَ في بعض النُّسَخ مَعْزُوّاً للمُصَنِّفِ بضَمَّتَيْنِ ، وهو خطأٌ ، قال الأَغْلَبُ العِجْلِيُّ :
جارِيَةٌ من قَيْسٍ ابْنِ ثَعْلَبَهْ
قَبَّاءُ ذاتُ سُرَّةٍ مُقَعَّبَهح
( والقاعِبُ : الذِّئْبُ الصَّيَّاحُ ) .
( والقَعْبَةُ ) ، بالفتح : ( شِبْهُ حُقَّةٍ لِلْمَرْأَةِ ، أَو حُقَّةٌ مُطْبَقَةٌ للمرأَة ) ، يكون فيها سَوِيقٌ ، ولم يخصِّصْ في المحكم بسَويق المرأَة .
( وقَعْبَةُ العَلَم : أَرضٌ قِبْلِيَّ بُسَيْطَةَ ) ، مُصغّراً ، ويُكَبّرُ : موضع ببادية الشّام ، كما سيأْتي .
( و ) القُعْبَةُ ، ( بالضَّمِّ : نُقْرَةٌ في
____________________

(4/64)


الجَبَلِ ) ، وفي الأَساس ، في المجاز : وحَجَرٌ مُقَعَّبٌ : فيه نُقْرة ، كأَنَّهُ قَعْبٌ .
( و ) قال الصّاغانيّ : ( القَعِيبُ ) ، أَي كأَميرٍ : ( العَدَدُ الكَثِيرُ ) .
( و ) أَمّا قولُهم : ( عُقَابٌ قَعَنْبَاةٌ ) ، بزيادة النون ، فهو ( كَعقَنْباةٍ ) ، وبَعَنْقَاة ، وقد مرّ ما يتعلق به في عقب ، وفي التهذيب في قنع :
بمُقْنَعَاتٍ كقِعَابِ الأَوْرَاقْ
قال : قِعابُ الأَوْراقِ : أَفتاءٌ ، بِيضُ الأَسنانِ .
قعثب : ( القَعْثَبُ ، كجعْفَرٍ ) أَهملهُ الجَوْهريُّ ، وقالَ اللَّيْثُ : هو ( الكَثِيرُ ) من كُلِّ شَيْءٍ ( كالقَعْثَبَانِ ) بالفتح .
( والقُعْثُبان ، بالضَّمِّ : دُوَيْبَّة كالخُنْفَساءِ ) ، تكونُ على النَّبَات . نقله الصَّاغانيّ ، وغيره .
قعسب : ( القَعْسَبةُ ) أَهمَلَهُ الجَوْهَرِيّ ، وقال ابْنُ دُرَيْدٍ وابْنُ القَطّاعِ : هو ( عَدْوٌ شَدِيدٌ ) بفَزَعٍ ، كالكَعْسَبَةِ .
( والقُعاسِبُ بالضَّمِّ : الطَّوِيلُ ) ، نقله الصّاغانيُّ .
قعضب : ( القَعْضَبُ : الضَّخمُ الجَرِيءُ الشَّدِيدُ . و ) قَعضَبٌ : اسمُ ( رجلٍ ) من بني قُشَيْرٍ ، ( كان يَعْمَلُ الأَسِنَّةَ ) في الجاهلية ، إِليه تُنْسَبُ أَسِنّةُ قَعْضَبٍ ، ذكره أَبو عُبَيْدٍ البَكْرِيُّ في شرح أَمالي القالي .
( والقَعْضَبَةُ : الشِّدَّة والاستِئصال ) ، تقول : قَعْضَبَهُ : أَي اسْتَأْصَلَهُ . ( وقَرَبٌ ) مُحَرَّكةً ( قَعْضَبِيٌّ ) : أَي ( شَدِيدٌ ) ، وكذالك خِمْسٌ قَعْضَبِيٌّ : أَي شديدٌ ، عن ابن الأَعْرَابيّ ، وأَنشد :
حَتَّى إِذا مَا مَرَّ خِمْسٌ قَعْضَبِي
ورواهُ يعقوبُ : قَعْطَبِيّ ، بالطّاءِ ، وهو الصَّحِيح . قال الأَزْهَرِيُّ : وكذالكَ قَرَبٌ مُقَعِّطٌ . وسيأْتي .

____________________

(4/65)


قعطب : ( قَعْطَبَهُ ) قَعْطَبةً : أَهملهُ الجَوْهَرِيُّ وقالَ ابْنُ دُرَيْدٍ : أَي ( قَطَعَه ) ، يقال : ضَرَبَهُ فقَعْطَبَه .
( وقَرَبٌ قَعْطَبِيٌّ ) ، وقَعْضَبِيٌّ ، ومُقَعِّطٌ : أَيْ ( شَدِيدٌ ) ، وهو الصَّحِيح كما قالَه يعقُوبُ ؛ وخِمْسٌ قَعْطَبِيٌّ كَخِمْسٍ بَصْباصٍ : لا يُبْلَغُ إِلاّ بالسَّيْر الشَّدِيد .
وقَعْطَبَةُ : حِصْنٌ باليَمنِ .
قعقب : ( القَعْقَبَةُ ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وصاحبُ اللِّسان . وقال الصّاغانيّ : هو ( الجَرْحُ ) ، وهو بعَيْنٍ بينَ قافَيْنِ .
قعنب : ( القَعْنَبُ ) ، كجَعفرٍ : أَهمله الجوهريّ ، وقال اللَّيْثُ : هو ( الشَّدِيدُ الصُّلْبُ ) من كلِّ شَيْءٍ ، ( و ) منه القَعْنَبُ : ( الأَسَدُ ، كالقُعانِبِ فيهما ) ، أَي في المعْنَيَيْن .
( و ) القَعْنَب : ( الثَّعْلَبُ الذَّكَرُ ) ، قال أَسَدُ بْنُ ناعِصَةَ ، ولم تُثْبِتْهُ الرُّواةُ :
وخَرْقٍ تَبَهْنَسُ ظِلْمانُه
يُجَاوِبُ حَوْشَبَهُ القَعْنَبُ
الحَوْشَبُ : الأَرْنَبُ الذَّكَرُ .
( و ) قَعْنَبٌ . اسمُ رَجُلٍ ، هو ( جَدُّ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ ) القَعْنَبِيّ . كذا في النُّسَخ ، والصّوابُ عبدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَة ، وهو الإِمام أَبو عبد الرَّحْمن الحارِثيّ المشهور ، أَحدُ رُوَاةِ المُوَطَّإِ عن مالكٍ ، رَوَى عَنْهُ الشَّيْخَانِ وأَبو داوودَ ، ورَوَى له التِّرْمِذِيُّ والنَّسائِيُّ ، تُوُفِّي سنة 221 .
وقَعْنَبُ بْنُ ضَمْرَةَ الغَطَفانِيّ ، من شُعَرَاءِ الدَّولةِ الأُمَوِيَّة استدرَكَهُ شيخُنا ، نقلاً عن شرح أَمالي القالي وشرح شواهد الشّافية .
قُلْتُ : وفي يربوعِ بْنِ حَنْظَلَةَ : قَعْنَبُ بْنُ عِصْمَةَ بْنِ عُبَيْدٍ ، وقَعْنَبُ بْنُ عتّابِ بْنِ الحارث ، المُلَقَّبُ بالمُبِيرِ ، وفيه يقولُ جَرِيرٌ يفخرُ على الفَرَزْدَق :
قُلْ لِحَفِيفِ القَصَباتِ الجُوفانْ
جِيؤُوا بِمِثل قَعْنَبٍ والعَلْهانْ
____________________

(4/66)



والرِّدفِ عَتّابٍ غدَاةَ السُّوبانْ
أَوْ كَأَبِي حَزْرَةَ سُمِّ الفُرْسَانْ
وما ابْنُ حِنّاءَةَ بالوَغْلِ الْوَانْ
ولا ضَعِيفٍ في لِقاءِ الأَقْرَانْ
( و ) في التَّهْذِيبِ : القُعْنُبُ ، أَي ( بالضَّمِّ : الأَنْفُ المُعْوَجُّ ، وفيه ) أَي الأَنفِ ( قَعْنَبةٌ ) بالفَتْح ، أَي : اعْوِجاجٌ .
( والقَعْنَبَةُ ) : المرْأَةُ ( القَصِيرَة ) .
( وعُقَابٌ قَعْنَبَاةٌ ، كعَقَنْبَاةٍ ) ، وقَعَبْنَاةٌ ، وعَقَبْنَاةٌ ، وبَعَنْقَاةٌ : أَي حديدةُ المَخَالبِ ، وقيل : هي السَّريعةُ الخَطْفِ ، المُنْكَرَةُ .
وقال ابْنُ الأَعْرَابِيّ : كُلُّ ذالك على المُبَالغة ، كما قالوا : أَسَدٌ أَسِدٌ ، وكَلْبٌ كَلِبٌ . وقد تقدم أَيضاً في عقب .
قال ابنُ مَنْظُورٍ : وفي حديثِ عِيسَى بْنِ عُمَرَ : ( أَقْبلْتُ مُجْرَمِّزاً ، حتّى اقْعَنْبَيْتُ بينَ يَدَيِ الحَسَنِ ) اقْعَنْبَى الرجلُ : إِذا جعلَ يَديْه على الأَرْض ، وقَعَدَ مُسْتَوْفِزاً .
ققب : ( القَيْقَبُ : السَّرْجُ ) ، قال الشاعر :
يَزِلُّ لِبْدُ القَيْقَبِ المِرْكاحِ
عَنْ مَتْنِه مِنْ زَلَقٍ رَشّاحِ
فجَعَلَ القَيْقَبَ ، السَّرْجَ نفسَه ، كما يُسَمُّونَ النَّبْلَ ضالاً ، والقَوْسَ شَوْحَطاً . ( و ) القَيْقَبُ عند العَرَب : ( خَشَبٌ ، تُتَّخَذُ ) ، وقال أَبو الهَيْثَم : شَجَرٌ ، تُعْمَل ( مِنْهُ السُّرُوجُ ) ؛ وأَنشدَ :
لَوْلا حِزاماهُ ، ولَوْلاَ لَبَبهْ
لَقَحَّمَ الفارِسَ لَوْلاَ قَيْقَبُهْ
والسَّرْجُ حَتّى قد وَهَى مُضَبِّبُهْ
وهي لِدُكَيْنٍ ، ( كالقَيْقَبانِ فيهما ) عن ابْنِ دُرَيْدٍ ، وفي الأَخِير أَشْهَرُ . قال
____________________

(4/67)


ابْنُ منظورٍ : والقَيْقَبَانُ : شَجَرٌ معروف . قال ابْنُ درَيْدٍ : وهو بالفارسية آزادْدِرَخْتْ .
( و ) القَيْقَبُ : ( سَيْرٌ يَدُورُ على القَرَبُوسَيْنِ ) كِلَيْهِما . وقال ابْنُ دُرَيْد : هو عندَ المُوَلَّدِينَ : سَيْرٌ يَعْتَرِضُ وراءَ القَرَبُوسِ المُؤَخَّرِ .
( و ) القَيْقَبُ : ( الحَدِيدُ الَّذِي في وَسَطِه فَأْسُ اللِّجَامِ ) .
قال الأَزهريُّ : ولِلِّجامِ حَدائدُ قد يَشتبكُ بعضُهَا في بعضٍ ، منها العِضادَتانِ ، والمِسْحَلُ وهو تحت الّذي فيه سَيْرُ العِنان ، وعليه يَسِيل زَبَدُ فَمِه ، ودَمُه ، وفيه أَيضاً فَأْسُهُ ، وأَطرَافُه الحدائدُ النّاتئةُ عندَ الذَّقَن ، وهما رَأْسا العِضادَتَيْنِ ، والعِضادَتانِ : ناحِيَتَا اللِّجامِ .
قال : والقَيْقَبُ : الَّذي في وَسَطِ الفَأْسِ ، وأَنشدَ :
إِنِّيَ من قَوْمِيَ في مَنْصِبٍ
كمَوْضِعِ الفَأْسِ منَ القَيْقَبِ
فجَعَلَ القَيْقَبَ حديدةً في فَأْس اللِّجامِ .
( والقَيْقَابُ : الخَرَزَةُ تُصْقَلُ بها الثِّيابُ ) ، نقله أَبو عَمْرٍ و في ياقُوتِه : القبقاب ، وصَحَّفه الأَزهريُّ فذكره في قيب ، كما مَرَّت الإِشارةُ إِليه .
قلب : ( قَلَبَه ، يَقْلِبُهُ ) ، قَلْباً ، من بابِ ضَرَب : ( حَوَّلَهُ عن وَجهِهِ ، كأَقْلَبَهُ ) . وهاذا عن اللِّحْيَانِيّ ، وهي ضعيفةٌ . وقد انْقَلَبَ . ( وقَلَّبهُ ) مُضَعَّفاً .
( و ) قَلَبَه : ( أَصابَ ) قَلْبَه ، أَي ( فُؤادَهُ ) ، ومثلُهُ عبارةُ غيرِه ( يَقْلُبُه ، ويَقْلِبُهُ ) ، الضَّمّ عن اللِّحْيَانيّ ، فهو مَقْلُوبٌ .
( و ) قَلَبَ ( الشيْءَ : حَوَّلَه ظَهْراً لِبَطْنٍ ) اللامُ فيه بمعنى على ، ونَصَبَ ظَهْراً على البَدَل ، أَي : قَلَبَ ظَهْرَ الأَمْرِ عَلَى بَطنه ، حَتَّى عَلِمَ ما فِيه ،
____________________

(4/68)


( كقَلَّبَه ) مُضَعَّفاً . وتَقَلَّب الشَّيْءُ ظَهْراً لِبَطْنٍ ، كالحَيَّة تَتَقَلَّبُ على الرَّمْضاءِ .
وقَلَبَه عن وَجْهِه : صَرفَه . وحكى اللحيانيّ : أَقْلَبَهُ ، قال : وهي مرغوبٌ عنها .
وقَلَبَ الثَّوْبَ ، والحَدِيثَ ، وكُلَّ شَيْءٍ : حَوَّلَه ؛ وحكى اللِّحْيَانيُّ فيهما أَقْلَبَه ، والمختارُ عندَه في جميع ذالك : قَلَبْتُ .
( و ) الانْقِلابُ إِلى اللَّهِ عَزّ وجلّ : المَصِيرُ إِليه ، والتَّحَوُّلُ .
وقد قَلَبَ ( اللَّهُ فُلاناً إِليه : توَفَّاه ) . هذا كلام العربِ ، وقولُه : ( كأَقْلَبَه ) ، حكاه اللِّحْيَانِيّ ، وقال أَبُو ثَرْوَان : أَقْلَبَكُمُ اللَّهُ مَقْلَبَ أَوْلِيائِهِ ، ومُقْلَبَ أَوْلِيَائِهِ ، فقالها بالأَلف . وقالَ الفَرَّاءُ : قد سَمِعْتُ أَقْلَبَكُم اللَّهُ مُقْلَبَ أَوْلِيائِهِ وأَهْلِ طاعتِهِ .
( و ) قَلَبَ ( النَّخْلَةَ : نَزَعَ قَلْبَها ) ، وهو مَجازٌ ، وسيأْتِي أَن فيه لُغَاتٍ ثلاثةً .
( و ) قَلَبَتِ ( البُسْرَةُ ) تَقْلِبُ : إِذَا ( احْمَرَّت ) .
( و ) عن ابْنِ سِيدَهْ : ( القَلْبُ : الفُؤادُ ) ، مذكَّرٌ ، صرّح به اللِّحْيَانيُّ ؛ أَو مُضْغَةٌ من الفُؤادِ مُعَلَّقَةٌ بالنِّيَاطِ . ثُمَّ إِنَّ كلامَ المُصَنضً يُشيرُ إِلى تَرادُفِهِما ، وعليه اقتصر الفَيُّومِيّ والجوْهَرِيُّ وابْنُ فارِسٍ وغيرُهُمْ ، ( أَوْ ) أَنَّ القَلْبَ ( أَخصُّ منه ) ، أَي : من الفُؤَادِ في الاستعمالِ ، لأَنّه معنًى من المعاني يَتعلَّق به . ويَشهَدُ له حديثُ : ( أَتَاكُم أَهْلُ اليَمَنِ ، هُمْ أَرَقُّ قُلُوباً ، وأَلْيَنُ أَفْئِدَةً ) ، ووصَفَ القُلُوبَ بالرِّقَّةِ ، والأَفئدَةَ باللِّينِ ، لأَنَّهُ أَخصُّ من الفُؤادِ ، ولذالك قالوا : أَصَبْتُ حَبَّةَ قَلْبِهِ ، وسُوَيْدَاءَ قَلْبِه . وقيل : القُلُوبُ والأَفْئدةُ قريبانِ من السَّواءِ ، وكَرَّرَ ذِكْرَهُمَا ، لاختلاف اللّفظينِ ، تأْكيداً .
____________________

(4/69)



وقال بعضُهُم : سُمّيَ القَلْبُ قَلباً لِتَقَلُّبِه ، وأَنشد :
ما سُمِّيَ القَلْبُ إِلاَّ مِنْ تَقَلُّبِهِ
والرَّأْيُ يَصْرِفُ بالإِنسانِ أَطْوارَا
قال الأَزهريُّ : ورأَيتُ بعضَ العربِ يُسمِّي لحمةَ القَلْبِ كُلَّها شَحْمَها وحِجابَها قَلْباً وفُؤاداً . قال : ولم أَرَهُم يَفْرِقُون بينَهمَا . قال : ولا أُنْكِرُ أَنْ يكونَ القلبُ هي العَلَقَةَ السَّوْداءَ في جوفه .
قال شيخُنا : وقيلَ : الفُؤَادُ : وِعاءُ القَلْبِ ، وقيلَ : داخِلُهُ ، وقيلَ : غِشاؤُهُ . انتهى .
( و ) قد يُعَبَّرُ بالقَلْبِ عن ( العَقْلِ ) ، قال الفَرّاءُ في قوله تَعالى : { إِنَّ فِى ذالِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ } ( قلله : 37 ) ، أَي : عَقْلٌ ، قال : وجائزٌ في العربية أَنْ يقولَ : ما لكَ قَلْبٌ ، وما قَلْبُكَ مَعَكَ ، يقولُ : ما عَقْلُكَ معك . وأَيْنَ ذَهَبَ قَلْبُك ؟ أَي : عَقْلُك . وقال غيرُه : لمنْ كانَ لَهُ قَلْب ، أَي : تَفَهُّمٌ وتَدَبُّرٌ .
( و ) عَدَّ ابْنُ هِشَامٍ في شرحِ الكَعْبِيَّةِ من معاني القَلْبِ أَربعةً : الفُؤادَ ، والعَقْلَ ، و ( مَحْض ) ، أَي : خلاصة ( كُلِّ شيْءٍ ) وخِيارُه . وفي لسان العرب : قَلْبُ كُلِّ شَيْءٍ : لُبُّه ، وخالِصُهُ ، ومَحْضُه . تقول : جئتُك بهاذا الأَمرِ قَلْباً : أَي مَحضاً ، لا يَشُوبُه شَيْءٌ . وفي الحديث : وإِنّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْباً ، وَقلْبُ القُرآنِ يللهس .
ومن المَجاز : هو عَرَبِيٌّ قَلْبٌ ، وعَرَبِيَّةٌ قَلْبَةٌ وقَلْبٌ : أَي خالِصٌ . قال أَبو وَجْزَةَ يَصِفُ امْرَأَةً :
قَلُبٌ عَقِيلَةُ أَقْوَامٍ ذَوِي حَسَبٍ
يُرْمَى الْمَقَانِبُ عنها والأَرَاجِيلُ
قال سِيبَوَيْه : وقالُوا : هاذا عَرَبِيٌّ قَلْبٌ وقَلْباً ، على الصِّفَة والمَصْدَر ، والصِّفَةُ أَكْثَرُ ؛ وفي الحديث : ( كانَ عَلِيّ قُرَشِيّاً قَلْباً ) أَي : خالصاً من صَمِيم قُرَيْشٍ . وقيل : أَرادَ فَهِماً فَطِناً ،
____________________

(4/70)


من قوله تعالَى : { لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ } كذا في لسان العرب ، وسيأْتي .
( و ) القَلْبُ : ( مَاءٌ بِحَرَّةِ بَنِي سُلَيْمٍ ) عندَ حاذَةَ .
وأَيضاً : جَبَلٌ ، وفي بعض النُّسَخ هنا زيادةُ ( م ) ، أَي معروف .
( و ) من المَجَاز : وفي يَدِها قُلْبُ فِضَّةٍ ، وهو ( بالضَّمِّ ) ، من الأَسْوَرَةِ : ما كان قَلْداً واحِداً ، ويقولون : سِوارٌ قُلْبٌ . وقيل : ( سِوارُ المَرْأَةِ ) على التَّشْبِيه بقَلْبِ النَّخْلِ في بياضه . وفي الكفاية : هو السِّوارُ يكونُ من عاجٍ أَو نحوِه . وفي المِصباحِ : قُلْبُ الفِضَّة : سِوَارٌ غيرُ مَلْوِيَ . وفي حديثِ ثَوْبانَ : ( أَنّ فَاطِمَةَ ، رَضِيَ الله عنهُما ، بقُلْبَيْن مِن فِضَّة ) ، وفي آخَرَ : ( أَنَّه رأَى في يَدِ عائشةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عنها ، قُلْبَيْنِ ) ، وفي حديثِها أَيضاً في قوله تَعَالى : { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } ( النور : 31 ) ، قالَتْ : القُلْبَ والفَتَخَةَ . ( و ) من المجاز : القُلْبُ : ( الحَيَّةُ البَيْضَاءُ ) ، على التَّشبيهِ بالقُلْبِ من الأَسْوِرَةِ . ( و ) القُلْبُ : ( شَحْمَةُ النَّخْلِ ) ولُبُّهُ ، وهي هَنَةٌ رَخْصَةٌ بَيْضَاءُ ، تُؤْكَلُ ، وهي الجُمّار ، ( أَوْ أَجْوَدُ خُوصِها ) ، أَي : النَّخْلةِ ، وأَشَدّه بَياضاً ، وهو : الخُوصُ الّذي يَلِي أَعلاها ، واحِدَتُه قُلْبَةٌ ، بضمَ فسكون ؛ كُلُّ ذالك قولُ أَبي حنيفةَ . وفي التّهذيب : القُلْبُ بالضَّمّ : السَّعَفُ الَّذي يَطْلُعُ من القَلْب ، ( ويُثَلَّثُ ) ، أَيْ : فِي المعنَيْنِ الأَخيرَيْنِ ، أَي : وفيه ثلاثُ لُغاتٍ : قَلْبٌ ، وقُلْبٌ ، وقِلْبٌ ، و ( ج : أَقْلاَبٌ ، وقُلُوبُ ) .
وقُلُوبُ الشَّجَرِ : ما رَخُصَ من أَجوافِها وعُرُوقها الّتي تقودُهَا . وفي الحديث : أَنَّ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا ، عليهِما السلام ، كانَ يأْكُلُ الجَرَادَ وقُلُوبَ الشَّجَرِ ) ، يَعْنِي : الَّذِي يَنْبُتُ في وَسَطِها غَضّاً طَرِيّاً ، فكان رَخْصاً من البُقُولِ
____________________

(4/71)


الرَّطْبَةِ قَبْلَ أَنْ تَقوَى وتَصْلُبَ ، واحدُها قُلْبٌ ، بالضَّمِّ لِلفَرْق . وقَلْبُ النَّخْلَةِ : جُمّارُها ، وهي شَطْبَةٌ ، بيضاءُ ، رَخْصَةٌ في وَسَطِها عندَ أَعلاها ، كأَنَّهَا قُلْبُ فِضَّةٍ ، رَخْصٌ ، طيّب ، يُسَمَّى قَلْباً لِبَياضِه . وعن شَمِرٍ : يقالُ : قَلْبٌ ، وقُلْبٌ ، لقلب النَّخلة ، ( و ) يجمع على ( قِلَبَةٍ ) أَي : كَعِنَبَةٍ .
( والقُلْبَةُ ، بالضَّمّ : الحُمْرَةُ ) قالَه ابْنُ الأَعْرَابيِّ .
( و ) عَرَبِيَّةٌ قُلْبَةٌ ، وهي ( الخَالِصَةُ النَّسَبِ ) ؛ وَعَرَبِيٌّ قُلْبٌ ، بالضَّم : خالِصٌ ، مثلُ قَلْبِ . عن ابْنِ دُرَيْدٍ ، كما تقدَّمتِ الإِشارةُ إِليه ، وهو مجازٌ .
( والقَلِيبُ : البِئْرُ ) ما كانت . والقَلِيبُ : البِئرُ قَبْلَ أَنْ تُطْوَى ، فإِذا طُوِيَتْ فهي الطَّوِيُّ ، ( أَوِ العادِيَّةُ القَدِيمَةُ منها ) الَّتي لا يُعْلَمُ لها رَبٌّ ولا حافِرٌ ، يكون في البَرَارِيِّ يُذَكَّرُ ( ويُؤَنَّثُ ) ، وقيل : هي البِئرُ القَدِيمة ، مَطْوِيَّةً كانت أَو غيرَ مَطْوِيَّةٍ . وعن ابنِ شُمَيْلٍ : القَلِيبُ : اسْمٌ من أَسماءِ الرَّكِيّ مَطْوِيَّةً أَو غير مَطْوِيّة ، ذات ماءٍ أَو غيرُ ذاتِ ماءٍ ، جَفْرٌ أَوْ غَيْرُ جَفْرٍ . وقال شَمِرٌ : القَلِيبُ اسْمٌ من أَسماءِ البئرِ البَدِيءِ والعادِيَّةِ ، ولا تُخَصُّ بها العادِيَّةُ . قال : وسُمِّيَتْ قَليباً ؛ لأَنّه قُلِب تُرابُها . وقال ابْنُ الأَعرابيّ : القَلِيبُ : ما كان فيه عينٌ ، وإِلاَّ فلا ، ( ج أَقْلِبَةٌ ) ، قال عَنْتَرَةُ يصف جُعَلاً :
كَأَن مُؤشَّرَ العَضُدَيْنِ حَجْلاً
هَدُوجاً بيْنَ أَقْلِبَةٍ مِلاحِ
( و ) جمع الكثيرِ ( قُلُبٌ ) ، بضمّ الأَوَّلِ والثّانِي ، قال كُثَيّرٌ :
وما دامَ غَيْثٌ منْ تِهامَةَ طَيِّب
بها قُلُبٌ عادِيَّةٌ وكِرَارُ
الكِرار : جمعُ كَرَ للحَسْيِ ؛ والعادِيَّةُ : القَديمةُ ، وقد شَبَّه العَجّاجُ بها الجِراحاتِ فقال :
عَنْ قُلُبٍ ضُجْمٍ تُوَرِّي مَنْ سَبَرْ
____________________

(4/72)



وقيل : الجمعُ قُلُبٌ ، في لغة من أَنَّث ، وأَقْلِبَةٌ ، ( وقُلْبٌ ) ، أَي : بضمَ فسُكُونٍ جميعاً ، في لُغَة من ذَكَّرَ ؛ وقد قُلِبَتْ تُقْلَبُ ، هاكذا وفي غيرِ نُسَخٍ ، وفي نسختِنا تقديمُ هاذا الأَخِيرِ على الثاني ، واقتصرَ الجَوْهَرِيُّ على الأَوَّلَيْنِ ، وهما من جُموعِ الكَثْرَة . وأَمّا بسكون اللاَّمِ ، فليس بوزْنٍ مُسْتَقِلَ ، بل هو مُخَفَّفٌ من المضموم ، كما قالُوا في : رُسُلٍ ، بضمَّتَيْنِ ، ورُسْلٍ ، بسكونها أَشار له شيخُنا .
( و ) قال الأُمَوِيُّ : في لغةِ بَلْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ : ( القالِبُ ) ، بالكسر : ( البُسْرُ الأَحْمَرُ ) ، يقال منه : قَلَبَتِ البُسْرَةُ تَقلِبُ إِذا احْمَرَّتْ . وقد تقدَّم . وقال أَبو حنيفَةَ : إِذا تَغَيَّرتِ البُسْرَةُ كلُّهَا ، فهي القالِبُ ، ( و ) القالِبُ بالكَسُر : ( كالْمِثالِ ) ، وهو الشَّيْءُ ( يُفْرَغُ فيهِ الجَواهِرُ ) ، لِيَكُونَ مِثَالاً لِما يُصاغُ منها .
وكذالك قالِبُ الخُفِّ ونحوِه ، دَخِيلٌ ، ( وفَتْحُ لامِه ) ، أَي في الأَخيرة ( أَكْثَرُ ) .
وأَمّا القالِبُ الّذي هو البُسْرُ ، فليس فيه إِلاّ الكسرُ ، ولا يجوز فيه غيرُهُ .
قال شيخُنا : والصَّوَابُ أَنَّهُ مُعَرَّبٌ ، وأَصلُه كالَبٌ ؛ لأَنَّ هاذَا الوَزْنَ ليس من أَوزان العرب ، كالطَّابَق ونحْوِه ، وإِنْ رَدَّهُ الشِّهابُ في شرح الشِّفاءِ بأَنَّهُ غيرُ صحيح ، فإِنَّها دعوَى خاليةٌ عن الدَّليلِ ، وصِيغَتُهُ أَقوَى دليلٍ على أَنَّهُ غيرُ عربِيَ ، إِذْ فاعَلٌ ، بفتح العين ، ليس من أَوزانِ العرَبِ ، ولا من استعمالاتها . انتهى .
( وشاةٌ قالِبُ لَوْنٍ ) : إِذا كانت ( على غَيْرِ لَوْنِ أُمِّها ) ، وفي الحديث : ( أَنَّ مُوسَى لَمَّا آجَرَ نَفْسَهُ مِنْ شُعَيبٍ ، قال لِمُوسَى ، عليهِما الصَّلاةُ والسَّلامُ : لَكَ من غَنَمِي ما جاءَت به قالِب لَوْنٍ . فجاءَت به كُلِّهِ قَالِبَ لَوْنٍ ) تفسيرُهُ في الحديث : أَنَّها جاءَت على غيرِ أَلْوانِ أُمَّهاتِها ، كأَنَّ لَوْنَها قد انْقلب . وفي حديثِ عليَ ، رضيَ اللَّهُ عنه ، في
____________________

(4/73)


صفةِ الطُّيُورِ : ( فمِنْهَا مَغْموسٌ في قالِب لَوْنٍ لا يَشُوبُه غَيْرُ لَوْنِ ما غُمِسَ فيه ) .
( والقِلِّيب : كسِكِّيتٍ ، وتَنُّورٍ ، وسِنَّوْرٍ ، وقَبُولٍ ، وكِتابٍ : الذِّئْبُ ) ، يَمَانِيَةٌ . قال شاعرُهم :
أَيا جَحْمَتَا بَكِّي على أُمِّ واهِب
أَكِيلَةِ قِلَّوْب ببَعْضِ المَذانِبِ
ذكرَه الجَوْهَرِيُّ والصَّغانيّ في كتاب له في أَسماءِ الذِّئب ، وأَغفله الدَّمِيرِيُّ في الحياة .
( و ) من الأَمثال : ( ما بِهِ ) ، أَي : العَليلِ ( قَلَبَةٌ ، مُحَرَّكَةً ) ، أَي : ما به شَيْءٌ ، لا يُسْتعملُ إِلاَّ في النَّفْي ، قال الفَرّاءُ : هو مأْخوذٌ من القُلاَب : داءٍ يأْخُذُ الإِبلَ في رُؤُوسها ، فيَقْلِبُها إِلى فوق ؛ قال النَّمِرُ بْنُ تَوْلبٍ :
أَوْدَى الشَّبَابُ وحُبُّ الخالَةِ الخَلِبَهْ
وقد بَرِئْتُ فما بالقَلْبِ مِنْ قَلَبَهْ
أَي : بَرِئْتُ من داءِ الحُبّ . وقال ابْنُ الأَعْرَابيّ . معناه ليست به عِلّة يُقَلَّبُ لها ، فيُنْظَرُ إِليه . تقولُ : ما بالبَعِير قَلَبَةٌ ، أَي : ليس به ( داءٌ ) يُقْلَب له ، فيُنْظَرُ إِليه . وقال الطّائِيُّ : معناهُ : ما به شَيْءٌ يُقْلِقُهُ ، فيَتَقَلَّب من أَجْلِهِ على فِراشه . ( و ) قال اللَّيْثُ : ما به قَلَبَةٌ ، أَي لا داءَ ، ولا غائلةَ ، ولا ( تَعَب ) . وفي الحديث : ( فانْطَلَق يَمْشِي ، ما بِهِ قَلَبَةٌ ) ، أَي : أَلَمٌ وعِلّةٌ : وقال الفَرّاءُ : معناه ما به عِلَّةٌ يُخْشَى عليه منها ، وهو مأْخوذ من قَوْلِهم : قُلِبَ الرَّجُلُ ، إِذا أَصابَهُ وَجَعٌ في قَلْبِه ، وليس يكاد يُفْلِتُ منه . وقال ابْنُ الأَعْرَابيِّ : أَصلُ ذلك في الدَّوابّ ، أَي : ما بِهِ داءٌ ، يُقْلَبُ به حافِرُهُ . قال حُمَيْدٌ الأَرْقَطُ يَصِفُ فَرَساً :
ولَمْ يُقَلِّبْ أَرْضَها البَيْطارُ
ولا لِحَبْلَيْهِ بها حَبارُ
أَي : لم يَقْلِبْ قوائمَها من عِلّة بها .
____________________

(4/74)


وما بالمَرِيض قَلَبَةٌ : أَي عِلَّةٌ يُقَلَّبُ منها ، كذا في لسان العرب .
( وأَقْلَبَ العِنَبُ : يَبِسَ ظاهِرُهُ ) ، فَحُوِّلَ .
( و ) قَلَبَ الخُبْزَ ونَحْوَهُ ، يَقْلِبُه ، قَلْباً : إِذا نَضِجَ ظاهِرُهُ ، فَحَوَّلَه لِيَنْضَجَ باطنُه . وأَقْلَبَهَا ، لُغَةٌ ، عن اللِّحْيانيّ ، ضعيفةٌ .
وأَقْلَبَ ( الخُبْزُ : حانَ له أَنْ يُقلَبَ ) .
( و ) قَلَبْتُ الشَّيْءَ ، فانْقَلَبَ : أَي انْكَبَّ . وقَلَّبْتُهُ بيَدِي تَقْلِيباً . وكلام مقلوبٌ ، وقد قَلَبْتُهُ فانْقَلَبَ ، وقَلَّبْتُهُ فتَقَلَّبَ .
وقَلَّبَ الأُمورَ : بَحَثَها ، ونَظَر في عَوَاقِبِها .
و ( تَقَلَّبَ في الأُمورِ ) ، وفي البِلادِ : ( تَصَرَّفَ ) فيها ( كَيْفَ شاءَ ) ، وفي التَّنْزِيل العزيز : { فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِى الْبِلاَدِ } ( غافر : 4 ) ، معناه : فلا يَغْرُرْكَ سَلامتُهم في تَصرُّفِهم فيها ، فإِنَّ عاقبةَ أَمرِهم الهلاكُ .
ورَجُلٌ قُلَّبٌ : يَتَقَلَّبُ كيفَ يَشاءُ . ( و ) من المجاز : رَجُلٌ ( حُوَّلٌ قُلَّبٌ ) ، كلاهُما على وزن سُكَّرٍ ، ( و ) كذالك ( حُوَّلِيٌّ قُلَّبِيٌّ ) ، بزيادة الياءِ فيهما ، ( و ) كذالك ( حُوَّلِيٌّ قُلَّبٌ ) ، بحذف الياءِ في الأَخِيرِ ، أَي : ( مُحْتَالٌ ، بَصِيرٌ بتَقْلِيبِ ) ، وفي نسخة : بتَقَلُّبِ ( الأُمُورِ ) . ورُوِيَ عن مُعاوِيَةَ لمّا احْتُضِرَ أَنَّه كان يُقَلَّبُ على فِراشِه في مَرضِه الذي مات فيه ، فقال : إِنَّكم لَتُقَلِّبُونَ حُوَّلاً قُلَّباً ، لَوْ وُقِيَ هَوْلَ المُطَّلَعِ . وفي النِّهاية : إِنْ وُقِيَ كَبَّةَ النَّارِ ، أَي : رَجُلاً عارفاً بالأُمور ، قد رَكِبَ الصَّعْبَ والذَّلُولَ ، وقَلَّبَهُما ظَهْراً لِبَطْنٍ ، وكان مُحْتالاً في أُموره ، حَسَنَ التَّقَلُّب . وقوله تعالى : { تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالاْبْصَارُ } ( النور : 37 ) ، قال الزَّجّاجُ : معناهُ : تَرْجُفُ ، وتَخِفّ من الجَزْعِ والخَوفِ .
( و ) المِقْلَبُ : ( كمِنْبَرٍ : حَدِيدَةٌ تُقَلَّبُ بِها الأَرْضِ ) لاِءَجْلِ ( الزَّرَاعَةِ ) .
( والمَقلوبة : الأُذُنُ ) ، نقله الصّاغانيّ .
____________________

(4/75)



( والقَلَبُ ، مُحَرَّكةً : انْقِلابٌ ) في ( الشَّفَةِ ) العُلْيَا واسْتِرْخَاءٌ ، وفي الصَّحاح : انْقِلابُ الشَّفَةِ ، ولم يُقَيِّدْ بالعُلْيَا ، كما للمؤلِّف . ( رَجُلٌ أَقْلَبُ وَشَفَةٌ قَلْباءُ بَيِّنَةُ القَلَبِ ) .
( والقَلُوبُ ) ، كصَبُورٍ : الرجل ( المُتَقَلِّبُ ) ؛ قالَ الأَعْشَى :
أَلَمْ تَرْوَا لِلْعَجَبِ العَجِيبِ
أَنَّ بَنِي قِلاَبَةَ القَلُوبِ
أُنُوفُهُمْ مِلْفَخْرِ في أُسْلُوبِ
وشَعَرُ الأَسْتاهِ في الجَبُوبِ
( وقُلُبٌ ، بضمَّتَيْن : مِياهٌ لِبَنِي عامِر ) ابْنِ عُقَيْلٍ .
( و ) قُلَيْبٌ ، ( كَزُبَيْرٍ ) : ماءٌ بنَجْدٍ لربِيعةَ .
( وجَبَلٌ لِبَنِي عامرٍ ) ، وفي نسخةٍ : هُنا زيادةُ قولِه : ( وقدْ يُفْتَح ) ، وضَبطَهُ الصّاغانيّ ، كَحُمَيْرٍ ، في الأَول .
( وأَبو بَطْنٍ مِن تَمِيم ) . وفي نسخة : وبَنُو القُلَيْبِ : بَطْنٌ من تَمِيمٍ ، وهو القُلَيْبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ .
قلتُ : وفي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ : القُلَيْبُ بن عَمْرِو بْنِ أَسَد ، منهم : أَيْمَنُ بنُ خُرَيْمِ بْنِ الأَخْرَمِ بْنِ شَدّادِ بْنُ عَمْرو بْنِ الفَاتِكِ بنِ القُلَيْبِ ، الشّاعرُ الفارسُ .
( و ) القُلَيْبُ : ( خَرَزَةٌ لِلتَّأْخِيذِ ) ، يُؤَخَّذُ بِها ، هاذِه عن اللِّحْيَانِيِّ .
( وذُو القَلْبَيْنِ ) : لَقَبُ أَبي مَعْمَرٍ ( جمِيلِ بْنِ مَعْمَرِ ) بْنِ حَبِيبٍ الجُمَحِيّ وقيل : هو جَميلُ بْنُ أَسَدٍ الفِهْرِيُّ . كان من أَحفظِ العربِ ، فقيلَ له : ذُو القَلْبَيْنِ ، أَشار له الزَّمَخْشَرِيُّ . ( و ) يُقَالُ : إِنَّهُ ( فيه نَزَلَتْ ) هاذه الآية : { مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ } ( الأحزاب : 4 ) ، وله ذكرٌ في إِسلامِ عُمَرَ ، رَضِيَ الله عنه ، كانت قُرَيْشٌ تُسَمِّيه هاكذا .
( ورَجُلٌ قَلْبٌ ) ، بفتح فسكون ،
____________________

(4/76)


( وقُلْبٌ ) بضَمّ فسُكون : ( مَحْضُ النَّسَبِ ) خالِصُه ، يستوي فيه المُؤَنثُ والمُذَكَّرُ والجَمْعُ ، وإِن شِئتَ ثَنَّيْتَ وَجَمَعْتَ ، وإِن شِئتَ تَركتَه في حال التَّثْنِيَةِ والجمعِ بلفظٍ واحدٍ ، وقد قدّمتُ الإِشارَةَ إِليه فيما تقدَّمَ .
( وأَبُو قِلابَةَ ، ككِتابَة ) : عبدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الجَرْمِيُّ ، ( تابِعيٌّ ) جليل ، ومُحَدِّثٌ مشهورٌ .
( والمُنْقَلَبُ ) : يستعملُ ( لِلمَصْدَرِ ولِلْمَكانِ ) كالمُنْصَرَف ، وهو مَصِيرُ العِبَادِ إِلى الآخِرَة ، وفي حديثِ دُعاءِ السَّفَرِ : ( أَعُوذُ بك من كَآبَةِ المُنْقَلَبِ ) أَي : الانقلابِ من السَّفَر والعَوْدِ إِلى الوَطَن ، يعني : أَنّه يعودُ إِلى بيته ، فيَرى ما يَحْزُنُه : والانقلاب : الرُّجُوعُ مُطْلَقاً .
( والقُلاَبُ ، كغُرابٍ ) : جَبَلٌ بدِيارِ أَسَدٍ ؛ ( ودَاءٌ للْقَلْبِ ) .
وعِبارَةُ اللِّحْيَانيِّ : داءٌ يأْخُذُ في القَلْب .
( و ) القُلاَبُ : ( داءٌ لِلْبَعِيرِ ) فيَشتكي منه قلْبَه ، و ( يُمِيتُهُ مِنْ يَوْمِهِ ) وقيل : منه أُخِذَ المَثَلُ الماضي ذكرُه : ( ما به قَلَبةٌ ) يُقَالُ : بَعِيرٌ مَقلوبٌ ، وناقةٌ مَقلوبةٌ . قال كُرَاع : وليس في الكلام اسْمُ داءٍ اشْتُقَّ من اسم العُضْوِ ، إِلا القُلابُ من القَلْبِ ، والكُبادُ من الكَبِدِ ، والنُّكَافُ من النَّكَفَتَيْنِ ، وهما غُدَّتَانِ تَكْتَنِفَانِ الحُلْقُومَ من أَصْلِ اللَّحْيِ .
( وقَدْ قُلِبَ ) بالضَّمّ قُلاَباً ، ( فهو مقْلُوبٌ ) ؛ وقيل : قُلِبَ البَعِيرُ قُلاَباً : عاجَلَتْهُ الغُدَّةُ فمات ، عنِ الأَصْمَعيِّ .
( وأَقْلَبُوا : أَصابَ إِبِلَهُمُ القُلابُ ) ، هاذا الدّاءُ بعَيْنِهِ .
( وقُلْبَيْنُ ، بالضَّمّ ) فسكون ففتح الْمُوَحَّدَة : ( ة ، بدِمَشْقَ ، وقد يُكْسَرُ ثالثُهُ ) ، وهي المُوَحَّدَةُ .
( ) ومما بقي على المؤلِّف من ضروريّات المادة :
قَلَب عَيْنَهُ وحِمْلاقَهُ عندَ الوَعِيدِ والغَضَب ، وأَنشدَ :
قالِبُ حِمْلاقَيْهِ قد كادَ يُجَنْ
____________________

(4/77)



وفي المَثَل : ( اقْلِبِي قَلاَبِ ) يُضْرَبُ للرَّجُلِ يَقْلِبُ لِسانَهُ ، فيضَعُهُ حيثُ شَاءَ . وفي حديث عُمَرَ ، رَضِيَ الله عنه : ( بَيْنَا يُكَلِّمُ إِنساناً إِذ انْدَفَعَ جَرِيرٌ يُطْرِيهِ ويُطْنِبُ ، فأَقبلَ عليه فقال : ما تقولُ يا جَرِيرُ ؟ وعرَف الغضبَ في وجهِه ، فقال : ذَكَرْتُ أَبا بكرٍ وفَضْلَهُ ، فقال عُمَرُ : اقْلِبْ قَلاَّبُ ) . وسكت . قال ابن الأَثِيرِ : هذا مَثَلٌ يُضْرَب لِمَنْ يكون منه السَّقْطَةُ ، فيتداركُها ، بأَنْ يَقْلِبها ، عن جِهتها ، ويَصْرِفَهَا إِلى غيرِ معناها ، يريد : اقْلِبْ يا قَلاَّب ، فأَسْقَطَ حرفَ النِّداءِ ، وهو غريبٌ ؛ لأَنّه إِنّما يُحْذَفُ مع الأَعْلاَمِ . ومثلُه في المُسْتَقْصَى ، ومَجْمَعِ الأَمْثالِ لِلمَيْدَانِيِّ .
ومن المَجاز : قَلَبَ المُعَلِّمُ الصِّبْيانَ : صَرَفَهم إلى بُيُوتِهم ، عن ثعلب . وقال غيره : أَرسلَهم ورَجَعَهُمْ إِلى منازِلِهم . وأَقْلَبَهم لغةٌ ضعيفةٌ ، عن اللِّحْيَانيّ . على أَنّه قد قال : إِنَّ كلامَ العربِ في كلِّ ذالك إِنّما هو : قَلَبْتُهُ ، بغيرِ أَلِفٍ : وقد تقدّمتِ الإِشارةُ إِليهِ . وفي حديثِ أَبي هُرَيْرَةَ : ( أَنه كان يُقَالُ لِمُعَلِّمِ الصِّبْيَانِ : اقْلِبْهُمْ ، أَي : اصْرِفْهُمْ إِلى منازلهم . وفي حديث المُنْذِرِ : ( فاقْلِبُوهُ . فقالوا : أَقْلَبْناهُ ، يا رَسُولَ اللَّهِ ) ، قال ابْنُ الأَثِيرِ : هاكذا جاءَ في صحيح مسلم ، وصوابه : قَلَبْنَاهُ .
ويَأْتِي القَلْبُ بمعنى الرُّوحِ .
وقَلْبُ العَقْرَبِ : مَنْزِلٌ من منازلِ القمرِ ، وهو كَوكبٌ نَيِّرٌ ، وبجانِبَيْهِ كوكبانِ . قال شيخُنا : سُمِّيَ به لاِءَنَّه في قلْب العقْرب . قالوا : والقُلُوبُ أَربعة : قَلْبُ العقْرب ، وقلْبُ الأَسَدِ ، وقلبُ الثَّوْرِ وهو الدَّبَرانُ ، وقلبُ الحُوتِ وهو الرِّشاءُ ، ذَكرَهُ الإِمامُ المَرْزُوقيُّ في كتابِ الأَمْكنة والأَزمنة ونقله الطِّيبِيُّ في حواشي الكَشّافِ أَثناءَ ( يللهس ) ، ونَبَّه عليهِ سَعْدِي
____________________

(4/78)


جَلَبِي هُنَاك ، وأَشارَ إِليه الجَوْهَرِيُّ مختصراً ، انتهى .
ومن المَجَازِ : قَلَبَ التّاجِرُ السِّلْعَةَ ، وقَلَّبَهَا : فَتَّشَ عن حَالِهَا .
وقَلَبْتُ المملوكَ عندَ الشِّراءِ ، أَقْلِبُه ، قَلْباً : إِذا كشفْتَهُ ، لتَنْظُرَ إِلى عُيُوبِه .
وعن أَبي زيدٍ : يُقَالُ للبلِيغ من الرِّجالِ : قد رَدَّ قال 2 بَ الكلامِ ، وقد طَبَّقَ المَفْصِلَ ، ووضَعَ الهِناءَ مَوَاضِعَ النُّقْب .
وفي حديثٍ : ( كان نِساءُ بني إِسرائيلَ يَلْبَسْن القَوالِبَ ) جمعُ قالِبٍ ، وهو نَعْلٌ من خَشَبٍ ، كالقَبْقابِ وتُكْسَرُ لامهُ وتُفْتَح . وقيل : إِنَّه مُعَرَّبٌ وفي حديث ابْنِ مسعودٍ : ( كانت المرأَةُ تَلْبَسُ القَالِبَيْنِ ، تَطَاوَلُ بهما ) كذا في لِسان العرب .
وقَلِيبٌ ، كأَمير : قريةٌ بمِصْرَ ، منها الشّيخُ عبدُ السَّلامِ القَلِيبِيُّ أَحَدُ من أَخَذَ عن أَبِي الفَتْحِ الوَاسِطِيّ ، وحفِيدُهُ الشَّمْسُ محمّدُ بْنُ أَحمدَ بْنِ عبدِ الواحدِ بْنِ عبدِ السَّلامِ ، كتب عنه الحافِظُ رِضْوانُ العقبِيّ شيئاً من شِعْرِه .
وقَلْيُوبُ ، بالفتح : قريةٌ أُخرَى بمِصْرَ ، تضافُ إِليها الكُورَةُ .
وهَضْبُ القَلِيبِ ، كأَميرٍ : بِنجْدٍ .
وقُلَّبٌ ، كسُكَّر : وادٍ آخَرُ نَجْدِيٌّ .
وبنو قِلاَبَةَ ، بالكسر : بطْنٌ .
والقِلَّوْبُ ، والقِلِّيبُ كسِنَّوْرٍ ، وسِكِّيت : الأَسَدُ ، كما يُقالُ له السِّرْحانُ . نقله الصَّاغانيُّ .
ومَعَادِنُ القِلَبَةِ ، كعِنَبة : موضعٌ قُرْبَ المدينةِ ، نقله ابْنُ الأَثيرِ عن بعضهم : وسيأْتي في قبل .
والإِقْلابِيَّةُ : ننوعٌ من الرِّيحِ ، يَتضَرَّر منها أَهلُ البحر خوفاً على المَرَاكِب .
قلتب : ( ) ومما يستدرك عليه :
____________________

(4/79)



قلتب . في التّهذيب : قال : وأَمَّا القرْطَبانُ الّذي يقولُه العامَّة لِلّذِي لا غَيْرَةَ له ، فهو مُغَيَّرٌ عن وجْهِهِ .
وعن الأَصْمَعِيّ : القَلْتَبَانُ ، مأْخُوذ من الكَلَبِ ، وهي القِيَادَةُ . والتّاءُ والنُّونُ ، زائدتانِ .
قلطب : ( القَلْطَبانُ ) أَهمله الجوهريّ ، وقال الصاغانيّ : أَصلُها القَلْتَبانُ ، لفظةٌ قديمة عن العَرَب غَيَّرَتْهَا العامَّةُ الأُولَى ، فقالت : القَلْطَبانُ ، وجاءَت عامَّةٌ سُفْلَى فغَيَّرتْ على الأُولَى فقالت : ( القَرْطَبَانُ ) . وهو الدَّيُوثُ ، وقد تقدَّمتِ الإِشارَةُ إِليه .
( ) وممَّا يُسْتَدْرَكُ علَيْه :
قلنب : ابْنُ قُلُنْبَا ، بالضَّمِّ : مُحَدِّثٌ مشهورٌ ، له جزءٌ أَملاه أَبُو طاهرٍ السِّلَفِيُّ في سنة 511 .
قلهب : ( القُلْهُبُ ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وقال اللَّيْثُ : هو ( الرَّجُلُ القَدِيمُ ) ، وفي نسخة : الفَدْمُ ، ( الضَّخْمُ ) .
( والقَلْهَبَةُ : السَّحَابةُ البَيْضَاءُ ) .
( والقَلْهَبانُ : الطَّوِيلُ ) من الرجالِ ، نقله الصَّاغانِيُّ .
قنب : ( القُنْبُ ، بالضَّمّ ) فالسُّكون : ( جِرابُ قَضِيبِ الدّابَّةِ ، أَو ) : وِعَاءُ قَضيبِ كُلِّ ( ذِي الحافِرِ ) هاذا الأَصلُ ، ثمّ استُعمِلَ في غير ذالِك ، ويقال : اضْرِبْ قُنْبَ فَرَسِك تَنْجُ بكَ ، وهو جِرَابُ قَضِيبِهِ ؛ وقُنْبُ الجَمَلِ : وِعاءُ ثِيلِهِ ، وقُنْبُ الحِمَارِ : وعاءُ جُرْدانِهِ .
( و ) القُنْب : ( بَظْرُ المَرْأَةِ ) .
( و ) القُنْبُ : ( الشِّراعُ ) الضَّخمُ ( العَظِيمُ ) من أَعظمِ شُرُعِ السَّفِينةِ ؛ نقله الصّاغانيّ .
( والقَنِيبُ ) ، كأَمِيرٍ : ( السَّحابُ ) المُتكاثِفُ ، وهو مَجَازٌ ، لشَبهِه بما
____________________

(4/80)


بعده ، ( و ) هو ( جَمَاعاتُ ) وفي نسخةٍ : جماعةُ ( النَّاسِ ) ، وأَنشدَ في التَّهذيب :
ولعَبْدِ القَيْسِ عِيصٌ أَشِبٌ
وقَنِيبٌ وجَمَاعات زُهُرْ
( والقِنَّبُ ) ، بالكسر فالتّشديد مع الفتح ( كَدِنَّمٍ ) ، ويأْتي ضَبْطُهُ في مَحلّه ، وأَوْمأَ شيخُنا إِلى أَنّه وَزَنَ المعْلُومَ بالمجهول ، ولو عَكَسَ الأَمرَ كان أَنسبَ : الأَبَقُ ، عَربيٌّ صحيح . كذا في لسان العرب .
والقِنَّبُ بهاذا الضَّبْط ، ( و ) مِثْل ( سُكَّرٍ : نوعٌ ) ، وفي نسخة : ضَرْبٌ ( من الكَتّانِ ) ، وهو الغَلِيظُ الَّذِي تُتَّخَذُ منه الحِبَالُ وما أَشبَهها ؛ والعامّةُ يكسرون النُّون ، وبعضهم يَفْرِقُ بينَهمَا وفي المِصْباح : القِنَّبُ يُؤخذُ لِحاهُ ثُمَّ يُفْتَلُ حِبالاً ، وله لُبٌّ يُسَمَّى الشَّهْدانِجَ . وفي لسان العرب : وقولُ أَبي حَيَّةَ النُّمَيْرِيّ :
فَظَلَّ يَذُودُ مِثلَ الوَقْفِ عِيطاً
سَلاهِبَ مِثْلَ أَدْرَاكِ القِنَابِ
قيلَ في تفسيره : يريد القِنَّبَ ، ولا أَدري أَهي لُغَةٌ فيه ، أَم بَنَى منَ القِنَّبِ فِعَالاً ، كما قالَ الآخَرُ :
من نَسْجِ داوُودٍ أَبِي سَلاّمِ
وأَراد سُلَيْمَانَ ، عليهِما السَّلامُ
( والقُنَّابةُ ) من الزَّرْعِ ، ( كرُمَّانَةٍ ) عَصِيفُهُ عندَ الإِثمار ، والعَصِيف هو ( الوَرَقُ المُجْتَمِعُ ) الّذي يكونُ ( فِيه السُّنْبُلُ ) ، وفي نسخةِ : الوَرَقُ يَجتمع فيهِ السُّنْبُلُ .
( وقد قَنَّبَ ) الزَّرْعُ ( تَقْنيباً ) : إِذا أَعْصَفَ .
( و ) المِقْنَبُ ، ( كمِنْبَرٍ ) : كَفُّ الأَسَدِ ، ويقال : ( مِخْلَبُ الأَسَدِ ) في مِقْنَبِهِ ، وهو الغِطاءُ الّذِي يَسْتُرُه ( كالقِنَابِ ) ككِتَاب ، ( والقُنْبِ ) كقُفْل .
____________________

(4/81)



وقُنْبُ الأَسَدِ : ما يُدْخِل فيه مَخَالبَهُ من يده ، والجمعُ قُنُوبٌ ، ( و ) هو ( المِقْنابُ ) ، بالكسرِ ، وكذالك هو من الصَّقْرِ والبازي .
( و ) المِقْنَبُ : ( وِعَاءٌ ) يكونُ ( للصّائِدِ ) ، أَيْ : مَعَهُ ، يَجْعَلُ فيه ما يَصِيدُه وهو مشهورٌ ، شِبْهُ مِخْلاةٍ أَو خَرِيطَةٍ .
( و ) المِقْنَبُ ( من الخَيْلِ ) : جماعةٌ منه ومن الفُرْسانِ ، وقيلَ : ( مَا بَيْنَ الثَّلاثِينَ إِلى الأَرْبَعِينَ أَو زُهاءُ ثلاثِمَائَةٍ ) وهاذه عن الليث . وقيل : هي دُونَ المائَةِ . وفي حديثِ عَدِيَ : ( كيف بِطَيِّىءٍ ومَقَانِبِها ) . وفي الكفاية : المِقْنَبُ : جَماعةٌ من الخيل تَجْتمعُ للغَارةِ ، وجَمعُهُ : مقَانِبُ ؛ قال لَبِيدٌ :
وإِذَا تَوَاكَلَتِ المَقَانِبُ لَمْ يَزَلْ
بالثَّغْرِ مِنَّا مِنْسَرٌ مَعلُومُ
قال أَبو عَمْرٍ و : المِنْسَرُ : ما بَيْنَ ثلاثينَ فارِساً إِلى أَربعين ، قال ، ولم أَرَهُ وَقَّتَ في المِقْنَبِ شَيْئاً . وفي سجعاتِ الأَساسِ : تقول : هو فارسٌ من فُرْسَانِ العِلْمِ ، كُتُبُهُ كَتَائِبه ، ومَنَاقِبُهُ مَقَانِبُهُ .
( وَقَنَّبُوا ) نحوَ العَدُوِّ ( تَقْنِيباً ، وأَقْنَبُوا ) إِقْناباً ، ( و ) كذالك ( تَقَنَّبُوا ) ، إِذا تَجَمَّعُوا و ( صارُوا مِقْنَباً ) ؛ قال ساعدةُ بْنُ جُؤَيَّةَ الهُذَليُّ :
وأَصْحَابِ قَيْس يَوْمَ سارُوا وقَنَّبُوا
وفي التهْذِيب : وأَقْنَبُوا ، أَي باعدوا في السَّيْرِ .
( والقُنَابَة ، كثُمامَة : أُطُمٌ بالمَدِينَةِ ) على ساكِنها أَفضلُ الصّلاةِ والسّلامِ ، لاِحَيْحةَ بْنِ الجُلاَحِ ، نقَلَهُ الصّاغانيّ هاكذا ، ومرّ له في قبب مثلُ هذا ، ( ويُشدَّدُ ) .
( و ) من المجَاز : ( قَنَبَ فيه : دَخَلَ ) وقَنَبْتُ في بَيْتي : دَخَلْتُ فيه ، كتَقَنَّبْت كذا في الأَساس ، ويقال : اقْنِبْ في هاذا الوَجْهِ ، أَي : ادْخُلْ .
( و ) قَنَبَ ( العِنَبَ : قَطَعَ عَنْه ) ما يُفُسِدُ حَمْلَه . وقَنَّبَ الكَرْمَ : قَطَعَ
____________________

(4/82)


بعضَ قُضْبانِهِ للتّخفيفِ عنه ، واستيفاءِ بعضِ قُوَّتِه ، عن أَبي حنيفَةَ . وقال النَّضْرُ : قَنَّبُوا العِنَبَ ، إِذا ما قَطَعُوا عنه ما ليس يَحْمِل ؛ و ( ما ) قد ( يُؤذِي حَمْلَهُ ) يُقْطَعُ من أَعلاه . قال أَبو منصورٍ : وهاذا حينَ يُقْضَبُ عنه شَكِيرُهُ رَطْباً .
( و ) قَنَبَ ( الزَّهْرُ : خَرَجَ عن أَكْمامِه ) ، وفي نسخةٍ : كِمامِهِ .
( و ) من المجازِ : قَنَبَتِ ( الشَّمْسُ ) تَقْنِبُ ( قُنُوباً : غَابَتْ ) ، فلم يَبْقَ منها شَيْءٌ .
( والقَانِبُ : الذِّئْبُ العَوَّاءُ ) ، أَي الصِّيّاحُ .
( و ) القانِبُ : ( الفَيْجُ المُنْكَمِشُ ، كالقَيْنَابِ ) ؛ والّذي في لسان العرب وغيرِه : أَنّ القَيْنابَ هو الفَيْجُ النَّشِيطُ ، وهو السِّفْسِيرُ .
( وقِنَابُ القَوْسِ ، بالكسر : وَتَرُها ) ، نقله الصَّاغانيُّ .
( و ) قِنابُ الزَّرْعِ : ( الوَرقُ ) المجتمِعُ ( المُسْتَدِيرُ في رُؤوسِ الزَّرْعِ ) ، أَي : السُّنْبُلِ ( أَوَّلَ ما يُثْمِرُ ، ويُضَمُّ ) ، أَي : في هذا الأَخير ، عن الصّاغانيّ ، ولا يَخفَى أَنَّهُ لو ذكرَه عندَ القُنّابَة ، كرُمَّانَةٍ ، كان أَنسبَ ، فإِنّ مَآلَ العِبَارَتَيْنِ إِلى شَيْءٍ واحدٍ ، كما هو ظاهرٌ .
( و ) من المَجاز : ( أَقْنَبَ ) الرَّجُلُ ، إِذا ( اسْتَخْفَى من غَرِيمٍ ) له ، ( أَوْ ) ذِي ( سُلْطَانٍ ) ، نقله الصّاغانيُّ .
( والمَقَانِبُ ) : جَماعةُ الفُرْسَانِ ، و ( الذِّئابُ الضّارِيَةُ ) ، وهاذه عن الصّاغانيّ ، لا واحدَ لهاذه ، أَو جَمْعُ قانِبٍ على غيرِ قِياسٍ .
( و ) قال أَبو حنيفةَ : ( القُنُوبُ ) ، بالضَّمّ : ( بَرَاعِيمُ النَّبَاتِ ، و ) هي
____________________

(4/83)


( أَكِمَّةٌ ) ، جمعُ كِمَ ، ( زَهْرِهِ ) ، فإِذا بَدَتْ ، قيل : أَقْنَبَ .
( وقَنْبَةُ ) ، بفتح فسكونٍ : ( ة بحِمْصِ الأَنْدَلُسِ ) ، وهي إِشْبِيلِيَةُ : لأَنّ أَهْلَ حِمْصَ الّذينَ تَوجَّهُوا إِلى الأَنْدَلُسِ ، سكنوها واتَّخَذُوها وَطَناً ، فسُمِّيتْ باسْمِ بلْدتِهِم .
( و ) قُنُبَّةٌ ، ( بضمتين : ة بِاليَمَنِ ) .
( ) وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
وادٍ قانِبٌ ، إِذا كانَ سَيْلُهُ يَجْرِي من بُعْدٍ .
وقُطِعَ قُنْبُها : إِذا خُفِضَتْ ، وهو مجازٌ .
وأَقْنَبَ : باعَدَ في السَّيْر .
وأُسْدٌ قَوَانِبُ : أَي دَواخِلُ .
قنعب : ( الْقِنَعْبُ كَسِبَطْرٍ ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، والصّاغانيُّ . وفي اللّسان هو ( الرَّغِيبُ ) ، الأَكُولُ ، ( النَّهِمُ ) ، الحَرِيصُ .
قوب : ( *!القَوْبُ : حفر الأَرضِ ) شِبْهَ التَّقْوِيرِ ( *!كالتَّقْوِيبِ ) .*!قُبْتُ الأَرْضَ *!أَقُوبُها ، إِذا حَفَرْتَ فيها حُفْرَةً مُقَوَّرَةً ،*!فانْقابتْ هي .
ابن سِيدَهْ :*!قَابَ الأَرْضَ قَوْباً ، *!وقَوَّبَهَا *!تَقْوِيباً : حَفَرَ فِيهَا شِبْهَ التَّقْوِيرِ . وقدِ *!انْقَابَتْ ،*!وتَقَوَّبَتْ .
( و ) القَوْب : ( فَلْقُ الطيْرِ بَيْضَه ) قابَ فانْقَابَتْ .
( و )*!القُوبُ : ( بالضَّمِّ : الفَرْخُ ) ، ومنه *!-القُوبِيُّ ، كما سيأْتي ، ( *!كالقائِبةِ *!والقَابَةِ ، ج . *!أَقْوَابٌ . و ) من المَجَاز في المَثَلِ : بَرِئَتْ ، أَيْ : ( تَخَلَّصَتْ ،*!قائِبَةٌ من *!قُوبٍ ، أَو : *!قابَةٌ من*!قُوَبٍ ) ، كصُرَدٍ ، كما قَيَّدَهُ الصّاغانيُّ ، ( أَي : بَيْضَةٌ من فَرْخٍ ) ، قاله ابْنُ دُرَيْدٍ . وهاكذا في الصَّحاح ومَجْمَع الأَمثال ، وبه عَبَّر الحَرِيرِيُّ في مقاماته . قال أَبُو الهَيْثَمِ :*!القابَةُ الفَرْخُ ، *!والقُوبُ البَيْضَةُ ، وحُذفتِ الياءُ من
____________________

(4/84)


القابَةِ ، كما حُذِفَتْ من الجَابة ، فَعْلَة بمعنى المفعول كالغَرْفَة من الماءِ ، والقَبْضَةِ من الشَّيْءِ ، وأَشباهِها . ( يُضْرَبُ ) مَثَلاً ( لمن انْفَصَلَ من صاحِبِه ) . قالَ أَعرابيٌّ من بني أَسَدٍ لتاجِر اسْتَخْفَره : إِذا بَلَغْتُ بِكَ مكانَ كذا وكذا ، فَبرِئَتْ قَائِبَةٌ من قُوبٍ ، أَي أَنا بَرِيءٌ من خُفارَتك .
ويقالُ : انْقَضَتْ قَائِبَةٌ من قُوبِهَا ، وانْقضَى*!-قوبِيٌّ من قَاوِبَةٍ ، معناه : أَن الفرْخ إِذا فارَق بيضَته ، لم بَعْد إِليها . وقال :
*! فقائِبَةٌ ما نَحنُ يَوْماً وأَنْتُم
بَنِي مَالِكٍ إِنْ لم تَفِيؤوا*! وقوبُها
يُعاتِبُهُمْ على تَحوُّلِهم بنَسبِهم إِلى اليَمَن ، يقولُ : إِن لم تَرجِعُوا إِلى نَسَبكم ، لم تَعودوا إِليه أَبَداً ، فكانت ثَلْبَةَ ما بيننا وبينكم ، وسُمِّيت البَيْضَةُ قُوباً*! لانْقِيابِ الفَرْخِ عنها .
ووَقعَ في شِعْرِ الكُمَيْتِ :
لَهُنَّ وللمَشِيبِ ومَنْ عَلاَهُ
مِن الأَمْثَالِ قَائِبةٌ وقُوبُ
مَثَّلَ هَرَبَ النِّسَاءِ من الشُّيُوخ بهَربِ القُوب ، وهو الفرْخُ ، من القائِبَة ، وهي الْبَيضة ، فيقول : لا تَرْجِعُ الحسناءُ إِلى البَيضة . وفي حديث عُمَرَ ، رضيَ الله عنه ( أَنَّه نَهَى عن التَّمَتُّعِ بالعُمْرَةِ إِلى الحَجّ ، وقال : إِنّكُم إِنِ اعْتَمَرْتُم في أَشهُرِ الحَجّ ، رأَيْتُمُوهَا مُجْزِئَةً من حجِّكُمْ ، ففَرغَ حَجُّكُمْ ، وكَانَتْ قائِبَةً من قُوبٍ ) ضرب هاذا مثلاً لِخَلاءِ مكَّةَ من المعتمِرينَ سائرَ السَّنَةِ . والمعنى : أَنَّ الفرخَ إِذا اعتمَرُوا في أَشْهُرِ الحجِّ لم يَعودُوا إِلى مَكَّةَ . قال الأَزْهَرِيُّ : وقيل للْبَيضةِ قائبةٌ ، وهي*! مَقُوبَةٌ ، أَراد أَنَّهَا ذاتُ فَرْخٍ ، ويقال : إِنّها*! قَاوبَة إِذا خَرَجَ منها الفَرْخُ ، والفَرْخُ الخارِج
____________________

(4/85)


يُقَال له*! القُوبُ *!-والقُوبِيُّ . هاذه نصوصُ أَئِمّة اللّغةِ في كُتبهم .
ونقل شيخُنا عن أَبي عليّ القالي ما نصُّه : ويقولون : لا والّذي أَخرَجَ قائبةً من قُوبٍ ، يَعْنُونَ فَرْخاً من بَيضةٍ قال : فهاذا مُخالفٌ لِمَا ذكرناه ، وقد اعترضَه أَبو عُبَيْدٍ البَكْرِيُّ ، وقال : إِنَّه قلب .
( *!والمُتَقَوِّب : المُتَقَشِّرُ ) .
( و ) الأَسْوَدُ *!المُتَقَوِّب : هو ( الَّذِي سَلَخَ جِلْدَهُ من الحَيَّاتِ ) .
( و ) المُتَقَوِّبُ : ( مَن تَقَشَّرَ عن جِلْدِهِ الجَرَبُ ) ، وقال اللَّيْث : الجَرَبُ *!يُقَوِّبُ جِلْدَ البعير ، فترى فيه قُوباً قد انجردتْ من الوَبَر ، ( وانْحَلَقَ شَعرُهُ ) عنه ، ( وهي القُوبَةُ ) بالضَّمّ مع تسكين الواو ، ( والقُوَبَة ) ، بتحريك الواو ، وكلاهما عن الفراءِ ، (*!والقُوبَاءُ ،*!والقُوَباءُ ) بالمَدِّ فيهما ، وقال ابْنُ الأَعْرَابيِّ : *!القُوباءُ واحدةُ القُوبَةِ *!والقُوبَةِ . قال ابن سِيدَهْ : ولا أَدري كيف هاذا ، لاِءَنَّ فُعْلَةً وفُعَلَة ، لا يكونانِ جمعاً لفُعْلاءَ ، ولا هما من أَبنية الجَمْع . قال :*!والقُوَبُ جمعُ *!قُوبَةٍ *!وقُوَبَةٍ . قال : وهاذا بَيِّنٌ ، لأَنّ فُعَلاً جمعٌ لِفُعْلَة وفُعَلَةٍ .
( *!وقَوَّبَهُ ) ، أَي : الشَّيْءَ (*!تَقْوِيباً : قَلَعَهُ ) من أَصلِه ، (*!فَتَقَوَّبَ ) : انقلعَ من أَصله ، وتَقَشَّر . ( و ) منه ( القُوبَاءُ والقُوَبَاءُ ) ، وهو ( الَّذِي يَظْهَرُ في الجَسَدِ ويَخْرُجُ عليه ) . وقالَ الجَوْهَرِيُّ : داءٌ معروفٌ ، يَتَقَشَّرُ ويَتَّسِع ، يُعالَجُ بالرِّيقِ : وهي مؤنَّثَةٌ لا تَنصرف ، وجمعُها *!قُوَبٌ ، وقال :
يا عَجَباً لِهاذِه الفَلِيقَهْ
هَلْ تَغْلِبَنَّ القُوَباءَ الرِّيقَهْ
الفَلِيقَة : الدّاهية . والمعنى : أَنَّه تَعَجَّبَ
____________________

(4/86)


من هاذا الحُزاز الخبيب كيف يُزِيلُهُ الرِّيق ، ويقال : إِنّه مختصٌّ بِرِيقِ الصائمِ ، أَو الجائع . وقد تُسَكَّنُ الواوُ منها ، استثقالاً للحركة على الواو ، فإِنْ سَكَّنْتَهَا ، ذَكَّرْتَ وصَرَفْت ، والياءُ فيه للإِلْحاق بقِرْطَاسٍ ، والهمزةُ منقلِبةٌ منها .
وقال الفَرَّاءُ : القُوباءُ تُؤنَّثُ ، وتُذَكّرُ ، وتُحَرَّك ، وتُسَكَّنُ ، فيقال : هذه قُوَباءُ ، فلا تُصْرَفُ في معرفةٍ ولا نكرةٍ ، ويُلْحَقُ بباب فُقَهاءَ ، وهو نادر : وتقولُ في التَّخفِيف : هاذِه قُوباءُ فلا تُصْرَفُ في المعرفة ، وتُصْرَفُ في النَّكِرَة ؛ وتقول : هاذِه قُوباءٌ ، تَنصرف في المعرفةِ والنَّكْرَةِ ، وتُلْحَقُ ببابِ طُومارٍ .
قال ابْنُ السِّكِّيتِ : ( ولَيْسَ ) في الكَلامِ ( فُعْلاءُ ) مضمومةَ الفاءِ ( ساكِنَةَ العَيْنِ ) ممدودةً ، ( غَيرَها ، والخُشَّاءِ ) وهو العَظْمُ النّاتِىءُ وراءَ الأُذُنِ ، قال : والأَصلُ فيهما تحريكُ العينِ خُشَشَاءُ وقُوَباءُ .
قال الجوهريُّ : والمُزَّاءُ عندي مثلُهُما ، فمن قال : قُوَبَاءُ بالتَّحْرِيك قال في تصغيره :*! قُوَيْبَاءُ ؛ ومن سَكَّن ، قال :*!- قُوَيْبِيّ .
قال شيخُنا ، بعدَ هاذا الكلام : قلتُ تصرَّفَ في المُزَّاءِ في بابه تَصَرُّفاً آخَرَ ، فقال : والمُزّاءُ بالضَّمّ : ضَرْبٌ من الأَشْرِبَةِ ، وهو فُعَلاءُ بفتح العين ، فأَدْغَمَ ؛ لاِءَنّ فُعلاءَ ليس من أَبْنيتِهم ، ويقال : هو فُعَّالٌ من المهموز ، وليس بالوَجْه ؛ لأَنّ الاشتقاقَ ليس يدُلُّ على الهمْز ، كما دَلّ على القُرّاءِ والسُّلاَّءِ ؛ قال الأَخْطَلُ يَعِيبُ قَوماً :
بِئْسَ الصُّحَاةُ وبِئسَ الشَّرْبُ شَرْبُهُمُ
إِذا جَرَى فِيهِمُ المُزّاءُ والسَّكَرُ
وهو اسْمٌ للخمْر . ولو كان نعتاً لها ، كان مَزّاءَ ، بالفَتح . وأَمّا
____________________

(4/87)


الخُشّاءُ ، بالخاءِ والشّين المعجمتَينِ ، فأَبقاها على ما ذَكَرَ ، وأَلحقها*! بقُوَبَاءَ ، كما يأْتي في الشِّينِ المُعْجَمَةِ . انتهى .
( *!-والقُوبِيُّ ) ، بالضَّمِّ : ( المُولَعُ ) ، أَي : الحَرِيصُ ( بِأَكْلِ ) الأَقْوَابِ ، وهي ( الفِرَاخُ ) .
( وأُمّ *!قُوبٍ ) ، بالضّمّ : من أَسماءِ ( الدّاهِيَةِ ) .
( و ) عن ابْنِ هانِىءٍ : ( القُوَبُ ) ، أَي : ( كَصُرَدٍ : قُشُورُ البَيْضِ ) ؛ قال الكُمَيْتُ يَصِفُ بيضَ النَّعَامِ :
على تَوَائِمَ أَصْغَى من أَجِنَّتِها
إِلى وَساوِسَ عَنْهَا قابَتِ *!القُوَبُ
قابَتْ : أَي تفَلّقتْ .
( و ) رَجَلٌ مَلِيءٌ*!قُوَبَةً ، ( كَهُمَزَةٍ : المُقِيمُ الثّابِتُ الدّارِ ) ، يقال ذالك للّذي لا يَبْرَحُ من المَنْزِلِ .
( *!والقَابُ : ما بَيْنَ المَقْبِضِ والسِّيَةِ ) ، المَقْبِضُ ، كَمَجْلِسٍ ، والسِّيَةُ ، بالكسر : ما عُطِفَ من جانِبَيِ القَوْس ، ( ولِكُلِّ قَوْسٍ*!قابَانِ ) ، وهما ما بَيْنَ المَقْبِضِ والسِّيَةِ . وقال بعضُهم في قولِهِ عَزَّ وجَلَّ : { فَكَانَ*!قَابَ قَوْسَيْنِ } ( النجم : 9 ) : أَرادَ*!- قَابَي قَوْسٍ ، فَقَلَبَهُ ، وإِليه أَشارَ الجَوْهَرِيُّ .
( و ) القَابُ : ( المِقْدارُ ، كالقِيبِ ) ، بالكَسر . تقول : بَيْنَهُمَا*!قابُ قَوْسٍ ، *!وقِيبُ قَوْسٍ ، وقادُ قوْسٍ ، وقِيدُ قَوْسٍ ، أَيْ : قَدْرُ قَوْسٍ . وقيلَ : قابَ قَوْسَيْنِ : طُولَ قَوسَينِ . وقال الفَرّاءُ : قابَ قَوسينِ ، أَي : قَدْرَ قَوْسَينِ عَرَبِيّتَيْنِ . وفي الحديث : (*!لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُم ، خَيْرٌ من الدُّنْيا وما فيها ) . قال ابْنُ الأَثيرِ :*! القابُ ، *!والقِيبُ ، بمعنى القَدْرِ ، وعَيْنُها واوٌ ، من قولهم :*! قَوَّبُوا في الأَرْضِ ، أَيْ : أَثَّرُوا فيها ، كما سيأْتي . وفي العِنَاية للخَفاجِيّ : قَابُ القَوْسِ ، وقِيبُه : ما بَيْنَ الوَتَرِ ومَقْبِضِهِ . وبَسَطَهُ المفسِّرُونَ في ( النَّجْمِ ) .
( وقَابَ ) الرَّجُلُ ، *!يَقُوبُ ،*! قَوْباً : إِذا ( هَرَبَ . و ) قابَ أَيضاً : إِذا ( قَرُبَ )
____________________

(4/88)


نَقلَهما الصّاغانيّ ، فَهُما ( ضِدٌّ ) .
( *!واقْتابَهُ : اخْتَارَهُ ) .
( و ) يقال ( *!قَوَّبْتُ الأَرْضَ ) ، أَي : ( أَثَّرْتُ فِيها ) بالوطْءِ ، وَجَعَلْتُ في مَساقيها عَلاَماتٍ ، وقد تقدّمتِ الإِشارةُ إِليهِ من كلامِ ابْنِ الأَثيرِ ؛ وأَنشدَ :
به عَرَصَاتُ الحَيِّ قَوَّبْنَ مَتْنَهُ
وجَرَّدَ أَثْبَاجَ الجَرَاثِيمِ حاطِبُهْ
*! قَوبن متْنه : أَي : أَثَّرْنَ فيه بمَوْطِئهِم ومَحَلّهم . قال العَجّاجُ :
من عَرَصَاتِ الحَيِّ أَمْسَت*!ْ قُوَّبَا
أَيْ : أَمستْ*! مُقَوَّبَةً ( *!وَتَقَوَّبَتِ البَيْضَةُ ) ، أَي : ( *!انْقابَت ) ، وهُما بمعنًى ، وذالك إِذا تَفَلَّقتْ عن فَرْخِها .
( ) وممّا لم يذكُرْهُ المُؤَلِّفُ :
ويُقَال :*! انْقابَ المَكَانُ ،*! وتقَوَّبَ ، إِذا جُرِّدَ فيه مواضِعُ من الشَّجَرِ والكَلإِ .
*! وقَوِبَ من الغُبَارِ ، أَي اغْبَرَّ ، وهاذا عن ثعلب .
*!والمُقَوَّبَةُ من الأَرَضِينَ : الّتي يُصيبُهَا المَطَرُ ، فيَبْقَى في أَماكنَ منها شَجَرٌ كان بها قَديماً . حكاه أَبو حنيفةَ .
وفي الأَساس : *!وقَوَّبتِ النّازِلُونَ الأَرْضَ : أَثَّرَتْ . وفي رأْسه وجِلْدِه *!قُوَبٌ ، أَي : حُفَرٌ .
ومن المَجَاز : *!انْقابت بَيْضةُ بَني فلانٍ عن أَمْرِهم : بَيَّنُوهُ ، كأَفرَخَتْ بَيضتُهم . انتهى .
قهب : ( القَهْبُ : الأَبْيَضُ عَلَتْهُ كُدْرَة ) وقيل : الأَبْيَضُ ، وخَصَّ بعضُهم به الأَبيَضَ من أَولادِ المَعْزِ والبَقَرِ ، يقالُ : إِنّه لَقَهْبُ الإِهَابِ ، وقُهابُه ، وقُهَابِيُّه ، وسيأْتِيانِ . ( ولَوْنُهُ القُهْبَةُ ) ، بالضَّمِّ . قال الأَصمَعيُّ : هو غُبْرَةٌ إِلى سَوادٍ . والأَقْهَبُ : الّذي يَخْلِطُ بَياضَهُ حُمْرَةٌ . وقيلَ : الأَقْهَبُ : الّذي فيه حُمرةٌ إِلى غُبْرَةٍ ، قاله ابْنُ
____________________

(4/89)


الأَعْرَابِيِّ ، قال : ويُقالُ : هو الأَبْيَضُ الكَدِرُ ، وأَنشد لامْرِىءِ القَيْسِ :
كَغَيْثِ العَشِيِّ الأَقْهَبِ المُتَوَدِّقِ
وقيلَ : الأَقْهَبُ : ما كان لونُهُ إِلى الكُدْرَةِ مع البياضِ للسَّوَادِ .
( وقد قَهِبَ ، كَفَرِحَ ) قَهَباً ، ( وهي قَهِبَةٌ ) ، كفَرِحَةٍ ، لا غيرُ . وفي الصَّحاح : وقَهْباءُ أَيضاً .
( و ) القَهْبُ : ( الجَبَلُ العَظِيمُ ) ، وقيلَ : الطَّوِيل ، وجمعُهُ قِهَابٌ ، وقيلَ : القِهَابُ : جِبالٌ سُودٌ ، يُخالِطُها حُمرةٌ .
( و ) القَهْبُ : ( الجَمَلُ ) العَظِيمُ ، عن أَبي عَمْرٍ و ، وقال غيرُهُ : القَهْبُ من الإِبِل بَعْدَ البازِل . والقَهْبُ : ( المُسِنُّ ) ، قال رُؤْبَةُ :
إِنَّ تَمِيماً كان قَهْباً مِنْ عادْ
أَرْأَسَ مِذْكَاراً كَثِيرَ الأَوْلاَدْ
أَي : قديمَ الأَصْلِ عادِيَّهُ يقالُ للشيخ إِذا أَسَنَّ : قَحْرٌ ، وقَهْبٌ ، وقَحْبٌ .
( والأَقْهَبَان : الفِيلُ والجَامُوسُ ) ، كلُّ واحدٍ منهما أَقْهَبُ ، لِلَوْنِهِ . وفي الأَساس : سُمِّيَا به لِعِظَمِهِما ، قال رُؤْبَةُ يَصِفُ نفسَه بالشِّدَّة :
لَيْثٌ يَدُقُّ الأَسَدَ الهَمُوسَا
والأَقْهَبَيْن الفِيلَ والجامُوسَا
( والقُهَابُ ، والقُهَابِيُّ ، بضمِّهما : الأَبْيَضُ ) . قال الأَزهريُّ : يقال : إِنَّهُ لَقَهْبُ الإِهابِ ، وإِنَّهُ لَقُهَابٌ ، وقُهابِيٌّ ؛ وقد تقدّم الإِيماءُ إِليه .
( والقَهْبِيُّ ، بالفتح : اليَعْقُوبُ ) ، وهو الذَّكَرُ من الحَجَلِ ، قاله اللَّيْثُ ؛ وأَنشد :
فأَضْحَتِ الدّارُ قَفْراً لا أَنِيسَ بِها
إِلاّ القِهادُ مع القَهْبِيِّ والحَذَفُ
( والقُهَيْبَةُ ) ، مُصَغَّراً ، كذا في نسختنا . وفي لسان العرب : والقُهَيْبُ ، بحذف الهاءِ . وفي أُخْرَى من نسخ القاموس : القُهْبِيَّةُ ، بضمّ القاف
____________________

(4/90)


وسكون الهاءِ وكسر الموَحَّدة وتشديد التّحْتِيَّة : ( طائرٌ ) ، يكونُ بتِهامَةَ ، فيه بياضٌ وخُضرةٌ ، وهو نوع من الحَجَل .
( والقَهْوَبَةُ ، والقَهَوْباةُ ) ، مثال رَكُوبَةٍ ورَكُوباةٍ : ( نَصْلٌ ) من نِصال السِّهامِ ( لَهُ شُعَبٌ ثَلاثٌ ) ، ورُبَّما كانت ذاتَ حَدِيدَتَيْنِ ، تنضمّانِ أَحياناً ، وتَنفرجانِ أُخرَى . قال ابْنُ جِنِّي : حكى أَبو عُبَيْدَةَ : القَهَوْبَاةُ ، أَي بفتح الهاءِ وبالهاءِ . قُلْتُ : ومثله لاِبْنِ دُرَيْدٍ في باب النَّوادر . وقال : هو العريضُ من النِّصال . ( أَو سَهْمٌ صَغِيرٌ مُقَرْطَسٌ ) ، والجمعُ قَهُوباتٌ . قال الأَزْهَرِيُّ : هاذا هو الصَّحيح في تفسير القَهُوبَةِ ، ( و ) قد قال سِيبَوَيْه : ( لَيْسَ ) في الكلام ( فَعَوْلَى غَيْرها ) وهو بفتح الفاءِ والعينِ وآخرُه ياءُ تأْنيث ، هكذا في النُّسَخ الصَّحيحة . ومثلُهُ في لسان العربِ ، وغيرِه . ووَهِمَ شيخُنا فصوَّبَ ضَمَّ الفاء ، وخَطَّأَ مَنْ فَتَحَها . وفي لسان العرب ، بعدَ نَقْلِ كلامِ سيبويه : وقد يُمْكن أَنْ يُحْتَجَّ له فيُقَال : قد يُمْكِنُ أَن يأْتي مع الهاءِ ما لولا هي لما أَتى ، نحو : تَرْقُوَةٍ وحِذْرِيَةٍ انتهى .
( وأَقْهَبَ عن الطَّعامِ : أَمْسَكَ ، ولم يَشْتَهِ ) ، نقله الصّاغانيُّ .
قهزب : ( القَهْزَبُ : كجَعْفَرٍ ) : أَهمله الجوهريُّ ، وقالَ الصّاغانِيّ : هو ( القَصِيرُ ) من الرِّجَالِ .
قهقب : ( القَهْقَبُ ، كجَعْفَرٍ وقَهْقَرٍ ) ، أَي : بتشدِيدِ آخِرِهِ ، هاكذا في النُّسَخ . وقد أَهمله الجَوْهَرِيُّ . وقال أَبو عَمْرٍ و : القَهْقَبٌّ ، والقَهْقَمٌّ ، أَي : بتشديدِ آخرِهما ، كما قيّده الصاغانيُّ مُجَوِّداً : الجَمَلُ ( الضَّخْمُ ) ، وقد مَثَّل به
____________________

(4/91)


سِيبَوَيْه ، وفَسَّره السِّيرافيُّ أَيضاً هكذا . قال رُؤبَةُ :
ضَخْمَ الذَّفَارَى جَسْرَباً قَهْقَباً
وقد يُخَفَّفُ ، وهو المرادُ من قول المُصَنِّفِ : كجَعفر ؛ قال رُؤْبَةُ أَيضاً :
أَحْمَسَ وَقَّاعاً هِقَبّاً قَهْقَبَاً
وقيلَ : هو الضَّخْمُ ( المُسِنُّ ) ، وقيل : الضَّخْمُ الطّويلُ ( و ) قال ابن الأَعْرَابيّ : القَهْقَبُ ، ( كجَعْفَرٍ : الطَّويلُ ) ، الضَّخْمُ ، ( الرَّغيبُ ) ؛ وقد يُشَدَّدُ .
( و ) قال ابن الأَعْرَابيِّ أَيضاً : القَهْقَبُ ، بالتَّخْفيف : ( الباذِنْجَانُ ) ، كالكَهْكَبِ .
وفي المُحْكَم : القَهْقَبُ : الصُّلْبُ الشَّدِيدُ .
قهنب : ( القَهَنَّبُ ، كشَمَرْدَلٍ ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وصاحبُ اللسانِ : وقال أَبو زِيادٍ : هو ( الطَّوِيلُ الأَجْنَأُ ) ، وأَنشدَ :
بِئسَ مَظَلُّ العَزَبِ القَهَنَّبِ
ماتِحةٌ ومَسَدٌ من قِنَّبِ
( أَو الطَّوِيلُ ) مطلقاً ، ( كالقَهَنْبَانِ ) قال شيخُنا : صَرّحَ أَبو حَيّان وغيرُهُ بأَنّ نونَها زائدةٌ .
( والمُقَهْنِبُ : الدّائمُ على الماءِ ) ، نقله الصّاغانيُّ .
2 ( فصل الكاف مع الموحدة ) 2
كأَب : (*!الكَأْبُ ) ، بالفتح ، كالضَّرْب (*! والكَأْبَةُ ، *!والكَآبَةُ ) ، كالنَّشْأَةِ والنَّشاءَةِ : ( الغَمُّ ، وسُوءُ الحالِ ، والانْكِسَارُ من حُزْنِ ) :
(*! كَئِبَ ، كسَمِعَ ) ، *!يَكْأَبُ ، *!كَأْباً ،*! وكَآبَةً : (*! واكْتَأَبَ ) ، *!اكتِئاباً : حَزِنَ ، واغْتَمَّ ، وانْكَسَر ، ( فهو*! كَئِبٌ ) كفَرِحٍ ، ( *!وكَئيبٌ ) كَأَمِيرٍ ، ( *!ومُكْتَئِبٌ ) وفي الحديث : ( أَعُوذُ بِكَ مِنْ *!كآبَةِ المُنْقَلَبِ ) ، المعنى : أَنَّهُ يَرْجِعُ من سَفرِه
____________________

(4/92)


بأَمْرٍ يَحْزُنُهُ ، إِمَّا أَصابَهُ من سَفرِه ، وإِمَّا قَدِمَ عليه ، مثلُ أَنْ يَعُودَ غَيْرَ مَقْضِيِّ الحاجَةِ ، أَو أَصابَتْ ما لَهُ آفَةٌ ، أَو يَقْدَمَ على أَهْلِهِ فيَجِدَهُمْ مَرْضَى ، أَو فُقِدَ بعضُهم .
وامْرَأَةٌ*! كَئِيبةٌ ، *!وكَأْباءُ أَيضاً ؛ قال جَنْدَلُ بْنُ المُثَنَّى :
عَزَّ على عَمِّكِ أَنْ تَأْوَّقِي
أَوْ أَنْ تبِيتِي لَيْلَةً لم تُغْبَقِي
أَوْ أَنْ تُرَى*! كَأْباءَ لم تَبْرَنْشِقِي
الأَوْقُ : الثِّقَلُ والغَبُوقُ : شُرْبُ العَشِيِّ . والابْرِنْشاقُ : الفَرَحُ والسُّرُورُ .
(*! وأَكْأَبَ ) ، كَأَكْرَمَ : ( حَزِنَ ) ، أَو دخَلَ في*! الكَآبة ، أَي : الحُزْنِ ، أَو تَغَيُّرِ النَّفْسِ بالانكسار من شِدَّةِ الهَمّ .
( و )\*! أَكْأَبَ : ( وَقَع في هَلَكَةٍ ) ؛ وأَنشد ثعلب :
يَسِيرُ الدَّلِيلُ بها خِيفَةً
وما*! بِكَآبَتِهِ مِنْ خَفاءْ
فسّرَهُ فقالَ : قد ضَلَّ الدَّليل ، بها . قالَ ابْنُ سِيدَهْ : وعندي أَنَّ الكآبَةَ ها هُنا الحُزْنُ ؛ لاِءَنَّ الخائفَ مَحزونٌ .
( والكَأْباءُ ) ، على فَعْلاَءَ : ( الحُزْن ) الشَّدِيدُ .
ويُقَال : ما*! أَكْأَبَكَ ، فهو يُسْتَعْمَلُ مَصْدَراً وصِفَةً للأُنْثَى ، كما تَقَدَّمَ .
( و ) يقال : ( ما بِهِ*! كُؤَبَةٌ ، كهُمَزَةٍ ) ، أَي : ( تُؤَبَةٌ ) ، وَزْناً ومَعْنًى ، أَي : ما يُسْتَحْيَا منه ، نقله الصّاغانيُّ .
( و ) من المَجَاز :*! اكْتأَبَ وَجْهُ الأَرْضِ ، وهي *!كَئِيبةُ الوَجْهِ .
و ( رَمادٌ *!مُكْتَئِبُ ) اللَّوْنِ : ( ضارِبٌ إِلى السَّوَادِ ) كما يكون وجْهُ*! الكئِيب .
(*! وأَكْأَبَه : أَحْزَنَه ) .
وكَئِيبٌ ، كأَمِيرٍ : مَوْضِعٌ بالحِجَاز .
كبب : ( *!كَبَّهُ ) *!يَكُبُّه *!كَبّاً ، *!وكَبْكَبَه : ( قَلَبَه ) .*! وكَبَّ الرَّجُلُ إِناءَه ، يَكُبُّه ، كَبّاً .
____________________

(4/93)



( و ) كَبَّهُ لوَجْهِهِ ،*! فانْكَبَّ أَي : ( صَرَعَه ،*! كَأَكَبَّهُ ) ، حكاه ابْنُ الأَعرابيّ ، مُرْدِفاً للمعنى الأَوَّلِ ، وأَنشد :
يا صاحِبَ القَعْو*!المُكَبِّ المُدْبِرِ
إِنْ تَمْنَعِي قَعْوَكِ أَمْنَعْ مِحْوَرِي
*!وكَبَبْتُ القَصْعَةَ : قَلَبْتُهَا على وجْهِها .
وطَعَنَه*! فكَبَّهُ لِوَجْهِه ، كذالك ، قال أَبو النَّجْمِ :
*! فَكبهُ بِالرُّمْحِ في دِمائِه
والفَرَسُ *!يَكُبُّ الحِمارَ ، إِذَا أَلقاه على وجْهه ، وهو مَجازٌ .
والفارِسُ يَكُبُّ الوُحُوشَ : إِذا طَعَنَها ، فأَلْقاهَا على وجْهها .
ورَجُلٌ*! أَكَبٌّ : لا يَزالُ يَعْثُرُ .
( *!وكَبْكَبَهُ ) : إِذا قَلَبَ بعضَهُ على بعضٍ ، أَو رَمَى به من رأْسِ جَبَلٍ أَو حائطٍ .
*! وكَبَّه (*! فَأَكَبَّ ) هو على وجْهه ، ( وهُوَ ) كما في نسخةٍ ، وفي بعضها بإِسقاطِ الرّباعيّ منه ، ( لازِمٌ ) والثُّلاثِيُّ منه ( مُتَعَدَ ) ، وهذا من النَّوَادِرِ أَن يُقَال أَفعَلْتُ أَنا ، وفَعَلْتُ غيري ، يقال : كَبَّ اللَّهُ عَدُوَّ المُسْلِمينَ ، ولا يُقَال : أَكَبَّ ، كذا في الصَّحاح . قال شيخُنا : وصَرَّح بمثلِهِ ابْنُ القَطَّاعِ والسَّرَقُسْطِيُّ وغيرُ واحدٍ من أَئمَّة اللُّغَة والصَّرْف . وقال الزَّوزَنِيُّ : ولا نَظِيرَ له ، إِلاّ قولُهُم : عَرَضْتُه فأَعرَضَ ، ولا ثالِثَ لهما ، واسْتدرك عليهم الشِّهابُ الفَيُّومِيّ في خاتمة المصباح أَلفاظاً غيرَ هاذَيْنِ ، لا يجري بعضُها على القاعدة كما يظهَرُ بالتَّأَمُّل . قلت : وسيأْتي البحث فيه في قَشَع ، وفي شَنَقَ ، وفي حَفَلَ ، وفي عَرَض . وفي تفسير القاضي أَثناءَ سُورة المُلْك أَنّ الهمزةَ في أَكَبَّ ونَحْوِه للصَّيْرُورَة ، وقد بسطَهُ الخَفَاجِيُّ في العناية . (*! وأَكَبَّ ) الرَّجُلُ ( عَلَيْه ) ، أَي على الشَّيْءِ : ( أَقْبَلَ ) يَعْمَلُهُ .
( و ) من المَجَاز : أَكَبّ الرَّجُلُ *!يُكِبُّ
____________________

(4/94)


على عَمَلٍ عَمِلَه : إِذا ( لَزِمَ ) ، وهو*! مُكِبٌّ عليه لازِمٌ له .
وأَكَبَّ عليه ، (*! كَانْكَبَّ ) بمعنًى .
( و ) أَكَبَّ ( لَهُ ) ، أَي : للشَّيْءِ ، إِذا ( تَحَانَى ) ، كذا في النُّسْخَة ، وفي بعضها : تَجانَأَ ، بالجيمِ والهمز ، ولعلَّهُ الصَّوابُ .
( وكَبَّ ) : إِذا ( ثَقُلَ ) ، يُقَالُ : أَلقَى عليه *!كُبَّتَه ، أَي : ثِقْلَهُ .
( و ) عن أَبي عَمْرٍ و : كَبَّ الرَّجُلُ ، إِذا ( أَوْقَدَ*! الكُبَّ ، بالضَّمِّ ، للحَمْضِ ) وهو شَجَرٌ جَيِّدُ الوَقُودِ ، يَصلُحُ وَرَقُه لأَذْنابِ الخَيلِ ، يُحَسِّنُها ويُطَوِّلُها ، وله كُعُوبٌ وشَوْكٌ مثلُ السُّلَّجِ يَنْبُتُ فيما رَقَّ من الأَرْض وسَهُلَ ، واحدتُه كُبَّةٌ . وقيلَ : هو من نَجِيلِ العَلاَة . وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : من الحَمْضِ : النَّجِيلُ ،*! والكُبُّ .
( و ) كَبَّ ( الغَزْلَ : جَعَلَه كُبَباً ) ، وعن ابْنِ سِيدَهْ : كَبَّ الغَزْلَ : جعَلَه *!كُبَّةً .
(*! والكَبَّةُ ) ، بالفتح ، ( ويُضَمُّ : الدَّفْعَةُ في القِتَالِ ، والجَرْيُ ) ، وشِدَّتُه ، وأَنشدَ :
ثارَ غُبَارُ*! الكَبَّةِ المائرُ
( و ) الكبَّةُ : ( الحَمْلَةُ في الحَرْبِ ) .
يقالُ : كانت لهم *!كَبَّةٌ في الحرب ، أَي : صَرْخةٌ ، ورأَيتُ للخَيْلَيْنِ كَبَّةً عظيمةً ، وهو مجاز .
( و ) الكَبَّةُ : ( الزِّحامُ ) ، يُقَالُ : لَقيتُه على الكَبَّةِ ، أَي : الزَّحْمَةِ ، وهو مَجازٌ أَيضاً . وفي حديثِ أَبِي قَتَادَةَ : فلَمَّا رَأَى النَّاسُ المِيضَأَةَ*! تَكَابُّوا عليها ) ، أَي ازْدَحَمُوا ، وهي تَفاعَلوا ، من الكَبَّةِ .
( و ) قال أَبو رِيَاشٍ : الكُبَّةُ : ( إِفْلاَتُ الخَيْلِ ) ، وهي على المِقْوَسِ ، للجَرْي ، أَو للحَمْلة .
____________________

(4/95)



( و ) الكَبَّةُ : ( الصَّدْمَةُ بَيْنَ الخَيْلَيْنِ ) ، نقله الصّاغانيُّ .
( ومن ) المجاز : جاءَتْ كَبَّةُ ( الشِّتَاءِ ) ، أَي : ( شِدَّتُهُ ودَفْعَتُه ) . ( و ) الكَبَّة : ( الرَّمْيُ في الهُوَّة ) مِن الأَرْض ، ( كالكَبْكَبَةِ ) ، بالفَتْح ، ( ويُضَمُّ ) .
(*! والكِبْكِبَةُ ) ، بكسْرِ الكَافَيْنِ ؛ (*! والكَبْكَبُ ) ، كجَعْفَرٍ ، وفي التَّنْزِيلِ العزيز : {*! فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ } ( الشعراء : 94 ) ، قال اللَّيْثُ : أَي دُهْوِرُوا وجُمعُوا ، ثمَّ رُميَ بهم في هُوَّةِ النَّارِ . وقال الزَّجَّاجُ : طُرِحَ بعضُهُم على بعض . وقال أَهلُ اللُّغَة تكرير*!الانكباب ، كأَنَّهُ إِذا أُلْقِيَ ، *!يَنْكَبُّ مَرَّةً بعدَ مَرَّةِ ، حتّى يَسْتَقِرَّ فيها . نَستجيرُ باللَّهِ منها .
( و ) الكُبَّةُ ، ( بالضَّمِّ : الجماعةُ ) من النّاس ؛ قال أَبو زُبَيْدٍ :
وصاحَ من صاح في الأَجلابِ وانْبَعَثت
وعَاثَ في كُبَّةِ الوَعْوَاعِ والعِيرِ
( *!كالكَبْكَبَةِ ) بالفتح . في الحَديث : ( *!كَبْكَبَةٌ من بني إِسرائيلَ ) ، أَي : جَمَاعَةٌ . وفي حديث ابْنِ مسعود : أَنّه رأَى جَماعةً ، ذَهَبَتْ فرَجَعَتْ ، فقالَ : إِيَّاكُمْ وكُبَّةَ السُّوقِ ، فإِنَّها كُبَّةُ الشَّيْطَانِ ) ، أَي : جماعة السُّوقِ . ومن المَجَاز : جاؤُوا في كَبْكَبَةٍ ، أَي : جَماعَةٍ .*!وتَكَبْكَبُوا : تَجَمَّعُوا ؛ ورَمَاهُم*! بكُبَّتهِ : أَي جَماعتِه .
( و ) كُبَّةُ : ( فَرَسُ قَيْسِ بْنِ الغَوْثِ ) ابْنِ أَنْمَارِ بْنِ إِراش بْنِ عَمْرِو بْنِ عَمْرو بْنِ الغَوْثِ بْن نَبْت بْنِ مَالِك بْنِ زَيْدِ بْن كَهْلاَنَ بْنِ سَبَإٍ .
( و ) الكُبُّ : الشَّيْءُ المجتمعُ من تُرَاب وغيرِه .
وكُبَّةُ الغَزْل : ما جُمعَ منه ، مشتَقٌّ من ذالك . وفي الصَّحاح : الكُبَّةُ : ( الجَرَوْهَقُ من الغَزْلِ ) ، تَقُول منه :
____________________

(4/96)


*! كَبَبْتُ الغَزْلَ*! أَكُبُّه كَبّاً . والجَرَوْهَقُ : ليس بعَرَبِيَ ، وقد أغفَلَهُ في القاف ، كما سيأْتي التَّنْبِيه عليه .
( و ) الكُبَّةُ : ( الإِبلُ العَظِيمةُ ) .
ومن المَجَاز : المَثَلُ : ( إِنَّكَ لَكَالبائعِ الكُبَّةَ بالهُبَّةِ ) . الهُبَّةُ : الرِّيحُ . ومنهم مَنْ رواهُ : الكُبَة بِالهُبَة ، بالتَّخْفِيفِ فيهِما ، فالكُبَةُ من الكابِي ، والهُبَةُ من الهابِي . قال الأَزْهَرِيُّ : وهاكذا قالَ أَبو زَيد في هاذا المَثَلِ ، أَي : بتشديدِ البَاءَيْنِ فِيهِما . قال : ويُقَالُ : عليه كُبَّةٌ وبَقَرَةٌ أَي عليه عِيال .
( و ) الكُبَّةُ : ( الثِّقْلُ ) ، وفي نسخة : الثَّقِيلُ ، وهو خطأٌ ، يقال : رَمَاهُمْ بكُبَّتِه ، أَي : ثِقْلِهِ .
(*! والكُبَابُ ، كَغُرَابٍ : الكَثِيرُ من الإِبِلِ ، والغَنَم ) ، ونَحْوِهما . وقد يُوصَفُ به ، فيقال : نَعَمٌ كُبَابٌ ، وذالك إِذا رَكِبَ بعضُهُ على بعضٍ من كَثْرَتِه . قال الفَرَزْدَقُ :
كُبَابٌ من الأَخْطارِ كانَ مُرَاحُهُ
عَلَيْهَا فَأَوْدَى الظِّلْفُ منهُ وجامِلُهْ
( و ) الكُبَاب : ( التُّرَابُ ، والطِّينُ اللاّزِبُ ، والثَّرَى ) النَّدِيُّ ، والجَعْدُ الكَثِيرُ الَّذِي قد لَزِمَ بعضُه بعضاً . قالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصف ثوراً حَفَرَ أَصلَ أَرْطَاةٍ ، لِيَكْنِسَ فيه من الحَرِّ :
تَوَخَّاهُ بالأَظْلاَفِ حَتَّى كَأَنَّمَا
يُثِرْنَ الكُبَابَ الجَعْدَ عن مَتْنِ مِحْمَلِ
هاكذا أَوردهُ الجَوْهَرِيُّ : ( يُثِرْنَ ) وصوابُ إِنشادِه ( يُثِير ) أَي : تَوخَّى الكِناسَ يَحْفِرُهُ بأَظلافه . والمِحْمَلُ : مِحْمَلُ السَّيْفِ ، شَبَّه عُرُوقَ الأَرطَى به .
( و ) الكُبَابُ : ( جَبَلٌ ، ومَاءٌ ) .
( و ) الكُبَابُ : ( ما )*! تَكَبَّبَ ، أَي :
____________________

(4/97)


( تَجَعَّدَ مِنَ الرَّمْلِ ) لِرُطُوبته ، ويُقَالُ : تَكَبَّبَ الرَّملُ ، إِذا أَنْدَى فتَعقَّدَ ، ومنه سُمِّيَتْ كُبَّةُ الغَزْلِ ، أَشارَ له الزَّمَخْشَرِيُّ في الأَساس . وقال أُمَيَّةُ يذكرُ حَمامَةَ نُوح :
فجاءَتْ بَعْدَما رَكَضَتْ بقِطْفٍ
عليهِ الثَّأْطُ والطِّينُ الكُبابُ
( و ) الكَبابُ ، ( بالفَتْحِ ) : الطَّبَاهِجَةُ ، وهو ( اللَّحْمُ المُشَرَّحُ ) المَشْوِيُّ ، قال ياقوت : وما أَظُنُّه إِلاّ فارِسِيّاً ، وبمثله جَزَم الخَفَاجِيُّ في شِفاءِ الغَليل . ومن المَجَازِ : *!كَبَّبوا اللَّحْمَ . ( *!والتَّكْبِيبُ : عَمَلُهُ ) من الكبَابِ ، وهو اللَّحْمُ يُكَبُّ على الجَمْرِ : يُلْقَى عليه .
(*! والمِكَبُّ ، كمِسَنَ ) أَي بالكسر : الرَّجُلُ ( الكَثِيرُ النَّظَرِ إِلى الأَرْض ، *!كالمِكْبابِ ) .
وأَكَبَّ الرَّجُلُ ،*! إِكباباً : إِذا نَكَّسَ .
وفي التَّنْزِيلِ العزيز : { أَفَمَن يَمْشِى*! مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ } ( الملك : 22 ) .
(*!والمُكَبَّبَةُ ) ، على صيغة اسْم المفعول : ( حِنْطَةٌ غَبْرَاءُ ، غَلِيظَةُ السَّنَابِلِ أَمثالُ العَصَافيرِ ، وتِبْنُها غَلِيظٌ ، لا تَنْشَط له الأَكَلَةُ ) .
(*!والكُبْكُب ، بالضَّمّ ) : الرَّجُلُ ( المُجْتَمِعُ الخَلْقِ ) ، الشَّدِيدَةُ ، ( *!كالكُبَاكِب ) ، بالضَّمِّ أَيضاً . ( ج *!كَبَاكِبُ ) ، بالفَتْح . وكُلُّ فُعَالِلٍ بالضَّمّ صفة للواحد ، فإِنَّ الجَمْعَ فَعَالِلُ ، بالفتح ، مثلُ جُوَالِق وجَوَالِق .
( *!وتَكَبَّبَتِ الإِبِلُ ) : إِذا ( صُرِعتْ من داءٍ ) ، أَو هُزالٍ .
(*! والكَبْكَابُ ) ، بالفتح : ( تَمْرٌ غليظٌ ) كبيرٌ ( هاجِرٌ ) .
( و )*! الكَبْكابَةُ ، ( بهاءٍ : المَرْأَةُ
____________________

(4/98)


السَّمِينَةُ ) ، كالبَكْباكَة ، والوَكْوَاكَةِ ، والكَوْكَاءَة ، والمَرْمارَة ، والرَّجْرَاجَة .
( *!والكِبْكِبُ ، بالكسْرِ ويُفْتَحُ : لُعْبَةٌ ) لهم .
( و : ع بالصَّفْراءِ ) .
( و ) كَبْكَبٌ ، ( كَجَعْفَرٍ ) : اسْمُ ( جَبَل ) بِمَكَّةَ ، ولم يُقَيِّدْهُ في الصَّحاح بمكانٍ ، وقَيَّدَهُ غيرُهُ بأَنَّه جَبَلٌ ( بعَرَفاتٍ خَلْفَ ظَهْرِ الإِمَامِ إِذا وَقَفَ ) ، وقيل : هو ثَنِيَّةٌ . وقد صَرَفَه امْرُؤٌ القَيْسِ والأَعْشَى تَرَكَ صَرْفَهُ .
( *!والكَبَابَةُ ، كسَحابةٍ : دَواءٌ صِينِيٌّ ) ، يُشْبِهُ الفُلْفُلَ الأَسْودَ ، وله خَواصُّ مذكورةٌ في كتب الطِّبّ .
(*! والكُبْكُوبُ ،*! والكُبْكُوبَةُ ،*! والكُبْكُبَةُ ) ، بضمِّهنّ : ( الجَمَاعَةُ ) من النّاسِ ( المُتَضامَّةُ ) بعضُهَا مَع بعض .
*! ( وكُبَاكِبُ ) ، بالضَّمِّ : ( جَبَلٌ ) ؛ قال رُؤْبةُ :
أَرْأَسُ لو تَرْمِي بها *!كُباكِبَا
ما مَنَعَتْ أَوْعالَها العَلاَهِبَا
( وقَيْسُ كُبَّةَ ، قَبيلةٌ من بَجِيلَةَ ) . يقالُ : إِنّ كُبَّةَ اسْمُ فَرَسٍ له ؛ قال الرّاعي يهجوهم :
قُبَيِّلَةٌ من قَيْسِ كُبَّةَ ساقَها
إِلى أَهْل نَجْدٍ لُؤْمُها وافْتِقَارُهَا
( ) وممَّا يُستدرَكُ عليه :
كَبَّةُ النَّارِ ، بالفتح : صَدْمتُها . ومنه حديثُ مُعاويةَ : إِنّكم لَتُقَلِّبُونَ حُوَّلاً قُلَّباً إِنْ وُقِيَ كَبَّةَ النَّارِ ) .
وكَبَّ فُلانٌ البعِيرَ : إِذا عقَرهُ ، قال :
*! يَكُبُّونَ العِشارَ لِمنْ أَتاهُمْ
إِذا لَمْ يُسْكِتِ المِائَةُ الوَلِيدَا
والكُبَّة ، بالضَّمّ : جماعةٌ من الخيل .
وكُبَّةُ الخيلِ : مُعْظَمُهَا ، عن ثعلب . ومن كلام بعضِهم لبعضِ الملوك : لَقِيتُهُ في الكَبَّة ، طَعَنْتُهُ في السبَّة ، فأَخْرَجْتُها
____________________

(4/99)


من اللَّبَّة . وقد مَرَّ بتفصيله في سَبَّ ، فراجِعْهُ .
ويُقَالُ : عليه كُبَّةٌ وبَقَرَةٌ أَيْ : عِيالٌ .
*!وكُبْكِبُوا فيها : أَيْ جُمِعُوا .
وجاءَ*! مُتَكَبْكِباً في ثِيابه : أَي مُتَزَمِّلاً .
ومن المَجَازِ :*! تَكَبَّبَ الرَّجُلُ ، إِذا تَلَفَّفَ في ثوبه . كذا في الأَساس .
وفي النّوادر : كَمْهَلْتُ المالَ كَمْهَلَةً ، ودَبْكَلْتُهُ ، وزَمْزَمْتُهُ ، وصَرْصَرْتُهُ ، وكَرْكَرْتُه : إِذا جَمَعْتَهُ ورَدَدْتَ أَطْرَافَ ما انْتَشَرَ مِنْه ، وكذالك كَبْكَبْتُه . كذا في لسان العرب .
والكُبَّةُ ، بالضَّمّ : غُدَّةٌ شِبْهُ الخُرَّاج ، وأَهلُ مِصْر يُطْلِقُونَها على الطّاعون ، وأَهلُ الشّام على لحْمٍ يُرَضُّ ، ويُخْلَطُ مع دقِيقِ الأَرُزّ ، ويُسَوَّى منه كهَيْئَةِ الرُّغْفَانِ الصِّغَارِ ونحوِها .
وكَبَابٌ ، كسَحابٍ : جَبَلٌ .
كتب : ( كَتَبَهُ ) ، يَكْتُبُ ، ( كَتْباً ) بالفَتْح المَصْدَرُ المَقِيسُ ، ( وكِتاباً ) بالكسر على خِلاف القِياس . وقيل : هو اسْمٌ كاللِّباس ، عن اللِّحْيَانيّ . وقِيل : أَصلُه المصدرُ ، ثمّ استُعمِلَ فيما سيأْتي من معانيه . قاله شيخُنا . وكذا : كِتابَةً ، وكِتْبَةً ، بالكسر فيهما : ( خَطَّهُ ) ، قال أَبو النَّجْمِ :
أَقْبَلْتُ مِنْ عِنْدِ زِيَاد كالخَرِفْ
تَخُطُّ رِجْلايَ بخَطَ مُخْتلِفْ
تُكَتِّبانِ في الطَّرِيقِ لاَمَ الِفْ
وفي لسان العرب ، قال : ورأَيتُ في بعض النُّسَخ : ( تِكِتِّبانِ ) بكسر التّاءِ ، وهي لُغَةُ بَهْراءَ ، يَكْسِرُونَ التَّاءَ ، فيقولونَ : تِعْلَمُونَ . ثمّ أَتْبَع الكافَ كسرةَ التّاءِ ، ( كَكَتَّبَهُ ) مُضَعَّفاً ، ( و ) عن ابن سِيدَهْ : ( اكْتَتَبَه ) كَكَتَبَه ، ( أَوْ كَتَّبَهُ ) : إِذا ( خَطَّهُ ) .
( واكْتَتَبَهُ ) : إِذا ( اسْتَمْلاهُ ، كاسْتَكْتَبَهُ ) .
واكْتَتَبَ فلانٌ كِتَاباً : أَي سأَلَ أَنْ يُكْتَبَ له .
____________________

(4/100)



واسْتَكْتَبَهُ الشَّيْءَ : أَي سَأَلَهُ أَن يَكْتُبَه له . وفي التَّنْزِيلِ العَزِيزِ : { اكْتَتَبَهَا فَهِىَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } ( الفرقان : 5 ) ، أَي : استَكْتَبَها .
( والكِتَابُ : ما يُكْتَبُ فِيهِ ) ، وفي الحديثِ : ( مَنْ نَظَرَ إِلى كِتَابِ أَخِيهِ بغَيْرِ إِذْنِه ، فكَأَنَّما يَنْظُرُ في النَّارِ ) . وهو محمولٌ على الكِتَابِ الذي فيه سِرٌّ وأَمانةٌ يَكرَهُ صاحِبُهُ أَنْ يُطَّلَعَ عليه . وقِيلَ : هو عامٌّ في كلِّ كِتاب . ويُؤَنَّثُ على نِيّةِ الصَّحيفةِ . وحكى الأَصْمَعِيُّ عن أَبِي عَمْرِو بْن العَلاءِ : أَنّهُ سَمِعَ بعضَ العَربِ يقولُ ، وذَكَرَ إِنْسَاناً ، فقال : فُلانٌ لَغُوبٌ ، جاءَتْه كِتابي فاحْتَقَرَها . اللَّغُوبُ : الأَحْمَقُ .
( و ) الكِتَابُ : ( الدَّوَاةُ ) يُكْتَبُ منها .
( و ) الكِتَابُ : ( التَّوْرَاةُ ) ، قال الزَّجَّاجُ في قوله تعالَى : { نَبَذَ فَرِيقٌ مّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ } ، وقولُهُ : { كِتَابَ اللَّهِ } ( البقرة : 101 ) : جائزٌ أَنْ يكونَ التَّوْراةَ ، وأَن يكونَ القُرآنَ .
( و ) الكِتَابُ : ( الصَّحِيفَةُ ) يُكْتَبُ فيها .
( و ) الكِتابُ يُوضَعُ مَوْضِعَ ( الفَرْضِ ) ، قال اللَّهُ تَعَالَى : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ } ( البقرة : 178 ) ، وقال ، عَزّ وجَلَّ : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ } ( البقرة : 183 ) ، مَعْنَاهُ : فُرِضَ . قال : { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ } ( المائدة : 45 ) ، أَي : فَرَضْنا .
( و ) مِنْ هاذا : الكِتَابُ يأْتي بمعنى ( الحُكْمِ ) ، وفي الحديثِ : ( لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بكِتَابِ اللَّهِ ) أَي : بحُكْمِ اللَّهِ الّذي أَنزلَ في كِتابه ، وكَتَبَه على عِباده ، ولم يُرِدِ القُرْآنَ ؛ لاِءَنَّ النَّفْيَ والرَّجْمَ لا ذِكْرَ لهما فيه ؛ قال الجَعْدِيُّ :
يا بِنَت عَمِّي ، كِتَابُ اللَّهِ أَخْرَجَنِي
عَنْكُمْ ، وهَلْ أَمْنَعَنَّ اللَّهَ ما فَعَلا
____________________

(4/101)



وفي حَدِيثِ بَرِيرَةَ : ( من اشْتَرَطَ شَرْطاً ليس في كِتَابِ اللَّهِ ) ، أَي : ليس في حُكْمِهِ .
( و ) في الأَساس : ومِن المجاز : كُتبَ عليه كذا : قُضِيَ .
وكِتَابُ اللَّهِ : قَدَرُهُ ، قال : وسَأَلَنِي بعضُ المَغَاربةِ ، ونحنُ بالطَّوافِ ، عن ( القَدَر ) ، فقلت : هو في السَّمَاءِ مكتوبٌ ، وفي الأَرْضِ مكسوبٌ .
( و ) من المَجَاز أَيضاً ، عن اللِّحْيَانيّ ( الكُتْبَةُ ، بالضَّمِّ : السَّيْرُ ) الّذِي ( يُخْرَزُ بِه ) المَزَادَةُ والقِرْبَة ، وجَمْعُهَا كُتَبٌ . قال ذُو الرُّمَّةِ :
وَفْراءَ غَرْفِيَّةٍ ، أَثْأَى خَوَارِزَها
مُشَلْشَلٌ ، ضَيَّعَتْهُ بَيْنَها الكُتَبُ
الوفْرَاءُ : الوافِرَةُ . والغَرْفِيَّةُ : المَدْبُوغة بالغَرْفِ ، شَجرةٍ . وأَثأَى : أَفسدَ . الخَوَارِزُ : جَمْعُ خارَزَةٍ .
( و ) الكَتْب : الجَمْعُ تقولُ منه : كَتَبْتُ البَغْلَةَ . إِذا جَمَعْتَ بيْن شُفْرَيْها بحَلْقَةٍ ، أَو سَيْرٍ . وفي الأَساس : وكَذَا : كَتَبْتُ عليها ، وبَغْلَةٌ مكتوبةٌ ، ومكتوبٌ عليها .
والكُتْبةُ : ( ما يُكْتَبُ به ) أَي : يُشَدّ ( حَياءُ ) البَغلةِ ، أَو ( النَّاقَةِ ، لئلا ، يُنْزَى علها ) والجَمْعُ كالجَمْعِ . ( و ) عن اللَّيْثِ : الكُتْبَةُ : ( الخُرْزَةُ ) المضمومةُ بالسَّيْرِ . وقال ابْنُ سِيدَهْ : هي ( الَّتِي ضَمَّ السَّيْرُ ) كِلاَ ( وَجْهَيْها ) .
( و ) الكِتْبَةُ ( بالكسرِ : اكْتِتَابُكَ كِتَاباً تَنْسَخُهُ ) .
والكِتْبَةُ أَيضاً : الحالَةُ .
والكِتْبَةُ أَيضاً : الاكْتِتابُ في الفَرْضِ والرِّزْقِ .
( وكَتَبَ السِّقَاءَ ) والمَزَادَةَ والقِرْبَةَ ، يَكْتُبُه ، كَتْباً : ( خَرَزَهُ بسَيْرَيْنِ ) ، فهو كَتِيبٌ . وقيلَ : هو أَن يَشُدَّ فَمَهُ حتَّى لا يَقْطُرَ منه شَيْءٌ ، ( كَاكْتَتبَهُ ) : إِذا شَدَّه بالوِكاءِ ، فهو مُكْتَتبٌ . وعن ابْنِ الأَعْرَابيِّ : سَمِعْتُ أَعْرَابِيّاً يقول : أَكْتَبْتُ فَمَ السِّقاءِ ، فلَمْ يَسْتَكْتِبْ .
____________________

(4/102)


أَي : لَمْ يَسْتَوْكِ ، لجفائِه وغِلَظِه . وقال اللِّحْيَانِيّ : اكْتُبْ قِرْبَتَك : اخْرُزْهَا . وأَكْتِبْهَا : أَوْكِها ، يعني : شُدَّ رَأْسَها . ( و ) كَتَبَ ( النَّاقَةَ ، يَكْتِبُهَا ، ويَكْتُبُها ) بالكَسْرِ والضَّمّ ، كَتْباً ، وكَتَبَ عليها : ( خَتَمَ حَيَاءَهَا ) وخَزَمَ عليه ، ( أَو خَزَمَ بحَلْقَةٍ منْ حَدِيدٍ ، ونَحْوِه ) كالصُّفْرِ ، تَضُمّ شُفْرَيْ حَيائِها ، لئلاَّ يُنْزَى عليها . قال :
لا تَأْمَننَّ فَزارِيّاً خَلَوْتَ بِهِ
على بَعِيرِك واكْتُبْها بِأَسْيارِ
وذالِك لأَنَّ بَنِي فَزَارَةَ يُرْمَوْنَ بِغِشْيَانِ الإِبِلِ .
( و ) كَتَبَ ( النَّاقَةَ ) ، يَكْتُبُهَا : ( ظَأَرَهَا ، فَخَزَم مَنْخ 2 رَيْهَا بِشَيْءٍ ، لئلاَّ تَشَمَّ البَوْلَ ) . هكذا في نُسْخَتِنَا ، وهو خَطَأٌ ، وصوابُهُ : ( البَوَّ ) ، أَيْ : فلا تَرْأَمُهُ .
( والكاتِبُ ) ، عندَهُمُ : ( العَالِمُ ) ، نقلَه الجَوْهَرِيُّ عن ابْنِ الأَعْرَابيّ ، قال اللَّهُ تَعَالَى : { أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ } ( الطور : 41 ، والقلم : 47 ) ، وفي كِتَابِهِ صلى الله عليه وسلمإِلَى أَهْل اليَمَنِ ( قد بَعَثْتُ إِلَيْكُم كاتِباً من أَصحابي ) أَرَاد : عالِماً ، سُمِّيَ به لاِءَنّ الغالِبَ على مَنْ كان يَعْرِفُ الكِتابةَ أَنَّ عندَهُ العِلمَ والمعرفةَ ، وكان الكاتِبُ عندهم عَزيزاً وفيهم قليلاً .
( والإِكْتابُ : تَعْلِيمُ ) الكِتَابِ ، و ( الكِتَابَةِ ، كالتَّكْتِيبِ ) .
والمُكْتِبُ : المُعلِّمُ ، وقال اللِّحْيَانيّ : هو المكَتِّبُ الَّذِي يُعَلِّمُ الكِتَابَة . قال الحَسنُ : وكان الحَجَّاجُ مُكْتِباً بالطّائِفِ ، يعني : مُعَلِّماً ، ومنه قيل : عُبَيْدٌ المُكْتِبُ ، لاِءَنَّه كانَ مُعَلِّماً .
ونصُّ الصَّاغانيُّ : كَتَّبْتُ الغُلامَ تَكْتِيباً : إِذا عَلَّمتَهُ الكِتَابةَ ، مثل اكْتَتَبْتُه .
( و ) الإِكْتابُ : ( الإِمْلاءُ ) ، تَقُولُ : أَكْتِبْني هاذِه القصيدةَ ، أَي : أَمْلِها عليَّ .
____________________

(4/103)



( و ) الإِكْتابُ : ( شَدُّ رَأْسِ القِرْبَةِ ) يقالُ : أَكْتَبَ سِقَاءَهُ إِذا أَوْكأَهُ ، وهو مَجَاز ، وقد تقدَّمَ .
( و ) رَجُلٌ كاتِبٌ . و ( الكُتَّابُ ، كرُمَّانٍ : الكاتِبُون ) ، وهم الكَتَبَةُ ، وحِرْفَتُهُم : الكِتَابَةُ ، قاله ابْنُ الأَعْرَابيّ .
( و ) يقال : سَلَّمَ وَلَدَهُ إِلى ( المَكْتَبِ كمَقعَدٍ ) ، أَي : ( مَوْضِعِ ) الكِتَابِ و ( التَّعْلِيمِ ) ، أَي : تعليمِه الكِتَابة .
والمُكْتِبُ : المُعَلِّمُ ، والكُتَّابُ : الصِّبيان ، قاله المُبَرِّدُ . ( وقَوْلُ ) اللَّيْثِ ، وتَبِعَهُ ( الجَوْهَرِيّ ) : إِنّ ( الكُتَّابَ ) بوزن رُمَّان ، ( والمَكْتَبَ ) كمَقْعَدٍ ، ( واحِدٌ ) ، وهما مَوضعُ تعليمِ الكِتابِ ، ( غَلَطٌ ) : وهو قولُ المُبَرِّدِ ، لأَنّه قال : ومَن جعَلَ الموضِعَ الكُتّابَ ، فقد أَخْطَأَ . وفي الأَساس : وقيل : الكُتَّابُ : الصِّبْيانُ ، لا المَكَانُ . ونقل شيخُنا عن الشِّهابِ في شرح الشِّفاءِ : أَنَّ الكُتَّابَ للمَكْتَبِ وارِدٌ في كلامِهم كما في الأَساس وغيرِهِ ، ولا عِبرة بمن قالَ إِنه مُوَلَّدٌ . وفي العِنَايَة : أَنَّه أَثْبَته الجوهريّ ، واستفاضَ استعمالُه بهاذا المعنى ، كقوله :
وأَتَى بكُتَّابٍ لَو انْبَسَطَتْ يَدِي
فيهِمْ رَدَدْتُهُمُ إِلى الكُتّابِ
وأَوّلُهُ :
تَبّاً لِدَهْرٍ قد أَتَى بِعُجابِ
ومَحَا فُنونَ العِلْمِ والآداب
والأَبيات في تاريخ ابْنِ خِلِّكان . وأَصلُه جمع كاتِبٍ ، مثل كَتَبَة ، فأُطْلِقَ على مَحَلِّه مَجازاً للمجاورة ، وليس موضوعاً ابتداءً كما قال . وقال الأَزْهَرِيُّ ، عن اللَّيْثِ : إِنّه لُغَةٌ . وفي الكَشْف : الاعتمادُ على قول الليث ، ونَقَلَهُ الصّاغانيّ أَيضاً ، وسَلَّمَه ؛ ونقلَه ابْنُ حَجَرٍ في شرح المِنْهَاجِ عن الإِمامِ الشّافِعيّ ، وصَحَّحَهُ البَيْهَقِيُّ وغيرُهُ ، ووافقه الجماهيرُ ، كصاحب التَّهْذيب والمُغْرِبِ والعُبابِ . انتهى الحاصِلُ
____________________

(4/104)


من عبارته . ولكنّ عَزْوَهُ إِلى الأَساس ولسان العرب وغيرِهِما ، مَحَلُّ نَظَرٍ ، فإِنّهما نَقَلا عِبَارَةَ المُبَرِّدِ ، ولم يُرَجِّحا قَولَ اللَّيْثِ ، حتى يُسْتَدَلّ بمرجوحيّة قولِ المُبَرِّدِ ، كما لا يَخْفَى .
( ج : كَتَاتِيبُ ) ، ومَكَاتِيبُ . وهاذا من تَتِمَّة عِبارة الجَوْهَرِيّ ، فالأَوّل جَمْعُ كُتَّابٍ ، والثّاني جَمْعُ مَكْتَبٍ . وقد أَخلّ المُصَنِّفُ بذكر الثّاني ، وذَكَرَه غيرُ واحدٍ ، قال شيخنا : وفي عبارة المُصَنَّفِ قَلَقٌ .
قلت : وذالك لاِءَنّ كتاتِيبَ إِنّمَا هو جَمْعُ كُتَّابٍ ، على رأْي الجَوْهَرِيّ واللَّيْثِ ، وهو قد جعله خطأً ، فما معنى ذِكْرِه فيما بَعْدُ ؟ نَعَم ، لو قَدَّمَ ذِكْرَهُ قبل قوله : ( خطأ ) ، لسَلِمَ من ذلك ، فتأَمّلْ .
( و ) الكُتَّابُ : ( سَهْمٌ صَغِيرٌ ، مُدَوَّرُ الرَّأْسِ ، يَتَعَلَّمُ بِهِ الصَّبِيُّ الرَّمْيَ ) وبالثاءِ أَيضاً ، والثّاءُ المُثَلَّثة في هاذا الحرفِ أَعلَى من التّاءِ الفَوْقِيّة ، كما سيأْتي . وفي عبارةِ شيخِنا هنا قلَقٌ عجيبٌ .
( و ) الكُتّابُ أَيضاً : ( جَمْعُ كاتِبٍ ) ، مثل : كَتَبة ، وقد تقدّمتِ الإِشارة إليه .
( واكْتَتَبَ ) الرَّجُلُ : إِذا ( كَتَبَ نَفْسَهُ في دِيوانِ السُّلْطَانِ ) ، وفي الحَدِيث : ( قالَ له رَجُلٌ : إِنّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حاجَّةً ، وإِنِّي اكْتَتَبْتُ في غَزْوَةِ كذا وكذا ) ، أَي : كَتَبْتُ اسْمِي في جُمْلَةِ الغُزَاةِ . وفي حديثِ ابْنِ عُمَرَ : ( من اكْتَتَبَ زَمِناً ، بعَثَهُ اللَّهُ زَمِناً يَوْمَ القِيَامةِ ) .
( و ) من المجاز : اكْتَتَبَ هو : أُسِرَ . واكْتَتَبَ ( بَطْنُه ) : حُصِرَ ، و ( أَمْسَكَ ) ، فهو مُكْتَتِبٌ ومُكْتَتَبٌ عليه ومكتوبٌ عليه نَقله الصاغانيُّ .
( والمُكْتَوْتِبُ : المُنْتَفِخُ المُمْتَلِىءُ ) ممّا كان : نقله الصّاغانيّ .
____________________

(4/105)



( و ) من المجازِ : كَتَّبَ ( الكَتِيبَةَ ) جَمَعَها ، وهي ( الجَيْشُ ) .
وتَكَتَّبَ الجَيْشُ : تَجَمَّعَ .
وكَتَّبَ الجَيْشَ : جَعَلَهُ كَتائِبَ .
( أَو ) هِي ( الجَمَاعَةُ المُسْتَحِيزَةُ مِن الخَيْلِ ، أَوْ ) هي ( جَمَاعَةُ الخَيْلِ إِذَا أَغارَتْ ) على العَدُوِّ ( من المِائَةِ إِلَى الأَلْفِ ) .
( وكَتَّبَها تَكْتِيباً ) ، وكَتَبَها : ( هَيَأَهَا ) ، قال ساعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ :
لا يُكْتَبُونَ ولا يُكَتُّ عَدِيدُهم
حَفَلَتْ بِساحَتِهِمْ كَتَائِبُ أَوْعَبُوا
أَي : لا يُهَيَّؤُونَ .
( وتَكَتَّبُوا : تَجَمَّعُوا ) ، ومنه : تَكَتَّبَ الرَّجُلُ : تَحَزَّمَ ، وجَمَعَ عليه ثِيَابَه . وهو مجاز .
( وبَنُو كَتْبٍ ) ، بالفَتْح : ( بَطْنٌ ) من العرب .
( والمُكَتَّبُ ، كمُعَظَّمٍ : العُنْقُودُ ) من العِنَبِ ونحوِه ، ( أُكِلَ بعضُ ما فِيهِ ) وتُرِكَ بعضُهُ .
( والمُكَاتَبَةُ ) بمعنى ( التَّكاتُب ) ، يُقَال : كاتَبَ صدِيقَهُ ، وتَكاتَبا .
( و ) من المجاز المُكَاتَبة ، وهو ( أَنْ يُكَاتِبَكَ عَبْدُكَ على نَفْسِه بثَمَنِه . فإِذا ) سَعَى ، و ( أَدَّاهُ ، عَتَقَ ) . وهي لَفْظَةٌ إِسْلاميّة ، صرّح به الدَّمِيرِيّ . والسَّيِّدُ مُكَاتِبٌ ، والعَبْدُ مُكاتَبٌ إِذا عَقَدَ عليه ما فارَقَه عليه من أَداءِ المالِ سُمِّيَتْ مُكَاتَبَةً ، لِمَا يَكْتُبُ العَبْدُ على السَّيِّد من العِتْقِ إِذا أَدَّى ما فُورِقَ عليه ، ولِمَا يَكْتُبُ السَّيِّدُ على العَبْدِ من النُّجُومِ الَّتِي يُؤَدِّيها في مَحلِّها ، وأَنَّ له تَعجيزَهُ إِذا عَجَزَ عن أَداءِ نَجْم يَحِلُّ عليه . وأَحكامُ المُكَاتَبَة ، مُصرَّحَةٌ في فُروع الفِقْهِ .
( ) ومِمّا لم يذكُرْهُ المُؤَلِّفُ :
الكُتَيْبَةُ ، مصغَّرةً ، اسمٌ لبعضِ قُرَى خَيْبَرَ . ومنه حديثُ الزُّهْرِيِّ :
____________________

(4/106)


( الكُتَيْبةُ أَكثرُهَا عَنْوَةٌ ) يعني : أَنّه فتَحَهَا قَهْراً ، لا عن صُلْحٍ .
والمَكْتَبُ : من قُرَى ابْنِ جِبْلَةَ في اليَمَن ، نقلْتُهُ عن المُعْجَم .
كثب : ( الكَثْبُ : الجَمْعُ ) من قُرْبٍ ، وفي حديثِ أَبي هُرَيْرَةَ : ( كُنْتُ في الصُّفَّةِ ، فبَعَثَ النّبيُّ ، صلى الله عليه وسلم بتَمْرِ عَجْوَةٍ فكُثِبَ بَيْنَنَا ، وقِيلَ : كُلُوهُ ، ولا تُوَزِّعُوهُ ) أَي : تُركَ بينَ أَيْدينا مجموعاً . ومنه الحديثُ : ( جِئْتُ عَلِيّاً ، وبَيْنَ يَدَيْهِ قَرَنْفُلٌ مكثُوبٌ ) ، أَي : مَجْمُوع ( و ) الكَثْبُ : الاجْتِمَاعُ ، يُقالُ : كثَبَ القَوْمُ ، إِذا اجتمَعُوا ، فهم كاثِبُونَ : مجتمِعونَ . ( و ) الكَثْبُ : ( الصَّبُّ ) ، يُقال : كَثَبَ الشَّيْءَ كَثْباً : إِذا جَمَعَه من قُرْبٍ ، وصَبَّهُ ، قالَ الشّاعرُ :
على السَّيِّدِ الصَّعْبِ لَوْ أَنَّه
يَقُومُ على ذِرْوَةِ الصّاقِبِ
لأَصْبَحَ رَتْماً دُقاقُ الحَصَى
مَكَانَ النَّبِيِّ مِنَ الكاثِبِ
الكاثِبُ : الجَامِعُ لِمَا نَدَرَ من الحَصَى ، والنَّبِيّ : ما نَبَا منه إِذا دُقَّ ، وسيأْتي الكلام عليه . ( و ) الكَثْبُ : ( الدُّخُولُ ) ، يُقال : كَثَبُوا لَكُمْ أَي : دَخَلُوا بينَكُمْ وفيكُمْ ، وهو من القُرْبِ ( يَكْثُبُ ) بالضَّمّ ، ( ويَكْثِبُ ) بالكسر ، في كُلِّ ما ذُكر .
( و ) الكَثْبُ : ( وادٍ لِطَيِّىءٍ ) القبيلةِ المشهورة .
( و ) الكَثَبُ ، ( بالتَّحْرِيكِ : القُرْبُ ) وهُوَ كَثَبَك : أَي ، قُرْبَكَ . قال سِيبَوَيْه : لا يُسْتَعْمَلُ إِلاّ ظَرْفاً . ويُقال : هو يَرْمِي مِنْ كَثَبٍ ، أَي : من قُرْب ، وتَمَكُّنٍ . أَنشدَ ابْنُ إِسحاقَ :
فهاذانِ يَذُودانِ
وذا مِنْ كَثَبٍ يَرْمِي
( و ) الكَثَبُ : ( ع بدِيارِ ) بني
____________________

(4/107)


( طَيَّىءٍ ) . وهو غيرُ الكَثْبِ ، بفتحٍ فسكونٍ ، المتقدم ذِكْرُهُ وهاكذا بالتَّحْرِيك ، ضَبَطَهُ صاحبُ المُعْجَمِ والصّاغانيُّ .
( وكَثَبَ عَلَيْهِ ) : إِذَا قَارَبَهُ ، و ( حَمَل وكَرَّ ) .
( و ) كَثَبَ ( كِنَانَتَهُ ) بالكسر : الجَعْبَةَ : ( نَكَثَها ) هاكذا في النُّسْخَة والصَّوابُ : نَكَبَهَا ، أَي نَثَرَها ، كما سيأْتي .
( و ) عن أَبي حاتِمٍ : احْتَلَبُوا كُثَباً ، أَي : من كُلِّ شاةٍ شيئاً قليلاً .
وقد كَثَبَ ( لَبَنُها ) : إِذا ( قَلَّ ) ، إِمّا عند غَزارَةٍ ، وإِمَّا عِنْدَ قِلَّةٍ .
( والكَثِيبُ ) : هو ( التَّلُّ ) المُسْتَطِيلُ المُحْدَوْدِبُ ( من الرَّمْل ) . وقيل : الكَثِيبُ من الرَّمْل : القِطْعَةُ تَنقادُ مُحْدَوْدَبَةً . وقيل : هو ما اجتمع واحْدَوْدبَ ( ج أَكْثِبَةٌ ، وكُثُبٌ ) بضمَّتَيْن في الثَّاني ، ( وكُثْبَانٌ ) كعُثْمان ، وفي التَّنْزيل العزيز : { وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً } ( المزمل : 14 ) ، قال الفَراءُ : الكَثِيبُ : الرَّمْل ، والمَهِيل : الَّذي يُحَرَّكُ أَسفَلُه فيَنْهَالُ عليك من أَعْلاَهُ . وفي الحديثِ : ( ثَلاثَةٌ على كُثُبِ المِسْكِ ) ، وفي روايةٍ : على كُثْبَانِ المِسْك . ( و ) الكَثِيبُ : ( ع بساحِلِ بَحْرِ اليَمَنِ ) ، فيه مَسْجِدٌ مُتَبَرَّكٌ به .
( وقَرْيَتانِ بالبَحْرَيْنِ ) وفي التَّكْمِلة : قَرْيَةٌ بالبَحْرَيْنِ .
قلتُ : والكَثِيبُ أَيضاً جَبَلٌ نَجْدِيّ ، وقيل : ماءٌ للضِّباب في قِبْلَةِ طَخْفَةَ قُرْبَ ضَرِيَّةَ . والكَثِيبُ الأَحمَرُ : حيثُ دُفِنَ سيِّدُنا مُوسَى الكَلِيمُ ، عليه وعلى نبيّنا أَتَمُّ الصَّلاةِ والتَّسليم .
( والكثْبَةُ ، بالضَّمِّ : القَليلُ من المَاءِ واللَّبَنِ ، أَو ) هي ( مِثْلُ الجُرْعَةِ تَبْقَى في الإِناءِ ) . وقيل : قَدْرُ حَلْبَةٍ ، ( أَوْ مِلْءُ القَدَحِ ) من اللَّبَن ، وهاذا قول أَبِي زيد ، ومنه قولُ العربِ في......

=======

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجلد{5} النهاية في غريب الحديث والأثر لمجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (المتوفى: 606هـ)

  5. مجلد{5} النهاية في غريب الحديث والأثر   لمجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري اب...