Translate بادي -8-7707-

الخميس، 14 أبريل 2022

7.كتاب:تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني أبو الفيض ، الملقّب بمرتضى ، الزَّبيدي

 

7.كتاب:تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني أبو الفيض ، الملقّب بمرتضى ، الزَّبيدي 

= بعضِ ما يَقَعُ على أَلْسنةِ البَهائمِ ، قالتِ الضّائِنَةُ : أُوَلَّدُ رُخَالاً ، وأُجَرُّ جُفَالاً ، وأُحْلَبُ كُثَباً ثِقَالاً ، ولَمْ تَرَ مِثْلى مالاً . أَوْ مِلْءُ القَدَحِ ( مِنْهما ) أَي : الماءِ واللَّبَنِ . فِي حديثِ ماعِزِ بْنِ مالِكٍ : أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلمأَمَرَ بِرَجْمِهِ ، ثمّ قَال : ( يَعْمِدُ أَحَدُكُم إِلى المَرْأَةِ المُغِيبَةِ فَيَخْدَعُهَا بالكُثْبَة ، لا أُوتَى بأَحَدِ منهم فَعَل ذالك ، إِلاّ جَعَلْتُهُ نَكَالاً ) . قال أَبُو عُبَيْدٍ : قال شُعْبَةُ : سأَلْتُ سِمَاكاً عن الكُثْبَةِ فقالَ : القَليلُ من اللَّبَنِ . قال أَبو عُبَيْدٍ : وهو كذالك في غيرِ اللَّبَنِ .
( و ) كُثْبَةُ : ( ع ) ، نقله الصّاغانيُّ .
( و ) الكُثْبَةُ ( الطَّائِفَةُ مِنْ طَعَامٍ ) أَو تَمْرٍ ، أَ ( و تُرابٍ ) ، أَ ( و غَيْرِهِ ) ، ذالك بعدَ أَن يكونَ قليلاً . ( و ) قيلَ : الكُثْبَةُ : ( كُلُّ مُجْتَمِعٍ ) من طَعَامٍ أَو غيره ، بعدَ أَن يكون قليلاً ، ومنه سُمِّيَ الكَثِيبُ من الرَّمْلِ ، لاِءَنَّهُ انْصَبَّ في مَكَانٍ ، فاجتمعَ فيه . والجمْعُ الكُثَبُ ، قالَ الرّاجزُ :
بَرَّحَ بالعَيْنَيْنِ خَطَّابُ الكُثَبْ
يَقُولُ : إِنِّي خاطِبٌ ، وقد كَذَبْ
وإِنَّمَا يَخْطُبُ عُسّاً مِنْ حَلَبْ
يَعني الرَّجُلَ يَجيءُ بعِلَّةِ الخِطْبَةِ ، وإِنما يُرِيدُ القِرَى . قال ابْنُ الأَعْرَابيّ : يُقَالُ للرَّجُل إِذا جاءَ يَطْلُبُ القِرَى بعِلَّةِ الخِطْبَةِ : إِنَّهُ لَيَخْطُبُ كُثْبَةً ؛ وأَنشدَ الأَزْهَرِيُّ لِذي الرُّمَّةِ :
مَيْلاَءَ من مَعْدِنِ الصِّيرانِ قاصِيَةٍ
أَبْعَارُهُنَّ على أَهْدَافِها كُثَبُ
( و ) الكُثْبَةُ : ( المُطْمَئِنَّةُ ) المُنْخَفِضَة ( مِنَ الأَرْضِ بَيْنَ الجِبَالِ ) .
( وأَكْثَبَهُ ) الرَّجُلُ : ( سَقَاهُ كُثْبَةً ) من لَبَنٍ . ( و ) أَكْثَبَ فُلانٌ إِلى القَوْمِ : إِذا دَنَا منهم ، وأَكْثَبَ إِلى الجَبَل : أَي ( دَنَا مِنْهُ ) ، عنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ . وفي حَدِيثِ بَدْرٍ : ( إِنْ أَكْثَبَكُمُ القومُ ، فانْبُلُوهُمْ ) . وفي روايةٍ : إِذا أَكْثَبُوكُمْ فارْمُوهُمْ بالنَّبْلِ مِنْ كَثَب .
____________________

(4/109)


وأَكْثَبَ إِذا قَارَبَ . والهمزة في ( أَكْثَبَكُمْ ) لتَعْدِيةِ كَثَبَ ، فلذلك عَدّاها إلى ضميرهم . وفي حديث عائشةَ تَصِفُ أَباها ، رضِيَ الله عنهما : ( وظَنَّ رِجَالٌ أَنْ قد أَكْثَبَتْ أَطْمَاعُهُمْ ) أَي : قَرُبَتْ ، ( كَأَكْثَبَ لَهُ ) : دنا منه وأَمْكَنَهُ . ( و ) أَكْثَبَ ( مِنْه ) .
( و ) الكُثَابُ ، ( كغُرَابٍ : الكَثِيرُ ) ونَعَمٌ كُتابٌ : أَي كثيرٌ . وهو لُغَةٌ في المُوَحَّدَة ، وقد تقدّم .
( و ) الكُثَابُ : ( ع بنَجْدٍ ) ، نقله الصّاغانيُّ .
( و ) الكُثَّابُ ، ( كَرُمَّانِ وشَدَّادِ ) ، الأَوَّلُ ضَبْط الصّاغانيِّ : ( السَّهْمُ ) عامّةً وعن الأَصْمَعِيِّ : الكُثَّاب : سَهْمٌ ( لا نَصْلَ لَهُ ولا رِيشَ ) ، يَلْعَبُ به الصِّبيانُ ؛ وأَنشدَ في صفة الحَيَّةِ :
كَأَنَّ قُرْصاً من طَحينٍ مُعْتَلِثْ
هَامَتُهُ في مِثْلِ كُثَّابِ العَبِثْ
تَرْجُفُ لَحْياهُ بِمَوْتٍ مُسْتَحِثّ
تَلَمُّظَ الشَّيْخِ إِذا الشَّيْخُ غَرِثْ
( كالكُتَّاب ، بالتّاءِ ) المُثنّاةِ الفوقيّة . وقد تقدَّم الإِيماءُ إِلى أَنّ الفوقيَّةَ لُغَةٌ مرجوجةٌ في المُثَلَّثَة ، ولا تَنافِيَ بين كلامَيِ المُؤَلِّفِ كما زَعَمَهُ شيخُنا .
( والكاثِبَةُ من الفَرَسِ : المِنْسَجُ ) . وقيل : هو ما ارتفَعَ من المِنْسَج . وقيل : هو مُقَدَّمُ المِنْسَجِ حيثُ تَقَعُ عليه يَدُ الفارِس . ( ج ) ، أَي الجمعُ : الكَوَاثِبُ . وقيل : هي من أَصْل الْعُنُق إِلى ما بينَ الكَتِفَيْنِ ، قالَ النّابغةُ :
لَهُنَّ عليْهِمْ عادَةٌ قد عَرَفْنَها
إِذا عُرِضَ الخَطِّيُّ فَوْقَ الكَوَاثِبِ
وقد قيل : إِنْ جمعَهُ ( أَكْثابٌ ) ، قال ابْنُ سِيدَه : ولا أَدري كيفَ ذالك . وفي الحديث : ( يضَعُونَ رِماحَهُمْ على كَوَاثِبِ خَيْلِهم ) وهي من الفَرَس مُجْتمَعُ كَتِفَيْهِ قُدّامَ السَّرْجِ .
( والكاثِبُ : ع ، أَو جَبَلٌ ) ؛ قال أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ يَرْثِي فَضَالَةَ بْنَ كَلدَةَ الأَسَدِيّ :
____________________

(4/110)



على السَّيِّدِ الصَّعْبِ لو أَنَّه
يَقُومُ على ذِرْوَة الصاقِبِ
لأَصْبَح رَتْماً دُقاقُ الحَصَى
مَكَانَ النَّبِيّ من الكاثِبِ
النَّبِيّ : مَوْضِعٌ ، وقيل : هو ما نَبا فارتَفعَ ، قال ابْنُ بَرّيّ : النَّبِيُّ رَمْلٌ معروفٌ ، ويقال : هو جمعُ نابٍ ، كغازٍ وغَزِيّ . يقول : لو علا فَضالةُ هاذا على الصّاقِب ، وهو جَبَلٌ معروف في بلاد بني عامرٍ ، لأَصْبَح مدقوقاً مكسوراً ، يُعَظِّمُ بذالك أَمْرَ فَضالَة وقيل : إِنّ قوله يَقومُ بمعنى يُقَاوِمُهُ ، كذا في لسان العرب .
( والكَثْباءُ ) ، مَمْدودٌ : من أَسماءِ ( التُّرَابِ ) .
( والتَّكْثِيبُ : القِلَّة ) ، يُقَالُ : كَثَّبَ لَبَنُ النّاقةِ : إِذا قَلَّ ، نقله الصّاغانيُّ .
( و ) في المَثَلِ : ( كَثَبَكَ الصَّيْدُ ) ، هكذا فِي النُّسَخِ بغَيْرِ أَلف ، والصَّوابُ أَكْثَبَك الصَّيْدُ والرَّمْيُ ، وأَكْثَبَ لَكَ ( فَارْمِهِ ) . أَي : دنا منك ، و ( أَمْكَنَكَ ) كما في غير ديوانٍ ، وإِنْ كان كَثَبَ وأَكْثَبَ بمعنًى كما تقدَّم ، ( مِنْ كاثِبَتِهِ ) أَي : من مَنْسِجِه ، هاكذا في النُّسَخ .
( و ) في المَثَل : ( مَا رُمِيَ بِكِثابٍ ) . المضبوطُ في نسختنا بالكسر ، على وزْنِ كِتَابٍ ، ونَصُّ المَثَلِ : ما رماه بكُثَّابٍ ، ( أَيْ : شَيْءٍ : سَهْمٍ ، وغيرِه ) . وفي لسان العرب : أَيْ سهْم . وقيل : هو الصَّغِيرُ من السِّهام ها هُنا .
( وكاثَبْتُهُمْ ) ، مُكَاثَبَةً : ( دَنَوْتُ مِنْهُمْ ) . فالمُفَاعَلَةُ ليست على بابها .
( ) وممَّا يُستدركُ عليه :
قال اللَّيْثُ : كَثَبْتُ التُّرَابَ ، فانْكَثَب : إِذا نَثَرْتَ بعضَهُ فوقَ بعضٍ . وعن أَبي زيدٍ : كَثَبْتُ الطَّعَامَ أَكْثُبُهُ كَثْباً ، ونَثَرْتُه نَثْراً ، وهُمَا واحدٌ . وكُلّ ما انْصَبَّ في شَيءٍ واجتمعَ ، فقد انْكَثَبَ فيه .
وفي المَثَلِ : ( إِنَّهُ لَيَخْطُبُ كُثْبَةً ) . وقد تقدَّمَ شَرْحُه .
وجاءَ يَكْثُبُه : أَي يَتْلُوهُ .
وكُثّابَةُ البَكْر والفَصِيلِ ، كرُمَّانةٍ :
____________________

(4/111)


المَكانُ الَّذي كان فيه الفَصِيلُ ببلادِ ثَمُودَ ، نقله الصّاغانيُّ .
كثعب : ( الكَثْعَبُ ) ، كَجَعْفَرٍ : أَهمله الجوهريّ ، وقال اللَّيْث : هي ( المَرْأَةُ الضَّخْمَةُ الرَّكَبِ ) ، بالتَّحْريك : الفَرْجِ كالكَثْعَمِ ، والكَعْثَبِ . ( و ) يقال : ( رَكَبٌ كَثْعَبٌ ) ، وكَعْثَبٌ : ( ضَخْمٌ ) مُمْتَلِىءٌ ، ناتِىءٌ .
كثنب : ( الكَثْنَبُ ، كَجَعْفَرٍ ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وصاحِبُ اللِّسَان . وقالَ الصّاغانيُّ في كثب : هو ( الصُّلْبُ الشَّدِيدُ ) ، ونُونُهُ زائِدةٌ عند أَكثرِ الصَّرْفِيِّينَ . ( وقد تُقَدَّمُ النُّونُ ) على الثّاءَ المُثلَّثة ، وسيأْتي في موضعه .
كحب : ( الكَحْبُ ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وقال ابْنُ دُرَيْدٍ : الكَحْبُ ، والكَحْم : ( الحِصْرِمُ ) ، بالكسر ، ( واحدتُهُ ) كَحْبَةٌ ( بهاءٍ ) ، يَمانِيَةٌ ، وهو البَرْوَقُ . ( و ) الكَحْبُ ، بِلُغَتِهِمْ أَيضاً : ( الدبُرُ ) ، بضمّتين . ( وكَحَّبَ الكَرْمُ تَكْحِيباً : ظَهَرَ كَحْبُهُ ) ، أَي : ظَهَرَ عُنقودُ حِصْرِمِه . قال الأَزهريّ : هاذا حرفٌ صَحيح ، وقد رواه أَحمدُ بْنُ يَحْيَى ، عن ابْن الأَعرابيِّ . قال : ويُقَالُ : كَحَبَ العِنَبُ ، إِذا انعقَدَ ( أَو كَثُرَ حَبُّهُ ) .
( و ) قد ( كَحَبه ، كمَنَعَه : ضَرَبَ دُبُرَهُ ) .
( و ) رَوَى سَلَمَةُ ، عن الفَرّاءِ ، يقال : الدَّراهِمُ بينَ يَدَيْهِ كاحِبةٌ ، ( الكاحِبَةُ : الكثيرَةُ ) . قال : ( والنّارُ الَّتي ارْتَفَعَ لَهَبُهَا ) ، وهي كاحِبَةٌ .
( وكَوْحَبٌ ) ، كَجَوْهَرٍ : ( ع ) ، عن ابْنِ دُرَيْدٍ .
كحكب : ( كَحْكَبٌ ، كجَعْفَرٍ ) : أَهمله الجوْهَرِيُّ ، وقال ابْن دُرَيْدٍ : هو ( ع ) نقله الصّاغانيُّ .

____________________

(4/112)


كحلب : ( كَحْلَبَةٌ ) ، وكَحْلَبٌ : ( اسْمٌ ) ، أَهمله الجَمَاعَةُ .
كدب : ( الكَدْبُ ) ، بالفتح : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وقال أَبو عُمَرَ في ياقُوتة : ( حَيَّاكَ الله وبَيَّاكَ ) : الكَدْبُ ، ( والكَدِبُ ) ككَتِفٍ ، ( والكَدَبُ ، مُحَرَّكَةً ، والكُدْبُ بالضَّمِّ ) . قال شيخُنَا : ولو قال الكَدْبُ مُثَلّثةً وتُحَرَّك ، لكان أَخصرَ وأَدَلّ على المُرَاد ( والذَّالُ ) المُعْجَمَةُ ( لُغَةٌ فِيهِنَّ ) . قال شيخُنا : لفظُ : ( فيهنّ ) مُستدرَكٌ غيرُ محتاج إِليه ؛ لأَنّ مثلَ هاذا إِنّما يُذْكَرُ في تَعْدادِ المعاني ، لا في ضَبْط اللَّفْظِ الواحِدِ : ( البَياضُ في أَظفَارِ الأَحْدَاثِ ) . والَّذِي ذَكَرَهُ أَبو عُمَرَ في الياقوتة ، أَرْبَعُ لُغاتٍ فقط ، وهي : الكَدْبُ ، والكَدَبُ بالفَتح والتحريك ، وإِهْمال الدّال وإِعجامها ، ( الواحِدَةُ بهاءٍ ) في الكُلِّ . فإِذا صحَّتْ كَدْبَةٌ ، بسكون الدّال ، فَكَدْبٌ اسْمٌ للجمع ( كالكُدَيْباءِ ) ، مُصَغَّراً مَمْدُوداً . وهاذه عن ثعلب .
( و ) عن ابْن الأَعْرَابيّ : ( المكدوبَةُ ) ، من النِّسَاء : ( المَرْأَةُ النَّقِيَّةُ البَيَاضِ ) ثُمَّ إِنَّ هاذه المادَّةَ أَهملها طائفةٌ من أَهل اللِّسان ، وجرى عليه الجَوْهَرِيُّ ، وغيرهُ كما أَشرنا إِليه ، والصَّوَابُ إِثباتُها ، لا سِيَّما ( و ) قد ( قَرَأَ ) الحَبْرُ عبدُ اللَّهِ ( بْنُ عَبَّاسٍ ) تَرْجُمانُ القُرْآنِ ، رَضِيَ اللَّهُ عنهما ، وكذا السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ ، رَضِيَ اللَّهُ عنها ، وأَبُو السَّمّالِ ، ونَقَلَهُ الهَرَوِيُّ في غَرِيبَيْهِ عن الحَسَنِ الب 2 صْرِيِّ أَيضاً قولَهُ تَعَالَى : { 4 . 009 وجاؤوا على قميصه بدم كذب } ( يوسف : 18 ) ، بالدَّالِ المُهْمَلة . وسُئلَ أَبُو العَبّاسِ عن قراءَة مَنْ قَرَأَ بِدَمٍ كَدِبٍ ) بالدّالِ المُهْمَلَةِ ، فقال : إِنْ قَرَأَ بِه إِمامٌ ، فله مَخْرَجٌ . قِيلَ له : فما هو ؟ فقال : بِدَمٍ كَدِبٍ ( أَي ضارِب إِلى البَيَاضِ ) مأْخُوذٌ من : كَدَب الظُّفْر ، وهو وَبَشُ بَيَاضِه ( كَأَنَّه دَمٌ فقد أَثَّرَ في قَمِيصِه ، فلَحِقْتْهُ أَعْرَاضُهُ كالنَّقْشِ عَلَيْهِ ) . وقيل : أَيْ طَرِيٌّ ،
____________________

(4/113)


وقيلَ : يابسٌ ، لأَنَّهُمْ عَدُّوهُ من الأَضداد ، صَرَّح به شيخُنا ، وقِيل : كَدِرٌ . وقال الهَرَوِيُّ : حُكِيَ أَنَّهُ المُتَغَيِّرُ .
كذب : ( كَذَبَ ، يَكْذِبُ ) من باب ضَرَبَ ( كَذِباً ) كَكَتِفٍ ، قال شيخنا : وهو غريب في المصادر ، حتى قالوا : إِنّه لم يَأْتِ مصدرٌ على هاذا الوزنِ ، إِلاّ أَلفاظاً قليلةً ، حَصَرَها القَزّازُ في جامِعه في أَحَدَ عَشَرَ حرفاً ، لا تَزيدُ عليها ، فذَكَرَ : اللَّعِبَ ، والضَّحِكَ ، والحَبِقَ ، والكَذِبَ ، وغيرَها . وأَمّا الأَسْماءُ الّتي ليست بمصادِرَ ، فتأْتي على هذا الوزن كثيراً . ( وكِذْباً ) بالكسرِ ، هاكذا مضبوطٌ في الصَّحاح ، قال شيخُنا : وظاهر إِطلاقه أَن يكون مفتوحاً ، وليس كذالك ، وصرَّح ابْنُ السّيد وغيرُه أَنّه ليس لُغَةً مستقِلّةً ، بل هو بنقْلِ حَركةِ العين إِلى الفاءِ تخفيفاً ، ولاكنّه مسموعٌ في كلامهم ، على أَنَّهم أَجازُوا هاذا التَّخفيفَ فِي مثله لو لم يُسْمَعْ . ( وَكِذْبَةً ) بالكسر أَيضاً على ما هو مضبوطٌ عندَنا ، وضبطَه شَيخُنا كَفَرِحةٍ ، ومِثْلُهُ فِي لسانِ العرب ، ( وَكَذْبَةً ) بفتح فسكون ، كذا ضُبِطَ ، وضَبَطَهُ شيخُنا بالكسر ، ومِثْلُه في لسان العرب ، قال : وهاتانِ عن اللِّحْيَانيّ . قلتُ : وهو الّذِي زعم أَنّه زاده ابْنُ عُدَيْس ، أَي : بالفتح ، ( وكِذَاباً ، وكِذَّاباً ككِتَابٍ وجِنَّان ) أَنشدَ اللِّحْيَانِيُّ في الأَوّل :
نَادَتْ حَلِيمَةُ بالوَداعِ وآذَنَتْ
أَهْلَ الصّفاءِ وودَّعَتْ بِكِذَابِ
قال شيخُنا : وهُما مَصدرانِ ، قُرِىء بِهِمَا في المُتَواتِر . يقال : كاذَبْتُه مُكَاذَبَةً وكِذَاباً ، ومنه قراءَةُ عليّ والعُطارديّ والأَعمش والسُّلَميّ والكِسَائيّ وغيرِهم ، { وَلاَ كِذباً } ( النبأ : 35 ) . وقيل : هو مصدرُ : كَذَبَ كِذَاباً ، مثلُ : كَتَبَ كِتَاباً .
وقالَ اللِّحْيانيّ ، قال الكِسائِيُّ : أَهلُ اليَمنِ : يَجعلُونَ المصدَرَ من فَعَّلَ : فِعَّالاً : وغيرُهُم من العرب : تَفْعِيلاً . وفِي الصَّحاح : وقولُه تَعالى : { 4 . 009 وكذبوا
____________________

(4/114)


بآياتنا كذابا } ( النبأ : 38 ) ، وهو أَحَدُ مصادرِ المُشَدَّدِ ، لاِءَنَّ مصدرَهُ قد يجيءُ على تَفعيل ، كالتَّكليم ، وعلى فِعّالٍ ، مثل كِذَّابٍ ، وعلى تَفْعِلَةٍ ، مثل تَوْصِيَةٍ ، وعلى مُفَعَّل ، مثل : { وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ } ( سبأ : 19 ) . قلتُ : وفاته : كُذَّاباً ، كرُمَّانٍ ، وبه قرأَ عُمَرُ بْنُ عبدِ العزيزِ ؛ ويكون صِفَةً على المُبَالَغَة ، كوُضّاءٍ وحُسَّانٍ ، يقال : كَذَبَ كُذَّاباً ، أَي : مُتَنَاهِياً .
( وهُوَ كاذِبٌ ، وكَذَّاب ) ، ككَتَّانٍ والأُنثى بالهاءِ ( و ) عن اللِّحْيَانيّ : رَجُلٌ ( تكِذَّابٌ ) وتِصِدَّاق ، بكسرتَيْنِ وشَدِّ الثّالث ، أَي : يَكْذِبُ ويَصْدُقُ . ( و ) رجلٌ ( كَذُوبٌ ) ، وكذلك رُؤيا كَذُوبٌ أَي : صاحِبُهَا كاذِبٌ ؛ أَنشد ثعلب :
فَحَيَّتْ فَحَيَّاهَا فَهَبَّ فَحَلَّقَت
مَعَ النَّجْم رُؤيا في المنامِ كَذُوبُ
ومن أَمْثَالِهم : ( إِنّ الكَذُوبَ قد يَصْدُقُ ) . وهو كقولهم : ( مَعَ الخَوَاطِىءِ سهْمٌ صائِبٌ ) ( وكَذُوبَةٌ ) بزِيَادَةِ الهَاءِ ، كفَرُوقَة ، ( وكَذْبانُ ) كسَكْرَانَ ، ( وكَيْذَبانُ ) بزيادة المُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّة وفَتْح الذّالِ ، كذا هو بخطّ الأَزْهَرِي في كتابِه ، ( وكَيْذُبَانُ ) بِضمّ الذّال كَذَا في نُسْخَةِ الصّحاح ، ( وكُذُبْذُبٌ ) بالضَّمّ ، مُخَفَّفٌ .
قال الشيخُ أَبو حَيّانَ في الارتشافِ لم يَجِيءْ في كلام العَرَب كلمةٌ على فُعُلْعُلٍ ، إِلاّ قَوْلُهم : كُذُبْذُبٌ . قال شيخُنا : وقد صرّح به ابنُ عُصْفُور ، وابْنُ القطّاعِ ، وغيرُهما . قلتُ : ولم يَذْكُرْه سِيبَوَيْه فيما ذَكَرَ من الأَمثلة ، كما نقله الصّاغانيّ . ( و ) قد يُشَدَّدُ ، فيُقَالُ : ( كُذُّبْذُبٌ ) حكاه ابْنُ عُدَيْسٍ ، وغيرُه ، ونَقَلَهُ شُرَّاحُ
____________________

(4/115)


الفَصِيح . وأَنشد الجَوْهَرِيُّ لأَبِي زَيْدٍ :
وإِذَا أَتَاكَ بأَنَّنِي قد بِعْتُها
بِوِصالِ غانِيَةٍ فُقْلُ كُذِّبْذُبُ
وفي نُسْخَةٍ : ( قد بِعْتُهُ ) ، ويُقَالُ : إِنَّه لجُرَيْبَةَ بْنِ الأَشْيَمِ ، جاهليّ ، وفي الشَّوَاذِّ ، عن أَبي زَيْد :
فإِذا سَمِعْتَ بِأَنَّنِي قَدْ بِعْتُهُ
يقول : إِذا سَمِعْتَ بِأَنَّنِي قد بِعْتُ جَمَلِي بوِصالِ امْرَأَة ، فقُلْ : كُذُّبْذُبٌ . كذا في هامش نُسْخَة الصَّحاح . وقال ابْنُ جنِّي : أَمَّا كُذُبْذُبٌ خفيفٌ ، وكُذُّبْذُبٌ مُشَدَّدٌ منه ، فهاتان لم يَحْكِهما سِيْبَوَيْه . ( و ) رَجلٌ ( كُذَبَةٌ ) ، مثالُ هُمَزَة ، نقله ابْنُ عُدَيْس وابنُ جِنِّي وغيرُهما ، وصرَّح به شُرَّاحُ الفَصيح والجَوْهَرِيُّ وهو من أَوْزَانِ المُبَالغة كما لا يخفَى . قاله شيخُنا . ( ومَكْذَبَانُ ) ، بفتح الأَوّل والثالِث ، كذا في الصَّحاح مضبوطٌ ، وضُبِطَ في نسختنا بضمّ الثّالث ، ( ومَكْذَبَانَةٌ ) ، بزيادة الهاءِ . نقلهما ابْنُ جِنِّي في شرح ديوان المتنبّي ، وابنُ عُدَيْسٍ ، وشُرّاحُ الفصيح ، عن أَبي زيد ؛ ( وكُذُبْذُبانُ ) بالضَّمِّ وزيادة الأَلِف والنُّون ، قال شيخُنَا : وهو غريبٌ في الدَّواوينِ .
وقد فرَغَ المصنِّفُ من الصِّفات ، وانتقل إِلى ذكر ما يَدُلُّ على المصدر من الأَلفاظ ، فقال : ( والأُكْذُوبَة والكُذْبَى ) ، بضمهما ، الأَخير عن ابْن الأَعْرَابِيّ ، ( والمَكْذُوبُ ) كالمَيْسور من إطلاق المفعول الثّلاثيّ على المصدر ، وهو قليل ، حَصَرُوا أَلفاظَهُ في نحو أَربعةٍ ، ويُستدرَكُ عليهم هاذا . قالَهُ شيخُنا . ( والمَكْذُوبَة ) ، مُؤنَّثَةٌ ، وهو
____________________

(4/116)


أَقلُّ من المُذَكَّر ، ( والمَكْذَبَةُ ) على مَفْعَلَةٍ ، مَصدرٌ مِيميٌّ ، مَقِيسٌ في الثُّلاثيّ ، رواه ابْنُ الأَعْرابِيّ ، ( والكاذِبَةُ ، والكُذْبَانُ ، والكُذَابُ ، بضمِّهما ) : كلّ ذالك بمعنى ( الكَذِبِ ) . قال الفَرّاءُ ، يَحْكِي عن العرب : إِنّ بَنِي نُمَيْرٍ ، ليس لهم مَكذوبةٌ . وفي الصَّحاح : وقولُهم : إِنَّ بني فُلانٍ ليس لِجَدِّهم مَكذوبة ، أَي : كَذبٌ . قلتُ : وحكاه عنهم أَبو ثَرْوانَ ، وقالَ الفَرّاءُ أَيضاً في قوله تعالَى : { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } ( الواقعة : 2 ) ، أَي : ليس لها مَرودةٌ ، ولا رَدٌّ . فالكاذبة هُنا مصدر . وقال غيرُهُ : كَذَبَ كاذِبَةً ، وعافاهُ اللَّهُ عافِيَةً ، وعاقَبَه عاقِبَةً ، أَسماءٌ وُضِعتْ مَوَاضعَ المصادرِ ، ومثلُهُ في الصَّحاح . ويقالُ : لا مَكْذَبة ، ولا كُذْبَى ، ولا كُذْبَانَ ، أَي : لا أَكْذِبُكَ . وفي شرح الفصيح ، لأَبي جَعْفَرٍ اللَّبْلِيّ : لا كُذْبَ لك ، ولا كُذْبَى ، بالضَّمِّ ، أَي : لا تَكْذِيبَ . فزادَ على المُؤلِّف بِناءً واحداً ، وهو الكُذْبُ ، كقُفْلٍ . وقوله تعالى : { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ } ( العلق : 16 ) ، أَي : صاحِبُها كاذبٌ ، فأَوْقَع الجُزءَ مَوْقِعَ الجُملةِ .
( وأَكْذَبَه : أَلْفاهُ ) أَي : وجَدَه ( كاذِباً ) ، أَو قال له : كذَبْتَ . وفي الصَّحاح : أَكْذَبْتُ الرَّجُلَ : أَلْفَيتُه كاذِباً . وكَذَّبْتُهُ ، إِذا قُلْتَ له : كَذَبْتَ . وقال الكِسائيُّ : أَكْذَبْتُه : إِذا أَخبرتَ أَنّه جاءَ بالكَذِبِ ورَوَاهُ ، وكَذَّبْتُهُ : إِذا أَخبرتَ أَنَّهُ كاذِبٌ . ( و ) قال ثعلب : أَكْذَبَه ، وكَذَّبَه ، بمعنًى . وقد يكونُ أَكْذَبَهُ بمعنَى ( حَمَلَهُ على الكَذِبِ ، و ) قد يكونُ بمعنَى ( بَيَّنَ كَذِبَهُ ) ، وبمعنَى وَجَدَهُ كاذباً ، كما صرّح به المُؤَلِّفُ .
( و ) من المَجَاز ، عن أَبِي زيد : ( الكَذُوبُ ، والكَذُوبَةُ ) : من أَسماءِ ( النَّفْسِ ) ، وعلى الأَوَّلِ اقتصرَ جماعةٌ . قال :
إِنِّي وإِنْ مَنَّتْنِيَ الكَذُوبُ
لَعالِمٌ أَنْ أَجَلِي قَرِيبُ
____________________

(4/117)



( وكُذِبَ الرجُل ، بالضمّ والتخفيف : أُخْبِرَ بالكَذِبِ ) .
( والكَذّابانِ ) : هما ( مُسَيْلِمَةُ ) ، مُصَغَّراً ، ابن حَبيبٍ ( الحَنَفِيُّ ) من بني حَنِيفةَ بْنِ الدُّولِ ، ( والأَسْودُ ) بْنُ كَعْبٍ ( العَنْسِيّ ) ، من بني عَنْسٍ ، خَرَجَ باليَمَن .
( و ) من المَجَاز ، عن النَّضْر ، يقال : ( النّاقَةُ الَّتي يَضْرِبُها الفَحْل ، فتَشُولُ ، ثُمَّ تَرْجِعُ حائلاً : مُكَذِّبٌ ، وكاذِبٌ ) ، بلا هاءٍ . ( وقد كَذَبَتْ ) ، بالتّخفيف ، ( وكَذَّبَتْ ) ، بالتَّشديد .
( و ) عن أَبي عَمْرٍ و : ( يُقَالُ لِمَنْ يُصاحُ به ، وهو ساكتٌ يُرَى أَنَّهُ نائمٌ : قد أَكْذَبَ ) الرَّجُلُ . ( وهو الإِكْذابُ ) بهاذا المعنى ، وهو مَجاز أَيضاً .
( و ) عن ابنِ الأَعْرَابيّ : ( المَكْذُوبةَ : المَرْأَةُ الضَّعِيفَةُ ) .
والمذكوبةُ : المَرْأَةُ الصّالحَةُ ، وقد تقدَّم .
( وكَذَّابُ بَنِي كَلْبِ ) بْنِ وَبْرَةَ : هو ( خَبّابُ ) بالمُعْجَمة والمُوَحَّدةِ والتّشديد ، وفي نسخةٍ : جَنابٌ ، بالجيم والنّون والتّخفيف ( بْنُ مُنْقِذ ) بْنِ مالِكٍ . ( وَكَذَّابُ بَنِي طابِخَةَ ) ، وهو من كَلْبٍ أَيضاً .
( و ) كذالك ( كَذَّابُ بَنِي الحِرْمازِ ) واسْمُهُ عبدُاللَّهِ بْنُ الأَعْوَرِ .
( والكَيْذُبانُ المُحَارِبيّ ) ، بضمّ الذّال المُعْجَمة ، واسْمُهُ ( عَدِيُّ بْنُ نَصْرِ ) ابْنِ بذاوةَ : ( شُعَراءُ ) معروفونَ .
( و ) من المَجَاز : ( كَذَبَ ، قد يَكُون بمنى وَجَبَ ، ومنه ) حديث عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عنه ( كَذَبَ عَلَيْكُمُ الحَجُّ ، كذَبَ عليكم العُمرَةُ كَذَب عَلَيْكُم الجِهَادُ ، ثلاثةُ أَسْفَارٍ كَذَبْنَ عَلَيْكُمْ ) ) فقيل : إنّ معناها وَجَبَ عليكم . ( أَو ) أَنّ المُرَادَ بالكَذِب التَّرغيبُ والبَعْثُ ( من ) قولهم : ( كَذَبَتْه نَفْسُه : إِذا مَنَّتْهُ الأَمَانِيَّ ) بغيرِ الحَقّ ، ( وخَيَّلَتْ إِلَيْهِ منَ الآمالِ ) البعيدةِ ( ما لا يَكادُ يَكُونُ ) ، ولذالك سُمِّيَتِ النَّفْسُ : الكَذُوبَ ، كما تقدّم .
____________________

(4/118)


وذالك مِمّا يُرَغِّبُ الرجُلَ في الأُمور ، ويبعَثُهُ على التَّعرّض لها . قال أَبو الهَيْثَم في قول لَبِيدٍ :
أَكْذِبِ النَّفْسَ إِذَا حَدَّثْتَها
يقول : مَنِّ نَفْسَكَ بالعيش الطَّويل ، لتَأْمُلَ الآمالَ البعيدةَ ، فتَجِدَّ في الطَّلَب لأَنّك إِذا صَدَقْتَهَا ، فقلتَ : لعلّكِ تَمُوتِينَ اليومَ ، أَو غَداً ، قَصُر أَمَلُهَا ، وضَعُفَ طَلَبُها . انتهى .
ويقولون في عكس ذلك : صَدَقَتْهُ نفْسُه : إِذا ثَبَّطَتْهُ ، وخَيَّلَتْ إِليه المَعْجَزَةَ في الطَّلَبِ . قال أَبو عمرِو بْنُ العَلاء : يقال للرَّجُلِ يَتَهَدَّدُ الرَّجُلَ ويتَوعَّدُه ثم يَكْذِب ويَكُعُّ : صَدَقَتْهُ الكَذُوبُ ؛ وأَنشدَ : :
فأَقْبَلَ نَحْوِي على قُدْرَةٍ
فَلَمّا دَنَا صَدَقَتْهُ الكَذُوبُ
وأَنشد الفرّاءُ :
حَتَّى إِذا ما صَدَّقَتْهُ كُذُبُهْ
أَي : نُفُوسُه ، جعل له نفوساً ، لتَفَرُّق الرَّأْيِ وانْتشارِه .
فمعنى قوله : كَذَبَكَ الحَجُّ : ( أَيْ : لِيُكَذِّبْكَ الحَجُّ ، أَي : لِيُنَشِّطْكَ ، ويَبْعَثْكَ على فِعْلِه ) . وقال الزَّمَخْشَرِيُّ : معنى كَذَبَ عليكُم الحَجُّ : على كلامَيْنِ كأَنَّه قال كذَبَ الحَجُّ ، عليكَ الحَجُّ ، أَي : لِيُرَغِّبْكَ الحَجُّ ، وهو واجبٌ عليك ، فأَضْمَرَ الأَوّلَ لِدَلالة الثّاني عليه ؛ ( ومَن نَصَبَ الحَجَّ ) ، أَي : جعله منصوباً ، كما رُوِيَ عن بعضهم ، فقد ( جَعَلَ ( عَلَيْكَ ) اسْمَ فِعْلٍ ، وفي كَذَبَ ضَمِيرُ الحَجِّ ) ، وعَلَيْكُم الحَجّ : جملةٌ أُخْرَى ، والظّرف نُقِلَ إِلى اسْمِ الفِعْلِ ، كعَلَيْكُم أَنْفُسَكُم وفِيه إِعادةُ الضَّمير على متأْخّرٍ ، إِلاّ أَنْ يَلْحَقَ بِالأَعْمَال ، فإِنّه معتَبَرٌ فيه ، مع ما في ذالك من التّنافُرِ بين الجُمَلِ وإِنْ كانَ يستقيم بحَسَبِ ما يَؤُول إِليه الأَمرُ . على أَنّ النَّصْبَ أَثْبتَه الرَّضِيُّ ، وجعل ( كَذَبَ ) اسْمَ فِعْلٍ ، بمعنى
____________________

(4/119)


الْزَمْ ، وما بَعدَههُ منصوبٌ به ، ورُدَّ كلامُه بأَنَّهُ مخالِفٌ لإِجماعهم . وقيل : إِن النَّصْبَ غيرُ معروفٍ بالكُلِّيَّة فيه ، كما حقّقه شيخُنا ، على ما يأْتي . وفي الصَّحاح : وهي كلمة نادِرَة ، جاءَت على غيرِ قياسِ . وعن ابْنِ شُمَيْلٍ : كَذَبَكَ الحَجُّ : أَي أَمْكَنَك ، فَحُجَّ ؛ وكَذَبَك الصَّيْدُ ، أَي : أَمْكَنَكَ فَارْمِه . ( أَو المَعْنَى : كَذَبَ عَلَيْكَ الحَجُّ إِن ذَكَر أَنَّه غَيْرُ كافٍ هادِمٍ لِما قبلَهُ من الذُّنُوبِ ) . قال الشَّاعر ، وهو عَنْتَرَةُ العَبْسِيُّ ، يُخَاطِب زوجَتَهُ عَبْلَةَ ، وقيل : لخُزَزَ بْنِ لَوْذانَ السَّدُوسِيّ ، وهو موجود في ديوانهما :
كَذَبَ العَتِيقُ وماءُ شَنَ بارِدٍ
إِنْ كُنْتِ سائِلَتِي غَبُوقاً فَاذْهَبِي
ومُضَرُ ، تَنْصِبُ ( العَتِيقَ ) بعدَ ( كَذَبَ ) على الإِغْرَاءِ ، واليَمَنُ تَرْفَعُه . والعَتِيقُ : التَّمْرُ اليابِسُ . والبيت من شواهِدِ سيبويه ، وأَنشده المُحَقِّقُ الرَّضِيُّ في أَوائل مبحثِ أَسماءِ الأَفعال شاهداً على أَنَّ ( كَذَبَ ) في الأَصل فِعْلٌ ، وقد صار اسْمَ فِعْلٍ بمعنى : الزَمْ . قال شيخُنا : وهاذا ، أَي : كونُهُ اسْمَ فِعْلٍ ، شَيْءٌ انفرد به الرَّضِيُّ . وانظرْ بقيَّتَهُ في شرح شيخِنا . ثمّ إِنَّه تقدَّمَ ، على أَنَّ النَّصْبَ قد أَنكَرَهُ جماعةٌ ، وعَيَّنَ الرَّفعَ منهم جماعةٌ ، منهم أَبو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَاريِّ في رسالة مستقلَّةٍ شَرَحَ فيها معانِيَ الكَذِبِ ، وجعلَها خمسةً . قال : كَذَب : معناه الإِغراءُ ، ومُطالَبَةُ المُخَاطَب بلُزُومِ الشَّيْءِ المذكور ، كقول العرب : كذبَ عليك العَسَلُ ، ويريدُونَ : كُلِ العسلَ ، وتلخيصُهُ أَخْطَأَ تارِكُ العَسَلِ ، فغَلَّبَ المُضافَ إِليه على المُضَاف . قال عُمَرُ بْنُ الخَطَّاب : ( كذَبَ عَلَيْكُم الحَجُّ ، كَذَبَ عَلَيْكُمُ العُمْرَةُ ، كَذَبَ عَلَيْكم الجِهَادُ ، ثلاثةُ أَسْفَارٍ كَذَبْنَ عَلَيْكُم ) معناه : الْزَمُوا الحَجَّ ، والعُمْرَةَ ،
____________________

(4/120)


والجِهَادَ ؛ والمُغْرَى به ، مرفوعٌ بكَذَبَ لا يجوز نصبُه على الصِّحَّة ، لأَنَّ كَذَبَ فِعْلٌ ، لا بُدَّ له من فاعل ، وخَبَرٌ لا بُدَّ له من مُحَدَّث عنه . والفعل والفاعل ، كلاهُما تأْويلُهما الإِغْرَاءُ . ومن زَعَمَ أَنَّ الحَجَّ والعُمْرَةَ والجِهَادَ في حديثِ عُمَرَ ، حُكْمُهُنَّ النَّصْبُ ، لمْ يُصِبْ ، إِذ قَضَى بالخُلُوِّ عن الفاعل . وقد حكى أَبو عُبَيْدٍ ، عن أَبي عُبَيْدَةَ ، عن أَعْرَابِيّ أَنَّه نَظَرَ إِلى ناقةِ نِضْوٍ لِرَجُل ، فقال : كَذَبَ عَلَيْكَ البَزْرَ والنَّوَى . قال أَبو عبيد : لم يُسْمَعِ النَّصْبُ مع ( كَذَب ) في الإِغراءِ ، إِلاّ في هاذا الحرف ، قال أَبو بكر : وهاذا شاذٌّ من القَول ، خارجٌ في النَّحْو عن مِنْهَاج القِياس ، مُلْحَقٌ بالشَّوَاذِّ الَّتي لا يُعَوَّلُ عليها ، ولا يُؤْخَذُ بها ؛ قال الشّاعرُ :
( كَذَبَ العَتِيقُ )
إلى آخره ، معناه : الْزَمي العتيقَ ، وهاذا الماءَ ، ولا تُطالِبِيني بغيرهما . والعتيقُ : مرفوعٌ لا غَيْرُ ، انتهى . وقد نقل أَبو حَيّان هاذا الكلامَ في تذْكِرته . وفي شرح التَّسْهِيل ، وزاد فيه بأَنّ الّذي يَدُلُّ على رفع الأَسماءِ بعد ( كَذَبَ ) أَنَّه يتَّصل بها الضَّمير ، كما جاءَ في كلامِ عُمَرَ : ثلاثةُ أَسفارٍ ، كَذَبْنَ عليكم . وقال الشّاعرُ :
كَذَبْتُ عَلَيْكَ لا تَزالُ تَقُوفُنِي
كما قافَ آثَارَ الوَسِيقَةِ قائِفُ
معناه : عليكَ بي ، وهي مُغْرًى بها واتَّصلت بالفعل ، لاِءَنَّه لو تأَخّر الفاعلُ لَكَانَ منفصلاً ، وليس هاذا من مواضع انفصاله . قلتُ : وهاذا قولُ الأَصمعيّ : كما نقله أَبو عُبَيْد ، قال : إِنّما أَغراه بنَفْسِه ، أَي : عليكَ بي ، فجعل نَفْسَهُ في موضع رَفْعٍ ، أَلا تراهُ قد جاءَ بالتَّاءِ ، فجعَلَها اسْمَهُ . وقال أَبو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ في هاذا الشِّعر : أَي ظَنَنْتُ بك أَنّك لا تنامُ عن وِتْرِي ، فكَذَبْتُ عَلَيْك . قال شيخُنا ، قلت : والصَّحيحُ جوازُ النَّصْبِ ، لِنَقْلِ العُلَمَاءِ أَنَّه لُغَةُ مُضَرَ ،
____________________

(4/121)


والرَّفْعُ لُغَةُ اليَمَن ووجهُه مع الرَّفْعِ أَنّه من قَبِيلِ ما جاءَ من أَلفاظِ الخَبَر الّتي بمعنى الإِغْرَاءِ . كما قال ابْنُ الشَّجَرِيّ في أَمالِيه : { تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } أَي آمِنُوا باللَّهِ ، ورحِمَهُ اللَّهُ : أَي اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ ، وحَسْبُك زَيْدٌ : أَي اكْتَفِ به ؛ ووجهُهُ مع النَّصْبِ من باب سِرايَةِ المعنى إِلى اللَّفْظ ، فإِنَّ المُغْرَى به لَمّا كان مفعولاً في المعنى ، اتصلتْ به علامةُ النَّصب ، ليُطَابِقَ اللّفظُ المعنى . انتهى .
وفي لسان العرب ، بعدَ ما ذكَرَ قولَ عَنْتَرَةَ السّابق : أَي يقولُ لها : عليكِ بأَكْلِ العَتِيقِ ، وهو التَّمْرُ اليابسُ ، وشُربِ الماءِ البارِدِ ، ولا تَتَعَرَّضِي لِغَبُوقِ اللَّبَنِ ، وهو شُرْبُه عَشِيّاً ؛ لاِءَنّ اللَّبَنَ خَصَصْتُ به مُهْرِي الّذي أَنْتفع به ويُسَلِّمُني وإِيّاكِ . وفي حَدِيث عُمَرَ : أَنَّ عَمْرَو بنَ مَعْدِيكرِبَ شَكَا إِليه النِّقْرِسَ فقال : ( كَذَبتْكَ الظَّهَائِرُ ) ، أَي : عليكَ بالمشْي في الظَّهائر ، وهي جمعُ ظَهِيرَةٍ ، وهي شدة الحَرّ ، وفي رواية : ( كذبَ عليك الظواهرُ ) جمع ظاهِرَةٍ وهي ما ظَهَرَ من الأَرض وارتفع . وفي حديثٍ له آخَر : ( أَنّ عَمْرَو بْنَ مَعْدِيكرِبَ اشْتكَى إِليه المَعَصَ ، فقال : ( كَذَبَ عليكَ العَسَلُ ) يريد : العَسَلانَ ، وهو مَشْيُ الذِّئبِ ، أَي : عليك بسُرْعة المَشْي . والمَعَصُ ، بالعين المهملة : الْتِواءٌ في عَصَب الرِّجْل . ومنه حديثُ عليَ : ( كَذَبَتْكَ الحارِقَةُ ) أَي : عليك بمثلها ، والحارِقَةُ : المرأَة التي تَغْلِبُهَا شهوتُها ، وقيل : هي الضَّيِّقةُ الفَرْجِ ، قلتُ : وقرأْتُ في كتاب استدراك الغَلَط ، لاِءَبِي عُبَيْدٍ القاسمِ بْنِ سَلاَّمٍ ، قولَ مُعَقِّرِ بْنِ حِمَارٍ البارِقيّ :
وذُبْيَانِيَّة أَوْصَتْ بَنِيها
بأَنْ كَذَبَ القَراطِفُ والقُرُوفُ
أَي : علَيكم بها . والقَراطِف ، أَكْسِيَةٌ حُمْرٌ ، والقُروفُ : أَوْعِيَةٌ من جِلْد مدبوغٍ بالقِرْفَة ، بالكسر ، وهي قُشُورُ الرُمَّانِ ، فهي أَمَرَتْهُم أَن يُكْثِرُوا من نَهْبِ هاذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ والإِكثارِ من
____________________

(4/122)


أَخْذِهما إِنْ ظَفِرُوا ببني نَمِرٍ ، وذالك لحاجتهم وقلَّةِ مالِهم . قلتُ : وعلى هذا فَسَّرُوا حديث : ( كَذَبَ النَّسّابُون ) أَي : وجب الرُّجوعُ إِلى قولهم . وقد أَوْدَعْنَا بيانَه في ( القَول النفيس في نَسبِ مولاي إدريس ) .
وفي لسان العرب ، عن ابْنِ السِّكِّيتِ . تقول للرَّجُل إِذا أَمَرْتَهُ بشيْءٍ وأَغْرَيْتَهُ : كَذَبَ عليك كَذا وكَذا ، أَي : عليك به ، وهي كَلِمَةٌ نادِرة . قالَ : وأَنشد ابْنُ الأَعْرَابِيّ لخِداشِ بْنِ زُهَيْرٍ :
كَذَبْتُ عَلَيْكُم أَوْعِدُونِي وعَلِّلُوا
بِيَ الأَرْضَ والأَقْوَامَ قِرْدَانَ مَوْظَبَا
أَي : عليكم بي وبهجائي إِذا كنتم في سفر ، واقْطَعُوا بذكْرِي الأَرْضَ ، وأَنْشِدُوا القوم هِجائي يا قِرْدانَ مَوْظَب . وقال ابْنُ الأَثِيرِ في النِّهَايَةِ ، والزَّمَخْشَرِيُّ في الفائق ، في الحديث : ( الحِجَامَةُ على الرِّيقِ فيها شِفاءٌ وبَرَكَة ، فمن احْتَجَم فَيَوْمُ الأَحَدِ والخَميس كَذَباك ، أَوْ يَوْمُ الاثْنَيْنِ والثَّلاثاءِ ) معنى كَذَباك : أَي عليك بهما . قال الزَّمَخْشَرِيُّ : هذه كلمةٌ جَرتْ مَجْرَى المَثَلِ في كلامهم ، فلذالك لم تَتصرّفْ ، ولَزِمَتْ طريقةً واحدةً ، في كونها فعلاً ماضياً مُعَلَّقاً بالمخاطَب وَحْدَهُ ، وهي في معنى الأَمر . ثُمَّ قالَ : فمعنى قوله : كَذَباك ، أَي لِيَكْذِبَاك ، ولْيُنَشِّطاكَ وَيَبْعَثاك على الفعْل . قلت : وقد تقدَّمَتِ الإِشارَةُ إِليه .
ونقل شيخُنا عن كتاب حلى العلاءِ في الأَدب ، لعبد الدّائمِ بْنِ مَرْزُوق القَيْرَوانِيّ : أَنّه يُرْوى ( العَتِيقُ ) بالرَّفْع والنَّصْب ، ومعناه : عليكَ العَتِيقَ وماءَ شَنَ . وأَصله : كَذَبَ ذاكَ ، عليكَ العَتِيقَ ؛ ثم حُذِفَ عليك ، وناب كَذَبَ مَنابَهُ ، صارتِ العربُ تُغْرِي به . وقال الأَعلمُ في شرح مُخْتَار الشُّعراءِ السِّتَّةِ ، عندَ كلامه على هاذا البيت : قوله : كَذَبَ العَتِيقُ : أَي عليكَ بالتَّمْرِ ؛ والعربُ تقول : كَذَبَكَ التَّمْرُ واللَّبَنُ ، أَي : عليك بهما . وأَصلُ الكَذِبِ الإِمكانُ . وقولُ الرَّجُلِ : كَذَبْتَ ، أَي : أَمكَنْتَ من نَفْسِك
____________________

(4/123)


وضَعُفْتَ ، فلهذا اتُّسِعَ فيه فأُغْرِيَ به ؛ لاِءَنَّه متى أُغْرِيَ بشَيْءٍ ، فقد جُعِل المُغْرَى به مُمْكِناً مُستطاعاً إِنْ رامَهُ المُغْرَى . وقال الشّيخُ أَبو حَيّانَ في شرح التَّسْهيل ، بعدَ نقلِ هاذا الكلام : وإِذا نَصَبْتَ ، بَقِيَ كَذَبَ بلا فاعل على ظاهر اللَّفظ . والّذي تقتضيه القواعدُ أَنَّ هاذا يكونُ من باب الإِعمال ، فكذَبَ ، يَطْلُبُ الاسْمَ على أَنَّه فاعِلٌ ، وعليكَ ، يطلُبُه على أَنّه مفعولٌ ، فإِذا رفعنا الاسمَ بكَذَبَ ، كان مفعولُ عليك محذُوفاً ، لفهم المعنى ، والتّقْدير : كَذَبَ عليكُم الحَجُّ ، وإِنَّمَا التُزِمَ حَذفُ المفعول لاِءَنّه مكانُ اختصار ، ومحرَّفٌ عن أَصل وَضْعه ، فجَرى لذالك مَجْرَى الأَمثالِ في كَوْنِها تُلْتَزَمُ فيها حالةٌ واحدةٌ ، لا يُتَصَرَّفُ فيها . وإِذا نَصَبْتَ الاسْمَ ، كان الفاعلُ مُضْمَراً في كَذَبَ ، يُفسّرُهُ ما بَعدَهُ ، على رأْي سِيبَوَيْه ، ومحذوفاً ، على رأْي الكِسائيّ ، انتهى .
( و ) من المَجَاز : ( حَمَلَ ) عليه ( فما كَذَّب تَكْذِيباً ) ، أَي : ما انْثَنَى و ( ما جَبُنَ ) ، وما رَجَع . وكذالك حَمَلَ فما هَلَّلَ ، وحَمَلَ ثم كذَّبَ ، أَي : لم يَصْدُقِ الحَمْلَةَ ، قال زُهَيْرٌ :
لَيْثٌ بِعَثَّرَ يَصْطَادُ الرِّجَالَ إِذا
ما اللَّيْثُ كَذَّبَ عن أَقْرَانِه صَدَقا
وفي الأَساس : معناه كَذَّبَ الظَّنَّ به ، أَو جعل حَمْلَتَهُ كاذِبَةً .
( و ) من المجاز أَيضاً : قولُهم : ( مَا كذَّبَ أَنْ فَعَلَ كَذَا ) تكذيباً ، أَي ( ما ) كَعَّ ، ولا ( لَبِثَ ) ، ولا أَبْطَأَ وفي حديثِ الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُ حَمَلَ يومَ اليَرْمُوكِ على الرُّوم ، وقال لِلْمُسْلِمِينَ : ( إِنْ شَدَدْتُ عليهم ، فَلا تُكَذِّبُوا ) أَي : لا تَجْبُنُوا وتُوَلُّوا . قال شَمِرٌ : يُقَالُ للرَّجُل إِذا حَمَلَ ، ثُمَّ وَلَّى ، ولَمْ يَمْضِ : قَدْ كَذَّبَ عن قِرْنِه تكذيباً ؛ وأَنشد بيتَ زُهَيْر . والتَّكْذِيبُ في القِتَال ضِدُّ الصِّدْقِ فيه ، يقال : صَدَقَ القِتالَ ، إِذا بَذَلَ فيه الجِدَّ ، وكذَّبَ : إِذا جَبُنَ ؛ وحَمْلَةٌ كاذِبَةٌ : كما قالُوا في ضِدّهَا : صادِقَة ، وهي المصدُوقَةُ والمَكذُوبَة في الحَمْلة .
____________________

(4/124)



( و ) في الصَّحاح : ( تَكَذَّبَ ) فلانٌ : ( تَكَلَّفَ الكَذِبَ ) .
( و ) تكذَّبَ ( فُلاناً ) ، وتَكَذَّبَ عليه : ( زَعَمَ أَنّه كاذِبٌ ) ، قال أَبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ، رَضِيَ اللَّهُ عنه :
رسُول أَتاهُم صادِقاً فتَكَذَّبُوا
عَلَيْهِ وقالوا لستَ فينا بِماكِثِ
( وكاذَبْتُهُ مُكاذَبَةً ، وكِذَاباً ) : كَذَّبْتُه ، وكَذَّبَنِي .
وكَذَّبَ الرَّجُلَ تَكْذِيباً ، وكِذَّاباً : جَعَله كاذِباً ، وقال له : كَذَبْت .
( و ) كذالك ( كَذَّبَ بالأَمْرِ تَكْذِيباً وكِذَّاباً ) بالتَّشْدِيد ، وكِذاباً ، بالتَّخْفِيف : ( أَنْكَرَهُ ) وفي التَّنْزيل العزيز : { 4 . 010 وكذبوا بآياتنا كذابا } ( النبأ : 28 ) ، وفيه : { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذباً } ( النبأ : 35 ) ، أَي : كَذِباً ، عن اللِّحْيَانِيِّ . قال الفَرّاءُ : خفَّفهما عَليّ بْنُ أَبي طالب جميعاً ، وثقَّلهما عاصمٌ وأَهلُ المدينة ، وهِيَ لُغَةٌ يمانِيَةٌ فصيحةٌ ، يقولونَ : كَذَّبْتُ به كَذَّاباً ، وخَرَّقْتُ القميصَ خِرَّاقاً ، وكذالك كُلّ فَعَّلتُ ، فمصدرُهَا فِعَّالٌ في لغتهم مشدّدة . قال : وقال لي أَعرابِيٌّ مَرّةً على المَرْوَةِ يستَفْتِينِي : الحَلْقُ أَحَبّ إِليك ، أَم القِصّارُ ؟ وأَنشَدَ بعضُ بني كُلَيْبٍ :
لَقَدْ طالَ ما ثبَّطْتَنِي عن صَحابَتِي
وعَنْ حِوَجٍ قِضَّاؤُها من شِفائِيا
قال الفَرّاءُ : كان الكِسائِيّ يُخَفِّفُ { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذباً } ، لأَنّها مُقَيّدةٌ بفعلٍ يُصَيِّرُها مصدراً ، ويُشَدّدُ { 4 . 010 وكذبوا بآياتنا كذابا } ؛ لأَن كَذَّبوا يُقَيد الكِذَّابَ ، قال : والذي قال حَسَنٌ ، ومعناهُ : لا يسمَعُونَ فيها لَغْواً ، أَي : باطِلاً ، ولا كِذَّاباً ، أَي : لا يُكَذِّبُ بعضُهم بعضاً .
( و ) كَذَّبَ ( فُلاناً ) تَكْذِيباً : أَخبَرَهُ أَنّه كاذِبٌ ، أَو ( جَعَلَهُ كاذِباً ) بأَنْ
____________________

(4/125)


وصَفَه بالكَذِبِ . وقال الزَّجّاج : معنى كَذَّبْتُهُ ، قلتُ له : كَذَبْتَ ، ومعنى أَكْذَبْتُه : أَرَيْتُهُ أَنَّ ما أَتَى به كَذِبٌ ، وبه فُسِّر قولُه تعالَى : { فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذّبُونَكَ } ( الأنعام : 33 ) ، وقُرِىءَ بالتَّخْفِيفِ ونَقَلَ الكِسائِيُّ عن العرب : يقال : كَذَّبْتُ الرَّجُلَ تَكْذِيباً : إِذا نَسَبْتَهُ إِلى الكَذِب .
( و ) من المجاز : كَذَّبَ ( عن أَمْرٍ قد أَرادَهُ ) . وفي لسان العرب : وأَرادَ أَمراً ثُمَّ كَذَّب عنه ، أَي : ( أَحْجَمَ ) .
( و ) كَذَّبَ ( عَنْ فُلانٍ : رَدَّ عَنْهُ ) .
( و ) من المجَاز : كَذَّبَ ( الوَحْشِيُّ ) ، وكَذَبَ : ( جَرَى شَوْطاً ، فوَقَفَ لِيَنْظُرَ ما وَراءَهُ ) : هل هو مطلوب ، أَم لا ؟ .
( ) وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
في الصَّحاح : الكُذَّبُ ، جمع كاذِبٍ مثل راكعٍ ورُكَّع . قال أَبو دُوَاد الرُّؤَاسِيُّ :
مَتَى يَقُلْ تنْفَعِ الأَقْوَامَ قَوْلَتُهُ
إِذا اضْمَحَلَّ حَدِيثُ الكُذَّبِ الوَلَعَهْ
والكُذُب : جمع كَذُوبٍ ، مثل صَبُورٍ وصُبُرٍ ؛ ومنه قرأَ بعضُهُم : { وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ } ( النحل : 116 ) ، فجعله نعتاً للأَلْسنة . كذا في لسان العرب ، وزادَ شيخُنا في شرحه وقيل : هو جمع كاذب ، على خلاف القياس ، أَو جمعُ كِذَابٍ ، ككِتَابٍ : مصدرٌ وُصِفَ به مبالغةً ، قاله جماعةٌ من أَهل اللُّغَةِ ، انتهى .
ورُؤْيَا كَذُوبٌ ، مثلُ ناصِيَةٍ كاذِبةٍ ، أَي : كَذُوبٌ صاحِبُها ، وقد تقدَّم الإِشارةُ ابيه . أَنشد ثعلب :
فحَيَّت فَحَيَّاهَا فهَبَّ فحَلَّقتْ
مع النَّجْمِ رُؤْيَا في المَنَامِ كَذُوبُ
والتَّكاذُبُ : ضِدُّ التَّصادُقِ .
وفي التَّنْزيل العزيز : { 4 . 010 وجاؤوا على قميصه بدم كذب } ( يوسف : 18 ) ، رُوَيَ في التَّفْسِير : أَنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ ، عليه السَّلامُ ، لَمَّا طَرَحوه في الجُبّ ، أَخَذُوا قَمِيصَهُ ، وذبَحُوا جَدْياً ، فلطَّخُوا القميصَ بدَمِ الجَدْيِ . فلما رأَى
____________________

(4/126)


يعقوبُ ، عليه السّلام ، القميصَ ، قال : كَذَبْتُم ، لو أَكَلَهُ الذِّئْبُ ، لخَرَّق قَمِيصَهُ . وقال الفَرَّاءُ ، في قوله تَعَالى : { بِدَمٍ كَذِبٍ } : معناه : مكذوبٌ . قال : والعربُ تقولُ للكَذِب : مكذوبٌ ، وللضَّعْفِ : مضعوفٌ ، وللجَلْد : مجلودٌ ، وليس له معقودُ رَأْيٍ : يُرِيدُونَ عَقْدَ رَأْيٍ ، فيَجْعَلُونَ المَصَادرَ في كثير من الكلام مفعولاً . وقال الأَخفش : بِدَمٍ كَذِبٍ ، فجعلَ الدَّمَ كَذِباً ، لاِءَنَّهُ كُذِبَ فيه ، كما قال تعالَى : { فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ } ( البقرة : 16 ) . ( سقط : وقال أبو العباس : هذا مصدر في معنى مفعول ، أراد : بدم مكذوب . وقال الزجاج : بدم كذب ، أي : ذي كذب والمعنى : دم مكذوب فيه . وقرئ ( بدم كدب ) بالمهملة ، وقد تقدمت الإشارة إليه .
والكذب أيضا : هو البياض في الأظفار ، عن أبي عمر الزاهد ، لغة في المهملة .
وقد يستعمل الكذب في غير الإنسان قالوا : كذب البرق ، والحلم ، والظن ، والرجاء ، والطمع .
وكذبت العين : خانها حسها .
وكذب الري : توهم الأمر بخلاف ما هو به . ومن المجاز : كذبتك عينك : أرتك ما لا حقيقة له . وفي التنزيل العزيز : ( حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا ) ، [ سورة يوسف : 110 ] ، بالتشديد وضم الكاف ، وهي قراءة عائشة ، وقرأ بها نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي : كذبوا ، بالتخفيف وضم الكاف ، وروى ذلك عن ابن عباس ، وقال : كانوا بشرا ، يعني : الرسل ، يذهب إلى أن الرسل ضعفوا فظنوا أنهم قد أخلفوا . قال أبو منصور : إن صح هذا عن ابن عباس ، فوجهه عندي ، والله أعلم ، أن الرسل قد خطر في أوهامهم ما يخطر في أوهام البشر ، من غير أن حققوا تلك الخواطر ولا ركنوا إليها ، ولا كان ظنهم ظنا اطمأنوا إليه ، ولكنه كان
____________________

(4/127)


خاطرا يغلبه اليقين . كذا في لسان العرب .
وهو من تكاذيب الشعر .
ومن المجاز : كذب لبن الناقة ، وكذب : ذهب ، وهذه عن اللحياني . وكذب البعير في سيره : إذا ساء سيره : قال الأعشى : جمالية تغتلي بالرداف
إذا كذب الآثمات الهجيرا
كذا في لسان العرب .
ومن المَجَاز أَيضاً : كَذَبَ الحَرُّ : انكسر .
وكَذَبَ السَّيْرُ : لم يَجِدَّ . والقَوْمَ السُّرَى : لم يُمْكِنْهُمْ .
والكَذَّابَةُ : ثَوبٌ ، يُصْبَغُ بِأَلْوَانٍ ، يُنْقَشُ كأَنَّه مَوْشِيٌّ . وفي حديث المسعوديّ : ( رأَيتُ في بيت القاسم كَذّابَتَيْنِ في السَّقْف ) : الكَذّابَةُ : ثَوْبٌ ، يُصوَّرُ ويُلْزَقُ بسَقْفِ البيت ، سُمِّيت به لأَنها تُوهِمُ أَنها في السَّقف ، وإِنّما هي في ثوبٍ دُونه : كذا في الأساس ، ومثلُه في لسان العرب .
( ) وممّا استدرَكَهُ شيخُنا :
المَكَاذِبُ ، قيل : هو مِمّا لا مُفْرَدَ له ، وقيل : هو جمعٌ لكَذِب ، على غير قياس . وقيل : هو جمع مَكْذَبٍ ؛ لأَنّ القِيَاسَ يقتضيه أَو لاِءَنّه موهومُ الوَضْعِ ، كما قالُوا في مَحَاسِنَ ، ومَذاكِرَ ، ونَحْوِهما . ومنها أَنَّ الجَوْهَرِيَّ صرّح بأَنَّ الكِذَّابَ ، المُشَدَّدَ ، مَصْدَرُ كَذَّبَ مُشَدَّداً ، لا مُخفَّفاً ، وأَيّدهُ بآيةِ : { 4 . 010 وكذبوا بآياتنا كذابا } وظاهرُ المصنِّف أَنَّ كُلاًّ من المُخَفَّف والمُشَدَّد ، يُقالُ في المُخَفَّف . قلتُ : وهاذا الّذي أَنكرهُ ، هو الّذي صَرَّحَ به ابْنُ منظورٍ في لسان العرب . ثُمَّ قال : ومنها أَنّ الجَوْهَرِيَّ زاد في المَصَادرِ : تَكْذِبَةً كَتوصِيَة ، ومُكَذَّب ، كمُمَزَّق ، بمعنى التَّكْذِيب . قلتُ : وزاد غيرُ الجَوْهَرِيِّ فِيها : كُذْباً كقُفْل ، وكَذْباً كضَرْبٍ ، وهاذا الأَخيرُ غيرُ مسمُوعٍ ، ولكنَّ القياسَ يَقتضيهِ .
ثُمَّ قال : وهاذا اللَّفظُ خَصَّه بالتَّصْنيف فيه جماعةٌ ، منهم : أَبو بكر بْنُ الأَنباريّ ،
____________________

(4/128)


والعلاّمةُ أَحمدُ بْنُ محمد بْنِ قاسمِ بْن أَحمدَ بْن خِذيو ، الأَخْسِيكَتِي ، الحَنفيُّ ، المُلَقَّبُ بذي الفضائل ، ترجمتُه في البُغْيَةِ وفي طَبَقَات الحَنَفيّة للشيخ قاسم .
قال ابْنُ الأَنباريّ : إِنّ الكَذِبَ ينقسمُ إِلى خمسة أَقسام : إِحداهُنَّ تَغْيِيرُ الحاكي ما يَسمَعُ ، وقولُهُ ما لا يَعْلَمُ نقلاً ورِوَايَةً ، وهذا القسمُ هو الَّذِي يُؤْثِمُ ويَهْدِمُ المُرُوءَةَ . الثّاني : أَنْ يقولَ قولاً يُشْبِهُ الكَذِبَ ، ولا يَقْصِد به إِلاَّ الحَقَّ ، ومنه حديثُ : ( كَذَبَ إِبراهِيمُ ثَلاثَ كَذِباتٍ ) ، أَي : قالَ قولاً يُشْبِهُ الكَذِبَ ، وهو صادقٌ في الثّلاث . الثّالثُ بمعنى الخَطَإِ ، وهو كثيرٌ في كلامهم . والرّابعُ البُطُولُ ، كَذَبَ الرَّجُلُ : بمعنى بَطَلَ عليه أَمَلُهُ وما رَجاهُ . الخامسُ بمعنى الإِغراءِ ، وقد تقدَّم بيانُه . وعلى الثّالث خَرَّجُوا حديثَ صَلاةِ الوِتْر ( كَذَبَ أَبو محمَّد ) ، أَي : أَخطأَ ، سمّاهُ كاذِباً ، لاِءَنَّهُ شَبِيهُهُ في كَوْنِه ضِدَّ الصَّواب ، كما أَنَّ الكَذِبَ ضِدُّ الصِّدق وإِن افْتَرقا مِنْ حَيْثُ النِّيَّةُ والقَصْدُ ؛ لاِءَنَّ الكاذبَ يَعلَم أَنّ ما يقولُهُ كَذِبٌ ، والمُخطِىءَ لا يعلَمُ . وهاذا الرَّجُلُ ليس بمُخْبِرٍ ، وإِنّما قاله باجتهاد أَدَّاهُ إِلى أَنَّ الوِتْرَ واجبٌ ، والاجتهادُ لا يدخُلُه الكَذِبُ ، وإِنّما يدخُلُه الخَطأُ وأَبو محمّدٍ الصَّحابيُّ : اسمهُ مسعودُ بْنُ زَيْدٍ .
وفي التَّوْشِيح : أَهلُ الحِجَاز ، يقولونَ : كَذَبْتَ بمعنى أَخطأْتَ ، وقد تَبِعَهم فيه بقيّةُ النّاس . وعلى الرّابع خَرَّجُوا قولَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ : { انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ } ( الأنعام : 24 ) ، انظُرْ كيفَ
____________________

(4/129)


بَطَلَ عليهم أَمَلُهُمْ ، وكذا قول أَبي طالبٍ :
كَذَبْتُمْ وبَيْتِ الله نَبْزِي مُحَمَّداً
ولَمَّا نُطاعِنْ حَوْلَهُ ونُناضِلِ
وانظر بقيّة هاذا الكلام في شرح شيخنا ، فإِنّه نفيس جدّاً .
ومن الأَمثال الّتي لم يذكُرْهَا المؤلِّفُ قولُهم :
أُكْذِبِ النَّفْسَ إِذا حَدَّثْتَها
أَي : لا تُحَدِّثْ نفسَك بأَنّك لا تَظفَرُ ، فإِنّ ذالك يُثَبِّطُكَ . سُئل بَشَّارٌ : أَيُّ بيتٍ قالته العربُ أَشْعَر ؟ فقال : إِنْ تفضيلَ بيتٍ واحدٍ على الشِّعْر كُلِّه ، لَشَديدٌ . ولاكنْ أَحْسَنَ لَبِيدٌ في قوله :
أَكْذِبِ النَّفْسَ إِذا حَدَّثْتَها
إِنَّ صِدْقَ النَّفْسِ يُزْرِي بالأَمَلْ
قاله المَيْدَانِيُّ ، وغيرُه ، ومنها :
كُلُّ امْرِىءٍ بِطَوَالِ العَيْشِ مَكْذُوبُ
ومنها عجز بيتٍ من شعر أَبي دُوَاد :
كَذَبَ العَيْرُ وإِنْ كانَ بَرَحْ
وأَوَّلُهُ :
قُلْتُ لَمّا نَصَلاَ من قُنَّة
وبعدَهُ :
وتَرَى خَلْفَهُمَا إِذْ مَصَعَا
مِنْ غُبَارٍ ساطعٍ فَوْقَ قُزَحْ
كَذَب : أَي فَتَر وأَمْكَنَ ، ويجوز أَن يكون إِغراءً ، أَي : عليك العَيْرَ ، فَصِدْهُ ، وإِنْ كان بَرَحَ ، يضرب للشّيْءِ يُرْجَى وإِنْ تَصَعَّبَ .
ثمّ نقل عن خطّ العلاّمة نُورِ الدِّين العُسَيْليّ ما نصُّه : رأَيْتُ في نسخةِ شَجَرَة النَّسَبِ الشَّريف ، عند إِيرادِ قولِه ، صلى الله عليه وسلم ( كَذَبَ النَّسّابُون ) . أَنّ كَذَبَ يَرِدُ بمعنى صَدَق ويمكن أَخْذُه من هُنا . هاذا ما وُجِدَ .
____________________

(4/130)


قال شيخُنا : ووَسَّع ابْنُ الأَنبارِيّ ، فقال : وعليه فيكونُ لفظُ كَذَبَ من الأَضدادِ ، كما أَنَّ لفظَ الضِّدِّ أَيضاً جعَلُوه من الأَضداد . قلتُ : والّذِي فَسّرَهُ غيرُ واحدٍ من أَئمة اللُّغَة والتَّصريف ، أَي وجَبَ الرُّجُوعُ إِلى قولهم . وقد تقدَّمتِ الإِشارةُ إِليه .
ثمّ ذكر شيخُنا ، في آخِر المادة ، ما نَصُّهُ : الكَذِبُ هو الإِخبارُ عن الشَّيْءِ بخلافِ ما هو ، سواءٌ فيه العَمْدُ والخَطَأُ ، إِذْ لا واسطةَ بينَ الصِّدقِ والكَذِب ، على ما قَرّرَه أَهلُ السُّنَّةِ ، واختاره البَيانِيُّونَ . وهناك مذاهبُ أُخَرُ للنَّظّامِ والجاحظ والرَّاغِب وهذا القَدْرُ فيه مَقْنَعٌ للطالب . والله أَعلمُ .
كرب : ( الكَرْبُ ) على وزن الضَّرْب ، مجزوم : ( الحُزْنُ ) ، والغَمُّ الَّذي ( يَأْخُذُ بالنَّفْسِ ) ، بفتح فسكون ، وضُبِطَ في بعض النُّسَخِ مُحَرَّكةً ، ومِثْلُه في الصَّحاح : ( كالكُرْبَة بالضَّمِّ . ج ) أَي : جَمْعُ الكَرْبِ ( كُرُوبٌ ) ، كفَلْسٍ وفُلُوسٍ . وأَما الكُرْبَةُ ، فجمعه كُرَبٌ ، كصُرَدٍ ، ففي عبارة المؤلّف إِيهام .
( وكَرَبَهُ ) الأَمرُ و ( الغَمُّ ) يَكْرُبُهُ كَرْباً : اشْتَدَّ عليه ، ( فاكْتَرَبَ ) لذالك : اغْتَمَّ ، ( فَهُوَ مَكْرُوبٌ وكَرِيبٌ ) ، وإِنَّه لَمَكْرُوبُ النَّفْس . والكَرِيبُ : المَكْرُوبُ ، وأَمْرٌ كارِبٌ .
( و ) الكَرْبُ : ( الفَتْلُ ) ، يقال : كَرَبَتْه كَرْباً ، أَي : فَتَلْتُهُ ، وقالَ الكُمَيْتُ :
فَقَدْ أَرَانِيَ والأَيْفاعَ في لِمَةٍ
في مَرْتَعِ اللَّهْوِ لم يُكْرَبْ لِيَ الطِّوَلُ
أَي : لم يُفْتَل .
( و ) الكَرْبُ : ( تَضْيِيقُ القَيْدِ ) .
____________________

(4/131)


وقَيْدٌ مَكروبٌ : إِذا ضُيِّق . وفي الصّحاح : كَرَبْتُ القَيْدَ : إِذا ضَيَّقتَهُ ( على المُقَيَّد ) ، وقال عبدُ اللَّهِ بْنُ عَنَمَةَ الضَّبِّيُّ :
ازْجُرْ حِمارَك لا يَرْتَعْ برَوْضَتِنا
إِذاً يُرَدُّ وَقيْدُ العَيْرِ مكرُوبُ
في لسان العرب : ضَرَبَ الحِمَارَ وَرتْعَهُ في رَوْضَتِهم مَثَلاً ، أَي : لا تَعَرَّضَنَّ لِشَتْمِنا ، فإِنّا قادرونَ على تقييد هاذا العَيْر ، وَمَنْعِه من التَّصَرُّف . هذا البيتُ في شعره :
ارْدُدْ حِمارَكَ لا يَنْزِعْ سَوِيَّتَهُ
إِذاً يُرَدُّ وقَيْدُ العَيْرِ مَكْرُوبُ
والسَّوِيَّةُ : كِساءٌ ، يُحْشَى بِثُمامٍ ونَحْوِه ، كالبَرْذَعَة ، يُطْرَحُ على ظَهْرِ الحِمَارِ وغيرِهِ . وجزم ( يَنْزِع ) على جواب الأَمر ، كأَنَّه قال : إِنْ تَرْدُدْهُ لا يَنْزِعْ سَوِيَّتَهُ الّتي على ظَهرِه ، وقوله : ( إِذاً يُرَدُّ ) جوابٌ ، على تقديرِ أَنّه قال : لا أَرُدُّ حِمَارِي ، فقال مُجِيباً له : إِذاً يُرَدّ . انتهى .
( و ) الكَرْبُ ( إِثَارَةُ الأَرْضِ ) للحَرْث . وكَرَبَ الأَرْضَ ، كَرْباً : قَلَبَهَا ، وأَثارَهَا ( للزَّرْعِ ) . وفي الصَّحاح : للزِّراعة ، وبخطِّه في الحاشية : لِلحَرْث ، ( كالكِرَابِ ) ، بالكَسْر . وإطلاقُه مُوهُمٌ للفَتْح ؛ ومنه المَثَلُ الآتِي ذِكْرُهُ . وفي التّهذيب : الكِرَابُ : كَرْبُكَ الأَرْضَ حين تَقْلِبُهَا ، وهي مَكروبَةٌ : مُثَارةٌ .
( و ) الكَرَبُ ، ( بالتَّحْرِيك : أُصُولُ السَّعَفِ الغِلاظُ ) هي الكَرَانيف ، واحِدُها كِرْنافَةٌ ، قاله الأَصْمَعِيّ . وعن ابْنِ الأَعْرَابيّ : سُمِّيَ كَرَبُ النَّخْلِ كَرَباً ، لأَنه استُغْنِيَ عنه ، وكَرَبَ أَنْ يُقْطَعَ ودَنَا من ذالك . وفي المُحْكَم : الكَرَبُ : أُصولُ السَّعَفِ الغِلاظُ ( العِرَاضُ ) الّتي تَيْبَسُ ، فتصيرُ مِثْلَ الكَتِفِ . وبخطِّ الجَوْهَرِيِّ : أَمثالَ الكَتِف ، واحدتُها : كَرَبَةٌ . وفي صفةِ نخلِ الجَنَّةِ : ( كَرَبُها ذَهَبٌ ) . وقيلَ
____________________

(4/132)


الكَرَب : هو ما يَبْقَى من أُصوله في النَّخلة بعدَ القَطْعِ ، كالمَراقِي . قال الجَوْهَرِيُّ : وفي المَثَل :
مَتَى كانَ حُكْمُ اللَّهِ في كَرَبِ النَّخْلِ
وَجَدْتُ في هامش الصّحاح هاذا المَثَل لجَرِيرٍ ، قاله لَمَّا سَمِعَ بيتَ الصَّلَتانِ العَبْدِيُّ :
أَيا شاعِراً لاَ شاعِرَ اليَومَ مِثْلُهُ
جَرِيرٌ ولكِنْ في كُلَيْبٍ تَوَاضُعُ
فقال جَرِيرٌ :
أَقُولُ ولَمْ أَمْلِكْ سَوابِقَ عَبْرَةٍ
مَتى كانَ حُكْمُ اللَّهِ في كَرَبِ النَّخْلِ
انتهى . قال ابْنُ بَرِّيّ : ليس هاذا الشَّاهِدُ الّذِي ذكرهُ الجَوْهَرِيّ مَثَلاً ، وإِنّما هو عَجُزُ بَيْتٍ لِجَرِيرٍ ، فذكره ، قال ذلك لَمَّا بَلَغَهُ أَنّ الصَّلَتانَ العَبْدِيَّ فَضّلَ الفَرَزْدَقَ عليه في النَّسَب ، وفَضَّلَ جَرِيراً عليه في جَوْدَة الشِّعْر ، في قوله : ( أَيا شاعراً . . . ) إِلى آخره ، فلم يَرْضَ جَرِيرٌ قولَ الصَّلَتانِ ، ونُصْرَتَهُ الفَرزْدق .
قال ابْنُ مَنْظُور : قلتُ : هاذه مُشاحَّةٌ من ابنِ بَرِّيّ للجَوْهَرِيّ في قوله : ( ليس هاذا الشّاهد مثلاً ، وإِنّما هو عَجُزُ بيتٍ لجَرير ) ، والأَمثالُ قد وردت شِعْراً وغيرَ شعرٍ ، وما يكون شِعراً لا يمتنع أَن يكونَ مثلاً . انتهى .
وللشّيخ عليّ المَقْدِسيّ هُنا في حاشيته كلامٌ يقرُبُ من كلام ابْن منظور ، بل هو مأْخوذٌ منه ، نقله شيخُنا ، وكفانا مُؤْنَةَ الرَّدِّ عليه .
( و ) الكَرَبُ : ( الحَبْلُ ) الَّذي يُشَدُّ على الدَّلْوِ بعد المَنِينِ ، وهو الحبلُ الأَوّلُ ، فإِذا انقطع المَنِينُ ، بَقِيَ الكَرَبُ . وقال ابْنُ سِيدَهْ : الكَرَبُ : الحبْلُ الّذِي ( يُشَدُّ في وَسَطِ ) ، وفي أُخْرَى : على وَسَطِ ( العَرَاقِي ) ، أَي : عَرَاقِي الدَّلْوِ ، ثُمّ يُثْنَى ، ثُمّ يُثَلَّثُ ( لِيَلِيَ ) . في الصَّحاح : لِيكونَ هو الّذي يَلِي ( الماءَ ، فلا يَعْفَنُ الحَبْلُ الكَبِيرُ ) ، والجَمْعُ أَكْرَابٌ .
____________________

(4/133)



قال ابنُ منظورٍ : رأَيتُ في حاشيةِ نُسْخَةٍ من الصَّحاح الموثوقِ بها قولَ الجوهريّ : ( لِيكونَ هو الّذي يَلِي الماءَ ، فلا يَعْفَنُ الحبلُ الكَبِيرُ ، إِنّما هو من صِفَةِ الدَّرَك لا الكرب ) .
قلت : الدّليل على صحّة هذه الحاشية أَنَّ الجوهريّ ذكر في ترجمة درك هاذه الصُّورة أَيضاً . فقال : والدَّرَكُ : قطعة حَبْلٍ ، يُشَدُّ في طَرَفِ الرِّشَاءِ إِلى عَرْقُوَةِ الدَّلْو ، ليكونَ هو الّذي يَلِي الماءَ ، فلا يَعْفَنُ الرِّشاءُ . وسنذكره في موضعه .
قلتُ : ومِثْلهُ في كِفاية المُتَحَفِّظ وكلامُ المُصَنِّفِ في الدَّرَك ، قريبٌ من كلام الجوهريّ في كونِ كِلَيْهِما بمعنًى .
وقال الحُطَيْئَةُ :
قَوْمٌ إِذَا عَقَدُوا عَقْداً لِجارِهِمُ
شَدُّوا العِنَاجَ وشَدُّوا فَوْقَهُ الكَرَبا
وأَوّلُه :
سِيرِي أَمامِي فإِنّ الأَكْثَرِينَ حَصًى
والأَكْرَمِينَ إِذا ما يُنْسَبُونَ أَبَا
وآخِرُهُ :
أُولَئكَ الأَنْفُ والأَذْنَابُ غَيْرُهُمُ
ومَنْ يُسَاوِي بأَنْفِ النّاقَةِ الذَّنَبَا
وأَنشدني غيرُ واحدٍ من شيوخنا قول الفضلِ بْنِ العبّاس بْن عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ :
مَنْ يُساجِلْنِي يُساجِلْ ماجِداً
يَمْلأُ الدَّلْوَ إِلى عَقْدِ الكَرَبْ
( وقد كَرَبَ الدَّلْوَ ) ، يَكْرُبُها ، كَرْباً ( وأَكْرَبَها ) ، فهي مُكْرَبَةٌ ؛ ( وكَرَّبَها ) ، بالتّشدِيده . قال امْرُؤُ القيسِ :
كالدَّلْوِ بُتَّتْ عُرَاهَا وَهْيَ مُثْقَلَةٌ
وخَانَها وَذَمٌ مِنْها وَتَكْرِيبُ
ومثلُهُ في هامش الصِّحاح . زادَ ابنُ منظورٍ : على أَنّ التَّكْرِيب قد يجوزُ
____________________

(4/134)


أَن يكونَ هنا اسْماً ، كالتَّنْبِيت والتَّمْتِينِ وذالك لِعَطْفِها على الوَذَم الّذي هو اسْمٌ ، لاكنَّ البابَ الأَوّلَ أَوسعُ وأَشيعُ .
( والمُكْرَبُ ) ، بضمّ الميم وفتح الرّاءِ ( من المَفَاصِلِ : المُمْتَلِىءُ عَصَباً ) . ووَظِيفٌ مُكْرَبٌ : امتلأَ عَصَباً .
وحافِرٌ مُكْرَب : صُلْبٌ ، قال :
يَتْرُكُ خَوَّارَ الصَّفَا رَكُوبَاً
بمُكْرَبَاتٍ قُعِّبَتْ تَقْعِيبَا
وعن اللّيث : يقالُ لكلّ شَيْءٍ من الحَيوان إِذا كان وَثِيقَ المَفاصِل : إِنّهُ لَمُكْرَبُ المَفاصلِ . وفي الأَساس : ومن المجاز : هو مُكْرَبُ المَفَاصِل : مُوَثَّقُهَا . ( و ) المُكْرَبُ : ( الشَّدِيدُ الأَسْرِ ) من الدَّوَابّ . وإِنّهُ لَمُكْرَبُ الخَلْقِ : إِذا كان شديدَ الأَسْرِ ، وعن أَبي عَمْرٍ و : المُكْرَبُ من الخَيْلِ : الشَّدِيدُ الخَلْقِ والأَسْرِ . وقال غيرُهُ : كُلّ العَقْدِ ( من حَبْلٍ ، وبِنَاءٍ ، ومَفْصِلٍ ) : مُكْرَبٌ . وفي بعض النُّسَخ : أَو مَفْصِلٍ ( و ) عنِ ابْنِ سِيدَهْ : ( فَرَسٌ ) مُكْرَبٌ ، أَي : شَدِيدٌ .
( والإِكْرَابُ ) مصدرُ أَكْرَبَ : ( المَلْءُ ) . يُقَال : أَكْرَبْتُ السِّقاءَ ، إِكراباً : إِذا ملأْتَهُ ، قاله ابْنُ دُرَيْدٍ ، وأَنشدَ :
بَجَّ المَزَادِ مُكْرَباً تَوْكِيرَا
وقيل : أَكْرَبَ الإِنَاءَ : قَارَبَ مَلأَهُ .
( و ) الإِكْرَابُ : ( الإِسْرَاع ) ، يُقال : خُذْ رِجْلَيْكَ بِإِكْرَابٍ ، إِذا أُمِرَ بِالسُّرْعة أَي : اعْجَلْ وأَسْرِعْ . قال اللَّيْثُ : ومن العرب مَنْ يقول : أَكْرَبَ الرَّجُلُ ، إِذا أَخَذَ رِجْلَيْهِ بإِكرابٍ ، وقَلَّما يُقَالُ .
وأَكْرَبَ الفَرَسُ وغيرُه ممّا يَعْدُو ، وهذه عن اللحْيانيّ . وقال أَبو زيدٍ : أَكْرَبَ الرَّجُلُ إِكْرَاباً : إِذا أَحْضَرَ ، وعَدَا . والإِكرابُ ، بمعنَيَيْهِ ، من المَجَاز .
____________________

(4/135)



( والكُرَابَةُ ، بالضَّمِّ والفتح ) : التَّمْرُ الّذِي يُلْتَقطُ من أُصول الكَرَبِ بَعْدَ الجَدَادِ ، والضَّمُّ أَعلَى . وقال الجوهريُّ : الكُرَابَةُ ، بالضّمّ : ( ما يُلْتَقَطُ من التَّمْرِ في أُصولِ السَّعَفِ ) بعد ما يُصْرَمُ . ( ح : أَكْرِبَةٌ ) ؛ قال أَبو ذُؤَيْبٍ :
كَأَنَّما مَضْمَضَتْ من ماءٍ أَكْرِبَةٍ
على سَيَابَةِ نَخْلٍ دُونَهُ مَلَقُ
قال أَبو حنيفة : الأَكْرِبَةُ ، هنا : شِعافٌ يَسِيلُ منها ماءُ الجِبالِ ، واحدتُها كَرْبَةٌ . قال ابْنُ سِيدَهْ : وهاذا ليس بقَوِيّ ؛ لأَنّ فَعْلاً ، لا يُجْمع على أَفْعِلة . وقال مَرَّة : الأَكرِبَة : جمعُ كُرابَةٍ ، وهو ما يَقَعُ من ثَمَر النَّخْل فِي أُصولِ الكَرَبِ . قال : وهو غَلطٌ ، قال ابْنُ سِيدَهْ : وكذالك قوله عندي غَلَط ، أَيضاً ، ( وكأَنَّه على طَرْحِ الزّائِدِ ) الّذي هو هاءُ التَّأْنِيثِ ، هاكذا في نسختنا ، وهو الصَّواب . وفي نسخة شيخِنا : ( على طرح الزّوائد ) أَي : بالجمع ، فاعتُرِضَ ؛ ( لأَنّ فُعالاً ) ، بالضّمّ . هاكذا في سائر النُّسَخ الأُصُولِ . وهو خطأٌ ، وصوابُهُ : ( لأَن فُعالَةً ) أَي : كثُمامَةٍ ، ومثلُهُ في المُحْكَم ولسان العرب ، ( لا يُجْمَعُ على أَفْعِلَةٍ ) . قال شيخُنا : ثمَّ ظاهرُ كلامِهِما ، أَي : ابْن سِيدَهْ وابْنِ منظورٍ ، بل صَرِيحُهُ أَنّ فُعَالَةً لا يُجمَعُ على أَفْعِلَةٍ مُطلقاً ، فإِذا سقطتِ الهاءُ جاز الجمعُ ، وليس كذالك ، فإِنّ أَفْعِلَةً من جُموعِ القِلّة الموضوعة لكلِّ اسْمٍ رُباعيّ ممدودِ ما قبلَ الآخِرِ ، مُذكّر ، فيشمَلُ ف 2 عالاً ، مُثَلَّث الأَوّل ، كطَعامٍ وحِمارٍ وغُرَاب ، وفَعِيل كرَغِيفٍ ، وفَعُولٍ كعَمُود . فكلّ هاذه الأَمثلة مع ما شابَهها ممّا توفّرتْ فيه الشُّرُوط المذكورة يُجْمَعُ على أَفْعِلَةٍ ، كأَطْعِمَةٍ وأَحْمِرَةٍ ، وأَغْرِبَة وأَرْغِفَةٍ ، وأَعْمِدَةٍ ، وما لا يُحْصَى . وكُرَابَةٌ على ما ذكره ابْنُ سِيدَهْ وابْنُ مَنْظُورٍ ، وقلَّدَهما المُصَنِّف يحتاج إِلى إِسقاط الزّائد ، وهو الهاءُ ، كما هو صريح كلامِ ابْنِ سِيدَهْ وغيرِه ، ويُزاد عليهِ الحُكْمُ بالتَّذْكِير باعتبار معناه ؛ لأَنّه
____________________

(4/136)


الباقي . وأَمّا مع التّأْنيث فلا يجوز ، لاِءَنّ فِعَالاً إِذا كان مُؤَنَّثاً ، كذِراعٍ وعَناق ، لا يُجْمَعُ هاذا الجمعَ ، كما صرّحَ به الشَّيْخُ ابْنُ مالكٍ ، وابْنُ هِشامٍ ، وأَبُو حَيّان ، وغيرُهم من أَئمّة النّحْو ، ثُمّ قال : ولِعَلِيَ القاري في نامُوسه هنا التَّفْرِقَةُ بينَ المضموم والمفتوح ، فجَوَّز الجمعَ في المفتوح دُونَ المضموم ، وهو غلطَّ مَحْضٌ ، والصّوابُ ما قَرَّرناه . انتهى .
( و ) قال الأَزهريُّ : ( تَكَرَّبَها ) ، أَي : الكُرَابَةَ ، إِذا ( التَقَطَها ) . وفي بعض النُّسَخ : تَلَقَّطَها ، أَي : من الكَرَب .
( وكَرَبَ ) الأَمْرُ ، يَكْرُب ، ( كُروباً : دَنَا ) . وكلّ شَيْءٍ دَنا ، فقد كَرَبَ . وقَدْ كَرَبَ أَنْ يكون ، وكَرَب يَكُونُ . وهو ، عندَ سِيبَوَيْه ، أَحدُ الأَفْعَالِ الّتي لا يُسْتَعملُ اسْمُ الفاعلِ مَعَها مَوْضِعَ الفِعْل الّذي هو خَبَرُهَا لا تقول : كَرَبَ كائناً . ( و ) كَرَبَ ( أَنْ يَفْعَلَ ) كذا : أَيْ ( كادَ يَفْعَلُ ) .
( و ) كَرَبَ الرَّجُلُ : ( أَكَلَ الكُرَابَةَ ، ككَرَّبَ ) بالتَّشديد ، وهاذه عن الصّاغانيّ .
( و ) كَرَبَتِ ( الشَّمْسُ : دَنب للمَغِيبِ ) ، وكَرَبَت الشّمْسُ : دَنَت للغُرُوب ، وكَرَبَت الجاريةُ أَن تُدْرِكَ وفي الحَديثِ : ( فإِذا استغنَى ، أَو كرَبَ استعَفَّ ) . قال أَبو عُبَيْدٍ : كَرَبَ ، أَي دَنا من ذالك وقَرُبَ . وكلّ دان قرِيبٍ فهو كارِبٌ ، وفي حديثِ رُقَيْقَة . ( أَيْفَع الغُلاَمُ ، أَو كَرَب ) ، إِذا قارَبَ الإِيفاعَ .
وإِناءٌ كَرْبَانُ : إِذَا كَرَبَ أَنْ يَمْتَلِىءَ وجُمْجُمَةٌ كَرْباءُ ، والجَمع كَرْبَى وكِرَابٌ ، وزعم يعقوبُ أَنَّ كافَ كَرْبانَ بَدلٌ من قاف قَرْبانَ .
قال ابْنُ سِيدَهْ ؛ وليس بشَيْءٍ .
____________________

(4/137)


وكِرَابُ المَكُّوكِ ، وغيرِه من الآنيةِ : دُونَ الجِمَامِ .
( و ) يقال : كَرَبَتْ ( حَيَاةُ النَّارِ ) ، أَي : ( قَرُبَ انطِفاؤُهَا ) ؛ قال عَبْدُ قَيْسِ بْنُ خُفَافٍ البُرْجُمِيُّ :
أَبُنَيَّ إِنَّ أَباكَ كاربُ يَوْمِهِ
فإِذَا دُعِيتَ إِلى المَكَارِمِ فاعْجَلِ
( و ) كَرَبَ ( النَّاقَةَ : أَوْقَرَها ) ، ومثلُه في الصَّحاح .
( و ) كَرَبَ ( الرَّجُلُ : طَقْطَقَ الكَرِيبَ ) وهو الشُوبَقُ ، والفَيْلَكُونِ ، اسم ( لخَشَبَة الخَبَّازِ ، ككَرَّبَ ) مشدَّداً . نقله الصّاغانيُّ .
( و ) كَرِبَ الرَّجُلُ ، ( كسَمِعَ : انقَطَع كَرَبُ ) ، بالتَّحْرِيك ، وهو حَبْلُ ( دَلْوِهِ ) نقله الصّاغانيُّ .
( و ) كَرَبَ ، ( كنَصَر : أَخَذَ الكَرَبَ من النَّخْلِ ) ، نقله الصّاغانيُّ عن ابْنِ الأَعْرَابِيُّ . ( و ) كَرَبَ الرَّجُلُ : ( زَرَعَ في الكَرِيبِ ) الجادِسِ .
( و ) الكَرِيبُ : ( هو القَراحُ من الأَرْضِ ) ، والجادِسُ : الَّذِي لم يُزْرَعُ قَطُّ ، قاله ابْنُ الأَعْرَابيّ . وجعَلَ ابْنُ منظورٍ : مَصْدَرَهُ التَّكْرِيبَ . وظاهرُ عبارة المؤلِّف ، أَنّه من الثُّلاثيّ المُجَرّد ، وكِلاهُمَا صحيحانِ .
( و ) الكَرِيبُ أَيضاً : ( خَشَبَةُ الخَبَّازِ يُرَغِّفُ بها ) في التَّنُّورِ ويُدَوِّرُهُ بها ، قال :
لا يَسْتَوِي الصَّوْتَانِ حِينَ تَجَاوَبَا
صَوْتُ الكَرِيبِ وصَوْتُ ذِئْبٍ مُقْفِرِ
أَي : لأَنَّ صوتَ الكَرِيبِ لا يكون إِلاّ في عُرْسٍ أَو خِصْبٍ ، وصَوْتَ الذِّئبِ لا يكونُ إِلاّ في قَحْطٍ أَو قَفْر ، كما نقلَه أَبو عَمْرو عن الدُّبَيْرِيَّةِ .
____________________

(4/138)



( و ) الكَرِيبُ : ( الكَعْبُ من القَصَبِ ) أَو القَنَا ؛ نقله ابْنُ دُرَيْدٍ .
( والكَرُوبِيُّونَ ، مُخَفّفَةُ الرّاءِ ) ، وحُكِي التَّشْديدُ فيه ، وهو مسموع جائزٌ على ما حكاه الشِّهابُ في شرح الشِّفاءِ ، على أَنه جَزَم في أَثناءِ سُورَةِ غافرٍ في العِنَايَة بأَنَّ التَّشديد خطأٌ كما نقله شيخُنا . وقال الطِّيبِيُّ : فيه ثلاثُ مُبَالَغاتٍ : إِحْداها أَنَّ كَرَبَ أَبلَغُ من قَرُبَ ، الثّانية زِيادَةُ الياءِ فيه للمُبَالَغَة كأَحْمَريّ . قلتُ : وكَونُ كَرَبَ أَبلغَ من قرُبَ ، يحتاجُ إِلى نقلٍ صحيح يُعتمَدُ عليه : ( سادَةُ المَلاَئِكةِ ) ، منهم : جِبْرِيلُ ، ومِيكائِيلُ وإِسرافيلُ ، هم المُقَرَّبُونَ ؛ رواه أَبو الرَّبيع ، عن أَبي العاليةِ . وأَنشدَ شَمِرٌ لأُمَيَّةَ بْنِ أَبي الصَّلْتِ :
مَلاَئِكَةٌ لا يَفْتُرُونَ عِبَادَةً
كَرُوبِيَّةٌ منهم رُكُوعٌ وسُجَّدُ
ومِثْلُهُ في الفَائِق ، وبه أَجاب أَبو الخَطّابِ بْنُ دِحْيَةَ ، حين سُئِلَ عنهم .
وفي لسان العرب : الكَرْبُ : القُرْبُ والمَلائِكةُ الكَرُوبِيُّونَ : أَقربُ الملائكةِ إِلى حَمَلَةِ العرشِ . قلتُ : فكلامهُ صريحٌ في أَنَّه من الكَرْب ، بمعنى القُرْب ، وقيل : إِنّه من كَرْبِ الخَلْقِ ، أَي : في قُوَّتِهِ وشِدَّتِه ، لقُوَّتِهِمْ وصَبْرِهم على العِبَادَةَ . وقيل : من الكَرْب ، وهو الحُزْنُ ، لشِدَّة خَوْفِهم من الله تَعَالَى وخَشْيتِهِم إِياه ، أَشارَ له شيخُنا .
( وكارَبَهُ ) ، أَي : ( قَارَبَهُ ) ودَنَاه ، فهو مُكارِبٌ له مُقارِبٌ ، والكاف بدل من القاف .
( والكِرَابُ : مَجارِي الماءِ في الوادِي ) واحدُهُ كَرْبَةٌ ، كما في الصَّحاح . وقال أَبو عَمرٍ و : هي صُدُورُ الأَودِيَة . قال أَبُو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ النَّحْلَ :
جَوارِسُها تَأْوي الشُّعُوفَ دَوائِباً
وَتَنْصَبُّ أَلْهاباً مَصيفاً كِرابُها
____________________

(4/139)



الجَوارِس : جمع جَارِسٍ ، من : جَرَسَتِ النَّحْلُ النّباتَ والشَّجَرَ : إِذَا أَكَلَتْه . والمَصِيفُ : المُعْوَجُّ ، من : صاف السَّهْمُ . والشُّعُوفُ : أَعالِي الجِبالِ ، كالشِّعاف .
( والمُكْرَباتُ ) ، بضم الميم وفتح الرّاءِ : ( الإِبِلُ ) الّتي ( يُؤْتَى بِهَا إِلى أَبوابِ البُيُوتِ في ) أَيّام ( شِدَّةِ البَرْدِ ، لِيُصيبَها الدُّخَانُ ، فتَدْفَأَ ) ، وهي المُقْرَباتُ .
( و ) يُقَالُ : ( ما بالدّارِ كَرّابٌ ، كشَدّاد ) ، أَي : ( أَحَدٌ ) .
( وأَبو كَرِبٍ ) : أَسْعَدُ بْنُ مالكٍ الحِمْيَرِيُّ ( اليَمَانِيُّ ، ككَتِفٍ ) . وقد سَقَطَ من بَعض النُّسَخ . وهو مَلِكٌ ( مِنْ ) مُلُوكِ حِمْيَرَ ، أَحَدُ ( التَّبابِعَةِ ) .
( والكَرَبَةُ ، مُحَرَّكة : الزِّرُّ ) ، بالكَسْر ( يكونُ فيه رَأْسُ عَمُودِ البَيْتِ ) من الخَيْمة .
( وكُرْبَةُ ، بالضَّمّ : لَقَبُ ) أَبي نصرٍ ( مَحْمُودِ بْنِ سُلَيْمَانَ ) بْنِ أَبي مَطَرٍ ( قاضِي بَلْخَ ) ، حدّث عن الفضلِ الشَّيْبَانيّ .
( و ) كُرَيْبٌ ، ( كزُبَيْرٍ ، تَابِعِيٌّ ) ، وهم أَرْبَعَةٌ : كُرَيْبُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الهاشِميُّ ، وكُرَيْبُ بْنُ سليمٍ الكِنْدِيُّ ، وكُرَيْبُ بْنُ أَبْرَهَةَ ، وكُرَيْبُ بنُ شِهاب .
( و ) كُرَيْبٌ : اسْمُ ( جماعةٍ ) من المُحَدِّثِينَ وغَيْرِهم . وحَسَّانُ بْنُ كُرَيْبٍ الحِمْيَرِيُّ البِصْرِيُّ : تابِعِيٌّ .
( وأَبُو كُرَيْب : محمّدُ بْنُ العَلاَءِ بْنِ كُرَيْب ) ، الهَمْدَانِيُّ الحافظُ : ( شيخٌ للبُخَارِيِّ ) صاحبِ الصَّحِيح . رَوَى عن هُشَيْمٍ ، وابْنِ المُبَارَك . وعنه الجماعةُ ، والسَّرّاجُ ، وابْنُ خُزَيْمَة تُوُفِّيَ سنة 248 . وكان أَكبرَ من أَحمدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبلٍ بثلاثِ سِنينَ ، وظَهر بِما تقدَّم أَنه شيخُ الجَمَاعَةِ ، فلا أَدرِي ما وَجْهُ تخصيصِ المُؤَلِّفِ بقولِه : شيخٌ للبُخَارِيّ ، فتأَمَّلْ .
( وذُو كُرَيْبٍ : ع ) ، أَنشدَ الأَصمَعِيُّ :
____________________

(4/140)



تَرَبَّعَ القُلَّةَ فالغَبِيطَيْنْ
فَذَا كُرَيْبٍ فجُنوبَ الفَاوَيْنْ
( ومَعْدِيكَرِبُ ) : اسْمانِ ، و ( فيه لُغَاتٌ ) ثلاثةٌ : ( رَفْعُ الباءِ مَمْنُوعاً ) من الصّرْف ، ( والإِضافَةُ مَصْرُوفاً ) فتقول مَعْدِي كَرِبٍ ، ( و ) الإِضافَةُ ( مَمْنُوعاً ) من الصَّرْف بجعله مؤنَّثاً معرِفَةً . والياءُ من ( مَعْدِي ) ساكِنَةٌ على كلِّ حالٍ . وإِذا نَسَبْتَ إِلَيْهِ ، قُلْتُ : مَعْدِيٌّ . وكذالك النَّسَبُ في كُلِّ اسْمَيْنِ جُعِلا واحداً ، مثل : بَعْلَبَكَّ ، وخَمْسَةَ عَشَرَ ، وتَأَبَّطَ شَرّاً ، تَنْسِبُ إِلى الاسم الأَوّل ، تَقُول : بَعْلِيٌّ ، وخَمْسِيٌّ ، وتَأَبَّطِيٌّ . وكذالك إِذا صَغَّرْتَ تُصَغِّرُ الأَوّل . كذا في الصَّحاح ولسان العرب ، وصرَّح به أَئمّةُ النَّحْوِ .
( والكَرِيبَةُ : الدّاهِيَةُ الشَّدِيدَةُ ) . والَّذِي في الصَّحاح : الكَرَائِبُ : الشَّدَائِدُ ، الواحدةُ : كَرِيبَةٌ ، قال سَعْدُ بْنُ نَاشِبٍ المازِنِيُّ :
فَيالَ رِزَامٍ رَشِّحُوا بِي مُقَدَّماً
إِلى المَوْتِ خَوَّاضاً إِليهِ الكَرائِبَا
قال ابْنُ بَرِّيّ : مُقَدَّماً : منصوبٌ برَشِّحُوا ، على حذف موصوفٍ ، تقديرُهُ : رَشِّحُوا بي رَجُلاً مُقَدَّماً ، أَي : اجْعَلُوني كُفُؤاً مُهَيَّأً لرجلٍ شُجَاع . ووجدتُ ، في هامش الصَّحاح ما نَصُّهُ بخطّ أَبي سهل : ( رَشِّحُوا بِيَ مُقْدِماً ) ، بتحريك الياءِ ، ومُقْدِماً : كَمُحْسِنٍ .
( و ) يقال : ( هاذِهِ إِبِلٌ مِائَةٌ ، أَوْ كَرْبُها ) بالفتح على الصَّواب ، وصَوَّب بعضُهم الضَّمَّ فيه ( أَي : نَحْوُها . وقُرابُها ) بالضّم ، وفي نسخةٍ : قُرابَتُهَا .
( و ) في المَثَل : ( الكِرَابُ على البَقَرِ ) لاِءَنَّها تَكْرُبُ الأَرْضَ ، أَيْ : لا تُكْربُ الأَرْضُ إِلاّ بالبَقَر ، ومنهم من يقولُ : الكِلاَبَ على البَقَرِ ، بالنَّصْب . أَي : أَوْسِدِ الكِلابَ على بَقَرِ الوَحْشِ .
____________________

(4/141)


وقال ابْنُ السِّكِّيتِ : المَثَلُ هو الأَوّلُ . وسيأْتي بيانُهُ في كلب إِنْ شاءَ الله تعالى قريباً .
( و ) أَبو عبدِ الله ( عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كُرَبَ ) بْنِ غُصَصَ ، ( كَزُفَرَ : مُتَكَلِّمٌ مَكِّيٌّ ، م ) ، وهو شيخُ الصُّوفِيّة ، صاحِبُ التَّصانِيف ، في رَأْسِ الثَّلاثمائة ، كما نقله الحافظُ .
( ) ومما يُسْتَدرَكُ عليه :
كَرِبَ الرَّجُلُ كسَمِعَ : أَصابهُ الكَرْبُ ، ومنه الحديثُ : ( كان إِذا أَتاه الوَحْيُ كَرِبَ ) .
وكِرَابُ المَكُّوكِ وغَيْرِهِ من الآنِيَة : دُونَ الجِمَامِ .
وكَرَبَ وَظِيفَيِ الحِمَار ، أَوِ الجَمَلِ : دَانَى بينَهما بحَبْل ، أَو قَيدٍ .
وكُورابُ ، بالضّمّ : قَريةٌ بالجَزيرة ، منها القاضِي المُعَمَّرُ شمسُ الدّينِ عليُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الخَضِر ، الكُرْدِيُّ ، حَدَّثَ عنه الذَّهَبِيُّ .
كرتب : ( تَكَرْتَبَ ) فُلانٌ ( عَلَيْنَا ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وقال الأَزهريُّ : أَي ( تَقَلَّبَ ) ؛ هاكذا ، في النُّسخ ، بالقاف . وهو نَصُّ التَّهذيب . وفي بعض النُّسَخ تَغَلَّبَ ، بالغين .
كرشب : ( الكِرْشَبُّ ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وقال ابنُ دُرَيْدٍ : هو ( كقِرْشَبَ ، زِنةً ومَعْنًى ) ، وهو المُسِنُّ كما تقدَّمَ . وفي التّهذيب : الكِرْشَبُّ : المُسِنُّ الجافي .
والقِرْشَبُّ : الأَكُولُ ، قال شيخُنا : قيل : إِنْ الكاف بَدَلٌ من القاف ، ولذا أَهمله كثيرون . وقيلَ : إِنّها لُثْغَةٌ .
كركب : ( الكُرْكُبُ ، ككُرْكُمٍ ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وقال ابْنُ الأَعْرَابيّ : هو ( نَباتٌ طَيِّبُ الرّائِحَةِ ) ، وكَأَنَّ الباءَ لغةٌ في الميم .
كرنب : ( الكُرْنُبُ ، بالضَّمّ ) ، أَي : كقُنْفُذ ،
____________________

(4/142)


كما يُفْهَمُ من ضبطه ، وهاكذا قيَّده الصّاغانيُّ . وقد أَهمله الجَوْهَرِيُّ . ( و ) قال ابْنُ الأَعْرَابيِّ : هو الكَرَنْبُ ، ( كَسَمَنْدٍ ) . قلتُ : والعامّةُ تَضُمُّه . ونقلَ ابْنُ سِيدَهْ ، عن أَبي حنيفَة : أَنَّهُ الذي يُقالُ له ( السِّلْق ) قال شيخُنا : وظاهرُه أَنّه عربيٌّ فصيح . وقال أَهلُ النَّباتِ : إِنَّهُ نَبَطِيّ ، عَرَّبُوهُ ؛ ( أَو نَوْعٌ منه أَحْلَى وأَغَضُّ من القُنَّبِيطِ ) ، أَورده صاحِبُ اللّسان .
( و ) في مُفرَداتِ ابْنِ البَيْطَارِ : أَنَّ ( البَرِّيَّ منه مُرّ ) الطَّعْمِ . ( و ) من واصِّهِ : ( دِرْهَمانِ من سَحِيقٍ ) أَي : مسحوقِ ( عُرُوقِهِ المُجَفَّفَةِ ) في الشَّمْس ، أَو على النّار ، ممزوجاً ( في شَرابٍ ، تُرْيَاقٌ مِجَرَّبٌ من نَهْشَةِ الأَفْعَى ) ، وهو الذَّكَرُ من الحَيَّات .
( والكَرْنِيبُ ) ، بالفتح ، ( ويُكسَرُ ) ، والكِرْنابُ أَيضاً : ( المَجِيعُ ) ، وهو الكُدَيْراءُ . عن ابْنِ الأَعْرابِيّ .
( والكَرْنَبَةُ : إِطْعَامُهُ للضَّيْفِ ) ، يقال : كَرْنِبُوا لِضَيْفِكم ، فإِنَّهُ لَتْحَانُ .
( و ) الكَرْنَبَةُ : ( أَكْلُ التَّمْرِ باللَّبَنِ ) . وفي التّهذيب : الكِرْنِيب ، والكِرْنابُ : التَّمْرُ باللَّبَن . قال شيخُنا صرَّحَ أَبُو حَيّانَ ، وغيرُه من أَئمّة العربية ، بأَنَّ نونَ كرنب زائدةٌ ، وذَكَرُوه كالمُتَّفَق عليه . وظاهرُ المصنِّف والتهْذيب واللِّسان وغيرِها ، أَصالَتُها ، وأَهملها الجَوْهَرِيُّ ؛ لأَنّها لم تَصِحَّ عندَهُ .
وأَبو خَلِيفَةَ بْنُ الكَرْنَبى : من صُوفِيَّةِ البَغْدادِيِّينَ ، وعَصْرِيُّ جُنَيْدِ سَيِّدِ الطّائفةِ ، خرج إِلى عَبّادانَ نقلتُه من الجزءِ السّادس بعدَ المِائَةِ من تاريخ بغداد للخَطِيبِ .
والكَرْنَبَةُ : المِغْرَفَةُ ، مِصْرِيَّةٌ .

____________________

(4/143)


كزب : ( الكُزْبُ ، بالضَّمّ ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وقال ابْنُ الأَعْرَابيّ : هو لغةٌ في ( الكُسْبِ ) ، وهو عُصارةُ الدُّهْنِ ، كالكُزْبَرَةِ والكُسْبَرَةِ .
( و ) قال أَيضاً : الكَزَبُ ، ( بالتَّحْرِيك : صِغَرُ مُشْطِ الرِّجْلِ ، وتَقبُّضُهُ ، وهو عَيْبٌ ) .
والمَكْزُوبَةُ : الخِلاسِيَّةُ ) بالكسر ( من الأَلْوانِ ) ، و ( هي ما كانَ بَيْنَ الأَسْوَدِ والأَبْيَضَ ) ، ومنه : الجَوَارِي المكزوبةُ ، وهي الخِلاسيَّةُ اللَّوْنِ ، عن ابْنِ الأَعرابيّ ، وقد تقدّم في زكب .
( والكَوْزَبُ ) ، كَجَوْهَرٍ : الرَّجُل ( البَخِيلُ ، الضَّيِّقُ الخُلُقِ ) . وفي نسخةٍ : النَّفْسِ ، بدل الخُلُقِ .
( ) وممّا يُستدرَكُ عليه :
الكُزْبُ ، بالضَّمِّ : شَجَرٌ صُلْبٌ نقله الصَّاغانيُّ .
كسب : ( كَسَبَه ، يَكْسِبُهُ ، كَسْباً ) بالفتح ، ( وكِسْباً ) بالكسر ، ( وتَكَسَّبَ ، واكْتَسَبَ : طَلَبَ الرِّزْفَ ) . وأَصلُهُ الجَمع ، ( أَو كَسَبَ : أَصابَ ، واكْتَسَبَ تَصرَّفَ ، واجْتَهَدَ ) ، قاله سِيبَوَيْهِ . ( وكَسَبَهُ : جَمَعَه ) على أَصْلِ معناه .
في لسان العرب : قال ابْنُ جِنّي : قولُه تعالَى : { لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ } ( البقرة : 286 ) ، عَبَّرَ عن الحَسَنةِ بكسبت ، وعن السَّيِّئةِ باكْتَسَبَتْ ؛ لأَنّ معنى كَسَبَ دون معنى اكْتَسَبَ ، لِما فيه من الزِّيَادة ، وذالك لاِءَنّ كَسْبَ الحَسَنَة ، بالإِضافَة إِلى اكْتساب السَّيئة ، أَمرٌ يَسيرٌ ومستَصْغَر ، وذلك لقوله عزَّ وجَلَّ : { مَن جَآء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآء بِالسَّيّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا } ( الأنعام : 160 ) ، أَفَلا تَرى أَنّ الحسَنَةَ تَصغُرُ بإِضافتها إِلى جزائها ، ضِعْفَ الواحدة إِلى العَشَرة ؟ ولمّا
____________________

(4/144)


كان جَزاءُ السَّيئة إِنّمَا هو بمثلِها ، لم تُحْتَقرْ إِلى الجزاءِ عنها ، فعُلِمَ بذالك قُوّةُ فِعلِ السَّيْئة على فعل الحسنةِ ؛ فإِذا كان فعلُ السَّيِّئة ذاهباً بصاحبه إِلى هاذه الغايةِ المترامية ، عُظِّمَ قَدْرُهَا وفُخِّمَ لفظُ العبارة عنها ، فقيل : { لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ } ، فزِيدَ في لفظ السَّيّئة ، وانْتُقِصَ من لفظ فعل الحسنة لِمَا ذَكَرْنا .
وفي الأَساس : ومن المجاز : كَسَبَ خَيْراً ، واكْتَسَب شرّاً .
( و ) كَسَبَ ( فُلاَناً ) خَيْراً و ( مالاً ، كأَكْسَبَهُ إِيّاهُ ) ، والأَوَّلُ أَعْلَى . ( فكَسَبَهُ هُوَ ) ، قال :
يُعاتِبُنِي في الدَّيْنِ قَوْمِي وإِنَّما
دُيُونِيَ في أَشْيَاءَ تَكْسِبُهُم حَمْدَا
ويُرْوَى : تُكْسِبُهم ، وهاذا ممّا جاءَ على فَعَلْتُهُ ففَعَل .
ومن المجاز : تقولُ : فلانٌ يَكْسِبُ أَهْلَهُ خيراً . قال أَحمدُ بْنُ يَحْيى : كلُّ النّاس يقولُ : كَسَبَك فلانٌ خيراً إِلاّ ابْنَ الأَعرابيّ فإِنّه قال : أَكْسَبَكَ فُلانٌ خَيْراً . وفي حديث خَدِيجة : ( إِنَّك لَتَصِلُ الرَّحِمَ ، وتَحْمِلُ الكَلَّ ، وتَكْسِبُ المَعْدومَ ) . قال ابْنُ الأَثِيرِ : يُقال : كسَبْتُ مالاً ، وكَسَبْتُ زَيْداً مالاً ، وأَكسَبْتُ زيداً مالاً ، أَي : أَعَنْتُهُ على كَسْبِه ، أَو جعَلْتُه يَكْسِبُهُ فإِن كان من الأَوّل ، فتريدُ أَنّك تَصِلُ إِلى كُلّ معدومٍ وتنالُهُ ، فلا يَتعذَّرُ لِبُعْدِه عليك ، وإِن جَعَلْتَهُ متعدِّياً إِلى اثْنَيْنِ ، فتُرِيدُ أَنَّك تُعْطِي النّاسَ الشَّيْءَ المعدومَ عِنْدَهُم ، وتُوَصِّلُهُ إِليهم ، قال : وهاذا أَوْلَى القولَيْنِ ؛ لأَنَّه أَشبَهُ بما قَبْلَهُ في باب التَّفَضُّل والإِنعام ، إِذْ لا إِنْعَامَ في أَن يَكسِبَ هو لنفسه مالاً كان معدوماً عندَه ، وإِنّما الإِنعامُ أَنْ يُولِيَهُ غَيْرَهُ ، وبابُ الحظّ والسّعادة في الاكْتِساب غيرُ باب التَّفَضُّل والإِنعام . وقال شيخنا :
____________________

(4/145)


كَسَبَ يَجِيءُ لازماً ومتعدّياً ، وأَنكر الفَرّاءُ وغيرُهُ ( أَكْسَبُه ) . في المتعدِّي ؛ وأَنشدَ ابْنُ الأَعْرَابي :
فأَكْسَبَنِي مالاً وأَكْسَبْتُه حَمْدَا
فعدّاهُ لمفعولَيْنِ وكَسَبَ يتعدَّى لواحِدٍ ، وأَكْسَبَ لاثْنَيْنِ . وقيل : كُلُّ منهما يتعدَّى لمفعولَيْنِ ، كما جزَمَ به ابْنُ الأَعْرَابيِّ ، وهو الذي صرّحَ به المُصَنِّفُ ، وغيرُهُ ، انتهى .
( و ) يُقال : ( فُلانٌ طَيِّبُ المَكْسَبِ ) ، كمَقْعَدٍ ، ( والمَكْسِبُ ) ، كمَجْلِس ؛ كِلاَهُمَا عن الفَرّاءِ ، ( والمَكْسِبَةِ كالمَغْفِرَة ، والكِسْبَةِ ، بالكسر ) ، والكَسِيبَة ، زاده ابْنُ مَنْظُورٍ : ( أَيْ : طَيِّبُ الكَسْبِ ) .
( ورَجُلٌ كَسُوبٌ ) كصَبُورٍ ، ( وكَسَّابٌ ) كَشَدَّادٍ : كَثِيرُ الكَسْبِ .
( و ) الكَسُّوبُ ، ( كالتَّنُّورِ : نَبْتٌ ) يُشْبِه العُصْفُرَ ، له قُرْطُمٌ ، نقله الصّاغانيّ .
( و ) الكَسُّوبُ : ( الشَّيءُ ) ، وفي نُسْخَة : ومَا لَهُ كَسُّوبٌ : شَيْءٌ ، يقال : ما تَرَك كَسُّوباً ولا لَسُّوباً ، أَي : شيئاً .
( وكَسَابِ ، كقَطَامِ : الذِّئْبُ ) ، ورُبَّمَا جاءَ في الشِّعر كُسَيْباً . ومثلُهُ في لسان العرب . وفي الصَّحاح : اسمُ كَلْبَةٍ .
( وكَسْبَةُ : من أَسْماءِ إِناثِ الكِلابِ ) ككَسَابِ ؛ قاله ابْنُ سِيدَهْ . قال الأَعْشَى :
ولَزَّ كَسْبَةَ أُخْرَى فَرْغُها فَهِقُ
( و ) كَسْبَةُ : ( ة بنَسَفَ ) .
( و ) كُسَيْبٌ ، ( كزُبَيْرٍ ) : اسْمٌ ( لذُكُورِهَا ) ، أَي : الكِلابِ ، وربّما جاءَ ذالك في الشِّعْر . قال ابنُ منظور : وكُلُّ ذالك تفاؤُلٌ بالكسب والاكتساب .
( و ) كُسَيْبٌ : ( اسْمُ ) رجل . وقيل : هو جَدُّ العَجّاج لاِمِّه ، قال له بعض مُهاجِيهِ ، أُراه جَريراً :
____________________

(4/146)



يا ابْنَ كُسَيْبٍ ما عَلَيْنَا مَبْذَخُ
قَدْ غَلَبَتْكَ كاعِبٌ تَضَمَّخُ
يعني بالكاعِبِ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةَ ، لأَنّها هاجَتِ العَجّاج فغَلَبَتْهُ . ( و ) قد يكونُ ( ابْنُ الكُسَيْبِ : ولَدَ الزِّنَا ) وبه يُفَسَّرُ الشِّعْرُ المذكور .
( والكُسْبُ ، بالضَّمِّ ) : الكُنْجارَقُ فارِسيّة . وبعضُ أَهْلِ السَّوَادِ يُسَمِّيهِ الكُسْبَجَ . والكُسْبُ بالضمِّ : ( عُصارَةُ الدُّهْنِ ) ، قال أَبُو منصور : وأَصلُه بالفارِسِيّة : ( كُشْبْ ) ، فَقُلِبَت الشِّينُ سِيناً ، كما قالوا : سابُور ، وأَصلُه شَاهْ بُور ، أَي : ابْن المَلِكِ .
( وكَيْسَبٌ ) ، كصَيْقَلٍ : ( اسمٌ . و : ة بين الرَّيِّ وخُوَارِهَا ) ، بالضَّمّ .
( وَمَنِيعُ بْنُ الأَكْسَبِ ) بْنِ المُجَشَّرِ ( شاعِرٌ ) من بني قَطَنِ بْنِ نَهْشَلٍ .
( والكَواسبُ : الجَوَارِحُ ) من الإِنسان والطَّيْر .
( وأَبو كاسِبٍ ) : كُنْيَةُ ( الذِّئْبِ ) .
( وسَمَّوْا كاسِباً وكَيْسَبَةَ ) وكَيْسَباً وكُسَيْبَة .
( ) وممّا بقي عليه :
تَكسَّبَ ، أَي : تكلَّفَ الكَسْبَ ، وأَصل الكَسْبِ الطَّلَبُ والسَّعْيُ في طلبِ الرِّزْق والمَعِيشةِ . وفي الحديث : ( أَطْيَبُ ما أَكَلَ الرَّجُلُ من كَسْبِهِ ، ووَلَدُهُ من كَسْبِهِ ) . وفي حديثٍ آخَرَ : ( نَهَى عن كَسْبِ الإِمَاءِ ) . وفي التنزيل العزيز : { مَآ أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ } ( المسد : 2 ) ، قِيلَ : ما كَسَبَ ، هُنَا ، وَلَدُهُ .
والكِسْبُ ، بالكسر : لغةٌ في الكَسْبِ ، بالفتح ، نقله الصّاغانيُّ . 6
كسحب : ( الكَسْحَبةُ ) ، بالسّين والحاء المُهْمَلَتَيْنِ : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وصاحبُ
____________________

(4/147)


اللِّسان . وقال ابْنُ دُرَيْدٍ : ذكر بعضُ أَهلِ اللُّغَةِ أَنّ الكَسْحَبَة ( مَشْيُ الخائِفِ المُخْفِي نَفْسَهُ ) وقال : وليس بِثَبتٍ .
كشب : ( الكَشْبُ ) ، كالضَّرْبِ : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وقال اللَّيْثُ : هو ( شدَّةُ أَكْلِ اللَّحْمِ ونَحْوِهِ ، كالتَّكْشِيبِ ) للمبالغة ، قال الشّاعرُ :
ثُمَّ ظَلِلْنَا في شِواءٍ ، رُعْبَبُهْ
مُلَهْوَجٍ مِثْلِ الكُشَى نُكَشِّبُهْ
الكُشَى : جمع كُشْيَةٍ ، وهي شَحْمَةُ كُلْيَةِ الضَّبِّ .
( و ) كَشْبٌ : ( ع ، أَو جَبَلٌ ) بالبادِية .
( وكَشَبَى ) محرّكةً ( كجَمَزَى ) ، وفي نسخة : الكَشَبَى . وفي لسان العرب : كُشُبٌ : ( جَبَل بالبَادِيَةِ ) .
( و ) كُشُبٌ ( كَكُتُبٍ ) ، أَو ككَتِفٍ كما قيَّده بعضُ من تكلَّم على المواضع : ( جَبَلٌ آخَرُ ) في دِيار مُحَارِبِ بْنِ خَصَفَة . وعلى الأَوَّلِ قولُ بَشامةَ بْنِ عَمْرٍ و المُرِّيِّ :
فمَرَّتْ على كُشُبٍ غُدْوَةً
وحاذَتْ بجَنْبِ أَراكٍ أَصِيلاَ
( و ) كَشِيبٌ ، ( كَأَمِيرٍ ) : جَبَلٌ ( آخَرُ ، م ) أَي معروفٌ .
كظب : ( كَظَبَ ) ، يَكْظُبُ ، ( كُظوباً ) كحَظَبَ ، يَحْظُبُ ، حُظُوباً : ( امْتَلأَ سِمَناً ) ، عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ . وقد أَهمله الجَوْهَرِيُّ .
كعب : ( الكَعْبُ : كُلّ مَفْصِل للْعِظامِ . و ) من الإِنسانِ : ما أَشْرَفَ فوقَ رُسْغِه عندَ قَدَمِهِ ، وقيل : هو ( العَظْمُ النّاشِزُ فَوْقَ القَدَمِ ) ، وقيل : هو العظم النّاشِزُ عند مُلْتَقَى السّاقِ والقَدَمِ ، وأَنكر الأَصْمَعِيُّ قولَ النّاس إِنّه في ظَهْرِ القَدَم . وذهب
____________________

(4/148)


قومٌ إِلى أَنَّهما العَظْمانِ اللَّذانِ في ظَهْرِ القَدَمِ ، وهو مَذهَبُ الشِّيعَةِ ، ومنه قول يَحْيَى بْنِ الحارِث : رأَيتُ القَتْلَى يومَ زَيْدِ بْنِ عليَ ، فرأَيْتُ الكِعَابَ في وَسَطِ القَدَمِ . ( و ) قيل : الكَعْبَانِ ، من الإِنسان : العَظْمانِ ( النّاشِزَانِ من جانِبَيْهَا ) ، أَي : القَدَمِ . وفي حديث الإِزَار : ( ما كانَ أَسْفَلَ من الكَعْبَيْنِ ، ففي النّارِ ) ، قال اللَّهُ تعالى : { وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ } ( المائدة : ) ، قرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ ، وأَبُو عَمْرٍ و ، وأَبُو بَكْرٍ عن عاصم ، وحمزةُ : ( وأَرْجُلِكُم ) خَفْضاً ، والأَعْشَى عن أَبي بَكْرٍ ، بالنَّصْب مثل حَفْصٍ . وقرأَ يَعقوب ، والكِسَائيُّ ، ونافِعٌ ، وابنُ عامرِ : ( وأَرْجُلَكُمْ ) نصباً ؛ وهي قراءةُ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وكان الشّافعيُّ يقرأُ : ( وَأَرْجُلَكُمْ ) واخْتَلَف النّاسُ في الكَعْبَيْنِ ، وسأَل ابْنُ جابِرٍ أَحمدَ بْنَ يَحْيَى عن الكَعْبِ ، فأَوْمَأَ ثَعلبٌ إِلى رِجْلِه ، إِلى المَفْصِل منها ، بسَبَّابَتِه ، فوضَع السَّبّابَة عليه ، ثم قال : هاذا قولُ المُفَضَّلِ ، وابْنِ الأَعْرابِيّ . قال : وأَومأَ إِلى النّاتِئَيْنِ ، وقال : هاذا قولُ أَبي عَمْرِو بْنِ العلاءِ ، والأَصْمَعِيّ قالَ : وكُلٌّ قد أَصابَ . كذا في لسان العرب .
( ج : أَكْعُبٌ ، وكُعُوبٌ ، وكِعَابٌ ) .
( و ) قال اللِّحْيَانيُّ : الكَعْبُ ( الَّذِي يُلْعَبُ به ) ، وهو فَصُّ النَّرْدِ ، ( كالكَعْبَةِ ) ، بزيادةِ الهاءِ ، ( ج كُعْبٌ ) ، بالضَّمِّ ، ( وكِعَابٌ ) بالكَسْرِ ، ( وكَعَبَاتٌ ) محرّكةُ ، الأَوّل والثّالث جمع الكَعْبَة ، لم يَحْكِ ذالك غيرُه ، كقولك : جَمْرَةٌ وجَمَرَات ، والثّاني جمع الكَعْب ، والمُصَنِّف خلطَ في الجُمُوع ، ولم يُنبِّه عليه شيخُنا على عادته في بعض المواضع ، وفي الحديث : أَنّه ( كان يَكْرَهُ الضَّرْبَ بالكِعابِ ) واحدتُها : كَعْبٌ ، واللَّعِبُ بها حَرَامٌ ، وكَرِهَهَا عامَّةُ الصَّحابةِ . وفي حديثٍ آخَرَ : ( لا يُقَلِّبُ كَعَبَاتِها
____________________

(4/149)


أَحَدٌ يَنْتَظِرُ ما تَجِيءُ به إِلاّ لَمْ يَرَحْ رائحةَ الجَنَّةِ ) ، هي جمع سلامة للكَعْبَة ، كذا في النّهاية ، ونقله ابْنُ منظور وغيرُهُ .
( و ) من المَجَازِ : قَنَاةٌ لَدْنَةُ الكُعُوبِ ، جمعُ كَعْبٍ ، هو عُقْدَةُ ( ما بَيْنَ الأُنْبُوبَيْنِ من القَصَبِ ) والقَنَاةِ . وقيلَ : هو أُنْبُوبُ ما بَيْنَ كُلِّ عُقْدَتَيْنِ . وقيل : هو طَرَفُ الأُنْبُوبِ النّاشِزُ ، وجمعُه : كُعُوبٌ ، وكِعَابٌ . أَنشد ابْنُ الأَعْرابِيِّ :
وأَلْقَى نَفْسَهُ وهَوَيْنَ رَهْواً
يُبَارِينَ الأَعِنَّةَ كالكِعابِ
يعني : أَنَّ بعضَها يَتلُو بعضاً ، ككِعَابِ الرُّمْح . ورُمْحٌ بكَعْبٍ واحدٍ : مُسْتَوِي الكُعُوبِ ، ليس له كَعْبٌ أَغْلَظُ من آخَرَ . قال أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ يصفُ قَنَاةً مستويةَ الكُعُوبِ :
تَقَاكَ بكَعْبٍ واحدٍ وتَلَذُّهُ
يَدَاكَ إِذَا ما هُزَّ بالكَفِّ يَعْسِلُ
( و ) من المجاز : الكَعْبُ : ( الكُتْلَةُ من السَّمْن ) .
( و ) الكَعْب أَيضاً : ( قَدْرُ صُبَّةِ ) بالضَّمّ ( من اللَّبَنِ ) والسَّمْنِ ، ومنه قولُ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكرِبَ قال : نَزَلْتُ بقومٍ فأَتَوْنِي بقَوْسٍ وثَوْرٍ وكَعْبٍ وتِبْنٍ فيه لَبَنٌ . فالقَوْسُ : ما يَبْقَى في أَصْل الجُلَّةِ من التَّمْر . والثَّوْرُ : الكُتْلَةُ من الأَقِطِ . والكَعْبُ : الصُّبَّةُ من السَّمْنِ . والتِّبْنُ : القَدَحُ الكبير . وفي حديث عائشةَ ، رضي الله عنها : ( إِنْ كانَ لَيُهْدَى لَنَا القِنَاعُ فِيهِ كَعْبٌ من إِهالَةٍ فنَفْرَحُ به ) ، أَي : قِطْعَةٌ من الدُّهْن والسَّمْنِ .
( و ) الكَعْبُ : ( اصْطِلاحٌ لِلْحِسابِ ) هو أَنْ يُضْرَبَ عَدَدٌ في مثلِه ، ثم يُضْرَبُ ما ارتفع في العدد الأَوّل ، فما بلَغَ ، فهو المُكَعَّبُ . والمالُ ، والعدد الأَوّلُ : هو الكَعْبُ ، مثل أَنْ تَضْرِبَ ثلاثةً في ثلاثة ، فيبلُغَ تسعةً ، ثم تضربَ التِّسعَةَ في ثلاثة فيبلُغَ سبعةً وعشرينَ ، فالكَعْبُ ثلاثةٌ ، والمُكَعَّبُ
____________________

(4/150)


والمال سبعةٌ وعِشْرُونَ ، نقله الصّاغانيُّ .
( و ) من المجاز : الكَعْبُ بمعنى ( الشَّرَفِ والمَجْدِ ) ، يقال : أَعلى اللَّهُ كَعْبَه ، أَي : أَعلى جَدَّهُ . وفي حديثِ قَيْلَةَ : ( واللَّهِ لا يَزَالُ كَعْبُكَ عالِياً ) هو دُعَاءٌ بالشَّرَف والعُلُوّ . قال ابْنُ الأَثِيرِ : والأَصلُ فيه كَعْبُ القَنَاةِ ، وهو أُنبوبها وما بينَ كُلِّ عُقْدَتَيْنِ منها كَعْبٌ وكُلُّ شَيْءٍ عَلا وارتفعَ ، فهو كَعْبٌ . ورَجُلٌ عالِي الكَعْبِ : يُوصف بالشَّرَف والظَّفَر ، قال :
لَمَّا عَلا كَعْبُكَ بِي عَلِيتُ
أَراد : لَمَّا أَعلانِي كَعْبُكَ .
( و ) الكُعْبُ ، ( بالضَّمِّ : الثَّدْيُ ) النّاهدُ .
( وكَعَّبتُهُ ) أَي : الشَّيْءَ ( تَكْعِيباً ) : أَي ( رَبَّعْته ) .
( والكَعْبَةُ : البَيْتُ الحَرَامُ ) ، منه ، ( زادَهُ اللَّهُ تَشْرِيفاً ) وتكريماً ، لِتَكْعِيبِها أَي : تربِيعها ، وقالوا : كَعْبَةُ البيتِ ، فأُضيف ، كأَنّهم ذَهَبُوا بِكَعْبَتِهِ إِلى تَرَبُّعِ أَعلاه ، وسُمِّيَ كَعْبَةً لارْتِفَاعه وتَرَبُّعِهِ .
( و ) الكَعْبَةُ : ( الغُرْفَةُ ) ، قال ابْنُ سِيدَهْ : أُرَاهُ لِتَرَبُّعِهَا أَيضاً .
( وكُلُّ بَيْتٍ مُرَبَّعٍ ) ، فهو عندَ العربِ كَعْبَةٌ .
( و ) عن أَبي عَمْرٍ و ، وابْنِ الأَعْرَابِيّ : الكُعْبَةُ ، ( بالضَّمِّ : عُذْرَةُ الجارِيَةِ ) أَي : بَكَارَتُهَا ، وأَنشد :
أَرَكَبٌ تَمَّ وتَمَّتْ رَبَّتُهُ
قد كانَ مَخْتُوماً فَفُضَّتْ كُعْبَتُهْ
وفي مُوازنةِ الآمِدِيّ : جارِيَةٌ كَعَابٌ أَي : بِكْرٌ .
( والكُعُوبُ ) ، بالضمّ : ( نُهُودُ ثَدْيِهَا ) ، أَي : نُتُوُّهَا وارتفاعُها : قالُوا : وهو من خواصِّ النِّساءِ ، لا يتّصف به الرِّجَالُ ، ( كالتَّكْعِيب ،
____________________

(4/151)


والكِعابَة ) بالكسر ، على ما في نسختنا ، وضَبَطَهُ شيخُنا بالفتح ، ( والكُعُوبَة ) ، بالضمّ .
( والفِعْلُ ) منه ( كَضَرَبَ ونَصَرَ ) يقال : كَعَبَ الثَّدْيُ يَكْعِبُ ويَكْعُبُ ، وكَعَّبَ ، بالتَّخفيف والتّشديد .
( وجاريةٌ كَعَابٌ كسَحَابٍ ) هكذا في نسختنا ، وسقط الضَّبطُ من نسخة شيخِنا ، ( ومُكَعِّبٌ ، كمُحَدِّثٍ ) ، ومنهم من يُلْحِقُهُ الهاءَ ، ( وكاعِبٌ ) كناهِدٍ وزناً ومعنًى ، وهو الأَكثرُ وحُكِيَ كاعِبَةٌ . كذا في كنْزِ اللُّغَة ، وجمعُ الأَخيرِ كَوَاعِبُ ، قال اللَّهُ تَعَالى : { وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً } ( النبأ : 33 ) ، وكِعَابٌ ، بالكسر ، عن ثعلب ؛ وأَنشدَ :
نَجِيبَةُ بَطَّالٍ لَدُن شَبَّ هَمُّهُ
لِعابُ الكِعَابِ والمُدامُ المُشَعْشَعُ
ذَكَّرَ المُدَامَ ، لأَنّه عَنَى به الشَّرَابَ . وفي حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ : ( فجثَتْ فتاةٌ كَعَابٌ على إِحْدَى رُكْبَتَيْها ) . قال ابنُ الأَثِيرِ : الكَعَابُ ، بالفتح : المَرْأَةُ حِينَ يَبْدُو ثَدْيُهَا للنُّهُودِ .
وكَعَبَتِ الجاريةُ : تَكْعُبُ ، وتَكْعِبُ . الأَخيرةُ عن ثعلب . وكَعَّبَتْ ، بالتّشديد مثلُه .
( والإِكْعَاب : الإِسْراعُ ) . أَكْعَبَ الرجُلُ . أَسرَعَ ، وقيل : هو إِذا انْطَلَقَ ولم يَلْتَفِتْ إِلى شيْء . وقال أَبو سعيدٍ : أَكْعَبَ الرَّجُلُ إِكْعاباً ، وهو الّذِي يَنْطَلِقُ مُضَارّاً لا يُبالِي ما وراءَهُ ، ومِثْلُهُ كَلَّلَ تَكْلِيلاً .
( و ) من زيادة المُصَنِّف : ( الكُعْكُبَّة ) ، بضمّ الكَافَيْنِ وتشديد المُوَحَّدة . قال شيخُنا : قيل : وزنُها فَعْفُلَّةٌ ، وهي ( النُّونَةُ من الشَّعر ، وهي أَنْ تَجْعَل ) المرأَةُ ( شَعرَهَا أَرْبَعَ قَصائِبَ مضْفُورةً ) مفتولَةً ( وتُداخِلَ ) هي ( بَعْضَهُنَّ في بَعْضٍ ، فَيَعُدْنَ ) أَي تلك الضَّفائرُ ( كُعْكُبّاً ) .
____________________

(4/152)



( و ) الكُعْكُبُّ : ( ضَرْبٌ من المَشْطِ ) بالفتح ، ( كالكُعْكُبِيَّةِ ) بزيادة الياءِ ، قيّد به الصاغانيّ .
( وثَدْيٌ مُكَعِّبٌ ) كمُحَدِّثٍ ، ( ومُكَعَّبٌ ) كمُعَظَّمٍ . كذا هو مضبوطٌ في نسختنا ، وهو ضبطُ الصّاغانيّ ، وفي بعضها : كمُكْرَمٍ ، وهي نادرةٌ ( ومُتَكَعِّبٌ ) بزيادة التّاءِ ، أَي : ( كاعِبٌ ) وقيل : التَّفْلِيكُ ، ثُمّ النُّهُودُ ، ثم التَّكْعِيبُ .
( والمُكَعَّب ) ، كمُعَظَّمٍ : ( المَوْشِيُّ ) بفتح الميم وسكون الواو وكسر الشّينِ وفي نسخة : ضبطه كمُعَظَّمٍ ، ( مِنَ البُرُودِ والأَثْوَابِ ) على هَيْأَةِ الكِعَاب ، ومنهم من قال المُكَعَّبُ المَوْشِيّ ، ولم يُخَصِّصْ بالأَثْوَاب ولا البُرُودِ ، قال اللِّحْيَانِيُّ : بُرْدٌ مُكَعَّبٌ : فيه وَشْيٌ مُرَبَّع .
( و ) المُكَعَّبُ : ( الثَّوْبُ المَطْوِيُّ الشَّدِيدُ الإِدْرَاجِ ) في تَرْبيعٍ ، ومنهم مَنْ لم يُقَيِّدْهُ بالتَّربيع ، يقال : كَعَّبْتُ الثَّوْبَ تَكْعيباً .
( وبهاءٍ ) ، يعني المُكَعَّبَةَ : ( الدَّوْخَلَّةُ ) بتشديدِ اللاّم ، وهي الشَّوْغَرَةُ والوَشَخَةُ ، وسيأْتي بيانُهما .
( والكَعْبانِ ) : هما كَعْبُ ( بْنُ كِلابٍ ، و ) كَعْبُ ( بْنُ رَبِيعَةَ ) بْنِ عُقَيْلِ بْنِ كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ . وقال شيخُنَا : اقتَصَرَ على نسبتِهما لجَدَّيْهِما ، وهما كَعبُ بْنُ عُقَيْلِ بْنِ كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ ، وكَعْبُ بْنُ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ بْنِ أَبي بَكْرِ بْنِ كِلابٍ .
( والكَعَبَاتُ ) محرّكةً ، ( أَو ذُو الكَعَبَاتِ بَيْتٌ كان لرَبيعةَ ، كانُوا يَطوفون به ) ، وقد ذَكَره الأَسْوَدُ بْنُ يَعْفُرَ في شِعْره فقال :
والبَيْتِ ذِي الكَعَبَاتِ مِن سِنْدادِ
( وكَعَبَ الإِنَاءَ ) غَيْرُهُ ، ( كَمَنَعَ :
____________________

(4/153)


ملأَهُ ) ، ورَوَاهُ الصّاغانيُّ من باب التَّفْعِيلِ .
( و ) كَعَبَ ( الثَّدْيُ ) من باب ضَرَبَ ونَصَرَ ، وكَعَّبَ بالتَّشْدِيد : ( نَهَدَ ) ، أَي : نَتَأَ ، واستدار ، وارتفع كالكَعْبِ ، ولا يَخفَى أَنّه تقدَّمَ الإِشارةُ إِليه في كلامِه ، فذِكْرُه ثانياً كالتَّكْرَارِ ، ثُمّ إِنّ ذكره بعدَ كَعَبَ الإِناءَ ، يقتضي أَن يكونَ كمَنَع أَيضاً ، وليس كذالك ، بل هو من باب الأَوّلِ والثّاني ، ورُوِيَ فيه التّشديدُ . وقد قدَّمنا ما يتعلَّقُ به .
( وذُو الكَعْبِ ) : لَقَبُ ( نُعَيْمِ بْنِ سُوَيْدِ ) بنِ خالِدٍ الشَّيْبانيّ .
( وكَعْبُ الحِبْرِ ) ، بكسر الحاءِ : تابِعيَ ( م ) ، وهو المَشْهُور بِكَعْبِ الأَحْبَار ، ثَبَتَ ذكْرُه هنا في كثير من الأُصول المصحَّحة ، وسقط من بعضها ، وإِنّما لُقِّب به لكَثرةِ عِلمه ، وأَورَده بالإِفْرَاد ، لاِءَنَّه اختياره ، ويأْتي له في ( حَبَر ) ولا تَقُل : ( الأَحبار ) أَي : بالجمع ، قاله شيخُنا . وسيأْتي الكلامُ عليه في مَحلِّه .
( ) وممّا لم يذكره المُصَنِّف :
الكَعْبُ : العظمُ لكلّ ذِي أَرْبعٍ ، وفي الفَرَس : ما بينَ الوَظِيفَيْنِ والسّاقَيْنِ ، وقيلَ : ما بَيْنَ عَظْمِ الوَظِيفِ وعظْمِ السّاقِ ، وهو النّاتِىءُ من خَلفه .
وكَعَّبَت كُبَّتَهَا : جَعَلَتْ لها حُروفاً كالكُعُوب .
والمُكَعِّب : لَقَبُ بعضِ المُلُوكِ ، لاِءَنَّهُ ضَرَبَ كَعَائِب الرُّؤوس .
وكَعَبَه كَعْباً : ضَرَبَه على يابِسٍ ، كالرَّأْسِ ونَحْوِه .
وكَعَّبْتُ الشَّيْءَ تَكْعيباً : إِذا مَلأْتَهُ .
ووَجْهٌ مُكَعَّبٌ : إِذا كان جافياً ، ناتئاً .
والعربُ تقولُ : جارِيَةٌ دَرْمَاءُ الكُعُوبِ ، إِذا لم يكن لِرؤُوس عِظامِها
____________________

(4/154)


حَجْمٌ ، وذالك أَوثَرُ لها ، وأَنشدَ :
ساقاً بَخَنْداةً وكَعْباً أَدْرَمَا
والكِعَابُ في قول الشّاعر :
رَأَيْتُ الشَّعْبَ من كَعْبٍ وكانُوا
من الشَّنَآنِ قد صارُوا كِعَابَا
قال الفارسيّ : أَرادَ أَنّ آراءَهم تَفرّقت وتَضادَّتْ ، فكان كلُّ ذي رأْيٍ منهم قَبِيلاً على حِدَتِهِ ، فلذالك قال : صاروا كِعاباً .
وفي الأَساس : في الحديث : ( نَزَلَ القُرْآنُ بلسانِ الكَعْبَيْنِ ) : كَعْبِ بْنِ لُؤَيَ من قُرَيْشٍ ، وكَعْبِ بْنِ عَمْرٍ و ، وهو أَبو خُزَاعَةَ ، قاله أَبو عُبَيْد عن ابْنِ عبّاسٍ ، رَضِيَ اللَّه عنهما . قال شيخُنا : ونقله الجَلال في الإِتْقان والمُزْهِر .
وأَبُو مُكَعِّبٍ الأَسديُّ ، مشدّد العين ، من شعرائِهم ، وقيل : إِنّهُ أَبو مُكْعِتٍ ، بتخفيف العين وبالتَّاءِ المثناة الفَوْقيّة وسيأْتي ذكره .
كعثب : ( الكَعْثَبُ ) ، والكَثْعَبُ : ( الرَّكَبُ الضَّخْمُ ) ، المُمْتَلِىءُ ، الناتِىء . قالَ :
أَرَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ نَهْداً كَعْثَبَا
( و ) الكَعْثَبُ : ( صاحِبَتُهُ ) ، أَي : الرَّكَبِ ، يُقَالُ : امْرَأَةٌ كَعْثَبٌ ، وكَثْعَبٌ أَي : ضَخْمَةُ الرَّكَبِ ، يَعني الفَرْجَ .
( وتَكَعْثَبَت العَرَارَةُ ) ، بفتح العين المُهْمَلَة ، وهي نَبْتٌ : ( تَجَمَّعَتْ واسْتَدارَتْ ) .
قال ابْنُ السِّكِّيتِ : يُقَالُ : لِقُبُل المَرْأَةِ : هو كَعْثَبُهَا ، وأَجَمُّها ، وشَكْرُها . قال الفَرّاءُ : وأَنشدَني أَبو ثَرْوانَ :
قالَ الجَوَاري : ما ذَهَبْتَ مَذْهَبَا
وعبْنَنِي ولَمْ أَكُنْ مُعَيَّبَا
أَرَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ نَهْداً كَعْثَبَا
أَذَاك أَمْ نُعْطيكَ هَيْداً هَيْدَبَا
أَراد بالكَعْثَبِ : الرَّكَبَ الشاخصَ المُكْتَنزَ ، والهَيْدُ الهَيْدَبُ : الّذِي فيه
____________________

(4/155)


رَخاوَةٌ مثلُ رَكَبِ العَجَائزِ المُسْتَرْخِي ، لِكِبَرِها . ورَكَبٌ كَعْثبٌ : ضَخْمٌ ، كذا في لسان العرب .
كعدب : ( الكَعْدَبُ ، والكَعْدَبَةُ ) كِلاهُمَا : ( الفَسْلُ ) بالفتح : الرَّدِيءُ ( مِنَ الرِّجالِ ) .
( والكُعْدُبَةُ ، بالضَّمِّ ) : الحَجَاةُ ، والحَبَابَةُ . وفي حديثِ عَمْرٍ و أَنّه قال لمُعاويةَ : ( لقَدْ رَأَيْتُك بالعِرَاقِ ، وإِنَّ أَمْرَكَ كَحُقِّ الكَهُول ، أَو كالكُعْدُبة ) . ويروى : الجُعْدُبَة ، قال : وهي ( نُفَّاخاتُ الماءِ ) الَّتِي تكونُ من ماءِ المَطَرِ . وقيلَ : بيتُ العَنكبُوتِ ، وعن أَبي عَمْرٍ و : يُقالُ لبيتِ العَنكبُوت : الكُعْدُبَةُ ، والجُعْدُبَةُ . وقد تقدّمَ الإِشارة إِليه أَيضاً ، في : جَعْدَب .
كعسب : ( كَعْسَبَ ) ، يُكَعْسِبُ : أَهمله الجوهريّ ، وقال ابْنُ السِّكِّيتِ : أَي ( عدَا ) عَدْواً شديداً ، مثلُ كَعْظَلَ يُكَعْظِلُ .
( و ) كَعْسَبَ ، وكَعْسَمَ : إِذا ( هَرَبَ ومَشَى سَريعاً ، أَو ) كَعْسَبَ ، إِذا ( عَدَا بَطِيئاً ) ، فهو ضدّ ؛ ( أَو ) كَعَسَبَ فلانٌ ذاهِباً : إِذا ( مَشَى مِشْيَةَ السَّكْرَانِ ) .
( وكَعَسَبٌ ) ، كجَعْفَرٍ : ( اسْمٌ ) اشْتُقَّ من المعاني الّتي ذُكِرَتْ .
كعنب : ( الكَعْنَبُ ) : أَهْمله الجوهريّ ، وقال ابْنُ السِّكِيتِ : أَي ( عَدَا ) عَدْواً شَديداً ، مثلُ كَعْظَلَ يُكَعْظِلُ .
( و ) كَعْسَبَ ، وكَعْسَمَ : إِذا ( هَرَبَ ومَشَى سَريعاً ، أَو ) كَعْسَبَ ، إِذا ( عَدَا بَطِيئاً ) ، فهو ضدّ ؛ ( أَو ) كَعَسَبَ فلانٌ ذاهِباً : إِذا ( مَشَى مِشْيَةَ السَّكْرَانِ ) .
( وكَعَسَبٌ ) ، كجَعْفَرٍ : ( اسْمٌ ) اشْتُقَّ من المعاني الّتي ذُكِرَتْ .
كعنب : ( الكَعْنَبُ ) : أَهْمله الجوهريّ ، وقال ابْنُ دُرَيْدٍ : هو ( القَصِيرُ ) ، يُوصَفُ به الرَّجُلُ .
( و ) الكَعْنَبُ : ( الأَسَدُ ، كالكُعَانِبِ بالضَّمّ ) ، نقله الصّاغانيّ .
( وكَعَانِبُ الرَّأْسِ ، بالفَتْحِ ) ، ذكَرَ الفتحَ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ عمّا قبْلَهُ : ( عُجَرٌ تكونُ فيهِ ) ، عن ابْنِ دُرَيْد . ( ورَجُلٌ كَعْنَبٌ : ذُو كَعانبَ ) في رأْسِه .
____________________

(4/156)



( وتَيْسٌ مُكَعْنَبُ القَرْنِ ) ، ومُشَعْنُبُهُ ( مُلْتَوِيهِ ، كَأَنَّه حَلْقَةٌ ) ، نقله ابْنُ شُمَيْلٍ .
ككب : ( الكَوْكَبُ ) : ذكره اللَّيْثُ في باب الرُّباعيّ ، ذَهَبَ إِلى أَنَّ الواو أَصْلِيَّةٌ ، قالَ الأَزْهَرِيُّ : وهو عند حُذّاقِ النَّحْوِيِّينَ من باب وكب صُدِّر بكافٍ زائدة ، والأَصلُ : وَكَب ، أَو : كَوَبَ ، ونقله الصّاغانيُّ أَيضاً هكذا ، وسلَّمَهُ .
قلتُ : الكافُ ليست من حروف الزِّيادة ، ولذا صرّحَ جماعةٌ بأَصالته ، فلا بُدَّ من تَقْيِيدِ أَنّها زائِدَةٌ على خِلافِ الأَصْل .
ثُمَّ قال الصّاغانيُّ : إِلاّ أَني تَبِعْتُ الجَوْهَرِيَّ في إيراده هُنَا غيرَ راضٍ به ، ولعلَّهُ تَبِعَ فيه اللَّيْثَ فإِنّه ذكرها في الرُّباعيّ ، ذاهِباً إِلى أَنّ الواوَ أَصليّة . فتأَمَّلْ .
وهو معروفٌ من كواكِب السَّمَاءِ . وفي الصَّحاح والمُحْكَمِ : الكَوْكَبُ : ( النَّجْمُ ) ، اللاّم فيه للجنْس ، وكذا لامُ الكَوْكَبِ ، أَي : كلٌّ منهما يُطْلَقُ على الآخَرِ . وكونُ الكوكبِ عَلَماً بالغَلَبة على الزُّهَرَةِ ، غيرُ مُعْتَدَ به ، وإِنّما هي الكَوْكَبَةُ ، كما يأْتي ، فلا يَرِدُ البحثُ الذي قوَّاه شيخُنا وعَضَّدَه ( كالكَوْكَبَةِ ) ، كما قالُوا : عجوزٌ وعَجُوزَةٌ ، وبَيَاضٌ وبَيَاضَةٌ .
قال الأَزهريُّ : وسَمِعْتُ غيرَ واحد يقولُ : الزُّهَرَةُ من بَيْنِ النُّجُومِ الكَوْكَبَةُ ، يُؤنّثونها ، وسائِرُ الكواكب تُذَكَّرُ ، فتقولُ : هاذا كَوْكَبُ كَذَا وكَذَا .
( و ) الكَوْكَبُ ، والكَوْكَبَةُ : ( بَيَاض في العَيْنِ ) ، وعن أَبي زَيْد : الكَوْكَبُ : البياضُ في سوادِ العينِ ، ذَهَب البَصَرُ له أَو لم يَذْهَبْ .
( و ) الكَوْكَب : ( سَيِّدُ القَوْم وفَارِسُهُم ) .
( و ) الكَوْكَبُ : ( شِدَّةُ الحَرِّ ) ومُعْظَمُهُ قال ذو الرُّمَّةِ :
وَيَوْمٍ يَظَلُّ الفَرْخُ في بَيْتِ غَيْرِهِ
له كَوْكَبٌ فَوْقَ الحِدابِ الظَّواهِرِ
____________________

(4/157)



( و ) الكَوْكَبُ : ( السَّيْف ) .
( و ) الكَوْكَبُ : ( الماءُ ) ، وهاذانِ عن المُؤرِّج .
.
( و ) الكَوْكَبُ : ( المَحْبِسُ ) كمَجْلِس .
( و ) الكَوْكَبُ : ( المِسْمَارُ ) .
( و ) الكَوْكَبُ : ( الخِطَّةُ ) بالكسر ( يُخَالِفُ لَوْنُها لَوْنَ أَرْضِها ) ، ولو قال : تُخَالِفُ لَوْنَ أَرْضِها ، كان أَخصرَ .
( والطَّلْقُ من الأَوْدِيَة ) : كَوْكَبُ الأَرض . وهذه الأَربعة نقلَها الصّاغانيُّ .
( و ) الكَوْكَبُ : ( الرَّجُلُ بسِلاحِه ) .
( و ) الكَوْكَبُ : ( الجَبَلُ ) ، أَو مُعْظَمُهُ .
( و ) الكَوْكَبُ : ( الغُلامُ المُرَاهِقُ ) ، يُقَال : غلامٌ كَوْكَبٌ : ممتلىء إِذا تَرَعْرَع وحَسُنَ وَجْهُه ، وهاذا كقولهم له : بَدْرٌ .
( و ) الكَوْكَبُ : ( الفُطْرُ ) بالضَّمّ ، عن أَبي حنيفةَ قال : ولا أَذْكُره عن عالِمٍ ، إِنّما الكَوْكَب اسْمٌ ( لِنَبَاتٍ م ) ، أَي : معروف ، ولَمْ يُحَلَّ ، يقال له : كوْكبُ الأَرْضِ . كذا في لسان العربِ . ونقل شيخُنا عن المَقْدَسِيّ في حواشيهِ ويُمْكِنُ التَّوفيقُ بأَنّه نَوعٌ من الفُطْرِ ، فتأَمَّلْ . انتهى .
( و ) الكَوْكَبُ ( مِنَ الشَّيْءِ : مُعْظَمُهُ ) مثلُ : كَوْكَبِ العُشْبِ ، وكَوْكَبِ الماءِ ، وكَوْكَبِ الجَيش ؛ قال الشّاعرُ يَصفُ كَتِيبَةً :
وَمَلْمُومَة لا يَخْرِقُ الطَّرْفُ عَرْضَها
لَهَا كَوْكَبٌ فَخْمٌ شَدِيدٌ وُضُوحُهَا
( و ) الكَوْكَبُ ، ( مِنَ الرَّوْضَةِ : نَوْرُهَا ) ، بالفتح . وفي التَّهذيب : ويُشَبَّهُ به النَّوْرُ ، فيُسَمَّى كَوْكَباً قال الأَعْشَى :
يُضَاحِكُ الشَّمْسَ مِنْهَا كَوْكَبٌ شَرِقٌ
مُؤَزَّرٌ بِعَمِيمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ
( و ) الكَوْكَبُ ( مِنَ الحَدِيدِ : بَرِيقُه ، وتَوَقُّدُهُ ) . وقد كَوْكَبَ . قالَ الأَعْشَى يذكُرُ ناقَتَهُ :
نَقْطَعُ الأَمْعَزَ المُكَوْكِبَ وَخْداً
بِنَوَاجٍ سَرِيعَةِ الإِيغالِ
____________________

(4/158)



ويُقَالُ لِلأَمْعَزِ إِذا توقَّد حَصَاهُ ضُحًى : مُكَوْكِبٌ .
( و ) الكَوْكَبُ ( مِنَ البِئرِ : عَيْنُها ) الّذي يَنبُعُ الماءُ منه .
( و ) الكَوْكَبُ : ( قَلْعَةٌ مُطِلَّةٌ على طَبَرِيَّةَ ) ، تُعرف بقَلْعَةِ الكَوْكَب .
( و ) كَوْكَبُ : ( عَلَمُ امرَأَةٍ ) .
( و ) الكَوْكَبُ : ( قَطَرَاتٌ ) من الجَلِيدِ ( تَقَعُ باللَّيْلِ على الحَشِيشِ ) ، فتصيرُ مِثْلَ الكَوَاكِب .
( والكَوْكَبَةُ : الجَمَاعةُ ) من النّاس .
قال ابْنُ جِنِّي : لم يُسْتَعْمَلْ كُلُّ ذالك إِلاَّ مَزِيداً ؛ لاِءَنَّا لا نَعْرِفُ في الكلام مثلَ كَبْكَبَةٍ . وقال الخَفَاجيُّ في العناية : هو مجازٌ من قولهم : كَوْكَبُ الشَّيْءِ : مُعْظَمُهُ وأَكْثَرُهُ ، وحَمَلَه غيرُه على الحقيقة والاشتراك ، وآخَرُونَ على المَجَازِ من الكَوكَبِ للنَّباتِ ، ولكُلَ وَجْهٌ . قاله شيخُنا .
( وكَوْكَبَانُ : حِصْنٌ ) على جبل قريبٍ من صنعاءَ ( باليَمَنِ ) ، فيه قصرٌ كان ( رُصِّعَ دَاخِلُه بالياقُوتِ ) والجَوْهرِ ، وخارِجُهُ بالفِضَّةِ والحِجارةِ ، ( فَكَانَ يَلْمَعُ ) ذالك الياقُوتُ والجَوهرُ باللَّيْلِ ( كالكَوْكَبِ ) ، فسُمِّيَ بذالك . كذا في المَرَاصد والمُعْجَم .
( و ) قولُ الشّاعرِ :
بِئْسَ طَعَامُ الصِّبْيَةِ السَّواغِبِ
كَبْدَاءُ جاءَت مِن ذُرَى كُوَاكِبِ
أَراد بالكَبْداءِ : رَحًى تُدَارُ باليَد ، نُحِتَتْ من ( كُوَاكِبَ ) ، وهو ( بالضَّمِّ جَبَلٌ ) بعَينِهِ ، ( تُنْحَتُ مِنْهُ الأَرْحِيَةُ ) ، وهو جمعُ رَحًى ، وسيأْتي في المعتلّ : أَنَّ الأَرْحِيَةَ نادرةٌ .
( والكَوْكَبِيَّةُ : ة ظَلَمَ أَهْلَهَا عامِلٌ بها ، فَدَعَوْا عَلَيْه دَعْوَةً ، ف ) لم يَلْبَثْ أَن ( ماتَ عَقِبَهَا . ومنه المَثَلُ : دَعْوَةً ) ، ولفْظُ المَثَلِ : دَعَا دَعْوَةً ( كَوْكَبِيَّةٌ ) ؛ وقال الشّاعر :
فيا رَبَّ سَعْدِ دَعْوَةً كَوْكَبِيَّةً
تُصادِفُ سَعْداً أَوْ يُصَادِفُهَا سَعْدُ
____________________

(4/159)



( و ) كَوْكَبٌ : اسْمُ مَوْضِع ، قال الأَخْطَلُ :
شَوْقاً إِليهمْ وَوجْداً يومَ أُتْبِعُهُمْ
طَرْفي ومِنْهُمْ بجَنْبَيْ كَوْكَبٍ زُمَرُ
والَّذِي في التَّهْذِيب : ( كَوْكَبَى ) ، على فَوْعَلَى ، ( كَخَوْزَلَى : ع ) ، وأَنشدَ :
بِجَنْبَيْ كَوْكَبَى زُمَرُ
( وكُوَيْكِبٌ ) ، مُصَغَّراً : ( مَسْجِدٌ بَيْنَ تَبُوكَ والمَدِينَةِ ) المُشَرَّفَةِ ( للنَّبِيّ ، صلى الله عليه وسلم .
( و ) يقالُ : ( كَوْكَبَ الحَدِيدُ كَوْكَبَةً : بَرَقَ ، وتَوَقَّدَ ) . وقد تقدَّم ذكرُ مصدرِه آنِفاً . والفرقُ بين المصدرِ والفعلِ في الذِّكْر تَشتِيتٌ للذِّهْن .
( و ) يقالُ ( يَوْمٌ ذُو كَوَاكِبَ ) بالفتح : أَي ( ذو شَدَائِدَ ) ، كأَنَّهُ أَظْلَمَ بِمَا فيه من الشَّدَائِد ، حَتَّى رُئِيَ كَواكِبُ السَّمَاءِ ، قالَ :
تُرِيهِ الكَوَاكِبَ ظُهْراً وَبِيصَاً
( و ) عن أَبي عُبَيْدَةَ : ( ذَهَبُوا تَحْتَ كُلِّ كَوْكَبٍ ) ، أَي : ( تَفَرَّقُوا ) .
( ) والّذِي فات المُصَنِّفَ من هاذه المادّة :
كَوْكَبٌ : اسْمُ رَجُلٍ ، أُضيفَ إِليه الحُشْ ، وهو البُسْتَان . ومنه الحديثُ : ( إِنَّ عُثْمَانَ دُفِنَ بِحُشِّ كَوْكَبٍ ) .
وكَوكَبٌ أَيضاً : اسْمُ فَرَسٍ لرَجُلٍ جاءَ يطوفُ عليه بالبَيْتِ ، فكُتِبَ فيه إِلى عُمَرَ ، رَضِيَ الله عنه ، فقالَ : امنَعُوهُ .
والكَوْكَبَة : موضعٌ في رأْسِ جَبَلٍ ، كان منقُوباً لبني نُمَيْرٍ ، فيه مَعْدِنٌ وفِضَّةٌ .
والقَاسِمُ الكَوْكَبِيُّ ، من آلِ البَيْتِ .
وأَبو الكَوَاكِبِ ، زُهْرَةُ ، من بَنِي الحُسَيْنِ .
كلب : ( الكَلْبُ : كُلُّ سَبُعٍ عَقُورٍ ) ، كذا في الصَّحاح ، والمُحْكَم ، ولسان العرب . وفي شُمُوله للطَّيْر نَظَرٌ . قاله الشِّهابُ الخَفَاجِيُّ في أَوّل المائدة .
____________________

(4/160)



( و ) قد ( غَلَبَ ) الكَلْبُ ( عَلَى هذا ) النَّوْعِ ( النَّابِحِ ) . قال شيخُنا بل صار حقيقةً لُغَوِيّة فيه ، لا تَحْتَمِلُ غيرَهُ ، ولذالك قال الجوهريّ ، وغيرُه : هو معروفٌ ، ولم يحتاجُوا لتعريفه ، لشُهْرته . ورُبَّمَا وُصفَ به ، يُقَالُ : رَجُلٌ كَلْبٌ ، وامْرَأَةٌ كَلْبَةٌ . ( ج : أَكْلُبٌ ، و ) جمعُ الجمعِ ( أَكَالِبُ ، و ) الكثيرُ : ( كِلاَبٌ ، و ) قالوا في جمع كِلاب : ( كِلاَباتٌ ) ؛ قال :
أَحَبُّ كَلْبٍ في كِلاباتِ النَّاسْ
إِلَيَّ نَبْحاً كَلْبُ أُمِّ العَبّاسْ
وفي الصَّحاح : الأَكَالِيبُ جمعُ أَكْلُب . وقال سِيبَوَيْه : وقالُوا : ثلاثَةُ كِلابٍ ، على قولهم ثلاثةٌ من الكلاب . قال : وقد يجوزُ أَن يكونُوا أَرادُوا ثلاثةَ أَكْلُبٍ ، فاستغنوا بِبِناءِ أَكثرِ العَدَد عن أَقلِّه .
( و ) قد غَلَبَ أَيضاً على ( الأَسَدُ ) ، هاكذا في نُسختنا ، مخفوضاً ، معطوفاً على النّابح ، وعليه علامةُ الصِّحَّة . وفي الحديث : ( أَمَا تَخَافُ أَنْ يَأْكُلَكَ كَلْبُ اللَّه ؟ فجاءَ الأَسَدُ لَيْلاً ، فاقْتَلَعَ هامَتَهُ من بينِ أَصحابِه ) .
( و ) الكَلْبُ : ( أَوَّلُ زِيَادَةِ الماءِ في الوادِي ) ، كذا في النهاية .
( و ) الكَلْبُ : ( حَدِيدَةُ الرَّحَى في رَأْسِ القُطْبِ ) .
( و ) الكَلْبُ : ( خَشَبَةٌ يُعْمَدُ بها الحائطُ ) ، نقله الصّاغانيّ .
( و ) الكَلْبُ ( سَمَكٌ ) على هَيْئَتِهِ .
( و ) الكَلْبُ : ( القِدُّ ) ، بالكسر ، ومنه رَجُلٌ مُكَلَّبٌ ، أَي : مشدودٌ بالقِدّ . وسيأْتي بيانُ ذالك .
( و ) الكَلْبُ : ( طَرَفُ الأَكَمَةِ ) . ( و ) الكَلْبُ : ( المِسْمَارُ في قائِمِ السَّيْفِ ) الّذِي فيه الذُّؤَابَةُ ، لِتُعَلِّقَهُ بها . وفي لسان العرب : الكَلْبُ : مِسْمَارُ مَقْبِضِ السَّيْفِ ، ومعه آخَرُ ، يقال له : العجوزُ .
( و ) الكَلْبُ : ( سَيْرٌ أَحْمَرُ يُجْعَلُ بَيْنَ طَرَفَيِ الأَدِيمِ ) إِذا خُرِزَ ، واسْتَشْهَدَ
____________________

(4/161)


عليهِ الجَوْهَريُّ بقولِ دُكَيْنِ بْنِ رَجَاءٍ الفُقَيْمِيِّ يَصِفُ فَرَساً :
كَأَنَّ غَرَّ مَتْنِهِ إِذْ نَجْنُبُهْ
سَيْرُ صَنَاعٍ في خَرِيزٍ تَكْلُبُهْ
وغَرُّ مَتْنِهِ : ما يُثْنَى من جِلْدِه . وعن ابْنِ دُرَيْدٍ : الكَلْبُ : أَنْ يَقْصُرَ السَّيْرُ على الخارِزَةِ ، فتُدْخِلَ في الثَّقْبِ سَيْراً مَثْنِيّاً ، ثم تَرُدَّ رَأْسَ السَّيْرِ النَّاقِصِ فيه ، ثُمَّ تُخْرِجَهُ . وأَنشد رَجَزَ دُكَيْنٍ أَيضاً . ( و ) الكَلْبُ : ( ع بَيْنَ قُومِسَ والرَّيِّ ) ، مَنْزِلٌ لِحاجِّ خُرَاسانَ .
( وأُطُمٌ ) نَحْوَ اليَمَامَةِ ، يقال له : رَأْسُ الكَلْب ( و ) قيلَ : هو ( جَبَلٌ باليَمَامَةِ ) ، هكذا ذكره ابْنُ سِيدَهْ ، واستشهد بقول الأَعشى :
إِذْ يَرْفَعُ الآلُ رَأْسَ الكَلْبِ فارْتَفَعَا
( و ) الكَلْبُ ( مِنَ الفَرَسِ : الخَطُّ ) الّذي ( في وَسَطِ ظَهْرِهِ ) منه ، تقول : اسْتَوَى على كَلْبِ فَرَسِهِ .
( و ) الكَلْبُ : ( حَدِيدَةٌ ) عَقْفَاءُ ، تكونُ ( في طَرَفِ الرَّحْلِ ) ، يُعَلَّقُ فيها الزّادُ والأَدَاوَى ، قال الشّاعرُ يَصِفُ سِقَاءً :
وأَشْعَثَ مَنْجُوبٍ شَسِيفٍ رَمَتْ به
عَلى الماءِ إِحْدَى اليَعْمَلاتِ العَرَامِسِ
فأَصْبَحَ فَوْقَ الماءِ رَيّانَ بَعْدَمَا
أَطَالَ به الكَلْبُ السُّرَى وَهْوَ ناعِسُ
( كالكَلاَّبِ ، بالفتح ) والتّشديد .
( و ) قيل : الكَلْبُ : ( ذُؤابَةُ السَّيْفِ ) بنَفْسِها .
( وكُلُّ ما وُثِّقَ ) . وفي بعض النُّسَخ : أُوثِقَ ( به شَيْءٌ ) ، فهو كَلْبٌ ، لأَنّه يَعْقلُه كما يَعْقِلُ الكَلْبُ مَنْ عَلِقَهُ .
( و ) الكَلَب ، ( بالتَّحْرِيكِ : العَطَشُ ) من قولهم : كَلِبَ الرَّجُلُ كَلَباً ، فهو كَلِبٌ ، إِذا أَصابَهُ داءُ الكِلاَب ، فماتَ عَطَشاً ، لأَنّ صاحِبَ الكَلَب يَعْطَشُ فإِذا رأَى الماءَ ، فَزِعَ منه .
( و ) الكَلَبُ : ( القَيادَةُ ) ، بالكَسْر ، ( كالمَكْلَبَةِ ) ، بالفتح ، قال الأَصَمَعِيّ :
____________________

(4/162)


( ومِنْهُ ) اشتقاقُ ( الكَلْتَبانِ ) بتقديم المُثَنَّاة الفوقية على الموَحَّدة ( لِلْقَوّادِ ) وهو الّذي تقولُهُ العامّة : القَلْطَبَانُ ، أَو : القَرْطَبَانُ ، والتّاءُ على هاذا زائدةٌ ، حكاهما ابْنُ الأَعْرَابيّ يَرفُعُهُمَا إِليه ، ولم يذكر سِيَبَوَيْهِ في الأَمْثلة فَعْتَلان قال ابْنُ سِيدَه : وأَمْثَلُ ما يُصْرَفُ إِليه ذالك أَن يكونَ الكَلَبُ ثُلاثِيّاً ، والكَلْتَبَانُ رُبَاعِيّاً ، كَزرِمَ وازْرَأَمَّ ، وضَفَدَ واضْفَأَدَّ ، كذا في لسان العرب .
( و ) الكَلَبُ : ( وُقُوعُ الحَبْلِ بَيْنَ القَعْوِ والبَكَرَةِ ) وهو المَرْسُ والخَصْبُ .
( و ) من المَجَاز : الكَلَبُ : ( الحِرْصُ ) كَلِبَ على الشَّيْءِ كَلَباً : إِذا اشتَدَّ حِرْصُه على طَلَبِ شيءٍ . وقال الحَسَنُ : ( إِنَّ الدُنْيا لَمَّا فُتِحَتْ على أَهلِها ، كَلِبُوا عليها واللَّهِ أَسْوَأَ الكَلَبِ وعَدَا بعضُهم على بعضِ بالسَّيْفِ ) . وقال في بعضِ كلامه : ( وأَنْتَ تَجَشَّأُ من الشِّبَعِ بَشَماً ، وجارُك قد دَمِيَ فُوهُ من الجُوعِ كَلَباً ) أَي : حِرْصاً على شَيْءٍ يُصِيبُهُ .
ومن المَجَاز : تَكَالَبَ النّاسُ على الأَمْرِ : حَرَصُوا عليه ، حتى كَأَنَّهم كِلاَبٌ .
( و ) من المَجَاز : الكَلَبُ : ( الشِّدَّةُ ) في حديثِ عليَ ، رضِيَ الله عنه ، كتب إِلى ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما ، حين أَخَذَ مالَ البَصْرَةِ : ( فلَمَّا رأَيتَ الزَّمَانَ على ابْنِ عَمِّك قَدْ كَلِبَ ، والعَدُوَّ قد حَرِبَ ) كَلِبَ : أَي اشْتَدَّ ، يقال : كَلِبَ الدَّهْرُ على أَهله : إِذا أَلَحَّ عليهم ، واشْتَدَّ . وفي الأَساس في المَجَاز : سائلٌ كَلِبٌ : شَدِيدُ الإِلْحَاحِ . وما ذكر شيخُنا من قوله : ظاهرُهُ الإِطلاقُ ، إِلى آخره ، فإِنّه سيأْتي في الكُلْبَة ، وقد اشْتَبَه عليه ، فلا يُعَوَّلُ عليه .
____________________

(4/163)



( و ) الكَلَبُ : ( الأَكْلُ الكَثِيرُ بلا شِبَعٍ ) ، نقله الصّاغَانيُّ . ( و ) من المَجَاز : الكَلَبُ : ( أَنْفُ الشِّتَاءِ ) وحِدَّته ، يقالُ : نحنُ في كَلَبِ الشِّتاءِ ، وكُلْبَتِه .
( و ) الكَلَبُ : ( صِيَاحُ مَنْ عَضَّهُ الكَلْبُ الكَلِبُ ) .
كَلِبَ الكَلْبُ كَلَباً فهو كَلِبٌ ، واسْتَكْلَب : ضَرِيَ وتَعَوَّدَ أَكْلَ النّاسِ . ( و ) قيل : الكَلَبُ : ( جُنُونُ الكِلابِ المُعْتَرِي مِنْ أَكْلِ لَحْمِ الإِنْسَانِ ) ، فيأْخُذُهُ لِذالك سُعارٌ وداءٌ شِبْه الجُنُونِ . ( و ) قيل : الكَلَبُ : ( شِبْهُ جُنُونِها ) ، أَي : الكلابِ ، ( المُعْتَرِي للإِنْسَانِ مِنْ عَضِّها ) . وفي الحديث : ( يَخْرُجُ في أُمَّتِي أَقوامٌ تَتَجَاَى بهِمُ الأَهْوَاءُ كما يتجَارَى الكَلَبُ بصاحِبِه ) هو ، بالتحْرِيك : داءٌ يُعْرِضُ للإِنسان من عَضِّ الكَلْبِ الكَلِبِ ، فيُصِيبُهُ شِبْهُ الجُنُونِ ، فلا يَعَضُّ أَحَداً إِلاّ كَلِبَ ، ويَعْرِضُ له أَعراضٌ رَديئةٌ ، ويَمتنعُ من شُرْبِ الماءِ حتّى يموتَ عَطَشاً . وأَجمعت العربُ أَنّ دواءَهُ قَطْرَةٌ من دَمِ مَلِك يُخْلَطُ بماءٍ فَيُسْقَاهُ ( و ) منه يُقَالُ : ( كَلِبَ ) الرَّجُلُ ، ( كَفَرِحَ ) : إِذا ( أَصابَهُ ذالِكَ ) أَي : عَضَّهُ الكَلْبُ الكَلِبُ . ورجلٌ كَلِبٌ ، من رِجَال كَلِبِين ، وكَلِيبٌ ، من قَومٍ كَلْبَى .
وقولُ الكُمَيْتِ :
أَحْلامُكُمْ لِسَقامِ الجَهْلِ شَافِيَةٌ
كما دِمَاؤُكُمُ يُشْفَى بِهَا الكَلَبُ
قال اللِّحْيَانيُّ : إِنَّ الرَّجُلَ الكَلِبَ يَعَضُّ إِنْساناً ، فيأْتُونَ رجلاً شَريفاً ، فَيَقْطُرُ لهم من دم إِصْبَعِهِ ، فَيَسْقُونَ الكَلِبَ فيبْرَأُ .
وفي الصَّحاح : الكَلَبُ شبيهٌ بالجُنون ، ولم يَخُصّ الكِلاَبَ .
وعن اللَّيْثِ : الكَلْبُ الكَلِبُ : الّذِي يَكْلَبُ في أَكْلِ لُحُوم النّاس فيأْخُذُه شِبْهُ جُنُونٍ ، فإِذا عَقَرَ إِنْساناً كَلِبَ المَعقورُ وأَصابَه داءُ الكَلَبِ ، يَعْوِي عُوَاءَ الكَلْب ، ويُمَزِّق ثِيابَهُ عن نَفْسِه ، ويَعْقِرُ مَنْ أَصابَ ، ثم يَصيرُ أَمرُه
____________________

(4/164)


إِلى أَنْ يأْخُذَهُ العُطاشُ ، فيموتَ من شِدَّةِ العَطَشِ ، ولا يَشْرَبُ .
وقال المُفَضَّلُ : أَصْلُ هاذا أَنَّ داءً يقعُ على الزَّرْعِ ، فلا يَنْحَلُّ ، حتّى تَطْلُعَ عليه الشّمْسُ ، فيَذُوبَ ، فإِن أَكَلَ منه المالُ ، قبل ذالك مات ، قال : ومنه ما رُوِيَ عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلمأَنّه : ( نَهَى عن سَوْمِ اللَّيْلِ ) أَي : عن رَعْيِهِ ، ورُبَّما نَدَّ بَعيرٌ ، فأَكَلَ من ذالك الزَّرْعِ قبلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ، فإِذا أَكله ماتَ ، فيأْتِي كَلْبٌ فيأْكُلُ من لحْمِه فيَكْلَبُ ، فإِنْ عضَّ إِنساناً ، كَلِبَ المعضوضُ ، فإِذا سمع نُباحَ كَلْب ، أَجابَه .
وفي مجمع الأَمْثَال والمُسْتَقْصَى : ( دِماءُ المُلُوكِ أَشْفَى من الكَلَبِ ) . ويُرْوَى : دِمَاءُ المُلُوكِ شِفَاءُ الكَلَبِ . ثم ذَكَرَ ما قدّمْنَاهُ عن اللِّحْيَانيّ .
قال شيخُنَا : ودفع بعضُ أَصحاب المعاني هذا ، فقال : معنى المَثَلِ : أَنّ دَمَ الكَريمِ هو الثّأْرُ المُنِيمُ ، كما قال القائلُ :
كَلِبٌ مِنْ حسِّ ما قَدْ مَسَّنِي
وأَفَانِين فُؤادِ مُخْتَبَلْ
وكما قيل :
كَلِبٌ بِضَرْبِ جَمَاجِمٍ ورِقَابِ
قال : فإِذا كَلِبَ من الغَيْظ والغَضَب فأَدْرَكَ ثأْرَه ، فذالك هو الشِّفاءُ من الكَلَب ، لا أَنَّ هُنَاكَ دِمَاءً تُشْرَبُ في الحقيقة ، اه .
( و ) كَلِبَ عَلَيْهِ كَلَباً : ( غَضِبَ ) فأَشْبَهَ الرَّجُلَ الكَلِبَ .
( و ) كَلِبَ : ( سَفِهَ ) ، فأَشْبَهَ الكَلِبَ .
( و ) قال أَبو حنيفَةَ : قال أَبو الدُّقَيْشِ : كَلِبَ ( الشَّجَرُ ) ، فهو كَلِبٌ : إِذا ( لَمْ يَجِدْ رِيَّهُ ، فخَشُنَ وَرَقُهُ ) من غيرِ أَن تَذْهَبَ نُدُوَّتُهُ ، ( فَعلِقَ ثَوْبَ
____________________

(4/165)


مَنْ مَرَّ بِهِ ) ، وآذَى كما يَفعَلُ الكَلْبُ .
( و ) كَلِبَ الدَّهْرُ على أَهلِه ؛ وكذا العَدُوُّ ، و ( الشِّتَاءُ ) : أَي ( اشْتَدَّ ) .
( و ) يقالُ : ( أَكْلَبُوا ) : إِذا ( كَلِبَتْ إِبِلُهُمْ ) ، أَي : أَصابَها مثلُ الجُنُونِ الّذِي يَحْدُثُ عن الكَلَبِ ، قال النّابغةُ الجَعْدِيُّ :
وقَوْمٍ يَهِينُونَ أَعْرَاضَهُم
كَوَيْتُهُمُ كَيَّةَ المُكْلِبِ
( والكُلْبَةُ ، بالضَّمِّ ) مثلُ الجُلْبَة : ( الشِّدَّةُ ) من الزَّمَان ، ومن كلّ شَيْءٍ .
( و ) الكُلْبَةُ من العيش : ( الضِّيقُ ) . وقال الكِسائيُّ : أَصابَتْهُمْ كُلْبَةٌ من الزَّمان في شِدَّة حالِهم وعيشهم ، وهُلْبَةٌ من الزَّمَان ، قال : ويقال : هُلْبَةٌ من الحَرِّ والقُرّ ، كما سيأتي . ( و ) قال أَبو حنيفةَ : الكُلْبَةُ : كُلُّ شدّة من قِبَلِ ( القَحْط ) ، والسُّلْطَانِ ، وغيرِه .
وعامٌ كَلبٌ : أَي جَدْبٌ .
وكلّه من الكَلَبِ .
( و ) الكُلْبَةُ : ( حَانُوتُ الخَمّارِ ) ، عن أَبي حنيفةَ ، وقد استعملها الفُرْسُ في لسانهم .
( و ) في حديث ذي الثَّدَيَّةِ : ( يَبْدُو في رأَسِ ثَدْيِه شُعَيْرَاتٌ كأَنَّها كُلْبَةُ كَلْبِ ) ، يعني : مخالبَهُ . قال ابْنُ الأَثِيرِ : هاكذا قال الهَرَوِيّ ، وقال الزَّمَخْشَرِيُّ : كَأَنَّهَا كُلْبَةُ كَلْبٍ ، أَو كُلْبَةُ سِنَّوْرٍ ، وهي ( الشَّعَرُ النّابِتُ في جانِبَيْ خَطْمِ الكَلْبِ والسِّنَّوْرِ ) ، قال : ومن فَسَّرَهَا بالمَخَالب ، نظراً إِلى مجيءِ الكَلاليبِ في مَخَالِب البازِي ، فقد أَبْعَدَ .
( و ) كُلْبَةُ : ( ع بديارِ بَكْرِ ) بْنِ وائل .
( و ) الكُلْبَةُ : ( شدَّةُ البَرْد ) . وفي المحكم : شِدَّةُ الشِّتَاءِ وجَهْدُهُ منه ، أَنشد يَعْقُوبُ :
أَنْجَمَتْ قرَّةُ الشِّتَاءِ وكانَتْ
قد أَقامَتْ بِكُلْبَة وقطَارِ
____________________

(4/166)



وكذلك : الكَلَبُ ، بالتَّحريك .
وبقيتَ علينا كُلْبَةٌ من الشّتاءِ ، وَكَلَبَةٌ : أَي بقيّةُ شِدّةٍ .
( و ) الكُلْبَةُ : ( السَّيْرُ ، أَو الطَّاقَةُ ) ، أَو الخُصْلَةُ ( من اللِّيفِ ، يُخْرَزُ بِها ) .
وكَلَبَت الخارِزَةُ السَّيْرَ تَكْلُبُهُ كَلْباً ، قَصُرَ عنها السَّيْرُ ، فثَنَتْ سَيْراً تُدْخِلُ فيه رَأْسَ القَصيرِ حَتَّى يَخْرُجَ منه . قال دُكَيْنُ بْنُ رَجَاءٍ الفُقَيْمِيُّ يَصِفُ فَرَساً :
كَأَنَّ غَرَّ مَتْنِه إِذْ نَجنَبُهْ
سَيْرُ صَنَاعٍ في خَرِيزٍ تَكْلُبُهُ
وقد تَقدَّم هاذا الإِنْشَاد .
عبارة لسان العرب : الكُلْبَة : السَّيْرُ وَرَاءَ الطَّاقَةِ من اللِّيفِ ، يُسْتَعْمَلُ كما يُسْتعملُ الإِشْفَى الَّذِي في رَأْسه جُحْرٌ يُدْخَلُ السَّيْرُ أَو الخَيْطُ في الكُلبَة وهي مَثْنِيَّةٌ ، فَيَدْخُلُ في مَوضعِ الخَرْزِ ، ويُدْخِلُ الخارزُ يَدَهُ في الإِداوَة ، ثُمَّ يَمُدُّ السَّيْرَ أَو الخَيْطَ في الكُلْبَة . والخارِزُ يقالُ له : مُكْتَلِبٌ . وقال ابْنُ الأَعْرَابِيّ : الكَلْبُ : خَرْزُ السَّيْر بيْنَ سَيْرَيْنِ ، كَلَبْتُهُ أَكْلُبُهُ ، كَلْباً .
واكْتَلَبَ الرَّجُلُ : اسْتعمَلَ هاذه الكُلْبَة ، هاذه وَحْدَها عن اللِّحْيَانيّ . والقولُ الأَوّل كذالك قولُ ابنِ الأَعرابيّ .
( و ) الكَلْبَةُ ، ( بالفَتْح ) من الشَّرْسِ ، وهو صِغَارُ شَجَرِ الشَّوْكِ ، وهي تُشْبِهُ الشُّكَاعَى وهي من الذُّكُور ، وقيل : هي ( شجَرَةٌ شاكَةٌ ) من العِضاه ، ولها جِرَاءٌ ( كالكَلِبَةِ ، بكسر اللاّمِ ) . وكُلُّ ذالك تَشبيهٌ بالكَلْبِ .
وقد كَلِبَت الشَّجَرَةُ : إِذا انْجَرَدَ وَرَقُهَا ، واقْشَعَرَّت ، فعَلِقَتِ الثِّيَابَ ، وآذَتْ مَن مَرَّ بها ، كَمَا يَفْعَلُ الكَلْبُ .
ومن المَجَاز : أَرْضٌ كَلبَةٌ : إِذا لم يَجِدْ نَبَاتُها رِيّاً ، فَيَيْبَسُ . وأَرْضٌ
____________________

(4/167)


كَلِبَةُ الشَّجَرِ : إِذا لم يُصِبْهَا الرَّبيعُ . وعن أَبي خَيْرَةَ : أَرْضٌ كَلِبَةٌ ، أَي : غليظةٌ ، قُفّ ، لا يكون فيها شَجَرٌ ، ولا كَلأٌ ، ولا تكونُ جَبَلاً . وقال أَبو الدُّقَيْشِ : أَرْضٌ كَلِبَةُ الشَّجَرِ ، أَي خَشِنَةٌ يابِسةٌ ، لم يُصِبْها الرَّبِيعُ بَعْدُ ، ولم تَلِنْ .
( و ) الكَلِبَة من الشَّجَر أَيضاً : ( الشَّوْكَةُ العارِيَةُ من الأَغْصَانِ ) اليابسَة المُقْشَعَرَّةُ الفاردةُ ، وذلك لِتَعَلُّقِها بمن يَمُرُّ بها كما تَفْعَل الكلابُ .
( و ) الكَلِبَة : ( ع بعُمَانَ ) على السّاحِلِ ، وقَيَّدَه الصّاغانِيُّ بفتح فسكون ، وهو الصَّواب .
( والكَلْبَتَانِ ) ، بتقديم المُوَحَّدة على المُثَنَّاة : ( ما يَأْخُذُ به الحَدّادُ الحديد المُحْمَى ) ، يقال : حَديدةٌ ذات كَلْبَتَيْنِ وحَديدتانِ ذَواتا كَلْبَتَيْنِ ، وحدائدُ ذَواتُ كَلْبَتَيْن .
( و ) في حديث الرُّؤْيا : ( وإِذا آخَرُ قائمٌ بكَلُّوبِ حديدِ ) .
( الكَلُّوبُ ) كالتَّنُّورِ : ( المِهْمَازُ ) ، وهو الحديدةُ الَّتي على خُفِّ الرّائِض ، ( كالكُلاَّبِ ، بالضَّمّ ) والتّشديد ، وهو المِنْشالُ . كذا في سِفْرِ السّعادة ، وسيأْتي للمُصَنِّف أَنّهُ حديدةٌ يَنْشالُ بها اللَّحْمُ ، ثمّ قال السَّخَاوِيُّ في السِّفْر : وقالوا للمِهْمَازِ أَيضاً : كَلُّوبٌ ، ففرَّق بينَهما وقَالَهُمَا في معناهُ ، انتهى . قال جَنْدَلُ بنُ الرّاعِي يهجو ابْنَ الرِّقَاعِ ، وقيلَ : هو لأَبِيهِ الرّاعي :
جُنَادِفٌ لاحِقٌ بالرَّأْسِ مَنْكِبُهُ
كأَنَّهُ كَوْدَنٌ يُوشَى بِكُلاَّبِ
والكُلاَّبُ ، والكَلُّوب : السَّفُّودُ ؛ لاِءَنَّهُ يَعْلَقُ الشِّواءَ ويَتَخَلَّلُه ، وهاذا عن
____________________

(4/168)


اللَّحْيَانِيّ . وقال غيرُهُ : حديدةٌ مَعطوفةٌ كالخُطّاف ، ومثلُه قولُ الفَرّاءِ في المصادر . وفي كتاب العين : الكُلاّبُ والكَلُّوبُ : خَشَبَةٌ في رأْسِهَا عُقَّافَةٌ ، زاد في التَّهْذِيب : منها ، أَو من حَديدٍ .
( وكَلَبَهُ ) بالكُلاّب ( ضَرَبَهُ بِهِ ) ، قال الكُمَيْتُ :
ووَلَّى بِإِجْرِيَّا وِلاَفِ كَأَنَّه
على الشَّرَفِ الأَقْصَى يُسَاطُ ويُكْلَبُ
قال ابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ : يُضَمُّ أَوَّلُ الكَلُّوب . ولم يَجِيء في شيْءٍ من كلام العرب . قال أَبو جعفر اللَّبْلِيُّ : حكى ابْنُ طَلْحَةَ في شَرْحِه : الكُلُّوب : بالضَّمّ ، ولم أَرَهُ لغيره . وفي الرَّوْضِ : الكَلُّوبُ ، كسَفُّودٍ : حَديدةٌ ، مُعْوَجَّةُ الرَّأْسِ ، ذاتُ شُعَبٍ ، يُعَلَّق بها اللَّحْمُ ، والجمع كَلاليبُ .
( والمُكَلِّبُ ) ، كمُحَدّثٍ : ( مُعَلِّمُ الكلابِ الصَّيْدَ ) ، مُضَرَ لها عليه . وقد يكونُ التّكليبُ واقعاً على الفَهْدِ وسِباعِ الطَّيْرِ . وفي التَّنْزِيلِ : { وَمَا عَلَّمْتُمْ مّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلّبِينَ } ( المائدة : 4 ) ، فَقَد دَخَلَ في هاذا : الفَهْدُ ، والبازي ، والصَّقْرُ ، والشّاهِينُ ، وجميعُ أَنْوَاعِ الجَوارِحِ .
والكَلاَّبُ : المُكَلِّبُ الَّذِي يُعَلِّمُ الكِلابَ أَخْذَ الصَّيْدِ .
وفي حديث الصَّيْدِ : ( إِنَّ لي كِلاَباً مُكَلَّبَةً ، فَأَفْتِنِي في صَيْدِها ) . المُكَلَّبَةُ : المُسَلَّطَةُ على الصَّيْد ، المعَوَّدةُ بالاصطِياد ، الّتي قد ضَرِيَتْ به ، والمُكَلِّب ، بالكسر : صاحِبُها الّذي يَصطادُ بها . كذا في لسان العرب .
( و ) المُكَلَّبُ ، ( بالفَتْحِ المُقَيَّدُ ) يقال : رجل مُكَلَّبٌ : مشدودٌ بالقِدِّ ، وأَسيرٌ مُكَلَّبٌ ، قال طُفَيْلٌ الغَنَوِيّ :
فبَاءَ بِقَتْلانا من القَوْمِ مِثْلُهُمْ
وما لا يُعَدُّ من أَسِيرٍ مُكَلَّبِ
____________________

(4/169)



وقيل : هو مقلوبٌ عن مُكَبَّل .
ومن المَجَاز : يُقَال : كَلِبَ عليه القدُّ إِذا أُسرَ به ، فَيبِسَ وعَضَّهُ .
وأَسِيرٌ مُكَلَّب ، ومُكَبَّلٌ : أَي مُقَيَّدٌ .
( والكَلِيبُ والكالِبُ ) : جَماعةُ الكلابِ . فالكَلِيبُ : جَمْع كَلْب ، كالعَبِيد والمَعِيزِ ، وهو جمعٌ عزيزٌ أَي : قليلٌ . قال يَصِفُ مَفَازَةً :
كَأَنَّ تَجاوُبَ أَصْدائِها
مُكَاءُ المُكَلِّبِ يَدْعُو الكَلِيبَا
قال شيخُنَا : وقد اختلفوا فيه ، هل هو جمْعٌ أَو اسْمُ جمْعٍ ؟ وصَحَّحُوا أَنّه إِذا ذُكِّرَ ، كان اسْمَ جَمْعٍ كالحَجِيج ؛ وإِذا أُنِّثَ ، كانَ جمْعاً ، كالعَبِيد والكَليب . وفي لسان العرب : الكالِبُ : كالجامل ، والباقر .
ورَجُلٌ كالِبٌ ، وكَلاّبٌ : صاحبُ كِلاب ، مثلُ تامِر ولابنِ ؛ قال رَكّاضٌ الدُّبَيْرِيُّ :
سَدا بِيَدَيْه ثُمّ أَجَّ بِسَيْرِهِ
كَأَجِّ الظَّليمِ من قَنيصٍ وكَالِبِ
وقيل : كَلاّبٌ : سائسُ كِلاب .
ونقل شيخُنا عن الرَّوْض : الكُلاَّبُ ، بالضَّمّ والتَّشْديد : جمع كالِب ، وهو صاحبُ الكِلاب الّذِي يَصِيدُ بها .
قال ابْنُ مَنْظُورٍ : وقولُ تأَبَّطَ شَرّاً :
إِذا الحَرْبُ أَوْلَتْكَ الكَلِيبَ فَوَلِّهَا
كَلِيبَكَ واعْلَمْ أَنَّها سَوْفَ تَنْجَلِي
قيل في تفسيره قولان : أَحدُهما أَنّه أَرادَ بالكَلِيبِ المُكَالِبَ ، وسيأْتي معناه قريباً ؛ والقولُ الآخرُ أَنَّ الكَلِيبَ مصدَرُ : كَلِبَتِ الحَرْبُ ، والأَوّلُ أَقوَى .
( و ) من المَجَاز : فلانٌ عَنِيفُ المُطَالَبَةِ ، شَنِيعُ المُكَالَبَةِ . ( المُكَالَبَةُ : المُشَارَّةُ ، والمُضَايَقَةُ ) . ( و ) كذلك ( التَّكالُبُ ) ، وهو ( التَّوَاثُبُ ) ، يقال : هم يَتكالَبونَ على كذا ، أَي : يَتواثبونَ عليه . وكَالَبَ الرَّجُلَ مُكَالَبَةً ، وكلاباً : ضَايقَه كمُضَايقَةِ الكلابِ بعضها بعضاً عندَ المُهارشة .
والكَليبُ ، في قول تأَبَّطَ شَرّاً ، بمعنى المُكالب .
____________________

(4/170)



( وكَلْبٌ ، وبنو كَلْبٍ ، وبنو أَكْلُب ، وبنو كَلْبَةَ ، وبنو كِلابٍ : قبائلُ ) من العرب .
قال الحافظ ابْنُ حَجَرٍ في الإِصابة : حيثُ أُطْلقَ الكَلْبيُّ فهو من بني كَلْبِ ابْنِ وَبْرَةَ . قال شيخُنَا : هو أَخو نَمِرٍ وتَنُوخَ ، كما في مَعارف ابْنِ قُتَيْبَةَ . وقال العَيْنِيُّ : في طيِّىءٍ كَلْبُ ابن وَبْرَةَ بْنِ تَغْلبَ بْنِ حُلْوَانَ بنِ الْحاف بْنِ قُضاعَةَ . وأَمّا تَغْلِبُ بْنُ وائلٍ ، فعَدْنانِيٌّ ، وهذا قَحْطانيٌّ .
وأَمَّا كلابٌ ، ففي قُرَيْش هو ابْنُ مُرَّةَ ، وفي هَوَازِنَ ابْنُ رَبِيعَةَ بن عامِر بْنِ صَعْصَعَةَ ، وفيه المَثَلُ :
( ثَوْرُ كلاب في الرِّهَانِ أَقْعَدُ )
وهو في أَمثال حَمْزَةَ .
وبَنُو كَلْبَةَ : نُسِبُوا إِلى أُمّهم .
( وكَفُّ الكَلْبِ : عُشْبَةٌ مُنْتَشرَةٌ ) ، تَنْبُتُ بالقيعَانِ ببلاد نَجْدٍ ، يقال لها ذالك إِذا يَبِسَت ، تُشَبَّهُ بكَفِّ الكَلْبِ الحَيَوَانِيّ ، وما دامت خَضْرَاءَ ، فهي الكَفْنَةُ .
( وأُمُّ كَلْبٍ : شُجَيْرَةٌ شاكَةٌ ) ، تَنْبُتُ في غَلْظِ الأَرْضِ وجَلَدِها ، صفراءُ الوَرَقِ ، حَسْناءُ ، فإِذا حُرِّكت ، سطَعَتْ بأَنْتَنِ رائحة وأَخبَثها ، سُمِّيتْ بذالك لِمَكَانِ الشَّوْك ، أَو لاِءَنَّها تُنْتِنُ كالكَلْب إِذا أَصابَه المَطرُ ، قال أَبو حنيفَةَ : أَخبَرني أَعرابيٌّ ، قال : رُبَّمَا تَخَلَّلَتْهَا الغنمُ ، فحاكَّتْها ، فأَنْتَنَت ، حَتَّى يَتَجَنَّبَها الحَلاّبُ ، فتُبَاعَدَ عن البيوتِ ، وقال : وليست بمَرْعًى .
( والكَلَبَاتُ ) ، محرَّكَةً : ( هَضَبَاتٌ م ) ، أَي معروفةٌ ، باليَمَامَة ، وهي دُونَ المَجَازِ ، على طريق اليَمَنِ إِليها من ناحيتها .
( و ) الكُلاَبُ ، ( كَغُراب : ع ) قاله
____________________

(4/171)


أَبو عُبَيْد ، أَ ( وْ ماءٌ ) معروف لبني تَمِيم ، بينَ الكُوفَةِ والبَصْرةِ على سبْعِ لَيال من اليَمَامَةِ أَو نَحْوِها . ( لَهُ يَوْمٌ ) كانَت عندَهُ وقعةٌ للعرب ، قال السَّفّاحُ بْنُ خَالِدٍ التَّغْلَبِيُّ :
إِنّ الكُلابَ ماؤُنا ، فخَلُّوهْ
وساجِراً ، والله ، لَنْ تَحُلُّوهْ
وساجِرٌ : اسْمُ ماءٍ يجتمع من السَّيْل .
وكان أَوّلَ مَنْ وَرَدَ الكُلاَبَ من بني تَمِيمٍ سُفْيَانُ بْنُ مُجاشِعٍ ، وكان من بني تَغْلِبَ . وقالوا : الْكُلابُ الأَوّلُ ، والكُلاَبُ الثّاني ، وهُمَا يومانِ مشهورانِ للعرب . ومنه حديثُ عَرْفَجَةَ : أَنَّ أَنْفَهُ أُصِيبَ يَوْمَ الكُلاَبِ ، فاتَّخَذَ أَثْفاً من فضَّة ) . قال أَبو عُبَيْد : كُلاَبٌ الأَوّلُ وكُلاَبٌ الثّاني : يَوْمَانِ كانا بينَ مُلُوك كِنْدَةَ وبني تَمِيم . وبينَ الدَّهْنَاءِ واليَمَامة موضعٌ يُقالُ له الكُلابُ أَيضاً ، كذا قالوه ، والصَّحيح أَنّه هو الأَول .
( و ) الكَلاَبُ ( كسَحَابِ : ذَهَابُ : العَقْلِ ، من الكَلَبِ ) مُحَرّكةً .
( وقد كُلبَ ) الرَّجُلُ ( كعُنِيَ ) إِذا أَصابَهُ ذالك ، وقد تقدّمَ معنى الكَلَبِ .
( ولِسانُ الكَلْبِ : سَيْفُ تُبَّع ) اليَمَانِيّ أَبِي كَرِبٍ ( كان في طُولِ ثَلاثَةِ أَذْرُعٍ ، كأَنَّهُ البَقْلُ خُضْرَةً ) ، مُشَطَّبٌ ، عَريضٌ ، نقله الصّاغانيُّ .
( و ) لِسانُ الكَلْبِ : ( اسْمُ سُيوف أُخَرَ ) ، منها : سيفٌ كان لأَوْسِ بْن حارِثَةَ بْنِ لأْمٍ الطّائِيّ ، وفيه يقولُ :
فإِنَّ لِسَانَ الكَلْبِ مانِعُ حَوْزَتِي
إِذا حَشَدَتْ مَعْنٌ وأَفْنَاءُ بُحْتُرِ
وأَيضاً سيفُ عَمْرِو بْنِ زَيْد الكَلْبِيّ ، وسَيْفُ زَمْعَةَ بن الأَسودِ بْنِ المُطَّلِبِ ، ثم صار إِلى ابْنِهِ عبدِ الله ، وبه قَتَلَ هُدْبَةَ بْنَ الخَشْرَمِ .
( وذُو الكَلْبِ : عَمْرُو بن العَجْلانِ ) الهُذَليُّ ، سُمِّيَ به لاِءَنّه كان له كَلْبٌ
____________________

(4/172)


لا يُفارِقُه ، وهو من شُعَراءِ هُذَيْلٍ مشهورٌ .
( ونَهْرُ الكَلْبِ ) : بَيْنَ بَيْرُوتَ وصَيْدَاءَ من سواحلِ الشَّام .
( وكَلْبُ الجَرَبَّةِ ) ، بتشديد المُوَحَّدَة : ( ع ) ، هاكذا نقلَهُ الصّاغانيُّ .
( وكُلاَّبٌ العُقَيْلِيُّ ، كَكَتَّان ، وكذا ) كَلاّبُ ( بْنُ حَمْزَةَ ) ، وكُنْيَتُهُ ( أَبو الهَيْذَامِ ) بالذّال المعجمة : ( شاعِرانِ ) نقلهما الصّاغانيّ والحافظُ .
وفَاتَهُ كَلاَّبُ بْنُ الخُواريّ التَّنُوخِيُّ المَعَرِّيُّ الّذي عَلَّقَ فيه السِّلَفِيُّ .
( والكَالِبُ ، والكَلاَّبُ : صاحبُ الكِلابِ ) المُعَدَّةِ للصَّيْد ، وقيل : سائسُ كِلاَبٍ ، وقد تقدّم .
( ودَيْرُ الكَلْبِ : بناحِيَةِ المَوْصِلِ ) بالقربِ من باعَذْراءَ ، كذا قَيَّدَهُ الصّاغانيّ بالفتح ، وصوابُهُ بالتّحريك .
( وجُبُّ الكَلْبِ ) : تقدّم ذِكرُهُ ( في جبب ) .
( وعَبْدُ اللَّهِ ) بْنُ سَعيدِ ( بْنِ كُلاّبٍ ، كرُمّانٍ ) التَّمِيميُّ البِصْرِيّ : ( مُتَكَلِّمٌ ) ، وهو رأْسُ الطّائفة الكُلاّبِيّة من أَهل السُّنَّة . كانت بينَهُ وبينَ المُعْتَزِلَة مناظراتٌ في زمن المأْمونِ ، ووَفاتُهُ بعدَ الأَرْبَعينَ ومَائَتَيْنِ . ويقال له ابْنُ كُلاّبٍ ، وهو لقبٌ ، لشدّة مُجَادلتِه في مجلسِ المناظرةِ . وهاكذا كما يُقال فُلانٌ ابْنُ بَجْدَتِهَا ، لا أَنّ كُلاَّباً جَدٌّ له كما ظُنَّ ، ومن الغريبِ قولُ والد الفَخْرِ الرّازيّ في آخِر كتابه غاية المَرام في علم الكلام : إِنّه أَخو يَحْيَى بن سَعِيد القَطّانِ المُحَدِّث . وفيه نَظَرٌ .
وقَوْلُهم : ( الكِلابُ ) هي روايةُ الجُمهورِ ، وعليها اقتصر أَبو عُبَيْدٍ في أَمثاله ، وثعلبٌ في الفَصيح ، وغيرُ واحدٍ ، ( أَو الكِرابُ عَلَى البَقَرِ ) بالرّاءِ بدل اللاّم ، وبالوَجْهَيْنِ رواه أَبو عُبَيْدٍ البَكْرِيّ ، في كتابه فصْل المقال ، ناقلاً الوجهَ الأَخيرَ عن الخليل وابْنِ دُرَيْدٍ ، وأَثبتهما المَيْدَانيّ في مجمع
____________________

(4/173)


الأَمثال على أَنهما مَثَلانِ ، كُلُّ واحدٍ منهما على حِدَةٍ في معناه . ( تَرْفَعُهَا ) على الابتداءِ ( وتَنْصِبُها ) بفعل محذوف ( أَي : أَرْسِلْها عَلَى بَقَرِ الوَحْشِ . ومَعْنَاهُ ) ، على ما قَدَّرَهُ سِيْبَوَيْهِ : ( هَلِّ امْرَأً وصِناعَتَهُ ) . قال ابْنُ فارس في الجُمَل : يُرادُ بهاذا الكلام صيد البَقَر بالكِلاب ، قال : ويُقَالُ : تأْويلُهُ مثلُ ما قاله سيبَوَيْهِ . وقال أَبو عُبَيْدٍ في أَمثاله : من قِلَّة المُبالاة قولهم : الكِلاب على البقَر ، يُضْربُ مثلاً في قلَّة عِنايةِ الرجلِ واهتمامِه بشأن صاحبه . قال : وهاذا المَثلُ مُبْتَذَلٌ في العامَّة ، غير أَنّهم لا يَعرِفُون أَصلَه . ونقل شيخُنا عن شروح الفصيح : يجوزُ الرَّفْعُ والنَّصب في الرِّوايتَيْنِ ، فالرَّفْعُ على الابتداءِ ، وما بَعْدَه خبرٌ . وأَما النَّصْب ، فعلى إِضمارِ فعلٍ ، كأَنّه قال : دَعِ الكِلابَ على البَقَر . وكذالك من روى ( الكِرابَ ) إِنْ شِئتَ نَصَبْتَ فقلتَ : أَي دَعِ الحَرْثَ على البَقَر ، وإِنْ شئتَ رَفَعْتَ على الابتداءِ والخَبَر .
( وأُمّ كَلْبَةَ : الحُمَّى ) ، لشدَّةِ ملازمتِها للإِنسان ، أُضِيفَت إِلى أُنْثَى الكِلاب .
( وكلَبَ ) الرجُلُ ( يَكْلِبُ ) ، من باب ضَرَب ، كذا هو مضبوط عندَنا ، ومثله الصّاغانيُّ ، وفي بعضِ النُّسَخ : من بابِ فَرِحَ . ( واسْتَكْلَبَ ) : إِذا كان في قَفْرٍ ، ف ( نَبَحَ ، لِتَسْمَعَهُ الكلابُ ، فتَنْبَحَ ، فيُستدَلَّ بها عليه ) أَنَّه قريبٌ من ماءٍ أَو حِلَّة ، قال :
ونَبْحُ الكِلابِ لمُسْتَكْلِبِ
( و ) كَلِبَ ( الكَلْبُ ) ، من باب فَرِحَ ، وكذا اسْتَكْلَبَ : ( ضَرِيَ ، وتَعَوَّدَ أَكْلَ النّاسِ ) ، فأَخَذَهُ لِذالك سُعارٌ ، وقد تَقَدّم .
( و ) من المَجَاز : ( كَلالِيبُ البَازِي : مَخَالِبُهُ ) ، جمعُ كَلُّوب ، ويقال :
____________________

(4/174)


أَنْشَبَ فيه كَلالِيبَه ، أَي : مَخَالِبَهُ .
( ومِنَ الشَّجَرِ : شَوْكُهُ ) . كلُّ ذالك على التّشبيه بمَخَالبِ الكِلاب والسِّباع . وقولُ شيخنا : ولهم في الّذي بعدَهُ نَظَرٌ ، منظورٌ فيه .
( وكالَبَتِ الإِبِلُ : رَعَتْهُ ) ، أَي : كَلالِيبَ الشَّجَرِ . وقد تكونُ المُكَالَبَةُ ارْتِعاءَ الخَشِنِ اليابِس ، وهو منه ؛ قال الشّاعرُ :
إِذا لَمْ يَكُنْ إِلاّ القَتَادُ تَنَزَّعَتْ
مَنَاجِلُهَا أَصْلَ القَتَادِ المُكَالَبِ
( ) وممّا يُسْتَدْرَكُ على المؤلّف :
الكَلْبُ من النُّجُومِ بحِذاءِ الدَّلْوِ من أَسْفَلَ ، وعلى طريقته نَجْمٌ أَحمرُ يقالُ له الرّاعِي .
وكِلابُ الشِّتَاءِ : نُجُومٌ ، أَوّلَهُ ، وهي الذِّراعُ ، والنَّثْرَةُ ، والطَّرْفُ والجَبْهَةُ . وكُلُّ هاذه إِنَّما سُمِّيَتْ بذالك على التّشبيه بالكِلاب .
ولِسَانُ الكَلْبِ : نَبْتٌ ، عن ابْنِ دُرَيْدٍ .
والكُلاَب ، كغُراب : وادٍ بِثَهْلاَن ، مُشْرِفٌ ، به نَخْلٌ ومِياهٌ لبني العَرْجاءِ من بني نُمَيْرٍ . وثَهْلانُ : جبلٌ لبَاهِلَةَ ، وهو غير الّذي ذكرَه المصنِّفُ .
ودَهْرٌ كَلِبٌ : أَي مُلِحٌّ على أَهْلِه بما يَسُوؤُهم ، مُشتَقٌّ من الكَلْبِ الكَلِبِ ؛ قال الشاعرُ :
ما لِي أَرَى النَّاسَ لا أَبَا لَهُمُ
قد أَكَلُوا لحْمَ نابِحٍ كَلِبِ
ومن المجاز أَيضاً : دَفَعْتُ عنك كَلَبَ فُلان ، أَي : شَرَّهُ وأَذاهُ . وعبارة الأَساس : كَفَّ عنه كِلابَهُ : تَرَكَ شَتْمَهُ وأَذاهُ ، انتهى .
وكُلاَّبُ السَّيْفِ ، بالضَّمّ : كَلْبه .
والكَلْب : فَرَسُ عامرِ بْنِ الطُّفيْلِ
____________________

(4/175)


من وَلَدِ داحِسٍ ، وكان يُسمَّى الوَرْدَ والمَزْنُوقَ .
والكَلْبُ بْنُ الأَخْرَس : فَرسُ خَيْبَرِيِّ بْنِ الحُصَيْنِ الكَلْبِيّ .
وأَهْلُ المَدِينَةِ يُسَمُّون الجَرِيءَ مُكَالِباً ، لمُكَالَبَتِهِ للمُوكِّلِ بهم .
وفلانٌ بِوَادِي الكَلْبِ : إِذا كانَ لا يُؤْبهُ به ، ولا مأْوى يُؤْوِيهِ كالكَلْبِ تَراهُ مُصْحِراً أَبداً ، وكلٌّ من المَجَاز .
وكِلاَبٌ : اسْمٌ سُمِّي بذالك ، ثمّ غَلَبَ على الحَيِّ والقبيلةِ ؛ قالَ :
وإِنّ كِلاباً هاذِهِ عَشْرُ أَبْطُنٍ
وأَنْتَ بَرِيءٌ من قَبَائِلها العَشْرِ
قال ابْنُ سِيدَه : أَيْ أَنّ بطونَ كِلابٍ عشرُ أَبْطُنٍ ، قال سيبويه : كِلابٌ اسمٌ للواحِدِ ، والنَّسَبُ إِليه كِلابيٌّ . يعني أَنّه لو لم يكن كِلابٌ اسماً للواحد ، وكان جمْعاً ، لقيل في الإِضافة إِليه كَلْبِيٌّ .
وقولهم : ( أَعَزُّ من كُلَيْبِ وائل ) هو كُلَيْبُ بْنُ رَبِيعَةَ من بَنِي تَغْلِبَ بْنِ وائِلٍ .
وأَما كُلَيْبٌ ، رَهْطُ جَرِيرٌ الشاعرِ ، فهو كُلَيْبُ بْنُ يَرْبُوعِ بْنِ حَنْظَلَةَ .
وكالِبُ بن يوقنا : من أَنبياءِ بني إِسْرائِيلَ في زَمَنِ سيِّدنا موسَى ، عليهما السلام ، كما في الكَشّاف في أَثناءِ القَصَص ، والعناية ، في المائدة ، نقله شيخُنا .
وفي أَنساب الإِمام أَبي القاسم الوزير المَغْرِبِيِّ : كُلَيْبٌ في خُزَاعَةَ كُلَيْبُ بْنُ حُبْشِيَّةَ بْنِ سَلُولَ ، وكلْبٌ في بَجِيلَة : ابنُ عَمْرِو بْنِ لُؤَيِّ بْنِ دُهْنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَحْمَسَ .
____________________

(4/176)



وأَرْضٌ مَكْلَبةٌ ، بالفتح : كثيرةُ الكِلاب ، نقله الصّاغانيّ .
واِسْتُ الكَلْبِ : ماءٌ نَجْدِيٌّ عند عُنَيْزَةَ من مياهِ رَبيعَةَ ، ثُمَّ صارَتْ لكِلابٍ .
ووادي الكَلَب ، محرَّكَةً : يَفرُغ في بُطْنَانِ حَبِيبٍ بالشّام .
كلتب ؛ ( الكَلْتَبُ ، كجَعْفَرٍ ، وقُنْفُذٍ ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ . وقال ابْنُ دُرَيْدٍ : هو شِبْهُ ( المُدَاهَنَةِ في الأُمُورِ ) ، يُقال : مَرَّ يُكْلْتِبُ في الأَمْرِ .
( والكَلْتَبانُ ) : مأْخوذٌ من الكَلَب ، وهو ( القَوّادُ ) ، وقد تَقدّم . وعن ابْنِ الأَعْرَابيّ : الكَلْتَبَةُ القِيَادَةُ .
كلثب : ( الكَلْثَبُ ) ، بالثّاءِ المُثَلَّثَة ، ( كَجَعْفَرٍ ، وعُلابِطٍ ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وصاحبُ اللِّسَان ، والصّاغانيّ ، وهو ( المُنْقَبِضُ ، البَخِيلُ ) ، المُدَاهِنُ في الأُمُورِ ، وكأَنَّه لُغَةٌ في الّذِي قبلَهُ .
كلحب : ( الكَلْحَبَةُ ) : أَهمله الجَوْهَريّ ، وقال الأَزْهَرِيُّ : لا يُدْرَى ما هُو : وقد رُوِيَ عن ابْنِ الأَعرابِيّ : أَنّه ( صَوْتُ النّارِ ، ولَهِيبُهَا ) . يقَال : سمعْتُ حَدَمَةَ النّارِ ، وكَلْحَبَتها . ونقل شيخُنا عن السُّهيْليّ في الرَّوْض : أَنّه صَوتُها فيما دَقَّ ، كالسِّراج ونَحْوِهِ .
( و ) كَلْحَبَةُ ، والكَلْحَبَة : ( اسْمٌ ) من أَسماءِ الرِّجالِ .
( و ) الكَلْحَبَةُ : ( شاعِرٌ عُرَنِيٌّ ) هكذا في النُّسَخ ، قال شيخُنا : والصّوابُ عَرِينيٌّ ، بفتح العين وكسر الراءِ ، كما صرَّح به المُبَرِّدُ في أَوائل الكامل . قلتُ : وهاكذا قيَّدَهُ الحافِظُ في التَّبصير ، قال : وضبطَهُ الأَميرُ هاكذا أَيضاً . وأَمّا السَّمْعنيُّ ، فضبَطَه بالضَّمّ ، وتُعُقِّبَ عليهِ .
____________________

(4/177)



( و ) الكَلْحَبَةُ : ( لَقَبُ ) عبدِ الله بْنِ كَلْحَبَةَ ، قاله أَبُو عُبَيْدَة . ويقال : هُبَيْرَةُ بْنُ كَلْحَبَةَ ، ويقال : اسمُه جَرِيرُ بْنُ هُبَيْرَةَ ، كما نقله الحافظ ، وأَثْبَتُ ذالك أَنّ اسْمَهُ ( هُبَيْرَةُ بْنُ عبدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ مَنافِ بْنِ عُرَيْنِ ) ابْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوعِ بْنِ حَنْظَلَةَ ، التَّمِيميُّ ( العَرَنيُّ ) ، بفتح العين وسكون الرّاءِ ، كذا في النُّسَخ وفي بعضها بالتحْرِيك ، ومثلُهُ في التكمِلة : ( فارِسُ العَرَادَة ) ، وهي فرَسٌ كانت له . والذي في لسان العرب : والكَلْحَبَةُ اليَرْبُوعيُّ : اسْمُ هُبَيْرَةَ بْنِ عبْدِ مَنَافٍ . وهكذا ذكره ابْنُ الكَلْبِيّ في الأَنساب .
( وكَلْحَبَهُ بالسَّيْفِ : ضَرَبهُ ) به ، قيلَ : وبه سُمِّيَ الرجُلُ .
كنب : ( كَنَبَ ) الرجلُ ، يَكْنُبُ ، ( كُنُوباً ) ظاهرُهُ أَنَّهُ من حدِّ : نَصَرَ ، على مقتضَى قاعدته ، وضبَطَه الصّاغانيُّ من حدِّ : فَرِحَ : ( غَلُظَ ) ، نقله الصّاغانيُّ أَيضاً .
( و ) كَنَبَ كُنُوباً ، من حَدِّ : نَصَرَ : ( اسْتَغْنى ) ، نقله الصّاغانيُّ .
( والكَنَبُ ، مُحَرَّكةً : غِلَظٌ يَعْلُو الرِّجْلَ والخُفَّ والحَافِرَ واليَدَ ، أَو ) هو ( خاصٌّ بِها ) ، أَي باليَدِ ( إِذا غَلُظَتْ من العَمَلِ . وقَدْ كَنِبَتْ ) يَدُهُ ( كَفَرِحَ ، وأَكْنَبَتْ ) ، فهي مُكْنِبَةٌ ، قاله ابْنِ دُرَيْد . وفي الصَّحاح : أَكْنَبَتْ ، وأَنشد أَحمدُ بْنُ يَحْيَى :
قَدْ أَكْنَبَتْ يَداكَ بَعْدَ لِين
وبَعْدَ دُهْنِ البانِ والمَضْنُونِ
وقال العَجّاج :
قد أَكْنَبَتْ نُسُورُهُ وأَكْنَبَا
أَي : غَلُظَتْ وعَسَتْ . وفي حديثِ سَعْدٍ : ( رآهُ رسولُ الله ، صلى الله عليه وسلم وقد أَكْنَبَتْ يَداهُ ، فقال له : أَكْنَبَتْ يَدَاكَ . فقال له : أَكْنَبَتْ يَدَاكَ . فقال أُعالِجُ بالمَرِّ
____________________

(4/178)


والمِسْحَاةِ . فأَخَذَ بيَدِه ، وقال : هاذه لا تَمَسُّهَا النّارُ أَبداً ) . أَكنبَتِ اليَدُ : إِذا ثَخُنَت ، وغَلُظَ جِلْدُها ، وتَعْجَّرَ مِن مُعاناةِ الأَشياءِ الشّاقَّة . والكَنَبُ في اليَدِ مثلُ المَجَلِ إِذا صَلُبَ من العَمَلِ ، كما في الصَّحاح .
( وحافِرٌ مُكْنِب ، كمُحْسِن ) : غَليظٌ .
( و ) خُفٌّ مُكْنَبٌ ، بفتح النُّون ، كمِكْنَبٍ مثل ( مِنْبَرٍ ) عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ ، وأَنشدَ :
بِكُلِّ مَرْثومِ النَّوَاحِي مُكْنَبِ
( وأَكْنَبَ عَلَيْهِ بَطْنُهُ ) : إِذا ( اشتَدَّ ) .
( و ) أَكنَبَ عليه ( لِسَانُه : احْتَبَسَ ) .
( وكَنَبَهُ في جِرَابِهِ ، يَكْنِبُهُ ، كَنْباً : كَنَزَهُ ) فيه ، نقله الصّاغانيُّ .
( والكانِبُ : المُمْتَلِىءُ شِبَعاً ) ، قال دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ :
وأَنْتَ امْرُؤٌ جَعْدُ القَفَا مُتَعَكِّشٌ
من الأَقِطِ الحَوْلِيّ شَبْعَانُ كانِبُ
وقال أَبو زيد : كانِبٌ : كانِزٌ .
( والكَنِبُ ، ككَتِفٍ ) : قال أَبو حنيفَةَ : شَبِيهٌ بقَتادِنَا ، هذا الّذي يَنْبُتُ عندَنَا ، وقد يُخْصَفُ عندَنا بِلِحَائِهِ ، ويُفْتَلُ منه شُرُطٌ باقيةٌ على النَّدَى . وقال مَرَّةً : سأَلْتُ بعضَ الأَعْرَابِ عن الكَنِبِ ، فَأَرَانِي شِرْسَةً متفرّقةً من نَبَات الشَّوْك ، بيضاءَ العِيدانِ ، كثيرَةَ الشَّوْكِ ، لها في أَطرافها بَراعِيمُ ، قد بدت من كُلّ بُرْعُومَةٍ شَوْكاتٌ ثلاثٌ .
والكَنِبُ : ( نَبْتٌ ) ، قال الطِّرِمَّاحُ :
مُعَالِياتٌ على الأَرْيَافِ مَسْكَنُها
أَطْرَافُ نَجْدٍ بأَرْضِ الطَّلْحِ والكَنِبِ
وعن اللّيث : الكَنِبُ : شَجَرٌ ، قال :
____________________

(4/179)



في حَصِدٍ من الكَرَاثِ والكَنِبْ
( والكَنِيبُ ) ، على فَعِيل : ( اليابِسُ ) وفي نسخةٍ : اليَبِسُ ( من الشَّجَرِ ، أَو ) هو ( ما تَحَطَّمَ ) منه ( وتَكَسَّرَ شَوْكُه ) .
( و ) كُنَيْبٌ ، مصغَّراً ( كزُبَيْرٍ : ع ) ، قال النّابغةُ :
زَيْدُ بْنُ بَدْرٍ حاضرٌ بعُراعِرٍ
وعَلَى كُنَيْبٍ مالِكُ بْنُ حِمَارِ
( و ) كُنُبٌ ، بضمتين ( كجُنُب : د ، بما وَراءَ النَّهْرِ ، لَقَبُها ) في كتب الأَعَاجِم ( أُشْرَوْسَنَه ) ، بضمّ الهمزة وسكون الشّين وفتح الرّاءِ ، وسيُذْكر في محلّه .
( والمُكْنَئبُّ ) ، كمُكْفَهِر : ( الغَلِيظُ الشَّدِيدُ ) ، العاسِي ، ( القَصِيرُ ) . نقله الصّاغانيُّ .
( والكِنَابُ ، بالكَسر : الشِّمْرَاخُ ) ، والعاسِي .
كنتب : ( الكُنْتُبُ ، كقُنْفُذ ، وعُلابِطٍ ) : الغَلِيظُ ، ( القَصِيرُ ) . الصّحيحُ أَنَّ التّاءَ زائدةٌ ، ولذا لم يذكُرْهُ الجوهريُّ وغيرُهُ .
كنثب : ( الكَنْثَبُ ) ، بالثَّاءِ المثلَّثةَ : أَهملَهُ الجَوْهَرِيُّ . وقال الصّاغانيُّ : هو ( كجَعْفَر ، وقُنْفُذٍ ، وعُلابِطٍ : الصُّلْبُ الشَّدِيدُ ) . وفيه لُغَةٌ أُخْرَى ، وهو الكَثْنَبُ ، بتقديم المُثَلَّثة على النون ، كجعفر ، نقله الصّاغانيُّ في كثب .
( والكِنْثابُ ، بالكَسْر : الرَّمْلُ المُنْهالُ ) ، وهاذا عن ابْنِ الأَعْرَابيّ ، كما قاله ابْنُ منظورٍ والصّاغانيُّ .
كنحب : ( الكَنْحَبُ ) ، بالحاءِ المُهْمَلَة بعدَ
____________________

(4/180)


النُّون ، كجَعْفَرٍ : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وقال ابْنُ دُرَيد :
قالوا : ( نَبْت ، وليس بثَبْت ) ، ولا يَخْفَى ما في هاذا من الجِناس .
كنخب : ( الكَنْخَبَةُ ) ، بالخاءِ المُعْجَمَةِ بعدَ النُّون : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وقال ابْنُ دُرَيْد : هو ( اخْتِلاطُ الكَلامِ من الخَطَإِ ) ، حكاه يُونُسُ فيما زعموا أَنّه سَمعَ بعضَ العربِ يقولُ : ما هاذه الكَنْخَبَة ؟ يُرِيدُ الكَلاَمَ المختلِط من الخَطإِ .
كوب : ( *!الكُوبُ ، بالضَّمّ : كُوزٌ لا عُرْوَةَ لَهُ ) ، قال عَديُّ بنُ زَيْدٍ :
مُتَّكِئاً تُصْفَقُ أَبْوَابُهُ
يَسْعَى عَلَيْه العَبْد*!بالكُوبِ
( أَو ) المستديرُ الرّأْسِ الّذِي ( لا خُرْطُومَ لَهُ ) . وفي بعض الأُمّهات : لا أُذُنَ له ، وهو قول الفَرّاءِ ؛ ( ج *!أَكْوَابٌ ) ، وفي التَّنْزِيل العزيز : { *!وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ } ( الغاشية : 14 ) ، وفيه : { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مّن ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ } ( الزخرف : 71 ) ، وأَنشدَ يصف مَنْجَنُوناً :
يَصُبُّ *!أَكْوَاباً على أَكْوَابِ تَدَفَّقَتْ من مائِها الجَوَابِي
( و ) عن ابن الأَعْرَابيّ : ( *!كاب ) ،*! يَكُوبُ ، إِذا ( شَرِبَ بِهِ ) ، أَي : بالكُوب ، (*! كاكْتَابَ ) ، وكذالك : كازَ ، يَكُوزُ ، واكتازَ .
( *!والكَوَبُ ، محرَّكَةً : دِقَّةُ العُنُقِ ، وعظَمُ الرَّأْسِ ) ، عنه أَيضاً .
( *!والكَوْبَةُ : الحَسْرَةُ على ما فاتَ ) . ظاهره أَنّهُ بالفَتْح ، وقَيَّدَهُ الصّاغانيُّ بالضَّمّ مُجَوِّداً .
( و ) في الحديث : ( إِنّ الله حَرَّمَ الخَمْرَ والكُوبَةَ ) . قال أَبو عُبَيْد : أَمّا *!الكُوبَة ( بالضَّمّ ) ، فإِنَّ محمَّدَ بْنَ كَثِيرٍ أَخبرني أَنّ الكُوبَةَ ( النَّرْدُ ) في
____________________

(4/181)


كلام أَهل اليَمَن . ومثله قال ابْنُ الأَثِيرِ ( أَو الشِّطْرَنْجُ ) بكسر الشين المُعْجَمة ، سيأْتي بيانُه في الجِيم . وفي بعض النُّسَخ بزيادة الهاءِ في آخِرِه .
( و ) في الصَّحاح : الكُوبَةُ : ( الطَّبْلُ الصَّغِيرُ المُخَصَّرُ ) .
( و ) قيلَ : الكُوبَةُ ( الفِهْرُ ) . بالكَسْر : الحَجَرُ الصَّغِيرُ قَدْرُ مِلءِ الكَفِّ .
( و ) قيل : هو ( البَرْبَطَ ) ، ومنه حديثُ عليّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ( أُمِرْنَا بِكَسْرِ الكُوبَةِ ، والكِنّارَةِ والشِّيَاعِ ) .
(*! والتَّكْوِيبُ : دَقُّ الشَّيْءِ بالفِهْرِ ) ، نَقله الصّاغانيُّ .
( *!وكابَةُ : ع ببِلادِ ) بني ( تَمِيمٍ ، أَو ماءٌ ) من وراءِ نِباجِ بني عامِر .
( *!وكُوبانُ ، بالضَّمِّ : ة ) ، وفي نسخة : موضعٌ ( بِمَرْوَ ) ، معرَّبٌ عن جُوبان .
( *!وكُوبَانَانُ ) ، بالضم : ( ة بأَصْفهانَ ) .
( *!وكُوبَنَانُ ) بالضَّمّ أَيضاً : ( د ، م ) أَي : بلَدٌ معروفٌ .
كهب : ( الكَهْبُ ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ على ما يوجد في بعض نُسَخ القاموس بالحُمْرَة ، وقد وُجِد في بعض نُسَخ الصَّحاح ، وقال ابْنُ الأَعْرَابِيّ : هو ( الجامُوسُ المُسِنُّ ) . وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : هو البَعِيرُ المُسِنُّ . وقيل : الكَهْبُ لَوْنُ الجاموس .
( والكُهْبَةُ ، بالضّمِّ ) لونٌ مثلُ ( القُهْبَةِ ، أَو ) الكُهْبَةُ : ( الدُّهْمَةُ ، أَو غُبْرَةٌ مُشْرَبَةٌ سَوَاداً ) مطلقاً ، ( أَو ) هو ( خاصٌّ بالإِبِلِ ) ، أَي : في أَلْوانِها قال الأَزهريُّ : بَعِيرٌ أَكْهَبُ بَيِّنُ
____________________

(4/182)


الكَهَبِ ، وناقةٌ كَهْبَاءُ . وقال أَبو عَمْرو . الكُهْبَةُ : لَوْنٌ ليس بخالصٍ في الحُمْرَةِ ، وهو في الحُمْرَة خاصّةً . وقال يعقوبُ : الكُهْبَةُ لونٌ إِلى الغُبْرَةِ ما هو ، فلم يَخُصَّ شيئاً دُونَ شيْءٍ . قال الأَزهريُّ : لم أَسْمَعِ الكُهْبَةَ في أَلْوانِ الإِبِل لِغيرِ اللَّيْث : قال : ولعلَّه يُستعملُ في أَلوان الثِّيابِ .
( والفِعْلُ ) من كلّ ذالك : كَهُبَ ، وكَهبَ ، ( كَكَرُمَ وفَرِحَ ) ، كَهَباً ، وكُهْبَةً .
( وهو أَكْهَبُ . و ) قد قيل : ( كاهِبٌ ) ، ورُوِيَ بيتُ ذِي الرُّمَّةِ :
جُنُوحٌ على باقٍ سَحِيقٍ كأَنهُ
إِهَابُ ابْنِ آوَى كاهِبُ اللَّوْنِ أَطْحَلُ
ويُرْوَى : أَكْهَبُ .
ومن المجاز : رجلٌ أَكْهَبُ اللَّوْنِ : مُتَغَيِّرُهُ . وقد اكْهَابَّ لَوْنُه .
قال شيخُنا : وقع في شعر حَسّانَ ابْنِ ثابت ، رضيَ الله عنه ، في مَقْتَل خُبَيْبِ بْنِ عَدِيّ وأَصحابِه ، رضي الله عنهم :
بَنِي كُهَيْبَةَ إِنَّ الخَيْل قَد لَقِحَتْ
قال الإِمامُ السُّهَيْلِيُّ في الرَّوْض : جعل كُهَيْبَة كأَنّه اسْمُ عَلَمٍ لأُمّهم ، وهاذا كما يُقَالُ : بنو ضَوْطَرَى ، وبَنُو الغَبْرَاءِ ، وبنو دَرْزَةَ . وهاذا كلّه اسم لِكلِّ من يُسَبُّ ، وعبارةٌ عن السَّفِلَةِ من النّاسِ . وقد أَغفلَه المُصنِّفُ . انتهى .
كهدب : ( الكَهْدَبُ ) ، كَجَعْفَرٍ : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وقال الصّاغانيُّ : هو ( الثَّقِيلُ الوَخْمُ ) بسكون الخاءِ المُعْجَمَة كذا هو مضبوطٌ .
كهرب : ( ) ومما يُستدرَكُ عليه :
الكَهْرَبُ ، ويقال : الكَهْرَبا ، مقصوراً ، لِهذَا الأَصْفَرِ المَعْرُوفِ ذَكَرَهُ
____________________

(4/183)


ابْنُ الكُتْبِيّ ، والحَكِيمُ داوُودُ ؛ وله منافعُ وخَواصُّ . وهي فارسِيَّةٌ ، وأَصلُهَا كاهْ ربا ، أَي : جاذِبُ التِّبْنِ . قال شيخُنا : وتَرَكَه المُصَنِّف تقصيراً ، مع ذكرِه لما ليس من كلام العربِ أَحياناً .
كهكب : ( الكَهْكَب ، كجَعْفَر ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وقال ابْنُ الأَعرابيّ : هو ( الباذِنْجانُ ) ، مثل كَهْكَم ، فكأَنَّ الباءَ بدلٌ عن الميم ، وهو كثير . ولم يذكُرِ الباذِنجانَ في محلّه ، فهو مُؤاخَذٌ عليه .
( ) ومما يُستدرَكُ عليه :
الكَهْكَبُ : المُسِنُّ الكَبِيرُ .
2 ( فصل اللام مع الباء ) 2
لبب : (*! أَلَبَّ ) بالمكانِ ، *!إِلْباباً : ( أَقَام ) به ، ( *!كَلَبَّ ) ثُلاثِيّاً ، نقلَها الجَوْهَرِيُّ ، عن أَبي عُبَيْدٍ ، عن الخَلِيل .
*!وأَلَبَّ على الأَمْرِ : لَزِمَهُ فلم يُفَارِقْه .
( ومنه ) قولُهم : (*! لَبَّيْكَ ) ،*! ولَبَّيْه : ( أَيْ ) : لُزُوماً لِطَاعَتِك . وفي الصَّحاح : أَي ( أَنا مُقِيمٌ على طاعَتِك ) ؛ قال :
إِنَّكَ لَوْ دَعَوْتَنِي ودُونِي
زَوْرَاءُ ذاتُ مَنْزَع بَيُونِ
لَقُلْتُ *!لَبَّيْهِ لمن يَدْعُونِي
أَصلُه :*! لَبَّيْتُ ، من أَلَبَّ بالمكان ، فأُبدلت الباءُ ياءً لأَجْل التّضعيف . وقال سِيبَوَيْهِ : انْتَصَبَ*! لبَّيْكَ ، على الفِعْل ، كما انتصبَ سُبْحَانَ اللَّهِ . وفي الصَّحاح : نُصِبَ على المصدر ، كقولك : حَمْداً لِلَّهِ وشُكْراً ، وكان حقُّه أَنْ يُقال :*! لَبّاً لك ، وثَنَّى على معنى التّوكيد ، أَي : ( *!إِلْباباً ) بك ( بَعْدَ*! إِلْبابِ ) ، وإِقامةً بعدَ إِقامةٍ . ( و ) قال الأَزهريّ : سمِعْتُ أَبا الفَضْلِ المُنْذِرِيَّ يقولُ : عُرِضَ على أَبي العبّاس ما سَمعْتُ من أَبي طالب النحْوِيّ في قولهم : لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ ، قال : قالَ الفَراءُ : معنى لَبَّيْكَ ( إِجابَةً ) لك ( بَعْدَ إِجابَةِ ) ؛ قال : ونَصبه على المصْدر . قال : وقال الأَحمرُ : هو
____________________

(4/184)


مأْخوذٌ من *!لَبَّ بالمكانِ ، وأَلَبَّ به . إِذا أَقامَ ، وأَنشد :
لَبَّ بأَرْضٍ ما تخَطَّاها الغَنَمْ
قال : ومنه قول طُفَيْل :
رَدَدْنَ حُصَيْناً من عَدِيَ وَرهْطِهِ
وتَيْمٌ تُلَبِّي في العُرُوجِ وتَحْلُبُ
أَي : تُلازِمُها وتُقِيمُ فيها . وقيلَ : معناه : أَي تَحْلُبُ اللِّبَأَ وتَشْرَبُهُ ، جعَلَه من اللِّبَإِ ، فترك الهمزَ ، وهو قولُ أَبي الهَيْثَمِ . قال أَبو منصور : وهو الصَّواب . وحكى أَبُو عُبَيْدٍ ، عن الخليل أَنّه قال : أَصله من : أَلْبَبْتُ بالمكانِ ، فإِذا دعا الرَّجُلُ صاحبَهُ ، أَجابَه : لَبَّيْكَ ، أَي : أَنا مُقِيمٌ عندَك ؛ ثُمَّ وَكّدَ ذالك بلَبَّيْك ، أَي : إِقامةً بعدَ إِقامة . ( أَو معناه : اتِّجَاهِي ) إِليك ، ( وقَصْدِي لَكَ ) ، وإِقبالي على أَمْرِك . مأْخوذٌ ( منْ ) قولهم : ( دارِي تَلُبُّ دارَهُ ، أَي : تُوَاجِهُها ) وتُحاذيها ويكونُ حاصلُ المعنى : أَنا مُواجِهُك بما تُحبّ إِجابةً لك ، والياءُ لِلتَّثْنيَة ، قاله الخَليل ، وفيها دليل على النَّصب للمصدر . وقال الأَحمرُ : كان أَصله لَبَّب بِكَ ، فاستثقَلُوا ثلاثَ باءآت ، فقلَبُوا إِحداهُنَّ ياءً ، كما قالُوا : تَظَنَّيْتُ ، منَ الظنّ ، ( أَو مَعْنَاهُ : مَحَبَّتِي لَكَ ) ، وإِقبالي إِليك ، مأْخوذ ( من ) قولهم : ( امْرَأَةٌ *!لَبَّةٌ ) ، أَي : ( مُحِبَّةٌ ) عاطِفةٌ ( لِزَوْجِها ) ، هاكذا في سائر النُّسَخ . والّذي حُكِيَ عن الخليل في هاذا القَوْل : أُمٌّ لَبَّةٌ ، بدل امْرَأَة ، ويدُلُّ على ذالك ، ما أَنشدَ :
وكنتم كَأُمَ لَبَّةِ طَعَنَ ابْنُها
إِلَيْهَا فما دَرَّتْ عليهِ بساعِدِ
وفي حديث الإِهلال بالحجّ : ( لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ) هو من التَّلْبِيَة ، وهي إِجابةُ المُنَادِي ، أَي : إِجابَتِي لك يا رَبِّ ، وهو مأْخوذٌ ممَّا تقدَّم ؛ ( أَو مَعْنَاهُ : إِخلاصي لَكَ ) مأْخوذٌ ( مِنْ ) قولهم : ( حَسَبٌ*! لُبَابٌ ) ، بالضَّمّ ، أَي : ( خالصٌ ) مَحْضٌ ، ومنه :*! لُبُّ الطَّعَام ،
____________________

(4/185)


*!ولُبَابُهُ . وفي حديثِ عَلْقَمَةَ : ( أَنّه قالَ للأَسْودِ : يا أَبا عَمْرٍ و ، قال : لَبَّيْكَ ، قال : لَبَّى يَدَيْكَ ) . قال الخَطّابِيُّ : معناهُ : سَلِمَتْ يَدَاكَ وصَحَّتَا ، وإِنَّمَا تَرَك الإِعرابَ في قَوْله : يَدَيْكَ ، وكان حقُّه أَن يقولَ : يَداك ، لِيَزْدَوِجَ يَدَيْكَ بلَبَّيْكَ . وقال الزَّمَخْشَرِيُّ : معنى لَبَّى يَدَيك ، أَي : أُطِيعُك ، وأَتَصرَّفُ بإِرادَتِك ، وأَكونُ كالشَّيْءِ الّذي تُصَرِّفُهُ بيَدَيْك كيفَ شِئْتَ .
(*! واللَّبُّ ) ، بالفَتْح : الحادِي ( اللاّزِمُ ) لِسَوْقِ الإِبِل ، لا يَفْتُرُ عنها ولا يُفارِقها .
ورجل لَبٌّ : لازِمٌ لِصَنْعَتِه ، لا يُفَارِقُهَا ويُقَال : رجلٌ *!لَبٌّ طَبٌّ ، أَي : لازِمٌ للأَمْر . وأَنشد أَبو عَمْرو :
*! لَبّاً بأَعْجَازِ المَطِيّ لاحِقاً
واللَّبُّ : ( المُقِيمُ ) بالأَمْر .
وقال ابْنُ الأَعْرَابيّ : اللَّبُّ : الطاعةُ : وأَصلُه من الإِقامَة . وقولهم : لَبَّيْكَ : اللَّبُّ واحدٌ ، فإِذا ثَنَّيْت ، قُلْتَ في الرّفع : لَبَّانِ ، وفي النَّصْب والخَفْض : لَبَّيْنِ . وكان في الأَصل : لَبَّيْنِكَ ، أَي أَطَعْتُك مرّتَيْن ، ثم حذفت النّون للإِضافة ، أَي أَطعتُك طاعةً ، مُقيماً عِنْدَكَ إِقامةً بعدَ إِقامةٍ .
وفي المُحْكَم : قال سِيبَوَيْهِ : وزعَمَ يُونُسُ أَنَّ لَبَّيْك اسْمٌ مفرد ، بمنزلة عَلَيْك ، ولاكِنَّهُ جاءَ على هاذا اللَّفْظ في حَدِّ الإِضافَة . وزَعم الخليلُ أَنّها تَثْنِيَةٌ ، كأَنّه قال : كلّما أَجَبْتُك في شَيْءٍ ، فأَنَا في الآخَرِ لك مُجِيبٌ . قال سِيبَوَيْهِ : ويَدُلُّكَ على صِحَّة قولِ الخَلِيل قولُ بعضِ العرب : لَبِّ ، يُجْرِيهِ مُجْرَى أَمْسِ وَغَاقِ . وقال ابْنُ جِنِّي : الأَلِفُ في لَبَّى عندَ بعضهم ، هي ياءُ التَّثْنِيَة في : لَبَّيْكَ ، لاِءَنّهم اشْتَقُّوا من الاسم المَبْنِيّ الّذي هو الصَّوْت مع حرف التّثنية فعْلاً ، فجَمعوه من حُروفه ، كما قالُوا من لا إِلللهه إِلاّ اللَّهُ : هَلَّلْتُ ، ونحو ذالك ، فاشْتَقُّوا لَبَّيْتُ من لَفْظ لَبّيْكَ ، فَجَاؤُوا في لفظ لَبَّيْت بالياء الّتِي للتّثنية فِي لَبَّيْك ، وهاذا قول
____________________

(4/186)


سِيبَويهِ . قال : وأَما قولُ يُونُسَ ، فزَعَمَ أَن لَبَّيْكَ اسْمٌ مُفْرَد ، وأَصلُه عندَهُ :*! لَبَّبٌ ، وزنُهُ فَعْلَلٌ ، قال : ولا يجوزُ أَن تَحْمِلَهُ على فَعَّلَ ، لِقِلَّة فَعَّلَ في الكلام ، وكَثرة فَعْلَلَ ، فقلب الباءَ ، الّتي هي الّلام الثّانية من لَبَّبَ ، ياءً ، هَرَباً من التّضعيف ، فصار لَبَّيٌ ، ثُمَّ أَبدل الياءَ أَلفاً لِتَحَرُّكِها وانفتاح ما قبلَها ، فصارَ لَبَّى ، ثم إِنّه لَما وُصِلَتْ بالكاف في لَبَّيْك ، وبالهاء في لَبَّيْه ، قُلِبت الأَلفُ ياءً ، كما قلبت في إِلَى وعَلَى ولَدَى ، إِذا وَصَلْتَها بالضَّمير ، فقلتَ : إِلَيْكَ ، وعَلَيْكَ ، ولَدَيْكَ . وقد أَطال شيخُنا الكلام في هذا المَبْحث ، وهو مأْخوذٌ من لسان العرب ، ومن كتاب المُحْتَسِب لابْنِ جِنِّي ، وغيرِهما ؛ وفيما ذكرناه كفايةٌ .
( و ) *!اللُّبُّ ، ( بالضَّمِّ : السَّمُّ ) . وفي لسان العرب ، عن أَبي الحسن : وربّما سُمِّي سُمٌّ الحَيَّةِ*! لُبّاً .
( و ) اللُّبُّ : ( خالِصُ كُلِّ شَيءٍ ) ، *!كاللُّبابِ ، بالضَّمّ أَيضاً .
( ومِنَ النَّخْلِ ) : جَوْفُهُ . وقد غلب على ما يُؤْكَلُ داخلُهُ ويُرْمَى خارِجُهُ من الثَّمَر .
( و ) *!لُبُّ ( الجَوْزِ ونَحْوِه ) كاللَّوْز وشِبْهِهِ : ما في جَوْفِه ، والجمع *!اللُّبُوبُ . ومثلُهُ قولُ اللَّيْث : *!ولُبُّ النَّخلَةِ : ( قَلْبُها ) .
( و ) من المَجاز : لُبُّ الرَّجُل : ما جُعلَ في قلْبه من ( العَقْل ) ، سُمِّيَ بِه لاِءَنّه خُلاصَة الإِنسان ، أَو أَنَّهُ لا يُسمَّى ذالك إِلاّ إِذا خَلُصَ من الهَوَى وشوائبِ الأَوْهَام ، فعلى هاذا هو أَخَصُّ من العَقْل . كذا في كشف الكَشَّاف ، في أَوائل البَقَرَة ، نقله شيخُنا . ( ج :*! أَلْبابٌ ، *!وأَلُبُّ ) بالإِدْغام ، وهو قَلِيل . قال أَو طالبٍ :
قَلْبِي إِليهِ مُشْرِفُ*! الأَلُبِّ
( و ) قال الجَوْهَرِيُّ . وربَّما أَظهروا
____________________

(4/187)


التَّضْعيفَ في ضرورَة الشّعر ، قال الكُمَيْتُ :
إِلَيْكُمْ بَنِي آلِ النَّبِيِّ تَطَلَّعَت
نَوَازِعُ من قَلْبِي ظِماءٌ و ( *!أَلْبُبُ )
( وقد*! لَبُبِتُ ، بالكَسر وبالضّم ) ، أَي : من بابِ : فَرِحَ وقَرُبَ ، (*! تَلَبّ ) بالفتح ، *!لُبّاً بالضَّمِّ *!ولَبّاً ، و (*! لَبَابَةً ) بالفتح فيهما : صرْتَ ذا*! لُبٍّ . وفي التّهذيب : حُكِيَ : *!لَبُبْتَ ، بالضَّمِّ ، وهو نادِرٌ ، لا نظيرَ له في المضاعف .
وقيل لِصَفِيَّةَ بنتِ عبدِ المُطَّلِب ، وضَرَبَتِ الزُّبَيْرَ : لِمَ تَضْرِبِينَه ؟ فقالت : *!لِيَلَبَّ ، ويَقُودَ الجَيْشَ ذَا الجَلَبْ ، أَي يصيرَ ذا لُبَ ورواه بعضهُم أَضْرِبه لكَي*! يَلَبَّ ، ويَقُودَ الجَيْشَ ذا اللَّجَب . قال ابْنخ الأَثيرِ : هاذه لغةُ أَهلِ الحِجاز ، وأَهلُ نَجْدِ يقولُونَ : لَبَّ يَلبُّ ، بوزن فَرَّ يَفِرّ .
( وليس فَعُلَ ) بالضّمّ ( يَفْعَلُ ) بالفتح ( سِوَى لَبُبْت ، بالضَّمّ ، تَلَبُّ بالفتح ) ؛ فإِن القاعدة أَنّ المضموم من الماضيات لا يكونُ مضارِعُهُ إِلاّ مضموماً وشذّ هاذا الحَرْفُ وحدَهُ لا نظيرَ له ، وهو الّذي صرّح به شُرّاحُ اللاّمِيَّة والتَّسْهِيل وغَيْرُهم ، وحكاه الزَّجّاجُ عن العرب ، واليَزِيديُّ ، ونقله ابْنُ القَطّاع في صَرْفه ، زادَ : وحكى اليَزِيدِيُّ أَيضاً : لَبِبْتَ تَلُبّ ، بكسر عين الماضي ، وضَمِّها في المستقبل . قال : وحكاه يُونُسُ بضَمِّهما جميعاً . والأَعَمُّ : لَبِبَ ، كفَرِحَ .
وفي المِصْباح ما يقضي أَنّ الضَّمَّ ، وإِن كان فيهما معاً ، قليلٌ ، شاذٌّ في المضاعف ، واقتصر في : لَبَّ ، على هاذا الفعل ، وزاد عليه في دَمم حَرْفَيْنِ آخَرَيْنِ ، قال : دَمَّ الرَّجُلُ ، يَدمُّ ، دَمَامَةً ، من بابَيْ : ضَرَبَ وتَعِبَ ، ومن بابِ قَرُبَ لغةٌ ، فيُقَال : دَمُمْتَ ، تَدُمُّ ، ومثلُهُ : لَبُبْتَ تَلُبُّ ، وشَرُرْت
____________________

(4/188)


تَشُرُّ من الشَّرّ ، ولا يكادُ يُوجَدُ لها رابعٌ في المضاعَفِ .
وصرّح غيره بأَنّ الثّلاثةَ وَرَدَتْ بالضَّمّ في الماضي ، والفتحِ في المُضَارع ، على خلاف الأَصلِ ، ولا رابعَ لها . وذكرها في الأَشباه والنظائر غيرُ واحد . والأَكثرونَ اقتصرُوا على لَبُبَ ، وبعضُهم عليه مع دَمُمَ ، وقالُوا : لا ثالثَ لهما . انتهى .
قال شيخُنا : دَمَّ نقلَها ابْنُ القَطّاع عن الخليل ، وشَرَّ : نَقَلَهَا ابْنُ هشامٍ في شرح الفصيح عن قُطْرُبٍ ، واقتصر القَزّاز في الجامع على : لَبَّ ، ودَمَّ ؛ وقال : لا نظيرَ لهما . وزاد ابْنُ خالَوَيْهِ : عَزُزَتِ الشّاة : قلّ لَبَنُهَا . فتكون أَربعة . وقيّدَ الفَيُّومِيُّ بالمُضَاعَف ، لاِءَنّه وَرَدَ في غير المُضَاعَف نظائرُه ، وإِن كانت شاذَّة .
قال ابْنُ القَطّاع في كتاب الأَبْنِيَة له : وأَمّا ما كان ماضيه على فَعُلَ ، بالضَّمّ ، فمضارعه يأْتي على يَفْعُلُ ، بالضَّمّ ، ككَرُمَ وشَرُفَ ، ما خلا حرْفاً واحداً ، حكاه سِيبَوَيْه ، وهو : كُدْتَ تَكادُ ، بضمّ الكاف في الماضي ، وفتحها في المضارع ، وهو شاذٌّ ، والجَيِّدُ كِدْتَ تَكَادُ . وحكى غيرُه : دُمْتَ تَدام ، ومُتَّ تَماتُ ، وجُدْتَ تَجاد . ثم نقل لَبَّ عن الزجّاج واليَزِيديّ كما مَرَّ ، ودَمَّ عن الخليل ، وعَزَّ عن ابْنِ خالَوَيْهِ . ولم يتعرّض لِشَرَّ الّذي في المصباح . انتهى .
ويأْتي في فكك : ولقد فَكُكْت ، كعَلِمت وكَرُمت ، فيستدرك على هاذه الأَلفاظ .
(*! واللَّبَبُ ) : مَوْضِعُ ( المَنْحَرِ ) من كُلّ شَيْءٍ ، قيل : وبه سُمِّيَ لَبَبُ الفَرَس .
واللَّبَبُ : (*! كاللَّبَّة ، و ) هو ( مَوْضِعُ القِلادَةِ من الصَّدْرِ ) من كُل شَيْءٍ ، أَو النُّقْرَة فوقَه ، والجمع*! الأَلْبابُ . وفي لسان العرب :*! اللَّبَّةُ وَسَطُ الصَّدْرِ والمَنْحَرِ ، والجمع*! لَبّاتٌ *!ولِبابٌ ، عن ثعلب . وحكى اللِّحْيَانيُّ : إِنَّهَا لَحَسَنَةُ
____________________

(4/189)


اللَّبَّاتِ ، كأَنّهم جعلوا كلَّ جزءٍ منها لَبَّةً ، ثم جمعوا على هادا . وقال ابْنُ قُتَيْبَةَ : هي العِظَامُ الّتي فَوْقَ الصَّدْرِ وأَسفَلَ الحَلْقِ بين التَّرْقُوَتَيْنِ ، وفيها تُنْحَرُ الإِبِلُ . ومن قال : إِنها النُّقْرَةُ في الحَلْقِ ، فقد غَلِطَ . انتهى .
( و ) من المجاز : أَخَذَ في*! لَبَبِ الرَّمْل ، هو : ( ما اسْتَرَقَّ مِنَ الرَّمْلِ ) ، وانْحَدَرَ من مُعْظَمِهِ ، فصار بَيْنَ الجَلَدِ وغَلْظِ الأَرْض .
وقيل : لَبَبُ الكَثِيبُ : مُقَدَّمُهُ ، قال ذُو الرُّمَّةِ :
بَرَّاقَةُ الجِيدِ *!واللَّبَّاتِ واضِحَةٌ
كَأَنَّهَا ظَبْيَةٌ أَفْضَى بِها لَبَبُ
قال الأَحْمَرُ : مُعْظَمُ الرَّمْلِ : العَقَنْقَلُ ، فإِذا نَقَصَ ، قيل : كَثِيبٌ ، فإِذا نَقَصَ ، قِيلَ : عَوْكَلٌ ، فإِذا نَقَصَ ، قيل : سِقْطٌ ، فإِذا نقص ، قيلَ : عَدَابٌ ، فإِذا نَقَصَ ، قيلَ : لَبَبٌ .
وفي التهذيب : اللَّبَبُ من الرَّمْل : ما كان قَريباً من حَبْلِ الرَّمْل .
( و ) اللَّبَبُ : معروفٌ ، وهو ( ما يُشَدُّ في ) ، وفي نسخةٍ : على ( صَدْرِ الدّابَّةِ ) ، أَو النّاقة ، كما في نسخة بدل الدَّابّةِ . قال ابْنُ سيدَهْ وغيرُهُ : يكون للرَّحْلِ والسَّرْج ( لِيَمْنَعَ اسْتِئْخَارَ الرَّحْل ) والسَّرْجِ ، أَي : يَمْنَعُهُمَا من التّأْخير ، ( ج أَلْبابٌ ) ، قال سيبويهِ : لم يُجاوِزُوا به هاذا البِناءَ .
( *!وأَلْبَبْتُ ) السَّرْجَ : عَمِلْتُ له*! لَبَباً ، وأَلْبَبْتُ ( الدّابَّةَ ، فهي *!مُلْبَبٌ ) جاءَ على الأَصل ، وهو نادرٌ : جعلتَ له لَبَباً . قالَ : وهاذا الحرفُ ، هاكذا رواه ابْنُ السِّكِّيتِ بإظهار التّضعيف . ( و ) قال ابْنُ كَيْسَان : هو غَلَطٌ وقياسُه ( *!مُلَبٌّ ) ، كما يُقَال مُحَبٌّ ، من : أَحْبَبْتُهُ . ( و ) كذالك (*! لَبَبْتُهَا ) ، أَي : الدّابَّةَ ، ( فهي*! مَلْبُوبَةٌ ) من الثُّلاثيّ ، عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ .
( *!واللَّبْلابُ ) : حَشِيشَةٌ ، و ( نَبْتٌ ) يَلْتَوِي على الشَّجَر .
____________________

(4/190)



واللَّبْلابُ : بَقْلَةٌ معروفة ، يُتداوَى بها .
( *!واللَّبْلَبَةُ : الرِّقَّةُ على الوَلَد ) ، ومنه : لَبْلَبَةُ الشّاةِ ، على ما يأْتي .
واللَّبْلَبَةُ : الشَّفَقَةُ على الإِنسان ، وقد لَبْلَبْتُ عليه . واللَّبْلَبَة : عَطْفُكَ على الإِنْسَان ، ومَعُونته ؛ قال الكُمَيْتُ :
ومِنَّا إِذا حَزَبَتْكَ الأُمُورُ
عَلَيْكَ *!المُلَبْلِبُ والمُشْبِلُ
(*! واللَّبِيبَةُ : ثَوْبٌ كالبَقِيرَةِ ) ، وسيأْتي بيانُهَا في حرف الرّاءِ .
( واللَّبَابُ كسَحابٍ ) ، وفي لسان العرب : اللَّبَابَةُ ، بزيادة الهاء : ( الكَلأُ ) ، وفي أُخرى : من النَّبات : الشَّيْءُ ( القَلِيلُ ) غيرُ الواسِع ، حكاه أَبو حنيفة ، قال :
أَفْرِغْ لِشَوْلٍ وفُحُولٍ كُومِ
باتَتْ تَعشَّى اللَّيْلَ بالقَصِيمِ
لَبَابَةً من هَمِقٍ هَيْشُومِ
وقال ابْنُ الأَعْرَابِيّ : هي لُبَايَةٌ ، بالضَّمّ والياءِ التَّحْتيّة ، وأَنشد الرَّجزَ ، وقال : هي شجرةُ الأُمْطِيّ الّذي يُعْمَلُ منه العِلْكُ .
( و ) لُبَاب ، ( كغُرَابٍ : جَبَلٌ لبَنِي جَذِيمَةَ ) .
( و ) في الحديثُ : ( أَنَّ رجلاً خاصَمَ أَباهُ عندَهُ ، فَأَمَرَ بهِ فَلُبَّ له ) يقال : (*! لَبَّبَهُ *!تَلْبِيباً ) : إِذا ( جَمَع ثِيابَهُ ) الّتي عليه ( عِنْدَ نَحْرِهِ ) وصدرِه ( في الخُصُومَة . ثُمّ جَرَّهُ ) وقَبَضَهُ إِليه ، وكذلك إِذا جعل في عُنُقِه حَبْلاً أَو ثَوْباً ، وأَمْسَكه به . وفي الحديث : ( أَنّه أَمَرَ بإِخْراجِ المُنَافِقِينَ من المسجد ، فقام أَبُو أَيُّوبَ إِلى رافعِ بْنِ وَدِيعَةَ ، *!فلَبَّبَهُ برِدائِه ، ثم نَتَرَهُ نَتْراً شديداً ) .
( ولَبَّبَ الحَبُّ ) تَلْبِيباً : ( صارَ لَهُ*! لُبٌّ ) يُؤْكَلُ .
( واللَّبَّةُ : المَرْأَةُ اللَّطِيفَةُ ) الحَسَنَة العِشْرةِ مع زوجِها ، وقد تقدَّمَ .
*! ولَبَّ اللَّوْزَ : كَسَرَهُ ، واسْتَخْرَجَ قَلْبَهُ .
____________________

(4/191)



( ولَبَّهُ ) ، لَبّاً : إِذا ( ضَرَبَ *!لَبَّتَهُ ) ، وهي اللِّهْزِمَةُ الّتِي فوقَ الصَّدر ، وفيها تُنْحَرُ الإِبِلِ ؛ وقد سبَق . وفي الحَديثه : ( أَما تَكُونُ الذَّكاةُ إِلاَّ في الحَلْقِ واللَّبَّةِ ) .
( وتَلَبَّبَ ) الرَّجُلُ ، وفي الأَساس : لَبَّبَ : تَحَزَّم ، و ( تَشَمَّر ) .
*!والمُتَلَبِّبُ : المُتَحَزِّمُ بالسِّلاحِ وغيره .
وكُلُّ مُجَمِّعٍ لثيابِهِ ،*! مُتَلَبِّبٌ ؛ قال عَنْتَرَةُ :
إِنِّي أُحاذِرُ أَنْ تَقُولَ حَلِيلَتِي
هاذا غُبَارٌ ساطِعٌ ، *!فتَلَبَّبِ
والمُتَلَبَّبُ : مَوْضِعُ القِلادَةِ .
*! وتَلَبَّبَ الرَّجُلانِ : أَخَذَ كلُّ منهما *!بِلَبَّةِ صاحِبِه . وفي الحديثِ : ( أَنّ النَّبِيَّ ، صلى الله عليه وسلم صَلَّى في ثَوْبٍ وَاحِدٍ *!مُتَلَبِّباً به ) والمُتَلَبِّب : الّذِي تَحزَّم بثوبه عند صدره ، قال أَبو ذُؤَيْب :
ونَمِيمَة من قانِصٍ*! مُتَلَبِّبٍ
في كَفِّه جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطُعُ
ومن هاذا قِيلَ للَّذي لبس السّلاحَ ، وتَشمَّرَ للقِتَال : مُتَلَبِّبٌ : ومنه قولُ المُنَخَّلِ :
واسْتَلأَمُوا *!وتَلَبَّبُوا
إِنَّ *!التَّلَبُّبَ لِلْمُغِير
( *!واللَّبْلَبُ )*! واللُّبْلُب ، ( كَسَبْسَبِ وبُلْبُلٍ : البَارُّ بِأَهْلِه ، و ) المُحْسِنُ إِلى ( جِيرَانِهِ ) ، والمُشْفِقُ عليهم .
( *!واللَّبْلَبَة : التَّفَرُّقُ ) ، حكاه في التَّهذيب عن أَبي عَمْرٍ و .
( و )*! اللَّبْلَبَةُ : ( حِكايَةُ صَوْت التَّيْسِ عِنْدَ السِّفادِ ) ، يقالُ : لَبْلَبَ : إِذا نَبَّ ؛ وقد يُقالُ ذالك للظَّبْيِ . وفي حديثِ ابْن عَمْرٍ و ( أَنَّه أَتَى الطَّائفَ ، فإِذا هو يَرَى التُّيُوسَ *!تَلِبُّ ، أَو تَنِبُّ ، التى الغَنَم ) . لَبَّ يَلِب كَفَرَّ يَفِرُّ .
( و ) اللَّبْلَبَةُ : ( أَنْ تُشْبِلَ الشّاةُ على وَلَدِهَا بَعْدَ الوَضْعِ ) وحين الوَضْع
____________________

(4/192)


( وتَلْحسَهَا ) بشَفَتَيْها ، ويكون منها صوت ؛ كأَنّها تقولُ : *!لَبْ *!لَبْ .
) ، *!والأُلْبُوبُ ) ، بالضّم : ( حَبُّ نَوَى النَّبِقِ ) خاصَّةً ، وقد يُؤْكَلُ .
( والتَّلْبِيبُ : التَرَدُّدُ ) ، قال ابْنُ سِيدَهْ : هذا حُكِيَ ، ولا أَدْرِي ما هو .
( و ) *!التَّلْبِيبُ من الإِنسان : ( ما فِي مَوْضِعِ اللَّبَبِ من الثِّيَاب ) .
وأَخَذَ *!بتَلْبِيبِهِ : أَي لَبَبِهِ وهو ( اسْمٌ كالتَّمْتينِ ) . وفي التّهْذيب : يقال : أَخَذَ *!بتَلْبِيبِ فُلانٍ : إِذا جَمَعَ عليه ثَوْبَهُ الذي هو لابسُهُ عندَ صدرِه ، وقَبَضَ عليه يَجُرُّهُ . وفي الحديث : ( أَخَذْتُ بتَلْبِيبِه ، وجَرَرْتُه ) . وكذالك : أَخَذْتُ بتَلابِيبِه .
( و ) أَلَبَّ الزَّرْعُ ، مثلُ أَحَبَّ : إِذا دَخَلَ فيهِ الأُكْلُ .
(*! أَلَبَّ لهُ الشَّيْءُ : عَرَضَ ) ، قال رُؤْبَةُ :
وإِنْ قَرَاً أَوْ مَنْكِبٌ *!أَلَبّا
( و ) عن الأَصْمَعِيِّ ، قال : كان أَعْرَابِيٌّ عندَهُ امْرَأَةٌ ، فَبَرِمَ بها ، فأَلْقاها فِي بِئْرٍ غَرَضاً بها ، فمرّ بها نفر ، فسَمِعُوا هَمْهَمَتَهَا من البِئر ، فاستخرجُوها وقالوا : منْ فَعَلَ هاذا بِكِ ؟ فقالت : زوجي ، فقالُوا : ادْعِي اللَّهَ عليه ، فقالت : لا تُطاوِعُني بَنَاتُ*!- أَلْبُبِي . قالُوا : ( بَناتُ *!أَلْبُبٍ ، بضمّ الباءِ ) المُوَحَّدة الأُولى ، ( و ) قد ( فَتَحَها ) أَبو العَبَّاس ( المُبَرّدُ ) في قول الشّاعر :
قَدْ عَلِمَتْ ذَاكَ بَنَاتُ*! أَلْبَبِهْ
وهي ( عُروقٌ في القَلْبِ ) متّصلةٌ به ،
____________________

(4/193)


( تكونُ منها الرَّقَّةُ ) والشَّفَقَةُ . ولاكنْ يُقَالُ : ليس لنا في الجمع أَفْعَل بالفَتح كأَحْمَدَ .
وفي المُحْكَم : قد عَلِمَتْ بذالِك بَنَاتُ *!أَلْبُبِهِ ، يَعْنُونَ لُبُّهُ ، وهو أَحد ما شَذَّ من المُضَاعَفَ ، فجاءَ على الأَصل ، هاذا مذهب سِيبَوَيْهِ .
وقال المُبَرِّدُ في قول الشَّاعر يُرِيدُ بَنَاتِ أَعْقَلَ هَذا الحَيِّ ، فإِنْ جَمَعْتَ *!أَلْبُباً ، قلتَ : *!أَلابِبُ ، والتَّصْغيرُ *!أُلَيْبِبٌ ، وهو أَوْلَى من قولِ مَنْ أَعَلَّها .
( و ) من المَجَاز : مررتُ بِحيَ ذي لَبالِبَ ، وظَبَاظِبَ . ( لَبَالِبُ الغَنَم : جَلَبَتُهَا وصَوتُها ) ، وظَبَاظِبُ الإِبِلِ ، جَلَبَتُها ، كذا في الأَساس .
( و ) يقال : ( رَجُلٌ لَبٌّ ولَبِيبٌ ) ، أَي : ( لازِمٌ للأَمْرِ ) ، مُقِيمٌ عليه ، لا يَفْتُرُ عنه .
واللَّبُّ ، أَيضاً : اللَّطِيف القَرِيبُ من النّاس ، والأُنثى لَبَّةٌ ، وجمعُهَا لِبابٌ .
( و ) من المَجَاز : رَجُلٌ ( *!مَلْبُوبٌ ) ، أَي : ( مَوْصُوفٌ بالعَقْلِ ) *!واللُّبِّ . قاله اللَّيثُ . وفي التّهذيب : قال حَسّانٌ :
وجارِيَة مَلْبُوبَة ومُنَجَّسٍ
وطارِقَةٍ في طَرْقِها لَمْ تَشَدَّدِ
( و ) من المَجاز : (*! اللَّبِيبُ : العاقِلُ ) ذُو لُبَ ، ومن أُولِي الأَلْبابِ ، ( ج *!أَلِبَّاءُ ) . قال سيبويه : لا يُكَسَّرُ على غير ذالك ، والأُنْثَى *!لَبيبَةٌ . وقال الجَوْهَرِي : رَجُلٌ*! لَبِيبٌ ، مثلُ لَبَ . قال المُضَرِّب بْنُ كَعْب :
فَقُلْتُ لها فِيئِي إِليك فإِنَّني
حَرامٌ وإِنّي بَعْدَ ذاكِ لَبِيبُ
قيل : إِنَّمَا أَراد :*! مُلَبّ بالحج ، وقوله : ( بعدَ ذاكِ ) ، أَي : مع ذاكِ .
( و ) حُكِيَ عن يُونُسَ أَنّه قال : تقولُ العربُ للرَّجُل تَعْطِفُ عليه : ( لَبَابِ لَبَابِ ) ، بالكسر ( كَقَطَامِ ) وحَذَامِ . وقيل : إِنّه ( أَي : لا بأْسَ ) بلُغةِ حِمْيَرَ . قال ابنُ سِيدَه : وهو عندي
____________________

(4/194)


مِمّا تقدّم ، كأَنّه إِذا نَفَى البَأْسَ عنه ، اسْتَحَبَّ مُلازَمَتَهُ .
( ودَيْرُ*! لَبَّى ، كحَتَّى ، مُثَلَّثَةَ اللاّم : ع بالمَوْصِل ) ، قال :
أَسِيرُ ولا أَدْرِي لَعَلَّ مَنِيَّتِي
*! بِلَبَّى إِلى أَعْرَاقِها قَدْ تَدَلَّتِ
قلت : زَعَمَ المُصَنِّفُ التّثليثَ في هاذا الموضع الّذِي بالمَوْصِل ، والصَّحيح أَنّه بالكَسْرِ فَقَطْ كما قيَّده الصّاغانيّ ونَصْرٌ ، وهو بالقُرْب من بَلَدَ بَيْنَهُ وبين العقْر ، وأَما لُبَّى ، بالضَّم والتّشديد والباء مُمَالةً ، فإِنّه جَبَلٌ نَجْدِيّ ، وبالفَتح : موضع آخَرُ ، فتأَمَّلْ .
( ولَبَبٌ ) ، محرّكةً : ( ع ) نقله الصّاغانيُّ .
( و ) في التَّهْذِيب ، في الثُّنَائيّ . في آخِرِ تَرْجَمَةِ لَبَب ما نَصُّه : و ( يُقَالُ لِلْمَاءِ الكَثِيرِ الذي يَحْمِلُ منه الفَتْحُ ) .
وفي التهذيب : المِفْتَحُ ، بالميم ، ( ما يَسَعهُ فيَضِيقُ صُنْبُورُهُ ) ، بالضَّمّ ، هو مِثْقَبُ الماءِ ( عَنْهُ من كَثْرَتِه ) أَي : الماءِ ( فَيَسْتَدِيرُ الماءُ عندَ فَمِهِ ، ويَصِيرُ كأَنَّه بُلْبُلُ آنِيَةٍ : لَولَبٌ ) ، وجمعه لوَاليبُ . قال أَبو منصورٍ : ولا أَدْرِي أَعَرَبيّ هو ، أَم مُعَرَّب ؟ غيرَ أَنّ أَهلَ العِراق أُولِعُوا باسْتِعْمَالِ اللَّوْلَبِ ، وقال الجوهَرِيُّ في تَرْجَمَةِ لوب : وأَمّا المِرْوَدُ ، ونَحْوُهُ ، فهو المُلَوْلَبُ ، على مُفَوْعَل ، كما سيأْتي وقال في تَرْجَمَةِ فولف : ومِمّا جاءَ على بِناءِ فَوْلَفٍ : لَوْلَبُ الماءِ .
( ) ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
قال ابْنُ جنِّي هو لُبَابُ قَوْمِهِ ، وهم لُبَابُ قَومهم ، وهي لُبَابُ قَوْمِها ؛ قال جَرِير :
تُدَرِّي فَوْقَ مَتْنَيْها قُرُوناً
على بَشَرٍ وآنِسَةٌ لُبَابُ
والحَسَبُ اللُّبَابُ : الخالِصُ ، ومنه سُمِّيَتِ المَرْأَةُ لُبَابَةَ . وفي الحديث : ( إِنّا حَيٌّ من مَذْحِجٍ ، عُبَابُ سَلَفِها ،
____________________

(4/195)


ولُبَابُ شَرَفِها ) . اللُّبَابُ : الخالصُ من كُلِّ شَيْءٍ .
واللُّبابُ : طَحِينٌ مُرَقَّقُ .
ولَبَّبَ الحَبُّ : جَرَى فيه الدَّقِيقُ .
ولُبَابُ القَمْحِ ، ولُبَابُ الفُسْتُق . وفي الأَساس ، من المَجَاز : لُبَابُ الإِبِلِ : خِيارُها ، ولُبَابُ الحَسَب : مَحْضُهُ . انتهى .
قال ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ فَحْلاً مِئْناناً :
مَقاليتُهَا فهي اللُّبَابُ الحَبَائِسُ
وقال أَبو الحَسَن في الفالُوذَجِ : لُبَابُ القَمْحِ ، بِلُعابِ النَّحْلِ .
ولُبُّ كلِّ شَيْءٍ : نَفْسُه ، وحَقِيقَتُهُ .
وامْرَأَةٌ واضِحةُ اللِّبَابِ .
*! واسْتَلَبَّهُ : امْتَحَنَ لُبَّهُ .
ومن المَجَاز : هو بِلَبَبِ الوادِي ،*! ولَبَّبُوا ،*! واسْتَلَبُّوا : أَخَذُوا فيه ، كذا في الأَساس .
وعن ثعلبٍ : لَبَّأْتُ ، قالته العربُ بالهمز ، وهو على غيرِ القِيَاس ، وقد سبقتِ الإِشارةُ إِليه في حَلأَ .
ومن المَجَاز : قولهم : فُلانٌ في لَبَبٍ رَخِيَ : إِذا كَانَ في بال ، وسَعَة ورَخِيُّ اللَّبَب واسعُ الصَّدْر . وفي لبَبٍ رَخِيَ : في سَعَة ، وخِصْبٍ ، وأَمْنٍ . وفي الحديث : ( إِنَّ اللَّهَ مَنَعَ مِنِّي بَنِي مُدْلِج ، لصِلَتِهِم الرَّحِمَ ، وطعنِهِم في أَلْبابِ الإِبِل ) . قال أَبو عُبَيْدٍ : على هاذه الرِّوايةِ له معنيانِ : أَحدُهما أَنْ يكونَ أَراد جمعَ اللُّبِّ بمعنى الخالص كأَنّه أَراد خالصَ إِبلهم وكَرَائمَهَا . والثّاني أَنّه أَرادَ جمعَ اللَّبَبِ ، وهو مَوْضِعُ المَنْحَرِ من كُلِّ شَيْءٍ . ورواه بعضُهم : في لَبَّاتِ الإِبِلِ .
واسْمُ ما*! يُتَلَبَّبُ :*! اللَّبَابَةُ ، قال عَنْتَرَةُ :
ولَقَدْ شَهِدْتُ الخَيْلَ يَوْمَ طِرَادِهَا
فطَعَنْتُ تَحْتَ *!لَبَابَةِ المُتَمَطِّرِ
____________________

(4/196)



وتَلَبُّبُ المرأَةِ بمِنْطَقَتِهَا : أَنْ تَضَعَ أَحَد طَرَفَيْهَا على مَنْكِبِهَا الأَيْسَرِ ، وتُخْرِجَ وَسَطَها من تحت يدهَا اليُمْنَى ، فَتُغَطِّيَ به صَدْرَها ، وتَرُدَّ الطَّرَفَ الآخَرَ على مَنْكِبِها الأَيْسَرِ .
وعن اللَّيْث : والصّرِيخُ إِذا أَنْذَرَ القَوْمَ ، واستَصْرخَ : لَبَّبَ ، وذالك أَن يَجعَلَ كِنَانَتَه وقَوْسَه في عُنُقِه ، ثُمّ يَقْبِضَ على*! تَلْبِيبِ نَفْسِه ، وأَنشد :
إِنَّا إِذا الدَّاعي اعْتَزَى ولَبَّبا
ويُقَالُ :*! تَلْبيبُهُ . تَرَدُّدُه ، وقد تقدَّم .
وقال مُخَارِقُ بْنُ شِهابٍ في صفة تَيْسِ غَنَمِه :
ورَاحَتْ أُصَيْلاناً كَأَنَّ ضَرُوعَها
دِلاءٌ وفِيهَا واتِدُ القَرْنِ لَبْلَبُ
أَراد*! باللَّبْلَب : شَفَقَتَهُ على المِعْزَى الّتي أُرْسِلَ فيها ، فهو ذُو*! لَبْلَبَة ، أَي : ذُو شَفَقَة .
*!-ولبّى بنُ سعدِ بْنِ شَطَن ، ولبّى بنُ صبيرةَ بن عِنَبَةَ : بَطْنانِ من بني سامةَ بن لُؤَيَ ، ذكره الأَميرُ عن سَيّارٍ النَّسَّابةِ .
ومن المَجَاز : هو مُحِبٌّ له *!بلَبَالِبِ قَلْبِهِ .
واللُّبُّ ، بالضَّمّ في لغة الأَنْدَلُسِ والعُدْوَةِ : سَبُعٌ مَعْرُوف عندهم ، شَبِيهٌ بالذِّئب . قال أَبو حَيّانَ في شَرح التَّسْهِيل : وليس يكون في غيرها من البِلاد .
وأَبو*! لُبَابَةَ : بِشْرُ بْنُ عبدِ المُنْذِرِ الأَنْصَارِيُّ ، من النُّقَباءِ ، وأَبو لبيبَةَ الأَشْهَليُّ : صَحَابِيّانِ .
*!ولُبَابَةُ بنتُ عبدِ اللَّهِ بْنِ عَبّاسِ بْنِ عبدِ المُطَّلِب : هي أُمُّ نَفيسة بنتِ زيدِ بْنِ الحَسَن بْنِ عليّ .
لتب : ( اللَّتْبُ ، واللُّتُوب : اللُّزُوم ، واللُّصُوق ) ، نقله الجَوْهَرِيُّ عن الأَصمعيّ .
____________________

(4/197)



( والثَّبَاتُ ) ، تقولُ منه : لَتَبَ ، يَلْتُبُ ، لَتْباً ؛ فهو لاتِبٌ ؛ وأَنشد أَبو الجَرّاحِ :
فإِنْ يَكُ هاذا من نَبِيذٍ شَرِبْتُهُ
فإِنِّيَ من شُرْبِ النَّبِيذِ لَتائبُ
صُداعٌ وتَوْصِيمُ العِظَامِ وفَتْرَةٌ
وغَمٌّ مَع الإِشراقِ في الجَوْفِ لاتِبُ
وقال الفَرّاءُ فِي قوله تَعَالى : { مّن طِينٍ لاَّزِبٍ } ( الصافات : 11 ) ، قال : اللاّزِبُ واللاتِب واحد . قال : وقَيْسٌ تقولُ : طِينٌ لاتِبٌ ؛ واللاّتِبُ : اللازِقُ مثلُ اللاّزِب وهاذا الشَّيْءُ ضَرْبَةُ لاتِب ، كضَرْبَةِ لازِبٍ .
( و ) اللَّتْبُ : ( الطَّعْنُ ) . وقد سَقَط هاذا من بعض النُّسَخ ، وثَبَت في غيرِه ، يُقال : لَتَبَ في سَبَلَةِ النّاقةِ ومَنْحَرِها : إِذا طَعَنَها ، وكذالك اللَّتْمُ ، يقال : خِذِ الشَّفْرَةَ فَالْتُبْ بها في لَبَّةِ الجَزُور ، والْتُمْ بها ، بمعنًى واحِدٍ ، أَي : اطْعَنْ بها . رواه أَبو تُرَابٍ عن ابنِ شُمَيْلٍ .
( و ) اللَّتْبُ ، واللُّتُوبُ : ( الشَّدُّ ) ، يقالُ : لَتَبَ عليه ثِيابَهُ ، ورَتَبَها : إِذا شَدَّهَا عليه .
( و ) قال الليث : اللَّتْبُ : ( لُبْسُ الثَّوْبِ ) ، يقال : لَتَبَ عليه ثَوْبَهُ : إِذا لَبِسَهُ ، كأَنّه لا يُرِيدُ أَنْ يَخْلَعَهُ ، ( كالالْتِتاب ) .
( و ) اللَّتْبُ : ( شَدُّ الجُلِّ على الفَرَسِ ، كالتَّلْتِيبِ ) شُدّد للمُبَالَغَة . قال مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ :
فَلَهُ ضَرِيبُ الشَّوْلِ إِلاّ سُؤْرَهُ
والجُلُّ فَهْوَ مُلَتَّبٌ لا يُخْلَعُ
يَعني فَرَسَهُ .
( وأَلْتَبَهُ ) ، أَي : الأَمْرَ ( عَلَيْهِ ) إِلْتاباً : ( أَوْجَبَهُ ) ، فهو مُلْتِبٌ .
( و ) المِلْتَبُ ، ( كَمِنْبَر : اللاّزِمُ بَيْتِه فِراراً من الفِتَنِ ) .
( و ) قال اللَّيْث : ( المَلاتِبُ الجِبابُ ) ، و ( الخُلْقانُ ) من الثِّيابِ .
____________________

(4/198)



( وبَنُو لُتْب ، بالضَّمِّ : حَيٌّ ) من الأَزْدِ ، ( منهم : عبدُ اللَّهِ بْنُ اللُّتْبِيَّةِ ) الصَّحابيُّ ، وهي أُمُّهُ ، ومنهم من يفتح اللاَّمَ والمُثَنَّاة ، وفي بعض الرِواياتِ : الأَلْتَبِيّة ، بالهمزة ، وفي بعضٍ بضَمَ ففَتْحٍ ، كَهُمَزِيَّةٍ ، له ذِكْر في رُسُلِه ، صلى الله عليه وسلم قاله شيخُنَا . قلتُ : وقرأْتُ في مُعْجَمِ الحافظِ تقيّ الدِّينِ ، ما نَصُّهُ : عبدُ اللَّهِ بْنُ اللُّتْبِيّةِ الأَزديُّ الّذِي استعملهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم على الصَّدَقَة .
لجب : ( اللَّجَبُ ، مُحَرَّكَةً ) : الغَلَبَةُ مع اختِلاط ، وكأَنَّه مقلُوبُ ( الجَلَبَةِ ، والصِّيَاح ) : الصَّوْت ، ( واضْطِرَابُ مَوْجِ البَحْرِ ) . و ( الفِعْلُ ) منه : لَجِبَ ، بالكَسْر ، ( كَفَرِحَ ) . واللَّجَبُ ارتفاعُ الأَصواتِ واختِلاطُهَا ؛ قال زُهَيْرٌ :
عَزِيزٌ إِذا حلَّ الحَليفَانِ حَوْلَهُ
بِذِي لَجَب لَجّاتُه وصَوَاهِلُهْ
وهاذه المادّةُ ، كَيْفَمَا كانت حُرُوفُهَا ، لَهَا دِلالةٌ على الصِّيَاح والاضطِرَابِ ، وهو مختارُ ابْنِ جِنِّي وشَيْخِهِ أَبي عليَ ، ووافقهما الزَّمَخْشَرِيُّ في أَمثاله . كذا قاله أَهلُ الاشتِقاق .
( و ) اللَّجَبُ : صَوْتُ العَسْكَرِ ، وصَهِيلُ الخَيْلِ .
و ( جَيْشٌ لَجِبٌ ) : عَرَمْرَمٌ ، و ( ذُو لَجَبٍ ) وكَثْرَةٍ . وكذا رَعْدٌ لَجِبٌ ، وسَحَابٌ لَجِبٌ بالرَّعْدِ ، وغَيْثٌ لَجِبٌ بالرَّعْدِ ، وكلُّه على النَّسَبِ ، وبَحْرُ ذُو لَجَب : إِذا سُمِعَ اضطرابُ أَمْوَاجِهِ . ولَجَبُ الأَمْوَاجِ كذالِك .
( واللّجْبَة ، مُثَلَّثَةَ الأَولِ ، واللَّجَبَةُ مُحَرَّكَةً ، واللَّجِبَة ، بكسر الجيم ، واللِّجَبَةُ كعِنَبَة ) ، الأَخيرتانِ عن ثعلب : ( الشّاةُ قَلَّ لَبَنُها ) ، وهي مُوَلِّيةُ اللَّبنِ . وعن ابْنِ السِّكِّيت : اللَّجَبَةُ : النَّعْجَةُ الّتي قَلّ لَبَنُهَا . قال : ولا يقَالُ للعَنْزِ لَجْبَةٌ . وفي حديث الزَّكَاةِ : ( فقُلْتُ : فَفِيمَ حَقُّكَ ؟ قال : في الثَّنِيَّةِ والجَذَعَةِ ) . اللَّجْبَةُ ، بفتح اللاّم وسُكون الجيم : الّتي أَتى عليها من الغَنَم بَعْدَ نِتاجِها
____________________

(4/199)


أَربعةُ أَشْهُرٍ ، فجَفَّ لَبَنُهَا . وقيل : هي من العَنْزِ خاصَّةً ، وقيلَ في الضَّأْنِ خاصّةً . ( و ) قولُ عَمْرٍ و ذِي الكَلْب :
فاجْتالَ مِنها لَجْبةً ذاتَ هَزَمْ
حاشِكَةَ الدِّرَّةِ وَرْهاءَ الرَّخَمْ
يَجُوزُ أَن تكونَ هاذه الشّاةُ لَجْبَةً في وقتٍ ، ثمّ تكون حاشِكَةَ الدِّرَّةِ في وقتٍ آخَرَ . أَو ( الغَزِيرَةُ ) ، فهو ( ضِدّ ، أَو خاصٌّ بالمِعْزَى ) ، كما يدُلُّ له قولُ مُهلْهِل الآتي ذِكْرُه ( ج : لِجابٌ ) بالكسر في التَّكسير . قال مُهَلْهِلُ بْنُ رَبِيعَةَ :
عَجِبَتْ أَبناؤُنَا مِنْ فِعْلِنا
إِذْ نَبِيعُ الخَيْلَ بالمعْزى اللِّجابْ
وجَمعُ لَجْبَة ، لَجْبَاتٌ ، بالسُّكُون فيهما على القِياس . ( و ) جمعُ لَجَبَة ( لَجَبات ) بالتَّحريك فيهما على القياس . وجمع لَجْبَةٍ لَجَبَابٌ بالتحريك وهو شاذّ ، لأَنّ حقَّه التّسكينُ ، إِلاّ أَنه كان الأَصل عندَهم أَنّه اسمٌ وُصِفَ به ، كما قالوا : امرأَةٌ كَلْبَةٌ ، فجُمِعَ على الأَصل . وقال بعضُهم : لَجْبَةٌ ، بالسُّكون ؛ ولَجَبات ، بالتّحريك نادِرٌ لاِءَنّ القياسَ المُطَّرِد في جمع فَعْلَة إِذا كانت صِفَةً ، تسكينُ العينِ . قال سِيبَوَيْهِ : وقالُوا شِياهٌ لَجَبَاتٌ ، فحرَّكُوا الأَوْسَطَ ، لاِءَنَّ من العرب من يقولُ : شاةٌ لَجَبَةٌ ، فإِنّمَا جاؤُوا بالجمع على هاذا . ومثله قال ابْنُ مالِكٍ في شرح التَّسهيل : وأَجاز المُبَرِّدُ سُكون الجيم في لَجَبَات .
وعن الأَصمَعِيّ : إِذا أَتَى على الشّاة بعدَ نِتاجِها أَربعةُ أَشهرٍ ، فجَفّ لَبَنُهَا وقَلَّ ، فهي لِجَابٌ .
( وقد لَجُبَت كَكَرُمَ ) لُجُوبَةً ، ( و ) يجوز ( لَجَّبَت تَلْجِيباً ) . وفي حديثِ شُرَيْح : ( أَنَّ رَجُلاً قال له : ابْتَعْتُ من هذا شاةً ، فلم أَجِدْ لها لَبَناً ، فقال له شُرَيْحٌ : لَعَلَّها لَجَّبَتْ ) أَي : صارت لَجْبَةً .
( والْملْجابُ : سَهْمٌ ريشَ ولَمْ
____________________

(4/200)


يُنْصَلْ ) بَعْدُ ، والجمع المَلاجِيبُ . نقله ابنُ دُرَيْدٍ ، قال :
ماذَا تَقُولُ لاِءَقْوَامٍ أُولِي جُرُمٍ
سُودِ الوُجُوهِ كَأَمْثَالِ المَلاجِيبِ
قال ابْنُ سِيدَهْ : ومِنْجَابٌ أَكْثَرُ ، قال : وأُرَى اللاَّمَ بدلاً من النُّون .
وفي الحَدِيث : ( فَيَبْدُو لهم أَمْثَالُ اللَّجَبِ ، منَ الذَّهَب ) جمع لَجَبة ، أَو اللِّجَبِ ، كقَصْعَةٍ وقِصَعٍ ، نقلَه ابْن الأَثِيرِ عن الحَرْبيّ . وقد وَهِمَ فيه بَعْضُهم .
وفي حديثِ مُوسَى ، عليه السَّلام ، والحَجَر : ( فلَجَبَهُ ثَلاثَ لَجَبَاتٍ ) ، قال ابْنُ الأَثِيرِ : قال أَبو مُوسَى : كذا في مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحمد ، قال : ولا أَعْرِفُ وَجْهَهُ ، إِلاّ أَنْ يكون بالحاءِ والتّاءِ .
وفي حديثِ الدَّجّال : ( فأَخَذ بِلَجَبَتَيِ البابِ ، فقال : مَهْيَمْ ) قال أَبو مُوسَى : هاكذا رُوِيَ ، والصَّوابُ بالفاءِ . وقال ابْنُ الأَثِيرِ في ترجمة لَجَف : ويُرْوَى بالباءِ ، وهو وَهَمٌ .
لحب : ( اللَّحْبُ : الطَّرِيقُ الوَاضِحُ ، كاللاَّحِبِ ) . وهو فاعلٌ بمعنى مفعول ، أَي : مَلحوبٌ ، ( والمُلَحَّبِ كمُعَظَّم ) معطوفٌ على اللاّحِب . أَنشد ثعْلب :
وقُلُصٍ مُقْوَرَّةِ الأَلْياطِ
باتَتْ على مُلَحَّبٍ أَطَّاطِ
وعن اللّيث : طريقٌ لاحِب ، ولَحْبٌ ، ومَلحُوبٌ : إِذا كان واضِحاً . وإِنّما
____________________

(4/201)


سُمِّيَ الطَّرِيق الوِطاءُ لاحباً ، لأَنّه كَأَنّه لُحِبَ ، أَي قُشرَ عن وَجْهه التُّرَابُ ، فهو ذُو لَحْبٍ . وفي حديثِ أَبي زِمْل الجُهَنِيِّ : ( رأَيتُ النّاسَ على طرِيقٍ رَحْبٍ لاحِبٍ ) اللاحِب : الطّرِيقُ الواسِعُ المُنقَادُ الذِي لا يَنقطع .
( ولَحَبَ ) مَحجَّةَ الطرِيقِ ( كمَنَع ) ، يَلْحَبُه ، لَحْباً ، إِذا ( وَطِئَه وسلَكَه ، كالْتَحَبهُ ) .
قال اللَّيْث : وسَمِعتُ العربَ تقولُ : الْتَحَب فُلانٌ محَجَّةَ الطَّرِيق ، ولَحَبَها ، والْتَحَمَها : إِذا رَكِبَها ، ومنه قولُ ذي الرُّمّة :
فانْصاعَ جانِبُهُ الوحْشِيُّ وانْكَدَرَتْ
يَلْحَبْنَ لا يَأْتَلِي المطْلُوبُ والطَّلَبُ
أَي : يَرْكَبْنَ اللاحِبَ .
( و ) لحَبهُ ( بالسَّيْفِ : ضَرَبَه ) به ، أَو جَرَحَهُ ، عن ثعلب .
( و ) لَحَبَ ( الشَّيْءَ : أَثَّر فيه ) ، قال مَعْقِلُ بْنُ خُوَيْلِد يَصف سَيْلاً :
لَهُمْ عَدْوَةٌ كانْقِصَافِ الأَتِيّ
مُدَّ بِهِ الكَدِرُ اللاَّحِبُ
( كَلَحَّبَ ) تَلْحِيباً ( فِيهما ) .
ولَحَبَهُ بالسِّياط : ضَرَبَهُ ، فَأَثَّرَتْ فيه .
( و ) لَحَبَ ( اللَّحْمَ ) يَلْحَبُهُ لَحْباً : ( قَطَّعَهُ طُولاً ) ، والمُلَحَّبُ ، كمُعَظَّم : المُقَطَّع .
( و ) لَحَبَ ( مَتَنُ الفَرَسِ ) وعَجُزُه : إِذا ( امْلاَسَّ في حُدُورٍ ) . ومَتْنٌ مَلْحُوبٌ ، قال الشّاعرُ :
فالعَيْنُ قادِحَةٌ والرِّجْلُ ضارِحةٌ
والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ والمَتْنُ مَلْحُوبُ
( و ) لَحَبَ ( اللَّحْمَ عن العَظْمِ ) ، يَلْحَبُه ، لَحْباً : ( قَشَرَهُ ) ، وقيل : كلُّ شَيْءٍ قُشِرَ ، فقد لُحِبَ .
____________________

(4/202)



ولَحبَ الجَزّارُ ما على ظَهْرِ الجَزُورِ : أَخَذَه .
( و ) لَحَبَ ( الطَّرِيقُ ) يَلْحبُ ( لُحُوباً : وَضَحَ ) كَأَنَّهُ قَشَرَ الأَرْضَ .
( و ) لَحَبَ ( الطَّرِيقَ ) ، يَلْحَبُه ، ( لَحْباً : بَيَّنَهُ ) . ومنه قولُ أُمّ سَلَمَةَ لِعُثْمَانَ ، رحمه اللَّهُ : ( لا تُعَفِّ طرِيقاً كان رسولُ اللَّهِ ، صلى الله عليه وسلم لَحَبَها ) أَي : أَوْضَحَهَا ، ونَهَجَها .
( و ) لَحَبَ ( المَرْأَةَ ) ، يَلْحَبُها ، لَحْباً : ( جامَعَها ) ، نقله الصّاغانيّ .
( و ) لَحَبَ ( بِهِ الأَرْضَ : صَرَعَهُ ) .
( و ) لَحَب ( الرجُلُ ) ، يَلْحَبُ ، لَحْباً : ( مَرَّ ) في الأَرْضِ ، أَو مَرَّ مَرّاً ( مُسْتَقِيماً ) .
( أَو ) لَحَبَ ، يَلْحَبُ ، لَحْباً : إِذا ( أَسْرعَ في مِشْيِهِ ) .
( ولَحِبَ ، كفرِح : أَنْحَلَهُ الكِبَرُ ) والضَّعْفُ ، قال الشَّاعر :
عَجُوزٌ تُرَجِّي أَنْ تكونَ فَتِيَّةً
وقد لَحِبَ الجَنْبانِ واحْدَوْدَبَ الظَّهْرُ
وهو رَجُلٌ مَلْحُوبٌ : قليلُ اللَّحْمِ ، كأَنّه لُحِبَ . قال أَبو ذُؤَيْب :
أَدْرَكَ أَرْبابُ النَّعمْ
بكُلِّ مَلْحُوبٍ أَشَمّ
( والمِلْحَبُ ، كمِنْبَرٍ ) : اللِّسَانُ الفَصِيحُ ، كذا في التّهذيب .
والملْحَبُ أَيضاً : ( السَّبّابُ ) ، أَي : الكَثيرُ السَّبِّ ، ( البَذِيءُ اللِّسانِ ) . وقيلَ : هاذا من الْمَجَازِ .
والمِلْحَبُ : الحَديدُ القاطعُ ( و ) في الصَّحاح : هو ( كُلُّ ما يُقْطَعُ به ، ويُقْشَرُ ) ، قال الأَعْشَى :
وأَدْفَعُ عن أَعْراضِكُم وأُعِيرُكُمْ
لِسَاناً كمِقْرَاضِ الخَفَاجِيِّ مِلْحَبَا
( واللَّحِيبُ ) ، بغيرِ هاءٍ ، كأَنَّه فَعِيل بمعنى مَفْعُول ، أَي : لَحَبَها السَّيْرُ وقَشَرَها ، ثمّ تُنُوسِيَتْ فيها الوَصْفيّةُ عندَ قَومٍ ، وأُطلِقت من غير هاءٍ ،
____________________

(4/203)


ونقلَها الجَوْهَرِيُّ عن أَبي عُبَيْد ، وهي ( القَلِيلَةُ لَحْمِ الظَّهْرِ من النُّوقِ ) .
وطَرِيقٌ مَلْحُوبٌ : أَي واضحٌ .
( ومَلْحُوبٌ : ع ) ، قال الكَلْبِيُّ عن الشَّرْقيّ : سُمِّيَ مَلْحُوبٌ ومُلَيْحِيبٌ بِابْنَيْ تَرِيمَ بْنِ مَهْيَعِ بْنِ عَرْدَمِ بْنِ طَسْمٍ .
ومَلْحُوب : ماءٌ لِبَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ .
ومُلَيْحِيبٌ : عَلَمٌ على تَلَ .
وقال الحَفْصيُّ : مَلْحُوبٌ ، ومُلَيْحِيبٌ قَرْيَتَانِ لِبَنِي عَبدِ اللَّهِ بْنِ الدُّئِل بن حَنِيفَةَ باليَمَامَةِ ، قالَ عَبِيدٌ :
أَقْفَرَ مِن أَهْلِه مَلْحُوبُ
فَالقُطَبِيّاتُ فالذَّنُوبُ
وقال لَبيدُ بْنُ رَبِيعَةَ :
وصَاحِب مَلْحُوبٍ فُجِعْنَا بِيَوْمهِ
وعِنْدَ الرِّدَاعِ بَيْتُ آخَرَ كَوْثَرِ
وصاحِبُ مَلْحُوبٍ : عَوْفُ بْنُ الأَحْوَصِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلاَبٍ ، قال عامِرُ بْنُ عُمَرَ الخَصَفِيُّ :
قِطَارٌ وأَرْوَاحٌ فأَضْحَتْ كَأَنَّهَا
صَحَائِفُ يَتْلُوهَا بمَلْحُوبَ دابِرُ
كذا في المُعْجَم . قلت : وفي الرَّوْض للسُّهَيْلِيّ : صاحِبُ الرِّداع ، شُرَيْحُ بْنُ الأَحْوَصِ في قول ابْنِ هِشَامٍ ، وقيلَ : هو حبّان بن عُتْبَةَ بْنِ مالِكِ بْن جَعْفَرِ بْنِ كِلابٍ ، وسيأْتي في ردع .
لخب : ( لَخَبَ المَرْأَةَ ، كمَنَع ونَصَرَ ) ، يَلْخَبُها ، ويَلْخُبُهَا ، لَخْباً : أَهمله الجوهريُّ . وقال كُرَاع : أَي ( نَكَحَها ) قال جماعةٌ : إِنّها لُثْغَةٌ لبعضِ العرب . وقال ابْنُ سِيدَهْ : والمعروفُ عن يعقوب وغيرِه : نَخَبَها .
( و ) لَخَبَ ( فُلاناً : لَطَمَهُ ) ، عن ابْن الأَعْرَابيّ .
____________________

(4/204)



( واللَّخَبُ ، مُحَرَّكَةً : شَجَرُ المُقْلِ ) قال :
من أَفيح ثنة لَخَب عَميمِ
( و ) اللَّخَبَةُ ، ( بهاءٍ : ة بظاهرِ عَدَنِ أَبْيَنَ ) وضَواحِيهَا .
( و ) عن ابْنِ الأَعْرَابيّ : ( المُلَخَّبُ ، كمُعَظَّم : المُلَطَّمُ في الخُصُوماتِ ) .
والمُلاخِبُ : المُلاطِمُ . ( والمُلاخَبَةُ المُلاطَمَةُ ) .
واللِّخَابُ : اللِّطَامُ .
لذب : ( لَذَبَ ) ، بالذّال المُعْجَمَة كما في نسختنا ، ومثلُه في التّكملة ، ويوجدُ في بعض النسَخ بالدّال المُهْمَلَة ، وقد أَهمله الجَوْهَرِيُّ . وقال ابْن دُرَيْدٍ : لَذَبَ ( بالمَكَانِ ، لُذُوباً ) بالضَّمّ ، ( ولاذَبَ : أَقَامَ ) بِه . قال : ولا أَدري ما صحَّتُهُ .
لزب : ( اللُّزُوب : اللُّصُوقُ ) ، يُقَالُ : لَزَبَ الطِّينُ ، يَلْزُبُ ، لُزُوباً ؛ ولَزُبَ لَصِقَ وصلب وفي حديث عَلِيَ ، رَضِيَ الله عنه : ( ولاَطَهَا بالبَلَّةِ حَتَّى لَزَبَتْ ) أَي : لَصِقَتْ ، ولَزِمَتْ ، وطِينٌ لاَزِبٌ : أَي لازِقٌ .
( والثُّبُوتُ ) ، واللاَّزِبُ : الثّابِتُ . قال الفَرّاءُ : اللاَّزِبُ ، واللاّتِبُ ، واللاّصِقُ واحِدٌ .
( والقَحْطُ ) ، والسَّنَةُ الشَّدِيدةُ . ( و ) من المجَاز : ( صارَ ) الأَمْر ( ضَرْبَةَ لازِبٍ ، أَي : لازِماً ) ، شديداً ، ( ثابِتاً ) والعربُ تقولُ : ليس هاذا بضَرْبَةِ لازِبٍ ، ولازِمٍ ، يُبْدِلُونَ الباءَ مِيماً لِتَقَارُبِ المَخَارِجِ . قال أَبُو بكر : معنى قَوْلِهِم : ما هاذا بضَرْبةِ لازب ، أَي : ما هذا بِواجبٍ لازم ، أَي : ما هاذا بضَرْبَةِ سَيْفٍ لازِب ، وهو مَثَلٌ . وصار الشَّيْءُ ضَرْبَةَ لازِب ، أَي : لازِماً ، هاذِه اللُّغَةُ الجَيِّدةُ ، وقد قالُوهَا بالميم ، والأَوّلُ أَفصحُ . قال النّابغةُ :
ولا يَحْسَبُونَ الخَيْرَ لا شَرَّ بعْدَهُ
ولا يَحْسَبُونَ الشَّرَّ ضَرْبَةَ لازِبِ
____________________

(4/205)



ولازِمٌ : لُغَيَّةٌ : قال كُثَيِّرٌ ، فَأَبْدَل :
فما وَرَقُ الدُّنْيا بِباق لاِءَهْلِهِ
ولا شِدَّةُ البَلْوَى بِضَرْبَةِ لازِمِ
( واللَّزَبُ ) ، بالفتح : الضِّيقُ . وعَيْشٌ لَزِبٌ : ضَيِّقٌ .
و ( بالكسرِ : الطَّرِيقُ الضَيِّقُ ) .
( وككَتِفٍ : القَلِيلُ ) ، يقال : ماءٌ لَزِبٌ ، ( ج لِزابٌ ) .
( واللَّزْبَةُ : الشِّدَّةُ ، ج لِزَبٌ ) بكسر ففتحٍ ، حكاه ابْنُ جِنِّي . وسَنَةٌ لَرْبَةٌ شديدةٌ ، ويُقَال : أَصابَتْهُم لَزْبَةٌ : يَعْنِي شِدَّةَ السَّنَةِ ، وهي القَحْطُ . ( و ) يُجْمَعُ أَيضاً على ( لَزْبَات بالتَّسكينِ ) ، على أَنها صِفَة ، ولَزَبَاتٌ بالتحريك على أَنها اسمٌ ، قال رَبِيعَةُ بْنُ مَقرومٍ :
يُهِينُونَ في الحَقِّ أَمْوَالَهُمْ
إِذا اللَّزَبَاتُ انْتَحَيْنَ المُسِيمَا
( ولَزُبَ ) الشَّيْءُ ، ( ككَرُمَ ) ، يَلْزُبُ ، ( لَزْباً ، ولُزوباً : دَخَلَ بعْضُه في بَعْض ) .
( و ) لَزُبَ ( الطِّينُ : لَزِقَ وصَلُبَ ، كَلَزَبَ ) بالفتح .
( والمِلْزابُ : البَخِيلُ جِدّاً ) ، وهو الشَّدِيدُ البُخْلِ وأَنشدَ أَبو عَمْرٍ و :
لا يَفْرَحُونَ إِذا ما نَضْخَةٌ وَقَعَتْ
وهُمْ كِرَامٌ إِذا اشْتَدَّ المَلازِيبُ
( ولَزَبَتْه العَقْرَبُ ) ، لَزْباً : ( لَسَبَتْهُ ) ، وَزْناً ومعنًى ، عن كُرَاع .
( و ) رَجُلٌ ( عَزَبٌ لَزَبٌ إِتْبَاعٌ ) ، قال ابْنُ بُزُرْج : ومثله امرأَةٌ عَزَبَةٌ لَزَبَةٌ .
لسب : ( لَسَبتْهُ الحَيَّةُ وغيرُهَا ) مِثْلُ العَقْرَبِ والزُّنْبُور ( كَمَنَعَهُ وضَرَبَه ) ، تَلسَبُهُ ، وتَلْسِبُهُ ، لَسْباً : ( لَدَغَتْه ) ، وأَكثرُ ما يُسْتَعْمَلُ في العَقْرَبِ .
( و ) لَسَبَهُ أَسْوَاطاً ، ولَسَبَ ( فُلاناً بالسَّوْطِ : ضَرَبَه ) .
( و ) يُقال : ( لَسِبَ به ) مثلُ لَصِبَ ( كَفَرِحَ : لَصِقَ ) .
____________________

(4/206)



( و ) لَسِبَ ( العَسَلَ ونَحْوَهُ ) مثلَ السَّمْنِ ، من باب فرِح ، يَلْسَبُهُ ، لَسْباً : ( لَعِقَه ) . واللُّسْبَةُ مِنْهُ كاللُّعْقَةِ .
( وما تَرَكَ لَسُّوباً ، و ) لا ( كَسُّوباً كَتَنُّور ) : أَي ( شَيْئاً ) . وقد سبق في كسب أَيضاً .
قال ابْنُ سِيدَه : وقد يُسْتَعْملُ اللَّسْبُ في غيرِ العَقْرَبِ والحَيَّةِ . أَنشد ابْنُ الأَعْرَابيُّ :
بِتْنَا عُذُوباً وباتَ البَقُّ يَلْسِبُنَا
نَشْوِي القَرَاحَ كَأَنْ لا حَيَّ بالوَادِي
يَعني بالبَقِّ : البعُوضَ .
لشب : ( اللَّوْشَبُ ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وقالَ الصّاغانيُّ : هو ( الذِّئْبُ ) .
لصب : ( لَصِبَ الجِلْدُ باللَّحْمِ ، كفَرِح ) يَلصَبُ ، لَصَباً ، فهو لَصِبٌ : ( لَزِقَ ) بهِ ( هُزالاً ) .
( و ) لَصِبَ ( السَّيْفُ في الغِمْدِ ) لَصَباً : ( نَشِبَ ) فيه ، فلم يَخْرُجْ .
( و ) لَصِب ( الخاتَمُ في الإِصْبَعِ ) ، وهو ( ضدُّ قَلِقَ ) .
( واللِّصْبُح ، بالكَسْرِ ) ، قال الأَصْمَعِيُّ : هو ( الشِّعْبُ الصَّغِيرُ في الجَبَلِ ) .
وكُلُّ مَضيقٍ في الجَبَلِ ، فهو لِصْبٌ وقرأْتُ في أَشعارِ الهُذَلِيّينَ لاِءَبِي دُؤَيْبٍ :
فَشَرَّجَها من نُطْفَةٍ رَجَبِيَّةٍ
سُلاسِلَةٍ مِنْ ماءِ لِصْب سُلاسِلِ
قال السُّكَّرِيُّ : اللِّصْب : شَقٌّ في الجَبَلِ ، ( أَضْيقُ من اللِّهْبِ ، وأَوْسَعُ من الشِّعْبِ ) ، والجَمعُ كالجمعِ . ( أَو ) هو ( مَضِيقُ الوادي . ج لِصَابٌ ، ولُصُوبٌ ) .
____________________

(4/207)



( و ) اللَّصِبُ ، ( كَكَتِفٍ : ضَرْبٌ من السُّلْتِ ) عَسِرُ الاستِنْقاءِ ، يَنْداسُ ما يَنْدَاسُ ، ويَحْتَاج الباقِي إِلى المَنَاحِيز .
( و ) اللَّصِبُ أَيضاً : ( البَخِيلُ العَسِرُ الأَخْلاقِ ) ، ويُقَال : فُلانٌ لَحِزٌ لَصِبٌ : لا يَكَادُ يُعْطِي شَيْئاً .
( واللَّوَاصِبُ ) في شعر كُثَيِّرٍ :
لَوَاصِبُ قد أَصْبَحَتْ وانْطَوَتْ
وقد أَطْوَلَ الحَيُّ عنها لَبَاثَا
هي ( الآبارُ الضَّيِّقَةُ البَعِيدَة القَعْرِ ) هاذا قولُ الجوهريّ ، وقولُ أَبي عَمْرو ، إِنّه أَرادَ بها إِبِلاً قد لَصِبَتْ جُلُودُهَا ، أَي لَصِقَتْ من العَطَش . نقله الصّاغانيّ .
( و ) يُقَالُ : ( سَيْفٌ مِلْصَابٌ ) : إِذا كان ( يَنْشَبُ في الغِمْدِ كَثِيراً ) ، ولا يَكَادُ يَخْرُجُ منه .
( و ) الْتَصَبَ الشيءُ : ضاقَ ، قال أَبو دُوَادٍ :
عن أَبْهَرَيْنِ وعن قَلْبٍ يُوَفِّرُهُ
مَسْحُ الأَكُفِّ بِفَجَ غَيْرِ مُلْتَصِبِ
ومن ذالك قولُهم : ( طَرِيقٌ مُلْتَصِبٌ ) ، أَي : ( ضَيِّقٌ ) ، نقله الصّاغَانيّ .
لعب : ( لَعِبَ ، كسَمِع ، لَعْباً ) بفتح فسكون ، ( ولَعِباً ) ككَتِفٍ ، وهاذا هو الأَصْلُ ، ( ولِعْباً ) بكسر فسكون ، وبه صَدَّرَ الجَوْهَرِيُّ ، وعبارةُ المِصْباح لَعبَ ، يَلعَبُ ، لَعِباً بفتح اللاّم وكسر العين ، ويجوزُ تخفيفُه بكسر اللام وسكون العين . قال ابْنُ قُتَيْبَةَ : ولم يُسْمَعْ في التَّخفيف فتحُ اللاّم مع السّكون . قال شيخُنا : فهو مُسْتَدْرَكٌ على المُصَنِّف ، لأَنه ثابتٌ في أُصوله الصَّحيحة ، وقد سقط في بعضها ، على أَنَّه قد حكاه أَبو جعفر اللَّبْلِيُّ في شرح الفَصِيح عن مَكِّيَ ، وادَّعى أَنّ هاذا
____________________

(4/208)


مُطَّرِد في كُلِّ ثُلاثيَ مكسور الوَسَط حَلْقِيِّهِ ، اسماً كان أَو فِعلاً . وذكر مثلَهُ كَثِيرٌ من النَّحْوِيّين في نِعْمَ وبِئْسَ . ( وتَلْعَاباً ) بالفَتْح ، كما في الصَّحاح . ( ولَعَّبَ ) بالتّشديد ، ( وتَلَعَّبَ ) مَرَّةً بعدَ أُخْرَى ؛ قال امْرُؤُ القَيْسِ :
تَلَعَّبَ باعِثٌ بذِمَّة خالِدٍ
وأَوْدَى عِصَامٌ في الخُطُوبِ الأَوَائِلِ
( وتَلاَعَبَ ) ، كُلُّ ذلك ( ضِدُّ : جَدَّ ) .
وفي الحديثِ : ( لا يَأْخُذَنَّ أَحَدكمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لاعِباً جادّاً ) أَي : يأْخُذُه ولا يُرِيدُ سَرِقةً ، ولاكنْ يُرِيدُ إِدْخَالَ الهَمِّ والغَيْظِ عليه ، فهو لاعِبٌ في السَّرِقَةِ ، جادٌّ في الأَذِيَّةِ .
وفي حديث تَمِيمٍ والجَسَّاسَة : ( صادَفْنَا البَحْرَ حينَ اغْتَلَم ، فلَعِبَ بِنَا المَوْجُ شَهْراً ) سَمَّى اضطرابَ المَوْج لَعِباً ، لَمّا لَمْ يَسِرْ بهِم إِلى الوَجْه الّذِي أَرادُوه .
ويُقَال لكُلِّ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لا يُجْدِي عليه نَفْعاً : إِنَّمَا أَنْت لاعِبٌ .
والتَّلْعَاب : اللَّعِبُ ، صِيغةٌ تَدُلُّ على تكثِير المصدر ، كفَعَّل في الفعل ، على غالب الأَمر . قال سِيبَوَيْهِ : هاذا بابُ ما تُكَثِّر فيه المصدرَ من فَعَلْت ، فتُلحِقُ الزَّوَائِدَ ، وتَبْنِيه بِنَاءً آخَرَ ، كما أَنّك قُلْتَ في فَعَلْتُ : فَعَّلْت ، حينَ كَثَّرْتَ الفِعْلَ ؛ ثمّ ذَكَر المصادرَ الّتي جاءَت على التَّفْعَال ، كالتَّلْعَابِ وغيرِه .
( وهو ) لاعِبٌ ، و ( لَعِبٌ ) ككَتِفٍ : هاذِهِ الأَلْفاظ استعملُوهَا مصدراً ، وصِفَةً دالَّةً على الفاعِل كما هو ظاهرٌ من كلامه ، ( ولِعِبٌ ) بكسرتين على ما يطَّرِدُ في هاذا النَّحْو ، ( وأُلْعُبَانٌ ) كعُنْفوَانٍ ، مَثَّل به سِيبَوَيْهِ ، وفسَّرَهُ السِّيرَافيُّ ، ( ولُعْبَةٌ ) بضم فَسكون ، ( و ) لُعَبَةٌ ( كهُمَزَةٍ ) ؛ وفرَّقَ بينهما الصاغانيُّ فقال : لُعَبَةٌ ، كهُمَزةٍ : كثيرُ اللَّعِبِ ، ولُعْبَةٌ ، بالضَّم : يُلْعَبُ به ، وهاذا قد يأْتي قريباً . ( وتِلْعِيبَة ) بالكسر ، وهاذِه عن الفراءِ
____________________

(4/209)


( وتلْعَابٌ ، وتلْعَابَةُ ) ، يُكْسَرانِ ( ويُفْتَحَانِ ، وتِلِعَّابٌ ، وتِلِعّابَةٌ ) بالكسر وتشديد العين فيهما ، وهو من المُثُل الّتي لم يَذكُرْها سِيبَوَيْهِ ، ومثلُهُ في أَمالي أَبي بكرِ بنِ السَّرّاج . قال ابْنُ جِنِّي : أَمَّا تِلِعَّابَةٌ ، فإِن سِيبَوَيْهِ ، وإِن لم يذكُرْه في الصِّفات ، فقد ذَكرَه في المصادر . نحو تَحَمَّلَ تِحِمَّالاً . ولو أَردْتَ المَرَّةَ الواحدةَ من هذا ، لَوَجَبَ أَن يكون تِحِمَّالَةً . فإِذا ذَكَرَ تِفِعّالاً ، فكأَنَّهُ قد ذكره بالهاءِ ، وذالِك لاِءَنّ الهاءَ في تقدير الانفصال على غالبِ الأَمرِ ، وكذالك القولُ في تِلِقّامَةٍ ، وسيأْتِي ذِكره . وفي اللِّسان : وليس لقائل أَنْ يَدَّعِيَ أَنّ تِلِعّابة وتِلِقّامَة في الأَصل المَرَّةُ الواحدةُ ، ثم وُصِف به ، كما قد يُقَال ذالك في المصدر ، نحو قوله تعالى : { إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً } ( الملك : 30 ) ، أَي : غائِراً ؛ ونحو قولِها :
فإِنَّمَا هِيَ إِقْبَالٌ وإِدْبَارُ
ثمّ قال : فَعَلَى هاذا ، لا يجوزُ أَن يكونَ قولُهم : رَجُلٌ تِلِعّابةٌ وتِلِقَّامَة ، على حَدِّ قولِك : هاذا رَجُلٌ صَوْمٌ ، لاكِنَّ الهاءَ في عَلاّمَةٍ ونَسّابَةٍ للمُبَالغة ، وقولُ النّابغة الجَعْدِيّ :
تَجَنَّبْتُها إِنِّي امْرُؤٌ في شَبِيبَتِي
وتِلْعَابَتِي عن رِيبَةِ الجار أَجْنَبُ
فإِنّه وَضَعَ الاسمَ الّذِي جَرَى صِفَةً مَوضعَ المصدرِ .
وفي الصَّحاح : رَجُلٌ تِلْعَابَةٌ ، وفي نسخةِ التَّهذيب مضبوطٌ بالتّشديد والكَسْر : إِذا كان يَتلَعَّبُ ، وكان ( كَثِير اللَّعِبِ ) . وضُبِط في الصَّحاح ، اللِّعْبُ هاذا ، بالكسْر والسّكون . وفي حديث عَلِيّ : ( زَعَمَ ابْنُ النّابِغَةِ أَنّي تِلْعَابَةٌ ) ، وفي حديثٍ آخَرَ : ( إِنَّ عَلِيّاً كان تِلْعابَةً ) ، أَي : كثيرَ المَزْحِ والمُدَاعَبَةِ ، والتّاءُ زائدة .
( و ) يُقَالُ : ( بَيْنَهُمْ أُلْعُوبَةٌ ) ، بالضَّمِّ : ( أَي : لَعِبٌ ) .
( والمَلْعَبُ : مَوْضِعُهُ ) ، أَي : اللَّعِبِ .
____________________

(4/210)


ومَلاعِبُ الصِّبْيَانِ والجَوَارِي في الدَّيار من ديارات العرب حَيْثُ يَلْعَبُونَ .
( ولاَعَبَها ) مُلاَعَبَةً ، ولِعَاباً ، أَي : ( لَعِبَ مَعَهَا ) ، ومنه حديثُ جابِرٍ : ( ما لَكَ ولِلْعَذَارَى ولِعَابَها ) اللِّعابُ ، بالكسر : مثلُ اللَّعِبِ .
( وأَلْعَبَها : جَعَلَهَا تَلْعَبُ ، أَو ) أَلْعَبَهَا : ( جاءَ ) ها ( بِمَا تَلْعَبُ بِهِ ) . وقولُ عَبِيدِ بْنِ الأَبْرَصِ :
قَدْ بِتُّ أُلْعِبُهَا وَهْناً وتُلْعِبُنِي
ثُمَّ انْصَرَفْتُ وَهِي مِنِّي على بالِ
يحتملُ أَنْ يكونَ على الوَجْهَيْنِ جميعاً .
( واللَّعُوبُ ) ، كصَبُورٍ : الجاريةُ ( الحَسَنَةُ الدَّلِّ ) . والّذِي في المُحْكَم والصَّحاح : جارِيَةٌ لَعُوبٌ : حَسَنَةُ الدَّلِّ ، والجمع لَعَائِبُ . ( و ) لَعُوبٍ ، ( بلا لامٍ : من أَسمائِهِنَّ ) . قال الأَزْهَرِيُّ : سُمِّيَتْ لَعُوباً لِكَثْرَةِ لَعِبِهَا . ويجوزُ أَن تُسَمَّى لَعُوباً لأَنّهُ يُلْعَبُ بها .
( والمُلْعِبَةُ ، كمُحْسِنَةٍ ) وفي نسخة : المِلْعَبَةُ ، بالكَسْر : ( ثَوْبٌ بِلا كُمَ ) ، وفي نسخةٍ : لاَ كُمَّ له ( يَلْعَبُ فيه الصَّبِيُّ ) ، ومثلُهُ في لسان العرب .
( واللُّعْبَة ، بالضَّمّ : التِّمْثالُ ) زاده على الجَوْهَرِيّ .
( و ) اللُّعْبَةُ : جِرْمُ ( ما يُلْعَبُ بِهِ ، كالشِّطْرَنْجِ ونَحْوِهِ ) كالنَّرْدِ ، كما في الصَّحاح . وحكى اللِّحْيَانِيُّ : ما رأَيتُ لك لُعْبَةً أَحسنَ من هاذه ، ولم يَزِدْ على ذالك . وقال ابْنُ السِّكِّيت : تقولُ لِمَنِ اللُّعْبَةُ ؟ فتضُمُّ أَوَّلَهَا ، لاِءَنَّهَا اسْمٌ . والشِّطْرَنْجُ لُعْبَةٌ ، والنَّرْدُ لُعْبَةٌ . وكُلُّ مَلعوبٍ به ، فهو لُعْبَةٌ ، لاِءَنّه اسْ . وتقولُ : اقْعُدْ حتّى أَفْرُغَ من هاذه اللُّعْبَةِ ، وقال ثعلب : مِنْ هاذِه اللَّعْبَة ، بالفَتْح ، أَجوَدُ ؛ لأَنّه أَراد المَرَّةَ الوَاحِدَةَ من اللَّعِبِ ، كذا في الصَّحاح .
( و ) اللُّعْبَةُ : ( الأَحْمَقُ ) الّذي ( يُسْخَرُ بِهِ ) ويُلْعَبُ ، ويَطَّرِدُ عليه بابُ فُعْلَةٍ .
____________________

(4/211)



( و ) اللُّعْبَةُ : ( نَوْبَةُ اللَّعِبِ ) . وقال الفَرَّاءُ : لَعِبْتُ لُعْبَةً واحِدَةً .
واللِّعْبَةُ ، بالكَسْر : نَوْعٌ من اللَّعِبِ ، مثلُ الرِكْبَةِ والجِلْسَةِ ، تقولُ : فُلاَنٌ حَسَنُ اللِّعْبَةِ . كما تقولُ : حَسَنُ الجِلْسَةِ ، كذا في الصَّحاحِ .
ومن المَجَاز : لَعِبَتِ الرِّيحُ بالمَنْزِلِ : دَرَسَتْهُ . وتلاعَبتْ .
( ومَلاَعِبُ الرِّيحِ : مَدارِجُهَا ) .
وَتَرَكْتُهُ في مَلاعِبِ الجِنِّ : أَي حَيْثُ لا يُدْرَى أَيْنَ هُوَ .
( ومُلاعِبُ ظِلِّهِ ، بالضَّمِّ : طائرٌ ) بالبادِيَة ، وربَّما قيل : خاطِفُ ظِلِّهِ ، يُثَنّى فيه المُضَافُ والمُضَافُ إِليه ، ويُجْمَعانِ ، فيُقَالُ للاثْنَيْنِ : مُلاَعِبَا ظِلِّهِمَا ، وللثّلاثة : مُلاعِباتُ أَظْلالِهِنَّ ، وتقول : رأَيتُ مُلاعِبَاتٍ أَظْلالٍ لَهُنَّ ولا تقول : أَظْلالِهِنَّ ، لأَنَّهُ يصيرُ معرِفةٌ .
( و ) كان يُقَالُ لاِءَبِي بَراءٍ ( مُلاعِبُ الأَسِنَّةِ ) . وهو ( عامِرُ بْنُ مالِكِ ) بْنِ جعفَرِ بْنِ كِلابٍ ، سمِّيَ بذالك يوم السُّوبَانِ ، وجعله لَبِيدٌ مُلاعِبَ الرِّمَاحِ لحاجتِهِ إِلى القافيةِ ، فقال :
لَوْ أَنَّ حَيَّاً مُدْرِكَ الفَلاَحِ
أَدْرَكَهُ مُلاعِبُ الرِّمَاحِ
( و ) في حاشية الصَّحاح : ذكرَ الآمِدِيُّ ، في كتاب المُؤْتَلِف والمُخْتَلِفِ في أَسماءِ الشُّعَرَاءِ : أَنّ مُلاعِبَ الأَسِنّةِ لَقَبُ ثلاثةٍ من الشُّعَرَاءِ : أَحدُهم هاذا المذكُور والثّانِي ( عبْدُ اللَّهِ بْنُ الحُصَيْنِ ) بْنِ يَزِيدَ ( الحَارِثِيُّ . و ) الثّالثُ ( أَوْسُ بْنُ مالِكٍ الجَرْمِيُّ ) ، وهو القائلُ :
إِذا نَطَقَتْ في بَطْنِ وادٍ حَمَامَةٌ
دعَتْ ساقَ حُرَ فابْكِيَا فارِس الوَرْد
وقُولاَ فَتَى الفِتْيَانِ أَوْس بن مالِكٍ
مُلاعب أَطرافِ الأَسِنَّةِ والورْدِ
( واللَّعّابُ ، ككَتَّانٍ ) : الّذِي حِرْفَتُهُ اللَّعِبُ .
____________________

(4/212)



و ( فَرسٌ م ) ، أَي : معروفٌ من خيلِ العربِ ، قال الهُذَليُّ :
وطابَ عن اللَّعّابِ نَفْساً ورَبِّهِ
وغَادَرَ قَيْساً في المَكَرِّ وعَفْزَرَا
( و ) اللُّعَابُ ، ( كالغُرابِ : ما سالَ من الفَمِ ) ، يقال : ( لَعَب يَلْعَبُ ) ولَعِبَ يَلْعَبُ ( كَمَنَعَ وسَمِعَ ) ، الثّانية عن ابْنِ دُرَيْدٍ : إِذا ( سالَ لُعَابُهُ ، كَأَلْعَبَ ) إِلْعاباً . والأُولَى أَعلَى . وخَصَّ الجَوْهَرِيُّ به الصَّبِيَّ ، فقالَ : لَعَبَ الصَّبِيُّ ، قال لَبِيدُ :
لَعَبْتُ على أَكْتَافِهِم وحُجُورِهِمْ
وَلِيداً وسَمَّوْني مُفِيداً وعاصمَا
وكذا في الصَّحاح . وقال الصّاغانيّ : رُوِيَ قولُ لَبِيدٍ بالوَجْهَيْنِ . ورَواهُ ثعلبٌ : ( وصُدُورهِمْ ) بدل : ( حُجُورِهِم ) وهو أَحْسَنُ ، وفيه : أَلْعَبَ الصَّبِيُّ : إِذا صارَ لَهُ لُعَابٌ يَسِيلُ مِنْ فِيهِ .
( و ) من المجاز : شَرِبَ ( لُعَابَ النَّحْلِ ) ، وهو ( عَسَلُهُ ) . وفي لسان العرب : ما يُعَسِّلُهُ ، وهو العَسَلُ .
( و ) من المجاز : سالَ ( لُعَابُ الشَّمْسِ : شَيْءٌ ) تراهُ ( كَأَنَّهُ يَنْحَدِرُ مِنَ السَّمَاءِ إِذا ) حَميَتْ و ( قامَ قائِمُ الظَّهِيرَةِ ) ، قال جَرِيرٌ :
أُنِخْنَ لِتَهْجِيرٍ وقَدْ وَقَدَ الحَصَى
وذَابَ لُعَابُ الشَّمْسِ فَوْقَ الجَماجِم
وقال الأَزْهَرِيُّ : لُعَابُ الشَّمْسِ هو الذي يقالُ له مُخَاطُ الشَّيْطَانِ ، وهو السَّهَامُ ، بفتح السين ، ويُقَالُ له : رِيقُ الشَّمْسِ ، وهو شبيهُ الخَيْطِ ، تراهُ في الهَوَاء إِذا اشتدَّ الحَرُّ ، ورَكَدَ الهواءُ . ومن قال : إِنّ لُعابَ الشَّمْسِ السَّرَاب ، فقد أَبْطَلَ ؛ إِنّما السَّرابُ الّذِي يُرَى كأَنَّهُ ماءٌ جارٍ نِصْفَ النَّهَارِ ، وإِنّما يَعْرِفُ هاذِهِ الأَشْياَ مَن لَزِمَ الصَّحَارِيَ والفَلَواتِ ، وسار في الهَوَاجِرِ ، وقِيلَ : لُعَابُ الشَّمْسِ : ما تراهُ في شِدَّةِ الحَرِّ
____________________

(4/213)


مثلَ نَسْجِ العَنكبوت ، ويقال : هو السَّرابُ . كذا في الصَّحاح .
( واللَّعْبَاءُ ) ، ممدود : ( مَوْضِعٌ كَثِيرُ الحِجَارَةِ بِحزْمِ بَنِي عُوَالٍ ) ، قاله ابْنُ سِيدَهْ ، وأَنشد الفارِسيّ :
تَروَّحْنَا من اللَّعْباءِ قَصْراً
وأَعْجَلْنا إِلاَهَةَ أَنْ تَؤُوبَا
ويُرْوَى : ( الإِلاَهَةَ ) ، وقال : إِلاهَةُ اسْمٌ للشَّمْس .
( و ) اللَّعْباءُ : ( سَبْخَةٌ م ) أَي معروفة ( بالبَحْرَيْنِ ) بحِذاءِ القَطِيفِ وسِيفِ البحْرِ ، ( مِنْهَا الكِلابُ اللَّعْبَانِيَّةُ ) نسبة إِلى اللَّعْباءِ ، على غير قياس ، كما قاله الصّاغانيُّ .
( و ) اللَّعْباءُ أَيضاً : ( أَرْضٌ باليَمَنِ ) .
( والاسْتِلْعابُ في النَّخْل : أَنْ يَنْبُتَ فيه شَيْءٌ من البُسْرِ بَعْدَ الصِّرامِ ) ، بالكَسر . قال أَبو سعيد : اسْتَلْعَبَتِ النَّخْلَةُ : إِذا أَطْلَعَت طَلْعاً ، وفيها بَقيَّة من حَمْلِهَا الأَوَّلِ . قال الطِّرِمّاحُ يَصِفُ نَخْلَةً :
أَلْحَقَتْ ما اسْتَلْعَبَت بالذِي
قد أَنَى إِذْ حانَ وَقْتُ الصِّرَامْ
( و ) لَعَبَ الصَّبِيُّ ، وأَلْعَبَ . و ( ثَغْرٌ ملْعُوبٌ ) ، أَي : ( ذُو لُعَابٍ ) يَسِيلُ .
( واللُّعْبة البَرْبَرِيَّةُ ) ، بالضمّ : ( دواءٌ كالسُّورِنْجانِ ) يُجْلَبُ من نواحِي إِفْرِيقِية يُغَشُّ به السُّورِنْجانُ ، ( مَسْمَنَةٌ ) بالفَتْح . ذكرَها ابنُ البَيطار ، والحكيمُ داوود ، وغيرُهما من الأَطبّاءِ .
( ورَجُلٌ لُعْبةٌ ، بالضَّمّ ) أَي : أَحْمَقُ ( يُلْعَبُ بِهِ ) ويُسْخَر ، ولا يَخْفَى أَنّه قد تقدَّم بعَينه ، فذِكرُه كالتَّكْرار . وفي الأَساس : تقول : فُلاَنٌ لعُوبٌ ولَعَّابٌ ، وهاذِه أُلْعُوبَةٌ حَسَنَةٌ .
____________________

(4/214)



وفي غيرِه : لُعَابُ الحيَّةِ والجَرادِ : سُمُّهُما .
ومن المَجازِ : لَعِبَتْ به : تَلَعَّبتْ .
لغب : ( لَغَبَ لَغْباً ) بفتح فسكون ، ( ولَغُوباً ) كصَبُورٍ ، ( ولُغُوباً ) بالضَّمّ ، هاكذا في نسختنا . واعتمد المُصَنِّفُ على ضَبْط القَلَم ، ولو ذَكَرَها بعدَ أَوزَانِ الفِعْل ، لكانتِ الإِحالَة على قواعِدِ الصّرف في مصادِر الفعل ، وردّ كُلّ ضَبْطٍ إِلى ما يقتضيه قِياسُه كما فعله الجَوْهَرِيُّ حيثُ قالَ : لَغَبَ ، يَلْغُبُ ، بالضَّمّ ، لُغُوباً . ولَغِبَ ، بالكسر ، يَلْغَب ، لُغُوباً . والَّذي حقَّقه شيخُنَا تَبَعاً لاِءَئمَّة الصَّرف أَنَّ لَغْباً يجوزُ فيه تسكين الغين الْمُعْجَمَة وفتحُها . وظاهرُه أَنّه يُقَالُ بسكونها خاصَّةً ، وصرّحوا بأَن اللَّغْبَ بتسكين الغَيْن مصدرُ لَغَبَ كنَصَرَ ، كاللَّغُوب بالضَّمّ والفتح ، والمفتوح مصدرُ لَغِب ، كفَرِح ، على القياس ، واللُّغُوبُ ، الأَوّلُ بالضمّ ، على قياس فَعَلَ المفتوح اللاّزم كالجُلُوس ، والثّاني بالفَتح شاذٌّ ، مُلْحَقٌ بالمصادر الّتي على فَعُول ، كالوَضُوءِ والقَبُول . وهاذا تحقيقٌ حسن . ( كمنَعَ وسَمِعَ ) حكاهما الفَيُّوميُّ ، وابْنُ القَطَّاع ( و ) يُرْوَى لَغُبَ ، مثل ( كَرُمَ . وهاذِهِ ) الأَخيرَةُ ( عَنِ الإِمامِ اللُّغَوِيّ أَبي جعفرٍ أَحمدَ بْنِ يُوسُفَ الفِهْرِيّ ( اللَّبْلِيِّ ) ، نسبة إِلَى لَبْلَةَ : قريةٍ من قُرى الأَنْدَلُس ، وهو أَحَدُ شُيُوخِ أَبي حَيّان . ومن أَشهر مؤلّفاته في اللُّغَة : شرحُ الفصيح ثم إِنّ لغةَ الكسرِ ضعيفةٌ ، صرَّحَ به في الصَّحاح ، ولم يذكُرْ لغةَ الضَّمّ . فقولُ شيخِنَا : وهاذا عجيبٌ من المُصنِّف ، كيف أَغرَبَ بنقله عن اللَّبْلِي ، وهو في الصَّحاح وغيرِه ؟ فيهِ نظرٌ : ( أَعْيا أَشَدَّ الإِعياءِ ) ، كذا في المُحْكَم .
وفي الصَّحاح : اللُّغُوبُ : التَّعَبُ والإِعْياءُ ، ومثلُه في النِّهاية والغَرِيبَيْنِ .
____________________

(4/215)


وقال جماعةٌ : اللُّغُوبُ هو النَّصَبُ ، أَو الفُتُورُ اللاّحِقُ بسَببه ، أَو النَّصَبُ جُسْمانِيٌّ ، واللُّغُوب نَفْسَانيٌّ . وهي فروقٌ لبعض فُقَهاءِ اللُّغَة . والأَكثرُ على ما ذكره المصنِّفُ ، والجوْهَرِيُّ ، وابْنُ الأَثِيرِ ، والهَرَوِيُّ ، وغبرُهم . قاله شيخُنَا .
( وأَلْغَبَه السَّيْرُ ، وَتَلَغَّبَهُ ) مُشَدَّداً : فَعَل به ذالك ، وأَتْعَبَهُ . قال كُثَيِّرُ عَزَّةَ :
تَلَغَّبَها دُونَ ابْنِ لَيْلَى وشَفَّها
سُهَادُ السُّرَى والسَّبْسَبُ المُتَمَاحِلُ
وقال الفَرَزْدقُ :
بَلْ سوْفَ يَكْفِيكَ بازِيٌّ تَلَغَّبَها
إِذَا الْتَقَتْ بالسُّعُودِ الشَّمْسُ والقَمَرُ
المرادُ بالبازِيّ ، هُنَا : عَمْرُو بْنُ هُبَيْرَةَ . وتَلَغَّبَها : تَوَلاّهَا ، فقامَ بها ، ولمْ يَعْجِزْ عنها .
( واللَّغْبُ ) ، بفتح فسكون : ( ما بَيْنَ الثَّنايَا من اللَّحْمِ ) ، نقله الصّاغانيُّ .
( و ) اللَّغْبُ : ( الرِّيشُ الفاسِدُ ) مثل البُطْنَانِ منه ، ( كاللَّغِبِ ، ككَتِفٍ ) : لُغةٌ فيه .
( و ) من المجاز : اللَّغْبُ : ( الكلامُ الفاسِدُ ) الّذِي لا صائِبٌ ولا قاصدٌ . ويقال : كُفَّ عَنَّا لَغْبَكَ ، أَي : سَيِّىءَ كَلامِك ، وفاسِدَهُ ، وقبيحَهُ .
( و ) اللَّغْب ، كالوغْب : ( الضَّعِيفُ الأَحْمَقُ ) بَيِّنُ اللَّغَابةِ ، ( كَاللَّغُوبِ ) بالفَتْح . وفي الصَّحاح عن الأَصْمَعِيُّ ، عن أَبي عمْرِو بْنِ العلاءِ ، قال : سَمِعْتُ أَعْرابِيّاً من أَهلِ اليمنِ يقول : فُلانٌ لَغُوبٌ ، جاءَتْهُ كِتابِي ، فاحْتَقَرَها . فقلتُ : أَتقولُ جاءَتْه كِتابي ؟ فقال : أَليسَ بصَحيفة ؟ فقُلْتُ : ما اللَّغُوبُ ؟
____________________

(4/216)


فقال : الأَحمقُ . قلتُ : وقد سَبَقَتِ الإِشارة إِليه في كتب .
( و ) اللَّغْبُ : ( السَّهْمُ الفاسِدُ ) الّذِي ( لَمْ يُحْسنُ بَرْيُهُ ) وعَمَلُه . وقيلَ : هو الَّذِي رِيشُهُ بُطْنانٌ ، ( كاللُّغَابِ ، بالضَّمِّ ) ، يقالُ : سَهْمٌ لَغْبٌ ، ولُغَابٌ ، فاسِدٌ ، لم يُحْسَنْ عَمَلُه . وقيلَ : هو الّذِي رِيشُه بُطْنَانٌ . وقيل : إِذا الْتَقَى بُطْنَانٌ أَو ظُهْرانٌ ، فهو لُغَابٌ ولَغْبٌ . وقِيل : اللُّغَابُ من الرِّيش : البَطْنُ ، واحدتُهُ لُغابةٌ ، وهو خِلاَفُ اللُّؤَامِ . وقِيل : هو رِيشُ السَّهْمِ إِذا لم يَعْتَدِل ، فإِذا اعتدلَ فهو لُؤَامٌ . قال بِشْرُ بْنُ أَبِي خازِمٍ :
فإِنَّ الوَائِليَّ أَصابَ قَوْمِي
بِسهْمٍ رِيشَ لمْ يُكْسَ اللُّغَابا
ويُرْوى : لَمْ يكنْ نِكْساً لُغابَاً . فإِمّا أَن يكونَ اللُّغَابُ من صفاتِ السَّهْم ، أَي : لم يكن فاسِداً ، وإِمّا أَنْ يكونَ أَراد : لم يكن نِكْساً ذا رِيشٍ لُغاب . وقال تأَبَّطَ شَرّاً :
وما ولَدتْ أُمِّي منَ القَوْمِ عاجِزاً
ولا كانَ رِيشي مِنْ ذُنَابى ولا لَغْبِ
قال الأَصمَعِيُّ : من الرِّيشِ اللُّؤَامُ واللُّغَابُ ؛ فاللُّؤَام ما كان بطْنُ القُذَةِ يَلِي ظَهْر الأُخرَى ، وهو أَجْودُ ما يكون ، فإِذا الْتَقَى بُطْنَانٌ أَو ظُهْرَانٌ فهو لُغَابٌ ولَغْبٌ . وفي الحديثِ : ( أَهدى يَكْسُومُ ، أَخُو الأَشْرَمِ ، إِلى النَّبِيّ ، صلى الله عليه وسلم سِلاحاً فيه سَهْمٌ لَغْبٌ ) ، وذالك إِذا لم يَلْتَئمْ رِيشُهُ ويَصْطَحِبْ لِرَداءَتِهِ ، فإِذا الْتأَمَ ، فهو
____________________

(4/217)


لُؤَامٌ . وقيل : اللَّغْبُ : الرَّدِيءُ من السِّهام ، الّذي لا يَذْهَبُ بَعِيداً .
( ولَغَبَ عَلَيْهِم ، كمَنَعَ ) ، يَلْغَبُ ، لَغْباً : ( أَفْسَدَ ) عليهِم ، نقله الجَوْهَرِيُّ عنِ الأُموِيّ .
( و ) لَغَبَ ( القَوْمَ ) يَلْغَبُهُمْ : ( حَدَّثَهُمْ حَدِيثاً خَلْفاً ) بفتح فسكون ، نقله الصّاغانيُّ عن أَبي زيد ، وأَنشد :
أَبْذُلُ نُصْحِي وأَكُفُّ لَغْبِي
وقال الزِّبْرِقانُ :
أَلَمْ أَكُ باذِلاً وُدِّي ونَصْرِي
وأَصْرِفُ عَنْكُمُ ذَرَبِي ولَغْبِي
( و ) لَغَبَ ( الْكَلْبُ ) في إِناءٍ : ( وَلَغَ ) .
( واللُّغَابَةُ واللُّغُوبَةُ ، بضمِّهِما : الحُمْقُ والضَّعْفُ ) . رجُلٌ لَغُوبٌ : بَيِّنُ اللَّغَابةِ وقد تقدَّم .
( وأَلْغَبَ السَّهْمَ : جَعَلَ رِيشَهُ لُغاباً ) ؛ أَنْشَدَ ثعلب :
لَيْتَ الغُرَابَ رَمَى حَماطَةَ قَلْبِهِ
عَمْرٌ و بأَسْهُمِهِ الَّتِي لم تُلْغَبِ
( و ) أَلْغَبَ ( الرجُلَ : أَنْصَبَهُ ) ، وأَتْعَبَه .
( ورِيشَ بِلَغْبٍ : لقَبٌ ، كتَأَبَّطَ شَرّاً ) ، وهو أَخُوهُ . ( و ) قد ( حَرَّكَ غَيْنَهُ الكُمَيْتُ ) الشّاعر في قوله :
لا نَقَلٌ رِيشُها وَلا لَغَبْ
مثل : نَهْرٍ ونَهَر ، لاِءَجْلِ حَرْفِ الحَلْق ، كذا في الصَّحاح . وفي هامشه : بخطِّ الأَزْهَرِيِّ في كتابِه :
لا نَقَلٌ رِيشُها ولا نَقَبُ
ووجدتُ في هامشٍ آخَرَ : ( هاذا النِّصْفُ الَّذِي عَزاهُ إِلى الكُمَيْت ، ليس هو في قصيدته الّتي على هاذا الوزن أَصلاً ، وهي قصيدةٌ تُنِيفُ على مِائَةِ بَيْتٍ ، بلِ الوَزْنُ الوزَنُ . ( ووَهِمَ الجَوْهَرِيّ في قَوْلِه ) ، بعدَ أَنْ أَنشَد قولَ تأَبَّطَ شَرّاً ، ما نَصُّه : وكان له أَخٌ يقالُ له ( رِيشُ لَغْبٍ ) . وقد سَبَقَهُ في هاذا الاعتِراض على الجَوْهَرِيِّ الإِمامُ
____________________

(4/218)


الصّاغانيُّ فقال ، بعدَ أَن نَقَلَ كلامَهُ : والصَّوَابُ : رِيشَ بِلَغْبٍ ؛ وقال : البيتُ لم أَجِدْهُ في دِيوانه ، يعني بيتَ تَأَبَّطَ شَرّاً السّابِقَ ، وإِنّمَا هو لأَبِي الأَسْودِ الدُّؤْليِّ يخاطِبُ الحارِثَ بْنَ خالِدٍ ، وبعدَهُ قولُهُ :
ولا كُنْتُ فَقْعاً نابِتاً بقَرَارَةٍ
ولاكِنَّنِي آوِي إِلى عَطَنٍ رَحْبِ
والقِطعةُ خَمسةُ أَبياتٍ . ويُرْوَى لطَرِيفِ بْنِ تَمِيمٍ العَنْبَرِيِّ ، قرأْتُهُ في دِيوَانَيْ شِعْرِهِما . قال شيخُنا : هاذا كلامُه في العُبَاب ، ونقلَهُ الشَّيْخُ عليّ المَقْدِسيّ ، وسلَّمَه . قلتُ : وهو بعينِه كلامُهُ في التَّكْملة أَيضاً . قال شيخُنَا وفيه نظرٌ ، فإِنّ البيتَ الّذِي أَنشده في العُبَاب ظانّاً أَنّه الشّاهدُ الّذي قصَدَهُ المصنِّفُ ، ليس هو المراد ، بل ذاك لِتأَبَّطَ شَرّاً ، أَنشده الجَوْهَرِيُّ شاهداً على اللَّغْبِ ، بالفتح ، بمعنى الرِّيش الفاسد . ثمَّ أَورد العِبَارةَ بعدَ ذالك . فالمصنِّفُ صرَّح بأَن الغلطَ في تركِ الباءِ في أَوّلِ بِلَغْبِ ، لا في التّحْرِيك ، ولا في نِسبة الشّاهِد للكُمَيْت ، وكلامُ الصّاغانيِّ فيه ما أَورد المصنِّفُ ، وهو الّذي فيه الخِلافُ . وأَمّا بيتُ تأَبَّطَ شرّاً ، فلا دَخْلَ له في البحْث كما لا يخْفَى . انتهى .
قلتُ : لا خَفاءَ في أَنّ كلامَ الصّاغانيّ ، إِنّما هو في قولِ تأَبَّطَ السّابقِ ذِكْرُهُ ، وليس فيه ما يدُلُّ على أَنّه الشاهدُ الذي أَوردَه المصنّفُ ، وهو ظاهرٌ ، فإِنّ قولَ الكُمَيْتِ من بَحْرٍ ، وقَوْلَ تأَبَّطَ شَرّاً من بحرٍ آخَرَ .
( وأَخَذَ بِلَغَبِ رَقَبَتِهِ ، محَرَّكَةً : أَي أَدْرَكَهُ ) ، نقله الصّاغانيّ .
( والتَّلَغُّبُ : طُولُ الطَّرَدِ ) مُحَرّكة ، وفي نُسْخَةٍ : الطِّرَادِ ، وفي نسخة من الصَّحاح ، بفتح فسكون ، قال :
تَلَغَّبَنِي دَهْرٌ فلمَّا غَلَبْتُه
غزَانِي بأَوْلادِي فأَدْرَكَنِي الدَّهْرُ
ومن سجَعات الأَساس : تَلَعَّبَتْ بهم
____________________

(4/219)


القِفَارُ ، وتَلَغَّبَتْهُمُ الأَسْفَارُ .
( ) ومما يُستدرَكُ على المؤلِّف :
المَلاَغِبُ ، جمْعُ المَلْغَبَة ، من الإِعْيَاءِ وفي التَّنْزِيلِ العزيزِ : { وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ } ( قلله : 38 ) ، ومنه قِيل : ساغِبٌ لاغِبٌ ، أَي : مُعْيٍ .
ومن المجازِ : رِياحٌ لَوَاغِبُ ، وأَنشدَ ابْنُ الأَعْرَابيّ :
وبلْدَةٍ مَجْهَلٍ تُمْسِي الرِّيَاحُ بها
لواغِباً وهْيَ ناوٍ عرصها خاوِي
انتهى .
وفي الصَّحاح : ورِيشٌ لَغِيبٌ ، قالَ الرّاجِزُ في الذِّئْب :
أَشْعَرْتُهُ مُذَلَّقاً مَذْرُوباً
رِيشَ بِرِيشٍ لَمْ يَكُنْ لَغِيبَا
واللَّغَابُ : مَوْضِعٌ معروف .
وكذلك اللَّغْباءُ ، قال عَمْرُو بْنُ أَحمَر :
حَتَّى إِذا كَرَبَتْ واللَّيْلُ يَطْلُبُها
أَيْدِي الرِّكابِ من اللَّغْبَاءِ تَنْحَدِرُ
ولَغَّبَ فُلانٌ دابَّتهُ ، تَلْغِيباً : إِذا تحامَلَ عليهِ حتّى أَعْيَا ، وتَلَغَّبَ الدَّابَةَ : وَجَدَها لاغِباً ، نقله الصّاغانيُّ .
لقب : ( اللَّقَبُ ، مُحَرَّكَةً : النَّبْزُ ) اسْمٌ غيرُ مُسَمًّى به . ( ج : أَلْقَابٌ ) .
( و ) قد ( لَقَّبَهُ بِهِ تَلْقِيباً ، فَتَلَقَّبَ ) به ، وفي التَّنْزِيلِ : { وَلاَ تَنَابَزُواْ بِالاْلْقَابِ } ( الحجرات : 11 ) ، يقول : لا تَدْعُوا الرَّجُلَ بأَخْبَثِ أَسمائه إِليه .
ولَقَّبْتُ الاسْمَ بالفِعْلِ ، تَلْقِيباً : إِذا جَعَلْتَ له مِثالاً من الفِعْل ، كقولك لِجَوْرَبٍ فَوْعَلٌ .
ونُبِزَ فلانٌ بلَقَبٍ قَبِيح .
وتقولُ : الجارُ أَحقُّ بصَقَبِهِ ، والمَرْءُ أَحَقُّ بِلَقَبِهِ .
وتَلاَقَبُوا ، ولاقَبَهُ مُلاَقَبَةً .

____________________

(4/220)


لكب : ( المَلْكَبَةُ ، بالفتح ) : أَهمله الجَوْهَرِيّ ، وقال ابْنُ الأَعْرَابيّ : ( النّاقَةُ ) الكَثِيرَةُ الشَّحْمِ ، ( المُكْتَنِزَةُ اللَّحْمِ ) . كذا في التَّكْمِلة . ونسبه الأَزْهَريُّ إِلى أَبي عَمْرٍ و .
والمَلْكَبَةُ أَيضاً : القِيادَةُ ، كذا في لسان العرب .
لوب : (*! اللَّوْبُ ) بالفتح ، ( *!واللُّوبُ ) بالضَّم ، ( واللُّؤُوبُ ) كقُعُودٍ ، ( *!واللُّوَابُ ) كغُرَابٍ : ( العَطَشُ ، أَو ) هو ( اسْتِدارَةُ الحائِمِ حَوْلَ الماءِ ، وهُوَ عَطْشَانُ ، لا يصِلُ إِليه ) .
( وقد *!لابَ ) ،*! يَلُوب ،*! لَوْباً ، *!ولُوباً ، و (*! لُوَاباً ، *!ولَوَباناً ) مُحَرَّكةً . وفي نسخة الصَّحاح :*! لُوبَاناً ، ضبطه كعُثمان ، أَي : عَطِش ، فهو*! لائِبٌ ، والجمع*! لُؤُوبٌ ، كشاهِدٍ وشُهُودٍ ؛ قال أَبو مُحَمَّدٍ الفَقْعَسِيُّ :
حَتَّى إِذا ما اشْتَدَّ *!لُوبانُ النَّجَرْ
ولاحَ لِلْعَينِ سُهَيْلٌ بسحَرْ
والنَّجَرُ : عَطَشٌ يُصِيبُ الإِبِلَ من أَكلِ بُزُورِ الصَّحْرَاءِ ، وعن ابْنِ السِّكِّيت : لابَ ، يَلُوبُ : إِذا حامَ حَوْلَ الماء من العَطَش ، وأَنشد :
بِأَلَذَّ مِنْكِ مُقَبَّلاً لِمحلإٍ
عَطشَانَ دَاغَشَ ثُمَّ عادَ يَلُوبُ
(*! واللُّوبَةُ ، بالضَّم : القَوْمُ يكونونَ مع القَوْمِ ولا يُسْتَشَارُونَ في شَيْءٍ ) من خَيْرٍ ولا شَرَ .
( و )*! اللُّوبَةُ : ( الحَرَّةُ ، كاللاّبَةِ . ج : *!لُوبٌ ،*! ولابٌ ) ،*! ولاباتٌ ، وهي الحِرَارُ . وأَمّا سِيبَوَيْهِ فجعَلَ*! اللُّوبَ جمعَ *!لابَةٍ كقارَةٍ وقُورٍ ، وساحَة وسُوحٍ . ( و ) في الحديث : ( حَرَّمَ النَّبِيُّ ، صلى الله عليه وسلم ما بَيْنَ *!-لابَتَيِ المَدِينَةِ ) ( وهُما حَرَّتانِ تَكْتَنِفانِهَا ) . قال الأَصْمَعِيُّ وأَبو عُبَيْدَةَ ، وفي نسخةٍ من الصَّحاح : أَبو عبيد : اللُّوبَةُ هي الأَرضُ الّتي قد أَلْبَسَتْها حِجَارَةٌ سُودٌ ، وجمعُها *!لابَاتٌ ، ما بَيْنَ الثَّلاثِ إِلى العَشْرِ ، فإِذا كُثِّرَتْ ، فهي
____________________

(4/221)


*! اللاَّبُ *!واللُّوبُ ؛ قال بِشْرٌ يذكرُ كَتِيبَةً :
مُعالِيَةٌ لا هَمَّ إِلاّ مُحَجِّرٌ
فَحَرَّةُ لَيْلَى السَّهْلُ منها*! فَلُوبُهَا
وقال ابْنُ الأَثِيرِ : المدينةُ ما بَيْنَ حَرَّتَيْنِ عَظيمتين . وعن ابْن شُمَيْلٍ : اللُّوبَةُ تكونُ عَقَبَةً جَوَاداً أَطْولَ ما يكونُ وقال الأَزْهَرِيُّ : اللُّوبَةُ : ما اشْتَدَّ سَوَادُه ، وغَلُظَ ، وانقَادَ على وجْه الأَرْضِ سَوَاداً وليس في الصَّمّان*!لُوبَةً ، لاِءَنَّ حِجارةَ الصَمَّانِ حُمْرٌ ، ولا تكونُ اللُّوبَةُ إِلاّ في أَنْف الجَبل أَو سِقْطٍ أَو عُرْضِ جبَلٍ .
وفي حديث عائشةَ ، ووَصَفَت أَباها ، رضيَ الله عنهما : ( بَعِيدُ مَا بَيْنَ*! اللاّبَتَيْنِ ) أَرادتْ : أَنَّهُ واسعُ الصَّدرِ واسعُ العَطَنِ ، فاستعارت له اللاّبَةَ ، كما يُقالُ : رَحْبُ الفِنَاءِ ، واسعُ الجَنَابِ .
ونقل شيخُنَا عن السُّهَيْلِيّ في الرَّوْض ما نصّه : اللاَّبَةُ واحدةُ اللاَّبِ ، بإِسقاط الهاءِ ، وهي الحَرَّةُ ، ولا يقالُ ذالك في كُلِّ بلدٍ ، إِنَّمَا*! اللاَّبَتانِ للمدينةِ والكُوفَةِ . ونقلَ الجلالُ في المُزْهِرِ عن عبد اللَّهِ بْن بَكْرٍ السَّهْمِيِّ ، قال : دخلَ أَبِي علَى عِيسَى ، وهو أَمِيرُ البَصْرَة ، فعزّاهُ في طِفْلٍ ماتَ له ، ودخَلَ بعدَهُ شَبِيبُ بْن شَبَّةَ فقال : أَبْشِرْ ، أَيّها الأَميرُ ، فإِنّ الطِّفْلَ لا يَزالُ مُحْبَنْظِئاً على باب الجَنّة ، يقولُ : لا أَدْخُلُ حَتَّى أُدْخِلَ والِدَيّ . فقالَ أَبي : يا أَبا مَعْمَرٍ ، دَعِ الظّاءَ ، يعني المُعْجَمَةَ ، والْزَمِ الطّاءَ . فقال له شَبِيب : أَتقولُ هاذا
____________________

(4/222)


وما بينَ*! لابَتَيْهَا أَفصحُ مِنِّي ؟ فقال له أَبي : وهذا خَطأٌ ثانٍ ، مِنْ أَينَ لِلبَصرةِ لابَةٌ ؟*! واللاّبَة : الحِجَارَةُ السُّودُ ، والبَصْرَةُ الحِجَارَةُ البِيضُ .
أَورد هاذه الحكايةَ ياقوتٌ الحَمَويّ في معجم الأُدَبَاءِ ، وابْنُ الجَوْزِيّ في كتاب الحَمْقَى والمُغَفَّلِينَ ، وأَبو القاسمِ الزَّجَّاجِيُّ في أَماليه بسنده إِلى عبدالله بْنِ بكرِ بْنِ حَبِيبٍ السّهْمِيِّ . انتهى .
وسكَتَ عليه شَيْخُنا ، وهو منه عجيبٌ : فإِنّ استِعْمَالَ*! اللاّبتَيْنِ في كُلِّ بَلَدِ واردٌ مَجازاً ، ففي الأَساس : اللاّبةُ : الحَرَّةُ ، وما بَيْنَ*! لاَبَتَيْهَا كفُلانٍ : أَصْلهُ في المدينة ، وهي بين *!لابَتَيْنِ ، ثمّ جَرَى على الأَلْسِنَةِ في كُلِّ بَلَد . ثم إِنّ قولَ شيخِنا عندَ قولِ المُصَنِّف : وحَرَّم النَّبِيُّ ، صلى الله عليه وسلم الخ : هاذا ليس من اللُّغَة في شَيْءٍ ، بل هو من مسائلِ الأَحكام ، ومع ذالك ففيه تقصيرٌ بالغٌ ، لاِءَنّ حَرَمَ المدينةِ محدودٌ شرقاً وغرباً وقِبْلَةً وشَآماً ، خَصَّه أَقوامٌ بالتّصنيف ، إِلى آخرِ ما قالَ ، يُشِيرُ إِلى أَنَّ المصنِّف في صددِ بيانِ حُدُودِ الحَرَم الشَّريف ، وليس كما ظَنَّ ، بل الّذي ذكرَه إِنّما هو الحديثُ المُؤْذِنُ بتحريمه صلى الله عليه وسلم ، ما بَيْنَ اللاَّبَتَيْنِ كما لا يخْفَى عندَ مُتَأَمِّل ، تَبَعاً للجَوْهَرِيِّ وغيرِهِ ، فلا يلْزَمُ عليه ما نُسِبَ إِليه من القُصُور .
( *!واللُّوباءُ ، بالضَّمِّ ) مَمْدُوداً : قيل هو (*! اللُّوبِيَاءُ ) ، عندَ العامَّةِ يقالُ : هو اللُّوبِيَاءُ ، *!واللُّوبِيَا ، واللُّوبِياجُ ، مذكَّرٌ ، يُمَدُّ ، ويُقْصَرُ . وقال أَبو زِيَادٍ : هي *!اللُّوبَاءُ ، وهكذا تقولُهُ العرَبُ ، وكذالك قال بعضُ الرُّوَاة ، قال : والعربُ لا تَصْرِفُهُ . وزَعَمَ بعضُهم أَنَّه يقالُ لها الثّامِرُ ، ولم أَجِدْ ذالك معروفاً . وقال الفَرّاءُ : هو اللُّوبِياءُ ، والجُودِياءُ ، والبُورِياءُ : كلها على فُوعِلاءَ ، قال : وهاذه كلُّهَا أَعْجَمِيّةٌ . وفي شفاء الغَلِيل
____________________

(4/223)


للخَفاجِيّ ، والمُعَرَّبِ للجَوالِيقِيّ : إِنّه غيرُ عربيَ .
( *!والمَلابُ : طِيبٌ ) ، أَي : ضَرْبٌ منه ، فارسيٌّ . زاد الجَوْهَرِيُّ : كالخَلُوقِ . وقال غَيْرُهُ : المَلاَبُ : نوعٌ من العِطْر . وعن ابْنِ الأَعْرَابيِّ : يقالُ للزَّعْفَرَانِ : الشَّعَرُ ، والفَيْدُ ، والمَلابُ ، والعَبِيرُ ، والمَرْدَقُوشُ ، والجِسادُ . قال :
( و )*! المَلابَةُ الطّاقَةُ من شَعَرِ ( الزَّعْفَرَانِ ) ، قال جَرِيرٌ يهجو نِسَاءَ بني نُمَيْرٍ :
ولَوْ وَطِئَتْ نِسَاءُ بَنِي نُمَيْرٍ
على تِبْرَاكَ أَخْبَثْنَ التُّرابَا
تَطَلَّى وَهْيَ سَيِّئَةُ المُعَرَّى
بِصِنِّ الوَبْرِ تَحْسَبُه مَلاَبَا
( *!ولَوَّبَهُ به خَلَطَهُ بِهِ ) ، أَي : بالمَلاَبِ ، ( أَو لَطَخَهُ بِهِ ) . وشَيْءٌ مُلَوَّبٌ : أَي مُلَطَّخٌ به ؛ قال المُتَنَخِّل الهُذَلِيُّ :
أَبِيتُ عَلى مَعَارِيَ واضِحَاتٍ
بِهِنّ*!مُلَوَّبٌ كَدَمِ العِبَاطِ
( *!والمُلَوَّبُ ، كمُعَظَّمٍ ) : الملطوخ*!ُ بالمَلاَب ، أَو المخلوطُ به ( و ) ( مِنَ الحَدِيدِ : المَلْوِيُّ ) ، تُوصَفُ به الدِّرْعُ .
( واللاَّبُ : د بالنُّوبَةِ ) مشهور ، نقله الصّاغَانيُّ .
( و ) اللاَّبُ : اسْمُ ( رجُل سَطَر أَسْطُراً ، وبنَى عَلَيْها حِساباً ، فقيل : *!أَسْطُرُلابٍ ، ثُمَّ مُزِجَا ) أَيْ : رُكِّبا تَرْكِيباً مَزْجِيّاً ، ( ونُزِعَت الإِضافةُ ، فقيلَ : الأَسْطُرْلاب ) بالسِّين ( مُعَرَّفة ) بالعلَمِيّة ( *!والأَصْطُرْلابُ ، لتَقَدُّمِ السِّينِ على الطّاءِ ) ، بناءً على القاعدة ، وهي : كُلّ سِينٍ تقدَّمَتْ طاءً ، فإِنّها تُبْدَلُ صاداً ، سواءٌ كانت مُتَّصِلَةً بها كما هنا ، أَو غيرُ مُتَّصِلَةٍ كصِراط
____________________

(4/224)


ونحوِه . هاكذا نقله الصّاغانيّ .
قال شيخُنا : ثمّ ظاهرُه أَنَّهُ من الأَلْفاظ العربيّة ، وصَرَّحَ في نهاية الأَربِ : بأَنّ جميعَ الآلات الّتي يُعْرَفُ بها الوقتُ سواءٌ كانت حِسابِيّةً ، أَو مائِيّةً ، أَو رَمْليَّة ، كُلُّهَا أَلفاظُها غيرُ عربيّةٍ ، إِنّمَا تكلّم بها النّاس ، فوَلَّدُوها على كلام العربِ ، والعربُ لا تَعْرِفُها بِرُمَّتِها ، وإِنّمَا جرى على ما اختاره من أَنّها رُكِّبَتْ ، فصارت كلمةً واحدة عندَهُمْ ، فكان الأَوْلَى ذِكْرُهَا في الهَمزة أَو في السّين أَو الصّاد ، ولا يكاد يَهتدي أَحدٌ إِلى ذِكرها في هاذا الفصل كما هو ظاهر . وأَكثرُ من ذَكَرَهَا ممن تعرَّضَ لها في لُغَاتِ المُوَلَّدِينَ ، أَو جعلَها من المُعَرَّب ، ذكرها في الهَمزةِ . انتهى .
قلت : وهو الصَّوابُ ، فإِنّ أَهلَ الهيْئَة صرَّحُوا بأَنّها رُومِيّةٌ ، معناها الشَّمْسُ ، فَتَأَمَّلْ .
( و ) من المجَاز : اللاَّبَةُ ) : الجَمَاعَةُ من ( الإِبِلِ المُجْتَمِعَةِ السُّودِ ) ، شبَّهَ سَوادَهَا باللاَّبَةِ : الحَرَّةِ ، وقد تقدّم أَنّ اللاَّبَةَ لا تَكُونُ إِلاّ حِجَارَةً سُوداً .
( و ) اللاَّبَةُ : ( ع ) .
(*! وكَفْرُلابٍ : د بالشَّامِ ، بَنَاهُ هِشَامُ ) ابْنُ عبدِ المَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ .
( واللُّوبُ ، بالضَّمِّ : البَضْعَةُ ) ، أَي : القِطْعَةُ من اللحْم ( الَّتِي تَدُورُ في القِدْرِ ) ، نقله الصّاغانيّ .
( و ) *!اللُّوبُ : ( النَّخْلُ ) ، كذا في نسختنا ، بالخَاءِ المُعْجَمَةِ ، وهو سَهْوٌ ، صوابُهُ : النَّحْلُ ، بالحاءِ المُهْمَلَةِ . كالنُّوب ، بالنُّون ، وذا عن كُراع . وفي الحديث : ( لَمْ يَتَقَيَّأْهُ لُوبٌ ، ولا مَجَّتْهُ نُوبٌ ) .
(*! واللُّوَابُ ، بالضَّم : اللُّعَابُ ) ، وهو لغةٌ فصيحةٌ ، لا لُثْغَةٌ كما تُوُهِّمَ .
( و ) يقالُ : ( إِبِلٌ لُوبٌ ، ونَخْلٌ لُوبٌ *!ولَوائِبُ : عِطَاشٌ ، بَعِيدَةٌ عن الماءِ ) . قال الأَصمَعِيُّ : إِذا طافَتِ الإِبِلُ على الحَوْضِ ، ولم تَقْدِرْ على الماءِ ، لكَثْرَةِ الزِّحَام ، فذالك اللَّوْبُ . تقولُ : تَركتُها *!لَوَائِبَ على الحَوْضِ ، كذا في الصَّحاح .
____________________

(4/225)



( و ) قالوا : ( أَسْوَدُ*!- لُوبِيٌّ ) ، ونُوبِيٌّ : ( مَنْسُوبٌ إِلى اللُّوبَةِ ) والنُّوبَةِ ، وهُمَا ( للْحَرَّةِ ) . قال شيخُنَا : وقيل هو نسبةٌ إِلى اللُّوبِ ، لغةٌ في النُّوب الّذي هو جِيلٌ من السُّودانِ ، كما صرّح به السُّهَيْلِيُّ في الرَّوض .
(*! وأَلاَبَ ) الرَّجُلُ ، فهو*! مُلِيبٌ : إِذا ( عَطِشَتْ ) ، أَي حامَتْ ( إِبِلُهُ ) حَوْلَ الماءِ من العَطَشِ ؛ وأَنشدَ الأَصْمَعِيُّ :
صُلْبٍ مُلِيبِ وِرْدِهِ مُحِرِّهِ
وإِنْ يُصَرِّرْها انْطَوَتْ لِصِرِّهِ
( ) وممّا يُسْتَدرَكُ عليه :
اللُّوبُ : موضعٌ في بلاد العربِ ، قال مُنْقِذُ بْنُ طَرِيفٍ :
كَأَنّ رَاعِيَنَا يَحْدُو بِنَا حُمُراً
بيْنَ الأَبَارِقِ من مَكْرَانَ *!فاللُّوبِ
كذا في المُعْجَم ، في : مَكرَانَ .
لولب : (*! المُلَوْلَبُ ، بفتح لامَيْهِ ، عَلى ) وزنِ ( مُفَوْعَلٍ ) ، أَوّلُهُ مِيمٌ مضمومة ، كأَنّه اسْمُ مفعولٍ من*! لَوْلَبَ : ( المِرْوَدُ ) ، وفي بعضها : على فَعَوْعَلٍ ، بالفاءِ المفتوحة في أَوله ، وقد صحّحه جماعة .
وذكر الجوْهَرِيّ ، في آخِرِ مادّةِ لوب ، ما نَصُّه : وأَمّا المِرْوَدُ ونحوُه ، فهو المُلَوْلَبُ ، على مُفوْعَلٍ . ووجدتُ في هامشه ما نصُّهُ : وبخَطِّ أَبي زَكَرِيّا : مفعوعل ، وهو سَهْوٌ .
قلت : وذِكرُهُ هنا ترجمة مستقِلَّة ، فيهِ ما فيه ، أَوَّلاً : فإِنّه ذَكَرَهُ الجَوْهَرِيّ ، فلا يكونُ زيادةً عليه ، وثانياً : إِن كانتِ الميمُ زائدةً ، فَمَحَلُّ ذِكرِهِ في لَوْلَب ، وقد صحَّحه جماعةٌ . والظَّاهرُ أَنّه غَيْرُ عَرَبِيَ ، كما قيلَ .
(*! واللَّوْلَبُ ) : مرَّ ذكرُهُ ( في لبب ) وهُنَا ذَكَرَهُابْنُ منظورٍ ، وجماعةٌ .
لهب : ( اللَّهْبُ ) بفتح فسكون ،
____________________

(4/226)


( واللَّهَبُ ) محرّكةً ، ( واللَّهِيبُ ) كأَمِيرٍ ، ( واللُّهَابُ بالضَّمِّ ، واللَّهَبَانُ مُحَرَّكةً : اشتِعالُ النَّارِ : إِذَا خَلَصَ من الدُّخَانِ ) . الأُولى : لُغَةٌ في الثّانِيَة ، كالشَّمَعِ والشَّمْع ، والنَّهَر والنَّهْر ، ومنه قِراءَةُ ابْنِ كَثِيرٍ : { تَبَّتْ يَدَآ أَبِى لَهَبٍ } ( المسد : 1 ) ، ( أَوْ لَهَبُها ) : لِسانُها ، ولَهِيبُها : حَرُّها .
( و ) قد ( أَلْهَبَها فالْتَهَبَتْ ، ولَهَّبَها فَتَلَهَّبَتْ ) ، أَي : اتَّقدَتْ ، وأَلْهَبْتُهَا : أَوْقَدْتُهَا ، قال :
تَسْمَعُ مِنْهَا في السَّلِيقِ الأَشْهَبِ
مَعْمَعَةً مِثْلَ الضِّرامِ المُلْهَبِ
( و ) عن ابْنِ سِيدَهْ : ( اللَّهَبَانُ : شِدَّة الحَرَّ ) في الرِّمْضاءِ ، ونحْوِها . وقال غيرُهُ : هو تَوقُّدُ الجَمْرِ بغيرِ ضِرَامٍ ، وكذلك لَهَبَانُ الحَرِّ في الرَّمْضَاءِ ؛ وأَنشد :
لَهَبَانٌ وَقَدَتْ حِزَّانُهُ
يَرْمَضُ الجُنْدَبُ فيه فيَصِرُّ
( و ) اللَّهَبَانُ : ( اليَوْمُ الْحارُّ ) ، قال :
ظَلَّتْ بِيَومٍ لَهَبانٍ ضَبْحِ
يَلْفَحُها المِرْزَمُ أَيَّ لَفْحِ
تَعُوذُ مِنْهُ بِنَوَاحِي الطَّلْحِ
( و ) اللَّهَبَانُ : ( العَطَشُ ، كاللُّهَابِ واللُّهْبَةِ ، بضمّهما ) مع التّسكينِ في الثّاني ، قالَ الرّاجِزُ :
وبَرَدَتْ منهُ لِهابُ الحَرَّهْ
وقد ( لَهِبَ ، كفَرِح ) ، يَلْهَب ، لَهَباً ، ( وهوَ لَهْبَانُ ، وهي ) أَي : الأُنثَى ( لَهْبَى ) ، كسَكْرَانَ وسَكْرَى ، ( ج لِهَابٌ ) بالكسر .
وفي الأَساس : من المَجَاز : رجلٌ لَهْبَانُ ولَهْثَانُ ، أَي عَطْشَانُ .
( واللُّهْبَةُ ، بالضَّمِّ : بياضٌ ناصعٌ نَقِيٌّ ) ، نقله الصاغانيُّ ، وهو إِشراقُ اللَّونِ من الجَسَد .
____________________

(4/227)



( و ) اللَّهَبَةُ ، ( بالتَّحْرِيك : قَبِيلَةٌ ) من غامِدٍ ، من الأَزْدِ ، واسْمُهُ مالِكُ بْنُ عَوْفِ بْنِ قُريعِ بْنِ بَكْرِ بْن ثَعْلَبَةَ بْنِ الدُّولِ بْنِ سَعْدِ مَناةَ بْنِ غامِدٍ ، كذا في أَنساب الوزير . وفي الإِيناس : كان اللَّهَبَةُ هاذا شَرِيفاً ، وفيه يقول أَبو ظَبْيَانَ الأَعْرَجُ الوالد على رسولِ اللَّهِ ، صلى الله عليه وسلم
أَنا أَبُو ظَبْيَانَ غَيْرُ التَّكْذِبَهْ
أَبِي أَبو العَفَا وخالِي اللَّهَبَهْ
أَكْرَمُ مَنْ تَعْلَمُهُ مِنْ ثَعْلَبَهْ
ذُبْيانُها وبَكْرُها في المَنْسَبَهْ
نَحْنُ صِحَابُ الجَيْشِ يَوْمَ الأَحْسَبَهْ
وقال أَبو عُبَيْدٍ : اللَّهَبَةُ : هو صاحب الرّايَةِ يَوْمَ القادِسِيَّةِ .
( واللَّهَبُ ، محركَةً : الغُبَارُ السّاطعُ ) ، قاله اللَّيْث . وهو كالدُّخَان المرتفِعِ من النّار .
( و ) اللِّهْبُ ، ( بالكَسْرِ : مَهْوَاةُ ما بَيْنَ كُلِّ جَبَلَيْنِ ) ، هاكذا في المُحْكَم . وفي الصَّحاح : الفُرْجَةُ والهَوَاءُ يكونُ بينَ الجَبَليْنِ ، ( أَو ) هو ( الصَّدْعُ في الجَبَلِ ) ، عن اللِّحْيَانيّ ، ( أَو ) هو ( الشِّعْبُ الصَّغِيرُ فيهِ ) ، أَي : الجَبَلِ ، وفي شرح أَبي سعيد السُّكَّرِيِّ لاِءَشْعَارِ هُذَيْلٍ : اللِّهْبُ : الشَّقُّ في الجَبل ثم يَتَّسِعُ كالطَّرِيقِ ، واللِّصْبُ والشِقْب : دُونَ اللِّهْبِ ، كالطَّرِيقِ الصَّغِير . ( أَو ) هو ( وَجْهٌ فِيهِ ) ، أَي : الجبل ، ( كالحَائِطِ ، لا يُسْتَطَاعُ ارْتِقاؤُه ) . وكذالك لِهْبُ أُفُقِ السَّماءِ . وقيل : اللِّهْب : السَّرب في الأَرْضِ . ( ج : أَلْهابٌ ، ولُهُوبٌ ، ولِهابٌ ، ولِهَابَةٌ ) بكسرهما . وضُبِط في نسخة الصَّحاح لَهَابٌ ، كسَحَابٍ . ويقال : كَمْ جَاوَزْتَ من سُهُوبٍ ولُهُوبٍ ؟ قال أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ :
فأَبْصَرَ أَلْهَاباً من الطَّوْدِ دُونَها
يَرَى بَيْنَ رَأْسَيْ كُلّ نِيقَيْنِ مَهْبِلاَ
وقال أَبو ذُؤَيْب :
جَوَارِسُها تَأْري الشُّعوفَ دَوَائِباً
وتَنْصَبُّ أَلْهَاباً مَصِيفاً كِرَابُهَا
____________________

(4/228)



وقال أَبو كَبِير :
فَأَزَالَ ناصِحَها بأَبْيضَ مُفْرَطٍ
من ماءِ أَلْهَابٍ بِهِنَّ التَّأْلَبُ
( و ) بَنُو لِهْبٍ : ( قَبِيلَةٌ من الأَزْدِ ) في اليَمَن . وفي الإِيناس : في الأَسْدِ ، أَي بسُكُونِ السِّينِ : لِهْبُ بْنُ أَحْجَنَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عبدِ اللَّهِ بْنِ مالِكِ بْنِ نَصْرِ بْنِ الأَزْد ، وهم أَهْلُ العِيافَة والزَّجْر ، وفيهم يَقُولُ كُثَيِّرُ بْنُ عبدِ الرّحمن الخُزَاعِيُّ :
تَيَمَّمْتُ لِهْباً أَبْتَغِي العِلْمَ عِنْدَهُم
وقدْ رُدَّ عِلْمُ العَائِفِينَ إِلى لِهْبِ
وفي المُحْكَم : لِهْبٌ : قَبِيلَةٌ زَعَمُوا أَنّها أَعْيَفُ العربِ ، ويُقَالُ لَهُمُ : اللِّهْبِيُّونَ .
( وأَبُو لَهَبٍ ) محرَّكةً ، ( وتُسَكَّنُ الهاءُ ) لُغَة ، وبه قَرَأَ ابْنُ كَثير كما تقدَّم : ( كُنْيَةُ ) بعضِ أَعْمَام النَّبِيّ ، صلى الله عليه وسلم وهو ( عَبْدُ العُزَّى ) ابْنُ عبدِ المُطَّلِبِ ، والنِّسْبَةُ إِليه اللَّهَبِيُّ قيل : كُنِيَ أَبو لَهَبٍ ( لِجَمَالِهِ ) . زاد المُصَنِّف : ( أَو لِمالِهِ ) .
وقد تعقَّبه جماعةٌ ، وقالُوا : إِنّ المال لا يُطْلَقُ عليه لَهَبٌ ، حَتَّى يُكْنَى صاحبُهُ به .
قلت : والّذِي يظهَرُ عندَ التَّفَكُّرِ أَنّه ( لِمَآلِهِ ) بالمَدّ ، ويدُلُّ لذالك قولُ شيخِنا ما نصُّهُ : وقيلَ إِيماءً إِلى أَنَّه جَهَنَّمِيٌّ ، باعتبارِ ما يَؤُولُ إِليه . ولاكِنّه لم يتفطَّنْ لِما قلنا ، كما هو ظاهر ، فافْهَمْ .
وقال عِيَاضٌ في شرح مُسْلِمٍ : واخْتُلِفَ في جَواز تَكْنِيَة المُشْرِك وَعَدَمِهِ ، فكَرِهَهُ بعضُهُمْ ، إِذْ في الكُنْيَة تعظيمٌ وتَفخيم ، وتَكْنِيَةُ اللَّهِ لاِءَبي لَهَبٍ ، ليس من هاذا ، ولا حجَّةَ فيه إِذْ كان اسْمُهُ عبد العُزَّى ، ولا يُسمِّيه اللَّهُ عزَّ وجَلَّ بعَبْد لغَيْرِه ، فلذلك كُني ، وقيل : بل كُنْيَتُهُ الغالبُ عليه ، فصار
____________________

(4/229)


كالاسْمِ له . وقيل : بل هو لَقبٌ له ، ليس بكُنْيَة ، كُنْيَتُهُ أَبو عُتَيْبَةَ ، فجَرَى مَجرَى اللَّقَبِ والاسْم ، لا مَجرى الكُنْيَةِ . وقيل : بل جاءَ ذِكْرُ أَبِي لَهَبٍ لمجانسةِ : { نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ } في السُّورَة ، من باب البلاغة وتحسين العِبَارة ، انتهى .
( واللُّهَابُ ، بالكسر ، أَو بالضَّمّ : ع ) ، كأَنَّه جمعُ لَهَبٍ .
( والأُلْهُوبُ : اجْتِهادُ الفَرَسِ في عَدْوِهِ حَتَّى يُثِيرَ الغُبارَ ) ، أَي : يَرْفَعَهُ . وعن الأَصْمَعِيّ : إِذا اضْطَرَم جَرْيُ الفَرَسِ ، قيل : أَهْذَب إِهْذاباً ، وأَلْهَبَ إِلْهاباً . ويقال للفَرَسِ الشَّديدِ الجَرْيِ ، المُثِيرِ للغُبَارِ : مُلْهِبٌ ، وله أُلْهُوبٌ . وفي حديث صَعْصَعَةَ لِمُعَاوِيَةَ : ( إِنِّي لأَتْرُكُ الكَلاَمَ ، فما أُرْهِفُ بِهِ ، ولا أُلْهِبُ فيه ) ، أَي : لا أُمْضِيهِ بسُرْعَةٍ . قال : الأَصلُ فيه الجَرْيُ الشَّدِيدُ الّذي يُثِير اللَّهَبَ ، وهو الغُبَارُ السّاطعُ .
( أَو ) الأُلْهُوبُ : ( ابْتداءُ عَدْوِهِ ) ، ويُوصَفُ به فيُقَال : شَدٌّ أُلْهُوبٌ .
( وقَدْ أَلْهَبَ ) الفَرَسُ : اضْطَرَمَ جَرْيُهُ . وقال اللِّحْيَانيُّ : يكون ذالك لِلْفَرَسِ وغيرِه ممّا يَعْدُو ، قال امْرُؤُ القَيْسِ :
فَلِلسَّوْطِ أُلْهُوبٌ ولِلسّاقِ دِرَّةٌ
ولِلزَّجْرِ منهُ وَقْعُ أَخْرَجَ مُهْذِبِ
وفي الأَساس : من المجاز : فَرَسٌ مُلْهِبٌ .
( و ) من المَجَاز أَيضاً : أَلْهَبَ ( البَرْقُ ) إِلْهَاباً ، وذلك إِذا ( تَتَابَعَ ) ، وتَدَارَكَ لَمَعَانُهُ ، حتّى لا يكونَ بينَ البَرْقَتَيْنِ فُرْجَةٌ .
( واللِّهَابَةُ ، بالكَسْرِ : وادٍ بناحِيَةِ الشَّوَاجِنِ ) ، فيهِ رَكَايَا يَخْرِقُهُ طَرِيقُ بَطْنِ فَلْجٍ ، وكأَنَّه جمعُ لِهْبٍ .
( واللَّهْبَاءُ : ع ) ، نقله ابْنُ دُرَيْدٍ ، وهو ( لِهُذَيْلٍ ) .
____________________

(4/230)



( و ) لُهَابٌ ، ( كَغُرابٍ : ع ) لا يَخْفَى أَنّهُ قد مرَّ ذِكره أَوّلاً ، فهو تَكْرارٌ .
( و ) عن ابْنِ الأَعْرَابيّ : المِلْهَبُ ، ( كمِنْبَرٍ : الرّائعُ الجمَالِ ) ، والكَثِيرُ الشَّعَرِ من الرِّجَال .
( و ) من المَجَاز : ثَوْبٌ مُلَهَّب ، ( كمُعَظَّمٍ ) ، وهو ( مَا لَمْ تُشْبَع حُمْرَتُهُ ) ، وهو الّذِي نَقَص صبْغُهُ ( مِن الثِّيَابِ ) .
( ) ومما يستدرَكُ عليه :
اللُّهَابَةُ ، بالضَّمّ : كِسَاءٌ يوضَعُ فيه حَجَرٌ ، فَيُرَجَّحُ به أَحدُ جوانبِ الهَوْدَجِ ، أَو الحِمْلِ . عن السِّيرافيّ ، عن ثعلبٍ .
ومن المَجَاز : أَلْهَبَهُ الأَمْرُ .
وأَرَدْت بذالك تَهْيِيجُهُ وإِلْهابَهُ .
والْتَهَبَ عليهِ : غَضِب ، وتَحَرَّقَ ؛ قال بِشْرُ بْنُ أَبِي خازِمٍ :
وإِنَّ أَباكَ قد لاقاهُ خِرْقٌ
من الفِتْيَانِ ، يَلْتَهِبُ الْتِهَابا
وهو يَتَلَهَّبُ جُوعاً ، ويَلْتَهِبُ ، كقولك : يَتَحَرَّقُ ، ويَتَضَرَّم .
واللَّهِيبُ : موضعٌ ، قال الأَفْوَهُ :
وجَرَّدَ جَمْعُها بِيضاً خِفَافاً
عَلَى جَنْبَيْ تُضَارِعُ فاللَّهِيبِ
ولِهابَةُ ، بالكسر : فِعالَةٌ ، من التَّلَهُّبِ وقال عُمَارةُ : اللِّهَابَةُ لِهَابَةُ بني كَعْبِ بْنِ العَنْبرِ ، بأَسفلِ الصَّمّانِ .
ولَهْبانُ ، بالفَتْح : قبيلةٌ من العرب .
ويُسْتَعْمَلُ اللُّهَابُ ، بالضَّمّ ، بمعنى العطَش ، كما يُسْتَعْملُ في اتِّقَادِ النّارِ .
واللَّهْبانُ كاللَّهْفَانِ .
____________________

(4/231)



ولِهْبُ بنُ قَطَنِ بْنِ كَعْبٍ ، بالكَسر : أَبو ثُمَالَةَ ، القَبِيلَةِ الّتي يُنْسَبُ إِليها اللِّهْبِيّون .
ولَهْبَانُ : موضعٌ .
واللَّهِيبُ بْنُ مالِكٍ اللِّهْبِيُّ : له حديثٌ في الكُهّانِ ، قال ابْنُ فَهْدٍ : ظَنِّي أَنّه موضوعٌ . وقيل : اللَّهَب . وانْظُرْهُ في أَنساب البُلْبَيْسيّ ، وعليّ بْنُ أَبي عليَ اللَّهَبيّ ، محركةً ويسكن ، من وَلَدَ أَبي لَهَبٍ ، قال أَبو زُرْعَةَ : مَدَنِيٌّ ، مُنْكَرُ الحَدِيثِ . وقال ابْنُ الأَثِيرِ : حِجَازيّ ، يَرْوِي الموضوعاتِ عن الثِّقات ، لا يُحْتَجُّ به .
قلت : وإِبراهيمُ بْنُ أَبي خِداشٍ ( اللَّهَبِيُّ ، عن ابْنِ عَبّاسٍ : شيخٌ لابْنِ عُيَيْنَةَ . والفًضْلُ بن عَبّاسٍ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ اللَّهَبِيّ : شاعرٌ مشهور ، والزُّبَيْرُ بْنُ داوودَ اللَّهَبِيّ ، عن أَبِي دُلاَمَةَ ، وآخَرُونَ .
لهذب : ( أَلْزَمَهُ لَهْذَباً واحِداً ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ والصّاغانيُّ ، وقال كُرَاع : ( أَي لِزازاً ولِزَاماً ) . كذا في اللِّسان .
ليب : ( اللَّيَابُ ، كسَحابٍ ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، والصّاغَانيّ هُنا ، وقد ذكره في لوب ، وقال : هو ( أَقَلُّ من مِلءِ الفَمِ مِن الطَّعامِ ) ، عن ابن الأَعرابيّ ، ( أَو قَدْرُ لُعْقَة منه تُلاكُ ) في رواية عنه وقولُهُ : تُلاك ، بالتَّاءِ المُثَنَّاةِ الفوقيَّة مضمومَة ، وفي أُخْرَى باليَاءِ آخِرِ الحروف . وذكره ابْنُ منظورٍ في لوب ، وأَعادَهُ في ليب أَيضاً . والصَّواب أَنْ ياءَهُ منقلبةٌ عن واوٍ ، فمحلُّهُ لوب ، فتَأَمَّلْ .
2 ( فصل الميم ) 2
قال شيخُنَا : هذا الفصل من زيادَاتِهِ وليس فيه ، في الحقيقة ، لَفْظٌ يُحْتَاج
____________________

(4/232)


إِليه في لُغَات العربِ ، والّتي ذكَرها مُخْتَلَفٌ فيها .
مرب : (*! مَأْرِبٌ ، كمَنْزِلٍ ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، والصّاغَانيّ ، وصاحِبُ اللسان هنا . وقد ذكروه في أَرب . وهي ( بِلادُ الأَزْدِ ) الّتي أَخْرَجهُمْ منها سَيْلُ العَرِمِ . وقد تكرّرت في الحديث . قال ابْنُ الأَثِيرِ : وهي مدينةٌ باليَمَن ، وكانت بها بِلْقِيسُ .
أَعاد هاذه المادّةَ هنا بناءً على أَنّ المِيم أَصليّةٌ ، والهمزةَ زائدةٌ . ومثلُه في البارع والمُحْكَم . وقد تقدّم أَنَّ الهمزةَ هي الأَصل والميمَ زائدةٌ ، وهو الصَّوَابُ الّذِي جرى عليه الجُمْهُورُ .
ويقالُ : إِنّ مأْرِبَ : عَلَمٌ على مُلُوكِ اليَمَنِ ، أَو غير ذلك .
ملب : ( المَلابُ ، كسَحابٍ ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وقال اللَّيْثُ : هو ( عِطْرٌ ، أَو ) هو اسْمُ ( الزَّعْفَرَانِ . و ) قد ( ذُكِرَفي لوب ) .
( ) وممّا يُستدرَكُ عليه :
الْمَلَبَةُ ، محرَّكةً : الطّاقَةُ من شَعَرِ الزَّعْفَرَان ، وتُجْمَعُ مَلَباً . قاله الصّاغانيُّ .
ميب : ( *!الْمَيْبَةُ ) : أَهْمله الجماعةُ : وهو ( شَيْءٌ من الأَدْوِيَةِ مُعَرَّبَةٌ ) عن فارسيّ ، وأَصلُ تركيبه عن ( مَيْ ) وهو الشَّراب ، و ( به ) وهو ، السَّفَرْجَلُ ثمَّ لمَّا رُكِّبَ فُتحت الباءُ .
وفي ( ما لا يَسَعُ ) : المَيْبَة : اسْمٌ فارسيٌ ، معناه الشَّرَاب السَّفَرْجَليُّ ، ويكون خاماً وغيرَ خامٍ ، ومُطَيَّباً وغَيْرَ مُطَيَّبِ ومثلُهُ قولُ وَلَدِه وغيرِه من الأَطبّاءِ .
وقال شيخُنا : لو أَعاد هنا المَشْخَلَبَ والمَخْشَلَبَ ، لكان أَوْلَى من إِعادة ما قَبْلَهُ ؛ لأَنّ منهم من قال : الميمُ هُنا أَصليَّةٌ ، على رأْي من يَفْتَحُهَا ، واستعملتهما العربُ .

____________________

(4/233)


مرنب : قلتُ : وزاد في لسان العرب ، في هذا الفصل ، ما نَصُّه : قال الأَزهَرِيُّ ، في ترجمة مرن : قرأْتُ في كتاب اللّيث في هاذا الباب : المِرْنِبُ : جُرَذٌ في عِظَمِ اليَرْبُوعِ ، قَصِيرُ الذَّنَبِ . قال أَبو منصورٍ : وهاذا خَطَأٌ ، والصَّواب الفِرْنِب بالفاءِ مكسورةً ، وهو الفأْر ، ومن قال : مِرْنِبٌ ، فقد صَحَّفَ .
2 ( فصل النون مع الباء ) 2
نبب : ( *!نَبَّ ) التَيْسُ ، ( *!يَنِبُّ ) بالكَسْر ، (*! نَبّاً ،*! ونَبِيباً ، *!ونُباباً بالضَّمّ ) في الأَخِيرِ ، (*! ونَبْنبَ : صاحَ عند الهِيَاج ) والسِّفادِ . قال عُمَرُ لوفْدِ أَهل الكُوفَةِ ، حينَ شَكَوْا سَعْداً : لِيُكَلِّمْنِي بعضُكم ، ولا *!تَنِبُّوا عندي *!نَبِيبَ التُّيُوسِ ) أَي : لا تضِجُّوا . ( و ) يُقَالُ : ( نَبَّ عَتُودُهُ ) : إِذا ( تَكَبَّرَ وتَعَاظَمَ ) ، قال الفَرَزْدَقُ :
وكُنّا إِذا الجَبّارُ نَبَّ عَتُودُهُ
ضَرَبْنَاهُ تَحْتَ الأُنْثَيَيْنِ على الكَرْدِ
( و ) عن ابْنِ سِيدَهْ : ( *!الأُنْبُوبُ ) ، أَي بالضَّمِّ ، أَطلقه اعتماداً على الشُّهْرَة ، ( مِنَ القَصَبِ والرُّمْحِ كَعْبُهُما ، *!كالأُنْبُوبَةِ ) بالهاءِ . وقال اللَّيْثُ : الأُنْبُوبُ ،*! والأُنْبُوبَةُ : ما بَيْنَ العُقْدَتَيْنِ من القَصَبِ والقَنَاةِ . ومِثْلُهُ في الصَّحاح ، إِلاّ أَنَّهُ قال فيهِ : والجمعُ *!أُنْبُوبٌ ، وأَنابِيبُ . فظاهرُ عِبارَةِ المصنّفِ أَنّ الأُنْبُوب واحِدٌ ، وما بَعْدَهُ لغَةٌ فيه . والمفهومُ من الصَّحاح أَنَّ الأُنْبُوبَةَ واحدٌ ، وأَنّ جمعه أُنْبُوبٌ ، بغير هاءٍ ، وجمع الأُنْبُوبِ*! أَنَابِيبُ ، فهُو جمْعُ الجمْعِ ؛ ( و ) أَنشد ابْن الأَعْرَابيّ :
أَصْهبُ هَدّارٌ لِكُلِّ أَرْكُبِ
بِغِيلَةِ تَنْسَلُّ بَيْنَ*! الأَنْبُبِ
يجُوزُ أَن يعنَى بالأَنْبُبِ أَنابِيبَ الرِّئَةِ كأَنّهُ حذف زوائِد أُنْبُوب ، فقال : نَبَ ؛ ثم كَسَّره على *!أَنُبٍّ ، ثمّ
____________________

(4/234)


أَظهر التّضعيفَ . وكلُّ ذلك للضَّرُورَةِ . ولو قال : بَيْنَ ( الأُنْبُبِ ) ، بضم الهمزة ، لكانَ جائزاً . وهو مُرادُ المُصَنّف بقوله : ( ولَعَلَّه مَقْصُورٌ منه ) ، أَي : من الأُنْبُوب ، صرّح به أَبو حَيّانَ ، ونقله الصّاغانيُّ . ويسوغُ حينَئذٍ أَنْ يقولَ : بينَ الأُنْبُبِ ، وإِنْ كان يقتضي ( بينَ ) أَكثَرَ من واحِدٍ لأَنَّهُ أَراد الجنسَ ، فكأَنّه قالَ : بين الأَنابِيبِ .
( و ) من المجاز : ذَهَبَ في كُلِّ أُنْبُوب ، وهو ( مِنَ الجبَلِ الطَّرِيقَةُ ) النّادِرةُ ( فيه ) ، هُذَلِيَّةٌ ، قال مالِكُ بْنُ خالِد الخُناعِيُّ :
في رأْسِ شاهِقَةٍ أُنْبُوبُهَا خَصِرٌ
دُونَ السَّمَاءِ لها في الجوِّ قُرْنَاسُ
( و ) من المجاز : لَهُ أُنْبُوبٌ ، أَي ( السَّطْرُ من الشَّجَرِ ) وغيرِهِ .
( و ) الأُنْبُوبُ : ( الأَرْضُ المُشْرِفَةُ ) إِذا كانت رَقِيقَةً مُرْتَفِعَةً ، والجمع أَنابِيبُ . ( و ) عنِ الأَصمعِيِّ يُقَالُ : الْزَم الأَنْبُوبَ ، وهو ( الطَّرِيقُ ) ، والْزَم المَنْحَرَ ، وهو القَدُ .
( و ) من المَجَاز : ( أَنَابِيبُ الرِّئَةِ ) ، وهي ( مَخارِجُ النَّفَسِ منها ) ، على التَّشبيه بأَنابِيبِ النَّباتِ .
( والنَّبَّةُ : الرّائِحَةُ الكَرِيهَةُ ) ، والبَنَّةُ ، بتقديم المُوَحَّدَة : الرّائحةُ الطَّيِّبَةُ ، نقله ابْنُ دُرَيْدٍ هاكذا .
(*! وتَنَبَّبَ الماءُ ) من كذا : ( تَسَيَّلَ ) منه ، وفي بعضِ النُّسخ : تَسَايَلَ ، ومنه أُنْبُوبُ الحَوْضِ لِسيْلِ مائِه ، أَو على التَّشْبِيه بأُنْبُوبِ القَصبِ ، لِكَوْنِهِ أَجوفَ مستديراً .
( *!ونَبْنَبَ ) : إِذا ( طَوَّلَ عَملَهُ في تَحْسينٍ ) ، عن أَبي عَمْرٍ و .
( و ) من المَجاز :*! نَبْنَبَ الرَّجُلُ إِذا
____________________

(4/235)


حمْحَمَ ، و ( هَذَى عندَ الجِماعِ ) ، عنه أَيضاً ؛ وهو على التَّشْبِيهِ بِنَبِيبِ التُّيُوسِ .
( *!ونَبَّبَ النَّبات*!تَنْبِيباً ) : إِذا ( صارَتْ له أَنابِيبُ ) ، أَي كُعُوبٌ . *!ونَبَّبَتِ العِجْلَةُ كذالك ، وهي بقْلَةٌ مستطيلةٌ مع الأَرض .
(*! وأَنْبَابةُ ) ظاهرُ إِطلاقه الفتحُ ، وهاكذا ضبطه الصّاغانيّ أَيضاً ، وقال ياقوت ، بالضمِّ : ( ة بالرَّيّ ) بالقُرْب منها من ناحيةِ دَنْباوَنْدَ . انتهى .
( و ) *!أَنبابةُ : قريَةٌ أُخْرَى ( بِمِصْرَ ) من الجِيزَةِ على شاطِىء النِّيل ، منها المُحَدِّثُ الصُّوفِيُّ إِسماعيلُ بْنُ يُوسُفَ الأَنْصَارِيُّ الخَزْرَجِيُّ . وقد زُرْتُ مقامَهُ بها مِراراً ، رَوَى شيئاً من الحديث ، وغَلَبَ عليه التَّنَسُّكُ ، وقد حَدَّثَ بعضُ وَلَده .
( ) وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
*! أُنْبُوبُ القَرْن : ما فَوْقَ العُقَد إِلى الطَّرَف .
ومن المجَاز : شَرِبَ من أُنْبُوبِ الكُوزِ .
وتقولُ : إِنِّي أَرى الشَّرَّ قَصَّبَ : وشَعَّب ، ونَبَّبَ ، كَعَّب .
*!ونَبَّ فُلانٌ نَبِيباً : طَلَبَ النِّكَاحَ .
وأَنَبَّهُ طُولُ العُزْبةِ .
( ) ونقل شيخُنَا عن بعض الحواشي ، كالمُستدرك على المُصنِّف :
وفي الحديث : ( من أَشْكَلَ بُلُوغُه ، *!فالإِنْبابُ دَلِيلُه ) . قال : هو مصدرُ *!أَنْبَبَ *! إِنْباباً ، إِذا نَبَتَتْ عانَتُهُ . قلتُ : هو تصحيفٌ منه ، والصَّوابُ : الإِنْباتُ ، بالفَوْقِيَّةِ . انتهى .
قلتُ : ويُمْكن أَنْ يكونَ المُرَادُ بالإِنْبابِ هو هَيَجانُه وحَمْحَمَتُهُ للجِماع ، فيكون دليلاً على بُلوغه ، والله أعلمُ .
نتب : ( نتَب ) الشَّيْءُ ، ( نُتُوباً ) ، بالضَّمّ ، مثلُ : ( نَهَدَ ، ونَتَأَ ) ، وقد مرَّ . هاكذا
____________________

(4/236)


أَوردَه الجَوْهرِيُّ ؛ وأَنشد لِلأْغْلَبِ العِجْليّ :
أَشْرفَ ثَدْياها على التَّريبِ
لَمْ يَعْدُوَا التَّفْلِيكَ في النُّتُوبِ
.
نجب : ( النَّجِيبُ ، و ) النُّجَبَةُ ( كَهُمزَةٍ ) مثله في الصَّحاح ولسان العرب والمُحْكَم ، خلافاً للعَلَم السَّخَاوِيّ في سِفْر السَّعادة ، فإِنّه قال : النَّجيبُ : ( الكَرِيمُ ) ، فإِذا انْفَرَد بالنَّجَابةِ منهم ، قيل : هو نُجَبةُ قَوْمِه ، وِزانُ حُلَمةٍ . وعبارةُ الصَّحاح : يُقَالُ : هو نُجَبةُ القَوْمِ إِذا كان النَّجِيبَ منهم . عن ابْنِ الأَثير : النَّجِيبُ : الفاضلُ من كُلّ حيوان . وقال ابْنُ سِيدَهْ : والنَّجِيبُ من الرِّجالِ : الكَرِيمُ ( الحَسيبُ ) ، وكذالك البعيرُ والفَرَسُ ، إِذا كانا كَريميْنِ عَتِيقَيْنِ . ( ج أَنْجابٌ ، ونُجَبَاءُ ، ونُجُبٌ ) بضَمَّتَيْنِ . ورجُلٌ نَجِيبٌ : أَي كريمٌ بيِّنُ النَّجَابةِ . ( و ) قد تكرر في الحديث ذكرُ النَّجِيبِ من الإِبِلِ ، مفرداً ومجموعاً ، وهو القَوِيُّ منها ، الخفيفُ السَّرِيعُ .
و ( نَاقَةٌ نَجِيبٌ ، ونَجِيبَةٌ . ج : نَجَائِبُ ) ونُجُبٌ .
( وقَدْ نَجُبَ ) الرَّجُلُ يَنْجُبُ : ( ككَرُمَ ، نَجابةً ) : إِذا كان فاضِلاً نَفيساً في نَوْعه ، ومنه الحديث : ( إِنّ الله يُحِبُّ التّاجِرَ النَّجِيبَ ) ، أَي : الفاضلَ الكريمَ السَّخِيَّ .
( وأَنْجَبَ ) الرَّجُلُ : أَي وَلَدَ نَجِيباً ، قال الأَعْشَى :
أَنْجَبَ أَزمانَ والِداهُ بِهِ
إِذْ نَجَلاَهُ فَنِعْمَ ما نَجَلاَ
ورُوِيَ ( أَيّامَ ) بدل : ( أَزْمانَ ) . ووجدتُ في هامش الصَّحاح : ويُرْوَى ( أَيَّامُ وَالِدَيْه ) برَفْعِ أَيّام مضافةً إِلى الوالدينِ ، فتكون الأَيّامُ فاعلةَ أَنْجَبَ ) على المَجَاز وفي الرِّواية الأُولى يكون في ( أَنْجَبَ ) ضميرٌ من
____________________

(4/237)


الممدوح ، ووالداه رُفعَ بالابتداءِ ، والخَبَرُ محذُوفٌ ، تقديرُه : أَيَّامَ والداهُ مسرورانِ به ، لأَدَبِهِ وكَوْنِه ، وماا ءَشبهَ ذالك .
وأَنْجَبَتِ المرأَةُ . ( و ) تقول : ( رَجُلٌ مُنْجِبٌ ) كمُحْسِنٍ ، ( وامْرَأَةٌ مُنْجِبَةٌ ، ومِنْجابٌ ) بالكسر : إِذا ( وَلَدا النُّجَبَاءَ ) الكُرَمَاءَ من الأَولاد .
وامرأَةٌ مِنْجَابٌ : ذاتُ أَولادٍ نُجَبَاءَ ، ونِسوة مَنَاجِيبُ . والنَّجَابَةُ مصدرُ النَّجِيبِ من الرِّجَال ، وهو الكَرِيمُ ذو الحَسَبِ إِذا خَرَج خُرُوجَ أَبِيهِ في الكَرم والفِعْل ، وكذالك النَّجابَةُ في نَجائب الإِبلِ ، وهي عِتاقُها الّتي يُسابَقُ عليها .
( والمُنْتَجَبُ ) ، على صيغة المفعول : ( المُخْتارُ ) من كلّ شيْءٍ .
وقد انْتَجَبَ فلانٌ فُلاناً : إِذا استَخلَصه ، واصْطفاهُ اختياراً على غيره .
( والمِنْجَابُ ، بالكسر ) : الرَّجُلُ ( الضَّعِيفُ ) ، وجمعُه مَناجِيبُ قال عُرْوَةُ بْنُ مُرَّةَ الهُذَلِيُّ :
بَعَثْتُهُ في سَوادِ اللَّيْلِ يَرْقُبُني
إِذا آثَرَ النَّوْمَ والدِّفْءَ المناجِيبُ
ويُرْوَى : ( المَنَاخِيبُ ) ، وسيأْتي .
( و ) قال أَبو عُبَيْدٍ : المِنْجَابُ : ( السَّهْمُ المَبْرِيُّ بلا رِيشٍ ، و ) لا ( نَصْلٍ ) . وقال الأَصْمَعِيُّ : المِنْجَابُ من السِّهام : مَا بُرِيَ وأُصْلِح وَلَم يُرَشْ ولم يُنْصَلْ ، ونقل الجَوْهَرِيُّ عن أَبي عُبَيْدٍ : المِنْجَابُ : السَّهْمُ الّذِي ليس عليه رِيشٌ ولا نَصْلٌ .
( و ) المِنْجَابُ : ( الحَدِيدَةُ تُحَرَّكُ بها النّارُ ) ، وذا من زياداته .
( والمَنْجُوبُ : الإِناءُ الواسعُ الجَوْفِ ) وعبارة الصَّحاح : القَدَحُ الواسع . وقيل : واسعُ القَعْرِ ، وهو مذكور بالفاءِ أَيضاً ، قال ابْنُ سِيدَهْ : وهو الصَّواب . وقال غيره : يجوزُ أَنْ يكونَ الباءُ والفاءُ تعاقَبَا ، وسيأتي .
( والنَّجَبُ ، مُحَرَّكَةً : لِحاءُ الشجَرِ ،
____________________

(4/238)


أَو قِشْرُ عُرُوقِها ، أَو قِشْرُ ما صَلُبَ منها . ولا يُقالُ لِما لانَ من قُشُورِ الأَغْصَانِ : نَجَبٌ ، ولا يُقَالُ : قِشْرُ العُرُوق ، ولاكن يُقَالُ : نَجَبُ العُرُوقِ ، والواحدة نَجَبَة .
والنَّجْبُ ، بالتَّسكين : مصدرُ نَجَبْت الشجَرةَ أَنْجُبُها وأَنْجِبُها ، إِذا أَخذتَ قِشْرَةَ ساقِهَا . ( و ) قال ابْنُ سِيدَهْ : ( نَجَبَهُ يَنْجُبُه ) بالضَّمّ ، ( ويَنْجِبُه ) بالكسر ، نَجْباً ، ( ونَجَّبَهُ ) تَنْجِيباً ، ( وانْتَجَبَهُ : أَخَذَ قِشْرَهُ ) .
وذَهَب فُلانٌ يَنْتَجِبُ : أَي يجمعُ النَّجَبَ .
( وسِقَاءٌ مَنْجُوبٌ . و ) قال أَبو حنيفَةَ : قال أَبو مِسْحَلٍ : سِقَاءٌ ( مِنْجَبٌ ، كمِنْبرٍ ) . قال ابنُ سِيدَهْ : وهذا لَيْسَ بشيْءٍ ؛ لأَنّ مِنْجَباً مِفْعَل ، ومفْعَلٌ لا يُعَبَّرُ عنه بمفعول ( و ) سِقَاءٌ ( نَجَبِيٌّ ) مُحَرَّكَةً ، كلُّ ذلك : أَي ( مَدْبُوغٌ بِهِ ) ، أَي : بالنَّجَب ، وهو لِحاءُ الشَّجرِ . ( أَو ) المنجوبُ : المدبوغ ( بقُشُورِ سُوقِ الطَّلْحِ ) . وبخطّ أَبِي زَكَرِيّا في هامش الصَّحاح : بقُشُورِ الطَّلْح ، وهو خطأٌ . وقولُ الشّاعرِ :
يا أَيُّها الزَّاعِمُ أَنِّي أَجْتَلِبْ
وأَنَّنِي غَيْرَ عِضاهِي أَنْتَجِبْ
فمعناه : أَنَّني أجْتَلِبُ الشِّعْرَ من غيري ، فكأَنّي إِنّمَا آخُذُ القِشْرَ لاِءَدْبُغَ به من عِضاهٍ غيرِ عِضاهِي .
( والنَّجْبُ ، بالفتح ) ، ذكرُ الفتح مُسْتَدْركٌ : ( السَّخِيُّ الكَرِيمُ ) ، كالنَّجِيبِ ، وهو صريحٌ في أَنّه صفةٌ عليه ، كالضَّخْم من ضَخُمَ ، قاله شيخُنا .
( و ) النَّجْبُ : ( ع لِبَنِي كَلْبٍ ) ، هاكذا في النُّسخ ، وصوابه : بني كِلابٍ ، كذا في المُعْجَم ، وقال القَتّالُ الكِلابيُّ :
عَفا النَّجْبُ بَعْدِي فالعُرَيْشَانِ فالبُتْرُ
فَبُرْقُ نِعَاجٍ من أُمَيْمَةَ فالحِجْرُ
( و ) نَجَبٌ ( بالتَّحْرِيكِ ) ، ومُعَاذٌ
____________________

(4/239)


( وادِيان وَرَاءَ مَاوَانَ ) في دِيار مُحَارِبَ ، ويقال له : ذو نَجَبٍ أَيضاً .
( و ) في حديث ابْن مسعود : ( أَنعامُ من ( نَجائِبِ القُرآنِ ) ) أَي : ( أَفْضَلُهُ ومحْضُهُ ) ، أَي : من خالص سُوَرِهِ وأَفاضِلها .
( ونَوَاجِبُهُ ) ، أَي : ( لُبَابُه الَّذِي ليس عليه نَجَبٌ ) ، أَي قشرٌ ولِحَاءٌ ، ( أَو عِتَاقُهُ ) ، من قولهم : نَجَبْتُهُ : إِذا قَشَرْتَ نَجَبَهُ . قالهُ شَمِرٌ ، ولا يخفى أَنّهما قولٌ واحد ، فلا حاجةَ إِلى التّفريق ب ( أَوْ ) .
( والنُّجْبَة ، بالضَّمّ : ماءٌ لبَنِي سَلُولَ ) ، بالضُّمْرَيْنِ .
ونَجْبَةُ ، بفتح فسكون : قَرْيَة من قرَى البَحْرَيْنِ لبني عامِرِ بْنِ عبد القَيْس ، كذا في المُعْجم . وفي لسان العرب : النَّجَبَةُ ، محرَّكةً : موضع بعَيْنه ، عن ابن الأَعْرَابيّ ؛ وأَنشد :
فَنَحْنُ فُرْسَانٌ غَدَاةَ النَّجَبَهْ
يَوْمَ يَشُدُّ الغَنَوِيُّ أُرَبَهْ
عَقْداً بعَشْرِ مِائَةٍ لن تُتْعِبَهْ
قال : أَسَرُوهُم ، فَفَدَوْهُم بأَلْفِ ناقةِ .
( وذُو نَجب ، مُحَرَّكَةً : واد لِمُحَارِبَ ) ولا يَخفى أَنَّهُ الّذِي تقدَّمَ ذكرُه آنِفاً ، ( ولَهُ يَوْمٌ ) ، أَي : معروفٌ . قال ياقوت : كانت فيه وَقعةٌ لبني تَمِيمٍ على بني عامِرِ بْنِ صَعْصَعةَ ، وفيه يقول سُحَيْمُ بْنُ وَثِيلٍ الرِّيَاحيّ :
ونَحْنُ ضَرَبْنَا هامَةَ ابْنِ خُوَيْلدٍ
يَزِيدَ وضَرَّجْنا عُبيْدةَ بالدَّمِ
بذِي نَجَبٍ إِذْ نَحنُ دُونَ حَرِيمِنا
عَلى كُلِّ جَيَّاشِ الأَجارِيّ مِرْجَمِ
وأَنشد البَلاذُرِيُّ في المعالم لجَرِيرٍ :
فاسأَلْ بِذِي نَجَبٍ فَوارِسَ عَامِرٍ
واسْأَلْ عُيَيْنَةَ يوْم جَزْعِ ظلالِ
وقال أَيضاً :
مِنّا فَوَارِسُ ذِي نَهْدِ وذِي نَجَبٍ
والمُعْلَمُونَ صَبَاحاً يومَ ذِي قارِ
وقال الأَشْهِبُ بْنُ رُمَيْلَةَ :
____________________

(4/240)



وغادَرْنا بِذِي نَجَبٍ خُلَيْفاً
عليهِ سَبائِبٌ مِثْلُ القِرَامِ
واختلفت أَقَاوِيلُهُم في سبب الحرب ، ليس هاذا محلَّها .
( وأَنْجَبَ ) الرَّجُلُ : جاءَ بوَلَدٍ نَجِيبٍ ، وأَنْجَبَ : ( ولَدَ وَلَداً جَبَاناً ) ، وهو ( ضِدَ ) . فمن جعله ذَمّاً ، أَخذه من النَّجَبِ ، وهو قشرُ الشَّجَر . قال شيخُنَا : وقد يُقَالُ : لا مُضَادَّةَ بينَ النَّجَابة والجُبْن ، فإِنّ النَّجابةَ لا تقتضي الشَّجاعَةُ ، بل قد يكونُ الشّجَاعُ غيرَ نَجِيبٍ ، ويكونُ النَّجِيبُ غيرَ شُجَاعٍ ، وهو ظاهر . فة مُضَادَّةَ . انتهى .
( ونَجِيبُ بْنُ مَيْمُون ) الواسطيُّ : مُحَدِّثُ هَرَاةَ .
( وأَبُو النَّجِيب ) عبدُ القاهرِ بْنُ عبدِ اللَّه بنِ محمّد البَكْريُّ الفَقيه ( الزَّاهِدُ السُّهْرَوَرْدِيُّ ) ، إِلى سُهْرَوَرْدَ ، قريةٍ بين زَنْجَانَ وهَمَذَانَ : ( مُحَدِّثانِ ) وإِلى الثّاني نُسِبَتِ المحلّةُ النَّجِيبيّةُ ببغدادَ ، والطَّرِيقَةُ السُّهْرَوَرْدِيّة ، وهو عَمُّ الإِمَامِ شِهابِ الدّين أَبي حَفْصٍ السُّهْرَوَرْدِيّ البَكْرِيِّ صاحِب الشِّهابيّة ؛ ولهما في كتب التّواريخ تراجمُ جَمّةٌ ، ليس هاذا مَحَلَّ ذِكرِها .
وفاتَهُ : نَجِيبُ بْنُ السَّرِيّ ، رَوى عنه محمّدُ بْنُ حِمْيَرْ ؛ وأَحمد بْنُ نَجِيبِ بنِ فائزٍ العَطّار ، عن ابن المعْطُوشِيّ ، ومحمد بْنُ عبد الرَّحمن بْنِ مَسْعُودِ بنِ نَجيبٍ الحِلّيّ ، عن ابْنِ قُلَيْبٍ ، ونجيبُ بْنُ أَب الحسَن المقري . ذكرهم ابنُ سليم . ونَجيبُ ابْنُ عَمَّارِ بنِ أَحمد الأَمير ، أَبو السَّرايا ، روى عن أَبي نَصْر . وأَبو النَّجِيب عبدُ الغَفّارِ الأُمويُّ . وأَبو النَّجِيبِ ظليمٌ : تابِعِيٌّ ، روى عن أَبي سعيدٍ . وأَبو النّجيب المَرَاغِيّ : شاعِر . ذكرهم ابْنُ ماكوُلا .
( ) وممّا يُسْتَدْرَكُ على المؤلّف :
نَجْبَةُ النَّمْلَةِ ، بالفتح : قَرْصُهَا ،
____________________

(4/241)


في حديثِ أُبَيَ : ( المُؤْمِنُ لا تُصِيبُه ذَعْرَةٌ ، ولا عَثْرَةٌ ، ولا نَجْبةُ نَمْلَة ، إِلاّ بذَنْب ) . قال ابْنُ الأَثِيرِ : ذكرَه أَبو مُوسَى ها هُنا . ويُرْوَى بالخاءِ المُعْجَمَةِ ، كما سيأْتي . ونقله ابْنُ الأَثِيرِ عن الزَّمَخْشَرِيّ بالوَجْهيْنِ .
ومِنْجابٌ ، ونَجَبةُ : اسْمانِ .
وحَمّامُ مِنْجَابٍ : بالبَصْرَة ، قال ابْنُ قُتَيْبَةَ : إِلى مِنْجابِ بْن راشِدٍ الضَّبِّيِّ ، وقال أَبو منصورٍ الثّعالبيُّ ، إِلى امْرَأَةٍ ، وفيه يقولُ القائلُ :
يا رُبَّ قائِلَةٍ يَوْماً وقد تَعِبَتْ
كَيْفَ السَّبِيلُ إِلى حَمَّامِ مِنْجَابِ
قلت : ومِنْجَابُ بْنُ راشِد النّاجي : يقالُ له صُحْبَةٌ . وأمّا الّذِي نُسبَ إِليه الحَمّامُ فهو مِنجابُ بْنُ راشِدِ بن أَصْرمَ الضَّبِّيُّ ، نزل الكُوفَةَ ، وعنه ابْنُهُ سَهْمٌ . وكان شريفاً .
نحب : ( النَّحْبُ ) : رفعُ الصَّوْت بالبُكاءِ ، كذا في الصَّحاح . وفي المحكم : ( أَشَدُّ البكَاءِ . كالنَّحِيبِ ) ، وهو البكاءُ بصوتٍ طويلٍ ومَدّ . ( وقدْ نَحَبَ ، كمَنَعَ ) ، يَنْحَبُ ، نَحْباً . وفي المحكم والصَّحاح : ينْحِبُ ، بالكَسر ، ( وانْتَحَبَ ) انُتِحاباً مثلُهُ . وقال ابْنُ مَحْكَانَ :
زَيَّافَةٌ لا تُضِيعُ الحَيَّ مَبْرَكَها
إِذَا نَعَوْها لِراعِي أَهْلِها انْتَحَبَا
وكُلُّ ذالك من المَجَاز .
( و ) النَّحْبُ : ( الخَطَرُ العَظِيمُ ) يقالُ : ناحبَهُ على الأَمْر : خاطَرَه ، قال جَرير :
بِطَخْفَةَ جالَدْنَا المُلُوكَ وخَيْلُنا
عشِيَّةَ بِسْطَامٍ جَرَيْنَ على نَحْبِ
أَي : على خَطَرٍ عظيم .
( و ) النَّحْبُ : ( المُرَاهَنَةُ ) ، والفِعْلُ كالفِعْل ، يقال : ( نَحَبَ ، كجَعَلَ ) ،
____________________

(4/242)


أَي : من بابِ مَنَعَ ، وإِنَّمَا غَيَّرَهُ تَفَنُّناً .
( و ) النَّحْبُ : الهِمَّةُ .
( و ) النَّحْبُ : ( البُرْهَانُ ) ، النَّحْبُ : ( الحاجَةُ ) . وقيل في تفسير الآية : { قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ } ، فَأَدْرَكُوا ما تَمَنَّوْا ، وذلك قَضاءُ النَّحْبِ .
( و ) النَّحْبُ : ( السُّعالُ ، وفِعْلُه كضَرَبَ ) ، يقال : نَحَبَ البعيرُ ، يَنْحِبُ ، نُحَاباً ، بالضَّمّ ، إِذا أَخذه السُّعَالُ . وقال الأَزْهَرِيُّ ، عن أَبي زيدٍ : من أَمراضِ الإِبِل : النُّحَابُ ، والقُحَابُ والنُّحَازُ ، وكُلّ هذا من السُّعَال .
( و ) من المَجَاز : النَّحْبُ : ( المَوْتُ ) قال اللَّهُ تَعَالَى : { فَمِنْهُمْ مَّن قَضَى نَحْبَهُ } ( الأحزاب : 23 ) ، أَي : أَجَلَهُ ، ( و ) النَّحْبُ أَيضاً : ( الأَجَلُ ) ، قالَهُ الزَّجّاج والفَرَّاءُ يقالُ قَضَى فُلانٌ نَحْبَهُ : إِذا ماتَ . وفي الأَساس : كأَنَّ المَوْتَ نَذْرٌ في عُنُقِه . وفي غيرِه : كأَنَّه يُلْزِمُ نَفْسَهُ أَن يُقَاتِلَ حتَّى يَمُوتَ .
( و ) قالَ الزجّاج : النَّحْب : ( النَّفْسُ ) ، عن أَبي عُبيْدة .
( و ) النَّحْبُ : ( النَّذْر ) ، وبه فسَّر بعضُهم الحديثَ : ( طَلْحةُ مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ ) ، أَي : نَذْرَهُ ، كأَنّه أَلْزَم نفْسهُ أَن يَصْدُقَ الأَعداءَ في الحرب ، فَوَفَّى به ، ولم يَفْسَخْ . وفي الأَساس : ونَحَبَ فلانٌ نَحْباً ، ونَحَّب تَنْحِيباً : أَوْجَبَ على نَفْسِهِ أَمراً ، وهو مُنَحِّبٌ كمُحَدِّث ، ( وفِعْلُهُ كَنَصَرَ ) ، تقول : نَحَبْتُ أَنْحُبُ ، وبه صَدَّرَ الجَوْهرِيّ ، قالَ الشّاعر :
فإِنِّي والهِجَاءَ لآِلِ لأْمٍ
كذَاتِ النَّحْبِ تُوفِي بالنُّذُور
وقال لَبِيدٌ :
أَلاَ تَسْأَلانِ المَرْءَ ماذا يُحَاوِلُ
أَنَحْبٌ فيُقْضَى أَمْ ضَلالٌ وباطِلُ
يقولُ : عليه نَذْرٌ في طُولِ سَعْيِهِ .
( و ) النَّحْبُ : ( السَّيْرُ السَّرِيعُ ) ،
____________________

(4/243)


مثلُ النَّعْب ، أَورده الجوْهَرِيُّ عن أَبي عَمرٍ و . ( أَو الخَفِيفُ ) في كَثْرةِ الدَّأْبِ والمُلازَمَةِ .
( و ) عن أَبي عَمرٍ و : النَّحْبُ : ( الطُّولُ ) . ورُوِيَ عن الرِّياشِيّ : يَوْمٌ نَحْبٌ ، أَي طويلٌ .
( و ) النَّحْبُ : ( المُدَّة والوقْتُ ) .
( و ) النَّحْبُ : ( اليَوْمُ ) هاكذا في النُّسخ ، بالياءِ التَّحْتِيّة . وفي لسان العرب : النَّوْم ، بالنّون .
( و ) النَّحْبُ : ( السِّمَنُ ) .
( و ) النَّحْبُ : ( الشِّدَّةُ ) .
( والقِمَارُ ) ، وهو قَريبٌ من المُرَاهَنة .
( و ) النَّحْبُ : ( العَظِيمُ من الإِبِل ) ، نَقَلَه الصاغانيّ .
( و ) من المجَاز : ( نَحَّبوا تَنْحِيباً ) ، وذالك إِذا ( جَدُّوا في عَمَلِهِم ) . نقله الجَوْهَرِيُّ ، عن أَبي عَمْرو ؛ قال طُفَيْلٌ :
يَزُرْنَ أَلاَلاً ما يُنَحِّبْنَ غَيْرَهُ
بِكلِّ مُلَبَ أَشْعثِ الرَّأْسِ مُحْرِمِ
( أَو ) نَحَّبُوا : إِذا ( سارُوا ) ، فَأَجْهَدُوا ( حَتَّى قرُبُوا ) ، من باب كرُم ، ( مِنَ الماءِ ) ، والمصدرُ : التَّنْحِيبُ وهو شِدَّةُ القَرَبِ للماءِ ؛ قال ذُو الرُّمَّة :
ورُبَّ مَفازَةٍ قَذَفٍ جَمُوحٍ
تَغُولُ مُنَحِّبَ القَرَبِ اغْتِيَالا
( و ) نَحَّبَ ( السَّفَرُ فُلاناً ) : إِذا سارَ كثِيراً ، و ( أَجْهدَهُ ) .
( و ) من المجاز : ( سَيْرٌ ) نَحْبٌ ، و ( مُنَحِّبٌ كمُحَدِّث ) ، أَي : ( سَرِيعٌ ) ، وكذلك الرَّجُلُ . وفي الصَّحاح : سار فلانٌ على نَحْبٍ : إِذا سار فأَجْهَدَ السَّيْرَ ، كأَنّه خاطَرَ على شَيْءٍ فجَدَّ ؛ قال الشّاعر :
وَرَدَ القَطَا مِنْهَا بخمْسٍ نَحْبِ
أَي : دائبٍ .
وسِرْنا إِليهَا ثلاثَ لَيالٍ مُنَحِّباتٍ : أَي دائِباتٍ . ونَحَّبْنَا سَيْرَنَا : دَأَبْنَاهُ ، ويُقالُ : سَار سَيْراً مُنَحِّباً ، أَي : قاصِداً ،
____________________

(4/244)


لا يُرِيدُ غيره ، كأَنّهُ جعل ذالك نَذْراً على نفسه . قال الكُمَيْتُ :
يَخِدْن بِنَا عَرْضَ الفَلاةِ وطُولَهَا
كَمَا صارَ عن يُمْنَى يَدَيْهِ المُنَحِّبُ
المُنَحِّبُ : الرّجلُ . قال ابْنُ سِيدَهْ : هذا البيت أَنْشَده ثعلبٌ ، وفَسَّرَه فقال هاذا الرَّجلُ حَلَفَ : إِنْ لَمْ أَغْلِبْ قطَعْتُ يدِي . كأَنَّهُ ذَهبَ به إِلى معنَى النَّذْرِ ، كذا في لِسان العرب ، وفيه تَأَمُّلٌ .
( والنُّحْبَةُ ، بالضَّمّ : القُرْعةُ ، و ) هو مأْخوذٌ من قولهم : ( ناحَبَهُ ) إِذا ( حَاكَمَهُ وفاخَرَهُ ) ؛ لاِءَنَّها كالحَاكِمَة في الاسْتِهَام ، وهو من المجاز .
ونَاحبْتُ الرَّجُلَ إِلى فلانٍ : مثلُ حاكَمْتهُ . وفي الصَّحاح : قال طَلْحَةُ بْنُ عبيدِ اللَّهِ لابْنِ عَبّاسٍ ، رضيَ الله عنهما : فهَلْ لَكَ في أَنْ أُنَاحِبَك ، وتَرْفَعَ النَّبِيَّ ، صلى الله عليه وسلم قال أَبو عُبَيْدٍ قال الأَصْمَعِيُّ : ناحَبْتُ الرَّجُل : إِذا حاكَمْتَهُ ، أَو قاضَيْتَه إِلى رَجلٍ . وقال غيْرهُ : ناحَبْتُهُ ونافَرْتُهُ مثلُهُ ، قال أَبو منصور : أَراد طَلْحةُ في هذا المَعْنى ، كأَنَّهُ قالَ لاِبنِ عَبَّاس : أُنافِرُكَ ، أَي : أُفاخِرُك وأُحاكِمك ، فتَعُدُّ فضائلَك وحَسَبَكَ ، وأَعُدُّ فضائلي ، ولا تَذْكُرْ في فضائلِك النَّبِيَّ ، صلى الله عليه وسلم وقُرْبَ قَرَابَتِك منه ؛ فإِنّ هاذا الفضلَ مُسَلَّمٌ لك ، فارفَعْه من الرَّأْسِ ، وأَنافِرُك بما سِواهُ . يعني : أَنّهُ لا يقْصُرُ عنه فيما عدا ذلك من المَفَاخِر . ومثلُه في هامش الصَّحاح مُخْتَصَراً . وفي الحديث : لو عَلِمَ النّاسُ ما في الصَّفِّ الأَوّلِ ، لاقْتَتَلُوا عليه ، وما تَقَدَّمُوا إِلاّ بنُحْبَة ) أَي : بقُرْعَةٍ .
( و ) المُنَاحَبَةُ : المُخَاطَرَةُ ، والمُراهَنَةُ . ويقالُ : نَاحَبهُ : إِذا ( راهنَهُ ) . وفي حديثِ أَبي بَكْر ، رَضيَ اللَّهُ عنه ،
____________________

(4/245)


في مُناحَبَةِ : { الم } غُلِبَتِ الرُّومُ صلى الله عليه وسلم > أَي : مُرَاهَنَتِه لقُرَيْش بينَ الرُّومِ والفُرْس . نخب : ( النُخْبَةُ ، بالضَّمِّ ، و ) النُّخَبَةُ ( كهُمَزَةٍ ) ، الأَوّلُ قولُ أَبِي منصور وغيرِه ، والثّاني قولُ الأَصمَعيّ ، وهي اللُّغَة الجَيِّدة : ( المُخْتَارُ ) ، وجمع الأَخيرِ : نُخَبٌ ، كرُطْبَة ورُطَب .
( وانْتَخَبَهُ : اخْتَارَهُ ) .
ونُخْبَةُ القَوْمِ ونُخَبَتُتُهمْ : خِيارُهم . وجاءَ في نُخَبِ أَصحابِهِ : أَي في خِيَارِهِم والنُّخْبَةُ : الجماعةُ تُخْتارُ من الرِّجال فتُنْزَعُ منهم ؛ وفي حديثِ عليَ ، وقِيلَ : عُمَرَ ، رضي اللَّهُ عنهما : ( وخَرَجْنا في النُّخْبَة ) . وهم المُنْتَخَبُون من النّاس المُنْتقَوْنَ . وفي حديثِ ابْنِ الأَكْوَعِ : ( انْتَخَبَ من القَوْمِ مَائَةَ رَجُلٍ ) .
ونُخْبةُ المَتاعِ : المُخْتَارُ يُنْتَزَعُ منه . وعن اللَّيْث : انْتَخَبْتُ أَفْضَلَهُم نُخْبَةً ، وانْتَخَبْتُ نُخْبَتَهُم .
( والنَّخْب : النِّكَاحُ ) ، وعِبارةُ الجَوْهرِيّ : البِضَاعُ . ( أَو نَوْعٌ منه ) . قاله ابْنُ سيدهْ . وقال : وعَمَّ به بعضُهم .
( وفِعْلُه كمَنَعَ ونر ) . نَخَبَها النَّاخِب ، يَنْخَبَها ، ويَنخُبَها ، نَخْباً .
____________________

(4/246)



( و ) النَّخْبُ : ( العضُّ ) ، والقَرْصُ . يقال : نَخَبتِ النمْلةُ ، تَنْخُب : إِذ عَضَّتْ . قال ابْنُ السّيد : ونَخْبَةُ النَّمْلةِ والقَمْلةِ : عَضَّتُهُما . ومثلُهُ في النِّهَاية ، ونقله عن الزَّمَخْشَرِيّ بالجِيمِ والخاءِ المُعْجمَةِ ، وذكر الحديثَ ورفَعَه : ( ولا يُصِيبُ المؤْمِنَ مُصِيبةٌ ولا ذَعْرةٌ ، ولا عَثْرةُ قَدَم ، ولا اخْتِلاجُ عِرْقٍ ، ولا نَخْبَةُ نَمْلَةٍ ، إِلاّ بذَنْبٍ ، وما يَعْفُو اللَّهُ أَكْثَرُ ) . وكذا ذكَره أَبو موسى بهما .
( و ) النَّخْبُ : ( النَّزْعُ ) ، تقول : نَخَبْتُه ، أَنْخُبُه إِذا نَزَعْتَهُ ، وانْتَخَبَهُ : انْتَزَعَهُ . ( وفِعْلُهما ، كنَصَر ) ، على ما بيَّنّاه .
( و ) النَّخْبُ : ( الاسْتُ ، كالمَنْخَبَة ) الأَخيرُ عن الفَرّاءِ . والّذِي في لسان العرب : النَّخْبةُ ، بزيادة الهاءِ ؛ قال :
واخْتَلَّ حَدُّ الرُّمْحِ نَخْبَةَ عامِرٍ
فَنَجَا بِها وأَقَصَّهَا القَتْلُ
وقال الرّاجِز :
إِنَّ أَباكِ كانَ عَبْداً جازِرا
ويأْكُلُ النَّخْبَةَ والمَشَافِرا
قال : والمَنْخَبةُ : اسم أُمِّ ، سُوَيْدٍ .
( و ) النَّخْبُ : ( الشَّرْبَةُ العَظِيمَةُ ) ، عن أَبي زَيْدٍ ، ونَصُّه : النُّخْبَةُ بالضَّمّ مع الهاءِ . قال الصَّاغانيُّ : ( وهي بالفارِسِيَّةِ دُوسْتكَانى ، بالضَّم ) .
( و ) النَّخْبُ : الجُبْنُ ، وضَعْفُ القلب . يقال : ( رَجُلٌ نَخِبٌ ) ككَتِفٍ ، ( ونَخْبٌ ) بفتح فسكون ، ( ونَخَبَةٌ ) بزيادة الهاء ( ونُخْبَةٌ ) بالضَّمّ ، ( ونِخَبٌّ كهِجَفَ ) ، وهاذه عن الصّاغانيّ ، ( ومُنْتَخَبٌ ) على صيغة
____________________

(4/247)


المفعول ، ( ومَنْخُوبٌ ، ونِخِبٌّ ) ، بكسر الأَوّل والثّاني مع تشديد المُوَحَّدَة ، لغةٌ في : نِخَبَ ، كهِجَفَ ، نقله الصّاغانيُّ ، وقال : أَكثرُ ما يُرْوَى في شعر جَرِير . ( ويَنْخُوبٌ ، ونَخِيبٌ ) ، كأَمِير : ( جبانٌ ) كأَنَّهُ مُنْتَزَعُ الفؤَادِ أَي : لا فُؤَادَ له ، أَو الّذي ذهب لَحْمُهُ وهُزِلَ .
واقتصر الجَوْهَرِيّ على الأَوّل ، والعاشِرِ ، والسّابِعِ ، والسّادِسِ ، وفسَّره بما ذكرنا .
زاد في لسان العرب : ومنه نَخَبَ الصَّقْرُ الصَّيْدَ : إِذا انْتَزَع قَلْبَهُ . وفي حديثِ أَبِي الدَّرْداءِ : ( بئسَ العَوْنُ على الدِّينِ قَلْبٌ نَخِيبٌ ، وبَطْنٌ رَغِيبٌ ) النَّخِيبُ : الجَبَانُ الّذِي لا فُؤَادَ له ، وقيل : هو الفاسِدُ الفِعْلِ .
( ج ) : أَي جمعُ النَّخِيب : ( نُخُبٌ ) بضم النون والخاءِ . وأَمَّا المَنْخُوب ، فإِنّه يُجْمَعُ على المنْخُوبِين . قال ابْنُ الأَثِيرِ : وقد يُقَالُ في الشِّعْر ، على مَفَاعِلَ : مَناخِبُ . وقال أَبو بكر : يقال لِلْجَبانِ نُخْبَةٌ ، وللجُبَنَاءِ نُخَبَاتٌ ؛ قال جَرِيرٌ يهجو الفَرَزْدَقَ :
أَلَمْ أَخْصِ الفَرَزْدَقَ قد عَلِمْتُمْ
فَأَمْسَى لا يَكِشُّ مع القُرُومِ
لَهُمْ مَرٌّ وللنُّخَبَاتِ مَرٌّ
فَقُدْ رَجَعُوا بِغَيْرِ شَظًى سَلِيمِ
( و ) النَّخِبُ ، ( كَكَتِفٍ ، واد بالطَّائفِ ) ، عن السَّكُونيّ ، وأَنشدَ :
حَتَّى سمِعْتُ بِكُمْ وَدَّعْتُمُ نَخِباً
ما كانَ هاذا بحِينِ النَّفْرِ من نَخِبِ
وقال الأَخفش : نَخِبٌ : وادٍ بأَرْضِ هُذَيْل . وقيل : واد من الطَّائِف على ساعة . ورواهُ بفتحتينِ ، مَرَّ به النَّبِيُّ ، صلى الله عليه وسلم من طريقٍ يقال لها الضَّيْقَة ، ثم خَرَجَ منها على نَخِبٍ حتى نَزَلَ تَحْتَ سِدْرَةٍ ، يقالُ لها : الصّادِرَةُ ، كذا في المُعْجَم . قلتُ : وفي حديثِ
____________________

(4/248)


الزُّبَيْرِ : ( أَقْبَلْتُ مع رسولِ اللَّهِ ، صلى الله عليه وسلم مِنْ لِيَّةَ ، فاستَقْبَلَ نَخِباً ببَصَرِهِ ) . قال ابْنُ الأَثِيرِ : هو اسْمُ مَوْضِع هُنَاك ؛ قال أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ ظَبْيَةً ووَلَدَها :
لَعَمْرُكَ ما خَنْساءُ تَنْسَأُ شادِناً
يَعِنُّ لها بِالجِزْعِ مِن نَخِبِ النَّجْلِ
أَراد : من نَجْلِ نَخِبٍ ؛ فقلَبَ ؛ لاِءَنَّ النَّجْلَ الّذِي هو الماءُ في بُطُونِ الأَوْديةِ جِنْسٌ ، ومن المُحال أَنْ تُضَافَ الأَعْلاَمُ إِلى الأَجناس ، كذا في لسان العرب . وقال ياقوت : النَّجْل ، بالجيم النَّزُّ ، وأَضافه إِلى النَّجْل ، لاِءَن به نِجالاً كما قيل : نَعْمانُ الأَرَاك ، لاِءَن بهِ الأَرَاك ، ويقالُ نَخِبٌ : واد بالسَّرَاةِ .
( والمَنخُوبُ : الذّاهبُ اللَّحْمِ المَهْزُولُ ) ، وهم المَنْخُوبُونَ .
( والمِنْخابُ ) ، الرَّجُلُ ( الضَّعِيفُ ) الّذِي ( لا خَيْرَ فِيهِ ) ، لغة في الجيم ، جمعه : مَنَاخِيبُ . قال أَبو خِراشٍ :
بَعَثْتُهُ في سَوَادِ اللَّيْلِ يَرْقُبُني
إِذْ آثَرَ الدِّفْءَ والنَّوْمَ المَنَاخِيبُ
قيل : أَراد الضِّعافَ من الرِّجال الَّذِين لا خيرَ عندَهم . ويروى : المَنَاجِيبُ ، وقد تقدَّمَ . وقد يُقَالُ في الشِّعْرِ على : مَنَاخِبَ .
( و ) من المَجَاز : اسْتَنْخَبَتِ المَرْأَةُ : طَلَبَت أَنْ ) تُنْخَبَ ، أَي : ( تُجَامَعَ ) . وعبارةُ الجَوْهَرِيُّ : إِذا أَرادَتْهُ ، عن الأُمَوِيِّ ؛ وأَنشد :
إِذَا العَجُوزُ اسْتَنْخَبَت فانْخُبْهَا
ولاَ تَرَجَّبْها ولا تَهَبْهَا
( و ) عن ابْن الأَعْرَابِيّ : ( أَنْخَبَ ) الرَّجُلُ ، مثلُ أَنْجَبَ : ( جَاءَ بوَلدٍ جَبَانٍ ، و ) أَنْخَبَ : جاءَ بوَلَدٍ ( شُجَاعٍ ) فهو ( ضِدٌّ ) . فالأَوّل من المنخوب ، والثّاني من النُّخْبَة .
( ) وممّا يُستدرَكُ على المؤلِّف :
كَلَّمْتُه فنَخَبَ عَلَيَّ : إِذا كَلَّ عن
____________________

(4/249)


جوابِك ، عن ابْنِ دُرَيْد . والنَّخْبَةُ : خَوْقُ الثَّفْرِ .
وفي النِّهَايَة : النَّخْبُ : خَرْقُ الجِلْد .
والنِّخابُ ، بالكَسْر : جِلْدَةُ الفُؤَادِ ، قال :
وأُمُّكُمْ سارِقَةُ الحِجَابِ
آكِلَةُ الخُصْيَيْنِ والنِّخَابِ
وعبدُ الرَّحْمانِ بن مُحَمَّد البِسْطامِيّ ، شُهِرَ بابْنِ النِّخابِ ، من المُتَأَخِّرِينَ .
وفي المُعجَمِ : يَنْخُوب ، بالمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة ثمَّ نون : مَوْضِعٌ ، قال الأَعْشَى :
يا رَخَماً قاظَ على يَنْخُوبِ
يُعْجِلُ كَفَّ الخارِىءِ المُطِيبِ
وأَنشد ابْنُ الأَعْرَابيّ لبعضهم :
وأَصْبَحَ ينْخُوبٌ كأَنَّ غُبَارَه
بَراذِينُ خَيْلٍ كُلُّهُنَّ مُغِيرُ
والينْخُوبَةُ : الاسْتُ ، قال جَرِيرٌ :
إِذَا طَرَقَتْ يَنْخُوبَةٌ من مُجَاشِعٍ
واليَنْخُوبُ : الطَّويلُ .
نخرب : ( النُّخْرُوبُ ) بالضَّمّ ، وأَطْلَقَهُ اعتماداً على أَنّه ليس لنا فَعْلُولٌ بالفتح ورجَّحَ آخرون الفتحَ بناءً على زيادة النّون ، فوزنه نَفْعُول ، قال ابْنُ الأَعْرَابيّ : نون النَّخارِيب زائدة ، لأَنّه من الخَرَاب ؛ قال أَبو حَيَّانَ : وأَمّا نَخْرَبُوتٌ للنَّاقَة الفارهة ، فقيل : نُونُهُ زائدةٌ ، وأُصولُهُ : الخاءُ والرّاءُ والباءُ ، وليس بظاهر الاشتقاق من الخراب ، فينبغي أَصالةُ نُونِه ، كعنكبوت ، في قول سيبويه ، قاله شيخُنا . وقد مَرَّ ذكر تَخْرَبُوت بالفوقيّة والكلام فيه . ( الشَّقُّ في الحَجَرِ ) ، واحدُ النَّخارِيبِ .
( و ) كذالك : ( الثَّقْبُ في كُلِّ شَيْءٍ ) نُخْرُوبٌ . ( والنَّخَارِيبُ ) أَيضاً :
____________________

(4/250)


( الثُّقَبُ المُهَيَّأَةُ من الشَّمْعِ . لتَمُجَّ النَّحْلُ العَسَلَ فيها ) ، تَقُولُ : إِنَّهُ لأَضْيَقُ من النُّخْرُوبِ .
( ونَخْرَبَ القَادِحُ الشَّجَرَةَ : ثَقَبَها ) ، وجَعَلَهُ ابْنُ جِنِّي ثُلاثِيّاً من الخَرَاب . وفي لسان العرب : النَخَارِبُ : خُرُوقٌ كبُيُوتِ الزَّنابيرِ ، واحدها : نُخْرُوبٌ . ( وشَجَرة مُنَخْرِبَةٌ ) بكسر الراءِ ، ( ومُنَخْرَبةٌ ) بفتحها : إِذا ( بَلِيَتْ وصارتْ فيها نَخَارِيبُ ) ، أَيْ : شُقُوقٌ ، نقله الصّاغانيّ .
نخشب : ( نَخْشَب ) ، كجَعْفَرٍ ، بالشّين المُعْجمَة : أَهمله الجَوْهَرِيّ ، وصاحِب اللّسان ، وقالَ الصّاغانيّ : هو ( د ) ، أَي : مَدِينَةٌ معروفة ببلاد ما وراءَ النَّهْرِ بينَ جَيْحُونَ وسَمَرْقَنْدَ . وليست على طريق بُخَارَى ، وهي نَسَفُ نَفْسُها ، بينَها وبينَ سَمَرْقَنْدَ ثلاثُ مراحِلَ ، لها تاريخٌ كبير جامع ، في مُجَلَّدَيْن لأَبِي العَبّاس المُسْتَغْفِرِيّ . ونُونُهَا أَصلِيَّةٌ ، لأَنّها من أَسماءِ العجم . ( والنِّسْبَةُ ) إِليها ( نَخْشَبِيٌّ ) على الأَصل . ( و ) من اعتبرَ تَعريبَها ، فقال : ( نَسَفِيٌّ على التَّغْيِيرِ ) ، فهو نسبةٌ إلى المعرَّب ، لا إِلى أَصلِ نَخْشَب ، كما يُوهِمه كلامُ المُصَنِّف ، قاله شيخُنا .
وقد نُسِب إِليها جماعةٌ من المُحَدِّثين ، والصُّوفيّة ، والفُقَهاءِ منهم :
أَبو تُرَابٍ عَسْكَرُ بْنُ محمدِ بْنِ أَحمد ، من كبار مَشَايِخِ الصُّوفيّة ، المُتَوَفَّى بالبادِيَةِ ، سنة خمسِ وأَربعين ومِائَتَيْن .
والحافظ أَبو محمَّد عبدُ العزيز بن محمّد بن محمّد النَّسَفِيّ النَّخْشَبِيّ العاصِمِيّ ، أَحد الأَئمّة ، مات سنة 456 .
وأَبو العبّاس جعفرُ بْن محمد المُسْتَغْفرِيّ النَّخْشَبِيّ ، مات سنة 456 كذا في المعجم .

____________________

(4/251)


ندب : ( النَّدَبَةُ ) بفتح فسكون ، كذا في النسخة ، وهو صريح إطلاقه . والصّوابُ أَنَّهُ بالتَّحْرِيك في معنى : ( أَثَر الجُرْحِ الباقي على الجِلْدِ ) إِذا لم يَرتَفع عنه . ( ج : نَدَبٌ ) بفتح فسكون ، كذا في نسختنا . قال شيخُنَا هو أَيضاً بالتّحْرِيك ، اسْمُ جِنْسٍ جَمْعيّ لِنَدَبَةٍ ، كشَجَرٍ وشَجَرةٍ ، ( وأَنْدَابٌ ، ونُدُوبٌ ) ، بالضَّمّ ، كِلاهُمَا جمعُ الجمْعِ . وقيلَ : النَّدَبُ واحدٌ ، والجمع أَنْدابٌ ونُدُوبٌ ، كذا في اللِّسان وقال شيخُنا : وأَمّا الثّاني فهو جمعٌ لنَدَبٍ ، كشَجَرٍ وأَشْجارٍ ، ونُدُوبٌ شاذٌّ ، أَو جمعٌ لِنَدْبٍ ساكن الوَسَطِ على ما في بعض الأَشعارِ ضَرُورَةً .
( ونَدِبَ الجُرْحُ ، كَفَرِحَ ) ، نَدَباً : ( صَلُبَتْ نَدَبَتُهُ ) ، بفتح فسكون ، على ما في النُّسَخ ، وقد تقدمَ أَنَّ الصَّوَابَ فيه بالتّحريك ، ( كَأَنْدَب ) ، فيه .
( و ) نَدِبَ ( الظَّهْرُ ) ، يَنْدَبُ ، ( نَدَباً ) بالتّحريك ( ونُدُوبَةً ، ونُدُوباً ) ، بالضَّمّ فيهما ، ( فهو نَدِيبٌ ) ، كذا في النُّسَخ . وفي اللِّسَان : فهو نَدِبٌ ، كَفَرِح : ( صارَتْ فيه نُدُوبٌ ) ، بالضَّمّ ، جمعُ نَدَبٍ ، وهو الأَثَرُ وجُرْحٌ نَدِيبٌ : مَنْدُوبٌ ، وجُرْحٌ نَدِيب : ذُو نَدَبٍ . وقال ابْنُ أُمِّ حَزْنَةَ يصِفُ طَعنَةً ، واسمُه ثَعلبةُ بْنُ عمْرٍ و :
فَإِنْ قَتَلَتْهُ فلم آلُهُ
وإِنْ يَنْجُ منها فَجُرْحٌ نَدِيبُ
وأَنْدَب بظَهْرِهِ ، وفي ظَهْرِه : غادَرَ فيه نُدُوباً .
وفِي الصَّحاح : النَّدَبُ : أَثَرُ الجُرْحِ إِذا لم يرتفع عن الجِلْد ، قال الفَرَزْدَقِ :
ومُكَبَّلٍ تَركَ الحَدِيدُ بسَاقِهِ
نَدَباً من الرَّسَفانِ في الأَحْجَالِ
وفي حديثِ مُوسَى ، عليه الصَّلاةُ والسَّلام : ( وإِنّ بالحجرِ نَدَباً سِتَّةً
____________________

(4/252)


أَو سَبْعَةً من ضَرْبِهِ إِيَّاهُ ) ؛ فشَبَّهَ أَثَرَ الضَّرْب في الحجر بأَصَرِ الجُرْحِ . وفي حديث مجاهدٍ : ( أَنّه قَرَأَ : { سِيمَاهُمْ فِى وُجُوهِهِمْ مّنْ أَثَرِ السُّجُودِ } ( الفتح : 29 ) ، فقال : ليس بالنَّدَب ، ولاكنَّهُ صُفْرةُ الوَجْهِ والخُشُوعُ ) واستعارَهُ بعضُ الشُّعَراءِ للعِرضِ ، فقال :
نُبِّئْتُ قافِيَةً قِيلَتْ تَناشَدَها
قَوْمٌ سأَتْرُكُ في أَعْرَاضِهِمْ نَدَبا
أَي : أَجْرحُ أَعراضَهم بالهِجاءِ ، فيُغادرُ فيها ذالك الجَرْحُ نَدَباً .
( ونَدَبَهُ إِلى الأَمْرِ ، كنَصَرَ ) ، يَنْدُبُهُ ، نَدْباً : ( دعاهُ ، وحَثَّهُ ) .
والنَّدْبُ : أَنْ يَنْدُبَ إِنسانٌ قَوماً إِلى أَمْرٍ أَو حَربٍ أَو مَعُونةٍ ، أَي : يدعوهم إِليه ، فينْتَدِبُون له ، أَي : يُجِيبُونَ ويُسَارِعُونَ . وقال الجَوْهَرِيّ : يقال : نَدَبَهُ للأَمْر ، فانْتَدَبَ له ؛ أَي دَعاهُ له ، فأَجابَ .
( و ) نَدَبَهُ إِلى أَمْرٍ : ( وَجَّهَهُ ) إِليه . وفي الأَساس : نُدِب لِكَذا ، أَو إِلى كَذَا ، فانْتَدَبَ له . وفُلانٌ مندوبٌ لأَمْرٍ عظيم ، ومُنَدَّبٌ له .
وأَهلُ مَكَّةَ يُسَمُّونَ الرُّسُلَ إِلى دارِ الخِلافةِ : المُنَدَّبَةَ .
ومن المجاز : أَضَرَّتْ به الحاجَةُ ، فأَنْدَبَتْهُ إِنْداباً شديداً : أَي أَثَّرَتْ فيه . وما نَدَبَنِي إِلى ما فَعلتُ إِلاّ النُّصْحُ لك .
( و ) نَدَبَ ( المَيِّتَ ) بعدَ مَوْتِه ، هاكَذا قاله ابْنُ سِيدَهْ ، من غيرِ أَنْ يُقَيِّدَ ببُكَاءٍ ، وهو من النَّدَبِ الجِراحِ ، لأَنّه احْتراقٌ ولَذْعٌ من الحُزْن . وفي الصَّحاح : نَدَبَ المَيِّتَ : ( بَكاه ) ، وعبارةُ الجوهريّ : بَكَى عليه ( وعَدَّدَ مَحاسِنَهُ ) وأَفْعَالَهُ ، يَنْدُبُهُ ، نَدْباً ، ( والاسْمُ النُّدْبَةُ ، بالضَّمّ ) . وفي المُحْكَم : النَّدْبُ : أَنْ تَدْعُوَ النّادِبةُ الميِّتَ بحُسْن الثَّناءِ في قولِها : وافُلاناهْ : واهَنَاهْ : واسْمُ ذالك الفِعْلِ النُّدْبَةُ .
وهو من أَبوابِ النَّحْو : كُلُّ شَيْءٍ في نِدَائِه واوٌ . فهو من باب
____________________

(4/253)


النُّدْبَة . وفي الحديثِ : ( كُلُّ نادِبةٍ ، كاذبةٌ إِلا نادبةَ سَعْدٍ ) ، هو من ذالك . وأَنْ تَذكُرَ النّائحةُ الميِّتَ بأَحسنِ أَوصافِهِ وأَفعالِه . وفي المِصْباح : نَدَبَتِ المرأَةُ المَيِّتَ ، من باب قَتَلَ وهي نادبةٌ ، والجمعُ نَوادِبُ ؛ لأَنّه كالدُّعاءِ ؛ فإِنّها تُعدِّد مَحَاسِنَهُ ، كَأَنَّه يَسمعُها . قال شيخُنَا : ففيه أَنَّ النُّدْبَةَ خاصَّةٌ بالنِّسَاءِ ، وأَنّ إِطلاقها على تَعْدادِ محاسِنِ الميّتِ ، كالمَجَاز ، من : نَدَبَهُ إِلى الأَمْرِ : إِذا دعاهُ إِليه ، وكِلاهُمَا صرَّح به جماعةٌ . ثمّ قال : النُّدْبَةُ : مأْخُوذَةٌ من النَّدَبِ ، وهو الأَثَرُ ، فكَأَنَّ النّادِبَ يذكُرُ أَثَرَ مَنْ مَضَى . ويُشْبِهُ أَن يكونَ من النَّدْب ، وهو الخِفَّةُ ، ورَجُلٌ نَدْبٌ : أَي خَفِيف كما يأْتِي . والنُّدْبَةُ إِنّما وُضِعَتْ تَخفِيفاً ، فهي ثلاثةُ اشتقاقات انتهى .
( والمَنْدُوبُ المُسْتحَبُّ ) ، كذا حَقَّقه الفُقَهاءُ ، وفي الحديث : ( كان له فَرَسٌ يُقَال له المندوبُ ) أَي المطلوب ، وهو من النَّدَبِ : وهو الرَّهْنُ الّذِي يُجْعلُ في السِّبَاق ، وقيل : سُمِّيَ به لِنَدَبٍ كان في جسمه ، وهو أَثَرُ الجُرْح كذا في اللِّسان .
( و ) مَندُوبٌ ، بلا لام : ( اسْمُ فَرَس أَبي طَلْحةَ زَيْدِ بْنِ سَهْلٍ ) الأَنْصَارِيِّ ، القائلِ :
أَنَا أَبُو طَلْحَةَ واسْمِي زَيْدْ
( رَكِبَهُ ) سيِّدُنا رسولُ اللَّهِ ، صلَّى اللَّهُ تعالَى عليه وسَلَّمَ ، فقال فيه : ( وإِنْ ) كما في الصَّحاح ( وَجَدْنَاهُ لَبَحْراً ) ، وفي رواية : إِنْ وَجَدْناهُ بَحْراً .
( و ) مَندوبٌ أَيضاً : اسْمُ ( فَرَسِ مُسْلمِ بْنِ ربيعةَ الباهِلِيِّ ) .
( و ) مندوب : ( ع ) كانت لهم فيه وَقْعَةٌ ، وله يومٌ يسمَّى بِاسْمِهِ .
____________________

(4/254)



( والنَّدْبُ ) : الرَّجُلُ ( الخَفِيفُ في الحاجَةِ ) ، والسَّرِيعُ ( الظَّرِيفُ النَّجِيبُ ) وكذالك الفَرَسُ . وفي الأَساسِ : رجل نَدْبٌ : إِذا نُدِبَ ، أَي وُجِّهَ ، لاِءَمْر عظيمٍ خَفَّ لَهُ . وأَرَاكَ نَدْباً في الحوائج . ( ج : نُدُوبٌ ) بالضَّمّ ، وهو مَقِيسٌ ، ( ونُدَباءُ ) ، بالضَّمِّ مع المدّ : تَوَهَّمُوا فيه فَعِيلاً ، فكسَّروه على فُعَلاءَ ، ونظيره سمْحٌ وسُمَحَاءُ .
( وقَدْ نَدُبَ ، كظَرُفَ ) ، يَنْدُبُ ، نَدَابَةً : خَفَّ في العَمَل . نقله الصّاغانيُّ .
وفَرَسٌ نَدْبٌ : قَالَ اللَّيْثُ : النَّدْبُ : الفَرَسُ الماضِي ، نَقِيضُ البَلِيدِ .
( و ) رَمَيْنَا نَدَباً ، ( بالتَّحْرِيكِ ) ، وهو ( الرَّشْقُ ) بكسر الرّاءِ وفتحها .
( و ) بَيْنَهُمْ نَدَبٌ ، وهو ( الخَطَرُ ) ، والرِّهَانُ . ومنهُ : أَقامَ فلانٌ على نَدَبٍ على خَطَرٍ ، قال عُرْوَةُ بْنُ الوَرْدِ :
أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وَزَيْدٌ ولمْ أَقُمْ
على نَدَبٍ يوماً ولي نَفْسُ مُخْطِرِ
مُعْتَمٌّ وزَيْدٌ : بَطنان من بُطُون العرب ، وهُمَا جَدّاهُ . وجدتُ ، في هامش نُسَخ الصَّحاح ، ما نَصُّه : بخطّ الأَزْهَرِيّ : أَتَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وزَيْدٌ ، بالتّاءِ المُثَنّاة . وقال : إِنّهما قَبيلتانِ .
وفي لسان العرب : السَّبَق ، والخَطَرُ ، والنَّدَبُ ، والقَرَعُ ، والوَجْبُ : كُلُّه الّذِي يُوضَعُ في النِّضالِ والرِّهانِ ، فَمنْ سَبَقَ ، أَخَذَهُ ؛ يقال فيه كُلِّهِ : فَعَّلَ ، مُشَدَّداً ، إِذا أَخَذَهُ .
( و ) النَّدَبُ : ( قَبِيلَةٌ ) من الأَزْدِ ، وهو النَّدَبُ بْنُ الهُون ، ( منها ) أَبو عَمْرٍ و ( بِشْرُ بْنُ جَرِيرٍ ) ، وفي بعض نُسَخِ الأَنساب : حَرْب ، بدل جرير ، عن ابْن عمرٍ و وأَبي سعيد ورافع بن خَدِيج ، وعنه الحمّادانِ : ابْنُ سَلَمَةَ ، وابْنُ زَيْدٍ ،
____________________

(4/255)


ضعَّفه أَحمدُ وأَبو زُرْعَة وابْن مُعين . ( ومحمَّدُ بْنُ عبدِ الرَّحْمان ) ، نقلهما الصّاغانيّ .
( و ) يقولُ أَهلُ النِّضَالِ : ( نَدَبُنَا يَوْمُ كَذا : أَي يَوْمُ ابتِدائِنا للرَّمْيِ ) .
( ونَدْبَةُ ، كحَمْزَةَ ، مولاةُ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحارِث ) الهِلاليّةِ ، زوجِ النّبِيّ ، صلى الله عليه وسلم ( لها صُحْبَةٌ ) ذُكِرَت في حديثٍ لعائشةَ ، رَضِيَ الله عنها . رُوِيَ عن مَعْمَرٍ ضَمُّ نُونِها أَيضاً ، ورواه يُونُسُ عن ابْن شِهَابٍ ، بضمّ المُوَحَّدة وفتح الدّال وتشديد التَّحْتيّة ، نقله الحافظ . ( والحَسَنُ بْنُ نَدْبَةَ ، وهي أُمُّه ، وأَبوهُ حَبِيبٌ ) : محدِّثٌ .
( والنَّدْبةُ ) ، بفتح فسكون ، ( مِنْ كُلِّ حافرٍ وخُفَ : الّتي لا تَثْبُتُ على حالَةٍ ) . وفي التَّكْمِلَة : على سِيرَة ( واحِدَة ) ، نقله الصّاغانيّ .
( وعَربِيٌّ نُدْبَةٌ ، بالضَّمِّ ) ، أَي ( فَصِيحٌ ) مِنْطِيقٌ .
( وخُفافُ ) ، كغُرَابٍ ، ( بْنُ نُدْبَةَ ) ، بالضّمِّ : اسْمُ أُمِّه ، وكانت سوداءَ حَبَشِيَّةً ، ( ويُفْتح ) ، وعليه اقتصر الجوْهَرِيُّ . ( صحابِيٌّ ) ، وهو أَحدُ أَغْرِبةِ العربِ ، كما تقدَّم ، وأَبوهُ عُمَيْرُ بْنُ الحارِثِ ، السُّلَمِيّ .
( وبَابُ المَنْدَبِ : مَرْسًى بِبحْرِ اليَمنِ ) ، قال ياقوت : هو من نَدَبْتُ الإِنسَانَ لاِءَمْرِ : إِذا دَعوْتَهُ إِليه ، والموضعُ الّذي يُنْدَبُ إِليه مَنْدَبٌ ، سُمِّيَ بذالك لما كَان يُندَب إِليه في عَملٍ . وهو اسمُ ساحِلٍ مقابلٍ لِزَبِيد باليَمَن وهو جَبَلٌ مشْرِفٌ ، نَدبَ بعضُ الملوكِ إِليه الرِّجالَ حتّى قَدُّوهُ بالمَعاوِلِ ، لاِءَنّه كان حاجزاً ومانعاً للبحر عن أَن يَنبسِطَ بأَرْض اليَمَن ، فأَراد بعضُ الملوك ، فيما بَلَغنِي ، أَن يُغَرِّق عَدوَّه ، فقَدَّ هاذا الجَبلَ ، وأَنْفَذَه إِلى أَرض اليمنِ ، فغَلَبَ على بُلْدانٍ كثيرةٍ وقُرًى ، وأَهلَكَ أَهلَها ، وصار منه
____________________

(4/256)


بحرُ اليمنِ الحائِلُ بينَ أَرضِ اليمن والحبشَة ، والآخذُ إِلى عَيْذابَ وقُصَيْرٍ إِلى مقابِل قُوص . انتهى . قلت : والمَلِكُ هو الإِسكندرُ الرُّومِيّ . ويُحِيط بهاذَا المَرْسَى جَبَلٌ عظيمٌ ، يقال له : السُّقُوطْرَى وإِليه يُنْسبُ الصَّبِرُ الجَيِّدُ . ومنه إِلى المُخَا مسافةُ يومَيْنِ أَو أَكثرُ ، وبَيْنهُ وبينَ عَدَنَ ثلاثُ مَرَاحِلَ .
( و ) ضَرَبَهُ ، فَأَنْدَبَه : أَثَّرَ بجِلْده . و ( أَنْدَبَهُ الكَلْمُ ) أَي الجَرْحُ : إِذا ( أَثَّرَ فيهِ ) ، قال حَسّانُ بْنُ ثابتٍ :
لوْ يَدِبُّ الحَوْلِيُّ مِنْ وَلدِ الذَّرِّ
عليها لأَنْدَبَتْها الكُلُومُ
( و ) أَندَبَ ( نَفْسَهُ ) ، وأَنْدَبَ بِهَا : ( خاطَرَ بِها ) ، نقله الصّاغَانيّ .
( و ) في الحديث : ( ( انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ في سبِيلِه ) لا يُخْرِجُهُ إِلاّ إِيمانٌ بي ، وتَصديقٌ برُسُلِي ، أَنْ أَرْجِعَهُ بما نَالَ مِن أَجْرٍ أَو غَنِيمَة ، أَو أُدْخِلَهُ الجَنَّةَ ) . رواه أَبو هُرَيْرَةَ ورَفَعَه ، أَي ( أَجَابَهُ إِلى غُفْرَانِهِ ) ، يقال : نَدَبْتُه ، فانْتَدَبَ ، أَي : بَعَثْتُه ودَعَوْتُه ، فَأَجَابَ ( أَوْ ضَمِنَ ، وتَكفَّلَ ) له ، ( أَوْ سارَعَ بثَوَابِه وحُسْنِ جَزائِهِ ) ، من قولهم : يَنْتدِبُون له : أَي يُجِيبون ويُسارِعون .
وانْتَدَبوا إِليه : أَسرَعوا . وانتَدَبَ القَومُ مِن ذَواتِ أَنفُسِهم أَيضاً دُون أَنْ يُنْدَبُوا له ، ( أَوْ أَوْجَبَ تَفَضُّلاً : أَي حَقَّقَ ، وأَحْكَمَ أَنْ يُنْجِزَ لَهُ ذالك ) نقله ابْنُ الأَثير .
( و ) انْتَدَبَ ( فُلان لِفُلانٌ ) عندَ تكلُّمِهِ : ( عَارَضَهُ في كَلامِهِ ) .
( و ) قولهم : ( خُذْ ما انْتَدَبَ ) ، وانْتَدَمَ ، واسْتَبَضَّ ، واسْتَضَبَّ ، وأَوْهَبَ وتَسنَّى : أَي ( نَضَّ ) ، قاله أَبو عَمْرٍ و .
____________________

(4/257)



( ورَجُلٌ مِنْدِبَى ، كَهِنْدبَى ) ، بكسر الدّالِ المُهْمَلَة فيهما وفَتْحِهما مقصوراً ( خَفِيفٌ في الحاجَةِ ) ، سريعٌ لقضائها فهو كقولك : رجلٌ نَدْبٌ .
( ) وممّا يُستدرَكُ عليه :
ما وَرَدَ في قولِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عنه : ( إِيَّاكُمْ ورَضَاعَ السُّوءِ فإِنّه لا بُدَّ من أَنْ يَنْتَدِبَ ) ؛ أَي : يَظْهَرَ يوماً ما .
وارْتَمَى نَدَباً ، أَو نَدَبَيْنِ : أَي وَجْهاً ، أَو وجهَيْنِ .
والنَّدّابَتانِ : من شِيَاتِ الخَيْلِ ، مَذمومتانِ .
وذُو المَنْدَبِ ، من مُلُوكِ الحَبَشَةِ .
ونَدِيبَةُ ، كسفينة : قَرْيَةٌ بمِصْرَ من أَعمالِ البُحَيْرة .
والمَندوب : الرَّسولُ ، بلُغَةِ مَكَّةَ .
نرب : ( نَيْرَبَ ) الرَّجُلُ : ( سَعَى ، ونَمَّ ) قال شيخُنَا : قد صَرَّحُوا بأَنّ النُّون لا تجتمع مع الرّاءِ في كلمة عربيّة ، وقد صرّح به المؤلف في نرس . وكذا غيرُ واحد ، وأَورده هنا بتصرُّفاته كأَنّها عربيّةٌ مَحْضَةٌ .
( و ) نَيْرَبَ : ( خَلَطَ الكَلاَمَ ) .
( و ) نَيْرَبَ : ( نَسَجَ ) ، وهو يُنَيْرِبُ القَولَ : يَخْلِطُه ؛ وأَنشد :
إِذا النَّيْرَبُ الثَّرْثارُ قالَ فأَهْجَرَا
ولا تُطْرَحُ الياءُ منه ، لاِءَنّها جُعِلتْ فصلاً بين الرّاءِ والنُّون ، كذا في اللِّسَان ومن هنا يَظْهرُ الجوابُ لِما أَورده شيخُنا ؛ لأَنّ قولَهُ الّذِي تقدّم إِنّما هو في الجمع بينَ الرّاءِ والنّون إِذا كان من غير فصل ، وهاذا بخلاف ذالك .
( والنَّيْرَبُ : الشَّرُّ ، والنَّمِيمةُ ) ؛ قال عَدِيُّ بْنُ خُزَاعِيَ :
ولَسْتُ بِذِي نَيْرَبٍ في الصَّدِيقِ
ومَنَّاعَ خَيْرٍ وسَبّابَها
____________________

(4/258)



والهاءُ للعَشيرة ، كذا في الصِحاح . قال ابْنُ بَرِّيّ : صوَابُ إِنشادِه :
ولَسْتُ بذِي نَيْرَبٍ في الكَلامِ
ومنَّاعَ قَوْمِي وسَبّابهَا
ولا مَنْ إِذا كَانَ في مَعْشَر
أَضاعَ العَشِيرَة واغتابَهَا
ولاكِنْ أُطاوِعُ ساداتِهَا
ولا أُعْلِمُ النّاس أَلْقَابَهَا
( كالنَّيْرَبَةِ ) هاكذا في النسخ ، وصوابُهُ كالمَنْرَبَةِ ، كذا في الهامش ، وقَيَّده الصّاغانيُّ هاكذا ، وهو قول أَبي عَمْرٍ و وسيأْتي أَنّ النَّيْرَبَةَ صفةٌ للأُنْثَى .
( و ) النَّيْرَبُ : ( الرَّجُلُ الجَلِيدُ ) القَوِيُّ .
( و ) النَّيْرَبُ : ( ة بِدَمْشقَ ) ، عامرةٌ مشهورةٌ . على نِصْفِ فَرْسَخٍ في وَسَط البساتينِ . قال ياقوت ؛ أَنزَهُ مَوضعٍ رأَيته . يُقَال : فيه مُصَلَّى الخَضِرِ ، عليه السَّلامِ ؛ وقد ذكرها أَبو المُطَاع وجيهُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ وسَمّاها النَّيْرَبَيْنِ ، بلفظ التَّثْنِيَة ، فقال :
سقَى اللَّهُ أَرضَ النَّيْرَبَيْنِ وأَهْلَها
فلِي بِجنُوبِ الغُوطَتَيْنِ شُجُونُ
فمَا ذَكَرَتْها النَّفْسُ إِلاّ استَخَفَّنِي
إِلى بَرْدِ ماءِ النَّيْرَبَيْنِ حَنِينُ
قلتُ : وقال أَحمدُ بْنُ مُنير :
بالنَّيْرَبَيْنِ فَمَقْرَى فالسَّرِيرِ فخَمْ
رَايا ، فَجَوِّ حَوَاشِي جِسْرِ جِسْرِين
فالقَصْرِ فالمَرْجِ فالمَيْدَانِ فالشَّرَفِ ال
أْ علَى فَسَطْرَا فَجَرْمَانا فَقُلْبِينِ
( و ) النَّيْرَبُ : ( ة بحَلَبَ ) ، أَو ناحيةٌ بها .
( و ) أَيضاً : ( ع ) بغُوطَةِ دِمَشْقَ . قاله نصرٌ .
( والنَّيْرَبَى ) هاكذا مقصوراً : ( الدّاهِيَةُ ) ، نقله الصّاغانيّ .
( و ) يُقال : ( رَجُلٌ نَيْرَبٌ ) ، على الصِّفة ، ( وذُو نَيْرَبٍ : شِرِّيرٌ ) ) ، أَي
____________________

(4/259)


ذُو شَرَ ، ونَمِيمَةٍ . ( وهي نَيْرَبَةٌ ) وهاذا من المواضع الّتِي خالف فيها قاعدة اصطلاحِهِ ، على أَنّهَا ليست بكُلِّيّة ، بل أَغْلَبِيّةٌ . قاله شيخُنا .
( و ) يقالُ : ( الرِّيحُ تُنَيْرِبُ التُّرابَ فَوْقَهُ ) ، وفي بعض الأُمَّهات : على الأَرْض ( تَنْسُجُهُ ) ، ومنه أُخِذَ نَيْرَبَةُ الكلامِ ، وهو خَلْطُهُ .
( ) وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه : نِيرَبَى ، بكسر النّون مقصوراً : قريةٌ كبيرةٌ ذاتُ بَساتِينَ ، من شرقيِّ قُرَى المَوْصِلِ من كُورَةِ المَرْج . كذا في المُعْجَمِ .
نزب : ( نَزَب الظَّبْيُ ، يَنْزِبُ ) ، بالكسر ، ( نَزْباً ) بفتح فسكون ، ( ونَزِيباً ) كأَمِيرٍ ، ( ونُزَاباً ) كغُرابٍ ، وهاذا الأَخِير من الزِّيادات في هامش الصَّحاح : ( صَوَّتَ ) ، سَواءٌ التَّيْسُ منها أَو الأُنْثَى ، ( أَو خاصٌّ بالذُّكُورِ ) منها وهي التُّيُوسُ ، وذالك عندَ السِّفادِ ، وهو الصَّحِيحُ ، وعليه اقتصرَ الجَوْهَرِيُّ .
( والنَّيْزَبُ ) ، كحَيْدَرٍ : ( ذَكَرُ الظِّباءِ والبقَرِ ) ، عن الهَجَرِيّ ، وأَنشد :
وظَبْيةٍ للوحْشِ كالمُغَاضِبِ
في دوْلَجٍ ناءٍ عن النَّيَازِبِ
( والنَّزَبُ ، مُحَرَّكَةً : اللَّقَب ) ، مثل النَّبَزِ .
( و ) قولُه : ( تَنازبُوا : تَنابَزُوا ) . قال ابْنُ هِشَامٍ : لم يُسْمع ، ونقله البدرُ الدَّمامِينِيُّ في أَواخِرِ بحث القلْبِ من شرْحِ التَّسْهِيل ، وحرَّره شيخُنا في شرح الكافية في مبحث القلب : أَنه إِنَّمَا سُمعَ النَّزَبُ دُونَ تصارِيفِهِ ، ولذالك حكموا عليه بأَنّه مقلوبٌ من النَّبَزِ ؛ لأَنَّهُ لو تصرَّفوا فيه ، وَبَنَوْا منه الفعْلَ ، لصَار أَصْلاً مستقِلاًّ ، وامتنع دَعْوَى القلْب ، وحُكِمَ بالأَصالة لكلَ منهما ، كما قالُوا في جَبَذَ وجَذَبَ .
نسب : ( النَّسَبُ ، مُحَرَّكَةً ) : واحد الأَنساب ( و ) قال ابْن سِيدَهْ : ( النُّسْبَة ، بالكسْرِ والضَّمِّ ) والنَّسَبُ : ( القَرَابَةُ ،
____________________

(4/260)


أَوْ ) هو ( في الآباءِ خاصَّةً ) . وقيل : النِّسْبَةُ مصدرُ الانتساب . والنُّسْبَة ، بالضَّمّ : الاسْمُ ، والجمعِ نُسَبٌ ، كسِدَر وغُرَف . وقال ابْنُ السِّكِّيت : ويكونُ من قِبَلِ الأُمِّ والأَب . وقال اللَّبْلِيُّ ، في شرح الفصيح : النَّسَبُ معروفٌ ، وهو أَن تذكُرَ الرَّجُلَ فتقولَ : هُو فُلانُ بْنُ فُلانٍ ، أَو تَنْسِبَه إِلى قبيلة أَو بلَد أَو صنَاعَة . ومثلُهُ في التّهذيب . وفي الأَساس : من المَجاز : بَيْنَهُمَا نِسْبَةٌ قَرِيبةٌ .
( واسْتَنْسَبَ ) الرَّجُلُ ، كانْتَسَبَ : ( ذَكَرَ نَسَبَهُ ) ، قال أَبو زيد : يقالُ للرَّجُلِ ، إِذا سُئلَ عن نَسَبِهِ : اسْتَنْسِبْ لنا ، أَي : انْتَسِبْ لنا ، حَتَّى نَعْرِفَكَ .
( والنَّسِيبُ : المُنَاسِبُ ) ، والجَمْعُ نُسَباءُ ، وأَنْسبَاءُ .
( و ) رجلٌ نَسِيبٌ : أَي ( ذُو ) الحَسَبِ و ( النَّسَب ، كالمَنْسُوبِ ) فيه ، ويُقَالُ : فُلانٌ نَسِيبِي ، وهُمْ أَنْسِبائِي .
( ونَسَبَهُ ، يَنْسُبُه ) بالضَّمِّ ، نَسْباً بفتح فسكون ، ونِسْبَةً بالكَسْر : عَزَاهُ .
( و ) نَسَبَهُ ، ( يَنْسِبُهُ ) بالكسر ، ( نَسَباً مُحرَّكَةً ) ، هاكذا في سائر النُّسَخ ، وسقَطَ من نُسْخةِ شيخِنا ، فاعترض على المُصَنِّف ، ونَسَبَ القُصُور إِليه ، حيثُ قال : إِنْ أَجريْنَاهُ على اصطلاحه في الإِطلاق وضَبْطِه بالفتح ، بَقِيَ عليه المُحَرَّكُ ؛ وإِن حرَّكْناه بناءً على الشُّهْرة ، ولم يُعْتَبَرِ الإِطلاقُ ، بَقِيَ عليه المفتوحُ .
وبما ذَكَرْنَاهُ من التَّفصيل يَندَفِع ما استَشكلَه شيخُنَا . على أَن النَّسْبَ ، كالضَّرْبِ ، من مصادِر الباب الأَول ، كما هو في الصَّحاح مضبوطٌ ، والّذي في التّهْذِيب ما نَصُّهُ : وقد اضْطُرَّ الشّاعرُ فأَسْكَنَ السِّينَ ؛ أَنشدَ ابْنُ الأَعْرابيِّ :
يا عَمْرُو يا ابْنَ الأَكْرَمينَ نَسْبَا
قد نَحَبَ المجْدُ عليكَ نَحْبَا
____________________

(4/261)



أَي : نَذْراً . ( ونِسْبَةً ، بالكَسْر : ذَكَرَ نَسَبَهُ ) .
( و ) نَسَبهُ : ( سَأَلَهُ أَنْ يَنْتَسِبَ ) .
ونَسبْتُ فلاناً ، أَنْسُبُه ، بالضَّمّ ، نَسْباً : إِذا رَفعْتَ في نَسَبِه إِلى جَدِّه الأَكبرِ .
وفي الأَساس : من المَجَاز : جَلَسْتُ إِليه ، فنَسَبَنِي ، فانتسبْتُ إِليه .
وفي الصَّحاح : انْتَسَبَ إِلى أَبِيهِ : اعْتَزَى . وفي الخبر : ( إِنَّهَا نَسَبَتْنا ، فانْتَسَبْنَا لها ) . رواه ابْنُ الأَعْرَابيّ .
ونَاسَبهُ : شَرِكَهُ في نَسبِه .
( و ) نَسَب الشّاعرُ ( بالمَرْأَةِ ) ، وفي بعضٍ : بالنِّساءِ ، يَنْسِبُ بالكسر ، كذا في الصَّحاح ، ويَنْسُب بالضَّمّ ، كذا في لسان العرب . قلتُ : والأَخيرُ نقَلَهُ الصّاغانيّ عن الكِسَائيّ ( نَسَباً ) محركة ، ( ونَسِيباً ) كأَمِيرٍ ، ( ومَنْسِبَةً ) بالفتح ، أَي : مع كسر السّين ، وكذلك : مَنْسِباً ، كمَجْلِس ، كما نقله الصّاغانيُّ : ( شَبَّبَ بها في الشِّعْر ) ، وتَغزَّلَ ، وذالك في أَوّل القصيدة ، ثم يَخرُجُ إِلى المديح ، كذا قاله ابْنُ خَالَوَيْه . وقال الفِهْرِيّ ، في شرح الفصيح : نَسبَ بها : إِذا ذكَرَهَا في شِعره ، ووصَفَها بالجمال والصِّبا وغيرِ ذالك . وقال الزَّمَخْشَرِيُّ : إِذا وَصَفَ مَحاسِنَها ، حقّاً كان أَو باطلاً . وقال صاحبُ الواعي : النَّسِيبُ ، والنَّسَبُ : هو الغَزَلُ في الشِّعْر ، قال : والنَّسِيبُ في الشِّعْر : هو التَّشبيبُ فيه ، وهي المَناسيبُ ، والواحِدُ مَنسوبٌ . وقال ابن دُرُسْتَوَيْه : نَسَبَ الشّاعِر بالمَرْأَةِ ، ونَسَبَ الرَّجُلَ : هما جميعاً من الوصْف لأَنّ من نَسَبَ رجُلاً ، فقد وَصَفَه بأَبيه أَو ببلده أَو نحوِ ذالك ، ومن نَسَبَ بامْرَأَةٍ ، فقد وصَفَها بالجَمال والصِّبا والجَوْدَة وغيرِ ذالك . قال شيخُنا : وكذالك يُطْلَقُ النَّسيبُ على وصْف مَرابع الأَحباب ومنازلهم ، واشتياقِ المُحِبِّ إلى لقائهم ووِصالهم ، وغير ذالك ممّا فصّلوه ، وسَمَّوْه التَّشبيبَ ، لأَنّه يكونُ غالباً في زمن الشَّبابِ ، أَو
____________________

(4/262)


لأَنّه يَشتمِلُ على ذِكْر الشَّبَاب والغَزَل لِما فيه من المُغازَلَة والمُنادَمَة .
( والنَّسّابُ ، والنَّسَّابَةُ ) : البَلِيغُ ( العالِمُ بالنَّسَبِ ) ، وجمعُ الأَوّل : النَّسّابُونَ ، وأَدخلُوا الهاءَ في نَسَّابَةٍ للمبالغة والمَدْح ، ولم تُلحَق لتأْنيثِ الموصوفِ ، وإِنّمَا لَحِقت لإِعْلام السّامعِ أَنّ هاذا الموصوفَ بِما هي فيه قد بلَغَ الغايةَ والنِّهايَةَ ، فجعَلَ تأْنيثَ الصِّفَةِ أَمارَةً لِمَا أُرِيدَ من تأْنِيثِ الغايةِ والمُبَالغة ، وهذا القولُ مُسْتَقْصًى في عَلاّمة . وتقول : عندي ثلاثةُ نَسَّاباتٍ وعَلاَّماتٍ ، تريدُ ثَلاثةَ رِجال ، ثمّ جئتَ بِنَسّاباتٍ نعْتاً لهم . وفي حديثِ أَبي بكر ، رَضِي الله عنه : ( وكان رَجُلاً نَسَّابَةً ) . ( و ) يقال : ( هاذا الشِّعْرُ أَنْسَبُ أَي أَرَقُّ نَسِيباً ) وتشبيباً ، ( و ) كأَنّهم قد قالُوا : ( نَسِيبٌ ناسِبٌ ، كشِعْرٍ شاعِرٍ ) على المبَالغة ، فبُنِيَ هاذا منه .
( وأَنْسَبَتِ الرِّيحُ ) : إِذا ( اشْتَدَّتْ واسْتَافَتْ ) ، أَي : شالتِ ( التُّرابَ والحَصَى ) من شِدَّتها .
( والنَّيْسَبُ ، كحَيْدَرٍ : الطَّرِيقُ المسْتقيمُ الواضِحُ ) . وقيل : هو الطَّرِيقُ المُسْتدِقُّ ، ( كالنَّيْسَبَانِ ) . وبعضُهُمْ يقولُ : نَيْسَمٌ ، بالميم ، وهي لغة . ( أَو ) النَّيْسَبُ : ( ما وُجِدَ من أَثَرِ الطَّرِيقِ ) .
( و ) النَّيْسَبُ أَيضاً : ( النَّمْلُ ) نفسُها ( إِذا جاءَ مِنْهَا واحِدٌ في إِثْرِ آخَرَ ) كذا في النُّسخ ، وفي بعض : في أَثَرِهِ آخَرُ . ( و ) قال ابْنُ سِيدَه : النَّيْسَب : ( طَرِيقٌ للنَّمْلِ ) . وزاد غيرُهُ : والحيَّةِ ، وطريق حَمِيرِ الوَحْش إِلى مَوارِدها . وعبارةُ الجوْهرِيّ : النَّيْسَبُ : الّذِي تَراه كالطَّرِيق من النَّمْل نَفْسِها ، وهو فَيْعَلٌ ؛ قال دُكَيْنُ بْنُ رجَاءٍ الفُقَيْمِيُّ :
____________________

(4/263)



عَيْناً تَرَى النّاسَ إِليها نَيْسَبَا
مِنْ داخِلٍ وخارج أَيْدِي سَبَا
قال الصّاغانيُّ : والرِّوايةُ : ( مُلْكاً تَرى النّاس إِليه ) أَي : أَعطِهِ مُلُكاً .
( و ) نَيْسَبٌ : اسْمُ ( رَجُلٍ ) ، عن ابْن الأَعْرابيّ وحْدَهُ .
( و ) يُقَالُ : خَطٌّ مَنسوبٌ : أَي ذُو قاعِدَةٍ .
و ( شعْرٌ مَنْسُوبٌ ) : أَي ( فيه نَسِيبٌ ) وتَغَزُّلٌ ، ( ج مناسِيبُ ) ، وأَنشَدَ شَمِرٌ :
هل في التَّعَلُّلِ من أَسْماءَ مِنْ حُوبِ
أَمْ في السَّلامِ وإِهْدَاءِ المَنَاسِيبِ
( ونَسِيبَةُ بنتُ كَعْبٍ ) الأَنْصَارِيّةُ : هي أُمّ عُمَارَةَ .
( و ) نَسِيبةُ ( بِنْتُ سِمَاكِ ) بْنِ النُّعْمَانِ ، أَسْلَمَتْ وبايَعَتْ ، قاله ابْنُ سعد ، ( بِفَتْحِ النُّونِ ) فيهما فقط .
( و ) نُسَيْبَةُ ( بِنْتُ نِيَارِ ) بْنِ الحارث ، من بني جَحْجَبَى ، قال ابْنُ حبيب .
( وأُمُّ عَطِيَّةَ ) نُسَيْبةُ بنتُ الحارِثِ الغاسلة ، ( بضمِّها . وهُنَّ صَحَابِيَّاتٌ ) رِضْوانُ الله عليهِنّ أَجمعين .
وفاتَه ذِكْرُ نُسيْبةَ بنت أَبي طَلْحَةَ الخَطْمِيّةِ ، صحَابيّةٌ ، ذكرها ابْنُ سعد .
( وقَيْسُ بنُ نُسَيْبة ) قدمَ على رسُولِ اللَّه ، صلى الله عليه وسلم من بني سُلَيْم ، فأَسْلَمَ .
( ونُسيْبَة بنتُ ) شِهابِ بْنِ ( شَدّادٍ ، بالضَّمّ أَيضاً ) فيهما ، والأَخيرةُ هي الّتي قال فيها مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ :
أَفَبَعْدَ مَنْ وَلَدَتْ نُسَيْبَةُ أَشْتَكِي
زَوْءَ المَنِيَّةِ أَوْ أُرَى أَتَوَجَّعُ
____________________

(4/264)



( وكَذَا عاصِمُ بْنُ نُسيْب ) ، وهو ( شَيْخُ شُعْبةَ ) بْنِ الحَجّاجِ العَتَكِيّ ، نقله الحافِظ .
( وأَنْسَبُ ، كأَحْمَدَ : حصْنٌ باليَمَنِ ) من حُصون بني زُبَيْد ، نقله الصّاغانيُّ .
( و ) فلانٌ يُنَاسِب فلاناً ، فهو نَسِيبُه : أَي قَريبُهُ .
وفي الصّحاح : ( تَنَسَّبَ ) : أَي ( ادَّعَى أَنَّهُ نَسِيبُك ، ومنه ) المَثَلُ : ( القَرِيبُ من تَقَرَّبَ ، لا مَنْ تَنَسَّبَ ) ، أَي : القريبُ من تَقَرَّبَ بالموَدَّةِ والصَّداقة ، لا من ادَّعَى أَنَّ بينَكَ وبينَه نَسَباً . ويَقْرُبُ منه : ( ورُبَّ أَخ لَكَ لمْ تَلِدْهُ أُمُّك ) ؛ وقال حَبِيبٌ :
ولَقَدْ سَبَرْتُ النّاسَ ثُمَّ خَبَرْتُهُمْ
وَبَلَوْتُ ما وَضَعُوا من الأَسْبَابِ
فإِذا القَرَابَةُ لا تُقَرِّبُ قاطِعاً
وإِذا المَوَدَّةُ أَقْرَبُ الأَنْسَابِ
( و ) من المَجَاز : ( المُناسَبةُ : المُشَاكَلَةُ ) ، يقالُ : بين الشَّيْئَين مُنَاسَبَةٌ وتَنَاسُبٌ : أَي مُشَاكَلَةٌ وتَشَاكُلٌ . وكذا قولهم : لا نِسْبَةَ بينَهمَا ، وبينهما نِسْبَةٌ قَريبةٌ .
( و ) في النَّوادر : ( نَيْسَبَ ) فلانٌ ( بَيْنَهمَا نَيْسبَةً ) : إِذا ( أَقْبَلَ وأَدْبَرَ بالنَّمِيمةِ ، وغَيْرِها ) ، نقله صاحبُ لسان العرب ، والصّاغانيُّ .
( ) وممّا يسْتَدْركُ عليه :
النَّسيب ، كأَمِيرٍ : لقب أَبي القاسِم الدِّمشْقِيّ ، محَدّثٌ مشهور .
ونَسَبُ خاتُون بنت المَلكِ الجوَاد ، رَوَتْ عن إِبراهيمَ بْنِ خَلِيل .
والنَّسَابَةُ ، بالفتح : كالقَرَابَةِ .
نشب : ( نَشبَ العظْمُ فيه ، كَفَرِحَ ، نَشَباً ) محركَة ، ( ونُشُوباً ، ونُشْبَةً بالضَّمّ )
____________________

(4/265)


فيهما ، وعلى الأَوسطِ اقتصرَ الجوهريّ : أَي عَلِقَ فيه ، و ( لم يَنْفُذْ ) .
( وأَنْشَبَه ) ، فانْتَشَبَ ، ( ونَشَّبَه ) بالتشْديد : أَعْلَقَه ، قال :
هُمُ أَنْشَبُوا صُمَّ القَنَا في صُدُورِهِمْ
وبِيضاً تَقِيضُ البَيْضَ مِن حَيْثُ طائرُهُ
ومن المَجَاز في الحديث : ( لم يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ مات ) ، قال ابْنُ الأَثِيرِ : لم يَلْبَثْ ، وحَقيقتُهُ : لم يَتَعَلَّقْ بشَيءٍ غيرِه ولا بِسِوَاه . ومثلُه في الفائق .
( ونَشَّبَ في الشَّيْءِ ) : ابتدأَ ، ك ( نَشَّمَ ) بالتّشْدِيد ، حكاه اللِّحيانيُّ بعد أن ضعّفَها . قلتُ : وهكذا هو مضبوطٌ في نُسْخَتِنا . ولَمّا غفَلَ عن ذلك شيخُنا ، قال : هو تفسيرُ معلومٍ بمجهول .
( و ) قال ابْنُ الأَعْرَابيّ : قالَ الحارثُ بنُ بَدْرٍ الغُدَانِيّ : ( كنت ) مُدَّةً ( نُشْبَةً ) بالضَّمّ ، ( فَصِرتُ ) اليومَ ( عُقْبَةً ) : أَي كُنْتُ مُدَّةً ( إِذ نَشِبْتُ وعَلِقْتُ بإِنْسَان ، لَقِيَ مِنِّي شَرّاً ، فقد أَعْقَبْتُ اليَوْمَ ورَجَعْتُ ) عنه . يُضْرَب لمَنْ ذَلّ بعدَ عِزَّتهِ . وقد أَغفله الجَوْهَرِيُّ . قال شيخُنا : وقولُه : نُشْبَة : كان حَقُّها التَّحْرِيك . يقالُ : رَجلٌ نُشَبَةٌ : إِذا كان عَلِقاً ، فخَفَّفَه لازْدِواج عُقْبَة ، والتَّقْدِير : ذا عُقْبَةٍ ، وهاذا الّذِي فسَّرَه به المصَنِّف هو عبارةُ النَّوادرِ بعَيْنِها ، فلا يُنْسَبُ له القُصُورُ لفظاً ومَعنًى كما قيلَ . قلت : وسيأْتي النُّشبة بالضَّمّ في كلام المصنّف ما يُنَاسب أَن يُفَسَّرَ به في هاذا المَثل ، فلا يُحْتَاجُ إِلى ضبطه بالتَّحريك ثمّ دعوى الازدِواج ، كما هو ظاهرٌ .
( و ) أَنشد ابْنُ الأَعْرَابيّ :
وتِلْكَ بَنُو عَدِيَ قدْ تَأَلَّوْا
فيا عَجَباً لِناشِبَةِ المَحالِ
فسّرَه فقالَ : ( ناشِبَةُ المَحَالِ : البَكَرَةُ ) ، محرَّكَةً ، الّتي لا تَجْري ، أَي : امتَنَعُوا مِنّا ، فلم يُعِينُونا . شَبَّهَهم
____________________

(4/266)


في امتناعِهم عليه بامتناعِ البَكَرةِ من الجَرْي . كذا في لسان العرب وغيره ، فالمصنِّف أَطلقَ في مَقامِ التَّقييد .
( والنُّشّابُ ) ، بالضَّمّ : ( النَّبْلُ ) ، الواحِدَةُ بهاءٍ ، ( وبالفَتْحِ : مُتَّخِذُهُ ) ، وصانِعُهُ .
( وقَوْمٌ نَشّابَةٌ ) ، بالفتح والتّشديد ، وناشِبَةٌ : ( يَرْمُونَ بِهِ ) . كُلُّ ذلك على النَّسَبِ ، لأَنّهُ لا فِعْلَ له . ( والنَّاشِبُ : صاحِبُهُ ) ، ومنه سُمِّيَ الرَّجُلُ ناشِباً .
والنُّشّابُ : السِّهَامُ ، واحدَتُهُ نُشّابَةٌ . قاله الجَوْهَرِيُّ ، وجمعه نَشاشِيبُ ، كالكُتَّاب وكَتاتِيب .
( والنَّشَبُ والنَّشَبَةُ ، مُحَرَّكَتَيْن ، والمَنْشَبَةُ : المالُ ) . قال ابْنُ دُرَيْدٍ : ولم يَقُلْه غيرُ أَبي زيد . وقال غيرُهُ : هو المالُ ( الأَصِيلُ من النّاطِقِ والصّامِتِ ) . قال أَبُو عُبَيْد : ومن أَسماءِ المال عندَهُم : النَّشَبُ والنَّشَبَة يقال : فُلانٌ ذو نَشَبٍ ، وفُلانٌ مَا لَهُ نَشَبٌ . النَّشَبُ : المالُ والعَقَارُ . ومن سَجَعَات الأَساس : ( لكمْ نَسَبٌ ، وما لَكُمْ نَشَبٌ ، ما أَنْتُمُ إِلاَّ خَشَبٌ ) . وقد جَعَل شيخُنَا هاذِه العبارةَ نُسْخةً في الكتاب ، فلا أَدْرِي من أَينَ نقلَها ؟ .
ونقل عن أَئمّة الاشتقاق : أَنّ النَّشَب أَكثرُ ما يُستعملُ في الأَشياءِ الثّابتة الّتي لا بَرَاحَ بها ، كالدُّورِ والضِّياعِ . والمالُ أَكثرُ ما يستعملُ فيما ليس بثابتٍ ، كالدّراهم والدَّنانير . والعُرُوضُ اسمُ المالِد وربما أَوْقَعُوا المالَ على كُلِّ ما يَمْلِكُه الإِنسانُ ، وربّما خَصُّوه بالإِبِل ، وسيأْتي بيانُ ذالك في مَحَلِّه .
( وأَنْشَبَتِ الرِّيحُ ) بمعنى ( أَنسَبَت ) بالسّين المُهْمَلَة ، أَي : اشتدَّتْ ، وسَافَتِ التُّرَابَ ، كما تقدّم ، فقولُ شيخُنا : ولو أَتَى به لكان أَوْلى وأَظْهَر ، غَيْرُ مناسِبٍ لطريقته .
( و ) عن اللَّيْث : نَشِبَ الشَّيْءُ في الشَّيْءِ نَشَباً ، كما يَنْشَب الصَّيْدُ في الحِبَالَةِ .
وقال الجوهريُّ : أَنْشَبَ ( الصّائِدُ ) : أَعْلَقَ ، أَي ( عَلِقَ الصَّيْدُ بحِبَالَتِهِ )
____________________

(4/267)


كذا في النُّسَخ . وفي أُخرى : بحِبَالِه .
وأَنشَبَ البَازِي مَخَالِبَهُ في الأَخِيذَةِ ، قال :
وإِذا المَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفَارَها
أَلْفَيْتَ كُلَّ تَمِيمَةٍ لا تَنْفَعُ
( ونُشْبَةُ ، بالضَّمِّ : اسْمُ الذِّئْبِ ) ، أَيْ : عَلَمُ جِنْسِ عليه ، فهو ممنوعٌ من الصَّرف كأُسامَةَ .
( و ) نُشْبَةُ : ( أَبو بِيلَةٍ من قَيْسِ ) ، وهو نُشْبَةُ بْنُ غَيْظِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُبْيَانَ ، ( والنِّسْبَةُ ) إِليه : ( نُشَبِيٌّ ، كسُلَمِيَ ) كذا في كتاب يافع ويَفَعة ( مِنْهم ) : أَبو الحَسَنِ ( عَلِيُّ بْنُ المُظَفَّرِ ) بْنِ القاسمِ ( الدِّمَشْقِيُّ النُّشَبِيّ ) المحدِّثُ ، سَمعَ الخُشُوعِيّ وطَبَقَتَه ، وأَسْمعَ أَولادَه : أَبا بَكْر محمداً ، وأَبا العِزِّ مُظَفَّراً ، وعَبْداً . وحَدَّثُوا . كَتَبَ عنهُم الدِّمْيَاطِيُّ .
( و ) من المَجَاز : ( النُّشْبَةُ ) ، بالضَّمّ : ( الرَّجلُ الَّذي إِذا نَشِبَ في الأَمْرِ ) وعَلِقَ به ، ( لَمْ يَكَدْ يَنْحَلُّ عنْه ) وإِنْ كانَ غَيّاً . وفي لسان العرب : هو من الرِّجالِ الَّذِي إِذا نَشِبَ بشَيْءٍ لم يَكَدْ يُفَارقُه . ولم يذكرْه الجَوْهَرِيُّ .
( والمِنْشَبُ ) بالكَسر ( كَمِنْبَر بُسْرُ الْخَشْوِ ) . قال ابْنُ الأَعْرَابيِّ : أَتَوْنَا بِخَشْوٍ مِنْشَبٍ ، يَأْخُذُ بالحَلْقِ . ( ج : مَنَاشِبُ ) .
( و ) من المجَاز : ( نَشِبَ ) فُلانٌ ( مَنْشَبَ سَوْءٍ ، بالفَتْح ) : إِذا ( وَقَعَ فيما لا مَخْلَصَ ) له ( عَنْه ) ، وفي نسخة : منه .
( و ) يقالُ : ( بُرْدٌ مُنَشَّبٌ ، كمُعَظَّمٍ ) : أَي ( مَوْشِيٌّ على صُورَةِ النُّشّابِ ) . وعبارة الأَساس : وَشْيُهُ يُشْبِه أَفاوِيقَ السِّهَامِ .
____________________

(4/268)



( وانْتَشَبَ ) : مُطَاوِعُ أَنْشَبَه ، أَي ( اعْتَلَقَ ) .
( و ) انْتَشَبَ ( الحَطَبَ : جَمَعَه ) ، قال الكُمَيْتُ :
وأَنْفَدَ النَّمْلُ بالصَّرَائمِ ما
جَمَّعَ والحَاطِبونَ مَا انْتَشَبوا
( و ) انْتَشَب فُلانٌ ) الطَّعامَ : لَمَّه ) أَي : جَمَعَه ( واتَّخَذَ مِنْه نَشَبَاً ) .
ويقال : نَشِبَتِ الحَرْبُ بينهم . وقد ناشبَه الحرْبَ : أَي نابَذَه .
( و ) في حديث العَبّاس : ( حتى ( تَنَاشَبُوا ) حَوْلَ رسولِ الله ، صلى الله عليه وسلم ، أَي : ( تَضَامُّوا ) ( و ) نَشِبَ : أَي دَخَلَ ، و ( تَعَلَّقَ بعضُهُم ببعض .
ونَشِبَهُ الأَمْرُ : كَلِزَمَهُ ، زِنَةً ومَعْنًى ) ، عن الفَرَّاءِ .
( والنَّشَبُ ، مُحَرَّكَةً : شَجَرٌ لِلْقِسِيِّ ) تُعْمَلُ منه ، من أَشجارِ البَادِيَة ، كالنَّشَم ؛ نقله الصّاغانيُّ .
( و ) النَّشَبُ : لَقَبُ ( جَدِّ عَلِيِّ بْنِ عُثْمَانَ المُحَدّثِ ) الدِّمْيَاطِيّ ، سَمع عبدَاللَّهِ بْنَ عبدِ الوهّابِ بْنِ بُرْدٍ الثَّقَفِيّ ، وغيرَه .
( و ) من المَجَاز : ( ما نَشِبْتُ أَفْعَلُ كذا ) : أَي ( ما زِلْتُ ) . وفي الأَساس : ما نَشبْتُ أَقولُه ، نحو : مَا عَلِقْتُ ، ولم يَنْشَبْ أَنْ فَعَلَ كذا : لم يَلْبَث ، وقد تقدَّمَ .
وممّا يسْتَدرَكُ عليه من المَجَاز : يقَال : نَشِبَتِ الحرب بينَهم نُشُوباً : اشْتَبَكَتْ ، وفي حديثِ الأَحنَف : ( إِنّ النّاسَ نَشِبُوا في قَتْلِ عثْمَانَ ) . وجاءَ رجلٌ لِشُرَيْحٍ فقال : اشترَيتُ سِمْسِماً ، فنَشِبَ فيه رجل . فقالَ شُرَيْحٌ : هو للأَوَّلِ .
ومن المَجَاز : ناشَبَ عَدوَّه مُناشَبَةً .
وتَنَشَّبَ في قَلْبِهِ حُبُّها .
وأَبو نُشّابَةَ : من قرى مِصْرَ .
____________________

(4/269)



والنِّشَاب ، ككِتاب : الوَتَر ، نقله الصّاغَانيُّ .
نصب : ( نَصِبَ ، كفَرِحَ : أَعْيا ) ، وتَعِبَ .
( وأَنْصَبَه ) هو ، وأَنْصَبَني هاذا الأَمْرُ .
( وهَمٌّ ناصِبٌ : مُنْصِبٌ ) ، وهو الصَّحِيح ، فهو فاعِلٌ بمعنى مُفْعِل ، كمكانٍ باقِلٍ بمعنى مُبْقِل . قاله ابْنُ بَرِّيّ . وقيل : ناصِبٌ بمعنَى المنصوبِ وقيلَ بمعنَى : ذو نَصَبٍ ، مثل : تامِرٍ ولابِنٍ ، وهو فاعِلٌ بمعنى مفعول ؛ لأَنَّه يُنْصَب فيه ويُتْعَب . وفي الحديث : ( فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنِّي ، يُنْصِبنِي ما أَنْصَبَهَا ) ، أَي : يُتْعبني ما أَتْعَبَها . والنَّصَبُ : التَّعَب ، وقيلَ : المَشقَّةُ ؛ قال النّابغة :
كِلِينِي لِهَمَ يا أُمَيْمَةُ ناصِبِ
أَي : ذِي نَصَبٍ ، مثلُ : لَيْلٌ نائمٌ : ذُو نَوْمٍ ، يُنَامُ فيه . ورجلٌ دارِعٌ : ذُو دِرْعٍ ، قاله الأَصْمَعِيُّ . ويقَال : نَصَبٌ ناصبٌ ، مثلُ : مَوْتٌ مائتٌ ، وشِعْرٌ شاعِرٌ . وقال سيبويه : هَمٌّ ناصِبٌ هو ( على النَّسَبِ ، أَوْ سُمِعَ : نَصَبَه الهَمُّ ) ثُلاثِيّاً متعدِّياً بمعنى ( أَتْعَبَهُ ) ، حكاه أَبو عليّ في التَّذْكِرة ، فنَاصِبٌ إِذاً على الفِعْل .
( و ) نَصَبَ ( الرَّجُلُ : جَدَّ ) . قال أَبو عَمْرٍ و في قوله : ( ناصِبِ ) نَصَبَ نَحْوِي ، أَي جَدَّ .
( و ) نَصَبَ لهم الهَمَّ ، وأَنْصَبَهُ الهَمُّ ، و ( عَيْشٌ ناصِبٌ ، و ) كذالك ( ذو مَنْصَبَةٍ : فيه كَدٌّ وجَهْدٌ ) ، وبه فَسَّر الأَصمعيُّ قولَ أَبي ذُؤَيْبٍ :
وغَبَرْتُ بَعْدَهُمُ بِعَيْشٍ ناصِبٍ
وإِخالُ أَنِّي لاحِقٌ مُسْتَتْبِعُ
( والنَّصْبُ ) بفتح فسكون ، ( والنُّصْبُ ) بالضَّمِّ ( وبضَمَّتَيْن ) ، ومنه قِرَاءَةُ أَبي عُميْرٍ وعبدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ :
____________________

(4/270)


{ مِن سَفَرِنَا هَاذَا نَصَباً } ( الكهف : 62 ) ، هو ( الداءُ ، والبلاءُ ) ، والتَّعَبُ ، والشَّرُّ .
قال اللَّيْثُ : النَّصْبُ نَصْبُ الدَّاءِ ، يُقَالُ : أَصابهُ نَصْبٌ من الدّاءِ . وفي التّنزيلِ العزيزِ : { مَسَّنِىَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } ( صلله : 41 ) .
( و ) النَّصِبُ ، ( كَكَتِف : المرِيضُ الوَجِعُ ) .
( و ) قد ( نَصَبَه المَرَضُ ، يَنْصِبُهُ ) بالكَسر : ( أَوْجَعَهُ ، كَأَنْصَبَهُ ) ، إِنْصاباً .
( و ) نَصَبَ ( الشَّيْءَ : وضَعَه ، وَرَفَعهُ ) ؛ فهو ( ضِدٌّ ) ، يَنْصِبُهُ ، نَصْباً ( كَنَصَّبهُ ) بالتّشديد ، ( فَانْتَصَبَ ) ؛ قال :
فبَاتَ مُنْتَصْباً وما تَكَرْدَسَا
( وتَنَصَّبَ ) كانْتَصَب ، وتَنَصَّبَ فُلانٌ ، وانْتَصَبَ : إِذا قامَ رافِعاً رأْسَهُ ، وفي حديث الصلاة : ( لا يَنْصِب رَأْسَهُ ، ولا يُقْنِعُهُ ) : أَي لا يَرْفَعُه . والنَّصْبُ : إِقامةُ الشَّيْءِ ورَفْعُه ، ومنه قوله :
أَزَلُّ إِنْ قِيدَ وإِنْ قامَ نَصَبْ
( و ) نصَبَ ( السَّيْرَ ) ، يَنْصِبْهُ ، نَصْباً : ( رَفَعَه ) . وقيلَ : النَّصْبُ : أَنْ يَسِيرَ القومُ لَيْلَهُم ، ( أَوْ هُوَ أَنْ يَسِير طُولَ يَوْمِهِ ) ، قاله الأَصْمَعِيُّ . ( وهو سَيْرٌ لَيِّنٌ ) . وقد نَصَبُوا نَصْباً . وقيل : نَصَبُوا : جَدُّوا السَّيْرَ ؛ قال الشّاعرُ :
كَأَنَّ راكِبَها يَهْوِي بمُنْخَرَقٍ
من الجَنُوب إِذا ما رَكْبُهَا نَصَبُوا
وقال النَّضْرُ : النَّصْبُ : أَوّلُ السَّيْرِ ،
____________________

(4/271)


ثُمَّ الدَّبِيبُ ثُمَّ العَنَقُ ، ثُمَّ التَّزَيُّدُ ، ثُمّ العَسْجُ ، ثُمَّ الرَّتَكُ ثُمّ الوَخْدُ ، ثُمَّ الهَمْلَجَةُ .
( و ) من المَجَاز : نَصَبَ ( لفُلانٍ ) نَصْباً : إِذا قَصدَ له ، و ( عادَاهُ ) ، وتَجَرَّدَ له .
والنَّصْبُ : ضرْبٌ من أَغَانِي الأَعرابِ وقد نَصَبَ الرّاكِبُ نَصْباً إِذا غَنّى . وعن ابْنِ سيدَهْ : نَصْبُ العربِ : ضَرْبٌ من أَغانِيهَا . وفي الحديثِ : ( لو نَصَبْتَ لَنَا نَصْبَ العَرَبِ ) ؟ أَي : لو تَغَنَّيْتَ . وفي الصَّحاح : أَي لو غَنَّيْتَ لنا غِناءَ العَرَبِ . ( و ) يُقالُ : نَصَبَ ( الحادِي : حَدَا ضَرْباً من الحُدَاءِ ) . وقال أَبو عَمْرٍ و : النَّصْبُ : حُداءٌ يُشْبِهُ الغِنَاءَ . وقالَ شَمِرٌ : غِناءُ النَّصْبِ : ضرْبٌ من الأَلْحان . وقيل : هو الذي أُحْكِمَ من النَّشِيد ، وأُقِيمَ لَحْنُهُ ووَزْنُهُ كذا في النّهَاية . وزاد في الفائق : وسُمِّيَ بذالك ، لأَنَّ الصَّوْتَ يُنْصَبُ فيه ، أَي : يُرْفَع ويُعْلَى .
( و ) نَصَبَ ( لَهُ الحَرْبَ ) ، نَصْباً : ( وضَعَهَا ) ، كناصَبَهُ الشَّرَّ ، على ما يأْتي . ( و ) عن ابْنِ سِيدَهْ : ( كُلُّ ما ) ، أَي : شَيْءٍ ( رُفِعَ واسْتُقْبِلَ بِهِ شَيْءٌ ، فقد نُصِبَ ، ونَصَبَ هُوَ ) ، كذا في المحكم .
( والنَّصْبُ ) ، بالفتح : ( العَلَمُ المَنْصُوبُ ) يُنْصَبُ للقَوم ، ( و ) قد ( يُحَرَّكُ ) . وفي التَّنْزِيل العَزِيزِ : { كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } ( المعارج : 43 ) ، قُرِىء بهِما جَمِيعاً . وقال أَبو إِسحَاق . من قَرَأَ إِلى نَصْبٍ ، فمعناه إِلى عَلَم منصوب ، يَسْتَبِقُون إِليه ، ومَنْ قرأَ إِلى نُصُبٍ ، فمعناه إِلى أَصنام ، كما سيأْتي . ( و ) قيلَ : النَّصْبُ : ( الغَايَةُ ) ، والأَوَّلُ أَصحُّ .
____________________

(4/272)



( و ) عن أَبي الحَسَن الأَخْفَشِ : النَّصْبُ ( فِي القَوَافِي ) هو ( أَنْ تَسْلَمَ القافِيةُ من الفًسَادَ ) ، وتكونٍ تامَّةَ البِنَاءِ فإِذا جاءَ ذالك في الشِّعْر المَجْزُوء لم يُسَمَّ نَصْباً ، وإِن كانت قافيتُه قد تَمَّتْ . قال : سَمِعْنا ذالك من العربِ ، قال : وليس هاذا مِمَّا سَمَّى الخَلِيلُ ، إِنَّما تُؤخَذ الأَسماءُ عن العرب ، انتهى كلامُ الأَخفش كما حَكاه ابن سِيده .
ولمّا ظنَّ شيخُنَا أَنَّ هذا مِمّا سمّاه الخَلِيلُ عاب المُصَنِّف ، وسدَّد إِليه سهم اعتراضِه ، وذا غيرُ مناسبٍ .
وقال ابْنُ سِيدَهْ ، عن ابْنِ جِنِّي : لمّا كان معنى النَّصْبِ من الانتصاب ، وهو المُثُولُ والإِشرافُ والتَّطَاوُلُ ، لم يُوقَعْ على ما كان من الشّعر مَجْزُوءاً ؛ لأَنَّ جَزْأَهُ عِلَّةٌ وعيبٌ لَحِقَهُ ، وذالك ضِدُّ الفَخْرِ والتَّطَاوُلِ . كذا في لسان العرب .
( وهُو ) أَي النَّصْبُ ( في الإِعْرَابِ ، كالفتْحِ في البِنَاءِ ) . وهو ( اصطِلاَحٌ نَحْوِيّ ) ، تقولُ منه : نَصَبْتُ الحَرْفَ ، فانْتَصَبَ .
وغُبَارٌ مُنْتَصِبٌ : مُرتفِعٌ .
وقال اللَّيْثُ : النَّصْبُ : رفْعُك شيئاً تَنْصِبُه قائماً مُنْتَصِباً .
والكَلمة المنصوبةُ ترفَعُ صوْتَها إِلى الغَار الأَعلَى .
وكلُّ شَيْءٍ انتصب بشَيْءٍ ، فقد نَصبهُ .
وفي الصَّحاح : النَّصْبُ : مصدرُ نَصَبْتُ الشَّيْءَ : إِذا أَقَمْتَه .
وصفِيحٌ مُنَصَّبٌ : أَي نُصِب بعضُهُ على بعض .
( و ) عن ابْنِ قُتَيْبَةَ : ( نَصْبُ العربِ : ضَرْبٌ من مَغانِيها ، أَرَقُّ من الحُدَاءِ ) ، ومثلُهُ في الفائق ، وقد تقدّمَ بيانهُ .
وقولُ شيخِنا : إِنّه مُستدرَكٌ ، أَغنَى عنه قولُه السّابقُ : ( والحادي ، إِلى
____________________

(4/273)


آخرِه ) ، فيهِ ما فيهِ ، لأَنّهما قولانِ ، غيرَ أَنّه يُقَال : كانَ المُنَاسِبُ أَن يَذكرَهُمَا في محلَ واحدٍ ، مراعاةً لطريقته في حُسْنِ الاختصار .
( و ) النُّصُبُ ، ( بِضَمَّتَيْنِ : كُلُّ ما ) نُصِبَ ، و ( جُعِلَ عَلَماً ، كالنَّصِيبَةِ ) . قيل : النُّصُبُ جمعُ نَصِيبَةٍ ، كسَفينةٍ وسُفُنٍ ، وصَحِيفَةٍ وصُحُفٍ . وقال اللَّيْثُ : النُّصُبُ : جماعةُ النَّصِيبةِ ، وهي عَلامةٌ تُنْصَبُ للقوم .
قال الفَرّاءُ : واليَنْصُوبُ : عَلمٌ يُنْصَبُ في الفَلاةِ .
( و ) النُّصُبُ : ( كُلُّ ما عُبِدَ من دون اللَّهِ تَعالَى ) ، والجمعُ النَّصائِبُ . وقال الزَّجّاجُ : النُّصُبُ : جمعٌ ، واحدُهَا نِصابٌ . قال : وجائزٌ أَن يكونَ واحداً ، وجمعُه أَنصابٌ . وفي الصَّحاح : النَّصْبُ ، أَي : بفتح فسكون : ما نُصبَ ، فعُبَدَ من دُون الله تعالَى ، ( كالنُّصْبِ ، بالضَّمِّ ) فسكون ، وقد يُحرَّكُ . وزاد في نسخة مِنْهُ : مثل : عُسْر وعُسُر ، فيُنظَر هاذا مع عبارة المصنّف السّابقة . قالَ الأَعْشَى يمدَحُ سيِّدَنا رسولَ الله ، صلى الله عليه وسلم
وذَا النُّصُبَ المَنْصُوبَ لا تنْسُكَنَّهُ
لِعاقِبةٍ واللَّهَ ربَّكَ فاعْبُدَا
أَراد : فاعبدَنْ ، فوقفَ بالأَلف . وقوله : وذا النُّصُب ، أَي : إِيّاكَ وذا النُّصُبَ . وقال الفَرّاءُ : كأَنّ النُّصُبَ الآلهةُ الّتي كانت تُعْبَدُ من أَحجارٍ . قال الأَزهريّ : وقد جَعَل الأَعْشَى النُّصُب واحداً حيثُ قالَ :
وذا النُّصُبَ المنْصوبَ لا تَنْسُكنَّه
والنَّصْبُ واحِدٌ وهو مصدرٌ . وجمعُه الأَنصابُ . ( و ) كانوا يَعبُدُون ( الأَنْصَابَ ) ، وهي ( حِجارَةٌ كانَتْ حَوْلَ الكَعْبَةِ ، تُنْصَبُ ، فيُهَلُّ عَلَيْهَا ، ويُذْبَحُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعالَى ) ، قاله ابْنُ سيدَهْ . واحِدُها نُصُبٌ ، كعُنُق وأَعْنَاق ، أَو نُصْبٌ بالضّمّ ، كقُفْل وأَقْفَالٍ . قالَ تَعَالى :
____________________

(4/274)


{ 4 . 024 والآنصاب والأزلام } ( المائدة : 90 ) ، وقوله : { وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ } ( المائدة : 3 ) ، الأَنْصَابُ : الأَوْثانُ ، وقال القُتَيْبِيُّ : النُّصُبُ : صَنَمٌ أَو حَجَرٌ ، وكانت الجاهليّةُ تَنْصِبُهُ ، تَذْبَحُ عندَه ، فيَحْمَرُّ للدَّمِ . ومنه حديثُ أَبي ذَرَ في إِسلامه ، قال : ( فَخَرَرْتُ مَغْشِيّاً عليَّ ، ثم ارتَفعتِ كأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ ) ، يُرِيدُ أَنَّهُم ضَرَبوه ، حتّى أَدْمَوْهُ ، فصار كالنُّصُبِ المُحْمَرِّ بدَمِ الذّبائحِ .
( و ) الأَنصابِ ( من الحَلامِ : حُدُودُه ) ، وهي أَعلامٌ تُنْصَبُ هناك لِمَعرِفتها .
( والنُّصْبَةُ ، بالضَّمِّ : السّارِيَةُ ) المَنْصُوبَةُ لمعرفةِ علامَةِ الطّرِيق .
( والنصائِبُ : حِجَارَةٌ تُنْصَبُ حَوْلَ الحَوْضِ ، ويُسدُّ ما بَيْنَها من الخَصَاصِ ) ، بالفتح : الفخرَجِ بينَ الأَثافِيّ ( بالمَدَرَةِ المَعْجُونَةِ ) ، واحِدَتُها نَصِيبَةٌ . وعن أَبي عُبيد : النَّصائبُ ، ما نُصِب حَوْل الحَوْضِ من الأَحْجَارِ ، أَي : لِيَكُونَ علامةً لما يُرْوِي الإِبِلَ من الماءِ ، قال ذُو الرُّمَّةِ :
هَرَقْنَاهُ في بادِي النَّشِيئَةِ داثرٍ
قَدِيمٍ بِعَهْدِ الماءِ بُقْعٍ نَصائِبُهْ
والهاءُ ، في هَرقْنَاه ، تعودُ إِلى سَجْل تَقدَّمَ ذِكْرُهُ .
( و ) من المَجَاز : ( نَاصَبَهُ الشَّرَّ ) ، والحَربَ ، والعَداوَةَ ، مُنَاصَبَةً : ( أَظْهرَهُ لَهُ ، كَنَصَبَهُ ) ثُلاثيّاً ، وقد تقدّم ، وكُلُّهُ من الانتصاب ، كما في لسان العرب .
( وتَيْسٌ أَنْصَبُ ) : إِذا كان ( مُنْتَصِبَ القَرْنَيْنِ ) ، مرتَفِعَهُمَا . وعَنْزٌ نَصْباءُ : بَيِّنَةُ النَّصَبِ ، إِذا انْتَصَبَ قَرْنَاهَا ، ( ونَاقَةٌ نَصْباءُ : مُرْتَفِعَةُ الصَّدْرِ ) هو نَصُّ الجَوْهَرِيّ . وأُذُنٌ نَصْبَاءُ : وهي الّتي تَنْتَصِبُ وتدنُو من الأُخْرَى .
____________________

(4/275)



( وتَنصَّبَ الغُبارُ : ارْتَفَع ) ، كانْتَصَب ، وهو مَجازٌ ، كما في الأَساس . ويوجد في بعض النسَخ : الغُرابُ ، بدل الغُبَار ، وهو خطأٌ .
( و ) في الصَّحاح : تَنَصَّبَتِ ( الأُتُن حَوْلَ الحِمارِ ) : أَي ( وَقَفَتْ ) .
( و ) المِنْصَبُ ، ( كمِنْبَر ) : شَيْءٌ من ( حدِيد ، يُنْصَبُ علَيْه القِدْرُ ) ، وقد نَصَبْتُها نَصْباً . وعن ابن الأَعرابيّ : هو ما يُنْصبُ عليه القِدْرُ ، نَصْباً ، إِذا كان من حديد .
وتقولُ للطَّاهِي : انْتَصِبْ ، أَي : انْصِبْ قِدْرَكَ للطَّبْخ .
( والنَّصِيبُ : الحَظُّ ) من كلِّ شَيْءٍ ، ( كالنِّصْبِ ، بالكسر ) ، لغة فيه . و ( ج : أَنْصِباءُ ، وأَنْصِبَةٌ ) . ومن المجاز : لي نَصِيبٌ منه : أَي قسْمٌ ، منصوبٌ مُشَخَّصٌ ، كذا في الأَساس .
( و ) النَّصِيبُ : ( الحَوْضُ ) ، نَصَّ عليه الجوْهَرِيُّ .
( و ) النَّصِيبُ : ( الشَّرَكُ المنْصُوبُ ) فهو إِذاً فَعِيلٌ بمعنى منصوبٍ .
( و ) نُصَيْبٌ ، ( كَزُبَيْرٍ : شاعِرٌ ) ، وهو الأَسْوَدُ المَرْوانيُّ ، عبدُ بني كَعْبِ بْنِ ضَمْرةَ ، وكان له بَناتٌ ، ضُرِبَ بهِنّ المَثَلُ ، ذكرَهُنَّ أَبو منصورٍ الثَّعالبِيّ .
وزاد الجلالُ في المزهر عن تهذيب التِّبْرِيزيّ اثْنَيْنِ : نُصَيْباً الأَبْيَضَ الهاشمِيَّ ، وابْنَ الأَسْودِ .
( وأَنْصَبَهُ : جَعلَ لَهُ نَصِيباً ) .
وهم يَتَنَاصَبونَه : يَقْتَسِمُونَهُ .
( و ) من المجَازِ : هو يَرْجِعُ إِلى مَنْصِبِ صِدْقٍ ، ونِصَابِ صِدْقٍ .
( النِّصَابُ ) ، من كلّ شَيْءٍ : ( الأَصْلُ والمَرْجِعُ ) الّذِي نُصِبَ فيه ورُكِّبَ ، وهو المَنْبِتُ والمَحْتِدُ ، ( كالمنْصِبِ ) كمَجْلِسِ .
____________________

(4/276)



( و ) النِّصابُ : ( مَغِيبُ الشَّمْسِ ) ، ومَرْجِعُهَا الّذي تَرْجِعُ إِليه .
( و ) منه : المَنْصِبُ والنِّصَابُ ( جُزْأَةُ السِّكِّينِ ) ، وهو عَجُزُهُ ومَقْبِضُهُ الّذِي نُصِبَ فيه ورُكِّب سِيلاَنُه . ( ج ) نُصُبٌ ( ككُتُبٍ ) .
( وقد أَنْصَبَها ) : جعلَ لها نِصَاباً ، أَي مَقْبِضاً .
ونِصَابُ كُلِّ شَيْءٍ : أَصلُه .
( و ) من المَجاز أَيضاً : النِّصَابُ ( مِن المالِ ) ، وهو ( القَدْرُ الَّذِي تَجِبُ فيهِ الزَّكَاةُ إِذا بلَغَهُ ) نحو مَائَتَيْ درْهمٍ ، وخَمْسٍ من الإِبِلِ ، جعله في المِصْباح مأْخوذاً من نِصَابِ الشّيْءِ ، وهو أَصلُه .
( و ) نصَابٌ : ( فَرَسُ مالك بْنِ نُوَيْرةَ ) التَّميميِّ ، رضيَ الله عنه ، وكانت قد عُقِرَت تَحْتَه ، فحمَلَهُ الأَحْوصُ بْنُ عَمْرو الكَلْبِيُّ على الوَرِيعَة ، فقال مالكٌ يَشكُرُهُ :
وَرُدَّ نَزِيلَنا بعِطاءِ صدْقٍ
وأَعْقبْهُ الوَريعَةَ من نصابِ
وسيأْتي في ورع .
( و ) من المجاز : تَنَصَّبْتُ لِفُلانٍ : عادَيْتُهُ نَصْباً .
ومنه ( النَّوَاصِبُ ، والنّاصِبيَّةُ ، وأَهْلُ النَّصْبِ ) : وهم ( المُتَدَيِّنُون ببِغْضَةِ ) سيّدِنا أَميرِ المُؤْمنينَ ويَعْسُوب المُسْلِمينَ أَبي الحسنِ ( عَلِيّ ) بْنِ أَبي طالبٍ ، ( رضِيَ الله ) تعالى ( عَنْهُ ) وكَرَّم وجْهَهُ ؛ ( لأَنَّهم نَصَبُوا له ، أَي : عادَوْهُ ) ، وأَظْهَرُوا له الخِلافَ ، وهم طائفة من الخَوَارِج ، وأَخبارُهم مُستوفاةٌ في كتاب المَعالم لِلبَلاذُرِيّ .
( والأَناصِيبُ : الأَعْلامُ والصُّوَى ) ، وهي حجارةٌ تُنْصَبُ على رُؤُوس القُورِ يُسْتَدَلُّ بها ، قال ذُو الرُّمَّة :
طَوَتْهَا بِنا الصُّهْبُ المَهَارَى فَأَصْبَحَتْ
تَنَاصيبَ أَمْثَالَ الرِّماحِ بها غُبْرَا
( كالتَّناصيبِ ) ، وهما من الجموع التي لا مفرد لها .
( و ) الأَناصيبُ أَيضاً : ( ع )
____________________

(4/277)


بعَيْنِهِ ، وبه تلك الصُّوَى ؛ قال ابْنُ لَجَإٍ :
وَاسْتَجْدَبَتْ كُلَّ مَربَ مَعْلَمِ
بيْنَ أَنَاصِيب وبَيْنَ الأَدْرَمِ
( والنَّاصِبُ ) : اسْمُ ( فَرَسِ حُوَيْصِ بْنِ بُجَيْرِ ) بْنِ مُرَّةَ .
( ونَصِيبُونَ ، ونَصِيبينَ : د ) عامرةٌ من بلادِ الجزيرة ، على جادَّةِ القوافل من المَوْصِل إِلى الشّام ، وبينَهَا وبينَ سنْجَارَ تسعةُ فراسِخَ ، وعليها سُورٌ ، وهي كثيرةُ المياهِ ، وفيها خرابٌ كثيرٌ . وهي ( قاعدَةُ دِيارِ رَبِيعَةَ ) وقد رُوِيَ في بعض الآثار : أَنّ النَّبِيَّ ، صلى الله عليه وسلم قال : ( رُفِعَتْ لي لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي مدينةٌ ، فأَعْجَبتْنِي ، فقلتُ لجبْرِيلَ : ما هذِه المَدِينَةُ ؟ فقال : نَصِيبِين . فقلتُ : اللّهم ، عَجِّلْ فَتْحَها ، واجْعَلْ فيها بَركةً للمسلمينَ ) فتحها عِياضُ بْنُ غُنْمٍ الأَشْعَرِيُّ . وقال ابْنُ عتْبَانَ :
لقَدْ لَقِيَتْ نَصيبِين الدَّوَاهِي
بِدُهْمِ الخَيْلِ والجُرْد الوِرَاد
وقال بعضُهُم يذكُر نَصِيبِينَ : وظَاهِرُهَا مليحُ المنظرِ ، وباطِنُها قبيحُ المَخْبر .
وقَال آخَرُ يذُمّ نَصِيبينَ :
نَصِيبُ نَصِيبينَ مِنْ رَبِّها
وِلاَيةُ كُلِّ ظلُومٍ غَشُومِ
فباطِنُها مِنْهُمُ في لَظًى
وظَاهِرُهَا من جِنَانِ النَّعِيمِ
نُسِبَ إِليهَا أَبو القاسِم الحسَن بْنُ عليّ بْنِ الوثاق النَّصِيبِيّ الحافظ . روى ، وحَدَّث .
وفيه للعرب مَذهبانِ : منهم من يَجْعلُهُ اسْماً واحداً ، ويُلزِمُهُ الإِعْرَابَ ، كما يُلْزِمُهُ الأَسماءَ المفردةَ الْتي لا تنصرفُ ، فتقول : هاذه نَصِيبِينُ ، ومررتُ بنَصِيبِينَ ، ورأَيتُ نَصِيبينَ . ( والنِّسْبَةُ إِليه : نَصِيبِينِيٌّ ) ، يعني : بإِثبات النّون في آخره ، لأَنّها كالأَصْل وفي نسخة الصَّحاح الموثوق بها ، وهي بخطّ ياقوت الرُّوميّ : بحذف النّون ،
____________________

(4/278)


وهاكَذا وُجِد بخطّ المؤلِّف . قال في هامشه : وهو سهوٌ ، وبالعكس فيما بعدَهُ . ومن هُنا اعترضَ ابْنُ برِّيّ في حواشيه ، وسلَّمه ابْنُ منظور الإِفريقيّ .
ثمّ قال الجوهريُّ : ومنهم مَنْ يُجْريهِ مُجْرى الجمعِ ، فيقولُ : هاذِه نَصيبُونَ ، ومررتُ بِنَصيبينَ ، ورأَيتُ نَصِيبِينَ . وكذلك القولُ في يَبْرِينَ ، وفِلَسْطينَ ، وسَيْلَحينَ ، وياسِمِينَ ، وقِنَّسْرِينَ . ( و ) النّسْبَة إِليه ، على هذا القَوْلَ ( نَصِيبِيٌّ ) ، أَي : بحذف النُّون ؛ لأَنّ علامةَ الجمع والتَّثنية تُحْذَفُ عندَ النِّسْبَة ، كما عُرِف في العربيّة . ووجد في نُسَخِ الصِّحاح هنا بإِثبات النُّون ، وهو سهوٌ كما تقدّم .
( وثَرًى مُنَصبٌ ، كمُعَظَّمٍ : مُجَعَّدٌ ) ، كذا في النُّسَخ ، وصوابُهُ : جَعْدٌ .
( و ) النَّصْبُ على ما تقدَّم : هو إِقامة الشَّيْءِ ، ورَفْعهُ . وقال ثعلب : لا يكون النَصْبُ إِلاّ بالقيام ، وقال مَرَّةً : هو نُصْبُ عَيْني ، ( هذا ) كذا عبارة الفصيح في الشَّيْءِ القائم الّذي لا يخفَى عليَّ ، وإِنْ كان مُلْقًى . يعني بالقائم في هاذه الأَخِيرَةِ الشَّيءِ الظَّاهرَ . وعن القُتَيْبِيّ : جعلْتُهُ ( نُصْبَ عيْنِي ، بالضَّمِّ . و ) منهم من يروى فيه ( الفتحَ ، أَو الفتحُ لَحْنٌ ) . قال القُتَيْبيّ : ولا تَقُلْ : نَصْبَ عَيني ، أَي : بالفتح ، وقيل : بل هو مسموعٌ من العرب . وصرَّح المطرِّزيّ بأَنّهُ مصدرٌ في الأَصل ، أَي بمعنى مفعول ، أَي منصوبها ، أَي : مَرْئِيّها ، رؤيَةً ظاهرةً بحيثُ لا يُنْسَى ، ولا يُغفَلُ عنه ، ولم يُجْعَلْ بظَهْرٍ ، قاله شيخُنا .
( وثَغْرٌ مُنَصَّبٌ ) ، كمُعَظَّمٍ : ( مُسْتَوِي النِّبْتَة ) ، بالكسر ، كأَنَّه نُصبَ فَسُوِّيَ .
( وذاتُ النُّصْب ، بالضَّمّ : ع قُرْبَ المَدِينَة ) ، على ساكنها أَفضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ ، بينَهُ وبينَها أَربعةُ أَميالٍ ، وفي حديث مالكِ بْنِ أَنَس : أَنّ عبدَالله بْنَ عُمَرَ رَكبَ إِلى ذاتِ النُّصْبِ ، فقَصَرَ الصَّلاةَ ) . وقيل : هي من معادن القَبَليَّة . كذا في المعجم .
____________________

(4/279)



( ) ومِمّا يُسْتَدرَكُ على المؤلِّف في هاذه المادّة :
قال اللَّهُ تَعَالَى : { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ } ( الشرح : 7 ) ، قالَ قَتادةُ : إِذا فرغتَ من صلاتك ، فانْصَب في الدُّعاءِ . قال الأَزهريّ : هو من نَصِب ، يَنْصَب ، نَصباً : إِذا تَعِبَ . وقيلَ : إِذا فَرَغْت من الفَرِيضة فانْصَبْ في النّافِلَةِ .
واليَنْصُوبُ : عَلَمٌ يُنْصَبُ في الفَلاة .
والنّاصِبَةُ في قول الشاعر :
وَحَبَتْ له أُذُنٌ يُرَاقِبُ سَمْعَها
بَصَرٌ كنَاصِبَةِ الشُّجاعِ المُرْصَدِ
يُرِيدُ : كعَيْنِهِ الّتي يَنْصِبُهَا للنَّظَر .
والنَّصْبَةُ ، بالفَتح : نَصْبَةُ الشَّرَكِ ، بمعنى المنصوبة .
وفي الصَّحاح ، ولسان العرب : ونَصَّبَت الخَيْلُ آذانَهَا ، شُدِّدَ للكَثْرَة ، أَو للمُبالَغة . والمُنَصَّبُ من الخَيْلِ : الّذِي يَغْلِبُ على خِلْقِه كُلِّه نَصْبُ عِظامه ، حتّى يَنْتَصِبَ منهُ ما يَحتاج إِلى عَطْفِه .
ونَصَبَ الحَدِيثَ : أَسْنَدَهُ ، ورَفَعَهُ ومنه حديثُ ابْن عُمَرَ : ( مِنْ أَقْذَرِ الذُّنُوبِ رَجُلٌ ظَلَمَ امْرَأَةً صَدَاقَهَا ) . قِيلَ لِلَّيْثِ : أَنَصَبَ ابْنُ عُمَرَ الحديثَ إِلى رسولِ اللَّهِ ، صلى الله عليه وسلم قال : وما عِلْمُهُ لولا أَنّهُ سَمِعَهُ منه ؟ أَي أَسنَده إِليه ، ورَفَعَهُ .
ونُقِلَ عن الزَّمَخْشَرِيّ ، والمَنْصُوبَة : الحِيلةُ ، يقال : سَوَّى فُلانٌ مَنصوبةً . قال : وهي في الأَصل صِفةٌ للشَّبَكَةِ والحِبَالَة ، فجَرتْ مَجْرَى الاسْم ، كالدَّابَّة والعَجُوز . ومنه المنصوبةُ في لِعْبِ الشِّطْرَنْج ، قاله الشِّهَابُ في أَثناءِ النَّحْلِ من العِنَاية .
والمَنْصبُ ، لُغَةً : الحَسَبُ ، والمَقَام . ويُسْتَعَارُ للشَّرَفِ ، أَي : مأْخُوذٌ من معنى أَصْل . ومنه : مَنْصِبُ الوِلاياتِ
____________________

(4/280)


السُّلْطانيّة والشَّرْعيَّة . وجمعُه : المَنَاصِب . وفي شفاءِ الغَليل : المَنْصِب في كلام المُوَلَّدِين : ما يَتَولاّهُ الرَّجُلُ من العَمَل ، كأَنَّه مَحَلٌّ لِنَصَبِه . قال شيخُنَا : أَو لاِءَنَّهُ نُصِبَ للنَّظَر ؛ وأَنشد لابْنِ الوَرْدِيِّ :
نَصَبُ المَنْصِبِ أَوْهَى جَلَدِي
وعَنَائِي من مُدَاراةِ السَّفِلْ
قال : ويُطْلِقونه على أَثافِي القِدْرِ من الحديد . قال ابْنُ تَمِيمٍ :
كم قُلْت لمّا فار غَيْظاً وقدْ
أُرِيحَ من مَنْصِبِه المُعْجِبِ
لا تَعْجبُوا إِنْ فارَ مِنْ غَيْظه
فالقَلْبُ مطبوخٌ على المَنْصِبِ
وقد تقدّم .
قال الشِّهَابُ : وإِنّمَا هو في الكلامِ القديمِ الفَصيحِ بِمعنى الأَصْل والحسب والشَّرف ، ولم يستعملوه بهاذا المعنى ، لاكنَّ القيَاسَ لا يأْباه . وفي المِصْبَاح : يُقَالُ : لفلانٍ مَنْصبٌ ، كمَسْجِد ، أَي : عُلُوٌّ ورِفْعَةٌ .
وامرأَةٌ ذاتُ مَنْصب : قيلَ : ذاتُ حَسَبٍ وجَمال ، وقيل : ذاتُ جَمال ، لأَنّهُ وحدَهُ رِفْعَةٌ لها .
وفي الأَساس : من المجَاز : نُصبَ فُلانٌ لعِمَارة البلَدِ .
ونَصبْتُ له رأْياً : أَشَرْتُ عليه برأْيٍ لا يَعْدِلُ عنه .
ويَنْصُوبُ : موضعٌ ، كذا في اللّسان .
وفي المُعْجِم : يَنَاصيبُ : أَجْبُلٌ مُتَحاذياتٌ في ديار بني كِلابٍ ، أَو بني أَسَدِ بنَجْد . ويُقَالُ بالأَلف واللام . وقيل : أَقْرُنٌ طِوالٌ دِقاقٌ حُمْرٌ ، بينَ أُضَاخَ وجَبَلَةَ ، بينها وبين أُضَاخَ أَربعةُ أَميال ، عن نصرٍ . قال : وبخطّ أَبي الفضل : اليَنَاصِيبُ : جِبال لِوَبْرٍ منْ كلاب ، منها الحَمَّال ، وماؤُها العَقيلَةُ .
ونَصِيبٌ ، مُكَبَّراً ونُصَيْبٌ مُصَغَّراً اسمان .
ونُصيب : له حديثٌ في قتل الحيّات ، ذُكر في الصَّحابة .
____________________

(4/281)



ونَصِيبِين أَيضاً : قريةٌ من قُرى حَلَبَ .
وتَلُّ نَصِيبِينَ : من نواحِي حلَبَ .
ونَصِيبِين : مدينةٌ أُخْرَى على شاطِىء الفُرات ، كبيرة ، تعرف بنَصِيبِين الرُّوم ، بينَهَا وبينَ آمِدَ أَربعةُ أَيّام ، أَو ثلاثة . ومن قَصَد بلاد الرُّوم من حرّانَ مَرَّ بها ؛ لأَنّ بينهما ثلاثَ مَراحِل . كذا ذكره شيخُنَا . ثمّ رأَيتُهُ بعينه ، في كتاب المُعْجَمِ .
والمَنَاصِبُ : موضعٌ ، عن ابن دُريْد ، وبه فسَّروا قول الأَعلم الهُذَلِيّ :
لَمّا رأَيْتُ القَوْمَ بِالْ
عَلْيَاءِ دُونَ قِدَى المَنَاصِبْ
وقرأَ زَيْدُ بْنُ عليَ : { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ } ، بكسر الصّاد ، والمعنى واحدٌ .
والنَّصَّابُ ، ككَتّان : الّذي يَنْصبُ نَفْسهُ لعملٍ لم يُنْصَبْ له ، مثل أَن يَتَرسَّل وليس برسولِ ، نقله الصّاغانيّ . قلتُ : واستعمله العامَّةُ بمعنى الخَدّاع المُحْتال : ( نضب : ( نَضَبَ ) الشَّيْءُ : ( سالَ وجَرَى ) .
( و ) نَضَب ( الماءُ ) ، يَنْضُبُ بالضّمّ ، ( نُضُوباً ) : إِذا ذَهبَ في الأَرْض . وفي المُحْكَم : ( غارَ ) ، وبَعُدَ . وفي الصَّحاح : سَفَلَ ، أَنشد ثعلبٌ :
أَعْدَدْتُ لِلْحَوْضِ إِذا ما نَضَبَا
بَكْرَةَ شيزَى ومُطَاطاً سَلْهَبَا
( كَنَضَّبَ ) ، بالتّشديد . وفي المِصباح ويَنْضِبُ ، بالكسر أَيضاً ، وهو لغة . قال شيخُنا : وهو غريبٌ .
وفي الأَساس : وغَدِيرٌ ناضِبٌ ، وعَيْنٌ مُنَضِّبَةٌ : غارَ ماؤُهَا . ونَضَبَتْ عُيُونُ الطّائف . ثُمَّ إِنَّ تقييدَنَا في نَضَب بالشَّيْءِ لإِخراج الماءِ ، وإِن كان داخلاً في الشَّيْءِ كما قيَّده غيرُ واحد من أَئمّة اللُّغَة ، فلا يلزم عليه ما قاله شيخُنَا من أَنّه يُؤخَذُ من مجموع كلاميه أَن نَضَب من الأَضداد ، يقال بمعنى سالَ وبمعنى غار ، وهو ظاهر .
____________________

(4/282)



وفي الحديثِ : ( ما نَضَبَ عنهُ البَحْرُ ، وهو حَيٌّ ، فماتَ ، فكُلُوهُ ) ، أَي : نَزَحَ ماؤُه ، ونَشِفَ . وفي حديثِ الأَزْرقِ : ( كُنّا على شاطىءِ النَّهْرِ بالأَهْوَاز ، وقَد نَضَبَ عنه الماءُ ) .
قال ابْنُ الأَثِيرِ : وقد يُستعارُ للمعاني ، ومنه حديثُ أَبِي بكْرٍ : نَضَبَ عُمْرُهُ ، وضَحَا ظِلُّهُ ) ، أَي : نَفد عُمْرُه وانقضى ، وهو مراد المؤلِّف من قوله : ( و ) نَضَبَ ( فُلانٌ : ماتَ ) فهو إِذاً مجازٌ ، ولا يُلتفَت إِلى قول شيخِنا : إِنَّ أَكثَرَ الأَئمّة أَغْفَل ذِكْرَه .
( و ) نَضَبَ ( الخِصْبُ ) : إِذا ( قَلَّ ) ، أَو : انقطَع .
( و ) نَضَبَتِ ( الدَّبَرَةُ : اشْتَدَّتْ ) . ومن المَجَاز : نَضَبَ الدَّبَرُ : اشْتَدَّ أَثَرُهُ في الظَّهْر ، وغاب فيه .
( و ) نَضَبَت ( المفَازَةُ ) نُضُوباً : ( بَعُدتْ ) .
ومن المجاز : خَرْقٌ ناضِبٌ : أَي بَعيدٌ .
( و ) نَضبَت ( عَيْنُهُ ) ، تَنْضُب ، نُضُوباً : ( غارَتْ ، أَو ) هو ( خاصٌّ بِعيْنِ النّاقةِ ) وأَنشد ثعلب :
مِن المُنْطِياتِ المَوْكِبَ المَعْجَ بَعْدَمَا
يُرَى في فُرُوعِ المُقْلَتَيْنِ نُضُوبُ
( و ) عن أَبي عَمْرٍ و : ( أَنْضَبَ القَوْسَ جَذَب وَتَرَها ، لِتُصَوِّتَ ، كأَنْبَضَهَا ) لغةٌ فيه . قالَ العجّاجُ :
تُرِنُّ إِرْناناً إِذا ما أَنْضَبا
وهو إِذا مَدَّ الوتَرَ ثُمَّ أَرسلَه . وقيل : أَنْضَبَ القَوْسَ : إِذا جَذَب وَتَرَها بغير سَهْمٍ ، ثمّ أَرسلَه . وفي لسان العرب : قال أَبو حنيفةَ : أَنْضَبَ قَوْسَهُ ، إِنْضَاباً : أَصَاتَها ، مقلوبٌ . قال أَبو الحسن : إِنْ كانت أَنضَبتْ مقلوبةً فلا مصدرَ لها ؛ لاِءَنَّ الأَفعال المقلوبةَ ، ليست لها مصادرُ ، لعِلَّة قد ذكَرها النَّحْوِيُّون : سيبوَيْه ، وأَبُو عليَ ، وسائرُ الحُذّاق ، وإِن كان أَنضَبتْ لغةً في : أَنبضَتْ ، فالمصدرُ فيه سائغٌ حَسَنٌ .
____________________

(4/283)


فأَمّا أَن يكونَ مقلوباً ذا مصدر ، كما زَعَمَ أَبو حنيفَةَ ، فمُحالٌ . وصرَّحَ بالقَلْب أَيضاً الجَوْهَرِيُّ ، وأَبو منصورٍ . قال شيخُنا : قلتُ : كأَنّه يُشِيرُ إِلى أَنّ القلْب الّذِي ذكره الجَوْهَرِيُّ إِنّما يَصِحُّ إِذا كانَ أَنْبض فِعْلاً ، ليس له مصدرٌ ؛ لأَنّ شرطَ المقلوب من لفظ أَن لا يَتصرَّفَ تَصرُّفَه . أَما إِذا كان له مصدرٌ ، فلا قَلْب ، بل كُلُّ كلمةٍ مستقِلَّةٌ بنفْسِهَا ، ليست مقلوبةً من غيرها ، كما هو رأْيُ أَئمّةِ الصَّرف وعلماءِ العربيّة : سيبويْه ، وغيره . ونقله الشُّيوخُ : ابنُ مالِك ، وأَبو حَيَّانَ ، وابْنُ هِشامٍ ، وغيرُهُم . أَما قَلْبٌ ووجودُ مصدرٍ فلا يُلْتَفَتُ لقائله ، ولو زعمهُ أَبو حنيفةَ الدِّينَوَرِيُّ : لاِءَنّه إِمامٌ في معرفةِ أَنواعِ النَّبَات ، ونَقْلِ الكَلام ، ولا معرفةَ له بأُصُولِ العَربِيّة والصَّرْف ، ولا إِلمامَ . انتهى .
( والتَّنْضبُ ) : ظاهرُ إِطلاقِه أَنّ الضّادَ مفتوحةٌ ؛ لاِءَنّها عندَ أَئمّة الصّرف تابِعةٌ لأَوَّل الكلمة ، ولا قائلَ به ، بل هي بفتح التّاء وضَمّ الضّاد . وهو ( شَجَرٌ حِجازِيٌّ ) ، وليس بنَجْد منه شيْءٌ إِلاّ جِزْعَةً واحدةً بطَرَفِ ذقَان ، عند التُّقَيِّدَة ، وهو يَنْبُتُ ضخْماً على هيْئَةِ السَّرْح ، وعِيدانُهُ بِيضٌ ضَخْمَةٌ ، وهو مُحْتَظَر ، وورَقُهُ مُتَقَبِّضٌ ، ولا تراه إِلاّ كأَنّهُ يابسٌ مُغْبَرٌّ ، وإِنْ كان نابِتاً ، و ( شَوْكُهُ كَشَوْكِ العَوْسَجِ ) ، وله جَنًى مثلُ العِنَبِ الصِّغار ، يُؤْكَلُ وهو أُحَيْمرٌ قال أَبو حنيفَةَ : دُخَانُ التَّنْضُبِ ، أَبيضُ مثلُ لَوْنِ الغُبَار ، ولذالك شَبَّهتِ الشُّعَراءُ الغُبارَ به ، قال عُقَيْلُ بْنُ عُلَّفَةَ المُرِّيُّ :
وهلْ أَشْهَدَنْ خَيْلاً كَأَنَّ غُبَارَها
بِأَسْفَلِ عِلْكَدَ دواخنُ تَنْضُبِ
وقال مَرَّةً : التَّنْضُبُ : شَجرٌ ضخامٌ ، ليس له ورقٌ ، وهو يُسَوِّقُ ويَخرُجُ له خَشَبٌ ضخَام ، وأَفنانٌ كثيرةٌ ؛ وإِنّما ورقُهُ قُضْبانٌ ، تأْكُلُهُ الإِبِلُ والغَنَمُ وقال أَبو نصرٍ : التَّنْضُبُ شجرٌ له شوكٌ قصارٌ ، وليس من شَجرِ الشَّوَاهقِ ،
____________________

(4/284)


تأَلَفُهُ الحرابِيُّ ؛ أَنشد سِيبَويْه للنّابغة الجعْدِيِّ :
كأَنَّ الدُّخانَ الَّذِي غادرَتْ
ضُحيّاً دَواخِنُ من تَنْضُبِ
قال ابْنُ سِيدهْ : وعندي أَنّه إِنّما سُمِّيَ بذالك لقِلّةِ مائِه . وأَنشد أَبو عليَ الفارسِيُّ لرَجُل واعَدتْهُ امرأَةٌ ، فعَثَر عليه أَهلُها ، فضربوه بالعِصِيّ ؛ فقال :
رأَيْتُكِ لا تُغْنِينَ عنِّي نَقْرَةً
إِذا اخْتَلَفَتْ فِيَّ الهَرَاوَى الدّمامِكُ
فأَشْهَدُ لا آتِيكِ ما دامَ تَنْضُبٌ
بأَرْضِكِ أَوْ ضَخْمُ العصَا مِنْ رِجَالِكِ
وكأَنّ التّنْضُبَ قد اعْتِيد أَنْ يُقْطَعَ منه العِصِيُّ الجِيَادُ ، واحدتُهُ تَنْضُبَةٌ ؛ أَنشدَ أَبو حنيفةَ :
أَنَّى أُتِيحَ لَهَا حِرْبَاءُ تَنْضُبَةٍ
لا يُرْسِلُ السّاقَ إِلاّ مُمْسِكاً سَاقا
وفي التّهْذِيب : عن أَبي عُبَيْدٍ : ومن الأَشجار التَّنْضُبُ ، واحدها تَنْضُبةٌ . قال أَبو منصور : هي شجرةٌ ضَخْمَةٌ ، يُقْطَعُ منها العُمُدُ للأَخْبِيةِ . وفي الصَّحاح : والتّاءُ زائدةٌ ، لأَنّه ليس في الكلام فَعْلُلٌ ، وفي الكلام تَفْعُلٌ ، مثلُ تَنْقُل وتَخْرُج ، قال الكُمَيْت :
إِذا حنَّ بيْن القَوْمِ نَبْعٌ وتَنْضُبُ
قال ابْنُ سلَمة : النَّبْع : شجرُ القِسِيّ وتَنْضُبُ : شَجرٌ تُتَّخَذُ منه السِّهامُ . وهاكذا نقله ابْنُ منظورٍ في لسان العرب .
ووجدتُ ، في هامش الصِّحاح ، ما نصُّهُ : وهاذا النِّصفُ أَيضاً ، ليس هو في قصيدته الّتي على هاذا الوزن ؛ والَّذِي في شِعْرِه :
إِذا انْتَتَجُوا الحَرْبَ العَوَانَ حُوارَهَا
وحَنَّ شَريجٌ بالمَنَايا وتَنْضُبُ
( و ) تَنْضُب : ( ة قُرْبَ مَكَّةَ ) ،
____________________

(4/285)


شرَّفها الله تعالى ، كأَنّها سُمِّيَت لقِلَّة مائِها .
وفي مختصر المعجم : تَنَاضِبُ ، بالفتح ، من أَضاة بني غِفَارٍ فوق سَرِفَ : على مَرحلةٍ من مَكَّةَ . ويقالُ فيه أَيضاً بضَمِّ التّاء والضّاد ، وبكسر الضّاد أَيضاً . وقيل في الشِّعْر : تَنْضُبُ وهي أَيضاً من الأَمَاكِن النَّجْدِيَّة .
أَمّا تُنَاضِبُ ، بالضَّمِّ ، فهي من شُعَب الدُّودَاءِ ، والدُّوداءُ : وادِ ، يدفع في العَقِيق : وادي المَدِينَةِ ، فافهَمْ .
( و ) عن شَمرٍ : ( نَضَّبتِ النّاقةُ ، تَنْضِيباً : قَلَّ لَبنُها ) ، وطالَ فُواقُها ، ( وبطُؤ دِرَّتُها ) كذا في النُّسَخ . قال شيخُنا : والأَوْلَى بطُؤَتْ .
( ) وممّا يُستدرَكُ عليه :
نُضُوبُ القَوْمِ : بُعْدُهُمْ ، وهو مجازٌ .
والنَّاضِبُ : البعيدُ ، عن الأَصمعيّ ، وهو في الصَّحاح . ومنه قيل للماءِ إِذا ذَهب : نَضَبَ ، أَي بَعُدَ . وكلّ بعيد ناضِبٌ ؛ وأَنشد ثعلب :
جريءٌ على قَرْعِ الأَساوِد وَطْؤُهُ
سَمِيعٌ برِزِّ الكَلْبِ والكَلْبُ ناضِبُ
وجرْيٌ ناضِب : أَي بعيد .
ويقالُ : نُوقٌ كقداحِ التَّنْضُبِ .
ومن الْمجَاز : نَضَب القومُ : جدُّوا ومنه أَيضاً ، عن أَبي زيْد : إِنَّ فُلاناً لَناضِبُ الخَيْرِ ، أَي : قَلِيلُه ، وقد نضَبَ خَيْرُهُ نُضُوباً ؛ وأَنشد :
إِذا رَأَيْن غَفْلَةً من راقِبِ
يُومِينَ بِالأَعْيُنِ والحَوَاجِبِ
ومنه أَيضاً : نَضَبَ ماءُ وَجهِه : إِذا لم يَسْتَحْيِ .
والتَّناضِبُ : موضعٌ ، كأَنّه جَمعُ تَنْضُب ، استدركه شيخُنَا ، وقد تقدَّم بيانُه .

____________________

(4/286)


نطب : ( النِّطَابُ ، بالكَسْرِ ) : أَهملهُ الجَوْهَرِيُّ . وقال ثعلبٌ : هو ( الرَّأْسُ ) وفي قول زِنْبَاع المُرَادِيّ :
نَحْنُ ضَربْنَاهُ على على نِطابِهِ
بالمَرْجِ من مُرْجَحَ إِذْ ثُرْنَا بِهِ
قال ابْنُ السِّكِّيت : لم يُفَسِّرْه أَحدٌ ، والأَعرف ( على تطْيابِه ) أَي : على ما كان فيه من الطِّيب ، وذالك أَنّه كان مُعَرِّساً بامْرأَةٍ من مُرَادٍ ، ( و ) قيل : النِّطابُ هو ( حَبْلُ العُنُق ) ، حكاه أَبو عدْنَانَ ، ولم يُسْمع من غيره ، وعن ابن الأَعْرَابيّ : النِّطَابُ : حَبْلُ العاتِقِ ، وأَنشد قولَ زِنْباعٍ السّابقَ .
( والمِنْطَبُ ، والمِنْطَبَةُ ، بالكَسْر ) فيهما : ( المِصْفاة ، كالناطِبِ ) ، وهو خَرْقُ المِصْفاةِ ، وجمعُه النَّواطِبُ ، على ما يأْتي .
( و ) يقالُ : ( المَنْطَبَةُ ، بالفَتْحِ ) : الرَّجُلُ ( الأَحْمَقُ ) .
( ونَطَبَهُ ) ، يَنْطُبُه ، نَطْبَاً : ( ضَرَبَ أُذُنَهُ بإِصْبَعِهِ ) ، عن ابْنِ دُرَيْد ، وقال أَبو عَمْرٍ و : يقالُ : نَطَبَ أُذُنَه ، ونَقَرَ ، وبَلَّطَ ، بمعنًى واحدٍ .
وقال الأَزْهريّ : النَّطْمَةُ : النَّقْرَةُ من الدِّيكِ وغيرِه ، وهي النَّطْبَةُ ، بالبَاءِ أَيضاً .
( والنَّواطِبُ : خُرُوقٌ ، تُجْعَلُ ) في مِبْزَلِ الشَّراب و ( فِيما يُصَفَّى بِهِ الشَّيْءُ ، فيَتَصَفَّى مِنْهُ ) . واحدتُهُ ناطبةٌ ، قال :
تَحَلَّبَ من نَوَاطِب ذي ابْتِزالِ
وخُروقُ المِصْفاةِ : تُدْعَى النَّوَاطِبَ .
____________________

(4/287)



( و ) يقالُ : ( ناطَبْتُهُمْ ) ، أَي : ( هارَشْتُهُمْ ) ، وشارَرْتُهم ، وبينَهم مُنَاصَبَةٌ ومُناطَبةٌ . وهذا من الأَساس وقد وجدت هاذِه المادَّةَ مكتوبةً عندَنَا في سائر النُّسخ بالسَّواد ، ولم أَجِدْها في الصَّحاح ، فَلْيُنْظَرْ .
نعب : ( نَعب الغُرَابُ وغَيْرُهُ ، كمنَع وضَرَب ) ، يَنْعَبُ ، وينْعِبُ ، ( نَعْباً ) بالفتح ، ( ونَعِيباً ) كأَمِيرٍ ، ( ونُعَاباً ) بالضَّمّ ، ولم يذكُرْهُ الجَوْهريُّ ، ( وتَنْعاباً ) بالفَتْح ، ومثلُهُ في الصَّحاح ، وضَبطَهُ شيخُنا كَتَذْكارٍ ، ( ونَعَبَاناً ) محرّكةً : إِذا صاح ، و ( صوَّت ) ، وهو صوْتُه ، ( أَو : مدَّ عُنُقَه وحرَّكَ رأْسه في صِياحِه ) .
والنَّعَابُ : فَرْخُ الْغُرابِ ، ومنه دُعاءُ داوُود ، عليه السَّلامُ : ( يا رازِقَ النّعّابِ في عُشِّه ) انظره في حياة الحيوانِ .
ونقل شيخُنا عن كِفاية المتحفّظ أَنّ نَعيبَ الغُراب بالخَيْر ، ونَغِيقَهُ بالشَّرِّ . وفي المِصْبَاح : نَعَبَ الغُرَابُ : صاحَ بالبَيْنِ ، على زَعْمِهم ، وهو الفِراق . وقيل : النَّعِيبُ : تَحريكُ رأْسه بلا صَوتٍ . قال شيخنا : فعلى هذا يكونُ قولاً آخَرَ .
وفي الصَّحاح : ورُبَّمَا قالوا : نَعَبَ الدِّيكُ ، على الاستعارة ؛ وقال الأَسْوَدُ ابْنُ يَعْفُرَ :
وقَهْوَةٍ صَهْبَاءَ باكَرْتُها
بِجُهْمَةٍ والدِّيكُ لَمْ يَنْعَبِ
زاد في لسان العرب : ( وكذا ) لِك : نَعت ( المُؤَذِّنُ ) ) . وهذا يدُلُّ على أَنَّ المُؤَذِّنَ هو المعروف ، لا الدِّيكُ ، فيلزمُ عليه ما قاله شيخُنا إِنّ قوله أَوّلاً : ( وغيرُهُ ) يَشمَلُ كُلَّ ناعبٍ فيدخُلُ فيه المُؤَذِّنُ . ويرِدُ عليه أَنّ تَخصيصه بالمُؤَذِّن ، خلَتْ عنه دَواوينُ اللّغَةِ والغريبِ ، وكيف يكون
____________________

(4/288)


ذالك ، وهو في لسان العرب ، كما أَسلفنا ؟ والعجبُ أَنّه نقل عبارتَهُ في نَعب الدِّيكُ ، وغفل عن الّذِي بعدَها .
وفي الأَسَاس : ومن المجاز : نَعَبَ المُؤَذِّنُ : مَدَّ عُنُقَهُ ، وحرَّك رأْسَهُ في صِياحه .
( و ) المِنْعبُ ، ( كمِنْبرٍ : الفَرسُ الجوادُ ) الّذِي ( يمُدُّ عُنُقَه كالغُرابِ ) ، أَي كما يفعلُ الغُرابُ .
( و ) قيل : المِنْعَبُ : ( الَّذِي يَسْطُو بِرَأْسِهِ ) ، ولا يكونُ في حُضْرِهِ مَزِيدٌ .
( و ) المِنْعَبُ : ( الأَحْمَقُ المُصوِّتُ ) قال امْرُؤُ القَيْسِ :
فلِلسّاقِ أُلْهُوبٌ ولِلسَّوْطِ دِرَّةٌ
وللزَّجْرِ مِنْهُ وَقْعُ أَهْوَجَ مِنْعَبِ
( و ) من المجاز : ( النَّعْبُ ) سُرعةُ ( سَيْرِ البعِيرِ ) . وفي الصَّحاح : النَّعْبُ السَّيْرُ السَّريعُ ، ( أَو ) هو ( ضَرْبٌ من سيْرِهِ ) . وقيل : النَّعْبُ : أَنْ يُحرِّكَ البعيرُ رأْسَهُ إِذا أَسرعَ ، وهو من سيرِ النَّجائبِ ، يرفَعُ رأْسهُ . وعبارةُ الأَساس : يمُدّ عُنُقَه ، فينْعِبُ نَعَباناً ، وقد ( نَعَب ) البعيرُ ( كَمَنَع ) ، يَنْعَبُ ، نَعْباً . وقيل : من السُّرْعة ، كالنَّحْب .
( ونَاقَةٌ نَاعِبةٌ ، ونَعُوبٌ ، ونَعَّابةٌ ) ، وعلى الأَخيرَيْنِ اقتصر الجَوْهَرِيُّ ، ( ومِنْعَبٌ ) كَمِنْبَرٍ ، كَذَا هو مضبوطٌ في النُّسخ الصَّحيحة ، وفي لسان العرب : بزيادة هاءٍ في آخره ، وضبطه شيخُنا كَمُحْسِنٍ ، من : أَنْعَبَ الرُّباعيّ ، فَلْيُنْظَرْ ، أَي : ( سَرِيعَةٌ ) . و ( ج ) أَي : جمعُ نَعُوبٍ : ( نُعُبٌ ) بضمَّتينِ ، كما هو مضبوطٌ في نسخة الصَّحاح . وأَمّا ناعِبٌ وناعِبةٌ ، فتُجْمَعُ على : نَوَاعِبَ ، ونُعَّبٍ كرُكَّعٍ . زادَ في
____________________

(4/289)


الصِّحاح ، ويقال : إِنَّ النَّعْبَ تَحَرُّكُ رَأْسِها ، في المَشْيِ ، إِلى قُدّام .
( ) وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
النَّعّابُ : الغُرَاب . وفي دُعَاءِ داوُودَ ، عليه الصَّلاة والسَّلامُ : ( يا رازِقَ النَّعّابِ في عُشِّه ) . قيل : إِنَّ فَرْخَ الغُرَاب إِذا خَرجَ من بَيضه ، يكونُ أَبْيضَ كالشَّحْمة ، فإِذا رآه الغُرَابُ ، أَنكَرَه وتَرَكه ، ولم يزُقَّهُ ، فيَسوقُ اللَّهُ إِليه البقَّ ، فيقعُ عليه ، لِزُهُومَةِ رِيحِه ، فيلْقُطُهَا ، ويَعيشُ بها إِلى أَنْ يطْلُعَ الرِّيش ويسْوَدَّ ، فيعاوِدهُ أَبوهُ وأُمّهُ . كذا في لسان العرب .
وأَنْعب الرَّجُلُ : إِذا نَعَبَ في الفتنِ .
والنَّعِيبُ أَيضاً : صوتُ الفَرَس .
( و ) يُقَالُ : ( رِيحٌ نَعْبٌ ) : إِذا كانتْ ( سَرِيعةَ المَمرِّ ) ؛ أَنشد ابْنُ الأَعْرابِيِّ :
أَحْدَرْنَ واسْتوَى بِهِنَّ السَّهْبُ
وعَارضَتْهُنَّ جَنُوبٌ نَعْبُ
ولم يفسّر هو النَّعْبَ ، وإِنّمَا فسّرَه غيرُه : إِمّا ثعلبٌ ، وإِمّا أَحَدُ أَصحابِهِ .
( وبنُو ناعِبٍ : حَيٌّ ) من العرب ، قاله ابْنُ دُرَيْدٍ : ( وبَنُو نَاعِبَةَ ) ، بزيادة الهاءِ ( بَطْنٌ مِنْهُمْ ) . وفي التَّكْملة : بُطَيْنٌ منهم ، عن ابْن دُرَيْدٍ أَيضاً ، أَي : من بني ناعبٍ .
( وناعِبٌ : ع ) في شعرٍ ، واخْتُاِفَ فيه ، قاله الحازِميّ ، كذا في المُعْجم .
( وذُو نَعْبٍ : من ) أَذْواءِ حِمْيَرَ من بني ( أَلْهانَ بْنِ مالِكٍ ) أَخي همْدانَ بْنِ مالِكٍ .
ويَنْعَبُ : موضعٌ بأَرضِ مَهْرَةَ ، من أَقاصي اليمَن ، له ذكر في الرِّدَّة .
وقال ابْنُ الأَعْرابيّ : أَنْعَبَ الرَّجُلُ ، إِنْعاباً : إِذَا نَعَرَ في الفِتَن .
نغب : ( نَغَبَ ) الإِنسانُ ( الرِّيقَ ، كمَنَعَ
____________________

(4/290)


ونَصَرَ وضَرَبَ ) ، يَنْغَبَهُ ، ويَنْغُبُهُ ، ويَنْغِبُه نَغْباً : ( ابْتَلَعَهُ ) ، عن الليث .
( و ) نَغَب ( الطّائِرُ ) ، يَنْغُبُ ، نَغْباً : ( حَسَا من الماءِ ؛ ولا يُقَالُ : شَرِبَ . و ) نَغَب ( الإِنْسَانُ في الشُّرْبِ ) ، يَنْغَبُ ، نُغْباً ، بضم النّون وفتح الغين ، ( جَرِعَ ) جُرَعاً ، وكذالك الحِمَارُ .
( و ) سَقاهُ نَغْبَةً من لبن . ( النَّغْبَة ) ، بالفتح : ( الجَرْعةُ ، ويُضَمُّ ) . وعبارةُ الصَّحاح : النُّغْبَةُ ، بالضَّمِّ : الحُرْعَةُ ، وقد يُفْتَحُ ، والجمع : النُّغَبُ ، أَي : بضَمّ ففتح . قال ذُو الرُّمَّة :
حَتّى إِذا زَلَجَتْ عن كُلِّ حَنْجَرةٍ
إِلى الغَلِيلِ ولم يَقْصَعْنَهُ نُغَبُ
ونُقِل عن ابْن السِّكِّيتِ : نَغِبْتُ من الإِناءِ ، بالكسر ، نَغْباً ، أَي : جَرَعْتُ منه جَرْعاً ، ( أَو الفَتْحُ للمرَّةِ ) الواحدة ، ( والضَّمُّ لِلاسْمِ ) ، كما فُرِّقَ بين الجَرْعة والجُرْعَة ، وسائر أَخواتِها بمثل هاذا .
( والنَّغْبةُ ) ، بالفتح : ( الجَوْعَةُ ) .
( و ) النَّغْبَةُ : ( إِقَفَارُ الحَيِّ ) مضبوطٌ عندَنَا بالوجهينِ : بالفَتْحِ جَمْع قَفْرٍ ، وبالكسر مصدر أَقْفَر .
( و ) في الصَّحاح ، قولُهم : ما جُرِّبَتْ عليهِ نُغْبَةٌ قَطُّ ، هي ( بالضَّمِّ : الفَعْلَةُ القَبِيحَةُ ) . وفي قول الشّاعر :
فَبَادَرتَ شِرْبَها عَجْلَى مُبادرةً
حتَّى اسْتَقَت دُونَ مجْنَى جِيدِها نُغَمَا
إِنَّما أَراد نُغَباً ، فأَبْدل الميمَ من الباءِ لاقترابهما .
وفي الأَساس : من المَجاز : قولُهم : إِذا سمِعَتْ بموت عَدُوَ ، أَوْ بلاءٍ نزَلَ به : واهاً ما أَبْرَدَها من نُغْبَة ، ما أَبْرَدَها على الفؤاد ، تَعْساً لِليديْنِ والفم .
ونغُوبَا : اسْمُ قريةٍ بواسِطَ ، سُمِّيَ بها أَبو السَّعاداتِ المُباركُ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ عبدِ الوهّاب الواسِطِيُّ ، عُرِفَ
____________________

(4/291)


بابْن نَغُوبَا ، لكَثرَة تَردُّدِه إِليها ، والذّكر لها ، فَلَزِمه هاذا الاسْمُ . سمعَ أَبا إِسْحاقَ الشِّيرازِيَّ ، وعنه أَو سعْد السَّمْعانِيُّ ، تُوفِّيَ بواسِطَ سنة 539 .
نقب : ( النَّقْبُ : الثَّقْبُ ) في أَيّ شيْءٍ كان ، نَقَبَه ، يَنْقُبه ، نَقْباً .
وشيءٌ نَقِيبٌ : منقوبٌ ، قال أَبو ذُؤَيْبٍ :
أَرِقْتُ لِذِكْرِهِ من غَيْرِ نَوْبٍ
كما يَهْتَاجُ مَوْشِيٌّ نَقِيبُ
يَعني بالمَوْشِيِّ يَرَاعةَ . ( ج : أَنْقابٌ ونقَابٌ ) ، بالكسر في الأَخير .
( و ) النَّقْبُ : ( قَرْحَةٌ تَخْرُجُ بالجَنْبِ ) ، وتَهْجُم على الجَوْف ، ورأْسُها في داخل ، قاله ابْنُ سيدَهْ ، كالنَّاقِبَةِ .
ونَقَبَتْهُ النَّكْبةُ ، تَنْقُبه ، نَقْباً : أَصابتْه فبَلَغَتْ منه ، كنَكَبَتْه .
( و ) النَّقْبُ : ( الجَرَبُ ) عامّة ، ( ويُضَمُّ ) وهو الأَكْثَرُ ، وبه فسَّرَ ثعلبٌ قولَ أَبي محمَّد الحَذْلَمِيّ :
وتَكْشِفُ النُّقْبَةُ عن لِثَامِهَا
يقولُ : تُبْرِىءُ من الجَرَب . وفي الحديث : أَنَّ النَّبيَّ ، صلى الله عليه وسلم قال : ( لاَ يُعْدِي شيءٌ شيئاً ؛ فقال أَعرابيٌّ : يا رسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ النُّقْبَةَ قد تَكُونُ بمِشْفَرِ البَعِيرِ ، أَو بذَنَبِهِ ، في الإِبِلِ العظيمةِ ، فَتجْرَبُ كلُّهَا ؛ فقال النَّبيُّ ، صلى الله عليه وسلم ( فمَا أَعْدَى الأَوّلَ ؟ ) قال الأَصْمَعِيُّ : النُّقْبَةُ هي أَوَّلُ جَرَبٍ يَبْدَأُ ، يُقَالُ للبَعِيرِ : به نُقْبَةٌ ، وجمَعُها نُقْبٌ ، بسكون القاف ، لاِءَنّها تَنْقُبُ الجِلدَ نَقْباً ، أَي : تَخْرِقُه : وأَنشد أَيضاً لدُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ :
مُتَبَذِّلاً تَبْدُو محاسِنُهُ
يَضَعُ الهِنَاءَ مَوَاضِعَ النُّقْبِ
____________________

(4/292)



وفي الأَساس : ومن المَجاز : يقالُ : فلانٌ يَضَعُ الهِنَاءَ مَوَاضِعَ النُّقْب : إِذا كان ماهِراً مُصِيباً . ( أَو ) النُّقْبُ : ( القِطَعُ المُتَفَرِّقَةُ ) ، وهي أَوَّلُ ما يَبدُو ( مِنْهُ ) أَي : من الجَرَب ، الواحدة نُقْبةٌ . وعن ابن شُمَيْلٍ : النُّقْبَةُ : أَوّلُ بدْءِ الجَرَب ، ترى الرُقْعَة مِثْلَ الكَفِّ بجَنْبِ البعيرِ ، أَو وَرِكهِ ، أَو بمِشْفَرِهِ ، ثم تَتَمشَّى فيه حَتَّى تُشْرِبَهُ كُلَّهُ ، أَي : تَمْلأَهُ ، ( كالنُّقَبِ ، كَصُرَدٍ ، فيهِمَا ) ، أَي في القَوْلَيْنِ ، وهما : الجَرَبُ ، أَو أَوّل ما يَبدو منه .
( و ) النَّقْبُ : ( أَنْ يَجْمَعَ الفَرَسُ قَوائِمَهُ في حُضْرِهِ ) ، ولا يَبسُطَ يَدَيْهِ ، ويكون حُضْرُهُ وثْباً .
( و ) النَّقْبُ : ( الطَّرِيقُ ) الضَّيِّقُ ( فِي الجَبَلِ ، كالمَنْقَبِ والمَنْقَبَةِ ) ، أَي : بِفَتحِهِمَا مع فتح قافهما ، كما يدُلُّ لِذالك قاعدتُه . وقد نبَّهْنا على ذالك في نضب .
وفي اللِّسان : المَنْقَبةُ : الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ بينَ دارَيْنِ ، لا يُسْتطاعُ سُلُوكُه وفي الحديثِ : ( لا شُفْعةَ في فَحْلٍ ، وَلاَ مَنْقبَة ) فسَّرُوا المَنْقَبة بالحائط . وفي روايةٍ : ( لا شُفْعَةَ في فِنَاءٍ ولا طَرِيقٍ ولا مَنْقَبَة ) . المَنْقَبَةُ هي الطَّرِيقُ بين الدّارَيْنِ ، كأَنَّهُ نُقِبَ من هاذه إِلى هاذه ، وقيلَ : هُو الطَّرِيقُ الّتي تعلُو أَنْشَازَ الأَرْضِ . ( والنُّقْبُ ، بالضَّمِّ ) فسكون . و ( ج ) المَنْقَبِ والمنْقَبَةِ : المَنَاقِبُ ، وجمعُ ما عداهُمَا : ( أَنْقَابٌ ، ونِقَابٌ ) بالكَسر في الأَخير . وأَنشد ثعلبٌ لاِبْنِ أَبي عاصِيةَ :
تَطَاوَلَ لَيْلِي بالعِرَاقِ ولم يَكُن
عليَّ بأَنْقَابِ الحِجازِ يَطُولُ
وفي الحديث : ( إِنَّهُمُ فَزِعُوا من الطّاعون ، فقال : أَرْجُو أَنْ لا يَطْلُعَ إِلينا من نِقَابِها ) . قال ابْنُ الأَثِير : هي جمعُ نقْبٍ ، وهو الطَّرِيقُ بينَ الجَبَلَيْنِ . أَراد أَنّهُ لا يَطْلُعُ إِلينا من طُرُقِ المَدِينَة . فأَضمر عن غير مذكور . ومنه الحديثُ : ( عَلَى أَنْقابِ المدِينةِ ملائكةٌ ، لا يدْخُلُها الطّاعُونُ ، ولا الدَّجّال ) هو جمع قِلّة لِلنَّقْبِ .
____________________

(4/293)



( و ) نَقْب ، بلا لامٍ : ( ع ) ، قال سُلَيْكُ بْنُ السُّلَكةِ :
وهُنَّ عِجالٌ من نُبَاك ومن نَقْبِ
( و ) في المُعْجَمِ : ( قَرْيةٌ باليَمامَةِ ) لبنِي عَدِيِّ بْنِ حَنيفةَ ، وسيأْتي بقيّة الكلام .
( و ) المِنْقَبُ ، ( كَمِنْبَر : حَدِيدَةٌ ، يَنْقُبُ بها البَيْطَارُ سُرَّةَ الدّابّةِ ) لِيخْرُجَ منها ماءٌ أَصفرُ . وقد نَقَبَ يَنْقُبُ ؛ قال الشّاعرُ :
كالسِّيدِ لَمْ يَنْقُبِ البَيْطَارُ سُرَّتَهُ
ولَم يُسِمْهُ ولم يَلْمِسْ له عَصَبَا
( و ) المَنْقَبُ ، ( كَمَقْعَدٍ : السُّرَّةُ ) نفْسُها . قال النَّابغةُ الجعْدِيُّ يَصِفُ الفَرَس :
كَأَنَّ مَقَطَّ شَراسِيفِهِ
إِلى طَرفِ القُنْبِ ، فالمَنقَبِ
وأَنشد الجَوْهَرِيُّ لِمُرَّةَ بْنِ مَحْكانَ :
أَقَبّ لم يَنْقُبِ البَيْطَارُ سُرَّتَه
ولَم يَدِجْهُ ولمْ يَغمِزْ له عَصَبَا
( أَو ) هو من السِّرَّة : ( قُدَّامُها ) حيث يُنقَبُ البَطنُ ، وكذالك هو من الفَرَس .
( و ) فَرَسٌ حسَنُ ( النُّقْبَةِ ) هو ( بالضَّمِّ : اللَّوْنُ ) .
( و ) النُّقْبَةُ : ( الصَّدَأُ ) ، وفي المُحْكَم : النُّقْبةُ : صَدَأُ السَّيْفِ والنَّصْل ، قال لَبِيدٌ :
جُنُوحَ الهالِكِيّ على يَدَيْهِ
مُكِبّاً يَجْتَلِي نُقَبَ النِّصَالِ
وفي الأَساس : ومن المَجَاز : جَلَوْتُ السَّيْفَ والنَّصْلَ من النُّقَبِ : آثارِ الصَّدإِ ، شُبِّهت بأَوائلِ الجَرَبِ ، ( و )
____________________

(4/294)


النُّقْبَة : ( الوَجْهُ ) ، قال ذُو الرُّمَّةِ يَصِف ثَوْراً :
ولاحَ أَزْهَرُ مشْهُورٌ بنُقْبَتِهِ
كأَنَّهُ حِينَ يعْلُو عاقِراً لَهَبُ
كذا في الصّحاح . وفي لسان العرب : النُّقْبَةُ : ما أَحاطَ بالوَجْهِ من دَوائِرَ . قال ثعلب : وقيل لاِمرَأَة : أَيُّ النسَاءِ أَبغضُ إِليكِ ؟ قالت : الحَدِيدةُ الرُّكْبَةِ ، القَبِيحَةُ النُّقْبَةِ ، الحاضِرَةُ الكِذْبَةِ .
( و ) النُّقْبَةُ ، أَيضاً : ( ثَوْبٌ كالإِزَارِ ، تُجْعَلُ له حُجْزَةٌ مُطِيفةٌ ) هاكذا في النُّسْخ ، والذِي في الصَّحاح ولسان العرب والمُحْكم : مَخِيطةٌ من خاطَ ( من غيرِ نَيْفَقٍ ) ، كحَيْدَرِ ، ويُشَدُّ كما يُشَدُّ السَّراوِيلُ .
ونَقَبَ الثَّوْب ، يَنْقُبُه : جَعَلَهُ نُقْبةً وفي الحديث : ( أَلْبَسَتْنَا أُمُّنا نُقْبَتَها ) هي السَّرَاويلُ الّتي تكونُ لها حُجْزَةٌ من غير نَيْفَقٍ ، فإِذا كان لها نَيْفَقٌ فهي سَراويلُ .
وفي لسان العرب : النُّقْبَة : خرْقَة يُجْعلُ أَعْلاها كالسَّراويل وأَسفلُها كالإِزار ، وقيل : هي سراوِيلُ بلا سَاقْينِ . وفي حديثِ ابْنِ عُمَرَ : ( أَنَّ مولاةَ امْرأَةٍ اختَلَعتْ من كُلِّ شَيْءٍ لها ، وكُلِّ ثوْب عليها ، حتّى نُقْبَتِها ، فلم يُنْكِرْ ذالك ) .
( و ) النُّقْبَةُ : ( واحِدَةُ النُّقَبِ ، للجَرَبِ ) أَو لِمَبادِيه ، على ما تقدّمَ .
( و ) قد تَنقَّبَتِ المَرْأَةُ ، وانْتَقَبَتْ ، وإِنَّها لحَسَنَةُ النِّقْبَةِ ، ( بالكسْرِ ) ، وهي ( هَيْئَةُ الانْتِقابِ ) ، وجَمْعُه : النِّقَب ، بالكسر ؛ وأَنشد سِيبَويْهِ :
بِأَعْيُنٍ منها مَلِيحات النِّقَبْ
شَكْلِ التِّجَارِ وحَلالِ المُكْتَسَبْ
وَروَى الرِّياشِيّ : النُّقَب ، بالضَّمّ فالفتح ، وعنَى دَوائرَ الوَجْهِ ، كما تقدّم .
____________________

(4/295)



( و ) رجلٌ ميْمُونُ ( النَّقِيبةِ ) : مُباركُ ( النفْسِ ) ، مُظفَّر بما يُحاوِلُ . نقله الجوهريُّ عن أَبي عُبيْد . وقال ابْن السكِّيتِ : إِذا كان مَيْمُونَ الأَمْرِ ، يَنجَحُ فيما حاولَ ، ويَظفَرُ .
( و ) النَّقِيبةُ : ( العَقْلُ ) ، هاكذا في النُّسخ ، وتَصفَّحْتُ كُتُب الأُمّهات ، فلم أَجْدْه فيها ، غيرَ أَنّي وجدتُ في لسان العرب ما نَصُّه : والنَّقِيبَةُ : يُمْنُ الفِعْلِ ، فلعلَّهُ أَراد الفِعْلَ ثمّ تصحَّف على النّاسخ ، فكتب : ( العَقْل ) محل : ( الفعل ) . وفي حديث مَجْدِيّ بْنِ عمْرٍ و : ( إِنَّهُ مَيْمُونُ النَّقِيبَةِ ) أَيْ : مُنْجَحُ الفِعَالِ ، مُظَفَّرُ المَطَالبِ . فليُتَأَمَّلْ . ( و ) قال ثَعْلَب : إِذا كان مَيْمُونَ ( المشورَةِ ) ومحمودَ المُخْتَبَرِ .
( و ) عن ابْنِ بُزُرْجَ : ما لَهُم نَقيبةٌ أَي ( نفاذ الرأْيِ ) .
( و ) قيل : النَّقِيبة : ( الطَّبِيعَة ) .
وقيل : الخَلِيقة .
وفي لسان العرب : قولُهم : في فلان مَنَاقِبُ جميلَةٌ : أَي أَخلاق وهو حَسَنُ النَّقِيبةِ : أَي جميلُ الخَليقة .
وفي التهذيب في ترجمة عرك ، يقال : فلانٌ ميمونُ العَرِيكَةِ والنَّقِيبةِ والنَّقيمةِ ، والطَّبِيعة ، بمعنًى واحدٍ .
( و ) النَّقِيبة : ( العَظِيمَة الضَّرْعِ من النُّوقِ ) ، قاله ابْن سِيدَه ، وهي المُؤْتَزِرَةُ بضَرْعِها عِظَماً وحُسْناً ، بَيِّنَة النِّقَابَة . قال أَبو منصور : وهاذا تصحيفٌ ، إِنَّمَا هي الثَّقِيبة ، وهي الغَزيرةُ من النُّوقِ ، بالثّاءِ المُثَلَّثَة .
( والنَّقِيبُ : المِزْمارُ ، ولِسَانُ الميزَانِ ) والأَخيرُ نقله الصّاغانيّ .
( و ) النَّقِيبُ ( منَ الكِلاَبِ : ما ) ، نكرة موصوفة ، أَي : كَلْبٌ ( نُقِبَتْ غَلصَمَتُه ) ، أَو حَنجَرَتُه ، كما في الأَساس ، ليَضْعُفَ صَوْتُه ، يَفعَلُه اللَّئيمُ ، لِئَلاَّ يَسْمَع صَوْتَهُ الأَضيافُ ، كما في الصَّحاح . وفي اللسان : ولا يَرْتَفِعَ صوتُ نُبَاحِه ، وإِنّما يَفعل ذالك البُخَلاءُ من العرب ، لئَلاَّ يَطْرُقَهم ضَيفٌ ، باسْتِمَاعِ نُباحِ الكلابِ .
( و ) النَّقِيبُ : ( شاهِدُ القَوْمِ ، و )
____________________

(4/296)


هو ( ضَمِينُهم وعَرِيفُهم ) ورأْسُهم ؛ لأَنه يُفَتِّش أَحوالَهم ويَعْرِفُها ، وفي التَّنْزِيل العزيز : { وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَىْ عَشَرَ نَقِيباً } ( المائدة : 12 ) ، قال أَبو إِسحاقَ : النَّقِيبُ ، في اللُّغَة ، كالأَمينِ والكفيل .
( وقَدْ نَقَبَ عليهم نِقَابَةً ، بالكَسْر ) من باب : كَتَب كِتَابَةً : ( فَعَلَ ذالِكَ ) أَي : من التَّعرِيف ، والشُّهودِ ، والضَّمَانَة ، وغيرِها . ( و ) قال الفرّاءُ : ( نَقُبَ كَكَرُمَ ) ، ونقله الجماهيرُ . ( و ) نَقِبَ مثل ( عَلِمَ ) حكاها ابْنُ القطّاع ، ( نَقَابةً ، بالفتحِ ) : إِذا أَردت أَنه ( لَمْ يَكُنْ ) نَقِيباً ، ( فصار ) . وعبارةُ الجَوْهَرِيّ وغيرِه : فَفعَلَ .
( و ) النِّقَابة ( بالكَسْرِ ، الاسْمُ ، وبالفَتْح : المصْدرُ ) ، مثل الوِلايَةِ ، والوَلايَة ، نقله الجَوْهَرِيّ عن سِيبَويْه .
وفي لسان العرب : في حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ : ( وكانَ من النُّقَبَاءِ ) جمع نَقِيبٍ ، وهو كالعَرِيف على القوم ، المُقَدَّم عليهم ، الّذي يَتعرَّفُ أَخبارهُمْ ، ويُنَقِّبُ عن أَحْوالهم ، أَي يُفَتِّش . وكان النّبيُّ ، صلى الله عليه وسلم قد جعَلَ ، ليْلَةَ العَقَبَةِ ، كلَّ واحدٍ من الجماعة الّذين بايَعوه بها نَقيباً على قومِه وجماعته ، ليأْخذوه عليهم الإِسلامَ ، ويُعرِّفوهم شَرائِطَهُ ، وكانوا اثْنَيْ عشَرَ نقيباً ، كُلُّهُم من الأَنصار ، وكان عُبَادةُ بْنُ الصّامِتِ منهم . وقيل : النَّقِيبُ : الرَّئيسُ الأَكبرُ .
وإِنّما قيلَ للنَّقيب : نَقيبٌ ؛ لأَنَّهُ يَعلَمُ دَخِيلَةَ أَمرِ القوم ، وَيَعْرِفُ مَنَاقِبَهم ، وهو الطَّريق إِلى معرفةِ أُمورهم .
قال : وهاذا الباب كُلُّه أَصلُهُ التَّأْثِيرُ الّذِي له عُمْقٌ ودُخُولٌ . ومن ذالك يقالُ : نَقَبْتُ الحائطَ ، أَي : بَلَغْتُ في النَّقْبِ آخِرَهُ .
( والنِّقَابُ ، بالكَسْرِ ) : العالمُ بالأُمور . ومن كلام الحَجّاجِ في مُناطَقَتِهِ للشَّعْبِيّ : إِنْ كانَ ابْنُ عَبّاسِ لَنِقَاباً ، وفي رواية : إِنْ كانَ ابْنُ عَبّاسٍ
____________________

(4/297)


لَمِنْقَباً . النِّقَاب ، والمِنْقَبُ ، بالكَسْر والتَّخْفيف : الرَّجُلُ العالمُ بالأَشْيَاءِ ، الكثيرُ البَحْثِ عنها ، والتَّنْقِيبِ عليها ، أَي : ما كانَ إِلاَّ نِقاباً . قال أَبو عُبَيْدٍ : النِّقَابُ هو ( الرَّجُلُ العَلاَّمَةُ ) وهو مَجَازٌ . وقال غيرُهُ : هو الرَّجُلُ العالم بالأَشياءِ ، المُبَحِّث عنها ، الفَطِنُ الشَّدِيدُ الدُّخُولِ فيها ؛ قال أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ يمدَحُ رَجُلاً :
كَرِيمٌ جَوَادٌ أَخُو مَأْقِطٍ
نِقَابٌ يُحَدِّثُ بالغَائِبِ
قال ابْنُ بَرِّيّ : والرِّوايةُ : ( نَجِيحٌ ملِيحٌ ) ، قال : وإِنّمَا غَيَّرَهُ مَنْ غيّرَه ، لأَنّه زَعَمَ أَنّ المَلاحَةَ الّتي هي حُسْنُ الخَلْقِ ، ليست بموضعٍ للملْحِ في الرِّجال ، إِذْ كانت المَلاحةُ لا تَجرِي مَجْرَى الفضائلِ الحَقيقيّة ، وإِنّمَا المليحُ هنا هو المُستشفَى بِرَأْيِهِ ، على ما حُكِيَ عن أَبي عَمْرو . قال : ومنه قولُهم : قُريْشٌ مِلْحُ النّاسِ : أَي يُسْتَشْفَى بهم . وقال غيرُهُ : الملِيحُ في بَيْتِ أَوْسِ ، يُرَادُ به المُسْتَطابُ مُجالَسَتُه .
وقال شيخُنَا : وهاذا من الغَرَائِبِ اللُّغَوِيّة ورُودُ الصِّفَة على فِعَال ، بالكَسر فإِنّه لا يُعْرَفُ .
( و ) النِّقابُ ، أَيضا : ( مَا تَنْتَقِبُ به المَرْأَةُ ) ، وهو القِنَاعُ على مارِنِ الأَنف ، قاله أَبو زيد . والجَمْعُ نُقُبٌ . وقد تَنَقَّبَتِ المرأَةُ ، وانْتَقَبَتْ .
وفي التّهْذِيب : والنِّقابُ على وُجوه . قال الفَرّاءُ : إِذا أَدْنَتِ المرأَةُ نِقابَها إِلى عينها فتِلْكَ الوَصْوصَةُ ، فإِنْ أَنزَلَتْهُ دُونَ ذالك إِلى المَحْجِرِ فهو النِّقَابُ ، فإِنْ كان على طَرَفِ الأَنْف فهو اللِّفَامُ . وفي حديثِ ابْنِ سِيرِينَ : ( النِّقَابُ مُحْدَثٌ ) أَرادَ : أَنّ النِّسَاءَ ما كُنَّ يَنْتَقِبْن ، أَي : يَخْتَمِرْن . قال أَبُو عُبَيْد : لَيْس هذا وجهَ الحديثِ ، ولاكِنَّ النِّقابَ عند العرب هو الذي يَبدو منه مَحْجِرُ العَينِ ؛ ومعناه : أَنَّ إِبْداءَهُنَّ المَحاجِرَ مُحْدَثٌ ، إِنّما كان النِّقَابُ لاصِقاً بالعين ، وكانت تَبدُو إِحدَى العينَيْنِ ، والأُخْرَى مستورَةٌ .
____________________

(4/298)


والنِّقابُ لا يَبْدُو منه إِلاّ العينان . وكان اسمه عِنْدهُم الوَصْوَصَةَ ، والرُّقُعَ وكان من لِبَاسِ النِّساءِ ، ثمّ أَحْدَثْنَ النِّقَابَ بَعْدُ .
( و ) النِّقَابُ : ( الطَّرِيقُ في الغِلَظِ ) ، قال :
وتَرَاهُنَّ شُزَّباً كالسَّعَالِي
يتَطَلَّعْنَ من ثُغُورِ النِّقَابِ
يكون جَمعاً ، ويكون واحداً ، ( كالمِنْقَبِ ) ، بالكسر ، أَي : فيهما ولو لم يُصرِّحْ . وقد تقدَّم بَيانُ كُلَ منهما . وإِطلاقه على العالِم ، ذكرَهُ ابْنُ الأَثِير والزَّمخْشَرِيُّ . وهو في ابْنِ عَبَّاس ، لا في ابْنِ مَسعودٍ ، كما زَعمَه شيخُنا . وقد صرَّحْنَا به آنفاً .
( و ) النِّقَابُ : ( ع قُرْبَ المَدِينَةِ ) المُشرَّفَة ، على ساكِنها أَفضلُ الصَّلاةِ والسّلام ، من أَعمالها ، يَنشعِبُ منه طَريقانِ إِلى وادي القُرَى ووادِي المِياهُ ، ذكره أَبو الطَّيِّب فقال :
وأَمْسَتْ تُخبِّرُنا بالنِّقَابِ
ووادِي المِياهِ ووادِي القُرَى
كذا في المعجم .
( و ) من المَجَاز : النِّقَابُ : ( البَطْنُ ، ومنه ) المثَلُ : ( فَرْخَانِ في نِقَاب ، يُضْرَبُ لِلمُتَشابِهَيْنِ ) ، أَورده في المُحْكم والخُلاصة . ويقال : كانا في نِقَابٍ واحِدٍ : أَي كانا مِثْلَيْنِ ونَظِيرينِ . كذا في الأَساس .
( نَقَبَ في الأَرْضِ ) ، بالتّخفيف : ( ذَهَب ، كأَنْقُب ) رُبَاعِيّاً . قال ابْنُ الأَعْرابيّ : أَنْقَب الرَّجُلُ : إِذا سار في البلادِ .
( ونَقَّب ) ، مُشَدَّداً : إِذا سارَ في البلاد طَلَباً للمهْرَب ، كذا في الصَّحاح وفي التنزيل العزيز : { فَنَقَّبُواْ فِى الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ } ( قلله : 36 ) ، قالَ الفَرّاءُ : قرَأَهُ القُرّاءُ مُشَدَّداً ، يقولُ : خَرَقُوا البِلادَ ،
____________________

(4/299)


فسارُوا فيها طَلَباً للمَهْرَبِ ، فهل كان لهم مَحِيصٌ من الموت ؟ ومَن قرأَ فنَقِّبوا ، فإِنه كالوعيد ، أَي اذْهبُوا في البلاد وَجِيئُوا ، وقال الزَّجّاجُ : فنَقِّبُوا : طَوِّفُوا وفَتِّشُوا . قال : وقرأَ الحَسَنُ بالتَّخْفِيف ؛ قالَ امْرُؤُ القَيْسِ :
وقد نَقَّبْتُ في الآفاقِ ، حَتَّى
رَضِيتُ من السَّلامةِ بالإِيابِ
أَي : ضَربْتُ في البلاد ، وأَقبلْتُ ، وأَدبرْتُ .
( و ) نَقَّبَ ( عَنِ الأَخْبَارِ ) ، وغيرِها : ( بَحَثَ عَنْها ) ، وإِنّما قَيَّدْنا ( غيرها ) لئَلا يَردَ ما قالَهُ شيخُنَا : ليس الأَخبار بقيْد ، بل هو البحث عن كُلِّ شيْءٍ والتَّفْتيشُ مطلقاً . ( أَو ) نَقَّبَ عن الأَخبار : ( أَخْبَرَ بِها ) . وفي الحديث : ( إِنِّي لمْ أُومَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عن قُلُوب النّاس ) أَي : أُفَتِّشَ ، وأَكْشِفَ .
( و ) نَقَّبَ ( الخُفَّ ) المَلبوسَ : ( رقَّعَهُ ) .
( و ) نَقَبَتِ ( النَّكْبةُ فُلاناً ) ، تنْقُبُه ، نَقْباً : ( أَصَابتْهُ ) فبلَغَتْ منه ، كنَكَبَتْه .
( ونَقِبَ الخُفُّ ، كَفَرِحَ ) ، نَقَباً : ( تَخَرَّقَ ) ، وهو الخُفُّ الملبُوسُ .
( و ) نَقِبَ خُفُّ ( البَعِيرِ ) : إِذا ( حَفِيَ ) حتى يَنْخَرِقَ فِرْسِنُه ، فهو نَقِبٌ . ( أَو ) نَقِبَ البعيرُ ، إِذا ( رَقَّتْ أَخْفَافُه ، كَأَنْقَبَ ) .
والّذي في اللسان ، وغيرِه : نَقِبَ خُفُّ البَعِيرِ إِذا حَفِيَ ، كأَنْقبَ ؛ وأَنشد لِكُثيِّرِ عَزَّةَ :
وقد أَزْجُرُ العَرْجَاءَ أَنْقَبَ خُفُّها
مَناسمُهَا لا يَسْتَبِلُّ رَثِيمُهَا
أَراد : ومناسِمُها ، فحذفَ حَرْفَ العَطْفِ . وفي حديثِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عنه : ( أَتاه أَعْرَابيّ فقال : إِنّي على ناقةٍ دَبْراءَ عَجْفاءَ نَقْباءَ ، واستَحْمَلهُ ، فظَنَّهُ
____________________

(4/300)


كاذِباً ، فلم يَحْمِلْهُ ، فانْطَلَقَ وهو يقول :
أَقسَم باللَّهِ أَبو حَفْصٍ عُمَر
ما مَسَّها مِن نَقَبٍ ولا دَبَرْ
أَراد بالنَّقَب هنا : رِقَّةَ الأَخْفَافِ ، وفي حديث عليَ ، رضي الله عنه : ( ولْيَسْتَأْنِ بالنَّقِبِ والظَّالِعِ ) أَي : يَرْفُق بهما . ويجوزُ أَن يكون من الجَرَب . وفي حديثِ أَبِي موسى : ( فَنَقِبَتْ أَقْدَامُنَا ) أَي : رَقَّتْ جُلُودُها ، وتَنَفَّطَتْ من المَشْيِ . كذا في لسان العرب .
( و ) نَقَّب ( في البِلادِ : سارَ ) ، وهو قولُ ابْن الأَعْرَابِيِّ ، وقد تقدّم . ولا يَخْفَى أَنَّه أَغنَى عنه قولُهُ السّابق : ونَقَبَ في الأَرْض : ذَهب . لِرجوعِهما إِلى واحدٍ . ثُمَّ رأَيتُ شيخَنا أَشار إِلى ذالك أَيضاً .
( ولَقِيتُهُ نِقَاباً ) ، بالكسر : أَي ( مُوَاجَهَةً ، أَو من غَيْرِ مِيعَادٍ ) ، ولا اعتماد ، ( كناقَبْتُهُ نِقَاباً ) ، أَي : فَجْأَةً ، ومَرَرْتُ على طريق فناقَبَنِي فيه فلانٌ نِقَاباً : أَي لَقِيَني على غيرِ مِيعَاد . وانتصابُهُ على المصدر ، ويجوز على الحال ، كذا في مَجمع الأَمثال .
( و ) نَقَبْتُ ( الماءَ ) نَقْباً ، ونِقَاباً مثل التِقاطاً : ( هَجَمْتُ عَلَيْه ) ، وورَدْتُ من غيرِ أَن أَشْعُرَ به قبلَ ذلك ، وقيلَ : وَرَدْتُ عَلَيْهِ ( من غَيْرِ طَلَب ) .
( والمَنْقَبَةُ : المَفخَرَةُ ) ، وهي ضِدُّ المَثْلَبَةِ . وفي اللّسان : المَنْقَبَةُ : كَرَمُ الفِعْلِ ، وجَمعُها المَنَاقِبُ ، يقال : إِنّه لَكَرِيمُ المَنَاقِبِ ، من النَّجَدات وغيرِها ، وفي فلانٍ مَناقِبُ جَمِيلَةٌ : أَي أَخلاقٌ حسَنَةٌ . وفي الأَساس : رجلٌ ذُو مَنَاقِبَ وهي المَآثِرُ والمَخابِرُ .
( و ) المَنْقَبَةُ : ( طَرِيقٌ ضَيِّقُ بين دارَيْنِ ) ، لا يُستطاعُ سُلُوكُه . ( و )
____________________

(4/301)


في الحديث : ( لا شُفْعَةَ في فَحْلٍ ، ولا مَنْقَبَةٍ ) ، فَسَّرُوا المَنْقَبَةَ ( الحائط ) وفي رواية : ( لا شُفْعَةَ في فِنَاءٍ ، ولا طَرِيقٍ ، ولا مَنْقَبَة ) ، المَنْقَبَةُ هي الطَّرِيقُ بين الدّارَيْن ، كأَنّه نُقِبَ من هاذِه إِلى هاذِه . وقيلَ : هِي الطَّرِيقُ الّتي تعلو أَنْشازَ الأَرْضِ .
( والأَنْقابُ : الآذانُ ، لا يُعْرفُ لها واحِدٌ ) ، كذا في المُحْكَم وغيرِه ، قال القُطامِيُّ :
كانتْ خُدُودُ هِجَانِهِنَّ مُمَالَةً
أَنْقابُهنَّ إِلى حُدَاءِ السُّوَّقِ
ومنهم مَن تكلَّف وقال : الواحدُ نُقْبٌ ، بالضَّمّ ، مأْخوذ من الخَرْقِ ، ويرْوى : أَنَقاً بهِنَّ ، أَي : إِعجاباً بِهِنّ .
( والنّاقِب ، والنّاقِبةُ : داءٌ ) يَعْرِضُ ( للإِنْسان من طُولِ الضَّجْعَةِ ) . وقيل : هي القُرْحةُ الّتي تَخْرجُ بالجَنْبِ .
( و ) نُقَيْبٌ ، ( كَزُبيْر : ع بَيْنَ تَبُوكَ ومَعَانَ ) في طريق الشّام على طريق الحاجّ الشّامِيّ .
ونَقِيبٌ أَيضاً : شِعْبٌ من أَجَإٍ ، قال حاتِم :
وسالَ الأَعَالي مِنْ نَقِيبٍ وثَرْمَدٍ
وبَلِّغْ أُنَاساً أَنّ وَقْرَانَ سَائِلُ
( ونَقَبَانةُ ، محرَّكَةً : ماءَةٌ بِأَجَإٍ ) أَحَدِ جَبَلَيْ طَيّىءٍ ، وهي لِسِنْبِسٍ منهم .
( والمَنَاقِبُ : جَبَلٌ ) مُعْتَرِضٌ ، قالوا : وسُمِّي بذالك لاِءَنّه ( فيه ثَنَايَا وطُرُقٌ إِلى اليَمَامَةِ واليَمَنِ وغيرِها ) ، كأَعَالِي نَجْدٍ والطّائف ، ففيه ثلاثُ مَناقبَ ، وهي عِقَابٌ ، يقالُ لأُحْداهَا الزَلاّلةُ ، وللأُخْرَى قِبْرَيْن ، وللأُخْرَى : البيضاءُ . قال أَبو جُؤَيَّةَ عائذُ بْنُ جُؤَيَّةَ النَّصْرِيُّ :
____________________

(4/302)



أَلا أَيُّها الرَّكبُ المُخِبُّونَ هلْ لَكُمْ
بأَهْلِ العقِيقِ والمناقِبِ مِنْ عِلْمِ
وقال عَوْفُ بن عبدِ اللَّهِ النصْرِيّ :
نهاراً وإِدْلاجَ الظَّلامِ كأَنَّه
أَبو مُدْلِجٍ حتَّى تَحُلُّوا المنَاقِبَا
وقال أَبو جُنْدَب الهُذَليّ أَخو أَبي خِرَاش :
وحيٌّ بالمَناقِبِ قد حَمَوْها
لَدَى قُرَّانَ حتَّى بَطْنِ ضِيمِ
فإِذا عَرَفْتَ ذالك ، ظَهر أَنَّ قولَ المُصَنِّف فيما بعدُ : ( و ) المناقِبُ : ( اسْم طَرِيقِ الطّائفِ من مكَّةَ ) المشرَّفة ( حَرسَها اللَّهُ تعالَى ) ، تَكرارٌ معَ ما قبلَهُ .
( وأَنْقَبَ ) الرجلُ : ( صارَ حاجِباً ، أَو ) أَنْقبَ ، إِذا صار ( نَقِيباً ) ، كذا في اللسان وغيرِهِ .
( و ) أَنْقَبَ ( فُلانٌ ) ، إِذا نَقِبَ ( بَعِيرُهُ ) . وفي حديثِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّه عنه ، قال لامرأَةٍ حاجَّة : ( أَنْقَبْتِ ، وأَدْبَرْتِ ) ، أَي : نَقِب بَعِيرُكَ ، ودَبِرَ . وقد تقدَّمَ ما يتعلَّقُ به .
( ) ومِمَّا يُستدركُ عليه :
نَقْبُ العيْنِ : هو القَدْحُ ، بلسانِ الأَطِبّاءِ ، وهو مُعَالَجَةُ الماءِ الأَسودِ الّذِي يَحْدُثُ في العينِ . وأَصلُهُ من نَقْبِ البيْطَارِ حافر الدّابَّةِ ، لِيَخْرُجَ منه ما دَخَل فيه . قاله ابْنُ الأَثيرِ في تفسيرِ حديثِ أَبي بكر ، رضِيَ الله عنه : ( أَنَّه اشْتَكَى عيْنَهُ ، فكَرِه أَنْ يَنْقُبَها ) .
وفي التَّهْذِيب : إِنَّ عليه نُقْبَةً ، أَي أَثراً . ونُقْبَةُ كُلِّ شَيءٍ : أَثَرُهُ وهَيْئَتُهُ .
وقال ابْنُ الأَعْرَابيّ : فُلانٌ ميمونُ النَّقِيبَةِ ، والنَّقِيمةِ : أَي اللَّونِ . ومنه سُمِّيَ نِقَابُ المَرْأَةِ ؛ لأَنَّهُ يَسْتُرُ لَونَها بلَونِ النِّقابِ .
ونَقْبُ ضاحِك : طَريقٌ يُصْعِدُ في عارضِ اليَمامةِ ؛ وإِيّاهُ ، فيما أَرى ، عَنَى الرّاعِي :
____________________

(4/303)



يُسَوِّقُهَا تِرْعِيَّةٌ ذو عباءَةٍ
بما بَيْنَ نَقْبٍ فالحَبِيسِ فأَفْرَعا
ونَقْبُ عازِبٍ : موضعٌ ، بينَه وبين بيتِ المَقْدِس مسِيرَةُ يوم للفارِس من جِهةِ البَرِّيَّةِ ، بينَهَا وبينَ التِّيهِ .
وجاءَ في الحديث : ( أَنَّ النَّبِيَّ ، صلى الله عليه وسلم لَمّا أَتَى النَّقْبَ ) قال الأَزْرقيُّ : هو الشِّعْبُ الكبيرُ الّذي بينَ مَأْزِمَيْ عَرَفَةَ عن يَسَارِ المُقْبِلِ من عَرَفَةَ ، يُرِيد المُزْدَلِفَةَ ممّا يَلِي نَمِرَةَ .
وقال ابْنُ إِسحاقَ : وخرج النَّبيّ ، صلى الله عليه وسلم في سنة اثنتينِ للهجرة ، فسلَكَ على نَقْبِ بَني دِينارٍ ، من بني النَّجَّار ، ثُمَّ على فَيْفَاءِ الخَبَارَ .
ونَقْب المُنَقَّى بَيْن مَكَّةَ والطّائفِ ، في شعر محمّد بْنِ عبدِ اللَّهِ النُّميْريّ :
أَهاجَتْكَ الظَّعائِنُ يَوْمَ بانُوا
بِذِي الزِيِّ الجَمِيلِ من الأَثاثِ
ظَعَائِنُ أُسْلِكَتْ نَقْبَ المُنَقَّى
تُحَثُّ إِذا ونَتْ أَيَّ احتِثاث
نَقْبُونُ : قريةٌ من قُرَى بُخَارَى ، كذا في المُعْجَم .
ونيقب : موضعٌ ، عن العِمرانيّ .
نكب : ( نَكَب عَنْهُ ) ، أَي عن الشَّيْءِ وعن الطَّرِيقِ ، ( كَنَصَرَ وفَرِحَ ) ، يَنْكُبُ ، ويَنْكَبُ ( نَكْباً ) بفتح فسكون . ( و ) نَكِبَ ، ( نَكَباً ) مُحَرَّكةً ، ( ونُكُوباً ) بالضَّمّ ، مصدرُ يَنْكُبُ كيَنْصُرُ . ففي كلامه لَفٌّ ونَشْرٌ ، هكذا أَورده ابْنُ سِيدَه وابْنُ منظور . فقولُ شيخِنا : النَّكَبُ ، مُحرَّكَةً ، غريبٌ ، ولعلّه مصدرُ : نَكِبَ ، كفرِحَ ، على غرابتِهِ وفَقْده من أَكثرِ الدَّواوينِ مِمّا يُقْضَى منه العَجَبُ ، كما لا يَخْفَى على متأَمل : ( عَدَلَ ، كنَكَّبَ ) تَنكيباً ، ( وتَنَكَّبَ ) . ومنه قولُ الأَعْرَابيّ في وصْف سحابةٍ : قد نَكَّبَتْ ، وتَبَهَّرتْ ، أَي : عَدَلَتْ ؛ وأَنشد الفارسيُّ :
____________________

(4/304)



هُما إِبِلانِ فيهِما ما عَلِمْتُمُ
فَعَنْ أَيِّها ما شِئْتُمُ فَتَنَكَّبُوا
عدّاه بعن ، لاِءَنَّ فيه معنى : اعْدِلُوا وتَبَاعَدُوا ، و ( ما ) زائدةٌ .
قال الأَزْهَرِيُّ : وسَمِعْتُ العَربَ تقولُ : نَكَبَ فلانٌ عن طريق الصَّوابِ ، يَنْكُبُ ، نُكوباً : إِذا عَدلَ عنه . ونَكَّبَ عن الصَّواب كذالك ، ( ونَكَّبَهُ ، تَنْكيبا : نَحَّاهُ ) ، فهو إِذاً ( لازِمٌ ) . و ( مُتَعَدَ ) . وفي حديثِ عُمَرَ ، رَضِيَ الله عنه : ( نَكِّبْ عَنَّا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ ) أَي : نَحِّهِ عنَّا ، وتَنَكَّبَ فُلانٌ عنَّا ، تَنَكُّباً : أَي مالَ عنا . وفي الصّحاح : نَكَّبه ، تَنكيباً : عدلَ عنه ، واعْتَزلَه . وتَنَكَّبهُ : تَجنَّبه .
( وطَرِيقٌ يَنكُوبٌ : على غَيْرِ قَصْد ) .
( ونَكَّبَهُ الطَّرِيقَ ) ، يُنَكِّبُ ، بِنَصْب الطَّرِيق ، ( و ) كذا ( نَكَّبَ بِهِ عَنهُ ) تَنكِيباً بمعنى ( عَدلَ ) . وفي حديث الزكاة : ( نَكِّبْ عن ذاتِ الدَّرِّ ) .
وفي حديثٍ آخَرَ قالَ لِوَحْشِيَ : ( تَنَكَّبْ عن وَجْهِي ) ، أَي : تَنَحَّ ، أَو أَعْرِضْ عنِّي .
( والنَّكْبُ ) ، بالفتح : ( الطَّرْحُ ) ، والإِلْقاءُ .
( وبالتّحرِيكِ ) : هو المَيَلُ في الشيْءِ ، وفي المُحْكَمِ : ( شِبْهُ مَيَلٍ في الشَّيْءِ ) ، وأَنشد :
عن الحَقِّ أَنْكَبُ
وفي الأَساس : ومن المجاز : وإِنَّهُ أَنكَبُ عن الحَقِّ ، وناكِبٌ عنه : مائل .
( و ) قال ابْنُ سِيدهْ : هو ( ظَلَعٌ بالبَعِيرِ ) من وَجَعٍ في مَنْكِبهِ ، ( أَو دَاءٌ ) يأْخُذُ البَعِيرَ ( في مَنَاكِبِهِ ) . والأَوْلَى : يأْخذُ الإِبِلَ في مَنَاكبِها ، كما هي عبارةُ
____________________

(4/305)


غيرِ واحدٍ من أَئمَّة اللُّغَة ، ( يَظْلعُ منه ) وتَمْشِي مُنْحرِفَةً : ( أَو ) النَّكَبُ : ( لاَ يكُونُ إِلاَّ في الكَتِفِ ) ، نقله الجَوْهَرِيُّ عن العَدَبَّس .
نَكِب البَعيرُ ، بالكَسْر ، يَنْكَب ، نَكَباً ، وهو أَنْكَبُ ، قال رجلٌ من فَقْعسٍ :
فَهَلاَّ أَعدُّوني لِمِثْلِي تَفاقَدُوا
إِذ الخَصْمُ أَبْزَى مائِلُ الرأْسِ أَنكَبُ
وفي اللسان : بَعِيرٌ أَنكَبُ : يَمْشِي مُتَنكِّباً . والأَنْكَبُ من الإِبِلِ كأَنَّمَا يَمْشِي في شِقَ ، وأَنشد :
أَنْكَبُ زَيّافٌ وما فيه نَكَدْ
( والنَّكْبَاءُ ) : كُلُّ ( رِيحٍ ) ، مُطلَقٌ ، أَو من الرِّيَاحِ الأَرْبَعِ ( انْحَرَفَتْ ووَقَعَتْ بينَ رِيحَينِ ) ، وهي تُهْلِك المَالَ ، وتَحْبِسُ القَطْرَ ، وقد نَكَبَتْ تَنْكُبُ نُكُوباً . ( أَو ) النَّكْبَاءُ الّتي لا يُخْتَلَفُ فيها : هي الَّتي تَهُبُّ ( بَيْنَ الصَّبَا والشَّمَالِ ) . والجِرْبِياءُ : الَّتي بين الجَنُوبِ والصَّبَا ، قاله أَبو زيد . ( أَو نُكْبُ الرِّياحِ أَرْبعٌ ) ، حكاه ثعلب عن ابن الأَعْرابِيّ : أَحَدُهَا ( الأَزْيَبُ ) ، سَمّاهُ الجوْهريُّ ، وهي ( نكْبَاءُ الصَّبَا والجَنُوبِ ) مِهْيَافٌ مِلْوَاحٌ مِيبَاسٌ للبَقْل ، وهي الّتي تَجِيءُ بينَ الرِّيحَيْنِ وجَزَمَ الطَّرابُلْسِيُّ في الكِفَاية ، والمُبَرّدُ وابْنُ فارِسٍ ، بأَنّ الأَزْيَبَ هو الجَنُوبُ لا نَكْبَاؤُهَا . وابْنُ سِيدَه ذَكَرَ القَوْلَيْنِ كما للمصنّف . ( و ) الثّانية : ( الصّابِيَةُ ، وتُسَمّى النُّكَيْبَاءَ أَيضاً ) ، قال الجَوْهَرِيُّ وإِنّما صَغَّرُوها ، وهم يُرِيدونَ تكبيرَها ، لاِءَنَّهم يَستبرِدُونها جِدّاً ، وهي ( نَكْباءُ الصَّبَا والشَّمالِ ) ، مِعْجاجٌ ، مِصْرَادٌ ، لا مَطَرَ فيها ، ولا خَيرَ عِنْدَها . ( و ) الثّالثة : ( الجِرْبِيَاءُ ) ، ككِيمياءَ ، وهي ( نَكْبَاءُ الشَّمالِ والدَّبُورِ ) ، وهي قَرَّةٌ ، ورُبَّمَا كان فيها مَطرٌ قليلٌ . وجَزَم ابْنُ الأَجْدابيّ أَنّ الجِرْبِيَاءَ هي الشَّمَالُ ، وقد تَقدَّمَ . وقولُ شيخِنا : وزادَ في الصَّحاح أَنَّهُ يُقَالُ لهاذِه النَّكْبَاءِ قَرَّةٌ ، فيه تأَمُّلٌ ، لأَن قَرَّة لمْ
____________________

(4/306)


يجعلْها اسماً ، بل وَصَفهَا به ، كما وصَفَ ما بَعْدَهَا بقولِهِ : حَارَّة ، ( وهي نَيِّحةُ الأَزْيَبِ ) ، بفتح النّون وكسر التَّحْتيّة المشدّدة ، كسيِّدَة ، الّتي تُناوِحُهَا ، أَي : تُقابِلُها ، يُقالُ : تَناوَحَ الشَّجَرُ إِذا قابَلَ بعضُه بعضاً . قال شيخُنا : وزعَمَ الأَصمعيُّ أَنَّ النّائحةَ سُمِّيَتْ بهاذا لأَنّها تُقابِلُ صاحِبَتَها ؛ وأَنشد المُبرِّدُ في الكامل لذِي الرُّمَّة :
سَمِعْتُ النّاسَ يَنْتَجِعُون خَيْراً
فقُلْتُ لصيْدَحَ انْتَجِعِي بِلالاَ
تُنَاخِي عِنْدَ خَيْرِ فَتًى يمَانٍ
إِذا النَّكْباءُ ناوَحَتِ الشَّمَالاَ
( و ) الرّابِعةُ : ( الهَيْفُ ) ، بالفتح ، وهي ( نَكبَاءُ الجَنُوبِ والدَّبُورِ ) حارَّةٌ مِهْيافٌ ، ( وهي نَيِّحَةُ النُّكَيْبَاءِ ) ، مُصَغَّراً ؛ لأَنَّ العَرَب تُنَاوِحُ بينَ هاذه النُّكْبِ ، كما ناوَحُوا بينَ القُوَّمِ من الرِّياح . ( وقَدْ نَكَبَتِ ) الرِّيحُ ، تَنْكُبُ ، بالضَّمِّ ، ( نُكُوباً ) : مالَتْ عن مَهَابِّهَا . ودَبُورٌ نَكْبٌ : نَكْبَاءُ . وفي الصَّحاح : النَّكْبَاءُ : الرِّيحُ النّاكِبةُ الّتي تَنْكُبُ عن مَهَابِّ الرِّياحِ القُوَّمِ . والدَّبُورُ : رِيحٌ من رِياحِ القيْظ لا تكونُ إِلاّ فيه ، وهي مِهْيافٌ . والجَنُوبُ تَهُبُّ في كلّ وَقتٍ . وقال ابْنُ كِنَاسَة : مَخْرَجُ النَّكبَاءِ ما بينَ مَطلع الذِّراعِ إِلى القُطْب ، وهو مَطْلَعُ الكَواكبِ الشّامِيّة ، وجعَلَ ما بَيْنَ القُطْب إِلى مَسْقَط الذِّراعِ مَخْرَجَ الشَّمالِ ، وهو مَسْقَطُ كلِّ نَجْمٍ طَلَع
____________________

(4/307)


من مَخْرَجِ النَّكْباءِ ، من اليَمانِيَةِ واليَمانِيَةُ لا يَنزِلُ فيهَا شمسٌ ولا قمرٌ ، إِنّمَا يُهْتَدَى بها في البَرّ والبَحر ، فهي شآمِيَةٌ قال شَمِرٌ : لكلّ رِيحٍ من الرِّياحِ الأَرْبعِ نَكْباءُ ، تُنْسَبُ إِليها . فالنَّكْباءُ الّتي تُنْسَبُ إِلى الصَّبَا هي الّتي بَينَها وبينَ الشَّمالِ ، وهي تُشْبِهُها في اللِّين ، ولها أَحياناً عُرَامٌ ، وهو قليل : إِنّما يكونُ في الدّهْرِ مَرَّةً ، والنَّكْباءُ الّتي تنسبُ إِلى الشَّمَال هي الّتي بينها وبينَ الدبُور ، وهي تُشْبِهُهَا في البَرْد ، ويُقَالُ لهاذه الشمال : الشَّامِيَّةُ كُلُّ واحدةٍ منها عند العرب شامِيَّةٌ ، والنَّكْباءُ الّتي تُنْسَبُ إِلى الدَّبُور ، هي الّتي بينَها وبينَ الجَنُوب ، تجيءُ من مغِيبِ سُهَيْلٍ ، وهي شِبْهُ الدَّبُورَ في شِدَّتِها وعجَاجِها ؛ والنَّكْباءُ التي تُنْسَبُ إِلى الجَنُوب ، هي الّتي بينَها وبينَ الصَّبَا ، وهي أَشْبَهُ الرِّيَاحِ بها في رِقَّتِها وفي لِينِها في الشِّتاء . كذا في لسان العرب .
( و ) مَنْكِبَا كُلِّ شَيْءٍ : مُجْتَمَعُ عَظْمِ العَضْدِ والكَتِفِ ، وحَبْلُ العاتِقِ من الإِنسانِ والطّائرِ وكُلِّ شَيْءٍ . وقال ابْنُ سِيدَهْ : ( المَنْكِبُ ) من الإِنسان ، وغيرِه ( مُجْتَمَعُ ) رَأْسِ الكَتِف والعَضُدِ ، ( مُذَكَّرٌ ) لا غير ، حَكَى ذالكَ اللِّحْيَانِيُّ . قال سِيبويْهِ : هو اسْمٌ للعُضْوِ ، ليس على المصدرِ ولا المكانِ ؛ لأَنَّ فعْلَهُ نَكَبَ يَنكُبُ ، يَعنِي : أَنَّهُ لو كان عليه ، لَقِيلَ مَنْكَبٌ . قالَ : ولا يُحْمَلُ على باب مَطْلَع ، لاِءَنه نادِرٌ ، أَعنِي باب مطلَع . ورجلٌ شَدِيد المَناكِبِ ، قال اللِّحْيَانيُّ : هو من الوَاحِدِ الّذي يُفَرَّقُ فيُجْعَل جَميعاً . قال : والعربُ تفعَلُ ذالك كثيراً ، وقياسُ قول سِيبويْه أَنْ يكونوا ذَهَبوا في ذالك إِلى تَعظيمِ العُضْو ، كأَنّهم جَعَلُوا كلَّ طائفة منه مَنْكِباً .
( و ) من المَجَاز : سِرْنا في مَنْكِبٍ من الأَرْضِ والجَبلِ ، المَنْكِبُ : ( ناحيَةُ كُلِّ شَيْءٍ ) ، وجمعُهُ المَنَاكِبُ ، وبهِ فَسَّرَ بعضُهُم الآيةَ ، كما سيأْتي .
( و ) من المَجَاز : المَنْكِبُ : ( عَرِيفُ القَوْمِ ، أَو عَوْنُهُمْ ) . وقال اللَّيْثُ :
____________________

(4/308)


مَنْكِبُ القومِ : رأْسُ العُرفاءِ ، على كذا وكَذَا عرِيفاً مَنْكِبٌ . وفي حديث النَّخَعِيّ : ( كان يَتَوسَّطُ العُرفَاءَ والمَنَاكِب ) . وعن ابْنِ الأَثِيرِ : المَنَاكِبُ : قَومٌ دُون العُرفاءِ .
( وقد نَكَبَ ) على قومِه ، يَنْكُب بالضَّمّ ، ( نِكابَةً بالكسر ، ونُكوباً ) بالضَّمّ ، الأَخيرةُ عن اللِّحْيَانيّ : إِذا كان مَنْكِباً لهم يَعتمِدون عليه . وفي المحكم : عَرف عليهم .
والنِّكابَةُ : كالعِرَافة والنِّقَابة . ( و ) من المَجَاز : راشَ سَهْمَهُ بمَناكِبَ ( المَناكِبُ في الريشِ ) من جَناحِ نَسْرٍ أَو عُقابٍ : ( بَعْدَ القَوادِمِ ) وهي أَقوَى الرِّيشِ وأَجودُه .
وفي اللِّسان : المَنْكِبُ ، في جَنَاحِ الطّائرِ عِشْرُونَ رِيشَةً : أَوَّلُهَا القوَادِمُ ، ثم المَنَاكِبُ ، ثُمَّ الخَوَافِي ، ثمّ الأَبَاهِرُ ثُمَّ الكُلَى ، ( بِلا واحِد ) .
قال ابْنُ سِيدَه : ولا أَعْرِفُ للمَنَاكِبِ من الرّيشِ واحِداً ، غَير أَنَّ قِياسه أَن يكونَ مَنْكباً .
( ونَكَبَ الإِنَاءَ ) ، يَنْكُبُهُ ، نَكْباً : ( هَرَاقَ ما فِيهِ ) ، ولا يكونُ إِلاّ من شَيْءٍ غيرِ سَيّالٍ ، كالتُّراب ونحوِهِ .
( و ) نَكَبَ ( الكِنَانَةَ ) ، يَنْكُبُها ، نَكْباً : ( نَثَرَ ما فيها ) . وقيلَ : إِذا كَبَّها لِيُخْرِجَ ما فيها من السِّهَام . وفي حديثِ سَعْدٍ ، قال يومَ الشُّورَى : ( إِنِّي نَكَبْتُ قَرَنِي ، فأَخَذْتُ سَهْمِي الفَالِجِ ) ، أَي : كَبَبْتُ كِنانَتِي . وفي حديث الحَجّاج : ( إِنَّ أَميرَ المُؤمِنينَ نَكَبَ كِنَانَتَهُ ، فعَجَمَ عِيدانَها ) .
( و ) نَكَبَتِ ( الحِجَارَةُ رِجْلَهُ ) ، نَكْباً : ( لَثَمَتْهُ ) ، زاد في نسخة من الصَّحاح : وخَدَشَتْهُ ، ( أَو ) نَكَبَتْها الحِجَارَةُ ( أَصابتْها ) .
والنَّكْبُ : أَنْ يَنْكُبَ الحَجَرُ ظُفْراً ، أَو حافِراً ، أَو مَنْسِماً ، ( فهو مَنْكُوبٌ ، ونَكِبٌ ) . الأَخِير كفَرِحٍ ، هاكذا في النُّسَخ ، وصوابُهُ : نَكِيبٌ على فَعِيلٍ ؛ قال لَبِيدٌ :
____________________

(4/309)



وتَصُّكُّ المَرْوَ لَمّا هَجَّرَتْ
بِنَكِيبِ مَعِرٍ دامِي الأَظَلّ
ويُقال : ليس دُونَ هاذا الأَمرِ نَكْبَةٌ ولا ذُبَّاحٌ . قال ابْنُ سيدَهْ : حكاه ابْنُ الأَعْرَابيِّ ، ثم فسَّرَه فقال : النَّكْبَةُ : أَنْ يَنْكُبَهُ الحَجَرُ ؛ والذُّبّاحُ : شَقٌّ في باطِنِ القَدَم . وفي حديث قُدُومِ المُسْتَضْعَفِينَ بمَكَّةَ : ( فجاؤُوا يَسُوقُ بهِم الوَلِيدُ بْنُ الوَليد ، وسار ثلاثاً على قَدَمَيْهِ ، وقد نَكَبَتْهُ الحَرَّةُ ) ، أَي : نالَتْهُ حِجارتُها ، وأَصابَتْهُ . ومنه النَّكْبَةُ ، وهو ما يُصِيبُ الإِنسانَ من الحوادثِ . وفي الحديث : ( أَنّه نُكِبَتْ إِصْبَعُهُ ) ، أَي : نالَتْهَا الحِجَارةُ .
( و ) نَكَبَ ( بِهِ ) على الأَرْضِ : ( طَرَحَهُ ) ، وأَلْقاه .
( ويَنْكُوبٌ : ع ، أَو ماءٌ ) ، والأَخِيرُ عن كُرَاع .
( والنُّكْبَةُ ، بالضَّمّ : الصُّبْرَةُ ) .
( وبالفتح : المُصِيبَةُ ) من مصائبِ الدَّهْرِ ، وإِحدَى نَكَبَاتِه ، ( كالنَّكْبِ ) ، وهو مَجاز ، وقد تَقدَّم أَنَّه من : نَكَبَتْهُ الحِجَارَةُ : لَثَمَتْهُ ، قال قَيْسُ بْنُ ذَرِيح :
يَشَمَّمْنَه لَوْ يَسْتَطِعْنَ ارْتَشَفْنَه
إِذا سُفْنَهُ يَزْدَدْنَ نَكْباً على نَكْب
و ( ج : نُكُوبٌ ) ، بالضَّمّ .
( ونَكَبَهُ الدَّهْرُ ) ، يَنْكُبُهُ ، ( نَكْباً ، ونَكَباً ، بَلَغَ منهُ ، أَو أَصابَهُ بِنَكْبَة ) ويقالُ : نَكَبَتْهُ حوادِثُ الدّهْرِ ، فأَصابَتْهُ نَكْبةٌ ، ونكَباتٌ ، ونُكُوبٌ ونُكِب فُلانٌ ، فهو مَنكوبٌ .
( و ) الأَنْكَبُ : ( من لاَ قَوْسَ معَهُ ) ، ومثلُهُ في الصَّحاح .
( وانْتَكَبَ ) الرَّجُلُ ( كِنَانَتَهُ ، أَو قَوْسَه : أَلْقاهُ ) . هاكذا في النُّسَخ ، والصّوابُ : أَلْقاها ( على مَنْكِبِهِ ، كتَنَنَكَّبهُ ) . وفي الحديث : ( كانَ إِذا خَطَبَ بالمُصَلَّى ، تَنَكَّبَ على قَوْسٍ أَو عَصاً ) ، أَي : اتَّكأَ عليها ؛ وأَصله من تَنَكَّبَ القَوسَ ، وانتكَبها : إِذا عَلَّقَها في مَنْكِبِهِ .
____________________

(4/310)



( والمُتَنَكِّبُ الخُزَاعيُّ والسُّلَمِيُّ : شاعِرَانِ ) . فالخُزاعِيّ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ جابر ، لُقِّبَ بقوله :
تَنَكَّبْتُ للحَرْبِ العضُوضِ الَّتي أَرَى
أَلا مَنْ يُحَارِبْ قَوْمَهُ يَتَنَكَّبِ
والسُّلَمِيُّ : يقالُ لهُ البَجلِيُّ أَيضاً نقله الصّاغانيّ .
( والنَّكِيبُ : دائِرَةُ الحافِرِ ) والخُفّ ، هاكذا في الصّحاح ، لاكِنَّه ضبطه ( دابِرَةُ ) بالمُوَحَّدَة . وفي هامشه بخَطِّ ابْن القَطّاع : دائرة بالتَّحْتِيّة ، كما هو في نُسخ القاموس ، وأَنشد الجوهريُّ قولَ لبِيدِ الّذِي تقدَّم في النَّكِيب :
وتَصُكُّ المَرْوَ لَمّا هَجَّرَتْ
إِلى آخِره .
( ) ومِمَّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
قولُهم : إِنَّهُ لَمِنْكَابٌ عن الحَقِّ .
وقامَةٌ نَكْباءُ : مائِلَةٌ . وقِيَمٌ نُكْبٌ ؛ والقامَةُ : البَكَرَةُ .
والأَنْكَبُ : المُتَطَاوِلُ الجائرُ .
وَمناكِبُ الأَرْض : جِبالُها ، وقيلَ : طُرُقُها ، وقيلَ : جَوانِبُها . وفي التّنزيل العزيزِ : { فَامْشُواْ فِى مَنَاكِبِهَا } ( الملك : 15 ) ، قال الفَرّاءُ : يُرِيدُ في جَوانِبِها ، وقال الزَّجّاجُ معناهُ : في جِبالِها ، وقيل : في طُرُقها . قال الأَزْهَريُّ : وأَشْبَهُ التَّفْسيرِ ، واللَّهُ أَعلم ، تفسيرُ مَنْ قالَ : في جِبالِهَا ، لأَنّ قوله : { هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الاْرْضَ ذَلُولاً } معناه : سَهَّلَ لَكُم السُّلوكَ فيها ، فأَمكَنَكم السُّلوكُ في جبالها فهو أَبلغُ في التَّذلِيل .
وفي الصَّحاح : المَنْكِبُ من الأَرض : المَوضِعُ المُرتفِعُ .
وفي المَثَل : الدَّهْرُ أَنكبُ لا يُلِبُّ ، أَي كثيرُ النَّكَبَات ، أَي : كثيرُ العُدُولِ
____________________

(4/311)


عن الاستقامة . ويُرْوى : أَنْكَثُ ، بالمُثَلَّثَة .
ومن المَجاز : هَزُّوا له مَنَاكِبهم ، أَي : فرِحُوا به .
ونَكِبَ فُلانٌ ، يَنْكَبُ ، نَكَباً ، أَي : اشْتَكَى مَنْكِبَه . وفي حديثِ ابْنِ عُمَرَ : ( وخِيارُكُم أَلْيَنُكُم مَنَاكِبَ في الصَّلاة ) أَرادَ لزومَ السَّكِينَةِ فيها . وقيلَ : أَراد التَّمكينَ لِمَنْ يَدْخُلُ في صَفِّ الصَّلاةِ .
ونَكْبُونُ : من قُرَى بُخَارَى ، وتَقدَّم في نقب .
نلب : ( ) وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه : نِيلابُ ، بالكَسْر ، اسمٌ لمدينة جُنْدَيْسَابُورَ . كذا في المُعْجَم .
نوب : ( *!النَّوْبُ : نُزُولُ الأَمْرِ ،*! كالنَّوْبَةِ ) ، بزيادة الهاءِ . نابَ الأَمْرُ*! نَوْباً *!ونَوْبَةً .
( و ) *!النَّوْبُ : اسْمٌ ل ( جَمْعِ*! نائِب ) ، مثل : زائِرٍ وزَوْرٍ ، وبه صرّحَ السُّهَيْليُّ في الرَّوْض ، وقيل : هو جَمعٌ .
( و ) *!النَّوْبُ : ( ما كان مِنْكَ مَسيرَةَ يَوْمٍ ولَيْلَة ) ، والقَرَبُ : ما كانَ مَسيرَةَ ليلة ، وأَصلُهُ في الوِرْد . قال لَبِيدٌ :
إِحْدَى بَني جَعْفَرٍ كَلِفْتُ بها
لَمْ تُمْسِ مِنّي *!نَوْباً ولا قَرَبَا
وقيلَ : ما كان على ثلاثةِ أَيّام ، وقيلَ : ما كانَ على فَرْسَخَيْنِ ، أَو ثلاثة .
( و ) *!النَّوْبُ : ( القُوَّةُ ) ، يُقَالُ : أَصبحْتَ لا *!نَوْبَةَ لك ، أَي : لا قُوَّةَ لك ، وكذالك : ترَكْتُهُ لا *!نَوْبَ له : أَي لا قُوَّةَ له .
( و ) النَّوْبُ : ( القُرْبُ ) خلافُ البُعْد ، نقلَه الجوهريّ عن ابن السِّكِّيت وأَنشد لاِءَبي ذُؤَيْب :
أَرِقْتُ لِذكْرِهِ من غَيْرِ نَوْبٍ
كما يَهْتَاجُ مَوْشِيٌّ قَشِيبُ
أَراد بالمَوْشِيِّ : الزَّمّارَةَ من القَصَبِ
____________________

(4/312)


المُثَقَّب . وعن ابْن الأَعْرَابيِّ : النَّوْبُ : القَرَبُ ،*! يَنُوبُها : يَعْهَدُ إِليها ، يَنالُها . قال : والقَربُ *!والنَّوْبُ واحدٌ . قال أَبو عَمْرو : القَرَبُ أَنْ يأْتِيهَا في ثلاثةِ أَيّام مَرَّةً .
( و ) *!النُّوبُ ، والنُّوبَةُ ( بالضَّمِّ : جِيلٌ من السُّودانِ ) ، الواحِدُ نُوبِيٌّ .
( و ) النُّوبُ : ( النَّحْلُ ) أَي : ذُبابُ العَسل . قال الأَصمعيُّ : هو من النُّوبَةِ الّتي تَنُوب النّاسَ لِوَقْت مَعْرُوف ؛ قال أَبو ذُؤَيْب :
إِذا لَسَعَتْهُ الدَّبْرُ لم يَرْجُ لَسْعَها
وخالَفَها في بَيْتِ نُوبٍ عَوَامِلِ
وقال أَبو عُبَيْد وفي نُسخ من الصَّحاح : أَبو عُبَيْدة : سُمِّيت*!نُوباً ، لاِءَنّهَا تَضْربُ إِلى السَّوَاد ، فمَنْ جعلَها مُشَبَّهَةً*! بالنُّوبَةِ ، لاِءَنَّهَا تَضْرِبُ إِلى السَّواد ، فلا واحِدَ لها . ومَنْ سَمّاها بذالك لاِءَنَّها تَرْعَى ثُمّ*!تَنُوبُ ، فيكونُ ( واحدُهُ *!نائِبٌ ) ، مثل غائط وغُوطٍ ، وفارِهٍ وفُرْهٍ ، شَبَّهَ ذالك *!بنَوْبَةِ النّاسِ ، والرُّجُوعِ لِوَقْتٍ ، مرَّةً بعدَ مَرَّة . وقال ابْنُ منظور : النُّوبُ : جمعُ نائِبٍ من النَّحْل ، لأَنّها تَعودُ إِلى خَلِيَّتِها . وقيل : الدَّبْرُ تُسَمَّى *!نُوباً ، لسَوادِهَا ، شُبِّهَتْ *!بالنُّوبَة ، وهم جِنْسٌ من السُّودان .
( و )*!نُوبُ : ( ة بصَنْعاءِ اليَمَن ) من قُرَى مِخْلافه صُدَاءَ ، كذا في المُعْجَم .
( *!والنَّوْبَةُ ) ، بالفتح : ( الفُرْصَةُ ، والدَّوْلَةُ ) ، والجمع : *!نُوَبٌ ، نادِرٌ .
( و ) النَّوْبَةُ : ( الجَمَاعَةُ من النّاسِ ) .
( و ) في الصَّحاح : النَّوْبَةُ ( واحدَةُ*! النُّوَبِ ) ، بضمّ ففتْحٍ ، ( تقول : جَاءَت*!ْ نَوْبَتُكَ ،*! ونِيَابَتُكَ ) ، بكسر النّون في الأَخير . وهم *!يَتَناوَبُونَ النَّوْبَةَ فيما بينهم ، في الماءِ وغيرِه . انتهى . فالمُراد
____________________

(4/313)


*! بالنَّوْبَة *!والنِّيَابَة هنا : الوُرودُ على الماءِ وغيرِه ، المرَّةَ بعدَ الأَولى ، لا كما فسَّره شيخُنا بالدَّوْلَة والمَرَّةِ المتَداوِلَةِ .
( و ) النُّوبَةُ ، على ما قالَه الذَّهَبيُّ ، ( بالضَّمِّ : بلادٌ واسِعَةٌ للسُّودانِ ، بجَنُوبِ الصَّعِيد ) . وتقدَّم عن الجَوْهَرِيّ : أَنّ النّوبَ والنُّوبَةَ جِيلٌ من السُّودانِ ، والمصنِّف هنا فَرَقَ بينَهما ، فجعل *!النُّوبَ جِيلاً ، والنُّوبَةَ بِلاداً ، لسِرَ خَفِيّ ، يَظهَرُ بالتَّامُّل . ولَمَّا غَفَل عن ذالك شيخُنا ، نسبه إلى القُصور ، والله حليم غَفُور . وفي المُعْجَم : وقد مَدَحهم النَّبِيُّ ، صلى الله عليه وسلمبقوله : ( من لَمْ يَكُنْ له أَخٌ ، فَلْيَتَّخِذْ له أَخاً من النُّوبَةِ ) ، وقال : ( خَيْرُ سَبْيِكُمُ النُّوبَةُ ) وهم نَصارَى يَعاقِبَةٌ ، لا يَطَؤُونَ النِّسَاءَ في المَحيض ، ويَغتسِلونَ من الجَنَابة ، ويَخْتَتِنُون .
ومَدينة النُّوبة اسْمُها : دُنْقُلَةُ ، وهي منزلُ الملكِ على ساحلِ النّيلِ ، وبلدُهم أَشبَهُ شيْءٍ باليَمنِ .
( مِنْها ) ، على ما يُقالُ ، سيِّدُنا ( بِلالُ ) بْنُ رَبَاحٍ ( الحَبَشِيُّ ) القُرَشِيّ التَّيْمِيُّ أَبو عبدِ الله ، ويقالُ : أَبو عبدِ الرّحْمان ، ويقال : أَبو عبْد الكَريم ، ويقال : أَبو عَمْرو المُؤذِّن ، مولَى أَبِي بَكْرٍ ، رضي الله عنهما . وأُمُّه حَمَامةُ : كانت مَوْلاةً لبعض بني جُمَح ، قَدِيمُ الإِسلام والهِجْرَةِ ، شَهِدَ المَشَاهِدَ كُلَّها . وكان شديدَ الأُدْمَةِ ، نَحيفاً ، طُوالاً ، أَشْعَر . قال ابْنُ إِسْحاقَ : لا عَقِبَ له . وقال البُخارِيُّ : هو أَخو خالدٍ وعَفْرَةَ ، مات في طاعُونِ عَمْواسَ ، سنة سَبْعَ عَشْرَةَ ، أَو ثَمَانَ عَشْرَةَ . وقال أَبو زُرْعَة : قَبْرُهُ بدِمَشْقَ . ويقال : بدَارَيّا وقيل : إِنّه مات بحَلَب . وقيل : إِنّ الّذِي مات بحلَبَ هو أَخوه خالدٌ .
( ونُوبَةُ ) ، بلا لام : ( صَحابِيَّةٌ ) ( خرجَ رسولُ اللَّهِ ، صلى الله عليه وسلم
____________________

(4/314)


في مَرَضِه بينَ بَرِيرَةَ *!ونُوبَةَ ) قال الحافظُ تقيُّ الدِّين : وإِسْنَادُهُ جَلِيٌّ .
( و ) أَبو نَصْرٍ ( عبدُ الصَّمدِ بْنُ أَحمد ) بنِ محمّدِ بنِ ( *!النُّوبِيِّ ) ، عن ابْن كُلَيْبٍ ، مات كَهْلاً سنة 625 ، ( وهِبَةُ الله بْنُ أَحمدَ ) ، وفي نسخة : محمّد ( بْنِ*! نُوبَا النُّوبِيُّ : محدِّثانِ ) .
ومنهم أَبو رَجَاءٍ يَزيدُ بْنُ أَبي حَبِيبٍ المِصْريُّ ، عن الحارث بْن جزْءٍ الزّبِيدِيّ ، وأَبِي الخَيْر النُّوبِيّ ، وعنه اللَّيْثُ وحَيْوةُ بْنُ شُريْح . وقال الرّشاطيّ : أَبو حبيب اسْمُه سُوَيْدٌ ، وهو مولى شَرِيكِ بْنِ الطُّفَيْل العَامِريّ نُوبِيٌّ من سَبْيِ دُنْقُلَةَ . وقال ابْنُ الأَثير ومنه أَبو مَمطورٍ سَلاّمٌ النُّوبِيُّ ، ويُقَالُ : أَبو سَلاّم مَمطور ، وأَبو الفيْض ذو النُّونِ المِصْريُّ النُّوبيُّ .
( وناب ) الشَّيْءُ ( عَنْهُ ) ، أَي : عن الشَّيْءِ ، (*! نَوْباً ، *!ومَنَاباً ) ، وفي الصَّحاح : اقتصر على الأَخير : ( قَامَ مَقَامَهُ ) . وفي المِصْباح : نابَ الوَكِيلُ عنه في كذا ينُوبُ ، نِيَابَةً ، فهو نائبُ ، وزيدٌ مَنُوبٌ عنه . وجمعُ النّائب ، *!نُوَّابٌ ، ككافِر وكُفّار . قال شيخُنا : والّذي صرَّحَ به الأَقدمُونَ أَنّ نِيابَةً مصدرُ نابَ ، لم يَرِدْ في كلام العرب . قال ثعلب في أَمالِيه : نابَ نَوْباً ، ولا يقال نِيَابَةً ونَقلَه ابْنُ هِشام في تَذْكِرته واستَغربَه ، وهو حَقيقٌ بالاستغراب . قلتُ : وفي لسان العرب ، وغيرِه : ونَابَ عنِّي في هاذا الأَمْر نِيَابَةً : إِذا قامَ مَقامَكَ .
( *!وأَنَبْتُهُ ) أَنا ( عَنْهُ ) ، *!واسْتَنَبْتُهُ .
( ونابَ ) زيدٌ ( إِلى اللَّهِ ) تَعالى : أَقبَلَ ، و ( تابَ ) ، ورجَعَ إِلى الطّاعَة ، ( *!كأَنَابَ ) إِليهِ*! إِنابَةً ، فهو*! مُنِيبٌ ، واقتصر الجوهريُّ على الرُّباعيّ . وقيلَ : نابَ : لَزِمَ الطّاعَةَ ، وأَنابَ : تابَ ورجعَ ، وفي حديث الدُّعاءِ : ( وإِليكَ*! أُنِيبُ ) الإِنابَةُ : الرُّجُوعُ إِلى الله بالتَّوْبة ، وفي التَّنْزِيل
____________________

(4/315)


العَزيز : {*! مُنِيبِينَ إِلَيْهِ } ( الروم : 31 ، 33 ) ، أَي : راجعينَ إِلى ما أَمرَ به ، غيرَ خارِجينَ عن شَيْءٍ من أَمره . وفي الكَشّاف : حقيقةُ*! أَنَابَ : دخَلَ في نَوْبَةِ الخَيْلِ ، ومثلُهُ في بحرِ أَبِي حَيّان . وقال غَيْره : أَنابَ : رجَعَ مَرَّةً بعدَ أُخْرَى ، ومنه النَّوْبَةُ ، لِتَكْرَارِهَا .
( *!ونَاوَبَهُ ) ،*! مُنَاوَبَةً : ( عَاقَبَه ) معاقَبَةً .
( *!والمَنَابُ : الطَّرِيقُ إِلى المَاءِ ) ؛ لاِءَنَّ النّاسَ *!يَنتابون الماءَ عليها .
وفي الأَساس : ( إِليه مَنابِ ) : أَي مَرْجِعي .
( والمُنِيبُ ) ، بالضَّمّ : ( المَطَرُ الجَوْدُ ، والحَسَنُ من الرَّبِيعِ ) . والّذي نُقلَ عن النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ ما نصُّه : يُقَالُ للمَطَرِ الجَوْدِ :*! مُنِيبٌ ؛ وأَصابَنَا رَبِيعٌ صِدْقٌ : مُنِيبٌ حَسَنٌ ، وهو دُون الجَوْدِ . ونِعْمَ المَطَرُ هاذا إِنْ كان له تابِعَةٌ ، أَي : مَطْرةٌ تَتبَعُهُ . ففي كلام المصنِّف محلٌّ تَأَمُّل .
( و ) مُنِيبٌ : ( اسمٌ ، وماءٌ لِضَبَّةَ ) بنَجْدٍ في شرقيّ الحَزيز لِغَنِيَ ، كذا في المعجم ومختصره ، وأَنشد أَبو سَهْم الهُذَليّ :
كَوِرْدِ قَطاً إِلى نَمَلَى مُنِيبِ
( *!وَتناوَبُوا على الماءِ ) هاكذا في النُّسَخ بإِثباتِ : على ، وتخصيصه بالماءِ ، وفي الصَّحاح : وهم *!يتناوبُون النَّوْبَةَ ، فيما بينَهُم ، في الماءِ وغيره . وعبارَة اللُّسَان : *!تَنَاوَبَ القَوْمُ الماءَ : ( تَقَاسَمُوهُ عَلَى ) المَقْلَةِ ، وهي ( حَصَاة القَسْم ) .
وفي التَّهْذِيب : *!وتَنَاوَبْنَا الخَطْبَ والأَمْر*!نَتناوَبُهُ : إِذا قُمْنَا به نَوْبَةٌ بعدَ نَوْبَةٍ . وعن ابْنِ شُمَيْل : يُقالُ للقَوْم في السَّفَر : *!يَتناوَبُون ويَتنَازَلُون ويَتَطاعمون ، أَي : يأْكُلُونَ عندَ هاذا نُزْلَةً ، وعندَ هاذا نُزْلَةً . وكذلك النَّوْبَةُ
____________________

(4/316)


*!والتَّنَاوُبُ ، على كُلّ واحِدٍ منهم نَوْبَةٌ *!يَنُوبُهَا : أَي طعامُ يَوْم .
( وبَيْتُ نُوبَى ، كطُوبَى : د ، من فَلَسْطِينَ ) ، نقله الصّاغَانيُّ .
( وخَيْرٌ نائبٌ : كَثِيرٌ ) عَوّادٌ . من الأَساس .
( ونَابَ : لَزِمَ الطّاعَةَ ) .
وأَنَاب : تابَ ورَجَعَ ، وقد تقدَّمَ .
*!ونُبْتُه *!نَوْباً ،*! وانْتَبْتُهُ : أَتيتُهُ على نَوْبٍ .
(*! وانْتابَهُم *!انْتِياباً ) : إِذا قصدَهم ، و ( أَتَاهُم مَرَّةً بعدَ أُخْرَى ) ، وهو افتعالٌ من النَّوْبَةِ ؛ ومنه قولُ أَبي سَهْمٍ أُسامَةَ الهُذَليِّ :
أَقَبَّ طَرِيدٍ بِنُزْهِ الفَلاَ
ةِ لا يَرِدُ الماءَ إِلاّ *!انْتِيَابَا
وفي الصَّحاح : ويُرْوَى : ائْتِيابا ، وهو افتعالٌ ، من : آبَ يَؤُوبُ : إِذا أَتى ليلاً . قال ابْنُ بَرِّيّ : هو يَصفُ حِمارَ وَحْشٍ . والأَقَبُّ : الضّامِرُ البطْنِ ، ونُزْهُ الفَلاةِ : ما تباعَدَ منها عنِ الماءِ والأَرياف .
( وسَمَّوْا )*! نائباً ، و ( *!مُنْتاباً ) بالضَّمّ ، وهو المنعاد المُراوِح .
وفي الرّوْض : *!المُنْتَابُ : الزّائرُ .
( ) وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
لفظُ*! النّوائِب ، جمعُ نائِبةٍ ، وهي ما يَنوبُ الإِنسانَ ، أَي : يَنْزِلُ بِه من المُهِمّات والحوادث : *!ونابَتْهُمْ *!نَوَائِبُ الدَّهْر . وفي حديث خَيْبَرَ : ( قَسَمها نِصْفَيْنِ : نِصْفاً لنَوائِبه وحاجاتِه ، ونِصْفاً بينَ المُسْلمينَ ) . وفي الصَّحِيحَيْنِ : ( وتُعِينُ على نَوَائِبِ الحَقِّ ) .*! والنّائبةُ : النّازِلة ، وهي *!النَّوائب ، *!والنُّوَبُ : الأَخِيرَةُ نادرة . قال ابْنُ جِنِّي : مَجيءُ فَعْلَة عَلى فُعَلٍ ، يُرِيكَ كأَنّهَا إِنّما جاءَت عندَهم من فُعْلَة ، فكأَنَّ نَوْبَةً نُوبَةٌ ، لاِءَنَّ الواوَ ممّا سبيلُه أَن يأْتِيَ تابِعاً للضَّمَّة . قال :
____________________

(4/317)


وهاذا يؤكِّدُ عندَكَ ضَعْفَ حُروفِ اللِّين الثّلاثَة . وكذالك القَوْلُ في دَوْلة وجَوْبَةٍ ، وكلّ منها مذكورٌ في موضعه . كذا في اللسان .
وفي الصَّحاح : النُّوبةُ ، بالضَّمّ : الاسمُ ، من قولك :*! نَابَهُ أَمْرٌ ،*! وانْتَابَهُ ، أَي : أَصابَهُ . ويُقَالُ المَنَايا*! تَتَناوَبُنَا : أَي تَأْتِي كُلاًّ مِنَّا *!لِنَوْبَتِهِ .
وقال بعضُ أَهلِ الغَرِيب : النَّوائِب : الحَوَادِثُ ، خَيْراً كانتْ أَو شرّاً . وقال لبِيدُ :
*! نوَائِبُ من خَيْرٍ وشَرَ كِلاَهما
فلا الخَيرُ ممدُودٌ ولا الشَّرُّ لازِبُ
وخَصصَّها ، في المِصْبَاح ، بالشرّ ؛ وهو المُنَاسبُ للقَلَق الحادثِ عنها . وأَقرَّهُ في العِناية .
وعن ابْنِ الأَعْرَابيّ : *!النَّوْبُ : أَن يَطْرُدَ الإِبِل باكِراً إِلى الماءِ ، فيُمْسِيَ على الماءِ*! ينتابُهُ .
وفي الصَّحاح : الحُمَّى النّائِبةُ : الّتي تأْتِي كُلَّ يومٍ ، وفي الحديث : ( احْتاطُوا لاِءَهْلِ الأَمْوَالِ في*! النائِبة والواطِئَة ) ، أَي : الأَضياف الّذين *!ينوبونهم .
وفي الأَساس : وأَتانِي فلانٌ ، فما أَنَبْتُ له . أَي : لم أَحْفِلْ به .
( ) ومما يُسْتَدْركُ عليه :
*! النَّوَابَةُ من قُرَى مِخْلافِ سَنْحانَ باليَمن .
*! ومُنْتَابٌ : حِصنٌ باليَمَن من حُصُون صَنْعاءَ .
وأَبو الغَنَائِم محمَّدُ بْن عليِّ بْنِ الحَسَن بْنِ يَحْيَى بْنِ محمّد بن عمْرو بْن محمّد بن عُثْمَانَ بن محمّد بن المُنْتَاب الدَّقّاق . أَخو أَبي محمّد وأَبي تَمّامٍ ، وهو أَصغَرُهم ، من ساكني نَهْرِ القَلاّئِين ، سمعَ الكَثيرَ ، وحَدَّثَ ، تُوُفِّيَ سنة 483 ببغداد . كذا في ذيل البنداريّ .
نهب : ( النَّهْبُ : الغَنِيمةُ ) ، وفي الحديث :
____________________

(4/318)


( أُتِيَ لَهُ بنَهْبٍ ) ، أَي غَنِيمَة .
ويأْتِي بمعنَى الغارَةِ ، والسَّلْب .
والنَّهْبُ : المنهوبُ ، ومنه حديثُ أَبي بَكْرِ ، رضيَ الله عنه : ( أَحْرَزْتُ نَهْبِي ، وأَبْتَغِي النَّوافِلَ ) ، أَي : قَضَييتُ ما عَليَّ من الوِتْر قبلَ أَنْ أَنَام ، لئَلاّ يَفُوتني ، فإِن انْتَبَهتُ ، تَنَفَّلْتُ بالصَّلاة . وفي شعر العَبّاسِ بْنِ مِرْداس :
أَتَجْعَلُ نَهْبِي ونَهْبَ العُبَيْ
دِ بَيْنَ عُيَيْنَةَ والأَقرع
و ( ج : نِهَاب ) ، بالكَسْرِ . وفي شعر العَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاس :
كانَتْ نِهَاباً تَلافَيْتُهَا
بِكَرِّي عَلى المُهْرِ بالأَجْرَعِ
ونقل شيخُنا عن النِّهَايَة ، وغيرِهَا من كُتب الغَرِيب : نُهُوبٌ ، بالضَّمِّ ، جمعُ نَهْبٍ ، قال : وكِلاهُمَا مَقِيسٌ في فَعْلٍ بالفتح .
( ونَهَبَ النَّهْبَ ، كجَعَلَ ، وسَمِعَ ، وكَتَبَ ) ، يَنْهَبه ، ويَنْهُبه ، نَهْباً . الأُولىَ والثّالثة عن الفرّاءِ : ( أَخذَه ، كانْتَهَبه ) .
الانْتهابُ : أَن يأْخذَه منْ شاءَ . والإِنْهابُ : إِبَاحته لِمنْ شاءَ ، يقال : أَنْهَبَهُ فلاناً : عَرَّضَهُ له ، وأَنْهَب الرَّجُلُ ما لَهُ فانْتهَبُوهُ ، ونَهَبُوه ، ونَاهَبُوهُ : كلُّه بمعنًى .
( والاسْم النُّهْبَة ، والنُّهْبَى ، والنُّهَيْبَى ، بضَمِّهِنَّ ) . قال اللِّحْيانيُّ : النَّهْبُ : ما انْتَهَبْتَ . والنُّهْبة ، والنُّهْبَى : اسْمُ الانْتِهاب . وفي التوشيح : النُّهْبَى ، بالضَّمّ والقَصْر : أَخْذُ مالِ مُسْلمٍ قَهْراً وفي الحديثِ : ( أَنّهُ نُثِرَ شيءٌ في إِمْلاكٍ ، فلم يَأْخُذوه ، فقال : ما لكُم لا تَنتهبونَ ؟ قالوا : أَوَ لَيْسَ قد نَهَيْتَ عن النُّهْبَى ؟ قال : إِنّما نَهَيْت عن نُهْبَى العَسَاكِرِ ، فانْتَهِبُوا ) . قال ابن الأَثِيرِ : النُّهْبَى بمعنى النَّهْبِ ، كالنُّحْلَى والنَّحْلِ ، بمعنَى العَطِيَّةِ . قال : وقد يكون اسْمَ ما يُنْهَبُ ، كالعُمْرَى والرُّقْبَى ( و ) كان للفِرْزِ بَنُونَ يَرْعَوْنَ مِعْزَاهُ ، فَتَوَاكَلُوا
____________________

(4/319)


يوماً ، أَي : أَبَوْا أَن يَسْرَحُوهَا . قال : فساقَها ، فأَخْرَجها ، ثم قال للنَّاسِ : هي ( النُّهَّيْبَى ، كسُمَّيْهَى ) . ويروى بالتَّخفيف ، أَي : يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يأْخذَ منها أَكثرَ مِن واحِدٍ ، ومنه المَثل : ( لا يَجتمِعُ ذالك حتَّى تَجتمِعَ مِعْزَى الفِرْزِ ) .
( والنَّهْب ، أَيضاً : ضَرْبٌ من الرَّكْضِ ) نصَّ عليه اللِّحْيَانيُّ في النَّوادر ، وهو مَجاز . ( و : كلُّ ما انْتُهِبَ ) .
وأَما النُّهْبَى فهو كُلُّ ما أُنْهِبَ ، كما في الصَّحاح ، فهو مَصدرٌ بمعنَى المفعول .
( ونَهْبَانِ ) ، مُثَنَّى نَهْب : ( جَبَلانِ ) . في المعجم : قال عَرّام : نَهْبَانِ ، يُقابِل القُدْسينِ ، وهما جَبَلانِ ( بِتِهَامَةَ ) يُقَال : نَهْبٌ الأَعْلى ونَهْبٌ الأَسْفَلُ وهما لِمُزَيْنَةَ ولِبَني لَيْثٍ ، فيهما شِقْص ونباتُهما العَرْعَرُ والأَثْرارُ . وهما جَبلانِ مُرتفعانِ ، شاهقانِ ، كبيران . وفي نَهْبٍ الأَعْلَى في دُوارٍ من الأَرْض بئرٌ غزيرةُ الماءِ عليها مَباطخُ وبُقولٌ وتَخَلاتٌ ويقال لها ذُو خيمى ، وفيه أَو شالٌ وفي نهْب الأَسفل أَوشالٌ ، ويَفْرُقُ بين هاذينِ الجبليْنِ وبين قُدْسٍ ووَرِقانَ الطَّرِيقُ .
( و ) من المجاز : ( تَناهَبتِ الإِبِلُ الأَرضَ : أَخَذتْ منها بقَوَائِمِها ) أَخْذاً ( كَثيراً ) . وفي الأَساس : الإِبِلِ يَنْهَبْنَ السُّرَى ، ويَتَنَاهَبْنُه ، وهُنَّ نَواهِبُ ، وتَناهَبَتِ الأَرْضَ .
( و ) من المَجَاز أَيضاً : ( المُنَاهَبَةُ : المُبَارَاةُ في الحُضْرِ ) والجَرْيِ . يقال : ناهَبَ الفَرَسُ الفَرَس : بارَاه في حُضْرِه ، مُنَاهَبَةً . وجَوادٌ مُنَاهِبٌ . وتَنَاهَبَ الفَرَسانِ : ناهَبَ كلُّ واحدٍ منهما صاحِبَهُ ، وكذالك في غيرِ الفرَسِ وقال :
نَاهَبْتُهُمْ بِنَيْطَلٍ جَرُوفِ
كذا في الصَّحاح .
( و ) من المجَاز أَيضاً : ( نَهبُوهُ : تَنَاولُوه بكَلامِهِم ) . وعبارة الأَساس :
____________________

(4/320)


بلِسانِهم ، وأَغلَظُوا له ، ( كنَاهَبُوهُ ) مُنَاهبةً ، بمعنًى .
( و ) كذالك نَهَبَ ( الكَلْبُ ) : إِذا ( أَخَذَ بعُرْقوب الإِنسانِ ) ، يقال : لا تَدَعْ كَلْبَكَ يَنْهَب النّاسَ .
( و ) من المَجَاز أَيضاً : ( انْتَهَبَ الفَرَسُ الشَّوْطَ : اسْتَوْلَى عَلَيْه ) ، ويقال للفرَس الجَوادِ : إِنّه ليَنْتَهِبُ الغايَةَ والشَّوْطَ ، قال ذو الرُّمَّةِ :
والخَرْقُ دُونَ بَناتِ السَّهْب مُنْتَهَبُ
يَعْنِي في التَّبَارِي بين الظَّلِيمِ والنَّعامةِ .
( ومُنْهِبٌ ، كمُنْذِر : أَبو قَبِيلَة . وكَمِنْبَرٍ : فرَسُ عُوَيَّةَ ) بالضَّمِّ وتشديد التحتية ( ابْنِ سَلْمَى ) الضَّبِّيِّ ، كما نقله الصّاغانيُّ . ( و ) المنْهَبُ : ( الفرَسُ الفائِقُ في العَدْوِ ) ، على طرْح الزّائد ، أَو على أَنّه نُوهِبَ ، فتَهَبَ ؛ قال العَجّاجُ يَصِف عَيْراً وأُتُنَه :
وإِنْ تُنَاهِبْه تَجِدْه مِنْهَبَا
( و ) نَهِيبٌ ، ( كَأَمِيرٍ : ع ) ، قال في المعجم : كأَنّه فَعِيلٌ بمعنى مفعول .
( ومُنَاهِبٌ ) بالضَّمّ : ( فَرسٌ لِبَنِي ثَعْلَبةَ ) بْنِ يرْبُوع ، ( من وَلدِ الحَرونِ ) .
( والمُنْتَهَبُ ) ، بضمّ الميم وفتح الهاءِ : ( د ، قُرْبَ وادِي القُرَى ) . وفي المعجم : قَريةٌ في طَرَف سَلْمَى ، أَحَدِ جبَلَيْ طَيِّىءٍ .
ويومُ المُنْتَهَبِ من أَيّامِ طيِّىء وبها بِئرٌ ، يقَال لَهَا : الحُصيْلِيَّة ؛ قال :
لَمْ أَرَ يَوْماً مثلَ يَوْمِ المُنْتَهَبْ
أَكْثَرَ دَعْوَى سالبٍ ومُسْتَلَبْ
والمنْهوب : المَطْلوب المعجَّل .
( والمنْهوب : المَطْلوب المعجَّل ) .
( وزَيْدُ الخَيْلِ بْنُ مُنْهِبٍ ، كمُحْسِنٍ ، أَو ) هو زيد ( بْن مُهَلْهِلِ ) بْنِ زيدِ بْنِ مُنْهِبٍ ( النَّبْهانِيّ ) الطّائيّ الّذِي وفد على النَّبِيَّ ، صلى الله عليه وسلم وسَمَّاه زيدَ الخَيْر : ( صَحابِيٌّ ،
____________________

(4/321)


شاعِرٌ ) ، خَطيبٌ بَليغٌ ، جَوَاد . مات في آخِرِ خِلافةِ عُمَرَ ، رضِيَ الله عنه ، وقيل : قبلَ ذالك . وله ابنانِ : مِكْنَفٌ ، وحُرَيْثٌ ، يأْتي ذِكْرهما في محلِّهما .
نيب : ( *!النّاب ) مُذَكَّرٌ : من الأَسْنَان . قال ابْن سِيدَهْ : النّاب : ( السِّنُّ ) الّذِي ( خَلْفَ الرَّبَاعِيَة ، مُؤنَّثٌ ) لا غَيْر ، كما في المحكم . ولا فَرْقَ بينَ أَنْ يَكونَ لفظُها مُؤنَّثاً ، أَي يُسْتَعْمَل اسْتعْمَالَ الأَلفاظِ المؤنَّثة العارِيَةِ عن الهاءِ كنظائرِها ، أَو خاصَّة بالإناث من النُّوقِ ، لا تُطْلق على الجَمل ، كما سيأْتي . قال ابْنُ سِيده ، قال سِيبَوَيْه : أَمالوا *!ناباً ، في حَدِّ الرَّفْعِ ، تشْبِيهاً له بِأَلِفِ رمَى ، لأَنّها مُنقلبة عن ياءٍ وهو نادرٌ ؛ يعني أَنَّ الأَلِفَ المنقلبةَ عن الياءِ والواو ، إِنّما تُمَال إِذا كانت لاماً ، وذالك في الأَفعال خاصَّةً . وما جاءَ من هذا في الاسم نادر : وأَشدُّ منه ما كانت أَلِفُه منقلِبَةً عن ياءٍ عَيناً ، و ( ج :*! أَنْيُبٌ ) عن اللِّحْيَانيّ ، ( *!وأَنْيَابٌ ، *!ونُيُوب ) بالضَّمّ ، وهو شاذٌّ واردٌ على غير قياس ، لأَنّ فَعَلاً محَرّكةً ، لا يُجْمَع على فُعول . قال شيخنَا : وَبقِيَ عليه *!نِيُوب ، بالكسر ، لاِءَنَّه لغَةٌ في كلِّ جَمْع على فُعُول يائِيّ العينِ ، كبِيُوتٍ وعِيُوب ، ( *!وأَنايِيبُ ) عندَ سِيبَوَيْهِ ( جج ) ، أَي جمْعُ الجمعِ ، وقد سقطت هاذه العلامة من نسخة شيخنا ، فاعترضَ عليه . !
( و ) النّابُ : ( النّاقَةُ المُسِنَّةُ ) ، سَمَّوْها بذالك حين طال*!نابُها وعَظُمَ ، مؤَنَّثة أَيضاً وهو ممّا سُمِّيَ فيه الكُلُّ باسم الجزءِ . وتصغيرُ النّاب من الإِبِل : *!نُيَيْبٌ ، بغير هاءٍ ، وعلى هذا نحو قولهم للمرأَة : ما أَنتِ إِلاّ بُطَيْنٌ . ( كالنَّيُّوبِ ، كَتَنُّورٍ ) كذا في نسختنا ، ومثلهُ في نسخة شيخِنا . قال : وهو من غرائبه الّتي أَغفلها الجَمّاءُ الغَفِيرُ . وفي نسخةٍ أُخْرَى : *!كالنَّيُوبِ ، بالفتح ، وهو الصَّواب .
____________________

(4/322)


( وجَمْعُهُما ) معاً (*! أَنْيَابٌ *! ونُيُوبٌ ) بالضم ، ( *!ونِيبٌ ) بالكسر . فذهبَ سِيبَوَيْهِ إِلى أَنّ *!نِيباً جمعُ *!نابِ ، وقال : بَنَوْها على فُعْلٍ ، كما بَنَوا الدّارَ على فُعْل ، كراهِيَةَ نُيُوبٍ ؛ لأَنّها ضمَّة في ياءٍ ، وقبلَهَا ضَمَّة ، وبعدها واوٌ ، فكَرِهُوا ذالك . وقالوا فيها أَيضا :*! أَنيابٌ ، كقَدَمٍ وأَقْدامٍ ؛ هذا قولُه . قال ابْن سيدهْ : والذِي عندي أَن *!أَنْياباً جمعُ نابٍ ، على ما فعَلْت في هذا النحْو كقَدَمٍ وأَقدام ؛ وأَنص نِيباً جمع نَيُوبٍ ، كما حَكَى هو عن يُونُسَ أَنَّ من العرب مَن يقول صِيدٌ وبِيضٌ ، في جمع صَيُودٍ وبَيُوضٍ ، على من قال رُسْلٌ ، وهي التَّمِيميّة . ويُقَوِّي مَذهبَ سِيبَوَيْهِ أَنّ*! نِيباً ، لو كانت جمعَ *!نَيُوب لكانت خليقَةً *!بِنُيُبٍ ، كما قالوا في صَيُود صُيُدٌ ، وفي بَيُوضٍ بُيُضٌ ؛ لأَنهم لا يَكرهون في الياءِ من هاذا الضَّرب كما يكرهون في الواو ، لِخفّتها وثِقَلِ الواو ، فأَنْ لم يَقولوا نُيُبٌ ، دَليلٌ على أَنْ نِيباً جمع نابٍ ، كما ذهب إِليه سِيبَوَيْهِ ، وكلا المذهَبَيْن قِيَاسٌ إِذا صَحَّت نَيُوبٌ ، وإِلاّ *!فَنِيبٌ جمعُ نابٍ ، كما ذهب إِليه سيبويه ، قياساً على دُورٍ . كذا في لسان العرب . وفي الحديث : ( لَهُمْ مِنَ الصَّدَقَةِ الثِّلْبُ *!والنَّابُ ) . وفي الحديث أَنّه قال لقَيْسِ بْنِ عاصِمٍ : ( كَيْفَ أَنْتَ عندَ القِرَى ؟ قال : أُلْصِقُ*! بالنّابِ الفانيَةِ ) .
والجَمْع *!النِّيبُ . وفي المَثَل : ( لا أَفْعَلُ ذالِكَ ما حنَّتِ *!النِّيبُ ) . قال مَنظورُ بْنُ مَرْثَدٍ الفَقْعَسِيّ :
حَرَّقَها حَمْض بلاد فِلِّ
فمَا تَكَادُ نِيبُهَا تُوَلِّي
أَي : تَرْجِعُ من الضَّعْف ، وهو فُعْلٌ ، مِثْلُ أَسَدٍ وأُسْدٍ ، وإِنّمَا كسروا النُّونَ لِتسلم الياءُ . قال الجَوْهَرِيُّ : ولا يُقال للجَمَل : نابٌ ، قال سِيبَوَيْهِ : مِن العرب
____________________

(4/323)


مَن يقول في تصغير نابٍ : نُوَيْبٌ فيجيءُ بالواو ، لأَنّ هاذه الأَلفَ يَكثرُ انقلابُهاَ من الوَاوات . قال ابْنُ السَّرّاج : هاذا غلطٌ منه . هذا نصّ الصَّحاح في لسان العرب .
قال ابْن بَرِّيّ : ظاهِرُ هاذا اللَّفْظ أَنّ ابْنَ السَّرَّاج غَلَّط سيبويه ، فيما حكاه ، قال : وليس الأَمْرُ كذلك ، وإِنّمَا قوله : وهو غَلَطٌ مِنْهُ ، من تَتِمَّة كلامِ سِيبَوَيْهِ ، إِلاّ أَنّه قال : مِنْهُمْ ، وغَيَّرَهُ ابْن السَّرَّاج فقال : منه ، فإِنّ سيبويه قال : وهاذا غلطٌ منهم ، أَي : من العرب الَّذِين يقولونَهُ كذالك . وقول ابنِ السَّرَّاج غَلَطٌ منه ، هو بمعنى : غَلَط من قائله ، وهو من كلام سيبويه ، وليس من كلام ابْنِ السَّرَّاج ، انتهى .
قال شيخنَا : قلت : الظّاهرُ يُنَافِيه . نعم ، يُمْكِن حملُه على موافقةِ سيبويهِ بأَنَّ الجَوْهَرِيَّ نقل أَوَّلَ كلامِ سِيبَوَيْهِ أَوّلاً . وأَيَّده بكلامِ ابْنِ السَّرَّاج ، وقال ابْن السَّرَّاج قال هاذا الكلامَ الّذي نقله سِيبَوَيْه غَلَطٌ من قائله ، فيتَّفِقانِ على تغليظ المتكلّم بهاذه اللُّغَة ، ويكون كلام ابْنِ السَّرّاج موافِقاً لكلام سيبويهِ لا اعتراضَ ، ولا نقلَ عنه ، بالنسبة لِما في الصَّحاح كما هو ظاهر ، والله أَعلم .
وأَمّا دَعْوَى ابْنِ بَرِّيّ أَنّ ابْنَ السَّرَّاج نقل كلامَ سِيبويهِ بعَيْنه ، وأَنجه مُرادُ الجَوْهريّ ، فدُونَ إِثباتِه وأَخْذِه من هاذه الأَلْفاظ خَرْطُ القَتادِ ، وإِنْ نقله ابْن المُكَرَّم وسَلَّمَهُ ، فلا يَخْفَى ما فيه من التَّنَافُر وعدم تلاؤُم الأَطرافِ . انتهى . وهو تحقيقٌ حَسَنٌ .
( و ) النّابُ بْنُ حُنَيْف ( أَبُو لَيْلَى ) أَي : والدُها ( أُمِّ ) بالجرّ ، صفة لَيْلَى ، أَي : والِدُ لَيْلَى الّتي هي أُمُّ ( عِتْبانَ بْنِ مالِكٍ ) الصَّحابيّ المشهور ، إِمام مَسْجِدِ قُبَاءَ ، حدِيثه في الصَّحيحيْنِ ، لها صُحْبَةٌ أَيضاً .
( ونَهْر*!ناب ) : في نواحِي دُجيْل ( قُرْب أَوَانَى ) ، مقصوراً ، ( ببَغْدادَ ) .
( و ) من المَجَاز : النّابُ : ( سَيِّدُ القَوْمِ ) وكَبيرُهُم ، جمعُه *!أَنْيَابٌ ، وأَنشد أَبو بَكْرٍ قولَ جَمِيل :

____________________

(4/324)


رَمَى اللَّهُ في عَيْنيْ بُثَيْبَةَ بالقَذَى
وفي الغُرِّ من*! أَنْيَابِهَا بالقَوَادِحِ
قال : *!أَنْيَابُها : ساداتُها ، أَي : رَمَى اللَّهُ بالهَلاكِ والفَسَاد في أَنْيَاب قومِها وساداتِهَا ، إِذْ حالُوا بينَها وبين زِيارَتي . وقالت الكِنْدِيَّةُ تَرْثِي إِخْوَتَها :
هَوَتْ أُمُّهُمْ ما ذَامُهُمْ يَوْمَ صُرِّعُوا
بِبَيْسَانَ من أَنْيَابِ مَجْدِ تَصَرَّمَا
(*! والأَنْيَبُ : الغَلِيظُ النّابِ ) ، لا يَضْغَم شَيْئاً إِلاّ كَسَره ، عن ثعلب ؛ وأَنشد :
فقلْتَ تَعَلّمْ أَنَّنِي غَيْرُ نائِمٍ
إِلى مُسْتَقِلَ بالخِيانَةِ *!أَنْيَبَا
( *!ونِبْتُهُ ، كخِفْتُه : أَصَبْتُ*! نابَهُ ) ، وكذا نابَهُ*! يَنِيبُهُ .
( *!ونَيَّبَ السَّهْمَ ) ، بالتَّشديد : ( عَجَمَ عُودَهُ ) .
ويُقَال : ظَفَّرَ فيه السَّبُع .
( و ) *!نَيَّبَ : ( أَثَّرَ فيهِ*! بِنابِه ) ، وفي حديث زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ : ( أَنَّ ذِئْباً نَيَّبَ في شاة ، فذَبَحُوها ) أَي : أَنْشَبَ أَنْيابَهُ فيها ( و ) قال اللِّحْيَانيّ : نَيَّبَتِ ( النّاقَةُ : هَرِمَتْ ) ، وهي*! مُنَيِّبٌ . وفي الأَساس : صارتْ*! ناباً .
( و ) نَيَّبَ ( النَّبْتُ : خَرَجَتْ أَرُومَتُه ، *!كَتَنَيَّبَ ) ، وكذلك الشَّيْبُ . قال ابن سِيدَهْ : وأُراه على التَّشْبِيه بالنّاب ؛ قال مُضَرِّسٌ :
فقالَتْ أَمَا يَنْهَاكَ عن تَبَعِ الصِّبَا
مَعالِيكَ والشَّيبُ الّذي قد*! تَنَيَّبا
( وذو*! الأَنْيَابِ ) : لَقَبُ ( قَيْسِ بْن مَعْدِيكَرِبَ ) بْنِ عمرِو بْنِ السِّمْط .
( و ) أَيضاً : لَقَبُ ( سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ ) بْنِ عَبْدِ وُدًّ العامِريّ الصَّحَابيّ ، ( رَضِيَ الله ) تَعَالَى ( عَنْهُ ) ، أُمُّه حُبَّى بنت قَيْسِ الخُزَاعِيَّة . وكنْيَتُه أَبو يَزِيدَ ، أَحدُ أَشرافِ قرَيْشٍ وخُطبائِهم ، وكانَ أَعْلمَ الشّفةِ . كذا في المعجم .
( ) وممّا يُسْتَدْرَك عليهِ : نُيُوبٌ *!نُيَّبٌ ، على المُبَالغة ، قال :
____________________

(4/325)



مَجُوبَةٌ جَوْبَ الرَّحَى لم تُثْقَبِ
تَعَضُّ مِنها*! بالنُّيُوبِ النُّيَّبِ
واستعار بعضهم الأَنيابَ لِلشَّرّ وأَنشدَ :
أَفِرُّ حِذَارَ الشَّرّ والشَّرُّ تَارِكِي
وأَطْعُنُ في *!أَنْيَابِهِ وهْوَ كالِحُ
ومن المَجَاز : عَضَّتْهُ أَنيابُ الدَّهْرِ *!ونُيُوبُهُ .
وظَفَّرَ فلانٌ في كذا ، ونَيَّبَ : نَشِبَ فيه ، كذا في الأَساس .
2 ( فصل الواو ) 2
وأَب : ( *!الوَأْبُ ، بالفح ) قال شيخنا : ذِكْرُ الفتح مُسْتَدْرَكٌ : ( الضَّخْمُ ، والواسِعُ من القِدَاحِ ) . يقال : قَدَحٌ *!وَأْبٌ ، أَي : ضَخْمٌ واسع ، وكذالك إِناءٌ وَأْبٌ ، والجمع*! أَوْآبٌ .
( و ) الوَأْبُ ( مِنَ الحَوافِرِ : الشَّدِيدُ ، مُنْضَمُّ السَّنَابِكِ ، الخَفِيفُ ) . قال الأَزهريّ :*! وَأَبَ الحافِرُ *!يَئِبُ *! وَأْبَةً : إِذا انضَمَّتْ سنابِكُهُ . وإِنّهُ*! لَوَأْبُ الحوَافرِ . وحافِرٌ*! وأْبٌ : حَفِيظٌ ، ( أَو ) الوَأْبُ : الحافِرُ ( المُقَعَّبُ ، الكَثِيرُ الأَخْذِ من الأَرْض ) ، وعليه اقتصر الجوْهرِيّ .
وقَدَحٌ وَأْبٌ : ضَخْمٌ ، مُقَعَّبٌ ، واسِعٌ وأَنشد لأَبِي النَّجْم العِجْلِيّ :
بِكلِّ *!وَأْبٍ لِلْحَصَى رَضّاحَ
لَيْسَ بِمُصْطَرَ ولا فِرْشاحِ
( أَو ) الوَأْبُ : ( الجَيِّدُ القَدْرِ ) . وفي التّهْذيب : حافرٌ وَأْبٌ : إِذا كانَ قَدْراً ، لا واسِعاً عريضاً ، ولا مَصْرُوراً .
( و ) الوَأْب : ( الاسْتِحْيَاءُ ، والانْقِباضِ . وقد وَأَبَ يَئِبُ ) ، كوَعَدَ يَعِدُ ، وَأْباً ، و ( *!إِبَةً ) بالكسر ، كعِدَة .
( و ) يقال : الوَأْبُ : ( البَيرُ العَظِيم ) .
( و ) ناقَةٌ*! وأْبةٌ ، ( بِهاءٍ ) : قَصِيرةٌ عَرِيضة ، وكذلك المرأَة .
والوَأْبَة أَيضاً : ( النُّقْرَة في الصَّخْرَةِ ، تُمْسِك الماءَ ) ، ومثله في الصَّحاح .
( و ) الوَأْبَةُ ( مِنَ الآبارِ : الواسِعَةُ ،
____________________

(4/326)


البَعِيدَةُ ؛ أَو ) هي ( البعِيدَةُ القَعْرِ فَقَطْ ) . كذا في لسان العرب .
( *!والمُؤئِبَاتُ ) ، مثالُ المُوعِبَات : ( المُخْزِيات ) .
وَوأَبَ منْهُ ، *!واتَّأَبَ : خَزِيَ ، واسْتَحْيَا .
(*! وأَوْأَبَهُ ، فَعَلَ به فِعْلاً يُسْتَحْيَا مِنْه ) وأَنشد شَمرٌ :
وإِنِّي لَكَيْءٌ عن*! المُوئِباتِ
إِذا ما الرَّطِيءُ انْمَأَى مَرْثَؤُهْ
الرَّطِيءُ : الأَحْمَق ، ومَرْثؤهُ : حُمْقه .
( أَو ) أَوْأَبَهُ : ( أَغْضَبَهُ ) ، ويأْتِي ثُلاثِيُّه قريباً .
( أَو )*! أَوْأَبَهُ : إِذا ( رَدَّهُ بِخِزْيٍ عن حاجتِهِ ) ، كذا في النُّسَخِ . والَّذِي في تهذيب الأَفعال : عن صاحِبه ، وهي نسخة قديمة موثوقٌ بها ( *!كأَتْأَبه ) : رَدَّهُ بخزْيٍ وعارٍ . والتّاءُ في ذالك بدل من الواو .
( *!والإِبَة ) ، كعِدَةٍ : العَارُ ، قاله أَبو عُبيدٍ ، يقال : نَكَحَ فُلانٌ في*! إِبَةٍ . قال الجوهريُّ : هو العارُ ، وما يُسْتَحْيَا منه ، والهاءُ عِوَضٌ عن الواو . قال ذو الرُّمَّة :
إِذا المَرَئِيُّ شَبَّ له بَنَاتٌ
عَصَبْنَ بِرَأْسِهِ إِبَةً وعَارَا
( *!والتُّؤْبَة *!والمَوْئِبَة : كلُّه الخِزْيُ والعَارُ ، والحَيَاءُ ) ، والانقباضُ . قال أَبو عَمْرٍ و الشَّيْبَانيُّ : التُّؤَبَةُ : الاستِحياءُ وأَصلهَا *!وُأَبَةٌ ، مأْخوذٌ من الإِبَةِ ، وهي العَيْبُ . قال أَبو عمرٍ و : تَغَدَّى عندي أَعرابيٌّ فصيحٌ ، من بني أَسَد ، فلمَّا رفعَ يدَه ، قلتُ له : ازْدَدْ . فقال : واللَّهِ ما طَعامُك ، يا أَبا عَمرٍ و ، بذي*! تُؤَبَةٍ أَي : بطعامٍ يُسْتَحْيَا من أَكْله ، وأَصل التّاءِ واوٌ .
( و ) قد ( *!إتَّأَبَ ) الرَّجُل من الشَّيْءِ ، فهو*! مُتَّئِبٌ : إِذا ( خَزِيَ واسْتَحْيَا ) ، وهو
____________________

(4/327)


افتعل من وَأَبَ ، كاتَّعَدَ من وَعَدَ ، ثم وَقَعَ الإِبْدَال والإِدْغَام ، وهاذا لازمٌ ، والّذي سبقَ مُتعدَ . قال الأَعْشَى يَمدَح هَوْذَةَ بْنَ عليَ الحَنَفِيّ :
مَنْ يَلْقَ هَوْذَةَ يَسْجُدْ غَيْر*!َ مُتَّئِبٍ
إِذا تَعَمَّمَ فَوْقَ التّاجِ أَو وَضَعَا
وفي التّهذيب : هو افْتِعَالٌ ، من الإِبَةِ والوَأْب .
( و ) وَأَبَ يَئِبُ : إِذا أَنِفَ .
و ( وَئِبَ : غَضِبَ . وأَوْأَبَهُ غَيْرُه ) : أَغْضَبَهُ ، وقد تَقدَّمَ بعَينِه ، فهو كالتَّكرار .
( وقِدْرٌ ) وأْبَةٌ : واسعةٌ . وفي التَّهْذيب : قِدْرٌ ( *!وَئِيبةٌ ) ، على فَعِيلَة ، من الحافر الوَأْبِ ، أَو من بِئْرٍ وَأْبَةٍ ، أَي : ( قَعِيرَةٌ ) .
وقِدْرٌ وئِيَّةٌ ، بياءَينِ ، من الفَرسِ الوآةِ ، وسَيُذكَرُ في المعتلّ .
( ) وممّا يستدرك عليه :
إناءٌ وَأْبٌ : واسِعٌ . وحافر وَأْبٌ حَفِيظٌ .
*!والوَئِيبُ : الرَّغِيبُ .
*! والوَأْبَةُ : المُقارِبَة الخَلْقِ .
وبب : ( *!الوَبُّ ) : أَهمله الجَوْهريُّ ، وقال ابْن الأَعْرَابِيّ : هو ( التَّهَيُّؤ للحَمْلَةِ في الحَرْبِ ) ، يقا : هَبَّ ووَبَّ : إِذا تهَيَّأَ لها ، ( *!كالوَبْوَبَةِ ) . قال الأَزهريُّ : الأَصل في وَبَّ أَبَّ ، فقُلِبتَ الهمزةُ واواً ، وقد مضى .
وتب : ( *!وَتَبَ ) بالمُثَنّاة الفوقيّة ، وقد أَهمله الجَوْهَريُّ . وقال ابْن دُرَيْد : وَتَب (*!يَتِبُ *!وَتْباً ) : إِذا ( ثَبَتَ في المَكَانِ ، فلمْ يَزُلْ ) . وهاذه المادّة مكتوبة عندَنَا بالأَسْوَد ، بناءً على أَنّه ممّا ذكرها الجَوهريُّ ، وليس هو في الصّحاح ؛ بل أَهمله الأَكثرونَ ، وقيل : هو لثْغَةٌ .
وثب : (*! الوَثْبُ : الطَّفْرُ ) ، يقال : (*! وَثَبَ ، *!يثِبُ ،*! وَثْباً ) كالضَّرْب ، ( *!وَوَثَبَاناً ) مُحرَّكةً ، لِما فيه من الحَركةِ والاضْطرابِ
____________________

(4/328)


( *!ووُثُوباً ) ، بالضَّمّ على القياس ، ( *!ووِثَاباً ) بالكسر ؛ قال :
إِذا وَنَتِ الرِّكابُ جَرَى *!وِثابا
وأَثبَتَ الجماهيرُ أَنّه مصدرُ :*! وَاثَبَهُ *!مُوَاثَبَةً ، ولذا ضبطَه بعضُهم بالفتح ، وهو غيرُ صواب ، ( *!ووَثِيباً ) ، على فَعِيلٍ ، قال نافِع بْن لَقِيطٍ يَصِف كِبَرَهُ :
فمَا أُمِّي وأُمُّ الوَحْشِ لَمّا
تَفَرَّعَ في مَفارِقِيَ المَشِيبُ
فَمَا أَرْمِي فأَقْتَلَهَا بِسَهْمِي
ولا أَعْدُو فأُدْرِكَ *!بالوَثِيبِ
يقول : ما أَنَا والوَحش ؟ يعني الجَوارِيَ ، ونصَبَ أَقْتلَها وأُدْرِكَ ، على جوابِ الجَحْد بالفاءِ .
قال شيخنا : وممّا بَقِيَ على المصنِّف من مصادر هاذا البابِ :*! ثِبَةٌ ، كعِدَة ، وهي مَقِيسةٌ ، ذكرَها أَربابُ الأَفعال ، ونبّه عليها الشّيخ ابن مالك وغيرُهُ .
( و ) *!الوَثْبُ : ( القُعُود ، بلُغَةِ حِمْيَرَ ) خاصّةً ، يُقَال : ثِبْ ، أَي : اقْعُدْ . ودخَلَ رجلٌ من العرب على مَلِكٍ من مُلوك حِمْيَرَ ، فقال له الملك :*! ثِبْ ، أَي : اقْعُدْ .*! فوَثَبَ ، فتَكَسَّر . فقال : ليس عندَنَا عَرَبِيَّتْ كعربيَّتكم ، منْ دَخَلَ ظَفارِ حَمَّرَ . أَي : تَكَلَّم بالحِمْيَرِيّة . حكاه في المُزْهِر . وعَرَبِيَّتْ : يُرِيدُ العَرَبِيَّةَ ، فوقف على الهاءِ بالتاءِ ، وكذالك لغتهم ، قاله الجوهَريّ ، ونقله ابْنُ سِيدَهْ وابْن منظور ، زاد ابْنُ سيدَهْ في آخرِ الكلام : والفِعْلُ كالفِعْلِ .
( *!والوِثَابُ ، ككِتَابٍ : السَّرِيرُ ) ، وقيل : السَّرِيرُ الّذي لا يبْرَحُ الملِكُ عليه .
( و ) *!الوِثابُ بلغَتِهِم : ( الفِرَاشُ ) ، يقال :*! وَثَّبْتُهُ *!وِثَاباً ، أَي : فَرَشْتُ له
____________________

(4/329)


فِرَاشاً . ( أَو )*! الوِثَاب : ( المَقَاعِدُ ) ، فيكون الوِثَابُ جَمْعاً ، كما صرّحَ به بعضُهم ؛ قال أُميَّةُ :
بِإِذْنِ اللَّهِ فَاشْتَدَّتْ قُوَاهُمْ
على مَلْكَيْنِ وَهْيَ لَهُمْ وِثَابُ
يعني أَنّ السَّماءَ مقاعِدُ للملائكةِ ، كذا في الصَّحاح .
( *!والمَوْثَبَانُ ) بفتح الأَوّل والثّالث بلغتهم : ( المَلِكُ إِذا قَعَدَ ) ، ولَزِمَ الوِثَابَ ، أَي السَّرِيرَ ( ولم يَغْزُ ) . وبه لُقِّبَ عَمرُو بْن أَسْعد ، أَخو حسّانَ من مُلوكِ حِمْيَرَ ، لِلُزومِه الوِثَابَ ، وقِلَّةِ غَزْوِه ، كما قاله القُتَيْبِيُّ .
( *!والمِيثَبُ ، بكَسْرِ المِيمِ ) وفتح الثّاءِ المثلَّثة ، قالوا : ( الأَرْضُ السَّهْلَةُ ) ؛ ومنه قول الشّاعر يَصِف نَعامةً :
قَرِيرَة عَيْنٍ حِينَ فَضَّتْ بِخَطْمِها
خَرَاشِيَّ قَيْضٍ بين قَوْزٍ ومِيثَبِ
( و ) عن ابن الأَعْرَابيّ :*! المِيثَبُ : ( القافِزُ ، والجَالِسُ ) . ونقل عنه غير واحدٍ بتقديم الجالس على القافز .
( و ) في نوادر الأَعْراب : المِيثَبُ : ( ما ارتَفَعَ مِن ) ، وفي نسخة : عَن ( الأَرْضِ ) . قال ياقوت : وكُلُّه مِفْعَلٌ ، من وَثَبَ .
( و ) قال الأَصمَعِيُّ : المِيثَبُ : ( ماءٌ لِعُبَادَةَ ) بالحِجَاز . ( و ) المِيثَبُ ( ماءٌ لعُقَيْلٍ ) بنَجْد ثمَّ للمُنْتَفِق ، واسْمُهُ مُعَاويةُ بنُ عُقَيْل .
وقال غيرُهُ : مِيثَبٌ : وادٍ من أَوْدِيةِ الأَعْرَاضِ الّتي تَسِيل من الحِجاز في نَجْد ، اختلَطَ فيه عُقَيْلُ بْنُ كَعْب وزُبيْدٌ من اليمن .
( و ) مِيثَبٌ : ( مالٌ بالمَدِينَة ) الشَّرِيفة ، من ( إِحْدَى صَدَقاتِه ، صلى الله ) تعالى ( عليه وسَلَّمَ ) ، وله فيها سَبعةُ حِيطانٍ ، كان أَوْصَى بها مُخَيْرِيقٌ اليهوديُّ للنَّبيّ ، صلى الله عليه وسلم وكان أَسلَمَ . فلمّا حضرتْه الوفاةُ ، وَصَّى بها لرسولِ الله ، صلى الله عليه
____________________

(4/330)


وسلم وأَسماءُ هاذه الحِيطانِ : بَرْقَةُ ،*! ومِيثَبُ ، والصّافَةُ ، وأَعْواف ، وحَسْنَى والزَّلال ومشْرَبَةُ أُمّ إِبراهِيمَ . كذا في المعْجم . ( هكذا وقَعَ في كتبِ اللُّغَة ) ، بل وفي أَسماءِ المواضع والبِقاع ، كالمراصدِ ، والمُعْجَم لياقوت ، وغيرِهما ومُصَنَّفاتِ أَبي عُبَيْد . ( و ) قوله : ( هُوَ غَلَطٌ صَرِيحٌ ) ، فيه ما فيه ؛ لاِءَنّه ليس له في تخطئته نَصٌّ صحيح . ( و ) قوله : ( الصَّوابُ مِيثٌ ، كَمِيل ) مأْخوذ ( من الأَرْضِ المَيْثاءِ ) وهي السَّهْلَة ، لا يَنهَض دليلاً على ما قالَه ، بل المُعْتَمَدُ ما ذهب إِليه الأَئمّة . وقد سبَقَ الكلامُ عليه . وأَيضاً هاذا الّذِي ادّعاهُ أَنَّه الصَّواب ، إِنّما هو ذو المِيثِ : موضعٌ بِعَقيقِ المدينة .
( و ) المِيثَبُ : ( ع بِمَكَّةَ ) المُشرَّفةِ ( عند غَدِير خُمَ ) ، هاكذا في النُّسَخ ، والصَّوابُ : عندَ بِئرِ خُمّ ، كذا في المعجم ، وذالك لأَنَّ خُمَّ بئرٌ جاهليٌّ بمَكَّةَ ، وثَمَّ شِعْبُ خُمّ يَتَدَلَّى على أَجْياد الكبير . وأَمّا الّذِي يُضَاف إِليه الغَديرُ ، فإِنّه دُونَ الجُحْفَة ، على مِيلٍ ، وسيأْتي بيان ذلك في مَحلّه . وفي اللّسان : اسمُ موضعٍ ، ولم يُقَيِّدْ ؛ قال النّابغةُ الجَهْدِيُّ :
أَتاهُنَّ أَنَّ مِياهَ الذُّهابِ
فالأْوْرَقِ فالمِلْحِ فالمِيثَبِ
( و ) عن أَبي عَمرٍ و : المِيثَبُ : ( الجَدْوَلُ ) .
(*! ومَوْثبٌ ، كمَجْلِسٍ ، ومَقْعد ) ، الفتح رواه ابْنُ حَبيبٍ : ( ع ) ، قال أَبو دُوَادٍ الإِيادِيُّ :
تَرْقَى ويرْفعُها السَّرابُ كأَنَّها
من عُمْ مَوْثِبَ أَوْ ضِنَاكِ خَدادِ
عُمّ ، أَي طِوال ، وضِناك ، أَي ضخْم . وقيل : العُمّ : النَّخْلُ الطِوالُ ، والضِنَاكُ : شَجرٌ عَظِيمٌ ، كذا في المُعْجَم .
( و ) تقولُ : ( *!وَثَّبَهُ *!تَوْثِيباً ) ، أَي ( أَقْعَدَه على وِسَادَةٍ ) .
____________________

(4/331)



( و )*! وَثَبَ *!وَثْبَةً وَاحِدَةً ،*! وأَوْثَبْتُه أَنا ، *!وأَوْثَبَهُ المَوْضِعَ : جعلَهُ *!يَثِبُه .
و (*! وَاثَبَهُ : ساوَرَهُ ) ، هاكَذا بالسين المُهْملَة ، ومثلُه في الصَّحاح ، وفي أُخرى بالمُعْجَمَة ، وهو غلط .
( و ) ربّمَا قالُوا (*! وَثَّبَهُ وِسَادَةً )*! تَوْثِيباً ، هاكذا في نسختنا مضبوط بالتّشديد ، وفي غيرها ، ثلاثيّاً ، كوَعَدَ : ( إِذا طَرَحَها لَهُ ) ، ليَقْعُد عليها . وفي حديثِ فارِعةَ أُخْتِ أُمَيَّة بْنِ أَبي الصَّلْتِ ، قالت : ( قَدِمَ أَخي من سَفَرٍ ، فوَثَبَ على سَرِيرِي ) ، أَي : قَعَد عليه ، واستَقَرَّ .
*!والوُثُوبُ في غَيْرِ لُغَةِ حِمْيَرَ : النُّهوضُ والقيام . وقَدِمَ عامرُ بْنُ الطُّفَيْل على سيّدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم فوَثَّب له وِسادةً ، أَي : أَقعَدَه عليها . وفي رواية : *!فوَثَّبَهُ وِسادَةً ، أَي : أَلقاها له . كذا في لسان العرب ، وبه تَعلَمُ أَنّ قولَ شيخِنا : وقد كثَرَ استعمالُ العامَّةِ *!الوُثوبَ في معنى المُبَادَرَةِ للشَّيْءِ والمُسارَعةِ إِليه ، ليس في أُمَّهات اللُّغَة ما يساعِدُهُ ، يَدُلُّ على عدمِ اطِّلاعه لِما نَقَلْنَاهُ . وفي حديث عليّ ، رضِيَ الله عنه ، يومَ صِفِّينَ : ( قَدَّمَ للوَثْبَةِ يَداً وللنُّكُوص رِجْلاً ) أَي : إِنْ أَصابَ فُرْصةً ، نهَضَ إِليها ، وإِلاّ رجَعَ وتَرَكَ .
( و ) من المَجَاز : ( *!تَوَثَّب ) فلانٌ ( في ضَيْعَتِي ) . وعبارةُ الصِّحاح : في ضيعةٍ لي ، أَي ( اسْتَوْلَى علَيْها ظُلْماً ) . وفي الأَساس :*! تَوَثَّبَ على مَنْزِلته ،*! وتَوَثَّبَ على أَخِيهِ في أَرْضِه استولَى عليها ظُلْماً . وفي لسان العرب : في حديثِ هُذَيْلٍ : ( *!أَيتَوَثَّبُ أَبو بكر على وَصِيّ رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ودَّ أَبو بكْر أَنّهُ وَجَدَ عهْداً ، من رسولِ الله ، صلى الله عليه وسلم وأَنَّهُ خُزِمَ أَنْفُهُ بخِزامَةٍ ) ، أَي أَيَسْتَوْلي عليه ويظلِمُهُ ؟ معناه : لو كان عليٌّ ، رَضِيَ الله عنه ، معهوداً إِليه بالخِلافة ، لكان في أَبي بكرٍ ، رَضِيَ الله عنه ، من الطّاعَة والانقياد إِليه ما يكون في الجمَل الذَّليلِ المُنْقاد بخِزامَتهِ .
____________________

(4/332)



(*! والثُّبة ، كَحُمَةٍ : الجَمَاعَةُ ) ، وقد تقدّم البحث فيه في ثوب .
(*! والوَثَبَى ، كجَمَزَى ) ، من الوَثْب ، وهي ( *!الوَثَّابَة ) ، أَي : سَريعة الوَثْبِ ، نقله الصّاغانيُّ .
( ) ومما يستدرك عليه :
*! واثَبَهُ ،*! ووَثَبَ إِليه . وظَبْيٌ*! وثّابٌ .
ويَحْيَى بْنُ*! وَثَّابٍ المُقْرِىءُ الكُوفيّ ، مات سنة ثلاثٍ ومِائَة . وقال الذَّهَبِيُّ : مَوْلَى بَنِي أَسَد ، عن ابْن عَبّاس وابْنِ عُمَرَ .
ومن المَجَاز : *!وَثَبَ إِلى الشَّرَف وَثْبَةً .
وفَرَسٌ وَثَّابَةٌ : سريعةُ الوَثْبِ .
وجب : ( *!وَجَب ) الشَّيْءُ ، (*! يَجِبُ ، *!وُجُوباً ) بالضَّمّ ، ( *!وجِبَةً ) كعِدَةٍ . قال شيخُنَا : هو أَيضاً مَقِيسٌ في مثله . قلتُ : هاذا المصدرُ ، إِنَّمَا ذكره الجَوْهَرِيُّ في وَجَب البَيْعُ *!يَجِبُ *!جِبَةً . واقتصر هُنا على *!الوُجُوبِ : ( لَزِمَ ) . وفي التَّلْوِيح : الوُجُوبُ في اللُّغة ، إِنّما هو الثُّبُوتُ . قُلتُ : وهو قريبٌ من اللُّزُوم . وفي الحديث : ( غُسْلُ الجُمُعَةِ*! واجِبٌ على كُلّ مُحْتَلِمٍ ) . قال ابْنُ الأَثِيرِ : قال الخَطَّابِيّ : معناه :*! وُجُوبُ الاختِيارِ والاستحباب دُونَ وُجُوبَ الفَرْضِ واللُّزُوم ؛ وإِنَّمَا شَبَّهه بالواجِب تأْكيداً ، كما يَقُولُ الرَّجُلُ لصاحبِه : حَقُّكَ عليَّ واجِبٌ . وكانَ الحَسَنُ يراهُ لازماً ، وحُكِي ذالك عن مالِكٍ . يُقَالُ : *!وَجَبَ الشَّيْءُ *!وُجُوباً : إِذا ثَبَتَ ولَزِمَ .
*!والواجِبُ والفَرْضُ ، عندَ الشّافعيّ ، سواءٌ ، وهو كُلُّ ما يُعاقَبُ على تَرْكِه . وفَرَقَ بينَهُمَا أَبو حَنِيفَةَ ، فالفرضُ عندَهُ آكَدُ من الوَاجب .
( *!وأَوْجَبه ) هو ، ( *!ووَجَّبَهُ ) مُضَعَّفاً ، نقل ابْنُ القَطّاع إِنكاه عن جماعة . ( و ) وَجَبَ البيعُ يَجِبُ *!جِبَةً ، *! وأَوْجَبْتُ البيعَ *! فوَجَبَ . وقال اللِّحْيَانيُّ : وَجَبَ البَيعُ جِبَةً *! ووُجُوباً ، وقد ( أَوْجَبَ لَكَ البَيْعَ ) ، أَو أَوْجَبَهُ هو *!إِيجاباً . كلُّ ذالك عن اللِّحْيانيّ .
____________________

(4/333)



*! وواجَبَهُ البَيْعَ ، (*! مُوَاجَبَةً ، *!ووِجَاباً ) بالكسر ، عنه أَيضاً . ولمّا كان هاذا من تَتِمَّة كلام اللِّحْيَانيّ ، واختصره ، ظَنَّ شيخُنا أَنّه أَرادَ بهما مَصدرَيْ أَوْجبَ ، فقال : هاذا التّصريفُ ، لا يُعْرَفُ في الدَّواوين ، ولا تَقتضيه قَواعدُ ، إِلى آخرِ ما قاله .
وبَعِيدٌ على مثل المصنِّف أَن يَغْفُلَ في مثل هاذا . وغايةُ ما يُقَالُ إِنّه أَجْحَفَ في كلام اللِّحْيَانيّ ، كما تقدَّمَ .
( و ) أَوْجَبه اللَّهُ ، ( واسْتَوْجَبَه : اسْتَحَقَّهُ ) .
وهو مُسْتَوْجِبُ الحَمْدِ ، أَي : وَلِيُّهُ ، ومُسْتحِقُّهُ .
( *!والوَجِيبَةُ : الوَظِيفَةُ ) ، وهي ما يُعَوِّدُهُ الإِنسانُ على نَفْسِه ، كاللاّزِم والثّابت . والذي في الأَساس : *!الوَجْبَةُ ، وسيأْتي ، وعلى الأَوَّل يكون من زياداته .
( و ) عن أَبي عمرٍ و : *!الوَجِيبَةُ : ( أَنْ *! تُوجِبَ البَيْعَ ، ثم تَأْخُذَهُ أَوَّلاً فَأَوَّلاً ) ، وقيل : على أَنْ تَأْخُذَ منه بعضاً في كلِّ يومٍ ( حَتَّى تَسْتَوْفِيَ*! وَجِيبَتَكَ ) .
وفي الحديث : ( إِذا كان البيعُ عن خِيارٍ فقد *!وَجَبَ ) ، أَي : تَمَّ ونَفَذَ . يقال : وَجَبَ البَيعُ *!وُجُوباً ، وأَوْجَبَهُ*! إِيجَاباً : أَي لَزِمَ وأَلْزَمَهُ ، يعني : إِذا قال بعدَ العَقْدِ : اخْتَرْ رَدَّ البَيْعِ ، أَو إِنْفَاذَهُ ، فاخْتَارَ الإِنْفَاذَ ، لَزِمَ وإِنْ لم يَفْتَرِقَا .
(*! والمُوجِبَةُ : الكَبِيرَةُ من الذُّنُوبِ ) الّتي *! يُسْتَوْجَبُ بها العَذابُ . ( و ) قيل : إِنَّ *!المُوجِبَةَ تكونُ ( من الحَسَنَات ) والسَّيِّئات ، وهي ( الَّتِي تُوجِبُ النّارَ ، أَو الجَنَّةَ ) ، ففيه لَفٌّ ونَشْرٌ مُرتَّبٌ . وفي الحديث : ( اللَّهُمَّ ، إِنّي أَسأَلُكَ *! مُوجِبَاتِ رَحْمَتِك ) .
( *!وأَوْجَبَ ) الرَّجُلَ : ( أَتَى بِهَا ) ، أَي *!بالمُوجِبَةِ من الحسنات والسَّيِّئات ، أَو عَمِل عَمَلاً *! يُوجِبُ له الجَنَّةَ ، أَو النّارَ ، ومنه الحديث : ( مَنْ فَعَلَ كَذَا وكَذا ، فقد *! أَوْجَبَ ) وفي حديث مُعَاذٍ :
____________________

(4/334)


( أَوْجَبَ ذُو الثَّلاثَةِ والاثْنَيْنِ ) ، أَي : من قَدَّم ثلاثةً من الوَلَد ، أَو اثنَيْنِ ، *!وَجَبتْ له الجَنَّةُ . وفي حديثٍ آخَرَ : ( أَنَّ قوماً أَتَوُا النَّبِيَّ ، صلى الله عليه وسلم فقالُوا : يا رسولَ اللَّهِ ، إِنَّ صاحباً لنا أَوْجَبَ ) ، أَي : رَكِبَ خَطِيئةً *!استوجب بها النّارَ ) ، ( فقال : مُرُوهُ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً ) .
(*! وَوَجَبَ ) الحائطُ ، (*! يَجِبُ ، *! وَجْبَةً ) ، *!ووَجْباً : ( سَقَطَ ) . وقال اللِّحْيَانِيُّ : وَجَبَ البَيتُ ، وكُلُّ شَيْءٍ : سَقَطَ ، وَجْباً ، ووَجْبةً . ووَجَبَ *! وَجْبَةً : سقَطَ إِلى الأَرْض ، ليس الفَعْلَةُ فيه للمَرَّة الواحدة ، إِنّما هو مصدر *! كالوُجُوب . وفي حديثِ سَعِيد : ( لولا أَصْواتُ السّافِرَةِ لَسَمِعْتُمْ وَجْبَةَ الشَّمْسِ ) ، أَي : سُقُوطَها مع المَغِيب . وفي حديثِ صِلَةَ : ( فإِذا *!بِوَجْبَةٍ ) وهي صوتُ السُّقُوط . وفي المَثَل : ( بكَ *! الوَجْبَةُ . وبِجَنْبِه فَلْتَكُنِ الوَجْبَةُ ) . وقولُه تعالى : { فَإِذَا *!وَجَبَتْ جُنُوبُهَا } ( الحج : 36 ) ، قيل : معناه : سَقطتْ جُنُوبُها إِلى الأَرْض وقيل : خَرجتْ أَنْفُسُها فسَقَطَتْ هي ، { فَكُلُواْ مِنْهَا } .
( و ) وَجَبَتِ ( الشَّمْسُ ، وَجْباً ،*! ووُجوباً : غابَتْ ) ، الأَوّل عن ثعلب .
( و ) وَجَبَتِ ( العَيْنُ : غارَتْ ) ، على المَثَل ، فهو مجازٌ .
( و ) وَجَبَ ( عنه : رَدَّهُ ) ، وفي نوادر الأَعْرَاب : *!وَجَبْتُهُ عن كَذَا ، ووَكَبْتُهُ : إِذا رَدَدْتَهُ عنه ، حَتَّى طالَ وُجُوبُهُ ووُكُوبُهُ عنْهُ .
( و ) وَجَب ( القَلْبُ ) ، يَجِبُ ، ( وَجْباً ،*! ووَجِيباً ) ، ووُجُوباً ، ( *!ووَجَبَاناً ) محرَّكَةً : ( خَفَقَ ) ، واضطَربَ . وقال ثعلب : وَجَبَ القَلْبُ *! وَجِيباً ، فقط . وفي حديث عليَ : ( سَمِعْتُ لها وَجْبِةَ قَلْبِهِ ) ، أَي خَفَقَانَهُ . وفي حديث أَبي عُبَيْدَةَ
____________________

(4/335)


ومُعَاذِ : ( إِنَّا نُحَذِّرُكَ يَوْماً تَجِبُ فيه القُلُوبُ ) .
(*!وأَوْجَب اللَّهُ تَعَالى قَلْبَهُ ) ، عن اللِّحْيَانيّ وَحْدَهُ .
( و ) قال ثعلب : وَجَبَ الرَّجُلُ ، بالتَّخْفيف : ( أَكَلَ أَكْلَةً واحِدَةً في النَّهارِ ) . وعبارةُ الفَصِيح : في اليوم ، وهو أَحسنُ ، لِعُمُومِه .
ووَجَبَ أَهلَهُ : فَعَلَ بهم ذالك ، ( *!كَأَوْجَبَ ،*!ووَجَّبَ ) ، بالتَّشْديد . وهو مَجازٌ .
( و ) وَجَبَ الرَّجُلُ ، وُجُوباً : ( ماتَ ) قال قَيْسُ بن الخَطِيمِ يَصِفُ حَرباً وقَعتْ بينَ الأَوْسِ والخَزْرَجِ يَوْمَ بُعَاثٍ :
وَيَوْمَ بُعَاثٍ أَسْلَمَتْنَا سُيُوفُنا
إِلَى نَسَبٍ في جِذْمِ غَسّانَ ثاقِبِ
أَطاعَتْ بنُو عَوْفٍ أَمِيراً نَهَاهُمُ
عن السِّلْمِ ، حَتَّى كانَ أَوّلَ *!وَاجِبِ
أَي : أَوّلَ مَيّتٍ . وفي الحديث : ( أَنّ النّبيَّ ، صلى الله عليه وسلم جاءَ يعودُ عبدَ اللَّهِ بْنَ ثابِتٍ ، فوجَدَهُ قد غُلِبَ ، فاسْتَرْجَع ، وقال : غُلِبْنَا عليك ، يا أَبَا الرَّبِيعِ . فصاح النِّسَاءُ وبَكَيْنَ فجعَلَ ابْنُ عَتِيك يُسَكِّتُهُنَّ ، فقال رسولُ اللَّهِ ، صلى الله عليه وسلم دَعْهُنَّ ، فإِذا وَجَبَ ، فلا تَبْكِيَنَّ باكيةٌ ، فقالوا : ما *!الوُجُوبُ ؟ قال : إِذا ماتَ ) . وفي حديثِ أَبي بكر ، رضي الله عنه : ( فإِذا وَجَبَ ونَصَبَ عُمْرُه ) . وأَصْلُ الوُجُوبِ : السُّقوطُ والوُقوع وزادَ الجَوْهَرِيُّ بعدَ إِنشادِ البيت : ويقَالُ للقتيل : واجِبٌ .
( و ) قال اللِّحْيَانيّ : ( وَجَّبَ ) فُلانٌ نَفْسَه ، و ( عِيَالَه ، وفَرَسَه ) ، أَي : ( عَوَّدَهُمْ أَكْلَةً واحِدَةً ) في النَّهار . وأَوْجَبَ هُو : إِذا كان يأْكُلُ مرَّةً . وعن أَبي زيد :*!وَجَّبَ فلانٌ عِيالَهُ ،*!تَوْجِيباً ، إِذا جَعَلَ قُوتَهُمْ كلَّ يومٍ وَجْبَةً .
( و ) وَجَّبَ ( النّاقَةَ ) ، تَوجِيباً : ( لَمْ يَحْلُبْها في اليومِ واللَّيْلَةِ إِلاّ مَرَّةً
____________________

(4/336)


واحِدَةً ) . ومثلُه في لسان العرب .
(*! والوَجْبُ ) ، بفتح فسكون : ( النّاقَة الَّتِي يَنْعَقِدُ اللِّبأُ في ضَرْعِهَا ) ، وذا من زياداته (*! كالمُوَجِّبِ ) ، على صيغة اسْمِ الفاعل ، من التَّوجيب . يقال :*! وَجَّبَتِ الإِبِلُ : إِذا أَيبست .
( و ) الوَجْبُ : ( سِقاءٌ عَظِيمٌ من جِلْدِ تَيْسٍ ) وافرٍ ، و ( ج *!وِجَابٌ ) ، بالكَسر ، حكاه أَبو حنيفةَ .
( و ) الوَجْبُ : ( أَحْمَقُ ) عن الزَّجّاجِيّ . ( و ) هو أَيضاً : ( الجَبَانُ ) ، وهو في الصَّحاح ، قال الأَخطل :
عَمُوس الدُّجَى تَنْشَقُّ عن مُتَضَرِّمٍ
طَلُوب الأَعَادِي لا سَؤُوم ولا وَجْب
قال ابْنُ بَرِّيّ في حواشيه : صوابُ إِنشادِه : ( ولا وجْبِ ) بالخَفْضِ ، أَي : لاِءَنَّ القصيدةَ مجرورة وقال الأَخطل أَيضاً :
أَخُو الحَرْبِ ضَرّاها وليسَ بِنَاكِلٍ
جَبَانٍ ولا وجْبِ الجَنَانِ ثَقِيلِ
(*! كالوَجّابِ ) ، أَنشد ثعلب :
أَوْ أَقْدَمُوا يوماً فأَنْتَ وَجّابْ
( *!والوَجّابَةُ ، مُشَدَّدَتَيْنِ ) ، عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ ؛ وأَنشد :
ولَسْتُ بدُمَّيْجَةٍ في الفِراشِ
وَوَجّابَةٍ يَحْتَمِي أَنْ يُجِيبَا
قال : وَجَّابةٌ ، أَي : فَرِقٌ . ودُمَّيْجَةٌ : يَنْدمِجُ في الفِرَاش .
*!والمُوجِّبُ ؛ عنه ، أَيضاً ، وأَنشد :
فجاءَ عوْدٌ خِنْدِفِيٌّ قَشْعُمهْ
مُوجِّبٌ عارِي الضُّلُوعِ جِرْضِمُهُ
____________________

(4/337)



( وقد وَجُبَ ) الرَّجُلُ ، ( ككَرُمَ ، وُجُوبَةً ) بالضَّمّ .
( و ) الوَجبُ : ( الخَطَرُ ، وهو السَّبَق ) محرّكةً فيهما ( الَّذِي يُناضَلُ عَلَيْهِ ) ، عن اللِّحْيَانيّ .
وقد وَجَبَ الوَجْبُ ، وَجْباً . وأَوْجَبَ عَليهِ : غَلَبَهُ على الوَجبِ .
وعن ابْنِ الأَعْرَابيّ : الوَجبُ والقَرعُ : الذي يُوضَعُ في النِّضال والرِّهَان ، فمَنْ سبَقَ أَخذه .
*!وتَواجَبُوا : تَراهَنُوا ، كأَنّ بعضَهم أَوجَبَ على بعضٍ شيئاً .
( و ) في الصَّحاح : ( الوَجْبَة : السَّقْطَةُ مع الهَدّةِ ) . ووَجَبَ وَجْبَةً : سَقَطَ إِلى الأَرْض ، ليست الفَعْلَةُ فيه للمَرَّة الواحدة . إِنّمَا هو مصدرٌ كالوُجُوب . وفي حديثِ سَعيد : ( لولا أَصْوَاتُ السّافِرَةِ ، لَسَمِعْتُمْ وَجْبَة الشَّمْسِ ) ، أَي : سُقُوطَها مع المغيب . ( أَو ) الوَجْبَةُ ( صَوْتُ السّاقِطِ ) يَسْقُطُ ، فتُسْمَعُ له هَدَّةٌ . في حديثِ صلَةَ : ( فإِذا *! بوَجْبَةٍ ) ، وهي صوت السُّقُوط .
( و ) في الحديث : ( كُنْتُ آكُلُ الوَجْبَة ، وأَنجُو الوَقْعَة ) . الوَجْبَةُ : ( الأَكْلَةُ في اليوم واللَّيْلَةِ ) مَرَّةً واحِدةً . ( أَوْ أَكْلَةٌ في اليَوْمِ إِلى مِثْلِها من الغدِ ) ، يُقَالُ : هو يأْكل الوَجْبَةَ ، وهاذا عن ثعلب . وقال اللِّحْيَانيُّ : هو يأْكُل وَجْبةً . كُلُّ ذالك مصدرٌ ، لأَنّه ضربٌ من الأَكل . قلتُ ، وسيأْتي في وقع عن ابْن الأَعْرَابيّ وابن السِّكِّيت أَوضحُ من ذلك .
وقد *!وَجَّبَ نَفْسَه*! توجِيباً إِذا عَوَّدَها ذالك ، وكذا وَجَّبَ لِنَفْسِه . وفي التهذيب : فُلانٌ يأْكُلُ *! وَجْبَةَ ، أَي : أَكْلَةً واحِدَةً . وعن أَبي زَيْدٍ : المُوَجِّب : الّذِي يأْكُلُ في اليوم والليلةِ مرّةً واحدةً . يقال : فلانٌ يأْكُلُ وَجْبَةً . وفي حديث الحَسن في كَفّارةِ اليمينِ : ( يُطْعِمُ عَشْرَةَ مساكِينَ وَجْبَةً واحدةً ) . وفي
____________________

(4/338)


حديث خالدِ بنِ مَعْدانَ : ( مَنْ أَجابَ وَجْبَةَ خِتَانٍ غُفِرَ له ) . كذا في لسان العرب .
( والتَّوْجِيب : الإِعْيَاءُ وانْعِقَاد اللِّبَإِ في الضِّرْعِ ) ، وقد تقدَّمَ .
(*! ومُوجِبٌ ، كمُوسِرٍ : د ، بين القُدْسِ والبَلْقَاءِ ) ، ومثلُه في المعجم وغيرِه .
( و ) مُوجِبٌ : ( اسْمٌ ) من أَسماءِ ( المُحرَّمِ ) ، عادِيّةٌ .
(*!والوِجَاب ) ، بالكسر : ( مَنَاقِعُ الماءِ ) ، وهو جَمعُ *! وَجْبٍ ، وهو : ما يَبْقَى فيه الماءُ ، ولذالك فُسِّر بالجمع كما لا يَخْفَى .
وممّا يستدرَكُ عليه :
المَوْجِب : مَصدرُ : وَجَبَ يَجِبُ ، وهو المَوْتُ ؛ قال هُدْبَةُ بْنُ خَشْرَمٍ :
فَقُلْتُ له لا تُبْكِ عَيْنَكَ إِنّه
بِكَفَّيَّ ما لاَقَيْتُ إِذْ حانَ مَوْجِبِي
أَراد *!بالمَوْجِب مَوْتَه . يقالُ : وَجَبَ *!مَوْجِباً : إِذا ماتَ . وفي الصَّحاح : خرَجَ القومُ إِلى *!مَوَاجِبِهم ، أَي : مَصارِعِهِمْ .
وَوَجَبَتِ الإِبِلُ ، *!ووَجَّبَتْ : إِذا لم تَكَدْ تَقوم عن مَبارِكِها ، كأَنَّ ذالك من السُّقُوطِ . ويقَالُ للبَعيرِ إِذا بَرَكَ وضَرَبَ بنَفْسِه الأَرْضَ : قد وَجَّبَ تَوْجِيباً .
*!والمُوَجِّب ، كمُحَدِّثٍ ، من الدَّوابِّ : الّذِي يَفزَعُ من كلّ شَيْءٍ ، عن ابْن سِيدَهْ . وقال أَبو منصور : لا أَعْرِفُهُ .
والمُوَجِّبُ ، كمُحَدِّثٍ : النّاقةُ الّتي لا تَنبعِثُ سِمَناً .
وفي كِتَاب يافِع ويَفَعَة : وَجَبَ البَيعُ وَجُوباً ، كالوَاو الّتي في الوَلُوع .
وحب : ( *!الوُحابُ ، بالضَّمّ ) ، والحاء مهملة : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وصاحِبُ اللِّسَان . وقال الصّاغانيُّ : ( داءٌ يأْخُذُ الإِبِلَ ) ، ومن المُحَشِّينَ من ضَبَطَهُ بالجِيم ، وهو من البُعْدِ بمَكانٍ .

____________________

(4/339)


ودب : (*! الوَدَبُ ) ، بالدّال المهملة : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، والصّاغانيُّ . وفي اللِّسَان : هو ( سُوءُ الحالِ ) .
وذب : (*! الوِذابُ ، بالكَسْر ) : أَهمله الجَوْهَرِيّ ، وفي اللِّسان والتَّكْمِلَة : هي ( الكَرِشُ ) ، على وِزَان كَتِف . وفي بعض الأُمهات : الأَكْراش ( والأَمْعاءُ ) الّتي ( يُجْعَلُ فيها اللَّبَنُ ثم تُقَطَّعُ ) كالوِذَام . قال ابْنُ سيده : ( لا وَاحِدَ لَها ) ، ولم أَسْمَعْ . قال الأَفْوَهُ :
وَوَلَّوْا هارِبِين بكُلِّ فَجَ
كَأَنَّ خُصَاهُمُ قِطَعُ *!الوِذَابِ
( و ) الوِذابُ ، أَيضاً : ( خُربُ ) ، على وزان صُرَدٍ ، جمع خُرْبَةٍ ؛ وفي بعض نُسَخ الأُمّهات : خُرَزُ ( المَزادَةِ ) ومَآلُهُمَا إِلى وَاحِدٍ .
ورب : ( *!الوَرْبُ : وِجَارُ الوَحْشِ ) كذا في النُّسَخ ، وفي بعض الأُمَّهات : الوَحْشِيّ ، بزيادةَ الياءِ .
( و ) الوَرْبُ : ( مَا بَيْنَ الضِّلَعَيْنِ ) هاكَذا في النُّسَخ ، ولم أَجِدْهُ ، ولَعَلَّهُ ما بَيْنَ إِصْبَعَينِ ، بدليل قول ابْنِ منظورٍ في اللِّسَان ،*! والوَرْبُ : قيلَ : هو ما بَيْنَ الأَصابِع . فصُحِّفَ على الكاتب .
( و ) الوَرْبُ : ( العُضْوُ ) يقال : عُضْوٌ *!مُوَرَّبٌ ، أَي : مُوَفَّرٌ . قال أَبو منصور : المعروفُ في كلامهم : الإِرْبُ : العُضْوُ ؛ قال : ولا أُنْكِرُ أَن يكونَ الوِرْبُ لُغةً ، كما يقولونَ للمِيرَاث : وِرْثٌ ، وإِرْثٌ .
( و ) *!الوَرْبُ : ( الفِتْرُ ) بينَ السَّبّابة والإِبْهام ، نقله الصّاغانيُّ .
( و ) الوَرْبُ : ( الاسْتُ ، كالوَرْبَةِ ) ، بالهاءِ .
*!والوَرْبَةُ أَيضاً : الحُفْرَةُ الّتي في أَسفلِ الجَنْبِ ، يعني الخاصِرةَ .
( و ) الوَرْبُ : ( فَمُ جُحْرِ الفَأْرَةِ ، و ) فَمُ جُحْرِ ( العَقْرَبِ ) ، نقلهما الصّاغانيُّ . ( ج ) أَي جمع الكُلِّ (*! أَوْرابٌ ) .
____________________

(4/340)



( و ) الوِرْب ، ( بالكَسْرِ . لُغَةٌ في الإِرْبِ ) بمعنى العُضْوِ . وقد تقدَّم النَّقْلُ عن أَبي منصورٍ فيما يَتعلّقُ به .
( و ) الوَرَب : الفَسادُ .
والوَرِبُ : ( ككَتِف : الفاسِدُ ) .
( و ) الوَرِبُ : ( المُسْتَرْخِي ) الواهِي ( من السَّحابِ ) ، قال أَبو وَجْزَةَ :
وقَدْ تَذَكَّرَ عِلْمَ الدَّهْرِ من شَبِمٍ
صابَتْ بهِ دُفَعاتُ اللاّمِعِ الوَرِبِ
صابَتْ تَصُوبُ : وقَعَتْ .
( و ) عن ابْنِ الأَعْرَابيّ : ( *!التَّوْرِيبُ : أَنْ تُوَرِّيَ عن الشَّيْءِ بالمُعَارَضاتِ ) و ( المُبَاحَاتِ ) .
( *!ووَرِبَ ) الرَّجُلُ ، ( كَوجِل : فسد ، فهو ) وَرِبٌ : فاسد . ووَرِبَ العِرْقُ ، *!يَوْرَبُ *!وَرَباً ، و ( عِرْقٌ *!وَرِبٌ ) : فاسِدٌ ؛ قال أَبو ذَرَّةَ الهُذَلِيُّ :
إِنْ يَنْتَسِبْ يُنْسَبْ إِلى عِرْقٍ وَرِبْ
أَهْلِ خَزُوماتٍ وشَحَّاج صَخِبْ
( و ) عن اللَّيْث : ( *!المُوَارَبَة : المُداهاةُ والمُخَاتَلَة ) . وقال بعضُ الحُكماءِ : *!مُوَارَبَةُ الأَرِيبِ لا يُخْدَعُ عن عقله . قال أَبو منصور : المُوَارَبَةُ مأْخُوذةٌ من الإِرْبِ ، وهو الدّهاءُ ، فحُوِّلَتِ الهمزة واواً . وفي الحديث : ( وإِنْ بايَعْتَهُم *!وارَبُوكَ ) ، قال ابنُ الأَثِير : أَي خادَعوك ، من *!الوِرْبِ ، وهو الفَسادُ ؛ قال : ويجوزُ أَن يكونَ من الإِرْب ، وهو الدّهاءُ ، وقَلَبَ الهمزةَ واواً . كذا في لسان العرب .
وزب : (*! وَزَبَ الماءُ ) ، وعبارة التّهْذِيب : الشَّيْءُ ، (*! يَزِبُ ، *!وُزُوباً ) : إِذا ( سالَ ، ومنهُ *!المِيزَابُ ، أَو هو فارِسِيٌّ
____________________

(4/341)


معرَّب ، ومثلُه في كتاب المُعَرَّب للجواليقي . وفي الصَّحاح : المِئزابُ : المِشْعَبُ ، فارسيٌّ مُعَرَّب ، أَي : مُرَكَّبٌ من ( ميزْ ) و ( آبْ ) ، ( ومَعْنَاهُ : بَلِ الماءَ ، فَعرَّبُوه بالهَمْزَة ، ولهذا جَمَعُوه مآزِيبَ ) ، ورُبَّمَا لم يُهْمَزْ ، فيكون جمعُه موازِيبَ . وفي الصَّحاح :*! مَيازِيبُ ، بالياءِ ، وبالواو هو القِياس ، لِزَوال العِلَّة ، كما قالُوا : مَواعِيدُ ومَوازِينُ . وفي التَّوْشِيح : هو ما يسيلُ منهُ الماءُ مِن مَوضع عالٍ .
( *!والوَزَّابُ ، كَكَتَّانٍ : اللِّصُّ الحاذِقُ ) ، لسُرْعةِ سَيَلانِه كالماءِ الجارِي .
(*! وأَوْزَبَ في الأَرْضِ : ذَهَبَ فِيها ) كما ذَهبَ الماءُ . وهاذه عن الفَرّاءِ ، وكِلاهُما من المَجَاز .
وسب : ( *!الوِسْبُ ، بالكَسْر : النَّبَاتُ ) ، يقال : ( *!وسَبَتِ الأَرْضُ ، *!تَسِبُ ) ،*! وَسْباً : ( كَثُرَ عُشْبُها ) ويَبِيسُهَا ، ( *!كَأَوْسَبَتْ ) ، رُبَاعيّاً .
( و ) *!الوَسْبُ ، ( بالفَتح : خَشَبٌ يُجْعَلُ ) وفي بعض النُّسَخ : يُوضَع ( في أَسفلِ البِئرِ إِذا كانَ تُرَابُها مُنْهَالاً ) ، فيمنَعه منه ، نقله الصّاغانيُّ . ويُسَمِّيهِ أَهلُ مِصْرَ : الخِنْزِيرَةَ ، ولا يكون إِلاّ من الجُمَّيْزِ ، كما هو معروف . ( ج *!وُسُوبٌ ) بالضَّمّ .
( و ) عن ابن الأَعْرَابيّ : الوَسَبُ ، ( بالتحْرِيكِ : الوَسَخُ . وقد وَسِبَ ، كفَرِحَ ) ،*! وَسَباً ؛ وَوَكِبَ وَكَباً ؛ وحشِنَ حَشَناً ، بمعنًى واحدٍ .
( وَكَبْشٌ *!مُوسِبٌ ، كمُوسِرٍ ) : إِذا كَان ( كَثِير الصُّوفِ ) ، عن ابن دُرَيْد ، وهو على التَّشبيه بالأَرْضِ الكثيرةِ العُشْبِ .
____________________

(4/342)



(*! والمِيسَابُ ) ، كمِيزَان : ( المُجَزِّعُ من الرُّطَبِ ) ، نقله الصّاغانيّ .
( *!ووَسْبَى ، كسَكْرَى : ماءٌ لِبَنِي سُلَيْم ) في لِحْفِ أُبْلَى . وهو مُرْتَجَلٌ . كذا في معجم البلدان لياقوت ، وهكذا ذكره عَرّام .
وشب : (*! الوَشْبُ : من قولِهِمْ تَمْرَةٌ *!وَشْبَةٌ ) وفي نسخةٍ : *!وَشْبَاءُ ، أَي : ( غَلِيظَةُ اللِّحَاءِ ) ، يَمَانِيَةٌ نقله ابْنُ دُرَيْد .
( *!والأَوْشَابُ ) : هم ( الأَوْبَاش ) من النّاس ، ( والأَخْلاَطُ ) ، وهم الضُّرُوبُ المتفرِّقُون ، ( واحِدُهُ ) ، وفي بعض الأُمّهات : واحِدُهُمْ ، نظراً إِلى الجمع ، (*! وِشْبٌ ، بالكسر ) . وفي حديث الحُدَيْبِيَةِ : قال لَهُ عُرْوةُ بن مَسعود الثَّقَفِيُّ : ( وإِنِّي لأَرَى أَشْوَاباً من النّاس لخَلِيقٌ أَنْ يَفِرُّوا ويَدَعُوكَ ) ؛ الأَشْوَابُ ،*! والأَوْشَابُ ، والأَوْبَاشُ : الأَخْلاطُ من النّاسِ ، والرَّعَاعُ . وقرأْت في كتاب المُعرَّب للجَوالِيقي أَنّ الأَشْوَابَ مُعرَّب . فإِنّ أَصلَه آشُوبْ ، وهي فارسيّة . فلمّا كَثُرَ استعمالُهُ ، جَمَعوه على أَوْشَابٍ ، وقد تقدّم في الأَشَائِبِ ، وسيأْتي في وبش .
وصب : (*! الوَصَبُ ، محرَّكَةً : المَرَضُ ) ، وقيل : الأَلَمُ الشّدِيدُ ، وقيل : الأَلمُ الدّائمُ . وقيلَ :*! الوَصَبُ : المَرَضُ ، والنَّصَبُ : التَّعَبُ والمَشقَّة ، كما تقدَّم .*! والوَصَبُ : دَوامُ الوَجَعِ ولُزُومُه . وقال ابْنُ دُرَيْدٍ : الوَصَبُ : نُحُولُ الجِسمِ مِن تَعَبٍ أَو مَرَضٍ . ( ج أَوْصَابٌ ) على القِيَاس ، كَمَرَضٍ وأَمْرَاض . ( *!وَصِبَ ، كفَرِحَ ) ،*! يَوْصَبُ ، *!وَصَباً ، (*! ووَصَّبَ )*! تَوْصِيباً ، ( *!وتَوَصَّبَ ،*! وأَوْصَبَ ) وهاذه عن الزَّجَّاج ، ( وهوَ )*! واصِبٌ . *!والأَوْصَابُ : الأَسْقَام ، الوَاحِدُ وَصَبٌ . ورجلٌ نَصِبٌ ( *!وَصِبٌ ، من ) قومٍ (*! وَصَابَى *!ووِصَابٍ ) بالكسر .
( *!وأَوْصَبَهُ ) الدَّاءُ : أَسْقَمَهُ . وأَوْصَبَهُ ( اللَّهُ ) تعالى : ( أَمْرَضَهُ ) .
( و )*! أَوْصَبَ ( القَوْمُ على الشَّيْءِ )
____________________

(4/343)


وأَوْبَرُوا عليه : ( ثابَرُوا ) ، ويُقال : واظَبَ على الشَّيْءِ ووَاصَبَ عليه : إِذا ثابَرَ عليه .
( و ) أَوْصَبَ ( الرَّجُلُ : وُلِدَ له أَولادٌ وَصَابَى ) ، أَي : مَرْضَى ؛ قاله الفَرّاءُ . والّذِي في تهذيب الأَفعال ، لابنِ القَطّاع : وأَوصَبَ القَومُ : أَتْعَبَ المرضُ أَولادَهُم .
( و ) قال أَبو حنيفةَ : وَصَبَ الشَّحْمُ دامَ .
*! وأَوْصَبَتِ ( النّاقَةُ الشَّحْمَ ) ، برفْعِ الأَول ونَصْب الثّاني ، وضُبِط في بعض النُّسَخ بالعكس : ( نَبَتَ شَحْمُها ) ، وكانت مع ذلك باقِيَةَ السِّمَنِ .
(*! ووَصَبَ ) الشَّيْءُ ، (*! يَصِبُ ،*! وُصُوباً ) أَي : إِذا ( دامَ وثَبَتَ ) . *!والوُصُوبُ : دَيْمُومَةُ الشَّيْءِ ، ( *!كأَوْصَبَ ) ؛ وفي التَّنْزِيل العزيز : { وَلَهُ الدّينُ*! وَاصِبًا } ( النحل : 52 ) ، قال أَبو إِسحاقَ قيل في معناه : دائباً ، أَي : طاعتُه دائمةٌ واجِبةٌ أَبداً . ويجوزُ ، والله أَعلم ، أَن يكونَ { وَلَهُ الدّينُ *!وَاصِبًا } ، أَي : لَهُ الدِّينُ والطّاعَةُ ، رضِيَ العَبدُ بما يُؤْمَرُ به أَو لَمْ يَرْضَ به ، سهُلَ عليه أَوْ لم يَسْهُل ، فله الدِّينُ وإِنْ كان فيه الوَصَبُ .*! والوَصَبُ : شِدَّةُ التَّعَب . وفيه : { وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ } ( الصافات : 9 ) ، أَي : دائمٌ ، ثابتٌ . وقيل : مُوجِعٌ . قال مُلَيْح :
تَنَبَّهْ لِبَرْقِ آخِرَ اللَّبْلِ*! مُوصِب
رَفِيعِ السَّنا يبْدُو لنا ثُمَّ يَنْضُبُ
أَي : دائمٌ . ومنه : وَصَبَ الشَّحْمُ ، وقد تقدّم ، فيكون من المجاز .
( و ) وَصَب ( على الأَمْرِ ) : إِذا ( وَاظَب ) عليه .
ووَصَبَ الرجُلُ في مالِه ، وعلى مالِه ، يَصِبُ ، كوَعَدَ يَعِدُ ، وهو القِياس .
ووَصِبَ ، يَصِب ، بكسر الصّاد فيهما جميعاً ، نادرٌ : إِذا لَزِمَهُ ، ( وأَحْسَنَ القِيَامَ عَلَيْهِ ) ، كِلاهُمَا عن كُراع ، وقَدَّمَ النّادرَ على القِياس ، ولم يذكر اللُّغَويون : وَصِبَ يَصِبُ ،
____________________

(4/344)


مع مَا حَكَوْا مِنْ : وَثِقَ يَثِقُ ، ووَمِقَ يَمِقُ ، ووَفِقَ يَفِقُ ، وسائره .
( ومَفازَةٌ *!واصِبةٌ : بَعِيدةٌ جِدّاً ) ، وذالك إِذا كانت لا غايةَ لها . وفي الأَساسِ : لا تَكادُ تَنتهِي لبُعْدها .
( *!والوَصْبُ : ما بيْنَ البِنْصِرِ إِلى السَّبّابَةِ ) ، وذا من زِيادته .
( و ) *!أَوْصَبُه اللَّهُ ، فهو *!مُوصَبٌ ، كَمُكْرَمٍ .
و ( *!المُوَصَّبُ ، كمُعَظَّمٍ : الكَثِيرُ الأَوْجَاعِ ) هاكذا عبارةُ الجوهَرِيُّ . وفي حديث عائشةَ ، رَضِي الله عنها : ( أَنا *! وَصَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ ، صلى الله عليه وسلم أَي : مَرَّضْتَهُ في وَصَبِه .
*! والوَصَبُ : دَوامُ الوَجَعِ ولُزومُه ، كمَرَّضْتُه ، من المرض ، أَي : دَبَّرْتُه في مَرضه . وقد يُطْلَقُ الوَصَبُ على التَّعَبِ والفُتورِ في البَدَن . وفي حديث فارِعة أُخْتِ أُمَيَّة ، قالت له : ( هَلْ تَجِدُ شَيْئاً ؟ قالَ : لا ، إِلاّ *!تَوْصِيباً ) ، أَي : فُتوراً . وفي الأَساس :*! وأَتَوَصَّبُ : أَجِدُ وجَعاً . وفي بَدَنِي تَوَصُّبٌ .
ووَصَبَ لَبنُ الناقة : دامَ .*! وأَوْصبَت الناقةُ ، *!ووَاصَبَتْ ، وهي*! مُوصِبَةٌ *!ومُوَاصِبَةٌ ، انتهى .
( ) وممّا استدركه شيخنا على المُصَنِّف :
*! وَصّابٌ : بَطنٌ من حِمْيَرَ ، نُسِب إِليه عَمْرُو بْن حَفص*!- الوَصّابيُّ ، وأُمُّ الدَّرْدَاءِ الصُّغرَى المُخْتَلَف في صحبتها وهي : خَيْرَةَ ، أَو هِجَيْمَة *!الوَصّابيّة ، ويقال : الأَصَّابِيّة ، أَشار إِليها في الأَصابَة ، وذَكرَها الجَلالُ في طبقات الحُفّاظ . ونُسِبَ إِلى هاذا البطن جماعاتٌ ، كما في أَنسابِ ابنِ الأَثِيرِ ، انتهى .
قلتُ : قال ابْنُ الكَلْبيّ : في حِمْيَرَ
____________________

(4/345)


فَضْلُ بنُ سَهْل بنِ عَمْرِو بن قَيْسِ بنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ جُشَمَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ . وزاد الهَمْدَانيُّ بينَ سَهْلٍ وعَمْرٍ و : زَيْداً ، وابْنُ الكَلْبيّ جعلَ زيداً أَخا سهْل ، وهو أَخو وَصّابٍ أَيضاً . ثمّ قال الهَمْدانيّ : والمُجمَع عليه أَن*!وَصّاباً ابنُ مالكِ بنِ زَيْدِ بْنِ سَدَدِ بن زُرْعَةَ بنِ سَبَإِ الأَصغر ، منهم : ثُوَيْبٌ أَبو الرّشد الحِمصيّ ، ذكره ابْنُ أَبي حاتِم . وقال ابن الأَثِير ؛ وصّاب بن سَهْل ، أَخو جبلان بن سَهْلٍ الّذِي يُنْسَب إِليه الجبلانيّون ، وهما من حِمْيَر . كذا في أَنساب البُلْبَيْسِيّ .
ووُصَابٌ ، كغُرَابٍ ، ويُقَالُ : أُصَابٌ اسْمُ جبَل يُحَاذِي زَبِيدَ باليَمَن ، وفيه عِدّةُ بلادٍ وقُرًى وحُصُون ، وأَهله عُصاةٌ ، لا طاعةَ عليهم لسُلْطَان اليمن ، إِلاَّ عَنْوَةً معاناةً من السُّلطان لِذالك كذا في المعْجَمِ لياقُوت . قلْت : والآنَ في قَبْضة سُلطان اليَمَن ، يَدِينُونَهُ ويَدْفَعُون له العُشْرَ والخَراجَ وحُصونُهم عاليةٌ جدّاً ، منها : جبلُ المصباح ، وغيرُهُ .
ثمّ إِنّي رأَيتُ أَبا الفِدَاءِ إِسماعِيلَ بْن إِبراهيمَ ذكر في كتابه : الأَوْصابِيَّ منسوباً بلفظ الجمع ، وقال : إِلى أَوْصَاب بالفَتْح ، قبيلة من حِمْيَرَ . منها : أُمُّ الدَّرْدَاءِ ، واسمُها هُجَيْمة الأَوْصابِيَّة ، وهي الصُّغْرَى ، تُوِفِّيَتْ بعدَ سنةِ إِحْدَى وثَمانينَ . ونقلَ ذالك عن أُسْدِ الغابة . وكانت من فُضَلاءِ النِّساء . وذكر الحافِظُ تَقِيُّ الدّين في المعجم : أَنَّ الصَّحِيح أَنْ لا صُحْبَةَ لها ، والله أَعلمُ .
وطب : ( *!الوَطْبُ : سِقَاءُ اللَّبَنِ ) زاد في الصَّحاح : خاصَّة . وفي مجمع البحار ، وغيره : الوَطْبُ : الزِّقُّ الّذي يكونُ فيه السَّمْنُ واللَّبنُ ، ( وهُوَ جِلد الجَذَعِ ) محرّكةً ، ( فما فَوْقَهُ ) . قاله ابْنُ السِّكِّيتِ ، قال : ويُقَالُ لجِلْد الرَّضِيع الّذِي يُجْعَلُ فيه اللَّبَنُ : شَكْوَةٌ ، ولجِلْدِ الفَطِيم : بَدْرَةٌ ، ويقال لِمِثْل الشَّكْوَةِ ممّا يكونُ فيه السَّمْنُ : عُكَّةٌ ، ولمثْل
____________________

(4/346)


البَدْرَةِ : المِسْأَدُ . و ( ج ) الوَطْب في القِلَّةِ : (*! أَوْطُبٌ ، و ) الكثيرُ (*! وِطَابٌ ) قال امْرُؤُ القَيْسِ :
وأَفْلَتَهُنَّ عِلْبَاءُ جَرِيضاً
فلو أَدْرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطابُ
وسيأْتي قريباً ؛ ( *!وأَوْطابٌ ) شاذٌّ في فَعْل بالفتح . وتَساهلوا في المعتلّ منه ، كأَوْهامٍ وأَسْياف ، ونحوِهِما . ( وجج ) ، أَي : جمع الجمع (*! أَواطِبُ ) ، جمعُ *!أَوْطُبٍ ، كَأَكالِب في أَكْلُبٍ .
( و ) من المَجَاز : الوَطْب : ( الرَّجُلُ الجافي . والثَّدْيُ العَظِيمُ ) ، تَشبيهاً بوَطْب اللَّبَن .
(*! والوَطْبَاءُ ) : المرأَةُ ( العَظِيمَةُ الثَّدْيِ ) كأَنَّهَا ذاتُ وَطْبٍ ، أَي : تَحْمِلُ*! وَطْباً من اللَّبَن .
( و ) يُقَال للرَّجُلِ : ( صَفِرَتْ *!وِطَابُهُ ، أَي ) : إِذا ( ماتَ ، أَو قُتِلَ ) . وقيل : إِنّهُمْ يَعْنُونَ بذالك خُروجَ دَمِه من جَسدِه . وقيل : معنَى صَفِرَ*! الوِطَابُ : خَلاَ أَسَاقيه من الأَلبان الّتي تُحْقَنُ بها ، لأَنَّ نَعَمَه أُغِيرَ عليها ، فلم يَبْقَ له حَلُوبةٌ ؛ وقال تَأَبَّط شرّاً :
أَقُولُ لِلِحْيانٍ وقد صَفِرَتْ لَهُمْ
*!-وِطابي ويَوْمِي ضَيِّقُ الحَجْرِ مُعْوِرُ
جعل رُوحَهُ بمنزلة اللَّبَن الَّذي في الوِطاب ، وجعل الوَطْبَ بمنزلةِ الجسدِ ، فصار خُلُوُّ الجسد من الرُّوح كخُلُوّ الوَطْب من اللَّبن .
*! والطِّبَةُ ، بالتّخْفيف : القِطعةُ المرتفعةُ ، أَو المستديرةُ من الأَدَم لغة في *!الطِّبَّة وقال ابن سيدَه : لا أَدري أَهُو محذُوف الفَاءِ ، أَم محذُوف اللام ، فإِن كان محذوفَ الفاءِ ، فهو من الوَطْب ، وإِنْ كان محذوفَ اللاّم ، فهو من : طَبَيْتُ ، وطَبَوْتُ ؛ أَي : دَعَوتُ . والمعروف : الطِّبّةُ ، بالتَّشْدِيد ، وفي تقدَّم في موضِعه . وفي حديثِ عبدِ اللَّهِ بن بُسْرٍ : ( نَزَل رسولُ اللَّهِ ، صلى الله عليه وسلم على أَبِي ، فقَرَّبْنا
____________________

(4/347)


إِليه طعاماً ، وجاءَه *!بوَطْبَةِ ، فأَكَلَ منها ) هاكذا في كتاب أَبي مسعودٍ الدِّمشْقيّ وأَبي بكر البَرْقانِيّ . قال النَّضْر : الوَطْبَةُ : الحَيْسُ ، يجمع بينَ التَّمْرِ والأَقِط والسَّمْن . ونقله عن شُعْبَةَ ، على الصِّحَّة ، بالوَاو . ورواه الحُمَيْدِيُّ في كتاب مُسْلِمٍ بالرّاءِ ، وهو تصحيفٌ وفي أُخْرَى : ( بوطيئة في باب الهمزة ، وقال : وهي طَعَامٌ يُتَّخَذُ من التَّمْر ، كالحَيْسِ . ويُرْوَى بالبَاءِ المُوَحَّدة . وقيل : هو تَصحِيفٌ .
وظب : (*! وظَبَ عليه ،*! يَظِبُ ،*!وُظُوباً ) بالضَّمّ : ( دَامَ ) ، عن اللّيْث . ( أَو ) وَظَبَ عليه ،*! ووَظَبَهُ ، *!يَظِبُهُ ،*! وُظُوباً : ( دَاوَمَهُ ، ولَزِمَهُ ، وتَعَهَّدَهُ ، *!كوَاظَبَ ) *!مُوَاظَبَةً . وقد يَتَعَدَّى وَاظَبَ بنفْسه ، حَمْلاً على لازَمَ ، لأَنّهُ نظيرُه ، أَشارَ له ابْنُ الكمال ، في شرح مفتاح السَّكَّاكيّ عندَ قوله : وفتخار بمُواظَبتِها . وقال السَّعْدُ : الصَّوابُ : *!بالمُوَاظبة عليها . انظره في شرح شيخنا . قال أَبو زيد : الموَاظَبة : المثابَرة على الشَّيْءِ ، والمداومة عليه . قال اللِّحْيَانيُّ : يُقَالُ : فُلانٌ مُوَاكِظٌ على كَذا وكذا . وواكِظٌ *!وواظِبٌ *!ومُوَاظِبٌ ، بمعنًى واحدٍ ، أَي : مُثابِرٌ . وفي حديثِ أَنَسٍ : ( كُنَّ أُمَّهاتِي *!يُوَاظِبْنَنِي على خِدْمته ) ، أَي : يَحمِلنني ويَبعثنَني على ملازمةِ خدْمَته ، والمُداومة عليها .
( وأَرْضٌ *!مَوْظُوبَةٌ ) ، ورَوضَةٌ مَوظُوبةٌ : ( تُدُووِلَتْ بالرَّعْيِ ) وتُعُهِّدَت ( فَلَمْ ) ، وفي غيرِهِ من الأُمَّهَات : حتّى لم ( يَبْقَ فيها كَلأُ ) .
ويُقَال : واد مَوْظوبٌ : مَعرُوكٌ . وفي
____________________

(4/348)


المُحْكَم : يقال للرَّوضة إِذا أُلِحَّ عليها في الرَّعْيِ قد وُظِبَتْ ، فهي مَوظوبةٌ .
( و ) فلانٌ *!يَظِبُ على الشَّيْءِ *!ويُوَاظِبُ عليه .
و ( رَجُلٌ *!مَوْظُوبٌ : تَدَاوَلَتِ النّوَائِبُ مالَهُ ) ، وأَنْشَدَ الجوهَريُّ لسَلاَمةَ بْنِ جَنْدَلٍ :
كُنّا نَحُلُّ إِذا هَبَّتْ شَآمِيَةٌ
بِكُلِّ وادٍ جَدِيبِ البَطْنِ مَوْظُوبِ
هاكذا في نُسَخ الصَّحَاح ، وفي هامشها : قال ابْنُ بَرِّيّ : صوابُ إِنشادِه : ( حَطِيبِ البَطْنِ مَجْذُوبِ ) ، والّذي فيه : ( موظوب ) بعدَهُ :
شِيبِ المَبَارِكِ مَدْرُوسٍ مَدَافِعُهُ
هابِي المَراغِ قَلِيلِ الوَدْق مَوْظُوبِ
وقد استشهد به غيرُ الجوهَرِيّ هَنا . والمجدوبُ : المُجْدِبُ ، ويقالُ : المَعِيبُ ، من قولِهم : جَدَبْتُهُ ، أَي : عِبْتُهُ . وشِيبُ المَبَارِك : بِيضُ المَبَارِكِ ، لِجُدُوبته . والمَدَافِعُ : موضع السَّيْلِ . ودُرِسَتْ : أَي دُقَّتْ ، يعني مَدافِعَ الماءِ إِلى الأَوْديَة الّتي هي مَنابتُ العُشْب . قد جَفَّتْ ، وأُكلَ نبتُها ، وصار ترابُها هابياً وهابِي المَراغِ : مثلُ هابِي التُّرابِ ، لا يتمَرَّغُ به بعيرٌ قد تُرِكَ . وقال ابنُ السِّكّيت في قوله مَوظوب : قد وُظِبَ عليه عليه حتَّى أُكِلَ ما فيه .
(*!ومَوْظَبُ ، كمَقْعَدٍ ) : أَرْضٌ معروفَة ، وقال أَبو العَلاءِ : هو ( ع ) ، مَبْرَكُ إِبِل بني سَعْدٍ ( قُرْبَ مكَّةَ ) المُشَرَّفة وهو ( شاذٌّ ، كمَوْرَقٍ ) ، وسيأْتي في موضعِه مع نَظائره ، وكقولهم : ادْخُلُوا مَوْحَدَ مَوْحدَ ؛ قال ابْنُ سِيدَهْ : وإِنّمَا حقُّ هاذا كلِّه الكسرُ ؛ لأَنّ آتِي الفِعْل منه إِنّما هُو على يَعِلُ ، كيَعِدُ ؛
____________________

(4/349)


قال خِداشُ بنُ زُهيْرٍ العامريُّ ، وهو جاهليٌّ ، ونقله الجوهريُّ عن ابن الأَعرابيّ :
كذبْت عليْكُم أَوْعِدُونِي وعَلِّلُوا
بِيَ الأَرضَ والأَقوامَ قِرْدَانَ*! مَوْظَبَا
يعني عليكُم بي وبهِجائي ، يا قِرْدانَ مَوْظَب ، إِذا كنتُ في سَفَر فاقْطعُوا بذكرى الأَرْضَ . قال : وهاذا نادرٌ ، وقياسه : *!مَوْظِباً . وفي المعجم : هو شاذٌّ في القِياس ، لأَنّ كلّ ما كان من الكلام فاؤُه حَرفُ عِلَّة ، فإِن المَفْعل منه مكسور العين ، مثل موْعِدٍ ومَوْجِل ومَوْرِدٍ ، إِلاّ ما شذَّ من مَوْرَق ، اسمُ موضع ، مَوْكَل ، ومَوْهَب ، ومَوْظَب ، ومَوْحَد مَوْحَد ، في العدد ، انتهى . وقد تقدَّم إِنشادُ هاذا البيت في كذب .
( *!والوَظْبةُ : جَهازُ ذاتِ الحافِرِ ) ، وعن الفَرّاءِ . وفي لسان العرب : *!الوظْبةُ : الحَياءُ من ذوات الحافر . وهما واحدٌ ، فإِنّ الجَهاز ، بالفَتْح : الحَياءُ ، كما يأْتي له .
( *!والمِيظَبُ ) ، بالكَسْر : ( الظُّرَرُ ) ، بالضَّمّ : نوع من الحِجَارة ، كما يأْتي وأَنشد ابنُ الفَرَج للأَغْلَب العِجْلِيّ :
كَأَنَّ تَحْتَ خُفِّها الوَهّاصِ
*!مِيظَبَ أُكْمٍ نِيطَ بالمِلاصِ
( *!والوَظْبُ : الوَطْءُ ) ، ومنه أَرضٌ مَوظوبةٌ : إِذا وُطِئتْ وتُدُووِلَتْ ، وقد تقدمَ .
وعب : (*! وعَبَهُ ، كوَعَدَهُ ) ،*! يَعِبُ ،*! وَعْباً : ( أَخَذَهُ أَجْمَعَ ،*! كأَوْعَبَهُ ) .
*!والوَعْبُ :*! إِيعابُك الشَّيْءَ في الشَّيْءِ ، كأَنَّه يأْتِي عليه كُلِّه .
( و ) كذالك إِذا استأْصلَ الشّيْءَ ، فقد (*! استوعَبَهُ ) .
*!والإِيعابُ ، *!والاستيعابُ : الاستئصالُ ، والاستقصاءُ في كلِّ شيْءٍ .
____________________

(4/350)



( و ) من المجَاز : *!أَوْعَبَ القومُ : إِذا حَشَدُوا .
و ( *!أَوْعَبَ : جَمَعَ ) . وأَوْعَبَ بنُو فُلانٍ : جاؤُوا أَجمعينَ .
( و ) من المَجَاز : أَوْعَبَ ( الجِذْعَ ) ، بكسر الجيم وسكون الذّال المعجمة . هاكذا في نسختنا ، وهو خطأٌ ، والصّوابُ : الجَدْع ، بفتح الجيم وسُكُون الدّال المهملة : ( اسْتَأْصَلَهُ ) ، يقالُ : أَوعَبَ أَنْفَه قَطَعهُ أَجْمَع ؛ قال أَبو النَّجْم يمدحُ رجلاً :
يَجْدَعُ مَنْ عاداهُ جَدْعاً *! مُوعِبَاً
بَكْرٌ وبَكْرٌ أَكْرَمُ النّاسِ أَبَا
وأَوْعَبَهُ : قَطَعَ لِسَانَهُ أَجْمعَ .
وفي الصَّحاحُ : وفي الشَّتْمِ : جَدَعَهُ اللَّهُ جَدْعاً مُوعِباً ، هاكذا بكسر العين وفتحها . وفي الحديث : ( في الأَنْف إِذا اسْتُوعِب جَدْعُهُ الدِّيَةُ ) أَي : إِذا لم يُتْرَكْ منه شيءٌ ، ويروى : *!أُوعِبَ كُلُّه ، أَي : قُطِعَ جميعُه ، ومعناهما اسْتُؤْصِلَ . وكُلُّ شيءٍ اصْطُلِمَ ، فلم يبقَ منه شيءٌ ، فقد أُوعِبَ واسْتُوعِبَ ، فهو مُوعَبٌ .
( و ) أَوْعَبَ ( الشَّيْءَ في الشَّيْءِ : أَدْخَلَهُ فيهِ كُلَّهُ ) ، ومنه : أَوْعَبَ الفَرَسُ جُرْدانَهُ في ظَبْيَةِ الحِجْرِ .
( و ) من المَجَاز : ( جَاؤُوا *! مُوعِبِينَ : إِذا جَمَعُوا ما اسْتَطَاعُوا من جَمْعٍ ) ، وعن ابن السِّكِّيت : أَوْعَب بنو فُلان جَلاءً ، فلم يَبْق منهم ببلَدِهم أَحدٌ ، نقلَه الأَزهَرِيُّ ، وهو في الصَّحاح . وفي المُحْكَم : أَوْعَبَ بنو فُلانٍ لبني فُلان : لم يَبْقَ منهم أَحدٌ إِلاّ جَاءَ ؛ *!وأَوْعَبَ بنو فُلانٍ لبني فُلان : جمَعُوا لهم جَمْعاً ، وهاذه عن اللِّحيانيّ ؛ وأَوْعَبَ القومُ : خَرَجُوا كُلُّهُم إِلى الغَزْو . وفي حديثِ عائشةَ : ( كان المُسْلِمونَ *!يُوعِبُونَ النَّفْرَ مع رسولِ الله ، صلى الله عليه وسلم ، أَي : يَخرُجونَ
____________________

(4/351)


بأَجمعهم في الغَزْوِ . وفي الحديث : ( أَوْعَبَ المُهاجِرُون والأَنصارُ مع النّبيِّ صلى الله عليه وسلميَوْمَ الفَتْحِ ) . وفي حديث آخَرَ : ( أَوْعَبَ الأَنصارُ مع عليّ إِلى صِفِّينَ ) أَي : لم يَتَخَلَّفْ منهم أَحَدٌ عنه . وقال عَبِيدُ بْنُ الأَبْرَص في *!إِيعابِ القومِ إِذا نَفَرُوا جميعاً :
أُنْبِئْتُ أَنَّ بنِي جَدِيلَة َ*!أَوْعَبُوا
نُفَراءَ مِنْ سَلْمَى لَنَا وتَكَتَّبُوا
وانطلق القومُ *!فأَوْعَبُوا : أَي لم يَدَعُوا منهم أَحَداً .
( *!والوَعْبُ من الطُّرُقِ : الواسِعةُ منها ) يقال : طَريقٌ *!وَعْبٌ ، أَي : واسعٌ ، والجمعُ وِعابٌ .
(*! والوِعَابُ ) ، بالكسر : جمع وَعْب ، على الصَّحيح ، وهي ( مَواضِعُ واسِعَةٌ من الأَرْضِ ) ، وجعله في المُعْجَم عَلَماً على مواضِعَ معلومةٍ .
( وبَيْتٌ *!وَعِيبٌ ) ، ووِعَاءٌ وَعِيبٌ : ( واسِعٌ ) ، *!يَستوعِبُ كُلَّ ما جُعِل فيه .
( و ) من المَجَاز : ( جاءَ الفَرَسُ بِرَكْضٍ وَعِيبٍ ) : أَي ( بأَقْصَى جُهْدِهِ ) . وعبارةُ الصَّحاح والأَساس : بأَقْصَى ما عِنْدَهُ . زاد في اللّسان : وَرَكْضٌ *!وَعِيبٌ : إِذا استفرَغَ الحُضْرَ كُلَّهُ .
( وهَذَا أَوْعَبُ لِكَذا : أَحْرَى لاسْتِيفائِهِ ) هاذا مأْخُوذٌ من حديثِ حُذَيْفَةَ : ( نَوْمةٌ بعدَ الجِمَاعِ أَوْعَبُ للماءِ ) ، أَي أَحْرَى أَنْ تُخْرِجَ كُلَّ ما بَقِيَ منه في الذَّكَر ، وتَستَقصِيَه . ذكرَه ابنُ الأَثير .
( ) ومما يستدرَكُ على المصنِّف :
استَوعَب المَكَانُ والوِعاءُ الشَّيْءَ : وَسِعَه .
واستَرطَ مَؤزةً *! فأَوْعَبَها ، عن اللِّحْيانيّ ، أَي : لم يَدَعْ منها شيئاً .
____________________

(4/352)



ومن المجاز : استوعبَ الجِرابُ الدَّقيقَ . وفي الحديث : ( إِنَّ النِّعْمَةَ الواحِدةَ لَتَستوعِبُ جميعَ عَمَلِ العَبْدِ يومَ القِيامة ) ، أَي : تأْتِي عليه . وهاذا على المَثَل .
ويُقالُ لِهَنِ المرأَةِ ، إِذا كان واسعاً : وَعِيبٌ .
وأَوْعَبَ في مالِه : أَسْلَفَ ، هاذا نَصُّ ابْنِ منظور . وفي تهذيب الأَفعال ، لابْنِ القَطَّاع : أَسْرَفَ ، وقيلَ : ذَهَبَ كُلَّ مَذْهَبٍ في إِنفاقه .
وغب : ( *!الوَغْبُ ) ، بفتح فسكون : ( الغِرَارَةُ ) ، بالكسر .
( و ) الوَغْبُ : ( سَقَطُ المَتَاعِ ) .*! وَأَوْغَابُ البيتِ : رَدِيءُ مَتَاعِه ، كالقَصْعَة والبُرْمَة والغِرَارَة ، ونحوها ، فيكون قولُه : الغِرَارَة ، مُسْتَدرَكاً ؛ لأَنّه داخلٌ تحت سَقَطِ المَتَاع ، ولذا لم يذكرهُ أَحدٌ من أَئمّة اللُّغَة برأْسه ، أَو يكون تخصيصاً بعدَ تعميم .
( و ) الوَغْبُ : ( الأَحْمَق ،*! كالوَغَبَةِ ، مُعرَّكَةً ) ، والتَّحْرِيكُ عن ثعلب . قال ابْنُ سِيدَهْ : وأُراه إِنّما حُرِّكَ لمَكَان حرف الحَلْق .
( و ) الوَغْبُ ، والوَغْدُ : ( الضَّعِيفُ في بَدَنِهِ ) ، وقيل : الأَحمقُ ، وقد تقدَّمَ في قول المؤلِّف .
( و ) الوَغْبُ ، والوَغْد : ( اللئيمُ الرَّذْلُ ) ، بسكون الذّال المُعْجمَة ؛ وأَنشدَ في الصَّحاح قولَ رُؤبَةَ :
ولا بِبِرْشَاعِ الوِخَامِ*! وَغْبِ
هاكذا في نسختنا . وفي الهامش ما نَصُّهُ بخطّه : ولا بِبِرْشَام . قلت : قال ابن بَرِّيّ في حواشيه : الّذِي رواه الجَوْهَرِيُّ في ترجمة برشع :
ولا ببِرْشاعِ الوِخامِ وغْبِ
وأَوّلُهُ :
لا تَعْدِلِيني واسْتَحِي بِإِزْبِ
كَزِّ المُحَيّا أُنَّحٍ إِرْزَبِّ
____________________

(4/353)



قال : البِرْشاعُ : الأَهْوَج . وأَمَّا البِرْشَامُ : فهو حِدَّةُ النَّظَرِ . والوِخَامُ : جمعُ وَخْمٍ ، وهو الثَّقيل . والإِرْزَبُّ : اللَّئيم ، والقصير ، والغَلِيظ . والأُنَّحُ : البخيلُ الّذي إِذا سُئلَ تَنحنحَ .
( و ) الوَغْبُ ، أَيضاً : ( الجَمَلُ الضَّخْمُ ) ، وأَنشد :
أَجَزْتُ حِضْنَيْهِ هِبَلاًّ وَغْبَا
( ضِدٌّ ) . قال شيخُنَا : لا مُنافاةَ بينَ الضَّعِيف من بني آدَمَ والجَمَلِ الضَّخْم حتّى يُعَدَّ مِثلُهُ ضِدّاً ، فتأَمَّل . ( ج *!أَوْغابٌ ) في القِلّة ، (*! ووِغَابٌ ) بالكسر في الكثرة .
قال شيخُنا : وقد قالُوا : أَوْغَابُ البَيْتِ : نحوُ القَصْعةِ والبُرْمَةِ ، ولم يذكُرْه المصنِّف . قلتُ : وقولُ المصنف : سقَطُ المتَاعِ ، أَغنَى عن هاذا كما تقدّم .
( وهي ) ، أَي الأُنثى : (*! وَغْبَة ) .
وفي حديث الأَحنف : ( إِيّاكم وحَمِيَّةَ الأَوْغَاب ) هم اللِّئامُ والأَوْغادُ . ويروى : الأَوْقاب ، وسيأْتي في وقب . قال أَبو عَمْرٍ و : هو بالغَيْن ، أَي الضُّعَفاء ، أَو الحَمْقَى .
( و ) قد ( وَغُبَ ) الجَمل ، ( كَكَرُم ،*! وُغُوبةً ) بالضَّمّ ، *!ووَغَابةً بالفتح : ( ضَخُمَ ) . وعلى الأَوّل اقتصر الجوهَرِيُّ ، وجمع بينَهما ابْنُ منظور وغيرُهُ .
وقب : ( *!الوَقْبُ ) في الجَبَل : ( نُقْرَةٌ ) يَجتمعُ فيها الماءُ ، ونَقْرٌ ( في الصَّخْرَةِ يَجْتَمعُ فيها الماءُ *!كالوَقْبَةِ ) ، بزيادة الهاءِ ، والجمع *!أَوْقابٌ ( أَو ) *!الوَقْبَةُ : ( نَحْوُ البِئرِ في الصَّفَا ، تكونُ قامةً ، أَو قامَتَيْنِ ) يسْتَنْقِعُ فيها ماءُ السّمَاءِ .
( و ) الوَقْبُ : ( كُلُّ نَقْرٍ في الجَسَد ، كنَقْر العَيْنِ والكَتِفِ ) . *!ووَقْبُ العَيْنِ : نُقْرَتُها ، تقولُ : *!وَقَبَتْ عَيْنَاهُ : غارَتَا . وفي حديث جَيْشِ الخبَطِ :
____________________

(4/354)


( فاغْتَرَفْنا من وَقْبِ عَيْنِهِ بالقِلالِ الدُّهْنَ ) .
( و ) *!الوَقْبَانِ ( مِنَ الفَرَسِ : هَزْمَتَانِ فَوْقَ عَيْنَيْهِ ) .
والجمعُ من كلّ ذالك *!وُقُوبٌ ، *!ووِقَابٌ .
( و ) الوَقْبُ ( من المَحَالَةِ : ثَقْبٌ يَدْخُلُ فيه المِحْوَرُ ) .
( و ) الوَقْبُ : ( الغَيْبَةُ ، *!كالوُقُوبِ ) بالضَّمّ ، وهو الدُّخُول في كلِّ شيْءٍ . وقيلَ : كُلُّ ما غابَ ، فقد وَقَبَ وَقْباً : ومنه وَقَبَتِ الشَّمْسُ ، على ما يأْتي .
( و ) الوَقْبُ : الرَّجُلُ ( الأَحْمَقُ ) ، مِثْلُ الوَغْبِ ، قال الأَسودُ بْنُ يَعفُرَ :
أَبَنِي نُجَيْحٍ إِنَّ أُمَّكُمُ
أَمَةٌ وإِنَّ أَباكُمُ وَقْبُ
أَكَلَتْ خَبِيثَ الزّادِ فاتَّخَمَتْ
عنه وشَمَّ خِمَارَهَا الكَلْبُ
ورجل وَقْبٌ : أَحمَقُ . والجمع *!أَوْقَابٌ . والأُنثى وَقْبَةٌ .
( و ) قال ثَعْلب : الوَقْبُ : ( النَّذْلُ الدَّنِيءُ ) من قولك : وَقَبَ في الشَّيءِ : دَخَلَ ، فكأَنَّه يَدخُلُ في الدَّناءَة ، وهاذا من الاشتقاقِ البعيد . كذا في لسان العرب .
( و ) الوَقْبُ : ( الدُّخُولُ في الوَقْبِ ) . وقَبَ الشَّيْءُ ، يَقِبُ ، وَقْباً : أَي دَخلَ . هاكذا في الصَّحاح ، ورأَيت في هامِش : صوابُه *!وُقُوباً ؛ لأَنّه لازِمٌ . وقيل : وَقَبَ : دَخَل في الوَقْبِ .
( و ) الوَقْبُ : ( المَجِيءُ والإِقْبَالُ ) ، ومنه حديثُ عائشةَ ، رضي الله عنها : ( تَعَوَّذِي باللَّهِ من هاذا الغاسِقِ إِذا وَقَبَ ) أَي : الليلِ إِذا دَخَلَ وأَقبل بظَلامه .
(*! والوَقْبَةُ : الكُوَّةُ العَظِيمةُ فيها ظِلٌّ ) ، والجمعُ : *!الأَوْقَابُ ، وهي الكُوَى .
( و ) الوَقْبَةُ ( مِنَ الثَّرِيدِ والدُّهْنِ ) ، هاكذا في نسختنا ، بضم الدّال المهملة ، والصَّواب : والمُدْهُن ، بالميم والدّال : ( أُنْقُوعَتُهُمَا ) ، بالضَّمّ . قال اللَّيْثُ : الوَقْبُ : كُلُّ قَلْتٍ أَو حُفْرَةٍ
____________________

(4/355)


كَقَلْت في فِهْرٍ ، وكَوَقْبِ المُدْهُنَةِ ، وأَنشد :
فِي وقْبِ خَوْصاءَ كَوَقْبِ المُدْهُنِ
( *!ووقَبَ الظَّلامُ ) : أَقْبَلَ ، و ( دَخَلَ ) على النّاس ، وبه فُسِّرتِ الآيةُ . وروى الجوهريُّ ذالك عن الحَسن البصْرِيّ .
( و ) *!وَقَبَتِ ( الشَّمْسُ ) ،*! تَقِبُ ، (*! وَقْباً ، *!ووُقُوباً : غابَتْ ) . زاد في الصَّحاح : ودَخَلَت مَوضِعَها . قال ابنُ منظور : وفيه تَجَوُّزٌ . وفي الحديث : ( لَمَّا رَأَى الشَّمْسَ قد *! وَقَبَتْ قال : هذا حِينُ حِلِّها ) ، أَي : الوقت الّذِي يَحِلُّ فيه أَدَاؤُهَا ، يعني صلاةَ المَغْرِب .*! والوُقُوبُ : الدُّخُولُ في كُلّ شيْءٍ ، وقد تقدّم .
( و ) وَقَبَ ( القَمَرُ ) ،*! وُقُوباً : ( دَخَلَ في ) الظِّلِّ الصَّنَوْبَرِيّ الّذِي يَعتَرِي منه ( الكُسُوفُ . ومِنْهُ ) عَلَى مَا يُؤخَذُ من حديثِ عائشَةَ ، رضي اللَّهُ تعالى عنها ، كما يأْتي قولُهُ عَزَّ وجَلَّ : { وَمِن شَرّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } ( الفلق : 3 ) ، رُوِيَ عنها أَنَّها قالَت : ( قال رسولُ الله ، صلى الله عليه وسلم لَمّا طَلَعَ القَمرُ : هاذا الغاسِقُ إِذا وَقَبَ ، فتعَوَّذِي باللَّهِ من شَرِّه ) . ( أَو مَعْنَاه : أَيْرٍ ) بالخَفْضِ أَي الذَّكَرِ ( إِذا قامَ . حكاهُ ) الإِمامُ أَبو حامِدٍ ( الغَزاليّ ، وغيرُهُ ) كالنَّقّاش في تفسيره ، وجماعةٌ ( عن ) الإِمام الحَبْر عبدِ الله ( بْنِ عبّاسٍ ) ، رضي الله عنهما . وهذا من غرائِب التَّفْسِير . وسيأْتي للمُصَنِّف في غسق أَيضاً فيتحصّلُ مِمّا يُفْهَمُ من عبارته ، مِمّا يُنَاسِب تفسيرَ الآية أَقوالٌ خمسة : أَوّلُها : الليلُ إِذا أَظْلَمَ ، وهو قول الأَكْثَرِ ، قال الفَرّاءُ : اللَّيْلُ إِذا دَخلَ في كلِّ شيْءٍ وأَظلمَ ؛ ومثله قولُ عائشةَ . والثّاني : القمرُ إِذا غَابَ ، وهو المفهوم من حديث عائشةَ الّذِي أَخرجه النَّسائيُّ وغيرُهُ . والثالث :
____________________

(4/356)


الشَّمْس إِذا غَرَبَت . والرّابعُ : أَنَّهُ النّهَارُ إِذا دَخَل في اللَّيْلِ ، وهو قرِيبٌ ممّا قبلَهُ . الخامس : الذَّكَرُ إِذا قامَ .
( ) ويُسْتَدْرَكُ عليه : الثُّرَيّا إِذا سَقطتْ ، لأَنَّ الأَمْرَاضَ والطَّوَاعِينَ تَهِيجُ فيه . ووردَ في الحديث : أَنَّ الغاسِقَ : النَّجْمُ ، وإِذَا أُطْلِقَ فهو الثُّرَيّا . قاله السُّهَيْليُّ وشيخُه ابْنُ العربيّ .
والغاسقُ : الأَسودُ من الحَيّات .*! ووَقْبُهُ : ضَرْبُه ، ويَنقُلُون في ذالك حكايةً سَمِعْتُهَا عن غيرِ واحدٍ . وقيل : وَقْبُهُ : انْقِلابُهُ ، وقيلَ : الغاسقُ : إِبْليسُ ،*! ووَقْبُهُ : وَسْوَسَتُهُ . قاله السُّهيْليّ ، ونقله العلاّمة ابنُ جُزَيَ وغيرُه . قالَه شيخُنا .
(*! وأَوْقَب ) الرَّجُلُ : ( جاعَ ) . وعبارةُ الصَّحاح : أَوْقَبَ القومُ : جاعُوا .
( و ) أَوْقَبَ ( الشَّيْءَ ) *!إِيقاباً : ( أَدْخَلَهُ في الوَقْبَةِ ) ، قاله الفَرّاءُ . وفي بعض النُّسَخ من الأُمَّهاتِ : في الوَقْب .
(*! والميقَبُ : الوَدَعَةُ ) ، محرّكَة ، نقلَه الصّاغانيُّ .
( *!-والوُقْبِيُّ ، كَكُرْدِيَ ) ، وفي نسخة : بالضَّمّ ، بدل قوله ككُرْدِيَ ، وقَيَّدُهُ الصّاغانيُّ بالفتح : ( المُولَعُ بصُحْبَةِ *!الأَوْقَابِ ) ، وهم ( الحَمْقَى ) . وفي كلام الأَحنف بن قيس لبني تَمِيم ، وهو يُوصِيهم : تَبَاذَلُوا تَحَابُّوا ، وإِيّاكم وحَمِيَّةَ الأَوْقابِ . أَي الحَمْقَى ، حكاه أَبو عمرٍ و . وفي الأَساس : وتقولُ العرَبُ : تَعَوَّذُوا باللَّهِ من حَمِيَّةِ الأَوْقابِ واللِّئامِ .
(*! والمِيقابُ : الرَّجُلُ الكَثِيرُ الشُّرْبِ لِلماءِ ) كذا فِي التكملة . وفي لسان العرب : للنَّبِيذِ .
( و )*! المِيقَابُ : الامرأَةُ ( الحَمْقاءُ ، أَو ) هي ( المُحْمِقَةُ ) ، نقله الصّاغَانيُّ وقيل : هي ( الوَاسِعةُ الفَرْجِ ) .
( و ) قال مُبْتَكِرٌ الأَعْرَابِيّ : إِنّهم يَسيرُون ( سَيْرَ المِيقَابِ ) ، وهو ( أَنْ تُوَاصِلَ بَيْنَ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ .
____________________

(4/357)



وبنُو ( المِيقَابِ ) : نُسِبُوا إِلى أُمّهم ، ( يُرِيدُون به السَّبَّ ) والوُقُوعَ .
( *!والقِبَةُ ، كعِدَةٍ ) : الّتي تكونُ في البَطن شِبْهَ الفِحْثِ .
والقِبَةُ : ( الإِنْفَحَةُ إِذا عَظُمَتْ من الشاةِ ) ، وقال ابنُ الأَعْرَابيّ : لا يكونُ ذالك في غير الشّاءِ ، وقد تقدّم في قبب .
( *!والوَقِيب : صَوتٌ ) يُسمَعُ من ( قُنُبِ الفَرَسِ ) ، وهو وِعاءُ قَضِيبِه . وَقَبَ الفَرَسُ ، يَقِب ،*! وَقْباً ،*! وَوَقِيباً . وقيلَ : هو صوتُ تَقَلْقُلِ جُرْدانِ الفَرَسِ في قُنْبِه ، وهو الخَضِيعَة أَيضاً ولا فِعْلَ لشَيْءٍ من أَصوات قُنْبِ الدّابَّةِ إِلاّ هاذا ، وسيأْتي المَزِيدُ عَلى ذلك في خضع .
(*! والأَوْقابُ : قُماشُ البَيْتِ ) وَمتاعُهُ ، مثلُ : البُرْمَةِ ، والرَّحَيَيْنِ ، والعُمُدِ ، كالأَوْغاب .
( *!والوقْباءُ ) ، بفتح فسكون ممدوداً : ( ع ) ، رواه العِمْرَانيُّ . وهو غيرُ الّذِي يأْتي فيما بَعْدُ . كذا في المُعْجَم ، ( ويُقْصَرُ ) ، قال ابْنُ منظور : والمَدُّ أَعرَفُ . وفي كتابِ نصْرٍ :*! الوَقْباءُ : ماءَةٌ قَريبةٌ من اليَنْسُوعَ ، في مَهَبِّ الشَّمَال منها ، عن يمين المُصْعِد . وسيأْتي بيانُ اليَنْسوعة في محلّه .
( *!والوَقَبَى ) محرَّكة ، ( كجَمَزَى ) وبَشَكَى ، قال السَّكُونيّ : ( ماءٌ لِبَنِي ) مالكِ بْنِ ( مازِنِ ) بْنِ مالكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ ، لهم به حِصْنٌ ، وكانتْ لهم به وقائعُ مشهورَةٌ . وفي المَرَاصد : لبني مالِك ، أَي وهو ابنُ مازِنٍ ، وأَنشد الجوهَريُّ لأَبي الغُولِ الطُّهَوِيّ ، إِسلاميّ :
هُمُ مَنَعُوا حِمَى الوَقبَى بِضَرْبٍ
يُؤَلِّفُ بينَ أَشْتاتِ المَنُونِ
ووجدتُ ، في هامشه ، ما نصّه بخطّه أَبي سَهلٍ : هاكذا في الأَصل بخطّ الجوهريّ ، مُسَكَّنُ القاف ، والّذِي أَحفظُه : الوَقبَى ، بفتحها . ووُجدَ بخطّ أَبي زكريّا : في الأَصل ساكنةُ القاف ، وقد كتب عليها حاشية
____________________

(4/358)


هاذا في كتابه ، والصّوابُ بفتح القَافِ . وأَشارَ إِليه ابْنُ بَرِّيّ أَيضاً في حاشيته ، وأَنشد في المُعْجَم :
يا *! وَقَبَى كَمْ فِيكَ مِنْ قَتِيلِ
قد مَاتَ أَوْ ذِي رَمَقٍ قَلِيلِ
وهي على طريق المدينة من البَصْرة ، يَخرُجُ منها إِلى مياهٍ يُقَال لها : القَيْصُومَةُ ، وقُنَّةُ ، وحَوْمَانَةُ الدَّرَّاجِ . قال : والوَقَبَى من الضَّجُوع على ثلاثةِ أَميال ؛ والضَّجُوعُ من السَّلْمان على ثلاثةِ أَميال ، وكان للعرب بها أَيّامٌ بين مازِنٍ وبَكْرٍ . انتهى .
( وذَكَرٌ *!أَوْقَبُ : وَلاّجٌ في الهَنَاتِ ) ، نقله الصّاغانيُّ . وهو مأْخُوذٌ من تفسير القول الّذِي نُقِلَ عن النَّقَّاش .
( ) ومما يستدرك عليه :
رَكِيَّةٌ وَقْبَاءُ : غَائِرَةُ الماءِ ، عن ابْنِ دُرَيْد .
*! ووَقْبَانُ ، كسَحْبانَ : مَوضعٌ ، قال ياقوت : لَمّا كان يوم شِعْبِ جَبَلَةَ ، ودخَلَت بنو عامر ومَنْ معها الجَبَلَ ، كانَت كَبْشَةُ بنتُ عُرْوَةَ الرَّحّالِ بنِ عتبةَ بنِ جعفرِ بْنِ كلابٍ يومئذ حاملاً بعامرِ بن الطُّفَيْل ، فقالت : وَيْلَكُم ، يا بني عامر ، ارْفَعُوني . واللَّهِ إِنَّ في بَطْني لَمُعِزّ بني عامرٍ . فصَفُّوا القسِيَّ على عَوَاتِقِهِم ، ثم حَمَلُوهَا حتى بَوَّؤُوهَا القُنَّةَ ، قُنَّةَ وَقْبَانَ ، فزعَموا أَنّها وَلَدَتْ عامراً يوم فَرَغَ النّاسُ من القِتال .
وفي تهذيب الأَبنية ، لابنِ القَطَّاع : وأَوْقَبَ النَّخْلُ : عَفِنَتْ شَمارِيخُه .
ووَقَبَ الرَّجُلُ : غارَتْ عَيْنَاهُ .
وكب : ( *!وَكَبَ ، *!يَكِبُ ، *!وُكُوباً ) بالضَّمّ ، ( *!ووَكَبَاناً ) محرّكةً : ( مَشَى في دَرَجَان ) . وفي بعض نسخ الصَّحاح : في تُؤَدَة ودَرَجَانٍ .
*!والوَكْبُ : بَابَةٌ من السَّيْر ، تقول : ظَبْيَةٌ *! وَكُوبٌ ، وعَنْزٌ *!وَكُوبٌ ، وقد *!وَكَبَتْ *! وُكُوباً ، ( ومنه ) اشْتُقَّ
____________________

(4/359)


اسْمُ (*! المَوْكِبِ ) كمَجْلِسٍ ، وجمعُه المَوَاكِب .
وفي تهذيب الأَفْعَال ، لابْنِ القَطَّاع : وَكَبَ الظَّبْيُ : أَسْرَعَ ، ومنه المَوْكِبُ . قال الشَّاعر يَصِفُ ظَبْيَةً :
لها أُمٌّ مُوَقَّفَةٌ*! وَكُوبٌ
بِحَيْثُ الرَّقْوُ مَرْتَعُهَا البَرِيرُ
وهو اسْمٌ ( لِلجَماعَةِ ) من النّاس ( رُكْبَاناً أَوْ مُشاةً . أَو ) المَوْكِبُ : ( رُكَّابُ الإِبِلِ للزِّينَةِ ) والتَّنَزُّهِ ، وكذالك جماعةُ الفُرْسَانِ . كذا في الصَّحاح . وفي الحديث : ( أَنَّه كان يَسِيرُ في الإِفَاضَةِ سَيْرَ المَوْكِبِ ) أَراد : أَنّه لم يَكُنْ يُسْرِعُ السَّيْرَ فيها .
( *!وأَوْكَب ) البَعيرُ : لَزِمَ المَوْكِبَ : كَذَا في الصَّحاح ، وتهذيبِ الأَفْعال . وأَمّا قولُه : ( لَزِمهُمْ ) ، فإِنّ الضَّمير يعودُ إِلى رُكّاب الإِبِل ، لكونه أَقربَ مذكورٍ ، وفيه ما فيه .
( و ) عن الرِّياشيّ : أَوْكَبَ ( الطّائرُ ) : إِذا نَهَضَ للطَّيَرَانِ ، وأَنشد :
أَوْكَب ثُمَّ طَارَا
وقيل : أَوْكَبَ : إِذا ( تَهَيَّأَ لِلطَّيَرانِ ) ومثلُهُ في الصَّحاح ، وتهذيب الأَفْعَال ، ( أَو ضَرَبَ بجَناحَيْهِ وهو وَاقِعٌ ) ، نقله الصّاغانيُّ .
( و ) أَوْكَبَ ( فُلاناً : أَغْضَبَهُ ) .
(*! وَوَاكَبَهُم ) مُوَاكَبَةً : ( سايَرَهُمْ ، أَوْ بَادَرَهُمْ ) ، وكذالك إِذا سابَقَهُم . ( أَوْ ) وَاكَبَهُمْ : إِذا ( رَكِبَ مَعَهُمْ ) في مَوْكِبِهم .
( و ) وَاكَبَ الرَّجُلُ ( عَلَيْهِ ) ، أَي على الأَمْر : ( وَاظَبَ ،*! كَوَكَّبَ ) ، وأَوْكَبَ . وذا الأَخيرُ ذكَرَه ابْنُ القَطّاع ، وابنُ منظور .
(*! والوَكْبُ : الانْتِصابُ والقيامُ ) ، وَكَبَ *!وَكْباً : قامَ وانْتَصَبَ : وفُلانٌ مُواكِبٌ على الأَمْرِ ، وواكِبٌ ، أَي : مُثابِرٌ مُوَاظِبٌ .
( و ) الوَكَبُ ، ( بالتَّحْريكِ : الوَسَخُ ) يَعلو الجِلْدَ والثَّوْبَ ، وقد
____________________

(4/360)


وَكِبَ يَوْكَبُ وَكَبَاً ، ووَسِبَ وَسَباً ، وحَشِنَ حَشَناً : إِذا رَكِبَهُ الدَّرَنُ والوَسَخُ ، رواهُ أَبو العَبّاس عن ابن الأَعْرَابيّ .
( و ) الوَكَبُ : ( سَوَادُ التَّمْرِ إِذا نَضِجَ ) ، وأَكثرُ ما يُسْتعملُ في العِنَبِ . وفي التّهذيب : الوَكَبُ : سوادُ اللَّوْنِ من عِنَبٍ أَو غيرِ ذالك إِذا نَضِجَ . وقد ( وَكِبَ ) الجِلْدُ والثَّوْبُ ، ( كَفَرِحَ ) ، وَكَباً : رَكِبَهُ الدَّرَنُ ، كما سبَقَ .
(*! ووَكَّبَ ) العِنَبُ ( *!تَوْكِيباً ) : أَخذَ تَلْوِينُ السَّوادِ فيه ، ( وهُو*!مُوَكِّبٌ ) على صيغة اسم الفاعل ، قاله اللَّيْثُ . وقال الأَزْهريُّ : والمعروفُ في لون العِنَب والرُّطَب إِذا ظهر فيه أَدنَى سَوادٍ : التَّوْكِيتُ ، يُقالُ : بُسْرٌ مُوَكِّتٌ . قال : وهاذا معروفٌ عندَ أَصحابِ النَّخِيلِ في القُرَى العربيّة ، وفي كلام المصنّف لَفٌّ ونَشْرٌ مُرَتَّبٌ .
( *!والوكَّابُ ، ككَتَّانٍ ) : الرَّجُلُ ( الكَثِيرُ الحُزْنِ ) ، نقله الصّاغانيُّ .
( وشاعِرٌ هُذَلِيٌّ ) يسمّى *!الوَكّاب .
( *!والواكِبَةُ : القائِمَةُ ) ، مِن وَكَبَ : قامَ .
( *!والتَّوْكِيبُ : المُقَارَبَةُ في الصِّرَارِ ) ، بالكسر .
( وناقَةٌ *! مُوَاكِبَةٌ : تُسَايِرُ الموْكِبَ ) . وفي الأَساس : لا تَتأَخَّرُ عن الرِّكَاب ( أَو مُعْنِقٌ في سِيْرِها ) كما في الصَّحاح .
وظَبْيةٌ *!وَكُوبٌ : لازِمَةٌ لِسِرْبِها .
والمُوَكِّبُ : البُسْرُ يُطْعَنُ فيه بالشَّوْكِ حتّى يَنْضَجَ . وهاذا عن أَبي حنيفةَ .
ولب : ( *!وَلَبَ ) في البَيْتِ والوَجْهِ ، (*! يَلِبُ ، *!وُلُوباً ) ، بالضَّمّ : ( دَخَلَ ) ، ونَقل الجَوْهَرِيُّ عن الشَّيْبَانِيّ :*! الوَالِبُ : الذّاهِبُ في الشّيْءِ الدّاخُلُ فيه ، وقال عُبَيْدٌ القُشَيْرِيّ :
رأَيْتُ عُمَيْراً *!وَالِباً في دِيَارِهِمْ
وبِئْسَ الفَتَى إِنْ نابَ دَهْرٌ بمُعْظَمِ
____________________

(4/361)



وفي رواية أَبي عَمْرٍ و : رأَيتُ جُرَيّاً .
( و ) وَلَب : ( أَسْرَعَ ) في الدُّخُول .
( و ) وَلَب ( الشَّيْءَ و ) ، ولَب ( إِلَيْهِ ) هاكذا في النُّسَخ الّتي بأَيْدينا ، فهو إِذاً يَتعدَّى بنفسه وبإِلى ، واقتصر الصّاغانيّ على الأَوّل : أَي ( وَصلَهُ ) وعبارة أَبي عُبَيْدِ في باب نوادر الفعل : وصَلَ إِليه ( كائِناً ما كانَ ) . وفي تَهْذيب الأَفعال ، لاِبْنِ القَطّاع :*! ووَلَبَ إِليك الشَّرُّ : تَوَصَّلَ : هاكذا في نسختنا ، وهي قديمةٌ ، الغالبُ عليها الصِّحّةُ .
(*! والوَالِبَةُ : فِرَاخُ الزَّرْعِ ) ، لأَنّها تَلِبُ في أُصولِ أُمَّهاتِه . وقيل :*! الوَالِبَةُ الزَّرْعَةُ تَنْبُتُ من عُرُوقِ الزَّرعَةِ الأُولَى ، تَخْرُجُ الوُسْطَى ، فهي الأُمّ ، وتَخْرُج الأَوالِبُ بعد ذالك فتَتلاحقُ . وفي تَهذيب الأَفعال : وَلَب الزَّرْعُ ، وُلُوباً ،*! ووَلْباً : تولَّدَ حَوْلَ كِبَارِه .
( و ) الوَالِبَةُ ( منَ القَوْمِ ، والبقَرِ ، والغَنَمِ : أَوْلادُهُم ونَسْلُهُم ) . رُوِي عن أَبي العبّاس أَنّه سَمِعَ ابْنَ الأَعْرَابيّ يقُول : الوَالِبَةُ : نَسْلُ الإِبِلِ ، والغَنَمِ ، والقَوْمِ . وفي الصَّحاح :*! والِبَةُ الإِبِلِ : نَسْلُهَا وأَولادُها . وعبارة ابْنِ القَطّاع في التَّهْذِيب : وولَبَ بَنُو فُلانٍ : كَثُرَ عَدَدُهُم ، ونَمَوْا . فالمصنّفُ لم يَذْكُرِ الإِبِلَ وهو في الصَّحاح ، وذَكَرَ بَدَلَهُ البَقَرَ ، وما وَجَدْتُه في الأُمَّهات اللُّغَويّة ، وأَعاد الضَّميرَ لجمع الذُّكور العُقَلاءِ ، تَغْلِيباً لهم لِشَرَفِهِم .
( و ) وَالِبَةُ : ( ع ) بأَذْرَبِيجانَ ، كذا في المُعْجَم ، قالت خِرْنِقُ :
مَنَتْ لَهُمُ بِوَالِبَةَ المَنَايَا
( وأَوْلَبُ ) كأَحمد : ( د ، بالأَنْدَلُس ) .
( ) وممّا يُسْتدركُ عليه :
وَالِبةُ بنُ الحارِثْ بْنِ ثَعْلَبَةَ بنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزيْمة ، بطنٌ ذكَرَه السَّمْعَانيّ ، وابْنُ الأَثِير ، وغيرُهما إِليه : سَيِّدُ التَّابعينَ سَعِيدُ بن جُبيْرٍ الّذي قتلَه الحَجّاجُ صَبْراً ، ومُسْلِمُ بْنُ مَعْبَدٍ
____________________

(4/362)


*!-الوالِبِيّ : شاعِرٌ إِسلاميّ . وفي الأَسْدِ بسكون السّين : وَالِبَةُ بْنُ الدُّؤَل بْنِ سَعْدِ مَناةَ . وفي بَجِبيلَةَ : وَالِبةُ بْنُ مالِكِ بنِ سَعْدِ بنِ نَذِيرٍ ، ومنْ وَالِبَةَ الأَسدِيُّ الخُزَيميّ وقاءُ بْنُ إِياسٍ الوالِبيّ أَبُو يَزيدَ ، فَرْدٌ في الأسماءِ ، وشيخُه عليُّ بنُ رَبيعةَ الوالبِيّ ، مُحَدَّثانِ .
( ) وممّا استدركه شيخنا هنا :
ذَكَرَ *!التوْلَبَ ، وهو وَلدُ الحِمَار ، في فصل التّاءِ الفوقيّة ، فيه ، وأَنّها لَيْستْ مُبْدَلَةً عن شَيْءٍ ، وفي الرَّوْضِ للسُّهَيْليّ : أَنّ تاءَ تَوْلَبٍ ، بَدَلٌ عن واو نَظِيرُهَا في تَوْأَمٍ وتَوْلَجٍ وتَوْراةٍ ، على أَحدِ القولينِ . قال السُّهَيْليُّ في الروض : لأَنّ اشتقاقَ التَّوْلَب من الوَالِبة ، وهي ما يُولِّدُهُ الزَّرْعُ ، وجمعُها أَوَالِبُ . قال شيخُنا : وقد صَرَّحَ به ابْنُ عُصْفُورٍ ، وابنُ القَطّاع في كتابَيْهِما .
*!وأَوْلَبَ : أَسْرَعَ ، نقلَه الصّاغانِيُّ .
ونب : (*! وانِبَةُ : د بالأَنْدَلُسِ ) من إِقْلِيمِ لَبْلَةَ .
( *!ووَنَّبَهُ ، *!تَوْنِيباً : وَبَّخَهُ ) ، لُغَةٌ في أَنَّبَهُ .
( و ) *!وَنَبٌ : بطْنٌ من مُرَاد ، وإِليه نُسِبَ ( ثابِتُ بْنُ طَرِيفٍ ) المُرَادِيُّ ( *!-الوَنَبِيُّ ، مُحَرَّكَةً ) . وفي لُبّ اللُّباب للجَلال : أَنّه بسكون النُّون . وفي أَنساب أَبي الفداءِ البُلْبَيْسِيّ : أَنّه بكسر النُّون ، والصَّوابُ مثلُ ما قالَ المصنِّفُ : ( مُحَدِّثٌ تابِعِيٌّ ) ، رَوَى عن الزُّبَيْرِ بنِ العَوّام وأَبي ذَرَ الغِفَارِيّ ، رضِيَ الله عنهما ، وعنه ابنهُ وسالِمٌ الجَيْشَانيّ .
وهب : ( *!وهَبَهُ له ، كوَدَعَهُ ) ،*! يَهَبُه (*! وَهْباً ) بالسكون ، (*! ووَهَباً ) بالتّحريك
____________________

(4/363)


( *!وهِبَةً ) كعِدَةٍ ، مقِيسٌ في أَمثالِه ، ( ولا تَقُلْ ) أَيُّها اللُّغَوِيّ ، وفي المحكم ، وتهذيب الأَفْعَال ، وغيرِهما : ولا يُقَالُ : ( وَهَبَكَهُ ) ، متعدياً إِلى مفعولين ، وهاذا قولُ سيبَوَيْه : ( أَو حكاهُ أَبُو عَمْرِو ) بْن العَلاءِ ، اشتهر بكُنْيتِه واختُلِف في اسمِهِ على أَحد وعشرينَ قولاً : أَصحُّها زَبّان ، بالزّاي والمُوَحَّدة ، وقيل : اسمُه كُنْيَتُهُ . وسببُ الاختلافِ أَنَّه كان لجلالته لا يُسْأَلُ عن اسمِه ، كذا في المزهر ، وقد تقدَّم في مقدّمة الخُطْبة ما يُغنِي عن الإِعادة . أَو هو أَبو عَمْرٍ و الشَّيْبَانِيُّ ، لاكنَّه إِذا أُطْلِقَ لا يُصْرَفُ إِلاَّ إِلى الأَوَّل ، كما هو مشهور ، قال شيخُنا : ونقلَه قومٌ عن سِيبَوَيْه . وفي بعض النُّسَخ ما يُشِيرُ إِليه إِلاّ أَنَّه تَحريفٌ ، لاِءَنَّه قِيل فيها : أَو حكاه ابْنُ عَمْرٍ و سِيبَوَيْهِ عن أَعرابيّ . قلتُ : المنقولُ عن سِيبَوَيْهِ خلافُ ذالك كما قَدّمناهُ ، وهاذه النُّسْخَة خطأٌ ، على أَنّ في لسان العرب : وحكَى السِّيرافيُّ عن أَبي عمْرٍ و ( عَنْ أَعْرَابِيَ ) سَمِعَه يَقُولُ لآِخَرَ : انْطَلِقْ معي ، أَهَبْكَ نَبْلاً . فالصَّوَابُ في النّسخة : أَوْ حكاه أَبو سعيدٍ ، عن عمرٍ و ، عن أَعرابيَ ؛ لاِءَنَّ السِّيرَافيَّ اسْمُهُ الحَسنُ بْنُ عبدِ اللَّهِ ، وكنيته أَبو سعيدِ والمُراد بعمرٍ و هو سِيبوَيْه ، لاِءَنّه عَمْرو بن عُثْمانَ بْنِ قَنْبَر ، والسِّيرافيُّ شَرَحَ كتابَ سِيبويْه ، فسقط من الكاتب : سعيد ، وعن . وهاذا يؤيّد ما نقله شيخُنا عن بعضٍ أَنّه قولُ سيبويهِ .
( وهُو *!واهِبٌ *!ووهّابٌ *!ووَهُوبٌ ) .
ومن أَسمائه تعالى الوَهّابُ ، وهو المُنْعِمُ على العِباد ، وفي النّهايَة : وهو في صِفَته تعالَى يَدُلُّ على البَذْل الشّاملِ والعطاءِ الدّائم ، بلا تَكلُّفٍ ، ولا غَرضٍ ، ولا عِوَضٍ . قلتُ : قال ابنُ منظور : الهِبة : العَطِيَّةُ الخاليَةُ عن الأَغْراض
____________________

(4/364)


والأَعْواض ، فإِذا كَثَرَتْ ، سُمِّيَ صاحبُها وَهّاباً ، وهو من أَبْنِيَة المُبَالغة . انتهى . قال شيخُنا : واختُلِفَ في أَنَّه من صفاتِ الذَّات ، أَو الأَفعال ، والصّحيحُ الثّاني ؛ أَو أَنَّ المُرَادَ إِرادةُ الهِبَةِ ، انتهى .
*!والوَهُوب : الرَّجُلُ الكثيرُ الهِبَاتِ (*! ووَهّابَةٌ ) ، زِيدَت فيه الهاءُ لتأْكيدِ المُبالغةِ ، كعَلاَّمةٍ . ( والاسمُ *! المَوْهِبُ ، *!والمَوْهِبَةُ ) بكسر الهاءِ فيهما . صرَّح به الفيُّوميُّ ، وابْنُ القُوطِيَّةِ ، وابْنُ القَطَّاع ، والجوْهريّ ، والسَّرقُسْطيُّ ، للقاعدة السابقة :
(*!واتَّهَبَه : قَبِلَهُ ) . وفي الصِحاح : الاتِّهابُ : قَبُولُ *! الهِبَةِ ، والاستِيهاب : سُؤالُها . وفي اللِّسان : *!اتَّهَبْتُ منك دِرْهماً ، افْتَعلْتُ ، من *! الهِبَة . وفي الحديث : ( لَقَدْ همَمْتُ أَنْ لا *!أَتَّهِبَ إِلاَّ من قُرَشِيَ ، أَو أَنصَاريَ ، أَو ثَقفِيَ ) ؛ لأَنّهم أَصحابُ مُدُنٍ وقُرًى ، وهم أَعْرَفُ بمكارم الأَخلاق . قال أَبو عُبيْد : رأَى النَّبِيُّ ، صلى الله عليه وسلم جفَاءً في أَخلاق الباديَة ، وذَهاباً عن المُرُوءَةِ ، وطلباً للزِّيادة على ما *!وَهَبُوا ، فَخصَّ أَهلَ القُرَى العربيّةِ خاصَّةً في قَبول الهديّة منهم دونَ أَهلِ الباديةِ لِغَلَبَة الجفَاءِ على أَخلاقهم ، وبُعْدهِم من ذَوي النُّهَى والعُقول . وأَصْلُه : اوْتَهَب ، قلبت الواوُ تاءً ، وأُدْغِمت في تاءِ الافتعال ، مثل : اتَّعدَ واتَّزَنَ ، من الوَعْدِ والوَزْنِ .
( و ) فيهِمُ التَّهادِي*! والتَّواهُبُ .
يُقال : (*! تَواهبُوا ) : إِذا ( *!وَهَبَ بعْضُهُم لِبَعْضٍ ) ،*! وتَواهبَهُ النّاسُ بينهم . وفي حديث الأَحْنَف :
ولا *!التَّواهُبُ فيما بَيْنَهُمْ ضَعَة
أَي : أَنَّهُم لا *!يَهَبُونَ مُكْرَهِينَ .
( *!ووَاهَبَه *! فَوَهَبَهُ *!يَهَبُه ، كَيَدَعُهُ وَيَرِثُه ) ، بالوَجْهَيْنِ . أَمّا الفتح ، فلأَجل حَرْف الحَلْق ، وأَمّا الثّاني ، فشاذٌّ من وَجْهَينِ ، وكان أَوْلَى أَنْ يكونَ مضمومَ العينِ ؛ لاِءَنَّ أَفعالَ المُغَالَبَةِ كلَّها تَرْجِع إِلى فَعَلَ يَفْعُلُ ، كنَصَرَ يَنْصُرُ ، لم يَشِذّ
____________________

(4/365)


منها غيرُ قولِهم : خاصَمَنِي فخَصَمْتُهُ ، فأَنا أَخْصِمُهُ ، بالكسر ، لا ثانيَ له .
قاله شيخنا ، وقد تقدَّم ما يَتعلَّق به . ( غَلَبَهُ في *!الهِبَةِ ) ، أَيْ كانَ أَوْهَبَ ، أَي أَكْثَرَ هِبَةً منه .
( *!والمَوْهِبَة ) ، بفتح الهاءِ ، هكذا مَضْبُوطٌ : ( العَطِيَّة ) . وفي لسان العرب : *!المَوْهِبَة : الهِبَة ، بكسر الهاءِ ، وجَمْعُها*! مَوَاهِبُ . وفي الأَساس : وهذه هِبَةُ فلانٍ ، *!ومَوْهِبَتُهُ ،*! وهِبَاتُهُ ، *!وَمَواهِبُه ، وفُلانٌ *! يَهَبُ ما لا *!يَهَبُهُ أَحدٌ . ومِن الأَشياءِ ما ليس يُوهبُ .
( و ) من المَجَاز :*! المَوْهَبَةُ ، بفتح الهاءِ : ( السَّحَابَةُ تَقَعُ حَيْثُ وَقَعَتْ ) ، عن ابنِ الأَعْرابِيّ . والجَمْعُ مَوَاهِبُ ، يقالُ : كَثُرَت المَوَاهب في الأَرْض : أَي الأَمطار .
( و ) المَوْهَبَةُ : ( حِصْنٌ بِصَنْعَاء ) اليَمَن ، من أَعماله .
( و )*! مَوْهِبٌ : اسْمٌ ( رَجُل ) ، ومثلُهُ في الصَّحاح ولسان العرب ؛ وأَنشد لاِءَبَّاقٍ الدُّبَيْرِيّ :
قَدْ أَخَذَتْنِي نَعْسَةٌ أُرْدُنُّ
وموْهَبٌ مُبْزٍ بِها مُصِنُّ
وهو شاذٌّ ، مثلُ مَوْحَدٍ . وقولُه : مُبْزٍ بها ، أَي : قَوِيٌّ عليها ، أَي : هو صَبُورٌ على دَفْع النَّوم ، وإِنْ كان شديدَ النُّعَاسِ . ولاكِنَّ الّذِي يُفْهَمُ من عبارة المؤلِّف أَنّ الاسمَ المذكور مَوْهَبَةٌ ، بزيادة الهاءِ ، وهو خلافُ ما قالوه .
( و ) من المجاز : المَوْهَبَةُ : ( غَدِيرٌ ماءٍ صَغِيرٌ ) ، وقيل : نُقْرَةٌ في الجبل ، يَسْتَنْقِعُ فيها الماءُ ، والجمع مَوَاهِبُ ، كذا في الصّحاح . وفي التهذيب : وأَمّا النُّقْرَةُ في الصّخرة ، *!فمَوْهَبَةٌ ، بفتْح الهاءِ ، جاءَ نادراً ؛ قال :
____________________

(4/366)



ولَفُوكِ أَطْيَبُ إِنْ بَذَلْتِ لَنَا
من ماءِ *!مَوْهَبَةٍ عَلَى خَمْر
أَي موضوع على خَمْر ، ممزوج بماءٍ . ونَصُّ الصّحاح :
ولَفُوكِ أَشْهَى لَوْ يَحِلُّ لَنا
من ماءٍ مَوْهَبَةٍ على شَهْدِ
وفي الأَساس ، عندَ ذِكرِ المَوْهَبَة هاذه ، قال : بالفَتح ، فَرَّقُوا بينَ هاذه الهِبَةِ وسائرِ *!الهِبات ، ففتحوا فيها وكسروا في غيرها . ( وتُكْسَرُ هاؤُهُ ) ، راجِعٌ للّذي يَلِيهِ . ومثلُه في لسان العرب .
( و ) تقول :*! هَبْ زَيْداً مُنْطلِقاً ، بمعْنى : احْس 2 بْ ، بكسر السّين وفتحها ، كذا هو مضبوطٌ في نسخة الصَّحاح ، يتعدَّى إِلى مفعولَيْنِ ، ولا يُستعملُ منه ماضٍ ولا مستقبل في هاذا المعنَى . وفي المُحْكَم : و (*!- هَبْنِي فَعَلْتُ ) ذالك ، ( أَي : اِحْسُبْنِي واعْدُدْنِي ) ، ولا يُقَال : هَبْ أَنِّي فَعَلْتُ ذالك . ولا يُقالُ في الواجِب : *!وهَبْتُكَ فَعَلْتَ ذالك ؛ لأَنّها ( كَلِمَةٌ ) وُضِعَت ( لِلأَمْرِ فَقَطْ ) . قال ابْنُ هَمّامٍ السَّلُولِيُّ :
فقُلْتُ أَجِرْنَى أَبَا خالِدٍ
وإِلاّ *!-فَهَبْنِي امْرَأَ هالِكا
قال أَبو عُبَيْدٍ : وأَنشد المازِنيُّ :
فكُنْتُ كذِي داءٍ وأَنْتَ شِفاؤُه
*!-فَهبْنَى لِدائِي إِذْ مَنَعْتَ شِفائِيَا
أَي : احسُبْنِي ، قال الأَصْمعِيُّ : تقولُ العربُ : هَبْنِي ذالك ، ولا يقال : هَبْ ، ولا في الواجب : قد وَهَبْتُك ، كما يُقالُ : ذَرْنِي ودَعْنِي ، ولا يقالُ : وَذَرْتُكَ .
( و ) حكى ابنُ الأَعْرَابيّ : ( وَهَبَنِي اللَّهُ فِدَاكَ ) : أَي ( جَعَلَنِي ) فِداكَ ، ووُهِبْتُ فِداكَ : جُعِلْتُ فِداك . أَطْبَقَ النُّحاةُ على ذِكْره . وقال ابْنُ أُمِّ قاسم في أَفعال التَّصيير : منها : وَهَبَ . ونَقَلَ قولَ ابْنِ الأَعْرابيّ هاذا . قال : ولا تُستعمَلُ إِلاْلاّ بصيغةِ الماضي . وصَرَّحَ غيرُه بأَنَّهُ قليلٌ . وقال الشّيخُ : هو مُلازِمٌ للمُضِيّ ، لاِءَنّه إِنّما سُمع في مَثَلٍ ،
____________________

(4/367)


والأَمثالُ لا يُتَصرَّف فيها . قالهُ شيخُنا .
( و ) في تهذِيب الأَفعال : ( أَوْهَبَهُ لهُ : أَعَدّهُ ) . ويقال للشَّيْءِ إِذا كان مُعَدّاً عند الرَّجُلِ مثل الطَّعَام : هو *!مُوهَبٌ ، بفتح الهاءِ ، وأَصبحَ فُلانٌ *! مُوهِباً ، بكسر الهاءِ ، أَي : مُعِدّاً قادِراً . وفي تهذيب الأَفعال : *!وأَوْهَبْتُكَ الطَّعامَ والشَّرابَ : أَعْدَدْتُهما ، وأَكْثَرْتُ منهما ، وسيأْتي .
( و ) أَوْهَبَ لك ( الشَّيْءُ : أَمْكَنَكَ أَنْ تَأْخُذَهُ ) وتَنَالَهُ ، عن ابن الأَعْرَابيّ وَحْدهُ ، قال : ولم يقولوا : أَوْهَبْتُهُ لك . وهو ( لازمٌ ، مُتَعَدَ ) .
(*! ووَهْبٌ ،*! وَوُهَيْبٌ ،*! ووَهْبَانُ ) ، بفَتْحٍ فسكون ، (*! ووَاهِبٌ ،*! ومَوْهَبٌ ) وقد تقدّم أَنّه ( كمَقْعَدٍ ) ، قال سيبويه : جاؤوا به على مفْعَلٍ ، لأَنّه اسمٌ ليس على الفِعْل ، إِذْ لو كان على الفِعْل ، لكان مَفْعِلاً ، فقد يكون ذالك ، لِمَكَان العَلَمِيَّة ؛ لاِءَنّ الأَعْلام ممّا تُغَيَّرُ عَن القِياس : ( أَسْماءُ ) رجال مُحَدِّثينَ وعُلَماءَ وأُدباءَ .
( *!ووَهْبِينُ ) ، بالفتح فالسّكون فالكسر : ( ع ) ، قاله ابْنُ سِيدَهْ ، وهو مُرْتَجَلٌ . وأَنشد الجَوْهَرِيُّ للرّاعي :
رَجَاؤُكَ أَنْسانِي تَذَكُّرَ إِخْوَتِي
ومالُكَ أَنْسانِي*! بوَهْبِينَ مَالِيَا
وجدتُ في هامشه : الّذي وَجَدْتُه في شعر الرّاعِي :
ومالُكَ أَنْسَانِي بحَرْسَيْنِ مالِيَا
وذكر في شرحه أَنَّ حَرْسَيْنِ جَبَلٌ ، وهو حَرْسٌ ، فثَنَّاهُ .
وفي التّهذيب : *!ووَهْبِينُ : جَبلٌ من جبال الدَّهْنَاءِ ، قال : وقد رأَيتُهُ ، وقرأْتُ في المُعْجَم شعرَ الرّاعي هاكذا :
وقد قادَني الجِيرَانُ قِدْماً وقُدْتُهُمْ
وفارَقْتُ حَتَّى ما تَحِنُّ جِمَالِيَا
وجارك أخواني تذكّر إِخْوَتِي
ومالُك أَنسانِي بوَهْبِينَ مالِيا
____________________

(4/368)



( *!ووَهْبانُ ، بالفتح ) فالسّكون ، ( ابْنُ بَقِيَّةَ : مُحَدِّثٌ ) .
( و ) *!وُهْبَانُ ، ( بالضَّمِّ : ابْنُ القَلُوصِ ) ، كصَبُور : ( شاعِرٌ ) من عَدْوانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ ، قال الحافظُ : وواوُهُ منقلبة عن همزة ، أَصله أُهْبانُ .
( *!وأَوْهَبَ لَه الشَّيْءُ : دامَ ) له ، قاله أَبو عُبَيْد . قال أَبو زَيْد ، وغَيْرُه :*! أَوْهَبَ الشَّيْءُ : إِذا دامَ ، وأَنشد الجَوْهَرِيّ :
عَظِيمُ القَفا رِخْوُ الخَواصِرِ أَوْهبَتْ
لَه عَجْوَةٌ مَسْمُونَةٌ وخَمِيرُ
وقال عليُّ بْنُ حمْزَةَ : وهاذا تصحيفٌ ، وإِنّما هو : أُرْهِنَت ، أَي : أُعِدَّتْ ، وأُدِيمَتْ ، هكذا وجدت في الهامش ، فليتأَمَّل .
(*! ووَاهِبٌ : جبَلٌ لبني سُلَيْمٍ ) ، قال بِشْر بن أَبي خازِم :
كأَنَّها بعْدَ مَرِّ العاهدِينَ بِها
بَينَ الذَّنُوبِ وحَزْمَيْ واهِبٍ صُحُفُ
وقال تَميمُ بْنُ مُقْبِلٍ :
سَلِي الدّارَ من جَنْبَيْ حِبِرَ وواهِبٍ
إِلى ما رَأَى هَضْبَ القَلِيبِ المُضَيَّحُ
( و ) أَمّا ( *!وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ ) التّابعيُّ المشهور ، فإِنّه بالتّسكين ، وهو الأَفصحُ و ( قَدْ يُحرَّكُ ) .
( ) وممّا يستدرك عليه :
*!المَوْهُوبُ ، بمعنى الولَد ، وهو صفةٌ غالِبَةٌ . وكلّ ما وَهَب لك *!الوهَّابُ من وَلَد وغيرِه ، فهو*! مَوهوبٌ . ومن سجَعَات الأَساس : ويُقَالُ للمولودِ له : شكَرْتَ الواهِبَ ، وبُورِك لك في الموهوب .
*!ووُهْبانُ بنُ صَيْفِيّ ، ويقالُ : أُهْبَان : صحابيّ ، وقد ذُكِرَ تعليلُه في موضعه .
ومن المَجَاز : أَوْهَبَ الطَّعامُ : كَثُرَ واتَّسعَ ، حتَّى وُههب منه . وكذلك وادٍ *!مُوهِبُ الحَطَبِ : كَثيرُه واسِعُه .*! وأَوْهَبْتُ لأَمرِ كذا : اتَّسَعْتُ له وقَدرْتُ عليه ، وأَصْبحْتُ*! مُوهِباً لذالك . كذا في الأَساس .
وفي كِنْدَة : وَهْبُ بن الحارِث بن
____________________

(4/369)


مُعاوِيَةَ الأَكْرَمِينَ ،*! ووَهْبُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ : قَبِيلتان ؛ إِلى الأُولَى المِقْدَامُ بْنُ مَعْدِيكرِبَ ، وإِلى الثّانية مَعْدانُ بْنُ رَبِيعَة ، وغيرُهما .
ويب : (*! وَيْبٌ ، كويْلٍ ) ، ووَيْحٍ ، ووَيْسٍ : أَربعةُ أَلفاظٍ متوافقةٌ لفظاً ومعنًى ، ولا خامسَ لها ، وإِن وقَع خلافٌ لبعض الأَئمّة في الفرق أَنَّ بعضها يكونُ في الخَير ، وبعضَهَا يكونُ في وُقوعٍ في هَلَكَة ، أَشار لذلك الزَّمَخْشَرِيّ في الفائق . وزاد ابْنُ فارس في المُجْمَل عن الخليل : وَيْه ، ووَيْك ، وفي تهذيب الأَفعال ، لابن القَطّاع : الأَفعال الّتي لا تَتَصرَّفُ ، تسعةٌ : نِعْمَ ، وبِئْسَ ، ولَيْسَ ، وعَسَى ، وفِعل التَّعَجُّب ، ووَيْحَ زَيْد ، ووَيْبَهُ ، ووَيْلَهُ ، ووَيْسَهُ إِلاّ أَنَّ المازِنيَّ ذكَرَ أَنَّ الأَرْبَعَةَ الأَخِيرةَ مصادر . انتهى . ( تَقُولُ :*! وَيْبَك ) ، بفتح المُوَحَّدة وبكسرها ، وهاذه الأَخيرة عن الفَرّاءِ ، ( *!وَوَيْبٌ لَكَ ، *! ووَيْبٌ لِزَيْدِ*! ووَيْباً لَهُ *!ووَيْبٍ لَهُ ) بالحركات الثَّلاث مع الّلام ، خِطاباً وغَيْبَةً ( ووَيْبِهِ ) بكسر الموحدة ، ( وويْبِ غَيْرِهِ ) بكسره ، مع الإِضافة للمُنْفَصِل ، وهاتان عن أَبي عَمْرٍ و ، ( *!ووَيْب 2 زَيْدٍ ) بكسر الباءِ وفتحها معاً ، (*! ووَيْبِ فُلانٌ بكَسْرِ الباءِ ) على البِناءِ ( ورَفْعِ فُلان ) مبتدأ أَو خَبَراً . وهاذا ( عن ابنِ الأَعْرَابيِّ ) ، وقال : إِلاّ بني أَسَدٍ ، لم يزد على ذالك ، ولا فَسَّرَه ، وهو استعمالٌ غريب ، وقد نقله البَكْرِيُّ في شرح أَمالي القالي ، ويُفْهَمُ من قوله : إِلاّ بنِي أَسدٍ ، أَي : فإِنهم يَفتَحُون الباءَ ( ومَعْنَى الكُلِّ : أَلْزَمَهُ اللَّهُ ) تعالَى ( وَيْلاً ) نُصبَ نَصْبَ المصادر ، وهو المشهور . ودَعْوَى الفِعْليَّة فيها شاذٌّ . وقد وقَعَ في بعض حواشي شرحِ الرَّضِيّ ، فلْيُنْظَرْ .
وفي اللِّسَان : فإِن جئتَ باللاَّمِ ،
____________________

(4/370)


رَفَعْتَ ، فقُلْتَ : *!وَيْبٌ لِزَيْدٍ ، وَنصبتَ مُنَوّناً ، فقلت : *!وَيْباً لِزَيْدٍ . فالرفعُ مع اللاَّم على الابتداءِ أَجْوَدُ من النَّصب ، والنَّصْبُ مع الإِضافة أَجْوَدُ من الرَّفْع . قال الكِسائيّ : من العرب مَنْ يقولُ : وَيْبَكَ ، ووَيْبَ غَيْرِك ؛ ومنهم من يقولُ : وَيْباً لِزَيْد ، كقولك : وَيْلاً لِزَيْدٍ . وفي حديث إِسلامِ كَعْبِ بن زُهَيْرٍ :
أَلا أَبْلِغا عنِّي بُجَيْراً رِسالَةً
على أَيِّ شَيْءٍ وَيْبَ غَيْرِك دَلَّكَا
قال ابنُ بَرِّيّ : في حاشية الكتاب بيتٌ شاهدٌ على ويْب ، بمعنى وَيْل ، لِذي الخِرَقِ الطُّهَوِيّ يُخَاطِب ذئباً تَبِعَهُ في طريقه :
حَسِبْتَ بُغامَ راحِلَتِي عَنَاقاً
وما هِيَ ويْبَ غَيْرِكَ بالعَنَاقِ
فلو أَنِّي رَمَيْتُكَ من قَرِيبٍ
لَعاقَكَ عن دُعَاءِ الذِّئْبِ عَاقِ
قوله : عَنَاقاً ، أَي : بُغامَ عَناقٍ . وحكَى ثعلب : وَيْبَ فُلانٍ ، ولم يَزِدْ . والمصنِّف زاد على ما ذَكَرُوه عُمُوم استعماله بالمُوَحَّدة الجارَّة بدل اللاّم ، وإِضافَتهُ للغائب في وَيْبَه ، كما أُضِيفَ في اللُّغَة العامَّة إِلى ضمير المتكلِّم ، وإِضافتُه إِلى الظّاهر مشهورٌ ، كوَيْل . قاله شيخُنا . ( *!ووَيْباً لِهَذَا ) الأَمْرِ : ( أَيْ عَجَباً ) له ، ووَيْبهُ : كَوَيْلَهُ .
( *!والوَيْبَةُ ) ، على وَزْن شَيْبَةٍ . ( اثنانِ أَوْ أَرْبعَةٌ وعِشْرُونَ مُدّاً . والمُدُّ ) يَأْتي بيانه ( في مكك ) لم يذكُرْه الجوهريُّ ولا ابنُ فارسٍ ، بل توقَّفَ فيه ابْنُ دُرَيْدٍ . والصَّحِيحُ أَنَّها مُوَلَّدَة ، استعملها أَهْلُ الشّامِ ومِصْرَ وإِفْرِيقِيَّةَ .
2 ( فصل الهاء ) 2
هبب : ( *!الهَبُّ ،*! والهُبُوبُ ) ، بالضم : ( ثَوَرَانُ الرِّيحِ ، *!كالهَبِيبِ ) . في المحكم : *!هَبَّت الرِّيحُ ،*! تَهُبُّ *!هُبُوباً ، *!وهَبِيباً : ثارَتْ ، وهاجَتْ . وقال
____________________

(4/371)


ابن دُرَيْد : *!هَبّ *!هَبّاً ، وليس بالعَالي في اللغَة ، يعني : أَنّ المعروفَ إِنّما هو *!الهُبُوب ،*! والهَبِيبُ . قلتُ : فالمُصَنِّفُ قدّمَ غيرَ المعروف على ما هو مستعملٌ معروف . وفي بغية الآمال ، لاِءَبي جعفر اللَّبْلِيّ : أَنَّ القِيَاس في فَعَلَ المفتوحِ اللازم المُضَاعَف أَن يكونَ مُضَارِعُهُ بالكسر ، إِلاّ الأَفعالَ الثّمانيةَ والعشرينَ ، منها :*! هَبَّتِ الرِّيحُ . ( و )*! الهَبّ ، والهُبُوبُ ، والهَبِيبُ : ( الانْتِباهُ مِنَ النَّوْمِ ) ،*! هَبَّ ، *!يَهُبُّ . وأَنشد ثعلبٌ :
فَحَيَّتْ فحَيَّاهَا *!فهَبَّ فحَلَّقَت
مَعَ النَّجْمِ رُؤْيَا في المَنَامِ كَذُوبُ
*! وأَهَبَّ اللَّهُ الرِّيحَ ، *!وأَهَبَّهُ من نَوْمِه : نَبَّهَهُ ، وأَهْبَبْتُه أَنا . قال شيخُنَا : هَبَّ من نَوْمِهِ ، من الأَفعال الّتي استعملَتها العربُ لازِمَةً كما هو المشهور ، ومتعدِّيةً أَيضاً ، يقال : هَبَّ من نَوْمِهِ ،*! وهَبَّه غَيْرُهُ ؛ واستلُّوا لذالك بقوله تعالَى في قراءَةٍ شاذَّةٍ : { قالوا يا ويلنا من *!هَبَّنا من مرقدنا } بدل قوله تعالى في المُتواتِرَة : { مَن بَعَثَنَا } ( يسلله : 52 ) ، وقالوا : هَبَّنا معناه : أَيْقَظَنا وبَعَثَنا ، وأَنّه يُقَال : هَبَّنا ثُلاثِيّاً متعدّياً ، *!كأَهَبَّنا رُباعِيّاً . والقراءَةُ نقلها البيضاويُّ وغيرُه . وجعلوا الثُّلاثيَّ والمَزيدَ بمعنًى . ولكِنَّ ابْنَ جِنِّي في المُحْتَسب أَنكر هذه القِراءَة ، وقال : لم أَرَ لهاذا أَصْلاً ، إِلاّ أَن يكونَ على الحذف والإِيصال ، وأَصلُهُ هَبَّ بِنَا ، أَي : أَيْقَظَنَا . انتهى .
وفي الأَساس ، ريحٌ هابَّةٌ ، وهَبَّت هُبُوباً ، وأَهَبَّها الله ، واسْتَهَبَّها . وجعل هَبَّ من نومه : انْتَبَهَ ، من المَجَاز .
( و ) منهُ أَيضاً ، الهَبُّ : ال ( نَّشاطُ ) ما كانَ . ورَوَى النَّضْرُ بنُ شُمَيْل بإِسناده في حديثٍ رواه عن رَغْبَانَ قال : ( لقد رأَيتُ أَصحابَ رسولِ الله ، صلى الله عليه وسلم*! يَهُبُّونَ إِلَيْهِما كما يَهُبُّونَ إِلى المكتوبة ) ، يعني : الرَّكْعَتَيْنِ قبل المَغْرِب . أَي :
____________________

(4/372)


يَنْهَضُونَ إِليهما . قال النَّضْرُ : قولُهُ يَهُبُّونَ ، أَي : يَسْعَوْن .
و ( كُلُّ سائرٍ ) هَبَّ ، يَهِبّ ، بالكَسْرِ ، هَبّاً ، وهُبُوباً : نَشِطَ .
( و ) *!هُبُوبُه : ( سُرْعَتُه ، *!كالهِبابِ ، بالكَسْرِ ) : النَّشاط .*! وهَبَّتِ النّاقةُ في سَيرها ،*! تَهُبُّ ، بالضَّمّ ،*! هِبَاباً : أَسْرَعَت ، وحكى اللِّحْيَانيّ : هَبَّ البعيرُ ، مثلُه ، أَي نَشِطَ ، قال لَبِيدٌ :
فَلَها *!هِبابٌ في الزِّمامِ كأَنَّها
صَهْباءُ راحَ مع الجَنُوبِ جَهَامُها
( و ) إِنّه لَحَسَنُ ( الهِبَّة ، بالكَسْرِ ) يُرَادُ به ( الحالُ ) .
( و )*! الهِبَّةُ : ( القِطْعَةُ من الثَّوْبِ ) .
*!والهِبَّةُ : الخِرْقَةُ . ( ج )*! هِبَبٌ ( كعِنَبٍ ) ؛ قالَ أَبو زُبَيْدٍ :
غَذاهُمَا بِدِمَاءِ القَوْمِ إِذْ شَدَنا
فما يَزَالُ لِوَصْلَيْ راكِبٍ يَضَعُ
على جَنَاجِنِهِ من ثَوْبِهِ هِبَبٌ
وفيه مِن صائكٍ مُسْتَكْرَهٍ دُفَعُ
يَصِفُ أَسداً أَتى لِشِلَيْهِ بوَصْلَيْ راكبٍ والوَصْلُ : كلُّ مَفْصِل تامًّ ، مثْل مَفْصِلِ العَجُزِ من الظَّهْر . والهاءُ في ( جَنَاجِنِه ) تعودُ إِلى الأَسد ؛ وفي ( ثوبِه ) إِلى الرّاكب ، ويَضَعُ : يَعْدُو . والصّائِكُ : اللاّصِقُ .
( و ) من المَجَاز : الهِبَّةُ : ( مَضَاءُ السَّيْفِ ) في الضَّرِيبَةِ ، وهِزَّتُهُ . وفي الصَّحاح : هَزَزْتُ السَّيْفَ والرُّمْحَ ،*! فهَبَّ *!هَبَّةً ؛*! وهَبَّتُهُ : هِزَّتُهُ ، ومَضَاؤُه في الضَّرِيبَة . وحَكَى اللِّحْيَانيُّ : اتَّقِ *!هَبَّةَ السَّيْفِ ،*!وهِبَّتَه .
وسيف ذو هَبَةٍ : أَي مضاءٍ في الضَّرِيبة ؛ قال :
جلا القَطْرُ عن أَطْلالِ سَلْمَى كأَنَّما
جَلا القَيْنُ عن ذي هَبَّةٍ داصِرَ الغِمْدِ
وإِنَّهُ لَذُو هَبَّة : إِذا كانت له وقعة شديدة .
____________________

(4/373)



( و ) الهِبَّةُ ، أَيضاً : ( السّاعَةُ تَبْقَى من السَّحَرِ ) ، رواه الجوهريُّ عن الأَصمعيّ .
( و ) من المجاز : عِشنا بذالك *!هِبَّةً ، وهي ( الحِقْبَةُ من الدَّهْرِ ) ، كما يقال : سَبَّةً ، كذا في الصَّحاح ، وهو المَرْوِيُّ عن أَبي زيدٍ ، ( ويُفْتَحُ فِيهِما ) ، أَي في اللَّذَيْن ذُكِرَا قريباً . وهاذا غيرُ مشهورٍ عندَ أَئمّةِ اللُّغَة ، وإِنّما الوَجْهَانِ في الهَبَّة بمعنى هَزِّ السَّيْف ومَضائِهِ ، كما أَسلفناه آنِفاً . وأَمّا ما عداه ، فلم يُذْكَرْ فيه إِلاّ الكسرُ فقط .
( وهَبَّهُ ) السَّيْفُ ، يَهُبّ ، ( هَبّاً ، وهَبَّةً ) بالفتح ، ( وهِبَّةً ) بالكسر . وهذا كلامه يؤيّد ما قلناه . وعن شَمِر : هَبَّ السَّيْفُ ، وأَهْبَبْتُ السَّيْفَ : إِذا هَزَزْتَهُ ،*! فاهْتَبَّهُ ، وهَبَّهُ ، أَي : ( قَطَعَهُ ) .
( و ) من المَجَاز :*! الهِبَّةُ ، بالكسر : هِياجُ الفَحْلِ .
*! وهَبَّ ( التَّيْسُ ،*! يَهِبُّ ) بالكسر ، وعليه اقتصر الجَوْهَرِيّ ، وهو القياس ، (*! ويَهُبُّ ) بالضَّمِّ شُذُوذاً ، وهو غيرُ معروفٍ في دَواوينِ اللُّغَة ، ولاكنّا أَسلفنا النّقل عن أَبي جعفرٍ اللَّبْلِيّ أَنّه من جملة الأَفعال الثّمانية والعِشْرِين ، وبه صَرَّحَ ابْنُ مالك . ثمّ رأَيْتُ الصّاغانيَّ نقله عن الفَرَّاءِ . فقولُ شيخِنا : في كلام المصنف نَظَرٌ ، لا يخلُو من تَأَمُّلٍ . (*! هَبِيباً ،*! وهِبَاباً ، *!وهِبَّةً ) بالكسر فيهما : هاجَ ، و ( نَبَّ لِلسِّفادِ ، *!كاهْتَبَّ ،*! وهَبْهَبَ ) . وقيلَ : *!الهَبْهَبَةُ : صوتُهُ عندَ السِّفاد . وفي المحكم : وهَبَّ الفَحْلُ من الإِبِلِ وغيرِها ، يَهِبُّ ، *!هِبَاباً ، *!وهَبِيباً ، *!واهْتَبَّ : أَرادَ السِّفادَ .
( و ) هَبَّ ( السَّيْفُ ) ،*! يَهُبُّ ، هَبَّةً ، وهَبّاً : ( اهْتَزَّ ) . الأَخِيرَةُ عن أَبي زيد . وأَهَبَّهُ : هَزَّهُ ، عن اللّحيانيّ . وقال الأَزهريّ : السَّيْفُ يَهُبُّ ، إِذا هُزَّ ، هَبَّةً . وقد تقدَّمَ .
( و ) من المَجَاز يقال : هَبَّ ( فُلانٌ ) حِيناً ، ثمّ قَدمَ ، أَي : ( غابَ دَهْراً ) ثمّ قَدِمَ ، وهاذا عن يُونُسَ . وناسٌ يقولون غابَ فلانٌ ثم هَبَّ ، وهو أَشْبَه ، قال
____________________

(4/374)


الأَزهريّ : وكأَنّ الّذِي حُكِيَ عن يُونُسَ أَصلُه من هِبَّة الدَّهْرِ . ( و ) قال ابن الأَعْرَابيّ : هُبَّ ، بالضَّمّ : إِذا نُبِّهَ ، وهَبَّ ، بالفتح ، ( في الحَرْبِ ) : إِذا ( انْهَزَمَ ) .
( و ) من المَجَاز : ( هَبَّ ) فلانٌ ( يَفْعَلُ كَذَا ) ، كما تقولُ : ( طَفِقَ ) يَفعَلُ كذا .
( و ) وقع في بعض الأَحاديثِ : ( هَبَّ التَّيْسُ ) أَي : هاجَ للسِّفادِ ، وقد تقدَّم .
و ( *!-هَبَبْتُ بِهِ : دَعَوْتُهُ لِيَنْزوَ ) ،*! فَتَهَبْهَبَ : تَزَعْزَعَ ، ( وقَوْلُ الجَوْهَرِيّ :*! هَبَبْتُهُ ، خَطَأٌ ) . والّذي نقله المصنّف عن الصَّحاح ، هو الصَّحِيح ؛ ونَصُّه : هَبَبْتُهُ ، لا هَبَبْتُ به ، والنُّسْخة الّتي نقلت منها هي بخطّ ياقوت صاحبِ المُعْجَم ، موثوقٌ بها ؛ لأَنَّها قُوبِلَتْ على نسخة أَبي زَكَرِيّا التِّبْرِيزِيّ وأَبِي سَهْل الهَروِيّ . فقول شيخِنا : فيه نَظَرٌ ، دلَّ على أَنّ كلامَهُ هو الخطأُ . فإِنّ هاذا اللَّفظَ ، لم يَثْبُتْ في الصَّحاح ، ولا قاله الجوهريُّ ، وكأَنّ نُسخَتَهُ مُحرَّفةٌ ، فبَنَى على التَّحريف ، وخَطَّأَ بِناءً على التَّوْهِيم ، والجوهريّ هو العالم الَرِيف بأَنواع التَّصْرِيف ، فإِنّه إِنَّما قال : هَبْهَبْته ، بهاءَيْنِ وباءَيْن ، وهو الصَّواب ، انتهى ، مَحَلُّ تَأَمُّلٍ ونَظَرٍ . فإِنّ الصَّحيحَ ما ذكرناه منقولاً ؛ على أَنِّي رأَيتُ الصّاغانيَّ حدَّدَ سَهْمَ مَلامِه على الجَوْهَرِيِّ ، ونقل عنه مثلَ ما ذهبَ إِليه شيخُنا : وهَبْهبْته : دَعَوته ، هكذا في التكملة . والعجب من كلام شيخنا ، فيما بعد ، ما نَصُّه : فالمصنف ، رحمه الله تعالى ، زنّى ، فحدَّ . وإِلا فنسخنا المصححَة وغيرُها من نُسَخٍ راجعناها كثيرة ، كُلّها خالية عن دعواه ، انتهى ، وحَقيقٌ أَن يَنشَد :
فَكَمْ من عائِبٍ قولاً صحيحاً
وآفَتُه من النُّسَخِ السَّقِيمَهْ
( *!والهَبْهَبة : السُّرْعةُ ) .
( و : تَرقْرُقُ السَّرَابِ ) ، أَي : لمعانُهُ .
____________________

(4/375)


وقد هبْهَبَ هَبْهَبةً . ( و ) الهَبْهَبَة : ( الزجْرُ ) ، والفِعْلُ منه : هَبْ هبْ ، وبعضُهُم خَصَّهُ بالخَيْل ، وسيأْتي في : هاب ، وهو في روض السُّهيْليّ الّذي استدركه شيخنا ناقلاً عنه . وفي لسان العرب : وهَبْهَبَ : إِذا زَجَرَ ، فكيف يَدَّعِي أَنّ المصنِّف غَفَلَ عنه تقصيراً ؟ يا للَّهِ لِلْعَجَبِ .
( و ) الهَبْهَبَةُ : ( الانْتِبَاهُ ) من النَّوْم .
( و ) الهَبْهَبَةُ : ( الذَّبْحُ ) ، يقال : هَبْهَبَ : إِذا ذَبَحَ .
(*!- والهَبْهَبِيُّ ) : الرَّجُلُ ( الحَسَنُ الحُدَاءِ ) .
( و ) هو أَيضاً : ( الحسَنُ الخِدْمَةِ ) ، وكُل مُحْسِنِ مهْنَةٍ :*! هَبْهَبِيٌّ . وخصَّ بعضُهم به الطَّبّاخَ والشَّوَّاءَ . ( و ) عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ : *!-الهبْهَبِيُّ : ( القَصّاب ) ، وكذالك الفَعْفَعِيّ .
( و ) الهَبْهَبِيُّ : ( السَّرِيعُ ) ، والاسمُ الهَبْهَبَةُ ، وقد تقدّم ، (*! كالهَبْهَبِ ،*! والهَبْهَابِ ) ، بالفتح فيهما . ( و ) *!-الهَبْهَبِيُّ : ( الجَملُ الخَفِيفُ ، وهي بهاءٍ ) ، يقال : ناقةٌ *!هَبْهَبِيَّةٌ : سريعةٌ خَفِيفةٌ ؛ قال ابْنُ أَحْمَرَ :
تَمَاثِيلَ قِرْطاسٍ علَى هَبْهَبِيَّةٍ
نَضَا الكُورُ عن لَحْمٍ لها مُتَخَدِّدِ
أَراد بالتّمَاثِيل : كُتُباً يَكْتُبُونَها ، كذا في لسان العرب .
( و ) في الصحاح : الهَبْهَبِيُّ : ( رَاعِي الغَنَمِ ) ، واقتَصر على ذالك ، ( أَوْ تَيْسُها ) . وقد قدّمه ابْنُ منظور ، وأَنشد :
كَأَنَّهُ هَبْهَبِيٌّ نامَ عن غَنَمٍ
مُسْتَأْوِرٌ في سَوادِ اللَّيْلِ مَذْؤُوبُ
( *!والهَبْهابُ : الصَّيَّاحُ ) ، كَكتَّان .
( و ) *!الهَبْهابُ : اسْمٌ من أَسماءِ ( السَّرابِ ) ، وفي المحكم : الهَبْهَابُ : السَّرَابُ .
*! وهَبْهَبَ السَّرابُ ،*! هَبْهَبَةً : إِذا تَرَقرقَ .
____________________

(4/376)



( و ) الهَبْهابُ : ( لُعْبَةٌ للصِّبْيانِ ) أَي لِصِبْيانِ الأَعْرَابِ ، يُسَمُّونَها الهَبْهاب .
( والهَبَابُ ، كسَحَاب : الهَبَاءُ ) ، نقله الصَّاغانيّ .
(*! وتَهَبْهَبَ ) التَّيْسُ : إِذا ( تَزَعْزَعَ ) ، وقد تقدَّم أَنَّه مطاوعُ : *!هَبْهَبَ به . ذكرهُ الجوهريُّ ، وغيرُهُ .
( و ) من المَجَاز : (*! تَهَبَّبَ الثَّوْبُ : بَلِيَ ) .
( و ) في الصَّحاح : عن الأَصمعيّ يقالُ : ( ثَوْبٌ*! هَبايِبُ ) وخَبَايِبُ ، أَي : بلا همز ، ( *!وأَهْبَابٌ *! وهِبَبٌ ) ، أَي : مُتَخَرِّق ، ( مُتَقَطِّعُ ) . وقد تَهَبَّبَ .
(*! وهُبَيْبٌ ، كزُبَيْرٍ ، ابنُ مَعْقِل ) هاكذا في نسختنا بالميم والعين والقاف ( صَحَابِيٌّ ) ، له حديثٌ في خَبَرِ الإِزار . قلتُ : وهو حديثُ ابْن لَهيعَةَ ، عَنْ زَيْدِ بن أَبي حَبِيب : أَنَّ أَسْلَمَ أَبا عِمْرَانَ أَخبره عن *!هُبَيْب : وضبط ابْنُ فَهْدٍ والِدهُ مُغْفِل كمُحْسِن ، قال : لاِءَنَّه أَغْفَلَ سِمَةَ إِبِلِه ، ( ونُسِبَ إِليه وادي هُبيْبٍ بِطَريقِ الإِسكنْدَرِيَّةِ ) من جهة المَغْرِب ، نقله الصَّاغانيّ .
( و ) من المَجَاز : ( تَيْسٌ *!مِهْبَابٌ ) ، أَي : ( كَثِيرُ النَّبِيبِ لِلسِّفادِ ) . وزاد في لسان العرب : وكذالك تَيْسٌ *!مهببٌ ، أَي : كمعظم .
( و ) في الصَّحاح : وهَبَّت الرِّيحُ ، هُبُوباً ، وهَبِيباً : أَي هاجَتْ . و ( الهَبِيبُ والهَبُوبُ ، والهَبُوبَةُ : الرِّيحُ المُثِيرَةُ لِلْغَبَرَةِ ، و ) تقولُ من ذالك : ( مِنْ أَيْنَ هَبَبْتَ ) ، يا فُلانُ ؟ كأَنّك قُلْتَ : ( مِنْ أَيْنَ جِئْتَ ؟ ) ومن أَيْنَ انْتَبَهْت لنا ؟ ( و ) من قول يُونُسَ المتقدِّمِ ذِكرُهُ قولُهم : ( أَيْنَ هَبِبْتَ حَنَّا بالكَسْر :
____________________

(4/377)


أَي ) أَينَ ( غِبْت عَنّا ) ؟ ثمّ إِنّ الذي في نسختنا : هببت حنا ، بالحاءِ المهملة بدل العين ، هو بعينه نَصُّ يُونُسَ .
( ورأَيْته هبَّةً ) ، أَي : ( مَرَّةً ) واحدةً في العَمْر . وفي الحديثِ أَنّه قال لاِمْرأَة رِفاعَةَ : ( لا ، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتهُ . قالت : فإِنَّه قد جاءَنِي هَبَّةً ) أَي : مَرَّةً واحِدةً ، من هِبابِ الفَحْلِ ، وهو سِفادُهُ . وقيل : أَرادت *! بالهَبَّةِ الوَقْعَةَ ، من قولهم : احْذرْ هَبَّةَ السَّيْفِ ، أَي وَقْعتَه .
( و ) هَبَّ السَّيْفُ .
و ( *!اهْتَبَّهُ : قَطَعَهُ ) .
( و ) قد *!تَهَبَّبَ الثَّوْبُ .
و (*! هبَّبَهُ : خَرَّقَهُ ) ، عن ابن الأَعْرَابيّ وأَنشد :
كَأَنَّ في قَميصهِ *!المُهَبَّبِ
أَشْهَبَ من ماءِ الحَدِيد الأَشْهَبِ
ولا يَخفى أَنَّه لو ذكرهما في أَوَّل المادَّة ، في محلِّهما ، كان حسناً لطريقته .
(*! والهَبْهَبُ ) ، كجَعْفَر : ( الذِّئْبُ الخَفِيفُ ) السَّرِيعُ ، وقد جاءَ في قول الأَخْطَل :
على أَنَّها تَهْدِي المَطِيَّ إِذا عَوَى
من اللَّيْلِ مَمْشُوقُ الذِّراعَيْنِ هَبْهَبُ
( ) وممّا يُستدرك عليه :
هَبَّ النَّجْمُ : إِذا طَلَعَ ، وفي الحديث : ( إِنَّ في جَهَنَّمَ وادِياً ، يُقَالُ لَهُ هَبْهَبٌ ، يَسْكُنُه الجَبّارُونَ ) .
*!-والهَبْهَبِيُّ : الطَّبّاخُ ، والشَّوّاءُ ، وقد تَقدَّم .
*!وهُبَّى : من هُبُوب الرِّيح ، هاكذا في نوادر ثعلب ، وهو ليس بثَبتٍ .
هجب : ( الهَجْبُ ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وصاحب اللسان . وقال الصّاغانيّ : هو ( السَّوْقُ ، والسُّرْعَةُ ) في المَشْيِ ، وغيرِه ( والضَّرْبُ بالعَصَا ) ، يقال : هَجَبْتُهُ بالعَصا : إِذا ضَرَبْتَهُ بها .
هدب : ( الهُدْبُ ، بالضَّمِّ ) على المشهور ،
____________________

(4/378)


( وبضَمَّتَيْنِ ) لُغَةٌ فيه : ( شَعَرُ أَشْفار العَيْنَيْن ) وهما من أَلفاظ الجموع كما يَدُلُّ له فيما بَعْدُ ، فكان ينبغي أَن يُعَبّر في معناه بأَشعارِ أَشفارِ العَينينِ ، أَو أَنه أَراد الجِنْسَ . وفي لسان العرب : الهُدْبَةُ : الشَّعَرَةُ النّابِتَةُ على شُفْرِ العَيْنِ .
( و ) الهُدْبُ : ( خَمْلُ الثَّوْبِ ، واحِدَتُهما بهاءٍ ) ، أَي : الهُدْبَة . وطالَ هُدْبُ الثَّوْبِ وهُدّابُهُ . وفي الحديث : ( كأَنِّي أَنْظُرُ إِلى هُدّابِها ) هُدْبُ الثَّوْبِ ، وهُدْبَتُهُ ، وهُدّابهُ : طَرَفُ الثَّوْبِ ممّا يَلِي طُرَّتَهُ . وفي حديث امرأَةِ رِفاعةَ : ( إِنَّ ما مَعَهُ مثلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ ) أَرادت مَتَاعَهُ ، وأَنَّهُ رِخْوٌ مثلُ طَرَف الثَّوْبِ لا يُغْنِي عنها شَيْئاً .
( ورَجُلٌ أَهْدَبُ : كَثيرُهُ ) أَي الشَّعَرِ النّابِتِ على شُفْرِ العينِ . وقال الليْثُ : رجلٌ أَهْدَبُ : طَوِيلُ أَشْفارِ العَيْنِ كَثِيرُها . قال الأَزْهَرِيُّ : كأَنَّهُ أَرادَ بأَشْفارِ العَيْنِ الشَّعَرَ النّابتَ على حُروف الأَجْفان ، وهو غَلَطٌ . إِنّما شُفْرُ العين : مَنْبِتُ الهُدْبِ من حَرْفَيِ الجَفْنِ ، وجَمعُه أَشْفَارٌ . وفي الصَّحاح : الأَهْدَبُ : الكثيرُ أَشْفَارِ العَيْنِ . وفي صِفته ، صلى الله عليه وسلم ( كان أَهْدَبَ الأَشْفَارِ ) . وفي رواية : ( هَدبَ الأَشْفارِ ) أَي : طويلَ شَعَرِ الأَجْفانِ . وفي حديثِ زِياد : ( طويلُ العُنُقِ أَهْدَبُ ) .
( وهَدِبَتِ العيْنُ ، كفرِحَ ) ، هَدَباً : ( طالَ هُدْبُها ، فهو أَهْدَبُ ) العَيْنِ ، وهي هَدْباءُ .
( و ) من المَجَاز : ( الهَيْدَبُ : السَّحَاب المُتَدَلِّي ) الّذي يَدْنُو مثْلَ هُدْبِ القَطيفَةِ ؛ ( أَو ) هَيْدَبُ السَّحَابِ : ( ذَيْلُهُ ) ، وهو أَنْ تَراهُ يتَسلسلُ في وَجْهِه للْوَدْقِ ، يَنْصَبُّ كأَنَّه خُيوطٌ مُتَّصلَةٌ . وفي الصَّحاح : هَيْدَبُ السَّحابِ : ما تَهَدَّبَ منه ، إِذا أَرادَ الوَدْقَ ، كأَنَّه خُيوطٌ . قال أَوْسُ بن حَجَرٍ ، قال ابْنُ بَرِّيّ : ويُرْوَى لِعَبِيدِ
____________________

(4/379)


بْنِ الأَبرص يَصِفُ سَحَاباً كثيرَ المطر :
دَانٍ مُسِفّ فُوَيْقَ الأَرْضِ هَيْدَبُهُ
يَكَادُ يَدْفَعُهُ مَنْ قامَ بالرّاحِ
المُسِفُّ : الّذي قد أَسَفَّ على الأَرْض ، أَي : دَنا منها . والهَيْدَبُ : سَحابٌ يَقْرُبُ من الأَرْض ، كأَنَّه مُتَدَلَ ، يكاد يُمْسِكُه من قامَ براحته . قلت : وقرأْت في المجلَّدِ الأَوَّل من التَّهْذيب للأَزْهَرِيّ ، في باب عق ، ما نصُّه : وسحابَةٌ عَقّاقَةٌ مشقَّقَة بالماءِ ، ومنه قولُ المُعَقِّر بْنِ حِمار لبِنْتِهِ ، وهي تَقودُه وقد كُفَّ وسمِعَ صوت رَعْدٍ : أَيْ : بُنَيَّةُ : ما تَرَيْنَ ؟ قالت : أَرى سَحَابَةً سَحْمَاءَ عَقّاقَةً كأَنَّها حُوَلاءُ ناقةٍ ، ذاتُ هَيْدَبٍ دانٍ ، وسَيْرٍ وانٍ . قال : أَيْ بُنَيّةُ : وائِلي إِلى قَفْلَة ، فإِنّها لا تَنْبُتُ إِلاّ بمَنْجَاةٍ من السَّيْل . شبهت بحِوَلاءِ النّاقَةِ في تَشَقُّقهَا بالماءِ كَتَشَقُّقِ الحِوَلاءِ ، وهو الّذي يَخْرُجُ منه الوَلَدُ ، والقَفْلَة : شجرة ، انتهى .
( و ) الهَيْدَبُ : ( خَمْلُ الثَّوْبِ ) ، والواحد هَيْدَبَةٌ . وكان ينبغي أَن يُذْكَر عندَ قوله : ( والهُدْبُ : خَمْلُ الثَّوْبِ ) . أَمّا تفريقه في مَحلَّيْنِ ، مُخِلٌّ لشَرْطه . قال شيخُنا : على أَنَّ الخَمْلَ ، عندَ كثيرينَ ، غيرُ الهُدْب ، فإِنّ الهُدْب قالوا فيه : هو طَرَفُ الثَّوْبِ الّذي لم يُنْسَجْ . وقال بعضٌ : وقد يُفْتَلُ ويُحْفَظُ به طَرَفُ الثَّوبِ . والخَمْلُ : ما يتخلَّلُ به الثَّوْب كلّه ، وأَكثرُ ما يكونُ في القطائفِ .
( و ) من المجاز : الهَيْدَبُ : ( رَكَبُ المَرْأَةِ ) ، أَي فَرْجُها إِذا كان مُسْترخياً ، لا انتِصابَ لَهُ شُبِّه بهَيْدَبِ السَّحابِ وهو ( المُتَدلِّي ) من أَسافله إِلى الأَرض ، قال :
____________________

(4/380)



أَرَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ نَهْداً كَعْثَبَا
إِذاك أَمْ أُعْطِيتَ هَيْداً هَيْدبا
وقال ابْنُ سِيدَهْ : لم يُفَسِّرَ ثعلبٌ هَيْدَباً ، إِنّما فسّر هَيْداً ، فقال : هو الكثيرُ .
( و ) من المَجَاز : الهَيْدَبُ : ( المُتَسَلْسِلُ المُنْصَبُّ من الدُّمُوعِ ) كأَنَّه خُيُوطٌ مُتَّصلَةٌ ، عن الليث ؛ وأَنشد :
بدَمْع ذي حَزَازاتٍ
على الخَدَّيْنِ ذي هَيْدَبْ
( و ) هَيْدَبٌ : ( فَرَسُ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ راشِدٍ ) ، سُمِّيَت لطُول شَعَر ناصِيَتِها .
وفي لسان العرب قال : ولم أَسْمَع الهَيْدَب في صِفَة الوَدْق المُتَّصِلِ ولا في نَعْتِ الدُّمُوع . والبَيْتُ الّذي احْتَجَّ به اللَّيْث ، مصنوعٌ لا حُجَّةَ بِه ، وبيتُ عَبِيدٍ يدُلُّ على أَنَّ الهَيْدَب من نَعْتِ السَّحابِ .
( و ) الهَيْدَبُ من الرِّجال : ( العَيِيُّ ) ، وفي نسخةٍ : الغَبِيُّ ، بالغين والمُوَحَّدَة قال الأَزْهَرِيُّ : الهَيْدَبُ : العَبَامُ من الأَقوام ، الفَدْمُ ، ( الثَّقِيلُ ) ، الضَّخْمُ ، الجافي ؛ وأَنشد لاِءَوْسِ بْنِ حَجَرٍ شاهداً :
وشُبِّهَ الهَيْدَبُ العَبَامُ من الْ
أَقْوام سَقْباً مُجَلِّلاً فَرَعا
قال : الهَيْدَبُ من الرِّجال : الجافي ، الثَّقِيلُ ، الكثيرُ الشَّعَر . وقيلَ : الهَيْدَبُ : الّذِي عليه أَهْدَابٌ تَذَبْذَبُ من بِجادٍ أَو غيرِه ، كأَنَّها هَيْدَبٌ من سَحَاب ، ( كالهُدُبِّ ) كعُتُلَ ، وقيل : الْهُدُبُّ : الضَّعِيفُ ، والهَيْدَبُ : الأَحمق ، ( والهُدّابِ ) ، أَي : كرُمّان ، وما رأَيْته لِغيره .
( وهَدَبَهُ ) أَي الشَّيءَ ، ( يَهْدبُهُ : قَطَعَهُ ) .
( و ) الهَدْبُ : ضَرْبٌ من الحَلْبِ ، يقال : هَدَبَ الحالِبُ ( النّاقَةَ ) ، يَهْدِبُهَا ، هَدْباً : ( احْتَلَبَها ) ، رواهُ
____________________

(4/381)


الأَزْهَريُّ عن ابْن السِّكِّيت . وفي بعض النُّسَخ : حَلَبها . وفي تهذيب ابْنِ القَطَّاع : هَدَبْتُ كلَّ مَحْلُوبَة ، هَدْباً : حَلَبْتُها بأَطْرافِ الأَصابِع .
( و ) هَدَّبَ ( الثَّمَرَةَ ) تَهْدِيباً ، واهْتَدَبَها . ( اجْتَنَاها ) ، وفي حديثِ خَبّابٍ : ( ومِنَّا من أَيْنَعَت له ثَمَرَتُهُ ، فهو يَهْدِبُهَا ) أَي : يَجْنِيها ويَقْطِفُها كما يَهْدِبُ الرّجلُ هَدَبَ الغَضَا والأَرْطَى .
( والهَدَبُ ، مُحَرَّكَةً : أَغْصَانُ الأَرْطَى ونَحْوِهِ ) مِمّا لا وَرَقَ لَهُ ، واحدَتُه هَدَبَةٌ ، والجمعُ : أَهْدَابٌ .
( و ) الهَدَبُ ، أَيضاً : ( ما دَامَ من وَرَقِ الشَّجَرِ ) ، ولم يكُنْ له عَيْرٌ ، ( كالسَّرْوِ ) والطَّرْفاءِ والسَّمُرِ .
( و ) الهَدَبُ ( مِن النَّبَاتِ : ما ليْس بِوَرَقٍ ، إِلاَّ أَنَّه يقُوم مَقَامَ الوَرَقِ ) ، وهذا عن أَبي حنيفةَ ؛ ( أَو كُلّ وَرَق لَيْس لَهُ عَرْضٌ ) ، بفتح فسكون ، كورقِ الأَثْلِ والسَّرْوِ والأَرْطَى والطَّرْفاءِ ، وهاذا عن الجوهريّ ، ( كالهُدَّابِ ، كرُمَّانِ ) ؛ قال عَدِيّ بْنُ زَيْدٍ العِبَادِيُّ يَصِفُ ظَبْياً في كِناسِه :
في كِناسٍ ظاهرٍ يَسْتُرُهُ
منْ عَلُ ، الشَّفّانَ ، هُدّابُ الفَنَنْ
الشَّفّانُ : البَرَدُ ، وهو منصوبٌ بإِسقاط حرف الجرّ ، أَي يستُرُه هُدّابُ الفَنَنِ من الشَّفَّانِ . وفي هامش نسخة الصَّحاح ما نصّه : أَرادَ : يَستُرُ هُدّابُ الفَنَنِ الشَّفّانَ من عَلُ . والشَّفّانُ : القَطْرُ القليلُ والفَنَنُ : الغُصْنُ . والهُدّابُ : ما مالَ منه . وفي حديث وَفْدِ مَذْحِجٍ : ( أَنّ لنا هُدّابَها ) الهُدّاب : ورَقُ الأَرْطَى ، وكُلُّ ما لم يَنْبَسِطْ وَرَقُه . وهُدَّابُ النَّخْلِ : سعفُه . و ( الواحِدَةُ ) منها ( هَدَبَةٌ ، وهُدَّابَةٌ ) بزيادة الهاءِ فيهما ،
____________________

(4/382)


مُحرَّكاً . ( و ) أَما ( هُدَّابٌ ) ، ففي المحكم : أَنّه اسمٌ يَجْمَعُ هُدْبَ الثَّوْبِ وهَدَبَ الأَرْطَى ، واستشهد بقول العَجّاج ، وفي نسخة هنا : هِدَابَة ، ككِتَابَة ، بَدَلَ هُدّابٍ ، وهو خطأٌ .
( وهَدبَ الشَّجَرُ ، كفَرِحَ ) ، هَدَباً : ( طالَ أَغْصانُهَا ، وتَدَلَّتْ ) من حوَالَيْها ( كأَهْدَبَتْ ) ، أَيْ : أَغصانُ الشَّجرة ، تَهَدَّلتْ من نَعْمَتَها ، واسترسَلتْ . قال ابْنُ القَطّاع : أَهْدَبَ الشَّجَرُ : كَثُرَتْ أَغصانُه . وقال أَبو حنيفةَ : وليس هاذا من هَدَبِ الأَرْطَى ، ونحوه . انتهى . وهَدَبُ الشَّجَرة : طُولُ أَغْصانِها وتَدَلِّيها .
وقد هَدبَتْ ، هَدَباً ، ( فهي هَدْباءُ ) .
والهَدبُ : مصدرُ الأَهْدَبِ والهَدْباءِ .
( و ) الهَدِبُ ، ( كَكَتِفٍ : الأَسَدُ ) ، نقله الصّاغانيُّ .
وفي الأَساس : ومن المَجاز : لِبْدٌ أَهْدَبُ : إِذا طالَ زِئْبرُهُ .
( والهَيْدَبَى ) ، بالدّال والذّال : ( جنْسٌ من مَشْيِ الخَيْلِ ، فيه جِدٌّ ) ؛ قال امْرُؤُ القَيْس :
إِذا راعَهُ من جانبَيْه كِلَيْهِما
مَشَى الهَيْدَبَى في دَفِّه ثُمَّ فَرْفَرَا
( و ) يقال : ( رَجُلٌ هَيْدَبِيٌّ الكَلامِ ) بياءِ النِّسْبَة ، أَي : ( كَثيرُه ) ، كأَنَّه مأْخوذٌ من : هَيْدَبِ السَّحاب ، وقَيَّده الصّاغانيُّ : كَبِيرُهُ ، بالمُوحَّدَة .
( والهُدَبِيَّةُ ، كعُرَنيَّة ) مُقْتَضاهُ أَنْ يكونَ بضَمَ ففَتْح وبعدَ المُوَحَّدَة ياءٌ مشدَّدة ، وضبطه ياقوت محركةً ، وقال : كأَنَّه نِسْبَةٌ إِلى الهَدَب ، وهو أَغصانُ الأَرْطَى ونحوِهَا ممّا لا وَرَقَ له ، وضبطه الصّاغَانيُّ أَيضاً هاكذا : ( مَاءَةٌ قُرْبَ السَّوارِقيَّة ) . في المعجم : قالَ عَرّام : إِذا جاوزتَ عينَ النّازِيَةِ ، وَرَدْت ماءَةً يقالُ لها الهَدَبيَّة ، وهي ثلاثُ آبار ليس عليهنّ مَزارعُ ولا نَخْلٌ
____________________

(4/383)


ولا شَجَرٌ . وهي بِقاعٌ كَبيرة تكون ثلاثةَ فراسخَ في طول ما شاءَ اللَّهُ ، وهي لبني خُفَاف ، بينَ حَرَّتَيْنِ سَوْداوَيْن ، وليس ماؤُهم بالعَذْبِ ، وأَكثرُ ما عندَهَا من النَّباتِ الحَمْضُ ، ثم تَنتهي إِلى السَّوارِقيّة على ثلاثة أَمْيال منها ، وهي قرية غَنّاءُ كبيرةٌ من أَعمالِ المَدينة ، على ساكنها أَفضلُ الصَّلاة والسَّلام .
( و ) الهُدْبَةُ ، بضَمّ فسكون ، و ( كَهُمَزَة ) ، الأَخِيرة عن كُرَاع : ( طائرٌ ) ، وفي اللسان : طُوَيْئرٌ أَغْبَرُ ، يُشْبِهُ الهامَةَ ، إِلاّ أَنّهُ أَصغرُ منها . وفي الأَساس : قال الجاحظ : ليس للعرب اسْمٌ لِما لا يبصرُ باللَّيْل ، وهو الَّذي يقالُ له شَبْكُور ، أَكثرَ من أَن يقولُوا : به هُدَبِدٌ .
( وابْنُ الهَيْدَبَى : شاعِرٌ ) من شعراءِ العرب .
( وهُدْبَةُ بْنُ خَالدٍ ) القَيْسيّ ، ( ويُعْرَفُ بهَدَّاب ، ككتَّانٍ : مُحَدِّثٍ ) .
وفاتَهُ : الحُسَيْنُ بن هَدَّاب المُقْري الضَّرِيرِ ، مات سنة 562 .
وَزَيْدُ بن ثابِت بْن هَدّاب الوَرّاق عن المُبارَك بن كامل ، مات سنة 617 .
( وهُدْبَةُ بْنُ الخَشْرَمِ ) بْنِ كُرَيْز من بني ذُبْيانَ بْنِ الحارِثِ بن سَعِيد بن زيد أَخِي عُذْرَةَ بنِ زَيْد ، ( شاعرٌ ) قتله سَعيدُ بن العاص وَالِي المدينةِ ، لاِءَمْر جَرى بينَه وبينَ زِيادةَ بن زَيْد الشّاعر ، فحصل بينَهما المُهاجاة ، ثم تقاتَلا ، فقتله ، انظر قصَّتَهُما في كتاب البَلاذُرِيّ .
____________________

(4/384)



( ) وممّا يستدرك عليه :
أُذُنٌ هَدْبَاءُ ، أَي : متدلِّيَة ، مسترخيَةٌ . وهو في حديث المُغيرة .
ولِحيةٌ هَدْباءُ : مُسْتَرْسِلَة ، وكذا عُثْنُونٌ هَدِبٌ ، وهو مجاز .
ومنه أَيضاً : نَسْرٌ أَهْدَبُ : إِذا كان سابِغَ الرِّيش .
والهُدْبَةُ ، أَيضاً : القطْعَةُ والطّائفة .
ودمَقْسٌ مُهَدَّبٌ ، أَي ذُو هُدّاب .
وفَرَسٌ هَدِبٌ : طويلُ شَعَر النّاصِيَة .
والهُدْبَانُ من جياد الخيلِ عندَهم ، وينقَسمُ إِلى بيوت .
قالَ الأَزهريُّ : والعَبَلُ ، مثلُ الهَدَبِ سواءٌ .
والأَهْدَابُ في قول أَبي ذُؤَيْبٍ :
يَسْتَنُّ في عُرُض الصَّحْرَاءِ فائرُهُ
كأَنَّهُ سَبِطُ الأَهْدابِ مَمْلُوحُ
: الأَكْتَافُ ، قاله ابْنُ سِيدَهْ . وأَنكره .
وفي التَّهذيب : أَهْدَب الشَّجَرُ : إِذا خَرَج هُدْبُه .
وذكر الجوهريُّ وابْنُ منظورٍ هنا : الهِنْدَبَ والهنْدَبَا ، وسيأْتي في كلام المصنِّف فيما بعدُ .
وفي الأَساس ، في المَجَاز : وضَرَبَه ، فبَدَا هُدْبُ بَطْنِه ، أَي : ثَرْبُهُ ، هاكذا وجَدتُه ، وهو خطأٌ ، وصوابُه : هُرْب ، بالرّاءِ ، كما سيأْتي في موضعه .
هدب : ( هذَبَهُ ، يَهْذِبُه ، هَذْباً : قَطَعهُ ) ، كهَدَبَهُ ، بالدّال المُهْملة ، ولم يذكُرْه ابْنُ منظور والجوْهَرِيُّ ، وهو في الأَساس .
( و ) هَذَبَه : ( نَقَّاهُ ) ، في الصَّحاح : التَّهْذيب كالتَّنقية ( وأَخْلَصَهُ ، و ) قيل : ( أَصْلَحَهُ ) ، هذَبَهُ ، يَهْذِبُهُ ، هَذْباً ، ( كهَذَّبَهُ ) تَهذيباً .
____________________

(4/385)



( و ) هَذَبَ ( النَّخْلَةَ : نَقَّى عَنْها اللِّيفَ ) .
قال شيخُنَا ، نقلاً عن أَهل الاشتقاق : أَصلُ التَّهْذيبِ والهَذْبِ : تَنْقيَةُ الأَشجارِ بقَطْع الأَطراف ، لتَزيدَ نُمُوّاً وحُسْناً ، ثمّ استعملوه في تنقيةِ كلّ شيءٍ وإِصلاحه وتخليصه من الشّوَائب ، حتَّى صار حقيقةً عُرْفيَّةً في ذلك ، ثمّ استعملوه في تَنْقيحِ الشِّعْرِ وتَزْيينه وتَخْليصه ممّا يَشينُهُ عندَ الفُصَحاءِ وأَهْل اللِّسان . انتهى .
قلتُ : والصَّحيحُ ما في اللِّسَان : أَنّ أَصلَ التَّهْذيب تنقيةُ الحنظَل من شَحْمه ، ومُعَالَجَةُ حَبِّه ، حتّى تَذهَبَ مَرارتُه ، ويَطيبَ ؛ ومنه قولُ أَوْس :
أَلَمْ تَرَيا إِذْ جئتُمَا أَنَّ لَحْمَها
به طَعْمُ شَرْيٍ لَمْ يُهَذَّبْ وحَنْظَلِ
( و ) هَذَبَ ( الشَّيْءُ ) ، يَهْذِبُ ، هَذْباً : ( سالَ ) .
( و ) هَذَبَ ( الرَّجُلُ ) في مَشْيِه ، ( وغَيْرُهُ ) كالفَرَس في عَدْوِه ، والطَّائر في طَيرانه ، يَهْذبُ ، ( هَذْباً ) بفتح فسكون ، ( وهَذَابَةً ) ، كسَحابَة : ( أَسْرَعَ ، كأَهْذَبَ ) إِهْذَاباً ، ( وهَذَّبَ ) تَهْذيباً ، كلّ ذالك من الإِسْرَاع . وفي حديث سرِيَّة عبد الله بْنِ جَحْش : ( إِنِّي أَخْشَى عليكم الطَّلَبَ ، فهَذّبُوا ) أَي : أَسْرعُوا السَّيْرَ ، وفي حديث أَبي ذَرَ : ( فجَعَلَ يُهْذبُ الرُّكُوعَ ) ، أَي : يُسْرِعُ فيه ، ويُتَابعُهُ .
( و ) أَمّا قولُه : ( هاذَبَ ) ، فقد حكاه يعقوبُ ، قالَ : الطَّيْرُ يُهاذِبُ في طَيَرانه ، أَي : يَمُرُّ مَرّاً سريعاً ؛ وهاكذا أَنشدَ بيتَ أَبي خراش :
يُبادرُ جُنْحَ اللَّيْلِ فهْوَ مُهاذِبٌ
يَحُثُّ الجَنَاحَ بالتَّبَسُّط والقَبْضِ
والَّذي قرأْتُ في ديوان شعره : فهو مُهابِذٌ . قال لي الأَصمعيُّ : سَمِعْت ابْنَ أَبي طَرَفة يُنْشدُ : مُهابذٌ ، وإِنَّما أَرادَ : مُهاذبُ ، فَقَلَبَهُ ، فقال : مُهابِذٌ ،
____________________

(4/386)


يُقال : هاذبَ يُهاذبُ إِذا عدا عَدْواً شديداً . وقد سَمعْتُ غيرَه يقولُ : مُهابِذٌ ، أَي : جادٌّ . انتهى .
والإِهذابُ ، والتَّهْذِيبُ : الإِسراعُ في الطَّيَرَانِ ، والعَدْوِ ، والكلامِ ؛ قال امرُؤُ القَيْس :
فلِلسّاق أُلْهُوبٌ وللسَّوْط درَّةٌ
وللزَّجْر منهُ وقْعُ أَخْرَجَ مُهْذبِ
ووَجدْتُ في الهامش : كان في المَتْن بخطِّ أَبي سَهْل :
وللزَّجْر منه وَقْعُ أَخْرجَ مُهْذبِ
وقد كتبه بالحمرة على الحاشية :
فللزَّجْرِ أُلْهُوبٌ وللسّارِق درَّةٌ
وللسَّوْط منه . . . . . . .
كأَنَّهُ رَدٌّ على الجوهريّ .
( و ) هَذَبَ ( القَوْمُ : كَثُرَ لَغَطُهُمْ ) وأَصواتُهم ، نقله الصّاغانيُّ .
( و ) قال الأَزهريّ : يقالُ : ( أَهْذَبَت السَّحابَةُ ماءَهَا ) إِذا ( أَسالَتْهُ بسُرْعَة ) ، وأَنشدَ قولَ ذي الرُّمَّة :
ديارٌ عَفَتْهَا بَعْدَنَا كُلُّ دِيمَة
دَرُورٍ وأُخْرَى تُهْذبُ الماءَ ساجرُ
( و ) يُقَال : ( إِبلٌ مَهَاذِيبُ ) : أَي ( سِرَاعٌ ) في سَيرها ، وقال رُؤْبَةُ :
صَوَادقَ العَقْب مَهاذِيبَ الوَلَقْ
( و ) يقال : ما في مَوَدَّتِه هَذَبٌ : ( الهَذَبُ ، مُحَرَّكَةً : الصَّفاءُ ، والخُلُوصُ ) قال الكُمَيْتُ :
مَعْدنُكَ الجَوْهَرُ المُهَذَّبُ ذُو الإِبْ
ريز بَخَ ما فَوْقَ ذَا هَذَبُ
( والهَيْذَبَى : الهَيْدَبَى ) ، وهو ضَرْبٌ من مَشْيِ الخَيْلِ . اسمٌ من هَذَبَ ، يَهْذِبُ : إِذا أَسرعَ في السَّيْر ، وقد تقدمَ . هاكذا أَورده الأَزهريُّ في التهْذيب بالذّال المعجمة ، كما هو صَنيعُ الجوهريّ ، واقتصر ابْنُ دُرَيْد في الجمهرة على ذكْرِهما في
____________________

(4/387)


الدّالِ المُهْمَلَة ، وذكرهما في الموضعين ابْنُ فارس في المُجْمَل ، وابْنُ عَبّاد في المُحِيطِ ، وإِيّاهُمَا تَبِعَ المصنِّفُ . وقال ابْنُ الأَنْبَارِيّ : الهَيْذَبَى : أَنْ يَعْدُوَ في شِقَ ، وأَنشدَ :
مَشَى الهَيْذَبَى في دَفِّهِ ثُمَّ فَرْفَرَا
ورواهُ بعضُهم : مَشَى الهِرْبِذَى وهو بمنزلة الهَيْذَبَى .
( و ) من المَجَاز : ( رَجُلٌ مُهَذَّبٌ ) : أَي ( مُطَهَّرُ الأَخْلاقِ ) . وفي اللِّسان : المُهَذَّبُ من الرِّجال : المُخَلَّصُ النَّقيُّ من العُيوب . وقد تقدَّم بيان أَصل التَّهْذِيب .
( ) وممّا يُستدرَكُ عليه :
التَّهْذِيبُ في القدْح : العَمَلُ الثانِي ، والتَّشْذيبُ : الأَوَّلُ ، قاله أَبو حَنيفةَ ، وقد تقدَّمَتِ الإِشارة إِليه في شذب .
وحَمِيمٌ هَذِبٌ : هو عَلى النَّسَب ، أَي : ذُو أَهْذابٍ ، وقد جاءَ في قول أَبي العِيال .
وعن الفَرَّاءِ : المُهْذِبُ : السَّرِيعُ ، وهو من أَسماءِ الشَّيْطَانِ ، ويُقالُ له : المُذْهِبُ ، أَي المُحَسِّن للمعاصي ، وقد تقدّم في موضعه .
وهَذَّبَ عنها : فَرَّقَ ، قاله السُّكَّريّ وأَنشدَ لبعضِ الهُذَلِيِّينَ :
فهَذَّبَ عَنْهَا ما يَلِي البَطْنَ وانْتَحَى
طَرِيدةَ مَتْنٍ بَيْنَ عَجْبٍ وكاهِلِ
هذرب : ( الهذْرَبَةُ ) : أَهمله الجوهريُّ ، وقال الصاغانيّ عن ابنِ دُرَيْد : هو ( كَثْرَةُ الكَلام في سُرْعَة ) ، لغةٌ في الهَذْرَمَة ، أُبدِلَت الميمُ باءً ، أَو لُثْغَةٌ . ( وهذِهِ هُذَيْرِباهُ ) بالضَّمّ وفتح الثّاني وكسر الرّاءِ ، كما تقول : وهاذه هِجِّيراهُ : ( أَي : عادَتُه ) ، عن الفراءِ .
____________________

(4/388)



( والهُذْرُبَانُ ، كعُنْفُوان ) : الرَّجُلُ ( الخَفيفُ في كَلامه وخِدْمَتِهِ ) ، والسَّرِيعُ فيهما . نقله الصّاغانيُّ .
هذلب : ( الهَذْلَبَةُ ) : أَهمله الجوهَرِيُّ ، وقال ابْنُ دُرَيْد : هو ( الخفَّةُ والسُّرْعَةُ ) قال شيخُنا : صَرَّحغيرُ واحد ، منهم ابْنُ دُرَيْد ، بأَنَّهَا لُثْغَةٌ في هَذْرمَة ، أَبدلوا الرّاءَ لاماً والمِيمَ مُوَحَّدَةً ، ولهذا أَغفلها الجوهريُّ كغيره من أَئمة اللُّغَة .
هرب : ( هَرَبَ ) ، يَهْرُبُ ، ( هَرَباً بالتَّحْريكِ ) من باب : نَصَرَ ، كما تَدُلُّ عليه قاعدةُ إِطلاقه ، وهو الصَّحيح واغْتَرَّ بعضٌ بالمصدرِ المُحَرَّك ، فقال : إِنّه من باب فَرِحَ ، وآخَرونَ إِنَّه من باب فَتَحَ ، لوُجُود حرفِ الحَلْق ، وجَهلَ أَنّ حرف الحَلْق إِذا كان في أَوّله ، فإِنّه لا يُعْتَدُّ بِه ؛ وآخرونَ أَنّه من باب ضَرَبَ ، والصَّحِيحُ الأَوَّلُ ، ( ومَهْرَباً ) ، كطَلَبَ طَلَباً ومَطْلَباً ، هو مصدرٌ مِيميٌّ ، كمَقْعَد ، ( وهَرَباناً ) بالتّحْرِيك ، وهاذِه عن الصّاغانيُّ ، لمَا فيه من الجَوَلانِ والاضْطِرَاب : ( فَرّ ) ، يكونُ ذالك للإِنسان وغيرِه من أَنواع الحَيَوان .
( و ) هَرَّبَ غَيْرَه تَهْرِيباً ، و ( هَرَّبْتُهُ ) أَنا .
( و ) يقال : هَرَبَ ( من الوَتِدِ نصْفُهُ ) في الأَرْض : أَي ( غابَ ) ، قال أَبو وَجْزَةَ :
ومُجْنَأَ كإِزاءِ الحَوْض مُنْثَلِماً
ورُمَّةً نَشبَتْ في هارِبِ الوَتِد
هاكذا وقع في عبارة أَئمّة اللُّغَة ، ولا قَلقَ فيها كما زعمه شيخُنا ، وما صوَّبَهُ ، لا يخلُو عن تأَمُّل .
( و ) قال بعضُهُم : ( أَهْرَبَ ) فلانٌ ، أَي ( أَغْرَقَ في الأَمْرِ ) ، من تهذيب ابن القَطَّاع .
( و ) أَهْرَبَ : ( جَدَّ في الذَّهَاب مَذْعُوراً ) ، أَو غيرَ مذعور . وقال اللِّحْيَانيُّ : يكون ذالك للْفَرَس وغيره
____________________

(4/389)


ممّا يَعْدُو . وقال مَرَّةً : جاءَ مُهْرِباً : أَي جادَّاً في الأَمر . وقيل : جاءَ مُهْرِباً إِذا أَتاكَ هارباً فَزِعاً . قلتُ : وعليه اقتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ .
( و ) أَهْرَبَت ( الرِّيحُ : سَفَت ) ما على وجه الأَرض من ( التُّراب ) والقَمِيمِ وغيره .
( و ) أَهْرَبَ فُلانٌ ( فُلاناً ) : إِذا ( اضْطَرَّهُ إِلى الهَرَب ) .
( و ) قال الأَصْمَعيُّ في نَفْي المالِ : ( مَا لَهُ هَارِبٌ ، ولا قارِبٌ : أَي صَادرٌ عن الماءِ ، ولا وارِدٌ ) إِليه . وقال اللِّحيانيُّ : معناهُ ( أَي ما لهُ شَيْءٌ ) ومالهُ قوْمٌ ؛ قال : ومثلُهُ : ما لَهُ سَعْنَةٌ ، ولا مَعْنَةٌ . وعن ابْنِ الأَعْرَابيّ : الهاربُ : الّذي صدر عن الماءِ ، والقارِبُ : الّذي يَطْلُبُ الماءَ ، ( أَو مَعْنَاهُ : لَيْسَ أَحَدٌ يَهْرُبُ منْهُ ، ولا أَحَدٌ يَقْرُبُ إِلَيْه ) ، أَي : ( فَلَيْسَ هو بشَيْءٍ ) . وفي بعض النُّسَخ : شيء ، من غير مُوَحَّدَة ، وهو أَحدُ أَقوالِ الأَصمعيّ . والمَيْدانيُّ نَسَبَ القولَ الأَوَّلَ للخليل ، وقد تَقَدَّم بعضٌ من ذالك في قرب ، فَلْيُرَاجَعْ وفي الحديث : قال لَه رجلٌ : ( ما لي ولعيالِي هارِبٌ ولا قارِبٌ غَيْرُها ) ، أَي : ما لِي صادرٌ عن الماءِ ولا وَارِدٌ سواها ، يعني ناقَتَهُ .
( و ) عن ابن الأَعْرَابيّ : يُقالُ : ( هَرِبَ ) الرَّجُلُ ، ( كَفَرِحَ ) : إِذا ( هَرِمَ ) ، الميمُ لُغَةٌ في البَاءِ .
( و ) من المجاز : ضَرَبَه فبدا هُرْبُ بَطْنه . ( الهُرْبُ ، بالضَّمِّ : ثَرْبُ البَطْن ) هو ، بفتح المثلَّثة فالسّكون ، يَمَانيَةٌ ، هنا مَحَلُّ ذِكْره ، وقد صَحَّفَه الزَّمَخْشَريُّ فقال : هُدْبُ بطنه ، بالدّال . وقد سبقت الإِشارة إِليه .
( و ) المُهْرَبُ ، ( كمنْبَر : خَشَبةٌ يُقْبِلُ بها الزَّرّاع ) في حَرْثه ، ( ويُدْبِرُ ) نقلَه الصّاغانيُّ .
( والهَارِبيَّةُ : مُوَيْهَةٌ لبني هاربَةَ بْن ذُبْيانَ ) بْن بَغيضِ بْنِ رَيْث بْن غَطَفانَ ، وهم هاربَةُ البَقْعاءِ إِخْوةُ سَعْد وفَزارَةَ . وفي المعارف ، لاِبْن
____________________

(4/390)


قتَيْبَةَ : وقد بادَتْ هاربَةُ ، إِلاَّ بَقِيَّةً يَسيرةً في بني سَعْد . وفي المُعْجَم : قال بشْرُ بنُ أَي خازِم :
ولم نهلكْ لمُرَّةَ إِذْ تَوَلَّوْا
وسارُوا سَيْرَ هَارِبَةٍ فَغَارُوا
وذالك لحرب كانت بينَهُمْ ، فرَحَلُوا من غَطَفانَ ، فنَزَلُوا في بني ثَعْلَبَةَ بْن سَعْد ، فعدادُهُم اليَوْمَ فيهم ، وهم قليلٌ . قال هشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الكَلْبِيُّ : لم أَرَ هَارِبيّاً قَطُّ .
( وسَمَّوْا هَرَّاباً ) ، ومُهْرباً ، ( كشَدَّاد ومُحْسن ) .
( ) مما يُسْتدرَكُ عليه :
فلانٌ لنا مَهْرَبٌ ، وإِليك منك المَهْرَبُ . والمَهْرَبُ : مَوضعُ الهَرَب ، وأَهْرَبَ الرَّجُلُ : إِذا أَبعَدَ في الأَرْض ، وساحَ في الأَرْض وهَرَب فيها ، بالفتح .
وهَرُوبُ : من قُرَى صَنْعَاءَ باليَمَن . كذا في المُعْجَم .
هرجب : ( الهِرْجابُ ، بالكَسْر ، و ) الهِرْجَبُّ ، ( كقرْشَبَ ) ؛ الأَخيرُ عن الصَّاغانيّ : ( الطَّوِيلُ من النّاس وغَيْرِهم ) ، ومن الإِبِل : الطَّوِيلةُ الضَّخْمَةُ ، كالهِرْجال ، والجَمْعُ : الهَراجيبُ ، والهَرَاجيلُ . والهِرْجَابُ : العَظيمُ الضَّخْمُ من كلِّ شيْءٍ ؛ كذا في المُعْجَم . وقيل : الهِرْجَابُ : الَّتي امتدَّتْ مع الأَرْض طُولاً ؛ وأَنْشدَ :
ذُو العَرْشِ والشَّعْشَعاناتُ الهَرَاجيبُ
ونَخْلَةٌ هرْجَابٌ : كذالك ، قال الأَنصاريُّ :
تَرَى كُلَّ هرْجَابٍ سَحُوقٍ كأَنَّها
تَطَلَّى بقَارٍ أَوْ بأَسْوَدَ ناتح
وأَورد الجَوْهريُّ شاهداً على ناقة هرْجَاب قولَ رُؤْبَةَ :
____________________

(4/391)



تَنَشَّطَتْه كُلُّ هِرْجابٍ فُنُقْ
قال ابْن بَرِّيّ : تَرْتِيبُ إِنشاده في رَجَزه :
تَنَشَّطَتْهُ كُلُّ مِغْلاة الوَهَقْ
مَضْبُورَةِ قَرْوَاءَ هِرْجابٍ فُنُقْ
ومعنى تَنَشَّطَتْهُ : أَسرعَتْ قَطْعَهُ ، والضَّمِيرُ يعود إِلى الخَرْقِ الّذِي وُصِفَ قبل هاذا في قوله :
وقاتمِ الأَعْمَاقِ خَاوِي المُخْتَرَقْ
والمِغْلاةُ : الناقةُ الّتي تُبْعِدُ الخَطْوَ . والوَهَقُ : المُبَاراة والمُسَايَرَةُ . ومضبورةٌ مُجْتَمِعَةُ الخَلْقِ . والقَرْواءُ : الطّويلةُ القَرَا ، وهو الظَّهْرُ . والفُنُق : الفَتِيَّة الضَّخْمَةُ .
( وهِرْجاب ) ، بالكَسْر : اسمُ ( ع ) في قولِ عامِرِ بْنِ الطُّفَيْل يَرْثِي أَباه :
أَلاَ إِنّ خَيْرَ النّاسِ رِسْلاً ونَجْدَةً
بِهِرْجَابَ لم تُحْبَسْ عليهِ الركائِبُ
وأَنشد أَبو الحَسَن :
بهِرْجابَ ما دامَ الأَراكُ به خُضْرَا
وأَنشدَ الأَزْهَريّ لابْنِ مُقْبِلٍ :
فطافَتْ بنا مُرْشِقٌ جَأْبَةٌ
بهِرْجَابَ تَنْتَابُ سِدْراً وضَالا
وفي تهذيب ابْنِ القَطّاع : الهَرْجَبَةُ : السُّرْعَةُ .
هردب : ( الهَرْدَبَةُ ) ، والهَرْدَبُ : ( عَدْوٌ ثَقِيلٌ ) . وقد هَرْدَبَ . ونَصُّ ابن القَطّاع ، وغيرِه : الهَرْدَبَةُ : عَدْوٌ ، فيه ثِقَلٌ .
والهِرْدَبُّ ، كقِرْشَبَ ، ( وكقِرْشَبَّةٍ : العَجُوز ) ؛ قال :
أُفَ لِتِلْكَ الدِّلْقِمِ الهِرْدَبَّهْ
العَنْقَفِيرِ الجِلْبِحِ الطُّرْطُبَّهْ
____________________

(4/392)



العَنْقَفِيرُ ، والجلْبِحُ : المُسِنَّةَ . والطُّرْطُبّةُ : الكبيرةُ الثَّدْيَيْنِ . ( و ) قيل : هو ( الجَبَانُ ) ، الضَّخْمُ ، القَلِيلُ العَقْلِ ، ( والمُنْتَفِخُ الجَوْفِ ) الّذي لا فُؤَادَ له .
وقال الأَزهريُّ في التّهْذِيب : يُقَال للرَّجُلِ العظيمِ الطَّويلِ الجِسْمِ هِرْطَالٌ ، وِهرْدَبَّةٌ ، وهَقَوَّرٌ ، وقَنَوَّرٌ .
هرشب : ( الهِرْشَبَّةُ ، كقِرْشَبَّةٍ : العَجُوزُ المُسِنَّةُ ) . وفي التَّهذيب ، في الرباعيّ : عَجُوزٌ هِرْشَفَّةٌ ، وهِرْشَبَّةٌ ، بالفاءِ والباءِ : بالِيةٌ ، كبيرةٌ .
هزب : ( الهَوْزَبُ : البَعِيرُ ) الشديدُ ، قاله الجَرْمِيُّ . و ( القَوِيُّ الجَرْيِ ) . وفي الصَّحاح : الجَرِيءُ ، على فَعِيلٍ ؛ قال الأَعْشَى :
أُزْجِي سَراعِيفَ كالقِسِيِّ من ال
شَّوْحطِ صَكَّ المُسَفَّعِ الحَجَلاَ
والهَوْزَبَ العَوْدَ أَمْتَطِيهِ بِها
والعَنْتَرِيسَ الوَجْناءَ والجَمَلاَ
والهَوْزَبُ : المُسِنُّ الجَرِيءُ من الإِبِلِ ، رُوِيَ ذالك عن الأَصمعيّ .
( و ) الهَوْزَبُ : ( النَّسْرُ ) ، لِطُولِ عِمْرِه . عن ابْنِ دُرَيْدٍ .
( والهَيْزَب : الحَدِيدُ ) ، نَقلَه الصّاغانيّ ، ( و ) منه قيل : ( لَيْثٌ هَيْزَبٌ ) ، أَي : حَدِيدٌ .
( والهازِبَى ) ، مقصوراً ( ويُمَدُّ ) ، لغة فيه : ( جِنْسٌ من السَّمَكِ ) ، نقله الصّاغانيّ .
وهَزّاب : اسْمُ رَجلٍ .
هزرب : ( الهَزْرَبَةُ ) ، بالزّاي بدل الذَّال : أَهمله الجوهَرِيُّ وصاحِب اللِّسان . وقال ابنُ دُرَيْدٍ ، وابْنُ القَطَّاع : هو ( الخفَّةُ والسُّرْعَةُ ) .
هسب : ( الهَسْب ) ، بالهاءِ والسّين المهْمَلة : أَهمله الجَوْهَرِيُّ ، وصاحب اللِّسان . وقال الصّاغانيّ : ( كالحَسْبِ ) بالحاءِ والسّينِ ، وَزْناً ومَعْنًى . وقال
____________________

(4/393)


ابْنُ الأَعْرَابيّ : الهَسْب : الكِفايَةُ .
هصب : ( الهَصْب ) ، بالهاءِ والصّادِ المهملة : أَهمله الجوهريُّ ، وصاحب اللِّسانِ . وقال ابْنُ الأَعرابِيِّ : هو ( الفِرارُ ) ، نقلَه الصّاغانيُّ .
هضب : ( هَضبَتِ السَّمَاءُ ، تَهْضِب ) بالكسر : ( مَطَرَتْ ) ، أَو : دام مَطرُها أَيّاماً ، لا يُقْلِعُ .
وهَضَبَتْهُمْ : بَلَّتْهم بَلاًّ شديداً .
ورَوْضة مَهْضُوبَة .
( و ) هَضَبَ ( الرَّجلُ : مَشَى مَشْيَ البَلِيدِ ) من الدَّوابِّ ، نقله الصّاغانيُّ .
( و ) من المجاز : هَضَبَ ( في الحَديثِ ) ، أَي : ( أَفاض ) واندفعَ فيه فأَكثَرَ ؛ وهَضَبع القومُ في الحَدِيثِ : خاضُوا فيه دُفْعَةً بعدَ دُفْعَةٍ ، وارتفعَتْ أَصواتُهم يقال : أَهْضبوا ، يا قَوْم ، أَي تَكَلَّمُوا . وفي الحديث : ( أَنَّ أَصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم كانوا معه في سَفَرٍ ، فعَرَّسُوا ، ولم يَنْتَبِهُوا حتّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، والنَّبِيُّ ، صلى الله عليه وسلم نائم ، فقال عُمَرُ : أَهْضِبُوا ) معنى أَهضبوا أَي : تَكَلَّمُوا ، وأَفِيضُوا في الحدِيث ؛ لِكَي يَنتبهَ رسولُ الله ، صلى الله عليه وسلم بكلامهم ، يقال : هَضَبَ في الحديث ، ( كَاهْتَضَبَ ) إِذا اندَفعَ فيه . كَرِهُوا أَنْ يُوقِظُوه ، فأَرادَ أَن يستيقظَ بكلامهم .
( والهَضْبَةُ ) ، بفتح فسكون ، ومثلُهُ في التَّهْذِيب والصّحاح ، زاد في لسان العرب : المُتَبَسِّطُ ينبسط ( على ) وجْهِ ( الأَرْضِ ، أَو ) كلُّ ( جَبَلٍ خُلِقَ من صَخْرَة واحدَة ) . وقيل : كلُّ صَخْرَةٍ راسِيَةٍ ، صُلْبَة ، ضَخْمَة : هَضْبَةٌ . ( أَو ) هو ( الطَّوِيل ) من الجِبَالِ ( المُمْتَنِع ، المنْفَرِد ؛ ولا يَكون إِلاَّ في
____________________

(4/394)


حُمْرِ الجِبَالِ ) ، تقول : عَلَوْت هَضْبَةً ، وهِضَاباً .
( و ) الهَضْبَة : ( المَطْرَة ) الدّائمة العظيمةُ القَطْرِ . وقيل : الدُّفْعَةُ منه . وفي حديث لَقِيطٍ : ( فأَرْسلَ السَّماءَ بهَضْبٍ ) أَي : بمَطَرٍ . وفي وصف بني تَمِيمٍ : ( هَضْبَةٌ حَمْرَاءُ ) ، قال ابْنُ الأَثيرِ : قيل : أَرادَ بالهَضْبَةِ ، المطْرةَ الكثيرةَ القَطْرِ . وقيل : أَرادَ به الرّابِيَةَ . وقال أَبو الهَيْثَمِ : الهَضْبَة : دفْعَة واحدَةٌ من مَطَرٍ ثمّ تَسْكُنُ ، وكذالك جَرْيَةٌ واحِدَة . ( ج : هِضَبٌ ) ، مثل بَدْرَةٍ وبِدَرٍ ، نادِر ، وهو جمعُ هَضْبَة المَطَر والجَبَل ، ( وهِضَاب ) ، ككِتابٍ : جمعُ هَضْبَةِ الجَبَل ، ويصْلُحُ أَن يكون جمعاً لهَضْبٍ بمعنى المَطَر ، كما يُؤخَذُ من كلام الجوهريّ . و ( جج ) : أَي جمعُ الجَمعِ : ( أَهاضِيبُ ) . في الصَّحاح عن أَبي زيد : الأَهَاضِيبُ : واحدُها هِضَابٌ ، وواحدُ الهِضَابِ : هَضْبٌ ، وهي حَلَبَات القَطْرِ بعدَ القَطْرِ هاذا هو الصَّحِيح ، ولم يُسمَعْ فيه أَنّهُ جمعُ أَهْضُبٍ على ما هو مشهور في صِيَغِ مُنْتَهَى الجُمُوع ، كما زَعَمَه شيخُنا .
والأَهاضِبُ في قول الهُذَلِيّ :
لَعَمْرُ أَبِي عَمْرٍ و لقد ساقَهُ المَنَى
إِلى جَدَثٍ يُوزَى له بالأَهاضِبِ
أَراد الأَهاضيبَ ، فحذفَ اضطِراراً . وزاد الجوهَرِيُّ وابنُ منظور في جمعِ هَضْبَةِ المَطَرِ والرَّابِية ، ( هَضْبٌ ) ، بفتح فسكون . قال شيخُنا : المراد به الجَمعُ اللُّغَوِيُّ ، فإِنّه اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيّ . وزِيدَ : هَضَبٌ ، محرَّكَةً ، في قول ذِي الرُّمّة :
فباتَ يُشْئزُه ثَأْدٌ ويُسْهِرُه
تَذَاؤبُ الرِّيحِ والوَسْوَاسُ والهَضَبُ
في الصّحاح : هو جمعُ هاضِبٍ ، مثلُ : تابِعٍ وتَبَع ، وباعِدٍ وبَعَدٍ ،
____________________

(4/395)


عن أَبي عمرٍ و . ويُرْوَى : الهِضَبُ ، كعِنَبٍ ؛ وقد تقدَّمَ .
( والهِضَبُّ ، كهِجَفَ : الفَرَسُ الكَثِيرُ العَرَقِ ) ، وهو مَجَاز . قال طَرَفَةُ :
من عَنَاجِيجَ ذُكُورٍ وُقُحٍ
وهِضَبّاتٍ إِذا ابتلَّ العُذَرْ
العَنَاجِيجُ : الجِيَادُ من الخيل ، ويروى يَعَابِيبَ .
( و ) الهَضْبُ : ( الصُّلْبُ الشَّدِيدُ ) .
والهَضْبُ : الضَّخْم من الضِّبَاب ، وغَيْرِها . وسُرِقَ لأَعْرَابِيَّة ضَبَ ، فحُكِمَ لها بضَبَ مِثْلِه ، فقالت : ليس كَضَبِّي ، ضَبِّي ضَبٌّ هِضَبٌّ .
( وغَنَمٌ هَضِيبٌ ) ، كأَمِيرٍ : ( قَلِيلَةُ اللَّبَنِ ) ، كأَنَّهُ مأْخوذٌ من الهَضْب ، وهو حَلْبَةُ القَطْر .
( واسْتَهْضَبَ : صار هَضْباً ) ، وفي الأَساس : هَضْبَةً .
( ويُقَالُ : أَصابَتْهُم أُهْضُوبة ) ، بالضَّمّ ، ( من المَطَرِ ) ، وهي الأُهْضُوبة والجَمع أَهاضِيبُ . وفي حديث عليّ رَضِيَ الله عنه : ( تَمْرِيهِ الجَنُوبُ دِرَرَ أَهاضِيبِه ) . وفي اللِّسان : الأُهْضُوبَةُ ، كالهَضْبِ ، وإِيَّاها كَسَّرَ عَبِيدٌ في قوله :
نَحْنُ قُدْنَا من أَهاضِيبِ المَلاَ الْ
خَيْلَ في الأَرسانِ أَمْثَالَ السَّعالى
والهَضْبُ : يُجْمَعُ على أَهْضابٍ ، ثمّ أَهاضِيب ، كقولٍ وأَقوالٍ ، وأَقاوِيلَ . وأَنشد أَبو الهَيْثمِ للكُمَيْتِ ، يصف فَرَساً :
مُخَيَّفٌ بَعْضُهُ وَرْدٌ وسائِرُهُ
جَوْنٌ أَفَانِينُ إِجْرِيّاهُ لا هَضَبُ
وإِجْرِيّاهُ : جَرْيُهُ ، وعادةُ جَرْيِهِ . أَفانِينُ : أَي فُنُونٌ وأَلْوانٌ . لا هَضَب أَي لا لَوْنٌ واحدٌ . كذا في لسان العرب . وقال يَصِفُ قَوْساً :
____________________

(4/396)



في كَفِّهِ نَبْعَةٌ مُوَتَّرَةٌ
يَهْزِجُ إِنْباضُها ويَهْتَضِبُ
أَي : يُرِنُّ فيُسْمعُ لرَنينِه صوتٌ ، وعن أَبي عمْرٍ و : هضَبَ ، وأَهْضَب ، وضَبَّ ، وأَضَبَّ : كُلُّه كلامٌ فيه جَهارَةٌ .
وفي النّوادر : هضَبَ القَوْمُ ، وضَهَبُوا ، وهَلَبُوا ، وأَلَبُوا ، وحَطَبوا : كُلُّه الإِكْثارُ ، والإِسراعُ . وقولُ أَبي صَخْرٍ الهُذَلِيِّ :
تَصاببْتُ حتَّى اللَّيْلِ منْهنَّ رَغْبتِي
رَوَانِيَ في يَوْمٍ من اللَّهْوِ هاضِبِ
معناه : كانوا قد هَضَبُوا في اللَّهْوِ ، قال : وهذا لا يكونُ إِلاّ على النَّسَب ، أَي : ذي هَضْبٍ .
ومن المَجاز : وهو يَهْضِبُ بالشِّعْرِ وبالخُطَبِ : يَسِحُّ سحّاً . كذا في الأَساس .
وفي حديث ذِي المِشْعارِ : ( وأَهْلُ جِنَابِ الهَضْبِ ) ، الجِنابُ ، بالكَسر : اسْمُ موضعٍ .
وهضْبٌ ، غير مُضافٍ ، جاءَ في شعر زُهَيْرٍ :
فهَضْبٌ فرْقدٌ فالطَّوِيُّ فثادِقٌ
فوَادِي القِنَانِ حَزْمُهُ فمَداخِلُهْ
وهِضَابٌ : موضِع في قول الأَخْطَل :
طَهَّرَتْ خَيْلُنَا الجزِيرةَ مِنْهُمْ
وعَسَى أَنْ تَنَالَ أَهْلَ هِضَابِ
وهَضْبُ الجُثُوم ، وهِضَابُ شَرَوْرَى ، وهضْبُ حَرْس ، وهَضْبُ الدَّخُول ، وهَضْبُ الصُّرَاد ، وهَضْبُ الصَّفَا ، وهَضْبُ غَوْل ، وهَضْبُ القَلِيب ، وهضْبُ لُبْنَى ، وهَضْبُ مَدَاخِل ، وهَضْبُ المِعَا ، وهَضْبُ وَشْجَى : مواضع ، وسيأْتِي ذِكرُها في مَواضِعِها .

____________________

(4/397)


هقب : ( الهَقْبُ ) ، بالفتح : ( السَّعَةُ ) .
( و ) الهِقَبُّ ( كَهِجَفَ : الوَاسِعُ الحَلْقِ ) ، يَلتقمُ كُلَّ شَيْءٍ .
( و ) الهِقَبُّ : ( الضَّخْمُ ) في طُولٍ وجِسْمٍ وخَصَّ بعضُهم به الفحْلَ من النَّعام . قال الأَزهريُّ : قال اللَّيْثُ : الهِقَبُّ : الضَّخْمُ ، ( الطَّويلُ من النَّعَام ) ، وأَنشدَ :
من المُسُوحِ هِقَبٌّ شَوْقَبٌ خَشِبُ
( و ) الهِقَبُّ : الطَّوِيلُ من ( غَيْرِه ) .
( والهَقَبْقَبُ : الصُّلْبُ الشَّدِيدُ ) ، نقلَه الصّاغانيُّ .
( وهِقَبْ ) ، بكسر أَوْله وسكون آخره : ( زَجْرٌ لِلخَيْلِ ) خاصَّةً .
هكب : ( الهَكْبُ ، بالفَتْح ، وبالتَّحْرِيك ) : أَهْملَهُ الجوْهَرِيُّ ، وروى ثعلبٌ عن ابْن الأَعْرابيّ أَنَّه ( الاسْتِهْزاءُ ) أَصله هَكْمٌ ، بالميم . كذا في التّهذيب للأَزهريّ . والفَتْح الذي صَدَّر به ، نقله الصّاغانيُّ .
هلب : ( الهُلْبُ ، بالضَّمِّ : الشَّعَرُ كُلُّه ، أَو ما غَلُظَ مِنْهُ ) ، أَي : من الشَّعَر مطلقاً ، ومثلَهُ قال الجوهَريّ . وجَزَم السُّهَيْليُّ في الرَّوْض بأَنّه الخَشِنُ من الشَّعَر ، وزاد الأَزْهريّ : كشعَرِ ذَنَبِ النّاقة ، ( أَوْ شَعَرُ الذَّنَبِ ) وحْدَهُ ، ( أَو شَعَرُ الخِنْزِيرِ الّذِي يُخْرَزُ بِهِ ) ، واحدتُهُ هُلْبَةٌ .
( وبالتَّحْرِيكِ : كَثْرَةُ الشَّعَرِ ، وهو أَهْلَبُ ) .
والأَهْلَبُ : الفَرَسُ الكَثِيرُ الهُلْبِ .
ورجلٌ أَهْلَبُ : غَلِيظُ الشَّعَرِ . وفي التَّهذيب : رجلٌ أَهْلَبُ : إِذا كانَ شَعَرُ أَخْدَعَيْهِ وجَسَدِه غِلاظاً . والأَهْلَبُ الكثيرُ شَعَرِ الرّأْسِ والجَسَدِ .
والهُلْبُ أَيضاً : الشَّعَرُ النّابتُ على أَجْفانِ العَين .
والهُلْبُ : الشَّعَرُ تَنْتِفُهُ من الذَّنَب ، واحدتُه هُلْبةٌ .
والهُلَبُ : الأَذنابُ ، والأَعْرَافُ المنتوفَة .
____________________

(4/398)



( وهَلَبَهُ ) ، أَي : الفَرَس ، هَلْباً : ( نَتَف هُلْبَهُ ، كهَلَّبهُ ) تَهليباً ، ( فَتَهلَّبَ وانْهَلَبَ ) ، فهو مَهلوبٌ ومُهَلَّبٌ . وفَرَسٌ مَهْلُوبٌ : مَجزوزُ الهُلْبِ ، كما في الأَساس . وفي اللِّسان : أَي مُسْتَأْصَلُ شَعَرِ الذَّنَبِ . وفي حديث أَنَسٍ : ( لا تَهْلُبُوا أَذْنابَ الخَيْلِ ) ، أَي : لا تَسْتَأْصِلُوها بالجَزِّ والقَطْعِ .
( و ) هَلَبَت ( السَّماءُ القَوْمَ ) : إِذا ( بَلَّتْهُمْ بالنَّدَى ) ، أَو نحوِ ذلك ، ( أَو مَطَرَتْهُم مَطَراً مُتَتابِعاً ) ، وبهما فُسِّرَ ما جاءَ في حديثِ خالدٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عنه : ( ما مِن عَمَلي شيْءٌ أَرْجَى عندي ، بعدَ لا إِله إِلاّ اللَّهُ ، من لَيْلَة بِتُّهَا ، وأَنا مُتَتَرِّسٌ بتُرْسِي ، والسَّماءُ تَهْلُبُني ) ، أَي : تَبُلُّني وتُمْطِرُني . وقد هَلَبَتْنَا السَّماءُ : إِذا أَمْطَرَت بجَوْدٍ .
وفي التَّهْذِيب : يُقَال : أَهْلَبَتْنا السَّماءُ ، إِذا بَلَّتْهم بشَيْءٍ من نَدًى ، أَو نحوِ ذلك .
والهَلْبُ : تَتابعُ القَطْرِ ، قال رُؤْبَةُ :
والمُذْرِياتُ بالذَّوارِي حَصْبَا
بها جُلالاً ودُقاقاً هَلْبَا
وهو التَّتابُعُ والمَرُّ ( و ) منه يُقالُ هَلَبَ ( الفَرَسُ ) إِذا ( تابَعَ الجَرْيَ ، كأَهْلَبَ ) فيهما .
ويُقَال : أَهْلَبَ في عَدْوِه إِهْلاباً ، وأَلْهَبَ إِلْهاباً ، وعَدْوُهُ ذُو أَهالِيبَ .
( والهَلُوبُ : المُتَقَرِّبَةُ من زَوْجِهَا ) ، والمُحِبَّةُ له ، المُقْصِيَةُ غيرَهُ ، المتباعدةُ عنه . ( و ) الهَلُوبُ ، أَيضاً : ( المُتَجَنِّبَةُ منه ) ، أَي : من زوجها ، والمُتَقَرِّبة من خِلِّها ، والمُقْصِيَةُ زَوْجَها ( ضِدٌّ ) . وفي حديث عُمَرَ ، رضي اللَّهُ عنه : ( رَحِمَ اللَّهُ الهَلُوبَ ) بالمَعْنَى الأَوّل ، ( ولَعَنَ اللَّهُ الهَلُوبَ ) بالمعنى الثّاني ، وذالك من هَلَبْتُهُ بلِسَاني : إِذا نِلْتَ منه نَيْلاً شديداً ؛ لاِءَنّ المَرْأَةَ تَنَالُ إِمّا من زوجها ، وإِمّا من خدْنهَا . فتَرحَّمَ على الأُولى ، ولعنَ الثّانيةَ . وعن ابن الأَعرابيّ : الهَلُوبُ ، الصِّفَةُ
____________________

(4/399)


المحمودة ، أُخِذَت من اليوم الهَلاّبِ : إِذا كان مَطَرُهُ سَهْلاً لَيِّناً ، دائماً ، غيرَ مُؤْذٍ . والصِّفَةُ المذمومةُ ، أُخِذَت من اليوم الهَلاّب : إِذا كان مَطَرُهُ ذا رَعْدٍ وبَرْق وأَهْوال وهَدْمٍ للمنازل .
( وأُهْلُوبٌ ، كأُسْلُوب : فَرَسُ دُهْرِ ) بالضَّمّ ، ( بْنِ عَمْرٍ و ، أَو فَرَسُ رَبِيعَةَ بنِ عَمْرٍ و ) ، وفي التّكْملة : فَرَس دَهْرِ ابن عَمْرِو بنِ رَبيعةَ الكِلاَبيّ .
وفي المُحْكَم : له أُهْلُوبٌ ، أَي : الْتهابٌ في العَدْوِ وغيرِه ، مقلوبٌ عن أُلْهُوبٍ ، أَو لُغَةٌ فيه .
( و ) قال ابْنُ سِيدَهْ : ( الهَلاّبُ ، كَشَدَّادٍ : الرِّيحُ الباردَةُ مع مَطَرٍ ) ، وهو أَحدُ ما جاءَ من الأَسماءِ على فَعّالٍ ، كالحَبّاب والقَذّافِ ، قال أَبو زُبَيْدٍ :
هَيْفَاءُ مُقْبِلَةً عَجْزَاءُ مُدْبِرَةً
مَحْطُوطَةٌ جُدِلَتْ شَنْبَاءُ أَنْيَايَا
تَرْنُو بعَيْنَيْ غَزَالٍ تحتَ سِدْرِتِهِ
أَحَسَّ يَوْماً من المَشتَاةِ هَلاّبا
هَلاّباً ، هُنا ، بَدلٌ من يوم ، وأَنْيَابا : منصوبٌ على التَّشْبيه بالمفعول به ، أو على التَّمييز ، ( كالهلاَّبةِ ) ، وهي : الرِّيحُ البارِدَة مع القَطْر . ويومٌ هَلاّبٌ : ذو رِيحٍ ومَطَر ، كذا في الصَّحاح .
( و ) الهَلاّبُ ( من الأَعْوَامِ : الكَثِيرُ المَطَرِ ، كالأَهْلَبِ ) يقال : تَامٌ أَهْلَبُ ، أَي : خَصِيب ، مثلُ أَزَبّ ، وهو على التَّشْبِيه ، كما في الصَّحاح .
وفي التَّهْذِيب للأَزْهريّ ، في ترجمة حلب : يومٌ حَلاّبٌ ويَوْمٌ هَلاَّبٌ ، ويومٌ هَمّامٌ وصَفْوَانُ ومِلْحَانُ وشَيْبَانُ . فأَمَّا الهَلاّب : فاليابسُ بَرْداً .
( وهُلْبَةُ الشِّتاءِ ) بالضَّمِّ ، ( وهُلُبَّتُهُ ) بتشديد الثّالث ، بمعنًى واحدٍ ، أَي : ( شِدَّتُهُ ) . قال الأُمَوِيُّ : أَتَيْتُه في هُلْبةِ الشِّتَاءِ : أَي في شدَّةِ بَرْدِه ، وأَصابَهم هُلْبَةُ الزَّمانِ ، مثلُ الكُلْبَة ، عن أَبي حَنيفةَ .
( و ) من المَجَاز : ( هَلَبَهُم بِلسانِه ،
____________________

(4/400)


يَهْلِبُهُم : هَجاهُمْ وشَتَمَهُمْ ، كهَلَّبَهُمْ ) تَهْلِيباً .
قال ابْنُ شُمَيْل : يُقَال : إِنَّهُ لَيَهْلِبُ النّاسَ بلِسانِه : إِذا كان يَهجُوهم وَيَشْتُمُهم ، يقال : هو هَلاّبٌ ، أَي : هَجّاءٌ ، وهو مُهَلَّبٌ ، أَي : مَهْجُوَ .
والمُهَلَّبُ : اسمٌ ، وهو منه . ( ومنه ) سُمِّيَ ( المُهَلَّبُ ) بنُ أَبي صُفْرَةَ الأَزْدِيّ العَتَكِيُّ الفارسُ ( الشّاعِرُ ) الأَميرُ ( أَبو المَهَالِبَةِ ) الأُمَراءِ والمُحَدِّثينَ : ومُهَلَّبٌ على حارِثٍ وعَبّاس ، والمُهَلَّبُ على الحارِثِ والعَبّاسِ .
( أَو ) هو مأْخوذ ( من هَلَّبَهُ ) ، أَي الفَرَسَ ، تَهليباً : إِذا ( نَتَفَ هُلْبَهُ ) ، وبه قال الجوهريُّ ، وابن منظور .
( و ) عن أَبي يَزِيدَ الغَنَوِيّ . في الكانُون الأَوّل : الصِّنُّ ، والصِنَّبْرُ ، والمَرْقِيُّ في القَبْرِ ؛ و ( في الكَانُونِ الثّاني : هَلاّبٌ ومُهلِّبٌ وهَلِيبٌ ، كشَدَّاد ومُحَدِّثٍ وأَمِيرٍ ) ، هاكذا في سائر النُّسَخ الّتي عندنا ، وهو في نسخة الطّبلاويّ ، وفي أُخرى : هُلَيْبٌ ، كزُبير ، ومثلُهُ في التّكْمِلَة . وسقط هاذا الضَّبطُ من نُسخة شيخنا ، فاعترض على المؤلف ؛ وهو باردٌ مثل ( أَيّام بارِدة جِدّاً ، أَو هي ) ، أَي : تلك الأَيّام ( في هُلْبَةِ الشِّتاءِ ) ، بالضَّمّ ، أَي : شِدّتِهِ . وعبارة اللِّسان : يَكُنَّ في هُلْبَة الشَّهْر ، أَيْ في آخِرِه .
( وهالِبُ الشَّعَرِ ، ومُدَحْرِجُ البَعَرِ : من ) جملة ( أَيّامِ الشِّتاءِ ) .
( والأَهْلَبُ : الذَّنَب المُنْقَطِعُ ) ، يقال : هُلِبَ ذَنَبُه : إِذا استُؤْصِلَ جَذّاً . قال المُسَيَّبُ بْنُ عَلَسٍ :
وإِنَّهُمْ قَدْ دَعَوْا دَعْوَةً
سَيَتْبَعُهَا ذَنَبٌ أَهْلَبُ
أَي : مُنْقَطعٌ عنكم ، كقوله : الدُّنْيا وَلَّتْ حَذّاءَ ، أَي : منقطِعةً .
( و ) الأَهْلَبُ : ( الّذي لا شَعَرَ عَلَيْهِ ) .
____________________

(4/401)



( و ) الأَهْلَبُ : ( الكَثِيرُ الشَّعَرِ ) أَي : شَعَر الرَّأْسِ والجسد وفَرسٌ أَهْلَبُ ، ودابَّةٌ هَلْباءُ ، ومنه حديثُ تَمِيمٍ الدّاريّ : ( فَلقِيَهُم دابَّةٌ أَهْلَبُ ) ذكَّر الصّفة ، لأَنَّ الدَّابَّة ، يقَعُ على الذَّكَر والأُنْثَى ، وهي الجَسَّاسَةُ ، ( ضِدٌّ ) .
( والهَلْبَاءُ : الشَّعْراءُ ) ، أَي : الدّابَّةُ الكثيرَةُ الشَّعَر .
( و ) الهَلْبَاءُ : ( الاسْتُ ) ، اسْمٌ غالِبٌ وأَصْلُه الصِّفة .
ورَجُلٌ أَهْلَبُ العَضْرَطِ : في اسْتِهِ شَعَرٌ ، يُذْهَبُ بذالك إِلى اكْتهالِه وتَجرِبته ، حكاه ابْنُ الأَعْرَابيّ . وفي مجمع الأَمْثَال للمَيْدانيّ ، ومثلُه في المُسْتَقْصَى : أَنَّ امرأَة قال لها ابْنُها : ما أَجِدُ أَحَداً إِلاّ غَلَبْتُهُ وقَهَرْتُهُ . فقالت : أَيْ بُنَيَّ ، إِيّاكَ وأَهْلَبَ العَضْرَطِ ، قال : فصَرَعَه رجلٌ مَرَّةً ، فرأَى في اسْتِه شَعرةً . فقال : هاذا الّذِي كانت أُمِّي تِحَذِّرُنِي . يُضْرَبُ في التّحذيرِ لِلمُعْجَب بنفسه .
( و ) من المَجاز : أَرْضٌ هَلْباءُ ، أَي : مجزوزةٌ .
والهَلْبَاءُ : ( ع بَيْنَ مَكَّةَ واليَمَامةِ ، لَهُ يَوْمٌ ) ، قاله الحَفْصِيّ . قال : وإِنّما سُمِّيَتِ الهَلْبَاءَ ، لكَثْرَة نَبَاتِهَا ، وأَنّها تُنْبتُ الحَلِيَّ والصِّلِّيَانَ ، وقال الشَّاعر :
سلِ القاعَ بالهَلْبَاءِ عَنّا وعَنْهُمُ
وعَنْكَ وما نَبَّاكَ مِثْلُ خَبِيرِ
كذا في المُعْجَم .
( و ) يقالُ : وقعنا في ( هُلْبَةٍ هَلْبَاءَ ) بالضّمّ ، أَي : ( داهِيَةٍ دَهْيَاءَ ) .
( و ) عن أَبي عُبَيْدٍ : ( الهُلاَبَةُ ) ، بالضَّمّ : ( غُسَالَةُ السَّلَى ) ، وهي في الحِوَلاءِ . والحُوَلاءُ : رأَسُ السَّلَى ، وهي غِرسٌ كقَدْرِ القَارُورةِ ، تراها خضْراءَ بعدَ الوَلَدِ ، تُسمَّى هُلابَةَ السِّقْيِ .
( ولَيْلَةٌ هالِبَةٌ : مَطِيرةٌ ) ، من : هَلَبَتْهُمُ السَّمَاءُ : إِذا بَلَّتْهُمْ ، كما تقدَّم .
( والأَهالِيبُ : الفُنُونُ ، واحدُها
____________________

(4/402)


أُهْلُوبٌ ) ، بالضَّمّ قال خَليفةُ الحُصَيْنِيُّ يقالُ : رَكِبَ منهم أُهْلُوباً من الثَّناءِ ، أَي : فَنّاً ، وهي الأَهاليبُ . قال أَبو عُبَيْدَةَ : هي الأَسالِيبُ ، واحِدُها أُسْلُوبٌ .
( و ) رَجُلٌ هَلِبٌ : نابتُ الهُلْبِ .
و ( الهَلِبُ : لَقَبُ أَبِي قَبِيصَةَ يَزِيدَ بنِ قُنَافَةَ ) كثُمامَة ، ويقالُ : يَزِيدُ بن عَدِيّ بْنِ قُنَافَةَ ( الطّائِيّ ) . وسمّاه ابْنُ الكلبيّ : سلامة ، ( يَضُمُّه المُحَدِّثُون ) فيقولون : الهُلْبُ ، وشكر اللَّهُ سعيَهم ، ونَضَّرَ وَجْهَهُم ؛ لأَنّه من باب تسمية العادِل بالعَدْلِ ، مبالغةً ، خصوصاً وقد ثبت النّقْل ، وهم العُمْدة ، ( والصَّوابُ ) : الهَلِبُ ، ( كَكَتِف ) . وهو ضبطُ ابْنِ ناصرٍ الدِّمَشْقِيِّ ، والضَّمُّ عن الجُمْهُور ، كما نقله خاتمةُ الحُفّاظِ ابْنُ حَجرٍ العَسْقَلانيُّ ، رحِمه الله تعالى ، وسبب تلقيبه به لأَنّه ( كانَ أَقْرَعَ ، فمَسَحَهُ ) أَي : على رأْسِه ( النَّبِيُّ ، صلَّى اللَّه ) تعالى ( عليه وسلَّمَ ، فنَبَت شَعَرُهُ ) ، قال ابْنُ دُرَيْدٍ : كانَ أَقرعَ ، فصار أَفْرَعَ ، يَعنِي : كان بالقاف ، فصار بالفاءِ .
وفي الحديث : ( إِنّ صاحِبَ راية الدَّجّالِ في عَجْبِ ذَنَبِهِ مثلُ أَلْيَة البَرَقِ ، وفيها هَلَبَاتٌ كَهَلَباتِ الفَرَسِ ) ، أَي : شعراتٌ ، أَو خُصَلاتٌ من الشَّعَرِ .
وفي حديثِ مُعاويةَ : ( أَفْلَتَ وانْحَصَّ الذَّنَبُ ، فقال : كَلاَّ ، إِنّهُ لَبِهُلْبِهِ ) .
وفي حديث المغيرة : ( ورَقَبَةٌ هَلْبَاءُ ) أَي كَثِيرَةُ الشَّعَر .
والهُلْبَةُ : ما فوقَ العَانَةِ إِلى قريبٍ من السُّرَّةِ ، عن ابْنِ شُمَيْل ، ومنه الحديثُ : ( لأَنْ يَمتلىءَ ما بينَ عانَتِي وهُلْبَتِي ) .
وفي نوادر الأَعْرَاب : اهتلبَ السَّيْفَ من غِمْدِه وأَعتقَه وامْتَرَقَه واخْترطَه إِذا اسْتَلَّه .

____________________

(4/403)


هلجب : ( الهِلْجَابُ بالكسر ) أَهمله الجوهَرِيّ ، وقال الأَزهريُّ : هي ( القِدْرُ العَظِيمةُ ) الضَّخْمَةُ وكذالك العَيْلَمُ . كذا في التَّهْذِيب والتَّكْمِلَة .
هلقب : ( ) هلقب . نقل الأَزهَرِيُّ عن أَبي عَمْرٍ و : جُوعٌ ، هُنْبُعٌ ، وهِنْبَاغٌ . وهِلَّقْبٌ ، وهِلَّقْس ، أَي : شديدٌ .
وهذِه المادَّةُ أَغفلها المؤلّف كغيره ، وهي في التهذيب ، ونقلها في اللِّسَان .
هنب : ( الهُنَّباءُ ، بالضَّمّ ) هاذا الضَّبط مع قوله : ( كجُلَّنارٍ ) مُسْتَدْرَكٌ ، وفيه إِطناب ، ووزنه به ، مع الإِجماع على زيادة همزته ، غيرُ مناسب . ( ووَهِمَ الجَوْهَرِيُّ في تَخفيفهِ ) ؛ لاِءَنَّه قال : الهَنَبُ ، بالتّحريك ، مصدرُ قولِك : امرأَةٌ هَنْباءُ ، أَي : بَلْهاءُ ، بَيِّنةُ الهَنَبِ ؛ قال الشّاعر :
مجْنُونَةٌ هَنْبَاءُ بِنْتُ مَجْنُونْ
( و ) إِيّاه يعني بقوله : ( في الشِّعْرِ ) . رَوَى الأَزهريّ عن أَبي خَليفةَ أَن محمَّدَ بْنَ سَلاَّمٍ أَنشده للنّابغة الجَعْدِيُّ :
وَشَرُّ حَشْوِ خِبَاءٍ أَنْتَ مُولِجُهُ
مَجْنُونَةٌ هُنَّباءٌ بِنْتُ مَجْنُونِ
وهي : ( البَلْهَاءُ الوَرْهاءُ ) . قال الصّاغانيُّ : فعلى ما ذَهَبَ إِليه الجَوْهَريُّ تكون القافِيةُ مُقَيَّدَةً ، ووَزْنُ البيتِ : مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فَعُولانْ ، وإِنَّما هو
____________________

(4/404)


تصحيفٌ ، والبيتُ من البَسيط ثم ذكر البيتَ . قال : وآخِرُهُ :
تَسْتَخْنِثُ الوَطْبَ لم تُنْقَضْ مَريرَتُه
وتَقْضَمُ الحَبَّ صِرْفاً غَيْرَ مَطْحُونِ
ووجدتُ بخطِّ أَبي زَكَرِيّا عندَ قولِ الجَوْهَرِيّ هاذا ، قلتُ : وقال غيره : الهُنَبَى ، مضمومُ الهاءِ مفتوحُ النُّون ، مقصورٌ : المرأَةُ المجنونة ، قال الشاعر :
/ وشَرُّ حَشْوِ خِباءٍ أَنْتَ مُولِجُه
مَجْنُونَةٌ هُنَبَى بِنْتٌ لِمَجْنُونِ
انتهى . قال الأَزهريّ : ويُرْوَى : هبتاءُ ، من الهَبْتَة ، وهي الغَفْلة . وقال بعدَ إِنشاد البيت : وهُنَّبَاءُ على فُعَّلاءَ ، بتشديد العين والمَدّ قال : ولا أَعرِف في كلام العرب له نظيراً . قال : ( و ) الهُنَّبَاءُ : ( الأَحْمَقُ ، كالهُنَّبَى ، بالقَصْرِ في الكُلّ ) ، أَي : مع تشديد النّون ، الأَخيرُ نقله الصّاغَانيُّ .
( و ) المِهْنَبُ ، ( كمِنْبَرٍ : الفائِقُ الحُمْقِ ) ، رواه الأَزهريّ عن ابْنِ الأَعرابيّ ، قال : وبه سُمِّيَ الرَّجُلُ هُنْباً .
وقال ( ابْنُ دُرَيْدٍ : امْرَأَةٌ هَنَبَاءُ وهَنَبَى ، بالتَّحْرِيكِ فيهما ) . هاذا النَّقْلُ عنهُ ، غيرُ صَوابٍ ، فإِنّ الّذي نقله عنه ابنُ منظور وغيرُه : امْرَأَةٌ هُنَّباءُ وهُنَّبَى ، يُمَدّ ويُقْصَرُ وأَيضاً على الفرض ، فإِن التَّحْرِيك في كلام ابنِ دُرَيْدٍ ، راجعٌ للثّاني ، لا لهما ، كما توهَّمَه ، وأَشار لذا شيخُنا ، فكلامُ المصنِّف يحتاج إِلى التَّحْرير ، بعدَ تصحيح النَّقْل .
( وهِنْبٌ ، بالكَسْرِ ) : اسْمُ ( رَجُلٍ ) وهو أَبو قبيلةٍ ، وهو هِنْبُ بنُ أَفْصَى بْنُ دُعْمِيّ بْنِ جَدِيلَةَ بْنِ أَسَدِ بنِ رَبِيعَةَ بْنِ نِزارِ بْنِ مَعَدَ . وهو أَخو عَبْدِ القَيْسِ . وأَبو عَمْرٍ و وقاسِطٍ ، قاله ابنُ قُتَيْبَةَ . ولا عجَبَ في تفسير المصنِّف كما توهَّمه شيخُنا .
وقبيلةٌ أُخرى تُعْرَفُ بهِنْبِ بْنِ القَيْنِ بْنِ أَهْوَدَ بْنِ بَهْرَاءَ بْنِ عَمْرِو بن الحافي بْنِ قُضاعَةَ ، ذكره الصّاغانيُّ .
( و ) هِنْبٌ : ( مُخَنَّثٌ ، نَفَاهُ النَّبِيُّ ،
____________________

(4/405)


صلّى الله ) تعالى ( عَلَيْه وسَلَّم ) ، والّذي جاءَ في الحديثِ : ( أَنّ النَّبِيَّ ، صلى الله عليه وسلم نَفَى مُخَنَّثَيْنِ ، أَحدُهما هِيتٌ ، والآخرُ ماتِعُ ) ، إِنّمَا هو هِنْبٌ ، فصحَّفه أَصحابُ الحديث قال الأَزهريُّ : رواه الشّافعيُّ وغيرُه : هيتٌ ، قال : وأَظُنُّه صواباً .
( و ) هِنْبٌ ( جَدُّ جَنْدَلِ بْنِ والِقٍ المُحَدِّث ) ، كُنْيتهُ أَبو عليّ ، نقله الصّاغانيُّ .
هنتب : ( هنْتبَ في أَمْرِهِ ) : أَهمله الجَوْهَرِيُّ وصاحبُ اللّسان . وقال الصّاغاني : ( اسْتَرْخى وتَوَانَى ) .
هندب : ( الهِنْدَبُ ) ، والهِنْدَبَا ( والهِنْدَبَاءُ بِكَسْرِ الهاءِ ) وسكون النُّون ( وفتحِ الدّالِ ) المُهْمَلَةِ ، ( وقد تُكْسَرُ ) أَي الدّالُ ، ونقله الجوهَرِيُّ عن أَبي زيدٍ حالَةَ كَونِها ( مَقْصُورَةً ) . قال الأَزْهريُّ : أَكثرُ أَهل البادية ، يقولون : هِنْدَبٌ ، ( وتُمَدُّ ) ، وكُلٌّ صحيحٌ . وقال كُراع : هي الهِنْدَبَا ، مفتوح الدّال مقصور ، كُلّ ذالك : ( بَقْلَةٌ م ) ، أَي : معروفةٌ من أَحرار البُقُول . وعن ابْن بُزُرْج : هاذه هِنْدَباءُ ، وباقِلاَّءُ ، فأَنَّثُوا ومدُّوا ، وهاذه كَشُوثَاءُ ، مؤنَّثة . وقال أَبو حنيفَةَ : واحدُ الهِنْدَباءِ هِنْدَبَاءَةٌ .
ثمّ إِنّ المؤلِّفَ أَوردَ هاذِه المادَّةَ هنا ، بناءً على أَنّ النّون أَصليّة ، ولا قائلَ به ، ولذا أَوردَهَا الجوهريّ في هَدَب ، وبناءُ فِعْلَل ، كدِرْهَم ، قليلٌ ، غير أَربعةٍ ذَكَرَها أَئمّةُ الصَّرْف . واستطردْتُها وما يتعلَّق بها في كتابنا ( كَوْثَرِيّ النَّبْع لَفَتًى جَوْهرِيِّ الطَّبْع ) ، فليراجَعْ هُنالك .
ثمّ شرع في ذكر منافع هاذه البقلة بقوله : ( مُعْتَدِلَةٌ ، نافِعَةٌ للمَعِدَة والكَبِدِ والطِّحَالِ أَكْلاً ، ولِلَسْعَةِ العقربِ ضِمَاداً بأُصولها ، وطابُخُها أَكْثَرُ خَطَأً من غاسِلِها ) ، ولها مضارٌّ ومصالِحُ أُخَرُ ، استَوْعبها الحكيمُ الماهر داوُودُ الأَنْطاكِيُّ في تذكِرته ، وفيها ما يُرْشِدُك
____________________

(4/406)


إِلى معرفة الكَمّية والكَيْفِيّة والهيئَة في تَعاطِيها ، ومن لم يَعْلَمْها كان الضَّرَرُ أَكثرَ من النَّفع ، وقال أَبو حنيفةَ : ( الوَاحِدَةُ هِنْدَبَاةٌ ) .
( وهِنْدَابَةُ ، بالكسرِ ) : اسمُ امْرَأَة سوداءَ ، وهي ( أُمُّ أَبي هنْدَابَةَ الكِنْدِيِّ الشّاعرِ ) الفارسِ ، واسمُه زِيادُ بنُ حارِثَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ قَتِيرَةَ ، حكاه ابْنُ دُرَيْدٍ ، ونقله الصّاغانيُّ في هدب .
هنقب : ( الهَنْقَبُ ) ، كجَعفَر : أَهمله الجوهريُّ والصّاغانيُّ ، وقال ابنُ دُرَيْد : هو ( القَصِيرُ ) ، قال : وليس بِثَبت ، وضَبطَه بعضُهم بكسر الهاءِ وتشديد النُّون ، كجِرْدَحْلٍ .
هوب : (*! الهَوْبُ : البُعْدُ ) ، وبه صَدَّرَ الجوهريُّ .
( و ) عن أَبي عُبَيْدٍ : *!الهوْبُ : الرَّجُلُ ( الأَحْمَقُ المِهْذَارُ ) ، أَي : الكثير الكلام ، كذا في الصّحاح ، وجمعه *!أَهْوابٌ .
( و ) *!الهَوْبُ : ( وَهَجُ النّارِ ) ، واشتعالُها ، يَمَانِيةٌ .
*!وهَوْبُ الشَّمْسِ : وَهَجُها ، بلُغَتِهم .
( و ) يقال : ( تَرَكْتُه في هوْبٍ دابِرٍ ، ويُضَمُّ ) . ووجدت في هامش الصَّحاح بخطّ أَبي زَكَرِيّا ، ورواه غيرُه : تركته في*! هَوْبِ دابرٍ ، مضافاً : ( أَي : بحَيْثُ لا يُدْرَى ) أَينَ هو .
وهَوْبُ دابِرٍ : اسمُ أَرض ، غَلَبت عليها الجِنُّ . و ( قِيلَ صوابُهُ ) : هَوْتُ دابرٍ ( بالتّاءِ ) المُثَنّاة الفوقيّة ، بدل الموحَّدة ، قال الصّاغانيُّ : وهو أَصحُّ ، ( ووَهِمَ الجَوْهَرِيُّ ) ، وحيث إِنّه لم يَثْبُت عندَهُ ، وهو عُمْدَة أَهلِ الفَنِّ ، لا يُنْسَب الوَهَم إِليه ، كما هو ظاهر .
( *!والأَهْوَابُ ) ، كأَنَّه جمعُ هَوْب ، وفي نُسخة :*! الأَهْوَبُ : ( ع بساحِلِ اليَمَنِ ) ، وهو فُرْضَةُ زَبِيدَ ممّا
____________________

(4/407)


يلي عَدَنَ ، وفُرْضَتُها الأُخْرى الّتي تلي جُدَّةَ غُلافِقَةُ .
( *!والهُوَيْبُ ، ككُمَيْت : ع بِزَبيد ) ، وفي المُعْجَم : قَرْيَةٌ من قُرَى وادي زَبِيدَ باليَمن . ومن محاسن الجِناس ، قولُ الفاضلِ بْنِ جَيّاشٍ الحَبَشِيّ صاحِب زَبِيدَ :
لِلَّهِ أَيّام الحُصَيْب ولا خَلَتْ
تِلْكَ المَعَاهِدُمن صِباً وتَصابِي
لا عَيْشَ إِلاّ ما أَحَاطَ بِسُوجِه
شَطُّ *!الهُوَيْبِ وساحِلُ الأَهْوابِ
هكذا أَورده يحيى بْنُ إِبراهِيمَ العَمَكِيّ في كتابه علم القوافي ، ونقله النّاشِرِيّ في أَنساب البشر .
هيب : (*! الهَيْبَةُ ) : الإِجلالُ ، و ( المَخَافَةُ و ) عن ابنِ سِيدهْ : الهَيْبَةُ : ( التَّقِيَّةُ ) من كُلِّ شَيْءٍ ، (*! كالمَهابَةِ . و ) قد (*! هابَهُ *! يهابُهُ ) ، كخَافَهُ يَخَافُهُ ، (*! هَيْباً ) ،*! وهَيْبَةً ، (*! ومَهَابَةً : خافَهُ ) وراعَهُ ، (*! كاهْتَابَهُ ) ، قال :
ومَرْقَبٍ تَسْكُنُ العِقْبَانُ قُلَّتَهُ
أَشْرَفْتُهُ مُسْفِراً والشَّمْسُ *!مُهْتَابَهَ
وفي كتاب الأَفعال : هابَه من باب تَعِبَ : حَذِرَه ، ويُقال : هَابَه*!يَهِيبُه ، نقله الفَيُّوميُّ في المصباح .
ونقل شيخُنا عن ابنِ قَيِّم الجَوْزِيَّةِ ، فِي الفرْق بين المَهَابَة والكِبْر ، ما نَصُّه : إِنّ *!المَهابةَ أَثرُ امتلاءِ القلْبِ بمهابةِ الرَّبّ ومحبَّته ، وإِذا امتلأَ بذالك ، حلَّ فيه النُّورُ ، ولَبِس رِداءَ الهَيْبة ، فاكتسَى وَجهُهُ الحَلاوة َ*!والمَهَابَةَ فحَنَّت إِليهِ الأَفئدةُ ، وقَرَّتْ بها العُيُونُ . وأَمّا الكِبْرُ ، فهو أَثَرُ العُجْبِ في قلْبٍ مملوءٍ جهلاً وظُلُمات ، رانَ عليه المَقْتُ ، فنَظَرُه شَزْرٌ ، ومِشْيَتُهُ تَبخْتُرٌ ، لا يبْدأُ بسَلام ، ولا يَرى لاِءَحدٍ حَقّاً عليه ، ويَرى حَقَّهُ على جميع الأَنامِ ،
____________________

(4/408)


فلا يزدادُ من اللَّهِ إِلاّ بُعْداً ، ولا من النّاس إِلا حَقاراً وبُغْضاً . انتهى .
( وهو *!هائِبٌ ) ، وهو أَصلُ الوصْف . والأَمْر فيه : هَبْ ، بفتح الهاءِ ، لأَنّ الأَصل فيه : هابْ ، سقطت الأَلفُ ، لاجتماع السّاكنَيْن ، وإِذا أَخبرتَ عن نفسك ، قُلْتَ : *!هِبْتُ ، وأَصلُه : هَيِبْتُ ، بكسر الياءِ ، فلما سُكِّنت ، سقطت ، لاجتماع السّاكنين ، ونُقِلَتْ كسرتُها إِلى ما قَبْلَهَا . فقِسْ عليه ، كذا في الصّحاح .
( و ) رَجُلٌ (*! هَيُوبٌ ) ، كصَبُورٍ : هو ومَا بَعْدَهُ يأْتي للمُبَالَغَة ، وفي حديثِ عُبَيْدِ بنِ عُميْر : ( الإِيمانُ هَيُوبٌ ) أَي*! يُهابُ أَهلُه ، فَعُولٌ بمعنى مفعول ، وهو مَجاز ، على ما في الأَساس ، والنّاسُ يَهابون أَهلَ الإِيمان ، لاِءَنّهم*! يَهابون اللَّهَ ويَخافونَهُ . وقيلَ : هو فَعُولٌ بمعنى فاعلٍ ، أَي : أَنَّ المؤمنَ يَهابُ الذُّنوبَ والمَعَاصِيَ ، فيَتَّقِيها . ويُقَالُ : *!هَبِ النّاسَ *!يَهابُوكَ ، أَي : وَقِّرْهُم ، يُوَقِّرُوكَ . وقد ذَكَرَ الوجْهينِ الأَزهريُّ وغيرُه ، (*! وهَيَّابٌ ) كشَدَّادٍ ، (*! وَهَيِّبٌ ) كسيّد ، وجُوِّز فيه التَّخفيف كبين (*! وهيْبَانٌ ) كشَيْبَان ، (*! وهَيِّبانٌ ، بكَسْرِ المُشَدَّدةِ مع فَتْحِها ) ، هاكذا في النُّسَخ الصَّحِيحة ، وسقط من بعضِها ، ( *!وهَيَّابَةٌ ) بزيادة الهاءِ ، لتأْكيد المُبَالغة ، كما في : عَلاّمة ، كُلُّ ذالك بمعنى ( يَخَافُ النّاسَ ) زاد في اللّسان :*! وهَيُّوبَةٌ .
( و ) رجلٌ (*! مَهُوبٌ ) ، وكذلك مَكَانٌ مَهُوبٌ ، ويأْتي للمصنِّف ، ( و ) رجل (*! مَهِيبٌ ) كَمَقِيلٍ ، (*! وهَيُوبٌ ) كصَبُورٍ ، ( وَهَيْبَانٌ ) كَشَيْبَان : إِذا كان ( يَخافُه النجاسُ ) ، أَمّا هَيُوب فقد يكونُ*! الهائبَ ، وقد يكون *!المَهِيب . *!ومَهِيبٌ واردٌ على القياس ، كمَبِيع . وأَمّا هَيْبَان ، فلم يَذْكُرْهُ الجوهريُّ ، وبالغَ في إِنكاره شيخُنا ، وهو منه عجيبٌ ، فإِنه قال ثعلب :*! الهَيَّبَانُ : الذِي يُهابُ ، فإِذا كان ذالك كان *!الهَيَّبَان في مَعْنَى المفعول ، ونقله ابْنُ منظورٍ
____________________

(4/409)


وغيرُهُ ، فكيف يسوغُ لشيخنا الإِنكارُ ، واللَّهُ حليمٌ سَتَّار ؟ .
(*!-وتَهَيَّبَنِي ) الشَّيءُ : بمعنى*! تَهَيَّبْتُه أَنا . ( و ) قال ابْنُ سِيدَه : تَهَيَّبَنِي الشَّيْءُ ، و ( تَهَيَّبْتُهُ : خِفْتُهُ ) ، وخَوَّفَنِي ؛ قال ابْنُ مُقْبِلٍ :
وما*!-تَهَيُّبُنِي المَوْمَاةُ أَرْكَبُها
إِذَا تَجاوَبَتِ الأَصْدَاءُ بالسَّحَرِ
قال ثعلب : أَي ل*!أَتَهَيَّبُها أَنا ، فَنَقَل الفِعْلَ إِليْها . وقال الجَرْمِيّ : لا *!-تَهَيَّبُنِي المَوْماةُ ، أَي : لا تَمْلأُنِي مَهابَةً .
(*! والهَيَّبانُ ، مُشَدَّدَةً ) أَي ياؤُه مع فَتْحِها ، كما نقله أَقوامٌ عن سِيبَوَيْهِ في الصَّحِيح ، وهو الَّذي في نسختنا ونَقَل قومٌ الكسرَ : ( الكَثِيرُ ) من كُلِّ شَيْءٍ .
( و ) الهَيَّبَانُ : ( الجَبَانُ ) *!المُتَهَيِّبُ الذي *!يَهابُ النّاسَ ، كالهَيُوبِ . ورجلٌ هَيُوبٌ : يَهَابُ من كلِّ شَيءٍ . قال الجَرْميّ : هو فَيْعَلان ، بفتح العين ، وضَبْط الجَوْهَريِّ بِكَسْرِهَا . وقال بعضُ العلماءِ : لا يجوزُ فيه الكسرُ ، لأَنَّ فَيْعلان ، لم يجيء في الصَّحيح ، وإِنَّمَا جاءَ فيه فَيْعَلان كقَيْقَبَان . والوجْهُ أَن يُقَاسَ المُعْتَلّ بالصّحيح . قال شيخنا : هو قِياسٌ غيرُ صحيح ، ولا يُعْرَفُ الفتحُ في المعتلِّ ، كما لا يُعْرَفُ الكسر في الصَّحِيح ، إِلاّ في نَوَادِرَ .
( و ) الْهَيَّبَانُ : ( التَّيْسُ ) ، نقله الصّاغانيُّ .
( و ) قيل : الْهَيَّبانُ : ( الخَفِيفُ ) النَّحِزُ .
( و ) الهَيَّبانُ : ( الرّاعِي ) ، عن السِّيرافيّ .
( و ) الهَيَّبانُ : ( التُّرَابُ ) ، أَنشدَ :
أَكُلَّ يَوْمِ شعِرٌ مُسْتَحْدَثُ
نحنُ إِذاً في الهَيَّبانِ نَبْحَثُ
____________________

(4/410)



( و ) الهَيَّبانُ : ( زَبَدُ أَفْوَاهِ الإِبِلِ ) . وفي سِفْر السّعادة : الزَّبَد الّذي يَخرجُ من فَمِ البعيرِ ، ويسَمّى اللُّغَامَ . وفي المُجْمَل : هو لُغَامُ البعيرِ ، وأَنشد الأَزْهَرِيُّ لِذي الرُّمَّةِ :
تَمُجُّ اللُّغَامَ الهَيَّبانَ كأَنَّهُ
جَنَى عُشَرٍ تَنْفِيهِ أَشداقُها الهُدْلُ
وجَنَى العُشَر ، يَخرُجُ مثلَ رُمّانةٍ صَغيرةٍ ، فيَنْشَقُّ عن مثل القَزِّ ، شَبَّهَ لُغَامَها به . والبَوَادِي يجعلُونه حُرَّاقاً يُوقِدُونَ به النّار ، كذا في اللِّسان .
( و ) هَيَّبانُ : ( صَحابِيٌّ أَسْلَمِيٌّ ) ، يُرْوَى عن ابنه عبدِ اللَّهِ ، عَنْهُ ، في الصَّدَقة . كذا في المعجم ، هكذا يقوله أَهلُ اللُّغَة ، ( وقد يُخَفَّفُ ) ، وهو قولُ المُحَدِّثينَ . ( وقد يُقالُ هَيَّفانُ ، بالفاءِ ) ، وهو قولُ بعضهم أَيضاً .
( و ) من المَجَاز ( *!المَهِيبُ ) كمبِيع (*! والمَهُوب ، *! والمُتَهَيَّبُ ) بتشديد الياءِ المفتوحة : ( الأَسدُ ) ، لِمَا يَهَابُه النّاسُ .
( و ) من المجازِ ، أَيضاً : ( الهَابُ : الحَيَّةُ ) .
( و ) *!الهَابُ : ( زَجْرُ الإِبِلِ عندَ السَّوْقِ*! بِهَابْ هَابْ ، وقد*! أَهَابَ بِها ) الرَّجُلُ : ( زَجَرَهَا ، و ) أَهابَ ( بالخَيْلِ : دَعَاها ، أَو زَجَرَها بِهَابْ ، أَو بِهَبْ ) ، الأَخيرُ مَرَّتِ الإِشارةُ إِليه في هبّ . وقال الجوهَرِيُّ : أَهابَ بالبعير ، وأَنشد لِطَرَفَةَ :
تَرِيعُ إِلى صَوْتِ المُهِيبِ وتَتَّقِي
بذِي خُصَل رَوْعَاتِ أَكْلَفَ مُلْبِد
تَرِيعُ : أَي تَرْجِعُ وتَعودُ . وذي خُصَل أَي ذَنَبٍ ذِي خُصَل . ورَوْعات : فَزَعات . والأَكْلَفُ : الفَحْلُ ، والمُلْبِد : صِفَتُه .
( و ) يقال في زجْر الخيلِ : ( هَبِي ، أَي : أَقْبِلِي ، وأَقْدِمِي ) ، وهَلاّ : أَي قَرِّبِي . قال الكميت :
____________________

(4/411)



نُعَلِّمُها هَبِي وهَلاً وأَرْحِبْ
وفي أَبْيَاتِنَا ولنا افْتُلِينَا
وقال الأَعْشَى :
ويَكْثُرُ فيها هَبِي واضْرَحِي
قال الأَزْهَرِيّ : وسَمِعْتُ عُقَيْلِيّاً يقولُ لاِءَمَةٍ كانت تَرْعَى رَوَائد خَيْلٍ ، فجَفَلَتْ في يومٍ عاصِفٍ ، فقال لها : أَلا *!-وأَهِيبِي بها ، تَرِعْ إِليكِ . فجعَلَ دُعاءَ الخيل*! إِهابَةً أَيضاً قال : وأَما *!هَابِ ، فلم أَسمَعْهُ إِلا في الخَيْل دُونَ الإِبِل . وأَنشد بعضهم :
والزَّجْرُ هَابِ وهَلاً تَرَهَّبُهْ
( ومَكَانٌ*! مَهَابٌ ) بالفَتْح ، (*! ومَهُوبٌ ) ، كقولك : رجلٌ*! مَهُوبٌ ، وقد تقدمتِ الإِشارَةُ إِليه ولو ذُكِرا في محلَ واحِدٍ كان أَرْعَى لصَنْعَتِه ، ولاكنْ لمّا قرَنَه بمَهابِ ، اقتضى الحالُ تأْخِيرَه أَي : مَهُولٌ ( *!يُهَابُ فيهِ ) وعلى الأَوّل قولُ أُمَيةَ بْنِ أَبي عائذٍ الهُذلِيّ :
أَلا يا لَقَوْمِ لِطَيْفِ الخَيالِ
أَرَّقَ من نازِحٍ ذِي دَلالِ
أَجَازَ إِلَيْنَا على بُعْدِهِ
مَهَاوِي خَرْقٍ مَهَابٍ مَهالِ
قال ابْن بَرّيّ : *!مَهَابٌ : مَوضعُ هَيْبةِ . ومَهَالٌ : مَوْضع هَوْلٍ . والمَهَاوِي : جمعُ مَهْوًى ومَهْوَاة ، لِما بَيْن الجَبَلَيْنِ ونحوهما . قلت : وهاكذا في شرح ديوان الهُذَلِيّينَ ، لابن السُّكّرِيّ .
وفي الصّحاح : رَجلٌ*! مهُوبٌ ، ومَكَانٌ مَهُوبٌ : ( بُنِيَ على قَوْلِهِم *!هُوبَ الرَّجُلُ ، حَيْثُ نَقَلُوا من الياءِ إِلى الواوِ
____________________

(4/412)


فيهما ) كذا في النُّسَخ ، وكَأَنَّه يعني *!مَهَاباً *!ومَهُوباً . والّذِي في الصّحاح : لمّا نُقِلَ من الياءِ إِلى الواو فيما لم يُسمَّ فاعِلُه ؛ وأَنشد الكِسائيُّ :
ويَأْوي إِلى زُغْب مَسَاكِينَ ، دُونَهُمْ
فَلاً ، لاَ تَخَطّاهُ الرِّفاقُ ، مهُوبُ
قال ابْنُ بَرِّي : صوابُ إنشادِه : وتَأْوِي ، بالتّاءِ ؛ لأَنّه يَصفُ قَطاةً ، ووجدتُ في هامش النُّسخة ، ما نَصُّه : هو حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ ، والمشهورُ في شعره :
تَعِيثُ بهِ زُغْباً مَسَاكِينَ دُونَهُمْ
وهاذا الشّيءُ *!مَهْيَبَةٌ لك .
(*! وهَيَّبْتُه إِلَيْهِ ) : إِذا ( جَعَلْته *!مَهِيباً عِنْدَهُ ) ، أَي : مما يُهَابُ منه .
( ) وممَّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
*!هابَهُ ،*! يَهابهُ : إِذا وَقَّرَهُ ، وإِذا عَظَّمَهُ .
*! والهَيبانُ : رَجُلٌ من أَهلِ الشّامِ عالِمٌ ، بسَبَبِهِ أَسْلَمَ بنو سعيةَ ، قاله شيخُنا .
ومن المجاز : *!أَهابَ بصاحِبه : إِذا دَعاهُ ، ومثلُه : *!أَهَبْتُ به إِلى الخَيْر ، وأَصلُه في الإِبِل . وهو في تهذيب ابن القَطَّاع . وفي حديث الدُّعاءِ : ( وقَوَّيْتَنِي على ما أَهَبْتَ بِي إِليه من ظاعتِك ) ، ومنه حديثُ ابنِ الزُّبَيْرِ في بِناءِ الكعبةِ : ( *!وأَهابَ الناسَ إِلى بَطْحِه ) ، أَي : دَعاهُمْ إِلى تَسوِيَته .
وأَهابَ الرَّاعِي بغَنَمِه : صاحَ لِتَقِفَ أَو لِتَرْجِعَ ، وذَا في الصّحاح .
*!والإِهابَةُ : الصَّوْتُ بالإِبِل ودُعاؤُهَا ، كذلك قال الأَصمعيُّ وغيرُهُ ، ومنه قولُ ابْنِ أَحْمَرَ :
إِخَالُهَا سَمِعَتْ عَزْفاً فَتحْسَبُهُ
*! إِهابةَ القَسْرِ لَيْلاً حِينَ تَنْتَشِرُ
وقَسْرٌ : اسمُ راعي إبلِ ابْن أَحْمَرَ ، قائلِ هاذا الشِّعْرِ ، وسيأْتي في الراءِ .
*!وهابُ : قَلْعَةٌ عظيمة من العَوَاصِم . كذا في المُعْجم .
وبئرُ *!الهَابِ : بالحَرَّةِ ظاهِر المَدِينةِ ==...

==========

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجلد{5} النهاية في غريب الحديث والأثر لمجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (المتوفى: 606هـ)

  5. مجلد{5} النهاية في غريب الحديث والأثر   لمجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري اب...