Translate بادي -8-7707-

الخميس، 14 أبريل 2022

كتاب 16. : تاج العروس من جواهر القاموس

 

  كتاب 16. : تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني-أبو الفيض ، الملقّب بمرتضى ، الزَّبيدي  

----

==  الكلامِ الفصيحِ ، فتقول : هاذا كَلاَمٌ سَمِينٌ ، أَي جَيِّد وقالوا : شِعْرٌ قُصِّدَ ، إِذا نُقِّحَ وجُوِّدَ وهُذِّب ، وقيل : سُمِّيَ الشِّعْرُ التامُّ قَصيداً لأَن قائلَه جَعَلَه مِن بَالِه فَقَصَدَ له قَصْداً ولم يَحْتَسه حَسْياً على ما خَطَر بِبَالِه وجَرَى على لِسَانِه ، بل رَوَّى فيه خاطِرُه . واجْتَهَد في تَجْوِيده ، ولم يَقْتَضِبْهُ اقْتِضَاباً ، فهو فَهيلٌ مِن القَصْدِ ، وهو الأَمُّ ، ومنه قولُ النابِغَةِ :
وقَائِلَةٍ مَنْ أَمَّهَا واهْتَدَى لَهَا
زِيَادُ بْنُ عَمْرٍ و أَمَّهَا وَاهْتَدَى لَهَا
أَرادَ قَصِيدَته التي يقول فيها :
يا دَارَميصةَ بِالعَلْياءِ فَالسَّنَدِ
والقَصِيدةُ : المُخَّةُ إِذا خَرَجَتْ مِنَ العَظْمِ ، وإِذا انْفَصلَتْ مِن مَوْضعِها أَو خَرجتْ ، قيل : انْقَصَدَتْ وتَقَصَّدَتْ ، وقد قَصَدَهَا قَصْداً ، وقَصَّدَهَا : كَسَرَهَا . ( أَو دُونَ ، كالقَصُودِ ) ، بالفتح ، قال أَبو عُبَيْدة : مُخُّ قَصِيدٌ وقَصُودٌ ، وهو دونَ السَّمِين وفوقَ المَهْزُولِ ، ( و ) القَصِيد ( : العَظْمُ المُمِخُّ ) ، وعَظْمٌ قَصِيدٌ : مُمِخٌّ ، أَنشد ثلعبٌ :
وهُمْ تَرَكُوكُمْ لا يُطَعَّمُ عَظْمُكُمْ
هُزَالاً وكانَ العَظْمُ قَبْلُ قَصِيدَا
أَي مُمِخًّا ، وإِن شِئتَ قُلتَ : أَرادَ ذَا قَصِيدٍ ، أَي مُخَ . ( و ) عن الليث : القَصِيدُ ( : اللَّحْمُ اليَابِسُ ) ، وأَنشد قولَ أَبي زُبَيْدِ :
وإِذَا القَوْمُ كَازَادُهُمُ اللَّحْ
مَ قَصِيداً مِنْهُ وغَيْرَ قَصِيدِ
وقيل : القَصِيدُ : السَّمِين ها هُنَا وأَنشدَ غيرُه للأَخْطَل :
وَسِيرُوا إِلَى الأَرْضِ التي قَدْ عَلِمْتُمُ
يَكُنْ زَادُكُمْ فِيها قَصِيدَ الأَباعِرِ
( و ) القَصِيدُ من الإِبل ( : النَّاقَةُ السَّمِينةُ ) المُمْتَلِئةُ الجَسِيمَةُ التي ( بِهَا
____________________

(9/41)


نَقْيٌ ) ، بالكسر ، أَي مُخٌّ ، أَنشد ابنُ الأَعرابيّ :
وخَفَّتْ بَقَايَا النِّقْيِ إِلاَّ قَصِيبَةً
قَصِيدَ السُّلاَمَى أَوْ لَمُوساً سَنَامُها
وقال الأَعشى :
قَطَعْتُ وصَاحِبِي سُرُحٌ كِنَازٌ
كَرُكْنِ الرَّعْنِ ذِعْلِبَةٌ قَصِيدُ
( و ) القَصِيد ( : العَصَا ) ، والجَمْعُ القَصَائِدُ ، قال حُمَيْد بن ثَوْرٍ :
فَظَلَّ نِسَاءُ الحَيِّ يَحْشُونَ كُرْسُفاً
رُؤُوسَ عِظَامٍ أَوْ ضَحَتْهَا القَصَائدُ
وفي اللسان : سُمِّيَ بِذالك لأَن بها يُقْصَدُ الإِنْسانُ ، وهي تَهْدِيه وتَؤُمُّه ، كقولِ الأَعْشَى :
إِذَا كَانَ هَادِي الفَتَى فِي البِلاَ
دِ صَدْرَ القَنَاةِ أَطَاعَ الأَمِيرَا
( كالقصِيدَة ، فِيهِمَا ) ، أَي في الناقَةِ والعَصَا ، أَما الناقَة فقد جاءَ ذالك عنِ ابنِ شُمَيْلٍ ، يقال : ناقَةٌ قَصِيدٌ وقَصِيدَةٌ . وأَما في العَصَا فلم يُسْمَع إِلاَّ القَصِيد .
( و ) القَصِيد : ( السَّمِينُ مِنَ الأَسْنِمَةِ ) ، قال المُثَقِّبُ العَبْدِيُّ :
وأَيْقَنْتُ إِنْ شاءَ إِلاهُ بِأَنَّه
سَيُبْلِغُنِي أَجْلاَدُهَا وقَصِيدُهَا
( و ) القَصِيد ( مَنَ الشِّعْرِ : المُنَقَّحُ المُجَوَّدُ ) المُهَذَّب ، الذي قد أَعْمَلَ فيه الشاعرُ فِكْرتَه ولم يَقْتَضِبْه اقْتِضَاباً ، كالقَصِيدة ، كما تقدَّمَ .
( و ) في الأَفعال لابن القطَّاع : ( أَقْصَدَ ) السَّهْمُ : أَصَابَ فَقَتَلَ مَكَانَه .
( و ) أَقْصَدَ الرجلُ ( فُلاناً : طَعَنَه ) أَو رَماه بسَهْمٍ ( فلمْ يُخْطِئْهُ ) ، أَي لم يُخْطِىءُ مَقَاتِلَه ، فهو مُقْصَدٌ ، وفي شعر حُمَيدِ بن ثَورٍ :
أَصْبَح قَلْبِي مِنْ سُلَيْمَى مُقْصَدَا
إِنْ خَطَأً مِنْهَا وإِنْ تَعَمُّدَا
( و ) أَقْصَدَته ( الحَيَّةُ : لَدَغَتْ فقَتَلَتْ ) ، قال الأَصمعيُّ : الإِقصادُ :
____________________

(9/42)


أَنْ تَضْرِبَ الشَّيْءَ أَو تَرْمِيَه فيَمُوتَ مَكَانَه ، وقال الأَخْطَلُ :
فإِنْ كُنتِ قَدْ أَقْصَدْتِني إِذْ رَمَيْتِنِي
بِسَهْمَيْكِ فَالرَّامِي يَصِيدُ ولا يَدْرِي
أَي ولا يَخْتلُ . وفي حديثِ عَلِيَ : ( وأَقْصَدَتْ بأْسْهُمِها ) . وقال الليث : الإِقصادُ هو القَتْلُ علَى المَكَانِ ، يقال : عَضَّتْه حَيَّةٌ فأَقْصَدَتْه .
( والمُقَصَّدَةُ ، كمُعَظَّمَةٍ : سِمَةٌ للإِبِلِ في آذَانِهَا ) ، نقَلَه الصاغانيّ .
( و ) المُقْصَد ، ( كمُكْرَمٍ : مَنْ يَمْرَضُ سَرِيعاً ) ، وفي بعض الأُمهات : ثمَّ يَموت .
( والمَقْصَدَةُ كالمَحْمَدَةِ : المَرْأَةُ العَظيمةُ التَّامَّةُ ) ، هاكذا في سائر النسخ التي بأَيدينا ، والذي في السان وغيرِه : العَظِيمةُ الهامَةِ التي ( تُعْجِبُ كُلَّ أَحَدٍ ) يَرَاها .
( و ) لمَقْصَدَةُ ، وهاذه ضَبَطَهَا بعضُهُم كمُعَظَّمةٍ ، وهي المرأَة ( التي ) تَمِيل ( إِلى القِصَر ) .
( والقَاصِدُ : القَرِيبُ ) ، يقال : سَفَرٌ قاصِدٌ ، أَي سهْلِ قَرِيبٌ . وفي التزيلِ العَزيزِ { لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ } ( سورة التوبة ، الآية : 42 ) قال ابن عَرَفَة : سَفَراً قاصِداً ، أَي غَيْرَ شَاقَ ولا مُتَنَاهِي البُعْدِ ؛ كذا في البَصَائِر ، وفي الحديث عَلَيْكُمْ هَدْياً قَاصِداً ) أَي طَرِيقاً ( مُعْتَدِلاً ) وفي الأَفعال لابن القَطَّاع . وقَصَدَ الشيءُ : قَرُبَ .
( و ) من المجاز ، يقال : ( بَيْنَنَا وَبَيْنَ الماءِ لَلَةٌ قاصِدَةٌ ) ، أَي ( هَيِّنَةُ السَّيْرِ ) لا تَعَبَ ولا بُطءِ ، وكذالك لَيَالٍ قَواصِدُ .
( ) ومما يستدرك عليه :
قَصُدَ قَصَادَةً : أَتَى .
وأَقْصَدَني إِليه الأَمْرُ .
وهو قَصْدُك وقَصْدَكَ أَي تُجَاهَكَ ، وكونُه اسماً أَكْثَرُ في كلامهِم ، وقَصَدْتُ قَصْدَه ، ( نَحَوْتُ ) . نَحْوَه .
وقَصَدَ فُلاَنٌ في مَشْيِه ، إِذا مَشَى مُسْتَوِياً .
____________________

(9/43)



واقْتَصَد في أَمْرِه : استَقَامَ . وقال ابنُ بُزُرْجِ : أَقْصَدَ الشاعِرُ ، وأَرْمَلَ ، وأَهْزَج وأَرْجَزَ . منِ القَصِيدِ والرَّمْلِ والهَزَجِ والرَّجَزِ .
وعن ابن شُمَيْلٍ : القَصُودُ من الإِبِل ( الجامِسُ المُخِّ .
والقَصْدُ : اللَّحْمُ اليابِسُ ، كالقَصِيد .
والقَصَدَةُ ، مُحَرَّكَةً : العُنُق ، والجمْع أَقْصَادٌ ، عن كُراع ، وهاذا نادِرٌ قال ابن سِيدَه . : أَعْنِي أَن يَكون أَفْعَالٌ جَمْعَ فَعَلَةٍ إِلاَّ عَلَى طَرْحِ الزائدِ ، والمَعروف القَصَرَةُ .
وعن أَبي حَنيفة : القَصْدُ يَنْبُتُ في الخَرِيف إِذا بَرَدَ الليْلُ من غَيْرِ مَطَرٍ .
وفي الأَفعال لابن القَطَّاع : تَقَصَّدَ الشيْءُ ، إِذا ماتَ ، وفي اللسان : تَقَصَّدَ الكَلْبُ وغيرُه ، أَي مَاتَ ، قال لَبِيدٌ :
فَتَقَصَّدَت مِنْهَا كَسَابِ وَضُرِّجَتْ
بِدَمٍ وغُودِرَ فِي المَكَرِّ سُحَامُهَا
وفي البصائر : سَهْمٌ قاصِدٌ ، وسِهَامٌ قَوَاصِدُ : مُسْتَوِيَةٌ نَحْوَ الرَّمِيَّةِ ، ومثلُه في الأَساس .
وبابُك مَقْصِدِي . وأَخَذْت قَصْدَ الوادِي وقَصِيدَه .
وأَقْصَدتْه المَنِيَّةُ .
وشِعْرٌ مُقَصَّد ومُقَطَّع ، ولم يُجْمَع في المُقَطَّعَات كما جَمَعَ أَبو تَمَّام ، ولا في المُقَصَّدَات كما جَمَع المُفَضَّل .
ومن المجاز : عَلَيْكَ بما هو أَقْصَدُ وأَقْسَطُ ، كُل ذالك في الأَساسِ .
قعد : ( القُعُودُ ) ، بالضمّ ، ( والمَقْعَدُ ) ، بالفتح ( : الجُلُوسُ ) . قَعَد يَقْعُد قُعُوداً ومَقْعَداً ، وكَوْنُ الجُلُوس والقُعود مُترادِفَيْنِ اقتصرَ عليه الجوهريُّ وغيرُه ، ورَجَّحه العلاَّمة ابنُ ظفَر ونقلَه عن عُرْوَةَ بنِ الزُّبيرِ ، ولا شكَّ أَنَّه مِن فُرْسَانِ الكَلاَمِ ، كما قالَه شيخُنا . ( أَو هُوَ ) أَي القُعُود ( مِنَ القِيَامِ ، والجُلُوسُ مِنَ الضَّجْعَةِ ومِنَ السُّجودِ ) ، وهذا قد صَرَّحَ به ابنُ خَالَوَيْهِ وبعضُ أَئمَّة الاشتقاق ،
____________________

(9/44)


وجَزَم به الحَرِيريُّ في الدُّرَّة ، ونَسَبَه إِلى الخَليل بن أَحمدَ ، قال شيخُنا : وهناك قولٌ آخَرُ ، وهو عَكْسُ قولِ الخَلِيل ، حكاه الشَّنَوانيُّ ، ونقلَه عن بعض المُتَقدِّمِين ، وهو أَن القُعُود يكون من اضْطجَا . وسُجود ، والجُلوس يكون مِن قِيامٍ ، وهو أَضْعَفُهَا ، ولستُ منه عَلى ثِقَةٍ ، ولا رأَيْتُه لِمَن أَعتمدهُ ، وكثيراً ما يَنْقُل الشَّنَوَانيُّ غَرَائبَ لا تَكاد تُوجَدُ في النَّقْلِيَّاتِ . فالعُمْدَة على نَحْوِه وآرائِه النَّظَرِيَّة أَكثرُ . وهناك قولٌ آخرُ رابعٌ ، وهو أَن القُعُودَ ما يكون فيه لُبْثٌ وابقامةٌ مَا ، قال صاحِبُه : ولذا يُقَال قَوَاعِدُ البَيْتِ ، ولا يُقَال جَوَالِسُه . والله أعلم .

تابع كتاب ( وقَعَدَ به : أَقْعَده . والمَقْعَدُ والمَقْعَدَةُ : مَكَانُه ) أَي القُعودِ . قال شيخُنا : واقْتِصارُه على قَوْلِه ( مَكَانُه ) قُصُورٌ ، فإِن المَفْعَل مِن الثلاثيِّ الذي مُضَارِعه غيرُ مكسورٍ بالفَتْحِ في المَصْدَرِ ، والمكانِ ، والزَّمَانِ ، على ما عُرِف في الصَّرْفِ . انتهى . وفي اللسان : وحَكى اللِّحيانيُّ : ارْزُنْ في مَقْعَدِك ومَقْعَدَتِك ، قال سيبويهِ : وقالوا : هو مِنّي مَقْععدَ القَابِلَة ، أَي في القُرْبِ ، وذالك إِذا دَنَا فَلَزِقَ مِن بَيْنه يَديْكَ ، يريد : بِتِلْكَ المَنْزِلَة ، ولاكنه حذف وأَوْصَلَ ، كما قالوا : دَخَلْت البيتَ ، أَي في البيْتِ .
( والقِعْدَةُ ، بالكسر : نَوْعٌ منه ) ، أَي القُعُودِ ، كالجِلْسَةِ ، يُقَال : قَعَدَ قِعْدَةَ الدُّبِّ ، وثَرِيدَةٌ كقِعْدَةِ الرَّجُلِ . ( و ) قِعْدَةُ الرَّجُل ( : مِقْدَارُ ما أَخَذَه القَاعِدَ مِن المَكَانِ ) قعوده . ( ويُفْتَح ) ، وفي اللسان : وبالفَتْحِ المَرَّةُ الواحِدَةُ . قال اللِّحيانيُّ : ولها نَظائرُ . وقال اليَزيدِيُّ : قَعَدَ قَعْدَةً واحِدَةً وهو حَسَنُ القِعْدَة .
( و ) القِعْدَةُ ( : آخِرُ وَلَدِكَ ) ، يقال ( للذَّكَرِ والأُنْثَى والجَمْعِ ) ، نقلَه الصاغانيّ .
( و ) يقال : ( أَقْعَدَ البِئرَ : حَفَرَهَا قَدْرَ قِعْدَةٍ ) ، بالكسر ، ( أَوْ ) أَقْعَدَها ، إِذا
____________________

(9/45)


( تَرَكَها عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ ولَمْ يَنْتَهِ بها المَاءَ ) . وقال الأَصمعيُّ : بِئْرٌ قِعْدَةٌ ، أَي طُولُها طولُ إِنسانٍ قاعِدٍ ؛ وقال غيره عُمْقُ بِئْرِنا قِعْدَةٌ وقَعْدَةٌ ، أَي قَدْرُ ذالك ، ومرَرْتُ بماءٍ قِعْدَةَ رَجُلٍ ، حكاه سِيبويهِ ، قال : والجَرُّ الوَجْهُ ، وحكى اللِّحْيَانيُّ : ما حَفَرْتُ في الأَرْضِ إِلاَّ قِعْدَةً وقَعْدَةً . فظهر بذالك أَن الفَتْحَ لُغَةٌ فيه . فاقتصارُ المصنِّف على الكَسْرِ : قُصورٌ ، ولم يُنَبّه على ذالك شَيْخُنا .
( وذو القَعْدَةِ ) ، بالفتح ( ويُكْسَر : شَهْرٌ ) يَلِي شَوَّالاً ، سُمِّيَ به لأَن العرَبَ ( كانوا يَقْعُدُونَ فِيه عَنه الأَسْفَارِ ) والغَزْوِ والمِيرَةِ وطَلَبِ الكَلإِ ويَحُجُّون في ذي الحِجَّةِ ، ( ج ذَوَاتُ القَعْدَةِ ) يعني : بجمْع ذي وإِفراد القَعْدَة ، وهو الأَكثر ، وزاد في المِصْباح : وذَوَات القَعَدَاتِ . قلت : وفي التهذيب في ترجمة شعب ، قال يونس : ذَوَات القَعَدَاتِ ، ثم قال : والقِيَاس أَن يقول : ذَوَاتُ القَعْدَة .
( والقَعَدُ ، مُحَرَّكَةً ) ، جمعُ قاعدٍ ، كما قالوا حَارِسٌ وحَرَسٌ ، وخادِمٌ وخَدَمٌ . وفي بعض النسخ : القَعَدةُ . بزيادة الهاءِ ومثله في الأَساس ، وعبارته . وهو من القَعَدَةِ قَوْمٍ من ( الخَوَارِج ) قَعَدُوا عن نُصْرَةِ عَلَيَ كَرَّمَ الله وَجْهَه و ( عن ) مُقَاتَلَتِه ، وهو مَجاز . ( ومَنْ يَرَى رَأَيَهُمْ ) أَي الخوارِجِ ( قَعَدِيٌّ ) ، مُحَرَّكَةً كَعَرَبِيَ وعَرَبٍ ، وعَجَمِيَ وعَجَمٍ ، وهم يَرَوْنَ التَّحْكِيمَ حَقًّا ، غيرَ أَنّهُمْ قَعَدُوا عَن الخُرُوجِ على الناسِ ؛ وقال بعضُ مُجَّان المُحْدَثِينَ فيمَن يَأْبَى أَنْ يَشْربَ الخَمْرَ وهو يَسْتَحْسِن شُرْبَها لِغَيْرِه ، فشَبَّهه بالذي يَرَى التَّحْكِيمَ وقد قَعَد عنه فقال :
فَكَأَنِّي وَمَا أُحَسِّن مِنْهَا
قَعَدِيُّ يُزَيِّنُ التَّحْكِيمَا
( و ) القَعَدُ : ( الذينَ لا دِيوانَ لَهُمْ ، و ) قيل : القَعَدُ ( : الذين لا يَمْضُونَ إِلى القِتَالِ ) ، وهو اسمٌ للجَمْع ، وبه سُمِّيَ قَعَدُ الحَرُورِيَّة ، ويقال : رَجُلٌ قاعِدٌ عن الغَزْوِ وقَوْمٌ قُعَّادٌ وقاعِدُون ، وعن ابنِ الأَعرابيّ : القَعَدُ : الشُّرَاةُ الذين
____________________

(9/46)


يُحَكِّمُونَ ولا يُحَارِبُون ، وهو جمعُ قاعدٍ ، كما قالُوا حَرَسٌ وحارِسٌ .
( و ) قال النضْرُ : القَعَدُ : ( العَذِرةُ ) والطَّوْفُ .
( و ) القَعَدُ : ( أَن يَكونَ بِوَظِيفِ البَعِير تَطَامُنٌ واسْتِرْخَاءٌ ) ، وجملٌ أَقْعَدُ ، من ذالك ، ( و ) القَعَدَة ، ( بِهَاءٍ : مَرْكَبٌ للنِّساءِ ) ، هاكذا في سائر النُّسخ التي عندنا ، والصواب على ما في اللسان والتكملة : مَرْكَب الإِنسان ، وأَمّا مَرْكَب النِّساءِ فهو القَعِيدةُ ، وسيأْتي في كلام المصنف قريباً . ( و ) القَعَدَةُ أَيضاً ( الطِّنْفسَةُ ) التي يُجحلسَ عليها وما أَشبهَها .
( و ) قالوا : ضَرَبَه ضَرْبَة ( ابْنَة اقْعُدى وقُومِي ) أَي ضَرْبَ ( الأَمَة ) ، وذالك لقُعودِهَا وقِيامِها في اخِدْمَة مَوالِيها ، لأَنها تُؤْمَر بذالك ، وهو نَصُّ كلامِ ابنِ الأَعرابيّ .
( و ) أُقْعِد الرَّجُلُ : لم يَنْهَضْ ، وقال ابنُ القَطَّاع : مُنِعَ القِيَامَ ، و ( به قُعَادٌ ) ، بالضمّ ، ( وإِقْعَادٌ ) أَي ، ( دَاءٌ يُقْعِدُه ، فهو مُقْعَدٌ ) ، إِذا أَزْمَنَه دارٌ في جَسَدِه حتى لا حَرَاكَ به ، وهو مَجَازٌ . وفي حديث الحُدُودِ : ( أُتِيَ بامرأَةٍ قد زَنَتْ ، فقال : مِمَّنْ ؟ قالت : من المُقْعَد الذي في حائِطِ سَعْدٍ ) ، قال ابنُ الأَثير : المُقْعَد : الذي لا يَقْدِر على القِيَامِ لِزَمَانَةٍ به ، كأَنَّه قد أُلْزِم القُعُودَ ، وقيل : هو من القُعَادِ الذي هو الدَّاءُ يأْخُذُ الإِبلَ في أَوْرَاكِها فيُمِيلُها إِلى الأَرض .
( و ) من المَجاز : أَسْهَرَتْنِي ( المُقْعَدَاتُ ) ، وهي ( الضَّفَادِعُ ) ، قال الشَّمَّاخُ :
تَوَجَّسْنَ وَسْتَيْقَنَّ أَنْ لَيْسَ حَاضِراً
عَلَى المَاءِ إِلاص المُقْعَدَاتُ القَوَافِزُ
( و ) جَعل ذُو الرُّمَّةِ ( فِرَاخ القَطَا قَبحلَ أَنْ تَنْهَضَ ) للطَّيَرانِ مُقْعَدَاتٍ فقال :
إِلى مُقْعَدَاتٍ تَطْرَحُ الرِّيحُ بِالضُّحَى
عَلَيْهِنَّ رَفْضاً مِنْ حَصَادِ القَلاَقِلِ
____________________

(9/47)



( و ) قال أَبو زيدٍ ( قَعَدَ ) الرجلُ ( : قَامَ ) ، وروى أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ ( عن النبيّ صلى الله عليه وسلمأَنّه قَرَأَ { فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ } ( سورة الكهف ، الآية : 77 ) فهدَمه ثُمَّ قَعَدَ يَبْنِيه ، قال أَبو بكرٍ : معناه ثُمَّ قامَ يَبنيه ) وقال اللَّعِين المِنْقَرِيّ واسمُه مُنَازِلٌ ، ويُكنى أَبا الأُكَيْدِر :
كَلاَّ وَرَبِّ البَيْتِ يا كَعَابُ
لاَ يُقْنِعُ الجَارِيَةَ الخِضَابُ
وَلاَ الوِشَاحَانِ وَلاَ الجِلْبَابُ
مِنْ دُونِ أَنْ تَلْتَقِيَ الأَرْكَابُ
ويَقْعُدَ الأَيْرُ لَهُ لُعَابُ
أَي يَقُوم . وقَعَد : جَلَس ، فهو ( ضِدٌّ ) . صَرَّح به ابنُ القَطَّاع في كتابِه ، والصَّاغانيُّ وغيرُه .
( و ) من المجاز : قَعَدت ( الرَّخَمَةُ ) ، إِذا ( جَثَمَتْ ، و ) من المَجَازِ : قَعَدَت ( النَّخْلَةُ : حَمَلَتْ سَنَةً ولمْ تَحْمِلْ أُخْرَى ) ، فهي قاعِدَةٌ ، كذا في الأَساس ، وفي الأَفعال : لم تَحْمِل عَامَهَا .
( و ) قَعَدَ فُلانٌ ( بِقِرْنةِ : أَطَاقَهُ ) و ( قَعَد ) بَنُو فُلانٍ لِبَني فُلانٍ يَقْعُدُون : أَطاقُوهُم وجَاءُوهم بأَعْدَادِهِمِ .
( و ) من المَجاز : قَعَدَ ( للحَرْبِ هَيَّأَ لَهَا أَقْرَانَها ) ، قال :
لأُصْبِحَنْ ظَالِماً حَرْباً رَبَاعِيَةً
فَاقْعُدْ لَهَا وَدَعَنْ عَنْكَ الأَظَانِينَا
وقوله :
سَتَقْعُدُ عَبْدُ الله عَنَّا بِنَهْشَلٍ
أَي سَتُطِيقُها بأَقْرَانِهَا فتَكْفِينا نحن الحَرْبَ .
( و ) من المجاز : قَعَدَت ( الفَسِيلَةُ : صَارَ لَهَا جذْعٌ ) تقْعُد عَلَيْه .
( والقَاعِدُ هي ) ، يقال : في أَرْض فُلانٍ مِن القاعِدِ كذا وكذا أَصْلاً ، ذَهَبُوا به إِلى الجِنْسِ ، ( أَو ) القاعِدُ من النَّخْل ( : التي تَنَالُها اليَدُ ، و ) قال ابنُ الأَعرابيّ في قول الراجز :
تُعْجِلُ إِضْجَاعَ الجَشِيرِ القَاعِدِ
قال : القاعِدُ ( : الجُوَالِقُ المُمْتَلِىءُ
____________________

(9/48)


حَبًّا ) كأَنَّه من امتلائه قاعِدٌ . والجَشِير : الجُوَالِق .
( و ) من المجاز : القَاعِدُ من النساءِ ( : التي قَعَدَتْ عَنِ الوَلَدِ و ( عَن ) الحَيض و ( عن ) الزَّوْجِ ) ، والجمْعُ قَوَاعِدُ . وفي الأَفعال : قَعَدت المرأَةُ عن الحَيْضِ : انقَطَعَ عنهَا ، وعن الأَزواجِ : صَبَرتْ ، وفي التنزيل { وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النّسَآء } ( سورة النور ، الآية : 60 ) ، قال الزجَّاجُ : هن اللواتي قَعَدْنَ عن الأَزواجِ ، وقال ابن السّكّيت : امرأَةٌ قاعِدٌ . إِذا قَعَدَتْ عن المَحيضِ ، فإِذا أَرَدْتَ القُعُودَ قلت : قاعِدَةٌ . قال : ويقولون : امرأَةٌ واضِعٌ ، إِذا لم يكن عليها خِمَارق ، وأَتَانٌ جامِعٌ إِذا حَمَلَت ، وقال أَبو الهيثم : القواعِدُ من ( صِفات ) : الإِناث ، لا يقال : رِجَالٌ قواعدُ . ( و ) في حديث أَسماءَ الأَشْهَلِيَّةِ : ( إِنَّا مَعاشِرَ النِّسَاءِ مَحْصوراتٌ قَوَاعِدُ بُيُوتِكم ، وحَوَامِلُ أَوْلادِكم ) قال ابن الأَثير : القواعِدُ : جمع قاعِدٍ ، وهي المرأَةُ الكبيرةُ المُسِنَّةُ ، هاكذا يقال بغير هاءٍ ، أَي أَنها ذاتُ قُعُودٍ ، فأَمَّا قاعِدةٌ فهي فاعِلَة من قولِك ( قَدْ قَعَدَتْ قُعُوداً ) ، ويجمع على قواعِدَ أَيضاً . ( وقَوَاعِدُ الهَوْدَجِ : خَشَبَاتٌ أَرْبَعُ ) مُعْترِضَة ( تَحْتَه رُكِّب فِيهِنَّ ) الهَوْدَجُ .
( ورَجُلٌ قِعْدِيٌّ ، بالضمّ والكسر : عاجِزٌ ) ، كأَنه يُؤْثِر القُعُودَ ، وكذالك ضُجْعِيٌّ وضِجْعِيّ ، إِذا كان كثير الاضْطِجَاعِ .
( و ) يقال : فلانٌ ( قَعِيدُ النَّسَبِ ) ذو قُعْدُدٍ ( و ) رجل ( قُعْدُدٌ ) بضم الأَوّل والثالث ( وقُعْدَدٌ ) بضمّ الأَوّل وفتح الثالث ، أَثبتَه الأَخْفَشُ ولم يُثْبِته سيبويه ( وأَقْعَدُ ، وقُعْدُودٌ ) ، بالضمّ ، وهاذه طائِيَّةٌ ( : قَرِيبُ الآباءه مِنَ الجَدِّ الأَكْبَرِ ) ، وهو أَمْلَكُ القَرَابَةِ في النَّسب ، قال سيبويه : قُعْدُدٌ مُلْحَقِ بِجُعْشُهمٍ ، ولذالك ظَهر في المِثْلاَن .
وفلان أَقْعَدُ من فُلاَنٍ ، أَي أَقْرَبخ منه إِلى جَدِّه الأَكبر ، وقال اللِّحْيَانيُّ ؛ رجلٌ ذو قُعْدُدٍ ، إِذا كان قريباً مِن القبيلةِ والعَدَدُ فيه قِلِّةٌ . يقال : هو
____________________

(9/49)


أَقْعَدُهم ، أَي أَقرَبُهُم إِلى الجَدِّ الأَكْبَرِ . وأَطْرَفُهُم وأَفْسَلُهم ، أَي أَبْعَدُهم من الجَدِّ الأَكبرِ ، ويقال : فلانٌ طَريفٌ بَيِّنُ الطَّرَافَةِ إِذَا كَان كثيرَ الآباءِ إِلى الجَدِّ الأَكبرِ ، ليس بذي قُعْدُدٍ ، وقال ابنُ الأَعرابيّ : فلانٌ أَقْعَدُ من فُلانٍ أَي ايقل آباءً والإِقعادُ : قِلَّةُ الآباءِ والأَجدادِ . ( والقُعْدُدُ : البَعِيدُ الآباءِ مِنْه ) ، أَي من الجَدِّ الأَكبرِ وهو مَذمومٌ ، والإطْرَافُ كَثْرَتُهم ، وهو محمودٌ ، وقيل : كلاهُمَا مَدْحٌ . قال الجوهريّ : وكان عبدُ الصَّمدِ بنُ عَلِيّ بن عبد الله الهاشميُّ أَقْعَدَ بني العَبَّاسِ نَسَباً في زَمانِه ، وليس هاذا ذَمًّا عندهم ، وكان يقال له : قعدُد بني هاشمٍ ، ( ضِدٌّ ) ، قال الجوهريُّ : ويُمْدَح به مِنْ وَجْهٍ لأَنّ الوَلاَءَ لِلْكُبْرِ ، ويُذمُّ به مِن وَجْهٍ لأَنه من أَولادِ الهَرْمَى ، ويُنْسَب إِلى الضَّعْفِ ، قال الأَعشى :
طَرِفُونَ وَلاَّدُونَ كُلَّ مُبَارَكٍ
أَمِرُونَ لاَ يَرِثُونَ سَهْمَ القُعْدُدِ
أَنْشَدَه المَرحزُبانيُّ في مُعْجَم الشعراءِ لأَبِي وَجْزَة السَّعْدِيّ في آلِ الزُّبَيْرِ . ورَجُلٌ مُقْعَدُ النَّسبِ : قَصِيرُه ، من القُعْدُدِ ، وبه فَسَّر ابنُ السِّكيتِ قَوْلع البَعِيثِ :
لَقًى مُقْعَدُ الأَنْسَابِ مُنْقَطَعٌ بِهِ
وقوله : مُنْقَطَعٌ به : مُلْقًى ، أَي لا سَعْيَ له إِن أَرادَ أَنْ يَسْعَى لم يَكُنْ به عَلَى ذالك قُوَّةُ بُلْغَةٍ ، أَي شَيْءٍ يَتَبَلَّغُ به ، وي ال : فُلانٌ مُقْعَدُ الحَسَبِ ، إِذا لمْ يَكن له شَرَفٌ ، وقد أَقْعَدَه آباؤُه وتَقَعَّدُوه ، وقال الطِّرِمَّاح يَهجو رجُلاً :
ولاكِنَّه عَبْدٌ تَقَعَّدَ رَأَيَهُ
لِئَامُ الفُحُولِ وارْتِخَاصُ المَنَاكِحِ
أَي أَقْعَدَ حَسَبَهَ عَن المكارمِ لُؤْمُ آبائِه وأُمَّهَاتِه ، يقال : وَرِثَ فلانٌ بالإِقْعَادِ ، ولا يُقَال : وَرهثَ بالقُعودِ .
( و ) القُعْدَدُ : ( : الجَبَانُ اللّئيمُ ) في حَسَبهِ ( القَاعِدُ عَن ) الحَرْبِ و ( المَكارِم )
____________________

(9/50)


وهو مَذمومٌ ( و ) القُعْدَدُ ( : الخَامِلُ ) قال الأَزهريُّ : رَجلٌ قُعْدُدٌ وقُعْدَدٌ : إِذا كان لئيماً ، مِنَ الحَسَبِ المُقْعَد . والقُعْدَد : الذي يَقْعُد به أَنْسَابُه . وأَنشد :
قَرَنْبَي تَسُوفُ قَفَا مُقْرِفٍ
لَئِيمٍ مَآثِرُهُ قُعْدُدِ
ويقال : اقتَعَدَ فُلاناً عن السَّخاءِ لُؤْمُ جِنْثِه ، ومنه قولُ الشاعرِ :
فَازَ قِدْحُ الْكَلْبِيِّ واقْتَعَدَتْ مَعْ
زَاءَ عَنْ سَعْيِهِ عُرُوقُ لَئِيمِ
( و ) رجل ( قُعْدِيٌّ وقُعْدِيَّةٌ ، بضمِّهما ، ويُكْسَرانِ ) الأَخيرة عن الصاغانيّ ( و ) كذالك رجل ( ضُجْعِيٌّ ) بالضمّ ( ويُكْسَرُ ، ولا تَدْخُلُه الهاءُ ، وقُعَدَةٌ ضُجَعَةٌ ، كهُمَزَةٍ ) . أَي ( كَثِيرُ القُعُودِ والاضْطِجَاعِ ) ، وسيأْتي في العين إِن شاءَ الله تعالى .
( والقُعُودُ ) ، بالضمّ ( : الأَيْمَةُ ) ، نقَلَه الصاغانيّ ، مصدر آمَتِ المرأَةُ أَيْمَةً ، وهي أَيِّمٌ ، ككَيِّس ، من لا زَوْجَ لها ، بِكْراً كانت أَو ثَيِّباً ، كما سيأْتي .
( و ) القَعُودُ ، ( بالفتح ) : ما اتَّخذه الراعِي للرُّكوب وحَمْلِ الزَّادِ والمَتَاع وقال أَبو عبيدةَ : وقيل : القَعُودُ ( من الإِبل ) هو الذي ( يَقْتَعِدُه الرَّاعِي في كُلِّ حاجَةٍ ) ، قال : وهو بالفَارِسِيّة رَخْتْ ( كالقَعُودَةِ ) ، بالهَاءِ ، قاله الليثُ ، قال الأَزهريّ : ولم أَسْمَعْه لغيرِه . 6 قلت : وقال الخليلُ : القَعُودَةُ من الإِبل : ما يَقْتَعِدُه الراعي لحَمْلِ مَتاعِه . والهاءُ للمبالَغَةِ ، ( و ) يقال : نِعْمَ ( القُعْدَة ) هاذا ، وهو ( بالضمّ ) المُقْتَعَدُ .
( واقْتَعَدَهُ : اتَّخَذَه قُعْدَةً ) ، وقال النضْر : القُعْدَة : أَن يَقْتَعِدَ الراعِي قَعُوداً مِن إِبلِه فيَرْكَبه ، فجَعَل القُعْدَةَ والقَعُودَ شيئاً واحداً ، والاقْتِعَادُ : الرُّكوبُ ، ويقول الرجُلُ للراعي : نَسْتَأْجِرْك بكذا ، وعلينا قُعْدَتُك . أَي عَلَيْنا مَرْكَبُك ، تَرْكَبُ من الإِبل ما شِئْتَ
____________________

(9/51)


ومتَى شِئْت . ( ج أَقْعِدَةٌ وقُعُدٌ ) ، بضمتين ( وقِعْدَانٌ ) ، بالكسر ، ( وقعائِدُ ) ، وقَعَادِينُ جَمْعُ الجَمْعِ .
( و ) القَعُود : ( القَلُوصُ ) ، وقال ابن شُمَيْل : القَعُودُ ، من الذُّكور ، والقَلُوص ، من الإِناث ، ( و ) القَعود أَيضاً ( البَكْرُ إِلى أَن يُثْنِيَ ) ، أَي يَدخل في السَّنَة الثانية .
( و ) القَعُود أَيضاً ( : الفَصِيلُ ) ، وقال ابنُ الأَثير : القَعُود من الدَّوَابِّ : ما يَقْتَعِده الرجُلُ للرُّكُوب والحَمْلِ ، ولا يَكُونُ إِلاَّ ذَكَراً ، وقيل : القَعُودُ ذَكَرق ، والأُنثَى قَعُودَةٌ . والقَعُود من الإِبل : ما أَمْكَن أَنْ يُرْكَبَ ، وأَدْنَاه أَن يَكُون له سَنَتَانِ ، ثم هود قَعُودٌ إِلى أَن يُثْنِيَ فيَدْخُل في السَّنَةِ السَّادِسَة ، ثم هو جَمَلٌ . وذكر الكِسَائيُّ أَن سَمِعَ مَن يقول قَعُودَةٌ للقَلُوصِ ، وللذَّكر قَعُودٌ . قال الأَزهريّ : وهاذا عند الكسائيّ مِن نوادِرِ الكَلاَمِ الذي سَمِعْتُه من بعضهم . وكلامُ أَكثرِ العَرَبِ عَلَى غَيرِه ، وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ : هي قَلُوصٌ للبَكْرَة الأُنْثَى ، وللبَكْر قَعُودٌ مِثْل القَلُوصِ إِلى أَن يُثْنهيَا ، ثم هو جَمَلٌ ، قال الأَزهَرِيّ : وعلى هاذا التفسيرِ قولُ مَن شاهَدْتُ من العَربِ ، لا يكون القَعُودُ إِلاَّ البَكْر الذَّكَر ، وجَمْعُه قِعْدَانٌ ، ثم القَعَادِينُ جَمْعُ الجمْعِ . وللبُشْتِيّ اعتراضٌ لَطِيفٌ على كلام ابنِ السِّكيتِ وقد أَجابَ عنه الأَزهرُّ وخَطَّأَه فيما نسَبَه إِليه . راجِعْه في اللسان .
( والقَعِيدُ : الجَرَادُ ) الذي ( لَمْ يَسْتَوِ جَنَاحُه ) ، هاكذا في سائر النُّسخ بالإِفراد ، وفي بعض الأُمهات : جَناحَاه ( بَعْدُ ) .
____________________

(9/52)



( و ) القَعِيد ( : الأَبُ ، ومنه ) قولهم ( قَعِيدَكَ لَتَفْعَلَنَّ ) كذا ، ( أَي بِأَبِيكَ ) قال شيخنا : هو مِن غَرائِبه انفرَدَ بِهَا ، كحَمْلِه في القَسَم على ذالك ، فإِنه لم يَذْكُره أَحدٌ في معنى القَسَمِ وما يتعلّق به ، وإِنما قالوا إنه مَصْدَر كعَمْرِ الله . قلت : وهاذا الذي قاله المصنّف قولُ ايبي عُبَيْدٍ . ونَسَبَه إِلى عَلْيَاءِ مُضَرَ وفسَّره هاكذا . وتَحَامُلُ شيخِنا عليه في غيرِ مَحلّه ، مع أَنه نقل قول أَبي عُبَيْدٍ فيما بعْدُ ، ولم يُتَمِّمْه ، فإِنه قالَ بعد قوله عَلْياء مُضَر . تقولُ قَعِيدَك لتَفْعَلَنَّ . القَعِيدُ : الأَبُ ، فحذف آخرَ كلامِه . وهاذا عجيبٌ . ( و ) قولهم ( قَعِيدَك الله ) لا أَفعل ذالك ( وقِعْدَك الله ، بالكَسْرِ ) ، ويقال بالفتح أَيضاً ، كما ضَبَطَه الرِّضِيُّ وغيرُه ، قال مُتَمِّم بنُ نُوَيْرةَ :
قَعِيدَكِ أَنْ لا تُسْمِعِيني مَلاَمَةً
ولا تَنْكَئِي قَرْحَ الفُؤَادِ فَيَيجَعَا
( استعطافٌ لا قَسَمٌ ) ، قاله ابنُ بَرِّيَ في الحواشِي في تَرْجَمَةِ وجع في بَيت مُتَمّم السابِق ، وقال : كذا قالَه أَبو عليَ ، ثم قال ( بِدليل أَنّه لم يَجِيىءْ جَوابُ القَسَمِ ) . ونصُّ عبارَة أَبي عَلِيَ : والدليلُ على أَنه لي بقَسم كَوْنُه لم يُجَبْ بِجَوابِ القَسَمِ . ( وهو ) أَي قَعيدَك الله ( مَصْدَرٌ واقِعٌ مَوْقِعَ الفِعْل بمنزلَة عَمْرَك الله ) في كونِه يَنْتَصِب انتصابَ المَصَادِرِ الواقِعَةِ مَوْقِعَ الفِعْلِ ( أَي عَمَرْتُكع الله ، ومعناه : سأَلْتُ الله تَعْمِيرَكَ ، وكذالك قِعْدَكَ الله ) بالكسر ( تَقْديره قِعْدك الله ) ، هاكذا في سائر النّسخ . ونصّ عبارة أَبي عَليَ : قَعَّدْتُك الله ( أَي سأَلتُ الله حِفظَك ) ، من قوله تعالى : { عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشّمَالِ قَعِيدٌ } ( سورة ق ، الآية : 17 ) أَي حفيظ ، انتهت عبارَةُ ابْنِ بَرِّيّ نقلاً عن أَبي عَلِيّ . فإِذا عَرَفْتَ ذالك فقولُ شيخنا : وقولُه استعطاف لا قَسَمٌ مُخَالهفٌ للجمهور ، تَعَصُّبٌ على المصنّف وقُصُور .
( و ) قال أَبو الهَيْثم : القَعِيدُ : ( المُقَاعِدُ ) الذي يُصاحِبك في
____________________

(9/53)


قُعُودِك ، فَعِيل بمعنى مُفَاعِل ، وقَاعَدَ الرجُلَ : قَعَدَ معه ، وأَنشد للفرزدق :
قَعِيدَكُما الله الذي أَنْتُمَا لَه
أَلَمْ تَسْمَعَا بِالبَيْضَتَيْنه المُنَاديَا
( و ) القَعِيد : ( الحَافِظ ، للواحِدِ والجَمْعِ والمُذكّر والمُؤنَّث ) بلفظٍ واحِدٍ ، وهما قَعِيدَانِ وفَعِيلٌ وفَعُول ممَّا يَستوِي فيه الواحِدُ والاثنانِ والجمعُ ، كقوله تعالى : { إِنَّا رَسُولُ رَبّ الْعَالَمِينَ } ( سورة الشعراء ، الآية : 16 ) . وكقوله تعالى : { وَالْمَلَئِكَةُ بَعْدَ ذالِكَ ظَهِيرٌ } ( سورة التحريم ، الآية : 4 ) وبه فسِّر قولُه تَعالَى : { عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشّمَالِ قَعِيدٌ } ( سورة ق ، الآية : 17 ) وقال النحويّون : معناه : عن اليَمِين قَعِيدٌ وعن الشضمالِ قَعِيدٌ ، فاكْتُفِي بذِكْرِ الواحدِ عن صاحِبِه ، وله أَمثِلَةٌ وشواهدُ . راجع في اللسان وأَنشد الكسائيُّ لِقُرَيْبَةَ الأَعرابيّة .
قَعِيدَكِ عَمْرَ الله يا بِنْتَ مَالِكٍ
أَلَمْ تَعْلَمِينَا نِعْمَ مَأْوَى المُعَصِّبِ
قال : ولم أَسْمَعْ بيتاً اجْتَمَعَ فيه العَمْرُ والقَعِيد إِلاّ هاذا . وقال ثعلبٌ : إِذا قُلْتَ قَعِيدَكُما الله . جاءَ مَعه الاستفهامُ واليمين ، فالاستفهامُ كقوله : قَعِيدَكُما الله أَلَمْ يَكنْ كَذا وكذا ؟ وأَنشد قَوْلَ الفَرزدقِ السابِقَ ذِكْرُه . والقَسمُ قَعِيدَكَ الله لأُكْرِمَنَّكَ ، ويقال : قعِيدَكَ الله لا تَفْعَلْ كذا ، وقَعْدَكَ الله بفتح القافه ، وأَمَّا قِعْدَكَ فلا أَعْرفه ، ويقال : قَعَدَ قَعْداً وقُعُوداً ، وأَنشد :
فَقَعْدَكِ أَنْ لاَ تُسْمِعِيني مَلاَمَةً
وقال الجوهريّ : هي يَمِينٌ للعربِ وهي مصادرُ استُعْمِلت مَنصوبةً بفعْلٍ مُضمَرٍ .
( و ) القَعِيدُ ( : ما أَتاكَ منْ وَرَائِكَ مِنْ ظَبْيٍ أَو طائرٍ ) يُتَطَيَّرُ منه ، بخلافِ
____________________

(9/54)


النَّطِيح ، ومنه قول عَبِيد بن الأَبْرَصِ :
ولَقَدْ جَرَى لَهُمُ ولَمْ يَتَعَيَّفُوا
تَيْسٌ قَعِيدٌ كالوَشِيجَةِ أَعْضَبُ
ذكره أَبو عُبَيْد في بابه السَّانِح والبَارِح .
( و ) القَعِيدعة ( بهاءٍ : المرأَةُ ) ، وهي قَعِيدَةُ الرّجلِ وقَعِيدَةُ بَيْتِه ، قال الأَسْعَرُ الجُعْفِيُّ :
لاكِنْ قَعِيدَةُ بَيْتِنَا مَجْفُوَّةٌ
بَادٍ جَنَاجِنُ صَدْرِهَا ولَهَا غِنَى
والجمعُ قَعَائدُ ، وقَعِيدةُ الرجُلِ : امرأَتُه ، قال :
أُطَوِّفُ ما أُطَوِّفُ ثُمَّ آوِى
إِلى بَيْتٍ قَعِيدَتُه لَكَاعِ

تابع كتاب وكذالكِ قِعَادُه ، قال عبدُ الله بن أَوْفَى الخُزَاعِيّ في امرأَتِه :
مُنَجَّدَةٌ مِثْلُ كَلْبِ الهِرَاشِ
إِذَا هَجَعَ النَّاسُ لَمْ تَهْجَعِ
فَلَيْسَتْ بِتَارِكَةٍ مَحْرَماً
وَلَوْ حُفَّ بالأَسَلِ المُشْرَع
فَبِئْسَتْ قِعَادُ الفَتَى وَحْدَهَا
وبِئْسَتْ مُوَفِّيَة الأَرْبَعِ
( و ) القَعيدَة أَيضاً ( شيْءٌ ) تَنْسُجُه النساءُ ( كالعَيْبَةِ يُجْلَسُ عليه ) ، وقد اقْتَعَدَها ، جمْعُها قَعَائدُ ، قال امرُؤُ القَيْس :
رَفَعْنَ حَوَايَا واقْتَعَدْنَ قَعَائِداً
وحَفَّفْنَ مِنْ حَوْكِ العِرَاقِ المُنَمَّقِ
( و ) القَعِيدة أيضاً ( : الغِرَارَةُ أَو شِبْهُها يكونُ فيها القَدِيدُ والكَعْكُ ) وجَمعُها قَعائدُ ، قال أَبو ذُؤَيْب يَصف صائداً :
لَهُ مِنْ كَسْبِهِنَّ مُعَذْلَجَاتٌ
قَعائِدُ قَدْ مُلِئْنَ مِنَ الوَشِيقِ
والضمير في كَسْبِهنّ يَعود عَلَى سِهامٍ ذَكَرها قَبْلَ البيتِ . ومُعَذْلَجَاتٌ : مَمْلُوآت . والوَشِيق : ما جَفَّ مِن اللْحْمِ وهو القَدِيدُ .

____________________

(9/55)


( سقط :
( و ) القَعِيدَةُ ( من الرَّمْلِ : التي ليسَتْ بمُسْتطيلةِ ، أو ) هي ( الحَبْل اللاطِئُ بالأَرْضِ ) ، بفتح الحاءِ المُهملة وسكون المُوَحَّدة ، وقيل هو ما ارْتكمَ منه .
( وتَقَعَّدَهُ : قَامَ بأَمْرِه ) ، حكاه ثعلب وابن الأَعرابيّ .
) ( و ) تَقَعَّدَه ( : رَيَّثَه عَنْ حَاجَتِه ) وعَاقَه .
( و ) تَقَعَّدَ فُلانٌ ( عن الأَمْرِ ) إِذا ( لم يَطْلُبْهُ ، و ) قال ثعلب : ( قَعْدَك الله ) بالفتح ( ويُكْسَر ) ، كما تقدّم ، وبهما ضبطَ الرضيُّ وغيره ، وزعم شيخُنا أَن المصنف لم يذكر الكسر فنسبه إِلى القصور ( وقَعِيدَك الله ) لا آتيك ، كلاهُما بمعنى ( نَاشَدْتُك الله ، وقيل ) قَعْدَك الله وقَعِيدَك الله أَي ( كأَنَّه قاعِدٌ مَعَك بِحفْظِهِ ) ، كذا في النُّسخ ، وفي بعض الأُمَّهَاتِ يحفظ ( عَلَيْكَ ) قَوْلَك قال ابن منظور : وليس بِقَوِيَ ، قال أَبو عُبَيْدٍ : قال الكسَائيُّ : يقال قِعْدك الله أَي الله مَعَك ( أَو مَعْنَاهُ بِصَاحِبِك الذي هو صاحِبُ كلِّ نَجْوَى ) كما يقال ، نَشَدْتُك الله ، وكذا قولهم قَعِيدَك لا آتيكَ وقِعْدَك لا آتيك ، وكلّ ذالك في الصّحاح . وقد تقدّم بعضُ عِبارته ، قال شيخُنَا : وصَرَّح المازنيُّ وغيره بأَنَّه لا فِعْلَ لقَعيدٍ ، بخلاف عَمْرَكَ الله ، فإِنهم بَنَوْ منه فِعْلاَ ، وظاهرُ المُصَنِّف بل صَريحُه كجَماعةٍ أَنه يُبْنَى مِن كُلَ منهما الفِعْلُ . وفي شُرُوحِ الشواهِد : وأَمَّا قِعْدَك الله وقَعيدَك الله فقيل : هما مَصدرانِ بمعنى المُرَاقَبَةِ ، وانتصابُهما بتقدير أُقْسم بمُراقَبتِك الله ، وقيل : قَعْد وقَعِيد بمعنى الرَّقيب والحفيظ ، بالمَعْنِيُّ بهما الله تعالى ، ونَصبهما بتقدير أُقْسِم ، مُعَدًّى بالباءِ . ثم حُذف الفِعل والباءُ وانتصبا وأُبْدِلَ منهما الله .
( و ) عن الخليل بن أَحمد ( المُقْعَدٌ مِن الشِّعْرِ : كُلُّ بيتغ فيه زِحَافٌ ) ولم يَرِد به إِلاَّ نُقصانُ الحَرْفِ من الفاصلة ( أَو ما نُقِصَتْ مِنْ عَروضه قُوَّةٌ )
____________________

(9/56)


كقول الرَّبيع بن زِيادٍ العَبْسِيّ :
أَفَبَعْدَ مَقْتَلِ مَالِكِ بْنِ زُهَيْر
تَرْجُو النِّسَاءُ عَوَاقِبَ الأَطْهَارِ
والقول الأَخير قاله ابنُ القَطَّاع في الأَفعال له ، وأَنشد البيت ، قال أَبو عبيدة : الإِقواءُ نُقْصَانُ الحُرُوفِ من الفاصلة فَتَنْقُص مِن عَرُوض البيتِ قُوَّةٌ ، وكان الخليلُ يُسَمِّي هاذا : المُقْعَدَ ، قال أَبو منصورٍ : هاذا صحيحٌ عن الخليل ، وهذا غيرُ الزِّحافِ ، وهو عَيْبٌ في الشِّعْر ، والزِّحَافُ ليس بعَيْب . ونقلَ شيخُنا عن علماءِ القوافي أَنّ الإِقْعَادَ عِبَارَةٌ عن اختلافِ العَرُوض مِن بَحْرِ الكامِل ، وخَصُّوه به لكثرةِ حَرَكاتِ أَجزائه ، ثم أَقامع النَّكِير على المُصَنِّف بأَن الذي ذَهَبَ إِليه لم يُصَرِّحْ به أَحدٌ من الأَئمّة ، وأَنه أَدْخَل في كِتابه مِن الزِّيادَة المُفْسِدة التي يَنْبَغِي اجتنابُها ، إِذ لم يَعْرِفْ مَعناها ، ولا فَتَحَ لهم بابَها ، وهاذا مع ما أَسْبَقْنَا النَّقْلَ عن أَبي عُبَيْدَة والخَليلِ وهُمَا هُمَا مِمَا يَقْضِي به العَجَبُ ، والله تعالَى يُسامِح الجميعَ بفَضْلِه وكَرَمِه آمِين .
( و ) المُقْعَدُ اسم ( رَجُل كانَ يَرِيشُ السِّهَامَ ) بالمَدينة ، وكان مُقْعَداً ، قال عاصِم بنُ ثابِتٍ الأَنصاريُّ رَضِيَ الله عنه ، حين لَقِيَه المُشْرِكون ورَمَوْه بالنَّبْل :
أَبُو سُلَيْمَانَ وَرِيشُ المُقْعَدِ
وَمُجْنَأٌ مِنْ مَسْكِ ثَوْرِ أَجْرَد
وَضَالَةٌ مِثْلُ الجَحِيمِ المُوقَدِ
وصَارِمٌ ذُو رَوْنَقٍ مُهَنَّدِ
وإِنما خُفِض مُهَنَّد على الجِوار أَو الإِقواءِ ، أَي أَنا أَبو سليمان ، ومعي سِهامٌ رَاشَهَا المُقْعَدُ . فما عُذْرِي أَن لا أُقاتل ؟ قال الصاغانيّ : ويُرْوَى المُعْقَد ، بتقديم العين ( و ) قيل : المُقْعَدُ ( : فَرْخُ النَّسْرِ ) ، ورِيشُه أَجْوَدُ الرِّيشِ ، قاله أَبو العباس ، نقلاً عن ابنِ
____________________

(9/57)


الأَعرابيّ ( و ) قيل : المُقْعَد ( : النَّسْرُ الذي قُشِبَ له فصِيدَ وأُخذَ رِيشُه ) وقيل : المُقْعَدُ : فَرْخُ كُلِّ طائر لَمْ يَسْتَقِلَّ ، ( كالمُقَعْدِدِ ، فيهما ) أَي في النَّسْرِ وفَرْخِه ، والذي ثَبتَ عن كُراع : المُقَعْدَدُ : فَرْخ النَّسرِ .
( و ) من المَجاز : المُقْعَدُ ( مِن الثَّدْيِ : ) الناتىءُ على النَّحْرِ مِلْءَ الكَفِّ ، ( النَّاهِد الذي لم يَنْثَنِ ) بَعْدُ ولم يَتَكَسَّرْ ، قال النابِغَة :
والبَطْنُ ذُو عُكَنٍ لَطِيفٌ طَيُّهُ
والإِتْبُ تَنْفُجُه بِثَدْيٍ مُقْعَدِ
( و ) من المجاز ( رَجُلٌ مُقْعَدُ الأَنْفِ ) إِذا كان ( في مَنْخِرَيْهِ سَعَةٌ ) وقِصَرٌ .
( و ) المُقْعَدَة ( : بئر حُفِرَتْ فَلَمْ يَنْبُطْ ماؤُها وتُرِكَتْ ) ، وهي المُسْهَبَةُ عندهم .
( والمُقْعَدَانُ ، بالضمّ : شَجرةٌ ) تَنْبُتُ نَبَاتَ المَقِرِ ولا مَرارةَ لها ، يَخرُجُ في وَسَطِها قَضيبٌ يَطولُ قامَةً ، وفي رأْسِهَا مثْل ثَمَرَة العَرْعَرةِ صُلْبَةٌ حمراءُ يتَرامَى بها الصِّبيَانُ و ( لا تُرْعَى ) . قاله أَبو حنيفة .
( و ) عن ابن الأَعرابيّ : ( حَدَّدَ شَفْرَتَه حَتَّى قَعَدَتْ كأَنَّهَا حَرْبَةٌ ، أَي صَارَتْ ) وهو مَجازٌ . ولما غفلَ عنه شيخُنَا جعَلَه في آخرِ المادّة من المُسْتَدْرَكَات .
( و ) قال ابن الأَعْرَابيّ أَيضاً ( ثَوْبَكَ لا تَقْعُدْ تَطِيرُ به الرِّيحُ ، أَي لا تَصِيرُ الرِّيحُ طائرَةً بهِ ) ونَصب ثوبَكَ بفعلٍ مُضْمعر ، أَي احفظْ ثوبَك وقال أَيضاً : قعَدَ لا يسْأَله أَحدٌ حاجَةً إِلاَّ قَضَاهَا . ولم يُفَسِّره ، فإِن عنَى به صارَ فقد تَقدَّم لها هاذه النظائر ، واسْتَغْنى بتفسير تلك النظائرِ عن تفسيرِ هاذه ، وإِن كان عنَى القُعُودَ فلا معنَى له ، لأَن القُعُود ليست حالٌ أَوْلَى به من حالٍ ، أَلاَ ترَى أَنك تقول : قَعَدَ لا يَمُرُّ به أَحَدٌ إِلاَّ يَسبُّه ، وقَعَدَ
____________________

(9/58)


لا يَسْأَلُه سائلٌ إِلاَّ حَرَمَه ، وغير ذالك مما يُخْبَر به من أَحوالِ القاعد ، وإِنما هو كقولِك : قَامَ لا يُسْأَلُ حاجَةً إِلاَّ قَضاها . قلت . وسيأْتي في المستدركات ما يتعلَّق به .
( والقُعْدَةُ ، بالضمّ : الحِمَارُ ، ج قُعْدَاتٌ ) ، بضمّ فسكون ، قال عُرْوَةَ بن مدِيكربَ :
سَيْباً عَلَى القُعْدَاتِ تَخْفِقُ فَوْقَهُمْ
رَايَاتُ أَبْيَضَ كالفَنِيقِ هِجَانِ
( و ) القُعْدَةُ ( : السَّرْجُ والرَّحْلُ ) يُقْعَد عليهما ، وقال ابنُ دُرَيد : القُعْدَات : الرِّحَالُ والسُّرُوجُ ، وقال غيره : القُعَيْدَات .
( وأَقْعَدَه ) ، إِذا ( خَدَمَه ) ، وهو مُقْعِدٌ له ومُقَعِّد ، قاله ابنُ الأَعرابيّ وأَنشد :
ولَيْسَ لِي مُقْعِدٌ في البَيْتِ يُقْعِدُنِي
وَلاَ سَوَامٌ ولاَ مِنْ فِضِّةِ كِيسُ
وأَنشد للآخَر :
تَخِذَهَا سُرِّيَّةً تُقَعِّدُهْ
وفي الأَساس : ما لفلان امرأَةٌ تُقْعِده وتُقَعِّده .
( و ) من المَجاز : أَقْعَدَ ( أَباهُ : ) كَفَاهُ الكَسْبَ وأَعانَه ، ( كَقَعَّدَه تَقْعِيداً ، فيهما ) ، وقد تقدَّمَ شاهده .
( واقْعَنْدَدَ بالمكانِ : أَقامَ به ) ، وقال ابنُ بُزْرْج يقال : أَقْعَدَ بِذالك المكانِ ، كما يُقالُ : أَقَامَ ، وأَنشد :
أَقْعَدَ حَتَّى لَمْ يَجِدْ مُقْعَنْدَدَا
ولاَ غَداً ولاَ الَّذِي يَلِي غَدَا
( والأَقْعَادُ ، بالفَتْح ، والقُعَادُ ، بالضمّ : دَارٌ يأْخُذُ في أَوْرَاكِ الإِبلِ ) والنَّجَائبِ ( فَيْميلُها إِلى الأَرْضِ ) . وفي نصّ عِبارة ابنِ الأَعرابيّ : وهو شِبْهُ مَيْلِ العَجْزِ إِلى الأَرض ، وقد أُقْعِدَ البَعِيرُ فهو مُقْعَد . كتاب الأَفعال لابن القطّاع : وأُقْعِد الجَمَلُ : أَصابَه القُعَاد ، وهو اسْتِرْخاءُ الوَرِكَيْنِ .
( ) ومما يستدرك عليه :
المَقْعَدَة : السَّافِلة .
____________________

(9/59)



والمَقَاعِدُ : موضِع قُعود النَّاسِ في الأَسْوَاقِ وغيرِهَا .
وعن ابنِ السِّكّيت : يقال : ما تَقَعَّدَنِي عن ذالك الأَمْرِ إِلاَّ شُغُلٌ ، أَي ما حَبَسَني .
وفي الأَفعال لابن القَطَّاع : قَعَد عن الأَمْرِ : تَأَخَّر . وبي عَنْك شُغلٌ حَبَسَني . انتهى .
والعرب تدعو على الرّجل فتقول : حَلَبْتَ قاعِداً وشَرِبْتَ قائماً ، تقول : لا مَلَكْت غيرَ الشَّاءِ التي تُحْلَبُ مِن قُعُودٍ ولا مَلَكْتَ إِبلاً تَحْلُبُها قائماً ، معناه ذَهبَتْ إِبلُكَ فصِرْتَ تَحْلُبُ الغَنَم ( لأَنَّ حالبَ الغَنم لا يكون إِلاَّ قاعداً ) والشَّاءُ مَالُ الضُّعفاءِ . والأَذلاَّءِ . والإِبلُ مالُ الأَشرافِ والأَقوِيَاءِ .
ويقال : رجلٌ قاعدٌ عن الغَزْوِ ، وقَوْمٌ قُعَّادٌ وقاعِدُونَ .
وتقَاعَدَ به فُلانٌ ، إِذا لم يَخْرُج إِليه منْ حَقَّه .
وما قَعَّدَك واقْتَعَدك : ما حَبَسَك .
والقَعَدُ : النَّخْلُ ، وقيل : صِغارُ النَّخْلِ ، وهو جمع قاعِدٍ ، كخادمٍ وخَدَمٍ .
وفي المثل : ( اتَّخذوه قُعَيِّدَ الحاجات ) تصغير القَعُود ، إِذا امْتَهنُوا الرَّجُلَ في حَوائجهم .
وقاعَدَ الرَجُلَ : قَعَدَ معه .
والقِعَادَةُ : السَّريرُ ، يَمانِيَة .
والقاعِدَة أَصْلُ الأُسِّ . والقَوَاعِدُ الإِسَاسُ وقَوَاعِدُ البيت إِسَاسُه ، وقال الزَّجّاج : القَوَاعِد : أَساطِينُ البِنَاءِ التي تَعْمِدُه ، وقولُهم : بَنَى أَمْرَه على قَاعِدَةٍ ، وقَوَاعِدَ ، وقاعدَةُ أَمْرِك وَاهِيَةٌ ، وتَركوا مقاعِدَهم : مَرَاكِزَهم ، وهو مَجازق ، وقواعِدُ السَّحاب : أُصولُها المُعْتَرِضة في آفاق السماءِ ، شُبِّهَتْ بقواعِدِ البِنَاءِ ، قاله أَبو عُبَيْدٍ ، وقال ابنُ الأَثير : المُرَاد بالقواعِدِ ما اعترَضَ منها وسَفَلَ ، تَشْبِيهاً بقَوَاعد البِنَاءِ .
ومن الأَمثَال : ( إِذا قام بك الشَّرُّ فاقْعُدْ ) قال ابنُ القَطَّاع في الأَفعال : ( إِذا نَزَل بك الشرُّ ) بدل ( قام ) . وقوله
____________________

(9/60)


فاقْعُدْ . أَي احْلُم . قلت : ومعناه ذِلَّ له ولا تَضْطَرِبْ ، وله معنًى ثَانٍ ، أَي إِذا انْتَصَب لك الشّرُّ ولم تَجِدْ منه بُدًّا فانْتَصِبْ له وجاهدْه ، وهاذا مما ذَكَرَه الفَرَّاءُ .
وفي اللسان والأَفْعَالِ : الإِقْعَادُ في رِجْلِ الفَرس : أَن تُفْرَشَ جدًّا فلا تَنْتَصِب .
وأُقْعِدَ الرَّجلُ : عَرَجَ ، والمُقْعَد : الأَعْرَجُ .
وفي الأَساس : من المَجازِ : قَعَدَ عن الأَمْرِ : تَرَكَه . وقَععد يَشْتُمُني : أَقْبَلَ . انتهى . والذي في اللسان : الفَرَّاءُ : العَرَبُ تقول : قَعَدَ فُلانٌ يَشْتُمني ، بمعنى طَفِقَ وجَعَل ، وأَنشد لبعض بني عامر :
لاَ يُقْنِعُ الجَارِيَةَ الخِضَابُ
وَلاَ الوِشَاحَانِ ولا الجِلْبَابُ
مِنْ دُونِ أَنْ تَلْتَقِيَ الأَرْكَابُ
وَيَقْعُدَ الايْرُ لَهُ لُعَابُ
ورَحًى قاعِدَةٌ : يَطْحَن الطاحِنُ بها بالرَّائِدِ بِيَدِه .
ومن المَجاز : ما تقَعَّدَه وما اقْتَعَده إِلاَّ لُؤْمُ عُنْصُرِه .
ورجُلُ قُعْدُدَةٌ . جَبَانٌ .
والمُقْعَنْدَدُ : موضِعُ القُعود . والنون زائدة قال :
أَقْعَدَ حَتَّى لَمْ يَجِدْ مُقْعَنْدَدَا
وقد أَقْعَدَ بالمكان وأُقْعِد .
وورِثَ المال بالقُعْدَى ، كبُشْرَى ، أَي بالقُعْدُد .
والقَعُود ، كصَبور : أَربعَةُ كَواكِبَ خَلْفَ النَّسْرِ الطائِرِ تُسَمَّى الصَّلِيب . والقُعْدُد من الجَبَل : المُسْتَوِي أَعلاه .
ويقال : اقْتَعَد فُلاناً عن السَّخَاءِ لُؤْمُ جِنْثِه ، قال :
فَازَ قِدْحُ الكَلْبِيِّ وَاقْتَعَدَتْ مَعْ
زَاءَ عَنْ سَعْيهِ عُرُوقُ لَئِيمٍ
واقْتَعَدَ مَهْرِيًّا : جعلَه قَعُوداً له .
____________________

(9/61)



وفي الحديث ( نَهَى أَنْ يُقْعَد على القَبْر ) . قيل : أَرادَ القُعودَ للتَّخَلِّي والإِحْدَاثِ ، أَو القُعودَ للإِحْدادِ ، أَو أَرادَ تَهْوِيلَ الأَمْرِ ، لأَن في القُعُودِ عليه تَهاوُناً بالمَيت والمَوْتِ .
وسَمَّوْا قِعْدَاناً ، بالكسر .
وأَخَذَه المُقِيمُ المُقْعِد .
وهاذا شَيءٌ يَقْعُدُ به عليك العَدُوُّ يَقومُ .
( ) ومما استدْرَكه شيخُنا :
التَّقَعْدُدُ : التَّثَبُّتُ والتَّمَكُّن ، استعمله القاضي عياضٌ في الشفاءِ ، وأَقَرَّه شُرَّاحُه .
والمُقَعَّد ، كمُعَظَّم : ضَرْبٌ من البُرُود يُجْلَب مِن هَجَرَ .
قفد : ( قَفَدَه ، كضَرَبَه : صَفَع قَفَاه ) ، وفي الأَفْعَال لابن القطّاع : ضَرَب رأْسَه ( بِبَاطِنِ كَفِّه ) وفي حديث مُعَاويةَ ( قال ابنُ المُثَنَّى : قُلْتُ لأُمَيَّةَ : ما حَطَّأَنِي حَطْأَةً ؛ فقال : قَفَدَنِي قَفْدَةً ) القَفْدُ : صَفْعُ الرَّأْس بِبَسط الكَفِّ مِن قِبَلِ القفا . ( و ) قَفَدَ قَفْداً ( عَمِلَ العَمَلَ ) ، يقال : ما زِلْتُ أَقْفِدُكَ منذُ اليومِ . أَي أَعْمَل لك العَمَل ، نقله الصاغانيّ .
( و ) في الأَفْعال لابن القطاع : قَفِدَ ، كفَرِح ، كلُّ ذي عُنُقٍ قَفَداً : استَرْخَى عُنُقُه ، ومنه ( الأَقْفَدُ ) وهو ( المُسْتَرْخِي العُنُقِ ) من الناس والنَّعَامِ ، ( أَو ) هو ( الغَلِيظُهُ ) أَي العُنُقِ . ( و ) قِيل : الأَقْفَد من الناس ( : مَنْ ) يَمْشِي على صُدُور قَدَمَيْهِ مِنْ قِبَلِ الأَصابِعِ ولا تَبْلُغُ عَقِبَاهُ الأَرْضَ .
( و ) عَبْدٌ أَقْفَدُ ( : كَزُّ اليدَيْن والرِّجْلَينِ القَصيرُ الأَصَابِعِ ) ، الذي في عَقبه استِرْخاءٌ من الناس ، والظَّليمُ أَقْفَدُ ، وامرأَة قَفْدَءُ . والأَقْفَد من الرِّجال : الضَّعيف الرِّخْوُ المَفَاصِل .
( قَفِدَ كفَرِحَ ) قَفَداً . ( والقَفَدُ أَيضاً ) ، أَي محركة ( : أَن يَمِيلَ خُفُّ البَعِيرِ ) مِن اليَدِ أَو الرِّجْل ( إِلى الجانبِ الإِنْسِيِّ ) ، فإِن مالَ إِلى الوَحْشِيِّ فهو
____________________

(9/62)


صَدَفٌ والبعير أَصْدَفُ ، قال الراعي :
مِنْ مَعْشَرٍ كُحِلَتْ بِاللُّؤْمِ أَعْيُنُهمْ
قُفْدِ الأَكُفِّ لِئَامٍ غَيْرِ صُيَّابِ
وقيل : القَفَدُ : أَنْ يُخْلَقَ رَأْسُ الكَفِّ والقَدَمِ مائلاً إِلى الجانِبه الوَحْشِيّ . هاذا في البَهَائمِ . ( و ) القَفَدُ ، محركَةً ، ( فِينَا : أَنْ يُرَى مُقَدَّمُ رِجْلَيْهِ من مُؤَخَّرِهما منْ خَلْفٍ ) . أَنشد ابنُ الأَعرابيّ :
أُقَيْفِذُ حَفَّادٌ عليهِ عَبَاءَةٌ
كَسَاهَا مَعَدَّيْهِ مُقَاتَلَةُ الدَّهْرِ
والقَفَدُ في الإِبل : يُبْسُ الرِّجْلَيْنه من خِلْقةٍ ، وفي الخيل : ارتفاعٌ من العُجَايَةِ وإِليَةِ الحافِرِ ، ( و ) القَفَد أَيضاً ( : انْتِصَابُ الرُّسْغِ وإِقْبَالُه على الحَافِرِ ) ولا يَكون ذالك إِلاَّ في الرِّجْلِ ، قَفِدَ قَفَداً وهو أَقْفَدُ ، وهو عَيْبٌ في الخَيْل ، وزاد في الأَفْعَال : كالقُوَامِ في الأَيْدِي . وقال ابن شُمَيْلٍ : القَفَدُ : يُبْسٌ يكون في رُسْغِه كأَنَّه يَطَأُ على مُقَدَّم سُنْبُكِه . ( و ) القَفَدُ أَيضاً ( : أَن يَلُفَّ عِمَامَتَهُ ولا يَسْتُدُ عَذَبَتَه ) . وقال ثعلب : هو أَن يَعْتَمَّ عَلَى قَفْدِ رَأْسِهِ ، ولم يُفَسِّر القَفْدَ . ( وكذا القَفْدَاءُ ) ، وفي الأَفعال : وقَفِدَ الرَّجُلَ : تَعَمَّمَ القَفْدَاءَ ، إِذا لم يَسْدُل ذُؤَابَةً . وفي التهذيب : العِمَّة القَفْدَاءُ مَروفةٌ ، وهي غيرُ المَيْلاءِ . قال : وكان مُصْعَب بنُ الزُّبير يَعْتَمُّ القَفْدَاءَ ، وكان محمّد بن سَعْد بن أَبي وَقَّاصٍ الذي قَتَله الحَجَّاجُ يَعْتَمُّ المَيْلاَءَ .
( والقَفَدَانَةُ ، مُحَرَّكَةً : غِلافُ المُكْحُلَةِ ) يُتَّخَذُ مِن مَشَاوِبَ أَي يُتّخَذ مُخَطَّطاً بحُمْرَةٍ وخُضْرة وصُفْرة ، وربّما اتُّخِذ من أَدِيمٍ .
( و ) القَفَدَانَةُ والقَفَدانُ ( : خَرِيطَةٌ مِنْ أَدَمٍ ) تُتَّخَذ ( للعِطْرِ وغَيْرِه ) فارسيّ مُعَرَّب ، وقال ابنُ دُرَيد : هي خَريطة العَطَّارِ . قال يَصفُ شِقْشِقَةَ البَعِير :
فِي جَوْنَةٍ كَقَفَدانِ العَطَّارْ
عَنَى بالجَوْنَة ها هنا الحَمراءَ .
قفعد : ( القَفَعْدَدُ ، كسَفَرْجَلٍ ) ، أَهمله
____________________

(9/63)


الجَوْهَريُّ ، وفي الأَبْنِيَّةِ : هو ( القَصِيرُ ) مثَّلَ به سيبويهِ وفسَّره السيرافيُّ ، كذا في اللسان والتكملة .
قفند : ( القَفَنَّدُ ، كعَمَلَّسٍ ) ، أَهمله الجوهريُّ . وقال الليثُ : هو ( الشَّدِيدُ الرأْسِ ) ، كذا في التهذيب في الرباعيّ ( أَو العَظِيمُه ) ، أَي الرأْسِ .
( والقَفَنْدَدُ ) ، بقلب إِحدى النونين دالاً ( : العَظِيمُ الأَلْوَاحِ مِنَّا ) ، أَي من الرِّجال ، ( ج قَفَانِدُ ) ، جمع تكسير ، ( وقَفَنْدَدُونَ ) ، جمع سلامة .
قلد : ( قَلَدَ الماءَ في الحَوْضِ ، واللَّبَنَ في السِّقَاءِ ) ، والسَّمْنَ في النِّحْيِ ، ( والشَّرَابَ في البَطْنِ ، يَقْلِدُه ) ، بالكسر ، قَلْداً ( : جَمَعَه فيه ) ، قال ابن الأَعْرابيّ : قَلَدْت اللَّبَنَ في السّقاءِ وقَرَيْتُه : جَمَعْتُ فيه ، وعن أَبي زيد : قَلَدْتُ الماءَ في الحَوْض ، وقَلَدْتُ اللَّبَنَ في السِّقَاءِ ، أَقْلِده قَلْداً ، إِذا قَدَحْتَ بِقَدَحِك مِن الماءِ ثم صَبَبْتَه في الحَوْضِ أَو في السِّقَاءِ . وقَلَدَ مِن الشَّرابِ في جَوْفِه ، إِذا شَرِب منه ، كذا في الأَفعال . ( و ) قلَدَ ( الشَّيْءَ على الشَّيْءِ : لَواهُ ) كإِدَارَة القُلْبِ علَى القُلْبِ مِن الحُلِيِّ . وكُلُّ مالُوِيَ على شيْءٍ فقد قُلِدَ . ( و ) قَلَدَ ( الحَبْلَ : فَتَلَه ) وعن ابن الأَعرابيّ : يقال للشيخ إِذا أَفْنَدَ قد قُلِدَ حَبْلُه ، أَي فُتِلَ فلا يُلْتَفتُ إِلى رَأْيِه . وكُلُّ قُوَّةٍ انْطَوَتْ مِن الحَبْلِ عَلَى قُوَّةٍ فهو قَلْدٌ . والجمع أَقْلادٌ وقُلُودٍ ، قال ابنُ سِيده : حكاه أَبو حَنِيفَة ( فهو ) أَي الحبل ( قَلِيدٌ ومَقْلُودٌ ) .
( و ) يقال : قَلَدَت ( الحُمَّى فُلاناً : أَخذَتْه كُلَّ يَوْمٍ ) ، تَقْلِدُه قَلْداً . ( و ) قَلَدَ ( الزَّرْعَ : سَقَاهُ ) ، يَقْلِدُه قَلْداً ، قال الأَزهريُّ : القَلْدُ المَصْدَرُ ، والقِلْدُ الاسم ، وسيأْتي . ( و ) قَلَدَ ( الحَدِيدَةَ : رَقَّقَهَا ولَوَاهَا ) على مِثْلِهَا أَو ( عَلَى شَيْءٍ ، و ) من ذالك ( سِوَارٌ مَقْلُودٌ ) ، وهو ذو قُلْبَيْنِ مَلْوِيَّيْنِ .
____________________

(9/64)



( و ) سِوارٌ ( قَلْدٌ ، بالفَتْحِ ) ، أَي ( مَلْوِيٌّ ) .
( والإِقْلِيدُ ) بالكسر ، واعتمد الشُّهْرة فلم يَضْبِطه كما هو سَنَنُه المأْلوف ، إِذ لا أَفعيل بالفتح ، على الأَصح ، قاله شيخُنَا ، ثم رأَيت المَناوِيَّ قال في أَحكام الأَساس : وفَتح البابَ بالأَقْلِيد ، بفتح الهمزة : المِفْتَاح ، فليُنْظَر : ( بُرَةُ النَّاقَةِ ) يُلْوَى طَرفاها . ( و ) الإِقْليد ( : المِفْتَاحُ ) ، قاله أَبو الهَيْثَم ، وقيل : الإِقْليد مُعَرَّب وأَصْلهُ كِلِيد . وفي حديث قَتْل ابنِ أَبي الحُقَيق : ( فَقُمْتُ إِلى الأَقَالِيد فأَخَذْتُها ) هِي جمْع إِقْيلِدٍ ، وهي المَفَاتِيحُ ، وقيل : الإِقليد يَمانِيَة ، وقال اللِّحْيَانيّ : هو المِفْتاحُ . ولم يَعْزُها إِلى اليمَن . وقال تُبَّع حينَ حَجَّ البيتَ :
وأَقَمْنَا بِهِ مِنَ الدَّهْرِ سَبْتاً
وجَعَلْنَا لِبَابِهِ إِقْلِيدَا
سَبْتاً : دَهْراً ، ورُوِيَ : سِتًّا ، أَي سِتَّ سِنين . وفي شرْح شيخنا : وقيل لُغة رُومِيَّة مُعَرّب إِقْلِيدِس ، وجَمْعه أَقاليد ( كالمِقْلاَدِ والمِقْلَدِ ) والمِقْلِد . عن أَبي الهَيْثَم . والإِقْلاد . وهاذه في اللسان ، كلّ ذالك بالكسر . وفي اللسان والمِقْلَدُ : مِفْتَاحٌ كالمِنْجَل ؛ وفي كتاب البصائر : والإِقلِيد : المِفْتَاحُ ، وجَمْعه المَقَالِيدُ ، كما قالوا مَلاَمِح ومَحَاسِن ومَشَابِه ومَذَاكِير .
( و ) الإِقليد ( : شَرِيطٌ يُشَدُّ به رَأْسُ الجُلَّةِ ) ، بضمّ الجيم : وِعاء من خُوصٍ كما سيأْتي .
( و ) الإِقليد ( : شَيْءٌ يُطَوَّلُ مِثْلَ الخَيْطِ من الصُّفْرِ يُقْلَدُ على البُرَةِ ) التي يُشَدُّ بها زِمَامُ الناقةِ ، وهو طَرَفُها يُثْنَى عَلى طَرَفِها ويُلْوَى لَيًّا حَتَّى يَسْتَمْسِكَ ، ( و ) يُقثْلَد أَيضاً ( عَلَى خَوْق القُرْطِ ) أَي حَلْقَتِه وشِنْفِه ، وفي بعض النُّسخ : خَرْق القُرْطِ ، ( كالقِلاَدِ ) بالكسر ، وبعضهم يقول له ذالك ، يُقْلَد أَي يُقَوَّى ، كما في اللسان .

تابع كتاب ( و ) الإِقليد ( : العُنُقُ ، وجَمْعُه أَقْلاَدٌ ) ، وهو نادرٌ ، وبه فُسِّر قولُ رُؤْبَة :
بِخَفْقِ أَيْدينا خُيُوطَ الأَقْلاَدْ
____________________

(9/65)



أَي الأَعناق ، قال الصاغانيّ : وهي مُسْتَعَارَة من القِلاَدَة .
( و ) من ذالك قولهم ( نَاقَةٌ قَلْدَاءُ : طَوِيلَتُهَا ) ، أَي العُنُقِ .
( و ) القِلِّيدُ والمِقْلاَدُ ، ( كسِكِّيتٍ ومِصْبَاح : الخِزَانَةُ ) ، وجَمعه مَقالِيدُ ، وقولُه تَعالى : { لَّهُ مَقَالِيدُ السَّمَاواتِ وَالاْرْضِ } ( سورة الزمر ، الآية : 63 ) يجوز أَن تكون المَفَاتِيحَ ، وهو قولُ مُجاهدٍ ، واحِدها إِقْلِيدٌ ، ويجوز أَن تكونَ الخَزَائنَ ، وهو قَوْل السّدِّيّ ، كذا في البصائر ؛ وقال الزجَّاجُ : معناه أَن كلَّ شيْءٍ من السَّماوات والأَرض فالله خالِقُه وفاتِحُ بابِه ؛ وقال الأَصمعيُّ : المَقَالِيدُ لا واحدَ لها ؛ ونَقَل شيخُنا عن الشِّهاب في العِنَايةِ . أَو جمع مِقْلِيدٍ أَو مِقْلادٍ أَو مِقْلَدِ .
( و ) من المَجاز : أُلْقِيَتْ إِليه مَقَاليدُ الأُمورِ ، و ( ضَاقَتْ مَقَالِدُهُ ومَقَالِيدُه : ضاقَتْ عليه أُمورُه ) . وقال الشهاب : والمِقْلَدُ : الحَبْل المَفْتُولُ ومنه : ضاقَتْ مَقَالِيدُه ، أَي أُمُورُه قلت : وهاذا نَظَراً إِلى أَنَ المَقَالِيدَ بمعنى القَلائدِ ، ولم يَثْبُت استعمالُه ، فليُنْظَر .
( و ) المِقْلَدُ ، ( كمِنْبَرٍ : الوِعَاءُ ، والمِخْلاَةُ ، والمِكْيَالُ ، و ) المِقْلَدُ ( : عَصاً في رأْسِهَا اعْوِجَاجٌ ) يُقْلَد بها الكَلأُ ، كما يُقْتَلَد القَتُّ إِذا جُعِل حِبالاً ، أَي يُفْتَل ، والجمْع المَقالِيدُ .
( و ) المِقْلَدُ ( : مِفْتَاحٌ كالمِنْجَلِ ) أَو هو المِنْجَلُ بِنَفْسِه يُقْطَع به القَتُّ ، قال الأَعشى :
لَدَى ابنِ يَزِيدَ أَو لَدَى ابْنِ مُعَرِّفٍ
يُقَتُّ لَهَا طَوْراً وطَوْراً بِمِقْلَدِ
( و ) من المجاز ( القِلْدُ ، بالكسر : قَوَافِلُ مَكَّةَ ) المُشْرَّفةِ ( إِلَى جُدَّةَ ) ، سُمِّيت قِلْداً بما بعدَه ، ( و ) هو أَي القِلْدُ ( يَوْمُ إِتْيَان الحُمَّى أَو حُمَّى الرِّبْعِ ) ، وهو الوَقْت المَعْرُوف الذي لا يَكاد يُخْطِىءُ ، والجمع أَقْلاَدٌ . وقال الأَصمعيّ : القِلْدُ : المَحْمُومُ يومَ تأْتِيه الرِّبْعُ .
( و ) القِلْدُ ( : الحَظُّ مِن المَاءِ ) . واستَوفَى قِلْدَهُ من الماءِ : شِرْبَهُ ، واستَوفَوا
____________________

(9/66)


أقلادَهم ، وأَقَمْت إِقْلِيدي إِذا سَقَى أَرْضَه بِقِلْدِه . كذا في الأَساس .
( و ) القِلْدُ : الرُّفْقَةُ من القَومِ ، وهي ( الجَمَاعَةُ ) منهم .
( و ) القِلْدُ ( : قَضِيبُ الدَّابَةِ ، و ) القِلْدُ ( : سَقْيُ الماءِ كُلَّ أُسبوع ) يقال : سَقَى إِبلَه قِلْداً . قاله الفَرَّاءُ . ويقال : كَيْفَ قِلْدُ نَخْلِ بني فُلانٍ ؟ فيقال : تَشرَب في كُلِّ عَشْر مَرَّةً . وما بَيْن القِلْدَيْنِ ظِمْءٌ . وفي حديث عبد الله بن عَمْرٍ و ( أَنه قال لِقَيِّمه على الوَهْط : إِذا أَقَمْتَ قِلْدَك من الماءِ فاسْقِ الأَقْرَبَ فالأَقْرَبَ ) . أَراد بقِلْدِه يومَ سَقْيِه مَالَه ، أَي إِذا سَقيْتَ أَرْضَكَ فأَعْطِ مَنْ يَلِيكَ .
( و ) القِلْدُ : ( شِبْهُ القَعْبِ ) ، عن أَبي حنيفةَ .
( و ) من المَجاز : ( أَعْطَيْتُه قِلْدَ أَمْرِي : فَوَّضْتُه إِليه ) ، كذا في الأَساس . ( و ) القِلْدَةُ ، ( بهاءٍ : القِشْدَةُ ) ، وهي ثُفْل السَّمْنِ وهي الكُدَادَة . ( و ) القِلْدَةُ ( : التَّمْرُ والسَّوِيقُ يُخَلَّصُ به السَّمْنُ ) .
( والقَلِيدُ ) كأَمِيرٍ ( : الشَّرِيطُ ) ، عَبْدِيَّة ، أَي لغة عبد القيس .
( والقلاَدَةُ ) ، بالكسر ، وإِنما لم يَضْبِطه اعتماداً على الشُّهْرةِ خلافاً لمن وَهِمَ فيه ( : ما جُعِلَ في العُنُقِ ) ، يكون للإِنسان والفَرَس والكَلْبِ والبَدَنَة التي تُهْدِي ونَحْوِهَا . وقال الشِّهَابُ في العناية : ذَهب بعضُ عُلَمَاءِ اللغةِ إِلى أَنّ هَيْئة الكلمة قد تَدُلُّ على مَعانٍ مَخْصُوصةًّ ، وإِن لم تَكن مُشْتَقَّة نحو فِعَال ، أَي بالكسر إِنْ لم تلحقه الهاءُ فهي اسم لما يُجْعَل به الشيءُ كالآلة ، كإِمام ورِكَاب وحِزَام ، لما يُؤْتَمُّ به ، ولما يُرْكَب بهِ ولما يُحْزَم ويُشَدُّ بهِ ، فإِن لحقته الهاءُ فهو اسمٌ لما يَشْتَمِل على الشيْءِ ويُحِيط به ، كاللِّفافة والعِمَامَة والقِلادَة . وهذا في غير المَصادِر ، وأَما فيها فقال أَبو عليَ الفارسيُّ في كتابه الحُجَّة في سورة الكهف : فِعَالَةٌ ، بالكسر . في المصادر ، يَجىءُ لما كان
____________________

(9/67)


صَنْعَةً ومَعْنًى مُتَقَلَّداً ، كالكِتَابة والإِمارة والخِلاَفَة والوِلاَيَة ، وما أَشبهَ ذلك ، وبالفَتْح في غيرِه . ومن أَشهرِ الأَمثال ( حَسْبُك مِنَ القِلاَدةِ ما أَحاطَ بالعُنُقِ ) . وهو في مَجمع الأَمثالِ والمُسْتَقْصَى وغيرِهما .
( وتَقَلَّدَ ) الرجُلُ ( : لَبِسَهَا ) ، وفي الأَساس : قَلَّدْتُه السَّيفَ : أَلْقَيت حِمالَتَهُ في عُنُقِه فتَقَلَّده ، وفي اللسان : قال ابنُ الأَعرابيّ : قيل لأَعرابيَ : ما تَقُول في نِساءِ بني فُلاَنٍ ؟ قال : قَلائدُ الخَيْلِ ، أَي هُنَّ كِرَامٌ ، ولا يُقَلَّد مِن الخَيْل إِلاَّ سايقٌ كَريمِ ، كذا في البصائر ؛ وفي الحَدِيث ( قَلِّدُوا الخَيْلَ ولا تُقَلِّدوهَا الأَوْتَارَ ) أَي قَلِّدُوهَا طَلَبَ أَعداءِ الدِّين والدِّفَاعَ عن المُسْلِمين ، ولا تُقَلِّدُوها طلَبَ أَوْتَارِ الجاهِلِيَّة . وقيل غير ذالك .
( وذُو القِلاَدَةِ : الحارِثُ بنُ ضُبَيْعَةَ ) ، قال شيخُنا هو ابنُ رَبيعةَ ، وزاد في البصائر : هو ابنُ نِزارٍ ، ( والمُقَلَّدُ ، كمُعَظَّمٍ موضِعُها ) أَي القِلاَدَة .
( و ) المُقَلَّدَ ( : السابِقُ من الخَيْلِ ) ، كان يُقَلَّدُ شَيْئاً لِيُعْرَف أَنه قد سَبَقَ . ( و ) المُقَلَّد ( : مَوْضِعُ ) نِجَادِ السَّيْفِ علَى المَنْكِبَيْنِ .
( ومُقَلَّدُ الذَّهَبِ : مِنْ سَادَاتِ العَرَبِ ) يُعْرَف بذالك ، نَقَلَه الصاغانيّ .
( وبنو مُقَلَّدٍ : بَطْنٌ ) من العرب نقلَه الصاغانيّ .
( ومُقَلَّدَات الشِّعْرِ ، وقلائِدُه : البَوَاقِي على الدَّهْرِ ) .
( و ) عن أَبي عمرٍ و : هم ( يَتَقَالَدُونَ المَاءَ ) وَيتهاجَرُون ويَتَفَارَصُون ويَتَرَافَصُون أَي ( يَتَنَاوَبُونَه ) ، وكذالك يَتفارَطون ويَتَرقَّطُون .
( و ) من المَجاز : ( أَقْلَدَ البَحْرُ عليهمْ ) ، أَي ضُمَّ عليهم و ( أَغْرَقَهُمْ ) كأَنه أُغْلِقَ عَليهم وجَعَلهم في جَوْفه ، وعِبَارة الأَساس : وأَقْلَدَ البَحْرُ على خَلْق كثير : أُرْتِجَ عليهم وأَطْبَقَ لَمَّا غَرِقُوا فيه ، قال أُمَيّة بنُ أَبي الصَّلْتِ :
تُسَبِّحُه النِّينَانُ والبَحْرُ زاخِراً
وَمَا ضَمُّ مِنْ شَيْءٍ ومَا هُو مُقْلِدُ
____________________

(9/68)



( واقْلَوَّدَه النُّعَاسُ ) اقْلِيدَداً ( : غَشِيَهُ ) وغَلَبَه ، قال الراجز :
والقَوْمُ صَرْعَى مِنْ كَرًى مُقْلَوِّدِ
( والاقْتِلاَدُ : الغَرْفُ ) ، نقله الصاغانيّ .
( وقَلَّدْتُها قِلاَدَةَ ) ، بالكسر ، وقِلاداً ، بحذف الهاءِ ( : جَعَلْتُهَا في عُنُقِهها ) فتَقَلَّدَت ، ( ومنه ) التّقْلِيد في الدِّين ، و ( تَقْلِيدُ الوُلاةِ الأَعمالَ ) وهو مَجاز ، ( و ) منه أَيضاً ( تَقْلِيدُ البَدَنَةِ ) : أَن يَجْعَلَ في عُنقِها ( شَيْئاً يُعْلَمُ به أَنَّهَا هَدْيٌ ) ، قال الفرزدق :
حَلَفْتُ بِرَبِّ مَكَّةَ والمُصَلَّى
وأَعْنَاقِ الهَدِيِّ مُقَلَّدَاتِ
وفي التهذيب : وتَقليدُ البَدَنَةِ أَن يُجْعَل في عُنُقِها عُرْوَةُ مَزَادَةٍ أَو خَلَقُ نَعْلٍ فيُعْلَم أَنها هَدْيٌ ، قال الله تعالى : { وَلاَ الْهَدْىَ وَلاَ الْقَلَائِدَ } ( سورة المائدة ، الآية : 2 ) قال الزَّجَّاجُ : كانُوا يُقَلِّدونَ الإِبلَ بِلِحَاءٍ شَجَرِ الحَرَمِ ، ويَعْتَصِمُون بذالك من أَعدائهم ، وكان المُشْرِكُون يَفعَلُون ذالك ، فأُمِرَ المُسْلِمُونَ بأَن لا يُحِلُّوا هاذه الأَشياءَ التي يَتَقَرَّب بها المُشْرِكون إِلى الله تعالى ، ثم نُسِخَ ذالك .
( ) ومما يستدرك عليه :
رجُلٌ ، مِقْلَدٌ ، كمِنْبرٍ ، أَي مَجْمَع ، عن ابنِ الأَعرابيّ وأَنشد :
جَانِء جَرَادٍ فِي وِعَاءٍ مِقْلَدَا
وقَلَّدَ فُلاناً عَملاً تَقليداً فتَقَلَّدَه ، وهو مَجازٌ ، قال ابنُ سيدَه : وأَمّا قولُ الشاعر :
لَيْلَى قَضيبٌ تَحْتَه كَثِيبُ
وفِي القِلاَدِ رَشَأٌ رَبِيبُ
فإِمَّا أَن يكون جَعَل قِلاداً من الجَمْع الذي لا يُفَارِق واحِدَه إِلاَّ بالهَاءِ ، كتَمْرَةٍ وتَمْرٍ ، وإِما أَن يكون جَمَع فِعَالَة على فِعَال ، كدِجَاجة ودِجَاج ، فإِذا كان ذالك فالكَسْرَة التي في الجمع غيرُ الكَسْرة التي في الواحد ، والأَلف غير الأَلف . وقد قَلَّدَها وتَقَلَّدها .
وقَلَّده الأَمْ أَلْزَمه إِيَّاه ، وهو مَجَازٌ .
____________________

(9/69)



وتَقَلَّد الأَمْرَ : احْتَمَلَه ، وكذلك تقلَّد السَّيْفَ ، وقوله :
يَالَيْتَ زَوْجَكِ قَدْ غَدَا
مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحَا
أَي وحامِلاً رُمْحاً .
والقِلَّوْدُ : البئرُ الكثيرةُ الماءِ .
والقِلْد : سَقْيُ السَّماءِ ، وقد قَلَدَتْنا وسَقَتْنَا السَّمَاءُ قَلْداً في كُلِّ أُسبوع ، أَي مَطَرَتْنَا لِوَقْتغ ، وفي حَديث عُمَر ( أَنّه اسْتَسْقَى ، قال : فَقَلَدَتْنَا السَّمَاءُ قَلْداً كلّ خَمْسَ عَشَرةَ ليلةً ) أَي مَطَرَتْنَا لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ ، مأْخوذٌ مِنْ قِلْدِ الحُمَّى ، وهو يَوْمُ نَوْبَتِها .
ويقال : صَرَّحَتْ بِقِلِنْدَانٍ ، أَي بِجِدَ ، عن اللِّحيانيّ .
قال : وقُلُودِيَّةُ : من بلادِ الجَزيرة .
وفي التهذيب : قال ابنُ الأَعرابيّ : هي الخُنْعُبَةُ ، والنُّونَةُ ، والثُّومَةُ ، والهَزْمَةُ ، والوَهْدَةُ ، والقَلْدَةُ ، والهَرْثَمَةُ . والحِثْرِمَةُ ، والعَرْتَمَةُ . قال الليث : الخُنْعُبَةُ : مَشَقُّ ما بَيْنَ الشَارِبَيْنِ بِحيالِ الوَتَرَةِ .
وفي الأَساس : من المَجاز : قُلِّدَ فُلانٌ قِلادَةَ سَوْءٍ : هُجِي بما بَقِي عليه وَسْمُه . وَقَلَّدَهُ نعْمَةً ، وتَقَلَّدَها طَوْقَ الحَمَامةِ . ولي في أَعناقهم قلائِدُ : نِعَمٌ رَاهِنَة . ونِعْمَتُك قِلادَةٌ في عُنُقي لا يَفُكُّهَا المَلَوَانِ .
قلعد : ( اقْلَعَدَّ ) الرجُلُ . أَهمله الجوهريُّ ، وقال ابنُ دُريد : إِذا ( مَضَى عَلَى وَجْهِه في البِلادِ ) .
( و ) اقْلَعَدَّ ( الشَّعرُ : اشتَدَّتْ جُعُودَتُه ) كاقْلَعَطَّ ، وسيأْتي ، وفي الأَفعال : اقْلَعَطَّ الشَّعرُ واقْلَعَدَّ ، إِذا كان جَعْداً .
قلقشند : ( قَلْقَشَنْدَةُ ) أَهمله الجماعة ،
____________________

(9/70)


وهو بفتح فسكون ، وقد تُبْدل اللامُ راءف ، وهو الشمهور ( : ة بِمِصْرَ ) من أَعمال قَلْيُوبَ ، وفيها وُلِدَ الإِمامُ الليثُ بن سَعْدٍ رضي الله عنه ، وخَرج منها أَكَابِرُ العلماءِ والمُحَدِّثين ، منهم العَشَرَةُ من أَصحابِ الحافظِ ابنِ حَجَرٍ ، وهاذه القريةُ قد ورَدْتُ عليها مَرّاتٍ ، يتولاَّها أُمراءُ الحَاجِّ .
قمحد : ( القَمَحْدُوَةُ : الهَنَةُ الناشِزَةُ فوْقَ القَفَا ) ، وهي بين الذُّؤَابَةِ والقَفَا مُنْحَدِرَةٌ عن الهَامَة ، إِذا استلقَى الرجُلُ أَصَابَت الأَرضَ مِن رأْسه . ( و ) القَمَحْدُوَةُ أَيضاً ( : أَعْلَى القَذَالِ خَلْفَ الأُذُنَيْنِ ) وقال أَبو زيد : القَمَحْدُوَ ما أَشْرَفَ عَلَى القَفَا مِن عَظْمِ الرأْسِ ، والهَامَةُ فَوْقَهَا ، والقَذَالُ دُونَهَا مِمَّا يَلِي المَقَذَّ . ( و ) في التهذيب : القَمَحْدُوَةُ ( : مُؤَخَّرُ القَذَالِ ) وهي صَفْحَةُ ما بَيْن الذُّؤَابَةِ وفَاسِ القَفَا . ( ج قَمَاحِدُ ) ، القال الشاعر :
فَإِنْ يُقْبِلُوا نَطْعَنْ ثُغُورَ نُحُورِهِمْ
وإِنْ يُدْبِرُوا نَضْرِبْ أَعَالِي القَمَاحِدِ
ويُجْمَع أَيضاً على قَمَاحِيدَ وقَمَحْدُوَات ( وفي ذِكْرِ الجَوْهَرِيِّ إِيَّاهَا في قَحَدَ ) بناءً على أَنَّ الميم زائدة ( نَظَرٌ ) ، أَي والصوابُ ذِكْرُها هنا ، فإِن الميم أَصْلِيَّة ، وذهبَ أَبو حَيَّان إِلى زيادَتها ، فليتأَمَّلْ .
( ) ومما يستدرك عليه :
القِمَحْدَة ، كسِبَحْلَةٍ ، لُغة في القَمَحْدُوَةِ ، عن الصاغانيّ .
قمد : ( القَمْدُ ) والقُمُود : شِبْهُ العُسُوِّ من شدَّةِ ( الإِبَاءِ والتَّمَنُّع ) ، يقال : قَمَدَ يَقْمَدُ قَمْداً وقُمُوداً ، قاله ابنُ سِيده . ( و ) القَمْدُ ( : الإِقَامَةُ في خَيْر أَو شَرَ ) .
( و ) القَمَدُ ( بالتَّحْرِيكِ ) مصدر قَمِدَ يَقْمَدُ ، وهو ( الطُّولُ ) عامَّةً ، ( أَو ) هو ( ضِخَمُ العُنُقِ في طُولٍ ، والنعْتُ أَقْمَدُ ، وهي قَمْدَاءُ ، وقُمُدٌّ ) كعُتُلَ ، ( وقُمُدَّةٌ ) ، بزيادة الهاءِ ، ( وقُمُدَّانِيَّةٌ ) .
( و ) يقال ( ذَكَرٌ قُمُدٌّ ، كعُتُلَ : شَدِيدُ الإِنْعَاظِ ) صُلْبٌ . وقيل القُمُدُّ اسمٌ
____________________

(9/71)


له . ( ورَجُلٌ قُمُدٌ ، مخَفَّفَةً ، وقُمُدٌّ ) كعُتُلَ ( وقُمَادٌ ، كغُرابٍ ، وقُمْدُودٌ ) وقُمْدُدٌ ( وقُمَادِيٌّ وقُمخدَّانٌ وقُمُدَّانِيٌّ ) بالضمّ في الكُلِّ : قَلأِيٌّ ( شَدِيدٌ ) ، كما فسّره الليث ، وقال : ويقال إِنه لَقُمُدٌّ قُمْدُدٌ ، وامرأَة قُمُدَّةٌ . ( أَو ) صُلْبٌ ( غَلِيظٌ ) ، والأُنثى قُمُدَّانَةٌ وقُمُدَّانِيَّةٌ .
( وأَقْمَدَ ) الرجلُ ( : طَمَحَ بعُنُقِه . و ) أَقْمَدَ : ( أَنْعَظَ ، و ) أَقْمَدَ ( : أَسالَ ) . كل ذالك عن الصّاغانيّ .
( واقْمَهَدَّ ، ليس من قَمَدَ ، ووَهِمَ الجوهريُّ ) في ذكره هنا ، والصواب ذكره في قمهد وسيأْتي .
( ) ومما يستدرك عليه :
القُمُدُّ ، كعُتُلَ : الذَّكَر ، وقيل : الغليظُ الصُّلْبُ من الأُيور ، وقَمَدَ يَقْمُدُ ( قَمْداً و ) قُمُوداً : جامع في كلِّ شيْءٍ .
وقُمْدُ الأَقْمَاد : غُلْبُ الرِّقَابِ ، وقد جاءَ في قولِ رُؤْبَةَ .
وقَمَدَ الشيءُ قُمُوداً : صَلُبَ ، كما في الأَفعال لابن القطاع .
والقاضي مُحمّد بن محفوظ القَمُودِيّ إِلى قَمُودَةَ ، قال اليَعقوبيّ : قَرية بالقَيْرَوَانِ على مسافةِ يومين ؛ مات بإفريقية سنة 307 .
قمعد : ( الْمُقْمَعِدُّ ، كمُشْمَعِلَ ) ، أَهمله الجوهريُّ ، وقال الأَزهريّ : هو ( الذي تُكَلِّمه بِجَهْلِكع ولا يَلِينُ لك ولا يَنقادُ ) وقد كلَّمْتُه فاقْمَعَدَّ اقْمِعْدَاداً . ( و ) المُقْمَعِدُّ أَيضاً ( : من عَظُمَ أَعلَى بَطْنِه واسْتَرْخَى أَسْفَلُه ) . وعبارة ابنِ القطّاع في الأَفعال : اقْمَعَطَّ الرجلُ واقْمَعَدَّ : عَظُمَ أَسفَلُ بَطْنِه وخَمُصَ أَعلاَه ، وأَيضاً : عَسُرَ ، فليتأَمَّل .
قمهد : ( القَمْهَدُ ) ، كجَعْفَر ، بتقديم الميم على الهاءِ ( : اللَّئيمُ الأَصْلِ القبيحُ
____________________

(9/72)


الوَجْهِ ) من ارجال ، قاله الأُمويّ ، ( وبالضَّمِّ : المُقِيمُ ) في مكان واحد ( الذي لا يَبْرَحُ ) ، نقله الصاغانيُّ .
( واقْمَهَدَّ ) الرجلُ اقْمِهْدَاداً ( : رَفَعَ رَأْسَه ) ، وكذالك البعيرُ . ( و ) اقْمَهَدَّ ( بالمكانِ : أَقامَ ) فلم يَبْرَحْ ، أَنشد أَبو عمرو :
فإِنْ تَقْمَهِدِّي أَقْمَهِدَّ مَكَانِيَا
( وهو ) أَ الاقْمِهْدَادُ المفهوم من اقْمَهَدّ ( : شِبْهُ ارْتِعَادٍ في الفَرْخِ إِذَا زُقَّ ) ، أَي زَقَّه أَبواهُ ، فتراه يَكْوَهِدّ إِليهما ويَقْمَهدُّ نحوَهما .
( ) ومما يستدرك عليه :
اقْمَهَدَّ الرجلُ ، إِذا مات ، وبه فُسِّر قولُ الشاعر :
فَإِنْ تَقْمَهِدِّي أَقْمَهِدَّ مَكانِيَا
أَورده ابنُ القطّاع في الأَفعال ، وابن منظور في اللسان .
واقْمَهَدَّ : أَسرَعَ . قال الصاغانيّ ؛ وإِطباقُ الخليلِ والأَزهريِّ وابنِ دُريدٍ عَلى إِيراد اقمهدّ في الرباعيّ يَرُدُّ ما قاله الجوهريّ من زيادة الهاءِ فهي .
قند : ( القَنْدُ والقَنْدَةُ ) ، بالفتح فيهما ، ( والقِنْديدُ ) ، بالكسر ، وإِما أَطلقَه اعتماداً على الشُّهرة : عُصَارَةُ ، وقيل ( : عَسَلُ قَصَبِ السُّكَّرِ إِذا جَمَدَ ) جُمُوداً ، أَو جُمِّد تَجميداً ، ومنه يُتَّخَذُ الفَانِيذُ ، وهو ( مُعَرَّب ) كَنْد ، ( و ) يقال ( : سَوِيقٌ مُقَنَّدٌ ) ، كمُعَظّم ، ( ومَقْنُودٌ ومُقَنْدًى ) ، إِذا كان مَعْمُولاً بالقِنْدِيد . قال ابنُ مُقْبِل :
أَشَاقَكَ رَكْبٌ ذُو بَناتٍ ونِسْوَةٍ
بِكِرْمَانَ يَعْتَفْنَ السَّوِيقَ المُقَنَّدَا
( والقِنْدِيدُ ) ، بالكسر ( : الوَرْسُ ) الجَيِّدُ . ( و ) القِنْدِيد ( : الخَمْرُ ) ، قال الأَصمعيُّ : هو مثل الإِسْفِنْطِ ، وأَنشد :
كأَنَّهَا في سَيَاعِ الدَّنِّ قِنْدِيدُ
( و ) هو ( عَصِيرُ ) عِنَب يُطْبَخ و ( يُجْعَلُ فِيه أَفواهٌ ) مِن الطِّيبِ ( ثم يُفْتَقُ ) . نقلَه الأَزهريّ في الرُّباعيّ عن ابن جِنّي ، ويقال : إِنه ليس بخمْر
____________________

(9/73)


وقال أَبو عَمرو : هي القِنْدِيدُ ، والطَّابَةُ ، والطَّلَّةُ ، والكَسِيس ، والفَقْدُ ، وأُمُّ زَنْبَق ، وأُمُّ لَيلى ، والزَّرْقَاءُ ، للخمر ، وعن ابنِ الأَعرابيّ : القَناديد : الخُمورُ . ( و ) القِنْدِيد أَيضاً ( : العَنْبَرُ ) ، عن كُرَاع ، ( و ) زاد غيره ( : الكَافُورُ ، والمِسْكُ ) ، وبقول كُراع فُسِّر قولُ الأَعشى :
بِبَابِلَ لَمْ تُعْصَرْ فَسالَتْ سُلاَفَةٌ
تُخَالِطُ قِنْدِيداً ومِسْكاً مُخَتَّمَا
( و ) القِنْدِيد ( : طِيبٌ يُعْمَلُ بالزَّعْفَرَانِ ) أَو الوَرْسِ ( و ) القِنْدِيد ( : حالُ الرَّجُلِ حَسَنَةً ) كانت ( أَو قَبِيحَةً ) . جَمْعه القَنَادِيدُ ، عن ابن الأَعرابيّ ، ( كالقِنْدِدِ ) ، كزِبْرِجٍ .
( والقِنْدَأْوُ ) ، مَرَّ ذِكْره ( في الهَمْزِ ) ، قال الفرَّاءُ : هي من النُّوق : الجَرِيئةُ ، يُهمَز ولا يُهمز ، وقد تقدَّم الاختلاف فيه .
( وسَمَرْقَنْدُ ) ، بفتح السين والميم وسكون الراءِ ، هاذا هو الصواب ، وسمِعْنَا بعضَ مشايخِنا المغاربة يَنطق بسكون الميم ، ويستند إِلى الشُّهرة عندهم بذالك ، قال الصاغانيُّ : وقد أُولِع أَهل بغدادَ بإِسكان الميم وفتح الراءه ، وسيأْتي البحث عنه ( في ) باب ( الراءِ ) وفصل الشين المعجمة ، لأَن الكلمة مُرَكّبة من شمر وكند ، أَي حفرها شَمِرُ ، اسمٌ لملك غَسَّان ، وحيث إِنها أَعجميّة كان ينبغي أَن يُنَبّه عليها في السين المهملة مع الدال المهملة ، كما هو عادَته في ذِكْر البلاد الأَعجميّة ، تقريباً على المبتدِي وتسهيلاً ، فإِني أَسمَع غالِبَ من لا مَعْرفَة له بضَوابطِ هاذا الكتاب يقول إِن المصنِّف لم يَذكرْ سمرقند في كتابه ، والله أَعلم .
( وقَنَادٌ ، كسحابٍ : ع شَرْقِيَّ وَاسِط ) العِرَاق .
( ومُحَمّد بنُ سَعيدِ بن قَنْدٍ ، مُحَدِّثٌ ) بُخارِيٌّ ، روَى عن ابن السُّكَيْن زكرِيّا بن يحيعى الطائيّ ، ووالدُ قَنْدٍ اسمُه بَابِي .
( وقَنْدَةُ الرِّقَاعِ : تَمْرٌ ) ، وهو ضَرْبٌ منه ، عن أَبي حنيفةَ .
____________________

(9/74)



( وأَبُو القُنْدَيْنِ بالضمِّ ) كُنية ( الأَصْمَعِيّ ) عبد المَلِك بن قُرَيْب الإِمام المشهور ، قالوا : ( كُنِيَ به لِعِظَم قُنْدَيْهِ ، أَي خُصْيَيْهِ ) قال ابن سِيده : لم يُحْكَ لنا فيه أَكثر من ذلك ، والقَضِيَّةُ تُؤذن أَنّ القُنْدَ : الخُصْيَةُ الكَبِيرَةُ .
( و ) يقال : ( جاءَ بالأَمْرِ على قَنَادِيدِه ، أَي ) على ( وَجْهِهِ ) .
( ) ومما يستدرك عليه :
قولهم بَيْنَ فَكَّيْه حُسامٌ مُهَنَّد ، يَقْطُر منه كَلاَمٌ مُقَنَّد ، ورجُلٌ مَقْنُودُ الكَلامِ ، وهو مَجاز .
لغاية ص 75
تابع كتاب والقَنْد في تاريخ سَمَرْقَند ، تأْليف الإِمام أَبي حفص عمر بن أَحمد المتوفى سنة 537 .
وأَبو حَمَّاد طلْحة بن عَمْرو القَنَّاد ، ككَتَّان ، كُوفِيٌّ عن الشَّعْبِيّ وعِكْرِمةَ وابن جُبَيْرِ .
وحَبِيبٌ القَنَّادُ ، بَصرِيُّ ، عنه أَيُّوب السَّخْتِيَانِيّ .
وأَبو القاسم عبدُ الملك بن محمّد بن عبد الله القَنْدِيّ الواعِظ ، إِلى بَيْعِه ، صَدُوقٌ ثَبتٌ .
وأَقْنَدْتُ السَّوِيقَ : أَلقيْت فيه القَنْدَ ، كذا في الأَفعال لابن القطاع .
وقَنَادٌ كسَحابٍ : موضعٌ شَرْقِيَّ واسِطَ قُرْبَ الحَوْزِ .
قنفد : ( القُنْفُدُ ) ، أَهمله الجوهريّ والصاغانيّ ، وقال كراع : هي لغة في ( القُنْفُذ ) ، بالذال المعجمة ، ولذا أَطلقَه ولم يَضْبِطه ، حكى ذالك عن قُطْرُب .
( ) وبقي عليه :
القُنْفُدَة : ناحيةٌ من بَحْرِ عَدَنَ بين جَبلينِ ، وقريةٌ بِسواحِلِ مَكَّةَ ، وماءٌ من مِياه بني نُمَيْرٍ . كذا في المَرَاصِد .
وقُنْفُدُ بنُ عُمَيْرِ بنِ جُدْعَان ، له صُحَبَةٌ ، وَلاَّه عُمَرُ مَكَّةَ ثم عَزَله ، وروَى عنه سَعِيدُ بن أَبي هِنْد ، وهو تَيْمِيٌّ ، كذا في المعجم .

____________________

(9/75)


قود : ( *!القَوْدُ : نَقِيضُ السَّوْقِ ) ، *!يَقود الدَّابّة مِن أَمامها ، ويَسوقها من خَلْفِها ، ( فهو ) أَي القَوْدُ ( مِن أَمَامٍ ، وذاك ) أَي السَّوْقُ ( مِنْ خَلْفٍ ، *!كالقِيَادَةِ ) ، بالكسر ، ( *!والمَقَادَةِ ) ، بالفتح ، ( *!والقَيْدُودَةِ ) . وقد مَرَّ الكلامُ فيه في حاد ، وقدّ ، وسيأْتي في طار ، وكان ، إِن شاءَ الله تعالى ، ( *!والتَّقْوَادِ ) بالفتح ، قال حَسّانُ ابن ثابت :
والله لَولاَ مَا أَصابَ نُسُورَهَا
بِجُنُوبِ سَايَةَ أَمحسِ *!بالتَّقْوَادِ
سَايَةُ : وادٍ قُرْبَ قُدَيدٍ . ( *!والاقْتِيَادِ *!والتَّقْوِيدِ ) . *!قُدْتُ الفَرَس وغيرَه *!أَقُودُه *!قَوْداً ، *!وقادَ البعيرَ *!واقْتَادَه : جَرَّه خَلْفَه . وفي حديث الصلاة : ( *!اقْتَادُوا رَوَاحِلَهُم ) *!والاقتيادُ *!والقَوْدُ واحدٌ ، *!واقْتَادَه *!وقَادَه بمعنًى ، *!وقَوَّده ، شُدِّدَ للكثرةِ . ففي الأَساس : *!قَوَّدَ فَرَسَه : أَكْثَرَ *!قِيَادَه ، وإِذَا نَزَلْتَ عَن فَرسِك *!فَقَوِّدْهُ .
( و ) القَوْدُ ( : الخَيْلُ ) أَو جَماعةٌ من الخيْلِ ، يقال : مَرَّ بنا *!قَوْدٌ مِن خَيْلٍ ، ( أَو التي *!تُقَادُ *!بِمَقَاوِدِهَا ولا تُرْكَب ) ، وتكونُ مُودَعَةً مُعَدَّةً لوقْتِ الحَاجَة إِليها ، يقال : هاذه ( الخيلُ ) *!قَوْدُ فُلانٍ *!القائدِ . ( والدَّابَّةُ *!مَقُودَةٌ *!ومَقْوُودَةٌ ) بالإِعلال وبغيره ، والأَخيرة نادِرة ، وهي تَميميّة . ( *!واقْتَادَها *!فاقْتَادَتْ ) *!واستقَادَتْ ، الأَخيرةُ من الأَساس . ( ورَجُلٌ *!قائِدٌ مِن *!قُوَّد *!وقُوَّادٍ *!وقَادَة ) وفي اللسان : جمع قائدِ الخيلِ *!قَادَةٌ *!وقُوَّادٌ ، وهو قائدٌ بَيِّنُ *!القِيَادَةِ ، وهو من *!قُوَّادِ الخَيْلِ ، واستعمَل أَبو حنيفَة *!القِيَادَ في اليَعَاسِيبِ فقال في صِفاتِهَا : وهي مُلُوك النَّحْل *!وقَادَتُها . وفي حديث عَلِيَ ( قُرَيْشٌ *!قَادَةٌ ذَادَةٌ ) أَي *!يَقُودون الجُيُوشَ ، ورُوِيَ أَن قُصَيًّا قَسَمَ مَكَارِمَه ، فَأَعْطَى *!قَوْدَ الجُيُوشِ عَبْدَ مَنَافٍ ، ثم وَلِيهَا عَبْدُ شَمْسٍ ثم أُمَيَّةُ ثم حَرْبٌ ثم أَبو سُفْيانَ .
( *!وأَقَادَه خَيْلاً : أَعطاهُ *!لِيَقُودَهَا ) ، وكذا *!أَقادَه مالاً .
____________________

(9/76)



( و ) *!أَقادَ ( القاتِلَ بالقَتِيلِ : قَتَلَهَ به ) يُقِيده إِقادَةً .
( و ) من المَجاز : أَقادَ ( الغَيْثُ ) ، إِذا ( اتَّسَعَ ) ، فهو *!مُقَيدٌ ، وقد *!قَادَتْه الرّيحُ ، قال تَمِيمُ نُ مُقْبِلٍ يصف الغَيْثَ :
سَقَاهَا وإِنْ كَانَتْ عَلَيْنَا بَخِيلَةً
أَغَرُّ سِمَاكِيٌّ أَقَادَ وأَمْطَرَا
قيل في تفسِيرِ أَقادَ : اتَّسَعَ ، وقيل : أَقادَ : صارَ له قائدٌ مِن السحابِ بيْن يَديْهِ ، كما قال ابنُ مُقْبِلٍ أَيضاً :
لَهُ قَائدٌ دُهْمُ الرَّبَابِ وخَلْفَه
رَوَايَا يُبَجِّسْنَ الغَمَامَ الكَنَهْوَرَا
( و ) من المَجاز أَقادَ ( فُلانٌ ) إِذا ( تَقَدَّمَ ) ، وهو ممّا ذُكِر ، كأَنّه أَعْطَى *!مَقَادَتَه الأَرْضَ فأَخَذَتْ منها حَاجَتَها .
( *!والمِقْوَدُ ، بالكسر : ما *!يُقَادُ به ، *!كالقِيادِ ) ، بالكسر أَيْضاً ، وفي الصّحاح : *!المِقْوَدُ : الحَبْلُ يُشَدُّ في الزِّمام أَو اللِّجَامِ *!تُقَادُ به الدَّابَّةُ . *!والمِقْوَدُ : خَيْطٌ أَو سَيْرٌ يُجْعَل في عُنُق الكَلْبِ أَو الدَّابَّة يُقَادُ بِه .
( وأَعْطَاهُ *!مَقَادَتَه انْقَادَ له ) . *!والانْقِيَاد : الخُضوعُ ، تقول : *!قُدْتُه *!فانْقَادَ ، *!واسْتَقَادَ لي ، إِذا أَعطاكَ *!مَقَادَتَه .
( وفَرَسٌ ( وبَعِيرٌ ) *!قَؤُودٌ ، ) كصَبُور ، ( *!وقَيِّدٌ *!وقَيْدٌ ، كمَيِّتٍ ومَيْت ، و ) كذالك فرسٌ ( *!أَقْوَدُ ) ، أَي سَلِسٌ ( ذَلُولٌ *!مُنْقَادٌ ) والاسمُ من ذالك كلِّه *!القِيَادَةُ ، ويقال : اجْعَلْ في أَوِّل قِطَارِك بَعيراً قَيِّداً . وقال الكسائيُّ : فرسٌ *!قُوُودٌ ، بلا هَمزٍ : الذي *!يَنْقَادُ ، والبعيرُ مثلُه . ( وجعَلَتْهُ مَقَادَ المُهْر ، أَي عن ) ، وفي بعض الأُمّهات : على ( اليَمِينِ ) ، لأَن المُهْرَا أَكثرُ ما *!يُقَادُ عَلَى اليمين ، قال ذو الرُّمَّة :
وقَدْ جَعَلُوا السَّبِيَّةَ عَنْ يَمينٍ
*!مَقَادَ المُهْرِ وَاعْتَسَفُوا الرِّمَالاَ
( *!والقَائدُ مِن الجَبَلِ : أَنْفُه ، وكُلُّ مُسْتَطهيل مِنْ أَرضٍ أَو جَبَلٍ على وَجْه الأَرْضِ ) *!قائِدٌ ، وهو مَجاز . وفي التهذيب : *!والقِيادَةُ مصدرُ *!القائِدِ ، وكُلُّ شيْءٍ مِن حَبل أَو مُسَنَّاةٍ كان
____________________

(9/77)


مُستطيلاً على وَجْهِ الأَرض فهو قائدٌ .
( و ) القائد ( : أَعْظَمُ فُلْجَانِ الحَرْثِ ) قال ابن سِيده : وإِنما حملناه على الواو لأَنها أَكثرُ من الياءِ فيه . ( و ) القائد ( : الأَوَّلُ مِن بَنَاتِ نَعْشٍ الصُّغْرَى ) وهي من الكواكب الشَّامِيّة ، وهي أَقربُ مَشاهيرِ الكَوَاكبِ من القُطْبِ الشَّمَاليِّ ، وعَدَدُ كَواكِبها سَبْعَةٌ ، على شِبْه بَنَاتِ نَعْش الكُبْرى ، إِلا أَنها أَصغَرُ قَدْراً وأَلْطَفُ نُجوماً ، فمن الأَربعَة الفَرْقَدان ، وهما المُتَقَدِّمانِ المُضيئانِ ، بينهما قَدْرُ ذِرَاعٍ ، والآخرَانِ اللَّذَانِ وَرَاءَهما خَفِيَّانِ . ومن البَنَاتِ الجَدْيُ ، وهو المُضيءُ الذي في آخرِهَا ، والاثنانِ الآخرانِ خَفِيَّانِ ، وإِنَّمَا يُعْرَف الجَدْيُ بالفَرْقَدَيْنِ ، هذا هو المعروفُ عند أَئمّةِ الفَلَكِ ، والذي ذهبَ إِليه المُصَنّف أَنَّ الأَوَّل من البناء ( الذي هُوَ آخِرُهَا قائِدٌ ، والثَّاني عَنَاقٌ ) ، فإِنما هو في بناتِ نَعْش الكُبْرَى ، وهي في جانبٍ من الصُّغْرَى ، وعدَدُ نُجومها سَبْعَةٌ مُضيئةٌ ، أَربعةٌ منها النعْشُ ، وثلاثَةٌ البَناتُ . وهي التي ذكرت آنِفاً ، ثم قال ، ( وإِلى جَانِبِه قائدٌ صَغيرٌ ، وثانِيه عَنَاقٌ ) ، بالفتح ، ( وإِلى جَانِبه الصَّيْدَقُ ) وهو كوكبٌ خَفِيٌّ في وَسط البناتِ ( وهو السُّهَى ) ويقال له نَعْشٌ أَيضاً ( والثالثُ الحَوَرُ ) وهو يلي النَّعْشَ ، ويقال : القوائد من الشاميّة عن يسار النَّسْرِ الواقعِ فيما بينه وبين بَناتِ نَعْشٍ ، وهنّ أَربعةُ كواكِبَ على تَربِيعٍ مُختَلِف ، وفيخا تَفَاوُتٌ ، وفي الوَسَط نجم خَفِيٌّ شبيه باللَّطْخَةِ ويُسَمَّى الرُّبَعَ ، شُبِّهْنَ بأَيْنُقغ مع رُبْعٍ . ( *!والقَيَادِيدُ : الطِّوَالُ من الأُتُنِ وغيرِها ، الواحِدَةُ قَيْدُودٌ ) ، وفَرسٌ *!قَيْدُودٌ : طويلةُ العُنقِ في انْحِنَاءٍ ، قال ابنُ سِيدَه : ولا يُوصَف به المُذَكَّر ، وأَنشد لذي الرُّمَّة :
رَاحَتْ يُقْحِّمُهَا ذُو أَزْمَلٍ وَسَقَتْ
لَه الفَرَائِشُ والقُبُّ *!القَيَادِيدُ
وهي الأُتُن ، قال شيخنا : وفي أَبنِية
____________________

(9/78)


ابنِ القطَّاع : فَرَسٌ *!قَيْدُودٌ : سَهْلُ القِيَادِ ، أَصلها قَيْوَدُودٌ على فَيْعَلُول ، لأَنه من قَادَ يقود ، وهاذا مَذهب البصريينَ ، وأَما الكوفيّون فوزْنه عندهم فَعْلُول والياءُ مُبْدَلةٌ من الواو . قلت : وقد تقدّم شيْءٌ من هاذا في قدّ ، وسيأْتي في طار إِن شاءَ الله تعالى .
( *!والقِيدُ ، بالكسر ، *!والقَادُ : القَدْرُ ) تقول هو مِني *!قِيدَ رُمْحٍ *!وقَادَ رُمْحٍ أَي قَدْرَه ، وفي حديث الصلاةِ ( حينَ مَالتِ الشمْسُ قِيدَ الشِّرَاكِ ) وأَراد به الوقْتَ الذي لا يَجوز لأَحَدٍ أَنْ يَتَقَدَّمه في صَلاَةِ الظُّهْرِ ، يَعنِي فوق ظِلِّ الزَّوالِ ، فَقَدَّرَه بالشِّرَاكِ لدِقَّتِه ، وهو أَقلُّ ما تَبِينُ به زِيادَةُ الظِّلِّ حتّى يُعْرَف مِنه مَيْلُ الشمْسِ عن وَسَط السماءِ ، وفي الحديث رِواية أُخرى ( حتَّى تَرْتَفِع الشمسُ قِيدَ رُمْح ) وفي حديث آخرٍ ( لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُم مِن الجَنَّةِ أَوْ قِيدُ سَوْطِه خَيْرٌ مِن الدُّنْيَا ومَا فِيها ) . ( *!والأَقْوَدُ : ) الطَّوِيلُ العنق والظَّهرِ من الإِبل والدَّوَابِّ ، وفَرَسٌ *!أَقْوَدُ بَيِّنُ القَوَدِ ، ونَاقَةٌ *!قَوْدَاءُ وفي قَصِيدِ كَعْبٍ :
وعَمُّها خَالُها قَوْدَاءُ شِمْلِيلُ
ومنه ، رَمْلٌ *!مُنْقَادٌ ، أَي مُستَطِيلٌ . وخَيْلٌ قُبٌّ *!قُودٌ ، وقَد *!ْقَوِدَ *!قَوَداً . وقال ابنُ شُمَيْلٍ : الأَقْوعدُ من الخيْلِ : الطويلُ العُنقِ العَظِيمُه . *!والأَقْوَدُ مِن الرِّجال : ( الشَّدِيدُ العُنُقِ ) ، سُمِّي بذالك لِقِلَّةِ الْتِفَاتِه . ( و ) من ذالك سُمِّيَ ( البَخيلُ علَى الزَّادِ ) أَقْوعد ، لأَنه لا يَلْتَفِتُ عند الأَكْل لئلاَّ يَرَى إِنْساناً فيَحْتاجَ أَن يَدْعُوَه . ورجُلٌ أَقْوَدُ : لا يَلْتَفِت . ( و ) الأَقوَدُ ( : الجَبَلُ الطويلُ ) في السَّماءِ ( *!كالمُقَوَّدِ ، كمُعَظَّمٍ ) ، وضَبطه الصاغانيُّ كمُكْرَمٍ ، وهو الصواب . ( و ) في التهديب : والأَقْوَدُ من الناس ( : مَنْ ) إِذا ( أَقْبَلَ على شَيْءٍ ) بِوَجْهِه ( لَمْ يَكَدْ يَنْصَرِفُ عنه ) ، وأَنشد :
إِنَّ الكَرِيمَ مَنْ تَلَفُّتَ حَوْلَهُ
وإِنَّ اللَّئِيمَ دَائمُ الطَّرْفِ أَقْوَدُ
( *!والقَّوَدُ ، مُحرَّكَةً : ) قَتْلُ النَّفْس
____________________

(9/79)


بالنَّفْسِ ، شاذٌّ كالحَوَكَةِ والخَوَنَةِ ، وقد *!اسْتَقْدْتُه فأَداني ، وفي الصحاح ، هو ( القِصَاصُ ) ، وفي الحديث : مَنْ قَتَلَ عَمْداً فهو *!قَوَدٌ ) .
( و ) *!القَوَدُ ( : طُولُ الظَّهْرِ والعُنُقِ ) ، ومنه قالوا : نَاقَةٌ قَوْدَاءُ وجَمَلٌ *!أَقْوَدُ ، وقَدْ *!قَوِدَ *!قَوَداً ، كحَوِرَ حَوَراً ، صحَّ في الفِعْل والصِّفَةِ ، قال الخليلُ : ناقَةٌ *!قَوْدَاءُ : طَويلةُ الظَّهْرِ والعُنُقِ ، وفي الرَّوضِ : نَاقَةٌ قَوْدَاءُ : طويلةُ العُنُقِ . وقيل : هي الطويلةُ ، بلا قَيْدٍ ، وهو *!أَقْوْدُ ، وهُنُّ قُودٌ ، وقد تقدَّم قريباً .
( *!وانْقَادَ ) الرجلُ ( : خَضع وذَلَّ ) ، *!قُدْتُه *!فانْقَاد . وانْقَادَ الرَّمْلُ : اسْتطالَ ، وانْقَادَ الطَّرِيقُ : سَهُلَ واستَقَامَ .
( و ) من المَجاز *!انْقَادَ ( لِي الطَّرِيقُ إِلَيْه : وَضَحَ ) واسْتَبانَ . قال ذُو الرُّمَّة في ماءٍ وَرَدَه :
تَنَزَّلَ عَنْ زِيزَاءَة القُفِّ وَارْتَقَى
مِنَ الرَّمْلِ *!فَانْقَادَتْ إِلَيْهِ المَوَارِدُ
قال أَبو منصور : سأَلت الأَصمعيَّ
عن معنَى : *!انْقَادَتْ إِليه الموارد ، قال : تتابعت إِليه الطُّرُقُ .
( *!والقَوْدَاءُ : الثَّنِيَّةُ العَالِية ) الطويلةُ في السَّماءِ . وقُلَّةٌ *!قَوْدَاءُ : طَوِيلةٌ ، وهو مَجاز .
*!والقَوَّادُ ، كَكَتَّانٍ : الأَنْفُ ، ( حِمْيَرِيَّةٌ ) أَي لغةُ بني حِمْيَرَ ، قال رُؤْبة :
أَتْلَع يَسْمُو بِتَلِيلٍ *!قَوَّادْ
ويقال في تفسيره : مُتَقَدِّمٌ .
( والأَحْمَرُ بنُ *!قُوَيْدٍ ، كزُبَيْرٍ ) ، كأَنه تصغير *!قَوَدٍ ، ( م ) أَي معروف .
( *!والمَقَادُ ، بالفتح : جَبَلٌ بالصَّمَّانِ ) ، نقلَه الصاغانيّ .
( *!والقائِدَةُ : الأَكَمَةُ تَمتَدُّ على ) وَجْه ( الأَرْضِ ) والجَبَلُ *!أَقْوَدُ ، وقد تقدّمَ .
( و ) يقال : ( *!قِيدَ الدَّقِيقُ ) إِذا ( طُبِخَ وَتَكَتَّلَ وتَكَبَّبَ ) . وذِكر المُصنِّف إِيّاه هنا يدُلّ على أَنه واوِيٌّ من القَوَد ، فليُراجع .
( ) ومما يستدرك عليه :
يقال : فلانٌ سَلِسُ *!القِيَادِ ، وصَعْبُه ،
____________________

(9/80)


وهو على المَثَل ، أَي يُتَابِعُك على هَواكَ ، كما في الأَساس ، وفي حديث عليَ رضي الله عنه : ( فَمَن اللَّهِجُ بالَّلذَّةِ السَّلِسُ القِيَادِ ) .
وفي حديث السقيفة : ( فانْطَلَق أَبو بكْرٍ وعُمَرُ *!يَتَقَاوَدَانِ حَتَّى أَتَوْهُم ) . ايي يَذهَبَانِ مُسْرِعَيْنه كأَنَّ كُلَّ واحدٍ منهما *!يَقُودُ الآخَرَ لِسُرْعَته .
*!وقادَت الرِّيحُ السَّحابَ ، على المَثَلِ . قالت أُمُّ خالدٍ الخَثْعَمِيَّةُ :
لَيْتَ سِمَاكِيًّا يَحَارُ رَبَابُه
يُقَادُ إِلَى أَهْل الغَضَي بِزِمَامِ
*!والقَوَّادُ : المُتَقَدِّم ، كما تَقَدَّمَ في تفسير قولِ رُؤْبَةَ . *!والقَوَّادُ الدَّيُّوثُ . وقَادَ على الفاجِرَةِ *!قِيَادَةً ، كما في الأَساس .
*!والقائِدَةُ من الإِبل التي تَقْدَّمُ الإِبلَ وتَأْلَفُهَا الأَفْتَاءُ .
*!والقَيِّدَةُ من الإِبل : التي *!تُقادُ للصَّيْدِ يُخْتَلُ بها ، وهي اللدَّرِيئَة ، وأَصْلُهَا قَيُوِدَة . وحكى ابنُ سيده عن ثلعب هي التي يُسْتَتَرُ بها من الرَّمِيَّة ثم تُرْمَى .
ومَرَّ وفُلانٌ *!يُقَاوِدُه : يُساوِقُه .
*!واستَقادَ الرَّجُلُ : ذَلَّ وخَضَعَ .
وظَهْرٌ مِن الأَرْضِ *!يَقودُ *!ويَنْقَادُ *!ويَتقاوَدُ كذا وكذَا مِيلاً .
*!واسْتَقَدْت الإِمامَ مِن القاتِل فأَقادَني ، أَي سَأَلْته أَن *!يُقِيدَ القَاتِلَ بالقَتيلِ .
وقال الليث : وإِذا أَتى إِنسانٌ إِلى آخَرَ أَمْراً فانْتَقَمَ منه بِمِثْلها قيل : *!استَقَادَها منه .
وهاذا مَكانٌ يَقُودُ مِن الأَرْضِ كذا وكذا ، *!ويَقْتَادُه ، أَي يُحاذِيه .
ومن المَجاز : *!اقْتَادَ النَّبْتُ الثَّوْرَ : وَجَدَ رِيحَه فهَجمَ عليه .
وأَصْبَحْتُ *!يُقَادُ بِيَ البَعيرُ : شِخْتُ وهَرِمْتُ .
*!وتَقَاوَدَ المَكَانُ : اسْتَوَى ، كما في الأَساس .

____________________

(9/81)


قهد : ( القَهْدُ : النَّقِيُّ اللَّوْنِ ، و ) القَهْدُ ( : الأَبْيَضُ ) ، وخَصَّ بعضُهم ( به ) البِيضَ مِن أَودِ الظِّبَاءِ والبَقَرِ ، كالقَهْبِ ، وقوله ( الأَكْدَرُ ) ، في الصحاح : القَهْدُ مِثْلُ القَهْبِ ، وهو الأَبْيَضُ الكَدِرُ . وقال أَبو عُبيد : أَبْيَضُ ، وقَهْبٌ ، وقَهْدٌ ، بمعنًى واحدٍ ، وقال لَبِيدٌ :
لِمُعَفَّرٍ قَهْدٍ تَنَازَعَ شِلْوَهُ
غُبْسٌ كَوَاسِبُ لا يُمَنُّ طَعَامُها
وَصَفَ بَقَرةً وَحْشِيَّةً أَكَلَ السِّبَاعُ وَلَدَهَا ، فجعَلَه قَهْداً لِبَيَاضِهِ . ( و ) قيل : القَهْدُ ( : ضَرْبٌ من الضَّأْن تَعْلُوه حُمْرَةٌ وتَصْغُرُ آذانُه ، أَو ) القَهْدُ من الضأْنِ ( : الأُحَيْمِرُ الأُكَيْلِبُ ) . هاكذا في سائر النُّسخ بالباءِ الموحْدة ، وصوابه الأُكَيْلِفُ ( الوَجْهِ ) بالفَاءه ، كما في اللسان وغيرِه ، وزاد فيه : وهو من شاءِ الحِجازِ سُكُّ الأَذْنابِ ، أَنشدَ الأَصمعِيُّ للحُطَيْئَة :
أَتَبْكِي أَنْ يُسَاقَ القَهْدُ فِيكُمْ
فَمَنْ يَبْكهي لِأَهْلِ السَّاجِسِيَ
( ج قِهَادٌ ) ، بالكسر ، ( أَو ) القَهْدُ ( : الذي لا قُرُونَ له ) ، قاله ابنُ جَبَلَة ، ( و ) القَهْدُ ( : الجُؤْذَرُ ) ، عن أَبي عبيدة ، قال الرّاعِي :
وَسَاقَ النِّعَاجَ الخُنْسَ بَيْنهي وَبَيْنَهَا
بِرَعْنِ أَشَاءٍ كُلُّ ذِي جُدَدٍ قَهْدِ
وقيل : القَهْدُ : وَلَدُ الضأْنِ إِذا كان كذالك ، ( و ) قيل : القَهْدُ : غَنَمٌ سُودٌ باليَمَن ، وهي ( الخَذْفُ ) بفتح الخاءِ وسكون الذال المعجمتين وآخره فاءٌ ، هكذِّا في النسخ ، وفي بعضها الخَرْف بالراءِ بدل الذال ، ومثله في اللسان ، وكل ذالك ليس بِوَجْهٍ ، والصواب الحَذَفُ ، بالمهملة ثم المعجمة مُحرَّكَةً ، كما هو نصُّ الصاغانيّ . ( و ) يقال : القَهْدُ ( : القَصِيرخ الذَّنَبِ . و ) قيل : القَهْدُ ( : الصَّغِيرُ اللَّطِيفُ ) الجِسْمِ ( مِنَ البَقَرِ ) ، ويقال لوَلَدِ البَقَرةِ : قَهْدٌ ، أَيضاً . وجَمْع الكُلِّ قِهَادٌ ، ولا وَجْهَ لِتخصيصِ المُصنّف ببعضٍ دونَ بَعْضٍ .
____________________

(9/82)



( و ) القَهْدُ ( : النَّرْجِسُ إِذا ) كان جُنْبُذاً ( لمْ يَتَفَتَّحْ ) ، فإِذا تَفَتَّح فهي التَّفَاتِيحُ والتَّفَاقِيحُ والعُيُونُ .
( و ) قَهَدٌ ، ( بالتَّحْرِيك : ع ) ، عن الصاغانيّ .
( و ) قُهَيْدٌ ، ( كَزُبَيْرٍ : ابنُ مُطَرِّفٍ ) أَو ابنُ أَبي مُطَرِّفٍ ( الغِفَارِيُّ ) ، كان يَسْكن ببادِيَةِ الحِجَاز ( اخْتُلِفَ في صُحْبَتِهِ ) ، فإِنه رُوِيَ له حَدِيثٌ في مُسنَد أَحمَد ، وله عِلَّةٌ ، فإِنه رُوِيَ عنه أَيضاً عن أَبي هريرةَ ، فكأَنّه تابعيٌّ ، كذا في معجَم ابنِ فهد .
( و ) في التهذيب : ( قَهَدَ في مِشْيَتِه ، كمَنَعَ ) ، إِذا ( قَارَبَ في خَطْوِه ولمْ يَنْبَسِطْ في مَشْيِهِ ) ، وهو من مَشْيِ القِصَارِ .
( ) ومما يستدرك عليه :
ابن قَهْدٍ : رَجُلٌ من أَهلِ اليَمَن ، قرأْتُ في المُوطَّإِ في باب العَزْلِ ، عن الحَجَّاجِ بن عمرِو بن غُزَيَّة أَنه كان جالِساً عند زَيْدِ بن ثابِتٍ ، فجاءَه ابنُ قَهْد ، رجلٌ من اليمن . ويروى بالفاءِ ، كذا رأَته ، هاكذا ضَبطه ابنُ الحَذَّاءِ بالقاف ، وجَوَّز أَن يكون قَيسَ بنَ قَهْدٍ ، وله صُحْبةٌ . قال الحافظ : وفيه بُعْدٌ .
ومحمد بن عبد الرحمان بن سَعْد بن غالب بن قَهْدٍ المَذْحَجِيّ المَالَقِّي ، مات بعد الثلاثين وخَمسمائة ، روى عن أَبي مَروانَ بن سراج .
والقِهَادُ : موضعٌ .
قهمد : ( القَهْمَدُ ) كجَعْفَرٍ ، أَهمله الجوهَري والجماعَةُ ، وهو الرجُلُ ( اللَّئيمُ الأَصْلِ الدِّنِىءُ ، و ) قيل هو ( الدَّمِيمُ الوَجْه ) كالقَمْهَد .
قيد : ( *!القَيْدُ ، م ) ، أَي معروف ، ( ج *!أَقْيَادٌ *!وقُيُودٌ ) . وتقول : ظُوهِرَتْ عَلَيْه *!القُيُودُ *!والأَقْيَادُ ( و ) *!القيد ( : ما ضَمَّ العَضُدَيْنِ ) ، وفي بعض الأُمّهات : العَضُدَتَيْنِ ( مِنَ المُؤَخِّرَتَيْنِ ) ، وفي بعض النّسخ بإِسقاطِ من ، أَي من أَعلاهما مِن القِدِّ . ( و )
____________________

(9/83)


*!القَيْدُ ( : قِدٌّ ) ، بالكسر ، ( يَضُمُّ عَرْقُوَتَيِ القَتَبِ ) .
( و ) *!قَيْدٌ ( : فَرَسٌ ) كان ( لبني تَغْلِبَ ) بنِ وائل القبيلة المشهورة ، وهاذا عن الأَصمعيّ ، ونقله الجوهريّ .
( و ) *!القَيْدُ ( من السَّيْف : ذاك المَمْدُودُ في أُصولِ الحَمَائِلِ تُمْسِكُه البَكَرَاتُ ) ، محرَّكةً .
( *!وقَيْدُ الأَسْنانِ : اللِّثَةُ ) ، قال الشاعر :
لِمُرْتَجَّةِ الأَطْرَافِ هيفٍ خُصورُهَا
عِذَابٍ ثَنَايَاهَا عِجَافٍ قُيودُهَا
يعني اللِّثَاتِ وقِلَّةَ لَحْمِهَا ، وقال ابن سِيده : *!وقُيُودُ الأَسْنَانِ : عُمُورُهَا ، وهي الشُّرُفُ السَّابِلَةُ بين الأَسنانِ ، شُبِّهَتْ*! بالقُيُودِ الحُمْرِ مِن سِمَات الإِبل ( *!وَقَيْدُ الفَرَسِ : سِمَةٌ في عُنُقِ البَعِيرِ ) علَى صورَة *!القَيْدِ ، كذا في الصّحاح وأَنشد الأَحمرُ :
كَومٌ عَلَى أَعْنَاقِهَا *!قَيْدُ الفَرَسُ
تَنْجُو إِذَا اللَّيْلُ تَدَانَى وَالْتَبَسْ
وفي الحديث ( أَنه أَمر أَوْسَ بنَ عبدِ الله الأَسْلَمِيَّ أَن يَسِمَ إِبلَه في أَعْنَاقهَا *!قَيْدَ الفَرس ) ، وصُورَتُها حَلْقَتَانِ بينهما مَدَّةٌ ، كذا في النهاية ، وقال ابنُ سيده : *!والقَيْدُ : من سِمَات الإِبل ( وَقَيْدُ الفَرَسِ : سِمَةٌ في عُنُقِ البَعِيرِ ) علَى صُورَة القَيْدِ ، كذا في الّصحاح وأَنشد الأَحمرُ :
كُومٌ عَلَى أَعْنَاقِهَا قَيْدُ الفَرَسْ
تَنْجُو إِذَا اللَّيْلُ تَدَانَى وَالْتَبَسْ
وفي الحديث ( أَنه أَمر أَوْسَ بنَ عبدِ الله الأَسْلَمِيَّ أَن يَسِمَ إِبلَه في أَعْناقهَا قَيْدَ الفَرس ) ، وصُورَتُها حَلْقَتَانِ بينهما مَدَّةٌ ، كذا في النهاية ، وقال ابنُ سيده : والقَيْدُ : من سِمَاتِ الإِبلِ وَسْمٌ مُستطيلٌ مِثلُ القَيْدِ في عُنُقِهه ووَجْهِه وفَخذِه ، عن ابن حَبِيب من تَذكرة أَبيه عَلِيَ .
( و ) من المَجاز ( يُقال للفَرَسِ : قَيْدُ الأَوَابِدِ ) ، أَي ( لأَنَّه يَلْحَق الوُحوشَ بِسُرْعَتِه ) ، والأَوَابِدُ : الحُمُرُ الوَحْشِيَّة ، قال سيبويهِ : هو نَكِرَة وإِن كان بِلَفْظِ المَعْرِفة ، وأَنشد قَوْلَ امرِىء القَيْسِ :
وقَدْ أَغْتَدِي والطَّيْرُ في وُكُنَاتِهَا
بِمُنْجَرِدٍ *!قَيْدِ الأَوَابِدِ هَيْكَلِ
وأَنشد له أَيضاً :
بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأَوَابِدِ لاَحَهُ
طِرَادُ الهَوَادِي كلَّ شأْوٍ مُغَرِّبِ
قال ابنُ جنّي : أَصلُه *!تَقْيِيدُ الأَوَابدِ ثم حذف زِيَادَتَيه ، فجاءَ على الفِعْلِ ، وإِن شئت قُلْتَ وصْفٌ بالجَوْهِر لما
____________________

(9/84)


فيه من معنى الفِعْل نحو قوله :
فَلَوْلاَ الله والمُهْرُ المُفدَّى
لَرُحْتَ وأَنْتَ غِرْبَالُ الإِهَابِ
وضَعَ ( غِرْبَال ) مَوْضِع المُخَرَّق . وفي التهذيب : يقال للفَرسِ الجَوَاد الذي يَلْحَق الطرائدَ من الوَحش : قَيْدُ الأَوَابِدِ ، معناه أَنه يَلْحَقُ الوَحْشَ لِجَوْدَته ، ويَمْنَعُ مِن الفَوَاتِ بسُرْعَتِه ، فكأَنَّهها *!مُقَيَّدة له لاَ تَعْدُو .
( و ) القَيْد ( : المِقْدَارُ ، *!كالقَادِ ) *!والقِيدِ بالكسر .

تابع كتاب ( *!وقِيدَ ) *!قَيْداً بالكسر ، منبيًّا للمجهول ( *!قُيِّدَ ) تَقييداً ، وقد *!قَيَّدَه ، *!وقَيَّدْت الدَّابَّةَ .
( و ) يقال : فَرَسٌ عَبْلُ *!المُقَيَّدِ طَوهيل المُقَلَّد ، ( المُقَيَّد ، كمُعَظَّم : مَوْضِع القَيْدِ مِن رِجْلِ الفَرَسِ ، و ) المُقَيَّدُ ( : مَوْضِعُ الخَلْخَالِ مِن المرأَةِ . و ) المُقَيَّدُ ( : ما*! قُيِّدَ مِن بعيرٍ ونَحْوِ ، ج *!مَقَايِيدُ ) ، وهاؤلاءِ أَجْمَالٌ مَقَايِيدُ ، أَي *!مُقَيَّدَاتٌ . قال ابنُ سِيدَه إِبِلٌ *!مَقايِيدُ : *!مُقَيَّدَةٌ . حكاه يعقوب وليس بشيْءٍ ، لأَنّه إِذا ثَبَتَتْ *!مُقَيَّدَةٌ فقَد ثَبَتَتْ مَقَايِيدُ . ( و ) في حديث قَيْلَةَ ( الدَّهْنَاءُ *!مُقَيَّدُ الجَمَلِ ) أَي أَنَّهَا مُخْصِبَةٌ مُمْرِعَةٌ ، والجَمَلُ لا يَتَعَدَّى مَرْتَعِ ، *!والمُقَيَّد هنا ( المَوْضعُ الذي *!يُقَيَّدُ فيه الجَمَلُ ويُخَلَّى ) ، أَي أَنه مَكانٌ يَكون الجَمَلُ فيه ذا قَيْد .
( و ) *!القَيِّدُ ، ( كَكَيِّسٍ : مَنْ سَاهَلَكَ إِذا *!قُدْتَه ) ، قال :
وشَاعِرِ قَوْمٍ قَدْ حَسَمْتُ خِصَاءَهُ
وكَانَ لَهُ قَبْلَ الخِصَاءِ كَتِيتُ
أَشَمَّ خَبُوطٍ بِالفَرَاسِنِ مُصْعَبٍ
فَأَصْبَحَ منِّي *!قَيِّداً تَرَبُوتُ
____________________

(9/85)



( و ) *!القِيَادُ ( ككِتَابٍ : حَبْلٌ *!يُقادُ به ) الدابَّةُ ، وقد تقدَّمَ .
( *!والتَّقْيِيدُ : التَّأْخِيذُ ) ، وهو مَجَازٌ ، وقالت امرأَةٌ لعائشةَ رضي الله عنها : ( *!أَأُقَيِّدُ جَمَلِي ) ؟ أَرادت بذالك تَأْخِيذَها إِيَّاهُ من النساءِ سِوَاهَا . فقالت لها عائشةُ بعد ما فَهِمَتْ مُرَادَها : وَجْهِي من وَجْهِك حَرامٌ . كذا في التكملة . قال ابنُ الأَثير : أَرادَتْ أَنها تَعْمَل لزَوْجِهَا شيئاً يَمْنَعُهُ عن غيرِهَا من النساءِ ، فكأَنَّهَا تَرْبِطُه *!وتُقَيِّدُه عن إِتيانِ غَيْرِهَا .
( و ) عن ابن بُزُرْج ( *!تُقَيِّدُ : كمُضَارِعِ *!قَيَّدْتَ : أَرْضٌ حَميضَةٌ ) سُمِّيتْ لأَنَّها *!تُقَيِّد ما كان بها من الإِبل ، تَرْتَعِيهَا لكَثْرَة حَمْضِهَا وخُلَّتِهَا .
( و ) من المجاز ( *!تَقْيِيدُ الكتَابِ : شَكْلُه ) ، *!وتَقْيِيدُ العِلْمِ بالكتابِ ضَبْطُه ، وكتابٌ *!مُقَيَّدٌ : مَشْكُولٌ ، وما على هاذا الحَرْفِ *!قَيْدٌ : شَكْلَةٌ .
( *!ومُقَيَّدَةُ الخِمَارِ : الحُرَّةُ ) : هاكذا في سائر النسخ بكسر الخاء المعجمة ، والمعنى أَنّ الخِمَار قَيْدٌ لها ، والذي في لسان العرب بِكَسْر الحاءِ المُهْمَلَة ، وقال : لأَنَّهَا تَعْقِلُه فكأَنَّها قَيْدٌ له .
( وبنو *!مُقَيِّدَةَ : العَقَارِبُ ) كذا في سائر النُّسخ الموجودة ، والذي في اللسان : وبنو *!مُقَيِّدَةِ الحمَارِ : العَقارِبُ ، وقال بعد إِنشاد قول الشاعر :
لَعَمْرُك مَا خَشِيتُ عَلَى عَدِيَ
سُيُوفَ بَنِي مُقَيِّدَةِ الحِمَارِ
ولاكِنِّي خَشِيتُ عَلَى عَديَ
سُيُوفَ القَوْمِ أَوْ إِيَّاكَ حَارِ
عَنَى بِبَنِي مُقَيِّدَةِ الحمَارِ العَقَارِبَ ، لأَنَّها هناكَ تكون . قلت : وهو أَقربُ إِلى الصَّوابِ ، وقد ذُهبَ على المصنِّف سَهْواً ، والله أَعلم .
( و ) في الحديث ( ( *!قَيَّدَ الإِيمانُ
____________________

(9/86)


الفَتْكَ ) أَي ) أَنّ الإِيمان ( يَمنَعُ من الفَتْكِ بالمُؤْمِنِ كما يَمْنَعُ ذا العَيْث مِن الفَسَادِ ) قَيْدُه الذي *!قُيِّدَ به . وفي عبارة ابن الأَثير : كما يَمْنَعُ *!القَيْدُ عن التَّصَرُّف ، فكأَنّه جَعَلَ الفَتْكَ مُقَيَّداً . قلت : فهو مَجاز .
( *!والقِيدُ ، بالكَسْر : القَدْرُ ) *!كالقَادِ *!والقَيْدِ ، وقد تقدَّم شاهِدُه في الحديث .
( ) ومما يستدرك عليه :
*!القَيْدُ : كِنايَةٌ عن المرايةِ ، كالغُلّ . *!وقَيْدُ الرَّحْل : قِدٌّ مَضفورٌ بين حِنْوَيْهِ من فَوْق ، ورُبَّمَا جُعِل للسَّرْجه قَيْدٌ كذالك ، وكذالك كُلُّ شيْءٍ أُسِرَ بعضُه إلى بَعْضٍ ، *!وتَقييد الخَطِّ : ضَبْطُه وإِعجامُه وشَكْلُه .
*!والمُقَيَّدُ من الشِّعْر خِلافُ المُطْلَق ، قال الأَخْفَش : *!المُقَيَّدُ على وَجْهَيْنِ : إِما *!مُقَيَّدٌ قد تَمَّ ، نحو قوله :
وقَاتمِ الأَعْمَاقِ خَاوِي المُخْتَرَقْ
قال : فإِن زِدْتَ فيه حَرَكَةً كان فَضْلاً على البَيْت ، وإِمَّا مُقَيَّد قَدْ مُدَّ عَلَى ما هُو أَقْصَرُ مِنه ، نحو فَعُولْ في آخرِ المُتَقَارِب ، مُدَّ عَنُ فَعُلْ فَزِيَادَتُه على فَعُل عِوَضٌ له من الوَصْلِ .
*!والقَيِّدَة : التي يُسْتَتَر بها من الرَّمِيَّة ، حكاه ابنُ سيدَه عن ثعلبٍ .
وابنُ *!قَيْدٍ : من رُجَّازِم ، عن ابن الأَعرابيّ .
*!والقِيد ، بالكسر : السَّوْطُ المُتَّخَذ مِن الجِلْدِ ، وهاذا الأَخير من شَرْح شَيْخنا .
ومن المَجاز : نَاقَةٌ شكلة *!مُقَيَّدة ، أَي كَالَّةٌ لا تَنْبَعِثُ . *!وقَيَّدَها الكَلاَلُ . *!وقَيَّدُه بالإِحْسانَ .
وتُقُول : إِن *!قُيُودَ الأَيَاد ، أَوْثَقُ *!الأَقْيَادِ ، كما في الأَساس . *!وقَيْدٌ الفَزارِيُّ والدُ أَبي صالح مَسعودِ الشاعِر اسمُه عُثْمَانُ .

____________________

(9/87)


2 ( فصل الكاف مع الدال المهملة ) 2
كأَد : ( *!كَأَدَ ) الرجلُ ، ( كَمَنَع : كَئِبَ ) ، هاكذا في النُّسخ ، والذي في النوادر : كَأَدَ ، وكأَبَ ، وكَأَنَ ، ثلاثتها في مَعنَى الشِّدَّةِ والصُّعُوبَة .
( و ) عن ابن الأَعْرَابيّ : ( *!الكَأْدَاءُ : الشِّدَّةُ ، و ) ، الكَأْدَاءُ : ( الظُّلْمُ ) ، وهاذا ليس في نصّ ابنِ الأَعْرَابيّ ، ( والحُزْنُ ) هاكذا في النسخ ، والذي في نَصِّ ابن الأَعرابيّ : والخَوْف ، ( والحِذَارُ ) ، ويقال : الهَوْلُ ، ( واللَّيْلُ المُظْلِمُ ) .
( *!والكَؤُودَاءُ : الصُّعَدَاءُ ) . يأْتِي بَيانُه في شَرْحِ حَدِيث أَبي الدَّرْدَاءِ قريباً .
( *!وتَكَأْدَ الشَّيْءَ : تَكَلَّفَه ) ، و ( *!تَكأدَ ) الأَمْرَ ( : كَابَدَه ، وصَلِيَ بِهِ ) ، عن ابن الأَعْرَابيّ .
( *!-وتَكَأدَنِي الأَمْرُ : شَقَّ عَلَيَّ ، *!-كتَكَاءَدَنِي ) تَفاعَلَ وتَفَعَّل بمعنًى واحد ، وفي حديثِ الدُّعاءِ ( ولا *!يَتَكاءَدُكَ عَفْوٌ عن مذْنِب ) ، أَي لا يَصعُبُ عليك ولا يَشُقُّ . قال عُمَر بن الخَطَّاب رضي الله عنه . ( ما*!تَكَأدَنِي شيءٌ مَاتَكَأدَنِي خُطْبَةُ النِّكاح ) أَي صَعُب عليَّ وثَقُلَ قال سُفَيانُ بن عُيَيْنَةَ : عُمَر رَحمه الله يَخْطُب في جَرَادَةٍ نَهاراً طَوِيلاً ، فكيْفَ يُظَنُّ أَنه يَتَعَايَا بِخُطْبَةِ النِّكاح ؟ ولاكنه كَرِه الكَذِبَ . وعن أَبي زيد : *!تَكَأَدْتُ الذَّهَابَ إِلى فُلانِ *!تَكَؤُّداً ، إِذا ما ذَهَبْتَ إِليه على مَشَقَّةِ ، وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ :
ويَوْمُ عَمَاسٍ *!تَكَأدْتُه
طَوِيلَ النَّهَارِ قَصِيرَ الغَدِ
____________________

(9/88)



( وعَقَبَةٌ *!كَؤُودٌ *!وكَأَدَاءُ ) شَاقَّةُ المَصْعَد ( صَعْبَة ) المُرْتَقَى ، قال رُؤْبَةُ :
وَلَمْ *!تَكَأدْ رُجْلَتِي كَأْدَاؤُهُ
هَوْلٌ ولا لَيْلٌ دَجَتْ أَدْجَاؤُهُ
هَيْهَاتَ مِنْ جَوْزِ الفَلاَةِ مَاؤُهُ
وفي حَديث أَبي الدَّرْدَاءِ ( أَنَّ بَيْنَ أَيْدِينَا عَقَبَةً *!كَؤُوداً لاَ يَجُوزُهَا إِلاَّ الرَّجلُ المُخِفُّ ) ، ويقال : هي *!الكُؤَدَاءُ ، وهي الصّعَدَاءُ ، *!والكَؤُودُ : المُرْتَقَى الصَّعْبُ ، وهو الصَّعُودُ .
( *!واكْوَأَدَّ الشَّيْخُ : أُرْعِدَ كِبَراً ) وضَعْفاً ، كاكْوَهَدَّ ، واكْمَهَدَّ .
( *!والمُكْوَئِدُّ : الشيْخُ المُرْتَعِشُ ) مِنَ الكِبَرِ ، وكذالك الفَرْخُ ، وسيأْتي .
كبد : ( الكَبْدُ بالفتح ) مع السكون مُخَفّف من الكَبِد كالفَخْذِ والفَخِذ . ( والكسر ) مع السكون ، وهو أَيضاً مُخَفَّف من الذي بَعْدَه ، كالكِذْبِ والكَذِب ، ( و ) اللُّغَة المستعملة المشهورةُ الكَبِدُ ، ( كَكَتف ) ، وبه صَدَّرَ الجوهَريُّ والفَيُّوميُّ وسائرُ أَئمَّةِ اللّغَةِ . بل أَغْفَلاَ اللّغَةَ الأُولَى ، وإِنما ذكَرَه صاحبُ اللِّسَانِ ، فكان ينبِغي للمصنّف أَن يُقَدِّم اللُّغَةَ الفُصْحَى المَشْهُورةَ على غَيْرِها ، ( م ) أَي مَعْرُوفَة ، وهي من السَّحْرِ في الجانب الأَيْمَن لَحْمَةٌ سَودَاءُ ، أُنْثَى ( وقد تُذَكَّر ) ، قال ذالك الفرّاءُ وغيرُهُ . قال ابنُ سِيده : وقال اللِّحْيَانيُّ : هي مُؤَنَّثَةٌ فقط . ( ج أَكبَادٌ ، وكُبُودٌ ) قَلِيلاً ، تقول : هو يأْكُلُ كُبُودَ الدَّجَاج وأَكْبَادَهَا .
و ( كَبَدَهَ يَكْبِدُه ) ، مِن حَدِّ ضَرَبَ ، ( و ) كَبَدَه ( يَكْبُدُهُ ) ، من حَدِّ نَصَرَ ( : ضَرَبَ ) ، وفي الأَفعال لابن القطّع : أَصابَ ( كَبِدَه ) . وقال أَبو زيد : كَبَدْتُه أَكْبِدُهُ ، وكَلَيْتُه أَكْلِيه ، إِذا أَصَبْتَ كَبِدَه وكُلْيَتَه .
( و ) كَبَدَه يَكْبِدُهُ كَبْداً ( : قَصَدَه ) ، كَتَكَبَّدَه .
( و ) كَبَدَ ( البَرْدُ القَوْمَ : شَقَّ عليهم
____________________

(9/89)


وَضيَّقَ ) ، وفي حديث بِلالٍ : ( أَذَّنْتُ في ليلةٍ باردةٍ فلمْ يَأْتِ أَحَدٌ ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مَا لَهمْ يا بِلاَلُ ؟ قلت : كَبَدَهم البَرْدُ ) أَي شَقَّ عليهم وضَيَّقَ ، من الكَبَدِ وهي الشّدَّة والضِّيقُ ، أَو أَصابَ أَكْبَادَهم ، وذالك أَشَّدُ مَا يَكُون مِن البَرْدِ ، لأَن الكَبِدَ مَعحدِنُ الحَرَارَةِ والدَّمِ ، ولا يَخْلُص إِليها إِلاَّ أَشَدُّ البَرْدِ . قلت : وتَمام الحَدِيث في البصائر ( فَلَقَدْ رَأَيْتُهم يَتَرَوَّحُون في الضُّحَى ) يريد أَنه دَعَا لَهُم حَتَّى احْتَاجُوا إِلى التَّرَوُّحِ .
( و ) الكُبَاد ، ( كغُرَابٍ : وَجَعُ الكَبِدِ ) أَو داءٌ ، قال كُرَاع : ولا يُعْرَف دَاءٌ اشْتُقَ من اسْمِ العُضْوه إِلاّ الكُبَادُ من الكَبِدِ والنُّكَافُ مِن النَّكَفِ والقُلاَبُ مِنَ القَلْبِ . وفي الحديث ( الكُبَادُ مِنَ العَبِّ ) وهو شُرْبُ الماءِ من غير مَصَ .
( و ) كَبِدَ ، ( كَفَرِحَ ) ، كَبَداً ( : أَلِمَ من وَجَعِها ) .
( و ) كُبِدَ ، ( كعُنِيَ ) ، كُبَاداً ( : شَكَاهَا ) أَي كَبِدَه فهو مَكْبُودٌ .
( و ) ربّمَا سُمِّيَ ( الجَوْفُ بِكَمَالِه ) كَبِداً ، حكاه ابن سِيده عن كُراع أَنه ذَكرَه في المُنَجَّد ، وأَنشد :
إِذَا شَاءَ مِنْهُمْ نَاشِىءٌ مَدَّ كَفَّهُ
إِلَى كَبِدٍ مَلْسَاءَ أَوْ كَفَلٍ نَهْدٍ
وإِذَا عَلِمْتَ ذالك فقولُ شيخنَا : قلتُ هو مستدرك ، لأَنه المَعْرُوف أَوَّلَ المادَةَ ، فهو غَفْلَةٌ ظاهِرَةٌ وسَبْقُ قلَمٍ واضِحٌ ، ليسَ بِسَديدِ ، ولَيتَ شِعْرِي كيف لمْ يَرَ فَرْقاً بين اللَّحْمَةِ السوداءِ وبين الجَوْفِ بِكمالِه ، ولاكنَّها عَصَبِيَّةٌ ظاهِرَةٌ ، والله يُسَامِح الجَمِيعَ بِمَنِّه وكَرَمِه .
( و ) الكَبِدُ ( : وَسَطُ الشَّيْءِ ومُعْظَمُه ) ، وفي الحديث ( في كَبِدِ جَبَل ) أَي في جَوْفِه منْ كَهْفٍ أَو شِعْب . وفي
____________________

(9/90)


حديث موسى والخَضِرِ عليهما وعلى نَبِيِّنا الصلاة والسلامُ : ( فوَجَدْتُه عَلَى كَبِدِ البَحْرِ ) ، أَي على أَوْسَطِ مَوْضِعٍ مِنْ شاطِئِهِ . وانْتَزَعَ سَهْماً فوضَعَه في كَبِدِ القِرْطَاسِ . ودَارُه كَبِدُ نَجْدٍ : وَسَطُها ، كُلُّ ذالك مَجازٌ ( و ) من المَجاز : الكَبِدُ ( مِنَ القَوْسِ : ما بَيْنَ طَرَفَيْ عِلاَقَتِهَا ) . وفي التهذيب : هو فُوَيْقَ مَقْبِضِها حيثُ يَقَعُ السَّهْمُ ، يقال : ضَعِ السَّهْمَ على كَبِدِ القَوْسِ ، وهي ما بَيْنَ طَرَفَيْ مَقْبِضِها ومَجْرَى السَّهْمه منها . قال الأَصمعيُّ : في القَوْسِ كَبِدُهَا ، وهو ما بين طَرَفَيِ العلاَقَةِ ، ثمّ الكُلْيَةُ تَلِي ذالك ، ثم الأَبْهَرُ يَلِي ذالك ، ثمّ الطَّائِفُ ، ثمّ السِّيَةُ ، وهو ما عُطِفَ مِن طَرَفَيْهَا ، ( أَو قَدْرُ ذرَاعٍ من مَقْبِضِهَا ) ، وقيل : كَبِدَاهَا : مَعْقَدَا سَيْرِ عِلاَقَتِهَا .
( و ) كَبِدٌ ( : جَبَلٌ أَحمَرُ لبَني كلاَبٍ ) ، قال الراعي :
غَدَا وَمِنْ عَالِجٍ خَدُّ يُعَالِجُهُ
عَنِ الشِّمَالِ وعَنْ شَرْقِيِّة كَبِدُ
وفي مُعْجَم البَكْرِيّ أَنَّه هَضْبَةٌ حَمْرَاءُ بالمَضْجَع مِن دِيَارِ كِلاَبٍ .
( و ) من المجاز : الكَبِدُ ( : الجَنْبُ ) ، وفي الحديث ( فوَضع يَدَه عَلَى كَبِدي ) ، وإِنما وضَعَها على جَنْبِه مِنَ الظَّاهِر ، وقيل : أَي ظاهِر جَنْبِي ممّا يَلِي الكَبِدَ . وفي الأَساس : ووَضَع يَدَه عَلَى كَبِده : على ما يُقَابِلُ الكَبِدَ ، مِن جَنْبِه الأَيْسَرِ .
( و ) الكَبِدُ ( لَقَبُ ) أَبي زيد ( عَبْدِ الحَميد بن الوَليد ) بن المُغِير مَوْلَى أَشْجَع ( المُحَدَّث ) ، روَى عن مَالِكِ والهَيْثَمِ بنِ عَدِيَ . وكان أَخْبَارِيًّا عَلاَّمةً ، قال ابن يُونس : سُمِّيَ كَبِداً ( لِثِقَلِهِ ) .
( ودَارَةُ كَبِدٍ لبني كِلاَبٍ ) لأَبي بَكْرِ ابن كِلابٍ ، وهي الهَضْبَة الحَمْرَاءُ المذكورة .
( وكَبِدُ الوِهَاد : ع بِسَمَاوَة ) كَلْبِ ،
____________________

(9/91)


وضبطه الصاغانِيُّ بكسر الكافِ وسكون الباءِ .
( وكَبِدُ قُنَّةَ ) موضع ( لِغَنِيِّ ) بن أَعْصُرٍ .
( وكَبِدُ الحَصَاةِ ) لَقُب ( شاعِر ) .
( و ) الكَبَدُ ، ( بالتحريك : عِظْمُ البَطْنِ ) من أَعْلاَه . وكَبَدُ كُلِّ شَيْءٍ : عِظَمُ وَسَطِه وغِلَظُه ، كَبِدَ كَبَداً وهو أَكْبَدُ .
( و ) الكَبَدُ ( : الهَوَاءُ ) ، وقال اللِّحْيَانيّ : هو الهَوَاءُ واللُّوحُ والسُّكَاكُ والكَبَدُ .
( و ) الكَبَدُ ( : الشِّدَّةُ والمَشَقَّةُ ) ، وهو مَجازٌ ، وبه فُسِّر قوله تعالى : { لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِى كَبَدٍ } ( سورة البلد ، الآية : 4 ) وقال الفرَاءُ : يقول : خَلَقْنَاه مُنْتَصِباً مُعْتَدلاً . ( ويقال : في كَبعدٍ أَي أَنه خُلِقَ يُعَالِجُ ويكابِدُ أَمْرَ الدُّنْيا وأَمْرَ الآخِرَةِ ) وقيل : خُلِق مُنْتَصِباً يَمحشِي على رِجْلَيْه ، وغيرُه مِن سائرِ الحَيَوَانِ غيرُ مُنتصِبٍ ، وقيل : في كَبَدٍ : خُلِقَ في بَطْنِ أُمِّه ورَأْسُه قِبَلَ رَأْسِها ، فإِذا أَرَادَتِ الوِلاَدَةَ انْقَلَبَ الوَلَدُ إِلى أَسْفَل ، قال المُنْذِرِيّ : سمِعْت أَبَا طَالِبٍ يقول : الكَبَدُ : الاستواءُ والاستِقَامَةُ . وقال الزَّجَّاجُ : هذا جَوابُ القَسَمِ ، المَعْنَى أُقْسِمُ بهاذه الأَشياءِ لقَدْ خَلَقْنَا الإِنسانَ فِي كَبد يُكَابِدُ أَمْرَ الدُّنْيَا والآخِرَةِ .
( و ) الكَبَدُ ( : وَسَطُ الرَّمْلِ وَوَسَطُ السَّمَاءِ ) ومُعْظَمُهَا ، ( كالكُبَيْدَاءِ والكُبَيْدَاةِ ) ، هاكذا بالهاءِ المُدَوَّرَة ، كما في سائر النُّسخ ، والصواب بالمُطَوَّلَة كما في الصحاح وغيره ( والكَبْدَاءِ والكَبْدِ ) بفتح فسكون فيهما ، كذا هو مضبوط ، والصواب والكَبِد ككَتِف ، وفي الصحاح وكُبَيْدَاتُ السماءِ كأَنَّهم صَغَّرُوها كُبَيْدَة ثم جَمَعوا . وكَبِدُ السماءِ : وسَطها الذي تقوم فيه الشمسُ عند الزَّوالِ ، فيقال عند انْحِطاطها : زالَتْ ومَالَتْ . قلت : وقولهم : بَلَغَتْ كَبَدَ السَّمَاءِ وكُبَيْدَاتِ السماءِ مَجَازٌ ، كما في الأَساس . وقال الليث : كَبِدُ
____________________

(9/92)


السماءِ : ما استقْبَلكَ مِن وَسَطِها ، يقال : حَلَّق الطائرُ حتى صار في كَبِدِ السماءِ وكُبَيْدَاءِ السماءِ ، إِذا صَغَّرُوا جعَلوها كالنَّعْتِ ، وكذالك يقولون في سُوَيْدَاءِ القَلْبِ ، قال : وهما نادِرَتانِ حُفِظَتا عن العرب هاكذا . قلت : وكلام الأَئمَّة ، صَريحٌ في أَنّ كَبِد الرّمل وكَبِد السماءِ ككَتِفٍ ، وهاذا خلافُ ما مشَى عليه المُصنّف ، فلينظر ذالك مع تأْمُّلٍ ، وأَشار إِليه شيخنا كذالك في شرحه ، وذَهبَ إِلى ما أَشَرْتُ إِليه ، وتَوقَّف في كونِ كَبدِ السماءِ مُحَرَّكة اللّهم إِلاّ أَن يجعلع قوله فيما بعد : والكَبِد بفتح فكسر ، كما لا يخفَى ، والله أَعلم ، ثم رأَيتُ الصاغانيَّ ذكَرَ في تكملته أَن كَبَدَ السماءِ ، بالتحريك ، لغةٌ في كسْرِ الباءِ .
( وتَكَبَّدَتِ الشَّمْسُ : صَارَتْ في كُبَيْدَائِها ) . وفي الصحاح : في كَبِدِهَا ( كَكعبَّدَتْ تَكْبِيداً ) في التهذيب : كَبَّدَ النَّجْمُ السَّمَاءَ ، أَي تَوسَّطَها .
( و ) تَكَبَّدَ ( الأَمْرَ : قَصَدَهُ ) ، ومنه قولُه :
يَرُومُ البِلادَ أَيَّهَا يَتَكَبَّدُ
( و ) من المَاز تَكبَّدَ ( اللَّبَنُ ) وغيرُه من الشَّراب : غَلُظَ ( خَثُرَ ) ، واللَّبَنُ المُتَكَبِّدُ : الذي يَخْثُر حتَّى يَصيرع كأَنَّه كَبِدٌ يَترَجْرَجُ .
( وسُودُ الأَكبادِ : الأَعْدَاءُ ) ، قال الأَعشى :
فَمَا أُجْشِمْتُ مِنْ إِتْيَانِ قَوْمٍ
هُمُ الأَعْدَاءُ فالأَكْبَادُ سُودُ
يَذْهبون إِلى أَنَّ آثارَ الحِقْدِ أَحْرَقَتْ أَكْبَادَهُم حتى اسْوَدَّت ، كما يُقَال لهم صُهْبُ السِّبَالِ وإِن لم يَكُونوا كذالك ، والكَبِدُ مَعْدِنُ العَدَاوَةِ .
( والكَبْدَاءُ : رَحَى اليَدِ ) ، وهي التي تُدَارُ باليَدِ ، سُمِّيَت كَبْدَاءَ لما في إِدَارَتِها مِن المَشَقَّةِ ، قال :
بُدِّلْتُ مِنح وَصْلِ الغَوَانِي البِيضِ
كَبْدَاءَ مِلْحَاحاً عَلَى الرَّمِيضِ
____________________

(9/93)



تَخْلأُ إِلاَّ بِيَدِ القَبِيضِ
يَعْنِي رَحَى اليَدِ ، أَي في يَد رَجُلٍ قَبِيضِ اليَدِ خَفِيفِها . وقال الآخر ، وهو راجزُ بني قَيْسٍ :
بِئْسَ الغِذَاءُ لِلْغُلامِ الشَّاحِبِ
كَبْدَاءُ حُطَّتْ مِنْ ذُرَا كَوَاكِبِ
أَدَارَهَا النَّقَّاشُ كُلَّ جَانِبِ
يَعْنِي رَحًى . والكَوَاكِبُ : جِبَالٌ طِوَالٌ .
( و ) الكَبْدَاءُ ( : القَوْسُ يَمْلأُ الكَفَّ مَقْبِضُها ) ، وهو مَجاز ، وقيل : قَوْسٌ كَبْدَاءُ : غَلِيظَةُ الكَبِدِ شَدِيدَتُها . وفي الأَساس : قَوْسٌ كَبْدَاءُ : يَمْلأُ عِجْسُها الكَفَّ ( و ) الكَبْدَاءُ ( : المَرْأَةُ الضَّخْمَةُ الوَسَطُ البَطِيئةُ السَّيْر ) ، وقيل : امرأَةٌ كَبْدَاءُ بَيِّنةُ الكَبَدِ ، بالتحريك .
( والرَّجُلُ أَكْبَدُ ) ، وهو الضَّخْمُ الوَسَطِ ، ولا يكون إِلاَّ بَطِىءَ السَّيْرِ .
( و ) الكَبْدَاءُ ( : الرَّمْلَةُ العَظيمةُ الوَسَطِ ) ، وناقَةٌ كَبْدَاءُ ، كذالك ، قال ذو الرُّمَّة :
سِوَى وَطْأَة دَهْمَاءَ مِنْ غَيْرِ جَعْدَةٍ
ثَنَى أُخْتَهَا عَنْ غَرْزِ كَبْدَاءَ ضَامِرِ
( و ) من المَجاز ( كابَدَهُ مُكَابَدَةً وكِبَاداً ) ، الأَخير بالكسر ( : قَاسَاهُ ، والاسم الكابِدُ ) كالكاهِل والغارب ، قال ابنُ سِيده : أَعْنِي به أَنَّه غيرُ جارٍ على الفِعْلِ ، قال العَجَّاج :
وَلَيْلَةٍ مِنَ الليالِي مَرَّتِ
بِكَابِدٍ كَابَدْتُها وَجَرَّتِ
أَي طَالَتْ . وقال الليثُ : الرجُلُ يُكَابِد اللّيلَ ، إِذا رَكِبَ هَوْلَه وصُعُوبَتَه . ويقال ، كابَدْتُ ظُلْمَةَ هاذه اللَّيْلَةِ مُكَابَدَةً شَدِيدةً ، وهو مَجاز .
( والأَكْبَدُ : طائرٌ . و ) الأَكْبَدُ ( : مَنْ نَهَضَ مَوْضِعُ كَبِدِهِ ) ، وفي اللسان : هو الزائدُ مَوْضِعِ الكَبِدِ ، قال رُؤبةُ يَصِف
____________________

(9/94)


جَمَلاً مُنْتَفِخَ الأَقْرَابِ :
أَكْبَدَ زَفَّاراً يَمُدُّ الأَنْسُعا
( والكَبْدَةُ ، بالفتح ) فالسكون ( خَرَزَةُ الحُبِّ ) ، نقله الصاغانيّ .
( و ) قولهم : فُلانٌ ( تُضْرَبُ إِليه أَكبادُ الإِبلِ ، أَي يُرْحَلُ إِليه في طَلَبِ العِلْمِ وغَيْرِه ) .
( ) ومما يستدرك عليه :
أُمُّ وَجَعِ الكَبِدِ : بَقْلَةٌ مِن دِقِّ البَقْلِ يُحِبُّها الضَّأْنُ ، لها زَهْرَةٌ غَبراءُ في بُرْعُومَةِ مُدَوَّرةٍ ، لها وَرَقٌ صغيرٌ جِدًّا أَغبَرُ ، سُمِّيتْ أُمَّ وَجَعِ الكَبدِ لأَنها شِفاءٌ من وَجَعِ الكَبِدِ . نقله ابنُ سيده عن أَبي حنيفة .
وكَبدُ الأَرْضِ : ما في مَادنِها من الذَهَبه والفِضَّةِ ونحوِ ذالك ، قال ابنُ سيده : أُرَاه على التِّشبِيه ، والجَمْعُ كالجَمْعِ . وفي حديثٍ مَرفوعٍ ( وتُلْقِي الأَرضُ أَفْلاذع كَبِدها ) أَي تُلْقِي ما خُبِىءَ في بَطْنها من الكُنُوزِ والمَعَادِنِ ، فَاسْتَعَارَ لها الكَبِدَ .
وفي حديث الخَنْدَق ( فَعَرَضَتْ كَبْدَةٌ شَدِيدَةٌ ) هي القِطْعَة الصُّلْبَةُ من الأَرض ، والمعروف ( كُدْيَةٌ ) باليَاءِ ، قاله ابنُ الأَثير .

تابع كتاب والكَبَدُ : الاسْتواءُ والاستقامَةُ .
وتَكَبَّد الفَلاةَ ، إِذا قَصَدَ وَسَطَها ومُعْظَمَها .
وكَابهدٌ ، في قولِ العجاج ، مَوْضِعٌ بِشِقِّ بَنِي تَميم .
وأَكْبَادُ اسمُ أَرْضِ ، قال أَبو حَيَّةَ النُّمَيْرِيّ :
لَعَلَّ الهَوَى إِنْ أَنْتَ حَيَّيْتَ مَنْزِلاً
بِأَكْبَادَ مُرْتَدًّا عَلَيْكَ عَقَابِلُهْ
والكَبَّادُ ، ككَتَّانٍ : نوعٌ من اللَّيْمُونِ .
والكَبُود ، كصَبُورٍ : قَبِيلَةٌ باليمن .
وكَبِنْدَةُ ، بفتح الكافوكسرا ملوحّدة وسكون النون : من قُرَى نَسَفَ ، منها أَبو بإسحاق إِبراهيمُ بن الأَشْرسِ
____________________

(9/95)


الضَّبِّيُّ ، عن أَبي عُبَيْدٍ القاسِمِ بن سَلاَّمٍ وغيرِه .
كتد : ( الكَتَدُ ، مُحركَةً : نَجْمٌ ) ، وهو كاهلُ الأَسَد ، أَنشدَ ثعلب :
إِذَا رَأَيْتَ أَنْجُماً مِنَ الأَسَدْ
جَبْهَتِهِ أَو الخَرَاةِ والكَتَدْ
بَالَ سُهَيْلٌ فِي الفَضِيخِ فَفَسَدْ
وطَابَ أَلْبَانُ اللِّقَاحِ فَبَرَدْ
( و ) الكَتَدُ ( : جَبَلٌ بِمَكَّةَ ، حَرسها الله تعالى بطَرَفِ المُغَمَّسِ ) ، نقله الصاغانيّ .
( و ) الكَتَدُ : ( مُجْتَمَعُ الكَتِفَيْنِ من الإِنسانِ والفَرسِ ، كالكَتِد ) ككَتِفٍ ، وقيل : هو أَعلى الكَتف ، ( أَوهُما الكاهلُ ) ، وعليه اقتصر صاحِبُ الكِفَايَة ، ( أَو ) هما ( مَا بَيْنَ الكَاهِلِ إِلى الظَّهْرِ ) ، والثَّبَجُ مِثلُه ، وقيل : الكَتَدُ مِن أَصْلِ العُنُقِ إِلى أَسْفَلِ الكَتِفيْنِ ، وهو يَجْمَع الكَاثِبَةَ والثَّبَجَ والكاهِلَ ، كلُّ هاذا كتَدٌ ، وقيل : الكَتَدُ : ما بين الثَّبَجِ إِلى مُنَصَّفِ الكاهِلِ ، وقد يكون من الأَسَدِ الذي فهو السَّبُع ، ومن الأَسَدِ الذي هو النَّجْم ، على التشبيه ( ج أَكْتَادٌ وكُتُودٌ ) ، ومنه حديث ( كُنَّا يَوْمَ الخَنْدَقِ نَنْقُلُ التُّرابَ عَلَى أَكْتَادِنَا ) وفي حديث حُذَيْفَةَ في صِفَة الدَّجَّالِ ( مُشْرِفُ الكَتَدَ ) . وفي صفته صلى الله عليه وسلم ( جَلِيلُ المُشَاشِ والكَتَدِ ) . ومن سَجعات الأَساس : نَحْمِله على الأَكْبَاد ، فَضْلاً عن الأَكْتَاد . وَولَّوهُم أَكتافَهم وأَكْتادَهم : أَدْبَروا عنهم وانْهَزَموا .
( والأَكْتَ : المُشْرِفُهُ ) أَي الكَتَدِ .
( وتَكْتُدُ : كتَنْصُرُ : ع ) في ديَارِ بني سُلَيْمٍ ، ويقال تَقْتُدُ ، بالقاف ، وتَقَدَّم .
( و ) ( هُمْ أَكْتَادٌ ، أَي جَمَاعَاتٌ ) وبه فُسِّر قولُ ذي الرُّمَّة :
وإِذْ هُنَّ أَكْتَادٌ بِحَوْضَى كَأَنَّمَا
زَهَا الآلُ عَيْدَانَ النَّخِيلِ البَوَاسِقِ
____________________

(9/96)



( أَو ) أَكْتَادٌ في قَول ذي الرُّمَّة ( : أَشْبَاهٌ ) ، لا اخْتِلاف بينهم ، ولم يَذْكر الواحِدَ . يقال : مَررْتُ بِجماعَةٍ أَكْتَادٍ ، ( أَوْ سِرَاعٌ بَعْضُها ( في ) إِثْرِ بَعْضٍ ) ، قاله أَبو عَمرو ، ( لا واحِدَ لَها ) ، وفي نوادر الأَعرابِ : يقال : خَرَجُوا عَلَيْنَا أَكْتَاداً وأَكْداداً ، أَي فِرَقاً وأَرْسَالاً ، وقيل : أَصلُه بالدال ، والتاءَ لُثْغَةٌ أَو لُغة ، ولذالك أَوردَه الجوهريُّ هناك ، فتأَمّلْ ، قاله شيخُنا .
( ) ومما يستدرك عليه :
كُتُنْدَة لُغَةٌ في قُتُنْدَةَ ، بالأَندلس .
كدد : ( *!الكَدُّ : الشِّدَّةُ ) في العَمل ، ومنه المَثَل ( بِجَدِّك لا*! بِكَدِّك ) .
( و ) الكَدُّ ( : الإِلْحَاحُ ) في مُحَاولة الشيْءِ .
( و ) الكَدُّ : ( الطَّلَبُ ) أَي طَلَبُ الرِّزق .
( و ) الكَدُّ ( : الإِشَارَةُ بالإِصْبَعِ ) ، يقال : هو *!يَكُدُّ *!كَدًّا ، وأَنشد للكُمَيْت :
غَنِيتُ فَلَمْ أَرْدُدْكُمُ عِنْدَ بُغْيَةٍ
وحُجْتُ فَلَمْ *!أَكْدُدْكُمُ بِالأَصابعِ
( و ) الكَدُّ ( مَشْطُ الرَّأْسِ ) ، وقد *!كَدَدْت رَأْسي .
( و ) الكَدُّ ( : ما يُدَقُّ فِيه ) الأَشياءُ ( كالهَاوُنِ ) ، ( و ) قد ( *!كَدَّه ) *!يَكُدُّه *!كَدًّا . ( *!واكْتَدَّه : طَلَب مِن *!الكَدَّ ، *!كاستَكَدَّه ) وأَتعَبَه ، ورجل *!مَكْدُودٌ : مَغْلُوب ، قال الأَزهريّ : سمعتُ أَعرابيًّا يقول لعبد له : *!لأَكُدَّنَّكَ *!كَدَّ الدَّبِرِ ، أَراد أَنهُ يُلِحُّ عليه فِيمَا يُكَلِّفه مِن العَملِ الواصِبِ إِلحاحاً يُتْعِبه كما
____________________

(9/97)



أَنَّ الدَّبِرَ إِذا حُمِلَ عليه ورُكِبَ أَتْعَب البَعِيرَ . وفي الحديث ( أَنَّ المَسَائِلَ *!كَدٌّ *!يَكدُّ بها الرَّجُلُ وَجْهَه ) وفي حديث جُلَيْبِيب ( ولا تَجْعَلْ عَيْشَهُمَا *!كَدًّا ) .
( و ) كَدَّ ( : نَزَعَ الشيْءَ بِيَدَهِ ) *!يَكُدُّه ، *!كاكْتَدّه ، ( يكون ) ذالك ( في الجَامِدِ والسائِلِ ) ، وأَنشد ثعلبٌ :
أَمُصُّ ثِمَادِي والمِيَاهُ كَثِيرَةٌ
أُحَاوِلُ مِنْهَا حَفْرَها *!واكْتِدَادَهَا
يقول : أَرْضَى بالقليلِ وأَقْنَعُ به .
( *!والكَدَدَةُ ، مُحَرَّكَةً ، و ) *!الكُدَدَةُ ( كهُمَزَةٍ ، و ) *!الكُدَادَةُ ، مثل ( سُلاَلَةٍ : ما يَبْقَى ) في ( أَسْفَل القِدْرِ ) مُلْتَزِقاً به بعدَ الغَرْفِ منها ، قال الأَزهريُّ : إِذا لَصِقَ الطَّبيخُ بأَسفلِ البُرْمَة فكُدَّ بالأَصابِع فهي الكُدَادةُ ( و ) في الصّحاح : الكُدَادة ، ( كُسَلاَلةٍ : القِشْدَةُ ) ، وما يَبْقَى في أَسفلِ القِدْرِ من المَرقِ ، والكُدَادَة : ثُفْلُ السَّمْنِ .
( و ) الكُدَادَةُ ( : ع بالمَرُّوتِ لبني يَرْبُوعِ ) بن حَنظلَةَ ، كذا في المَراصد .
( *!والكَدِيدُ : المِلْحُ الجَرِيشُ ، و ) *!الكَدِيدُ أَيضاً : ( صَوْتُه إِذَا صُبَّ ) بعضُه على بعضٍ ، وقد *!كَدَّدَ الرجلُ ، إِذا أَلْقَى *!الكَدِيدَ بَعْضَه على بَعْضِ .
( و ) الكَدِيدُ ( : ماءٌ بَيْنَ الحَرَمَينِ ) الشَّريفينه ( شَرَّفَهما الله تعالَى ) ، وفي المَراصد : مَوضِعٌ بالحِجَازِ على اثنينِ وأَربعين مِيلاً من مَكَّةَ بين عُسْفَانَ ورَابِغٍ ، وهو الذي جَزَم به عِياضٌ في المَشارهق وتلميذُه ابن قَرقول في المَطَالع ، وله ذِكْر في صحِيح البخاريّ ، وذكر بعضُ الشُّرَاح أَنه بين عُسْفَانَ وقُدَبْد ، بينه وبين مَكَّةَ ثلاثُ مَراحِلَ أَو اثنانِ ، كذا نقَلَه شيخُنا . قلت : والذي في مُعجَم البكرِيّ : الكُدَيْد ، مُصغَّراً ، هاكذا ضبطه ، بين مكَّة والمَدِينة بَيْنَ ثَنِيَّةِ غَزَالٍ وأَمَجَ ، وأَمصا بفتح الكاف وكَسر الدال ، ماءٌ لبني ثَعْلَبَةَ بنِ سعْدِ بن ذُبْيَانَ بِرَحْرَحَانَ ، فليُنْظَر هاذا مع ما قبله .
( و ) الكَدِيدُ ( : البَطْنُ الوَاسِع من الأَرْضِ ) خُلِقَ خَلْقَ الأَوْدِيَةِ إِلاَّ أَنَّه
____________________

(9/98)


أَوْسَعُ منها ، عن أَبي عُبَيْدة .
( و ) الكَدِيدُ أَيضاً ( : الأَرْضُ الغَلِيظَةُ ، *!كالكِدَّةِ ، بالكسر ) ، لأَنها *!تَكُدُّ الماشيَ فيها ؛ وفي حديث خالد بن عبد العُزَّى ( فَحَصَ *!الكِدَّةَ بِيَده فانْبَجَس الماءُ ) ، هي من ذالك .
( ويَوْمُ *!الكَدِيدِ ، م ) أَي معروفٌ من أَيامهم .
( و ) *!الكُدَادُ ( كثُمَامٍ : حُسَافُ الصِّلِّيَانِ ) ، وهو الرِّقَةُ يُؤكَل حين يَظْهَر ولا يُتْرَك حتى يَتِمَّ .
( و ) *!الكُدادُ اسم ( فَحْلٍ تُنْسَب إليه الحُمُرُ ) ، يقال : بَنَاتُ *!كُدَادٍ ، وأَنشد الجوهريُّ :
وعَيْرٌ لَها مِنْ بَنَاتِ الكُدَادِ
يُدَهْمِجُ بالوَطْبِ والمِزْوَدِ
قال الصاغانيّ : والرِّوَايَة : حِمارٌ لهم ، على الجمع ، ويروى حِصَانٌ ، والبيت للفَرَزْدَق .
( *!والأَكِدَّةُ : بَقَايَا المَرْتَعِ الذي قد أُكِلَ ) ، يقال : بَقِيَتْ مِن الكَلإِ *!كُدَادَةٌ ، وهو الشيءُ القليلُ .
( ورأَيتُهم *!أَكْدَاداً *!وأَكَادِيدَ : فِرَقاً وأَرْسَالاً ) ، لا واحِدَ لها ، وحكَى الأَصمعيُّ : قَوْمٌ *!أَكْدَادٌ ، أَي سِرَاع .
( *!والكَدْكَدَةُ : الإِفراطُ في الضَّحِك ) . كالكَتْكَتَةِ والكَرْكَرَة والطَّخْطَخَة والطَّهْطَهَة ، ( *!كالكِدْكَادِ ، بالكسرِ ) ، وهو مُطاوِع *!الكَدْكَدَة ، وأَنشد الليث :
ولاَ شَديدٍ ضِحْكُهَا *!كِدْكَادِ
حَدَادِ دُونَ شَرِّهَا حَدَادِ
( و ) الكَدْكَدَةُ ( : ضَرْبُ الصَّيْقَلِ المِدْوَسَ عَلَى السَّيْفِ إِذا جَلاَهُ . و ) *!الكَدْكَدَةُ ( : التَّثَاقُلُ في المَشْيِ ) ، وهو العَدْوُ البَطِىءُ ، كما في الأَفعال لابن القطّاع .
( *!وأَكَدَّ ) الرجلُ ( *!واكْتَدَّ ) ، إِذا ( أَمْسَكَ ) .
( و ) من المَجاز ( هو *!كَدُودٌ ) : لا يُنَالُ دَرُّه وخَيْرُه إِلاَّ بِعُسْرٍ . وكان ابنُ هُبَيرَة
____________________

(9/99)


يقول : *!-كُدُّونِي فَإِنّي *!مُكِدٌّ ، أَي سَلُوني فإِني أُعطِي على السُّؤال .
( و ) من المَجاز أَيضاً ، يقال ( بِئْرٌ *!كَدُودٌ ) ، إِذا ( لم يُنَلْ مَاؤُها إِلاَّ بِجَهْدٍ ) ومَشقَّة .
( *!والكُدَيْدَةُ كجُهَيْنَةَ : ماءٌ لبني أَبي بَكْرِ بن كِلابٍ ) ، وهي والضمة ماءَانِ مِلْحَانِ خَشِنَانِ بالهَرْدَةِ لهم . كذا في المعجم .
( *!وكُدَدٌ ، كصُرَدٍ : ع قُرْبَ البَصْرَة ) على أَيامٍ يَسيرةٍ منها .
( و ) كَدَدٌ ، ( كجَبَلٍ : ع ) أَو وادٍ أَو جَبَلٌ ( في دِيارِ بني سُلَيْمٍ ) .
( و ) *!الكَدَدُ ( لُغَةٌ في الكَتَدِ ) أَو لُثْغَة .
( *!والمِكَدُّ ) بالكسر ( : المُشْطُ ) والمِحَكُّ .
( *!وكَدَّدَه *!وكَدْكَدَهُ *!وتَكَدْكَدَهُ : طَرَدَه طَرْداً شَديداً ) ، وعبارة النوادرِ : *!وكَدَّنِي ، *!وكَدْكَدَنِي ، *!-وتَكَدَّدَني ، وتَكَرَّدَني ، أَي طَرَدني طَرْداً شديداً .
( ) ومما يستدرك عليه :
*!الكَدِيدُ : الأَرضُ *!المَكْدُودةُ بالحوافِرِ .
*!والكَدِيد : التُّرابُ الدِّقُّ *!المَكدودُ المُرَكَّل بالقوائمِ ، قال امرُؤ القَيْس :
مِسَحَ إِذَا مَا السَّابِحَاتُ عَلى الوَنَى
أَثَرْنَ الغُبَارَ *!بِالكَدِيدِ المُرَكَّلِ
والكَدِيد : تُرَاب الحَلْبَةِ .
*!وكَدْكَدَ عليه ، أَي عَدَا عَليه .
*!وكَدَّ : تَعِبَ ، وكَدَّ : أَتْعَبَ ، لازِمٌ ومتعدَ .
*!وكَدَّ لِسانَه بالكلامِ وقَلْبَه بالفِكْر ، وهو مجازٌ .
*!والكَدُّ : الحَكُّ ، وفي حَدِيث عائشةَ رضي الله عنها ( كُنْتُ أَكُدُّه مِن ثَوْبِ رَسول الله صلى الله عليه وسلم تَعْنِي المَنِيَّ .
*!وكدَدْتُ رأْسي وجِلْدي بالأَظفار : حَكَكْتُ بها حَكًّا بإِلحاح ، وهو مَجاز .
*!والمَكْدُود : المَغلُوب .
*!والكَدُّ : السَّعْيُ والاجتهادُ .
____________________

(9/100)



ورَجُلٌ *!كَدودٌ : شَغَلَ نَفْسَه في تَعَبٍ ، وناقَةٌ *!كَدُودٌ ، على المَثَل .
*!وكُدَادَةُ الكَلإِ : القَلِيلُ منه .
وعن أَبي عَمرو : *!الكُدَّدُ : المُجاهدون في سبيل الله تعالى .
*!والكَدْكَدَةُ : حِكَايَةُ صَوْتِ شَيْءٍ يُضْرَب على شيْءٍ صُلْب ، وهاذا من كتاب الأَفعال .
*!والكَدُّ : إِناءٌ من الخَزَف على هيْئةِ الأَوانِي المَجْلُوبة من دَيْرِ البَلاَّص إِلى مصْر يُمْلأُ فيه المَاءُ ، والجَمْعُ *!الكِدَّانُ ، يمانِيَة ، ولقد استظرف البَدْرُ الدِّمامينيُّ حيث قال :
رَعَى الله مِصْراً إِنَّنَا فِي ظِلاَلِها
نَرُوح ونَغْدُو سَالِمينَ مِنَ الكَدِّ
ونَشْرَبُ مَاءَ النِّيلِ بالكَأْسِ صَافِياً
وأَهْلُ زبِيدٍ يَشْرَبُونَ مِنَ *!الكَدِّ
*!وكادَّه *!مُكَادَّةً : غَالَبَه .
وظَبْيَانُ بن *!كدادة ، قاله أَبو عُمَر ، وابن الأَثير ويقال ابن كرادة له وِفَادَةٌ وخَبَرٌ لا يَصِحُّ .
*!وكدادة : بطْن من مُرادٍ ، وهو كدادة بن مُفرِّج بن ناجِيَة بن مُرَادٍ واسم كدادة الحارث ، ويقال إِنه من الأَزد ، وهو الحارث بن مُفرِّج بن مالك بن زَهرانَ بن كَعْب بن الحارث بن كَعْب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأَزد ، قاله ابنُ الكلبيّ .
*!والمُكَدَّد لقبُ شُرَيح بن مُرَّة بن سَلَمَة الكِنْدِيّ الصحابيّ ، لُقِّب به لقوله .
سَلُونهي *!-وكُدُّوني فإِنِي لَبَاذِلٌ
لَكُمْ مَا حَوَتْ كَفَّايَ فِي العُسْرِ واليُسْرِ
ورَأَيْتُ القَوْمَ *!أَكداداً *!وأَكادِيدَ ، أَي مُنهَزِمين .
*!والكِدَّةُ : الأَرْضُ الغليظةُ .
وسعدُ الله بن بَقِيَّة الله بن *!كَدْكَدَة .
____________________

(9/101)


ودُلَفُ بن أَبي نَصْر بن كَدْكَدَة ، مُحدِّثان .
كرد : ( الكَرْدُ : العُنُقُ ) ، لُغَة في القَرْدِ ، فارِسِيّ مُعَرَّب ، قال الشاعر :
فَطَارَ بِمَشْحُوذِ الحَدِيدَةِ صَارِمٍ
فَطَبَّقَ مَا بَيْنَ الذُّؤَابَةِ والكَرْدِ
وقال آخر :
وكُنَّا إِذَا الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّه
ضَرَبْنَاهُ دُونَ الأُنْثَيَيْنِ عَلَى الكَرْدِ
( أَو أَصْلُها ) ، وهو مَجْثَمُ الرّأْسِ على العُنق ، وتأْنيثُ الضَّمير على لغةِ بعضِ أَهلِ الحِجاز ، فإِنهم يُؤنِّثون العُنُقَ ، وهي مَرجُوحةٌ ، قاله شيخُنا . وفي اللسان : والحَقيقة في الكَرْد أَنه أَصْلُ العُنُقِ .
( و ) الكَرْدُ ( : السَّوْقُ وطَرْدُ العَدُوِّ ) كَرَدَهم يَكْرُدُهم كَرْداً : ساقَهم وطَرَدَهم ودَفَعَهم ، وخَصَّ بعضُهم بالكَرْدِ سَوْقَ العَدُوِّ في الحَمْلَةِ . وفي حديثِ عُثْمَانَ رضي الله عنه لمَّا أَرادوا الدُّخول عليه لقتله ( جَعَلَ المُغِيرَةُ بنُ الأَخْنَسِ يَحْمِل عَلَيْهِم وَيَكْرُدُهم بِسَيْفِه ) أَي يَكُفُّهم ويَطْرُدُهم .
( و ) الكَرْدُ ( : القَطْعُ ، ومنه : شَارِبٌ مَكْرُودٌ ) ، أَي مقطوع .
( و ) الكُرْدُ ( بالضمَّ : جِيلٌ م ) معروف وقبائلُ شَتَّى ، ( ج أَكْرَادٌ ) كقُفْل وأَقْفَالٍ ، ( و ) اختُلف في نَسبهم ، فقيل ( جَدُّهم كُرْدُ بن عَمْرٍ و مُزَيْقَاءَ ) وهو لَقَبٌ لِعَمْرٍ و ، لأَنه كان كلَّ يوم يَلْبَس حُلَّةً ، فإِذا كان آخر النهار مَزَّقها لئلا تُلْبَسِ بعدَه ، ( ابنِ عامِرِ بنِ ماءِ السَّماءِ ) ، هاكذا في سائر النُّسخ والصواب أَنّ ماءَ السماءِ لَقَبٌ لعامر ، ويَدُلُّ له قولُ الشاعرِ :
أَنَا ابنُ مُزَيْقِيَا عَمْرٍ و وجَدِّي
أَبوه عامرٌ ماءُ السَّماء
____________________

(9/102)



هكذا رواه أَهلُ الأَنْسَاب ، كابن حَزْمٍ وابن رَشِيق والسُّهَيليّ ، ويرويه النحويّون ) أَبُوه مُنْذِرٌ ، بدل ( عامر ) وهو غَلَطٌ ، قاله شيخُنا ، وإِنما لُقِّب به لأَنه كان إِذا أَجْدَب القَوْمُ وحَلَّ بهم المَحْلُ مَانَهم وقامَ بِطَعَامِهِم وشرابهمِ حتى يَأْتِيهَم المَطَرُ ، فقالوا له : ماءُ السماءِ . قلت : وعامرٌ ماءُ السماءِ أَعْقَب عِمْرَانَ بن عامِر وعَمْراً مُزَيْقِياءَ ، فهما ابنا عامرٍ ماءِ السماءِ ابن حارِثَةَ الغِطْرِيفِ بنِ امرِىء القيس الغِطريفِ بن ثَعْلَبة البُهْلول بن مازن السِّراج بن الأَزد ، والعَقِب من عمرٍ و مُزيقياءَ في سِتَ أَبْطُمٍ : ثَعْلَبَة العَنْقَاء ، وحارِثَة ، وجَفْنَة ، وعِمْرَان ، ومُحَرِّق ، وكَعْب . أَولاد عَمْرو ، ومن ثَلبةَ العنقاءِ الأَوْسُ والخَزْرَجُ ، كما حقّقناه في مُؤلّفاتنا في هاذا الفن ، وهاذا الذي ذهب إليه المُصنّف هو الذي جَزم به ابنُ خِلِّكان في وَفَيات الأَعيان ، في ترجمة المُهلَّب بن أَبي صُفْرة . قال : إِن الأَكْرَاد من نَسْل عَمْرٍ و مُزيقياءَ ، وَقَعَوا إلى أَرْض العَجَم فتَنَاسَلُوا بها وكَثُر وَلَدُهم ، فَسُمُّوا الأَكرادَ ، قال بعضُ الشعراءِ :
لَعَمْرُكَ مَا أَلاكْرَادُ أَبْنَاءُ فَارِسٍ
ولاكِنَّهُ كُرْدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَامِرِ
هاكذا زَعمَ النسّابون . وقال ابنُ قُتَيبة في تكابِ المَعَارِف : تَذْكُر العَجَمُ أَنَّ الأَكْرَادَ فَضْلُ طعام بَيورَاسفَ . وذالك أَنه كان يَأْمُر أَن يُذْبَح له كخلَّ يوم إنسانان ويتّخذ طعامَه من لُحومِهما ، وكان له وزيرٌ يقال له أَرياييل ، فكان يذبَح واحداً ويُبْقِي واحداً يَسْتَحْيِيه ويَبعثُ بهِ إِلى جَبله فَارِس ، فتوالَدوا في الجِبال وكَثُروا . قال شيخنا : وقد ضَعَّفَ هاذا القولَ كثيرٌ من أَهلِ الأَنسابِ . قلت : وبيوراسف هذا هو الضَحَّاك المارِي ، مَلَكَ العَجَمَ بعدَ جم بن سُلَيْمان أَلفَ سَنَةٍ ، وفي مفاتيحِ العُلومِ هو مُعَرَّب دِهْ آك ، أَي ذو عَشْرِ آفاتٍ ، وقيل معرَّب أَزدها ، أَي التّنِّينُ ، للسَّلَعَتَيْنِ اللَّتين كانَتَا له ، وقال أَبو
____________________

(9/103)


اليقظان : هو كُرْدُ بن عمرِو بن عامِرِ بنِ رَبِيعَةَ ( بن عامر ) بن صَعْصَعَةَ ، وقد أَلَّفَ في نَسَب الأَكْرَادِ فاضلُ عصرِه العلاَّمَةُ محمّد أَفندي الكُرْدِيّ ، وذكر فيه أَقوالاً مختلِفَةً بعضُها مُصادِمٌ للبَعْضِ ، وخَبَطَ فيه خَبْطَ عَشْوَاءَ ، ورَجَّح فيه أَنه كُرْد بن كَنْعَانَ بن كوش بن حام بن نوح ، وهم قبائلُ كثيرةٌ ، ولاكنهم يَرجِعُون إِلى أَربعةِ قبائلَ : السوران والكوران والكلهر واللّر . ثم إِنّهم يتشَعَّبون إِلى شُعوبٍ وبُطونٍ وقَبَائلَ كثيرةٍ لا تُحْصَى ، مُتغايِرَةٌ أَلسِنتهم وأَحوالُهم . ثم نَقَلَ عن مناهج الفكر ومباهج العبر للكُتْبِيّ ما نَصُّه : أَمَّا الأَكرادُ فقال ابنُ دُرَيدٍ في الجمهرة : الكُرْدُ أَبو هاذا الجِيلِ الذين يُسمَّوْنَ بِالأَكراد ، فزعمَ أَبو اليَقظانِ أَنَّه كُرْدُ بن عمرِو بن عامر ( بن : ربيعةَ بنِ عامر ) بن صَعْصَعَةَ . وقال ( ابن ) الكلبِيِّ : هو كُرْد بن عمرو مزيقياءَ . وقعوا في نَاحيَة الشَّمَال لَمَّا كان سَيْلُ العَرِم ، وتَفَرَّقَ أَهلُ اليَمن أَيْدِي سَبَا . وقال المسعوديُّ : ومن الناس مَن يَزعم أَن الأَكراد من ولَد رَبيعةَ بنِ نزارٍ ، ومنهم مَن يزعم أَنهم من وَلَدِ مُضَرَ بنِ نِزارٍ ، ومنهم من زعم أَنهم من ولد كُرْدِ بن كَنْعَانَ بن كُوش بن حام . والظاهر أَن يكونوا من نَسْلِ سامٍ ، كالفُرْسِ ، لما مَرَّ من الأَصْل ، وهم طوائف شَتَّى ، والمعروف منهم السورانية والكورانية والعمادية والحكارية والمحمودية والبختية والبشوية والجوبية والزرزائية والمهرانية والهارونية واللرية ، إِلى غير ذالك من القبائل التي لا تُحْصَى كَثْرَةً ، وبلادهم أَرضُ الفارِس وعراقُ العَجَم والأَذربيجان والإِربل والمَوْصِل ، انتهى
____________________

(9/104)


كلامُ المسعوديّ ونقله هاكذا العلامة محمد أَفندي الكُرديّ في كتابه . قلت : والذي نقل البُلبيسيّ عن المسعوديّ نصّ عبارته هاكذا تنازعَ الناس في بدءِ الأَكراد ، فمنهم من رأَى أَنهم من ربيعة بن نزار بن بكر بن وائل ، انفردوا في الجبال قديماً لحالٍ دعتهم إِلى ذالك ، فجاوروا الفُرس فحالت لغتهم إِلى العَجمة ، وولدَ كلّ نوع منهم لغة لهم كُردية ، ومنهم من رأَى أَنهم من ولد مضر بن نزار ، وأَنهم من ولد كُرد بن مرد بن صعصعة ( بن هوازن ) انفردوا قديماً لدماءٍ كانت بينهم وبين غسّانَ ، ومنهم من رأَى أَنهم من ولد ربيعة بن مضر اعتصموا بالجبال طلباً لمياه والمرعى ، فحالوا عن الرعبية لمن جاورهم من الأُمم ، وهم عند الفُرس من ولد كرد ابن إِسفنديار بن منوجهر ، ومنهم من أَلحقهم بإِماءِ سليمان عليه السلام حين وقع الشيطانُ المعروف بالجَسد على المنافقات فعِلقن منه وعُصِمَ منهن المؤمنات ، فمال وضعْن قال : اكردوهن إِلى الجبال . منهم ميمون بن جابان أَبو بصير الكدري قاله الرشاطي عن أَبهي ، انتهى . ثم قال محمد أَفندي المذكور : وقيل أَصل الكرد من الجنّ ، وكل كرديّ على وجه الأَرض يكون رُبعهو جِنيًّا ، وذلك لأَنهم من نسل بِلْقيس ، وبلقيس بالاتفاق أُمها جِنيّة ، وقيل : عصى قوم من العرب سليمانَ عليه السلام وهربوا إِلى العجم ، فوقعوا في جَوَارٍ كان اشتراها رجل لسليمان عليه السلام ، فتناسلت منها الأَكراد ، وقال أَبو المعين النفسيّ في بحر الكلام : ما قيل إِن الجنّي وصل إلى حرم سليمان عليه السلام وتصرف فيها وحصل منها الأَكراد باطلٌ لا أَصل له ، انتهى . قلت : وذكر ابن الجواني النسّابة في آخر المقدمة الفاضليّة عند ذِكر ولد شالخ بن أَرفخشد ما نصُّه : والعقب من فارسان بن أَهلو بن أَرم بن أَرفخشذ
____________________

(9/105)


أَكراد بن فارسان جد القبيلة المعروفة بالأَكراد ، هذا على أَحد الأَقوال ، وأَكثر من يَنسبهم إِلى قيس ، فيقول كُرد بن مرد بن عمرو بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هَوَازن بن منصور بن عِكرمة بن خَصَفة بن قيس عَيلان بن مُضر بن نِزار بن معدّ بن عدنان ، ويُجرِي عَمْراً مُجرَى باسل بن ضبّة جدّ الدَّيلم في خروجه إِلى بلاد العجم مغاضِباً لأَهله ، فأَوْلد فيها ما أَوْلد . قال : وعليه اعتمد الأَرقطيّ النسابة في شجرته . ومن أَراد الزيادة على ذالك فعليه بكتاب الجوهر المكنون في القبائل والبطون لابن الجواني المذكور ، وفيما ذكرنا كفاية ، والله أَعلم .
( و ) الكُرْدُ ( : الدَّبْرَةُ مِن المَزَارِعِ ) معرب ، وهي المَشَارات ، أَي سَواقيها ، ( الواحدة بهاءٍ ) والجمع كُرُودٌ ، قال الصاغانيّ : وهو مما وافق كلامَ العرب من كلام العجم ، كالدِّشْتِ والسَّخْت .
( و ) الكُرْدُ ( : ة بالبيضاءِ ) بفارسَ ، منها أَبو الحسن عليّ بن الحسن بن عبد الله الكُرْدِيّ .
( و ) كُرْدُ ( بنُ القاسم ) ، وأَظُّن هاذا تصحيفاً في كُرْدِين بن القاسم ( مُحَدِّثٌ ، وكذا محمّد بن كُرْدِ الإِسْفَرَايِنِيّ . ومُحَمد بن ) عَقيل المعروف بابن ( الكُرَيْدِيِّ ) بالتّصغير . ( وكُرْدِينُ ) لقب ( واسمه عبدُ الله بنُ القاسِمِ ) مُحَدّث ، هاكذا ساق هاذه الأَسماءَ الصاغانيُّ في تَكملته ، وقلَّده المصنف ، والذي في التبصير للحافظ أَن المُسَمَّى بعبد الله بن القاسم يعرف بكُورِين ، ويكنى أَبا عبيدة ، وأَما ابن كخرْدِين فاسمه مِسْمع ، فتنبَّهْ لذالك .
( والكِرْدِيدَةُ ، بالكسر : القطْعَةُ العَظِيمةُ من التَّمْرِ ، و ) هي أَيضاً ( جُلَّتُه ) ، أَي التَّمرِ ، عن السيرافيّ ، قال الشاعر :
أَفْلَحَ مَنْ كانَتْ له كِرْدِيدَهْ
يأْكُلُ منْهَا وهْوَ ثَانٍ جِيدَهْ
____________________

(9/106)



أَنشد أَبو الهيثم :
قَدْ أَصْلَحَتْ قِدْراً لَهَا بِأُطْرَهْ
وأَبْلَغَتْ كِرْدِيدَةً وفِدْرَهْ
( أَو ) الكِرْدِيدَلآُ ( : ما يَبْقَى في أَسْفَلِها ) أَي الجُلَّةِ ( مِنْ جَانِبَيْهَا مِن التَّمْرِ ) ، كذا في الصحاح ، ( ج كَرَادِيدُ وكِرَادٌ ) ، الأَخير بالكسر ، قال الشاعر :
القاعِدَات فلا يَنْفَعْنَ ضَيْفَكُمُ
والآكِلاَت بَقِيَّاتِ الكَرَادِيدِ
( كالكِرْدِيَةِ ) ، بالكسر ، عن الصاغانيّ ( وعبدُ الحَمِيدِ بنُ كَرْدِيدٍ مُحَدِّثٌ ثِقَةٌ ) ، وهو صاحب الزِّيَاديّ .
( وكارَدَهُ : طارَدَهُ ودَافَعَه ) ، قيل : ومنه اشتقاق الكُرْدِ الطائفَة المشهورة .
( ) ومما يستدرك عليه :
يقال : خُذْ بِقَرْدَنِه وكَرْدَنِه ، أَي بقَفَاه ، أَورده الأَزهري في رباعيّ التهذيب .
وأَبو عليّ أَحمد بن محمد الكَرْدِيّ ، بفتح الكاف ، هاكذا ضبطه حمزة ابن يوسف السهميّ ، مُحدّث ، روَى عن أَبي بكر الإِسماعيليّ .
وجابر بن كُرْدِيّ الواسِطيّ ، بالضمّ ثِقَةٌ ، عن يَزيدَ بن هارونَ .
والكَرْد ، بالفتح : ماءٌ لبني كِلاب في وَضحِ حِمَى ضَرِيَّه .
ومحمّد بن أَحمد بن كردان ، محدِّث .
وعُمر بن الخليل أَبو كِرْدِينِ ، بالكسر ، وَلَى قضاءَ أَصبهانَ ، وحدّث عن حمّاد بن مَسْعَدة ، ذكره أَبو نُعيم في تاريخه .
وأَبو الفضل أَحمد بن عبد المنعم ابن الكِرْدِيديّ ، وأَبو بكر أَحمد بن بدران الكِرْدِيدِيّ ، وعُمر بن عبد الله بن إِسحاق الكِرْدِيديّ ، مُحَدّثون .
كربد : ( كَرْبَدَ في عَدْوِه ) كَرْبَدَةً ، أَهمله الجوهريُّ وصاحبُ اللسان ، وقال
____________________

(9/107)


الصاغانيّ : إِذا ( جَدَّ فِيه ) وأَسْرَعَ ، أَو قارَبَ الخَطْوَ ، كدَرْبَكَ .
كرمد : ( كَرْمَدَ في آثارِهِم ) ، أَهمله الجوهريّ وصاحب اللسان ، وقال الصاغانيّ ، إِذا ( عَدَا ) ، قلت : الميمُ مُنقلبة عن الباءِ كدَرْمَك .
كركد : ( الكِرْكِيدَةُ ، بالكسر ) ، أَهمله الجوهريّ والجماعةُ ، وقال الصاغانيُّ استطراداً ، في تركيب ك ر د : إِنها لغة في ( الكِرْدِيدَةُ ) وهي القِطْعَةُ العظيمةُ مِن التَّمْرِ ، كما تَقدَّمَ .
كزد : ( كَزْدٌ ، بالفتح ) أَهمله الجوهريّ ، وقال ابنُ دُرَيد هو ( : ع ) قال : ولا أَدري ما حَقِيقَلآُ عَربِيَّتِه .
كسد : ( كَسَبُد ) المتَاعُ وغيرُه ، ( كنَصَر وكَرُم ) ، اللغة الأُولى هي المتداولَة المشهورة والفعل يَكحسُد ، ( كَسَاداً ) بالفتح ، ( وكُسُوداً ) ، بالضم ( : لم يَنْفُقْ ) ، وفي التهذيب : أَصل معنَى الكَسَاد هو الفَساد ، ثم استعملوه في عَدَم نَفَاق السِّلَعِ والأَسْواقِ ، ( فهو كاسِدٌ وكَسِيدٌ ) وسِلْعَةٌ كاسِدَةٌ ( و ) كَسَدت السُّوقُ تَكحسُد كَسَاداً ، و ( سُوقٌ كاسِدٌ ) ، بلا هاءه ، وكأَنهم قصَدوا النَّسبَ ، أَي ذات كَسَادٍ ، ( وأَكْسَدَ ) في سائر النُّسخ بالرفع ، بناءً على أَنه معطوف على ما قبله ، والصواب أَنه جُملةٌ مستقِّلة مستأْنَفة ، أَي وأَكسدَ القَوْمُ : كَسَدَتْ سُوقهم ، كذا في اللسان ، وعبارة ابن القطاع : أَكْسَد القومُ : صاروا إِلى الكَساد ، ( و ) كذا قولهم ( أَكْسَدَتْ سُوقُهم ) وهذا خلاف ما عليه الأَئمة ، فإِنهم صرَّحوا : أَكسدَ القوم رباعيًّا ، وكسَدَتْ سوقهم ثُلاثيًّا .
____________________

(9/108)



( والكَسِيدُ : الدُّونُ ) ، وبه فُسّر قول الشاعر :
إِذْ كُلُّ حَيت نَابِتٌ بِأُرُومَلآغ
نَبْتَ العِضَاةِ فَمَاجِدٌ وكَسِيدٌ
قال ابن بَرّيّ : البيت لمُعَوِّد الحُكَماءِ .
( والكُسْدُ ) بالضمّ ( : القُسْطُ ) ، لغة فيه ، عن الصاغانيّ .
( وانْكَسَدَت الغَنَمُ إِلى الغَنَمِ : رجَعَتْ إِليها ) ، عن الصاغانيّ .
كشتغد : ( كُشْتَغْدَى ) بن عبد الله ( الخَطَّابِيُّ ) الصّيرفيّ أَبو محمد ، ( بالضمِّ ) فسكون ففتح المثناة الفوقيّة وسكون الغين وفتح الدال المهملة ، أَهمله الجماعة ، وهو مُحَدِّث ، ( وابْنُه ) محمد ، ( رَوَيَا ) ، روى عن إِسماعيل بن أَبي اليُسْر ، والنَّجِيب الحَرّانيّ ، وغيرهما وتُوُفِّيَ بالقاهرة سنة 717 ذكره التّقى السُّبْكيّ في مُعجم شُيوخه ، ( رَوَيْنَا عن أَصحابِهما ) ، روى عن محمّد بن كُشْتَغْدَى شيخُ الإِسلام سراجُ الدين عُمَرُ البَلْقِينيّ ، وهو شيخ المصنّف ، كما أَشار إليه في بَلْقِين ، وكذا السُّبْكيُّ ، وهو شيخه أَيضاً ، وأَبو العباس أحمد بن كُشْتَغْدَى . حَدَّث عن النَّجيب ، كأَخيه ، وعنه أَبو المعالي الحَلاوِيّ ، وروى أَبو الفرج بن الشِّحْنَة عن محمّد وأَحمد ابنيْ كُشْتَغْدَى ، وهما عن النَّجيب ، ثم إِن هاذه اللفظة تُركيّة ، وحقُّ تركيبها قوش دوغدي أَي وُلِد في الصّباح ، ثمّ صارت إِلى ما تَرى .
كشد : ( كَشَدَه يَكْشدُه ) كَشْداً ، أَهمله الجوهريّ ، وقال ابنُ دُريد أَي : ( قَطَعَه بأَسْنَانِهِ ) قطْعاً ( كقَطْعِ الجَزَرِ ) والقِيَّاءِ ونحوِهما .
( و ) كَشَدَ ( الناقة : حَلبَها بِثلاث أَصابِعَ ) ، قاله الليثُ ، وقال ابنُ شُمعيل : الكَشْدُ ، والفَطْرُ ، والمَصْرُ ،
____________________

(9/109)


سواءٌ ، وهو الحَلْبُ بالسّبَّابة والإِبهام .
( والكَشْدُ ) ، بفتح فسكون ( : حَبٌّ يُؤْكَلُ ) ، عن ابن رُديد .
( والكَشُودُ ) ، كصَبور ( : ناقَةٌ تُكْشَدُ ) ، أَي تُحْلَب ، كَشْداً ( فَتَدِرُّ ) اللَّبَنَ .
( و ) الكَشُودُ أَيضاً ( : الضَّيِّقَةُ الإِحْلِيلِ ) من النُّوق ( القَصِيرَةُ الخِلْفِ ) ، قاله ابنُ شُمَيل .
( و ) عن ابنِ الأَعرابيِّ : ( الكُشُدُ ) ، بضمتين ( : الكَثِيرُو الكَسْبِ ، والكادُّونَ علَى عِيَالِهم ) ، وقد سقطت الواو من بعض النُّسخ ، ( الوَاصِلُونَ أَرْحَامَهم ، الواحِدُ كاشِدٌ وكَشُودٌ وكَشَدٌ ) ، الأَخير مُحَرَّكَة .
( وأَكْشَدَ : أَخْلَصَ ) الكِشْدَة ، وهي الكِشْطَة ، أَي ( الزُّبْدَة ) .
( ) ومما يستدرك عليه :
الكُشْدَانِيُّونَ ، بالضمّ : طائفةٌ من عَبدَة الكَواكبِ ، استدركه شيخُنا رحمه الله تعالى .
وكُوشِيد ، بالضمّ وكسر الشين : جَدُّ قاشم بن مَنْده الأَصبهانيّ المُحَدّث .
كعد : ( الكَعْدُ ) ، بالفتح ، أَهمله الجوهريّ ، وفي اللسان ( : الجُوَالِقُ ، و ) الكَعْدَة ( بهاءٍ : طَبَقُ القَارُورَةِ ) ، وهاذه ضَبطها الصاغانيُّ بالضمّ .
كغد : ( الكَاغَدُ ) ، بفتح الغين ، أَهمله الجوهريّ ، وقال الصاغانيّ : هو ( : القِرْطَاسُ ) فارسيٌّ ( مُعَرَّب ) ، وسيأْتي اللامُ عليه إِن شاءَ الله تعالى . كلد : ( الكَلْدُ : جَمْعُ الشيءِ بَعْضِه عَلَى ) وفي بعض النُّسخ إِلى ( بَعْضٍ ، كالتَّكْلِيدِ ) أَنشد ابنُ الأَعرابيّ :
فلمَّا ارْجَعَنُّوا واشْتَرَيْنَا خِيَارَهُمْ
وسَارُوا أُسَارَى في الحَدِيدِ مُكَلَّدَا
( و ) الكَلَدُ ( بالتَّحْرِيك ) والكَلَنْدَي ( : المَكَانُ الصُّلْبُ بلا حَصًى ) ، كالكَلَدَةِ ، والعرب تقول : ضَبُّ
____________________

(9/110)


كَلَدَةٍ ، لأَنَّهَا لا تَحْفِر جُحْرَهَا إِلا في الأَرْض الصُّلْبَةِ ( و ) الكَلَدُ ( : النَّمِرُ ) ، وهي بهاءٍ ( و ) الكَلَد ( : الآكَامُ ، أَو ) هو ( الأَرَاضِي الغَلِيظَةُ ) أَو قِطْعَةٌ منها غَلِيظَة ، ( واحِدُها ) كَلَدَة ، ( بهاءٍ ) .
( وأَبُو كَلَدَة ) ، بالتحريك ، ( كُنْيَةُ الضِّبْعَانِ ) ، جَمع ضَبُعٍ ، الحيوان المعروف .
( وكَلَدَةُ بْنُ حَنْبَلٍ ) الغَسَّانيّ ، وقيل الأَسلميّ ، أَخو صَفْوَان بن أُمَيَّة لأُمِّهِ وكان أَسودَ ، خدَمَ صفوانَ وأَسلمَ بُعَيْدَه ، له حديث في جامع التِّرمذيّ وغيره .
( والحَارِث بن كَلَدَة ) بن عَمرو بن عِلاَجٍ الثَّقفيّ مولَى أَبي بَكرةَ الثقفيّ ، ( صَحابِيَّانِ ) ، واختُلف في الثاني ، وهو المشهور بالطبّ ، لأَنَّه سافَرَ إِلى فارسَ ، وتَعلّم هناك الطِّبَّ ، واشتهر فيه ، ونال به مالاً ، وأَدركَ الإِسلامَ .
( و ) الحارث بن كَلَدَة ( طَبِيبٌ للعَربِ ) ، وفي مختصر الاستيعاب هو الحارث بن الحارث بن كَلَدَة ، وهو من المُؤلَّفَة قُلوبُهم ، وكان من أَشراف قَومه ، وهو أَيضاً صحابيٌّ .
( ) وفاته :
الحارث بن حسّان بن كَلَدَة البَكْريّ الرَّبَعِيّ الذُّهْلِيّ ، نزلَ الكُوفةَ ، له صُحْبةٌ ، روعى عنه أَبو وائِلٍ وسِمَاك ابن حَرْب .
( وضِرَارُ بنُ فُضَالَةَ بن كَلَدَةَ ، ثَلاثَتُهم شُعراءُ ) ، هو وأَبوه وجَدُّه .
( والكَلَنْدَي : الأَكَمَةُ ) ، كالكَلَدَةِ . ( و ) الكَلَنْدَي ( : ع ) بعُمَانَ قال سَوَّارُ بن المُضَرَّب :
فلا أَنْسَى لَيَالِيَ بِالكَلَنْدَي
فَنِينَ وكُلُّ هاذا العَيْشِ فَانِ
( والمُكْلَنْدِدُ : الشَّديدُ ) الخَلْقِ ( العَظِيمُ ، كالمُكْلَنْدِي ) ، باليءِ بدل الدال .
( و ) عن اللِّحْيَانيّ ( اكْلَنْدَي ) الرجُلُ واكْلَنْدَد ، إِذا ( غَلُظَ واشْتَدَّ ( كَتَكَلَّدَ ) )
____________________

(9/111)


واكْلَنْدَى البعيرُ واكْلَنْدَدَ ، إِذا غَلُظَ ، كاعْلَنْدَى .
( واكْلَنْدَدَ علَيه : أَلْقَى عليه بِنَفْسه ، و ) اكْلَنْدَدَ واكْلَنْدَى ( : صَلُبَ ) واشْتَدَّ ، وبَعيرٌ مُكْلَندٍ ومُكْلَنْدِدٌ وعَمَّم به بعضُهم فقال : المُكَلَنْدِى : الشديد .
( و ) اكْلَنْدَدَ الرجلُ ( : تَقَبَّضَ وامْتَنَعَ ) ، ذَكرَهُ الأَزهريّ في الرباعيّ أَيضاً .
( وذِيخٌ كَالدٌ : قَدِيمُ ) هاكذا ذكروه .
( ) ومما يستدرك عليه :
تَكَلَّدَ الرَّجلُ : غَلُظَ لَحمُه وتَغَزَّرَ .
والإِكْلِيد ، بالكسر : المِفْتَاح أَو الخِزَانَةُ ، كالإِقْلِيد ، وقد تقدّمَ .
وكَلْوَادَ ، بالتفح ، ومنهم من ضبطه بإِعجام الذال ، قال المسعودِيّ : دارُ مَملكة الفُرْس بِالعراق ، قال الرّشاطيّ : ويقال : كَلُودا ، منها أَبو محمد حَيُّوس بن رِزْق الله بن بَيَّان ، وُلِد بمصر ، ثِقَةُ ، عن عبد الله بن صالح كاتب اليْث وغيره .
وزياد بن أبي سفيان الكَلَدِيّ ، محرَّكة ، نسبْة إِلى مَوْلَى أُمِّه سُمَيَّةَ ، وكانت جاريةَ طَبيبه العَرب المَذْكُور ، وكذلك أَبو بكرةَ نُفَيْع بن الحارث أَخو زياد لأُمّه سُمَيصة ، ويقال له الكَلَديّ أَيضاً لذالك .
والكُلْدَانِيُّون ، بالضمّ : طائفةٌ من عَبَدَة الكواكب .
وكَلاَبَادَ : قرية بِبُخَارَا ، وبالضّمّ محلَّة بمدينة كَرْمِينِيَةَ قُرْبَ سَمَرْقَنْد .
كلهد : ( أَبو كَلْهَدَةَ ) ، أَهمله الجوهريّ ، وقال الأَزهريّ : هو ( من كُنَاهُمْ ) ، وكَلْهَدَة اسمُ رَجلٍ .
كمد : ( الكُمْدَةُ ، بالضمّ والكَمْدُ ، بالفتح ، و ) الكَمَدُ ( بالتَّحْرِيك : تَغَيُّرُ اللَّوْنِ وذَهَابُ صَفَائه ) وبقاءُ أَثَرِه ، وفي حديث عائشةَ رضي الله عنها ( كانَتْ إِحْدَانا تَأْخُذُ الماءَ بيَدِهَا
____________________

(9/112)


فتَصُبُّ على رأْسِها بِإِحدَى يَدَيْهَا فتُكْمِدُ شقَّها الأَيْمَن ) .
( و ) الكَمَدُ ، مُحَرَّكَةً ( : الحُزْنُ الشديد ) لا يُستطاعُ إِمْضَاؤُه . وفي الصحاح والأَساس : الحُزْن المَكْتوم ، وفي المحكم : هو أَشدُّ الحُزْنِ . ( و ) الكَمَدُ ( : مَرَضُ القَلْبِ مِنْهُ ) أَي من الحُزْن الشديد ، ( كَمِدَ ، كفَرِحَ ) ، كَمَداً ( فهو كامِدٌ وكَمِدٌ ) عابِسٌ مَهْمُوم ، ( و ) زاد ابن سِيدَه : ( كَمِيدٌ ) .
( وأَكْمَدَه ) الحُزْنُ : غَمَّهُ ( فهو مَكْمودٌ ) ، نادِرٌ ، وشيْءٌ أَكْمَدُ اللونِ .
( و ) في الأَساس : كَمِدَ ( الثَّوْبُ أَخْلَقَ وامْلاَسَّ ) فتغيَّرَ لَوْنُه .
( و ) كَمَدَ القَصَّارُ ، ( كَنَصَرَ ) ، كَمْداً وكُمُوداً ( : دَقَّ الثَّوْبَ ، والاسم الكِمَادُ ، ككِتَاب ، وهي ) أَي الكِمَادُ ( أَيضاً خِرْقَةٌ وَسخَةٌ ) دَسِمَةٌ ( تُسَخَّنُ وتُوضَعُ على المَوْجُوعِ ) ، أَي عَلَى مَوْضع وَجَعِه ( يَشْتَفِي بها ) ، أَي بتلك الخِرْقَةِ ( من ) شِدّةِ ( الرِّيحِ ووَجَع البَطْن ) ، وقد أَكمَدَه فهو مَكمودٌ ، نادرِ ، هاذا محلّه ، واسْتَعْمله المُصنّف بمعنى المَهْمُوم ، كما سبق ( كالكمَادَةِ ) ، بزيادة الهاءِ ، ( وتَكْمِيدُ العُضْوِ : تَسْخِينُه بها ) ، أَي بالكِمَادَةِ ونحْوِها ، يقال كَمَّدْتُ فُلاناً إِذا وَجعَ بعضُ أَعضائِه فسَخَّنْتَ له ثَوْباً أَو غَيْرَه وتابَعْتَ على مَوْضع الوَجَع فيَجِد له راحَةً . وفي حديثِ جُبَيْرِ بن مُطْعِم ( رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلمعادَ سَعيدَ بن العاصِ فكَمَّدَه بِخرْقَةٍ ) وفي الحديث ( الكِمَادُ أَحَبُّ إِليَّ مِن الكَيِّ ) وقال شَمِرٌ . الكِمَادُ : أَن تُؤْخَذَ خِرْقَةٌ فَتُحْمَى بالنّارِ وتُوضَع على مَوْضِع الوَرَمِ ، وهو كَيٌّ من غيرِ إِحْرَاقٍ .
( والكُمُدَّةُ كغُلُبَّةٍ : الذَّكَرُ ) .
وَذَكَرٌ كُمُدٌّ : غَليظ .
وأَكْمَدَ الغَسَّالُ والقَصَّارُ الثَّوْبَ ، إِذا لم يُنَقِّهِ ، كذا في اللسان والأَساس .

____________________

(9/113)


كمرد : ( كَمْرَدُ ، كجَعْفَر ) ، أَهمله الجوهريّ وصاحب اللسانِ ، وقال الصاغانيّ هي ( : ة بِسَمَرْقَنْدَ ) ، منها أَبو جَعفر الكَمْرَدِيّ ، عن حِبّان بن مُوسى ، وعنه أَبو نَصْر الفَتْحُ بن عبد الله الواعظي السَّمَرْقَنْدِيّ .
كمهد : ( الكُمْهُدُ ، كقُنْفُذٍ ) ، أَهمله الجوهريّ ، وقال أَبو عَمرو : هو ( : الغَلِيظُ العَظِيمُ ) الكبير ( الكُمَّهْدَةِ ) بالضمّ وتَشديد المِيم المفتوحة وسكون الهاءِ وفتح الدال ، ( أَي الكَمَرَة ) ، وهي الكَوْسَلَةُ ، عن كراع ، ( أَو الفَيْشَلَة ) ، وهي الحَشَفَة ، وتشديدُ الدال لُغَةٌ فيه قال الشاعر :
نَوَّامَةٌ وَقْتَ الضُّحَى ثَوْهَدَّهْ
شِفَاؤُهَا مِنْ دَائها الكُمْهَدَّهْ
وقد يجوز أَن يكون غُيِّر للضرورة .
( واكْمَهَدَّ الفَرْخُ : اقْمَهَدَّ ) واكْوَهَدَّ ، وذالك إِذا أَصابَه مثلُ الارْتِعادِ إِذَا زَقَّه أَبوه .
( ) ومما يستدرك عليه :
اكْمَهَدَّ الرجُلُ : ارْتَعَشَ كِبَراً .
كنبد : ( وَجْهٌ كُنَابِدٌ ، بالضمّ ) ، أَهمله الجوهريُّ والجَماعَة ، أَي ( قَبِيحٌ ) مَنْظَرهُ ، وذكره الأَزهريُّ في الذال المعجمة ، وسيأْتي .
كند : ( الكُنُودُ ) ، بالضمّ ( : كُفْرَانُ النِّعْمَةِ ) مَصْدَر كَنَدَها يَكْنُدُها ، كدَخَل . كما في الأَساس ، وضبطه في البصائر بالكَسْر ، من حَدِّ ضَرَب ، وتقول : فلان إِن سأَلْته نَكَد ، وإِن أَعْطَيْته كَنَد . وإِنه لكَنُودٌ وكَنَّادٌ . ( و ) قال الله تعالى في كتابه العزيز : { إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبّهِ لَكَنُودٌ } ( سورة العاديات ، الآية : 6 ) هو ( بالفتح ) ، أَي لَجَحُودٌ ، قال ابنُ منظور : وهو أَحسن ، وقال الكلبيّ : معناه ( الكَفُورُ ) بالنِّعْمَة ( كالكَنَّادِ ، و ) قال الزّجّاج ،
____________________

(9/114)


لَكَنُودٌ ، معناه : لَكَفُورُ ، يعنِي بذالك ، ( الكاَافِر ، و ) قال الحَسَنُ : هو ( اللَّوَّامُ لِرَبِّه تعالى ) يَعُدُّ المُصِيبات ويَنْسَى النِّعَم . ( و ) في لغة بني مالك هو ( البَخِيلُ ، و ) في لغة كِنْدَة هو ( العاصِي ) ، كما نقلَه البَيضاوِيُّ وغيرُه من المفسِّرين .
( و ) من المَجاز : الكَنُودُ ( : الأَرْضُ لا تُنْبِتُ شيئاً ، و ) قال الخليل : الكَنُودُ في الآية ( : الذي يَأْكُلُ وَحْدَه ، ويَمْنَعُ رِفْدَه ، ويَضْرِب عَبْدَه ) كما عَزاه في البصائر ، قال ابنُ سِيده : ولا أَعْرِف له في اللغة أَصْلاً ، ولا يَسوغ أَيضاً مع قوله لِرَبِّه . ( و ) الكَنُودُ ( : المَرْأَةُ الكَفُورُ لِلْمَوَدَّة والمُوَاصَلَة ) ، كالكُنُدِ ، بصمّتين ، قاله الأَصمعيّ ، قال النَّمِرُ بن تَوْلَب يَصف امرأَتَه :
فَقُلْتُ وكَيْفَ صَادَتْني سُلَيْمَى
ولَمَّا أَرْمِهَا حَتَّى رَمَتْنِي
كَنُودٌ لا تَمُنُّ ولا تُفَادِي
إِذا عَلِقَتْ حَبائلُها بِرَهْنِ
( و ) كَنُودٌ ( : عَلَمٌ ) وكذلك كَنَّادٌ وكُنَادَةُ .
( وكُنْدَةُ ، بالضمّ : ة بِسَمَرْقَنْدَ ) منها ، أَبو المجاهد محمّد بن عبد الخالق بن عبد الوهّاب الكُنْدِيّ ، فقيهٌ فاضِل ، روى عنه أَبو سعد السمعانيّ .
( و ) كَنْدَة ( بالفتح : ناحِيَةٌ بِخُجَنْدَ ) من فَرْغَانَةَ ( تُوصَف نِسَاؤُهَا بالحُسْنِ ) والجمال ، وإِليها نُسِب أَبو إِبراهيم إِسماعيل بن إِسحاق بن إِبراهيم بن يحيَى الكَنْدِيّ الفَرْغَانيّ روى له المالينيّ عن أَنس .

تابع كتاب ( و ) الكِنْدَة ( بالكسر : القِطْعَةُ من الجَبَل ) .
( و ) كَنَّاد ( ككَتَّان : ابنُ أَوْدَعَ الغافِقِيُّ ، وَفدَ على النبيّ صلى الله عليه وسلم ، هاكذا في سائر النُّسخ ، ومثله في التكملة . والصواب على ما في كُتب الأَنساب أَن الذي وفدَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلمحَفِيدُه مالكُ بن عُبَادَة بن كَنَّاد ، ويقال فيه مالك بن عبد الله ، كُنيته أَبو موسى ، وهو من
____________________

(9/115)


بني الجَمَدِ بَطْن من العَتَاقَةِ من غافِق ، له صُحْبة ، ويقال فيه : عبدُ الله بن مالك أَيضاً ، مِصرِيٌّ ، ويقال : شاميّ ، شهد فَتْحَ مصر ، وحديثه عند المصريين ، مات سنة ثمان وخمسين . وقال الذّهبيّ وابن فهد : مالك بن عُبَادة بن كَنَّاد بن أَوْدَعَ الغَافِقِيُّ ، مِصريٌّ له صُحْبَة ، روى عنه وَدَاعة ابن حُمَيْد الجَمَدِيّ ، وثَعلبةُ بن أَبي الكَنُود ، ويَحيى بن مَيْمُون .
( وكِنْدَةُ ، بالكسر ) ، هاذا هو المشهور المُتَدَاول ، وعليه اقتصر الجمهورُ ، قال شيخنا : ورأَيت مَنْ ضَبَطَه بالفتح أَيضاً في كُتب الأَنساب .
قلت : وسمعت أَهل عُمَان والبَحْرَيْنِ والكِنْدِيِّين يقولون : كُنْدَة ، بالضمّ ( ويقال : كِنْدِيٌّ ) أَيضاً ، أَي بياءِ النِّسبة ، وهو ( لَقَبُ ثَوْره بنِ عُفَيْرِ ) بن عَدِيّ بن الحارث بن مُرَّة بن أُدَد ( أَبو حَيَ من اليَمنِ ) ، كذا لابن الكلبيّ والرّشاطيّ ، وقال الهَمْدَانِيّ : وهو ثَوْرُ ابن مُرَتِّعِ بن معاوية ، وقيل : ثور بن عُبَيد بن الحارث بن مُرَّة ، وفي شرح الشفاءِ للخفاجيّ نقلاً عن العُباب : ثَوْر بن عَنْبَس بن عَدِيَ ، وفي رَوْضِ السُّهَيليّ أَن كِنْدة بنو ثَوْر بن مُرَّة بن أُدَدَ بن زَيْد ، ويقال إِنهم بنو مُرَتِّع بن ثَوْر ، وقد قيل إِن ثَوْراً هو مُرَتِّع ، وكندة أَبوه ، وقال ابن خلِّكان إِنّ مُرَتِّعاف ، كمُحَدِّث ، هو والد ثَور ، وإِن ثَوْر بن مُرَتِّع هو كِنْدة ، وفي الصحاح : هو كِنْدَة بن ثَوْر ، قال شيخنا : والذي جَزم به أَكثرُ شُرَّاح الحمَاسَة وديوان امرىءِ القيس أَن ثَوْراً وَلَدُ كِنْدَةَ لا لَقَبُه ، والله أَعْلم . قال ابنُ دُرَيْد : سُمِّي به ( لأَنّه كَنَدَ أَبَاه النِّعْمَةَ ) أَي كَفَرَها ( ولَحِقَ بأَخْوَالِه ) . وقال أَبو جعفر : أَصلُهُ من قولهم أَرْضٌ كَنُودٌ ، أَي لا تُنْبِت شيئاً ، وقيل : لكونه كان بَخِيلاً ، وقيل : لأَنّه كَنَدَ أَباه ، ايي عَقَّه .
( والكَنْدُ : القَطْعُ ) ، وقد كَنَدَه .
____________________

(9/116)



( ) ومما يستدرك عليه :
قال الأَعشى :
أَمِيطِي تُمِيطِي بِصُلْبِ الفُؤَادِ
وَصُوله حِبَالٍ وكَنَّادِهَا
أَي قَطَّاعها .
وثَعْلَبَة بن أَبي الكَنُود مُحعدِّث .
وقال الليث : كُنْدُدُ البَازِي ، كقُنْفُذٍ : مَجْثَمٌ يُهَيَّأُ له من خَشَبٍ أَو مَدَرٍ ، وهو دَخِيل ليس بعربيَ ، نقله الصاغانيُّ .
كنعد : ( الكَنْعَدُ : سَمَكٌ بَحْرِيٌّ ) كالكَنْعَت ، وأُرى تاءَه بدلاً ، وأَنشد :
قُلْ لِطَغَامِ الأَزدِ لا تَبْطَرُوا
بِالشِّيمه والجِرِّيثِ والكَنْعَدِ
وقال جرير :
كَانُوا إِذَا جَعَلُوا فِي صِيرِهِمْ بَصَلاً
ثُمَّ اشْتَوْوا كَنْعَداً منْ مَالِح جَدَفُوا
كود : ( *!الكَوْدُ : المَنْعُ ) ، ومنه حديث عمرو بن العاص ( ولكنْ ما قَوْلُكَ في عُقُولٍ *!كَادَهَا خَالِقُهَا ) ، قال ثعلب أَي مَنَعَهَا .
( و ) يقال ( *!كَادَ ) زَيْدٌ ( يَفْعَل ) كذا . ( و ) حكى أَبو الخَطّاب أَن ناساً من العرب يقولون ( *!كِيدَ ) زَيْدٌ يَفْعل كذا ، وما زِيلَ يَفْعل كذا ، يريدون كَادَ وزَالَ ، وقد رُوِيَ بَيْتُ أَبي خِرَاش :
*!وكِيدَ ضِيَاعُ القُفِّ يَأْكُلْنَ جُثَّتِي
وكِيدَ خِرَاشٌ يَوْمَ ذالِكَ يَيْتَمُ
( *!كَوْداً ) بالواو ، *!وكاداً ، بالأَلف ، وكِيداً بالياءِ ( *!ومَكَاداً *!ومَكَادَةً ) ، هاكَذَا سَرعدَ ابنُ سِيدِ مصادِرَ ، أَي هَمَّ و ( قَارَبَ ولمْ يَفْعَل ) ، وقال الليث : الكَوْدُ مصدرُ *!كادَ *!يَكُودُ *! كَوْداً *!ومَكَاداً *!ومَكَادَةً ، *!وكِدْت أَفْعَل كذا ، أَي هَمَمْتُ ، ولغة بني عَدِيَ بالضَّمّ ، وحكاه سيبويه عن بعضِ العربِ .
____________________

(9/117)


وفي الأَفعال لابن القَطَّاع : *!كادَ *!يَكَادُ *!كَاداً *!وكَوْداً ، هم وأَكثرُ العَرَب على *!كِدْت ، أَي بالكسر ، ومنهم من يقول *!كُدْتُ ، أَي بالضمّ ، وأَجمعوا على *!يَكَادُ ، في المستقبل ، ونقل شيخنا عن تصريف الميدانيّ أَنه قد جاءَ فيه فَعُلع أَي بالضم يَفْعَل بالفتح ، على لغة من قال *!كُدْتَ *!تَكادُ ، بضم الكاف في الماضي قال شيخُنا : وذكر غيرهُ : وقالوا : هو مما شَذَّ في باب فَعُلَ بالضمّ ، فإِن مضارعه لا يكون إِلاْ يَفْعُلُ بالضمْ ، وقد سبق أَنه شَذَّ ، لَبَّ وما مَعَهُ ، وهاذا مما زادوه ، كما في شروح اللامِيّة . وقال الزمخشريّ : قد حَوَّلُوا عند اتصال ضميرِ الفَاعِل فَعَل من الواو إِلى فَعُل ، ومن الياءِ إِلى فَعِل ، ثم نقلت الضمّة والكسرة إِلى الفاءِ ، فيقال قُلْت وقُلْن ، وبِعْث وبِعْنَ ولم يحوِّلوا في غير الضمير إِلاَّ ما جاءَ في قول ناسٍ من العرب كِيدَ يَفْعَل ومَا زهيلَ . قلت : وأَورد هاذا البحثَ أَبو جعفرٍ اللّبْلِيّ في بُغْية الآمال ، وأَلْمَمنا ببعضه في ( التعريف بضروريّ اللغة والتصريف ) فراجعه . وفي اللسان : كاد وُضِعتْ لمُقَارَبة الشيْءِ فُعِلَ أَو لم يُفْعَل ( مُجَرَّدَةً تُنْبِىءُ عن نَفْيِ الفِعْلِ ، ومَقْرُونَةً بالجَحْدِ تُنْبِىءُ عن وقُوعهِ ) أَي الفعل ، وفي الإِتقان للسليوطيّ : كادَ فِعْلٌ ناقِصٌ أَتى منه الماضي والمضارع فقط ، له اسمٌ مَرفوع وخبرٌ مُضارع مُجَرَّد من أَنْ ، ومعناها : قارَبَ ، فَنَفْيُهَا نَفْيٌ للمُقَارَبَة ، وإِثباتها إِثباتٌ للمُقَارَبة ، واشتهر على أَلسنة كثيرٍ أَن نَفْيَها إِثباتٌ وإِثباتَها نَفْيٌ ، فقولك : كاد زيدٌ يَفْعَل ، معناه لم يَفْعل ، بدليل { 9 . 012 وإن *!كادوا يفتنونك } ( سورة الإسراء ، الآية : 73 ) . وما كاد يفعل ، معناه فَعَل ، بدليل { وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ } ( سورة البقرة ، الآية : 71 ) أَخرجَ ابنُ أَبي حاتمٍ من طريق الضَّحَّاك ، عن ابنِ عبَّاس قال : كُلّ شيْءٍ في القرآن كادَ *!وأَكَادُ ويَكادُ ، فإِنه لا يَكون أَبداً ، وقيل : إِنها تُفيد الدّلالة على وُقوعِ الفِعْل بِعُسْرٍ ، وقيل : نَفْيُ
____________________

(9/118)


الماضي إثباتٌ ، بدليل { 9 . 012 } وما *!كادوا يفعلون ونفى المضارع نَفيٌ بدليل { لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا } ( سورة النور ، الآية : 40 ) ونفى المضارع نَفيٌ بدليل { لَمْ *!يَكَدْ يَرَاهَا } مع أَنه لم يَرَ شيئاً . والصحيح الأَوّل ، أَنها كغيرها ، نَفْيها نَفيٌ وإِثباتُها إِثباتٌ ، فمعنى كادَ يَفعل : قارَبَ الفِعْل ولمْ يَفْعَل . وما كادَ يَفْعَل : ما قَارَب الفِعْل فَضْلاً عنْ أَنْ يَفْعَل ، فنَفْيُ الفِعْلِ لازِمٌ مِن نَفْيِ المُقَارَبَة عَقْلاً . وأَما آية { فَذَبَحُوهَا وَمَا *!كَادُواْ يَفْعَلُونَ } ( سورة البقرة ، الآية : 71 ) فهو إِخبار عن حالهم في أَوّلِ الأَمر ، فإِنهم كانُوا أَوَّلاً بُعدَاءَ مِن ذَبْحِهَا ، وإِثبات الفِعْل إِنما فُهِم من دَلِيل آخرَ ، وهو قوله تعالى : { فَذَبَحُوهَا } وايما قوله { لَقَدْ *!كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ } ( سورة الإسراء ، الآية : 74 ) مع أَنّه صلى الله عليه وسلملم يَرْكَنْ لاَ قَليلاً ولا كثيراً ، فإِنه مَفهومٌ مِن جِهَةِ أَنّ لَوْلاَ الامتناعِيَّةَ تقتضِي ذالك ، انتهى . وفي اللسان : وقال أَبو بكر في قولهم : قَدْ كَادَ فُلاَنٌ يَهْلِك : معناه : قد قَارَبَ الهَلاَكَ ولم يَهْلِك ، فإِذا قُلتَ ما كَادَ فُلانٌ يَقُوم ، فمعناه : قامَ بعد إِبطاءِ وكذالك ، كاد يَقوم معناه قاربَ القِيَامَ ولم يَقُمْ . قال : وهاذا وَجْهُ الكلام ، ثم قال ( وقَد تَكون ) كاد ( صِلَةً للكلامِ ) ، أَجاز ذالك الأَخْفَشُ وقُطْرُبٌ وأَبو حاتمٍ ، واحتجّ قُطربٌ بقولِ زيدِ الخَيْلِ :
سَرِيعٍ إِلى الهَيْجَاءِ شَاكٍ سلاحُهُ
فَما إِنْ *!يَكادُ قِرْنُه يَتَنَفَّسُ
معناهُ ما يَتَنَفَّسُ قِرْنُه . وقال حَسَّان :
وَ*!تَكَادُ تَكْسَلُ أَنْ تَجهىءَ فِرَاشَهَا
فِي لِينِ خَرْعَبَةٍ وحُسْنِ قَوَامِ
معناه وتَكسل ، ( ومنه ) قوله تعالى : { لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا } ( سورة النور ، الآية : 40 ) أَي لمْ يَرَهَا ولم يقارب ذالك ، وقال بعضُهم : رَآهَا مِن بَعْدِ أَن لم *!يَكَدْ يَراهَا مِن شِدَّةِ الظُّلْمَة . فاتَّضَح بذلك أَن قولَ شيخِنَا : كَوْن كاد صِلَةً للكلام لا قائلَ به إِلا ما وَرَد عن ضَعَفَةٍ
____________________

(9/119)


المُفَسِّرين ، تَحَامُلٌ على المُصنِّف وقُصُورٌ لا يَخْفَى . وقال الأَخْفَشُ في قوله تعالى : { لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا } حَمْلٌ على المَعنَى ، وذالك أَنه لا يراها ، وذلك أَنك إِذا قلت كاد يَفْعل إنما تَعنِي قَارَب الفِعْل ، على صِحَّةِ الكَلاَمِ ، وهاكذا معنى هاذه الآية ، إِلاّ أَنّ اللغة قد أَجازَتْ : لم يَكَدْ يَفْعَل وقد فعَل بَعْدَ شِدَّة ، وليس هاذا صَحَّةَ الكلامِ ، لأَنه إِذا قال : كادَ يَفْعل ، فإِنما يعنِي قارَبَ الفِعْل ، وإِذا قال ، لم يَكد يَفْعل ، يقول : لم يُقَارِب الفِعْلَ ، إِلاَّ أَن اللُّغَة جاءَت على ما فُسِّرَ . وقال الفَرَّاءُ : كُلَّمَا أَخْرَجَ يَدَه لمْ يَكد يَرَاهَا مِن شِدَّة الظُّلمَةِ ، لأَن أَقَلَّ مِن هذه الظُّلمةِ لا تُرَى اليَدُ فيه ، وأَما لم يَكَد يَقُوم ، فقَدْ قَام ، هاذا أَكْثَر اللُّغَة .
( و ) قد ( تكون ) كاد ( بمعنى أَرادَ ) ، ومنه قوله تعالى : { كَذالِكَ *!كِدْنَا لِيُوسُفَ } ( سورة يوسف ، الآية : 76 ) وقوله تعالى : { 9 . 012 *!أكاد اخفيها } ( سورة طه ، الآية : 15 ) أَي أَردنا ، و ( أُرِيدُ ) وأَنشد أَبو بَكْرٍ للأَفْوَه :
فَإِنْ تَجَمَّعَ أَوْتَادٌ وأَعْمِدَةٌ
وسَاكِنٌ بَلَغُوا الأَمْرَ الذي *!كَادُوا
أَراد : الذي أَرادوا ، وأَنشد الأَخفشُ :
*!كَادَتْ *!وكِدْتُ وتِلْكَ خَيْرُ إِرَادَةٍ
لَوْ كَانَ مِنْ لَهْوِ الصَّبَابَةِ مَا مَضَى
قال : معناه أَرادَتْ وأَردْت ، وقال الأَخفش في تفسير الآية : مَعناه : أُخْفِيهَا . وفي تَذكرةِ أَبي عَلِيَ أَن بعضَ أَهلِ التأْوِيل قالوا : { أَكَادُ أُخْفِيهَا } مَعْنَاه : أُظهِرُها ، قال شَيْخُنَا : والأَكثر على بقائها على أَصْلِها ، كما في البحْر والنَّهْرِ وإِعْرَابِ أَبي البقاءِ والسَّفاقِسيّ ، فلا حاجةَ إِلى الخُروج عن الظاهر ، والله أَعلم ، قال السيوطيّ : وعكسه كقوله تعالى : { يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ } ( سورة الكهف ، الآية : 77 ) أَي يكاد قلت : وفي اللسان : قال بعضهم في قوله تعالى : { أَكَادُ أُخْفِيهَا } ( سورة طه ، الآية : 15 ) أُريد
____________________

(9/120)


أُخفيها ، فكما جاز أَن تُوضَع أُريد مَوْضِعَ أَكاد في قوله : { جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ } فكذلك أَكادُ ، فتأَمَّلْ . وقال ابنُ العَوَّام : كاد زَيْدٌ أَن يَمُوتَ . ( وأَن ) لا تَدخل مَع كادَ ولا مع ما تَصرّف مِنها ، قال الله تعالى : { *!وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِى } ( سورة الأعراف ، الآية : 150 ) وكذلك جميع ما في القُرآن ، قال : وقد يُدْخِلون عليها أَنْ ، تَشْبِيهاً بِعَسَى ، قال رؤبة :
قَدْ كَادَ مِنْ طُوله البِلَى أَنْ يَمْصَحَا
( و ) من ذالك قولهم : ( عَرَفَ ) فلان ( مَا يُكَادُ مِنْه ، أَي ) ما ( يُرَادُ ) ، وفي حديث عَمْرِو بن العاصِ : ( مَا قَوْلُك في عُقُولٍ *!كَادَهَا خَالِقُهَا ) وفي روايةٍ ( تِلْكَ عُقولٌ كادَهَا بَارِئُها ) أَي أَرادَها بِسُوءٍ .
( و ) قال الليث : الكَوْدُ مصْدر كادَ يَكُود كَوْداً ومَكَاداً ومَكَادَةً ، تقول لِمَن يَطلُب إِليك شيئاً ولا تُريد أَن تُعْطِيَه تقول : لا و ( لاَ مَهَمَّةَ ولا مَكادَةَ ) . ولا كَوْداً ولا هَمًّا ، ولا مَكَاداً ولا مَهَمًّا ، ( أَي لا أَهُمُّ ولا أَكادُ ) .
( *!ويَكُودُ ) على صِيغة المضارع ( : ع ) عن الصاغانيّ ، ولم أَجده في معجم ياقوتٍ ، مع استيعابه .
( وهو *!يَكُودُ بِنَفْسِه ) كَوْداً ، عن الصاغانيّ ، لُغَة في يَكِيد كَيْداً ، أَي ( يَجُود ) بها ويسوق ، وذكره غالبُ اللغويين في الياءِ ، وسيأْتي .
( *!واكْوَأَدَّ ) الفَرْخُ والشَّيْخُ ( : شَاخَ وارْتَعَشَ ) ، كاكْوَهَدَّ .
( *!والكَوْدَةُ : ) كلّ ( ما جَمَعْتَ من تُرَابٍ ) وطعام ( ونَحْوِه ) وجَعَلْتَه كُثْباً ، ( ج *!أَكْوَادٌ ) .
( *!وكَوَّدَه ) أَي الترابَ ( : جَمَعَه وجعَله كُثْبَةً واحدةً ) ، يمانية .
( *!وكُوَادٌ ، *!وكُوَيْدٌ ، كغُرَابٍ وزُبَيْرٍ : اسمانِ ) .
كهد : ( كَهَدَ ) في المَشْيِ ، ( كمَنَع ، كَهْداً
____________________

(9/121)


وكَهَدَاناً ) ، الأَخير محرّكة ، ( : أَسْرَعَ . وكَهَدْتُه ) د هكذا في النّسخ ثُلاثِيًّا ، وفي الصّحاح : كَهَدَ الحِمَارُ كَهَدَاناً ، أَي عَدَا ، وأَكْهَدته ( أَنا ) ، وهو الصواب ومنه قولُ الفَرزدق يهجو جَرِيراً وبني كُلَيْبٍ :
ولاكِنَّهم يُكْهِدُونع الحَمِيرَ
رُدَافَى عَلَى العَجْبِ والقَرْدَدِ
( و ) كَهَدَ ، إِذا ( أَلَحَّ في الطَّلَبِ ، و ) كَهَدَ إِذا ( تَعِبَ ) بنفسه ( وأَعْيَا ) .
( وأَتانٌ كَهُودُ اليَدَيْنِ : سَرِيعَةٌ ) ، وبه فُسِّرَ قولُ الفرزدق :
مُوَقَّعَةٍ ، بِبَيَاضِ الرُّكُودِ
كَهُودِ اليَدَيْنِ مَعَ المُكْهِدِ
أَرادَ بِكَهُودِ اليَدَيْنِ الأَتانَ السَّرِيعَة .
( والكَوْهَدُ ) ، كجَوْهَرٍ ( : المُرْتَعِشُ كِبَراً ) ، يقال : شَيْخٌ كَوْهَدٌ .
( والكَهْدَاءُ : الأَمَةُ ) ، لِسُرْعَتها في الخِدْمَةِ ، وقد كَهَدَ وأَكْهَدَ .
( وأَكْهَدَ : تَعِبَ وأَتْعَبَ ) ، ولَقِيَني كاهِداً قد أَعْيَا ومُكْهِداً ، وأَكْهَدَ وكَهَدَ ، وكَدَه وأَكْدَهَ ، كلّ ذالك إِذا أَجْهَدَه الدُّؤُوبُ . وقد تقدم الشاهد في قول الفرزدق ، وهو المُكْهِد أَي المُتْعِب وأَراد به العَيْرَ .
( واكْوَهَدَّ ) الشيْخُ والفَرْخُ ( كاقْمَهَدَّ ) واكْوِهْدَادُ الفَرْخِ : ارْتِعَادُه إِلى أُمِّه لِتَزُقَّه .
( و ) يقال ( أَصابَهُ جَهْدٌ وكَهْدٌ ) بمعنًى واحد .
كيد : ( *!الكَيْدُ : المَكْرُ والخُبْثُ ، *!كالمَكِيدَةِ ) ، قال الليث : *!الكَيْدُ مِن *!المَكِيدة ، وقد *!كَادَه *!يَكِيدُه *!كَيْداً *!ومَكِيدَةً . قالل شيخُنا : وظاهِرُ كلامِهِمْ أَنْ الكَيْدَ والمَكْرَ مُترادفانِ ، وهو الظاهر ، وقد فَرَّق بينهما بعضُ فُقَهَاءِ اللُّغَة ، فقال : *!الكَيْدُ : المَضَرَّة ، والمَكْرُ : إِخفاءُ الكَيْدِ وإِيصالُ المَضَرَّة ، وقيل : الكَيْدُ : الأَخْذُ على خَفَاءٍ ، ولا يُعْتَبر فيه إظهارُ
____________________

(9/122)


خِلاَفِ ما أَبْطَنَه ، ويُعْتَبر ذالك في المَكْرِ . والله أَعلم .
( و ) الكَيْدُ ( : الحِيلَةُ ) ، وبه فُسِّر قَولُه تعالى : { فَجَمَعَ *!كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى } ( سورة طه ، الآية : 60 ) وقوله تعالى : { *!فَيَكِيدُواْ لَكَ *!كَيْدًا } ( سورة يوسف ، الآية : 5 ) أَي فَيحْتَالوا احتِيَالاً . وفلانٌ *!يَكِيدُ أَمْراً ما أَدْرِي ما هو ، إِذا كان يُرِيغُه ويَحتال له ، ويَسْعَى له ويَخْتِله ، وكلّ شيْءٍ تُعالِجه فأَنت *!تَكِيدُه .
( و ) الكَيْد : الاحتيالُ والاجتهاد ، وبه سُمِّيت ( الحَرْبُ ) كَيْداً ، لاحتيالِ الناسِ فيها ، وهو مَجاز ، وفي الأَساس : ومن المجاز غَزَا فَلَمْ يَلْقَ *!كَيْداً ، أَي لم يُقَاتلْ ، انتهى . قلت : وهو في حديث ابن عمر . وفي حديث صُلْحِ نَجَرانَ ( إِنْ كانَ باليَمَنِ *!كَيْدٌ ذَاتُ غَدْرٍ ) أَي حَرْبٌ ، ولذالك أَنَّثَها .
( و ) *!الكَيْدُ ( : إِخرَاجُ الزَّنْدِ النَّارَ ؛ و ) الكَيْدُ ( : القَيْءُ ) ، ومنه حَديث قَتَادَة ( إِذا بَلَغ الصائمُ الكَيْدَ أَفْطَر ) حكاه الهَرَويّ في الغَريبينِ وابنُ سِيده .
( و ) عن ابن الأَعرابيّ : الكَيْدُ ( : اجْتِهَادُ الغُرَابِ في صِياحِه ، و ) قد ( كَادَ ) الرجُلُ إِذا ( قَاءَ ) .
( و ) من المجازِ : كادَ ( بِنَفْسِه ) *!كَيْداً ( : جَادَ ) بها جَوْداً ، وسَاقَ سِياقاً . وفي الأَساس : رأَيتُه *!يَكِيد بِنَفْسِه : يُقَاسِي المَشَقَّةَ في سِيَاقه . وفي الحديثِ ( أَن النبيّ صلى الله عليه وسلمدَخَلَ على سَعْدِ بن مُعَاذٍ وهو *!يَكِيدُ بِنَفْسِه فقال : جَزَاكَ الله مِنْ سَيِّدِ قَوْمٍ ) . يريد النَّزْعَ .
( و ) *!كادَت ( المَرْأَةُ ) *!تَكِيد كَيْداً ( : حَاضَتْ ) ، ومن حَديث ابنِ عبَّاس ( أَنه نَظَر إِلى جَوَارٍ قَدْ *!كِدْنَ في الطَّرِيقِ ، فأَمرَ أَن يَتَنَحَّيْنَ ) معناه : حِضْنَ . *!والكَيْدُ : الحَيْضُ .
( و ) *!كَادَ ( يَفْعَلُ كذا : قَارَبَ وهَمَّ ) قال الفَرَّاءُ : العَرب تَقولُ مَا *!كِدْت أَبْلُغ إِليكَ وأَنت قد بَلَغْتَ . قال : وهذا هو وجه العَرَبِيَّة ، ومن العرب
____________________

(9/123)


مَنْ يُدخِل *!كاد *!وَيكادُ في اليَقِينِ ، وهو بمنزلة الظِّنَّ ، أَصْلُه الشَّكُّ ، ثُمَّ يُجْعَل يَقيناً . ( *!كَكِيدَ ) ، في لُغة بعضِ العَرب ، كما تَقدَّم ، وهو على وَجْهِ الشُّذُوذِ ، وإِنما اسْتَطْرَده هنا مع ذِكْرِه أَوَّلاً في كود إِشارةً إِلى أَنه واويّ ويائيّ ، وهو صَنيع غالِبِ أَئمّة اللُّغَة ، ومنهم من اقتصر على أَحدهما .
( وفيه *!تَكَايُدٌ ) ، أَي ( تَشَدُّدٌ ) ، وبه فَسَّر السكَّرِيُّ قولَ أَبي ضَبَّةَ الهُذَلِيّ :
لَقَّيْتُ لَبَّتَه السِّنَانَ فَكَبَّه
مِنِّي *!تَكَايُدُ طَعْنَةٍ وتَأْيُّدُ
( و ) قولهم : لا أَفعل ذالك و ( لا *!كَيْداً ولا هَمًّا ) ، أَي ( لا *!أَكادُ ولا أَهُمُّ ) ، كقولهم : لا *!مَكَادَةَ ولا *!مَهَمَّةَ ، وقد تَقَدَّم ، وهاذه قِطْعَة مِن عِبارة ابنِ بُزُرْج ، كما سيأْتي بَيانُها ، فلو أَخَّرَها فيما بَعْدُ كان أَلْيَقَ بالسَّبْكِ وأَنْسَبَ .
( *!واكْتَادَ ، افْتَعَلَ من *!الكَيْدِ ، و ) قال ابنُ بُزُرْج : يقال مِنْ كَادَ : ( هُمَا *!يَتَكَايَدَانِ ) ، أَي بالياءِ ( ولا تَقُلْ ) أَي أَيُّهَا النحويّ : ( يَتَكَاوَدَانِ ) ، أَي بالوَاو ، فإِنه خَطَأٌ ، لأَنهم يقولون إِذا حُمِلَ أَحدُهُمْ على ما يَكْرهُ : لا والله ولا كَيْداً ولا هَمًّا ، يريد : لا *!أُكَادُ ولا أُهَمُّ ، وحكَى ابنُ مُجاهدٍ عن أَهل اللغةِ كَادَ*! يَكَادُ ، كان في الأَصلِ كَيِدَ يَكْيَدُ .
( ) ومما يستدرك عليه :
*!كادَه : عَلَّمَه الكَيْدَ ، وبه فُسِّرَ قولُه تعالى : { كَذالِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ } ( سورة يوسف ، الآية : 76 ) أَي عَلَّمْنَاه الكَيْدَ على إِخْوَتِه .
*!وكادَه : أَرادَه بِسُوءٍ . وبه فُسِّرَ قولُه تعالى : { *!لاكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ } ( سورة الأنبياء ، الآية : 57 ) .
*!وكَيْد الله للكُفَّار هو استِدْراجُهم من حيث لا يَعْمَلُون .
*!والمُكَايَدَةُ : المُخَاتَلَة .
*!وكَيْدَانُ ، بالفتح : قَرْيَةٌ بِفَارِسَ .
( *!وأَكْيَادُ ) مِنْ قُرَى مِصْرَ ، وتُضَاف إِليها دِجْوَة ، وقَرْيَة أُخرى تُسَمَّى *!بأَكْيَادِ العَتَاوِرَةِ .

____________________

(9/124)


2 ( فصل اللام مع الدال المهملة ) 2
لبد : ( لَبَدَ ) بالمكان ( كنَصَر وفَرِحَ ) يَلْبُدُ ويَلْبَدُ ( لُبُوداً ) ، بالضمّ مصدر الأَوّل ، ( ولَبَداً ) ، مُحَرّكةً ، مصدر الثاني ( : أَقَامَ ) به ( ولَزِقَ ، كأَلْبَدَ ) ، رُباعِيًّا ، فهو مُلْبِدٌ به . ولَبِدَ بالأَرض وأَلْبَد بها ، إِذا لَزِمَها فأَقَام ، ومنه حَديث عَلِيت رضي الله عنه لرجلينِ جَاءَ يَسأَلاَنهِ ( أَلْبِدَا بالأَرْضِ حَتَّى تَفْهَما ) أَي أَقِيمَا ، ومنه قولُ حُذيفة حين ذَكَر الفِتْنَة قال ( فابن كان ذالك الْبُدُوا لُبُودَ الرَّاعِي عَلَى عَصاهُ خَلْفَ غَنَمِهِ لا يَذْهَبُ بكم السَّيْلُ ) أَي اثْبُتُوا والْزَمُوا مَنَازِلَكم كما يَعْتَمِدُ الراعِي عَصَاهُ ثابتاً لا يَبْرَح ، واقْعُدوا في بُيُوتِكم لا تَخْرُجوا منها قَتَهْلِكُوا وتَكُونوا كمَنْ ذَهَبَ به السَّيْل . ( و ) من المجاز : اللُّبَدُ واللَّبِدُ مِن الرجال ، ( كصُرَدٍ وكَتِفٍ : من لا ) يُسافر ولا ( يَبْرَحُ مَنْزِلَهُ ولا يَطْلُبُ مَعاشاً ) ، وهو الأَلْيَسُ ، قال الراعي :
مِنْ أَمْرِ ذِي بَدَوَاتٍ لاَ تَزَالُ لَهُ
بَزْلاَءُ يَعْيَا بِهَا الجَثَّامَةُ اللُّبَدُ

تابع كتاب ويُرْوَى ( اللَّبِدُ ) بالكسرِ . قال أَبو عُبَيد ، والكَسْر أَجْوَدُ ، ( و ) منه ( أَتَى أَبَدٌ عَلى لُبَد ) وهو ( كَصُرَدٍ ) اسمُ ( آخِر نُسُورِ لُقْمَانَ ) بن عادٍ ، لِظَنِّه أَنه لَبِدَ فلا يَمُوت . كذا في الأَساس . وفي اللسان : سَمَّاه بذالك لأَنه لَبِدَ فبَقِيَ لا يَذْهَب ولا يَمُوت ، كاللَّبِدِ مِن الرِّجال اللازِم لِرَحْلِه لا يُفَارِقه . ولُبَدٌ يَنْصَرِف لأَنه ليس بمعدُولٍ ، وفي روض المناظرة لابنِ الشِّحْنَة : كانَ مِن قَوْمِ عادٍ شَخْصٌ اسمُه لُقْمَانُ غيرُ لُقْمَانَ الحَكِيمِ الذي كان على عَهْدِ دَاوودَ عليه السلامُ . وفي الصّحاح : تَزْعُم العَربُ أَنَّ لُقْمَانَ هو الذي ( بَعَثَتْهُ عَادٌ ) في وَفْدِهَا ( إِلى الحَرَمِ يَسْتَسْقِي لها ) ، زاد ابنُ الشِّحْنَة : مع مَرْثَد بن سَعْد ، وكان
____________________

(9/125)


مُؤْمِناً ، فلمّا دَعَوْا قيل : قد أَعْطَيْتُكم مُنَاكُم ، فاخْتَارُوا لأَنفُسِكم ، فقال مَرْثَد : أَعْطِنهي بِرًّا وصِدْقاً ، واختار قَبْلَ أَنْ يُصِيبَه ما أَصابَ قَوْمَه . ( فَلَمَّا أُهْلِكُوا ) هاكَذَا في سائر النُّسخ ، وفي بعض منها فلما هَلَكُوا ( خُيِّرَ لُقْمَانُ ) ، أَي قال له الله تَعالى اخْتَرْ ولا سَبيلَ إِلى الخُلُود ( بَيْنَ بَقَاءِ سَبْعِ بَعَرَاتٍ ) ، هاكذا في نُسختنا بالعين ، ويوجد في بعض نسخ الصحاح بَقَرات بالقاف ( سُمْرٍ ) صهفَة لِبعرات ( مِن أَظْبٍ ) جمع ظِباءٍ ( عُفْرٍ ) صِفة لها ، قال شيخُنَا : والذي في نُسخ القامُوس هو الأَشْبَ ، إِذ لا تَتَوَلَّد البَقَرُ من الظِّبَاءِ ، ولا تكون منها ، ( في جَبَلٍ وَعْرٍ ، لا يَمَسُّهَا القَطْرُ ، أَو بَقَاءَ سَبْعَة أَنْسُرٍ ) ، وسياأتي للمُصنّف في العين المهملة مع الفاءِ أَنها ثَمَانِية وعَدَّ منها فُرْزُعَ وقال : هو أَحدُ الأَنسارِ الثمانِيَة ) وهو غَلطٌ ، كما سيأْتي ( كُلَّمَا هَلَكَ نَسْرٌ خَلَفَ بَعْدَه نَسْرٌ ، فاختار ) لُقْمَانُ ( النُّسُورَ ) ، فكَانَ يأْخُذُ الفَرْخَ حِينَ يَخْرُج مِن البَيْضَة حتى إِذا ماتَ أَخذَ غيرَه . وكان يَعِيشُ كلُّ نَسْرٍ ثمانينَ سنَةً ( وكان آخِرُها لُبَداً ) ، فلما ماتَ ماتَ لُقْمَانُ ، وذالك في عَصْرِ الحارث الرائِش أَحدِ مُلوكِ اليَمن ، وقد ذَكَرَه الشُّعراءُ ، قال النابِغَةُ :
أَضْحَتْ خَلاَءً وأَضْحَى أَهْلُها احْتَمَلُوا
أَخْنَى عَلَيْهَا الذِي أَخْنَى عَلَى لُبَدِ
( ولُبَّدَي ولُبَّادَي ) ، بالضمّ والتشديد ، ( ويُخَفَّفُ ) ، عن كُراع ( : طائِرٌ ) على شَكْلِ السُّمَانَى إِذا أَسَفَّ على الأَرْضِ لَبِدَ فلم يَكَدْ يَطِير حتى يُطَارَ ، وقيل : لُبَّادَى : طائر ( يُقَالُ له : لُبَادَى الْبُدِي ) لا تَطِيري ، ( ويُكَرَّرُ حتَّى يَلْتَزِقَ بالأَرْض فيُؤْخَذَ ) وفي التكملة : قال الليثُ : وتقول صِبْيَانُ الأَعْرَابِ إِذا رَأَوا السُّمَانَي : سُمَانَى لُبَادَى الْبُدِي لا تُرَيْ . فلا تزال تَقولُ ذالك ، وهي لا بِدَةٌ بالأَرْضِ
____________________

(9/126)


أَي لاصِقَة وهو يُطِيفُ بها حتى يَأْخُذَهَا . قلت : ومثلُه في الأَساس ، وأَوردَه في المَجاز .
( والمُلْبِدُ : البَعيرُ الضارِبُ فَخِذَيْه بِذَنْبِه ) فيَلْزَق بهما ثَلْطُه وبَعْرُه ، وخَصَّصَه في التهذيب بالفَحْلِ من الإِبِل . وفي الصحاح : وأَلْبَدَ البَعِيرُ ، إِذا ضَرَب بِذَنَبِهِ على عَجُزِه وقد ثَلَطَ عليه وبَالَ فيَصِير على عَجُزه لُبْدَةٌ مِن ثَلْطِه وبَوْلِه .
( وتَلَبَّدَ ) الشَّعْرُ و ( الصُّوفُ ونَحْوُه ) كالوَبرِ كالْتَبَدَ ( : تَدَاخَلَ ولَزِقَ بَعضُه ببعْضٍ ، و ) في التهذيب : تَلَبَّدَ ( الطائر بالأَرْض ) أَي ( جَثَمَ عَلَيْهَا ، وكُلُّ شَعَرٍ أَو صُوفٍ مُتَلَبِّدٍ ) وفي بعض النسخ ملْتَبِد أَي بعضُه على بعْضٍ ، فهو ( لِبْدٌ ) ، بالكسر ، ( ولِبْدَةٌ ) ، بزيادة الهاءِ ( ولُبْدَةٌ ) ، بالضَّم ، ( ج أَلْبَادٌ ولُبُودٌ ) ، على تَوهُّمِ طَرْح الهاءِ ( واللَّبَّادُ ) ككَتَّان ( عامِلُها ) ، أَي اللُّبْدَةِ . ( و ) من المَجاز : هو أَجْرَأُ من ذي لِبْدَة وذي لِبَدٍ ، قالوا ( اللِّبْدَةُ بالكسر : شَعَرٌ ) مُجْتَمِعٌ علَى ( زُبْرَةِ الأَسَدِ ) ، وفي الصّحاح الشَّعر المُتَراكِب بين كَتِفَيْه ، وفي المقل ( هو أَمْنَعُ من لِبْدَةِ الأَسَدِ ) والجمعُ لِبَدٌ كقِرْبَةٍ وقِرَبٍ ، ( وكُنْيَتُهُ ) أَي لَقَبُه ( ذو لِبْدَة ) وذُو لِبَدٍ ، ( و ) اللِّبْدَةُ ؛ ( نُسَالُ الصِّلِّيَانِ ) والطَّرِيفَة ، وهو سَفاً أَبيضُ يَسقُط منهما في أُصولِهما وتَستَقْبِلُه الرِّيحُ فتَجْمَعُ حتُّى يَصيرَ كأَنّه قِطَع الأَلْبَادِ البِيضِ إِلى أُصوله الشَّعَر والصِّلِّيَانِ والطَّرِيفَة ، فيَرْعَاه المَالُ ويَسْمَنُ عليه ، وهو مِن خَيْرِ ما يُرْعَى مِن يَبِيسِ العِيدَانِ ، وقيل : هو الكَلَأُ الرَّقيقُ يَلْتَبِد إِذا أَنْسَلَ فيَخْتَلِط بالحِبَّةِ . ( و ) اللِّبْدَة ( : دَاخِلُ الفَخِذِ . و ) اللِّبْدَة ( : الجَرَادَةُ ) ، قال ابنُ سِيدَه : وعندي أَنه على التِّشْبِيه ، أَي بالجماعة
____________________

(9/127)


من الناسِ ، يُقِيمُون وسائرُهم يَظْعَنُون ، كما سيأْتي . ( و ) اللِّبْدَة ( : الخِرْقَةُ ) التي ( يُرْقَعُ بها صَدْرُ القَمِيصِ ) . يقال : لَبَدْت القَمِيصَ ايلْبُدُه ، ( أَو ) هي ( القَبِيلَةُ يُرْقَعُ بها قَبُّهُ ) ، أَي القَمِيصِ ، وعبارة اللسان : ( ويقال للخِرْقَة التي يُرْقَع بها صَدْرُ القميص : اللِّبْدَة ، و ) التي يُرْقَع بها قَبُّهُ : القَبِيلَةُ . وفي سياق المُصَنِّف نَظَرٌ ظاهِرٌ ، فإِنه فسَّر اللِّبْدَة بما فَسَّر به غيرُهُ القَبِيلَة .
( و ) اللِّبْدَة ( : د ، بين بَرْقَةَ وأَفْرِيقِيَّة ) ، وهي مَدِينَة عَجِيبةٌ من بلادِ ايفْرِيقِيَّةَ ، وقد بالَغَ في وَصْفِها المُؤَرِّخونَ ، وأَطالوا في مَدْحِها .
( و ) اللِّبْدُ ( بلا هَاءٍ : الأَمْرُ ) ، وهو مجاز ، ومنه قولُهُم : فُلانٌ لا يَجِفُّ لِبْدُه ، إِذا كان يَتَرَدَّدُ ، ويقال : ثَبَتَ لِبْدُك ، أَي أَمْرُك ( و ) اللِّبْد ، ( : بِسَاطٌ م ) ، أَي معروف ، ( و ) اللِّبْدُ أَيضاً ( : ما تَحْتَ السَّرْجِ . وذُو لِبْدٍ : ع ببلادِ هُذَيْلٍ ) ، ضبطه الصغاغانيّ بكسر فَفَتْحٍ .
( و ) اللَّبَد ، ( بالتَّحْرِيك : الصُّوفُ ) ، ومنه قولهم ( مالَه سَبَدٌ ولا لَبَدٌ ) وهو مَجاز ، والسَّبَدُ من الشَّعر ، وقد تَقَدَّمِ ، واللَّبَدُ من الصوفِ ، لَتَلَبُّدِه ، أَي مالَه ذُو شَعَرٍ ولا ذُو صُوفٍ ، وقيل : مَعْنَاه : لا قَلِيلٌ ولا كثيرٌ ، وكان مالُ العَرب الخَيْلَ والإِبلَ والغَنَمَ والبقَرَ ، فَدَخَلَتْ كُلُّهَا في هاذا المَثَلِ . ( و ) اللَّبَد مصدر لَبِدَت الإِبلُ بالكسر تَلْبَد ، وهو ( دَغَصُ الإِبلِ من الصِّلِّيَانِ ) وهو الْتِوَاءٌ في حَيَازِيمِها وفي غَلاصِمِها ، وذالك إِذا أَكْثَرَتْ مِنْهُ فتَغَصُّ به ولا تَمْضِي ، قاله ابنُ السِّكِّيت .
( و ) يقال ( أَلْبَدَ السَّرْجَ ) إِذا ( عَمِلَ ) له ( لِبْدَهُ ) . وفي الأَفعال : لَبَدْت السَّرْجَ والخُفَّ لَبْداً وأَلْبَدْتُهما : جَعَلْتُ لهما لِبْداً . ( و ) أَلبَدَ ( الفَرَسَ : شَدَّه )
____________________

(9/128)


عليه ، أَي وضعَه على ظَهْرِه ، كما في الأَساس ، ( و ) أَلْبَدَ ( القِرْبَةَ : جَعَلَهَا ) وصَيَّرَهَا ( في ) لَبيدٍ ، أَي ( جُوَالِقٍ ) ، وفي الصّحاح : في جُوالِقٍ صَغيرٍ ، قال الشاعر :
قُلْتُ ضَعِ الأَدْسَمَ فِي اللَّبِيدِ
قال : يريد بالأَدْسَمِ نِحْيَ سَمْنٍ ، واللَّبِيدُ لِبْدٌ يُخَاطُ عليه .
( و ) من المَجاز : أَلْبَدَ ( رَأْسَه : طَأْطَأَهُ عندَ الدخولِ ) بالبابِ ، يقال أَلْبِدْ رَأْسَكَ ، كما في الأَساس .
( و ) أَلبَدْت ( الشْيءَ بالشَّيْءِ : أَلْصَقْتُه ) كَلَبَدَهُ لَبْداً ، ومن هاذا اشتقاقُ اللُّبُودِ التي تُفْرَش ، كما في اللسان . ( و ) أَلبَدَت ( الإِبلُ : خَرَجَتْ ) ، أَي من الرَّبيع ( أَوْبَارُهَا ) وأَلوانُهَا وحَسُنَتْ شَارَتُهَا ( وتِيَّأَتْ للسِّمَنِ ) ، فكأَنها أُلْبِسَتْ مِن أَوْبَارِهَا أَلْبَاداً . وفي التهذيب : وللأَسد شَعَرٌ كثيرٌ قد يَلْبُد على زُبْرَتِه ، قال : وقد يكون مثلُ ذالك على سَنامِ البَعِير ، وأَنشد :
كَأَنَّه ذُو لِبَدٍ دَلَهْمَسُ
( و ) أَلْبَدَ ( بَصَرُ المخصَلِّي : لَزِمَ مَوْضِعَ السُّجُودِ ) ، ومنه حَديث قَتَادَةَ في تفسير قولِه تَعَالى : { الَّذِينَ هُمْ فِى صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ } ( سورة المؤمنون ، الآية : 2 ) قال : الخُشُوع في القَلْبِ وإِلْبَادِ البَصرِ في الصلاةِ أَي إِلزَامِه مَوْضِعَ السُّجودِ من الأَرض .
( واللُّبَّادَةُ ، كرُمَّانَةٍ ) : قَبَاءٌ من لُبُودٍ ، و ( ما يُلْبَسُ من اللُّبُودِ للمَطَرِ ) ، أَي للوِقَايَة منه .
( واللَّبِيدُ : الجُوَالِقُ ) ، وفي الصحاح وكتاب الأَفعال : الجُوالِقَ الصغير .
( و ) اللَّبِيدَة ( : المِخْلاَةُ ) ، اسمٌ ، عن كُراع .
( و ) لَبِيد ( بنُ رَبِيعَةَ بنِ مالِكٍ )
____________________

(9/129)


العَامرِيُّ ، ( و ) لبيد ( بنُ عُطَارِدِ بن حَاجِب ) بن زُرَارَةَ التَّمِيميُّ ، ( و ) لبيد ( بن أَزْنَمَ الغَطَفَانِيّ ، شُعَرَاءُ ) ، وفي الأَوَّل قولُ الإِمَام الشافعيّ :
وَلَوْلاَ الشِّعْرُ بالعُلَمَاءِ يُزْرِي
لَكُنْتُ اليَوْمَ أَشْعَرَ مِنْ لَبِيدِ
( و ) لبيد ( كزُبَيْرٍ وكَرِيمٍ : طائرٌ ) ، وعلى الأَوّل ، اقتصرَ ابنُ مَنْظور .
( وأَبو لُبَيْدِ بن عَبَدَةَ ) ، بضم اللام ، وفتح الباءِ في عَبَدَة ( شاعرٌ فارِسٌ ) .
وأَبو لَبِيدٍ كأَمِيرٍ ، هشامُ بن عبد الملك الطَّيَالِسيُّ مُحَدِّث .
( ولَبَدَ الصوفَ ، كضَرَبَ ) يَلْبِدُ لَبْداً ( : نَفَشَه وبَلَّه بماءٍ ثمَّ خَاطَه وجَعَلَه في رَأْسِ العَمَدِ ) ليكون ( وِقَايَةً لِلبِحادِ أَنْ يَخْرِقَهُ ، كلَبَّده ) تَلْبِيداً ، وكلُّ هاذا من اللزُوقِ .
( و ) من المَجاز : ( مالٌ لُبَدٌ ولاَ بِدٌ ولُبَّدٌ : كَثِيرٌ ) ، وفي بعض النُّسخ مال لُبَدٌ كصُرَدٍ ، ولا بِدٌ ، كثيرٌ . وفي الأَساس واللسان : مال لُبَدٌ : كَثِيرٌ لا يُخافُ فَنَاؤُ لِكَثْرَتِه ، كأَنَّه الْتَبَدَ بعضُه على بعضٍ . وفي التنزيل العَزِيز : { يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً } ( سورة البلد ، الآية : 6 ) أَي جَمًّا ، قال الفَرَّاءُ : اللُّبَدُ : الكَثِيرُ ، وقال بعضُهم : واحدَته لُبْدَةٌ ، ولُبَدٌ جِمَاعٌ ، قال : وجعلَه بعضُهم على جِهَة قُثَمٍ ، وحُطَمٍ ، واحِداً ، وهو في الوجهين جَمِيعاً : الكثيرُ . وقرأَ أَبو جَعْفَرٍ ( مَالاً لُبَّداً ) مُشدَّدَا ، فكأَنه أَرادَ مالاً لا بِداً ، ومالانِ لاَبِدَانِ ، وأَمْوَالٌ لُبَّدٌ ، والأَمْوَالُ والمالُ قد يَكُونانِ في مَعْنًى واحدٍ . وفي البصائر : وقرأَ الحسن ومُجَاهِد : لُبُداً ، بضمتين جَمْع لابدٍ . وقرأَ مُجَاهِدٌ أَيضاً بسكون الباءِ ، كَفَارِهٍ وفُرْهٍ وشارِفٍ وشُرْفٍ . وقرأَ زيدُ بن عَليّ وابنُ عُمَيْرٍ وعاصِمٌ : لِبَداً مِثال عَنِبٍ جَمْع لِبْدَة أَي مُجتَمِعاً .
( واللُّبَّدَي : القَوْمُ المُجْتَمِعُ ) كاللِّبْدَة ، بالكسر ، واللُّبْدَة ، بالضمّ ، كأَنهم بِجَمْعِم تَلَبَّدُوا ، ويقال :
____________________

(9/130)


النَّاسُ لُبَدٌ ، أَي مُجتمِعون ، وفي التنزيل العزيز : { وَأَنَّهُ لَّمَا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } ( سورة الجن ، الآية : 19 ) قال الأَزهريُّ : وقُرىء { لِبَداً } والمعنى أَنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلملمَّا صلَّى الصُّبْح بِبَطْنِ نَخْلَةَ كادَ الجنُّ لمَّا سَمِعُوا القرآنَ وتَعَجَّبُوا منه أَن يَسْقُطُوا عليه ، أَي كالجَرَادِ ، وفي حديث ابن عبّاسٍ { كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } أَي مُجْتَمِعِينَ بَعْضهم على بعضٍ ، واحدتها لِبْدَةٌ ، ومعنى لَبِدٍ : يَركبُ بعضُهم بعضاً .
وكلُّ شَيءٍ أَلْصَقْتَه بشيءٍ إلصاقاً شديداً فقد لَبَّدْته .
( والتَّلْبِيدُ : التَّرْقِيعُ ، كالإِلْبَادِ ) وكِسَاءٌ مُلَبَّدٌ ( وإِذا رُقِعَ الثَّوْبُ فهو مُلَبَّدٌ ) ومُلْبَدٌ . وَثَوْبٌ مَلْبُودٌ ، وقَدْ لَبَّدَه إِذا رَقَعَه ، وهو مما تَقَدَّم ، لأَن المُرَقَّع يَجتمعُ بعضُه إِلى بَعْضٍ ويَلْتَزِق بعضُه ببعضٍ ، وقيل المَلَبَّد الذي ثَهُنَ وَسَطُه وَصَفِقَ حتى صارَ يُشْبِه اللِّبْدَ .
( و ) في الصّحاح : التَّلْبِيدُ ( : أَنْ يَجْعَلَ المُحْرِمُ في رأْسِهِ شَيْئاً مِن صَمْغٍ لِيَتَلبَّدَ شَعرُهُ ) بُقْيَا عَلَيْه لئلا يَشعَثَ في الإِحرام ، ويَقْمَلَ ، إِبْقَاءً على الشَّعرِ ، وإِنما يُلَبِّد مَنْ يَطُولُ مُكْثُه في الإِحرام . وفي حَدِيث عُمَر رضي الله عنه أَنَّهُ قال ( مَنْ لَبَّدَ أَوْ عَقَصَ أَو ضَفعر فعلَيْه الحَلْقُ ) قال أَبو عبيد : قوله لَبَّدَ ، أَي جَعَلَ في رَأْسهِ شَيْئاً مِن صَمْغٍ أَو غَسَلٍ لِيَتَلَبَّدَ شَعرُه ولا يَقْمَلَ ، قال الأَزهريُّ : هاكذا قال يَحْيى بن سَعِيد ، قال : وقال غيرُه : إِنما التَّلْبِيدُ بُقْيَا علَى الشَّعر لئلا سَشْعَثَ في الإِحرام ، ولذالك أَوْجَبَ عليه الحَلْقَ كالعُقُوبَةِ له ، قال : قال ذلك سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ ، قيل : ومنه قيل لِزُبْرَةِ الأَسدِ لِبْدَةٌ ، وقد تَقدَّم .
( واللَّبُودُ ) ، كصَبورٍ ، وفي نسختنا بالتَّشْدِيد ( : القُرَادُ ) ، سُمِّيَ بذالك لأَنه يَلْبَدُ بالأَرض أَي يَلْصَق .
____________________

(9/131)



( والْتَبَدَ الوَرَقُ تَلَبَّدَتْ ) ، أَي ، تَلَبَّدَ بعضُه على بعضٍ . ( و ) التَبَدَت ( الشَّجَرَةُ : كَثُرَتْ أَوْرَاقُها ) ، قال الساجع :
وعَنْكَثَا مُلْتَبِدَا
( واللاَّبِدُ ، والمُلْبِد وأَبو لُبَد كصُرَدٍ وعِنَبٍ : الأَسَدُ ) .
( ) ومما يستدرك عليه :
( ما أَرَى اليَوْمَ خَيْراً مِن عِصَابَة مُلْبِدَةٍ ) يعني لَصِقُوا بالأَرْضِ وأَخْمَلُوا أَنْفُسَهُم ، وو من حديث أَبي بَرْزَةَ وهو مَجاز ، وفي الأَساس عِصَابَةٌ مُلْبِدَةٌ : لاصِقَةٌ بالأَرض من الفَقْرِ ، وفُلانٌ مُلْبِدٌ : مُدْقِعٌ وفي حديث أَبي بَكْرٍ ( أَنه كان يَحْلُب فيول أَأُلْبِدُ أَمْ أُرْغِي ؟ فإِن قالوا : أَلْبِدْ أَلْزَقَ العُلْبَةَ بالضَّرْعِ فَحلَبَ ولا يَكون لذالك الحَلَبِ رَغْوةٌ ، فإِن أَبَانَ العُلْبَةَ رَغَا الشَّخْبُ بِشِدَّة وُقُوعِه في العُلْبَةِ ) .
والمُلَبِّدُ من المَطَرِ : الرَّشُّ وقد لَبَّدَ الأَرْضَ تَلْبِيداً ، وتَلَبَّدت الأَرْضُ بالمطرِ . وفي الحديث ( في صِفَة الغَيْثِ ) ( فَلَبَّدَته الدِّمَاثَ ) أَي جَعَلَتْهَا قَوِيَّةً لا تَسوخ فيها الأَقدامُ ، والدِّمَاثُ : الارَضُونَ السَّهْلَةُ . وفي حديث أُمّ زَرْعٍ ( لَيْسَ بِلَبِدٍ فَيُتَوَقَّل ، ولا لَه عِنْديِ مُعَوَّل ) أَي لَيْس بِمُسْتَمْسِكِ مُتَلَبِّد فيُسْرَع المَشْيُ فِيه ويُعْتَلَى .
ولَبَّدَ النَّدَى الأَرْضَ . وفي صِفَة طَلْحِ الجَنَّة ( إِنّ الله تعالى يَجْعَل مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ مِنْهَا مِثْلَ خُصْوَة التَّيْس المَلْبُودِ ) أَي المُكْتَنِز اللَّحْم الذي لَزِمَ بَعْضُه بَعْضاً فتَلَبَّد .
وفي التهذيب في تَرجمة بلد : وقولُ الشاعِرِ أَنشَدَه ابنُ الأَعرابيّ :
وَمُبْلِدٍ بَيْنَ مَوْمَاةٍ ومَهْلكَةٍ
جَاوَزْتُه بِعَلاَةِ الخَلْقه عِلْيَانِ
قال : المُبْدِدُ : الحَوْضُ القَديم هُنا ،
____________________

(9/132)


قال : وأَراد مُلْبِد فقَلَب ، وهو اللاَّصِقُ بالأَرض .
وقال أَبو حَنيفة : إِبِلٌ لَبِدَةٌ ولَبَادَى : تَشَكَّى بُطُونَهَا عن القَتَادِ ( وقَدْ لَبِدَتْ لَبَداً ) وناقَةٌ لَبِدَةٌ .
ومن المجاز : أَثْبَت الله لِبْدَكَ ، وجَمَّل الله لِبْدَتكَ .
وفي المثل ( تَلَبَّدِي تَصَيَّدِي ) كقولهم ( مُخْرنْبِقٌ لِيَنْبَاعَ ومنه قيل : تَلَبَّدَ فُلانٌ : ( إِذَا رأَى و ) تَفَرَّسَ ، كما في الأَساس .
وفي الحديثِ ذِكْرُ ( لُبَيْدَاء ) ، وهي الأَرْضُ السابِعَةُ .
ولَبِيدٌ ولابِدٌ ولُبَيْدٌ أَسماءٌ .
واللِّبَدُ : بطونق من بني تَميمٍ ، وقال ابنُ الأَعْرَابيّ : اللِّبَدُ بنو الحارث بن كَعْب أَجمعونَ ما خَلاَ مِنْقَراً .
ومحمّد بن إِسحاق بن نَصْرٍ النَّيْسَابُورِيّ اللَّبّاد ، وأَبو عَليَ الحسن بن الحُسَيْنِ بن مَسعُود بن اللَّبَّاد المُؤَدّب البُخَارهيّ ، محدِّثَان .
وسِكَّة اللَّبَّادين مَحَلَّةٌ بِسَمَرْقَنَد ، منها القاضي محمد بن طاهر بن عبد الرحمن بن الحسن بن محمّد السّعيدءَ السَّمَرْقَنْدِيّ ، عن أَبي اليخسْرِ البَزْدَوَيّ وغيرِه . ولَبِيد بن عَلِيّ بن هَبَة بن جَعْفَر بن كِلاب : بَطْنٌ ، ومن وَلدِه فائدٌ وسَلاَّم ، وهم بمصر . ولَبِيد : بَطْن من حَرْبٍ ولهم شِرْذَمَةٌ بالصعيد ، ولَبِيد : بَطْنٌ مِن سُلَيْم ، منهم قُرَّة بن عِياضٍ .
ولَبِيدة : قَرْيَة بالقَيْرَوَانِ ، منها أَبو القاسم عبد الرحمان بن محمّد بن محمّد بن عبد الرحمان الحَضْرَمِيّ اللَّبِيدِيّ ، من فقهاءِ القَيْرَوَان .
( ) ومما يستدرك عليه :
لَبِيدَة : قَرْية من قُرَى تُونِس ، ويقال بالذّال المُعجمة أَيضاً ، فتُعاد هُنَاك ، انتهى .
واللُّبَدُ ، كَصُرَد : قَرْيَة من قُرَى نَابُلسَ .

____________________

(9/133)


لتد : ( لَتَدَه بِيَدِه يَلْتِدُه ) لَتْداً ، من حدِّ ضرَب ، أَهمله الجوهَرِيُّ ، وقال أَبو مالكٍ : ايي ( لَكَزه ) ، وفي اللسان والتكملةِ وأَفعالِ ابن القَطَّاع : وَكَزَه .
لثد : ( لَثَدَ القَصْعَةَ بالثَّرِيدِ يَلْثِدُهَا ) لَثْداً ، من حدِّ ضَرَب ، أَهمله الجوهريُّ وقال الأَزهريُّ إِذا ( جَمَعَ بَعْضَه على ) وفي بعض النّسخ إِلى ( بَعْضٍ وسَوَّاهُ ) مثل رَثَدَ ، ( و ) لَثَدَ ( المَتَاعَ ) يَلْثِدُه لَثْداً ، مثل ( رَثَدَهُ ) ، فهو لَثِيدٌ وَرَثِيدٌ ، ومثلُه في الأَفْعَال ، وقال رُؤبة :
وإِنْ رَأَيْتَ مَنْكِباً أَوْ عَضْدَا
مِنْهُنَّ تُرْمَى بِاللَّكِيكِ لَثْدَا
( واللِّثْدَةُ ، بالكسر : الجماعَةُ المُقيمونَ ) في مَحلِّهم و ( يَظْعَنُونَ ) واللِّلبْدَة ، كالرِّثْدَة ، وقد تقدَّم .
( ) ومما يستدرك عليه :
اللَّثِيدُ هو الرَّثِيد .
( ) ومما يستدرك عليه :
لجد : لجد الكلب الإِناءَ لَجْداً إِذا لحَسه ، أَهملَه الجماعةُ وأَورده في اللسان في تركيب لسد عن أَبي خالدٍ في كتاب الأَبواب .
لحد : ( اللَّحْدُ ) ، بالتفح ( ويُضَمُّ ) ويُحَرّك كذا في البصائر ( : الشَّقُّ ) الذي ( يَكونُ في عُرْضِ القَبْرِ ) مَوْضِع المَيتِ ، لأَنه قد أُمِيلَ عن وسَطِه إِلى جانِبهِ ، والضَّرِيحُ والضَّرِيحَةُ : ما كان في وَسَطِه ، وهو مَجاز ، كما حَقَّقه شَيْخُنا ، وظاهرُ كلامِ الزَّمَخْشَرِيّ أَنه فيه حَقِيقَةٌ ، ( كالمَلْحُودِ ) ، صِفَةٌ غالبةٌ ، قال :
حَتَّى أُغَيَّبَ في أَثْنَاءِ مَلْحُودِ
وقَبْرٌ مَلْحودٌ ومُلْحَدٌ . ( ج أَلْحَادٌ ولُحُودٌ ) .
____________________

(9/134)



( ولَحَدَ القَبْرَ ، كمنَع ) يَلْحَدُه لَحْداف ، ( وأَلْحَدَه ) ولَحَدَ لَه ( : عَمِلَ له لَحْداً ) ، وكذالك لَحَدَ المَيتَ يَلْحَدُه لَحْداً ، ( و ) قيل : لَحَد ( المَيتَ : دَفَنَه ) . وفي حديث دَفْنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ( أَلْحِدُوا لِي لَحْدَا ) وفي حديث دَفْنه أَيضاً ( فَايرْسَلُوا إِلى الَّلاحِدِ والضَارِح ) أَي الذي يَعْمَل اللَّحْد والضَّرِيح .

تابع كتاب ( و ) من المَجاز : لَحَدَ ( إِليه : مَالَ كالْتَحَدَ ) الْتِحَاداً . ( و ) قيل : لَحَدَ في الدِّين يَلْحَد ، و ( أَلْحَدَ : مَالَ وعَدَلَ ) وقيل لَحَدَ : مَالَ وجَارَ ، وقال ابنُ السِّكّيت : المُلْحِدُ ، العادِلُ عن الحَقِّ المُدْخِلُ فيه ما ليس فيه ، يقال : قد أَلْحَدَ في الدِّين ولَحَدَ ، أَي حَادَ عنه ، وقُرِىءَ { لّسَانُ الَّذِى يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ } ( سورة النحل ، الآية : 103 ) والْتَحَد مِثْلُه ، ( و ) رُوِيَ عن الأَحْمَرِ : لَحَدْتُ : جُرْتُ ومِلْتُ . وأَلْحَدْتُ : مَا رَيْتُ وجَادَلْتُ . وأَلْحَدَ ( : مَارعى وجَادَلَ ، و ) قوله تعالى : { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ } ( سورة الحج ، الآية : 25 ) والباءُ زائدة ، أَي إِلحاداً بِظُلْمٍ ، وقد أَلْحَد ( في الحَرَمِ : تَرَكَ القَصْدَ فيما أُمِرَ به ) ومالَ إِلى الظُّلْمِ ، وأَنْشَد :
لَمَّا رَأَى المُلْحِدُ حِينَ أَلْحَمَا
صَوَاعِقَ الحَجَّاجِ يَمْطُرْنَ الدَّمَا
كذا في التهذيب ، وهو مَجازٌ ، ( أَو ) أَلْحَدَ في الحَرَم ( : أَشْرَكَ بالله ) تعالى ، هاكذا في سائِر النُّسخ التي بأَيدينا ، ونقَلَه المصنِّف في البصائرِ عن الزَّجَّاج ، والذي في أُمَّهات اللغةِ : وقيل : الإِلْحَادُ فيه : الشَّكُّ في الله ، قاله الزَّجَّاجُ ، هاكذا نقلَه في اللسان ، فلْيُنْظَر ، ( أَو ) أَلْحَدَ في الحَرَمِ ( : ظَلَمَ ) ، وهو أَيضاً قولُ الزَّجَّاج ( أَو ) أَلْحَدَ في الحَرَمِ ( : احْتَكَرَ الطَّعَامَ ) فيه ، وهو مأْخُوذ من الحَدِيث عن عُمَر رضي الله عنه ( احْتِكَارُ الطَّعَامِ في الحَرَمِ إِلحَادٌ فِيه ) . وفَسَّرُوه وقالوا : أَي ظُلْمٌ وعُدْوَانٌ . وأَصْلُ الإِلحادِ المَيْلُ والعُدُولُ عن
____________________

(9/135)


الشيْءِ . قلْت : ولا يَخْفَى أَنه رَاجِعٌ إِلى معنَى الظُّلْمِ ، فلا يكون وَجهاً مُسْتَقِلاًّ وبَقيَ عليه من معنَى الإِلْحَاد في الحَرَمِ الاعْتِرَاضُ ، قاله الفَرَّاءُ .
( و ) ألحَدَ ( بِزَيْدٍ : أَزْرَى به ) ، وفي التكملة : أَلْحَدْتُ الرجُلَ : أُزْرَيْتُ بن ، وفي اللسان : أَلْحَدَ بِزَيْدٍ : أَزْرَى بِحِلْمِه ، كأَلْهَدَ . ( و ) أَلْحَدَ به ( : قَال عليهِ بَاطِلاً ) ، وهو من ذالك .
( وقَبْرٌ لاحِدٌ ومَلْحُودٌ ) ، أَي ( ذو لَحْدٍ ) . أَنشد لذي الرُّمة :
إِذَا اسْتَوْحَشَتْ آذَانُها اسْتَأْنَسَتْ لَهَا
أَنَاسِيُّ مَلْحُودٍ لَهَا فِي الَوَاجِبِ
شَبَّه إِنسانَ العَيْنه تَحْتَ الحاجِب باللَّحْدِ ، وذالك حين غَارَتْ عُيُونُ الإِبِلِ مِن تَعَبِ السَّيْرِ .
( وَرَكِيَّةٌ لَحُودٌ ) ، كصَبور ( : زَوْرَاءُ ) ، أَي ( مُخَالِفَةٌ عن القَصْدِ ) مائِلَةٌ عنه ، وقال ابن سيده : اللَّحُودُ من الآبارِ ، كالدَّحُولِ أُرَاه مَقْلُوباً . قلت : فهو يَدُلّ أَنَّ اللّحُودِ بِصيغَةِ الجَمْعِ .
( واللُّحَادَةُ ) ، بالضمّ : ( اللُّحَاتَةُ ) بالتاءِ ( والمُزْعَةُ من اللحْمِ ) ، يقال : ما على وَجْهِ فُلانٍ لُحَادَةُ لَمٍ ولا مُزْعَةُ لَحْم ، أَي ما عليه شيْءٌ مِن اللَّحْمِ لِهُزَالِه . وفي الحديث ( حَتَّى يَلْقَى الله وما عَلَى وَجْهِه لُحَادَةٌ مِنْ لَحْمٍ ) أَي قِطْعَةٌ . قال الزمخشريُّ : وما أُراهَا إِلاَّ لُحَاتَةً ، بالتاءِ ، مِن اللَّحْتِ ، وهو أَن لا بَدَعَ شيئاً عند الإِنسان إِلاَّ أَخَذَه ، وقال ابنُ الأَثير : وإِن صَحَّت الرّوايَة بالدَّال فتكون مُبْدَلَة من التاءِ . كدَوْلَجٍ في تَوْلَجٍ .
( ولاَحَدَ ) فُلانٌ ( فُلاناً : اعْوَجَّ كُلٌّ منهما على صَاحِبِهِ ) ومَالاَ عن القَصْدِ .
( والمُلْتَحَدُ : المُلْتَجَأُ ) ، وفي بعض النُّسخ المَلْجَأُ ، أَي لأَن اللاجىءَ ، يَميل إِليه ، قال الفَرصاءُ في قَلأحله : { وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } إِلاَّ بَلاَغاً
____________________

(9/136)


مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ ( سورة الجن ، الآيتان : 22 و 23 ) أَي مَلْجَأً ولا سَرَباً أَلْجَأُ إليه .
لدد : ( *!اللَّدِيدَانِ ) : جانِبَا الوادِي . و ( صَفْحَتَا العُنُقِ دُونَ الأُذُنَيْنِ ) ، وقيل مَضِيغَتاهُ وعُرْشَاهُ قال رؤبة :
عَلَى *!-لَدِيدَيْ مُصْمَئلَ صِلْخَادْ
*!ولَدِيدَا الذَّكَرِ : نَاحِيَتَاه ، ( و ) قيل : هما ( جانِبَا كُلِّ شَيْءٍ ، ج *!أَلِدَّةٌ ) ، وعن أَبي عَمْرٍ و : *!اللَّدِيدُ : ظاهِرُ الرَّقَبة ، وأَنشد :
كلُّ حُسَامٍ عَلَمُ التَّهْبِيدِ
يَقْضِبُ بِالهَزِّ وبالتَّحْرِيدِ
سَالِفَةَ الهَامَةِ *!واللَّدِيدِ
( و ) من المَجاز : (*! تَلَدَّدَ ) فُلانٌ ، إِذا ( تَلفَّتَ يَميناً وشِمالاً وتَحَيَّر مُتَبَلِّداً ) مأْخوذٌ من *!-لَدِيدَيِ الوَادِي أَي جانِبَيْهِ ، وفي حديث عُثْمَانَ *!فَتَلدَّدْتُ *!تَلَدُّدَ المُضْطَرِّ ) ، أَي تَحَيَّرْتُ .
( و ) *!تَلدَّدَ الرجُلُ ( : تَلَبَّثَ ) ، وفي الحديث حين صُدَّ عن البَيْتِ : ( أَمَرْتُ النَّاسَ فإِذَا هُمْ *!يَتَلَدَّدُونَ ) ، أَي يَتَلَبَّثُون .
( و ) مِن المَجازِ : يقال : ضَرَبَه على *!مُتَلَدَّدِه . ( *!المُتَلَدَّدُ ، بفتح الدالِ : العُنُقُ ) قال الشاعرِ يَصهفُ ناقَةً :
بَعِيدَةُ بَيْنِ العَجْبِ *!والمُتَلَدَّدِ
أَي أَنَّها بَعِيدةُ ما بين الذَّنَبِ والعُنُقِ .
( و ) قولهم : ( مَالَه عنه ) مُحْتَدُّ ، ولا ( *!مُلْتَدٌّ ، أَي بُدٌّ ) .
( *!واللَّدُودُ ، كصَبُورٍ ) اسم ( مَا يُصَبُّ بالمُسْعُطِ مِن ) السَّقْيِ و ( الدَّاوَءِ ، في أَحَدِ شِقَّيَ الفَمِ ، *!كاللَّدِيدِ ، ج *!أَلِدَّةٌ ) ، وفي الحديث أَنه قال ( خَيْرُ ما تَدَاوَيْتُمْ
____________________

(9/137)


به *!اللَّدُودُ والحِجَامَةُ والمَشِيُّ ) ويقال : أُخِذ اللَّدُودُ مِن لَدِيدَيِ الوَادِي . ( وقد *!لَدَّه ) يَلُدُّه ( *!لَدًّا ) ، بالفتح ، ( *!ولُدُوداً ) بالضمّ عن كُراع ، إِذا سَقَاه كذالك ، وقال الفَرَّاءُ : *!اللَّدُ . أَن يُؤْخَذَ بِلِسانِ الصِيّ فَيُمَدَّ إِلى إِحْفَى شَقَّيْه يُوجَر في الآخَرِ الدَّوَاءُ في الصَّدَف بين اللسانِ وبين الشِّدْقِ . ( *!ولَدَّه إِيَّاه *!وأَلَدَّه ) *!إِلداداً ، ( و ) قد ( *!لُدَّ ) الرجُلُ ( فهو مَلْدُودٌ ) ، وفي الحديث ( أَنّه *!لُدَّ في مَرَضِه فلَمَّا أَفاقَ قالَ : لاَ يَبْقَى في البيتِ أَحَدٌ إِلاَّ لُدَّ ) فَعَلَ ذالك عُقوبةً لهم لأَنهم لَدُّوه بغير إِذْنِه . وفي المثل ( جَرَى مِنْه مَجرَى *!اللَّدُودِ ) قال :
*!لَدَدْتُهُمْ النَّصِيحَةَ كُلَّ *!لَدٍّ
فَمَجُّوا النُّصْحَ ثُمَّ ثَنَوْا فَقَاءُوا
استعمله في الأَعْرَاضِ ، وإِنما هو في الأَجْسَام ، كالدَّوَاءِ والماءِ .
( و ) *!اللَّدُود ( : وَجَعَ يَأْخُذُ في الفَمِ والحَلْقِ ) ، فيُجْعَل عليه دَوَاءٌ ويُوضع على الجَبْهَة مِنْ دَمِهِ .
( *!ولَدَّه ) *!يَلُدُّهُ *!لَدًّا ( : خَصَمَهُ ، فهو *!لادٌّ *!ولَدُودٌ ) ، قال الراجِز :
*!أَلُدُّ أَقْرَانع الخُصُومِ *!اللُّدِّ
وقد *!لَدَدْت يا هاذا *!تَلُدُّ *!لَدَداً . *!ولَدَدْتُ فُلاناً *!أَلُدُّه إِذا جادَلْتَه فغَلَبْتَه .
( و ) *!لَدَّه عن الأَمْرِ *!لَدًّا ( : حَبَسَه ) ، هُذَلِيّة .
( *!والأَلَدُّ : الطَّوِيلُ الأَخْدَعِ من الإِبلِ ) .
( و ) في التنزيل العَزِيز : { وَهُوَ *!أَلَدُّ الْخِصَامِ } ( سورة البقرة ، الآية : 204 ) *!الأَلَدُّ ( الخَصْمُ ) الجَدِلُ ( الشَّحِيحُ الذي لا يَزيغُ إِلى الحَقِّ ) ، وقال أَبو إِسحاق : مَعْنَى الخَصمِ الأَلَدِّ في اللغة : الشَّدِيد الخُصُومَةَ الجَدِل ، واشتقاقُه من لَدِيدَيِ العُنُق ، وهما صَفْحَتَاه ، وتأْويله أَن خَصْمَه أَيَّ وَجْهٍ أَخَذَ مِنْ وُجُوهِ الخُصُومَةِ غَلَبَه في
____________________

(9/138)


ذالك ، يقال : رجُلٌ أَلَدُّ بَيِّنُ *!الَّلدَدِ ، شَدِيدُ الخُصُومة ، ( *!كالأَلَنْدَدِ *!واليَلَنْدَدِ ) أَي الشَّدِيد الخُصُومة ، قال الطِّرِمَّاح يَصِفُ الحِرْبَاءَ :
يُضْحِي عَلَى سُوقِ الجُذُولِ كَأَنَّهُ
خَصْمٌ أَبَرَّ عَلَى الخُصُومِ *!يَلَنْدَدُ
قال ابنُ جِنّى : هَمْزَة *!أَلَنْدَد وياءُ يَلَنْدَد كِلْتاهما للإِلْحَاقِ ، فإِن قلتَ : فإِذا كان الزائد إِذا وقعَ أَوَّلاً لم يكن للإِلحاق ، فكيف أَلْحَقُوا الهمزةَ والياءَ في *!أَلَنْدَد *!ويَلَنْدَد ، والدليلُ على صِحَّةِ الإِلْحاقِ ظُهورُ التِّضعيفِ ؛ قيل : إِنهم لا يُلْحِقون بالزائد من أَوَّلِ الكلمة إِلاَّ أَن يكون معه زائدٌ آخَرُ ، فلذالك جاز الإِلحاقُ بالهَمْزَةِ والياءِ في *!أَلَنْدَد *!ويَلَنْدد لما انْضَمّ إِلى الهمزةِ والياءِ من النون . وتصغِير أَلَنْدَدٍ *!أُلَيْدٌ ، لأَن أَصلَه أَلد فَزَادُوا فيه النونَ لِيُلْحِقُوه ببناءِ سَفَرْجَلٍ ، فلما ذَهبت النونُ عَاد إِلى أَصلِه .
( *!ولَدَدْتُ ) يا رجل ( *!لَدًّا ) هاكذا في النُّسخ ، وفي اللسان وكتاب الأَفعال لَدَداً ( : صِرْتَ *!أَلَدَّ ) ، قال ابنُ القَطَّاع : هو العَسِرُ الخُصُومَةِ الشَّدِيدُ الحَرْبِ . واللَّدَدُ : الخُصومة الشديدةُ ، ومنه حديث عَلِيَ كرَّم الله وَجْهَه ( رَأَيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلمفي النَّوم فقلت : يا رسولَ الله ، ماذَا لَقِيتُ بَعْدَك مِن الأَوَدِ *!واللَّدَدِ ) . ( ج *!لُدٌّ *!ولِدَادٌ ) الأَول بالضمّ ، والثاني بالكسر ، ومن الأَول قوله تعالى : { وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً *!لُّدّاً } ( سورة مريم ، الآية : 97 ) قيل معناه خُصَمَاءُ عُوجٌ عن الحَقِّ وقيل : صُمٌّ عنه ، وقال مَهْدِيّ بن مَيمونٍ : قلت للحسن : قوله { وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً } قال : صُمًّا . ومن الثاني قولُ عُمَر رضي الله عنه لأُمِّ سَلَمَة : ( فأَنَا مِنْهُم بين أَلْسِنَةٍ *!لِدَادٍ وقُلُوبٍ شِدَادٍ وسُيُوفٍ حِدَادٍ ) .
( *!واللَّدِيدُ : ماءٌ لبني أَسَد ) بن خُزَيْمَةَ بن مُدْركَة بن الياس بن مُضر .
____________________

(9/139)



( و ) *!اللَّدِيدَةُ ( بهاءٍ : الرَّوْضَةُ ) الخَضراءُ ( الزَّهْرَاءُ ) ، عن ابن الأَعرابيّ .
( *!والمِلَدُّ ، بالكسر : اسم ) رجل ، ( و ) اسم ( سَيْف عَمْرِو بنِ عَبْدِوُدَ ) القرشيّ .
( *!واللَّدُّ ) ، بالفتح : ( الجُوَالِقُ ) كاللَّبِيدِ ، وقد تقدَّم ، قال الراجز :
كَأَنَّ لَدَّيْهِ عَلَى صَفْح جَبَلْ
( *!ولُدُّ ، بالضَّمّ ) ، والمشهور على أَلْسِنَةِ أَهلها الكسر : مَوْضِعٌ بالشَّامِ . وفي التهذيب : اسمُ رَمحلَة بالشامِ ، وقيل ( ة ، بِفِلَسْطِينَ ) بالقُرْبِ من الرَّمْلَةِ ، وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ :
فَبِتُّ كَأَنَّتِي أُسْقَى شَمُولاً
تَكُرُّ غَرِيبَةً مِنْ خَمْرِ *!لُدِّ
وفي الحديث ( ( يَقْتُلُ عِيسَى عليه السَّلامُ الدَّجَّالَ عِنْدَ بَابِهَا ) ) ، وهو الذي جَزَمَ به أَقْوَامٌ كثيرُونَ مِمّن أَلَّفَ في أَحوالِ الآخِرَة وشُرُوطِ الساعةِ ، وادَّعى قومٌ أَن الواردَ في بعضِ الأَحادِيث أَنه يَقْتُله عند مُحَاصَرَتِه المَهْدهيَّ في القُدْسِ ، واعتمده القارِي في النَّاموس . كذا قاله شيخُنَا . قلت : ويقال فيها أَيضاً *!اللدّ ، أَي باللام قال جَميلٌ :
تَذَكَّرْتُ مَنْ أَضْحَتْ قُرَى *!اللُّدِّ دُونَه
وهَضْبٌ لَتِيْمَا والهِضَابُ وُعُورُ
وقد نُسِبَ إِليها أَبو يَعقُوبَ إِسحاق ابنُ سَيَّارٍ ، مُحَدِّث .
( و ) عن ابنِ الأَعْرَابيّ : يقال : ( *!لَدَّدَ بِه ) و ( نَدَّدَ ) به ، إِذا سَمَّعَ به .
( *!والْتَدَّ ) هو *!الْتِدَاداً ( : ابْتَلَعَ *!اللَّدُودَ ) ، قال ابنُ أَحْمر :
شَرِبْتُ الشُّكَاعَى *!وَالْتَدَدْتُ *!أَلِدَّةً
وَأَقْبَلْتُ أَفْوَاهَ العُرُوقِ المَكَاوِيَا
( و ) *!الْتَدَّ ( عنه : زَاغَ ) ومال .
( ) ومما يستدرك عليه :
*!أَلدَدْتُه : صَادَفْتُه *!أَلَدَّ .
*!وأَلْدَدْتُ به : عَسُرْتُ عليه في الخُصُومِة .
____________________

(9/140)



وتَصْغِير *!اللُّدِّ جَمْعُ *!أَلَدَّ *!أُلَيْدُّونَ عن الصاغانيّ .
*!والمُلاَدَّة : الخُصومةُ .
ويقال : ما زِلْت *!أُلاَدُّ عَنْك ، أَي أُدافِع .
*!وأَلْدَدْتُ به : مَطَلْتُه ، كذا في الأَفْعال لابن القّطاع .
وفي الأَساس : هو شَدِيدٌ *!لَدِيدٌ .
وبنو *!اللَّدِيد ، كأَمِيرٍ : بُطَيْنٌ من العرب .
( ) واستدرك شيخنا هنا :
لزورد : اللاَّزَوَرْد : الحجر المَعْرُوف ، وذَكَرَ خَوَاصَّه .
لسد : ( لَسِدَ الطَّلَي أُمَّه كفَرِحَ ) لَسَداً . بالتَّحْريك : رَضِعها ، حكاه أَبو خالدٍ في كِتَابِ الأَبواب ، مثل لَجِذَ الكلبُ الإِناءَ لَجَذاً كذا في اللسان ، والذي في كتاب الأَفعال لابن القطاع لَسِدَ ، أَي بالكسر لَسَداً ، في الطَّلَى ، إِذا رَضِع ، انتهى . ( و ) المشهور فيه لَسَدَهَا يَلْسِدُهَا من حَدْ ( ضَرَبَ ) ، صَرَّح به غيرُ واحدٍ من الأَئمّة ، فكان ينبغِي تَقديمُها ، لكونِهَا الفُصْحَى . وقيل : لَسَدَها ( رَضِعَ ما في ضَرْعِها كُلَّه ) ، وعبارة الأَفعال : رَضِعَ جَميعَ لَبنِهَا ( و ) لَسَدَ الكَلْبُ ( الإِنَاءَ : لَحِسَه ) ، وقال ابن القَطَّاع ، ولَسَدَ الإِنسانُ : لَحِسَ ما في الإِناءِ ولَسَدْت العَسَلَ : لَعِقْتُه وكُلُّ لَحْسٍ لَسْدٌ ولَسَدَت الوَحْشِيَّةُ وَلَدَها : لَعِقَتْه ( وفَصِيلٌ مِلْسَدٌ ، كمنْبَرٍ : كَثيرُ اللَّسدِ ) ، بفتح فسكون ، وبالتحريك أَيضاً ، أَي الرَّضْعِ ، وأَنشد النِّضْرُ :
لاَ تَجْزَعَنَّ عَلَى عُلاَلَةِ بَكْرَةٍ
بِسْطٍ يُعَارِضُها فَصِيلٌ مِلْسَدُ
والمِلْسَدُ : الذي يَرْضَعُ من الفُصْلانِ كذا في اللسان .

____________________

(9/141)


لغد : ( اللُّغْدُ واللُّغْدُودُ ، بضمّهما ، واللِّغْدِيد ) ، بالكسر ( : لَحْمَةٌ في الحَلْقِ ) ، أَ التي بين الحَنَكِ وصَفْحَةِ العُنُق ، ( أَو ) هي ( كالزَّوَائِدِ من اللَّحْم ) تَكون ( في باطِنه الأُذُنِ ) مِن داخلٍ ، وفي بعض الأُمهات : الأُذُنَيْنِ ، ( أَو ) هي ( ما أَطَافَ بِأَقْصَى الفَمِ إِلى الحَلْقِ من اللَّحْمِ ) ، أَو هي ( في ) موضع النَّكَفَتَيْنِ عند أَصْلِ العُنق ، ( ج ) أَي جمع اللُّغْدِ ( أَلْغَادٌ ) كقُفْلٍ وأَقْفَالٍ ، ( و ) جمع اللّغدُودِ واللِّغْدِيد ( لَغَادِيدُ ) ، وقيل : الأَلْغَادُ واللَّغَادِيدُ : أُصولُ اللَّحْيَيْنِ ، وقال الشاعر :
أَيْهاً إِلَيْكَ ابنَ مِرْدَاسٍ بِقَافِيَةٍ
شَنْعَاءَ قَدْ سَكَنَتْ مِنْهُ اللَّغَادِيدا
وقال آخرُ :
وإِنْ أَبَيْتَ فإِنِّي واضِعَ قَدَمِي
عَلَى مَرَاغِمِ نَفَّاخِ اللَّغَادِيدِ
قال أَبو عُبَيْد : الأَلْغَادُ : لَحْمَاتٌ تكون عند اللَّهَواتِ ، واحدها لُغْدٌ ، وهي اللَّغَانِينُ ، واحدها لُغْنُون . وفي الأَساس : عِلْجٌ ضَخْمُ اللَّغادِيدِ والأَلْغَادِ ، وتقول : هو من الأَوْغَاد ، ضَخْمُ الأَلْغَاد . وتقولُ : سَبَّني حتى أَحْمَى لُغْدَه ، إِذا احْمَرَّ غَضَباً .
قلت : وأَنشَدَنا شيخُنَا :
أَتَزْعُمُ يَا ضَخْمع اللَّغَادِيدِ أَنَّنَا
ونَحْنُ أُسودُ الحَرْبِ لا نَعْرِفخ الحَرْبَا
( أَو اللُّغْدُ ) ، بالضمّ ( : مُنْتَهَى شَحْمَةِ الأُذُنِ من أَسْفَلِها ) وهي النَّكَفَةٌ ، قاله أَبو زيد . قال : واللَّغانِينُ : لَحْمٌ بين النَّكَفَتَيْنِ واللِّسَانِ من باطنٍ ، ويقال لها مِن ظاهِرٍ : لَغَادِيد .
( ولَغَدَ الإِبِلَ ) العَوَانِدَ ( ، كَمَنَعَ : رَدَّها إِلى القَصْدِ والطَّرِيقِ ) . وفي التهذيب : اللَّغْدُ : أَن تُقِيمَ الإِبلَ علَى الطرِيقِ ، يقال : قد لَغَدَ الإِبلَ ، وجَادَ ما يَلْغَدُهَا منْذُ الليلِ ، أَي يُقِيمُها للقَصْدِ ، قال الراجز :
____________________

(9/142)



هَلْ يُورِدَنَّ القَوْمَ ماءً بَارِدَا
باقِي النَّسِيمِ يَلْغَدُ اللَّوَغِدَا
( و ) من المجاز : لَغَدَ ( أُذنَه ) ، إِذا ( مَدَّهَا لِتَستقيم ) ، عن الصاغانيّ . ( و ) لَغَدَ ( فُلاناً عن حاجَتِهِ : حَبَسَه ) ، نقلَه الصاغانيُّ ، ( و ) اءَ مُتَلَغِّداً ، ( المُتَلَغِّدُ ، المُتَغَيِّظُ ) المُتَغَضِّب الحَنِق .
( ولاَغَدَه والْتَغَدَه : أَخَذَ على يَدِه دُونَ ما يرِيده ) ، نقله الصاغانيّ .
( ولُغْدَةُ ) بن عبدِ الله ، ( بالضمّ ) ويقال لُكْدَةُ ، بالكاف بدل الغين ( : أَدِيبٌ نَحْوِيٌّ أَصْبَهَانِيٌّ ) ، أَخذ عن مشايخِ أَبي حَنيفةَ الدِّينَوَرِيّ ، وتَصَدَّر بمِصْر ، وأَفَادَ ، وله كتابُ نَقْضِ عِلَلِ النَّحْو والردّ على الشعراءِ ، كذا في البُلْغَة في تراجم أَئمّة النحْوِ واللُّغَة ، للمصنّف .
( ) ومما يستدرك عليه :
لَغَدهَ لَغْداً : أَصَابَ لُغْدُودَه ، عن ابنِ القَطَّاع .
( ) ومما يستدرك عليه :
لقد : لَقَدْ ، قال الفَرّاءُ : ظنَّ بعضُ العرب أَنّ اللام في لَقَدْ أَصلِيَّةٌ ، فأَدْخَل عليها لاَماً أُخْرَى فقال :
لَلَقَدْ كَانُوا عَلَى أَزْمَانِنَا
لِلصَّنِيعَيْنِ لِبَاسٍ وَتُقَى
قال الصاغانيّ : وهو مما صَحَّفَه النحويّونَ ، والرواية : فَلَقَدْ .
لكد : ( لَكِدَ عليه الوَسَخُ كفَرِحَ : لَزِمَه ولَصِقَ به ) ، قاله الأَصمعيّ ، وقال غيرُه : لَكِدَ الشيءُ بِفِيه لَكَداً إِذا أَكلَ شَيْئاً لَزِجاً فَلَزِقَ بفيه مِن جَوْهَرِه أَو لَوْنِه ، وفي حديث عطاءٍ ( إِذا كان حَوْلَ الجُرْحِ قَيْحٌ وَلَكِدَ فأَتْبِعْهُ بِصُوفَةٍ فيها ماءٌ فاغْسِلْه ) . يقا لَكِدَ الدَّمُ بالجِلْدِ ، إِذا لَصِقَ .
( و ) لَكَدَه لَكْداً ، ( كَنَصَرَهُ : ضَرَبَهُ بيدِه أَو دَفَعَه ) ، والعَامَّة تقولُ : لَكَدَه ، بِرجْلِه .
____________________

(9/143)



( و ) المِلْكَدُ ، ( كمِنْبَرٍ : شِبْهُ مِدَقَ يُدَقُّ به ) .
( والأَلْكَدُ : اللَّئيمُ المُلْصَقُ بِقَوْمِهِ ) . وفي اللسان : بالقَوْم ، وأَنْشَ الليث :
يُنَاسِبُ أَقْوَاماً لِيُحْسَبَ فِيهمُ
ويَتْرُكُ أَصْلاً كانَ مِنْ جِذْمِ أَلْكَدَا
( و ) لَكَّادٌ ، ( كَكَتَّان : اسْم ) رجل ، ( و ) رَجُلٌ لَكِدٌ : نَكِدٌ ، ( كَكَتِفٍ ) وهو ( اللَّحِزُ ) العَسِيرُ ، قال صَخْرُ الغَيِّ :
والله لَوْ أَسْمَعَتْ مَقَالَتَها
شَيْخاً مِنَ الزُّبِّ رَأْسُهُ لَبِدُ
لَفَاتَحَ البَيْعَ يَوْمَ رُؤيَتِها
وكَانَ قَبْلُ انْبِيَاعُه لَكِدُ
( والمَلاَكِدُ : مَنْ إِذا مَشَى في القَيْدِ نازَعَه القَيْدُ ) خُطَاه ، ( فهو يُعَالِجُه ) ، ويقال : إِن فُلاَناً يُلاَكِد الغُلَّ لَيْلَتَه ، أَي يُعَالِجُه ، قال أُسَامَةُ الهُذَلِيَّ يَصِفُ رَامِياً :
فَمَدَّ ذِرَاعَيْهِ وَأَجْنَأَ صُلْبَهُ
وفَرَّجَهَا عَطْفَى مَرِيرٌ مُلاَكِدُ
( و ) مُلاَكِدٌ ( اسْم ) رجل .
( و ) عن الأَصمعيّ . ( تَلَكَّدَه ) تَلَكُّداً ( : اعْتَنَقَه ) .
( و ) تَلَكَّدَ ( فُلانٌ : غَلُظَ لَحْمُه ) واكْتَنَزَ .
( و ) تَلَكَّدَ ( الشَّيْءُ : لَزِمَ بَعْضُه بَعْضاً ) .
( ) ومما يستدرك عليه :
الْتَكَدَهُ : لَزِمَه فلم يُفَارِقْه . وعُوتِبَ رَجُلٌ من طيِّىءٍ في امرأَته فقال : إِذا الْتَكَدَتْ بِمَا يَسُرُّنِي لَمْ أُبَالٍ أَنْ أَلْتَكِدَ بما يَسُوءُهَا ، حكاه ابنُ سيدَه عن ابنِ الأَعرابيّ .
وَرَأَيْتُ فُلاناً مُلاَكِداً ، أَي مُلازماً .
ولَكِدَ شَعَرُه ، إِذا تَلَبَّدَ .
____________________

(9/144)



ولُكدَة ، بالضمّ : اسم رجُلٍ ، وهو الذي تقدَّم في لغد .
لمد : ( اللُّمْدُ ) ، أَهملَه الليثُ والجوْهَرِيّ وروَى أَبو عَمْرو : اللَّمْدُ ( : التَّوَاضُعه بالذُّلِّ ، و ) من ذالك ( اللَّمْدَانُ ) كسَحْبَان ( : الذَّلِيلُ ) الخاضعُ يقال : ما حَمْدَانُ إِلا لَمْدَانُ .
( ولَمَدَهَ : لَدَمَهُ ) ، يَعني ضَرَبه ، كأَنه مَقلوب منه .
( ) ومما يستدرك عليه :
الأَلْمَدُ : الذَّلِيلُ .
لود : ( *!الأَلْوَدُ ) ، أَهمله الجَوْهَرِيّ ، وقال الليث : هو من ارجال ( : مَنْ لا يَمِيلُ إِلى عَدْلٍ ولا يَنْقَادُ لأَمْرٍ ) ولا إِلى حَقّ ، ( وقد *!لَوِدَ ، كفَرِحَ ) *!يَلْوَد *!لَوَداً ، ( ج ) *!أَلْوَادٌ ، قال الأَزهَرِيُّ : هاذه كلمة نادرةٌ ، وقال رؤبة :
أَسْكَتَ أَجْرَاسَ القُرُومِ *!الأَلْوَادْ
الضيْغَمِيَّاتِ العِظَامِ الأَلْدَادْ
( و ) قال أَبو عَمرو : *!الأَلْوَد ( : الشَّدِيدُ ) الذي ( لا يُعْطِي طَاعَتَه ) ، وقَوْمٌ *!أَلْوَاد ، وأَنشد :
أَغْلَبَ غَلاَّباً *!أَلَدَّ أَلْوَدَا

تابع كتاب ( و ) *!الأَلْوَدُ ( : العُنُق الغَلِيظُ ) ، يقال : عُنُق أَلْوَدُ .
( ) ومما يستدرك عليه :
*!لَوِدَ *!لَوَداً : لم يَتَفَقَّدِ الأَمْرَ ، فهو *!أَلْوَدُ . والجَمْع *!أَلْوَادٌ ، على غيرِ قِياسٍ ، نقله ابنُ القَطَّاع .
لهد : ( لَهَدَه الحَمْلُ ، كمنَعَه ) يَلْهَدُه لَهْداً فهو مَلْهُود ولَهِيدٌ ( : أَثْقَلَه ) وضَغَطَه .
والبَعِيرُ اللَّهِيدُ : الذي أَصابَ جَنْبَه ضَغْطَةٌ مِنْ حِمْلٍ ثَقِيلٍ فَأَوْرَثَه داءً أَفْسَد عَليه رِئَتَه ، فهو مَلْهُودٌ ، قال الكُمَيْتُ :
نُطْعِمُ الجَيْأَلَ اللَّهِيدَ مِنَ الكُو
مِ وَلَمْ نَدْعُ مَنْ يُشِيطُ الجَزْورَا
وإِذا لُهِدَ البَعِيرُ أُخْلِيَ ذالك الموضعُ
____________________

(9/145)


مِنْ بِدَادَيِ القَتَب كَيْلاَ يَضْغَطَه الحِمْلُ فيَزْدَاد فَساداً ، وإِذا لم يُخْلَ عنه تَفَتَّحَت اللَّهْدَةُ فصارَتْ دَبَرَةً .
( و ) لَهَدَ ( دَابَّتَه : جَهَدَهَا وأَحْرَثَهَا ) فهي لَهِيدٌ ، قال جَرِير :
ولَقَدْ تَرَكْتُكَ يَا فَرَزْدَقُ خَاسِئاً
لَمَّا كَبَوْتَ لَدَى الرِّهَانِ لَهِيدَا
أَي حَسِيراً .
( و ) لَهَد ( الشيْءَ : أَكَلَه أَو لَحِسَه ) ، وعبارة اللّحيانِيّ في النوادِر : ولَهَدَ مَا في الإِناءِ يَلْهَدُه لَهْداً : لَحِسَه وأَكله ، قال عَدِيّ :
وَيَلْهَدْنَ مَا أَعْنَى الوَلِيُّ فَلَمْ يَلِتْ
كَأَنَّ بِحَافَاتِ النِّهَاءِ المَزَارِعَا
( و ) لَهَدَ ( فُلاناً ) لَهْداً ولَهَّدَهُ ، الأَخير عن ابن القطّاع ، أَي ( دَفَعَه دَفْعَةً ، لِذُلِّه ) فهو مَلْهُود .
وقال الليث : اللَّهْدُ : الصَّدْمة الشديدةُ في الصَّدْرِ . وفي حديثِ ابنِ عُمَر رضي الله عنه ( لَوْ لَقِيتُ قاتِلَ أَبِي في الحَرَمِ ما لَهَدْتُه ) أَي مَا دَفَعْتُه ، ويروى ( ما هِدْتُه ) أَي حَرَّكْتُه . ( أَو ) لَهَدَه ( : ضَرَبَه ) في أُصُولِ ثَدْيَيْهِ أَو أُصُولِ كَتِفَيْهِ ، أَو لَهَدَه لَهْداً ( : غَمَزَه ، كَلَهَّدَه ) تَلْهِيداً ( فيهما ) ، أَي في الغَمْز والدَّفْعِ قال طرفة :
بَطِىءٍ عَنِ الجُلَّي سَرِيعٍ إِلَى الخَنَى
ذَلِيلٍ بِإِجْمَاعِ الرِّجالِ مُلَهَّدِ
( واللَّهْدُ : انْفِرَاجٌ يُصِيب الإِبلَ في صُدورِهَا مِن صَدْمَةٍ ونَحْوِهَا ) ، كضَغْطِ حِمْلٍ ، قال :
تَطْلَعُ مِنْ لَهْدٍ بِهَا ولَهْدِ
( و ) قيل : اللَّهْدُ ( : وَرَمٌ في الفَرِيصَةِ ) مِنْ وِعَاءٍ يَلِحٌ على ظَهْره البَعِيرِ فَيَرِمُ ، وأَنشد الأَزهريّ :
تَظْلَعُ مِنْ لَهْدٍ بها ولَهْدِ
الأَوَّل الداءُ والثاني الإِجهادُ في
____________________

(9/146)


الحَرْثِ . ( و ) اللَّهْدُ أَيضاً ( دَاءٌ ) يُصِيب ( في أَرْجُلِ النَّاسِ وأَفُخَاذِهِم ) وهو ( كالانْفِرَاجِ . و ) من المَجاز : اللَّهْدُ ( : الرَّجُلُ الثَّقِيلُ الجِبْسُ ) الذَّلِيلُ .
( وأَلْهَدَ ) الرجلُ ( : ظَلَمَ وجَارَ . و ) أَلْهَدَ ( به ) إِلهاداً ( : أَزْرَى ) ، قال :
تَعَلَّمْ هَدَاك الله أَنَّ ابْنَ نَوْفَلٍ
بِنَا مُلْهِدٌ لَوْيَمْلِكُ الضَّلْعَ ضَالعُ
( و ) أَلْهَد ( إِلى الأَرْضِ : تثَاقَلَ إِليها . و ) أَلهَدَ ( بفُلان ) إِلهاداً ، إِذا ( أَمْسَكَ أَحَدَ الرَّجُلَيْنِ وخَلَّى الآخَرَ عليه ) وهو ( يُقَاتِلُه ) ، قال : فإِن فَطَّنْتَ رَجُلاً بِمُخَاصَمَةِ صاحِبِه أَو بِمَا صَاحِبُه يُكَلِّمُه ، ولَحَنْتَ له ولَقَّنْتَ حُجَّتَه فقَد أَلْهَدْتَ به ، وإِذَا فَطَّنْتَه بِمَا صَاحِبُه يُكَلِّمه قال والله ما قُلْتَها إِلاَّ أَنْ تُلْهِدَ عَلَيَّ ، أَي تُعِين عَلَيَّ . كذا في اللسان .
( و ) قال ابنُ القَطَّاع : أَلْهَدَ ( اللَّهِيدَة ) : صَنَعَهَا مِن أَطْعِمة العَرَبِ ، وهي ( العَصِيدَةُ الرِّخْوَةُ ) ليست بِحِسَاءٍ فَتُحْسَى ولا غَلِيظَة فتُلْتَقَم ، وهي التي تُجَاوِز حَدَّ الحَرِيقَةِ والسَّخِينةِ وتَقْصُرُ عن العَصِيدة ، كذا في الصّحاح .
( و ) اللّهَادُ ، ( كغُرَابٍ : الفُوَاقُ ) ، عن الصاغانيّ .
( ) ومما يستدرك عليه :
قال الهَوَازِنِيُّ : رَجُلٌ مُلَهَّد ، أَي كمُعَظَّم : مُسْتَضْعَفٌ ذَلِيلٌ مُدَفَّع عن الأَبواب .
وناقَة لَهِيدٌ : غَمَزَهَا حِمْلُهَا فَوثَأَهَا .
وأَلْهَدْتُ به : قَصَّرْتُ به ، قاله ابن القَطَّاع .
والأَلْهَاد : الأَوْرَام ، عن الصاغانِيّ :
ليد : ( ما تَرَكْتُ له *!لَيَاداً ، بالفتح ) ، كسَحَاب ، أَهمله الجوهَرِيُّ ، وقال
____________________

(9/147)


الصاغانيُّ : أَي ( شَيْئاً ) ، وكذالك حَيَاداً ، وهو حَرْفٌ غَرِيبٌ .
2 ( فصل الميم ) 2
2 ( مع الدال المهملة ) 2
مأَد : ( *!مَأَدَ النَّبَاتُ ، كمَنَع ) ، *!يَمَأَدُ *!مَأْداً ( : اهْتَزَّ وتَرَوَّى وجَرَى فيه الماءُ ) ، ويقال للغُصْن إِذا كان نَاعِماً يَهْتَزّ : هو *!يَمْأَدُ مَأْداً حَسَناً . ( و ) قيل : *!مَأَدَ النبَاتُ والشَّجرُ ( : تَنَعَّمَ ولاَنَ ، و ) قد ( *!أَمَأَده الرِّيُّ ) والرَّبِيعُ ، *!ومَأَدَ العُودُ *!يَمْأَدُ *!مَأْداً ، إِذا امْتَلأَ مِنَ الرِّيِّ في أَوِّل ما يَجْرِي الماءُ في العُودِ ، فلا يَزال *!مائِداً ما كان رَطْباً .
( ورَجُلٌ ) *!مَأْدٌ *!ويَمْؤُودٌ ( وغُصْنٌ *!مَأْدٌ *!ويَمْؤُودٌ ) : ناعِمٌ ، وهي *!مَأْدَةٌ *!ويَمْؤُودَةٌ : شابَّةً ناعِمَةٌ . ويقال للجارِية : إِنها *!المَأْدَةُ الشَّبَابِ ( وهي *!يَمْؤُودٌ *!ويَمْؤُودة . و ) قيل : ( *!المَأْدُ : الناعِمُ من كُلِّ شيْءٍ ) ، وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ :
*!مَادُ الشَّبَابِ عَيْشَها المُخَرْفَجَا
غير مهموزٍ ( و ) *!المَأْدُ ( : النَّزُّ ) الذي يَظْهَرُ في الأَرْض ( قَبْلَ أَنْ يَنْبَعَ ) ، شامِيَّةٌ .
( *!ويَمُؤود : بئرٌ ) ، قال الشَّمَّاخ :
غَدَوْنَ لَهَا صُعْرَ الخُدُودِ كَمَا غَدَتْ
عَلَى مَاءِ *!يَمْؤودَ الدِّلاءُ النَّوَاهِزُ
( أَو ) هو اسم ( ع ) ، قاله الجوهَرِيّ ، وأَنشد للشَّمَّاخ :
فَظَلَّت *!بِيَمُؤُودٍ كَأَنَّ عُيُونَها
إِلى الشَّمْسِ هَلْ يَدْنُو رُكِيٌّ نَوَاكِزُ
وقال زُهَيْر :
كَأَنَّ سَحِيلَهُ فِي كُلِّ فَجْرٍ
عَلَى أَحْسَاءِ *!يَمْؤودٍ دُعَاءُ
قال ابنِ سِيدَه في قولِ الشَمَّاخ :
عَلَى مَاءِ *!يَمْؤودَ الدِّلاَءُ النَّواهِزُ
قال : جعلَه اسْماً للبِئرِ فلم يَصْرِفْه ، قال : وقد يجوز أَن يُريد
____________________

(9/148)


الموضِعَ وتَرك صَرْفهَ ، لأَنه عنَى به البُقْعَةَ أَو الشَّبَكَةَ ، قال ، أَعْنِي بالشَّبَكَةِ الآبارِ المُقْتَرِبَةَ بَعْضُهَا من بعضٍ .
( *!وامْتَأَدَ ) فلانٌ ( خَيْراً ) أَي ( كَسَبَهُ ) .
( وجَارِيَةٌ *!مَأْدَة ) شَابَّة ( ناعِمَةٌ ) ، *!كَيَمُؤْودَةٍ .
( *!والمَئِيدُ ) كأَميرًّ ، ( : الناعِمُ ) من الأَغصانِ *!كالمائِدِ .
وغُصْن *!مَأْدٌ : لَيِّنٌ ناعمٌ ، وكذالك النَّبَاتُ ، قال الأَصمعيُّ : قيل لبعْضِ العَرب : أَصِبْ لنَا مَوْضِعاً . فقال رائدُهُم : وَجدْتُ مكاناً ثَأْداً *!مَأْداً . *!ومَأْدُ الشَّبابِ : نَعْمَتُه .
( ) ومما يستدرك عليه :
غُصُونٌ مِيدٌ .
*!المُمْأَدُ . كمُكْرَمٍ : المُرْتَوِي من النَّبَاتِ .
وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ :
ومَاكِدٍ *!يَمْأَدُه مِنْ بَحْرهِ
يَضْفُو ويُبْدِي تَارَةً عَنْ قَعْرِهِ
فسَّرُوه وقالوا :*! يَمْأَدُه : يَأْخُذُه في ذالك الوَقْت .
مبد : ( مَأْبِد ، كمَنْزِل : د ، بالسَّرَاةِ ) ، وفي المعجم : جَبَلُ السَّرَاةِ ، وقال الباهليُّ : هو مَوضِع . قال أَبو ذُؤَيب :
يَمَانِيَةٍ أَحْيَا لَهَا مَظَّ مَأْبِدٍ
وآلَ قَرَاسٍ صَوْبُ أَسْقِيَةٍ كُحْلِ
ويُروَى هاذا البيت ( مَظّ مَائِدٍ ) قال شيخنا : ذِكْرُه هنا صَرِيح في أَنّ الميم أَصْلِيَّة ووزنُه بمنزل صَريحٌ في خِلافه ، وفي المراصد أَنه بالمُوَحَّدة بالتحتيّة ، ووجد هنا في بعض النُّسخ بعد قولِه بالسَّرَاة : وفي شعرِ أَب ذُؤَيب :
يَمَانِيَةٍ أَحْيَا لَهَا مَظَّ مأْبِدٍ
وآلَ قَرَاسٍ صَوْبُ أَرْمِيَةٍ كُحْلِ
اسم جَبَلٍ صَحَّفه الجوهريُّ فَرَواهُ
____________________

(9/149)


بالمُثَنَّاة تَحْت بدون همْزة . قلْت : وقد سقطتْ هاذه العِبارة من غالِب النُّسخ .
( ) ومما يستدرك عليه :
مَيْبُدٌ . بالفتح وضمّ الموحّدة : بلد بفارِسَ مشهورٌ ، صَحَّفَه المعْرَانيّ ، كما سيأْتي .
متد : ( مَتَدَ بالمكانِ مُتُوداً ) ، بالضمّ ، أَهمله الجوهريّ . وقال ابنُ دُرَيْد : إِذا ( أَقام ) به ، فهو ماتِدٌ ، وقال أَبو منصور : ولا احْفَظُه لغيرِه .
مثد : ( مَثَدَ بين الحِجَارةِ ) يَمْثُدُ ، أَهمله الجوهريُّ ، وقال الأَزهريّ ، إِذا ( اسْتَتَرَ ) بها ( ونَظَرَ بِعَيْنَيْهِ من خِلالها إِلى العَدُوِّ يَرْبَأُ للقَوْمِ ) على هاذه الحالِ ، أَنشد ثعلب :
مَا مَثَدَتْ بُوصَانُ إِلاَّ لِعَمِّها
بِخَيْلِ سُلَيْمٍ فِي الوَغَي كَيْفَ تَصْنَعُ
( ومَثَدْتُه أَنا ) أَي ( جَعَلْتُه ماثِداً أَي رَبِيئةً ) ودَيْدَبَاناً ، ولابِداً ، عن أَبي عمرو .
مجد : ( المَجْدُ : نَيْلُ الشَّرَفِ ) ، وقيل : هو الأَخْذ مِن الشَّرف والسُّودَدِ ما يَكْفِي . ( و ) المَجْدُ : المُروءَةُ والسَّخَاءُ و ( الكَرَمُ ) . قال ابنُ سِيدَه : ( أَو لا يَكُون إِلاَّ بالآباءِ ) ، قال ابنُ السِّكّيت : الشَّرَفُ والمَجْد يَكُونَان بالآباءِ ، يقال : رَجُلٌ شَرِيف ماجِدٌ : له آباءٌ متقدِّمون في الشَّرَف ، قال : والحَسَبُ والكَرَمُ يكونان في الرجُلِ وإِن لم يكن له آباءٌ لهم شَرَفٌ . ( و ) في المحكم : وقيل : المجْد : ( كَرَمُ الآباءِ خاصَّةً ) ، وقيل : المَجْدُ كَرَمُ الفِعَال ، وقيل : إِذَا قَارَنَ شَرَفُ الذَّاتِ حُسْنَ الفِعَالِ سُمِّيَ مَجْداً ، وكان سَعْدُ بن عُبَادَة يقول : اللهُمَّ هَبْ لِي حَمْداً ومَجْداً لا مَجْدَ إِلاَّ بِفِعَالٍ ولا فِعَالَ إِلاَّ بِمَالٍ ، اللهمّ لا يُصْلِحُني ، إِلاَّ هو ،
____________________

(9/150)


ولا أَصلُح إِلاَّ عَلَيْه . وفي الأَساس : ومن المَجَاز ( مَجَدُ ) الرجُلُ ( كنَصَر ) وهاذه عن الصاغانيّ ( وكَرُمَ ) ، يَمْجُد وَيَمْجُد ( مَجْداً ) مَصْدَرُ الأَوّل ، ( ومَجَادَةً ) مصدر الثاني ( فهو ماجِدٌ ) من الأَول ، ( ومَجِيدٌ ) من الثاني .
( و ) من المَجار : ( أَمْجَدَه ومَجَّدَه ) ، كِلاهما ( : عَظَّمَه وأَثْنَى عليه ) .
وأَمّد الله فُلاناً ومَجَّدَه كَرَّمَ فِعَالَه .
( و ) يقال : أَمْجَدَ فلانٌ ( العَطَاءَ ) ومَجَّدَ ، إِذا ( كَثَّرهَ ) ، وقال عَدِيُّ بن زَيْدٍ :
فَاشْتَرَانهي واصْطَفَانِي نِعْمَةً
مَجَّدَ الهَنْءَ وَأَعْطَانِي الثَّمَنْ
ويروى : أَمْجَدَ الهَنْءَ .
( وتَمَاجَدَ ) الرجلُ ( : ذَكَرَ مَجْدَه ) أَي حُسْنَ فِعَالِه أَو شَرَفَ آبائِه .
( ومَاجَدَه مِجاداً ) ، بالكسر ( : عَارضَهُ بالمَجْدِ ) .
وما جَدهُ ( فَمَجَدَهُ ، غَلَبَه ) بالمَجْدِ ، وهو مَجاز .
( والمَجهيدُ ) فَعِيلٌ مِن المَجْدِ للمبالغَةِ ، وهو في أَسمائه تَعالى يَجْمَع مَعْنى الجَلِيل والوَهَّابِ . وفي التنزيل العزيز : { ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ } ( سورة البروج ، الآية : 15 ) قال الأَزهريّ : الله تعالى هو المَجهيد ، تَمَجَّدَ بِفِعَالَه ، ومَجَّدَه خَلْقُه لعظَمته . وقوله تَعالى : { ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ } قال الفرَّاءُ : خَفَضهُ يَحيَى وأَصحابُه ، ما قال { بَلْ هُوَ قُرْءانٌ مَّجِيدٌ } ( سورة البروج ، الآية : 21 ) فوصف القرآن بالمَجادَة ، وقيل : يُقْرَأُ : بل هو قُرآنُ مَجهيدٍ ، أَي قُرآنُ رَبَ مَجيدٍ . قال ابن الأَعرابيّ : المَجيدُ : ( الرَّفيعُ ) . وقوله تعالى : { ق وَالْقُرْءانِ الْمَجِيدِ } ( سورة ق ، الآية : 1 ) يريد بالمَجِيدِ الرَّفِيع ( العالِي . و ) قال أَبو إِسحاق : معنى المَجيد ( الكَرِيمُ ) ، فمن خَفَض المَجِيد فمِنْ صِفَة العَرْشِ ، ومن رَفع فمِنْ
____________________

(9/151)


صِفَة ذو . ( و ) قيل : المَجِيد : الكَرِيمُ المِفْضَالُ ، في صفات الله تعالى .
والمَجِيدُ أَيضاً ( : الشَّرِيفُ ) الذاتِ الحَسَن ( الفِعَالِ ) .
( ومَجَدَت الإِبلُ ) تَمْجُدُ ( مَجْداً ومُجُوداً ) ، الأَخير بالضمّ ، وهي مَواجِدُ ومُجَّدٌ ومُجُدٌ ، ( وأَمْجَدَتْ ) ، إِذا ( وقَعَتْ في مَرْعًى كَثيرٍ ) واسعٍ . وأَمْجَدَهَا الراعِي ، وأَمْجَدْتُها أَنا ، وهاذا قولُ ابنِ الأَعرابيّ ، ( أَو ) مَجَدَتْ وأَمْجَدَت ، إِذا ( نَالَتْ مِن الخَلَى ) ، بفتح المُعْجَمَة واللامِ ، وفي بعض النُّسخ : من الحِليّ ، بكسر الحاءِ المهملة واللام وتشديد الياءِ ، وفي غيره من الأُمَّهَات : مِن الكَلإِ ( قَرِيباً من الشِّبَعِ ) وعُرِفَ ذالك في أَجْسَامها . ( و ) قد ( مَجَدَها ) مَجْداً ( وأَمْجَدَها ) راعيها ، ( ومَجَّدَها ) تَمِجِيداً ( : أَشْبَعَها ) وذالك في أَوَّلِ الربيع ، ( أَو ) أَمْجَدَ الإِبلَ ( : عَلَفَها مَلْءَ بَطْنِها ) وأَشْبَعَهَا ، ولا فِعْل لها هي في ذلك ، فإِن أَرْعَاهَا في أَرْضٍ مُكْلِئةٍ فرَعَتْ وشَبِعَت فَمَجَدت تَمْجُد مَجْداً ومُجُوداً ، ولا فِعْل لك في هاذا . قاله الإِمام أَبو زيد . ( أَو ) مَجَدَ النَّاقَة ، مُخَفَّفاً ، إِذا عَلَفَهَا مِلْءَ بُطونِها ، رواه أَبو عُبَيْدٍ عن أَبي عُبَيْدَة عن أَهلِ العَالِيَةِ ، وقال : وأَهلُ نَجْدٍ يَقولُون مَجَّدَها تَمْجِيداً ، مُشَدَّداً ، إِذا عَلَفها ( نِصْفَ بَطْنِها ) ، وقال ابنُ شَمَيْل : المَجْدُ نَحْوٌ مِن نِصْفِ الشِّبَعِ .
( ومَجِيد ) ، كأَميرٍ ، ( ابنُ حَيْدَةَ بن مَعَدّ ) بن عَدْنَان ( أَبو بَطْنغ من الأَشْعَرِيِّينَ ) ، وقال الهَمْدَانِيّ : وممَّنْ أَخَلَّتْ به النُّسَابُ من قُضَاعةَ مَجِيدُ بن حَيْدانَ ، وَهُمُوا فأَدْخَلُوهم في بُطُونِ الأَشْعَرِ لِقُرْبِ الدَّارِ من الدّارِ .
( و ) مُجَيْد ، ( كَزُبَيْرٍ : اسم ) رجل أَواسم فَحْلٍ ، إِلى أَحَدِهما نُسِبَت الإِبلُ المُجَيْدِيَّة ، أَورَدَها الفيوميُّ في المِصباح . قال شيخُنَا : وهي من غرائبه ، قال الأَزهريُّ : وهي من إِبل اليمن .
( ومَجْد ) ، ممنوعاً من الصَّرْف ، عَلَمٌ على ( بنْت تَمِيمِ بنِ غالِبِ بن فِهْرٍ ) ، والذي في اللسانِ : بِنْتُ تَمِيمِ
____________________

(9/152)


بن عامِرِ بن لُؤَيَ ( وقَدْ تُصْرَف ، ومنه بنو مَجْدٍ ) وهم كِلاَبٌ وكَعْبٌ وعامِرٌ وكُلَيْبٌ ، بنو رَبِيعَةَ بنِ عامرِ بن صَعْصَعَة ، نِسْبَة إِلى أُمِّهم ، وقد ذَكَرَها لَبِيدٌ فقال يفتخرُ بها :
سقَى قَوْمِي بَنِي مَجحدٍ وأَسْقَى
نُمَيْراً والقَبَائلَ مِنْ هِلاَلِ
( ومَجْدُوانُ ) ، بفتح الميم وضمّ الدال ( : لا بِنَسَفَ ) ، منها أَبو جعفر محمّد بن النّضْر بن رمَضَانَ المؤدِّب الزاهدُ أَديبٌ ، سمِع غريبَ الحدِيث لأَبي عُبَيْد من أَبي الحسن محمد بن طالِبِ بن عَلِيَ النَّسفِيِّ وغيرِ ، وعنه أَبو العَبصاس المُسْتَغْفِرِيّ .
( ومَمِجْدُونُ ، ويكسر أَوَّلُهَا : ة ، بِبُخَارَا ) منها أَبو محمّد عبد الله بن محمد االأَزديُّ المُؤَذِّن ، روَى عنه الغُنْجَارُ وغيرُ .
( وذو ماجِدٍ : ة باليمن ) من قُرى ذَمَارٍ .
( والماجِدُ : الكَثِيرُ ) الخَيْرِ الشريفُ المَفْضَال ، ( و ) قال ابنُ شُمَيْل : الماجِدُ : ( الحَسنُ الخُلُقِ السَّمْحُ ) ، ورجُل ماجِدٌ ومَجِيدٌ ، إِذا كان كريماً مِعْطَاءً . وفي حديث عَلِيَ رضي الله عنه ( أَمَّا نَحْنُ بنو هاشمٍ فأَنْجَادٌ أَمْجَادٌ ) أَي أَشرافٌ كِرَامٌ ، جمع مَجِيدٍ أَو ماجِدٍ ، كأَشْهَادٍ في شَهِيدٍ أَو شاهِدٍ .
( و ) ماجِدٌ ( اسْمٌ ) .
( و ) من المَجاز في المثَل ( في كُلِّ شَجَرِ نَارٌ . و ( اسْتَمْجَدَ المَرْخُ والعَفَارُ ) ) اسْتَمْجَد : اسْتَفْضَلَ ، أَي ( استَكْثَرَا من النَّارِ ) كأَنّهما أَخَذَا مِن النارِ ما هو حسْبُهُمَا فصَلَحَا للاقتداحِ بهما ، ويقال : لأَنهما يُسْرِعَانِ الوَرْيَ ، فشُبِّهَا بمن يُكحثِر من العَطَاءِ طَلَباً للمَجْدِ .
( وأَبو ماجِدةَ الحنَفِيّ تابِعَيٌّ ) ، ويقال أَبو ماجدٍ ، ويقال العِجْلِيّ الكُوفِيّ ، قال أَبو حاتمٍ : اسمه عائذُ بنُ نَضْلَةَ ، عن أَبي مسعودٍ ، وعنه يحيى بن عبد الله الجابر ، قاله المِزِّيّ .
( وتَمَاجَدُوا : تَفَاخَرُوا . و ) تَمَاجَدوا
____________________

(9/153)


( : أَظْهَرُوا مَجْدَهُمْ ) فيما بَيْنَهم ، وهو مَجاز .
( ) ومما يستدرك عليه :
التَّمْجِيد : أَن يُنْسَب الرَّجُلُ إِلى المَجْد ، والمَجْدُ : الشَّرَفُ الواسِعُ .
وفي حديث عائشةَ رضي الله عنها ( نَاوِلِيني المَجِيدَ ) أَي المُصْحف .
وفي الأَساس المَجْدُ : أَكْلُ الغَنَمِ البَقْلَ ، يقال : مَجَدَتْ الغَنَمُ مُجُوداً : أَكَلت البَقْلَ حَتَّى هجَعَ غَرَثُها .
ومن المَجازِ : تَمَجَّدَ الله بِكَرَمِه . وعِبَادُه يُمَجِّدُونَه .
وهو أَهلُ التَّمَاجِيدُ ، أَي الثَّنَاءِ بالمجْدِ .
وَنَزَلوا بهم فأَمْجَدُوهم .
وأَمْجَد فُلانٌ وَلَدَه ولِوَلَدِه : تَخَيَّرَ له الأُمَّهاتِ ، و ( هؤلاءِ ) قَومٌ أَمْجَدَهُم أَبوهم ، كما في الأَساس ، وقال أَبو حَيَّة يَصهف امرأَةً :
ولَيْسَتْ بِمَاجدةٍ للطَّعَامِ ولا للشَّراب
أَي ليست بكثيرةِ الطعامِ ولا الشرابِ : ويقال : أَمْجَدَنا فُلانٌ قَرًى ، إِذا آتَى ما كَفَى وفَضَلَ .
وماجنْدَانُ : من قُرَى سَمَرْقَنْد .
وقال ابنُ القَطَّاع في الأَفعال : وأَمْجَد الرجُلَ سَبًّا وذَمًّا ، إِذا أَكثرَ له منهما .
ومَجْد آباد . من قُرَى هَمَذَان .
وأَبو ماجِدَةَ السَّهْمِيُّ ، وقيل : ابن ماجِدَة ، وقيلَ : علِيّ بنُ ماجِدَةَ ، عبد الرحمان .
مخد : ( المَخَدَةُ ، بالتحريك ) ، أَهمله الجوهريُّ وصاحبُ اللسان ، وقال ابنُ الأَعرابيّ ، هي ( المَعُونَةُ ) ، كذا في التكملة .

____________________

(9/154)


مدد : ( *!المَدّ شُ : السَّيْلُ ) ، يقال *!مَدّ النَّهْرُ *!ومَدَّه نَهْرٌ آخَرُ ، قال العجّاج :
سَيْلٌ أَتِيٌّ *!مَدَّهُ أَتِيُّ
غِبَّ سَماءٍ فَهْوَ رَقْرَاقِيُّ
( و ) من المَجاز : *!المَدُّ ( : ارْتفَاعُ النَّهارِ ) والظِّلّ ، وقد *!مَدَّ *!وامتَدَّ ، ويقال : جِئْتُك مَدَّ النَّهَاره وفي *!مَدِّ النهارِ ، وكذالك مَدَّ الضُّحى ، يَضعون المَصْدَر في كُلِّ ذالك موضعَ الظَّرْف .

تابع كتاب ( و ) *!المَدُّ ( *!الاسْتِمْدَادُ مِن الدَّوَاةِ ) ، ومعنى *!الاستمدادِ منها أَن *!يَسْتَمِدَّ منها *!مَدَّةً واحِدةً .
( و ) *!المَدُّ ( : كَثْرَةُ الماءِ ) أَيّامَ *!المُدُودِ ، وجمعه *!مُدُودٌ ، وقد *!مَدَّ الماءُ يَمُدُّ مَدًّا وامْتَدَّ .
( و ) *!المَدُّ ( : البَسْطُ ) . قال اللِّحيانيُّ : *!مَدَّ الله الأَرْضَ *!مَدًّا : بَسطَها وسَوَّاها . وقوله تعالى : { وَإِذَا الاْرْضُ *!مُدَّتْ } ( سورة الانشقاق ، الآية : 3 ) أَي بُسِطَتْ وسُوِّيت .
( و ) *!المَدُّ ( : طُموحُ البَصَرِ إِلى الشيءِ ) ، يقال : مَدَّ بصرَه إِلى الشيءِ إِذا طَمَح به إليه . وفي البصائر والأَفعا : *!مَدَدْت عَيني إِلى كذا : نَظرْتُه رَاغِباً فيه ، ومنه قولُه تعالَى : { وَلاَ *!تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ } ( سورة طه ، الآية : 131 ) ( و ) *!المَدُّ ( : الإِمْهَالُ ، *!كالإِمْدَادِ ) يقال : *!مَدَّه في الغَيِّ والضَّلالِ *!يَمُدُّه *!مَدًّا ، *!ومَدَّ له : أَمْلَي له وتَرَكه ، وقوله تعالى : { *!وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } ( سورة البقرة ، الآية : 15 ) أَي يُمْلِي لهم ويُلِجُّهم ويُطِيل لهم المُهْلَة ، وكذالك ، مَدَّ الله له في العَذَابِ مَدًّا ، وهو مَجاز . *!وأَمَدَّه في الغَيِّ ، لغةٌ قليلةٌ ، وقوله تعالى : { وَإِخْوانُهُمْ *!يَمُدُّونَهُمْ فِى الْغَىِّ } ( سورة الأعراف ، الآية : 102 ) قراءَة أَهل الكوفة والبَصْرة يَمُدُّونَهم ، وقرأَ أَهلُ المَدينة *!يُمِدُّونَهم .
( و ) *!المَدُّ ( : الجَذْبُ ) ، *!ومَدَدْت الشيءَ *!مَدًّا : جَذَبْتُه ، قاله ابنُ القَطَّاع .
____________________

(9/155)


( و ) *!المَدُّ ( : المَطْلُ ) وقال المُصنّف في البصائر : أَصْلُ *!المَدّ جَرُّ شيءٍ في طُولِ ، واتِّصالُ شيءٍ بشيءٍ في استطالَة ، ( *!مَدَّهُ ) *!يَمُدُّه *!مَدًّا ، ( و ) *!مَدَّ ( به ، *!فامْتَدَّ ، *!ومَدَّدَه ) *!فتَمَدَّد ( *!وتَمَدَّدَه ) *!كتَمَدُّدِ السِّقَاءِ ، وكذالك كلُّ شيءٍ يَبْقَى فيه سَعَةُ المَدِّ .
*!وتَمَدَّدْنَاه بيننا :*! مَدَدْنَاهُ .
( *!ومادَدَه ) وفي بعض النسخ مَادَّة ( *!مُمَادَّةً *!ومِدَاداً *!فَتَمَدَّدَ ) ، وقال اللِّحْيَانيُّ : *!مَدَدْتُه *!ومَدَّني ، وفلانٌ *!يُمَادُّ فُلاناً ، أَي يُمَاطِلُه ويُجَاذِبُه .
*!وتَمَدَّد الرجُلُ ، أَي تَمَطَّى .
( *!ومَدَّ النَّهَارُ ) ، إِذا ( ارْتَفَعَ ) ، وهو مَجاز ، وقال شَمِرٌ : كلُّ شيْءٍ امتلأَ وارْتَفعَ فقد *!مَدَّ ، وقد *!أَمْدَدْته أَنا .
( و ) عن أَبي زيدٍ : *!مَدَّ ( زَيْدٌ القَوْمَ ) أَي ( صارَ لَهُمْ *!مَدَداً ) ، *!وأَمَدَّه بغيره .
( و ) يقال : هناك قطعةٌ من الأَرض ( قَدْرُ *!مَدِّ البَصَرِ ، أَي مَدَاهُ ) وقد يأْتي له في المعتلّ أَنه لا يقال مَدُّ البَصَرِ ، مُضَعَّفاً وإِنما يقال مَدَاه ، معتلاًّ ، وأَصله للحريريِّ في دُرَّة الغواصِ وانتقدوه بأَنه وَرد في الحديثِ مَدُّ صَوْتِ المُؤَذِّن ، كَمَدَاه ، كما حَقَّقه شيخُنَا ، قلت : والحديث المُشَار إِليه ( أَنَّ المُؤَذِّن يُغْفَر له *!مَدَّ صَوْتِه ) ، يريد به قَدْرَ الذُّنُوبِ ، أَي يُغْفَر له ذالك إِلى مُنْتَهَى *!مَدِّ صَوْته ، وهو تَمثيلٌ لِسَعَةِ المَغْفِرَة ، ويُروَى ( مَدَى صَوْتِهِ ) .
( *!والمَدِيدُ : *!المَمْدُودُ ، و ) المَدِيد ( : الطَّوِيلُ ) ، ورجُلُ مَدِيدُ الجِسْمِ : طَوِيل ، وأَصلِ في القِيَامِ . وَقَدّ *!مَدِيدٌ ، وهو من أَجْمَلِ الناسِ *!وأَمَدِّهِم قَامَةً ، وهو مَجاز ، كما في الأَساس ، ( ج مُدُدٌ ) . قال سيبويهِ : جاءَ على الأَصْل ، لأَنه لم يُشْبِه الفِعْلَ . والأُنثى *!مَديدَةٌ . وفي حديث عُثْمَانَ قال لبعض عُمَّاله : ( بَلَغَنِي أَنك تَزَوَّجْتَ امرأَةً *!مَدِيدةً ) . أَي طَوِيلة . ورَجُلٌ *!مَدِيدُ القامةِ : طَوِيلُهَا .
( و ) *!المَديد : البَحْرُ الثاني من
____________________

(9/156)


( العَرُوض ) ، والأَوَّلُ الطويلُ ، سُمِّيَ بذالك لامتداد أَسْبَابِهه وأَوْتَاده وقال أَبو إِسحاق : سُمِّيَ*! مَدِيداً لأَنه *!امتد سَبَباهُ فصارَ سَبَبٌ في أَوَّله وسَبَبٌ بعد الوَتِد ، ووزنه فاعلاَتُنْ فاعلُنْ .
وقوله تعالى : { فِى عَمَدٍ *!مُّمَدَّدَةِ } ( سورة الهمزة ، الآية : 9 ) فسّره ثعلب فقال : معناه في عَمَدٍ طِوَالٍ .
( و ) *!المَدِيد ( : ما ذُرَّ عليه دَقِيقٌ أَو سِمْسِمٌ ) أَو سَوِيقٌ ( أَو شَعِيرٌ ) جُشَّ ، قال ابنُ الأَعرابيّ : هو الذي ليس بِحَارَ ، أَو خَبَطٌ كما قاله ابن القطاع . ( لِيُسْقَى الإِبِلَ ، و ) قد ( *!مَدَّهَا ) *!يَمُدُّهَا *!مَدًّا ، إِذا ( سَقَاهَا إِيَّاه ) ، وقال أَبو زيد : مَدَدْتُ الإِبِلَ *!أَمُدُّهَا *!مَدًّا ، وهو أَن تَسْقِيَهَا المَاءَ بالبِزْرِ أَو الدَّقِيقِ أَو السِّمْسِم . وقال في موضع آخَرَ : المَدِيدُ : شَعِيرٌ يُجَشُّ ثُمَّ يُبَلّ فَيُضْفَزُ البَعِيرَ : ومَدَدْتُ الإِبل *!وأَمْدَدْتُهَا بِمَعْنًى ، وهو أَن يَنْثُر لها على الماءِ شيئاً من الدَّقيقِ ونحوِه فَيَسْقِيَهَا ، والاسم المَدِيدُ .
( و ) المَديد ( : ع قُرْبَ مَكَّةَ ) شَرّفها الله تعالى ، عن الصاغانيّ .
( و ) قيل : المَدِيد ( : العَلَفُ ) ، وقد *!مَدَّهُ به *!يَمُدُّه *!مَدًّا .
( *!والمَدِيدَانِ : جَبَلاَنِ ) في ظَهْرِ الخَالِ وهو ( ظَهْر عَارِضِ اليَمَامَةِ ) ، عن الصاغانيّ .
( *!والمِدَادُ ) ، بالكسر : ( النِّقْسُ ) ، بكسر النون وسكون القاف وسين مهملة ، هاكذا عَبَّروا به في كُتب اللغة ، وهو مِن شَرْحِ المَعْلُومِ المَشْهُور بالغَرِيب الذي فيه خَفَاءٌ ، وهو الذي يُكْتَب به . قال ابنُ الأَنبارِيّ : سُمِّيَ *!المِدَادُ *!مِدَاداً *!لإِمْدَادِه الكاتِبَ ، من قولِهِم *!أَمْدَدْتُ الجَيْشَ *!بِمَدَد .
( و ) *!المِدَادُ ( : السِّرْقِينُ ) الذي
____________________

(9/157)


يُصْلَح به الزَّرْعُ ، ( وقد *!مَدَّ الأَرْضَ ) *!مَدًّا ، إِذَا زَاد فيها تُرَاباً أَو سَمَاداً من غيرِهَا ليكون أَعْمَرَ لها وأَكْثَرَ رَيْعاً لِزرَعِهَا ، وكذالك الرِّمَال ، والسَّمَاءُ مِدَادٌ لها .
( و ) *!المِدَادُ ( : ما *!مَدَدْتَ به السِّرَاجَ مِنَ زَيْتٍ ونَحْوِه ) ، كالسَّلِيطِ ، قال الأَخطل :
رَأَوْا بَارِقَاتٍ بِالأَكُفِّ كَأَنَّهَا
مَصَابِيحُ سُرْجٌ أَوقِدَتْ *!بِمِدَادِ
أَي بِزَيْتٍ *!يُمِدُّهَا . ونقل شيخُنَا عن قُدَمَاءِ أَئمَّةِ اللغةِ أَنَّ *!المِدَادَ ، بالكسر : هو كلُّ ما *!يُمَدُّ به الشيءُ أَي يُزَادُ فيه لِمَدِّه والانتفاعِ بهِ كحِبْرِ الدَّواةِ وسَلِيطِ السِّراجِ وما يُوقَد به من دُهْنٍ ونَحْوِه ، لأَن وضْعَ فِعَالٍ ، بالكسر ، لما يُفْعَل به كالآلةِ ، ثم خُصَّ المِدَادُ في عُرْفِ اللغةِ بالحِبْرِ .
( و ) المِداد ( : المِثَالُ ) ، يقال : جاءَ هاذا على *!مِدَادٍ واحدٍ ، أَي على مِثَالٍ واحدٍ ، وقال جَنْدَلٌ :
لَمْ أُقْوِ فِيهِنَّ وَلَمْ أُسَانِدِ
ولَمْ أَرِشْهُنَّ بِرِمَ هَامِدِ
عَلَى *!مِدَادٍ وَرَوِيَ وَاحِدِ
( و ) *!المِدَاد ( : الطَّرِيقَةُ ) ، يقال : بَنَوْا بُيُوتَهم على *!مِدَادٍ واحدٍ ، أَي على طَرِيقَةٍ واحِدَة .
( و ) في التهذيب . ( *!مِدَادُ قَيْسٍ : لُعْبَةٌ لهم ) أَي لِصبيانِ العَرب .
ويقال : وادِي كذا يَمُدُّ في نهر كذا ، أَي يَزِيد فيه . ويقال منه : قَلَّ ماءُ ركِيَّتِنا *!فَمَدَّتْها رَكِيَّةٌ أُخْرَى فهي *!تَمُدُّهَا مَدًّا .
*!ومَدَّ النَّهْرُ النَّهْرَ إِذا جَرَى فيه . وقال اللِّحيانيّ : يقال لكلّ شيْءٍ دَخَل فيه مِثْلُه فَكثَّرَهُ *!مَدَّه *!يَمُدُّه *!مَدًّا . وفي التنزيل العزيز : { 9 . 016 والحبر يمده من بعده سبعة اءَبحر } ( سورة لقمان ، الآية : 27 ) أَي يَزِيد فيه ماء مِن خَلْفِه تَجُرُّه إِليه وَتُكَثِّرهُ . ( وفي ) حديث ( الحَوْض ) يَنْبَعِث فيه
____________________

(9/158)


( مِيزَابَانِ مِدَادُهُما ) أَنهارُ ( الجَنَّة ، أَي تَمُدُّهما أَنْهَارُها ) . وقال الفَرَّاءُ في قوله تعالى : { وَالْبَحْرُ *!يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ } قال : يكون *!مِدَاداً *!كالمِدَادِ الذي يُكْتَبُ به ، والشيءُ إِذَا مَدَّ الشيءَ فكان زِيَادَةً فيه فهو *!يَمُدُّه . تقول : دَجْلَة تَمُدُّ ( تَيَّارَنَا و ) أَنْهَارَنَا ، والله يَمُدُّنَا بها .
( *!والمَدْمَدُ ) كجَعْفَر ( : النَّهْرُ ، و ) المَدْمَدُ : ( الحَبْلُ ) ، قاله الأَصمعيّ ، وفي بعض النُّسخ الجَبَلُ ، والأَوَّل الصوابُ . ونَصُّ عِبَارَة الأَصمعيّ : *!والمَدُّ : *!مَدُّ النَّهْرِ ، *!والمَدُّ : *!مَدُّ الحَبْلِ *!والمَدّ أَن *!يَمُدَّ الرَّجُلُ ( الرَّجُلَ ) في غَيِّه . قلت : فهي تَدُلُّ صَرِيحاً أَنّ المَدَّ هُهنا ثُلاثيٌّ لا رُبَاعيٌّ مُضَاعَفٌ كما توَهَّمَه المصنِّف .
( *!والمُدُّ ، بالضمّ : مِكْيَالٌ ، وهو رِطْلانِ ) عند أَهل العِرَاق وأَبي حَنيفةَ ( أَو رِطْلٌ وثُلُثٌ ) عند أَهلِ الحِجَازِ والشافعيِّ ، وقيل : هو رُبْعُ صَاعٍ ، وهو قَدْرُ *!مُدِّ النبيّ صلى الله عليه وسلم والصَّاعُ خَمْسَةُ أَرطَالٍ وأَرْبَعَةُ *!أَمْدَادٍ قال :
لَمْ يَغْدُهَا مُدُّ وَلاَ نَصِيفُ وَلاَ تُمَيْرَاتٌ وَلاَ تَعْجِيفُ
وفي حديث فَضْلِ الصَّحَابَةِ : ( مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدهِم ولاَ نَصِيفَهُ ) وإِنّمَا قَدَّرَهُ به لأَنّه أَقَلُّ ما كانُوا يَتَصَدَّقُون به في العَادَة . ( أَو مِلْءُ كَفَّيِ الإِنسانِ المُعْتَدِلِ إِذا مَلأَهُمَا ومَدَّ يَدَه بهما ، وبه سُمِّيَ *!مُدًّا ) ، هاكذا قَدَّرُوه ، وأَشار له في اللّسَان . ( وقد جَرَّبْتُ ذالِك فَوَجَدْتُه صَحِيحاً ، ج *!أَمْدَادٌ ) ، كَقُفْلٍ وأَقْفَالٍ ، ( *!ومِدَدةٌ ) *!ومِدَدٌ ، ( كعِنَبةٍ ) وعِنَبٍ ، في القليل ، ( *!ومِدَادٌ ) ، بالكسر في الكثير ، قال :
كَأَنَّمَا يَبْرُدْنَ بِالغَبُوقِ
كَيْلَ *!مِدَادٍ مِنْ فَحاً مَدْقُوقِ
( قِيل : ومنه : سُبْحَانَ الله مدَادَ كَلِمَاتِه ) ، ومِدَادَ السَّماواتِ ومَدَدَها ، أَي
____________________

(9/159)


قَدْرَ ما يُوازِيها في الكَثْرَة عِيَارَ كَيْلٍ أَو وَزْنٍ أَو عَدَدٍ أَو ما أَشْبَهه مِن وُجُوه الحَصْرِ والتقديرِ ، قال ابنُ الأَثير : وهذا تَمْثِيلٌ يُرَادُ به التقديرُ ، لأَن الكلام لا يَدْخل في الكَيْلِ والوَزْنِ ، وإِنما يَدْخُل في العَددِ ، *!والمِدَاد مَصْدَرٌ *!كالمَدَدِ ، يقال : *!مَددْت الشيءَ *!مَدًّا *!ومِدَاداً ، وهو ما يُكْثَّر به ويُزَاد .
( *!والمُدَّةُ ، بالضَّم : الغايَةُ من الزَّمانِ والمَكَانِ ) ، ويقال : لهاذه الأُمَّةِ *!مُدَّةٌ أَي غايَةٌ في بَقَائِها ، ( و ) *!المُدَّة ( : البُرْهَةُ من الدَّهْرِ ) . وفي الحديثِ ( المخدَّة التي *!مَادَّ فيها أَبا سُفْيَان ) قال ابن الأَثير : المُدَّة : طائفةٌ مِن الزَّمانِ تَقَعُ على القَليله والكَثيرِ . ومَادَّ فيها أَي أَطَالَها .
( و ) المُدَّة ( : اسْمُ ما ستَمْدَدْتَ بِه مِن المِدَاد عَلَى القَلَمِ ) ، والعَامَّة تقول بالفتح والكسر ، ويقال *!-مُدَّني يا غلامُ *!مُدَّةً منِ الدَّوَاة . وإِن قلتَ : *!-أَمْدِدْني *!مُدَّةً ، كان جائزاً ، وخُرِّج على مَجْرَى المَدَد بها والزِّيادة .
( و ) *!المِدَّةُ ( بالكسر : القَيْحُ ) المُجْتَمِع في الجُرْح .
( *!والأُمْدُودُ ، بالضمّ : العَادَة ) .
( *!والأَمِدَّةُ ، كالأَسِنَّةِ ) جَمْعِ *!مِدَاد ، كسِنَانٍ ، وضبطه الصاغانيُّ بكسر الهمزة بِخَطِّ ، ه ، فليس تَنظيرُه بالأَسِنَّة بصحيحٍ ( : سدَى الغَزْلِ ، و ) هي أَيضاً ( المِسَاكُ في جَانِبَيِ الثَّوحبِ إِذا ابتُدِىءَ بِعَمَلِه ) ، كذا في اللسان .
( والإِمِدَّانُ بِكسرتينِ ) . وفي بعض النسخ : كعِفِتَّانٍ ( الماءُ المِلْحُ ، كالمِدَّانِ ، بالكسر ) ، هذه عن الصاغانيّ ، وقيل : هو الشديدُ المُلُوحَةِ ، وقيل : مِيَاهُ السِّيَاخِ ، قال : وهو أَفْعِلاَنٌ ، بكسر الهمزة ، وقال زيدُ الخَيْلِ ، وقيل : هو لأَبي الطَّمَحَانِ :
فَأَصْبَحْنَ قَدْ أَقْهَيْنَ عَنِّي كَمَا أَبَتْ
حِيَاضَ *!الإِمْدَّانِ الظِّباءُ القَوامِحُ
( و ) *!الإِمِدَّانُ ( : النَّزُّ ، وقد تُشَدَّد المِيمُ وتُخفَّف الدالُ ) ، وهو قولٌ آخرُ أَوردَه صاحبُ اللسان ، وموضعه أَ م د .
____________________

(9/160)



( و ) من المَجاز قولهم : ( سُبحانَ الله مِدَادَ السَّماوَاتِ ) ومِدَادَ كلماتِه ومَدَدَهَا ( أَي عَدَدَهَا وكَثْرَتَها ) ذكره ابنُ الأَثير في النّهايَة .
( *!والإِمْدادُ : تأْخِير الأَجَلِ ) والإِمهالُ ، وقد أَمَدَّ له فيه : أَنْسَأَه .
( و ) الإِمداد : ( أَن تَنْصُرَ الأَجْنَادَ بِجَمَاعةٍ غَيْرَكَ ) ، والمَدَدُ : أَن تصير لهم ناصراً بنفْسِك .
( و ) *!الإِمدادُ ( : الإِعطاءُ والإِغاثَةُ ) ، يقال : مَدَّه *!مِدَاداً وأَمَدَّه : أَعطاه ، وحكى اللِّحْيَانيّ : أَمَدَّ الأَميرُ جُنْدَه بالخيلِ والرِّجالِ وأَعانهم وأَمَدَّهم بمالٍ كثيرٍ وأَغَاثَهُم ، قال : وقال بعضهم : أَعْطَاهم ، والأَوّل أَكْثَرُ ، وفي التنزيل العزيز : { *!وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ } ( سورة الإسراء ، الآية : 6 ) ( أَو ) ما كان ( في الشَّرِّ ) فإِنك تقول ( *!مَدَدْتُه ، و ) ما كان ( في الخَيْرِ ) تقول ( *!أَمْدَدْتُه ) بالأَلف ، قاله يُونُس ، قال شيخُنا : هو على العَكْس في وَعَدَ وأَوْعَدَ ، ونقَلَ الزمخشريُّ عن الأَخفش : كُلُّ ما كان من خَيْرٍ يقال فيه : *!مَدَدْتُ ، وما كان مِن شَرَ يقال فيه : *!أَمْدَدْت ، بالأَلف . قلت : فهو عكس ما قاله يُونُس . وقال المُصنّف في البصائر : وأَكثَرُ ما جاءَ *!الإِمداد في المَحْبُوب ، والمَدَد في المَكْرُوه ، نحو قوله تعالى : { *!وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مّمَّا يَشْتَهُونَ } ( سورة الطور ، الآية : 22 ) .
{ *!وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ *!مَدّاً } ( سورة مريم ، الآية : 79 ) .
( و ) *!الإِمداد : ( أَن تُعْطِيَ الكاتِبَ *!مُدَّةَ قَلَمٍ ) أَو *!مُدَّةً بقلم ، كما في بعض الأُمَّهاتِ ، يقال : *!-مُدَّني يا غلامُ *!-وأَمْدِدْنِي ، كما تقدّم .
( و ) *!الإِمداد ( في الجُرْحِ : أَن تَحْصُلَ فيه *!مِدَّةٌ ) ، وهي غَثِيثَتُه الغَلِيظَة ، والرَّقيقةُ : صَدِيدٌ ، كما في الأَساس ، قال الزمخشريّ : *!أَمَدَّ الجُرْحُ ، رُبَاعِيًّا لا غيرُ ، ونقلَه غير واحدٍ .
( و ) الإِمدادُ ( في العَرْفَجِ : أَن
____________________

(9/161)


يَجْرِيَ الماءُ في عُودِهِ ) ، وكذا الصِّلِّيَان والطَّرِيفة .
( *!والمَادَّةُ : الزِّيادَةُ المُتَّصِلَةُ ) . *!وَمَادَّةُ الشيْءِ : ما *!يَمُدُّه ، دَخلتْ فيه الهاءُ للمبالغة . والمَادَّةُ : كُلُّ شَيْءٍ يكونُ مَدَداً لغيرِهِ ، ويقال : دَعْ في الضَّرْع مَادَّةَ اللَّبنِ . فالمَتْرُوك في الضَّرْع هو الدَّاعِيَةُ ، وما اجتمع إِليه فهو المَادَّة .
( *!والمُمَادَّةُ : المُمَاطَلَةُ ) وفُلانٌ *!يُمَادُّ فُلاناً ، أَي يماطِله ويُجَاذِبه . وفي الحديث ( إِن شَاءُوا *!مَادَدْنَاهُم ) .
( *!والاسْتِمْدادُ : طَلَبُ *!المَدَدِ ) *!والمُدَّةِ .
( و ) في التهذيب في ترجمة دمم : دَمْدَمَ إِذا عَذَّبَ عَذَاباً شَدِيداً ، و (*! مَدْمَدَ ) إِذا ( هَرَبَ ) ، عن ابنِ الأَعرابيّ .
( ) ومما يستدرك عليه :
*!مَدَّ الحَرْفَ *!يَمُدُّه *!مدًّا : طَوَّلَه . قال ثعلب : كُلُّ شيْءٍ *!مَدَّه غَيْرُه فهو بأَلفٍ ، يقال *!مَدَّ البَحْرُ *!وامْتَدَّ الحَبْلُ ، قال الليث : هاكذا تقول العرب .
وفي الحديث ( *!فَأَمَدُّها خَوَاصِرَ ) ايي أَوْسَعُها وأَتَمُّها .
والأَعرابُ أَصْلُ العَربِ *!ومَادَّةُ الإِسلامِ ، وهو مَجَازٌ أَي لِكَوْنِهم يُعِينُونَ ويُكَثِّرُونَ الجُيُوشَ ويُتَقَوَّى بِزكاةِ أَمْوَالِهم . وقد جاءَ ذالك في حديث سيّدنا عُمَر رضي الله عنه .
*!والمَدَدُ : العساكر التي تَلْحَق بالمَغَازهي في سَبِيلِ الله ، قال سيبويهِ : والجَمْع *!أَمْدَادٌ ، قال : ولم يُجَاوِزُوا به هاذا البِنَاءَ ، ومن ذالك الحَديثُ ( كان عُمَرُ رضي الله عنه إِذا أَتَى *!أَمْدَادُ أَهْلِ اليَمَنِ سأَلَهم : أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ ) . وفي حديث عَوْف بن مالك ( وَرَافَقَنِي *!-مَدَدِيّ من اليَمَنِ ) هو مَنْسُوبٌ إِلى المَدَدِ .
وكُلُّ ما أَعَنْتَ به قَوْماً في حَرْبٍ أَو غيرِه فهو مادَّة لَهم .
وفي حَدِيثِ الرَّمْيِ ( مُنْبِلُه *!والمُمِدُّ به ) أَي الذي يَقُوم عند الرَّامِي
____________________

(9/162)


فيُنَاوِلُه سَهْماً بعد سَهْم أَو يَرُدُّ عَلَيْه النَّبْلَ من الهَدَفِ ، يقال *!أَمَدَّه *!يُمِدُّه فهو *!مُمِدٌّ .
وفي حديث عليَ كَرَّمَ الله وَجْهَه : ( قائلُ كَلِمَةِ الزُّورِ والذي *!يَمُدُّ بِحَبْلِهَا في الإِثْمِ سَوَاءٌ ) مَثَّلَ قائِلَها بالمَائحِ وحاكِيَهَا بالماتِح الذي يَجْذِب الحَبْلَ على رَأْسِ البِئرِ *!ويَمُدُّه ، ولهذا يقال : الرَّاوِيَةُ أَحَدُ الكَاذِبَيْنِ .
*!ومَدَّ الدَّوَاةَ ، *!وأَمَدَّها : زاد في مائِها ونِقْسِهَا ، *!ومَدَّهَا *!وأَمَدَّها : جَعَلَ فيها *!مِداَداً ، وكذالك *!مَدَّ القَلَمَ *!وأَمَدَّه ، *!واسْتَمَدَّ من الدَّواة : أَخَذ منها *!مِدَاداً . *!والمَدَّة ، بالفتحِ الوَاحِدَةُ ، مِن قَوْلِك *!مَدَدْتُ الشيْءَ .
ومن المَجاز : *!مَدَّ الله في عُمرِك ، أَي جعَل لِعُمْرِك *!مُدَّةً طَوِيلَةً ، *!ومَدَّ في عُمْرِه بشيْءٍ *!وامْتَدَّ عُمرُه ، *!ومَدَّ الله الظِّلَّ ، *!وامْتَدَّ الظِّلُّ والنَّهارُ ، وظِلٌّ *!مَمْدُودٌ . *!وامْتَدَّتِ العِلَّة . وأَقمْتُ *!مُدَّةً *!مَدِيدَةً . كل ذالك في الأَساس .
وقال ابنُ القطاع في الأَفعال : *!مَدَّ الله تعالى في العُمْرِ : أَطالَه ، وفي الرِّزْقِ : وَسَّعَه . والبَحْرُ والنَّهْرُ : زَادَ ، *!ومَدَّهُمَا غَيْرُهما .
وفي اللسان *!امْتَدَّ النهارُ : تَنَفَّس ، وامْتَدَّ بهم السَّيْرُ : طَالَ ، ومَدَّ في السَّيْرِ : مَضَى .
وفي الأَفعال لابن القَطَّاع : *!وأَمَدَّ الله تعالى في الخَيْرِ : أَكْثَرَه .
*!ومَدَّ الرَّجُلُ في مِشْيتِه : تَبَخْتَر .
*!ومُدَّ الإِنسانُ *!مَدًّا : حَبِنَ بَطْنُه .
وفي الأَساس : وهاذا *!مَمَدُّ الحَبْلِ . وطِرَازٌ *!مُمَدَّد . قلت : أَي *!مَمدود بالأَطْنَاب ، شُدِّد للمبالغَة . *!ومادَّهُ الثَّوْبَ *!وتَمَادَّاهُ ، ومن المَجازِ : مَدَّ فُلانٌ فِي وُجُوهِ المَجْدِ غُرَراً ، وله مالٌ مَمْدُودٌ : كثير .
واستدرك شيخنا هنا نَقْلاً عن بعض أَربابِ الحواشي : تَمَادى به الأَمْر
____________________

(9/163)


أَصلُه تَمادَدَ ، بدالَيْنه مُضَعَّفاً ، ووقَع الإِدال ، كتَقَضَّى ونَحْوِه ، وقيل . من المَدَى ، وعليه الأَكْثَر ، فلا إِبدالَ ، وموضِعه المعتلُّ . قلت : وفي اللسان ، قال الفرزدق :
رَأَتْ كَمَراً مِثْلَ الجَلاَمِيدِ فَتَّحَتْ
أَحَالِيلَها لَمَّا اتْمَأَدَّتْ جُذُورُها
قيل في تفسيره : اتمأَدَّت ، قال ابنُ سهيده : ولا أدرِي كيف هاذا اللهُمَّ إِلاّ أَن يريد *!تَمَادَّتْ فسَكَّنَ التَّاءَ واجْتَلَب للساكِن أَلِفَ الوَصْلِ كما قالوا : { ادكر } و { ادارأتم فيها } وهَمَز الأَلف الزائدة كما هَمز بعضُهم أَلِف دَابَّة فقال دَأَبَّة .
*!ومُدُّ ، بالضمّ ، اسم رجُلٍ من دارِمٍ ، قال خالدُ بن عَلْقَمَة الدَّارِمِيّ يَهجو خُنْشُوشَ بن مُدَ :
جَلإَى الله خُنْشُوشَ بنَ مُدَ مَلاَمَةً
إِذَا زَيَّنَ الفَحْشَاءَ للنَّاسِ مُوقُها
وأَرْضٌ *!مَمْدُودَةٌ : أُصْلِحَتْ بالمِدَادِ . *!والمَدَادِينُ جَمْع *!مِدَّانٍ ، للمِيَاه المِلْحَةِ .
*!والمَدَّادُ ، ككَتَّانٍ : الحَبَّارُ ، وهو *!المَدَّادِيُّ أَيضاً ، والولِيدُ بن مُسْلِم المَدَّادِيّ من شُعَرَاءِ الأَندلس في الدَّولَةِ العامِرِيّة .
وقد سَمَّوْا *!مَمْدُوداً .
مذد : ( ) ومما يستدرك عليه :
مَذَادٌ ، كسَحابٍ : وادٍ بين سَلعٍ والخَنْدَقه ، وله ذِكْرٌ في الحديث ، هنا ذَكَره غيرُ واحدٍ من أَئمّة الغريبِ ، وقد أَشرنا له في ذود آنفاً فراجعْه .
مرد : ( مَرَدَ ) على الأَمْر ( كنَصَرَ وكَرُم ) يَمْرُد ( مُرُوداً ومُرُودَةً ) ، بضمّهما ( ومَرَادَةً ) ، بالفتح . ( فهو مارِدٌ ومَرِيدٌ ، و ) تَمَرَّدَ فهو ( مُتَمَرِّدٌ : أَقْدَمَ ) ، وفي اللسان : أَقْبَلَ ( وعَتَا ) عُتُوًّا ، وقال ابنُ القَطَّاع في الأَفعال : مَرَدَ الإِنسانُ والسلطَانُ أَي كنصر مَرَادَةً : عَتَا وعَصَى ، ومَرُدَ أَيضاً كذالك ، وفي
____________________

(9/164)


الأَساس : المارِد : هو العاتِي وهو مَارِدٌ مِن المُرَّادِ ، وتَمَرَّدَ ، وشَيْطَانٌ مَرِيدٌ ومِرِّيدٌ ونقَل شَيْخُنا عن بعضِ أَئمّة اللُّغَة مَرُدَ ، كخَبُثَ وَزْناً ومَعْنًى ، ( أَو هُوَ ) أَي المُرُودُ تَأْوِيلُه ( : أَن يَبْلُغَ الغَايَةَ التي يَخْرُجُ بها مِن جُمْلَةِ مَا عَلَيْهِ ذالك الصِّنْفُ ، ج ) ، مُحَرَّكةً ، جمع مارِدٍ ، ( ومُرَدَاءُ ) جمع مَرِيدٍ كحُنْفَاءَ ، وشَيْطَانٌ مَرِيد ومارِدٌ واحِدٌ ، وهو الخَبِيثُ المُتَمَرِّدُ الشِّرِّير ، وفي حديث رمضان ( وتُصَفَّدُ فيه مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ) .
ومَرَد على الشَّرِّ وتَمَرَّدَ : عَتَا وطَغَا ، ( و ) قال أَبو تُراب : سمعْت الخُصَيْبِيَّ يقول : ( مَرَدَه ) وهَرَده ، إِذا ( قَطَعَه ، و ) هَرَطه ( : مَزَّقَ عِرْضَهُ ) ، كَهَرَدَه .
( و ) مَرَدَ ( على الشيْءِ ) مُرُوداً ( : مَرَنَ واستَمَرَّ ) ، ومَرَدَ على الكلامِ ، أَي مَرَن عليه لا يَعْبَأُ به ، وأَصلُ معنَى التَّمرُّدِ التَّمَرُّنُ ، أَي الاحَتِيَادُ ، كما نقلَه بعضهم ، قال الله تعالى : { وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النّفَاقِ } ( سورة التوبة ، الآية : 101 ) قال الفَرَّاءُ : يُريد : مَرَنُوا عليه ( وجُرِّبوا ) ، كقولك : تَمَرَّدُوا . وقال ابنُ الأَعرابيّ : المَرْدُ : التَّطَاوُلُ بالكِبْرِ والمَعَاصِي ومنه قوله تعالى : { مَرَدُواْ عَلَى النّفَاقِ } ، أَي تَطَاوَلُوا . وفي المُفْرَدات للرَّاغِب : هو مِن قَوْلِهم : شَجَرَةٌ مَرْدَاءٌ ، أَي لا وَرَقَ عليها ، أَي أَنَّهُم خَلَوْا عن الخَيْرِ .
( و ) مَرَدَ الصَّبيُّ ( الثَّدْيَ ) ، أَي ثَدْيَ أُمِّه مَرْداً ( : مَرَسَه ) ، وفي الأَفعال لابن القطّاع : مَصَّه .

تابع كتاب ( و ) مَرَدَ ( الخُبْزَ ) والتَّمْرَ في الماءِ يَمْرُدُه مَرْداً ، أَي ( مَاثَه حتى يَلِينَ ) . وفي المحكم : أَنْقَعَهُ ، وهو المَرِيدُ ، وقال الأَصْمَعِيُّ : مَرَذَ فُلانٌ الخُبْزع في الماءِ ، أَيضاً ، بالذال المعجمة ، ومَرَثَه ، إِذا لَيَّنَه وفَتَّتَه .
____________________

(9/165)



( و ) عن ابن الأَعرابيّ : المَرَدُ : نَقَاءُ الخَدَّيْنِ مِن الشَّعر ، ونَقَاءُ الغُصْنِ مِن الوَرَقِ ، و ( الأَمْرَدُ : الشابُّ ) الذي ( طَرَّ شَارِبُه ولمْ تُنْبُتْ ) وفي ، بعض الأُمهات : ولم تَبْدُ ( لِحْيَتُه ) بَعْدُ ، وقد ( مَرِدَ كفَرِحَ مَرَداً ومُرُودَةً . وتَمَرَّدَ : بَقِيَ زَماناً ثم الْتَحَى ) بعد ذالك وخَرَجَ وَجْهُه ، وفي حديث مُعَاوِيَة ( تَمَرِّدْتُ عِشْرِينَ سَنَةً ، وجَمَعْتُ عِشرِينَ ، ونَتَفْتُ عِشرِين وخَضَبْتُ عِشْرِين ، وأَنا ابنُ ثَمَانينَ ) أَي مَكَثْتُ أَمْرَدَ عشرينَ سَنَةً ثم صِرْتُ مُجْتَمِعَ اللِّحْيَةِ عشرِينَ سنَةً .
( و ) من المَجاز ( المَرْدَاءُ : الرَّمْلَةُ ) المُتَسَطِّحَةُ ( لا تُنْبِتُ . و ) المَرْدَاءُ ، بِعَيْنِهَا ( رَمْلَةٌ بِهَجَرَ ) لا تُنْبِتُ شيئاً ، قال أَبو النَّجْمِ :
هلا سَأَلْتُمْ يَوْمَ مَرْدَاءٍ هَجَرْ
وزَمَنَ الفِتْنَةِ مَنْ سَاسَ البَشَر
مُحَمَّداً عَنَّا وعَنْكُمْ وعُمَرْ
وقال ابنُ السِّكّيت : المَرَادِي : رِمَالٌ بِهَجَرَ مَعروفَةٌ ، واحدتها مَرْدَاءُ ، قال ابنُ سِيدَه : وأُرَاهَا سُمِّيت بِذلك لِقِلَّة نَبَاتِها ، قال الراعِي :
فَلَيْتَكَ حَالَ الدَّهْرُ دُونَكَ كُلُّه
ومَنْ بِالمَرَادِي مِنْ فَصِيحٍ وأَعْجَمَا
وقال الأَصمعيّ : أَرْضٌ مَرْدَاءُ وجَمْعُها مَرادٍ وهي رِمَالٌ مُنْبَطِحَة لا يُنْبَتُ فيها ، ومنها قيل للغلامِ أَمْرَدُ ، وقال الأَزهريُّ مثلَ قولِ ابن السِّكِّيت .
( و ) من المَجاز : المَرْدَاءُ ( : المَرْأَةُ لا اسْتَ لَهَا ) ، هاكذا بالهمزة والسين المهملة والتاءِ المثنّاة الفوقيّة في نُسختنا ، ويُؤَيّده أَيضاً قولُ الزمخشريِّ في الأَساس : وامرأَةٌ مَرْدَاءُ : لم يُخلَق لها اسْتٌ . وهو تصحيف ، والذي في اللسان والتكملة : وامرأَةٌ مَرْدَاءُ : لا إِسْبَ لهَا . بالبَاءِ الموحّدة . ثم قال : وهي شِعْرَتُها . وفي الحديث : ( أَهْلُ الجَنَّةِ جُرْدٌ مُرْدٌ ) .
( و ) من المجاز : المَرْدَاءُ ( : الشَّجَرَةُ لا وَرَقَ عَلَيْهَا ) وغُصْنٌ أَمْرَدُ ، كذالك ،
____________________

(9/166)


وقال أَبو حنيفة : شجَرةٌ مَرْدَاءُ : ذَهَبَ وَرَقُها أَجْمَعُ ، وغُلامٌ أَمردُ بَيِّنُ المَرَدِ ، بالتحريك ، ولا يقال : جارِيَةٌ مَرْدَاءُ ، ويقال : شَجَرَة مَرْدَاءُ ، ولا يُقال غُصْنٌ أَمحرَدُ ، وقال الكسائيُّ : شَجَرةٌ مَرداءخ ، وغُصنٌ أَمْرَدُ : لا وَرَقَ عليهما . قلت : وإنكارُ غُصن أَمْرَد روِي عن ابنِ الأَعرابيّ .
( و ) مَرْدَاءُ ( : ة بنَابُلُسَ ، ويُقْصَرُ ) ، كما هو المشهور على الأَلْسِنة ، خرج منها الفُقَهَاءُ والمُحَدِّثون ، منهم العَلاَّمة قاضي القُضَاةِ جَمَالُ الدينِ يوسفُ بن محمّد بن عبد الله المَرْدَاوِيُّ الحَنْبَلِيُّ مُؤَلِّف الأَحكام ، وأَبو عبد الله مُوسى بن محمّد بن أَبي بكْر بن سالمِ بن سَلْمَان المَرْدَاوِيّ الفقيهُ الحنبليُّ ، من شيوخ التَّقِيِّ السُّبْكِيّ ، تُوفّيَ بِمَرْدَا سنة 719 ، وكذلك أَبو بكر كان من المحدِّثين .
( ومُرَيْدَاءُ ) ، مُصَغَّرَّا ممدوداً ( : ة بالبَحْرَينِ ) .
( والتَّمْرِيدُ في البِنَاءِ : التَّمْلِيسُ والتَّسْوِيَةُ ) والتَّطْيِينُ .
( وبِنَاءٌ مُمَرَّدٌ ) ، كمُعَظَّمٍ ( : مُطَوَّلٌ ) وقال أَبُو عُبَيْدٍ : المُمَرَّد : بِنَاءٌ طَوهيلٌ . قال أَبو منصور : ومنه قوله تعالى : { صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مّن قَوارِيرَ } ( سورة النمل ، الآية : 44 ) وقيل : المُمَرَّد : المُمَلَّس ، ومنه الأَمْرَد ، لِلِينِ خَدَّيْهِ ، كذا في زوائد الأَمَالِي للقالي .
( والمارِدُ : المُرْتَفِعُ ) م ن الأَبْنِيَةِ .
( و ) المارِد ( : العَاتِي ) ، وفي حيثِ العِرْبَاضِ ( وكانَ صاحِبُ خَيْبَرَ رَجُلاً مارِداً مُنْكَراً ) ، أَي عاتِياً شَديداً . وأَصله من مَرَدَةِ الجِنِّ والشياطينِ .
( و ) مارِدٌ ( : قُوَيْرَةٌ مُشْرِفَةٌ مِن أَطْرَافه خَيَاشِيمِ الجَبَلِ المَعْرُوفِ بالع 2 ارِض ) باليَمَامَةِ ، وفي المَرَاصد : مارِدٌ : مَوْضِعٌ باليمامة .
( و ) مَارِدٌ ( : حِصْنُ بِدُومَةِ الجَنْدَلِ ، والأَبْلَقُ : حِصْنٌ بِتَيْمَاءَ ) كِلاهما بالشَّام ، كذا في المحكم ، وفي التهذيبِ : وهما حِصْنَانِ في بِلادِ العَربِ ، قال المفَضَّلُ : ( قَصَدَتْهُمَا
____________________

(9/167)


الزَّبَّاءُ فعَجَزَتْ ) عن قِتَالِهِما ( فقالَتْ : ( تَمَرَّدَ مَارِدٌ وعَزَّ الأَبْلَقُ ) ) وذَهَبَ مَثَلاً لِكُلِّ عَزِيزٍ مُمْتَنِعٍ ، وهو مَجَازٌ وأَورده المَيْدَاني في مَجمَعِ الأَمثالِ وقال : مارِدٌ : حِصْنُ دومَةِ الجَنْدَلِ ، والأَبْلَقُ : حِصْنٌ للسَّمَوْأَلِ بن عَادِيَا ، قيل : وُصِف بالأَبْلَق لأَنه بُنِيَ مِن حِجارةٍ مُخْتَلفَة بأَرْض تَيْمَاءَ ، وهما حِصْنَانِ عَظِيمانه قَصَدَتْهُمَا الزَّبَّاءُ مَلِكَةُ العَرَبِ فلم تَقْدِر عليهما فقالتْ ذالك ، فصارَ مَثَلاً لكُلِّ ما يَعِزُّ ويمْتَنِعُ على طالِبه ، وقد أَعادَه المُصَنّف مرَّةً أُخرَى في بلق .
( والتِّمْرَادُ ، بالكسر : بَيْتٌ صَغِيرٌ ) يجْعَل ( في بَيْتِ الحَمَامِ ) بالتخفيف ( لِمَبْيَضِهِ ، فإِذا نَسَقَه بَعْضاً فَوْقَ بَعْضٍ فهو التَّمَارِيدُ ، وقد مَرَّدَه صاحِبُه تَمْرهيداً وتَمرَاداً ) بفتح التاءِ ، والتِّمْرَاد ، بالكسر الاسم .
( المَردُ ) ، بفتح فسكونٍ ( : الغَضُّ مِن ثَمَرِ الأَراكِ ، أَو نَضِيجُه ) ، وقيل : هَنَوَاتٌ منه حُمْرٌ ضَخْمَةٌ ، أَنشد أَبو حنيفةَ :
كِنَانِيَّةٌ أَوْتَادُ أَطْنَابِ بَيْتِها
أَراكٌ إِذا صَافَتْ بِه المَرْدُ شَقَّحَا
الواحِدة مَرْدَةٌ . وفي التهذيب : البَرِيرُ : ثَمَرُ الأَراكِ ، فالغَضُّ منه المَرْدُ ، والنَّضِيجُ الكَبَاثُ .
( و ) المَرْدُ ( : السصوْقُ الشديدُ ، و ) المَرْدُ ( : دَفْعُ المَلاَّحِ السفينةَ بالمُرْدِيِّ ، بالضمِّ ) اسم ( لِخَشَبَةٍ ) أُعِدَّت ( للدَّفْعِ ) ، والفِعْل يَمْرُد ، وفي الأَفْعَال ، وهي المجْدَافُ ، قال رؤبة :
إِذَا أَصْمَأَكَّ أَخْدَاهُ ابْتَدَّا
صَلِيفَ مُرْدِيَ ومُصْلَخِدَّا
( ومُرَادٌ ، كغُرَابٍ : أَبو قَبِيلَةٍ ) من اليمن ، وهو مُرَاد بن مالِكِ بن زيدَ ابن كَهْلاَن بن سَبَإٍ وكان اسْمُه يَحَابِرِ فَسُمِّيَ مُرَاداً ( لأَنّه تَمَرَّدَ ) ، وقال ابنُ دُرَيْد : يَحَابِر جمْع يَحْبُورَة ،
____________________

(9/168)


وسُمِّيَ مُرَاداً لأَنّه أَوَّل مَن مَرَدَ باليَمَن .
وفي المصباح ، مُرَاد قَبِيلةٌ مِن مَذْحِج . قلت ومَذْحج هو مالك بن زَيْد المُتَقدّم ذِكْرُه في التهذيب ، وقيل إِن نَسبهم في الأَصل من نِزار .
( و ) المَرادُ ( كسَحَابٍ وكَتَّانٍ العُنُقُ ) ، وعلى الأَوّل اقتصرَ الجَوْهَرِي ( ج مَرارِيدُ ) .
( ومَارِدُونَ : قَلْعَةٌ م ) أَي معروف على قُنَّةِ جَبَل الجزِيرة مُشْرِفَة على بلادٍ كثيرة ، وفضاءٍ واسِعٍ ، تَحْتَهَا رَبَضٌ عَظِيم فيه أَسواقٌ ومَدارِسُ ورُبُطٌ ، ودُورُهم كالدَّرَجِ ، وكلُّ دَرْبٍ يُشْرِف على ما تَحْتَه من الدُّورِ ، والماءُ عندهم قليلٌ ، وأَكثرُ شُرْبِهم من الصهاريج التي يُعِدُّونها في بُيوتهم ، كذا في المراصد . ( و ) تقول ( في النَّصْب والخَفْض مَارِدِينَ ) ، أَي إِنه مُلْحَق بجمع المُذكّر السالم في الإِعراب ، كصِفِّين وفِلَسْطِينَ ونَحْوِهما .
قال شيخنا : ومنهم من يُلْزِمُها اليَاءَ ، كحِينٍ ، ومنهم من يُلْزِمها الواوَ وفتحَ النون .
( والمَريدُ ) ، كأَمير ( : التَّمْرُ يُنْقَعُ في اللَّبَنِ حتى يَلِينَ ، و ) قد مَرِدَ ( كفَرِح : دَامَ على أَكحلِه ) ، وقال الأَصمعيُّ : ويقال لِكُلِّ شيْءٍ دُلِكَ حتّى اسْتَرْخَى : مَرِيدٌ ، والتمْرُ يُلْقَى في اللَّبَن حَتَّى يَلِينَ ثم يُمحرَدُ باليَدِ : مَريدٌ . ( و ) المَرِيدُ أَيضاً ( : الماءُ بِاللَّبَنِ ) وبه فُسِّرَ قولُ النابِغَة الجَعْدِيّ :
فَلَمَّا أَبَى أَنْ يَنْزِعَ القَوْدُ لَحْمَه
نَزَعْتُ المَدِيدَ والمَرِيدَ لِيَضْمُرَا
( و ) المرِّيد ( كسِكِّيتٍ : الشديدُ المَرَادَةِ ) ، أَي العُتُوِّ ، مثل الخِمِّيرِ السِّكِّير .
( و ) مُرَيْدٌ ، ( كزُبَيْرٍ : ع بالمدينة ) شرَّفها الله تعالى ، وهي أَطَمَةٌ بها لِبَنِي خَطْمَةَ ، وقد جاءَ ذِكْرُه في الحديث .
____________________

(9/169)



( ومُرَيْدٌ الدَّلاَّلُ ) أَبو حاتمٍ ، روى عن أَيُّوبَ السِّخْتِيَانيّ ، وعنه ابنُه حاتِم بن مُرَيْد . ( وعَبْدُ الأَوَّلِ بنُ مُرَيْدٍ ) من بني أَنْفِ النَّاقَةِ ، روَى عنه محمّد بن الحسن بن دُرَيد . ( وَرَبِيعَةُ بنْتُ مُرَيْدٍ ) روَى عنها المُنْتَجِعُ بن الصَّلْت ( وأَحْمَدُ بن مُرادٍ ) الجُهَنِيّ ( مُحَدِّثُونَ ) .
( ومَارِدَةُ : كُورَةٌ ) واسِعَة ( بالمَغْرِب ) من أَعمالِ قُرْطُبة ، وهي مَدِينة رائعةٌ كثيرةُ الرُّخَامِ عَاليَة البِنْيَانِ ، بَينها وبين قُرْطُبَة سِتَّةُ أَيّام .
( و ) في الحديث ذكر ( ثَنِيَّة مَرْدَانَ ) ، بفتح فسكون ، وهي ( بينَ تَبُوكَ والمَدِينةِ ) وبها مَسْجِدٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم
( ) ومما يستدرك عليه :
المَرُود ، كصَبُورٍ ، والمارِدُ : الذي يَجِىءُ ويَذْهَب نَشاطاً ، قال أَبو زُبَيْد :
مُسْنِفَاتٌ كَأَنَّهُنَّ قَنَا الهِنْ
دِ ونَسَّى الوَجِيفُ شَغْبَ المَرُودِ
ومَرِدَ ، كفرِحَ : تَطَاوَل في المَعَاصِي لُغَة في مَرَدَ كنَصر ، عن الصاغانيّ .
ومُرَاد : حِصْن قريبٌ من قُرْطُبة ، وعبدُ الله بن بكر بن مَرْدَان شَيْخٌ لغُنْجَار ، ومَرْدَان لَقَبُ مُقَاتِل بن رَوْحٍ المَرْوَزِيّ والد محمدٍ شيخِ البخارِيّ ، وأَبو محمّدٍ عبدُ الله بن محمّد بن مَكِّيَ المعروفُ بابنه مارِدَةَ المَارِدِيُّ نُسب إِلى جَدِّه ، مات ببغداد سنة 444 .
ومَرَدْت الشيءَ ومَرَّدْته : لَيَّنْتُه وصعقَلْتُه .
والمَرْدُ : الثَّرْدُ .
ومَرَدَ الشيءَ في الماءِ : عَرَكَه .
ومَرَدَ الغُصْنَ : أَلْقَى عنه لِحَاءَه ، كمَرَّدَه .
ومَرِدَت الأَرضُ مَرَداً ، لم تُنْبِتْ إِلاَّ نَبْذاً . ومَرِدَ الفَرَسُ ، لم يَنْبُتْ على ثُنَّته شَعْرٌ . كذا في الأَفعال .
والمِرَادُ ، ككِتَابٍ : ثَنِيَّةٌ في جَبلٍ تُشْرِف على الحُدَيْبِيَة ، كما في الرَّوْض .
وعَشائرُ بن محمّد بن ميمون بن
____________________

(9/170)


مَرَّاد التميميُّ ، ككَتَّانٍ ، أَبو المعالي الحِمْصِيّ ، من شيوخ السَمْعَانيّ .
ومُرَيْد قَبيلة من بَلِيَ ، وهم حُلفاءُ بني أُمَيَّةَ بن زيد ، ويقال لهم الجَعَادِرَة ، منهم امرأَةٌ مُسْلِمَةٌ لها شِعْرٌ في السِّيرة .
ومَرُودةُ ، مُخَفَّفاً ، جَدُّ أَبي الفضل محمّد بن عثمان بن إِسحاق بن شُعَيبِ بن الفضل بن عامصغ النَّسَفِيّ المَرُودِيّ ، أَثْنَى عليه المخسْتغفِرِيّ ، ورَوَى عنه .
وقالت امرأَةٌ لِزَوْجِهَا : يا شيخُ ، فقال لها : مِنْ أَيْنَ ( لي ) لك أُمَيْرِدٌ ) فصارَ مَثَلاً .
ومن المجاز : جَبَلٌ مُتَمَرِّد . وجِبَالٌ مُتَمَرِّدَاتٌ .
وميردةُ : من قُرَى أَصْفَهَان ، نزَلَها أَبو الحسن محمّد بن أَحمد بن محمّد بن الحسين الأَصفهانيْ ، سمع أَبا الشيخِ وغيره .
مرند : ( مَرَنْدُ ) ، بفتحتين وسكون النون ، أَهمله الجوهريّ ، وقال الصاغانيُّ : هو ( د ، بِأَذْرَبِيجانَ ) على عَشْرَةِ فراسِخَ من تبْرهيزَ ، تُجْلَب منه الطَّنَافِسُ ، ومنه أَبو الوفاءِ الخَلِيلُ بن الحسن بن محمّد المَرَنْدِيّ الشافِعِيّ ، تَفَقَّه ببغدادَ على أَبي أَسحاق الشِّيرازِيّ ، وسمع ابنَ النَّقُور وابنع النَّرْسِيّ ومات ، ببغداد سنة 512 .
مرخد : ( امْرَخَدَّ الشيْءُ ) ، أَهمله الجوهَرِيُّ والصاغانيُّ . وفي اللسان : إِذا ( اسْتَرْخَى ) .
مزد : ( ما رَأَيْنَا مَزْداً في هاذا العامِ ) أَهمله الجوهَرِيّ ، وقال اللَّيْثُ : ( أَي بَرْداً ) ، أَبدل الزايَ من الصادِ ، وعبارة اللسانِ : ما وَجَدْنَا لَهَا العَامَ مَزْدَةً ، كمَصْدَةٍ ، أَي لم نَجِدْ لها بَرْداً .
____________________

(9/171)



( والمَزْدُ : ضَرْبٌ من النِّكاح ) ، لغة من المصْد كما سيأْتي .
مسد : ( المَسْدُ : الفَتْلُ ) ، مَسَدَ الحَبْلع يَمْسُدُه مَسْداً : فَتَله ، وقال ابنُ السِّكِّيت : مَسَدَه مَسْداً : أَجَادَ فَتْلَه .
( و ) المَسْدُ ( إِدْآبُ السَّيْرِ ) في اللَّيْلِ ، وأَنشد الليثُ :
يُكَابِدُ اللَّيْلَ عَلَيْهَا فَسْدَا
وقيل هو السَّيْرُ الدّائِمُ ، لَيْلاً كان أَو نَهَاراً ، قال العَبْدِيُّ يَذْكر ناقَةً شَبَّهها بثورٍ وَحْشِيّ :
كَأَنَّهَا أَسْفَعُ ذُو جدَّةٍ
يَمْسُدُه القَفْرُ ولَيْلٌ سَدِى
كَأَنَّمَا يَنْظُرُ من بُرْقُعٍ
مِنْ تَحْتِ رَوْقٍ سَلِبٍ مِذْوَدِ
قوله يَمْسُده ، أَي يَطْوِيه ، يَعِني الثَّوْرَ . لَيْلٌ سَدٍ أَي نَدٍ ، وجعل الليث الدَّأَبَ مَسْداً لأَنَّه يَمْسُد خَلْقَ مَنْ يَدْأَبُ فَيَطْوِيه ويُضَمِّره .
( و ) المَسَدُ ( مُحَرَّكَةً : المِحْوَرُ ) يكون ( من الحَدِيدِ ) .
( و ) المَسَدُ : اللِّيف ، وبه فُسِّر قوله تعالى : { حَبْلٌ مّن مَّسَدٍ } ( سورة المسد ، الآية : 5 ) في قول : والمَسَدُ ( : حَبْلٌ مِن لِيف ) النَّخْل ( أَو لِيفٍ المُقْلِ ) قاله الزجَّاج ، ( أَو ) من خُوصٍ أَو شَعْرٍ أَو وَبَرٍ أَو صُوفغ أَو جُلُودِ الإِبل أَو ( مِن أَيِّ شَيْءٍ كانَ ) قاله ابنُ سِيدَه وأَنشد :
يَا مَسَدَ الخُوصِ تَعَوَّذْ مِنِّي
إِنْ تَكُ لَدْناً لَيِّناً فَإِنّي
مَا شِئْتَ مِنْ أَشْمَطَ مُقْسَئِنِّ
قَال : وقد يَكون مِن جُلُود الإِبل
____________________

(9/172)


لا مِنْ أَوْبَارِها ، وأَنشدَ الأَصْمعيُّ لعُمَارَةَ بنِ طارِقٍ .
فَاعْجَلْ بِغَرْبٍ مِثْلِ غَرْبِ طَارِقِ
ومَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيَانِقِ
لَيْسَ بِأَنْيَابٍ وَلاَ حَقَائِقِ
يقول : اعْجَلْ بِدَلْوٍ مِثْلِ دَلْوِ طارِق ومَسَدٍ فُتِلَ مِن نُوقٍ ليستْ بِهَرِمَةٍ ولا حَقَائِقَ ، جمع حِقَّةٍ وهي التي دَخَلَتْ في الرابِعَةِ وليس جِلْدُها بالقَوِيّ ، يريد : ليس جِلْدُها من الصغيرِ ولا الكبيرِ . بل هو من جِلْدِ ثَنِيَّة أَو رَبَاعِية أَو سَدِيسٍ أَو بازِل ، وخصّ به أَبو عبيد الحَبْل من اللّيف ، ( أَو ) هو الحَبْل ( المَضْفُورُ المُحْكَمُ الفَتْلِ ) ، من جميعِ ذالك ، كما تقول نَفَضْتُ الشجرةَ نَفْضاً وما نُفِضَ فهو نَفَضٌ . وفي الحديث ( حَرَّمْتُ شَجَرَ المَدينةِ إِلاَّ مَسَدَ مَحَالَةٍ ) المَسَدُ : الحَبْلُ المَفْتُول من نَبَاتٍ أَو لِحَاءِ شَجَرٍ ، وقال الزَّجَّاجُ في قوله عزَّ وجَلَّ : { فِى جِيدِهَا حَبْلٌ مّن مَّسَدٍ } ( سورة المسد ، الآية : 5 ) جاءَ في التفسير أَنَّهَا سِلْسِلَة طُولُها سَبْعُونَ ذِرَاعاً يُسْلَك بها في النَّارِ ، ( ج مِسَادٌ ) ، بالكسر ، ( وأَمْسَادٌ ) . وفي التهذيب : هي السِّلْسِلَة التي ذكرها الله عَزَّ وجلَّ في كِتابه فقال : { ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً } ( سورة الحاقة ، الآية : 32 ) وحَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ، أَي حَبْلَ مُسِدَ أَيَّ مَسْدٍ ، أَيْ فُتِلَ فَلُوِيَ ، أَي أَنَّها تُسْلَك في النارِ ، أَي في سِلْسِلَة مَمْسودةٍ وفُتلتْ من الحديد فَتْلاً مُحْكَماً ، كأَنّه قِيل : في جِيدِهَا حَبْلُ حَدِيدِ قد لُوِيَ لَيًّا شديداً .
( و ) من المَجاز : ( رَجُلٌ مَمْسُودٌ ) ، إِذا كان ( مَجْدُول الخَلْقِ ) ، أَي مَمْشُوقاً ، كأَنَّه جُدِلَ ، أَي فُتِل ، ( وهي بهاءٍ ) ، يقال : جَارِيَةٌ مَمْسُودَةٌ : مَطْوِيّة
____________________

(9/173)


مَمشوقَةٌ ، وامرأَةٌ مَمسودةُ الخَلْقِ ، إِذا كانَتْ مُلْتَفَّةَ الخَلْقِ ليس في خَلْقِها اصْطِرَابٌ ، وجارِيَةٌ حَسَنَةٌ المَسْدِ والعَصْبِ والجَدْلِ والأَرْمِ ، وهي مَمْسُودة ، ومَعْصوبة ، ومَجْدُولة ، ومَأْرومة .
( والمِسَادُ ، ككِتَابٍ ) لغة في ( المِسْأَب ) ، كمِنْبَرٍ ، وهو نِحْيُ السَّمْن ، وسِقَاءُ العَسَلِ ، ومنه قولُ أَبي ذُؤَيب :
غَدَا فِي خَافَةٍ مَعَهُ مِسَادٌ
فَأَضْحَى يَقْتَرِي مَسَداً بِشِيقِ
قال أَبو عمروٍ : المِسَادُ غَيْرُ مَهْموزٍ : الزِّقُّ الأَسْوَد .
( و ) في النوادِر : ( هو أَحْسَنُ مِسَادَ شِعْرٍ مِنْكَ . يُرِيد : أَحْسَنُ قِوَامَ شِعْرٍ ) .
( ) ومما يستدرك عليه :
المَسَدُ : المُغَارُ : الشَّدِيدُ الفَتْلِ .
وبَطْنٌ مَمْسُودٌ : لَيِّنٌ لَطيفٌ مُسْتَوٍ لا قُبْحَ فيه .
وساقٌ مَسْدَاءُ : مُستَوِيَةٌ حَسَنَةٌ .
والمَسَد : مِرْوَدُ البَكَرَةِ الذي تَدُور عليه .
ومَسَدَه المِضْمارُ : طَوَاه وأَضْمَرَه .
والمَسِيد ، كامِيرٍ ، لغةٌ في المَسْجِد في لُغَة مِصر ، وفي لغة الغَرْبِ هو الكِتَاب ، أَشار له شيخنا في س ج د . وفي قول رؤبة :
يَمْسُدُ أَعْلَى لَحْمِه ويَأْرِمُهْ
أَي اللَّبن يَشُدُّ لَحْمَه ويُقَوِّيه ، يقول : البَقْلُ يُقَوِّي ظَهْرَ هاذا الحِمَارِ ويَشُدُّه .
مصد : ( المَصْدُ : ) ضَرْبٌ من ( الرَّضَاع ) ، قاله الليثُ .
( و ) المَصْدُ ( : الجِماعُ ) ، يقال :
____________________

(9/174)


مَصَدَ الرجُلُ جَارِيَتَه وعَصَدَهَا ، إِذا نَكَحَهَا ، وأَنشد :
فَأَبِيتُ أَعْتَنِقُ الثُّغُورَ وأَنْتَفِي
عَنْ مَصْدِهَا وَشِفَاؤُها المَصْدُ
( و ) المَصْدُ ( : المَصُّ ) ، قال ابنُ الأَعرابيّ ، مَصَدَ جارِيَتعه ومَصَّهَا ورَشَفَهَا ، بمعنًى واحدٍ .
( و ) المَصْدُ ( : الرَّعْدُ ) والمَطَر .
( و ) المَصْدُ : البَرْدُ ، قاله الرِّياشيُّ ، وقال كُراع : ( شِدَّةُ البَرْدِ ، ويُحَرَّك ) ، وهاذه عن الصاغانيّ ، ( و ) أَيضاً شِدَّة ( الحَرِّ ، ضِدٌّ ) ، وقال أَبو زيد : يُقال ، مالَهَا مَصْدَةٌ ، أَي ما للأَرضِ قُرٌّ ولا حَرٌّ .
( و ) المَصْدُ : ( التَّذْلِيل ) . والمَصْدُ ( و ) المَزْدُ ( : الهَضْبَةُ العَالِيَةُ ) الحَمْرَاءُ ، ( كالمَصَدِ ) ، مُحَرَّكَةً ، ( والمَصَادِ ) كسَحابٍ ، ( ج أَمْصِدَةٌ ومُصْدَانٌ ) بالضمّ ، قال الأَزهريّ : ميم مَصاد ميم مَفْعَل ، وجُمِع على مُصْدَانٍ ، كما قالوا مَصيرٌ ومُصْرَانٌ ، على تَوَهُّم أَن الميمَ فاءُ الفِعْلِ .
( و ) قولهم : ( ما أَصَابتْنَا ) العَامَ ( مَصْدَةٌ ) ومَزْدَةٌ ، على البَدَل ، أَي ( مَطَرَةٌ ) .

تابع كتاب ( و ) المَصَادُ ، ( كسَحابٍ : أَعْلَى الجَبَلِ ) ، قال الشاعر :
إِذَا أَبْرَزَ الرَّوْعُ الكَعَابَ فَإِنَّهُمْ
مَصَادٌ لِمَنْ يَأْوهي إِليْهمْ ومَعْقِلُ
والجمع أَمْصِدَةٌ ومُصْدَانٌ ، كما في الصّحاح ، قال الصاغانيُّ : تَوهم أَنَّ ميم مَصَادٍ أَصْلِيَّة ، ولعلّه أَخذَه من كِتَاب ابنِ فارس ، والبيت لأَوْسِ بن حجر . انتهى ، ويقال : هو لقومِه مَعْقِلٌ ومَصَادٌ . وقال الأَصمعيُّ : المُصْدَانُ : أَعَالِي الجِبَالِ ، واحدُهَا مَصَادٌ ، ( و ) مَصَادٌ اسمُ ( جَبَل ) بِعَيْنِهِ .
( و ) مَصَادٌ اسمُ ( فَرَس نَبَيْشَةَ بنِ حَبِيبٍ ) نقله الصاغانيّ .
( و ) مَصَادٌ ( : اسْم ) رجُلٍ ، ( ويُضَمُّ ) فبالفَتح مَصَادُ بنُ عُقْبَة ، عن محمّد بن
____________________

(9/175)


عَمْرٍ و ، وعنه عُمعر بن أَيّوب المَوْصِلِيّ وبالضمّ بشْرُ بن عِصْمَةَ بن مُصَاد المُزَنِيّ ، كان مع عَلِيَ بِصِفِّينَ .
مضد : ( المَضْدُ ) ، أَهمله الجوهريّ ، وقال ابنُ دُريد : لغة في ( ضَمْد الرَّأْسِ ) ، يَمَانِيَة .
( و ) المَضَدُ ( بالتحريك : الحِقْدُ ) ، كالضَّمَد .
( ) ومما يستدرك عليه :
مَضَدَ ، إِذا جَمَعَ ، كنَضَدَ ، عن الليث .
معد : ( مَعَدَه ) ، أَي الشيْءَ ، مَعْداً ، ( كمَنعَه : اخْتَلَسَه ) وقيل : اخْتَطفَه فَذَهَبَ به ، قال :
أَخْشَى عَلَيْهَا طَيِّئاً وأَسَدَا
وخَارِبَيْنِ خَرَبَا فَمَعَدَا
لا يَحْسِبَانِ الله إِلاّ رَقَدَا
أَ اخْتَلَسَاهَا واخْتَطَفَاهَا .
( و ) مَعَدَ الشيءَ مَعْداً ( : جَذَبَه بِسُرْعَةٍ ) ، ومَعَدَ الدَّلْوع مَعْداً ومَعَدَ بِهَا : نَزَعَها وأَخْرَجَها من البئرِ ، وقيل : جَذَبَها ، ( كامْتَعَد ، فيهما ) . ونَزْعٌ مَعْدٌ : يُمَدُّ فيه بالبَكرَةِ ، قال أَحمَر ابن جَنْدَل السَّعديُّ :
يَا سَعْدُ يَا ابْنَ عُمَرٍ يَا سَعْدُ
هَلْ يُرْوِيْنَ ذَوْدَكَ نَزْعٌ مَعْدُ
وسَاقِيَانٍ ، سَبِطٌ وجَعْدُ
وقال ابن الأَعْرَابيّ : نَزْعٌ مَعْدٌ : سَرِيعٌ ، وبعضٌ يقول : شَديدٌ ، وكأَنَّه نَزْعٌ من أَسْفَلِ قَعْرِ الرَّكِيَّةِ .
( و ) مَعَدَه ( : أَصابَ مَعِدَتَه ) ، نقلَه ابن التيانيّ في شَرْح الفصيح .
( و ) مَعَدَ ( في الأَرضِ ) يَمْعَدُ مَعْداً ومُعُوداً ، إِذا ( ذَهَبَ ) ، الأَخيرة عن اللِّحْيَانيِّ .
( و ) مَعَدَ ( لَحْمَه : انْتَهَسَه ) .
( و ) مَعَدَ ( الشَّيْءُ : فَسَدَ ) .
( و ) مَعَدَ ( بالشيْءِ : ذَهَبَ ، مَعْداً ومُعُوداً ) ، ومن ذالك مَعَدَ بِخُصْيَيْهِ
____________________

(9/176)


مَعْداً : ذَهَبَ بهما ، وقيل : مَدَّهُما ، وقال اللِّحيانيُّ : أَخذَ فُلانٌ بِخُصْيَتَيْ فُلانٍ فَمَعَدَهما ، ومَعَدَ بهما ، أَي مَدَّهما واجْتَذَبهما .
( والمَعْدُ : الضخمُ الغليظُ ) ، وشيءٌ مَعْدٌ : غَلِيظٌ . ( و ) المَعْدُ ( : الغَلِيظُ ) ، قيل : ومنه أُخِذ تَمَعْدَدُوا ، كما سيأْتي .
( و ) المَعْدُ ( : البَقْلُ الرَّخْصُ ) .
( و ) المَعْدُ ( : الغَضُّ من الثَّمَرِ ) ، وفي اللسان : من الثِّمار .
( و ) المَعْدُ ( : السَّرِيعُ من الإِبِلِ ) ، يقال : بَعِيرٌ مَعْدٌ ، أَي سَريعٌ ، قال الزَّفَيَانُ :
لَمَّا رَأَيْتُ الظُّعْنَ شَالَتْ تُحْدَى
أَتْبَعْتُهُنَّ أَرْحَبِيًّا مَعْدَا
( و ) مَعْدُ ( بنُ مالِكٍ الطائيُّ ، و ) مَعْدُ ( بن الحارث الجُشَمِيُّ ) ، كذا في النُّسخ ، والصواب الخَثْعَمِيُّ ، كذا في التَّكْمِلَة .
( و ) المَعْدُ : ضَرْبٌ من الرُّطَب ، يقال : ( رُطَبَةٌ مَعْدَةٌ ومُتَمَعِّدَةٌ : طَرِيَّةُ ) ، عن ابنِ الأعرابيّ ، ( ورُطَبٌ ) ، وفي اللسان : بُسْرٌ ( ثَعْدٌ مَعْدٌ ) ، أَي رَخْصٌ ، وبَعضهم يقول هو ( إِتْبَاعٌ ) ، لا يُفْرَد .
( والمَعِدَةُ ، ككَلِمَةٍ ) ، وهي اللُّغَة الأَصلِيَّة ، ( و ) يقال فيها : المَعْدَةُ ( بالكسر ) ، والفتح ، كلاهما للتخفيف ، والكَسْر نَقَلَه ابنُ السِّكِّيت عن بعض العَربِ ، ويقال أَيضاً المِعِدَة ، بكسر الميم والعين ، فهي أَربعُ لُغَاتٍ ، نقلها شُرَّاحُ الفَصِيحِ وغيرُهُم ( : مَوضِعُ الطَّعامِ قَبْلَ انْحِدَاره إِلى الأَمْعَاءِ ) ، وقال الليث : التي تَستَوْعَبِ الطَّعَامَ من الإِنسان ( وهو لنا بمنزِلةِ الكَرِشِ ) لِكُلِّ مُجْتَرَ ، كما في الصحاح ، وفي المحكم : بمنزلة الكَرِشِ ( لِلأَظْلاَفِ والأَخْفَافِ ) أَي لِذَوَاتِهَا ( ج مَعِدٌ ) ومِعَدٌ ( ككَتِفٍ وعِنَبٍ ) ، تُوهِّمَتْ فيه فِعَلَةُ ، وأَما ابن جِنِّي فقال في جمع مَعِدَةٍ مِعَدٌ ، قال : وكان القياسُ أَن يقولوا مَعَدٌ ،
____________________

(9/177)


كما قالوا في جَمع نَبِقَةٍ نَبِقٌ ، وفي جمع كَلِمَةٍ كَلِمٌ ، فلم يقولوا ذالك وعَدَلُوا عنه إِلى أَن فَتحوا المَكْسور وكَسَروا المفتوح ، قال : وقد علمنا أَنَّ مِن شَرْطِ الجَمْعِ بِخَلْعِ الهاءِ أَن لا يُغَيَّر مِن صيغة الحُرُوفِ والحَركاتِ شيءٌ ولا يُزاد على طَرْحِ الهاءِ ، نحو تَمْرَة وتَمْر ونَخْلَة ونَخْل ، فلولا أَن الكَسْرَة والفَتْحَة عندهم تَجْرِيَانِ كالشيْءِ الواحِد . لَما قالُوا مَعِدٌ ونَقِمٌ في جمع مِعْدَةٍ ونِقْمَةٍ . وقياسه نِقْمٌ ومِعْدٌ ، ولاكنهم فعلوا هاذا لِقُرْبِ الحالَيْنِ عليهم ، ولِيُعْلِمُوا رَأَيَهم في ذالك فيُؤْنِسُوا به ويُوَطِّئُوا بِمكَانه لِمَا وراءَه . كذا في اللسان .
( ومُعِدَ ) الرجلُ ، ( بالضمِّ ) فهو مَمعودٌ ( : زَرِبَتْ مَعِدَتُه فلم تَستَمْرِىء ) ما يَأْكلُه من الطَّعَام ، وحكى ابنُ طَرِيفٍ . مُعِدَ الرجُلُ ، على ما لم يُسَمَّ فاعِلُه ، إِذا وَجِعَتْه مَعِدَتُه ، وحكى ابنُ القَطَّاع في الأَفعال مَعِدَ ، كفَرِحَ مَعَداً ومَعْداً وقال ابن سيده في العَوِيص : اشتقاقُ المَعِدَةِ من قولهم شيءٌ مَعْدٌ ، أَي قَوِيٌّ غَلِيظ ، وحكاه القَزَّازُ أَيضاً ، قال : وقيل : إِن اشتقاقها من قولهم مَعَدَ بِخُصْيَيْهِ إِذا معدَّهما ، فكأَن المَعِدَةَ سُمِّيَتْ بذالك لامتِدادِها .
نقله شيخنا .
( والمَعَدُّ ، كمَرَدَ : الجَنْبُ ) من الإِنسان وغيرِه ، وهما المدَّانِ ، وأَفردَه اللِّحْيَانيُّ ، وأَنشد شَمِرٌ في المَعَدِّ من الإِنسان :
وَكَأَنَّمَا تَحْتَ المَعَدِّ ضَئِيلَةٌ
يَنْفِي رُقَادَكَ سَمُّها وسَمَاعُها
يَعنِي الحَيَّة ، ( و ) المَعَدُّ ( : البَطْنُ ) ، عن أَبي عَلِيَ ، وأَنشد :
أَبْرَأْتَ مِنِّي بعرَصاً بِجِلْدِي
مِنْ بَعْدِ مَا طَعَنْتَ فِي مَعَدِّي
( و ) قيل المَعَدُّ ( : اللَّحْمُ ) الذي ( تَحْتَ الكَتِفِ ) أَو أَسْفَلَ منها قليلاً ، وهو من أَطْيَبِ لَحْم الجَنْبِ ،
____________________

(9/178)


قال الأَزهَرِيُّ : وتقول العربُ في مثلٍ يَضْرِبونَ ( قَدْ يَأْكُلُ المَعَدِّيُّ أَكْلَ السُّوءِ ) قال : هو في الاشتقاقِ يخرج عَلَى مَفْعَلٍ ويخرج على فَعَلَ ، على مثال عَلَدَ ، ولم يُشتَقَّ منه فِعْلٌ .
( و ) المَعَدُّ ( : مَوْضِعُ عَقهبِ الفَارهس ) ، وقال اللِّحيانيّ : هو مَوْضِع رِجْلِ الفارِس من الدَّابّة ، فلم يَخُصَّ عَقِباً من غيرِها ، ومن الرَّجُلِ مثلُه .
( و ) المَعَدُّ ( : عِرْقٌ في مَنْسِجِ الفرَسِ . والمَعَدَّانِ مِن الفَرَسِ : ما بَيْن رُؤُوس كَتِفَيْه إِلى مُؤَخَّرِ مَتْنِهِ ) ، قال ابنُ أَحْمَر يُخَاطِبُ امرأَتَه :
فَإِمَّا زَالَ سَرْجِي عَنْ مَعَدَ
وأَجْدِرْ بِالحَوَادِثِ أَنْ تَكُونَا
فَلاَ تَصِلِي بِمَطْرُوقٍ إِذَا مَا
سَرَى فِي القَوْمِ أَصْبَحَ مُسْتَكِينَا
يقول : إذا زالَ عَنْكِ سَرْجهي فبِنْتِ بِطَلاقٍ أَو بِمَوْتٍ فلا تَتَزَوَّجهي بعْدِي . هاذا المطروقَ ، وقال ابنُ الأَعرابيّ : معناه إِن عُرِّيَ فَرَسِي مِن سَرْجِي ومِتُّ :
فَبَكِّى يَا غَنِيُّ بِأَرْيَحِيَ
مِنَ الفِتْيَانه لا يُمْسِي بَطِينَا
وقيل : المَعَدَّانِ من الفرس : ما بَيْنَ أَسْفَلِ الكَتِفِ إِلى مُنْقَطَعِ الأَضلاعِ ، وهما اللَّحْمُ الغَلِيظُ المُجْتَمع خَلْفَ كَتِفَيْهِ ، ويُستَحَبُّ نُتُوءُهُما ، لأَن ذشلك المَوْضِعَ إِذا ضَاقَ ضَغَطَ القَلْبَ فغَمَّه . كذا في اللسان .
( ومَعَدٌّ : حَيٌّ ) سُمِّيَ بأَحَدِ هاذه الأَشياءِ . ( ويُؤَنَّثُ ) ، وغَلَب عليه التَّذْكِيرُ ، وهو مما لا يُقَال فيه : من بني فُلانغ ، وما كان على هاذه الصُّورَةِ فالتذكيرُ فيه أَغْلَب ، وقد يكون اسْماً للقبيلةِ ، أَنشد سِيبَوَيْهِ :
ولَسْنَا إِذَا عُدَّ الحَصَى بِأَقَلِّهِ
وإِنَّ مَعَدَّ الْيَوْمَ مُؤْذٍ ذَلِيلُها
( وهو مَعَدِّيٌّ ) ، في النسب ، ( ومنه ) المثل ( ( تَسْمَع بالمُعَيْدِيّ ) خَيْرٌ من أَن تَراه ) . وكان الكسائيّ يَرَى التَّشْدهيدَ في الدال فيقول : المُعَيْدِّيّ ، ويقول : إِنما
____________________

(9/179)


هو تَصْغِير رَجُلٍ مَنسوبٍ إِلى مَعَدَ . يُضْرَب مَثلاً لِمَن خَبَرِ خَيْرٌ مِن مَرْآتِه ، وكان غيرُ الكسائيّ يُخَفِّف الدالَ ويُشَدِّد ياءَ النِّسبة ، وقال ابنُ السِّكّيت : هو تصغير مَعَدِّيّ ، إِلاّ أَنّه إِذا اجتمعت تَشْدِيدَة الحرف ، وتشديدة ياءِ النِّسبة خُفِّفَت ياءُ النِّسْبَة ، قال الحافظ : يقال : أَوَّل من قالَه النّعْمَان للِصَّقْعَبِ ابن زُهَيْرٍ النَّهْدِيّ ، ( وذُكِر ) المثل والحي ( ف ع د د ) ، فراجعه واسْتَفِد . ( وتَمَعْدَدَ ) الرجلُ ( : تَزَيصا بِزِيِّهِمْ ) ، ومنه حديثُ عُمَر رضي الله عنه ( اخْشَوْشِنُوا وتَمَعْدَدُوا ) ، هاكذا رُوِيَ من كلام عُمَر ، وقد رَفَعه الطَّبرانيُّ في المُعْجَم عن أَبي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيّ ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال بعضُهم : يقال في قوله ( تَمَعْدَدُوا ) : تَشَبَّهُوا بِعَيْشِ مَعَدِّ بن عَدْنَان ، وكانوا أَهْلَ قَشَبٍ وغِلَظٍ في المَعَاش ، يقول : فكُونُوا مِثْلَهم ودَعُوا التَّنْعِيمَ وزِيَّ العَجَمِ ، وهاكذا هو في حَدِيثِه الآخَرِ ( عَلَيْكُمْ بِاللِّبْسَةِ المَعَدِّيَّةِ ) ، أَي خُشُونَةِ اللِّبَاس . % ويقال : التَّمَعْدُدُ : الصَّبْرُ عَلَى عَيْشِ مَعَدَ ، وقيل : التَّمَعْدُد : التَّشظّفُ ، مُرْتَجَلٌ غيرُ مُشْتَقَ . وتَمَعْدَدَ : صَارَ فِي مَعَدَ .
( و ) تَمَعْدَدَ ( المَرِيضُ : بَرَأَ ، و ) تَمَعْدَدَ ( المَهْزُولُ : أَخَذَ في السِّمَنِ ) .
( و ) يُقَال : ( ذِئْبٌ مِمْعَدٌ ، كمِنْبَرٍ ) ، وماعِدٌ ، إِذا كان ( يَجْذِبُ العَدْوَ جَذْباً ) ، قال ذُو الرُّمّة يَذكر صائداً شَبَّهه في سُرْعَته بالذِّئْب :
كأَنَّمَا أَطْمَارُه إِذَا عَدَا
جُلِّلْنَ سِرْحَانَ فَلاَةٍ مِمْعَدَا
( ) ومما يستدرك عليه :
تَمَعْدَدَ : غَلُظَ وَسَمِنَ ، عن الّلحيانيّ قال :
رَبَّيْتُه حَتَّى إِذَا تَمَعْدَدَا
وهو مَجازٌ ، وفي الأَساس : تَمَعْدَدَ الصَّبِيُّ : غَلُظَ وصَلُبَ وذَهَبَ عنه رُطوبةُ الصِّبَا ، قال أَبو عبيد : ومنه
____________________

(9/180)


الحديث ( تَمَعْدَدُوا ) وقال الليث : التَّمَعْدُدُ : الصَّبْرُ على عَيْشِ مَعَدَ في السَّفَر والحَضَرِ ، قال : وإِذا ذَكَرْت أَن قَوْماً تَحَوَّلُوا عن مَعَدَ إِلى اليَمَن ثم رَجَعُوا قلْت : تَمَعْدَدُوا .
وامْتَعَدَ سَيْفَه من غِمْدِه : اسْتَلَّه واخْتَرَطَه .
ومَعَدَ الرُّمْحَ مَعْداً وامْتَعَدَه : انْتَزَعه مِن مَرْكَزِ ، وهو من الاجْتِذَاب ، وقال اللِّحيانيُّ : مَرَّ بِرُمْحِه وهو مَركوزٌ فامْتَعَدَه ثم حَمَلَ ، أَي اقتلَعَه .
وامْتَعَد لَحْمَه : نَهَسَه .
والمُتَمَعْدِدُ : البَعِيد ، وتَمَعْدَدَ : تَباعَدَ ، قال مَعْنُ بن أَوْسٍ :
قِفَا إِنَّهَا أَمْسَتْ قِفَاراً ومَنْ بِهَا
وإِنْ كَانَ مِنْ ذِي وُدِّنَا قَدْ تَمَعْدَدَا
أَي تَبَاعَدَ ، قال شَمِرٌ : المُتَمَعْدِدُ : البَعِيدُ ، لا أَعْلَمْه إِلاَّ مِن مَعَدَ في الأَرْض ، إِذا ذَهب فيها ، ثم صَيَّرَه تَفَعْلَل منه .
والمَعْدُ : النَّتْفُ ، كالمَغْدِ ، بالغين المعجمة .
ومَعْدِيٌّ ومَعْدَانُ ، اسْمَانِ .
ومَعْدِي كَرِبُ ، اسمٌ مُرَكّب ، قال ابنُ جِنِّي : من رَكَّبه ولم يُضِفْ صَدْرَه إِلى عَجُزِه يُكْتَب مُتَّصِلاً ، فإِذا كان يُكْتَب كذالك مع كونه اسماً ومن حكم الأَسْمَاءِ أَنْ تُفْرَد ولا تُوصَل بغيرِها لِقُوَّتها وتَمَكُّنها في الوَضْع ، فالفِعْلُ في قَلَّمَا وطَالَمَا لاتِّصَالِه في كَثِيرٍ من المَوَاضِع بما بَعْدَه ( نحو ضربت وضربنا ولتَبلوُنَّ وهما يقومان وهم يَقعدون وأَنت تذهبين ونحو ذالك مما يَدُلّ على شدّة اتصال الفعل بفاعله ) ، أَحْجَى بِجَوازِ خَلْطِه بِمَا وُصِلَ به في طَالَمَا وقَلَّمَا كذا في اللسان .
وأَحمد بن سَعيد بن أَبي مَعْدَانَ صاحب تارِيخ المَرَاوِزَة . مُحَدِّث ، وأَبو مُعَيْدٍ أَحمد بن حَمزة بن بَرِيمٍ الهَمْدَانِيُّ ، في هَمْدَان ، ومن وَلده أَبو جعفر أَحمد بن مُحمّد بن الضحّاك بن العباس بن سعيد بن قيس بن أَبي مُعَيْدٍ المُعَيْدِيّ .
____________________

(9/181)



ومُعَيْد بن عُثَيْم جعدُّ جَريرٍ الشاعِرِ لأُمّه ، وفيه يقولُ الشاعِرُ يُخَاطِب جَرِيراً :
سَتَعْلَمُ مَا يُغْنِي مُعَيْدٌ ومُعْرِضٌ
إِذَا مَا سَلِيطٌ غَرَّقَتْكَ بُحُورُهَا
وأَبو مُعَيْد حَفْصُ بن غَيْلاَنَ ، وعبدُ الله بن مُعَيْدٍ ، مُحَدِّثانِ .
مغد : ( مَغَدَ الفَصِيلُ أُمَّه ، كمَنَعَ ) ، يَمْغَدُهَا مَغْداً : لَهَزَها و ( رَضِعَها ) وكذالكَ السَّخْلَةُ ، وهو يَمْغَدُ الضَّرْعَ مَغْداً : يَتَنَاوَلُه ، كمَعَذَ ، بالعين المهملة والذال المعجمة ، كذا في الأَفعال ( و ) مَغَدَ ( الشَّيْءَ : مَصَّه ) ، يقال : وجَدْت صَرَبَةً فَمَغَدْت جَوْفَها ، أَي مَصِصْتُه ، لأَنّه قد يكون في جَوْفِ الصَّرَبَةِ شيءٌ كأَنه الغِرَاءُ والدِّبْسُ . والصَّرَبَةُ صَمْغُ الطَّلْحِ ، وتُسَمَّى الصَّرَبَةُ مَغْداً .
( و ) مَغَدَ ( البَدَنُ : سَمِنَ وامتَلأَ مَغْداً ) ، بفتح فسكون ، ( و ) مَغِدَ ، كفَرِح ، ( مَغَداً ) ، مُحَرَّكَة ، ( ومَغَدَهُ العَيْشُ ) الناعمُ ( : غَذَاهُ ونَعَّمَه ، و ) قال أَبو مالك : مَغَدَ ( النَّبَاتُ وغيرُهُ ) ، كالرَّجُلِ وكلّ شيْءٍ ، إِذا ( طَالَ ، و ) مَغَدَ . الرَّجخلُ في ناعِمِ عَيْشٍ ( يَمْغَدُ مَغْداً ) ( : عَاشَ وتَنَعَّمَ ) ، قاله أَبو زيد وابنُ الأَعرابيّ ، وقال النِّضْرُ : مَغَدَه الشَّبَابُ ، وذالك حين استقامَ فيه الشَّبَابُ ولم يَتَنَاهَ شَبَابُه كُلُّه . وإِنه لفِي مَغْدِ الشَّبَابِ ، وأَنشد :
أَراهُ فِي مَغْدِ الشَّبَابِ العُسْلُجِ
( و ) مَغَدَ الرَّجلُ ( جارِيَتَه ) يَمْغَدُهَا ( : جَامَعَهَا ) .
( والمَغْدُ : النَّاعِمُ ) ، وشَبَابٌ مَغْدٌ : ناعِمٌ ، قال إِياسٌ الخَيْبَرِيُّ :
حَتَّى رَأَيْتُ العَزَبَ السِّمَغْدَا
وكَانَ قَدْ شَبَّ شَبَاباً مَغْدا
والسِّمَغْدُ : الطويلُ .
وعَيْشٌ مَغْدق : ناعِمٌ ، ( و ) المَغْدُ
____________________

(9/182)


الجِسْمِ هو ( البَعِيرُ التَّارُّ اللَّحِيمُ ، و ) قيل : هو ( الضَّخْمُ الطَّوِيلُ من كُلِّ شَيْءٍ ) ، كالمَعْدِ ، وقد تقدّم .
( و ) المَغْدُ في النَّاصِيَة ، كالخَرْقِ ، وهو ( انْتِتَافُ مَوْضِعِ الغُرَّةِ من الفَرَسِ حَتّى تَشْمَطَ ) .
ومَغَدَ شَعرَه يَمْغَدُه مَغْداً : نَتَفَه ، كمَعَدَه ومَعَذَه ، قال :
يُبَارِي قُرْحَةً مِثْلَ الْ
وَتِيرَةِ لَمْ تَكُنْ مَغْدا
وأُرَاهُ وضَعَ المَصْدَر مَوحضِعَ المَفْعُول . والمَغْدَةُ في غُرَّة الفَرَسِ كأَنَّها وَارِمَةٌ ، الشَّعر يُنْتَتَفُ لِيَنْبُتَ أَبيضَ . والوَتِيرَةُ : الوَرْدَةُ البيضاءُ ، أَخبرَ أَن غُرَّتَهَا جِبَلَّةٌ لَمْ تَحْدُثْ عن عِلاجِ نَتْفٍ .
( و ) المَغْدُ ( : جَنَى التُّنْضبِ ) كَقُنْفُذٍ ، شَجَرٌ ، وقد مَرَّ ذِكْرُه ، وجَنَاه : ثَمَرُه .
( و ) المَغْدُ ( : الدَّلْوُ العَظِيمةُ ) عن الصاغانيّ ، وكأَنه لُغة في المهملة .
( و ) المَغْدُ هو ( اللُّفَّاحُ ) البَرِّيّ ، ( و ) قيل : المَغْدُ : هو ( البَاذِنْجَانُ ) ، وقيل : هو شَبِيهٌ به ، يَنْبُتُ في أَصْلِ العِضَهِ ، ( ويُحَرَّكُ ) في الأَخير ، قال ابنُ دُرَيْد . والتَّحْرِيك أَعْلَى ، وأَنْكَره ابنُ سِيدَه حيث قال : ولمْ أَسْمَع مَغَدَةً . قال : وعسى أَن يكون المَغَدُ بالفَتْح اسماً لِجَمْعِ مَغْدَة ، بالإِسكان ، فتكون كحَلْقَةٍ وحَلَقٍ ، وفَلْكَة وفَلَك ( و ) ، عن أَبي سعيدٍ : المَغْدُ ( ثَمَرٌ يُشْبِه الخِيَارَ ) ، وعن أَبي حنيفة : المَغْدُ : شَجَرٌ يَتَلَوَّى على الشَّجَرِ أَرَقُّ من الكَرْمِ ، وَوَرَقَه طِوَالٌ دِقَاقٌ نَاعِمَةٌ ويُخْرِجُ جِرَاءً مِثْلَ جِرَاءِ المَوْزِ إِلاّ أَنّه أَرَقُّ قِشْراً وأَكْثَرُ مَاءً ، حُلْوٌ لا يُقْشَرُ ، ( وله حَبٌّ كحَبِّ التُّفَّاح ) والناسُ يَنْتَابُونَه ويَنْزِلُون عليه فَيأْكُلُونَ ، ويَبْدأُ أَخْضَرَ ثمّ يَصْفَرُّ ثم يَخْضَرُّ إِذا انْتَهَى ، قال راجزٌ من بني سُوَاءَةَ :
نَحْنُ بَنِي سُواءَةَ بنِ عَامِرِ
أَهْلُ اللَّثَى والمَغْدِ والمَغَافِرِ
____________________

(9/183)



( وأَمْغَدَ ) الرَّجلُ إِمْغَاداً ( : أَكْثَرَ مِن الشُّرْبِ ) ، وقال أَبو حَنِيفة : أَمْغَدَ الرجلُ : أَطالَ الشُّرْبَ .
( و ) أَمْغَدَ ( الصَّبِيَّ : أَرْضَعَه ) وكذلك الفَصِيلَ ، وتقولُ المرأَةُ : أَمْغَدْتُ هذا الصَّبِيَّ فَمَغَدَنِي ( أَي رَضَعَنِي ) .
( ومَغْدَانُ ) لُغَة في بَغْدَان و ( بَغْدَاد ) عن ابنِ جِنِّي ، قال ابنُ سِيدَ ، وإِن كانَ بدَلاً فالكَلِمَة رُبَاعِيَّة .
( ) ومما يستدرك عليه :
المَغْدُ : الصَّرَبَةُ ، وصَمْغُ سِدْرِ البَاديَة ، قاله أَبو سعيد ، قال جَزْءُ بن الحارث .
وأَنْتُمْ كَمَغْدِ السِّدْرِ يُنْظَرُ نَحْوَه
ولا يُجْتَنَى إِلاَّ بِفَأْسٍ ومِحْجَنِ
مقد : ( المَقَدِيُّ ، مخفَّفَةَ الدَّالِ : شَرابٌ ) يُتَّخذ ( من العَسلِ ) ، كانت الخُلفاءُ من بني أُمَيصة تَشْرَبُه ، وهو غير مُسْكِر ، ورَوعى الأَزهريُّ بسنده عن مُنْذِرٍ الثوريِّ قال : رأَيتُ محمّد بن عليَ يشرب الطِّلاَءَ المَقَدِيَّ الأَصْفَر ، كان يَرزُقُه إِيّاه عبدُ الملك ، وكان في ضِيَافَته يَرزقُه الطِّلاءَ وأَرْطَالاً من لَحْمٍ ) ( وهو غَيْرُ مَنسوبٍ إِلى ) المَقعدِ اسم ( قَرْيَةٍ بالشَّامِ ، ووَهِمَ الجوهَرِيُّ ، لأَنَّ القَرْيَةَ بالتَّشْدِيدِ ) ، قال شَمِرٌ : سمعْت أَبا عُبَيْدٍ يَروِي عن أَبي عمرٍ و : المَقَدِيّ : ضَرْبٌ من الشَّراب ، بتخفيف الدال ، قال : والصحيح عندي أَن الدالَ مُشَدَّدَة ، قال : وسَمعتُ رَجَاءَ بن سَلَمَة يقول : المَقَدِّي ، بتشديد الدال : الطِّلاَءُ المُنَصَّف ، مُشَبَّه بما قُدَّ بِنِصْفَيْنِ قال : ويُصَدِّقه قولُ عَمْرو بن مَعْدِ يكَرِبَ :
وَهُمْ تَرَكُوا ابْنَ كَبْشَةَ مُسْلَحِبًّا
وَهُمْ شَغَلُوهُ عَنْ شُرْبِ المَقَدِّ
____________________

(9/184)



قال ابن سِيده : أُنْشِد بغيرِ ياءٍ ( قال : وقد يجوز أَن يكون أَراد المقَدِّي ، فحذف الياءَ ) قال ابن بَرِّيِّ : ( وجعل الجوهريّ المَقَدِي ، مخفَّفاً ، وهو المشهور عند أَهل اللغة ) ، وقد حكاه أَبو عُبَيْدٍ وغيرُه مُشَدَّدَ الدَّالِ ، رواه ابنُ الأَنْبَارِيّ ، واستشْهدَ على صِحَّته ببيت عَمْرِو بن مَعْدِ يكربَ ، حكَى ذالك عن أَبيه عن أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدٍ ، وأَنَّ المَقَدِّيَّ مَنْسُوبٌ إِلى مَقَدّ ، وهي قَرْيَةٌ بِدِمَشْق في الجَبَل المُشْرِف على الغَوْرِ ، فهؤلاءِ جُمْلَةُ مَن ذهب إِلى التَّشديد ، وقال أَبو الطَّيِّبُ اللغَويّ : هو بتخفيف الدالِ لا غيرُ ، مَنْسُوبٌ إِلى مَقَدَ ، قال : وإِنما شدَّده عَمرُو بن مَعد يكربَ للضّرورة ، قال : وكذا يَقْتَضِي أَن يكون عنده قولُ عَدِيِّ بن الرِّقاع في تَشديد الدال أَنه للضرورة ، وهو :
فَظَلْتُ كأَنِّي شارِبٌ لَعِبَتْ بِهِ
عُقَارٌ ثَوتْ فِي سِجْنِها حِجَجاً تِسْعَا
مَقَدِّيَّةٌ صَهْبَاءُ بَاكَرْتُ شُرْبَهَا
إِذَا مَا أَرَادُوا أَنْ يَرُوحُوا بِهَا صَرْعَى

تابع كتاب قال : والذي يَشْهَد بِصِحَّة قول أَبي الطَّيْبِ قول أَبي الأَحْوَص .
كَأَنَّ مُدَامَةً مِمَّا
حَوَى الحَانُوتُ مِنْ مَقَدِ
يُصَفَّقُ صَفْوُهَا بِالمِسْ
كِ والكَافُورِ والشَّهَدِ
وكذلك قَوْلُ العَرْجِيّ :
كَأَنَّ عُقَاراً قَرْقَفاً مَقَدِيَّةً
أَبَى بَيْعَها خَبٌّ مِنَ التَّجْرِ خَادِعُ
وأَنشد الليث :
مَقَدِيًّا أَحَلَّهُ الله لِلنَّا
سِ شَرَاباً وَمَا تَحِلُّ الشَّمُولُ
وقال آخر :
عَلِّلِ القَوْمَ قَلِيلاً
يَا ابْنَ بِنْتِ الفَارِسِيَّهْ
____________________

(9/185)



إِنَّهُمْ قَدْ عَاقَرُوا اليَوْ
مَ شَرَاباً مَقَدِيَّهْ
( وقد تقدَّمَ ) البحث فيه ( ف ق د د ) فراجِعْه .
( والمَقَدِيَّةُ ) بالتخفيف ( : ثِيَابٌ م ) معروفة ، قال ابنُ دُريد : ضَرْبٌ من الثِّيَابِ ، ولا أَدرِي إِلى ما يُنْسَب ، ويقال ثوْبٌ مَقَدِيٌّ .
( و ) المَقَدِيَّةُ ( : ة ) بالشام مِن عَمَل الأُرْدُنِّ ، وإِليها نُسِب الشَّرَابِ ، ويقال إِنها مَقَدٌ ، وقد جاءَ ذِكْرُهَا في الأَشْعَار .
مكد : ( مَكَدَ ) بالمكانِ ( مَكْداً ومُكُوداً : أَقامَ ) به ، وثَكَم يَثْكُم مِثْلُه ، ورَكَدَ رُكُوداً ومَكَتَ مُكُوتاً . ( و ) عن الليث : مَكَدَت ( الناقَةُ ) إِذا ( نَقَصَ لَبَنُهَا من طُولِ العَهْدِ ) وأَنشد :
قَدْ حَارَدَ الخُورُ وَمَا تُحَارِدُ
حَتَّى الجِلاَدُ دَرُّهُنَّ مَاكِدُ
( و ) من ذلك ( المَكُودُ : الناقَةُ الدائِمَةُ الغُزْرِ ، و ) الناقَةُ ( القَلِيلَةُ اللَّبَنِ ، ضِدٌّ ، أَو هاذه من أَغاليطِ اللَّيْثِ ) ، قال أَبو منصور : وإِنما اعْتَبَرَ الليثُ قولَ الشاعرِ :
حَتَّى الجِلاَدُ دَرُّهُنَّ ماكِدُ
فظَنَّ أَنه بمعنى الناقِصِ ، وهو غَلَطٌ ، والمعنى : حَتَّى الجِلادُ اللَّوَاتِي دَرُّهُنّ ماكِدٌ ، أَي دائِمٌ قد حَارَدْنَ أَيضاً ، والجِلاَدُ : أَدْسَمُ الإِبِل لَبَناً ، فليْسَتْ في الغَزَارَةِ كالخُورِ ، ولاكنّها دائمةُ الدَّرِّ ، واحدتُها جَلْدَةٌ ، والخُورُ في أَلْبَانِهِنَّ رِقَّةٌ مع الكَثْرَة . ( وقول الساجع : مَا دَرُّها بِمَاكِد . أَي ما لبنُها بدائم ) ومثلُ هاذا التفسير المُحَال الذي فسّره الليثُ في مَكَدَتِ الناقَة مِمّا يَجِبُ على ذَوِي المَعرِفة تَنْبِيهُ طَلَبَةِ هاذا البابِ مِن عِلْم اللُّغَة عليه لئلا يتعثَّر فيه مَن لا يَحْفَظ اللّغَةَ تَقْلِيداً لِلَّيْثِ ، قال : ( و ) الصحيح أَن يقال ( المَكْدَاءُ والمَاكِدَةُ ) والمَكُود ،
____________________

(9/186)


هي الدَّائمةُ الغُزْرِ ( الكَثِيرَتُهُ ) ، والجَمْعُ مُكُدٌ ، وإِبلِ مَكَائِدُ ، وأَنشد :
إِنْ سَرَّكَ الغُزْرُ المَكُودُ الدَّائِمُ
فَاعْمِدْ بَرَاعِيسَ أَبُوهَا الرَّاهِمُ
وناقَة بِرْعِيسٌ ، إِذا كانتْ غَزِيرَةً .
( ولماكِدُ : ) الماءُ ( الدائمُ الذي لا يَنْقَطِعُ ) ، قال :
ومَاكِدٍ تَمْأَدُه مِنْ بَحْرِهِ
يَضْفُو وَيُبْدِي تَارَةً عَنْ قَعْرِهِ
تَمْأَدُه : تَأْخُذُه في ذالك الوَقْتِ ، وقد تَقَدَّمَ .
( ومَكَّادَةُ كجَبَّانَةٍ : د ، بالأَندَلُسِ ) من نَوَاحِي طُلَيْطِلَة ، وهي الآن لِلفِرِنْج ، منه سَعِيدُ بن يُمْنِ بن مُحَمَّد المُرَادِيّ ، يكنى أَبا عُثْمَان ، وأَخوه مُحَمَّد بن يُمْن ، دخلَ المَشْرِق ، رَوَيَا ، كذا في مُعجم ياقوت .
( والْمِكْدُ ، بالكسرِ : المُشْطُ ) .
( و ) المُكُدُ ، ( بالضَّمّ ، جَمْعُ مَكُودٍ ) كصَبُورٍ ، نُوقٌ مُكُدٌ ومَكَائدُ ، وهي الغُزْرُ اللَّبَنِ ، كذا في الرَّوْضِ ، وقال ابنُ السَّرَّاج ، لأَنَّه من مَكَد بالمكَانِ ، إِذا أَقامَ ، قال شيخُنَا : وفي التَّعْلِيل نوعٌ مِن المَجَازِ ، فإِن في دلالةِ الإِقامَة على الكَثْرَة ما لا يَخْفَى ، ولو جعله مِن الماءِ المَاكِدِ الذي هو الدائم لا يَنقطع كانَ أَظْهَر في الدلالة .
( والأَمَاكِيدُ : بَقَايَا الدِّيَاتِ ) ، نقله الصاغانيُّ ، كأَنّه جَمْع أُمْكُودٍ ، بالضمّ .
( ) ومما يستدرك عليه :
بئر ماكِدَةٌ ومَكُودٌ : دائمةٌ لا تَنْقَطع مادَّتُها . وَرَكِيَّةٌ مَاكِدَةٌ ، إِذا ثَبَتَ ماؤُهَا لا يَنْقُص ، على قَرْنٍ واحِدٍ لا يَتَغَيَّر ، والقَرْن قَرْنُ القَامَة .
ودَرٌّ مَاكِدٌ : لا يَنْقَطع ، على التَّشْبِيه بذالك ، ومنه قولُ أَبي صُرَدَ لِعُيَيْنَة بن حِصْنٍ وقد وَقَع في سُهْمَتِه عَجُوزٌ مِن سَبِيْ هَوازِنَ : خُذْها إِلَيْكَ ، فوالله ما فُوهَا بِبَارد ، ولا ثَدْيُها بِنَاهِد ، ولا دَرُّها بِمَاكِد ، ولا بَطْنُها بِوَالِد ،
____________________

(9/187)


ولا شَعْرُهَا بِوَارِد ، ولا الطالِبُ لها بِوَاجِد .
( ) واستدرك شيخنا :
بني مَكُودٍ ، كصَبُورٍ : قبيلةٌ من البَرْبَر ، منهم الشيخ عبد الرحمن المَكُودِيّ شارِح الأَلْفِيَّة وصاحبُ البَسْط والتَّعْرِيف والمَقْصُورة وغيرِها من المصنّفات ، وشُهْرَته كافِيَةٌ ، وقَبْرُهُ يُزَار بِفَاس في جِهِة الحَارَةَ المَشْهُورة بالحَفَّارِين ، رحمه الله تعالى ونَفَعَ به ، آمين .
ملد : ( مَلَدَهُ : مَدَّهُ . وتَمْلِيدُ الأَدِيمِ تَمْرِينُه ) .
( والمَلَدُ والمَلَدَانُ ، مُحَرَّكتينِ : الشَّبَابُ والنَّعْمَةُ ) بفتح النون ، ( والاهْتِزَازُ ) ، أَي اهتزازُ الغُصْنِ ، وقد مَلِدَ الغُصْنُ مَلَداً : اهْتَزَّ .
( والمَلْدُ ) ، بفتح فسكون ، ( والأُمْلُود ) ، بالضم ، ( والإِمْلِيدُ ) بالكسر ( والأُمْلُدَانُ ) كأُقْحُوانٍ ( والأُمْلُدَانِيُّ ) ، بياءِ النِّسبةِ ( والأَمْلَدُ ) كأَحْمَر ( والأُمْلُدُ ) كقُنْفُذٍ ( : الناعِمُ اللَّيِّنُ مِنَّا ومن الغُصونِ ) وأَنشد :
بَعْدَ التَّصَابِي والشَّبَابِ الأَمْلَدِ
وجمع المَلْدِ أَمْلاَد وجمع الأُمْلُود والإِمْلِيد أَمالِيد ، وقال شَبَانَةُ الأَعرابيُّ : غُلامٌ أُمْلُوٌ وأُفْلُود ، إِذا كانَ تَماماً مُحْتَلِماً شَطْباً ، وقال غيره : المَلَدَانُ : اهتزازُ الغُصْنِ ونَعْمَتُ ، وغُصْنٌ أُمْلودٌ إِمْلِيدٌ : ناعمٌ ، وقد مَلَّدَه الرِّيُّ تَملِيداً ، وقال شيخُنَا نقلاً عن أَئِمَّة الاشتقاق : إِن الأُمحلُود أَصْلٌ في الأَغْصَانِ مَجازٌ في بني آدَمَ ، ورجَّحَه بعضٌ . قلت : وقد صرَّح الزَّمخشريُّ بذلك في الأَساس فقال : ومن المجاز شَابٌّ أُمْلُود وشُبَّانٌ أَمالِيدُ ، ( والمَرْأَةُ أُمْلُودٌ وأُمْلُودَانِيَّةٌ ومَلْدَانِيَّةٌ ) بحذف الأَلف وفتح الميم ، وفي اللسان أُمْلُدَانِيَّة ( وأُمْلُودَةٌ ) ، كأُحْدُوثةِ ، ( ومَلْدَاءُ ) كحمراءَ ناعِمَةٌ مُسْتَوِيَةُ القَامَةِ ، وشابٌّ أَمْلَدُ وجارِيَةٌ مَلْدَاءُ بَيِّنَا المَلَدِ ، قال ابنُ
____________________

(9/188)


جِنِّي : هَمزَة أُمْلُودٍ وإِمْلِيد مُلْحَقَةٌ ببناءِ عُسْلُوجٍ وقِطْمِيرِ ، بدليل ما انضافَ إِليها من زيادَةِ الواو والياء مَعَهَا .
( والمَلْدُ ) بفتح فسكون ( : الغُولُ ) بالضمّ ، السِّعْلاَةُ ، أَو ساحرَة الجِنِّ ، كما سيأْتي .
( ومَلُودٌ ، كصَبُورٍ ، أَو ) هو ( بالذال ) المعجمة ( : ة ، بأُوزْجَنْدَ ) بترْكُستان مما وراءَ النهر .
( و ) قال أَبو الهيثَم : ( الإِمْلِيدُ ) بالكسر ( من الصَّحَارى : الإِمْلِيسُ ) ، واحد ، وهو الذي لا شيْءَ فيه ، وبه فسّر قول أَبي زُبَيْد :
فَإِذَا مَا اللَّبُونُ شَقَّتْ رَمَادَ النَّ
ارِ قَفْراً بِالسَّمْلَقِ الإِمْلِيدِ
( ) ومما يستدرك عليه :
رجُلٌ أَمْلَدُ : لا يَلْتَحِى ، أَورده الزمخشريّ .
وفي معجم ياقوت مُلُونْدَة :
حِصْنٌ بِسَرَقُسْطَة بالأَنْدَلس .
ممد : ( *!إِمِّدانُ ) ، أَهمله الجوهريُّ ، وقال الصاغانيُّ : هو ( بِكَسْر الهَمزةِ والمِيمِ المشدَّدَةِ كإِفْعِلانٍ : ع ) ، قال شيخُنَا : هذا هو الموضع الثالث الذي ذكره فيه المصنف ، وقد مَرَّ البحث فيه أَ م د ، و ، م د د ، فراجِعْه .
مند : ( مُنْدُ ، بالضَّمّ ) أَهمله الجوهَرِيّ ، وقال الصّاغانيّ ( : ة من صَنْعَاءِ اليَمَنِ ) في مِخْلاَف صُدَاءَ ، كذا في مُعجم ياقوت .
( ومُنْدَدٌ ) ، بضمّ الأَوّل وفتح الثالث ( : ع ) ذكره تَمِيم بن أُبَيّ بن مُقْبِل فقال :
عَفَا الدَّارَ مِنْ دَهْمَاءَ بَعْدَ إِقَامَةٍ
عَجَاجٌ بِخَلْفَيْ منْدَدٍ مُتَنَاوِحُ
____________________

(9/189)



كذا في التهذيب .
( وخُوَيْزَمَنْدَادُ ) مَرّ ذِكْره ( في فصل الخاءِ ) المُعجمة ، ومَرَّ الكلام عليه .
( ومَيْمَنْدُ ) ، بفتح الميمَين ، والمشهور ضمّ الثانية ، وضبطه ياقوت بكسر الأُولَى وفتْح الثانية ( : ة قُرْبَ فَيْروزَابَادَ ) ، قال ياقوت : رُسْتَاقٌ بفارِسَ ، ( وأُخْرَى بِغَزْنَةَ ) ، بَين بَامِيَانَ والغَوْر ، ( منها ) الكاتب الماهر المُدَبِّر أَبو الحسن ( عَلِيُّ بن أَحْمَدَ ) المَيْمَنْدِيّ ( وَزِيرُ ) السلطانِ الغازِي مَحمودِ ( بنِ سُبَكْتَكِينَ ) ، أَنار الله بُرهانَه ، وأَخْبَارُه في التاريخ اليَمِينيّ ، قال أَبو بكر بن العَمِيد يهجوه :
يَا عَلِيّ بنَ أَحْمَدٍ لا اشْتِيَاقَا
وأَنَا المَرْءُ لاَ أُحِبُّ النِّفَاقَا
لَمْ أَزَلْ أَكْرَهُ الفِرَاقَ إِلَى أَنْ
نِلْتُهُ مِنْكَ فَارْتَضَيْتُ الفِرَاقَا
حَسْبُنَا بِالخَلاَصِ مِنْكَ نَجَاحاً
وكَفَى بِالنَّجَاةِ منْك خَلاَقَا
( ) ومما يستدرك عليه :
مَنِيدُ ، كأَمِير : موضعٌ بفارِسَ عن العِمرانيّ ، قال ياقوت : هو تصحيف مَيْبُدَ .
مهد : ( المَهْدُ : ) المَوْضِعُ يُهَيَّأُ للصَّبِيِّ ويُوَطَّأُ لِينَام فيه ، وفي التنزيل : { مَن كَانَ فِى الْمَهْدِ صَبِيّاً } ( سورة مريم ، الآية : 29 ) ( و ) المَهْدُ ( : الأَرْضُ ، كالمِهَادِ ) ، بالكسر ، قال الأَزهريّ : المِهَادِ أَجْمَعُ من المَهْدِ ، كالأَرْضِ جعلَهَا الله تَعَالَى مِهَاداً للعِبَادِ ، ( ج ) أَي جمع المَهْدِ ( مُهُودٌ ) ، ونقَلَ شيخُنا عن بعضِ أَهْلِ التحقيق أَنَّ المَهْدَ والمِهَادَ مَصدرَانِ بمعنًى ، أَو المَهْدُ الفَعْلُ والمِهَادُ الاسْمُ ، أَو المَهْدُ مُفْرَد والمِهَاد جَمْعٌ كفَرْخٍ وأَفْرَاخٍ ، قاله السصمين أَثناءَ طاه .
( و ) المُهْدُ ، ( بالضَّمِّ : النَّشَزُ من الأَرْضِ ) ، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ ، وأَنشد
إِن أَبَاكَ مُطْلَقٌ مِنْ جَهْدِ
إِنْ أَنْتَ كَثَّرْتَ قُتُورَ المُهْدِ
____________________

(9/190)



( أَو ) المُهْدُ ( : ما انْخَفَضَ منها ) ، أَي من الأَرْض ، ( في سُهولَةٍ واسْتِوَاءٍ د كالمُهْدَةِ ، بالضمّ ) أَيضاً ، وهاذه عن ابن شُمَيْلٍ ، ( ج مِهَدَةٌ وأَمْهَادٌ ) ، الأَول كعِنَبِةٍ ، وهاذه الجُموع فيها مَحَلُّ تأَمُّلٍ وإِيهام ، وقد أَشار لذالك شيخنا . قلت : الجمع الثاني لا إِيهام فيه ، فإِنه جَمْعُ مُهْدٍ بالضمّ ، كقُفْلٍ وأَقْفَالٍ .
( ومَهَدَه ) أَي الفِرَاشَ ( كمَنَعَه : بَسَطَه ) ووَطّأَه ، ( كَمَهَّدَه ) تَمْهِيداً ، وأَصل المَهْدِ التَّوْثِيرُ ، يقال : مَهَدْتُ لنِفْسِي ومَهَّدْت ، أَي جعلتُ لي مكاناً وَطيئاً سَهْلاً .
( و ) مَهَدَ لِنَفْسِه يَمْهَد مَهْداً ( : كَسَب وعَمِلَ ، كامْتَهَدَ ) ، يقال : مَهَدَ لِنَفْسِه خَيْراً وامْتَهَدَه : هَيَّأَه وتَوَطَّأَه ، ومنه قوله تعالى : { فَلاِنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } ( سورة الروم ، الآية : 44 ) أَي يُوَطِّئونَ ، قال أَبو النّجم :
وامْتَهَدَ الغَارِبُ فِعْلَ الدُّمَّلِ
( والمَهِيدُ ) ، كأَمِيرٍ ( : الزُّبْدُ الخَالِصُ ) ، وقيل : هي أَزْكَاه عنْد الإِذَابَة وأَقَلُّه لَبَناً .
( و ) المِهَادُ ، ( ككِتَابٍ ، الفِرَاشُ ) وَزْناً ومعْنًى ، وقد يُخَصُّ به الطِّفْلُ ، وقد يُطْلَق على الأَرْضِ ، ويقال للفِراش : مِهَادٌ ، لِوَثَارَتِه ، وقال الله تعالى : { لَهُم مّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } ( سورة الأعراف ، الآية : 41 ) ( ج أَمْهِدَةٌ ومُهُدٌ ) ، بضمّ فسكون وبضمَّتين ، ( و ) قوله تعالى : { أَلَمْ نَجْعَلِ الاْرْضَ مِهَاداً } ( سورة النبأ ، الآية : 6 ) أَي بسَاطاً مُمَكَّناً سَهْلاً ( للسُّلُوكِ ) في طُرُقها ، وقوله تعالى : { وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ } ( سورة البقرة ، الآية : 206 ) قيل في معناه : ( أَي بِئْسَ ما مَهَّدَ لِنَفْسِه في مَعَادِه ) . قال شيخنا : لم يَلْتَفِت للفظ الآية { وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ } ( سورة الرعد ، الآية : 18 ) فلو قال : بِئْسَ ما مَهَدُوا لأَنْفُسهم لكان أَوْلَى ، قله عبد الباسط ، ثم قال : قُلْت : وقد يُقال : لم يَقْصِد المُصَنِّف إِلى هاذه ، بل لعلَّه قصَد آيةَ البقرة { فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ } ( سورة البقرة ، الآية : 206 ) .
____________________

(9/191)



قلت : والجواب كذالك ، وقد اشتَبهَ عَلى البَلْقينِيّ ويَدُلّ على ذلك أَن سائر النّسخ الموجودة فيها ( لَبِئس ) باللام .
( وَمَهْدَدُ ) ، كجَعْفَرٍ ( من أَسمائِهِنَّ ) ، قال ابنُ سِيده : وإِنما قضيتُ على مِيمٍ مَهْدَد أَنها أَصْلٌ لأَنها لو كانت زائدةً لم تكن الكَلِمة مَفْكُوكَة ، وكانت مُدْغَمَةً ، كمَسَدّ ومَرَدّ ، وهو فَعْلَلٌ ، قال سيبويهِ : الميم من نَفْس الكلمة ، ولو كانت زائدةً لأُدْغِم الحَرْفُ مِثل مَفَرّ ومَرَدّ ، فثبت أَن الدالَ مُلْحَقة ، والمُلْحَق لا يُدْغَم .
( والأُمْهُودُ ، بالضمِّ : القُرْمُوصُ للصَّيْدِ ولِلْخَبْزِ ) ، وهو الحُفْرَةُ الواسِعَةُ الجَوْفِ الضَّيِّقةُ الرأْسِ ، يَسْتَدْفِىءُ فيها الصُّرَدُ ، كما سيأْتي للمصنِّف ، ولاكن لم يذكر القُرمُوص بالضمّ ، فتأَمَّل .
( و ) من المَجاز : ( تَمْهِيدُ الأَمْرِ : تَسْوِيَتُه وإِصْلاحُه ) ، وقد مَهَّدَ الأَمْرَ : وَطَّأَه وسَوَّاه ، قال الراغب : ويُتَجَوَّزُ به عن بَسْطَةِ المالِ والجَاهِ ، ( و ) منه أَيضاً تَمْهِيدُ ( العُذْرِ : بَسْطُهُ وقَبُولُه ) ، وقد مَهَّدَ له العُذْرَ تَمْهِيداً : قَبِلَه . ( و ) منه أَيضاً ( مَاءٌ مُمَهَّدٌ ) ، كمُعَظَّم ( : لا حَارٌّ ولا بَارِدٌ ) ، بل فاتِرٌ ، كما في الأَساسِ والتكملة .
( وتَمَهَّد ) الرجلُ ( : تَمَكَّنَ ) .
وامْتَهَدَ السَّنَامُ : انْبَسَطَ في ارتفاعٍ .
( ) ومما يستدرك عليه :
سَهْدٌ مَهْدٌ : حَسَنٌ . إِتباع .
وعن أَبي زيد : يقال : ما امْتَهَدَ فُلانٌ عندي يَداً ، إِذا لم يُولِكَ نِعْمَةً ولا مَعروفاً ، وو مَجاز ، وروَى ابنُ هانىء عنه : يقال : ما امْتَهَدَ فلانٌ عِنْدي مَهْدَ ذالك ، يقولها الرجلُ حين يُطْلَب إِليه المَعروفُ بِلاَ يَدٍ سَلَفَتْ منه إِليه ، ويقولها أَيضاً للمُسِىءِ إِليه حين يَطْلُب مَعْرُوفه ، أَو يَطْلُب له إِليه .
وتَمَهَّدْت فِراشاً ، واسْتَمْهَدْتُه .
ومن المَجاز : مَهَّدَ له مَنْزِلَةً سَنِيَّةً . وتَمَهَّدَتْ له عندي حَالٌ لَطِيفَةٌ . كما في الأَساس .
ميد : ( *!مَادَ ) الشيءُ (*! يَمِيدُ *!مَيْداً *!ومَيَدَاناً )
____________________

(9/192)


محرَّكَةً ( : تَحَرَّكَ ) بِشِدَّة ، ومنه قوله تعالى : { أَن *!تَمِيدَ بِكُمْ } ( سورة النمل ، الآية : 15 ) أَي تَضْطَرِب بكم وتَدُور بكم وتُحَرِّككم حَرَكَةً شديدةً ، كذا في البصائر .
( و ) *!ماد الشيْءُ *!يَمِيدُ *!مَيْداً : مَالَ و ( زَاغَ وزَكَا ) ، وفي الحديث ( لَمَّا خَلَقَ الله الأَرْضَ جَعَلَتْ *!تَمِيدُ فَأَرْسَاهَا بِالجِبَالِ ) . وفي حَدِيثِ ابن عَبَّاس ( فَدَحَا الله الأَرْضَ مِنْ تَحْتِهَا *!فَمَادَتْ ) . وفي حدِيثِ عَلِيَ ( فَسَكَنَت منَ *!المَيَدَانِ بِرُسُوبِ الجِبَالِ ) .
( و ) مَادَ ( السَّرابُ ) *!مَيْداً ( اضْطَرَبَ ) .
( و ) *!مادَ ( الرَّجُلُ ) *!يَمِيدُ ، إِذا انْثَنَى و ( تَبَخْتَرَ ) .
( و ) *!مادَهُم *!يَمِيدُهم ، إِذا ( زَارَ ) هُمْ ، قيل : وبه سُمِّيَت *!المائدةُ ، لأَنه يُزَار عَلَيْهَا .
( و ) *!مَادَ ( قَوْمَه ) غَارَهُم ، ومَادَهم يَمِيدُهم ، لغةٌ في ( مَارَهم ) من المِيرَةِ ، *!المُمْتَاد ، مُفْتَعَلٌ منه ، وهو مجاز ، قيل : ومنه سُمِّيت المائدةُ .
( و ) من المَجاز : *!مَادَ الرجلُ *!يَمِيدُ فهو *!مائِدٌ ( : أَصَابَه غَثَيَانٌ و ) حَيْرَةٌ و ( دُوَارٌ مِن سُكحرغ أَو رُكُوبِ بَحْرٍ ) ، مِن قَوْمٍ *!مَيْدَى ، كرَائِبٍ ورَوْبَى ، وفي البصائر : مَيْدَى كحَيْرَى .
*!ومادَ الرَّجُلُ : تَحَيَّرَ .
وروى أَبو الهيثم : *!المائدُ : الذي يَرْكَبُ البَحْرَ فتَغْثِي نَفْسُه من نَتْنِ ماءِ البَحْرِ حتى يُدَارَ به ويَكَاد يُغْشَى عليه ، فيقال : مادَ به البَحْرُ *!يَمِيدُ به *!مَيْداً ، وقال الفَرَّاءُ : سَمِعتُ العَرَبَ تَقُول : *!المَيْدَي : الذين أَصابَهُم المَيْدُ مِن الدُّوَارِ ، وفي حديثِ أُم حَرامٍ ) ( المائدُ في البَحْر له أَجْرُ شَهيدٍ ، هو الذي يُدَارُ بِرَأْس مِن رِيحِ البَحْرِ واضْطرابِ السَّفِينِة بالأَمْواجِ .
( و ) *!مَادَتِ ( الحَنْظَلَةُ ) *!تَمِيدُ ( : أَصَابَها نَدًى ) أَو بَللٌ ( فَتَغَيَّرتْ ) ، وكذالك التَّمْرُ .
( *!والمائدةُ : الطَّعَامُ ) نَفْسُه ، من *!مَادَ
____________________

(9/193)


إِذا أَفْضَل ، كما في اللسان ، وهاذا القولُ جَزمَ به الأَخْفَشُ وأَبو حاتمٍ ، أَي وإِن لم يكن مَعه خِوَانٌ ، كما في التقريب واللسانِ ، وصرَّح به ابنُ سِيدَه في المحكم ، ونقَلَه في فَتْح البارِي ، قال شيخُنا : والآيةُ صَرِيحَةٌ فيه ، قالَه أَربابُ التفسيرِ والغَرِيبِ ، ( و ) قيل : المائدة ( : الخوَانُ عليه الطّعامُ ) ، قال الفارسيّ : لا تُسَمَّى مائدةً حتى يَكون عليها طَعَامٌ ، وإِلاَّ فهي خِوَانٌ ، قلت : وقد صرَّح به فقهاء اللُّغَةِ ، وجزمَ به الثَّعالبيُّ وابنُ فارس ، واقتصر عليه الحريريُّ في دُرَّة الغَوَّاص ، وزعم أَن غيرَه مِن أَوْهَامِ الخَوَاصّ ، وذكر شيخُنا في شَرْحِها أَنه يجوز إطلاقُ المائدةِ على الخِوَانِ مُجَرَّداً عن الطعامِ ، باعتبار أَنه وُضِعَ أَو سَيُوضَع . وقال ابنُ ظَفَرٍ : ثَبَت لهَا اسمُ المائدة بعدَ إِزالةِ الطّعام عَنْهَا ، كما قيل لِقْحَةٌ بعد الوِلاَدة ، قال أَبو عُبَيْد : وفي التنزيل : { رَبَّنَآ أَنزِلْ عَلَيْنَا *!مَائِدَةً مّنَ السَّمَآء } ( سورة الحاقة ، الآية : 21 ) ، المائدة في المعنَى مَفْعُولَةٌ ولفظُها فاعلَة ، وهي مثل { عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } ( سورة الحاقة ، الآية : 21 ) وقيل : من مَادَ إِذا أَعْطَى ، يقال ، مادَ زَيْدٌ عَمحراً ، إِذا أَعطاه ، وقال أَبو إِسحاق ، الأَصل عندي في مائدة أَنها فَاعِلَة من مَاد يَمِيد إِذَا تَحَرَّك ، فكأَنَّهَا تَمِيدُ بما عَلَيْهَا ، أَي تَتحَرَّكُ ، وقال أَبو عُبيدة : سُمِّيتْ مائدةً لأَنها مِيدَ بِها صاحِبُها ، أَي أُعْطِيَها وتُفُضِّل عليه بها ، وفي العِنَاية : كأَنَّها تُعْطِي مَنْ حَوْلَهَا مِمَّا حَضَرَ عليها ، وفي المصباح : لأَ المالكَ مَادَهَا للناسِ ، أَي أَعطاهم إيَّاها ، ومثلُه في كتاب الأَبْنية لابن القطّاع ، ( *!كالمَيْدَةِ ، فِيهما ) ، أَي في الطَّعام والخِوَانِ ، قاله الجَرْمِيُّ وأَنشد :
*!ومَيْدَةٍ كَثِيرَةِ الأَلْوَانِ
تُصْنَعُ لِلإِخْوَانِ والجِيرَانِ
( و ) المائدة ( : الدائِرَةُ من الأَرضِ ) ، على التشبيهِ بالخِوان .
( وفَعَلَه *!مَيْدَى ذالك ) ، أَي ( من
____________________

(9/194)


أَجْلِه ) . والذي في اللسان *!مَيْدَ ذالك ، قال : ولم يُسْمعَ : مِنْ مَيْدَي ذلك ، *!ومَيْدٌ بمعنَى غير أَيضاً ، وقيل هي بمعنَى ( عَلَى ) كمَا تَقَدَّم في ( بَيْدَ ) قال ابنُ سِيدَه : وعسَى أَن يكون مِيمُه بَدَلاً من باءِ بَيْد ، لأَنها أَشهر .
( *!ومِيدَاءُ الشيْءِ ، بالكسر والمَدّ : مَبْلَغُه وقِيَاسُه . ومن الطَّرِيقِ : جَانِبَاهُ وبُعْدُهُ ) وسَنَنُه ، يقال : لم أَدْرِما مِيدَاءُ ذالك ، أَي لم أَدْر ما مَبْلَغُه وقِيَاسُه ، وكذالك مِيتَاؤُه ، أَي لم أَدْرِ ما قَدْرُ جَانَبِيْهِ وبُعْده ، وأَنشد :
إِذَا اضْطَمَّ *!مِيدَاءُ الطَّرِيق عَلَيْهِمَا
مَضَتْ قُدُماً مَوْجَ الجِبَالِ زَهُوقُ
ويُروَى ( مِيتَاءُ الطَّرِيق ) . والزَّهْوق : المُتَقَدِّمة من النّوق ، قال ابنُ سيده : وإِنما حملْنا مِيدَاءَ وقَضَيْنَا بأَنَّهَا يَاءٌ على ظاهرِ اللفْظِ مع عَدَمِ م و د .
ويقال : بَنَوْا بُيوتَهم على *!مِيدَاءٍ واحِدٍ ، أَي على طَرِيقَةٍ واحِدَةٍ ، وقال الصاغانيُّ : إِن كان سُمِع : مِيدَاءُ الطَّرِيقِ ، على طَرِيقِ الاعْتِقَابِ لِمِئْتَائِه فهو مَهْمُوزٌ مِفْعَالٌ من أَدَّاه كذا إِلى كذا ، وموضعه ( أَبواب ) المعتلّ كمَوْضِع المِئتَاءِ ، وإِن كان بناءً مُسْتقِلاًّ فهو فِعْلاَلٌ ، وهاذا مَوْضِعُه .
( و ) يقال : ( هاذا *!مِيدَاؤُهُ ، *!وبِمِيدَائِه ، *!وبِمِيدَاهُ ، أَي بِحِذَائِه ) ، ويُرَى *!بِمَيْدَى دَارِه . مفتوح الميم مقصور ، أَي بِحِذَائِها ، عن يعقوب .
( *!ومَيَّادَةُ ، مُشدَّدَةً ) ، اسم ( أَمَة سَوْدَاء ، وهي أُمُّ الرَّمَّاح ) ، ككَتَّانٍ ( بْنِ أَبْرَدَ بنِ ثَوْبَانَ ) ، وفي بعض النسخ الثَّرْبَان ( الشاعِرِ ، نُسِب إِليها ) ، فيقال له : ابنُ مَيَّادَة ، وزَعموا أَنه كان يَضْرِب خَصْرَي أُمِّه ويقول :
اعْرَنْزِمِي *!مَيَّادَ لِلْقَوَافِي
( *!والمَيْدَانُ ) ، بالفتح ( ويُكْسَر ) ، وهاذه عن ابن عَبَّاد ، ( م ) أَي معروف ، ( ج المَيَادِينُ ) ، قال ابنُ القَطَّاع في كتاب الأَبنية : اخْتُلِف في وَزْنِه ، فقيل
____________________

(9/195)


فَعْلاَن ، من *!مَاد *!يَمِيدُ إِذا تَلَوَّى واضطَرَبَ ، ومعناه أَنّ الخَيْلَ تَجولُ فيه وتَتَثَنَّى مُتعطِّفَةً وتَضْطَرِبُ في جَوَلاَنِها ، وقيل وزنه فَلْعَانُ من المَدَى وهو الغايةُ ، لأَن الخَيْلَ تَنْتَهِي فيه إِلى غَاياتِها من الجَرْيِ والجَوَلاَنِ وأَصْلُه مَدْيَانٌ فقُدِّمَت اللام إِلى مَوْضِع العَيْنِ فصار مَيْدَاناً ، كما قيل في جَمْعِ بَازغ بِيزَانٌ ، والأَصل بِزْيَانٌ ، ووزن بازٍ فَلْعٌ وبِيزَانٌ فِلْعَانٌ ، وقيل وزْنُه فَيْعَالٌ من مَدَنَ يَمْدُنُ إِذا أَقامَ ، فتكون الياءُ والأَلف فيه زائدتينِ ، ومعناه أَن الخَيل لزِمَت الجَوَلاَنَ فيه والتَّعَطُّفَ دُونَ غَيْرِه .
( و ) المَيْدَانُ ( : مَحَلَّةٌ بِنَيْسابُورَ ) وتُعْرَف بِمَيْدَانِ زِيَادٍ ، ( منها أَبو الفَضْلِ محّمدُ بن أَحمدَ ) *!-المَيْدَانِيُّ ، هاكذا في النُّسَخ ، والذي قاله ابنُ الأَثير : أَبو الفَضْل أَحمدُ بن محمّد بن أَحمد بن إبراهيم النَّيْسَابُوري ، أَديبٌ فاضل ، صَنَّف في اللُّغَة ، وسمع الحديثَ ، ومات سنة 518 ، والظاهر أَن في عِبَارة المُصَنِّف سَقْطاً ، والصَّوابُ كما في التّبصير لللحافظِ وغيرِه . : منها أَبو الفَضْل أَحمد بن محمّد المَيْدَانيُّ شيخ العَرَبِيَّةِ بِنَيْسَابُور ومُؤَلّف كِتَاب ( مَجْمَع الأَمْثَال ) وغيره ، مات سنة 518 وابنه أَبو سعيد سعد بن أَحمد الأَديب ، له تَصانِيفُ ، كتَبَ عنه ابنُ عَساكِرَ . وأَو عَلِيَ محمّد بن أَحمد بن محمّد بن مَعْقِل النَّيْسابوريّ ، سمعَ محمّد بن يحيى الذُّهليّ ، وهاكذا ذكرَه ياقوت في المعجم ، فكأَنَّ أَصلَ العِبَارةِ : منها أَبو الفضل أَحمد بن محمّد ، وأَبو عَلِيَ محمّد بن أَحمد ، فتأَمَّل ، قال يقوت : ومنها أَيضاً الإِمام أَبو الحسن عليُّ بن محمّد بن أَحمد بن حَمْدَان المَيدانيّ ، انتقل منِ نَيْسَابُورَ فأَقام بِهَمْذَانَ واسْتَوْطَنَهَا وتَزَوَّج من أَهْلِهَا ، وكان يُعَدُّ من الحُفَّاظ العارِفينَ بعِلْم الحَدِيثِ والوَرَعه ، قال شيرَوَيْه : لم تَرَ عَينَايَ مِثْلَه . وقال غيرُه : لم يَرَ مِثْلَ نَفْسِه ، توفِّيَ ببغداد سنة 471 . قلت : ومنها أَيضاً محمّد بن طَلْحة بن منصور المَيْدَانيّ ، عن إِبراهيم بن الحارث البغداديّ ، وعنه الحاكِمُ .
____________________

(9/196)



( و ) المَيْدَانُ ، أَيضاً : ( مَحَلَّةٌ بأَصْفَهَانَ . منها أَبو الفَضْلِ ) هاكذا في النُّسخ : والصَّواب كما في معجم ياقوت : أَبو الفَتْح ( المُطَهَّرُ بنُ أَحْمَد ) المُفِيد ، ورَدَّ ذالك عليه أَبو موسى وقال : لا أَعلم أَحداً نَسَبُه بهاذا النَّسَب . قال أَبو مُوسى : *!ومَيْدَان أَسْفِرِيسَ مَحَلَّةٌ بأَصْفهانَ ، منها محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب المدينيّ المَيْدَانِيّ ، حدثني عنه والدي وغيرُه ، وجعله أَبو موسى ثالثاً . قلت : ونسبه ابنُ الأَثير إِلى مَحَلَّةِ نَيْسَابُور وقال : ومنها أَبو الفتح المُطَهَّر بن أَحمد بن جعفر المُفيد عن أَبي نُعَيْم الحافظ وغيرِه .
( و ) المَيْدَانُ أَيضاً ( مَحَلَّةٌ بِبغدَادَ ) مِن ناحِيَة بابِ الأَزَجِ ، ويُعرَف بشارع المَيْدَان . ( منها عبدُ الرحْمانِ بن جامع ) بن غُنَيْمَة المَيْدَانيّ ، وكان يكتب اسمه غُنَيْمَة ، سمع أَبا طالبٍ يُوسف وأَبا القاسم بن الحُصَين وغيرَهما ، وتوفّيَ سنة 582 . ( وصَدَقَةُ بنُ أَبي الحُسَيْنِ ) المَيدانيّ ، سمع أَبا الوَقْت عبدَ الأَوَّل ، وتوفّيَ سنة 608 . ( وجَمَاعَةٌ ) آخَرون ، مثل أَبي عبد الله محمد بن إِسماعيل بن إِبراهيم المَيْدَانيّ عن القَنْبِيّ ويحيى بن يحيى ، وعنه أَبو عُصَيَّةَ اليَشكريُّ وأَبو الحسن البزَّار ، ذَكرَه الأَمير .
( و ) المَيْدَانُ أَيضاً ( : مَحَلَّةٌ عَظِيمة بِخُوَارَزْمَ ) ، خَرِبَتْ .
ومَيْدَان : مدينةٌ في أَقصَى بلادِ ما وراءَ النَّهْرِ قُرْب إِسْبِيجَابَ .
( وشَارِعُ المَيْدَانِ : مَحَلَّةٌ كبيرة بِبغْدَادَ ، خَرِبَتْ ) ، وقال ياقوت : هي هاذه التي شَرْقِيّ بغدادَ ناحيةَ باب الأَزَج .
( و ) المَيْدَانُ ( : شاعِرٌ فَقْعَسِيٌّ ) ، في بني أَسَدِ بن خُزَيْمَةَ .
( *!والمُمْتَادُ ) ، مُفْتَعِل ، من مَادَهُم يَمِيدُهم ، إِذا أَعطاهم ، وهو ( المُسْتَعْطِي ) . يقال : *!امتَادَه *!فمَادَه ، ( و ) *!المُمْتَادُ أَيضاً ( : المُسْتَعْطَى ) ، وهو المسؤول
____________________

(9/197)


المطلوب منه العَطَاءُ المُتَفضِّل على الناسِ ، قال رُؤبَة :
تُهْدِي رُؤُوس المُتْرَفِينَ الأَنْدَادْ
إِلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ *!المُمْتَادْ
هاكذا أَنشده الأَخْفَش ، قاله الجوهريُّ ، قال الصاغانيُّ والرِّوايةُ :
نُهْدِي رُؤوسَ المُتْرَفِينَ الصُّدَادْ
مِنْ كُلِّ قَوْم قَبْلَ خَرْجِ النُّقَّادْ
إِلَى أَميرِ المُؤْمِنين المُمْتَادْ
( وقولُ الجوهَرِيِّ *!مائدٌ ) في شعر أَبي ذُؤَيْب :
يَمَانِيَةٍ أَحْيَا لَهَا مَظَّ مائِدٍ
وآلع قَرَاسٍ صَوْبُ أَرْمِيَةٍ كُحْلِ
( اسمُ جَبَلٍ ، غَلَطٌ صَرِيحٌ ) ، كما نَبَّهَ عليه ابنُ بَرِّيَ ونقله الصاغانيُّ في التكمل . ( والصَّوَابُ ) مَظّ ( مَأْبِد ، ) بالباءِ المُوَحَّدةِ كمَنْزِلٍ ، في اللُّغَة وفي البَيْتِ المذكورِ ، ولا يخفَى أَنّ مثلَ هاذا لا يُعَدُّ غَلَطاً ، وإِما هو تَصْحِيف ، وهاكذا قالَه الصاغانيُّ في التكملة أَيضاً ، وقد تقدَّم الكلام عليه في م ب د .
( ) ومما يستدرك عليه :
*!مِدْتُه *!وأَمَدْتُه : أَعْطَيْتُه .
*!وامْتَادَه : طَلَب أَن يَمِيدَه .
*!ومَادَ إِذا تَجِرَ .
ومَادَ : أَفْضَلَ .
*!-ومَادَنِي فُلانٌ *!-يَمِيدُني ، إِذا أَحْسَن إِليَّ .
وفي حديث عَلِيَ رضي الله عنه يَذُمُّ الدُّنيا ( فَهِيَ الحَيُودُ *!المَيُودُ ) . فَعُولٌ من *!مادَ إِذَا مَال . *!ومادَ *!مَيْداً : تَمَايَلَ ، *!ومادَت الأَغصانُ : تَمَايَلَتْ . وغُصنٌ *!مائدٌ *!ومَيَّادٌ : مائلٌ ، وغُصونٌ *!مِيدٌ .
قال الأَزهريّ : ومن المقلوب : *!المَوائد والمَآوِد : الدَّوَاهِي ، وقال ابنُ أَحْمَر : وصَادَفَتْ نَعِيماً *!ومَيْدَاناً مِنَ العيشِ أَخْضَرَا
____________________

(9/198)


قالوا : يَعْنِي ناعِماً ، هاكذا أَنشَده الجوهريُّ ، قال الصاغانيُّ : وهو غَلَطٌ وتَحْرِيف ، والرواية ( أَغْيَدَا ) والقَافِيَة دَالِيَّة وقَبْلَه :
أَأَنْ خَضَمَتْ رِيقَ الشَّبَابِ وصَادَفَتْ
ومَيْدٌ لُغة في بَيْدٍ بمعنى غَيْرٍ ، وقيل : معناهما ( عَلَى أَنَّ ) ، وفي الحديث ) ( أَنَا أَفْصَحُ الَعرَبِ مَيْدَ أَنِّي مِن قُرَيْش ونَشَأْتُ في بني سَعْدِ بن بَكْر ) وفَسَّرَه بعضهم ، من أَجلِ أَنِّي ، وفي الحديث ( نَحْنُ الآخرُونَ السابقونَ مَيْدَ أَنَّا أُوتِينَا الكِتَابَ مِنْ بَعْدِهم ) .
ومن المَجاز : *!مادَت المرأَةُ ، وماسَتْ *!وتَمَيَّدَت ، وتَمَيَّسَتْ .
*!ومادَتْ به الأَرْضُ : دَارَتْ . ورجلٌ *!مائِدٌ : يُدَارُ به . والمَطْعُوهن *!يَمِيدُ في الرُّمْحِ ، كما في الأَساس .
( ) واستَدْرَكَ شيخُنَا :
*!مَيْدَان الخُلَفاءِ ، وهو في المضافِ والمَنسوبِ للثعالبَيّ ، وهو عند أَهل الأَخبار من عشرين إِلى أَربعٍ وعِشْرِينَ سَنَةَ ، كأَنّه كِنَايَة عن اسم مُدَّةِ الخِلافة .
قلت :
ومَيْدَان الغَلَّةِ : مَحَلَّةٌ بِمصرَ .
*!والمَيْدَانانِ : مَحَلَّتَانِ بِبُخارَا .
والمَيْدَانُ بِدِمَشْقَ اثنانِ .
2 ( فصل النون مع الدال المهملة ) 2
نأَد : ( *!النَّآدُ ، كَسَحَابٍ ، *!والنَّآدَى ، كحَبَالَى ) ، عن كراع ، ( *!والنَّؤُودُ ) ، كصَبُورٍ ، اسم ( الدَّاهِيَة ) ، قال الكُمَيت :
فَإِيَّاكُمْ ودَاهِيَةً *!نَآدَى
أَظَلَّتْكُمْ بِعَارِضِها المُخِيلِ
____________________

(9/199)



نَعَتَ به الدَّاهِيَة ، وقد يكون بَدَلاً ، وأَنشد :
أَتَانِي أَنَّ دَاهِيَةً *!نَآداً
أَتَاكَ بِهَا عَلَى شَحْطٍ مَيُونُ
قال أَبو منصور : ورواه غيرُ الليثِ : أَنّ دَاهيَةً *!نَآدَى . على ، فَعَالى كما رواه أَبو عُبَيْدٍ ( *!والنَّأْدُ ، بالفَتْحِ ) ، قال شيخنا : ذِكرُ الفَتْحِ مُستدرك ( : النَّزُّ ) ، وقيل : لُثْغَة ، قاله ابنُ دُريدٍ ( و ) *!النَّأْدُ ( : الحَسَدُ ،*! نَأَدَه ، كَمَنَعَه : حَسَدَه . و ) *!نَأْدَتِ ( الأَرْضُ : نَزَّتْ . و ) *!نَأَدَتِ ( الدَّاهِيَةُ فُلاَناً : دَهَتْهُ ) ، وفي الأَساس : فَدَحَتْه وبَلَغَتْ منه . وفي حديث عُمَر والمَرْأَةِ العَجُوزِ ( أَجَاءَتْنهي *!النّائِدُ ، إِلى اسْتِيشَاءِ الأَبَاعِدِ ) *!النّائد : الدَّواهِي ، جَمْعُ *!نَآدَى ، تريد أَنَّهَا اضْطَرَّتها الدّواهي إِلى مسأَلة الأَباعِد :
( ) ومما يستدرك عليه :
نبد : نَبِدَ الشيْءُ ، كفَرِحَ : سَكَنَ ، عن الزُّمخشريّ ، وبه رَوَى حدث عُمَر الآتي :
والنَّبَادِيَّةُ : جَرَّةُ الخَمْرِ والخَلّ ، عَامِّيَّة .

تابع كتاب نثد : ( نَثِدَ ) الشيْءُ ، ( كَفَرِحَ ) ، نُثُوداً ، كنَثَطَ نُثُوطاً ، أَهْمَلَه الجوهريّ ، وقال الصاغانيُّ : أَي ( سَكَنَ ورَكَدَ ) ونَثَدْتُه ونَثَطْتُه : سَكَّنْتُهُ ، هاكذا في الأَفعال لابن القطَّاعِ ، وكلامه يقتضي أَن يكون من حَدّ نَصَر ، وفي النهاية وفي حديث عُمرَ وحَضَر طعَامُه فجاءَتْه جارِيَةٌ بِسَوِيقٍ فناوَلَتْه إِيّاه . قال رجلٌ : فجَعَلْتُ إِذا أَنَا حَرَّكْتُه ثَارَ له قُشَارٌ وإِذا تَرَكْته نَثِدَ القُشَارُ )
____________________

(9/200)


( القُشَارُ : ) القِشْرُ ، قال الزمَخْشَريُّ : أَي سَكَنَ ورَكَدَ ، ويُروَى بالبَاءِ المُوَحَّدَة ، وقال الخَطَّابِيّ : لا أَدْرِي ما هُو ، وأُراه رَثَد ، بالراءِ ، أَي اجْتَمَع في قَعْرِ القَدَحِ ، ويجوز أَن يكون نَثَطَ فأَبْدلَ الطاءَ دالاً للمَخْرَج .
( و ) نَثِدَت ( الكَمْأَةُ : نَبَتَتْ ) عن الصاغانيّ .
( ) ومما يستدرك عليه :
نَثَدَ الشَّيءَ بيدِه : غَمَزَهُ ، عن ابنِ القَطَّاع .
نجد : ( النَّجْدُ : ما أَشْرَفَ من الأَرضِ ) وارتَفَعَ واسْتَوَى وصَلُب وغَلُظَ ، ( ج أَنْجُدٌ ) جمع قِلّة كفَلْسٍ وأَفْلُسٍ ، ( وأَنْجَادٌ ) ، قال شيخنا : وقد أَسْلَفْنا غيرَ مَرَّةٍ أَن فَعْلاً بالفتح لا يُجْمَع على أَفْعَالٍ إِلاَّ في ثلاثةِ أَفْعَالٍ مَرَّت ليس هاذا منها ؛ ( ونِجَادٌ ) بالكسر ، ( ونُجُود ونُجُدٌ ) بضمهما ، الأَخيرة عن ابن الأَعرابيّ وأَنشد :
لَمَّا رَأَيْتُ فِجَاجَ البِيدِ قَدْ وَضَحَتْ
وَلاَحَ مِنْ نُجُدٍ عَادِيَّةٌ حُصُرُ
ولا يكون النِّجَادُ إِلاَّ قُفًّا مثل الجَبلِ مُعْتَرِضاً بين يَدَيْكَ يَرُدُّ طَرْفَك عَمَّا وراءَه ، ويقال : اعْلُ هاتِيكَ النِّجادَ وها ذاك النِّجادَ ، يُوَحّد وأَنشد :
رَمَيْنَ بِالطَّرْفِ النِّجَادَ الأَبْعَدَا
قال : وليس بالشدِيدِ الارتفاع ، ( وجَمْعُ النُّجُودِ ) ، بالضم ، ( أَنْجِدَةٌ ) أَي أَنه جَمْعُ الجَمْعِ ، وهاكذا قول الجوهريّ ، وقال ابن بَرِّيّ : وهو وَهَمٌ ، وصوابه أَن يقول : جَمْع نِجَادٍ ، لأَن فِعَالاً يُجمع على أَفْعِلة ، نحو حِمَار وأَحْمِرَة ، قال : ولا يُجْمَع فُعُول على أَفْعِلَة ، وقال : هو من الجموع الشاذَّة ومثله نَدًى وأَنحدِيَة ورَحاً وأَرْحِيَة ، وقياسهما نِدَاءٌ ورِحَاءٌ ، وكذالك أَنْجِدَة قياسُها نِجَادٌ .
( و ) النَّجْدُ : ( الطَّرِيقُ الواضِحُ )
____________________

(9/201)


البَيِّنُ ( المُرْتَفِعُ ) من الأَرْض . ( و ) النَّجْدُ ( : ما خَالَف الغَوْرَ ، أَي تِهَامَةَ ) .
ونَجْدٌ من بلاد العربِ ما كان فوق ( العالِيَةِ والعالِيَةُ ما كان فوق ) نَجْدٍ إِلى أَرض تِهَامَةَ إِلى ما وَرَاءَ مَكَّةَ فما دُونَ ذلك إِلى أَرْضِ العِرَاقِ فهو نَجْدٌ ، ( وتُضَمُّ جِيمُه ) قال أَبو ذُؤَيْب :
فِي عَانَةٍ بِجُنُوبِ السِّيِّ مَشْرَبُهَا
غَوْرٌ ومَصْدَرُهَا عَنْ مَائِهَا نُجُدُ
قال الأَخفش : نُجُدٌ ، لغة هُذَيْل خاصَّة ، يريد نَجْداً ، ويروى ( النُّجُد ، جَمَعَ نَجْداً عَلَى ) نُجُدٍ بضمّتين ، جَعَل كُلَّ جُزْءٍ مِنْه نَجْداً ، قال : هاذا إِذا عَنَى نَجْداً العَلَمَي ، وإِن عَنَى نَجْداً مِن الأَنْجَاد فَغَوْرُ نَجْدٍ أَيضاً ، وهو ( مُذَكَّرٌ ) . أَنشد ثعلب :
ذَرَانِيَ مِنْ نَجْدٍ فَابنَّ سِنِينَهُ
لَعِبْنَ بِنَا شِيباً وشَيَّبْنَنَا مُرْدَا
وقيل : حَدُّ نَجْدٍ هو اسمٌ للأَرض الأَرِيضة التي ( أَعْلاَهُ تِهَامَةُ واليَمَنُ ، وأَسفَلَهُ العِرَاقُ والشَّامُ ) ، والغَوْرُ هو تهَامَة ، وما ارتَفَعَ عن تِهَامَةَ إِلى أَرْضِ العِرَاق فهو نَجْدٌ وتَشْرَبُ بِتِهامَة ( وأَوَّلُه ) أَي النَّجْد ( مِنْ جِهَةِ الحِجَاز ذَاتُ عِرْقٍ ) . وروى الأَزهريُّ بسنده عن الأَصمعيِّ قال : سمِعتُ الأَعراب يقولون : إِذا خَلَّفْتَ عَجْلَزاً مُصْعِداً وعَجْلَزٌ فوق القَرْيَتَيْنِ فقد أَنْجَدْتَ . فإِذا أَنْجَدْتَ عن ثَنَايا ذتِ عِرْقٍ فقد أَتْهَمْتَ ، فإِذا عَرَضَتْ لك الحِرَارُ بِنَجْدٍ قيل : ذالك الحِجَازُ ، ورُويَ عن ابنِ السِّكّيت قال : ما ارتفَعَ مِن بَطْنِ الرُّمَّة ( والرُّمَّةُ وادٍ معلوم ) فهو نَجْدٌ إِلى ثَنَايَا ذاتِ عِرْق ، قال : وسمعتُ الباهِلِيّ يقول : كُلُّ ما وراءع الخَنْدَقِ اذي خَنْدَقَه كِسْرَى على سَوَادِ العِرَاقِ فهو نَجْدٌ ابلى أَن تَمِيلَ إِلى الحَرَّةِ ، فإِذا مِلْتَ إِليها فأَنْتَ بالحِجَازِ .
____________________

(9/202)


( شَمِرٌ : إِذا جاوزتَ عُذَيْباً إِلى أَن تجاوز فَيْدَ وما يليها ) وعن ابن الأَعرابيّ نَجْدٌ ما بَيْنَ العُذَيْبِ إِلى ذاتِ عِرْقٍ ، وإِلى اليَمَامَةِ وإِلى اليَمَنِ ، وإِلى جَبَلَيْ طَيِّىءٍ ، ومن المِرْبَدِ إِلى وَجْرَةَ ، وذاتُ عِرْقٍ أَوّلُ تِهَامَةَ إِلى البَحْرِ وجُدَّةَ . والمدينةُ لا تِهَامِيَّةٌ ولا نَجْدِيَّة . وإِنها حِجَازٌ فوقَ الغَوحرِ ودُونَ نَجْد ، وإِنها جَلْسٌ لارْتِفَاعِها عن الغَوْرِ . وقال الباهليُّ : كُلُّ ما وَرَاءَ الخَنْدَقِ عَلى سَوادِ العِرَاقِ فَهو نَجْدٌ ، والغَوْرُ : كُلُّ ما انْحَدَرَ سَيْلُه مَغْرِبِيًّا ، وما أَسْفَل منها مَشْرِقِيًّا فهو نَجْدٌ ، وتِهَامَةُ : ما بَيْنَ ذاتِ عِرْقٍ إِلى مَرْحَلَتَيْنِ مِن وَرَاءِ مَكَّةَ ، وما وَراءَ ذالك مِن المَغْرِب فهو غَوْرٌ ، وما وراءَ ذالك من مَهَبِّ الجَنُوبِ فهو السَّرَاةُ إِلى تُخُومِ اليَمَنِ . وفي المَثَل ( أَنْجَدَ مِنْ رَأَى حَضَناً ) وذلك إِذا عَلاَ مِن الغَوْرِ ، وحَضَنٌ اسمُ جَبَلٍ .
( و ) النَّجْدُ ( ما يُنَجَّدُ ) ، أَي يُزَيَّن ( به البَيْتُ ) ، وفي اللسان ما يُنَضَّدُ به البَيْتُ ( مِن بُسْطٍ وفُرُشٍ ووَسَائدَ ، ج نُجودٌ ) ، بالضم ، ( ونِجَادٌ ) ، بالكسر ، الأَوّل عن أَبي عُبَيْدٍ ، وقال أَبو الهَيْثَم : النَّجَّادُ : الذي يُنَجِّدُ البُيُوتَ والفُرُشَ والبُسُطَ . وفي الصحاح : النُّجُود : هي الثِّيابُ التي يُنَجَّدُ بها البُيُوتُ فتُلْبَسُ حِيطَانُها وتُبْسَط ، قال : ونَجَّدْت البيْتَ ، بَسَطْتُه بثِيابٍ مَوْشِيَّةٍ ، وفي الأَسَاس والمحكم : بَيْتٌ مُنَجَّدٌ ، إِذا كان مُزَيَّناً بالثّيابِ والفُرُشِ ونُجُودُه : سُتُورُه التي تَعْلُو على حِيطَانِه يُزَيَّنُ بها .
( و ) النَّجْدُ ( : الدَّلِيلُ الماهِرُ ) يقال : دَلِيلٌ نَجْدٌ : هَادٍ ماهِرٌ .
( و ) النَّجْدُ ( المَكَانُ لا شَجعرَ فيهِ ، و ) النَّجْدُ ( : الغَلَبَةُ . و ) النَّجْدُ ( : شَجَرٌ كالشُّبْرُمِ ) في لَوْنِه ونَبْتِه وشَوْكِه . ( و ) النَّجْدُ ( أَرْضٌ بِبلادِ
____________________

(9/203)


مَهْرَةَ في أَقْصَى اليَمَنِ ) ، وهو صُقْعٌ واسِعٌ مِن وراءِ عُمَانَ ، عن أَبي مُوسَى ، كذا في مُعْجَم ياقوت .
( و ) النَّجْدُ ( : الشُّجَاعُ الماضِي فيما يَعْجَزُ ) عنه ( غَيْرُه ) وقيل : هو الشديدُ البأْسِ ، وقيل : هو السَّرِيعُ الإِجابَةِ إِلى ما دُعِيَ إِليه ، خَيْراً كان أَو شَرًّا ، ( كالنَّجِدِ ، والنَّجُدِ ، ككَتِفٍ ورَجُلٍ ، والنَّجِيدِ ) ، والجمع أَنْجَادٌ ، قال ابنُ سِيدَه : ولا يُتَوَهَّمَنَّ أَنْجَادٌ جَمْعُ نَجِيدٍ ، كنَصِيرٍ وأَنْصَارٍ قِياساً على أَنّ فَعْلاً وفِعَالاً لا يُكَسَّرَانِ لِقلَّتهما في الصِّفة ، وإِنما قِيَاسُهما الواو والنون ، فلا تَحْسَبَنَّ ذِّلك ، لأَن سيبويهِ قد نَصَّ على أَنّ أَنْجَاداً جَمْعُ نَجُدٍ ونَجِدٍ . ( وقد نَجُدَ ، ككَرُمَ ، نَجَادَةً ونَجْدَةً ) ، بالفتح فيهما ، وجَمْعُ نَجِيدٍ نُجُدٌ ونُجَدَاءُ .
( و ) النَّجْدُ ( : الكَرْبُ والغَمُّ ) ، وقد ( نُجِدَ ، كعُنِيَ ) ، نَجْداً ( فهو مَنْجُودٌ ونَجِيدٌ : كُرِبَ ) ، والمنْجُود : المَكْرُوب ، قال أَبو زُبَيْد يرثِي ابنَ أُخْتِه وكان ماتَ عَطَشاً في طريقِ مكَّةَ :
صَادِياً يَسْتَغِيثُ غَيْرَ مُغَاثٍ
وَلَقَدْ كَانَ عُصْرَةَ المَنْجُودِ
يُريد المَغْلُوب المُعْيَا ، والمَنْجُود : الهالِك . وفي الأَساس : وتقول : عِنْدَه نُصْرَةُ المَجْهُودِ وعُصْرَةُ المَنْجُود .
( و ) نَجِدَ ( البَدَنُ عَرَقاً ) إِذا ( سَال ) يَنْجَدُ ويَنْجُدُ الأَخيرةُ نادِرَةٌ ، إِذا عَرِق من عَمَلٍ أَو كَرْبٍ فهو مَنجود ونَجهيد ونَجِدٌ ، ككتِفٍ : عَرِقٌ ، فأَمّا قوله :
إِذا نَضَخَتْ بِالماءِ وَازْدَادَ فَوْرُهَا
نَجَا وهْوَ مَكْرُوبٌ مِنَ الغَمِّ نَاجِدُ
____________________

(9/204)



فإِنه أُشْبَع الفَتْحَةَ اضطراراً ، كقوله :
فَأَنْتَ مِنَ الغَوَائلِ حِينَ تَرْمِي
ومنْ ذَمِّ الرِّجالِ بِمُنْتَزَاحِ
وقيل : هو على فَعِلٍ كعَمِلٍ فهو عامِلٌ ، وفي شِعر حُميد بن ثَور :
ونَجِدَ المَاءُ الذي نَوَرَّدَا
أَي سَالَ العَرَقُ ، وتَوَرُّدُه : تَلَوُّنُه .
( و ) النَّجْدُ ( : الثَّدْيُ ) والبَطْنُ تَحْتَه كالغَوْرِ ، وبه فُسِّر قولُه تعالى : { وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ } ( سورة البلد ، الآية : 10 ) أَي الثَّدْيَيْنِ ، وقيل : أَي طَرِيقَ الخَيْرِ وطَرِيقَ الشَّرِّ ، وقيل : النَّجْدَيْنِ : الطَّرِيقَيْنِ الواضِحَينِ ، والنَّجْدُ : المُرْتَفِع من الأَرْضِ ، والمعنَى أَلَمْ نُعَرِّفْه طَرِيقَيِ الخَيْرِ والشَّرِّ بَيِّنَيْنِ كبَيَانِ الطَّرِيقَيْنِ العَالِيَيْنِ .
( و ) تقول : ذِفْرَاهُ تَنْضَحُ النَّجَدَ ( بالتَّحْرِيك : العَرَق ) من عَمَلٍ أَو كَرْبٍ أَو غيرِه ، قال النابغةُ :
يَظَلُّ مِنْ خَوْفِهِ المَلاَّحُ مُعْتَصِماً
بِالخَيْزُرانةِ بَعْدَ الأَيْنِ والنَّجَدِ
( و ) هو أَيضاً ( البَلاَدَةُ والإِعياءُ ) وقد نَجِدَ ، كفَرِحَ ، يَنْجَد ، إِذا بَلُد وأَعْيَا ، فهو ناجِدٌ ومَنْجُود .
( و ) من المَجاز قولهم : ( هو طَلاَّعُ أَنْجُدٍ و ) طَلاَّعُ ( أَنْجِدَةٍ و ) طَلاَّعُ ( نِجَادٍ ، و ) طَلاَّع ( النِّجاد ( أَي ) ضابِطٌ للأُمورِ ) غالبٌ لها ، وفي الأَساس : رَكَّابٌ لِصِعَابِ الأُمورِ . قال الجوهريُّ يقال : طَلاَّعُ أَنْجُدٍ : وطَلاَّعُ الثَّنَايَا ، إِذا كان سامِياً لمَعَالِي الأُمُورِ ، وأَنْشَدَ بَيْتَ حُمَيْدِ بنِ أَبي شِحَاذٍ الضَّبِّيّ ، وقيل هو لِخَالِدِ بن عَلْقَمَةَ الدّارِمِيّ :
فَقَدْ يَقْصُرُ الفَقْرُ الفَتَى دُونَ هَمِّهِ
وقَدْ كَانَ لَوْلاَ القُلُّ طَلاَّعَ أَنْجُدِ
يقول : قد يَقْصُر الفَقْرُ الفَتَى عن سَجِيَّتِه من السَّخَاءِ فلا يَجِدُ مَا يَسْخُو به ، ولولا فَقْرُه لَسَمَا وارْتَفَعَ . وطَلاَّعُ
____________________

(9/205)


أَنْجِدَةٍ ، جَمْع نِجَادٍ ، الذي هو جَمْعُ نَجْدٍ ، قال زِيَادُ بن مُنْقِذٍ في معنَى أَنْجهدَةٍ ( بمعنى أَنْجُدٍ ) يَصِفُ أَصحاباً له كان يَصْحَبُهُم مَسْرُوراً :
كَمْ فِيهِمُ مِنْ فَتًى حُلْوٍ شَمَائِلُهُ
جَمِّ الرَّمَادِ إِذا مَا أَخْمَدَ البَرِمُ
غَمْرِ النَّدَى لاَ يَبِيتُ الحَقُّ يَثْمُدُهُ
إِلاَّ غَدَا وَهُوَ سَامِي الطَّرْفِ مُبْتَسِمُ
يَغْدُو أَمَامَهُمُ فِي كُلِّ مَرْبَأَةٍ
طَلاَّعِ أَنْجِدَةٍ فِي كَشْحِةِ هَضَمُ
ومعنى يَثْمُدُه يُلِحُّ عليه فيُبْرِزُ ، قال ابن بَرِّيّ : وأَنْجهدَة من الجُمُوع الشّاذَّة ، كما تقدَّم .
( وأَنْجَدَ ) الرَّجلُ ( : أَتَى نَجْداً ) ، أَو أَخَذَ في بلاد نَجْدٍ ، وفي المثل ( أَنْجَدَ مَنْ رَأَى حَضَناً ) وقد تَقَدَّم .
وأَنْجَدَ القَوْمُ من تِهَامَةَ إِلى نَجْد : ذَهَبُوا ، قال جَرِيرٌ :
يَا أُمَّ حَزْرَةَ مَا رَأَيْنَا مِثْلَكُمْ
فِي المُنْجِدِينَ ولا بِغَوْرِ الغَائِرِ
( أَو ) أَنجَدَ ( : خَرَجَ إِليه ) ، رواها ابنُ سِيدَه عن اللِّحْيَانيّ .
( و ) أَنجَدَ الرجلُ ( : عَرِقَ ) ، كنَجِدَ ، مثل فَرِحَ .
( و ) أَنْجَدَ ( : أَعَانَ ) ، يقال : استَنْجَدَه فأَنْجَدَه : استَعانه فأَعَانَه ، وكذالك اسْتَغَاثه فأَغاثه ، وأَنْجَدَه عليه ، كذلك .
( و ) أَنْجَدَ الشيْءُ ( : ارْتَفَعَ ) ، قال ابنُ سِيدَه : وعليه وَجَّهَ الفارِسِيّ روايةَ مَنْ رَوَى الأَعشى :
نَبِيٌّ يَرَى مَالاَ تَرَوْنَ وَذِكْرُهُ
أَغَارَ لَعَمْرِي في البِلادِ وأَنْجَدَا
فقال : أَغَارَ : ذَهَبَ في الأَرْض ، وأَنْجَدَ : ارْتَفَعَ . قال : ولا يكون أَنْجَدَ في هاذه الرِّواية أَخَذَ في نَجْدٍ ، لأَن الأَخْذ في نَجْدٍ إِنما يُعادَلُ بالأَخْذِ في الغَوْرِ ، وذالك لتقابُلهِمَا ، وليستْ أَغَارَ من الغَوْرِ ، لأَن ذالك إِنما يُقَال فبه غَارَ ، أَي أَتَى الغَوْرَ ، قال : وإِنما
____________________

(9/206)


يكون التقابل في قَوْلِ جَرير :
في المُنْجِدِينَ وَلاَ بِغَوْرِ الغَائِرِ
( و ) أَنْجَدَتِ ( السماءُ : أَصْحَتْ ) ، حكَاها الصاغانيُّ .
( و ) أَنْجَدَ ( الرجُلُ : قَرُبَ من أَهْلِه ) ، حَكَاهَا ابنُ سِيدَه عن اللِّحْيَانِيِّ .
( و ) أَنْجَدَ فُلانٌ ( الدَّعْوَةَ : أَجَابَها ) ، كذا في المحكم .
( والنَّجُودُ ) ، كصبور ، ( من الإِبل والأُتُنِ : الطَّويلةُ العُنُقِ ، أَو ) هي من الأُتُن خاصَّةً ( : التي لا تَحْمِلُ ) قال شَمِرٌ : هذا مُنْكَر ، والصواب ما رُوِيَ في الأَجناس : النَّجُودُ : الطويلةُ من الحُمُرِ ، وروى عن الأَصمعيّ : أُخِذَت النَّجُودُ من النَّجْدِ ، أَي هي مُرْتَفعة عظيمةٌ ، ( و ) يقال : هي ( النَّاقَةُ الماضيَةُ ) ، قال أَبو ذُؤَيْب :
فَرَمَى فَأَنْفَذَ مِنْ نَجُودٍ عَائِطٍ
قال شَمِرٌ : وهاذا التفسيرُ في النَّجودِ صَحِيحٌ . والذي روِيَ في باب حُمُرِ الوَحْشِ وَهَمٌ ، ( و ) قيل : النَّجُود ( : المُتَقَدِّمةُ ) ، وفي الرَّوْض : النَّجُودُ من الإِبل : القَوِيَّةُ ، نقلَه شيخُنَا ، وقيل : هي الطَّويلة المُشْرِفَة ، والجمع نُجُدٌ . ( و ) النَّجُود من الإِبل ( : المِغْزَارُ ) ، وقيل : هي الشَّدِيدَة النَّفْسِ ، ( و ) قيل : النَّجُود من الإِبل ( : التي ) لا ( تَبْرُكُ ) إِلاَّ ( على المَكَانِ المُرْتَفِعِ ) ، نقله الصاغانيُّ . والنَّجْدُ : الطريقُ المرتفِعُ ، ( و ) قيل : النَّجُود ( : التي تُنَاجِدُ الإِبِلَ فتَغْزُرُ إِذا غَزُرْنَ ) ، وقد نَاجَدَتْ ، إِذا غَزُرَتْ وكَثُرَ لَبنُها ، والإِبل حينئذٍ بِكَاءٌ غَوَارِزُ وعبَّر الفارسيُّ عنها فقال : هي نحو المُمَانِح . ( و ) النَّجُودُ ( : المرأَةُ العَاقِلةُ النَّبِيلة ) ، قال شَمِرٌ : أَغربُ ما جاءَ في النَّجُود ما جاءَ في حَدِيث الشُّورَى ( وكانَت امْرَأَةً نَجُوداً ) يريد : ذَاتَ رَأْى كأَنَّهَا التي تَجْهَد رَأْيَها في الأُمورِ ، يقال نَجَدَ نَجْداً ، أَي جَهَدَ جَهْداً . وزاد السُّهيل في الرَّوض : وهي المَكْرُوبة ، ( ج ) نُجُدٌ ، ( ككُتُب ) .
____________________

(9/207)



( و ) أَبو بكر ( عاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُودِ ابنُ بَهْدَلَةَ وهي ) أَي بَهدَلَة اسم ( أُمّه ) ، وقيل : إِنه لَقَبُ أَبيه ، وقد أَعادَه المُصنِّف في اللام ( قارِىءٌ ) صَدُوقٌ ، له أَوْهَامٌ ، حُجَّةٌ في القِرَاءَة ، وحَديثه في الصَّحيحينِ ، وهو من موالِي بني أَسَدٍ ، مات سنة 128 .
( والنَّجْدَة ) ، بالفتح ( : القِتَالُ والشَّجَاعَةُ ) ، قال شيخُنَا : قَضِيَّتُه تَرَادُفُ النَّجْدَةِ والشَّجَاعَةِ ، وأَنهما بمعنًى واحدٍ ، وهو الذي صَرَّح به الجوهريُّ والفيُّوميُّ وغيرُهما من أَهْلِ الغَرِيبِ ، ومَشَيِ عليه أَكثرُ شُرَّاحِ الشِّفاءِ ، وجزمَ الشهابُ في شرْحه بالفَرْقِ بَيْنَهما وقال : الفَرْقُ مثلُ الصُّبْحِ ظاهِرٌ ، فإِن الشجاعة جَرَاءَةٌ وإِقدَامٌ يَخوض به المَهَالِكَ ، والنَّجْدَة : ثَبَاتُه على ذالك مُطْمَئِنًّا من غير خَوْفِ أَنْ يَقَع على مَوْتٍ أَو يَقَع المَوْتُ عليه حتى يُقْضَى له بِإِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ : الظَّفْرِ أَو الشَّهادَةِ فَيَحْيَا سَعِيداً أَو يَموت شَهِيداً ، فتلكَ مُقَدِّمة وهاذه نَتِيجَتُها . ثم قال شيخُنَا : ويبقى النَّظَرُ في تفسِيرِهَا بالقِتَال ، وهل هو مُرَادِفٌ للشَّجَاعةِ ولها ، فتأَمل . وفي بعض الكتب اللغوية : النِّجْدَة ، بالكسر : البلاءُ في الحُرُوبِ ، ونقله الشِّهاب في العِناية أَثناءَ النَّمْلِ ، تقول منه : نَجُدَ الرجُلُ بالضمّ فهو نَجِدٌ ونَجُدٌ ونَجِيدٌ ، وجمْع نجُدٍ أَنْجَاد مثل يَقُظٍ وأَيْقَاظ ، وجمع نَجِيد نُجُدٌ ونُجَدَاءُ .
( و ) النَّجْدَة ( : الشِّدَّةُ ) والثِّقَلُ ، لا يُعْنَى به شِدَّة النَّفْسِ ، إِنما يَعَنَى به شِدَّاة الأَمْرِ عليه ، قال طَرَفَةُ :
تَحْسَبُ الطَّرْفَ عَلَيْهَا نَجْدَةً
ويقال رَجُلٌ ذو نَجْدَةٍ ، أَي ذو بَأْسٍ ، ولاقى فُلاَنٌ نَجْدَةً ، أَي شِدَّة . وفي حديثِ عَلِيَ رضي الله عنه ( أَمَّا بَنُو هَاشِمٍ فأَنْجَادٌ أَمْجَادٌ ) أَي أَشِدَّاءُ شُجْعَانٌ ، وقيلِ أَنْجَادٌ جَمْعُ الجَمْعِ ، كأَنَّه جَمِعَ نَجُداً على نِجَادٍ أَو نُجُودٍ ثم نُجُدٍ ثم أَنْجَادٍ . قاله أَبو موسى . وقال ابن الأَثير : ولا حاجةَ إِلى ذالك ، لأَنّ أَفْعَالاً في فَعُلٍ وفَعِلٍ مُطَّرِدٌ نحو عَضُدٍ وأَعْضَاد وكَتِفٍ وأَكْتَافٍ ، ومنه حديثُ خَيْفَان
____________________

(9/208)


( وأَمَّا هذا الحَيُّ من هَمْدَانَ فأَنْجَادٌ بُسْلٌ ) ، وفي حديث عَلِيَ ( مَحَاسِنُ الأُمور التي تَفَاضَلَ فيها المُجَدَاءُ والنُّجَدَاءُ ) ، جمع مَجِيدٍ ، نَجِيدٍ ، والمَجِيدُ : الشَّرِيفُ . والنَّجِيد : الشُّجَاع . فَعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ .
( و ) النَّجْدَةُ ( : الهَوْلُ والفَزَعُ ) ، وقد نَجُدَ .
( والنَّجِيدُ : الأَسَدُ ) ، لشجاعته وَجَرَاءَتِه ، فَعِيل بمعنى فاعلٍ .
( والمَنْجُود : الهالِكُ ) والمَغْلوب ، وأَنشدوا قولَ أَبي زُبَيْدٍ المتقدِّم .
( و ) النِّجَاد ، ( ككِتَابٍ : ) ما وَقَعَ على العاتِق مِن ( حَمَائِلِ السَّيْفِ ) ، وفي الصّحاح : حَمَائِلُ السَّيْفِ ، ولم يُخَصِّصْ ، وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ ( زَوْجِي طَوِيلُ النِّجادِ ) تريد طُول قَامَتِه ، فإِنها إِذا طَالتْ طالَ نِجَادُه ، وهو من أَحسن الكنايات .
( و ) النَّجَّادُ ( ككَتَّانِ : مَنْ يُعَالِج الفُرُشَ والوَسائدَ ويَخيطُهما ) ، وعبارَة الصّحاح : والوِسَاد ويَخِيطُهما ، وقال أبو الهيثم : النَّجَّاد : الذي يُنَجِّد البُيُوتَ والفُرُشَ والبُسُطَ ، ومثلُ في شَرْحِ ابنِ أَبي الحَدِيد في نَهْجِ البَلاغة .
( و ) قال الأَصمعيُّ : ( الناجُودُ : ) أَوَّلُ ما يَخْرُجُ من ( الخَمْر ) إِذا بُزِلَ عَنْها الدَّنُّ ، واحتَجَّ بقول الأَخْطَل :
كَأَنَّمَا المِسْكُ نُهْبَى بَيْنَ أَرْحُلِنَا
مِمَّا تَضَرَّعَ مِنْ نَاجُودِهَا الجَارِي
وقيل : الخَمْرُ الجَيِّد ، وهو مُذَكَّر . ( و ) النَّاجُود أَيضاً ( : إِنَاؤُهَا ) وهي البَاطِيَةُ ، وقيل : كُلُّ إِناءٍ يُجْعَل فيه الخَمْرُ من بَاطِيَة أَو جَفْنَة أَو غيرِهَا ، وقيل : هي الكَأْسُ بِعَيْنِهَا ، وعن أَبي عُبَيْد : النَّاجُود : كُلُّ إِناءٍ يُجْعَل فيه الشَّرابُ مِن جَفْنَةٍ أَو غيرِهَا ، وعن الليثِ : النَّاجُود : هو الرَّاوُوقُ نَفْسُه ، وفي حديث الشَّعْبِيِّ ( وبَيْنَ أَيْدِيهِم نَاجُودُ خَمْرٍ ) ، أَيْ رَاوُوقٌ ، واحْتَجَّ على الأَصمعيِّ بقول عَلْقَمَةَ :
ظَلَّتْ تَرَقْرَقُ فِي النَّاجُودِ يُصْفِقُهَا
وَلِيدُ أَعْجَمَ بِالكَتَّانِ مَلْثُومُ
____________________

(9/209)



يَصْفِقُهَا : يُحَوِّلُها من إِنَاءٍ إِلى إِناءٍ لتَصْفُوَ . قلت : والقولُ الأَخير هو الأَكثر وفي بعض النُّسخ : أَو إِناؤُهَا ، بلفظ ( أَو ) الدالَّة على تَنَوُّعِ الخِلافِ ، ( و ) عن الأَصمعيّ : النَّاجُودُ ( : الزَّعْفَرَانُ ، و ) النَّاجُود ( الدَّمُ ) .
( و ) المِنْجَدَةُ ( كمِكْنَسَةٍ : عَصاً خَفِيفَةٌ ) تُساق و ( تُحَثُّ بها الدَّابَّةُ عَلَى السَّيْرِ ، و ) اسم ( عُود ) يُنْفَش به الصُّوف و ( يُحْشَى به حَقِيبَةُ الرَّحْلِ ) وبكُلَ منهما فَسِّرَ الحديث ( أَذِنع النبيُّ صلى الله عليه وسلمفي قَطْعِ المَسَدِ والقائمتَيْنِ والمِنْجَدَةِ ) يعني مِن شَجَرِ الحَرَمِ لما فيها من الرِّفْق ولا تَضُرُّ بأُصولِ الشَّجر . ( والمِنْجَدُ ، كمِنْبَرٍ : الجُبَيْلُ ) الصغيرُ المُشْرِف على الوادِي ، هُذَلِيَّة ، ( و ) المِنْجَدُ ( حَلْيٌ مُكَلَّلٌ بالفُصُوصِ ) ، وأَصْلُه من تَنْجِيد البَيْتِ ( وهو ) قِلاَدَةٌ ( من لُؤْلُؤٍ وذَهَبٍ أَو قَرَنْفُلٍ في عَرْضِ شِبْرٍ يأْخُذُ من العُنُقِ إِلى أَسْفَلِ الثَّدْيَيْنِ يَقَعُ عَلَى مَوْضِع النِّجَادِ ) أَي نِجَادِ السَّيْف من الرجُلِ وهي حَمَائِلُه ، ( ج مَنَاجِدُ ) ، قاله أَبو سعيدٍ الضَّريرُ . وفي الحديث ( أَنّه رَأَى امرَأَةً تَطُوف بالبيتِ عليها مَنَاجِدُ مِن ذَهَب فَنَهَاها عن ذالك ) . وفسَّرَه أَبو عُبَيْد بما ذكرْنا .
( و ) المُنَجَّدُ ، ( كمُعَظَّمٍ : المُجَرَّبُ ) ، أَي الذي جَرَّبَ الأُمورَ وقاسَهَا فعَقَلَها ، لُغَة في المُنَجَّذِ ، ونَجَّدَه الدَّهْرُ : عَجَمَهُ وعَلَّمَه ، قال أَبو منصور : والذالُ المُعجمة أَعْلَى . ورَجُلٌ مُنَجَّدٌ ، بالدالِ والذالِ جَمِيعاً ، أَي مُجَرَّبٌ ، وقد نَجَّدَه الدهْرُ إِذا جَرَّبَ وعَرَفَ ، وفد نَجَّدَتْه بَعدِي أُمورٌ .
( واسْتَنْجَدَ ) الرجلُ ( : استَعَانَ ) واستَغَاثَ ، فأَنْجَدَ : أَعَانَ وأَغَاثَ .
( و ) استنجَدَ الرجلُ إِذا ( قَويَ بَعْدَ ضَعْفٍ ) أَو مَرَضٍ .
( و ) استَنْجَدَ ( عَلَيْهِ : اجْتَرَأَ بعْدَ هَيْبَةٍ ) وضَرِيَ به ، كاسْتَنْجَدَ به .
( ونجْدُ مَرِيعٍ ) ، كأَمِيرٍ ، ( ونَجْدُ خَالٍ ، ونَجْدُ عَفْرٍ ) ، بفتح فسكون ، ( ونَجْدُ كَبْكَبٍ : مَواضِعُ ) ، قال الأَصمعيُّ ، هي نُجُودٌ عِدَّةٌ ، وذكرَ
____________________

(9/210)


منها الثلاثةَ ما عدا نَجْدَ عَفْرٍ ، قال : ونَجْدُ كَبْكَبٍ : طَرِيقٌ بِكَبْكَبٍ ، وهو الجَبَلُ الأَحْمَرُ الذي تَجْعَلُه في ظَهْرِك إِذا وَقَفْتَ بعَرَفَةَ ، قال : امرؤ القَيْسِ :
فَرِيقَانِ مِنْهُمْ قَاطِعٌ بَطْنَ نَخْلَةٍ
وآخَرُ مِنْهُمْ جَازِعٌ نَجْدَ كَبْكَبِ
ونقل شيخُنا عن التوشيحِ للجَلال : نَجْدٌ اسمُ عَشَرَةِ مَواضِعَ . وقال ابنُ مُقْبِل في نَجْدِ مَرِيعٍ .
أَمْ مَا تَذَكَّرُ مِنْ دَهْمَاءَ قَدْ طَلَعَتْ
نَجْدَيْ مَرِيعٍ وقَدْ شَابَ المَقَادِيمُ
قلت : وسيأْتِي في المُسْتدرَكَات . وأَنشَدَ ابنُ دُرَيْدٍ في كِتاب المُجْتَبَى :
سَأَلْتُ فَقَالُوا قَدْ أَصَابَتْ ظَعَائِنِي
مَرِيعاً وأَيْنَ النَّجْدُ نَجْدُ مَرِيعِ
ظَعَائِنُ أَمَّا مِنْ هِلاَلٍ فَمَا دَرَى ال
مُخَبِّرُ أَوْ مِنْ عامِرِ بن رَبِيعِ
( و ) في مُعْجَم ياقوت : قال الأَخطَل في ( نَجْد العُقَابِ ) وهو موضع ( بِدِمَشْقَ ) :
ويَامَنَّ عَن نَجْدِ العُقَابِ ويَاسَرَتْ
بِنَا العِيسُ عن عَذْرَاءَ دَارِ بني الشَّجْبِ
قالوا : أَراد ثَنِيَّةَ العُقَابِ المُطِلَّة على دِمَشْق وعَذْرَاء للقَرْيَة التي تَحْت العَقَبَةِ . ( ونَجْدُ الوُدِّ ببلادِ هُذَيْلٍ ) في خبر أَبي جُنْدَب الهُذليّ .
( ونَجْدُ بَرْقٍ ) ، بفتح فسكون ، وادٍ ( باليمَامَةِ ) بين سَعْد ومَهَبِّ الجَنُوبِ .
( ونَجْدُ أَجَأَ : جَبَلٌ أَسوَدُ لِطَيِّىءٍ ) بأَجأَ أَحدِ جَبْلَيْ طَيِّىءٍ .
( ونَجْدُ الشَّرَى : ع ) في شِعْرِ ساعِدَةَ ابنِ جُؤَيصةَ الهُذَلِيّ :
مُيَمِّمَةً نَجْدَ الشَّرَى لا تَرِيمُهُ
وكَانَتْ طَرِيقاً لا تَزَالُ تَسِيرُهَا
وقال أَبو زيد : ونَجْدُ اليمنِ غيرُ نَجْدِ الحِجَاز ، غيرَ أَنَّ جَنُوبِيَّ
____________________

(9/211)


نَجْدِ الحِجاز مُتَّصِلٌ بِشَمالِيِّ نَجْدِ اليَمَنِ ، وبَيْن النَّجْدَيْنه وعُمَانَ بَرِّيَّةٌ مُمْتَنِعَةَ ، وإِياه أَرادَ عَمْرُو بن مَعْدِ يكَرِبَ بقولِه :
هُمُ قَتَلُوا عَزِيزاً يَوْمَ لَحْجٍ
وعَلْقَمَةَ بْنَ سَعْدٍ يَوْمَ نَجْدِ
( ونَجَدَ الأَمْرُ ) يَنْجُد ( نُجُوداً ) وهو نَجْدٌ ونَاجِدٌ ( : وَضَحَ واسْتَبَانَ ) وقال أُمَيَّةُ :
تَرَى فيه أَنْبَاءَ القُرُونِ التي مَضَتْ
وأَخْبَارَ غَيْبٍ بالقِيَامَةِ تَنْجُدُ
ونَجدَ الطريقُ يَنْجُدُ نُجُوداً ، كذالك .
( وأَبو نَجْدٍ : عُرْوَةُ بنُ الوَرْدِ ، شاعِرٌ ) معروف .
( ونَجْدَةُ بنُ عامِرٍ ) الحَرُورِيّ ( الحَنَفِيُّ ) من بني حَنِيفَة ( خَارِجِيٌّ ) من اليَمَامَة ( وأَصحابُه النَّجَدَاتُ ، مُحَرَّكَةً ) ، وهم قَوْمُ من الحَرُورِيَّة ، ويقال لهم أَيضاً النَّجَدِيَّةُ .
( والمُنَاجِدُ : المُقَاتِل ) ، ويقال : ناجَدْتُ فُلاناً إِذا بارَزْتَه لقِتَالٍ : وفي الأَسَاسِ رجل نَجُدٌ ونَجِدٌ ونَجِيدٌ ومُنَاجِدٌ . ( و ) المُنَاجِدُ ( : المُعِينُ ) ، وقد نَجَدَه وأَنْجَدَه ونَاجَدَه ، إِذا أَعانَه ، ( و ) في حديث أَبي هُريرَةَ رضي الله عنه في زكاة الإِبلِ ( ما مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ ة يُؤَدِّي حَقِّها إِلا بُعِثَتْ له يَوْمَ القِيَامَةِ أَسْمَنَ ما كَانَتْ ، على أَكْتَافِها أَمْثَالُ ( النَّوَاجِد ) شَحْماً تَدْعُونَه أَنتم الرَّوَادِفَ ) ، هي ( طَرَائِق الشَّحْم ) ، واحِدتها نَاجِدَةٌ ، سُمِّيَتْ بذالك لارتفاعِهَا .
( والتَّنْجِيد : العَدْوُ ) ، وقد نَجَّدَ ، نقلَه الصاغانيّ .
( و ) التَّنْجِيدُ ( : التَّزْيِينُ ) ، قال ذو الرُّمَّة :
حَتَّى كَأَنَّ رِيَاضَ القُفِّ أَلْبَسَهَا
مِنْ وَشْيِ عَبْقَرَ تَجْلِيلٌ وتَنْجِيدُ
____________________

(9/212)



وفي حديث قُسَ ( زُخْرِفَ ونُجِّدَ ) أَي زُيِّنِ .
( و ) التَّنْجِيدُ ( : التَّحْنِيكُ ) والتَّجْرِيب في الأُمور ، وقد نَجَّدَه الدهْرُ إِذا حَنَّكَه وجَرَّبَه .
( والتَّنَجُّدُ : الارتفاعُ ) في مِثْلِ الجَبَلِ ، كالإِنجاد .
( ) ومما يستدرك عليه :
كَانَ جَبَاناً فاسْتَنْجَدَ : صار نَجِيداً شُجَاعاً .
وغَارَ وأَنْجَدَ : سَارَ ذِكْرُه في الأَغْوَارِ والأَنْجَادِ .
ونَجْدَانِ ، مَوْضِعٌ في قول الشماخ :
أَقُولُ وأَهْلِي بِالجَنَابِ وأَهْلُها
بِنَجْدَيْنِ لا تَبْعَدْ نوى أُمِّ حَشْرَجِ
ويقال له : نَجْدَا مَرِيعٍ .
وأَعْطاه الأَرْضَ بما نَجَدَ منها ، أَي بما خَرَجَ ، وفي حديث عبد الملك أَنّه بَعَثَ إِلى أُمِّ الدَّرْدَاءِ بِأَنْجَادٍ من عِنْده ، وهو جَمْع نَجَدٍ ، بالتحرِيك ، لمتَاعِ البَيْت من فُرُشٍ ونَمارِقَ وسُتُورٍ .
وفي المحكم : النَّجُود ، أَي كصَبور ، الذي يعالج النُّجُود بالنَّفْضِ والبَسْطِ والتَّنْضِيد .
والنَّجْدَة ، بالفتح السِّمَن ، وبه فُسِّر حديثُ الزكاة حينَ ذكَر الإِبلَ : ( إِلاَّ مَنْ أَعْطَى فِي نَجْدَتِها ورِسْلِها ) قال أَبو عبيد : نَجْدَتُها : أَن تَكْثُر شُحومُها حتى يَمْنَع ذالك صاحِبَها أَن يَنْحَرَهَا نَفَاسَةً ، فذالك بمنزلةِ السِّلاحِ لها من رَبِّها تَمْتَنع به ، قال : ورِسْلُها : أَن لا يَكون لها سِمَنٌ فَيَهُونَ عليه إِعطاؤُها ، فهو يُعْطِيها على رِسْلِه أَي مُسْتَهِيناً بها ، وقال المَرَّار يَصِف الإِبل ، وفَسَّرَه أَبو عَمْرو :
لَهُمْ إِبِلٌ لاَ مِنْ دِيَاتٍ ولَمْ تَكُنْ
مُهُوراً ولا مِنْ مَكْسَبٍ غيرِ طَائِل
مُخَيَّسَةٌ فِي كُلِّ رِسْلٍ ونَجْدَةٍ
وقَدْ عُرِفَتْ أَلْوَانُها في المَعَاقِلِ
قال : الرِّسْل : الخِصْب . والنَّجْدَة : الشِّدَّة ، وقال أَبو سعيد في قوله ( في نَجْدَتِهَا ) : ما يَنُوبُ أَهْلَهَا مِمّا يَشُقُّ
____________________

(9/213)


عليهم من المَغارِم والدِّياتِ ، فَهاذِه نَجْدَةٌ على صَاحِبها ، والرِّسْل : ما دونَ ذالكَ من النِّجْدَةِ ، وهو أَن يَعْقِرَ هاذا وَيَمْنَح هاذا وما أَشْبَهَهَ ( دونَ النَّجْدَة ) وأَنشدَ لِطَرَفَةَ يصف جارِيَةً :
تَحْسَبُ الطَّرْفَ عَلَيْهَا نَجْدَةً
يَا لَقَوْمِي لِلشَّبَابِ المُسْبَكِرْ
يقول : شَقَّ عليها النَّظَرُ لِنَعْمَتِها فهي سَاجِيَةُ الطَّرْفِ ، وقال صَخْرُ الغَيِّ :
لَوْ أَنَّ قَوْمِي مِنْ قُرَيْمٍ رَجُلاَ
لَمَنَعُونِي نَجْدةً أَوْ رِسْلاَ
أَي بأَمْر شَديدٍ أَو بِأَمْرٍ هَيِّنِ .
ورجُلٌ مِنْجَادٌ : نَصُورَ ، هاذه عن اللّحيانيِّ .
والنَّجْدَة الثِّقَلُ ، ونَجَدَ الرَّجُلَ يَنْجُده نَجْداً : غَلَبَه .
وتَنَجَّدَ : حَلَفَ يَمِيناً غَلِيظةً ، قال مُهَلْهِل :
تَنَجَّدَ حِلْفاً آمِناً فأَمِنْتُهُ
وإِنَّ جَدِيراً أَنْ يَكُونَ ويَكْذِبَا
واستدرك شيخُنا : أَمَا ونَجْدَيْهَا ما فَعَلْتُ ذلك ، من جُمْلَة أَيْمَانِ العَرَب وأَقْسَامِهَا ، قالوا : النَّجْدُ : الثَّدْيُ ، والبَطْنُ تَحْتَه كالغَوْرِ ، قاله في العِنَايَة في سُورَة البَلَد .
وفي الأَساس : ومن المَجاز : هو مُحْتَبٍ بِنِجَادِ الحِلْم .
ويقال : هو ابنُ نَجْدَتَا ، أَي الجَاهِلُ بها ، بخلاف قولِهِم : هو ابنُ بَجْدَتِهَا ، ذَهَاباً إِلى ابْنِ نَجْدَة الحَرُورِيّ .
وناجِدٌ ( ونَجْدٌ ) ونُجَيد ومُنَاجِدٌ ونَجْدَةُ أَسماءٌ .
والشَّيخ النَّجْدِيُّ يُكْنَى به عن الشَّيطانِ .
وأَبو بكر أَحمد بن سُلَيْمَان بن الحَسَن النَّجَّاد فَقِيه حَنْبَليٌّ مُكْثِرٌ ، عن أَبي داوود
____________________

(9/214)


وعبد الله بن أَحمد بن حنبل وغيرِهما ، ونَجَّادٌ جَدٌّ أَبي طالبٍ عُمَيْرٍ بن إِبراهيم بن سَعد بن إِبراهيم بن نَجَّاد النَّجَّادِيّ الزُّهْرِيّ ، فقيهٌ شافعيٌّ بَغداديٌّ ، روَى عنه الخَطِيب . والتخفيف عَبَّاس بن نَجَادٍ الطَّرَسُوسِيّ ، ويونس بن يزيد بن أَبي النَّجَادِ الأَيْلِيّ ، ومحمد بن غَسَّان بن عَاقل بن نَجَادٍ بن نَجَادٍ الحِمْصِيّ ، ونَجَادَ بن السائبِ المَخْزوميُّ ، يقال له صُحْبة ، ودَاوود بن عبد الوهاب بن نَجَادٍ الفقيه ، سَمِعَ من أَصحابٍ أَبي البَطيّ ببغداد ، ورَبِيعَةُ ابنُ ناجِدٍ ، رَوَى أَبوه عن عَلِيَ .
نحد : ( نَاحَدَه ) ، أَهمله الجوهريّ ، وقال الصاغانيُّ : أَي ( عَاهَدَه ) فيما يقال ، ( و ) يقال : ( هُمْ يُنَاحِدُونَنَا ) ، أَي ( يَتَعَهَّدُونَنَا ) ، وقد مَرّ ذِكْرُ التَّعَهُّد واختلافُ أَئِمّة اللغةِ فيه وفي التعاهد في ع ه د .
ندد : ( *!نَدَّ البَعِيرُ *!يَنِدُّ ) ، من حدّ ضَرَب ، ( *!نَدًّا ) ، بالفتح ، ( *!ونَدِيداً *!ونُدُوداً ) ، بالضَّمّ ، ( *!ونِدَاداً ) بالكسر ، وهو *!نَادٌّ ، إِذا ( شَرَدَ ونَفَرَ ) وذَهَبَ على وَجْهِه شَارِداً ، كما في المصباح ، وجمعُ *!النَّادِّ *!نِدَادٌ ، كقائمٍ وقِيَامٍ ، وفي اللسان : نَدَّت الإِبلُ *!وتَنَادَّتْ : ذَهَبَتْ شُرُوداً فَمَضَتْ على وُجوهِها ، وقال الشاعر :
قَضَى عَلَى النَّاسِ أَمْراً لا *!نِدَادَ لَهُ
عَنْهُمْ وقَدْ أَخَذَ المِيثَاقَ واعْتَقَدَا
( *!والنَّدُّ ) ، بالفتح ( : طِيبٌ م ) أَي معروف ، وعلى الفَتْح اقتصر الجوهريُّ والفَيُّوميُّ وغيرُهما ، ( ويكسر ) ، كما في المحكم وغيرِه ، وهو ضَرْبٌ من الطِّيبِ يُدَخَّن به ، وفي الصّحاح أنه عُودٌ يُتَبَخَّرُ به ، وقال جماعةُ : هو الغَالِيةُ ، وقال اللّيث : هو ضَرْبٌ من الدُّخْنَة ، وقال الزَّمخشريُّ في ربيع الأَبرار : النَّدُّ : مَصنُوعٌ ، وهو العُودُ المُطَرَّى بالمِسْك والعَنْبَرِ والبَانِ ، ( أَو ) هو ( العَنْبَرُ ) ، قال أَبو عمرو بن العلاءِ : يقال للعَنْبَرِ النَّدُّ ، وللبَقَّمِ : العَنْدَمُ ، وللمِسْك : الفَتِيقُ . وفي الصّحاح أَنه ليس بِعَربِيَ ، وقال ابنُ دُريد :
____________________

(9/215)


لا أَحْسَب *!النَّدَّ عَرَبيًّا صَحِيحاً ، قال شيخُنَا ، وكلامُ كثيرٍ من أَئمَّةِ اللُّغَةِ صَرِيحٌ في أَنه عربيٌّ ، وقد جاءَ في كلام العَرب القُدَمَاءِ ، وأَنشد للأَحْوَص :
أَمْ مِنْ جُلَيْدَةَ وَهْناً شَبَّتِ النَّارُ
ودُونَهَا مِنْ ظَلامِ اللَّيْلِ أَسْتَارُ
إِذا خَبَتْ أُوقِدَتْ بالنَّدِّ واسْتَعَرتْ
ولَمْ يَكُنْ عِطْرَها قُسْطٌ وأَظْفَارُ
وقال العَرْجِيّ :
تُشَبُّ مُتُونُ الجَمْرِ *!بِالنَّدِّ تَارَةً
وبِالعَنْبَرِ الهِنْدِيِّ فالعَرْفُ سَاطِعُ
ثم قال : قلت : ووجودُه في كلامِ الفُصحاءِ ، لا يُنَافِي أَنَّه مُعَرَّب ، وكأَنّ المُعْتَرِضين على الجَوْهَرِيّ فَهِمُوا مِن المُعَرَّب المُوَلَّد ، وهو الذي لا يُوجَد في كلام العَرَبِ لأَنه استعمَلَه المُوَلَّدونَ بعدَ العَربِ .
( و ) *!النَّدُّ ( : التَّلُّ المُرْتَفِع ) في السَّمَاءِ ، لُغَةٌ يَمانِيَة . ( و ) النَّدُّ ( الأَكَمَةُ العَظيمةُ من طِينٍ ) ، وهاذا أَخَصُّ من التَّلِّ .
( و ) *!نَدٌّ ( : حِصْنٌ باليَمَنِ ) أَظنُّه من عَمَلِ صَنْعَاءَ ، قاله ياقوت .
( و ) *!النِّدُّ ( بالكسر : المِثْلُ ) والنَّظِيرُ ، ( ج*! أَنْدَادٌ ) ، وظاهِرُه تَرَادُفُ النِّدِّ والمِثْلِ ، ونقَلَ شيخُنَا عن القاضِي زكرِيّا عَلَى البيضاوِيّ :*!ند الشئ:مشاركة في الجوهر ومِثْلُه : مُشارِكُه في أَيِّ شيْءٍ كان . *!فالنِّدُّ أَخصُّ مُطلقاً ، وقال غيره : *!نِدُّ الشيء : ما يَسُدُّ مَسَدَّه . وفي المصباح : *!النِّدُّ : المِثْلُ ، ( *!كالنَّدِيدِ ) ، ولا يكون *!النِّدُّ إِلا مُخَالِفاً ، وجمعُه *!أَنْدَادٌ ، كحِمْل وأَحْمَالٍ ، و ( ج ) *!النَّدِيد ( *!نُدَادَءُ . *!والنَّدِيدَةُ ) مثلُ *!النَّدِيد ، ( ج *!نَدائِدُ ) ، قال لَبِيدٌ :
لِكَيْلاَ يَكُونَ السَّنْدَرِيُّ نَدِيدَتِي
وأَجْعَلَ أَقْوَاماً عُمُوماً عَمَاعِمَا
وفي كتابه لأُكَيْدِرٍ ( وخَلَعَ *!الأَنْدَادَ والأَصْنَامَ ) قال ابنُ الأَثِير : هو جَمْعُ *!نَدَ ، بالكسر ، وهو مِثْلُ الشيْءِ الذي يُضَادُّه في أُمورِه ويُنَادُّه ، أَي يُخَالِفُه ، ويُريد بها
____________________

(9/216)


ما كانوا يَتَّخذونه مِن دُونِ الله آلِهَةً ، تَعَالى الله عن ذالك . وقال الأَخفشُ : *!النِّدُّ : الضِّدُّ والشِّبْه ، وقوله : { *!أَندَاداً } ( سورة البقرة ، الآية : 22 ) أَي أَضْدَاداً وأَشْبَاهاً ، ويقال *!نِدُّ فلانٍ *!ونَدِيدُه *!ونَدِيدَتُه ، أَي مِثْلُه وشِبْهُهُ ، وقال أَبو الهَيْثم : يقال للرجل إِذا خَالَفَكَ فأَرَدْت وَجْهاً تَذْهَبُ به ونَازَعك في ضِدِّه : فُلاَنٌ*!- نِدّي *!-ونَدِيدِي ، للذي يُرِيدُ خِلاَفَ الوَجْهِ الذي تُرِيدُ وهو مُسْتَقِلٌّ من ذالك بِمِثْلِ ما تَسْتَقِلُّ به . قال حَسَّان :
أَتَهْجُوهُ ولَسْتَ لَهُ *!بِنِدِّ
فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الفِدَاءُ
أي لَسْتَ لَه بِمِثْلٍ في شيْءٍ مِن مَعانيه ، ( وهي ) ، وفي بعض النسخ ( هو ) والأُولَى الصوابُ وهو مأْخوذ من قَوْلِ ابن شُمَيْلٍ قال : يُقَال : فُلانَةُ ( *!نِدُّ فُلانَةَ ) ، وخَتَنُها ، وتِرْبُها . قال : ( ولا يُقَال نِدُّ فُلانٍ ) ولا خَتَنُ فُلانٍ فَتُشَبِّههَا به .
( *!ونَدِّدَ به ) *!تَنْدِيداً : ( : صَرَّح بِعُيُوبِهِ ) ، يكون في النَّظْمِ والنَّثْرِ ( و ) *!نَدَّدَ به ( : أَسْمَعَه القَبِيحَ ) ، قال أَبو زَيدٍ : *!نَدَّدْت بالرَّجْلِ تَنْدِيداً ، وسَمَّعْتُ به تَسْمِيعاً ، إِذا أَسْمَعْتَه القَبِيحَ وشَتَمْتَه وشَهَّرْتَه وسَمَّعْتَ به .
( و ) يقال ( ليس له *!نَادٌّ ، أَي رِزْقٌ ) كأَنه يَعْنِي النَّاطِقَ مِن المالِ ، إِذ تَقدَّم نَدَّ البَعِيرُ فهو نَادٌّ ، وجَمْعُه *!نِدَادٌ .
( وإِبلٌ *!نَدَدٌ ، مُحَرَّكَةً ) كرَفَضٍ ، اسمٌ للجَميعِ ، أَي ( مُتَفَرِّقَةٌ ، و ) قد ( *!أَنَدَّها *!ونَدَّدَهَا ) .
( و ) يقال ( ذَهَبُوا *!أَنَاديدَ *!وتَنَادِيدَ ) وفي بعض النُّسخ بالياءِ التحتيةِ بدل المُثَنَّاة ، إِذا ( تَفَرَّقُوا في كُلِّ وَجْهٍ ) وكذالك طَيْرٌ أَنَادِيدُ *!ويَنَادِيدُ ، قال :
كَأَنَّمَا أَهْلُ حُجْرٍ يَنْظُرُونَ مَتَى
يَرَوْنَنِي خَارِجاً طَيْرٌ*! يَنَادِيدُ
( *!والتَّنَادُّ : التَّفَرُّقُ والتَّنَافُرُ ، ومنه )
____________________

(9/217)


سُمِّيَ يوم القيامة ( يَوم *!التَّنَادِّ ) ، لما فيه من الانزِعَاجِ إِلى الحَشْرِ وفي التنزيل : { يَوْمَ التَّنَادِ } يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ( سورة غافر ، الآية : 32 و 33 ) قال الأَزهريُّ : القُرَّاءُ على تَخْفِيف الدالِ ( وَقَرَأَ به ) أَي بالتشديد ( ابنُ عَبَّاسٍ وجَمَاعَةٌ ) ، وفي التهذيب : وقَرَأَ الضَّحّاكُ وحده ( يَوْمَ التَّنَادِّ ) بالتشديد ، قال أَبو الهَيثم : هو من نَدَّ البعيرُ نِدَاداً ، إِذا شَرَدَ ، قال : والدليلُ على صِحَّةِ قِرَاءَةَ مَن قَرَأَ بالتشديدِ قوله : { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } ونقل شيخُنَا عن العناية أَثناءَ سُورَةِ غَافِر أَنه يقال : نَدَا إِذا اجْتَمَع ، ومنه النَّادِي ويوم التَّنَادِ ، فجَعَلَه على الضِّدِّ مما ذَكَرَه المُصَنِّف . إِذ يكون المَعْنَى على ذالك : يوم الاجْتِمَاعِ لا التَّفَرُّق ، وصَوَّبه جَماعَةٌ . انتهى . قلت : وهاذا من غرائِبِ التفسيرِ ، وقال ابنُ سِيده : وأَما قِرَاءَة من قَرَأَ { يَوْمَ التَّنَادِ } فيجوز أَن يَكُونَ مِن مُحَوَّلِ هاذا البابِ فحوَّل للياءِ لِتَعْتَدِلَ رُؤُوس الآيِ :
( *!ويَنْدَدُ ) كجَعْفَرٍ ( : ع ) ، نقله الصاغانيُّ ، ( و ) قيل : هي اسم ( مَدِينَة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم .
( *!ونَادَدْتُه : خَالَفْتُه ) ، ومنه أُخِذ *!النِّدُّ ، كما قاله أَبو الهَيْثَمِ ، وتقدَّمَ .
( ) ومما يستدرك عليه :
نَاقَةٌ *!نَدُودٌ : شَرُودٌ .
وقال الفارسيُّ : قال بعضُهم : *!نَدَّتِ الكَلِمَةُ : شَذَّتْ ، وليستْ بِقَوِيَّةٍ في الاستعمالِ ، أَلا تَرَى أَن سِيبويْهِ يقول : شَذَّ هاذا ، ولا يقول : نَدَّ .
*!والتَّنْدِيد : رَفْعُ الصَّوتِ .
*!والمُنَدَّد من الأَصواتِ : المُبَالَغُ في النِّدَاءِ ، قالَ طَرَفة :
لِهَجْسٍ خَفِيَ أَوْ لِصَوْتٍ *!مُنَدَّدِ
*!ومَنْدَدُ بَلَدٌ ، قال ابنُ سِيدَه : وأُرَاه
____________________

(9/218)


جَرَى في فَكِّ التضعِيفِ مَجْرَى مَحْبَبٍ لِلعَلَميَّة ، قال : ولم أَجعلْه من باب مَهْدَدٍ لعَدمِ ( م ن د ) قال ابنُ أَحْمَر :
وللشَّيْخ تَبْكِيهِ رُسُومٌ كَأَنَّمَا
تَرَاوَحَهَا العَصْرَيْنِ أَرْوَاحُ مَنْدَد
نرد : ( النَّرْدُ ) ، أَهمله الجوهريُّ . وقال الصاغانيُّ : هو ( م ) ، معروف ، شيءٌ يُلْعَب به ، قال ابنُ دُرَيْد : فارسي ، ( مُعَرَّبٌ ) ، واخْتُلِف في واضِعه ، كما اخْتُلِف في واضِع الشِّطْرَنْج ، فقيل : ( وضَعَه أَرْدَشِيرُ بنُ بَابَكَ ) من مُلوكِ الفُرْسِ ، ( ولهاذا يُقَالُ له النَّرْدَ شير ) إِضافةً له إِلى واضِعِه ، وقد ورد هاكذا في الحَدِيث ( مَن لَعِبَ بالنَّرْدَ شِيرِ فكأَنَّمَا غَمَسَ يَدَه في لَحْمِ الْخِنْزِير ودَمِه ) ، وقال ابنُ الأَثير : النَّرْدُ اسمٌ أَعجميٌّ مُعَرَّب ، وشِير بمعنى حُلْو : قلْت : وهاكذا نقلَه ابنُ مَنْظُورٍ وشَيْخُنا ، وقوله : شِير بمعنى حُلْوٍ وَهَمُ ، بل شِير هو الأَسَد إِذا كَانَت الكَسْرَةُ مُمَالَةً ، وإِذا كانت خالِصَةً فمعناه اللَّبَن ، وأَما الذي مَعناه الحُلْوُ فإِنما هو شِرين ، كما هو مَعْرُوفٌ عِنْدَهم ، وقد ذَكَر المُؤرِّخون في سَببِ تَسْمِيَتِه أَرْدَ شيرَ وُجُوهاً ، منها أَن الأَسَدَ شَمَّه وهو صَغِيرٌ وتَرَكه ولم يَأْكُلْه ، وقيل : لِشجاعتِه ، فَوَجِع المُطَوَّلات .
( و ) في التهذيب في ترجمة رند : الرَّنْدُ عند أَهْلِ البَحْرَيْنِ شِبْه ( جُوَالِق واسِع الأَسْفَلِ مَخْرُوط الأَعْلَى يُسَفُّ مِن خُوصِ النَّخْلِ ثم يُخَيَّطُ ويُضَرَّبُ ) تَضْرِيباً ( بِشُرُطٍ ) ، بضمّتين ، جمع شَرِيطٍ كقُضُبغ وقَضِيب ، أَي مَفْتُولَة ( من اللِّيفِ حتَّى يَتَمَتَّنَ ، فيقُوم قَائماً ) ويُعَرَّى بِعُراً وَثِيقةٍ ( يُنْقَلُ فيه الرُّطَب أَيَّامَ الخِرَافِ ) ، بالكسر ، يُحْمَلُ منه رَنْدَانِ على الجَمَلِ القَوِيِّ ، قال : ورأَيتُ هَجَرِيًّا يقول : النَّرْد ، وكأَنَّه مَقلُوبٌ ، ويقال له : القَرْنَةُ أَيضاً .
( و ) النَّرْدُ ( : طِلاَءٌ مُرَكَّبٌ يُتَدَاوَى بِهِ ) .
( وعَبَّاسٌ النَّرْدِيُّ ) ، نُسِب إِلى النَّرْد ،
____________________

(9/219)


كأَنَّه لِلَعِبه به ، ( رَوَى ) حديثاً ( عن ) خَلِيفَةِ المؤمنينَ ( هارُونَ الرَّشيدِ ) العَبَّاسِيِّ ، أَنارَ الله حُجَّتَه ، هاكذا ذَكرَه الحافِظ في التَّبْصِيرِ .
نشد : ( نَشَدَ الضَّالَّةَ نَشْداً ) ، بفتح فسكون ، ( ونِشْدَةً ونِشْدَاناً ، بسكرهما ) ، إِذا ( طَلَبَهَا وعَرَّفَها ) ، هاكذا في المُحكم ، وقال كُرَاع في المُجَرَّد وابنُ القَطَّاع في الأَفعال : يقال : نَشَدْتُ الضَّالَّةَ : طَلَبْتُهَا ، وعَرَّفْتُهَا ، ضِدٌّ ، وقال أَبو عُبَيْدٍ في الغَرِيب المُصَنّف ، وأَنشد بَيت أَبي دُوَادٍ :
ويُصِيخُ أَحْيَاناً كَمَا اسْ
تَمَعَ المُضِلُّ لِصَوْتِ نَاشِدْ
أَضَلَّ ، أَي ضَلَّ له شَيْءٌ فهو يَنْشُدُه ، قال : ويقال في النَّاشِدِ إِنَّه المُعَرِّف ، قال الأَصمعيُّ : وكان أَبو عَمرِو ابنُ العَلاَءِ يَتَعَجَّب مِن قَوْلِ أَبي دُوَادٍ :
( كما استمعُ المضِلُّ ) لِصَوْتِ نَاشِدْ
قال أَحْسَبُه قال هاذا ، وغيرُه أَرادَ بالنَّاشِدِ أَيضاً رَجُلاً قد ضَلَّتْ دَابَّتُه فهو يَنْشُدُها أَي يَطْلُبها لِيَتَعَزَّى بذالك ، وأَمَّا لَيْثُ ( بن ) المُظَفّر فإِنه جَعل الناشِدَ المُعَرِّفَ في هاذا البَيتِ ، قال : وهاذا مِن عَجِيب كلامِهم أَنْ يَكون الناشدُ الطالبُ والمُعَرِّف جَميعاً ، وقال ابنُ سِيده : الناشِد في بَيْتِ أَبي دُوَادٍ : المُعَرِّف وقيل الطَّالِب ، لأَن المُضِلَّ يَشْتَهِي أَن يَجِدَ مُضِلاًّ مِثْلَه لِيَتَعَزَّى به ، وهاذا كقَولهم : الثَّكْلَى تُحِبُّ الثَّكْلَى .
( و ) نَشَدَ ( فُلاَناً : عَرَفَه ) ، بتخفيف الراءِ ، ( مَعْرِفَةً ) ، ورُوِيَ عن المُفَضَّل الضَّبِّي أَنه قال : زَعَمُوا أَنّ امرأَةً قالتْ لابنَتِها : احْفَظِي بَيْتَكِ ممَّن لا تَنْشُدِين أَي لا تَعرِفين .
( و ) نَشَدَ ( بالله : اسْتَحْلَفَ ) ، قال
____________________

(9/220)


شيخُنَا : وقد أَطلَقَه المصنِّفُ ، وقَيَّدَه الأَكْثَرُ من النحاةِ واللُّغَوِيِّين بأَن فيه مع اليَمِينِ استعطافاً . ( و ) نَشَدَ ( فُلاَناً نَشْداً : قال له : نَشَدْتُكَ الله ، أَيْ سأَلْتُك بالله ) . في التهذيب : قال الليثُ : نَشَد يَنْشُد فُلانٌ فُلاناً إِذا قال نَشَدْتُك بالله والرَّحِم ، وتقول : ناشَدْتُكَ الله . وفي المحكم : نَشَدْتُك الله نَشْدَةً ونِشْدَةً ونِشْدَاناً : استَحْلَفْتُك بالله . وأَنْشُدُك بِالله إِلاَّ فَعَلْتَ : أَسْتَحْلِفُك بالله . ( ونَشْدَكَ الله ، بالفتح ) ، أَي بفتح الدال ( أَي أَنْشُدُكَ بالله ، وقد نَاشَدَه مُنَاشَدَةً ونِشَاداً ) ، بالكسر ( : حَلَّفَه ) ، يقال : نَشَأْتُك الله وأَنْشُدُك الله وبالله ، وناشَدْتك الله وبالله ، أَي سأَلْتُك ، وأَقْسَمْتُ عليك ، ونَشَدْتُه نِشْدَةً ونِشْدَاناً ومُنَاشَدَةً ، وتَعْدِيَتُه إِلى مَفْعولينِ إِمَّا لأَنّه بمنزلةِ دَعَوْتُ ، حيث قالوا : نَشْدْتُكَ الله ، وبالله ، كما قالوا : دَعَوْتُه زيداً وبِزَيدٍ ، إِلا أَنهم ضَمَّنُوه مَعْنَى ذَكَّرْت ، قال : فأَمّا أَنْشَدْتُك بالله فخَطَأٌ ، وقال ابنُ الأَثير : النِّشْدَة مَصْدَرق ، وأَمَّا نِشْدَك ، فقيل إِنه حَذَفَ منها التاءَ وأَقامَهَا مُقَامَ الفِعْلِ ، وقيل هو بِناءٌ مُرْتَجَلٌ ، كقِعْدَك الله ، وعَمْرَكَ الله ، قال سِيبويهِ : قولُهم عَمْرَكَ الله وقِعْدَكَ الله ، بمنزلةِ نِشْدَكَ الله ، وإِن لم يُتَكَلَّم بِنِشْدَكَ ، ولكن زعَم الخَليلُ أَن هاذَا تَمْثِيلٌ تُمثِّلَ به ، قال : ولعلَّ الرَّاوِيَ قد حَرَّفَ الرِّوَايَة عن نَنْشُدُكَ الله ( أَو أَرادَ سيبويه ، والخليل قِلَّةَ مجيئة في الكلام لا عَدَمَه أَو لم يَبْلُغْهُمَا مجيئُه في الحديث ) فحُذِف الفِعْلُ الذي هو أَنْشُدُك الله ، ووُضِعَ المَصْدَرُ مَوْضِعَه مُضَافاً إِلى الكاف الذي كان مَفعولاً أَوَّل ، كذا في اللسانِ . وفي التوشيح : نَشَدْتُك الله ، ثُلاثِيًّا ، وغَلطَ مَن ادَّعَى فيه أَنه رُبَاعِيٌّ ، أَي أَسأَلُكَ بالله ،
____________________

(9/221)


فضُمِّن مَعْنى أُذَكِّرُك ، بحذف الباءِ ، أَي أُذَكِّرُك رافِعاً نِشْدَتي ، أَي صَوْتِي ، هاذا أَصْلُه ، ثم استُعْمِل في كُلِّ مَطلوبغ مُؤَكَّدٍ ولو بلا رَفْعٍ . ونقل شيخُنَا عن شَرْحِ الكافِيَة : الباءُ هي أَصْلُ الحُرُوف الخافِضَة للقَسَمِ ، ولها على غَيْرِهَا مَزَايَا ، منها استعمالُهَا في القَسَمِ الطَّلَبِيِّ ، كقولهم في الاستعطاف : نَشَدْتُك الله أَو بالله ، بمعنى ذَكَّرْتُك الله مُسْتَحْلفاً ، ومثله عَمَرْتُكَ الله معنًى واستعمالاً ، إِلا أَن عَمَرْتُك مُسْتَغْنٍ عن الباءِ ، وأَصْلُ نَشَدْتُك الله : طلَبْتُ مِنْك بالله ، وأَصلُ عَمَرْتُك الله : سَأَلْت ( الله ) تَعْمِيرَك ، ثُمّ ضُمِّنا مَعَنَى استَحْلَفْت مَخْصُوصَيْنِ بالطَّلبِ ، والمُسْتَحْلَف عليه بَعْدَهما مُصَدَّرٌ بِإِلاَّ أَو بِمَا بمعناه ، أَو باستفهامٍ أَو أَمْرٍ أَو نَهْيٍ ، قال شيخُنَا : في قوله وأَصْلُ نَشدْتُك الله طَلَبْتُ ، إِيماءٌ إِلى أَنّه مأْخُوذٌ من نَشَدَ الضَّالَةَ إِذا طَلَبَهَا ، وصَرَّح به غيرُه ، وفي المشارقِ للقَاضِي عِيَاض : أَصْلُ الإِنشاد رَفْعُ الصَّوْتِ ، ومنه إِنشاد الشِّعْر ، وناشَدْتك الله وناشَدْتُك معناه سأَلْتُك بالله ، وقيل : ذَكَّرْتُك بالله ، وقيل : هما ممَّا تَقدصم ، أَي سأَلْتُ الله بِرَفْعِ صَوْتِي ، ومثل هاذا الآخِرِ قولُ الهَرَوِيّ مُقْتَصِراً عليه . ( و ) في المحكم ( أَنْشَدَ الضَّالَّةَ : عَرَّفَهَا ، واسْتَرْشَدَ عَنْهَا ، ضِدٌّ ) وفي الحديث في حَرَمٍ مَكَّة ( لا يُخْتَلَى خَلاَهَا ، ولا تَحِلُّ لُقَطَتُها إِلاص لِمُنْشِدٍ ) . قال أَبو عُبَيْد : المُنْشِد : المُعَرِّف ، قال : والطالِبُ هو الناشِدُ ، وحكَى اللِّحيانيُّ في النوادر : نَشَدْتُ الضَّالَةَ إِذا طَلَبْتُها ، وأَنْشَدْتُها ونَشَدْتُهَا ، بغير أَلِفٍ ، إِذا عَرَّفْتها ، قال : ويقال : أَشَدْت الضَّالّةَ أُشِيدُها إِشادَةً إِذَا عَرَّفْتهَا ، وقال الأَصمعيّ : كخلّ شيحءٍ رَفَعحتَ به صَوْتَك فقد أَشَدْتَ به ، ضالَّةً كانتْ أَو غَيْرَها ، وقال كُراع في المُجَرَّد ، وابنُ القَطَّاع في الأَفْعَال : وأَنْشَدْتُهَا ، بالأَلف : عَرَّفْتُها لا غَيْرُ .
____________________

(9/222)



( و ) أَنْشَدَ ( الشِّعْرَ : قَرَأَه ) ورفَعَه وأَشَادَ بذِكْرهه ، كنَشَدَه .
( و ) أَنْشَدَ ( بِهِم : هَجَاهُمْ ) . وفي الخَبَر أَنّ السَّلِيطِيِّين قالوا لِغَسصان : هذا جَرِيرٌ يُنْشِدُ بنا ، أَي يَهْجُونا .
( وتَنَاشَدُوا : أَنْشَدَ بعضُهم بعضاً ) ، وأَمّا قولُ الأَعشى :
رَبِّي كَرِيمٌ لا يُكَدِّرُ نِعْمَةً
وإِذَا تُنُوشِدَ في المَهَارِقِ أَنْشَدَا
قال أَبو عُبَيْدَة يعني النُّعْمَانَ بن المُنْذِر إِذا سُئل بِكَتْبِ الجَوَائِز أَعْطَى ، و ( تُنُوشِدَ ) في مَوْضِع نُشِدَ ، أَي سُئل ، ( والنِّشدَةُ ، بالكَسْرِ : الصَّوْت ) والنَّشِيد : رَفْعُ الصوْتِ ، ( قال ) أَبو منصور : وإِنما قيل للطَّالِب ناشِدٌ لِرَفْعِ صَوْتِه بالطَّلَبِ ، وكذالك المُعَرِّفَ يَرْفَعُ صَوتَه بالتعرِيف يُسَمَّى مُنْشِداً ، ومن هذا إِنشادُ الشِّعْرِ إِنما هو رَفْعُ الصَّوْتِ ، وقولهم نَشَدْتُك بالله بالرَّحِم معناه : طلَبْتُ إِليك بالله وبِحَقِّ الرَّحِمِ بِرَفْعِ نَشِيدِي ، أَي صَوْتِي ، قال وقولهم : نَشَدْت الضالَّةَ ، أَي رفَعْتُ نَشِيدي ، أَي صَوحتِي بِطَلَبِها .
( و ) من المَجاز : النَّشِيد ( : الشِّعْرُ المُتَنَاشَدُ ) بينَ القَوْم يُنْشِدُه بعضُهم بعْضاً ، ( كالأُنْشُودَةِ ) ، بالضمِّ ، ( ج أَنَاشِيدُ ) ، وجَمْعُ النَّشِيد النَّشَائدُ .
( واسْتَنْشَدَ ) فُلاناً ( الشِّعْرَ ) فأَنْشَدَه ( : طَلَبَ ) منه ( إِنْشَادَه ) ، وهي مَجازٌ .
( و ) منه أَيضاً ( تَنَشَّدَ الأَخْبَارَ : أَرَاغَها لِيَعْلَمَهَا ) مِن حَيْثُ لا يَعْلَمُها الناسُ .
( ومُنْشِدٌ كمُحْسِنٍ : ع بَيْنَ رَضْوَى ) جَبَلٍ جُهَيْنَة ( والساحِلِ ) ، قال الراعي :
إِذا ما انْجَلَتْ عَنْهُ غَدَاةً ضَبَابَةُ
غَدَا وَهُوَ في بَلْدٍ خَرَانِقِ مُنْشِدِ
وجَبَلٌ مِن حَمْرَاءِ المَدِينةِ على ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ من طَرِيق الفُرْعِ ،
____________________

(9/223)


وإِيّاه أَرادَ مَعْنُ بنُ أَوْسٍ المُزَنِيّ بقوله :
فَمُنْدَفَعُ الغُلاّنِ مِنْ جَنْبِ مُنْشِدٍ
فَنَعْفُ الغُرَابِ خُطْبُه وأَسَاوِدُهْ
( و ) مُنْشِدٌ ( : ع آخَرُ في جِبَال طَيِّىءٍ ) ، قال زَيْدُ الخَيْلِ يَتَشَوَّقَهُ وقد حضَرَتْه الوَفاةُ :
سَقَى الله مَا بَيْنَ القُفَيْلِ فَطَابَةٍ
فَمَا دُونَ أَرْمَامٍ فَمَا فَوْقَ مُنْشِدِ
( ) ومما يستدرك عليه :
الناشِدُون : الذين يَنْشُدُونَ الإِبلَ ويَطْلُبُونَ الشَّوَالَّ فيأْخُذُونها ويَحْبِسُونَهَا على أَرْبَابِهَا .
ونَشَدْتُ فُلاناً أَنْشُدُه نَشْداً فَنَشَدَ ، أَي سأَلْتُه بالله ، كأَنّك ذَكَّرْتَه إِيَّاه فتَذَكَّر . وفي حديثِ عُثْمَانَ ( فأَنْشَدَ له رِجالٌ ) أَي أَجَابُوه يقال : نَشَدْتُه فأَنْشَدَنِي وأَنْشَدَ لِي . أَي سأَلْتُه فأَجَابَنِي ، وهاذه الأَلف تُسَمَّى أَلِفَ الإِزَالَةِ . يقال : قَسَطَ الرجلُ ، إِذا جَارَ ، وأَقْسَط ، إِذا عَدَلَ ، كأَنَّه أَزَالَ جَوْره و ( هاذا ) أَزالَ نَشِيدَه .
ونَاشَدَه الأَمْرَ وناشَدَه فيه ، وفي الخَبَر أَنّ أُمَّ قيْسِ بنِ ذَرِيحٍ أَبْغَضَت لُبْنَي فناشَدَتْه في طَلاقِها . وقد يَجُوز أَن يَكُون عُدِّيَ بِفِي ، لأَن في نَاشَدْت مَعْنَى طَلَبْت ورَغِبْت وتَكَلَّمْت .
ونَشَدَ : طَلَبَ ، قال الأُقَيْشِرُ الأَسَدِيُّ :
ومُسَوِّفٍ نَشَدَ الصَّبُوحَ صَبَحْتُه
قَبْلَ الصَّبَاحِ وقَبْلَ كُلِّ نِدَاءِ
والمُسوِّف : الجائِعُ يَنْظُر يَمْنَةً ويَسْرةً ، وقال الجعدِيُّ :
أَنْشُدُ النَّاسَ ولاَ أُنْشِدُهُمْ
إِنَّما يَنْشُدُ منْ كَانَ أَضَلّ
لا أُنْشِدهم ، أَي لا أَدُلُّ عليهم ، ويَنْشُدُ : يطْلُب .
ومُنْشِد : بلَدٌ لبني سعْدِ بن زَيْدِ منَاةَ ابن تَمِيمٍ ، عن ياقوت ، وهو غير الذي ذكره المصنّف .

____________________

(9/224)


نضد : ( نَضَدَ متَاعَه يَنْضِدُه ) ، من حدّ ضَرَب ( : جعلَ بعْضَه فوقَ بَعضٍ ) . وفي التهذيب : ضَمَّ بَعضَه إِلى بعضٍ ، وزاد في الأَساس : مُتَّسِقاً أَو مرْكُوماً ( كنَضَّده ) تَنضيداً ، شُدِّد للمبالغة في وَضْعِه مُتَراصِفاً ، ( فهو منْضُود ونَضِيدٌ ومُنَضَّدٌ ) . وفي التنزيل : { لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ } ( سورة ق ، الآية : 10 ) أَي منْضُود ، وقال الفَرصاءُ : طَلْعٌ نَضِيدٌ يعني الكُفُرَّي ما دامَ في أَكْمَامِه فهو نَضِيدٌ ، وقيل : النَّضيد : شِبْهُ مِشْجَبٍ نُضِّدَتْ عليه الثيابُ ، وقوله تعالى : { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } ( سورة الواقعة ، الآية : 29 ) أَي بعضُه فوق بعضٍ ، فإِذا خَرَجَ مِن أَكمامه فليس بِنَضِيدٍ ، وقال غيره : المَنْضُود : هو الذي نُضِّد بِالحَمْلِ من أَوَّله إِلى آخرِه أَو بالوَرَقِ ليس دُونَه سُوقٌ بارِزَةٌ ، وفي حديث مسروق ( شَجَرُ الجَنَّةِ نَضِيدٌ مِن أَصْلِها إِلى فَرْعِها ) أَي ليس لها سُوقٌ بارِزَةٌ ولاكِنَّها مَنضودَةٌ بالوَرَقِ والثِّمَارِ مِن أَسْفَلِهَا إِلى أَعلاها .
( والنَّضَدُ ، مُحرَّكَةً : ما نُضِدَ مِن مَتاع ) البيتِ المَنْضودِ بَعْضُه فوق بَعضٍ ، كذا في الصحاح ، ( أَو ) عَامَّتُه ، أَو ( خِيَارُهُ ) وحُرُّه ، والأَوَّل أَوْلَى ، قال النابِغة :
خَلَّتْ سَبِيلَ أَتِيَ كَانَ يحْبِسه
وَرَفَّعَتْه إِلى السِّجْفَيْنِ فَالنَّضَد
( و ) في الحديث ( واحْتَبَس جبْرِيلُ أَيَّاماً ، فلما نَزَلَ استَبْطَأَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فذَكَر أَنَّ احْتِبَاسَه كانَ لِكَلْبٍ تَحْتَ نَضَدٍ لهم ) قال ابنُ الأَثير وغيرُه : النَّضَدُ : ( السَّرِيرُ يُنَضَّدُ عَليه ) المَتَاعُ والثِّيابُ ، سُمِّيَ نَضَداً ، لأَن النَّضدَ عليه ، وقال الليثُ : النِّضَد في بيت النابغةِ : السَّرِيرُ ، قال الأَزهريّ : وهو غَلَطٌ ، إِنما الن 2 د ما فَسَّره ابنُ السِّكّيتِ ، وهو بمعنى المَنْضُود .
( و ) من المَجَازِ : النَّضَدُ : الأَعْمَام
____________________

(9/225)


والأَخْوَال المُتَقَدِّمُونَ في ( الشَّرَف ) ، والجَمْعُ أَنْضَادٌ ، قال الأَعشى :
وقَوْمُكِ إِنْ يَضْمَنُوا جَارَةً
يَكُونُوا بِمَوْضِعِ أَنْضَادِهَا
أَرادَ أَنهم كانُوا بمَوْضِعِ ذَوِي شَرَفِها وأَحسابِها . وفي الأَساس : ولبنِي فُلانٍ نَضَدٌ ، أَي عِزٌّ وشَرَفٌ . ( و ) ( الشَّرِيفُ ) من الرّجال ، والجمْع أَنْضَادٌ ، وأَنشدَ الجوهريُّ قولَ رُؤبَةَ :
لا تُوعِدَنِّي حَيصةً بالنَّكْزِ
أَنَا ابْنُ أَنْضَادٍ إِلَيها أَزْرِي
( و ) من المَجاز : النَّضَد ( : الناقَةُ السَّمِينةُ ) ، تَشْبِيهاً بالسَّرير عليه نَضَدٌ ، ( كالنَّضُودِ ) ، كصَبُورٍ ، ( والأَنْضَادُ الجَمْعُ ) من كُلِّ ذلك .
( و ) الأَنْضَادُ ( من القَوْمِ : جَمَاعَتُهم وعَدَدُهم ) ، ويقال : هم أَعْضَادُه وأَنْضَادُه ، لعَدِيده وأَنصارِه ، وهو مَجاز .
( و ) الأَنْضَادُ ( مِن الجِبَالِ : جَنَادِلُ بَعضُها فوق بعضٍ ) ، وقال رُؤبَةُ يصِف جيشاً :
إِذا تَدَانَى لَمْ يُفَرَّجْ أَجَمُهْ
يُرْجِفُ أَنْضَادَ الجِبَالِ هَزَمُه
أَراد ما تَراصفَ مِن حِجارتها بعضها فوق بعْضٍ .
( و ) من المجاز الأَنْضَاد ( من السَّحاب : ما تَراكَمَ ) واتَّسق ( وتَراكَبَ ) منه ، وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ :
أَلاَ تَسَلُ الأَطْلاَلَ بِالجَرَعِ العُفْرِ
سَقَاهُنَّ ربِّي صَوْبَ ذِي نَضَدٍ ضُمْرِ
( والنَّضِيدَةُ : الوِسادةُ ) ، جمْعُها النَّضائِدُ ، عن المُبرّد ، وبه فسّر حديث أَبي بِكْرٍ رضي الله عنه ( لَتَتَّخِذُنَّ نَضَائدَ الدِّيباجِ وسُتُورَ الحريرِ ولَتَأْلَمُنَّ النَّوْمَ على الصُّوفِ الأَذْربِيِّ كَما يأْلَمُ النَّومَ أَحدُكم
____________________

(9/226)


على حَسَكِ السَّعْدانِ ) ، قال المبرّد : نَضائدُ الدِّيباج أَي الوسائد .
( و ) النَّضِيدة أَيضاً ( : ما حُشِيَ مِن المَتَاعِ ) وأَنشد :
وقَرَّبتْ خُدَّامُها الوسائِدَا
حتَّى إِذا ما عَلَّوُا النَّضَائِدَا
قال : والعرب تقول لجماعة ذالك : النَّضَدُ .
( و ) في المثَل : ( أَثْقَلُ مِن نَضَادِ ) ( كقَطَامِ : جَبلٌ بالعالِيةِ ) ، وفي بعض النُّسخ : بالطَّائف . وفي اللسان : بالحِجاز ، يُذَكَّر ( ويُؤَنَّثُ ) ، قال الأَصمعيُّ وذَكرَ النِّيرَ : وثَمَّ جَبَلٌ لِغَنِيَ أَيضاً يقال له نَضَادِ في جَوْفِ النِّيرِ ، والنِّيرُ لغاضِرَةِ قَيْسٍ . وبشَرْقِيّ نَضَادِ الجَثْجاثَةُ ، ويُبْنَى عند أَهلِ الحِجاز على الكَسْر ( وتَمِيمٌ تُجْرِيهِ مُجْرَى ما لا يَنْصرِفُ ) ، قال :
لَوْ كَانَ مِنْ حضَنٍ تَضَاءَلَ مَتْنُه
أَوْ مِنْ نَضَادِ بَكَى علَيْهِ نَضَادُ
وقال كُثَيِّر عَزَّةَ يصْرِفه :
كَأَنَّ المطَايا تَتَّقِي مِنْ زُبانَةٍ
منَاكِبَ رُكْنٍ مِنْ نَضَادٍ مُلَمْلَمِ
وقال قَيْسُ بنُ زُهيْرٍ العبْسِيُّ :
كَأَنِّي إِذ أَنَخْتُ إِلى ابْنِ قُرْطٍ
عقَلْتُ إِلى يلَمْلَمَ أَوْ نَضَادِ
ويقال له : نَضَادُ النِّيرِ ، والنِّير جَبلٌ ، ونَضَاد أَطْولُ موْضِعٍ فيه ، قال ابنُ دارةَ :
وأَنْتَ جنِيبٌ لِلْهوى يوْمَ عاقِلٍ
ويوْمَ نَضَادِ النِّيرِ أَنْتَ جَنِيبُ
( و ) من المَجاز : ( انْتَضَدَ بالمكَانِ : أَقامَ ) به ، نقله الصاغَانيُّ .
( ) ومما يستدرك عليه :
رَأْيٌ مُنَضَّدٌ : مُرصَّف .
وتَنَضَّدَت الأَسنانُ . وما أَحْسنَ تَنْضِيدَها .
ونَضَدْتُ اللَّبِنَ على المَيتِ .
وانتضَدَ الشيءُ : اجْتَمعَ .

____________________

(9/227)


نفد : ( نَفِدَ ) الشيءُ ، ( كسمعَ ) ، يَنْفَدُ ( نَفَاداً ) ، بالفتح ، ( ونَفَداً ) ، مُحرَّكةً ( : فَنِيَ وذَهبَ ) ، ونقَلَ شيخُنَا عن الزمخشريّ في الكَشَّاف أَنه لو استَقْرأَ أَحدٌ الأَلفاظَ التي فاؤُها نونٌ وعيْنُها فاءٌ لوجَدها دالَّةً على معنَى الذّهابِ والخُرُوجِ وقاله غيره ، انتهى . وفي التنزيل العزيز : { مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ } ( سورة لقمان ، الآية : 27 ) قال الزَّجّاج : معنا ما انْقَطعتْ ولا فَنِيَتْ ، ويُرْوَى أَن المشركين قَالوا في القرآنِ : هاذا كَلاَمٌ سيَنْفَد ويَنْقَطِع ، فأَعْلَمَ الله تعالى أَنَّ كلامه وحِكْمتَه لا تَنْفَد .
( وأَنْفَده ) هو ( : أَفْنَاهُ ، كاسْتَنْفَدَه ) . واسْتَنْفَدَ القَومُ ما عِندهم ، وأَنْفَدُوه .
( و ) كذلك ( انْتَفَده ) ، إِذا أَذْهَبه .
( و ) أَنْفَدَ ( القَوْمُ : فَنِيَ زَادُهُمْ ) .
أَ ( و ) نَفِدَ ( مالُهُم ) قال ابنُ هَرْمةَ :
أَغَرّ كَمِثْلِ البدْرِ يسْتَمْطِرُ النَّدَى
ويَهْتَزُّ مُرْتَاحاً إِذَا هُو أَنْفَدَا
( و ) أَنْفَدتِ ( الرَّكِيَّةُ : ذَهبَ ماؤُها ) .
( ونَافَدَه ) أَي الخَصْمَ مُنَافَدةً ( : حاكَمَه وخَاصمَه ) ، فهو مُنَافِدٌ يُحاجُّ الخَصْمَ حتَّى يَقْطَعَ حُجَّتَه ويُنْفِدَها ، ويقال : ليس له رافِدٌ ولا مُنَافِدٌ . وفي اللسان : نافَدْت الخَصْمَ مُنَافَدةً إِذا حاجَجْتَه حتى تَقْطَعَ حُجَّتَه ، وخَصْمٌ مُنَافِدٌ : يسْتَفْرِغ جُهْدَه في لخُصُومةِ ، قال بعضُ الدُّبيْرِيِّينَ :
وهْوَ إِذَا ما قِيلَ هَلْ مِنْ وافِدِ
أَوْ رَجُلٍ عنْ حقِّكُمْ مُنَافِدِ
يكُونُ لِلْغَائِبِ مِثْلَ الشَّاهِدِ
ورَجُلٌ مُنَافِدٌ : جَيِّدُ الاستفراغِ لِحُججِ خَصْمِهِ تى يُنْفِدَها فيغْلِبَه . وفي الحديث ( إِنْ نَافَدْتَهُم نَافَدُوك ) ويروَى بالقاف ، وقيل : ( نَافَذُوك ) بالذال المعجمة ، وقال ابنُ الأَثير في حديث أَبي الدَّرْداءِ ( إِنْ نَافَدْتَهم نَافَدُوك ) نافَدْتُ الرجُلَ ، أَي حاكَمْته ، أَي
____________________

(9/228)


إِن قُلْتَ لهُم قالوا لك .
( وانْتَفَده ) من عدْوِه ( : اسْتَوْفَاهُ ) قال أَبو خِراش يصِف حِماراً :
فَأَلْجمها فَأَرْسلَها علَيْه
ووَلَّى وهْوَ مُنْتَفِدٌ بَعِيدُ
أَي ولَّى الحمارُ ذاهباً ( و ) من ذالك انْتَفَد ( اللَّبنَ ) إِذا ( حَلَبَه ) .
( و ) يقال ( قَعدَ مُنْتَفِداً ) ومُعْتَنِزاً ، أَي ( مُتَنَحِّياً ) ، هاذه عن ابنِ الأَعرابيّ .
( و ) يقال : ( فيه مُنْتَفَدٌ عن غَيْرِه ) ، كقولك ( مَنْدُوحةٌ ) وسعةٌ ، قال الأَخطَل :
لَقَدْ نَزَلْتُ بِعبْدِ الله منْزِلَةً
فِيها عن العَقْبِ منْجاةٌ ومُنْتَفَدُ
( و ) يقال : إِن في مالِه لمُنْتَفَداً ، أَي ( سَعة ، و ) يقال : ( تَجِدُ في البلادِ مُنْتَفَداً ) ، أَي ( مُراغَماً ومُضْطَرباً ) .
( ) ومما يستدرك عليه :
اسْتَنْفَدَ وُسْعَه : اسْتَفْرغَه .
وتَنَافَدُوا : تَخَاصمُوا ، ويقال : تَنَافَدُوا إِلى الحاكِم ، إِذا أَنْفَدُوا حُجَّتَهم ، وتَنَافَذُوا ، بالذال معجمةً ، إِذا خَلَصوا إِليه . ونَفَدَني بَصرهُ إِذا بلَغَنِي وجاوَزَني ، وأَنْفَدْتُ القَومَ ، إِذا خرقْتَهم ومَشَيْت في وَسطِهِم ، فإِن جُزْتَهم حتى تُخَلِّفَهم قلت نَفَدْتُهم ، بلا أَلف ، وقيل : يقال فيها بالأَلف ، ومنه حديث ابنِ مسعودٍ : ( إِنكم مجْموعونَ في صَعيدٍ واحدٍ يَنْفُدُكُمْ البَصرُ ) وقيل : المرادُ به يَنْفُدُهُمْ بَصَرُ الرحمانِ حتى يأْتِيَ عليهم كُلِّهم ، وقيل : أَراد ينْفُدُهم بَصَرُ الناظِرِ لاستواءِ الصَّعِيدِ ، قال أَبو حاتمٍ : أَصحاب الحدِيثِ يروُونه بالذال المعجمة ، وإِنما هو بالمهملة ، أَي يبْلُغُ أَوَّلَهم وآخِرَهم حتَّى يراهم كُلَّهم ويَسْتَوْعِبَهم ، من نَفَدَ الشيءُ وأَنْفَدْتُه ، وحَمْلُ الحديثِ على بَصَرِ المُبْصِر أَوْلَى
____________________

(9/229)


من حمْلِه بَصَرِ الرَّحمانِ ، لأَن الله عزَّ وجلَّ يَجمع الناسَ يومَ القِيامةِ في أَرْضٍ يَشْهدُ جميعُ الخلائقِ فيها مُحاسبةَ العبدِ الواحِدِ على انفرادِهِ ويَروْنَ ما يصِيرُ إِليه . كذا في اللسان .
ويقال : فُلانٌ مُنْتَفَدُ فلانٍ ، أَي إِذا أَنْفَدَ ما عندَه أَمدَّه بنفَقَةٍ ، عن الصاغانيّ .

تابع كتاب نقد : ( النَّقْدُ : خِلاَفُ النَّسِيئَةِ ) ، ومن أَثالِهم ( النَّقْدُ عند الحافِرة ) .
( و ) النَّقْدُ ( : تَمْيِيزُ الدَّارهِمِ ) وإِخراجُ الزَّيْفِ منها ، ( و ) كذا تَمييزُ ( غَيْرِها ، كالتَّنْقَادِ والتَّنَقُّدِ ) ، وقد نَقَدها ينْقُدُها نَقْداً ، وانْتَقَدها ، وتَنَقَّدها ، إِذا مَيَّزَ جَيِّدها مِن رَدِيئها ، وأَنشد سيبويهِ :
تَنْفِي يَدَاها الحَصَى فِي كُلِّ هاجِرةٍ
نَفْيَ الدَّنَانِيرِ تَنْقَادُ الصَّيارِيفِ
( و ) النَّقْدُ ( : إِعْطَاءُ النَّقْدِ ) ، قال الليثُ : النَّقْدُ : تَمْيِيزُ الدَّراهِم وإِعْطَاؤُكَها إِنساناً . وأَخْذُها : الانْتِقَادُ . وفي حديث جابرٍ وجَملِهِ ( فَنَقَدنِي الثَّمَنَ ) أَي أَعْطانِيهِ نَقْداً مُعجَّلاً .
( و ) النَّقْدُ : ( النَّقْرُ بالإِصْبَعِ في الجَوْزِ ) ، ونَقَدَ الشيْءَ يَنْقُدُه نَقْداً ، إِذا نَقَرَه بإِصْبَعِه ، كما تُنْقَدُ الجَوْزَةُ ، والنَّقْدَة : ضَرْبةُ الصَّبِيِّ جَوْزَةً بإِصْبَعِه إِذا ضَربَ .
( و ) النَّقْدُ ( أَنْ يَضْرِبَ الطائرُ بِمِنْقَادِه ، أَي بمِنْقَارِه في الفَخِّ ) ، وقد نَقَده إِذا نَقَرَه كنَقْدِ الدراهمِ ، وكذا نَقَدَ الطائرُ الحَبَّ يَنْقُدُه ، إِذا كان يَلْقُطُه واحداً واحداً ، وهو مِثْلُ النَّقْرِ ، وفي حديث أَبي ذَرَ ( فَلَمَّا فَرَغُوا جَعلَ يَنْقُدُ شَيْئاً مِن طَعامِهِمْ ) أَي يأْكُلُ شيئاً يَسيرً . وفي حديث أَبي هُريْرَةَ ( وقد أَصْبحْتُم تَهْذِرُونَ الدُّنْيَا . ونَقَد بإِصْبَعِه ) أَي نَقَرَ .
( و ) النَّقْدُ : الجَيِّدُ ( الوازِنُ من الدَّراهِمِ ) . ودِرْهمٌ نَقْدٌ . ونُقُودٌ جِيادٌ .
____________________

(9/230)



( و ) من المجاز النَّقْدُ : ( اخْتِلاسُ النَّظَرِ نَحْوَ الشيْءِ ) ، وقد نَقَدَ الرجُلُ الشيْءَ بنَظَرِه ينْقُده نَقْداً ، ونَقَد إِليه : اخْتَلَس النَظَرَ نَحْوَه ، وما زال فُلانٌ يَنْقُد بصَرَه إِلى الشيْءِ ، إِذا لم يَزَلْ يَنْظَر إِليه ، والإِنسان يَنْقُدُ الشيْءَ بِعَيْهِ ، وهو مُخَالَسةُ النَّظرِ لئلاَّ يُفْطَنَ له ، وزاد في الأَساس : كأَنَّما شُبِّه بنظَرِ الناقِدِ إِلى ما يَنْقُدُه .
( و ) النَّقْدُ ( : لَدْغُ الحَيَّةِ ) ، وقد نَقَدَتْه الحيَّةُ ، إِذا لَدَغَتْه .
( و ) النُّقْدُ ( بالكسر : البطِىءُ الشَّبَابِ القليلُ اللَّحْمِ ) وفي بعض الأُمهات ( الجسْم ) بدل ( اللَّحم ) ( ويُضَمُّ ) في هاذه .
( و ) النّقدُ ( بضمتين وبالتحريك : ضَرْبٌ من الشَّجرِ ) ، التحريكُ عن اللِّحْيانيّ ، وقال الأَزهرِيُّ : وبتحريك القافِ أَكْثَرُ ما سمعتُ من العرب ، وقال : هو ثَمرُ نَبْتٍ يُشبِه البَهْرَمانَ ( واحِدَتُه بهاءٍ ) ، نَقَدَةٌ ونَقَدٌ ، وقال أَبو حنيفة : النُّقْدةُ بالضمّ فيما ذَكر أَبو من الخُوصَة ، ونَوْرُها يُشْبِه البَهْرَمَان ، وهو العُصْفُر ، ويروى النُّقْدُ بضمّ فسكونٍ ، وأَنشد لِلْخُضْرِيّ في وَصْفِ القَطاةِ وفَرْخَيْها :
يمُدَّانِ أَشْداقاً إِلَيْها كَأَنَّما
تَفَرَّقَ عنْ نُوَّارِ نُقْدٍ مُثَقَّبِ
( و ) في المثل ( هو أَذَلُّ مِنَ النَّقَدِ ) ، وهو ( بالتَّحْرِيك : جِنْسٌ من الغَنَم ) قَصِيرُ الأَرْجُلِ ( قَبِيحُ الشَّكْلِ ) يكون بالبَحْرَيْن ، وأَنشدوا :
رُبَّ عدِيمٍ ، أَعزُّ مِنْ أَسَدِ
ورُبَّ مُثْرِ أَذَلُّ مِنْ نَقَدِ
الذكَر والأُنثى في ذالك سواءٌ ، وقيل : النَّقَدُ : غَنَمٌ صِغارٌ حِجازِيَّة ، وفي حديث علِيَ ( أَنَّ مُكَاتَباً لِبَنِي أَسدٍ قال : جِئْتُ
____________________

(9/231)


بِنَقَدٍ أَجْلُبُه إِلى المدِينة ) ( وراعِيه نَقَّادٌ ) . ومنه حديث خُزَيْمةَ ( وعاد النَّقَّادُ مُجْرَنْثِماً ) . وقال أَبو زُبَيْد :
كَأَنَّ أَثْوابَ نَقَّادٍ قُدِرْنَ لَهُ
يَعْلُو بِخَمْلَتِها كَهْباءَ هُدَّابَا
وفسّره ثَعْلَبٌ فقال : النَّقَّادُ : صاحِبُ مُسُوكِ النَّقَدِ ، كأَنّه جعلَ عليه خَمْلَتَهُ . وقال الأَصمعيّ : أَجْوَدُ الصُّوفِ صُوفُ النَّقَدِ ، ( ج نِقَادٌ ونِقَادَةٌ ، بكسرِهِما ) ، قال علْقَمةُ :
والمالُ صُوفُ قَرَارٍ يَلْعبُونَ بِهِ
علَى نِقَاتِه وَافٍ ومجْلُومُ
( و ) النَّقَدُ ( : تَكَسُّرُ الضِّرْسِ ) وكذالك القَرْن ، ( وائْتِكَالُه ) ، وفي بعض النُّسخ : انْتكَاله ، بالنون ، والأُولَى الصوَابُ ، ونَقِدَ الضِّرْسُ والقَرْنُ نَقَداً فهو نَقِدٌ ائْتَكَلَ وتكَسَّر ، وفي التهذيب : النَّقَدُ أَكَلُ الضِّرْسِ ، ويكون في القَرْنِ أَيضاً ، قال الهذليُّ :
عَاضَهَا الله غُلاَماً بَعْدَما
شَابَتِ الأَصْدَاغُ والضِّرْسُ نَقِدْ
ويروى بالكسر أَيضاً ، وقال صَخْرُ الغَيِّ :
تَيْسُ تُيُوسٍ إِذَا يُنَاطِحُهَا
يَأْلَمُ قَرْناً أُرُومُه نَقِدُ
أَي أَصلُه مُؤْتَكِلٌ .
( و ) النَّقَدُ ( : تَقَشُّرُ الحَافِرِ ) وَتَأَكُّلُه ، وقد نَقدَ الحافرُ ، إِذا انْتَقَرَ وتَقَشَّر .
( و ) النَّقَدُ ( من الصِّبْيَانِ : القَمِىءُ
____________________

(9/232)


الذي لا يَكادُ يَشِبُّ ) ، وفي اللسان : ورُبَّمَا قيل له ذالك .
( وأَنْقَدُ ، كأَحْمَدَ ) ، وبإِعجام الدال ( وقد تَدْخُلُ عليه أَل ) للتعريف ( : القُنْفُذُ ) ، قال :
فَبَاتَ يُقَاسِي لَيْلَ أَنْقَدَ دَائِباً
ويَحْدُرُ بِالقُفِّ اخْتِلافَ العُجَاهِنِ
وقال الجوهريُّ والزمخشريُّ والميدانيُّ : إِن أَنْقَدَ لا تَدْخُله الأَلف واللام ، وهو معرفة ، كما قيل للأَسد أُسَامة ، ( و ) منه المثَلُ ( ( بَاتَ ) فلانٌ ( بِلَيْلِ أَنْقَدَ ) ) إِذا باتَ ساهِراً ، وذالك ( لأَنَّه ) يَسْرِي لَيْلَه أَجْمَعَ ( لا يَنامُ الليْلَ كُلَّه ) ويقال : ( أَسْرَى مِنْ أَنْقَدَ ) ومن سجَعات الأَساس : إِن جَعَلْتُم لَيلَتَكم ليلَةَ أَنْقَد ، فَقَدْ وَصَلْتُم وكَأَنْ قَد .
( و ) عن ابن الأَعرابيّ : التِّقْدَة : الكُزْبُرَة ، بالتَّاءِ ، و ( النِّقْدَةُ ، بالكَسْر : الكَرَوْيَا ) ، بالنون .
( والأَنْقَدُ ، بالفتح ، والإِنْقِدَانُ ، بالكسر : السُّلَحْفَاةُ ) ، وقيّدَه الليثُ بالذَّكَر ، ويُروَى فيهما إِعجامُ الدالِ أَيضاً كما سيأْتي .
( وأَنْقَدَ الشَّجَرُ : أَوْرَقَ ) وهو مَجاز .
( وانْتَقَدَ الدرَاهِمَ : قَبَضَها ) ، يقال : نَقَدَ الدراهِمَ يَنْقُدُها نَقْداً : أَعطاه فانْتَقَدها وقال الليث : انْتِقَادُ الدارهِم : أَخْذُها .
( و ) انْتَقَد ( الولَدُ : شَبَّ ) و غَلُظَ .
( ونَوْقَدُ قُريْشٍ : ة ) كَبِيرةٌ ( بِنَسَفَ ) بينها وبين نَسَفَ سِتَّةُ فَراسِخَ ( منها الإِمامُ ) أَبو الفضل ( عبدُ القادرِ بن عبد الخالِق ) بن عبد الرحمان بنِ القاسم بن الفضل النَّوْقَدِيّ ، سمعَ ببخَارَا السيدَ أَبا بكرٍ محمّدَ بن عليّ بن حَيْدرةَ الجَعْفَرِيّ ، وبمكّةَ أَبا عبد الله الحسنَ بن عليَ الطَّبرِيَّ ، وغيَرهما ( ونَوْقَدُ خُرْداخُنَ ) ، بضمّ الخاءِ المعجمة وسكون الراءِ وبعد الأَلفِ خاءٌ أُخرَى مضمومة ( : ة ) أُخْرَى بِنَسَفَ ، ( منها أَبو بكرٍ محمَّدُ بن سُليمانَ ) بن
____________________

(9/233)


الحُصين بن أَحمد بن الحَكم ( المُعدَّل ) النَّوحقَدِيّ ، روَى عن محمد بن محمود بن عنْتَر عن أَبي عيسى التِّرّمِذِيّ كتابَ الصَّحيحِ له ، توفِّيَ سنة 407 . ( ونَوْقَدُ ) أَيضاً تُضَافُ إِلى ( سارةَ ) ، في النُّسخ بالراءه والصواب بالزاي كما في المعجم ( : ة ) أُخْرعى ( منها ) أَبو إِسحاق ( إِبراهيمُ بن مُحمّد بن نُوح ) بن محمد بن زيد بن النُّعْمان النَّوْقَدِيّ النَّوحِيّ ( الفَقِيهُ ) . يَروِي عن أَبي بكرٍ الأَسْتَراباذِيّ وأَبي جَعفر النَّوحقَدِيّ ، وعنه أَبو العباس المُسْتَغْفِرِيّ ، ومات سنة 425 وقد ذكر في ن و ح .
( ونَاقَده ) في الأَمْر ( : نَاقَشَه ) ، ومنه الحديث ( إِنْ نَاقَدْتَهم نَاقَدُوكَ ) ويروى بالفاءِ ، وقد تقدّم .
( والمِنْقَدةُ ، بالكسر : خُريْفَةٌ ) ، تصغير خُرْفَة بضمّ الخاءِ المعجمة وفتْح الفاءِ ، وفي اللسان : حُرَيْرة ( يُنْقَدُ علَيْها ) وفي اللسان : بها ( الجوْزُ ) .
( ) ومما يستدرك عليه :
قال سِيبوبهِ : وقالوا : هاذه مائَة نَقْدٌ ، النَّاسُ ، على إِرادة حذْفِ اللام ، والصِّفَةُ في ذالك أَكثرُ ، وقوله أَنشده ثَعْلَبٌ :
لَتُنْتَجَنَّ وَلَداً أَوْ نَقْدَا
فسّرَه فقال : لَتُنْتَجَنَّ ناقَةً فَتُقْتَنَى ، أَو ذَكَراً فيُباع . لأَنهم قَلَّما يُمَسِكُونَ الذكورَ .
ونَقَدَ أَرْنَبَتَه بِإِصْبَعِه ، إِذا ضَرَبها ، قال خَلَفٌ :
وأَرْنَبَةٌ لَكَ مُحْمَرَّةٌ
يَكَادُ يُقَطِّرُهَا نَقْدَهْ
أَي يشُق 2 ها عن دمِها ، وفي حديث أَبي الدَّرْداءِ أَنه قال ( إِن نَقَدْتَ
____________________

(9/234)


النَّاس نَقَدُوكَ ، وإِن تَرَكْتَهم تَركُوك ) معنى نَقَدْتَهم ، أَي عِبْتَهم واغْتَبْتَهم قابلُوك بمثله ، وهو من قولهم : نَقَدْتُ رَأْسَه بإِصْبَعي ، ايي ضَرَبْتُه ، ويُروَى بالفَاءِ وبالذال المعجمة أَيضاً ، وهو مذكور في موضعه .
ونَقِدَ الجِذْعُ نَقَداً : أَرِضَ . وانْتَقَدَتْه الأَرَضَة : أَكَلتْه فتَرَكَتْه أَجْوَفَ .
والنَّقَدُ : السُّفَّلُ من الناس .
والنَّيْقَدَانُ : شَجرةُ النُّقْدِ .
وتُنُوقَدَ الوَرِقُ .
ونَقَدْتُ رأْسَه بإِصبَعي نَقْدةً .
ومن المَجاز : هو من نُقَادَةِ قَوْمِه : ( من ) خِيارِهِم .
ونَقَدَ الكَلاَمَ : ناقَشَه ، وهو من نَقَدِه الشِّعْرِ ونُقَّادِه ، وتقول : هو أَشْبهُ بالنَّقَّادِ منه بالنَّقَّادِ . من النَّقَدِ والنَّقْدِ .
وانْتَقَد الشِّعْر على قائِلِه .
ونَقْدةُ ، بالفتح ، وقد تُضَمُّ نُونُه : مَوضِعٌ في دِيارِ بني عامِرٍ ، قال لَبِيدُ بنُ ربِيعَة :
فَقَدْ نَرْتَعِي سَبْتاً وأَهْلُكِ جِيرَةٌ
مَحَلَّ المُلُوكِ نَقْدةً بالمغَاسِلاَ
ويقال فيه : النُّقْدة ، بالتعريف ، وقال ياقوت : قرأْتُ بخطّ ابنِ نُباتَة السعديّ : نُقْدة بضمّ النّون في قَوْلِ لَبِيدٍ :
فأَسْرعَ فيها قَبْلَ ذالِك حِقْبَةً
رَكَاح فَجَنْبَا نُقْدةٍ فالمغَاسِلُ
ونَقِيد ، كأَمير : من قُرَى اليَمامة ، ويقال : نُقَيْدة ، تَصغير نَقْدة ، وهي من نَواحي اليمامة ، وفي الشعر نُقَيْدَتان .
ونَقَادةُ ، كسَحَابة : قَرْيةٌ بالصَّعيد الأَعْلى .
نقرد : ( النَّقْرَدةُ ) ، أَهمله الجوهريُّ وصاحبُ اللسان ، وقال الصاغانيُّ : هو ( الإِرْبابُ بالمكانِ ) ، أَي الإِقامة به ، ( ومالَكَ
____________________

(9/235)


مُنَقْرِداً ، أَي مُقِيماً ) ، هاكذا في النُّسخ على وزْن مُنْفَطِر ، ولا يخفَى أَنه ليس من هاذا الباب ، بل يكون من قرد ، إِذا سكَن وذَلَّ وأَقامَ ، كما تقدَّم ، فالصواب : مُنَقْرِداً ، على وَزْن مُدحْرِجٍ كام هو ظاهِرٌ .
نكد : ( نَكِد عَيْشُه ، كفَرِحَ : اشتَدَّ وعَسُرَ ) يَنْكَد نَكَداً ، ورجلٌ نَكِدٌ : عَسِرٌ وفيه نَكَادةٌ ( و ) نَكِدَت ( البِئْرُ : قَلَّ مَاؤُها ) كنَكَزَتْ ، وماءٌ نُكْدٌ أَي قَلِيلَ .
( ونَكَدَ الغُرَابُ ، كنَصَر : اسْتَقْصَى في شَحِيجِه ) كأَنَّه يَقِيءُ ، كتَنَكَّد ، كما في الأَساس ( و ) نَكَد ( زَيْدٌ حاجَةَ عمْرٍ و : منَعه إِيَّاها ) ، وعبارةُ اللسان ونَكَده حاجَتَه : منَعه إِيَّاها ، ( و ) نَكَد ( فُلاناً : منَعَه ما سأَلَه ، أَو ) نَكَده ما سأَله يَنْكُدُه نَكْداً ( : لَمْ يُعْطِه ) منه ( إِلاَّ أَقَلَّهُ ) أَنشد ابنُ الأَعرابيّ :
مِنَ البِيضِ تُرْغِينَا سُقَاطَ حدِيثِها
وتَنْكُدُنَا لَهْوَ الحَدِيثِ المُمنَّعِ
تُرْغِينَا أَي تُعْطِينَا منه ما لَيْسَ بِصَرِيحٍ . وتَنْكُدُنا : تَمْنَعُنَا .
( و ) نُكِدَ الرجُلُ ، ( كعُنِيَ ) ، فهو مَنْكُود ( : كَثُرَ سُؤَالُه وقَلَّ نائِلُه ) ، وفي اللسان : رَجُلٌ مَنْكُودٌ ومَعْرُوكٌ وَمَشْفُوه ومَعْجُوزٌ : أُلِحَّ عَلَيْه في المسأَلَة ، عن ابن الأَعْرَابيّ .
( ورَجُلٌ نَكِدٌ ) ، بالكسر ، ( ونَكَدٌ ) ، بفتحتين ، ( ونَكْدٌ ) ، بفتح فسكون ، ( وأَنْكَدُ : شُؤْمٌ عَسِرٌ ) لئيمٌ ، وكلُّ شيْءٍ جَرَّ على صاحِبِه شَرًّا فهو نَكَدٌ وصاحِبُه أَنْكَدُ نَكِدٌ ( وقَوْمٌ أَنْكَادٌ ومَنَاكِيدُ ) ونُكْدٌ ونكد : مَنَاحِيسُ قَلِيلُو الخَيْرِ .
( والنُّكْدُ ، بالضمّ : قِلَّةُ العَطَاءِ ) وأَن لا يَهْنَأَه مَنْ يُعْطَاهُ ، وأَنشد :
وأَعْطِ مَا أَعْطَيْتَهُ طَيِّباً
لاَ خَيْرَ فِي المَنْكُودِ والنَّاكِدِ
( ويُفْتَح ) ، ونَكِدَ الرَّجُل ، نَكَداً :
____________________

(9/236)


قَلَّلَ العَطاءَ ، أَو لمْ يُعْطِ البَتَّةَ ، أَنشد ثعلبٌ :
نَكِدْتَ أَبَازُبَيْبَةَ إِذْ سَأَلْنَا
ولَمْ يَنْكَدْ بِحَاجَتِنَا ضَبَابُ
عَدَّاه بالباءِ لأَنه في معنَى بَخِلَ ، حتّى كأَنَّه قال : بَخلْت بحاجَتِنَا .
( و ) النُّكْدُ ، بالضمّ ( : الغَزِيراتُ اللَّبَنه من الإِبلِ ، والتي لا لَبَنَ لَهَا ، ضِدُّ ) ، وهاذه ( هن ابنِ فارِسٍ ) صاحب المُجْمَل ، قال : ناقَةٌ نَكْدَاءُ : لا لَبَنَ لها ، قال الصاغانيُّ : تَفَرَّد بها ابنُ فَارِسٍ ، وقد خالَفَه الناسُ ، وقال السُّهَيْليّ في الرَّوْض : وأَحْسَبه من الأَضداد ، لأَنه اسْتُعْمِل في الضِّدَّيْنِ ، لأَنه قد يقال نَكِدَ لَبَنُها إِذا نَقَصَ ، ( و ) قيل : هي ( التي لا يَبْقَى لها وَلَدٌ ، فيَكْثُرُ لَبَنُها لأَنّها ) حينئذٍ ( لا تُرْضِع ) . قال الكُمَيْت :
وَوَحْوَح فِي حِضْنِ الفَتَاةِ ضَجِيعُهَا
ولَمْ يَكُ فِي النُّكْدِ المَقَالِيتِ مَشْخَبُ
وحَارَدتِ النُّكْدُ الجِلاَدُ ولَمْ يَكُنَ
لعُقْبَةِ قِدْرِ المُسْتَعِيرِينَ مُعْقِبَ
ويروى : ولم يَكُ في المُكدِ ، وهما بمعنًى ، ( الواحِدَةُ نَكْدَاءُ ) ، ويقال للناقَة التي ماتَ وَلَدُها : نَكْدَاءُ ، وإِيّاها عَنَى الشاعرُ :
وَلمْ أَرْأَمِ الضَّيْمع اخْتِتَاءً وذِلَّةً
كَمَا شَمَّتِ النَّكْدَاءُ بَوًّا مُجَلَّدَا
ونَاقَةٌ نَكْدَاءُ : مِقْلاَتٌ لا يَعِيش لها وَلدٌ ، فتَكْثُر أَلْبَانُها ، وفي حديثِ هَوازِنَ ( ولا دَرُّهَا بِمَاكِدٍ ولا نَاكِدٍ ) قال ابنُ الأَثير : قال القُتَيْبِيّ : إِن كان المحفوظ ناكِد فإِنه أَراد القليلَ ، لأَن النَّاكِدَ : الناقةُ الكثيرةُ اللبنِ ، فقال : ما دَرُّها بِغَزيرٍ . والنَّاكِدُ أَيضاً : القليلةُ اللَّبَنِ ، وكذالك النَّكْدَاءُ ، وفي قَصيدِ كَعْبٍ :
قَامَتْ تُجَاوِبُهَا نُكْدٌ مَثَاكِيلُ
جَمْعٍ نَاكِدٍ ، وهي التي لا يَعِيش لها وَلَدٌ .
____________________

(9/237)



( و ) يقال : ( عَطَاءٌ مَنْكُودٌ ) ، أَي نَزْرٌ قَليلٌ ، ( قال رَبِيعَةُ بن مَقْرُومٍ يَمدَح مَسْعُودَ بن سالمٍ ) :
لا حِلْمُكَ الحِلْمُ مَوْجُوداً عَلَيْهِ وَلاَ
مُلْفًى عَطَاؤُك فِي الأَقْوَامِ مَنْكُودَا
وفي الأَساس : عَطَاءٌ مَنْكُودٌ ، غير مُهَنَّا ، كمُنَكَّدٍ .
( ونَكِيدَي ، بالفتح ) فالكسر ، اسم ( مَدِينَة ايبُقْرَاطَ الحَكِيمِ بالرُّومِ ) والشائع على أَلْسِنة أَهلِ الروم نيكدَهْ ، وفي المَرَاصِد والمُعْجَم : بَيْنَهَا وبين قَيْسَارِيَّة من جِهة الشَّمَالِ ثَلاثَةُ أَيَّام ، قيل : إِن أُبْقْرَاطَ الحَكِيمَ كانَ بِهَا ، وبينها وبين هِرَقْلَةَ ثلاثةُ أَيّامٍ ، ونَقَل شيخُنَا عن المَوْلَى أَحمَد أَفندِي : أَظُنُّه فَارِسِيًّا مُعَرَّباً مِن نِيكَ دَه ، أَي قَرية حَسَنَةٌ .
( وتَنَاكَدَا : تَعَاسَرَا ) ، وهما يَتَنَاكَدانِ .
( ونَاكَدَه ) فلانٌ ، إِذا ( عَاسَرَه ) ، وهو مُنَاكِدٌ .
( ) ومما يستدرك عليه :
أَرضُونَ نِكَادٌ : قَلِيلَة الخَيْرِ وفي الدعاءِ : نَكْداً له وجَحْداً ، ونُكْداً وجُحْداً .
وسَأَله فَأَنْكَدَ ، أَي وَجَدَه عَسِراً مُقَلِّلاً ، وقيل : لم يَجهد عندَه إِلاَّ نَزْراً قَليلاف .
وَطَلَبَ فُلانٌ حاجَةً فأَنْكَدَ ، أَ أَكْدَى .
وقوله تعالى : { وَالَّذِى خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا } ( سورة الأعراف ، الآية : 58 ) قرأَ أَهلُ المدينة نَكَداً بفتح الكاف ، وقرأَت العامَّةُ نَكِداً ، بكسرها ، قال الزجَّاج : وفيه وَجهانِ آخرانِ لم يُقْرَأْ بهما : إِلاَّ نَكْداً ، ونُكْداً ، وقال الفَرَّاءُ : معناه لا يَخْرُج إِلاَّ في نَكَدٍ وشِدَّةٍ .
ونَكَّدَ عَطَاءَه بالمَنِّ .
ونُكِدَ فُلانٌ : اسْتُنْفِدَ ما عِندَه ونُكِدَ الماءُ : نُزِفَ .
وجاءَه مُنْكِداً ، أَي غيرَ مَحْمُودِ المَجِىءِ ، وقال مَرَّةً : أَي فَارِغاً ، وقال
____________________

(9/238)


ثَعْلَب : إِما هو مُنْكِزاف ، وسيأْتي ، من نَكِزَت البِئرُ ، إِذَا قَلَّ ماؤُهَا ، وهو أَحْسَنُ وإِنْ لم يُسْمَع أَنْكَزَ الرجُلُ إِذا نَكِزَتْ مِيَاهُ آبارِه .
وماءٌ نُكْدٌ ، أَي قَلِيلٌ .
والأَنْكَدانِ : مازِنُ بنُ مالِك بن عَمرو بن تميم ، ويَرْبُوعُ بن حَنْظَلَةَ ، قال بُجَيْر بن عَبْدِ الله بن سَلَمَةَ القُشَيْرِيّ :
الأَنْكَدَانه مَازِنٌ ويَرْبُوعْ
هَا إِنَّ ذَا الْيَوْمَ لَشَرٌّ مَجْمُوعْ
وكان بُجَيْر هاذا قد الْتَقَى هو وقَعْنَبُ بن الحارث اليَربوعيّ فقال بُجَيْر : يا قَعْنَبُ ، ما فَعَلَتِ البيضاءُ فَرَسُكَ ؟ قال : هي عندي ، قال : فكيف شُكْرُك لها ؟ قال : ومَا عَسَيْتُ أَن أَشْكُرَها ؟ قال : وكيف لا تَشْكُرُهَا وقد نَجَّتْكَ مِنّي ؟ قال قَعْنَبٌ : ومتى ذالك ؟ قال : حيث أَقول :
تَمَطَّتْ بِهِ البَيْضَاءُ بَعْدَ اخْتِلاَسِه
عَلَى دَهَشٍ وَخِلْتُنِي لَمْ أُكَذَّبِ
فأَنْكَرَ قَعْنَبٌ ذالك ، وتَلاَعنا وتَدَاعَيَا أَن يَقْتُلَ الصادِقُ منهما الكاذِبَ ، ثم إِن بُجَيْراً أَغارَ على بني العَنْبَرِ فغَنِمَ ومَضَى ، وأَتْبَعَتْه قبائلُ مِن تَميمٍ ، ولحقَ به نبو مازهنٍ وبنو يَرْبُوع ، فلما نَظَر إِليهم قال هذا الرَّجَزَ ، ثم إِنهم احْتَرَبُوا قليلاً ، فحَمَلَ قَعْنَبُ بن عِصْمَةَ بنِ عاصمٍ اليَرْبُوعيُّ على بُجَيْرٍ فطعَنَه فأَذْرَاهُ عن فرسه ، فَوَثَب عليه كَدَّامُ بن بَجِيلَة المازِنِيُّ فأَسرَه ، فجاءَه قَعْنَبٌ اليَرْبُوعيُّ لِيَقْتُلَه ، فمنَعَ منه كَدَّامٌ المازنيُّ ، فقال له قَعْنَبٌ : مَازِ رَأْسَك والسَّيْفَ . فخَلَّى عنه كَدَّامٌ ، فضَرَبَه قَعْنَبٌ فأَطَارَ رَأْسَه . ومازِ تَرْخِيم مازِنٍ ، ولم يكُن اسْمُه مازِناً ، وإِنما كان اسْمُه كَدَّاماً ، وإِنما سَمَّاهُ مازِناً لأَنه من بني مازِنٍ ، وقد يَفْعَلُ العَرَبُ مِثْلَ هاذا في بعضِ المواضِع كذا في اللسان .
____________________

(9/239)



ونُوكَنْدُ : قَريةٌ من قُرَى سَمَرْقَنْدَ ، وتفسيره حَفَر جَديداً .
نمرد : ( نُمْرُودُ ، بالضمّ ) وإِهمال الدالِ وإِعجامها ، وفي المزهر بالوَجهينِ ، وصَرَّح العِصَامُ وغيره بأَنَّه بالمُعْجَمة ، قال شيخُنَا : يُؤَيّده ما أَنشده الخفاجِيُّ في المجلس الثامن مِن الطِّرَازِ لابنِ رَشِيقٍ من قَوْلِه :
يَا رَبَّ لاَ أَقْوَى عَلَى دَفْعِ الأَذَى
وَبِكَ اسْتَعَنْتُ عَلَى الزَّمَانِ المُوذِي
مَالِي بَعَثْتَ إِلَيَّ أَلْفَ بَعُوضَةٍ
وَبَعَثْتَ وَاحِدَةً عَلَى نُمْرُوذِ
قال : وهو الموافِق للضَّابطِ الذي نَظَمَه الفَارَابيُّ فَرْقاً بين الدَّالِ والذالِ في لُغَةِ الفُرْس حيث قال :
احْفَظ الفَرْقَ بَيْنَ دَالٍ وذَالٍ
فَهْوَ رُكْنٌ في الفارِسِيَّةِ مُعْظَمْ
كُلُّ ما قَبْلَه سُكُونٌ بِلاَ وَا
وٍ فَدَالٌ وما سِوَاهُ فَمُعْجَمْ
وفي أَمالي ثَعْلَبٍ : نُمْروذُ ، بالذال المُعجمة ، وأَهل البصرة يوقولن نُمْرود ، بالدال المهملة ، وعلى هاذا عَوَّلَ كَثيرونَ فجَوَّزُوا الوَجهينِ ، اسمُ مَلِكٍ ( مِنَ الجَبَابِرَةِ ، م ) معروفٌ ، قالَه ابنُ سِيده في المحكم ، وكأَنَّ ثَعْلَباً ذَهَبَ إِلى اشتقاقِه من التَّمَرُّدِ ، فهو على هذا ثُلاثِيٌّ ، قال شيخُنا : وهو نُمرود بن كَنْعَان بن سِنْجَارِيب ابن نُمْرُود الأَكبر بن كُوش بن حَام ابن نُوح ، قالَهُ ابنُ دِحْيَةَ في التنوير .
( ) ومما يستدرك عليه :
نومد :*! نَوْمَوْد ، بفتح الأَول والثالِثِ : جَدُّ أَبي بكرٍ أَحمدَ بن إِبراهِيم بن نَوْمَوْد الجُرْجَانيّ ، شافعيٌّ تَفَقَّه على أَبي العبَّاس بن سُرَيْجٍ .
نود : ( *!نَادَ ) الرجلُ ، أَهمَله الجوهريّ ، وقال الليثُ : نَادَ ( *!نَوْداً *!ونُوَاداً ، )
____________________

(9/240)


بالضمّ ، *!ونَوَدَاناً ، مُحرّكَةً ( : تَمَايَلَ مِن النُّعَاسِ ) . وفي التهذيب : نَادَ الإِنسانُ *!يَنُودُ نَوْداً ونَوَدَاناً ، مثل نَاسَ يَنُوسُ . ونَاعَ يَنُوع .
( *!ونَوَادَةُ ، كقَتادة : ة ، باليمن ، بها قبْرُ سامِ بنِ نُوحِ عليه السلامُ ) وهي من أَعمال البَعْدَانِيَّة .
( *!وتَنَوَّدَ الغُصْنُ ) وتَنَوَّع إِذا ( تَحَرَّكَ ، ومنه *!نَوَدَانُ اليَهُودِ في مَدَارِسِهِم ) ، وفي الحَدِيث ( لاَ تَكُونُوا مثْلَ اليَهُودِ إِذا نَشَرُوا التَّوْرَاةَ *!نَادُوا ) يقال : نَادَ يَنُودُ ، إِذا حَرَّكَ رَأْسَه وأَكْتَافَه .
( ) ومما يستدرك عليه :
نورد : *!نُوَرْد ، بضم أَوّله وفتح ثانيه وسكون الثالث : اسمُ قَصَبَةٍ من نواحِي كَازَرُونَ بفَارِسَ ، منها أَبو محمد أَحمد بن المُبَارك الصوفِيّ ، عن مُحَمد بن أَحمد الرّهَاوِيّ صاحب أَبي القاسِمِ الطَّبَرَانيّ .
نوند : ( *!نُونْدُ ) ، أَهمله الجماعةُ ، وهي ( بالضمّ ، ويَلْتَي فيها سَاكِنَانِ ) وضَبطه ياقوت بفتح أَوّله ( : مَحَلَّةٌ بِنَيْسَابُورَ ، منها ) أَبو عبد الرَّحمان ( عبدُ الله بنُ حَمْشَادَ ) بن جَنْدلِ بن عِمرانَ المُطوعيّ النُّونْدِيّ النَّيْسَابُورِيّ ، سمع أَبا قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيّ ، ومحمَّدَ بن يزيدَ السُّلَمِيّ وغيرَهما .
( وبَابُ نُونْدَ : مَحَلَّةٌ بِسَمَرْقَنْدَ ، منها ) أَبو العباس ( أَحمدُ *!-النُّونْدِيُّ ) السَّمَرْقَنْدِيّ ( المُحَدِّثُ ) ، حَدَّث عن أَحمدَ بن عبد الله السَّمَرْقَنْدِيّ ، وعنه إِبراهِيم بن حَمْدَوَيْهِ الإِشْتِيخَنِيّ .
نهد : ( نهَدَ الثَّدْيُ ) يَنْهَدُ ، ( كَمَنَعَ ونَصَرَ ) ، وعلى الثاني اقتصر كثيرٌ من الأَئمّة ، ( نُهُوداً ) ، بالضمّ ، إِذا ( كَعَبَ ) وانْتَبَرَ وأَشْرَفَ ، ( و ) نَهَدَت ( المَرْأَةُ ) تَنْهَدُ وتَنْهُدُ ، بالفتح والضم ( كَعَبَ ثَدْيُهَا ) وارتَفَع ، ( كنَهَّدَتْ )
____________________

(9/241)


تَنهيداً ( فهي مُنَهِّدٌ وناهِدٌ ، ونَاهِدَةٌ ) قال أَبو عبيد : إِذا نَهَدَ ثَدْيُ الجَارِيَةِ قيل : هي ناهِدٌ ، والثُّدِيُّ الفَوَالِكُ دُونَ النَّوَاهِد . وفي حديث هَوَازِنَ ( ولاَ ثَدْيُها ب 2 اهِدٍ ) ، أَي مُرْتَفِع ، يقال نَهَدَ الثَّدْيُ ، إِذا ارتَفعَ عن الصَّدْرِ وصارَ له حَجْمٌ .
( و ) نَهَدَ ( الرَّجلُ ) يَنْهَد ، بالفَتْح . نُهُوداً ( نَهَضَ ) ، والفرق بَيْنَ النُّهُودِ والنُّهُوضِ أَن النُّهوض قِيَام غيرُ قُعُودٍ والنُّهودُ نُهوضٌ على كُلِّ حالٍ .
( و ) عن أَبي عُبَيْدٍ : نَهَدَ فلانٌ ( لِعَدُوِّه : صَمَدَ لَهُمْ ، نَهْداً ونَهَداً ) .
ونَصُّ عبارة أَبي عُبَيْد : نَهَدَ القَوْمُ لِعَدُوِّهم ، إِذا صَمَدُوا له وشَرَعُوا في قِيَالِه . وفي الحديث ( أَنَّه كان يَنْهَدُ إِلى عَدُوِّهِ حين تَزُولُ الشَّمْسُ ) أَي يَنْهَضُ . وفي حديث ابن عُمَر ( أَنَّه دَخَلَ المَسجِدَ الحَرَامَ فَنَهَدَ النَّاسُ يَسْأَلُونه ) أَي نَهَضُوا .
( و ) في كتاب الأَفعال لابن القَطّاع : نَهَدَ ( الهَدِيَّةَ ) نَهْداً ( عَظَّمَهَا ) وأَضْخَمَهَا ( كأَنْهَدَهَا ) ونقله الصاغَانيّ عن الزَّجَّاج .
( والنَّهْدُ : الشَّيْءُ المُرْتَفِعُ ) ، فَرسٌ نَهْدٌ ومَنْكِبٌ نَهْدٌ .
( و ) النَّهْدُ ( : الأَسَدُ ، كالنَّاهِدِ ) مأْخُوذٌ من النُّهُودِ بمعنى النّهوضِ ، والقُوَّة ، يقال : هو أَنْهَدُ القَوْمِ ، أَي أَقْوَاهُم وأَجْلَدُهم ، كما صَرَّح به في الرَّوْض .
( و ) النَّهْدُ ( : الكَرِيمُ ) يَنْهَضُ إِلى مَعَالِي الأُمور .
( و ) النَّهْدُ ( : الفَرَسُ الحَسَنُ الجَميلُ الجَسِيمُ اللَّحِيمُ المُشْرِفُ ) ، يقال : فَرَسٌ نَهْدُ القَذَالِ ونَهْدُ القُصَيْرَي ، وفي حديث ابنِ الأَعرابيِّ :
يَا خَيْرَ مَنْ يَمْشِي بِنَعْلٍ فَرْدِ
وَهَبَهُ لِنَهْدَةٍ ونَهْدِ
____________________

(9/242)



النَّهْدُ : الفرس الضخْمُ القَوِيُّ . والأُنثى نَهْدَةٌ ، ( وقد نَهُدَ ) الفرسُ ، ( ككَرُمَ ، نُهُودَةً ) ، بالضمّ .
( و ) نَهْدٌ ( : قَبيلَةٌ باليمَنِ ) وهم بنو نَهْدِ بنِ زَيْدِ بن لَيْثِ بن أَسلَمَ بن الْحَافِ بن قُضَاَعَةَ . وفي هَمْدَانَ نَهْدُ بن مُرْهِبَةَ بن دُعَامِ بن مالِكِ بن مُعَاوِيَة بن صَعْب .
( و ) النِّهْاءُ ، ( بالكسرِ : ما تُخْرِجُه الرُّفْقَةُ من النَّفقَةِ بالسَّوِيَّةِ في السَّفرِ ) والعَرَب تقول : هاتِ نِهْدَكَ ، بالكسر . وحكى عَمْرُو بنُ عُبَيْدٍ عن الحَسن أَنه قال : ( أَخْرِجُوا نِهْدَكم فإِنه أَعظمُ للبَرَكَةِ وأَحْسَنُ لأَخْلاقِكم وأَطْيَبُ لِنُفُوسِكم ) . قال ابنُ الأَثير : النِّهْد . بالكسر : ما يُخْرِجه الرُّفْقَةُ عِنْد المُنَاهَدَةِ إِلى العَدُوِّ وهو أَن يَقْسِمُوا نَفَقَتَهم بينهم بالسَّوِيَّة حتى لا يتَغَابَنُوا ولا يكون لأَحدِهم فَضْلٌ على الآخَرِ ومنه قَالَ رُؤْبَةُ :
إِنَّ لَنَا مِنْ كُلِّ قَوْمٍ نِهْدَا
مِنَ الرِّبَابِ حَلَباً وَرِفْدَا
( وقد يُفْتَح ، وتَنَاهَدُوا : أَخرجوه ) وكذالك نَاهَدُوا ، وقال ابنْ سِيده : يكون في الطَّعَامِ والشَّرَابِ ، وذكرَ محمّد بن عبد الملك التارِيخي أَنَّ أَوَّلَ من أَحْدَثه خُصَيْنٌ الرَّقَاشِيّ .
( وأَنْهَدَ الإِنَاءَ ) ، وكذالك الحَوْضَ ( : مَلَأَه ) حتى يَفِيض ( أَو قَارَبَ مِلْأَهُ ، و ) هو ( حَوْضٌ ) نَهْدَانُ ( أَو إِنَاءٌ نَهْدَانُ ( أَي مَلْآنُ ) ) وقَصْعَةٌ نَهْدَي ونَهْدَانَةٌ ، الذي قد عَلاَ وأَشْرَف ، وَحَفَّانٌ : قد بَلَغَ حِفَافَيْهِ ، قال أَبو عُبَيْد : إِذا قارَبَتِ الدَّلْوُ المَلْءَ فهو نَهْدُهَا ، يقال نَهَدَتِ المَلْءَ ، قال : فإِذا كانَتْ دُونَ مِلْئِهَا قِيلَ : غَرِّضْتُ في الدَّلْو ، وأَنشد :
لاَ تَمْلإِ الدَّلْوع وغَرِّضْ فِيها
فإِنَّ دُونَ مَلْئِها يَكْفِيهَا
وفي الصحاح : أَنْهَدْتُ الحَوْضَ : مَلأْتُه ، وهو حَوضٌ نَهْدَانُ ، وقَدَحٌ نَهْدَانُ ، إِذا امتلأَ و ( لَمْ يَفِضْ بَعْدُ أَو
____________________

(9/243)


بَلَغَ ثُلْثَيْهِ ) ، نقله أَبو زيدٍ عن اكسائيِّ .
( والمُنَاهَدَةُ : المُنَاهَضَة في الحَرْبِ ) وفي المحكم : المُنَاهَدَةُ في الحَرْبِ أَن يَنْهَد بعضٌ إِلى بَعْض ، وهو في معنى نَهَضَ ، إِلاَّ أَن النّهوض قِيامٌ غير قُعُودٍ والنُّهودُ : نُهوضٌ على كُلِّ حالٍ ، ونَهَدَ إِلى العَدُوِّ يَنْهَدُ ، إِذا نَهَضَ ، ( و ) المُنَاهَدَةُ : المُخَارَجَةُ ، و ( المُسَاهَمَةُ بالأَصابِعِ ) .
( والنَّهْدَاءُ : الرَّمْلَةُ المُشْرِفَة ) كالرَّابِيَةِ المُتَلَبِّدَة كَريمة تُنْبِت الشَّجَرَ ولا يُنْعَت الذَّكَر على أَنْهَدَ .
( والنَّهِيدَةُ ) أَن يُغْلَى ( لُبَابُ الهَبِيدِ ) وهو حَبُّ الحَنْظَلِ ، فإِذا بَلَغ النِّضْجَ والكَثَافَةَ ( يُعَالَجُ بِدَقِيقٍ ) بأَن يُذَرَّ عليه شَيْءٌ منه فيُؤْكَل ، ( و ) النَّهْدُ والنَّهْدِيدَةُ ( والنَّهِيدُ : الزُّبْدُ ) ، وبعضُهم يُسَمِّيها إِذا كَانَت ضَخْمَةً نَهْدَةً ، وإِذا كَانَتْ صَغِيرَةً فَهْدَة ، وقيل : النَّهِيدُ الزُّبْدُ ( الرَّقِيقُ ) الذي لم يَتِمَّ ذَوْبُ لَبَنِه ، وقال أَبو حاتمٍ النَّهِيدَة من الزُّبْدِ : زُبْدُ اللبنِ الذي لم يَرُبْ ولم يُدْرِك فَيُمْخَضُ اللَّبَنُ فتَكُون زُبْدَتُه قَلِيلَةً حُلْوَةً .
( و ) يقال : هاذا ( نُهَادُ مَائَةٍ ) بالضَّمّ ، أَي ( نُهَاؤُهَا ) ، أَي قَرِيبٌ منها ، نقله الصاغانيُّ .
( والنُّهُودُ ) بالضّم ( : المُضِيُّ عَلَى كُلِّ حالٍ ) ، وقد نَهَدَ الشَّيْءُ : مَضَى ، كما في الأَفعال لابن القَطَّاع . وبه فُرِّق بينه وبين النُّهوض ، كما تقدَّم .
( ) ومما يستدرك عليه :
نَهَدَيَنْهَدُ نَهْداً : شَخَصَ ، وأَنْهَدْتُه أَنَا .
ونَهَدَ إِليه : قامَ ، عن ثَعْلَبٍ .
والنَّهْدُ : العَوْنُ .
وطَرحَ نَهْدَه مع القوْمِ : أَعانَهُم وخَارَجَهُم .
والمُنَاهَدَة : المُخَاصَمَةُ مُطلقاً .
وتَنَاهَدَ القَوْمُ الشيْءَ : تناوَلُوه بينهم .
وكَعْثبٌ نَهْدٌ ، إِذا كان ناتِئاً مُرْتَفِعاف ، وإِن كان لاصِقاً فهو هَيْدَبٌ .
____________________

(9/244)



وفي حديث دارِ النَّدْوَةِ ( فَأَخَذَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ شَابًّا نَهْداً ) أَي قَوِيًّا ضَخْماً .
وتَنَهَّدْت : تَنَفَّسْتُ صُعَدَاءَ .
وغُلامٌ نَاهِدٌ : مُرَاهِقٌ .
ونَهْدَانُ ونُهَيْدٌ ومُنَاهِدٌ ، أَسماءٌ .
وأَناهِيدُ اسمٌ للزُّهَرَةِ ، وسيأْتي في الذال المعجمة ، وهو بالوَجهَين .
والنَّهْدُ والنَّاهِدُ : الأَسَدُ ، عن الصاغانيُّ .

تابع كتاب نهند : ( نهَاوَنْدُ ) ، أَهمله الجوهريُّ وصاحبُ اللسان ، وهو ( مُثلّثةُ النونِ ، الفتحُ والكسرُ عن ) الإِمام ( الصَّاغَانيِّ ) صاحِبِ العُبَابِ والمشارِق ، وسَبَقه ياقوت في المُعْجَم ، زاد الصاغانيّ والكسرُ أَجْوَدُ ، لقول بَعْضِهم : إِن أَصْلَها نِيهَاوَنْدُ ( والضمُّ عن اللُّبَابِ ) لابن الأَثير ، واو مَفْتوحَة لا غيرُ ، وكذالك النون الثانية ساكنة لا غير ( : د ) عظيم ( من بِلادِ الجَبَلِ جَنُوبِيَّ هَمَذَانَ ) ، بينهما ثلاثةُ أَيام ، يقال ابن ( أَصْله نُوحْ آوَنْدَ ) سُمِّي ( لأَنَّه بَنَاهَا ) ، صوابه بَنَاهُ ، فخفِّفَتْ ( أَو ) أَصله ( إِينَهاوَنْدُ ) لأَنهم وَجَدُوها كما هي ، قاله أَبو المنذِر هشام ، وقال حمزةُ : أَصلُهَا نيوهَاوَنْد فاخْتصر ، ومعناه الخيرُ المُضاعَف ، قال ياقوت : وهي أَعتقُ مَدينة في الجَبَلِ ، وكان فَتْحُها سنَةَ تِسْعَ عَشرَةَ في أَيّامِ سَيِّدنا عُمَر رضي الله تعالى عنه ، وبها ثَوْرٌ وسَمَكَةٌ من حَجَرٍ حَسَنَا الصُّورَةِ وفي وَسَطِها حِصْنٌ عَجِيبُ البِنَاءِ عَالِي السَّمْك ، وبها قُبُورُ قَوْمٍ اسْتُشْهِدُوا مِن العرب في صَدْرِ الإِسلام ، وبها شَجَرُ خِلاَفٍ تُعْمَل منه الصَّوَالجَة ، وقَصَبٌ يُتَّخَذ منه ذَرِيرَةٌ ، وعلى حَافاتِ نَهْرِهَا طِينٌ أَشَدُّ ما يكون في السَّوَادِ
____________________

(9/245)


والتَعَلُّكِ يُخْتَم به ، كذا في المعجم .
2 ( فصل الواو مع الدال المهملة ) 2
وأَد : ( *!وَأَدَ بِنْتَه ) ، هاكذا في الصحاح ، وفي التهذيب والحكم : وَأَدَ *!الموْءُودَة ( *!يَئِدُها ) *!وَأَداً ( : دَفَنَها ) في القَبْرِ ، وزاد في الأَساس : وأَثْقَلَها بالتُّرابِ وهي ( حَيَّة ) ، وهو وَائِد ، ( وهي *!وَئِيدٌ وَ*!وَئِيدَةٌ *!ومَوْؤُدَة أَنشد ابن الأَعْرَابيِّ :
وَمَا لَقِيَ *!المُؤُودُ مِنْ ظُلْمِ أُمِّه كما لَقِيَتْ ذُهْلٌ جَمِيعاً وعامِرُ وكانت كِنْدَةُ *!تَئدُ البَنَاتِ . قال الله تعالى : { وَإِذَا الْمَوْءودَةُ سُئِلَتْ } ( سورة التكوير ، الآية : 8 ) قال المفسّرُون : كان الرجُلُ في الجَاهِلِيَّة إِذَا وُلِدَتْ له بِنْتٌ دَفَنَها حين تَضَعُها والِدَتُها حَيَّةً مخافَةَ العَارِ والحَاجَةِ ، فأَنْزل الله تعالى : { 9 . 023 71 ؟ 31 : 1 . . 8 } ( سورة الإسراء ، الآية : 31 ) وفي الحديث ( *!الوَئِيدُ فِي الجَنَّة ) أَي المَوْؤُود ، فَعِيل بمعنى مَفْعُول ، ومنهم من كان يَئد البَنينَ في المَجَاعَةِ . وقال الفَرزدقُ يَعْنِي جَدَّه صَعْصَعَةَ بنَ نَاجِيَةَ :
وَعَمِّي الذي مَنَعَ *!الوَائِدَاتِ وَأَحْيَا الوَئِيدَ فَلَمْ يُوأَدِ وفي الحديث ( أَنّه نَهَى عن *!وَأْدِ البَنَاتِ ) أَي قَتْلِهِنّ ، وفي حديث العَزْلِ ( ذلِكَ *!الوَأْدُ الخَفِيُّ ) ، وفي حديث آخر ( تلك الموْؤُدةُ الصُّغْرَى ) . قال أَبو العَبّاس : من خَفَّف هَمْزَةَ المَؤْؤُدة قال : مَوْدَة ، كما تَرَى لئلا يَجْمَع بين ساكنين .
( *!والوَأْدُ *!والوَئِيدُ : الصَّوْتُ ) مُطْلقاً ، ( أَو العَالِي الشَّدِيدُ ) كصَوْتِ
____________________

(9/246)


الحائطِ إِذا سَقَطَ ونَحْوِه ، قال المَعْلُوطُ :
أَعَاذِل مَا يُدْرِيك أَنْ رُبَّ هَجْمَةٍ
لِأَخْفَافِهَا فَوْقَ المِتَانِ *!وَئِيدُ
قال ابن سيده : كذا أَنشَده اللِّحْيَانيُّ ، ورواه يعقوب : فَدِيدُ .
وفي حديث عائشة ( خَرَجْتُ أَقْفُو آثَار الناسِ يَوْمَ الخَنْدَقِ فسَمِعْتُ *!وَئِيدَ الأَرْضِ خَلْفِي ) *!الوَئِيدُ : شِدَّةُ الوَطْءِ على الأَرْضِ يُسْمَعُ كالدَّوِيّ مِن بُعْد .
( و ) *!الوَأْدُ ( : هَدِيرُ البَعِيرِ ) ، عَن اللّحْيَانيّ ، ويقال : سَمِعْت *!وَأْد َقَوَائِمِ الإِبلِ *!ووَئِيدَها . وفي حديث سَوَادِ بن مُطَرِّف ( *!وَأْدَ الذِّعْلِبِ الوَجْنَاءِ ) أَي صَوْتَ وَطْئِها على الأَرْضِ .
( و ) قال أَبو مِسْحَلٍ في نَوَادِره : (*! التُّؤَدَةُ ) ، أَي بضمّ التاءِ تُثَقَّلُ وتُخَفَّف ، أَي ( بفتْحِ الهَمْزَةِ وسُكونِهَا ) وبِغيرِ هَمْزٍ ، تقول *!تُؤَدَة *!وتُؤْدَة *!وتُودَة ، ( و ) هو فُعْلَةٌ من ( الوَئِيد ، و ) كذالك ( *!التَّوْآدُ ) ، وعلى الأَوّل اقتَصَرَ كثير من أَئمّة اللّغةِ ، ومعنَى الكُلِّ ( : الرَّزَانَةُ والتَّأَنِّي ) والتَّمَهُّل ، قالت الخَنْسَاءُ :
فَتًى كَانَ ذَا حِلْمٍ رَزِينٍ *!وتُؤْدَةٍ
إِذَا مَا الحُبَا مِنْ طائِفِ الجَهْلِ حُلَّتِ
( وقد *!اتَّأَدَ *!وَتَوَأدَ ) ، *!والتَّوْآدُ منه ، قال الأَزهريّ : وأَما *!التُّؤَدَة بمعنى التَّأَنِّي في الأَمْرِ فأَصْلُهَا *!وُأَدَةٌ ، مثل التُّكَأَةِ أَصلها وُكَأَةٌ فقُلبِت الواو تاءً ، ومنه يقال *!اتَّئدْ يَا فَتَى ، وقد *!اتَّأَد *!َيَتَّئدُ *!اتِّئَاداً ، إِذا تَأَنَّى في الأَمْرِ ، قال وثُلاثِيُّه غير مُستعملٍ ، لا يقولون *!وَأَدَ *!يَئدِ بمعنَى *!اتَّأَدَ ، وقال الليثُ : يقال *!اتَّأَدَ *!وتَوَأّدَ ، *!فاتَّأَدَ على افْتَعَل *!وتَوَأّدَ على تَفَعَّلَ ، والأَصل فيه *!الوَأْدُ ، إِلاّ أَن يكون مَقْلُوباً من الأَوْد وهو الإِثقال ، فيقال آدَنِي يَؤُودُنِي أَي أَثقَلَنِي ، والتَّأَوُّدُ منه ، ويقال : تَأَوَّدَتِ المَرْأَةُ في قِيامِها إِذا تَثَنَّتْ
____________________

(9/247)


لِتَثَاقُلِهَا ، ثم قالوا *!تَوَأّدَ *!واتَّأَدَ إِذا تَرَزصنَ وتَمَهَّل ، والمَقلوباتُ في كلامِ العربِ كَثيرةٌ ، قال شيخُنا ، وهاذا قد حَكاه المُرْتَضَى عن بعضِ اللُّغويّينَ . ومن هنا وقَع في المصباح تَخْلِيطٌ في المادَّتَيْنِ ، ولم يُفَرِّق بين الأَجْوَف والمِثال .
( و ) من المقلوب ( المَوائِدُ ) ، وأَصلُها المَآوِدُ بمعنى ( : الدَّوَاهِي ) وقد تقدّمت الإِشارة إِليه .
( و ) يقال ( *!تَوَأدَتْ عليه الأَرْضُ ) على القَلْبِ تَودَّأَت إِذا ( غَيَّبَتْه وذَهَبَتْ به ) ، قال أَبو منصور : هما لُغتَانِ على القَلْب ، كتَكَمَّأَتْ وتَلَمَّعَتْ .
( ) ومما يستدرك عليه :
المثل ( هُو أَضَلُّ مِنْ مَوْؤُدَةٍ ) وحَكَى أَبو عليَ : تَيْدَكَ بمعنى *!اتَّئِدْ .
*!واتِّئِدْ في أَمْرك : تَثَبَّتْ .
ومَشَى مَشْيا *!وَئِيداً ، أَي عَلَى *!تُؤَدةٍ ، قالت الزَّبَّاءُ :
مَا لِلْجِمَالِ مَشْيُهَا *!وَئِيدَا
أَجَنْدلاً يَحْمِلْنَ أَمْ حَدِيدَا
وبد : ( *!الوَبَدُ ، محرَّكةً : شِدَّةُ العَيْشِ ) والفَقْرُ والحَاجَةُ إِلى الناسِ والبُؤْسُ ( وسُوءُ الحالِ ، مَصدَرٌ يُوصَفُ به ) فيقال ( رَجُلٌ *!وَبَدٌ ) مُحَرّكَةً ، أَي ( سَيِّىءُ الحالِ ، للواحِد والجَمِيعِ ) ، كقولك رَجُلٌ عَدْلٌ ، ( وقَد يُجْمَعُ *!أَوْبَاداً ) ، كما يقال : عُدُولٌ ، على تَوَهُّمِ النَّعْتِ الصحيحِ ، وأَنشد أَبُو زَيْدٍ قَوْلَ عَمْرِو ( بن ) العَدَّاءِ الكَلْبِيّ :
لأَصْبَحَ الحَيُّ *!أَوْبَاداً ولَمْ يَجِدُوا
عِنْدَ التَّفَرُّقِ فِي الهَيْجَا جِمَالَيْنِ
وهو على حَذفِ المُضَافِ ، أَي ذَوهي *!أَوْبَادٍ ، ( أَو ) *!الوَبَدُ ( : كَثْرَةُ العِيَال وقِلَّةُ المالِ ) ، الحاصل منهما وسوءُ
____________________

(9/248)


الحالِ ، رَجُلٌ وَبَدٌ ، أَي فقيرٌ ، من قومٍ أَوْبَادٍ : مَحَاوِيجَ . ( و ) الوَبَدُ ( : الغَضَبُ ) ، مثل الوَمَدِ ، ( و ) الوَبَدُ ( : الحَرُّ ) مع سُكون الرِّيح ، كالوَمَدِ ، ( و ) *!الوَبَدُ ( : العَيْبُ ، و ) الوَبَدُ ( : بِلَى الثَّوْبِ ) وإِخْلاَقُه ، ( و ) الوَبَدُ ( : النُّقْرَةُ في ) صَفَاةِ ( الجَبَلِ ) يَسْتَنْقِع فيها المَاءُ ( *!كالوَبْدِ ، بالفتح ) مع السكون ، وهي أَظهَرُ من الوَقْرِ ، والوَقْرُ أَظْهَر من الوَقْبِ ، ( وقد *!وَبِدَ ، كفَرِحَ ، في الكُلِّ ) ، *!يَوْبَد *!وَبَداً *!ووَبِدَت حالُه *!وَبَداً .
( و ) الوَبِدُ ( ككَتِفٍ : الجائعُ ، والشَّدِيدُ الإِصابَةِ بِالعَيْنِ ) ، عن اللِّحْيَانيّ ، ( *!كالمُتَوَبِّدِ ) .
*!وتَوَبَّدَ أَمْوَالَهم بِعَيْنِه لِيُصِيبَها بالعَيْنِ ، عنه أَيضاً ، وإِنه *!لَيَتَوَبَّدُ أَمْوالَ الناسِ ، أَي يُصِيبُهَا بِعَيْنه فيُسْقِطُها .
( *!وأَوْبَدُوهُ : أَفْرَدُوه ) ، وأَنشدَ الأَصمعيُّ :
عَهِدْتُ بِهَا سَرَاةَ بَنِي كِلاَبٍ
وَرِثْتُهُم الحَيَاةَ *!-فَأَوْبَدُونِي
( *!والأَوْبَدُ : ع ، *!والمُسْتَوْبِدُ : الجاهِلُ بالمَكَانِ . و ) *!المُسْتَوْبدِ مثْل *!الوَبَدِ ، ( السَّيِّىءُ الحالِ ) مِن كَثْرَةِ العِيَالِ وقِلّةِ المال .
وتد : ( *!الوَتْدُ ، بالفتح ) والسكون على التخفيف في لغَةِ نَجْدٍ ، ( و ) يقال *!الوَتَدُ ( بالتحريكِ ) لغة فيه ( و ) ( ككَتِفٍ ) في لغة الحجاز وهي الفُصْحَى ، كما في المصباح ، والوَدُّ ، بِقَلْب التاءِ دالاً وإِدْغَامها في اللام ، كما حكاه الجوهريّ ، والفيُّوميّ ، وهي لغةُ نَجْدٍ ، فهي أَربعُ لُغاتٍ ( : ما رُزَّ في الأَرْضِ أَو الحائطِ من خَشَبٍ ) . وأَنشد المُصَنّف في البَصائرِ .
ولا يُقِيمُ بِدَارِ الذُّلِّ يَعْرِفُها
إِلاَّ الأَذَلاَّنِ عَيْرُ الأَهْلِ *!والوَتِدُ
____________________

(9/249)



وفي المثل : ( أَذَلُّ من *!وَتِدٍ بِقَاعٍ ) لأَنّه يُدَقُّ أَبَداً .
( و ) الوَتِدُ أَيضاً ( : ما كانَ في العَرُوضِ على ثَلاَثَةِ أَحْرُفٍ ) ، وهو على ضَرْبَيْنِ ، أَحدُهما حرفانِ مُتحرِّكَانِ ، والثالثُ ساكن ( كعَلُنْ ) وفَعُو ، وهاذا هو *!الوَتِدُ المقرون ، لأَن الحركةَ فقد قَرَنَت الحرفينِ ، والآخر ثلاثة أَحْرُف ، مُتَحَرِّك ، ثم ساكن ، ثم متحرّك ، وذالك لاَتُ ، من ( مَفْعُولاَتُ ) ، وهو الوتِدُ المَفْرُوقُ ، لأَن الحرف قد فَرق بين المُتَحَرِّكينِ ، ولا يَقَعُ في *!الأَوتادِ زِحَافٌ ، لأَن اعتمادَ الجُزْءِ إِما هو عَلَيْهَا ، إِنما يَقَعُ في الأَسبابِ ، لأَنّ الجُزْءَ غيرُ مُعْتَمِدٍ عليها .
( و ) *!الوَتِدُ *!والوَتِدَةُ ( : الهُنَيَّةُ الناشِزَةُ في مُقَدَّمِ الأُذُنِ ) مثل الثؤْلُولِ تَلِي أَعْلَى العارِض مِن اللِّحْيَةِ ، وقيل : هو المُنْتَبِرُ ممَّا يَلِي الصُّدْغَ ، وهو مَجازٌ ، وفي الصّحاح : *!والوَتِدَانِ في الأُذُنَيْن اللذانِ في باطِنهما كأَنَّهُمَا وَتِدٌ ، وهما العَيْرَانِ أَيضاً .
( ج ) الكُلّ ( أَوْتَادٌ ) .
( *!ووَتِدٌ *!واتِدٌ ، تأْكيدٌ ) أَي ثابتٌ رَأْس مُنْتَصِبٌ ، قال أَبو عُبَيْد : هو من بابِ ( شِعْرٌ شَاعِرٌ ) على النَّسَب .
( و ) من المَجاز ( *!أَوْتَادُ الأَرْضِ : جِبالُها ) ، لأَنها تُثَبِّتُها ، قال الله تعالى { وَالْجِبَالَ *!أَوْتَاداً } ( سورة النبأ ، الآية : 7 ) وقد *!وَتَدَ الله الأَرْضَ بالجِبَالِ *!وأَوْتَدَها ( *!وَوَتَّدَها ) .
( و ) الأَوْتَادُ ( من البِلاَدِ : رُؤَسَاؤُهَا ) .
( و ) الأَوْتَادُ ( من الفَمِ : أَسْنَانُه ) ، على التشبيه قال :
والفَرّ حَتَّى نَقِدَتْ *!أَوْتَادُهَا

____________________

(9/250)



استَعَارَ النَّقَدَ للمَوتِ ، وإِنما هو للأَسنانِ ، كما في اللسان .
( ، وَتَدَ الوَتِدَ *!يَتِدُهُ *!وَتْداً ) ، بفتح فسكون ، ( *!وتِدَةً ) كعِدَة ( : ثَبَّتَه ، *!كأَوْتَدَه ) ، وهاذه عن الصاغانيّ ، *!ووَتَّدَه *! تَوْتِيداً ، قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ يصف أَسَداً :
يُقَضِّمُ أَعْنَاقَ المَخَاضِ كأَنَّمَا
بِمَفْرَجٍ لَحْيَيْهِ الرِّتَاجُ *!المُوَتَّدُ
( *!وَوَتَدَ هو *!ووَتَّدَ ) كلاهما : ثَبَتَ ، ( والأَمْرُ منه : تِدْ ) ، كعِدْ ، ويقال : *!تِدِ الوَتِدَ يا *!وَاتِدُ ، *!وأَوْتِدْهُ ، والوَتِدُ *!مَوْتُودٌ .
( *!والمِيتَدَةُ : المِرْزَبَّةُ ) التي ( يُضْرَب بها الوَتِدُ ) ، وبِلا هاءٍ مُسْتَدْرَك على الجوهَريِّ ، ( و ) من المجاز : ( *!تَوْتِيدُ الذَّكَرِ : إِنْعَاظُه ) على التشبيهِ *!بالوَتِد حالَةَ تَصَلُّبِه .
( و ) عن الأَصمعيّ : وبأَعْلَى مُبْهِلِ المُجَيمِرِ ( *!الوَتِدَاتُ ) وهي ( جِبالٌ لبني عبدِ الله بنِ غَطَفَانَ ) ، وبأَعَالِيه أَسْفَلَ من *!الوَتِدَاتِ أَبَارِقُ إِلى سَنَدِهَا تُسَمَّى الأَثْوَارَ ، ( ويَوْمُهَا م ) أَي معروفٌ ، بين نَهْشَلٍ وهلال بن عامر .
( *!وواتدَةُ : ماءة ) .
( *!والوَتِدَةُ ) واحدةُ *!الوَتِدَات ( : ع بنَجْدٍ أَو بالدَّهْنَاءِ ) منها ، ( ولَيْلَتُهَا ، م ) مَعروفَةٌ ، ( وهي لبني تَمِيمٍ على بني عامرِ بن صَعْصَعَةَ ) ، قَتَلُوا ثمانِينَ رجُلاً من بني هِلاَلٍ ، قال ياقوت : وما أَظنّها إِلاّ التي قبْلَها ، وإِنما تلك جُمِعَتْ .
( ) ومما يستدرك عليه :
ذُو الأَوْتَادِ لَقَبُ فِرْعَوْنَ ، وقد جاءَ في التفسير أَنه كانت له جبَالٌ وأَوْتَادٌ يُلْعَبُ له بها ، ونقلَ شيَخُنَا عن الثعالِبِيّ في المُضَاف والمنسوبِ أَنه كانَ لِظُلْمِه وبَغْيِه يَأْمُر بمن يَغْضَب عليه *!فيُوتَدُ في الأَرضِ بأَرْبَعَةِ أَوْتَادٍ .
____________________

(9/251)



والواتِدُ : الثابِتُ ، قال أَبو مُحَمَّدٍ الفَقْعَسِيُّ :
لاَقَتْ عَلَى المَاءِ جُذَيْلاً *!وَاتِدَا
وَلَمْ يَكُنْ يُخْلِفُهَا المَوَاعِدَا
ويقال : *!وَتَّدَ فُلانٌ رِجْلَه في الأَرْضِ إِذا ثَبَّتَهَا ، قال بَشَّارٌ :
وَلَقَدْ قُلْتُ حِينَ وَتَّدَ فِي الأَرْ
ضِ ثَسِيرٌ أَرْبَى عَلَى ثَهْلاَنِ
*!وَوَتَّدَ الرجُلُ في بَيْتِه : أَقَامَ وثَبَتَ ووَتَّدَ الزَّرْعُ : طَلَعَ نَبَاتُه فثَبَتَ وقَوِيَ .
ووَتَدُ النَّعْلِ : النَّاتِيىءُ مِنْ أُذُنِها .
وانْتَصَبَ كأَنَّهُ وَتِدٌ .
وهو أَذَلُّ مِن الوَتَدِ .
ومِنَ المَجاز : قَرْنٌ *!وَاتِدٌ : مُنْتَصِبٌ ، وقيل لأَعْرَابيَ : ما النَّطْشَانُ ؟ قال :*! يُوَتِّدُ العَطْشَان ، ورُوِيَ : شَيْءٌ *!نَتِدُ به كَلاَمَنَا ، كما في الأَساس .
وجد : ( *!وَجَدَ المَطلوبَ ) والشيْءَ ( كوَعَدَ ) وهاذَه هي اللغة المشهورة المتفق عليها ( و ) *!وَجِدَه مثل ( وَرِمَ ) غير مشهورة ، ولا تُعرَف في الدواوين ، كذا قاله شيخُنَا ، وقد وَجَدْت المصنِّفَ ذكَرَها في البصائر فقال بعد أَن ذَكَر المفتوحَ : *!ووَجِدَ ، بالكسر ، لُغَةٌ وأَورده الصاغانيّ في التكملة فقال : *!وَجِد الشَيءَ ، بالكسر ، لغة في وَجَدَه ( *!يَجدُه ، *!ويَجُدُهُ ، بضم الجيم ) ، قالَ شيخنا : ظاهره أَنه مُضارعٌ في اللغتينِ السابقَتين ، مع أَنه لا قائلَ به ، بل هاتان اللغتانِ في مُضارِعِ *!وَجَدَ الضالَّة ونَحْوها ، المَفْتوح ، فالكسر فيه
____________________

(9/252)


على القياس لُغَةٌ لجميعِ العَرَب ، والضمُّ مع حذفِ الواو لُغَة لبني عامرِ بن صَعْصَعَةَ ، ( ولا نَظِيرَ لَهَا ) في باب المِثَال ، كذا في ديوان الأَدب للفَارابيّ ، والمصباح ، وزاد الفيُّوميُّ : ووَجْه سُقُوطِ الواو على هاذه اللغةِ وُقوعُها في الأَصل بين ياءٍ مفتوحةٍ وكسرةٍ ، ثم ضُمَّت الجيم بعد سُقوط الواِ من غير إِعادتها ، لعدمِ الاعتداد بالعارِض ، ( *!وَجْداً ) ، بفتح فسكون ( *!وجِدَةً ) ، كعِدَة ، ( *!ووُجْداً ) ، بالضَّمّ ، ( *!ووُجُوداً ) ، كقُعُود ، ( *!ووِجْدَاناً *!وإِجْدَاناً ، بِكَسْرِهما ) ، الأَخِيرة عن ابن الأَعْرابيّ ( : أَدْرَكَه ) ، وأَنشد :
وآخَر مُلْتَاث يجُرُّ كِساءَه
نَفَى عَنْه *!إِجْدَانُ الرِّقِينَ المَلاَوِيَا
قال : وهاذا يَدُلّ على بَدَلِ الهمزة من الواوِ المسكورةِ ، كما قالوا إِلْدَة في وِلْدَة . واقتصر في الفَصيح على *!الوِجْدَان ، بالكسر ، كما قالوا في أَنَشَد : نِشْدَان ، وفي كتاب الأَبنيَة لابن القطّاع : *!وَجَدَ مَطْلوبَه *!يَجدَه *!وُجُوداً *!ويَجُدُه أَيضاً بالضمّ لُغَة عامِريّة لا نَظير لَهَا في باب المِثال ، قال لَبِيدٌ وهو عامِرِيٌّ :
لَمْ أَرَ مِثْلَكِ يَا أُمَامَ خَلِيلاَ
آبَى بِحَاجَتِنَا وَأَحْسَنَ قِيلاَ
لَوْ شِئْتِ قَدْ نَقَعَ الفُؤَادُ بِشَرْبَةٍ
تَدَعُ الصَّوادِيَ لا *!يَجُدْنَ غَلِيلاَ
بِالعَذْبِ مِنْ رَضَفِ القِلاَتِ مَقِيلَةً
قَضَّ الأَباطِحِ لاَ يزالُ ظَلِيلاَ
وقال ابْنُ بَرّيّ : الشِّعْرُ لِجَرِيرٍ وليس للبيدٍ ، كما زعم الجوهَرِيُّ . قلت : ومثله في البصائر للمُصَنِّف وقال ابن عُدَيْس : هاذه لُغَة بني عامرٍ ، والبيتُ للبيد ، وهو عامرِيٌّ ، وصرّحَ به الفرَّاءُ ، ونقله القَزَّاز في الجامع عنه ، وحكاها السيرافيُّ أَيضاً في كتاب الإِقناع ، واللِّحْيَانيُّ في نوادِرِه ، وكُلُّهم أَنشدوا البَيْتَ ، وقال الفَرَّاءُ : ولم نسمع لها بنَظِيرٍ ،
____________________

(9/253)


زاد السيرَافيّ : ويُروَى : *!يَجِدْن ، بالكسر ، وهو القياس ، قال سِيبويهِ : وقد قال ناسٌ من العرب وَجَد يَجُد ، كأَنهم حَذَفوها مِن يَوجُدُ ، قال : وهاذا لا يكادُ *!يُوجد في الكلام . قلت : ويفهم من كلام سيبويه هاذا أنها لُغَة في وَجعد بجميع معانِيهِ ، كما جَزَم به شُرَّاح الكتابِ ، ونقلَه ابنُ هِشَامٍ اللَّخميُّ في شَرْح الفَصِيح ، وهو ظاهرُ كلامِ الأَكثير ، ومقتضَى كلام المصنّف أَنها مقصورةٌ على مَعْنَى وَجَدَ المَطلوبَ ، ووَجَد عليه إِذا غَضِب ، كما سيأَتي ، ووافقَه أَبو جَعفر اللَّبْلِيّ في شَرْح الفصيحِ ، قال شيخُنَا : وجَعلُها عامَّةً هو الصواب ، ويدلُّ له البيتُ الذي أَنشدُوه ، فإِن قوله : ( لا يَجُدْن غَلِيلا ) ليس بشيْءٍ مما قَيَّدُوه به ، بل هو من *!الوِجْدَانِ ، أَو من معنَى الإِصابة ، كما هو ظاهر ، ومن الغريب ما نَقَلَه شيخُنَا في آخرِ المادّة في التنبيهات ما نَصُّه : الرابِع ، وقَعَ في التسهيل للشيخ ابن مالكٍ ما يقتضي أَن لُغَة بني عامر عامَّة في اللسان مُطْلقاً ، وأَنَّهُم يَضُمُّون مُضَارِعَه مُطْلَقاً من غيرِ قَيْدٍ *!بِوَجَدَ أَو غيرِه ، فيقولون *!وَجَد *!يَجُد ووَعَدَ يَعُدُ ، ووَلَدَ يَلُدُ ، ونَحْوها ، بضمّ المضارِع ، وهو عجيبٌ منه رحمه الله ، فإِن المعروف بين أَئمّة الصَّرْف وعُلماءِ العَربيَّةِ أَن هاذه اللغةَ العامريَّةَ خاصَّةٌ بهاذا اللفظ الذي هو*!وَجَدَ ، بل بعضُهم خَصَّه ببعضِ مَعَانِيه ، كما هو صَنِيعُ أَبي عُبيدٍ في المُصَنَّف ، واقتضاه كلامُ المُصَنِّف ، ولذالك رَدّ شُرَّاحُ التسهيل إِطلاقَه وتَعَقَّبُوه ، قال أَبو حَيَّان : بنو عامرٍ إِنما رُوِيَ عنهم ضَمُّ عَيْنِ مُضَارِعِ *!وَجَدَ خاصَّةً ، فقالوا فيه *!يَجُدُ ، بالضّمّ ، وأَنشدوا :
يَدَعُ الصَّوَادِيَ لاَ *!يَجُدْنَ غَلِيلاَ
على خلافٍ في رِوَايَةِ البيتِ ، فإِن السيرافيّ قال في شرح الكتاب : ويُرْوَى بالكسر ، وقد صرَّح الفارَابِيُّ وغيرُه بِقَصْرِ لُغَةِ بني عامرِ بن صَعْصَعَة على هاذه اللفظةِ ، قال : وكذا جَرَى عليه أَبو الحسن بن عصفور فقال : وقد شَذَّ عن فَعَل الذي فاؤه واوٌ لفظةٌ واحدةٌ ، فجاءَت بالضمّ ، وهي
____________________

(9/254)


*!وَجَدَ *!يَجُد ، قال : وأَصلُه *!يَوْجُد فحُذِفت الواو ، لكَون الضَّمَّة هنا شاذَّةً ، والأَصل الكسْر . قلت : ومثل هاذا التعليل صَرَّحَ به أَبو عليَ الفارسيُّ قال : *!ويَجُد كانَ أَصلُه *!يَوْجُد ، مثل يَوْطُؤُ ، لاكنه لما كان فِعْلٌ *!يُوْجَدُ فيه يَفْعِل ويَفْعُلُ كأَنَّهم توَهَّموا أَنه يَفْعَلُ ، ولما كان فِعْلٌ لا يُوجَد فيه إِلاَّ يَفْعِل لم يَصِحّ فيه هاذا .
( و ) وَجَدَ ( المالَ وغَيْره *!يَجِدُه *!وجْداً ، مثلَّثَةً *!وجِدَةً ) ، كعِدَةٍ ( : اسْتَغْنَى ) ، هاذه عبارةُ المُحْكَم ، وفي التهذيب يقال *!وَجْدَتُ في المال *!وُجْداً *!ووَجْداً *!ووِجْداً *!ووِجْدَاناً *!وجِدَةً ، أَي صرْتُ ذا مالٍ ، قال : وقد يُستعمل *!الوِجْدَانُ في *!الوُجْدِ ، ومنه قولُ العَرَب ( *!وِجْدَانُ الرِّقِينَ يُغَطِّي أَفَنَ الأَفِينِ ) . قلت : وجرى ثعلبٌ في الفصيح بمثْلِ عبارةِ التهذيبِ ، وفي نوادِر اللِّحْيَانيِّ : *!وَجَدْتُ المالَ وكُلّ شيْءٍ *!أَجِدُه *!وَجْداً *!ووُجْداً *!ووِجْداً *!وجِدَةً ، قال أَبو جعفر اللَّبْليُّ : وزاد اليزيديُّ في نوادِره *!ووُجُوداً ، قال : ويُقَال وَجَدَ بعد فَقْرٍ ، وافتقَرَ بَعْدَ *!وَجْدٍ . قلْت : فكلام المصنّف تَبَعاً لابنِ سيدَه يقتضِي أَنه يَتَعَدَّى بنفسِه . وكلام الأَزهريّ وثَعْلبٍ أَنه يتعدَّى بِفي ، قال شيخُنا : ولا منافاةَ بينهما ، لأَن المقصود *!وَجَدْتُ إِذا كان مَفْعُولُه المالَ يكون تَصريفُه ومصدَرُه على هذا الوَضْعه ، والله أَعلَم . فتأَمّل ، انتهى . وأَبو العباسِ اقتصرَ في الفصيح على قَوحلِه : *!وَجَدْت المالَ *!وُجْداً ، أَي بالضمّ *!وجِدَةً ، قال شُرَّاحُه : معناه : استَغْنَيْتُ وكَسَبْتُ . قلت : وزاد غيرُه وِجْدَاناً ، ففي اللسانِ : وتقول *!وَجَدْت في الغِنَى واليَسَارِ *!وُجداً *!ووِجْدَاناً .
( و ) وَجَدَ ( عَلَيْهِ ) في الغَضَب ( *!يَجِدُ *!ويَجُدُ ) ، بالوجهينِ ، هاكذا قاله ابنُ سِيدَه ، وفي التكملة : وَجَدَ عليه *!يَجُدُ لُغَة في *!يَجِدُ ، واقتصر في الفصيحِ على الأَوَّل ( *!وَجْداً ) بفتح فسكون ( *!وجِدَةً ) ، كعِدَةٍ ، ( *!ومَوْجِدَةً ) ، وعليه اقتصر ثعلبٌ ، وذكر الثلاثةَ صاحبُ الواعِي ، *!ووِجْدَاناً ، ذكرَه اللحيانيُّ
____________________

(9/255)


في النوادر وابنُ سِيدَه في نَصِّ عِبارته ، والعَجَب من المُصَنِّف كيف أَسْقَطَه مع اقتفائِه كلاَمه ( : غَضِبَ ) . وفي حديثِ الإِيمان : ( إِنِّي سائِلُكَ فلا *!تَجِدْ عَلَيَّ ) ، أَي لا تَغْضَبْ مِن سُؤَالي ، ومنه الحديث ( لم *!يَجِدِ الصائمُ على المُفْطِرِ ) وقد تَكَرَّر ذِكْرُه في الحديث اسْماً وفِعْلاً ومَصدَراً ، وأَنشدَ اللِّحيانيُّ قولَ صَخْرِ الغَيِّ :
كِلاَنَا رَدَّ صَاحِبَهُ بِيَأْسٍ
وتَأْنِيبٍ *!وَوِجْدَانٍ شَدِيدِ
فهاذا في الغَضَب ، لأَن صَخْرَ الغَيِّ أَيْأَسَ الحَمَامَةَ مِن وَلَدِهَا فَغَضِبَتْ عليه ، ولأَن الحمامةَ أَيأَسَتْه من وَلَده فغَضِبَ عليها ، وقال شُرَّاح الفصيحِ : وَجَدْتُ على الرَّجُلِ *!مَوْجِدَةً ، أَي غَضِبْتُ عليه ، وأَنا *!واجِدٌ عليه ، أَي غَضْبَانُ ، وحكَى القَزَّازخ في الجامِع وأَبو غالبٍ التَّيّانِيّ في المُوعب عن الفَرَّاءِ أَنه قال : سَمِعْت بعضَهم يقول : قد *!وَجِدَ ، بكسر الجيم ، والأَكثر فَتْحُهَا ، إِذا غَضِبَ ، وقال الزمخشريُّ عن الفراءِ : سَمِعْت فيه *!مَوْجَدَةً ، بفتح الجيم ، قال شيخُنَ : وهي غَرِيبَةٌ ، ولم يَتَعَرَّض لها ابنُ مالكٍ في الشَّواذِّ ، على كَثْرَةِ ما جَمَع ، وزادَ القَزَّازخ في الجامِع وصاحبُ المُوعب كِلاهُمَا عن الفَرَّاءِ *!وُجُوداً ، من *!وَجَدَ : غَضِبَ وفي الغريب المُصَنَّف لأَبي عُبَيد أَنه يقال : وَجَد *!يَجُد مِن *!المَوْجِدَة *!والوِجْدَانِ . جَمِيعاً . وحكى ذالك القَزَّازُ عن الفَرَّاءِ ، وأَنشد البيتَ ، وعن السيرافيّ أَنه رَوَاه بالكَسْرِ ، وقال : هو القياسُ ، قال شيخُنَا : وإِنما كانَ القِيَاسَ لأَنه إِذا انضَمَّ الجيمُ وَجَبَ رَدُّ الواوِ ، كقولِهم وَجُه يَوْجُه ، مِن الوَجَاهة ، ونَحْوه .
( و ) *!وَجَد ( به *!وَجْداً ) ، بفتح فسكون ، ( فِي الحُبِّ فَقَطْ ) ، وإِنه *!لَيَجِد بِفُلاَنَةَ *!وَجْداً شَديداً ، إِذا كانَ يَهْوَاها ويُحِبُّهَا حُبًّا شديداً ، وفي حديث وَفْد هَوَازِنَ قَوْلُ أَبي صُرَد ( ما بَطْنُها بِوَالِد ، ولا زَوجُها *!بِوَاجِد ) أَي أَنه لا يُحِبُّهَا ، أَوردَه أَبو جَعْفَر اللبلّى ، وهو في النهاية ، وفي المحكم : وقالتْ شاعِرَةٌ مِن العرب
____________________

(9/256)


وكَانَ تَزَوَّجَهَا رجُلٌ مِن غَيْرِ بَلَدِهَا فَعُنِّنَ عَنْهَا .
وَمَنْ يُهْد لي مِنْ مَاءٍ بَقْعَاءَ شَرْبَةً
فَإِنَّ لَهُ مِنْ مَاءِ لِينَةَ أَرْبَعَا
لَقَدْ زَادَنَا *!وَجْداً بِبَقْعَاءَ أَنَّنَا
*!وَجَدْنَا مَطَايَانَا بِلِينَةَ ظُلَّعَا
فَمَنْ مُبْلِغٌ تِرْبَيَّ بِالرَّمْلِ أَنَّنِي
بَكَيْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ لِعَيْنَيَّ مَدْمَعَا
تقول : من أَهْدَى لِي شَرْبَةَ ماءٍ مِن بَقْعَاءَ على ما هُوَ به مِنْ مَرَارَةِ الطَّعْمِ فإِن له مِن ماءِ لِينَةَ على ما هُوَ به مِن العُذُوبةِ أَرْبَعَ شَرَبَاتٍ ، لأَن بقْعَاءَ حَبِيبَةٌ إِليَّ إِذْ هِي بَلَدي ومَوْلِدي ، ولِينَةُ بَغِيضَةٌ إِليَّ ، لأَن الذي تَزَوَّجَنِي مِن أَهْلِها غيرُ مَأْمُونٍ عَلَيَّ . وإِنما تلك كِتابَةٌ عَنْ تَشَكِّيها لهاذا الرَّجُلِ حين عُنِّن عَنْهَا . وقولُها : لقد زَادَني ( تقول لقد زادني ) حُبًّ لِبَلْدَتِي بَقْعَاءَ هاذِهِ أَن هاذا الرجُلَ الذي تَزَوَّجَني من أَهلِ لِينَةَ عُنِّنَ عَنِّي ، فكانَ كالمَطِيَّةِ الظَّالِعَةِ لا تَحْمِلُ صاحِبَها ، وقولها : فَمَنْ مُبْلِغٌ تِرْبَيَّ البيت ، تقول : هَلْ مِن رَجُلٍ يُبْلِغُ صاحِبَتَيَّ بالرَّمْلِ أَنَّ بَعْلِي ضعُفَ عَنِّي وعُنِّنَ فأَوْحَشَني ذالك إِلى أَنْ بَكَيْتُ حَتّى قَرِحَتْ أَجفانِي فزَالَتِ المَدَامِعُ ، ولم يَزُلْ ذالك الجَفْنُ الدَّامِعُ ، قال ابنُ سِيدَه ، وهاذه الأَبياتُ قَرَأْتُها على أَبِي العَلاءِ صاعِدِ بنِ الحَسَن في الكِتَاب المَوْسُوم بالفُصُوصِ .
( وَكَذَا في الحُزْنِ ولاكن بِكَسْرِ ماضِيه ) ، مُرَاده أَن *!وَجِدَ في الحُزْنِ مِثْل *!وَجَدَ في الحُبِّ ، أَي ليس له إِلاَّ مَصْدَرٌ واحِدٌ ، وهو *!الوَجْدُ ، وإِنما يخالفه في فِعْله ، ففِعل الحُبِّ مفتوح ، وفِعْل الحُزن مَكسورٌ ، وهو المراد بقوله : ولاكن بكسرِ ماضِيه . قال شيخُنا : والذي في الفصيح وغيرهِ من الأُمَّهات القديمةِ كالصّحاحِ والعَيْنه ومُخْتَصر العينِ اقتَصَرُوا فيه على
____________________

(9/257)


الفَتْح فقط ، وكلامُ المصنّف صَرِيحٌ في أَنه إِنما يُقال بالكَسْرِ فقطْ ، وهو غَرِيبٌ ، فإِن الذين حَكَوْا فيه الكَسْرَ ذَكَرُوه مع الفَتْح الذي وَقَعَتْ عليه كَلِمَةُ الجماهيرِ ، نَعمْ حَكَى اللَّحْيَانيُّ فيه الكسْرَ والضَّمَّ في كتابِه النوادِر ، فظَنَّ ابنُ سِيدَه أَن الفَتْحَ الذي هو اللغةُ المشهورةُ غير مَسمُوعٍ فيه ، واقتصر في المُحكمِ على ذِكْرِهما فقط ، دون اللغَةِ المشهورةِ في الدَّوَاوِين ، وهو وَهَمٌ ، انتهى . قلت : والذي في اللسانِ : ووَجَدَ الرَّجُلُ في الحُزْنِ *!وَجْداً ، بالفتح ، ووَجِدَ ، كِلاَهُمَا عن اللِّحيانيّ : حَزِنَ . فهو مُخَالِفٌ لما نَقَلَه شَيْخُنَا عن اللِّحْيَانيِّ من الكَسْرِ والضّمِّ ، فليتأَمَّل ، ثم قال شيخُنَا : وابنُ سيده خالَفَ الجُمْهُورَ فَأَسْقَطَ اللُّغَةَ المشهورَةَ ، والمُصَنِّف خالَف ابنَ سِيدَه الذي هو مُقْتَدَاه في هاذه المادَّةِ فاقتَصَر على الكَسْرِ ، كأَنَّه مُرَاعاةً لِرَدِيفه الذي هو حَزِنَ ، وعلى كُلِّ حالٍ فهو قُصُورٌ وإِخلالٌ ، والكَسْر الذي ذَكَرَه قد حكاه الهَجَرِيُّ وأَنشَدَ :
فَوَاكَبِدَا مِمَّا *!وَجِدْتُ مِن الأَسَى
لَدَى رَمْسِه بَيْنَ القَطِيلِ المُشَذَّب
قال : وكأَنَّ كَسْر الجِيمِ مِن لُغَتِه ، فتحَصَّل مِن مجموعِ كَلامِهم أَنَّ وَجَدَ بعنى حَزِن فيه ثلاثُ لُغَاتٍ ، الفتْح الذي هو المشهور ، وعليه الجمهور ، والكسْر الذي عليه اقتصر المُصَنَّف والهَجَرِيّ وغيرُهما ، والضمُّ الذي حكاه اللِّحيانيّ في نَوَادِرِه ، ونقلَهما ابنُ سِيده في المُحْكَم مقتَصِراً عليهما .
( والوَجْدُ : الغِنَى ، ويُثَلَّث ) ، وفي المحكم : اليَسَار والسَّعَةُ ، وفي التنزيلِ العزيز : { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مّن *!وُجْدِكُمْ } ( سورة الطلاق ، الآية : 6 ) وقد قُرِىء بالثلاث ، أَي في سَعَتِكم وما مَلَكْتُم ، وقال بعضُهم : مِن مَسَاكِنِكُم . قلت : وفي البصائر : قَرَأَ الأَعْرَجُ ونافِعٌ ويَحْيَى بن يَعْمُر وسَعيد بن جُبَير وطَاوُوس وابنُ أَبي عَبْلَة وأَبو حَيْوَةَ : ( مِنْ *!وَجْدِكُم ) ، بالفتح ، وقرأَ أَبو
____________________

(9/258)


الحَسن رَوْحُ بن عبد المُؤْمن : ( من وِجْدِكم ) بالكسر ، والباقُون بالضَّمّ ، انتهى ، قال شيخُنَا : والضمُّ أَفْصَح ، عن ابنِ خَالَوَيْه ، قال : ومعناه : من طَاقَتِكُم ووُسْعِكُم ، وحكَى هاذا أَيضاً اللّحيانيُّ في نَوَادِرِه .
( و ) الوَجْدُ ، بالفتح ( : مَنْقَعُ الماءِ ) ، عن الصاغانيِّ ، وإِعجام الدال لغةٌ فيه ، كما سيأْتي ( ج *!وِجَادٌ ) ، بالكسر .
( *!وأَوْجَدَه : أَغْنَاهُ ) .
وقال اللِّحيانيُّ : *!أَوْجَدَه إِيَّاه : جَعَلَه *!يَجِدُه .
( و ) *!أَوْجَدَ الله ( فُلاناً مطلُوبَهُ ) ، أَي ( أَظْفَرَهُ به ) .
( و ) أَوْجَدَه ( عَلى ) الأَمْرِ : أَكْرَهَهُ وأَلْجَأَه ، وإِعجام الدَّال لُغَةٌ فيه .
( و ) أَوْجَدَهُ ( بَعْدَ ضُعْفٍ : قَوَّاهُ ، *!كآجَدَه ) والذي في اللسان : وقالُوا : الحَمْدُ لله الذي *!-أَوْجَدَني بَعْدَ فَقْر ، أَي أَغْنَاني ، *!-وآجَدَنِي بَعْدَ ضَعْف ، أَي قَوَّانِي .
( و ) عن أَبي سعيدٍ : ( *!تَوَجَّدَ ) فلانٌ ( السَّهَرَ وغَيْرَه : شَكَاهُ ) ، وهم لاَ *!يَتَوَجَّدُونَ سَهَرَ لَيْلِهم ولا يَشْكُونَ ما مَسَّهم مِنْ مَشَقَّتِه .
( *!والوَجِيدُ : ما اسْتَوَى من الأَرْضِ ، ج *!وُجْدَانٌ ، بالضَّمّ ) ، وسيأْتي في المُعجَمَة .
( *!ووُجِدَ ) الشيْءُ ( مِن العَدَمِ ) ، وفي بعضِ الأُمّهات : عن عَدَمِ ، ومثلُه في الصَّحاح ( كعُنِيَ ، فهو *!مَوجودٌ ) : حُمَّ ، فهو مَحْمُومٌ ، ( ولا يُقَال : *!وَجَدَه الله تعالى ) ، كما لا يُقَال : حَمَّه الله ، ( وإِنما يقال : *!أَوْجَدَه الله تَعَالى ) وأَحَمَّه ، قال الفَيُّومِيّ : *!الموجود خِلافُ المَعْدُومِ ، *!وأَوْجَد الله الشيْءَ من العَدَمِ *!فوُجِدَ فهو *!مَوْجُود ، من النَّوادِر ، مثْل أَجَنَّه الله فجُنَّ فهو مَجْنُونٌ ، قال شيخُنا : وهاذا البابُ من النوادرِ يُسَمِّيه أَئمّةُ الصَّرْفِ والعَربيَّةِ بابَ أَفْعَلْتُه فهو مَفْعُولٌ ، وقد عَقَدَ له أَبو عُبَيْدٍ بَاباً مُستقِلاًّ في كتابِه الغَرِيب المُصَنَّف وذكر فيه أَلفاظاً منها : أَحَبَّه فهو مَحْبُوبٌ . قلت : وقد سبق البَحْثُ فيه في مواضِعَ مُتَعَدِّدةٍ في ح ب ب .
____________________

(9/259)



و س ع د ، و ن ب ت ، فراجِعْه ، وسيأْتي أَيضاً .
( ) ومما يستدرك عليه :
الواجِدُ : الغَنِيُّ قال الشاعِر :
الحَمْدُ لِلَّهِ الغَنِيِّ *!الوَاجِدِ
وفي أَسماءِ الله تعالى : الواجِدُ ، هو الغَنِيُّ الذي لا يَفْتَقِر .
وقد وَجَدَ يَجِدُ *!جِدَةً ، أَي استَغْنَى غِنًى لا فَقْرَ بَعْدَه ، قاله ابنُ الأَثير ، وفي الحديث ( لَيُّ *!الوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وعِرْضَهُ ) أَي القادِر على قَضَاءِ دَيْنِه ، وفي حديثٍ آخَرَ ( أَيُّهَا النَّاشِدُ ، غَيْرُك الوَاجِدُ ) مِنْ وَجَدَ الضّالَّةَ *!يَجِدُهَا .
*!وتَوَجَّدْتُ لِفُلانٍ : حَزِنْتُ له .
واستَدْرَك شيخُنَا :
*!الوِجَادَةَ ، بالكسر ، وهي في اصْطِلاح المُحَدِّثين اسمٌ لما أُخِذ من العِلْمِ مِن صَحِيفَةٍ مِن غَيْرِ سَمَاعٍ ولا إِجَازَةٍ ولا مُنَاوَلَةٍ ، وهو مُوَلَّدٌ غيرُ مَسموعٍ ، كذا في التقريبِ للنووي .
*!والوُجُدُ ، بضمتين ، جَمعُ *!واجِد ، كما في التَّوشيحِ ، وهو غَرِيبٌ ، وفي الجامع للقَزَّاز : يقولون : لم *!أَجْدِ مِن ذالك بُدًّا ، بسكون الجيم وكسْرِ الدال ، وأَنشد :
فَوَالله لَوْلاَ بُغْضُكُمْ ما سَبَبْتُكُمْ
ولاكِنَّنِي لَمْ أَجْدِ مِنْ سَبِّكُمْ بُدَّا
وفي المُفْردات للراغب : *!وَجَدَ الله : عَلِم ، حَيْثُمَا وقَعَ ، يعنِي في القُرآنِ ، ووافقَه على ذالك الزَّمَخْشَرِيُّ وغيرُه .
وفي الأَساس وَجَدْت الضَّالَّةَ ، *!وأَوْجَدَنِيه الله ، وهو *!واجِدٌ بِفُلانَةَ ، وَعَلَيْهَا ، *!ومُتَوَجِّدٌ .
*!وتَوَاجَدَ فُلانٌ : أَرَى مِن نَفْسِه *!الوَجْدَ .
*!ووَجَدتُ زَيْداً ذَا الحِفَاظِ : عَلِمْتُ .
*!والإِيجادُ : الإِنشاءُ من غير سَبقِ مِثَالٍ .
وفي كِتَاب الأَفْعَال لابنِ القطَّاع : *!وأُوْجِدَتِ النّاقَةُ : أُوثِقَ خَلْقُهَا .
تكميل وتذنيب :
قال شيخنا نقلاً عن شَرْحِ الفصيح لابنِ هشامٍ اللَّخميِّ :
____________________

(9/260)



وَجدَ له خَمْسَةُ مَعَانٍ ، ذَكرَ منها أَرْبَعَةً ولم يَذكر الخَامِس ، وهو : العِلْمُ والإِصابَةُ والغَضَبو الإِيسارُ وهو الاستغْنَاءُ ، والاهتمام وهو الحُزْن ، قال :
وهو في الأَوّل مُتَعَدَ إِلى مفعولينِ ، كقوله تعالى : { *!وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَى } ( سورة الضحى ، الآيتان : 7 و 8 ) .
وفي الثاني مُتَعدَ إِلى واحِدٍ ، كقولِه تعالى : { وَلَمْ *!يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفًا } ( سورة الكهف ، الآية : 53 ) .
وفي الثالثِ متَعدَ بحرْف الجَرِّ ، كقولِ *!وَجَدْت على الرَّجُلِ ، إِذا غَضِبْتَ عليه .
وفي الوجهين الأَخِيرَين لا يَتَعَدَّى ، كقولِك : وَجَدْت في المالِ ، أَي أَيْسَرْت ، ووَجَدْتُ في الحُزْن ، أَي اغْتَمَمْتُ .
قال شيخُنَا : وبقيَ عليه : وَجَدَ به ، إِذَا أَحَبَّه *!وَجْداً ، كما مَرَّ عن المُصنِّف ، وقد استدرَكه الفِهْرِيُّ وغيرُه على أَبي العَبَّاسِ في شَرْحِ الفصيح ، ثم إِن وَجَدَ بمعنى عَلِمَ الذي قال اللّخميّ إِنه بَقِيَ على صاحِبِ الفصيح لم يَذْكُر له مِثَالاً ، وكأَنّه قَصَدَ وَجَدَ التي هي أُخْتُ ظَنَّ ، ولذالك قال يَتَعَدَّى لِمَفْعُولينِ ، فيبقى وَجَدَ بمعنَى عَلِم الذي يتعدَّى لمعفولٍ واحِدٍ ، ذكرَه جمَاعَةٌ ، وقَرِيبٌ من ذالك كلامُ الجَلاَلِ في هَمْعِ الهَوَامِعِ ، وَجَدَ بمعنَى عَلِمَ يتعَدَّى لمفعولينِ ومَصْدَرُه *!وِجْدَانٌ ، عن الأَخْفَش ، *!ووُجُود ، عن السيرافيّ ، وبمعنى أَصَابَ يتعدَّى لواحِدٍ ، ومَصْدرُه ، وِجْدَانٌ ، وبمعنى اسْتَغْنَى أَو حَزِنَ أَو غَضِب لازِمَةٌ ، ومصدر الأَوَّل *!الوَجْد ، مثلّثة ، والثاني الوَجْدُ ، بالفتح ، والثالث المَوْجِدَة . قلت : وأَخْصَرُ من هاذا قولُ ابنِ القَطّاعِ في الأَفعال : *!وَجَدْتُ الشيْءَ *!وِجْدَاناً بعد ذَهَابِهِ وفي الغِنَى بَعْدَ الفَقْرِ *!جِدَةً ، وفي الغَضَبِ *!مَوْجِدَةً وفي الحُزْن *!وَجْداً حَزِنَ .
وقال المُصَنّف في البصائرِ نقلاً عن أَبي القاسم . الأَصبهانيّ .
*!الوُجُودُ أَضْرُبٌ ، *!وُجُودٌ بِإِحْدَى الحَوَاسِّ الخَمْسِ ، نحو *!وَجَدْتُ زَيْداً *!وَوَجَدْتُ طَعْمَه ورائحتَه وصَوتَه
____________________

(9/261)


وخُشُونَتَه ، *!ووجُودٌ بِقُوَّةِ الشَّهْوَةِ نحو *!وَجَدْتُ الشِّبَع ، ووُجُودٌ أَمَدَّه الغَضَبُ ، *!كوُجُودِ الحَرْبِ والسَّخَطِ ، ووُجُودٌ بالعَقْل أَو بِوسَاطَة العَقْلِ ، كمَعْرِفَة الله تعالى ، ومَعْرِفَة النُّبُوَّةِ . وما نُسِب إِلى الله تعالى مِن الوُجُود فبمَعْنَى العِلْمِ المُجَرَّدِ ، إِذ كان الله تعالَى مُنَزَّهاً عن الوَصْفِ بالجَوَارِحِ والآلاتِ ، نحو قولِه تَعالى : { وما *!وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين 2 } ( سورة الأعراف ، الآية : 102 ) وكذا المعدوم ، يقال على ضِدّ هاذه الأَوْجُه . ويَعبَّر عن التَمَكُّنِ من الشيءِ *!بالوُجُودِ نحو { فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ *!وَجَدتُّمُوهُمْ } ( سورة التوبة ، الآية : 6 ) أَي حَيْثُ رَأَيْتُمُوهُم ، وقوله تعالى : { 9 . 024 إن *!وجدت امرأة تملكهم } ( سورة النمل ، الآية : 23 ) ، وقوله : { *!وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ } ( سورة النمل ، الآية : 24 ) وقوله : { *!وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ } ( سورة النور ، الآية : 39 ) *!ووجود بالبصيرة ، وكذا قوله : { وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّا } ( سورة الأعراف ، الآية : 44 ) وقوله : { فَلَمْ *!تَجِدُواْ مَآء فَتَيَمَّمُواْ } ( سورة النساء ، الآية : 43 ) أَي إِن لم تَقْدِروا على الماءِ .
وقال بعضهم : *!المَوْجُودَات ثلاثةُ أَضْرُبٍ : *!مَوْجُودٌ لا مَبْدَأَ له ولا مُنْتَهَى ، وليس ذالك إِلاَّ البارِىءَ تَعالَى ، *!ومَوْجُودٌ له مَبْدَأٌ ومُنْتَهًى ، كالجَوَاجِرِ الدُّنْيَوِيَّة ، *!وموجودٌ له مَبْدَأٌ وليس له مُنْتَهًى ، كالنَّاسِ في النّشْأَةِ الآخِرِة ، انتهى .
قال شيْخنا في آخِر هاذه المادة ما نصُّه : وهاذا آخِرُ الجزءِ الذي بخطّ المُصَنّف ، وفي أَوّل الذي بَعْدَه : الواحد ، وفي آخر هاذا الجزءِ عَقِبَ قَوله : وإِنما يقال *!أَوجَدَه الله ، بخط المُصَنّف رَحمه الله تعالى ما نَصُّه : هاذا آخِرُ الجُزءِ الأَوَّل مِن نُسْخَةِ المُصَنِّف الثانِيَة مِن كِتَابِ القَامُوسِ المُحِيط والقَابُوس الوَسِيطَ في جَمْع لُغَاتِ العَرب التي ذَهَبَتْ شَماطِيطَ ، فَرغَ منه . مُؤَلِّفه مُحمد بن يَعْقُوب بن مُحمّد الفَيْرُوزَاباديّ في
____________________

(9/262)


ذِي الحِجَّة سنةَ ثمانٍ وسِتّينَ وسَبْعِمَائةٍ . انتهى من خطّه ، وانتهى كلام شَيْخِنَا .
قلت : وهو آخِر الجزءِ الثاني من الشَّرْحِ وبه يَكْمُل رُبْعُ الكِتَابِ ما عدَا الكلامَ على الخُطْبَة ، وعلى الله التيسيرُ والتَّسْيل في تمامه وإِكماله على الوَجْهِ الأَتَمِّ ، إِنّه بكُلّ شيْءٍ قدير ، وبكُلِّ فَضْل جَدير ، عَلَّقَه بِيَدِه الفَانِيَةِ الفَقيرُ إِلى مولاه عَزَّ شَأْنُه مُحمّد مُرْتَضَى الحُسَيني الزَّبيدِيُّ ، عُفِيَ عَنه ، تَحرِيراً في التاسِعَة مِن لَيْلَةِ الاثْنَيْنِ المُبَارَكِ عاشِر شهرِ ذِي القِعْدَةِ الحَرَامِ من شهور سنة 1181 خُتِمَتْ بِخَيْرٍ ، وذالك بِوكالة الصَّاغَةِ بمصر .
قال مُؤَلِّفه : بلَغ عِرَاضُهُ على التَّكْمِلَة للصاغانيّ في مَجالِسَ آخِرُها يوم الاثنين حادِي عَشَرَ جُمَادَى سنة 1192 ، وكتبه مُؤَلِّفه محمد مرتضى ، غَفعر له بمَنِّه .
وحد : ( *!الوَاحِدُ : أَوَّلُ عَدَدِ الحِسَابِ ) . وفي المصباح : الوَاحِدُ : مُفْتَتَحُ العَدَدِ . ( وقد يُثَنَّى ) . أَنشَد ابنُ الأَعْرَابِيّ .
فَلَمَّا الْتَقَيْنَا *!وَاحِدَيْنِ عَلَوْتُهُ
بِذِي الكَفِّ إِنِّي لِلْكُمَاةِ ضَرُوبُ
وقد أَنكَر أَبو العباس تَثْنِيَتَه ، كما نَقلَه عنه شيخُنا . قلت : وسيأْتي قريباً ، ومَرَّ للمصنِّف بِعَيْنِه في أَح د ، ( ج *!واحِدُونَ ) ، ونَقَلَ الجَوهرِيُّ عن الفَرَّاءِ يقال : أَنتم حَيٌّ *!واحِدٌ وحَيٌّ واحِدُونَ ، كما يُقَال شِرْذِمَةٌ قَليلونَ ، وأَنشد للكميت :
فَضَمَّ قَوَاصِيَ الأَحْياءِ مِنْهُمْ
فَقَدْ رَجَعُوا كَحَيَ *!وَاحِدِينَا
( و ) الواحد ( : المُتَقَدِّم في عِلْم أَو بَأْسٍ ) أَو غَيْرِ ذالك ، كأَنه لا مِثْلَ له ، فهو *!وَحْدَه لذلك ، قال أَبو خِرَاشٍ .
أَقْبَلْتُ لا يَشْتَدُّ شَدِّى وَاحِدٌ
عِلْجٌ أَقَبُّ مُسَيَّرُ الأَقْرَابِ
____________________

(9/263)



( ج *!وُحْدَانٌ *!وأُحْدانٌ ) ، كرَاكبٍ ورُكْبَان ، ورَاعٍ ورُعْيَانٍ ، قال الأَزهريُّ : يقال في جَمْعِ الواحدِ أُحْدَانٌ ، والأَصْل وُحْدَانٌ ، فقُلِبت الواوُ هَمْزةً لانْضِمامِها ، قال الهُذَلِيُّ :
يَحْمِي الصَّرِيمَةَ *!أُحْدَانُ الرِّجَاله لَهُ
صَيْدٌ ومُجْتَرِيُّ بِاللَّيْلِ هَمَّاسُ
طَارُوا إِلَيْهِ زُرَافَاتٍ *!وَأُحْدَانَا
فقد يجوز أَن يَعْنَى : أَفْرَاداً ، وهو أَجْوَدُ ، لقوله : زُرَافَات ، وقد يَجُوز أَن يَعْنِيَ به الشُّجْعَانَ الذين لا نَظِيرَ لهم في البَأْسِ .
( و ) الواحِدُ ( بمَعنَى الأَحَدِ ) ، همزتُه أَيضاً بَدَلٌ من الواو ، وروَى الأَزهَرِيُّ عن أَبي العبّاسِ سُئلِ عن *!الآحاد أَهِي جَمْعُ *!الأَحَدِ ؟ فقال : معاذَ الله ، ليس *!للأَحَدِ جَمْعٌ ، ولكن إِن جُعِلَتْ جَمْعَ الواحِد فهو مُحْتَمَلٌ مثلُ شَاهِدٍ وأَشْهَادٍ ، قال : وليس للواحِدِ تَثْنِيَة ولا للاثْنينِ واحِدٌ مِن جِنْسِه ، وقال أَبو إِسحاقَ النحويُّ : *!الأَحَدُ أَصلُه *!الوَحَدُ ، وقال غيرُه : الفَرْقُ بين*! الوَاحِد *!والأَحَدِ أَن *!الأَحَدَ شيْءٌ بُنِيَ لِنَفْيِ ما يُذْكَر مَعَه مِن العَدَده ، والواحِدُ اسمٌ لمُفْتَتَحِ العَددِ ، *!وأَحَدٌ يَصْلُح في الكلامِ في مَوْضِع الجُحُودِ ، وواحِدٌ في موضِع الإِثباتِ ، يقال : ما أَتاني منهم أَحَدٌ ، فمعناه : لا *!وَاحِدٌ أَتَانِي ولا اثنانِ ، وإِذا قلتَ جاءَني منهم واحِدٌ ، فمعناه أَنه لم يَأْتِنِي منهم اثنانِ ، فهذا حَدُّ الأَحَدِ ، ما لم يُضَفْ ، فإِذا أُضيف قَرُبَ من مَعْنَى الواحِدِ ، وذالك أَنك تقولُ : قال أَحَدُ الثلاثةِ كَذَا وكَذَا ، وأَنت تُرِيد واحِداً من الثلاثةِ ، والواحِدُ بُنِيَ على انْقِطَاعِ النَّظِيره وعَوَزِ المِثْلِ ، *!والوَحِيدُ بُنِيَ عَلَى *!الوَحْدَةِ والانْفِرَادِ عن الأَصْحابِ مِنْ طَرِيقِ بَيْنُونَتِه عنْهمْ .

تابع كتاب ( وَحدَ ، كعَلِمَ وكَرُمُ ، يَحِدُ ، فيهما ) قال شيخُنَا : كِلاَهما مما لا نَظِيرَ له ، ولم يَذْكُرْهُ أَئمَّةُ اللغة
____________________

(9/264)


والصَّرْفِ فإِن *!وَحِدَ كعَلِم يَلحَقُ بباب وَرِث ، ويُسْتَدْرَك به على الأَلفاظِ التي أَوْرَدَهَا الشيخُ ابنُ مالكٍ في مُصَنَّفاتِه الكافِيَةِ والتَّسْهِيلِ ، وأَشارَ إِليها في لامِيَّةِ الأَفعال الثمانِيَة ، واسْتَدْرَك الشيخُ بَحْرَقٌ في شَرْحِها عليه أَلفاظاً مِن القَاموس ، وأَغْفَلَ هاذا اللفْظَ ، مع أَنَّه أَوْضَحُ مما استدْرَكه عليه لوْ صَحَّ ، لأَن تلك فيها لُغاتٌ تُخَرَّجُ على التَّداخُلِ ، وأَما هاذا فهو من بابِها نَصًّا على ما قاله ، ولو وَزَنَه بِوَرِث لكان أَقْرَب للصِّنَاعَةِ ، وأَجْرَى عَلى قَوَاعِدِه ، وأَمَّا اللُّغَةُ الثانِيَةُ فلا تُعْرَف ، ولا نَظِير لَها ، لأَن فَعُلَ بالضمّ قد تَقَرَّرَ أَنّ مُضَارِعه إِنما يكون على يَفْعُل بالضَّمّ ، وشذَّ منه لَبُبَ ، بالضم ، يَلْبَبُ ، بالفتح ، ومع ذالك أَنْكَرُوه وقالوا هو من التَّدَاخُلِ ، كما ذَكَرْنَا هنالك ، أَمَّا فَعُلَ بالضمّ يَكونُ مُضارِعه يَفْعِل ، بالكسر ، فهاذا من الغرائب التي لم يَقُلْهَا قائِلٌ ، ولا نقَلَهَا ناقِلٌ د نعم وَرَدَ عَكْسُه ، وهو فَعِل ، بالكسر ، يَفعُلُ بِالضم ، في فَضِلَ ، بِالكسر ، يَفْضُل ، بالضمّ ، ونَعِمَ يَنْعُمُ لا ثالث لهما ، كما قاله ابنُ القُوطِيَّةِ ، وغِيرُه ، فَصَوَّبَ الأَكثرونَ أَنه من التَّدَاخُل ، وبما قَررنَاه يُعْلَم أَن كلامَ المُصنِّف فيه مُخَالَفعةٌ لكلامِ الجُمهورِ مِن وُجوه ، فتَأَمَّلْ ، وفي المحكم *!وَحِدَ *!ووَحُدَ ( *!وَحَادَةً ) ، كسَحَابَةٍ ( *!ووُحُودَةً *!ووُحُوداً ) ، بضمهما ، ولم يذكرهما ابنُ سِيدَه ، ( *!ووَحْداً ) ، بفتح فسكون ، ذكرَه ابنُ سيده ، ( *!ووُحْدَةً ) بالضمّ ، لم يذكره ابنُ سيده ، (*! وحِدَةً ) كعِدَة ، ذكره ابنُ سِيده ( : بَقِيَ مُفْرَداً ، *!كتَوَحَّدَ ) . والذي يَظهر لي أَن لفظة ( فيهما ) يَجِب إِسقاطُها فيعتَدِلُ كلامُ المنصِّف ويُوافِقُ الأُصولَ والقواعِدَ ، وذالك لأَن اللغتين ثابِتتانِ في المُحْكم ، وفي التكملة *!وَحدَ *!ووَحُدَ ، ونَظَّرَه الصاغانيُّ فقال : وكذالك فَرِدَ وَفَرُدَ ، وَفَقِهَ وفَقُهَ ، وسَقِمَ وسَقُمَ ، وسَفِهَ وسَفُهَ . قلت : وهو نصُّ اللِّحيانيّ في نوادِرِه ، وزاد : فَرِعَ وفَرُعَ وحَرِضَ وحَرُضَ ، وقال في تفسيره : أَي بَقِيَ *!وَحْدَه ، انتهى ، فتأَمَّلْ ، وفي حديث ابنِ
____________________

(9/265)


الحَنْظَلِيَّةِ ( وكان رَجُلاً *!مُتَوَحِّداً ) أَي مُنْفَرِداً لا يُخَالِط الناسَ ولا يُجَالِسهم .
( *!ووَحَّدَه *!تَوْحِيداً : جعَلَه *!وَاحِداً ) ، وكذا أَحَّدَهُ ، كما يُقَال ثَنَّاهُ وثَلَّثَه ، قال ابنُ سِيده : ( ويطَّرِدُ إِلى العَشَرةِ ) عن الشيبانيّ .
( ورجُلٌ *!وَحَدٌ *!وأَحَدٌ مُحَرَّكتينِ ، *!ووَحِدٌ ) ، ككَتِفٍ ، ( *!ووَحِيدٌ ) ، كأَميرٍ ، ووَحْدٌ ، كعَدْلٍ ، ( *!ومُتَوَحِّدٌ ) ، أَي ( مُنْفَرِدٌ ) ورَجُلُ *!وَحِيدٌ : لا أَحَدَ مَعَه يُؤْنِسُه ، وأَنكر الأَزهريُّ قولهم رَجُلٌ *!أَحَدٌ ، فقال : لا يُقَال رَجُلٌ أَحَدٌ ولا دِرْهَمٌ أَحَدٌ ، كما يقال رَجُلٌ واحِدٌ ، أَي فَرْدٌ ، لأَن *!أَحَداً مِن صفاتِ الله عَزَّ وجَلَّ التي استَخْلَصها لِنَفْسه ولا يَشْرَكُه فيها شيءٌ ، وليس كقولك : الله وَاحِدٌ وهاذا شيءٌ واحِدٌ ، ولا يقالُ شَيْءٌ أَحَدٌ وإِن كانَ بعضُ اللغويِّينَ قال : إِن الأَصْل في *!الأَحَدِ *!وَحَدٌ . ( وهي ) ، أَي الأُنْثَى ( *!وَحِدَةٌ ) ، بفتح فكسر فقط ، وذا عَدَلَ عن اصطلاح وهو قولُه وهي بِهاءٍ ، لأَنه لو قال ذالك لاحْتَمَل أَو تَعَيَّن أَن يَرْجِعَ للأَلفاظ التي تُطْلَق على المُذَكَّر مُطْلَقاً ، قاله شيخُنا ، قلت : وهاذا حكاه أَبو عَلِيَ في التَّذْكِرَةِ ، وأَنشد :
كَالبَيْدَانَةِ *!الوَحِدَهْ
قال الأَزهريُّ ) وكذالك فَرِيدٌ وفَرَدٌ وفَرِدٌ .
( *!وأَوْحدَه للأَعْدَاءِ : تَرَكَه ، و )*! أَوْحَدَ ( الله تَعَالَى جانِبَه ، أَي بَقِيَ *!وَحْدَه ، و ) في الأَساس : *!أَوْحَدَ الله ( فلاناً : جَعَلَه *!واحِدَ زَمَانِه ) ، أَي بِلا نَظِيرٍ ، وفُلانٌ *!واحِدُ دَهْرِه ، أَي لا نَظِيرَ له ، وكذا *!أَوْحَدُ أَهلِ زَمانِه .
( و ) *!أَوْحَدَتِ ( الشَّاةُ : وضَعَتْ *!وَاحِدَةً ) ، مِثْل أَفَذَّتْ وأَفْرَدَتْ ، ( وهي *!مُوحِدٌ ) ومُفِذٌ ومُفْرِدٌ ، إِذا كانت تَلِدُ *!واحِداً ، ومنه حديثُ عائشةَ تَصِف عُمَر ، رضي الله عنهما ( لِلَّهِ أُمٌّ حفَلَتْ عليه ودَرَّتْ ، لقدْ أَوْحَدَتْ به ) ، أَي ولَدَتْه *!وَحِيداً فَرِيداً لا نَظِيرَ له .
( و ) يقال ( دَخَلُوا *!مَوْحَدَ مَوْحَدَ ،
____________________

(9/266)


بفتح الميمِ والحاءِ ، *!وأُحَادَ *!أُحادَ ، أَي ) فُرَادَى ( *!واحِداً واحدا ، مَعدولٌ عنه ) ، أَي عن واحِدٍ *!واحِدٍ اختصاراً ، قال سيبويهِ ، فَتَحُوا مَوْحَد إِذا كانَ اسْماً موضوعاً ليس بمصْدَرٍ ولا مَكَانٍ ، ويقال جاؤُوا مَثْنَى مَثْنَى *!ومَوْحَدَ *!مَوْحَدَ ، وكذالك جاؤُوا ثُلاثَ وثُنَاءَ وأُحَادَ ، وفي الصّحاح وقولُهم *!أُحَادَ *!ووُحَادَ *!ومَوْحَدَ ، غيرُ مَصرُوفاتٍ ، للتعْلِيلِ المذكورِ في ثُلاثَ .
( وَرَأَيْتُه ) ، والذي في المحكم : ومرَرْت به ( *!وَحْدَه ، مَصْدَرٌ لا يُثَنَّى ولا يُجْمَع ) ولا يُغَيَّرُ عن المصدَرِ ، وهو بمنزلة قولك إِفْرَاداً . وإِن لم يُتَكَلَّمْ به ، وأَصلُه *!أَوْحَدْتُه ، بِمرُوري *!إِيحاداً ، ثم حُذِفَتْ زِيَادَاتُه فجاءَ على الفِعْل ، ومثلُه قولُهم : عَمْرَكَ الله إِلاَّ فَعَلْتَ ، أَي عَمَّرْتُك الله تَعْمِيراً . ( و ) قال أَبو بكر : وَحْدَه مَنْصُوبٌ في جَمِيع كلامِ العَربِ إِلاَّ في ثلاثةِ مَواضِعَ تقول . لا إِله إِلاَّ الله وَحْدَه لا شَرِيكع له ، ومررْتُ بزيدٍ وَحْدَه وبالقَوْم وَحْدِي ، قال : وفي نَصْبِ وَحْدعه ثلاثةُ أَقوالٍ : ( نَصْبُه على الحَالِ ) ، وهاذا ( عند البَصْرِيِّينَ ) ، قال شيخُنا المدابِغِيّ في حَاشِيَةِ التحرير : وَحْدَه مَنْصُوبٌ على الحالِ ، أَي مُنْفَرِداً بذالك ، وهو في الأَصْلِ مَصْدَرٌ مَحْذُوفُ الزوائِد ، يقال *!أَوحَدْتُه *!إِيحاداً أَي أَفْرَدْتُه . ( لا عَلَى المَصْدَرِ ، وأَخْطَأَ الجَوْهَرِيُّ ) ، أَي في قولِه : وعند أَهلِ البَصْرَةِ على المَصْدَرِ في كُلِّ حالٍ ، كأَنك قُلْتَ أَوحَدْتُه بِرُؤْيتِي إِيحاداً ، أَي لمْ أَرَ غيرَه . وهاذه التَّخْطِئَةُ سبقَه بها ابنُ بَرِّيَ كما يأْتي النَّقْلُ عنه ، ( ويُونُسُ مِنْهُم يَنْصِبُهُ على الظَّرْف بإِسْقاطِ عَلَى ) ، *!فوحْدَه عنده بمنزِلَة ( عنْدَه ) ، وهو القولُ الثاني ، والقولُ الثالث أَنه مَنْصُوبٌ على المَصْدَرِ ، وهو قَوْلُ هِشَامٍ ، قال ابنُ بَرِّيَ عند قَولِ الجوهَرِيّ رأَيْتُه وَحْدَه مَنْصُوب على الظَّرْفِ عندَ أَهْلِ الكُوفَةِ وعِنْد أَهْلِ البَصْرَةِ على المَصْدَره ، قال : أَمَّا
____________________

(9/267)


أَهْلُ البَصْرَةَ فيَنْصِبُونَه على الحَالِ ، وهو عِنْدَهم اسمٌ واقِعٌ مَوْقِعَ المَصدَر المُنْتَصِب على الحالِ ، مثل جَاءَ زَيْدٌ رَكْضاً ، أَي راكِضاً ، قال : ومن البصريِّينَ مَن يَنْصِبه على الظَّرْفِ ، قال : وهو مَذْهَب يُونُسَ ، قال : فليس ذالك مُخْتَصًّا باكلُوفِيِّينَ كما زَععمَ الجوهَرِيُّ ، قال : وهاذا الفَصْلُ له بابٌ في كُتُب النَّحوِيِّينَ مُسْتَوفًى فيه بيَانُ ذالك ، ( أَوْ هُو اسْمٌ مُمَكَّنٌ ) ، وهو قول ابن الأَعرابيّ ، جعل وحده اسماً ومكَّنَه ، ( فيقال جَلَسَ وَحْدَه ، وعلى وَحْدِ ، و ) جلسَا ( عَلى*! وَحْدِهِمَا ، و ) على ( *!وَحْدَيْهِمَا ، و ) جَلسوا على ( *!وَحْدِهِم . و ) في التهذيب : *!والوَحْدُ ، خَفِيفٌ : *!حِدَةُ كُلِّ شَيْءٍ ، يقال : وَحَدَ الشيءُ فهو *!يَحِدُ *!حِدَةً ، وكلُّ شيْءٍ على *!حِدَة ( فَهو ثَانِي آخَرَ ) يقال : ( هاذا على *!حِدَتِه ) ، وهما على حِدَتِهما ، وهم على *!حِدَتِهِم . ( وعَلى *!وَحْدِه أَي *!تَوَحُّدِهِ ) . وفي حديث جابرٍ ودَفْنِ ابْنِه فَجَعَلَه في قَبْرٍ عَلَى *!حِدَةٍ ) أَي مُنْفَرِداً *!وَحْدَه ، وأَصْلُها من الواو فحُذِفَت من أَوَّلها وعُوِّضَتْ منها الهاءُ في آخِرِها ، كعِدَة وزِنَةٍ ، من الوَعْد والوَزْنِ .
*!وحِدَةُ الشيْءِ : تَوَحُّدُه ، قالَه ابنُ سيدَه ، وحكَى أَبو زيد : قُلْنَا هاذا الأَمْرَ *!وحْدِينا ، وقَالَتَاه *!وَحْدَيْهِمَا .
( *!والوَحَدُ مِن الوَحْشِ : *!المُتَوَحِّدُ ) .
( و ) الوَحَدُ ( : رَجُلٌ لا يُعْرَفُ نَسَبُه وأَصْلُه ) .
وقال الليثُ : الوَحَدُ : المُتَفَرِّدُ ، رَجُلٌ وَحَدٌ ، وثَوْرٌ وَحَدٌ ، وتَفْسِيرُ الرجُلِ الوَحَدِ أَن لا يُعْرَف لهُ أَصْلٌ ، قال النابِغَةُ :
بِذِي الجَلِيلِ عَلَى مُسْتَأْنِسٍ وَحَدِ
( *!والتَّوْحِيدُ : الإِيمانُ بالله *!وَحْدَه ) لا شَرِيكَ له . ( والله ) *!الوَاحِدُ ( *!الأَوْحَدُ ) الأَحَدُ ( *!والمُتَوَحِّدُ : ذُو *!الوَحْدَانِيَّةِ )
____________________

(9/268)


*!والتَّوَحُّدِ ، قال أَبو منصورٍ : الواحِدُ مُنْفَرِدٌ بالذّات في عَدَمِ المِثْلِ والنَّظِيرِ ، والأَحَدُ مُنْفَرِدٌ بالمعنَى ، وقيل : الوَاحِدُ : هو الذي لا يَتَجَزَّأُ ولا يُثنَّى ولا يَقْبَلُ الانْقِسَام ، ولا نظِيرَ له ولا مِثْلَ ولا يَجْمَعُ هاذَيْنِ الوَصْفَيْنِ إِلاَّ الله عَزَّ وَجَلَّ . وقال ابنُ الأَثيرُ : في أَسْمَاءِ الله تعالى الوَاحِدُ ، قال : هو الفَرْدُ الذي لم يَزَلْ وَحْدَه ، ولم يَكُنْ مَعَه آخَرُ ، وقال الأَزهريُّ ، والواحِدُ مِن صفاتِ الله تَعَالى مَعْنَاه أَنَّه لا ثَانِيَ له ، ويَجوز أَن يُنْعَتَ الشيْءُ بأَنَّه *!واحِدٌ ، فأَمَّا أَحَدٌ فلا يُنْعَتُ به غَيْرُ الله تَعالى ، لِخُلُوصِ هذا الاسمِ الشرِيفِ له ، جَلَّ ثَنَاؤه . وتقول : *!أَحّدْتُ الله *!ووَحَّدْتُه ، وهو *!الوَاحِدُ *!الأَحَدُ ، وفي الحديث ( أَن الله تَعَالَى لَمْ يَرْضَ *!بِالوَحْدَانِيَّةِ لِأَحَدٍ غَيْرِهُ ، شَرُّ أُمَّتِي *!-الوَحْدَانِيُّ المُعْجِبُ بِدِينِه المُرائِي بِعَمَلِه ) يريد *!-بالوَحْدَانيِّ المُفَارِقَ الجَمَاعَةِ المُتَفَرِّدَ بِنَفْسِهِ ، وهو منسوب إِلى الوَحْدَةِ : الانْفِرَاد ، بزيادة الأَلَفِ والنُّون للبمالغَةِ .
( وإِذَا رَأَيْتَ أَكَمَاتٍ مُنْفَرِدَاتِ ، كُلُّ واحِدَةٍ بائِنَةٌ ) ، كذا في النسخ ، وفي بعضها : نائِيَةٌ . بالنون والياءِ التَّحْتِيَّة ، ( عن الأُخْرَى فتِلْكَ *!مِيحَادٌ ) ، بالكسر ، ( و ) الجمعُ ( *!مَوَاحِيدُ ، و ) قد ( زَلَّتْ قَدَمُ الجَوهرِيُّ فقال : ) *!المِيحَادُ مِن *!الوَاحِدِ كالمِعْشَارِ مِن العَشَرَةِ ) ، هاذا خِلاَفُ نَصِّ عِبارته ، فإِنه قال : *!والمِيحَادُ من *!الواحِدِ كالمِعْشَارِ ، وهو جُزْءٌ *!واحِدٌ ، كما أَنَّ المِعْشَارَ عُشْرٌ . ثُمَّ بيَّنَ المُصَنِّف وَجْهَ الغَلَطِ فقال : ( لأَنَّه إِن أَرادَ الاشتقاقَ ) وبَيَانَ المَأْخَذِ ، كما هو المتبادِرُ إِلى الذَّهْنِ ( فَمَا أَقَلَّ جَدْوَاهُ ) ، وقد يقال : إِن الإِشارَةَ لِبَيَانِ مِثْلِه ليس ممَّا يُؤاخَذُ عليه ، خُصُوصاً وقد صَرَّح به الأَقْدَمُونَ في كُتبهم ، ( وإِن أَرادَ أَنَّ المِعْشَارَ عَشَرَةٌ ، كما أَنَّ *!المِيحَادَ فَرْدٌ فَرْدٌ ، فَغَلَطٌ ) ، وفي التكملة : فقد زَلَّ ، ( لأَنَّ المِعْشَارَ والعُشْرَ *!واحِدٌ مِنْ العَشَرَةِ ،
____________________

(9/269)


ولا يُقال في *!المِيحَادِ وَاحِدٌ مِن الواحِدِ ) هاكذا أَوْرَدَه الصاغانيُّ في تَكْمِلَته ، وقَلَّدَه المُصنِّف على عادَتِه ، وأَنْت خَبيرٌ بأَنَّ ما ذَكره المُصنِّف ليس مَفْهُومَ عِبَارَتِه التي سُقْنَاهَا عنه ، ولا يَقُولُ به قائلٌ فَضْلاً عن مثْل هاذا الإِمامِ المُقْتَدَى به عند الأَعلام .
( *!والوَحِيدُ : ع ) بِعَينِه ، عن كُرَاع ، وذكره ذُو الرُّمَّة فقال :
أَلاَ يَا دَارَ مَيَّةَ بِالوَحِيدِ
كأَنَّ رُسُومَها قِطَعُ البُرُودِ
وقال السُّكَّرِيّ : نَقاً بالدَّهْنَاءِ لبنِي ضَبَّةَ ، قاله في شَرْحِ قولِ جَريرٍ :
أَسَاءَلْتَ الوَحِيدَ وجَانِبَيْهِ
فَمَا لَكَ لاَ يُكَلِّمُكَ الوَحِيدُ
وذَكر الحَفْصِيُّ مَسافَةَ ما بَيْنَ اليَمَامَةِ والدَّهْنَاءِ ثم قال : وأَوَّلُ جَبَلٍ بالدَّهْنَاءِ يُقَال له الوَحيدُ ( وهو ) ماءٌ من ميَاه ( بنى ) عُقَيْل يُقَارب بلادَ بَنِي الحارث بن كَعْبٍ .
( *!والوَحِيدَانِ : مَاءَانِ بِبلادِ قَيْسٍ ) مَعْرُوفَانِ ، قاله أَبو منصورٍ ، وأَنشد غيرُه لابنِ مُقْبِلٍ :
فَأَصْبَحْنَ مِنْ مَاءٍ *!الوَحِيدَيْنِ نُقْرَةً
بِمِيزَانِ رَغْمٍ إِذْ بَدَا صَدَوَانِ
ويُرْوَى الوَجِيدَانِ ، بالجيم والحاءِ ، قاله الأَزْدِيُّ عن خالِدٍ .
( *!والوَحِيدَةُ : من أَعْرَاضِ المَدِينَة ) ، على مُشْرِّفها أَفضْلُ الصلاةِ والسلامِ ، ( بَيْنَها وبينَ مَكَّة ) زِيدَتْ شَرَفاً ، قال ابنُ هَرْمَةَ :
أَدَارَ سُلَيْمَى بِالوَحِيدَةِ فَالغَمْرِ
أَبِينِي سَقَاكِ القَطْرُ مِنْ مَنْزِلٍ قَفْرِ
( و ) يقال : ( فَعَلَه مِنْ ذاتِ *!حِدَتِه ، وعلى ذاتِ حِدَتِه ، ومن ذِي حِدَتِه ، أَي مِن ذاتِ نَفْسِه و ) ذاتِ ( رَأْيِه ) ، قاله أَبو زيد . ( و ) تقول : ذالك أَمْرٌ ( لَسْتُ فيه *!بِأَوْحَدَ ، أَي لا أُخَصُّ به ) ، وفي التهذيب : أَي لَسْتُ عَلَى *!حِدَةٍ ، وفي
____________________

(9/270)


الصحاح : ويقال : لَسْتُ في هاذا الأَمْرِ *!بأَوْحَدَ ، ولا يُقَال للأُنْثَى *!وَحْدَاءُ ، انتهى : وقيل : أَي لَسْتُ بِعَادِمٍ فيه مِثْلاً أَو عِدْلاف ، وأَنْشَدَنا شيخُنَا المَرحوم مُحمّد بن الطيِّب قال : أَنْشَدَنَا أَبو عبد الله مُحَمّد بن المسناويّ قال : مما قَالَه الإِمامُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه مُعَرِّضاً بأَنّ الإِمَامَ أَشْهَبَ رحمه الله يَتَمَنَّى مَوْتَه :
تَمَنَّى رِجَالٌ أَنْ أَمُوتَ فَإِنْ أُمُتْ
فِتِلْكَ سَبِيلٌ لَسْتُ فِيها *!بِأَوْحَدِ
فَقُلْ لِلَّذِي يَبْغِيْ خِلاَفَ الَّذِي مَضَى
تَهَيَّأْ لِأُخْرَى مِثْلِهَا فَكَأَنْ قَدِ
قلتُ : ويُجْمَع *!الأَوْحَدُ على أُحْدَانٍ ، مثل أَسْوَدَ وسُودَانٍ ، قال الكُمَيْت :
فَبَاكَرَهُ والشَّمْسُ لَمْ يَبْدُ قَرْنُهَا
*!بِأُحْدَانِه المُسْتَوْلِغَاتِ المُكَلِّبُ
يَعْنِي كِلابَه التي لا مِثْلُهَا كِلاَبٌ ، أَي هي واحِدَةُ الكِلابِ .
( و ) في المحكم : وفُلاَنٌ لا وَاحِدَ له ، أَي لا نَظِيرَ له .
ولا يَقُوم لهاذا الأَمْرِ إِلاص ابْنُ إِحْدَاها ، يقال : ( هو ابنُ إِحْدَاهَا ) ، إِذا كان ( كَرِيم الآباءِ والأُمَّهَاتِ مِن الرِّجَالِ والإِبِلِ ) ، وقال أَبو زيد : لا يَقُومُ بهاذا الأَمْرِ إِلاَّ ابنُ *!إِحْدَاها ، أَي الكَرِيمُ مِن الرِّجَالِ . وفي النوادر : لا يَستطِيعُها إِلاَّ ابنُ *!إِحْدَاتِها ، يعني إِلاَّ ابْنُ وَاحِدَة منها .
( *!وَوَاحِدُ *!الآحَادِ ) ، *!وإِحدى *!الإِحَدِ ، *!وواحد *!الأَحَدِينَ ، وأَن *!أَحَداً تَصغيره *!أُحَيْد ، وتَصْغِير *!إِحْدَى *!أُحَيْديَ مَرَّ ذكْرُه ( في أَ ح د ) واختار المُصنِّف تَبعاً لشيخِه أَبي حَيَّان أَن الأَحَد مِن مادة الوَحْدَة كما حَرَّرَه ، وأَن التفرِقَة إِنما هي في المعَاني ، وجَزَم أَقوامٌ بأَن الأَحَدَ من مادَّة الهَمزة ، وأَنه لا بَدَلَ ، قاله شيخُنا .
( ونَسَيجُ *!وَحْدِه ، مَدْحٌ . وعُيَيْرُ ) وَحْدِه ( وجُحَيْشُ وَحْدِه ) ، كلاهما ( ذَمٌّ ) ، الأَوَّل كأَمِيرٍ ، والاثنانِ بعْدَه تَصْغِيرُ عَيْرٍ وجَحْش ، وكذالك رُجَيْلُ وَحْدِه ، وقد ذَكرَ الكُلَّ أَهْلُ الأَمْثَال ، وكذالك المصنِّف ، فقد
____________________

(9/271)


ذَكَرَ كُلَّ كَلِمَةٍ في بَابِها ، وكُلُّهَا مَجَازٌ ، كما صَرَّحَ به الزمخشريُّ وغيرُه ، قال الليثُ : الوَحْدُ في كُلِّ شيْءٍ مَنصوبٌ جَرَى مَجْرَى المَصْدَرِ خارِجاً مِن الوَصْفِ ليس بِنَعْتٍ فيَتْبَع الاسْمَ ، ولا بِخَبَرٍ فيُقْصَد إِليه ، فكانَ النَّصْب أَوْلَى به ، إِلاّ أَنّ العَرعب أَضافَتْ إِليه فقالَتْ هو نَسِيجُ وَحْدِه ، وهما نَسِيجاً *!وَحْدِهما ، وهُمْ نَسِيجُو *!وَحْدِهم ، وهي نَسِيجَةُ *!وَحْدِهَا ، وهُنَّ نَسَائِجُ *!وَحْدِهِنَّ ، وهو الرَّجُلُ المُصِيبُ الرَّأْيِ ، قال : وكذالك قَرِيعُ وَحْدِه ، وهو الذي لا يُقَارِعُه في الفَضْلِ أَحدٌ . وقال هِشَامٌ والفَرَّاءُ : نَسِيجُ وَحْدِه ، وعُيَيْرُ وَحْدِه ، *!ووَاحِدُ أُمِّهِ ، نَكِرَاتٌ ، الدَّليلُ على هاذا أَنَّ العَرَب تقولُ : رُبَّ نَسِيجِ وَحْدِه قد رأَيْتُ ، ورُبَّ وَاحِدِ أُمِّه قَدْ أَسَرْت ، قال حاتِمٌ :
أَماوِيَّ إِنِّي رُبَّ وَاحِدِ أُمِّهِ
أَخَذْتُ وَلاَ قَتْلٌ عَلَيْهِ ولا أَسْرُ
وقال أَبو عُبَيْدٍ في قولِ عائشةَ وَوَصْفِها عُمَرَ ، رضي الله عنهما ( كَان والله أَحْوَذِيًّا نَسِيجَ وَحْدِه ) تَعْنِي أَنَّه لي له شِبْهٌ في رَأْيِه وجمِيعِ أُمورِه . قال : والعرب تَنْصِبُ وَحْده في الكلام كُلِّه لا تَرْفَعُه ولا تَخْفِضُه إِلا في ثَلاَثَةِ أَحْرُفٍ : نَسِيجُ وَحْدِه ، وعُيَيْرُ وَحْدِه ، وجُحَيْشُ وَحْدِه ، قال شَمِرٌ : أَمصا نَسِيجُ وَحْدِه فَمَدْحٌ ، وأَمّا جُحَيْشُ وَحْدِه وعُيَيْرُ وَحْدِه فمَوْضوعانِ مَوْضِعَ الذَّمِّ ، وهما اللذانِ لا يُشَاوِرَانِ أَحَداً ولا يُخَالِطَانِ ، وفيهما مع ذالك مَهَانَةٌ وضَعْفٌ ، وقال غيرُه : معنَى قَوْلِه نَسِيجُ وَحْدِه أَنَّه لا ثَانِيَ له ، وأَصْلُه الثَّوْبُ الذي لا يُسْدَى على سَدَاه لِرِقَّتِه غَيْرُهُ مِن الثِّيَابِ ، وعن ابنِ الأَعْرَابيّ : يقال : هو نَسِيجُ وَحْدِه وعُيَيْرُ وَحْدِه ورُجَيْلُ وَحْدِه ، وعن ابنِ السِّكِّيت : تقول : هاذا رَجُلٌ لا وَاحِدَ له ، كما تقول : هو نَسِيجُ وَحْدِه ، وفي حَدِيث عُمَرَ ( مَنْ يَدُلُّنِي عَلَى نَسِيجِ وَحْدِه ) .
____________________

(9/272)



( وإِحْدَى بَنَاتِ طَبَقٍ : الدَّاهِيَةُ ، و ) قيل ( : الحَيَّةُ ) سُمِّيَتْ بذالك لِتَلَوِّيها حتى تَصِيرَ كالطَّبَقِ .
( و ) في الصّحاح : ( بنُو *!الوَحِيدِ : قَوْمٌ من بني كِلاَب ) بن رَبيعةَ بن عامِرِ بن صَعْصَعَةَ .
( *!والوُحْدَانُ ، بالضمِّ : أَرْضٌ ) ، وقيل رِمَالٌ مُنْقَطَعَةٌ ، قال الراعي :
حَتَّى إِذَا هَبَطَ الوُحْدَانُ وَانْكَشَفَتْ
عَنْهُ سَلاَسِلُ رَمْلٍ بَيْنَها رُبَدُ
( *!وتَوَحَّدَه الله تَعالى بِعِصْمَتِه ) ، أَي ( عَصَمَه ولم يَكِلْهُ إِلى غَيْرِه ) . وفي التهذيب : وأَما قولُ الناسِ *!تَوَحَّدَ الله بالأَمْرِ وتَفَرَّدَ ، فإِنه وإِن كان صحيحاً فإِني لا أُحِبّ أَن أَلْفِظَ به في صِفَةِ الله تعالى في المَعْنَى إِلاَّ بما وَصَفَ بِه نَفْسَه في التَّنْزِيلِ أَو في السُّنَّةِ ، ولم أَجِد *!المُتَوَحِّدَ في صِفَاتِه ولا المُتَفَرِّدَ ، وإِنّمَا نَنْتَهِي في صِفَاته إِلى ما وَصَفَ به نَفَسَه ولا نُجَاوِزُهُ إِلى غيرِه لمَجَازِه في العَرَبِيَّةِ .
( ) ومما يستدرك عليه :
*!الأُحْدَانُ ، بالضَّمّ : السِّهَامُ الأَفْرَادُ التي لا نَظائرَ لها ، وبه فسّر قول الشاعِر :
لِنَهْنِىءْ تُرَاثِي لامْرِىءٍ غَيْرِ ذِلَّةٍ
صَنَابِرُ أُحْدانٌ لَهُنَّ حَفِيفُ
سَرِيعَاتُ مَوْتٍ رَيِّثَاتُ إِفَاقَةٍ
إِذَا مَا حُمِلْنَ حَمْلُهُنَّ خَفِيفُ
والصَّنابِر : السِّهَام الرِّقَاق وحكَى اللحيانيُّ : عَدَدْتُ الدَّرَاهِمَ أَفْراداً ووِحَاداً ، قال : وقال بعضُهم : أَعْدَدْت الدَّراهِمَ أَفرَاداً *!وَوِحَاداً ، ثم قال : لا أَدْرِي أَعْدَدْتُ ، أَمِنَ العَدَدِ أَم من العُدَّةِ .
وقال أَبو مَنْصُور : وتقول : بَقِيتُ *!وَحِيداً فَرِيداً حَرِيداً ، بمعنًى واحدٍ ، ولا يُقَال بقيتُ أَوْحَدَ ، وأَنت تُريدُ فَرْداً ، وكلامُ العَرَبِ يَجِىءُ على مَا بُنِيَ عليه وأُخِذَ عَنْهُمْ ، ولا يُعْدَّى به مَوْضِعُه ، ولا يَجُوز أَن يَتَكَلَّمَ به غيرُ أَهلِ المَعرِفة الراسخينَ فيه ،
____________________

(9/273)


الذين أَخَذُوه عن العَرَبِ أَو عمّن أَخَذَ عنهم من ذَوِي التَّمْييزه والثِّقَة .
وحكى سيبويهِ : *!الوَحْدَةُ في معنى *!التَّوَحُّدِ .
*!وتَوَحَّدَ بِرَأْيِهِ : تَفَرَّدَ به .
*!وأَوْحَدَه النَّاسُ : تَرَكُوه *!وَحْدَهُ ، وقال اللِّحْيَانيُّ : قال الكسائيُّ : ما أَنْتَ مِن الأَحَدِ ، أَي من الناسِ ، وأَنشد :
وَلَيْسَ يَطْلُبُنِي في أَمْرِ غَانِيَةٍ
إِلاَّ كعَمْرٍ و وَمَا عَمْرٌ و مِنَ الأَحَدِ
قال : ولو قَلْتَ : ما هُو مِنَ الإِنسانِ ، تُرِيد ما هُو مِن النَّاسِ ، أَصْبَتَ .
وبنو *!الوَحَدِ قَوْمٌ من تَغْلِبَ ، حكاه ابنُ الأَعْرَابيّ ، وبه فسّر قوله :
فَلَوح كُنْتُمُ مِنَّا أَخَذْنَا بِأَخْذِكُمْ
وَلاكِنَّهَا *!الأَوْحَادُ أَسْفَلُ سَافِلِ
أَراد بني الوَحَدِ من بني تَغْلِبَ : جعل كُلَّ *!واحِدٍ منهم *!أَحَداً .
وابنُ *!الوَحِيدِ الكاتبُ صاحِبُ الخَطِّ المَنْسُوبِ ، هو شَرَفُ الدينه محمد ابن شَرِيف بن يوسف ، تَرْجَمه الصَّلاَح الصَّفَدِيُّ في الوافي بالوَفَيَاتِ .
*!ووَحْدَةُ ، من عَمَلِ تِلِمْسَانَ ، منها أَبو محمد عبد الله بن سعيد *!-الوَحْديّ وَلِيَ قَضَاءَ بَلَنْسِيَةَ ، وكان من أَئِمَّة المالِكِيّةَ ، توفيِّيَ سنة 510 .
*!-والواحِدِيُّ ، معروف ، من المُفَسِّرِين .
وأَبو حَيَّان عليّ بن محمّد بن العبصاس التَّوْحِيدِيّ ، نِسبة لِنَوْعٍ من التَّمْرِ يقال له *!التَّوْحِيد ، وقيل هو المُرَاد من قَوْلِ المُتَنَبِّي :
هُوَ عِنْدِي أَحْلَى مِنَ التَّوْحِيدِ
وقيل : أَحْلَى مِن الرَّشْفَةِ الوَاحِدَةِ ، وقال ابنُ قاضِي شَهْبَة ، وإِنما قيل لأَبي حَيَّانَ : *!-التَّوْحِيديُّ ، لأَن أَباه كان يَبِيع *!التَّوْحِيدَ ببغدَادَ ، وهو نَوْعٌ من التَّمْر بالعِراقِ .
وواحِدٌ : جَبَلٌ لِكَلْبٍ ، قال عَمْرُو بنُ العَدَّاءِ الأَجْدَارِيُّ ثم الكَلْبِيُّ :
أَلاَ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً
بِإِنْبِطَ أَوْ بِالرَّوْضِ شَرْقِيَّ *!وَاحِدِ
____________________

(9/274)



بِمَنْزِلَةٍ جَادَ الرَّبِيعُ رِيَاضَهَا
قَصِيرٌ بِهَا لَيْلُ العَذَارَى الرَّوَافِدِ
وحَيْثُ تَرَى جُرْدَ الجِيَادِ صَوَافِناً
يَقُوِّدُهَا غِلْمَانُنَا بِالقَلائِدِ
كذا في المعجم :
تَذيِيل . قال الرّاغِبُ الأَصْبهانيّ في المُفْرَدَات : الواحِد في الحَقِيقَة هو الشيءُ الذي لا جُزْءَ له البَتَّهَ ، ثم يُطْلَقُ على كُلِّ موجودٍ حتى أَنَّه ما مِن عَدَدٍ أَلاَّ وَيَصِحُّ وَصْفُه به ، فيقال عَشَرَةً *!واحِدَةٌ ، ومائةٌ *!واحِدَةٌ ، *!فالوَاحِدُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ يُسْتَعْمَل على سِتَّةِ أَوْجُهٍ .
الأَوّل ما كان واحِداً في الجِنْسِ أَو في النَّوْعِ ، كقولِنا الإِنسان والفَرس واحِدٌ في الجِنْس وزَيْدٌ عَمْرٌ و واحِدٌ في النَّوْعِ .
الثاني ما كان *!واحِداً بالاتّصال ، إِما من حَيْثُ الخِلْقَةُ ، كقولك شَخْصٌ واحِدٌ ، وإِما من حيثُ الصّنَاعَةُ ، كقولك ( حِرْفَةٌ واحدة ) .
( الثالث ما كان واحِداً لِعَدَم نَظيرِه . إِما في الخِلْقَةِ . كقَولك ) الشَّمْسُ واحِدَةٌ ، وإِما في دَعْوَى الفَضِيلَة ، كقَولك فُلانٌ واحِدُ دَهْرِه و ( كقولك ) نَسِيجُ وَحْدِه .
الرابِع : ما كانَ واحِداً لاِمْتِنَاع التَّجَزِّي فيه ، إِمَّا لِصِغَرِه ، كالهَبَاءِ ، وإِما لِصَلاَبَتِه ، كالمَاسِ .
الخَامِس للمَبحدَإِ ، إِمّا لِمَبْدَإِ العَدَدِ ، كقولك واحِد اثنانِ وإِما لمبدإِ الخَطِّ ، قكولِك : النُّقْطَة الواحِدَة .
والوَحْدَة في كُلِّهَا عَارِضَةٌ ، وإِذا وُصِف الله عَزَّ وجَلَّ بالوَاحِدِ فمَعْنَاهُ هو الذي لا يَصِحُّ عَلَيْه التَّجَزِّي ، ولا التكثُّر .

تابع كتاب ولصُعوبةِ هاذه الوَحْدَةِ قال الله تعالى : { وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ } ( سورة الزمر ، الآية : 45 ) الآية ، هاكذا نقلَه المُصَنِّف في البصائر ، وقد أَسْقَطَ ذِكْرَ الثالِث
____________________

(9/275)


والسادِس فلعلَّه سَقَطَ من الناسِخ فليُنْظَرْ .
تَكميل :
التَّوْحِيدُ تَوْحِيدَانِ .
تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة ، *!وتَوْحِيدُ الإِلاهيَّة .
فصاحِبُ تَوْحِيد الرَّبَّانِيَّةِ يَشْهَد قَيُّومِيَّةَ الرَّبِ فَرْقَ عَرْشِه يُدَبِّرُ أَمْرَ عِبَادِه *!وَحْدَه ، فلا خالِقَ ولا رَازِقَ ولا مُعْطِيَ ولا مَانِعَ ولا مُحْيِيَ ولا مُمِيتَ ولا مُدَبِّرَ لأَمْرِ المَمْلَكَةِ ظَاهِراً وباطِناً غيرُه ، فما شاءَ كانَ ، وما لم يَشَأْ لم يَكُنْ ، ولا تَتَحَرَّكُ ذَرَّةٌ إِلاَّ بإِذْنِه ، ولا يَجُوز حادِثٌ إِلا بِمَشِيئَتِه ، ولا تَسْقُط وَرَقَةٌ إِلاَّ بِعِلْمِه ، ولا يَعْزُب عنه مِثْقَالُ ذَرَّةٍ في السَّماواتِ ولا في الأَرْضِ ولا أَصْغَرُ مِن ذالك ولا أَكْبَرُ إِلاَّ وقد أَحْصَاهَا عِلْمُه ، وأَحاطتْ بها قُدْرَتُه ، ونَفَذَتْ فيها مَشِئَتُه ، واقْتَضَتْهَا حِكْمَتُه .
وأَمّا تَوْحِيدُ الإِلاهِيَّة ، فهو أَن يُجْمِعَ هِمَّتَه وقَلْبَ وعَزْمَه وإِرادَتَه وحَرَكاتِه على أَداءِ حَقِّه ، والقيامِ بِعُبُودِيَّتِه . وأَنْشَدَ صاحِبُ المنَازِل أَبياناً ثلاثَةً ختَم بها كِتَابَه :
مَا *!وَحَّدَ الوَاحِدَ مِنْ وَاحِدٍ
إِذْ كُلُّ مَنْ وَحَّدَه جَاحِدُ
*!تَوْحِيدُ مَنْ يَنْطِقُ عَنْ نَفْسِهِ
عَارِيَةٌ أَبْطَلَهَا الوَاحِدُ
*!تَوْحِيدُهُ إِيَّاهُ تَوْحِيدُهُ
ونَعْتُ مَنْ يَنْعَتُه لاَحِدُ
وحاصِل كلامِه وأَحْسَنُ ما يُحْمَلُ عليه أَن الفَنَاءَ في شُهُودِ الأَزَلِيَّة ، والحُكْمِ يَمْحُو شُهُودَ العَبْدِ لِنَفْسِه وصِفَاتِ فَضْلاً عن شُهُودِ غَيْرِه ، فلا يَشْهَدُ مَوْجُوداً فاعِلاً على الحَقِيقَةِ إِلا الله وَحْدَه ، وفي هاذا الشُّهودِ تَفْنَى الرسُومُ كُلُّهَا ، فَيَمْحَقُ هاذا الشُّهُودُ مِن القَلْبِ كُلَّ مَا سِوَى الحَقِّ ، إِلاَّ أَنه يَمْحَقه مِن الوُجُودِ ، وحينئذٍ يَشْهَد أَنَّ التَّوْحِيدَ الحَقِيقيَّ غيرَ المُسْتَعَارِ هو تَوْحِيدُ الرَّبِّ تَعَالَى نَفْسِه ، وتَوْحِيدُ غَيْرِه له عارِيَةٌ محْضَةٌ أَعَارَهُ إِيَّاه مالِكُ المُلُوكِ ، والعَوَارِي مَرْدُودَةٌ إِلى مَن
____________________

(9/276)


تُرَدُّ إِليه الأُمُورُ كُلُّهَا . { ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقّ } ( سورة الأنعام ، الآية : 62 ) .
وقد استَطْرَدْنَا هاذا الكلامَ تَبرُّكاً به لئلا يَخْلُو كِتَابُنَا مِن بَرَكَاتِ أَسْرَارِ آثارِ التَّوْحيد ، والله يَقولُ الحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي سَوَاءَ السَّبِيلِ .
وخد : ( *!الوَخْدُ للبَعيرِ : الإِسراعُ ، أَو ) هو ( أَنْ يَرمِيَ بِقَوَائِمِه كمَشْيِ النَّعَامِ ، أَو ) هو ( سَعَةُ الخَطْوِ ) في المَشْيِ ، ومِثْلُه الخَدْيُ ، لُغَتَانِ ، أَقوالٌ ثَلاَثَةٌ ، وأَوْسَطُهَا أَوْسَطُها ، وهو الذي اقتصرَ عليه الجوهَريُّ وغيرُه ، ( *!كالوَخدَانِ ) بفتح فسكون كما في النُّسَخ الموجودَة والصواب مُحَرَّكَة ( *!والوَخِيدِ ، وقد *!وَخَدَ ) البَعِيرُ والظَّلِيمُ ( كوَعَدَ ) ، *!يَخِدُ ، *!ووَخَدَتِ النَّاقةُ قال النابِغَةُ :
فَمَا *!وَخَدَتْ بِمِثْلِكَ ذَاتُ غَرْبٍ
حَطُوطٌ في الزِّمامِ ولاَ لَجُونُ
( فهو ) ، أَي البَعيرُ ، ( *!واخِدٌ *!ووَخَّادٌ ) ، وكذالك ظَلِيمٌ*! وَخَّادٌ ، ( و ) ناقَةٌ ( *!وَخُودٌ ) كصَبُورٍ ، وأَنشَدَ أَبو عُبَيْدَةَ :
*!وَخُودٌ مِن اللاَّئِي تَسَمَّعْنَ بِالضُّحَى
قَرِيضَ الرُّدَافَى بِالغنَاءِ المُهَوِّدِ
قال شيخُنَا ، *!وبالوَخَدَانِ ذَكَرْت هُنا أَبْيَاتاً كَتَبَ بها الوَزِيرُ ابنُ عَبَّادٍ للإِمام أَبي أَحْمَدَ العَسْكَرِيِّ .
وَلَمَّا أَبَيْتُمْ أَنْ تَزُورُوا وقُلْتُمُ
ضَعُفْنَا فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَى *!الوَخَدَانِ
أَتَيْنَاكُمُ مِنْ بُعْدِ أَرْضٍ نَزُورُكُمْ
وَكَمْ مَنْزِلٍ بِكْرٍ لَنَا وَعَوَانِ
نُسَائِلُكُمْ هَلْ مِنْ قِرًى لِنَزِيلِكُمْ
بِمِلْءِ جُفُونٍ لا بِمِلْءِ جِفَانِ
فَكَتَبَ إِليه أَبو أَحْمدَ البَيْتَ المَشْهُورَ لِصَخْرٍ في أَبْيَاتِه :
أَهُمُّ بِأَمْرِ الحَزْمِ لَوْ أَسْتَطِيعُه
وقَدْ حِيلَ بَيْنَ العَيْرِ والنَّزَوَانِ
انظُرْه في تاريخ ابن خلِّكان .
____________________

(9/277)



( ) ومما يستدرك عليه :
*!وَخْدُ الفَرَسِ : ضَرْبٌ مِن سَيْرِه ، حكاه كُرَاع ، ولم يَحُدَّه .
وفي حديث خَيْبَر ، ذَكَرَ وَخْدَةَ ، بفتح فسكون ، قَرْيَة من قُرَى خَيْبرَ الحَصِينة ، بها نَخْلٌ .
ودد : ( *!الوُدُّ *!والوِدَادُ : الحُبُّ ) والصَّدَاقة ، ثم استُعِير للتَّمَنِّي ، وقال ابنُ سِيدَه : الوُدُّ : الحُبُّ يكون في جَمِيعِ مَدَاخِل الخَيْرِ ، عن أَبي زَيْد ، *!ووَدِدْتُ الشيءَ *!أَوَدُّ ، وهو من الأُمْنِيَّة ، قال الفَرَّاءُ : هاذا أَفْضَلُ الكلامِ ، وقال بعضهم : *!وَدَدْتُ ، ويَفْعَلُ منه *!يَوَدُّ لا غَيْرُ ، ذكَر هاذا في قوله : { يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ } ( سورة البقرة ، الآية : 96 ) أَي يَتَمَنَّى . وفي المفردات : الوُدُّ : مَحَبَّةُ الشيءِ وتَمَنِّي كَوْنِه ، ويُسْتَعْمَل ( في ) كُلِّ ( واحِدٍ ) من المَعْنيينِ .
وعَدَمُ تَعْرِيجِ المُصَنِّف عليه مع ذِكْرِه في الدَّوَاوِين المَشْهُورةِ غَرِيبٌ ( ويُثَلَّثَانِ ) ، ذَكَرَه ابنُ السيد في المُثلّث والقزَّازُ في الجامع ، وابنُ مالِكٍ ، وغيرُ واحد (*! كالوَدَادَةِ ) بالفتح كما يقتضيه الإِطلاق وظاهِره أَنه مَصْدَر *!وَدَّه إِذا أَحَبَّه ، لأَنَّه لم يَذْكُرْ غير هاذا المعنى ، وظاهر الصحاح أَنه مصدر *!وَدَّ أَن يفْعَلَ كذا ، إِذا تَمَنَّاه ، لأَنه إِنما ذَكَرَه في مَصادِرِه كالفويميّ في المصباح ، وكلام غيرِهم في أَنه يقال بالمعنيينِ ، وهو ظاهر ابن السيد وغيرِ ، والفَتْح كما قاله هؤلاءِ هو الأَكثرُ ، وهو الذي صَرَّح به أَبو زيدٍ في نَوادِرِه ، ونقل غيرُهُم الكَسْرَ وقالُوا : إِنّه يقال : *!وِدَادَةٌ أَيضاً ، بكسر الواو ، كما صرَّح به ابنُ السيد في المثلّث ، وحكى غيرُهم فيه . الضَّمَّ أَيضاً ، فيكون مُثَلَّثاً كالودِّ الودادِ ، قاله شيخُنَا . قلت : وفي الأَفعال لابنِ القطّاع : وَدِدْتُ الشيءَ *!وُدًّا *!ووَدًّا : أَحبَبْتُه ، ولو فَعل الشيءَ *!ودَادَةً ، أَي تَمنَّيْتُه ، هاذا كلامُ العَرب *!ووَادَّ فُلانٌ فُلاناً *!وِدَاداً *!ووِدَادَةً *!ووَدَادَةً فِعْلُ الاثنينِ .
____________________

(9/278)



فظهرَ منه أَن *!الوِدَاد ، بالكسر ، *!والوَدَادَةَ *!والوِدَادة بالفتح والكسر مصدرُ *!وَادَّه ، أَي باب المُفاعَلة أَيضاً ، فليُنظَرْ .
( *!والمَوَدَّةِ ) ، بالفتح ، كما يقتضيه الإِطلاق ، وفي بعض النُّسخ بالكسر ، فيكون من أَسماءِ الآلاتِ ، فاستعمالُه فيا لمصادِر شَاذٌّ ، وفي بعضِهَا بِكَسْر الواو كمَظِنَّة ، وهو في الظُّرُوفِ أَعْرفُ منه في المصادِرِ ( *!والمَوْدَدَةِ ) بفكّ الإِدغام ، بكسر الدال وبفتحها ، حكاه ابنُ سِيده والقَزّازُ في معنى الودّ ، وأَنشد الفَرّاءُ :
إِنَّ بَنِيَّ لِلئامٌ زَهَدَهْ
لاَ يَجِدُونَ لِصَدِيقٍ *!مَوْدَدَهْ
قال القَزَّاز : وهاذا من ضَرُورَةِ الشِّعْرِ ، ليس ممَّا يَجوزُ في الكلام ، وقال العَلاَّمَة عبد الدائم القَيْروانيُّ بِسَنده إِلى المُطرّز : *!وَدِدْتُه *!مَوْدِدَةً ، بكسر الدالِ ، هو أَحد ما جاءَ على مِثَال فَعِلْتُه مَفْعِلَة ، قال : ولم يأْت على هاذا المِثَال إِلاَّ هاذَا وقولُهم حَمِيتُ عليه مَحْمِيَةً ، أَي غَضِبْتُ عليه . كذا نقلَه شيخُنا ، وقال : ففيها شُذوذٌ من وَجْهَيْنِ : الكَسْر في المَفْعلة ، والفَكّ ، وهو من الضرائرِ ولا يَجوزُ في النَّثْرِ والسَّعَةِ ، كما نَصُّوا عليه .
( *!والمَوْدُودَةِ ) ، هاكذا في النُّسخة الموثوق بها ، وقد سَقطَتْ في بعضها ، ولم يتعرَّض لها أَئمَّةُ الغرِيبِ .
( و ) حكَى الزَّجَّاجيُّ عن الكسائيّ : ( *!وَدَدْتُه ) ، بالفتح . وقال الجوهَرِيُّ : تقولَ *!وَدِدْتُ لو تَفْعَل ذالك *!ووَدِدْتُ لو أَنَّك تَفْعَل ذالك *!أَوَدُّ *!وُدًّا *!ووَدًّا *!ووَدَادَةً ، *!وودَاداً ، تَمنَّيْتُ ، قال الشاعرُ :
*!وَدِدْتُ *!وِدَادَةً لَوْ أَنَّ حَظِّي
مِنَ الخُلاَّنِ أَنْ لا يَصْرِمُونِي
( *!وَوَدِدْتُه ) ، أَي بالكسر ، ( *!أَوَدُّه ) أَي بالفتح في المضارع ( فيهما ) ، أَمَّا في المَكْسُور فعلى القِيَاس ، وأَما في
____________________

(9/279)


المفتوح فعَلَى خِلاَفَهِ ، حكاه الكسائيُّ ، إذ لا يُفْتَح إِلاَّ الحَلْقِيُّ العِينِ أَو اللامِ ، وكِلاهما مُنْتَفٍ هُنا ، فلا وَجْهَ للفتْحِ ، وهاكذا في المصباح ، قال أَبو منصور : وأَنكَر البَصرِيُّون *!وَدَدْتُ ، قال : وهو لَحْنٌ عندهم ، وقال الزَّجَّاج : قد عَلِمْنَا أَنّ السكائيَّ لم يَحْكِ وَدَدْتُ إِلاَّ وقد سَمِعَه ولاكنّه سَمِعَه ممن لا يَكُونُ حُجَّةً ، قال شيخُنَا : وأَوْرَدَ المعنيينِ في الفصيحِ على أَنهما أَصْلاَنِ حَقِيقَةً ، وأَقَرَّه على ذالك شُرَّاحُه ، وقال اليَزيديُّ في نَوادره : وليس في شَيْءٍ من العَربيّة وَدَدْتُ مفتوحةً ، وقال الزمخشريُّ : قال الكسائيُّ وَحْدَه : وَدِدْتُ الرجُلَ ، إِذا أَحْبَبْتَه ، *!ووَدَدْتُه ، ولم يَرْوِ الفتحَ غيرُه . قلْت : ونقلَ الفَتْحَ أَيضاً أَبو جَعْفَر اللّبلّي في شرح الفصيح ، والقَزّاز في الجامع ، والصاغانيّ في التّكْملة ، كلهم عن الفَرَّاءِ .
( *!الوُدُّ أَيضاً : المُحِبُّ ، ويثَلَّثُ ) ، الفتحُ عن ابن جِنِّي ، يقال رَجُلٌ *!وُدٌّ ، *!ووَدٌّ ، *!ووِدٌّ ، وفي حديث ابنِ عُمَر ( أَنّ أَبَا هاذَا كَانَ *!وُدًّا لِعُمَر ) قال ابنُ الأَثير هو عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُه كانَ ذا *!وُدٍّ لِعُمَرَ ، أَي صَدِيقاً ، وإِن كانَت الواو مكسورةً فلا يُحْتَاج إِلى حَذْفٍ ، فإِن الوِدَّ بالكسرِ : الصدِيقُ ( *!كالوَدِيدِ ) فَعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ ، وفلانٌ *!وُدُّكَ *!وَودِيدُكَ .
( و ) *!الوُدُّ ، بالضمّ أَيضاً : الرجلُ ( : الكَثِيرُ الحُبِّ ) قال شيخُنَا : وهاذا لا يُنَافِي الأَوَّل ، بل هو كمُرَادِفِه ، (*! كالوَدُودِ ) ، قال ابنُ الأَثير : *!والوَدُودُ في أَسماءِ الله تَعالَى فَعُولٌ بمعنَى مَفْعُولٍ من الوُدِّ : المَحَبَّةِ ، يقال *!وَدَدْتُ الرجُلَ ، إِذا أَحْبَبْتَه ، فالله تعالَى *!مَوْدُودٌ ، أَي مَحْبُوبٌ في قُلُوبِ أَوْلِيَائِه ، أَو هو فَعُولٌ بمعنى فاعِلٍ ، أَي يُحِبُّ عِبَادَه الصالحينَ ، بمعنَى يَرْضَى عنهم . ( *!والمِوَدِّ ) ضُبِطَ بالكسر كاسم الآلة ، وبالفَتْحه كاسْمِ المَصْدَر ، قال شيخُنَا ، وكلاهما يَحْتَاجُ إِلى
____________________

(9/280)


تَأْوِيل : وفي اللسان : يقال رَجُلٌ *!وُدٌّ *!ومِوَدٌّ *!ووَدُودٌ ، والأُنَثَى *!وَدُودٌ أَيضاً ، *!والوَدُودُ : المُحِبُّ . ( و ) *!الوُدُّ بالضمّ أَيضاً ( : المُحِبُّونَ ) ، يقال : قَومٌ *!وُدٌّ ، فهو مَصدرٌ يُرادُ به الجَمْع ، كما يُرَادُ به المُفْرَد ، ( *!كالأَوِدَّةِ ) ، جمع *!وَدِيدٍ ، كالأَعِزَّةِ جَمع عَزِيزٍ ، ( *!والأَوِدَّاءِ ) كذالك جَمْعُ *!وَدِيدٍ ، كالأَحِبَّاءِ جمع حَبِيبٍ ، ( *!والأَوْدَادِ ) ، بدَالَيْنِ جمع *!وِدٍّ ، بالكسر ، كحِبَ وأَحْبَابٍ ، ( والوَدِيدِ ) ، هاكذا في سائر النُّسخ ، واستعمالُه في الجَمْعِ غيرُ معروفًّ ، وأَنكرَهُ شيخُنَا كذالك ، وقال : فَيَحْتَاج إِلى ثَبتًّ . قلْت : والذي في اللسان وغيرِه من دواوين اللُّغَةِ المَوْثُوقِ بها *!وِدَادٌ ، بالكسر ، قَوْمٌ *!وُدٌّ ، *!ووِدَادٌ ، *!وأَوِدَّاءُ فهو كجُلَ وجِلاَلٍ ، وأَما الوَدِيدُ فلم يَذْكُره أَحَدٌ ، ولعلَّه سَبْقُ قَلَمٍ من الكاتِب ، ( *!والأَوُدِّ ، بكسر الواو وضَمِّها ) معاً ، أَي مع فتح الهمزة كقُفْلٍ وأَقْفُلٍ وقيل ذِئْبٌ وأَذْؤُبٍ ، قال النابغة :
إِنّي كَأَنِّي أَرَى النُّعْمَانَ خَبَّرَهُ
بعْضُ الأَوُدِّ حَدِيثاً غَيْرَ مَكْذُوبِ
قال أَبو منصور : وذهبَ أَبو عُثْمَانَ إِلى أَنَّ أَوُدًّا جَمّعٌ دَلَّ على واحِدِه ، أَي أَنه لا وَاحِدَ له ، قال : ورواه بعضخهم : بَعْضُ الأَوَدِّ ، بفتح الواو ، يريد : الذي هو أَشَدُّ وُدًّا ، قال أَبو عَلِيَ : أَراد *!الأَوَدِّينَ : الجَمَاعَةَ .
( ) وبقي على المصنف :
*!وُدَدَاءُ ، كعُلَمَاءَ ، قال الجوهريُّ : رِجَالٌ وُدَدَاءُ ، يَسْتَوِي فيه المُذكَّر والمُؤَنّث لكونِه وَصْفاً داخِلاً على وَصْفِ المُبَالَغَةِ ، وقال القَزَّازُ : ورجُلٌ *!وَادٌّ ، وقومٌ *!وِدَادٌ .
( *!ووَدٌّ ) ، بالفتح ( : صَنَمٌ ، ويُضَمُّ ) ، كان لِقَوْمِ نُوحٍ ، ثم صارَ لِكعلْبٍ ، وكان بِدُومَةِ الجَنْدَلِ ، وكان لِقُرَيْشٍ صَنَمٌ يَدْعُونه *!وُدًّا ، ومنهم من يهمز فيقول أُدُّ ، ومنه سُمِّيَ :
____________________

(9/281)


عَبْدُ وُدَ ، ومنه سُمِّيَ *!أُدُّ بن طابِخَةَ .
*!وأُدَدُ جَدُّ مَعَدِّ بن عَدْنَانَ ، وقال الفَرَّاءُ : قَرَأَ أَهْلُ المَدِينَة : { وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً } ( سورة نوح ، الآية : 23 ) بضمّ الواو ، قال أَبو منصور : وأَكثَرُ القُرَّاءِ قَرَؤُوا ( وَدًّا ، بالفتح ، منهم أَبو عمرٍ و وابنُ كَثِير وابنُ عامِرٍ وحَمْزَةُ والكسائيُّ وعاصِمٌ ويَعْقُوبُ الحَضْرَمِيُّ ، وقرأَ نافِعٌ (*! وُدًّا ) بضمّ الواو ، وفي المحكم *!ووَدٌّ *!ووُدٌّ : صَنَمٌ ، وحَكَاهُ ابنُ دُرَيْدٍ مفتوحاً لا غيرُ ، وقالوا عبْدُ وُدَ يَعْنُونَه به وفي التهذيب : الوَدُّ ، بالفتح : الصَّنَمُ وأَنْشَدَ :
*!بِوَدِّكِ ما قَوْمِي عَلَى مَا تَرَكْتِهُم
سُلَيْمَى إِذَا هَبَّتْ شَمَالٌ ورِيحُها
أَرَادَ : بِحَقِّ صَنَمِكِ عليك . ومن ضَمَّ أَراد : بِالمَوَدَّةِ بيني وبينك .
( *!والوَدُّ : الوَتِدُ ) بلُغَة تَميم ، فإِذا زَادُوا الياءَ قالوا وَتِيدٌ ، قال ابنُ سِيدَه : زَعَمَ ابنُ دُريدٍ أَنها لُغَة تَمِيمِيَّة ، قال : لا أَدْرِي هل أَراد أَنه لا يُغَيِّرُها هاذا التَّغْيِيرَ إِلاَّ بَنُو تَمِيم ، أَم هي لُغَةٌ لِتَمِيم غيرُ مُغَيَّرَةٍ عن وَتِدٍ . وفي الصّحاح : الوَدُّ ، بالفتح : الوَتِدُ في لغةِ أَهْل نَجْدٍ ، كأَنهم سَكَّنُوا التَّاءَ فَأَدْغَمُوهَا في الدّال .
( و ) الوَدّ : اسم ( جَبَلٍ ) ، وبه فسر قَول امرىءِ القَيْس :
تُظْهِرُ الوَدَّ إِذَا مَا أَشْجَذَتْ
وَتُوَارِيهِ إِذَا مَا تَعْتَكِرْ
قال ابنُ دُرَيْد : هو اسمُ جَبَلٍ ، وقال ياقوت : قُرْبَ جُفَافِ الثَّعْلَبِيَّة .
( *!وَوَدَّانُ ) ، بالفتح ، كأَنَّه فَعْلاَن من الودّ ( : ة ) جامِعَةٌ ( قُرْبَ الأَبْوَاءِ ) والجُحْفَةِ من نواحِي الفُرْعِ ، بينها وبين هَرْشَى ستَّةُ أَمْيَالٍ ، وبينها وبين الأَبواءِ نَحْوٌ من ثمانيةِ أَميالٍ ، وهي لضَمْرَةَ وغِفَارٍ وكِنَانَةَ وقد أَكثرَ
____________________

(9/282)


نُصَيْبٌ مِن ذِكْرِهَا في شعرِه ، فقال :
أَقُولُ لِرَكْبٍ قَافِلِينَ عَشِيَّةً
قَفَا ذَاتِ أَوْشَالٍ ومَوْلاَكَ قَارِبُ
قِفُوا أَخْبِرُونِي عَنْ سُلَيْمَانَ إِنَّنِي
لِمَعْرُوفِهِ مِنْ آلِ *!وَدَّانَ رَاغِبُ
فَعَاجُوا فَأَثْنَوْا بِالَّذِي أَنْتَ أَهْلُهُ
وَلَوْ سَكَتُوا أَثْنَتْ عَلَيْكَ الحَقَائِبُ
قال ياقوت : قَرَأْتُ بخطّ كُرَاع الهُنَائِيّ على ظَهْرِ كِتَابِ المُنَضَّد من تَصْنِيفه : قال بعضُهم : خَرجْتُ حاجًّا فلمَّا صِرْتُ *!بِوَدَّانَ أَنْشَدْتُ :
أَيَا صَاحِبَ الخَيْمَاتِ مِنْ بْدِ أَرْثَدٍ
إِلى النَّخْلِ مِنْ وُدَّانَ مَا فَعَلَتْ نُعْمُ
فقال لي رجُلٌ من أَهْلِها : انْظُر هل تَرَى نَخْلاً ؟ فقلت : لا ، فقال : هاذا خَطَأٌ ، وإِنما هو النَّحْلُ ونَحْلُ الوَادِي : جانِبُه . ( سَكَنَهَا الصَّعْبُ بن جَثَّامَةَ ) ابن قَيْس بن عبد الله بن وَهْب بن يَعْمُر بن عَوف بن كَعْب بن عامر بن لَيْث بن بَكْرٍ اللَّيْثِيّ ( *!-الوَدُّانِيُّ ) ، كانَ يَنزِلُهَا فنُسِبَ إِلَيْهَا ، هاجَرَ إِلى النبيِّ صلَّى الله عَليه وسلَّمَ ، حَديثُه في أَهلِ الحِجَاز ، روى عنهُ عبدُ الله بن عبَّاس وشُرَيْحُ بنُ عُبَيْدٍ الحَضْرَمِيّ ، وما في خِلافة أَبي بكرٍ ، رضي الله عنهما .
( و ) قال البَكريّ : وَدَّانُ ( : بإِفْرِيقِيَّةَ ) في جَنُوبِيّها ، بينها وبين زويلَةَ عَشْرَةُ أَيام من جِهَة إِفْرِيقيَّة ، ولها قَلْعَةٌ حَصِينةٌ ، وللمدِينةِ دُرُوبٌ ، وهي مَدينَتَان فيهما قبِيلَتَانِ من العَرَب سَهْمِيُّونَ وحَضْرَمِيُّونَ ، وبابهما واحدٌ ، وبين القَبِيلَتَيْنِ تَنازُعٌ ( وتَنَافُسٌ ) يُؤَدِّي بهم ذالك إِلى الحَرْبِ مِراراً ، وعندَهُم فُقَهَاءُ وأُدَبَاءُ وشُعَرَاءُ ، وأَكثَرُ مَعيشتهم من التَّمْر ، ولهم زَرْعٌ يَسيرٌ يَسْقُونَهُ بالنَّضْحِ ،
____________________

(9/283)


افتتحها عُقْبَةُ بنُ عامِرٍ في سنة سِتَ وأَربعينَ أَيَّام مُعَاوِيَة ، ( منها ) أَبو الحَسَن ( عَلِيُّ بن إِسحاقَ ) بن الوَدّانيّ ( الأَدِيبُ الشاعِرُ ) صاحِبُ الدّيوان بصِقِلّيَةَ ( له أَدَبٌ وشِعْر ) ذكره ابنُ القطاع وأَنشدَ له :
مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي النَّهَارَ بِلَيْلَةٍ
لاَ فَرْقَ بَيْنَ نُجُومِهَا وَصِحَابِي
دَارَتْ عَلَى فَلَكِ السَّمَاءِ ونَحْنُ قَدْ
دُرْنَا عَلَى فَلَكٍ مِنَ الآدَابِ
وأَتَى الصَّبَاحُ ولا أَتَى وكَأَنَّهُ
شَيْبٌ أَظَلَّ شَبَابِ
( و ) وَدَّان أَيضاً ( : جَبَلٌ طويلٌ قُرْبَ فَيْدٍ ) بينها وبين الجَبَلَيْنه ، ( و ) وَدّان أَيضاً ( : رُسْتَاقٌ بِنَوَاحي سَمَرْقَنْدَ ) لم يَذْكُره ياقوت ، وذكره الصاغانيُّ .
( *!والوَدَّاءُ ) ، بتشديدِ الدالِ مَمْدوداً ، قال ياقوت : يجوز أَن يكونَ مِن تَوَدَّأَتْ علَيْه الأَرْضُ فهي مُوَدَّأَةٌ ، إِذَا غَيَّبَتْه ، كما قيل أَحْصَن فهو مُحْصَنٌ وأَسْهَب فهو مُسْهَبٌ ( وأَفْلَجَ فهو مُفْلَجٌ ) ، وليس في الكلام مثلُه يعني أَنَّ اللازم لا يُبْنَى منه اسمُ مَفْعولٍ .
( وبُرْقَةُ *!وَدَّاءَ ، و ) كذا ( بَطْنُ *!الوُدَدَاءِ ) ، كأَنَّه جَمْعُ وَدُودٍ ، ويُروَى بفتح الواو ، ( مَواضِعُ ) .
( *!وتَوَدَّدَه : اجْتَلَبَ *!وُدَّهُ ) ، عن ابنِ الأَعرابيّ ، وأَنشد :
أَقُولُ *!-تَوَدَّدْنِي إِذَا مَا لَقِيتَنِي
بِرِفْقٍ ومَعْرُوفٍ مِنَ القَوْلِ نَاصِعِ
( و ) *!تَوَدَّدَ ( إِليه : تَحَبَّبَ . *!والتَّوَادُّ التَّحَابُّ ) تَفَاعُلٌ مِن *!الوِدادِ ، وقَعَ فيه إِدغامُ المِثْلَيْنِ ، وهما *!يَتَوَادَّانِ أَي يَتَحَابَّانِ .
( و ) *!تَوَدُّدُ . و ( *!مَوَدَّةُ امرَأَةٌ ) ، عن ابنِ الأَعرابيّ ، وأَنشد :
*!مَوَدَّةُ تَهْوَى عُمْرَ شَيْخٍ يَسْرُّهُ
لَهَا المَوْتُ قَبْلَ اللَّيْلِ لَوْ أَنَّهَا تَدْرِي
____________________

(9/284)



يَخَافُ عَلَيْهَا جَفْوَةَ النَّاسِ بَعْدَهُ
وَلاَ خَتَنٌ يُرْجَى أَوَدُّ مِنَ القَبْرِ
قيل إِنها سُمِّيَت *!بِالمَوَدَّةِ التي هي المَحَبَّة .
( و ) عن ابن الأَعْرَابيّ ( *!المَوَدَّةُ : الكِتَابُ ، وبه فُسِّر ) قوله تعالى : ( { تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ *!بِالْمَوَدَّةِ } ( سورة الممتحنة ، الآية : 1 ) أَي بالكُتُبِ ) ، وهو من غرائب التفسير .
( ) ومما يستدرك عليه :
قولهم *!-بِودِّي أَن يكون كذا ، وأَما قول الشاعر :
أَيها العَائِدُ المُسَائِلُ عَنَّا
*!وَبِودِّيكَ لَوْ تَرَى أَكْفَانِي
فإِنما أَشْبَعَ كسْرةَ الدَالِ لِيستقيمَ له البَيْتُ فصارَتْ يَاءً ، كذا في الصّحاح .

تابع كتاب وفي شِفَاءٍ الغَلِيل أَنه استُعمِل للتَّمنِّي قديماً وحديثاً ، لأَن المرءَ لا يَتَمَنَّى إِلاَّ مَا يُحِبُّه *!وَيَوَدُّه ، فاستُعْمِل في لازِم مَعنَاه مَجَازاً أَو كِنَايَةً قال النَّطَّاحُ :
بِودِّيَ لَوْ خَاطُوا عَلَيْكَ جُلُودَهُمْ
ولا تَدْفَعُ المَوْتَ النُّفُوسُ الشَّحَائِحُ
وقال آخر :
بِودِّيَ لَوْ يَهْوَى العَذُولُ ويَعْشَقُ
فَيَعْلَمَ أَسْبَابَ الرَّدَى كَيْفَ تَعْلَقُ
وفي حديث الحَسَن ( فإِن وَافَقَ قَوْلٌ عَمَلاً فآخِهِ وأَوْدِدْهُ ) أَي أَحْبِبهْ وصَادِقْه . وفأَظْهَرَ الإِدْغَامَ للأَمْرِ على لُغَة الحجَاز ، وأَمّا قولُ الشَّاعِرِ أَنشَدَه ابنُ الأَعْرَابيّ :
وأَعْدَدْتُ لِلْحَرْبِ خَيْفَانَةً
جَمْومَ الجِرَاءِ وَقَاحاً وَدُودَا
قال ابنُ سيدَ : معنى قولِه ( *!وَدُودَا ) أَنهَا باذِلَةٌ ما عِنْدَهَا من الجَرْيِ ، لا يَصِحُّ قولُه *!وَدوداً إِلاَّ على ذالك ، لأَن
____________________

(9/285)


الخَيْلَ بهائمُ ، والبهائِمُ لا وُدَّ لها في غَيْرِ نَوْعِهَا .
ورد : ( *!الوَرْدُ مِنْ كُلِّ شَجَرَةٍ : نَوْرُهَا ، و ) قد ( غَلَبَ على ) نوعِ ( الحَوْجَمِ ) وهو الأَحمرُ المعروف الذي يُشَمُّ واحدته *!وَرْدَة ، وفي المصباح أَنه مُعَرَّبٌ .
( و ) من المجاز الوَرْدُ ( من الخَيْلِ : بَيْنَ الكُمَيْتِ والأَشْقَرِ ) ، سُمِّيَ به لِلَوْنِهِ ، ويَقرب منه قولُ مُخْتَصر العَيْنِ : *!الوُرُودَ : حُمْرَةٌ تَضْرِب إِلى صُفْرَةٍ ، فَرسٌ *!وَرْدٌ ، والأُنْثَى *!وَرْدَةٌ ، وفي المحكم : الوَرْدُ : لَوْنٌ أَحْمَرُ يَضْرِب إِلى صُفْرَةٍ حَسَنَةٍ في كُلِّ شيْءٍ ، فَرَسٌ وَرْدٌ ، و ( ج *!وُرْدٌ ) ، بضمّ فسكون مثل جَوْنٍ وجُونٍ ، ( *!ووِرَادٌ ) ، بالكسر ، كما في المحكم ومختصر العين ، ( *!وأَوْرَادٌ ) ، هاكذا وقَعَ في سائرِ النسخ ، وهو غيرُ مَعْرُوفٍ ، والفياس يأْبَاهُ ، قاله شيخُنَا . قلت : ولم أَجِدْهُ في دَوَاوِين الغَرِيب ، والأَشْبَه أَن يكون جمع *!وِرْدٍ ، بالكَسْر ، كما سيَأْتي أَو مِثْل فَرْدٍ وأَفْرَادٍ وحَمْلٍ وأَحْمَالٍ ، ( وفِعْلُه ككَرُمَ ) ، يقال : وَرُدَ الفَرَسُ يَوْرُدُ وُرُودَةً ، أَي صار وَرْداً ، وفي المحكم : وقد *!وَرُدَ *!ورُودَةً *!واوْرَادَّ . قلْت : وسيأْتي اوْرَادَّ ، وقال شيخُنَا : وهو من الغَرَائبه في الأَلوانِ ، فإِن الأَكثر فيها الكَسْر ، كالعَاهاتِ .
( و )*! الوَرْدُ ( : الجَرىءُ ) من الرِّجالِ ( *!كالوَارِدِ ) وهو الجَرِىءُ المُقْبِل على الشيْءِ .
( و ) الوَرْدُ ( : الزَّعْفَرَانُ ) ، ومنه ثَوْبٌ *!مُوَرَّدٌ ، أَي مُزَعْفَرٌ ، وفي اللسان : قَمِيصٌ مُوَرَّدٌ : صُبِغَ على لَوْنِ الوَرْدِ ، وهو دُونَ المُضَرَّجِ ، ( و ) بلَون الوَرْدِ سُمِّيَ ( الأَسَدُ ) وَرْداً . ( *!كالمُتَوَرِّدِ ) وهو مَجازٌ ، كما في الأَساس .
( و ) وَرْدٌ ، ( بِلاع لاَمٍ : حِصْنٌ ) حِجَارَتُهُ حُمْرٌ ، قاله ياقوت ، وفي التكملة : حِصْنٌ من حِجَارَةٍ حُمْرٍ وبُلْقٍ .
( و )*! وَرْدٌ : اسمُ ( شاعِر ) .
( و ) من المجاز : ( أَبو *!الوَرْدِ : الذَّكَرُ ) لحُمْرَة لوْنه .
____________________

(9/286)



( و ) أَبو الورْد ( شاعِرٌ ، و ) أَبو الوَرْدِ : اسم ( كَاتِب المُغِيرَةِ ) بنِ شُعْبَة ، والذي في التبصير للحافظ أَن اسْمَه *!وَرَّادٌ ، ككَتَّانٍ ، وكُنْيَتُه أَبو الوَرْدِ ، أَو أَبو سَعيدٍ ، كوفِيٌّ من مَوالِي المُغِيرَةِ بن شُعْبَةَ ، رَوَى له الجَمَاعَةُ .
( و ) الوَرْدُ أَسماءُ ( أَفْرَاس ) عِدَّة ، منها فَرَسٌ ( لِعَديِّ بن عَمْرٍ و الطائيّ ) الأَعرج . ( و ) أُخرى ( لِلْهُذَيْلِ بنِ هُبَيْرَةَ ) ، وأُخْرعى لمالكِ بن شُرَحْبِيلَ ، وله يقول الأَسْعَرُ الجُعْفِيُّ :
كُلَّمَا قُلْتُ إِنَّنِي أَلْحَقُ الوَرْ
دَ تَمَطَّتْ بِهه سَبُوحٌ ذَنُوبُ
( و ) أُخْرَى ( لِحَارِثَةَ بنِ مُشَمِّتٍ العَنبرِيّ ) ، كذا في النّسخ ، والصواب جَارِيَة . و ( و ) أُخْرَى ( لعامرِ بن الطُّفَيْلِ بن مَالِكٍ ) ، وله تَقُول تَميمةُ بنتُ أُهْبَانَ العَبْسِيَّة يومَ الرَّقْمِ :
وَلَوْلاَ نَجَاءُ الوَرْدِ لاَ شَيءَ غَيْرُه
وأَمْرُ الإِلاهِ لَيْسَ لله غَالِبُ
إِذاً لَسَكَنْتَ العَامَ نَقْباً ومِنْعجاً
بِلاَدَ الأَعَادِي أَوْ بَكَتْكَ الحَبَائبُ
وفاتَه اسمُ فَرسِ سَيِّدِنا حَمْزَةَ بن عبدِ المُطَّلبِ رضيَ الله عنه ، استدركه شيخُنَا . قلت : وهو من بَنَاتِ ذي العُقَّالِ من ولد أَعوجَ ، وفيه يقول حَمْزة رضي الله عنه :
لَيْسَ عِنْدِي إِلاَّ سِلاحَ وَوَرْدٌ
قَارِحٌ مِنْ بَنَاتِ ذِي العُقَّالِ
أَتَّقِى دُونَه المَنَايَا بِنَفْسِي
وَهُوَ دُونِي يَغْشَى صُدُورَ العَوَالِي
قلت : والوَرْدُ أَيضاً فَرَسُ فَضَالَةَ ابنِ كَلَدَة المالكيِّ ، وله يقول فَضَالةُ
____________________

(9/287)


ابنُ هِنْدِ بن شَرِيكٍ :
فَفَدَى أُمِّي وَمَا قَدْ وَلَدَتْ
غَيْرَ مَفْقُودٍ فَضَالَ بْنَ كَلَدْ
حَمَلَ الوَرْدَ على أَدْبَارِهِمْ
كُلَّمَا أَدْرَكَ بالسَّيْفِ جَلَدْ
والوَرْدُ أَيضاً فرَسُ أَحْمَرَ بنِ جَنْدَلِ بن نَهْشَلٍ ، وله يقول بعضُ بني قُشَيْرٍ يوم رَحْرَحَانَ . راجِعْه في أَنْسَابِ الخَيْلِ لابْنِ الكلِبيّ . والوَرْد أَيضاً فَرَسُ بَلْعَاءَ بنِ قَيْسٍ الكِنَانِيّ ، واسمه خَمِيصَةُ ، وفرس صَخْرٍ أَخي الخَنْسَاءِ . وفَرسُ زَيْدِ الخَيْلِ الطَّائِيِّ ، قال فيه :
ومَا زِلْتُ أَرْمِيهِمْ بِشِكَّةِ فَارِسٍ
*!وبِالْوَرْدِ حَتَّى أَحْرَقُوهُ وبَلَّدَا
هاذه الثلاثة ذكرَها السِّراجُ البَلْقينِيّ في قَطْرِ السَّيْل ، وأَيضاً لِكَرْدَمٍ الصُّدَائِيّ وعُصْمٍ قاتلِ شُرَحْبِيلَ المَلِكِ الكِنْدِيّ ، وحُجَّيةَ بنِ المُضْرَّب وسُمَيْرِ بنِ الحارث الضَّبِّيّ ، وحَكِيمِ بن قَبِيصَةَ بن ضِرَارٍ الضَّبِّيّ ، وصَخْرِ بن عَمْرِو بن الحارث بن الشَّرِيد السُّلَمِيّ ومَعْبَدِ بن سَعْنَةَ الضّبِّيّ ، وخالدِ بن صُرَيْمٍ السُّلَمِيّ وبَدْرِ بن حَمْرَاءَ الضَّبِّيّ ، وعَمْرِو بن وَازِعٍ الحَنَفِيّ ، وقَيْسِ بن ثُمَامَةَ الأَرْحَبِيّ ( مِنْ هَمْدَانَ ) والأَسْعَرِ الجُعْفِيّ ، وأُهْبَان بنِ عَادِيَةَ الأَسْلَمِيّ ، وعَمْرِو بن ثَعْلَبَةَ العَبْسِيّ ومُهَلْهِل بن رَبِيعَةَ التَّغْلبِيّ . ذكرَهُنَّ الصاغانيُّ .
( و ) *!الوِرْد ، ( بالكَسْرِ : من أَسماءِ الحُمَّى ، أَو هو يَوْمُها ) إِذَا أَخذَتْ صاحِبَها الوَقْتَ ، والثَّانِي هو أَصَحُّ الأَقوالِ عن الأَصمعيِّ ، وعليه اقتَصَرَ الجوهريُّ والفَيّوميُّ ، وقد وَرَدَتْه الحُمَّى فهو *!مَوْرُودٌ ، وقد *!وُرِدَ ، على
____________________

(9/288)


صِيغة ما لم يُسَمَّ فاعلُه ، وذَا يَوْمُ الوِرْدِ ، وهو مَجازٌ ، كما في الأَساس .
( و ) الوَرْدُ ( : الإِشْرَافُ عَلَى الماءِ وغيرِه ، دَخَلَه أَو لَمْ يَدْخُلْه ) ، وقد *!وَرَدَ الماءَ وعَلَيْهِ *!وِرْداً *!ووُرُداً ، وأَنشد ابنُ سِيدَه قول زُهَيْرٍ :
فَلَمَّا *!وَرَدْنَ المَاءَ زُرْقاً جِمَامُهُ
وَضَعْنَ عِصِيَّ الحَاضِرِ المُتَخَيَّمِ
معناه : لما بَلَغْنَ الماءَ أَقَمْنَ عليه ، وكُلُّ مَن أَتَى مَكَاناً مَنْهَلاً أَو غَيْرَه فقد *!وَرَدَه ، ومن المَجاز قولُه تَعالى : { وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ *!وَارِدُهَا } ( سورة مريم ، الآية : 71 ) فسّره ثلعبٌ فقال : يَرِدُونَهَا مع الكُفَّارِ فيَدْخُلُهَا الكُفَّارُ ولا يَدْخُلُهَا المُسْلِمونَ ، والدليلخ على ذالك قولُ الله عزّ وجَلَّ { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا ( سورة الأنبياء ، الآيتان : 101 و 102 ) . وقال الزَّجّاجُ : وحُجَّتُهم في ذالك قَوِيَّة ، ونقل عن ابنِ مَسعودٍ والحَسنِ وقَتَادَةَ أَنهم قالوا : إِنّ *!وُرُودَها ليس دُخولَها . وهو قَوِيٌّ ، لأَن العربَ تقولُ : *!ورَدْنَا ماءَ كَذَا ، ولم يَدْخُلُوه ، وقال الله عزّ وجَلّ : { وَلَمَّا وَرَدَ مَآء مَدْيَنَ } ( سورة القصص ، الآية : 23 ) وفي اللُّغَةِ : *!وَرَدْتُ بَلَدَ كَذَا ، وماءَ كَذَا ، إِذا أَشْرَفَ عليه ، دَخَلَه أَو لم يَدْخُلْه ، قال : *!فالوُرُودُ بالإِجماع ليس بِدُخُولٍ ، ( *!كالتَّوَرُّدِ *!والاسْتِيرَادِ ) ، قال ابنُ سِيدَه : *!تَوَرَّدَه *!واسْتَوْرَدَه *!كوَرَدَه ، كما قالوا : عَلاَ قِرْنَهُ واسْتَعْلاَهُ . وقال الجوهريُّ : *!وَرَدَ فُلاَنٌ *!وُرُوداً : حَضَرَ ، *!وأَوْرَدَه غيرُه *!واسْتَوْرَدَه ، أَي أَحْضَرَهُ ، ( وهُو *!وارِدٌ من ) قَومٍ ( *!وُرَّادٍ ، و ) من قَوم (*! وَاردِينَ .*!ووَرَّادٌ ) ، ككَتَّانٍ من قوم *!وَرَّادينَ .
( و ) من المجاز : قَرَأْتُ *!-وِرْدِي . *!الوِرْد ، بالكسر ( : الجُزْءُ من القرآنِ ) ويقال : لفُلانٍ كُلَّ ليلةٍ *!وِرْدٌ مِن القُرآنِ يَقْرَؤُه ، أَي مِقْدَارٌ مَعلُومٌ إِمَّا سُبْع أَو
____________________

(9/289)


نِصف السُّبْعِ أَو ما أَشْبَه ذالك ، قَرَأَ *!وِرْدَه وحِزْبَه بمعنًى واحِدٍ .
( و ) الوِرْدُ ( : القَطِيع من الطَّيْرِ ) يقال : وَرَدَ الطَّيْرُ المَاءَ *!وِرْداً *!وَأَوْرَاداً ، وأَنشد :
*!فَأَوْرَادُ القَطَا سَهْلَ البِطَاحِ
وإِنْما سُمِّيَ النَّصِيبُ مِن قِرَاءة القُرْآنِ وِرْداً مِن هذا .
( و ) الوِرْدُ ( : الجَيْش ) ، على التِّشْبِيهِ بِقَطِيعِ الطَّيْرِ ، قال رؤبة :
كَمْ دَقَّ مِنْ أَعْنَاقِ *!وِرْدٍ مُكْمَهِ
وقولُ جَرِيرٍ أَنشدَه ابنُ حَبِيبٍ :
سَأَحْمَدُ يَرْبُوعاً عَلَى أَنَّ *!وِرْدَهَا
إِذَا ذِيدَ لَمْ يُحْبَسْ وإِن ذَادَحُكِّمَا
قال : الوِرْدُ هُنَا : الجَيْشُ ، شَبَّهه *!بالوِرْدِ من الإِبل بِعَيْنِها .
( و ) الوِرْدُ ( : النَّصِيبُ من الماءِ ) . *!وأَورَدَه الماءَ : جَعَلَه *!يَرِدُهُ .
( و ) *!الوِرْدُ ( : القَوْمُ *!يَرِدُونَ الماءَ ) ، وفي التنزيل قوله تعالى : { وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ *!وِرْداً } ( سورة مريم ، الآية : 86 ) قال الزَّجّاج : أَي مُشَاةً عِطَاشاً . ( *!كالوَارِدَةِ ) وهم *!وُرَّادُ الماءه ، قال يَصِفُ قَلِيباً :
صَبَّحْنَ مِنْ وَشْحَى قَلِيباً سُكَّا
يَطْمُو إِذَا الوِرْدُ عَلَيْهِ الْتَكَّا
وكذالك الإِبل :
وَصُبِّحَ المَاءُ *!بِوِرْدٍ عَكْنَانْ
( و ) في المحكم ( *!وَارَدَهُ : وَرَدَ : مَعَه ) . *!مُوَارَدَةً ، *!وتَوَارَدَه ، وأَنشد :
ومُتَّ مِنِّي هَلَلاً إِنَّمَا
مَوْتُكَ لَوْ *!وَارَدْتُ *!وُرَّادِيَهْ
( *!والمَوْرِدَةُ : مَأْتَاهُ الماءِ ، و ) قيل : ( الجَادَّةُ ) ، قال طَرَفَةُ :
كَأَنَّ عُلُوبَ النِّسْعِ فِي دَأَيَاتِهَا
مَوَارِدُ مِنْ خَلْقَاءَ فِي ظَهْرِ قَرْدَدِ
( *!كالوَارِدَةِ ) ، وجَمْعُ *!المَوْرِدَةِ
____________________

(9/290)


*!مَوَارِدُ ، ومنه الحديث ( اتَّقُوا البَرَازَ في *!المَوَارِدِ ) ، أَي المَجَارِي والطُّرُق إِلى الماءِ ، وجمْع *!الوَارِدَة *!وَارِداتٌ ، ومن المَجاز : استقَامَتِ *!الوَارِدَاتُ *!والمَوَارِدُ ، يعنِي الطُّرُق ، وأَصْلُهَا طُرُق *!الوَارِدِينَ ، كما في الأَساس .
( و ) قوله تعالى : { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ *!الْوَرِيدِ } ( سورة ق ، الآية : 16 ) قال أَهلُ اللغَةِ : الوَريد : عِرْقٌ تَحْتَ اللِّسَانِ ، وهو في العَضُدِ فَلِيقٌ ، وفي الذِّراع الأَكْحَلُ ، وفيما تَفَرَّق من ظَهْرِ الكَفِّ الأَشَاجِعُ ، وفي بَطْنه الذِّراع الرَّوَاهِش ، ويقال إِنها أَربعةُ عُروقٍ في الرأْسِ ، فمنها اثنانِ يَنْحَدِرَانِ قُدَّامَ الأُذُنَيْنِ ، ومنها ( *!الوَرِيدَانِ ) في العُنُقِ ، وقال أَبو الهيثم : الوَرِيدَانِ تَحْتَ الوَدَجَيْنِ ، والوَدَجَانِ : عِرْقَانِ غَلِيظَانِ عَن يمينِ ثُغْرَةِ النَّحْرِ ويَسَارِهَا . قال : *!والوَرِيدَانِ يَنْبِضَانِ أَبداً مِن الإِنسان ( وكلُّ عِرْقٍ يَنْبِضُ فهو من *!الأَوْرِدَة التي فيها مَجْرَى الحياة ) *!والوَرِيدُ من العرُوق : ما جَرَى فيه النَّفَسُ ولم يَجحرِ فيه الدَّمُ . وقال أَبو زيد الوَرِيدَانِ ( عِرْقَانِ في العُنُقِ ) بَيْنَ الأَوْدَاجِ وَبَيْنَ اللَّبَّتَيْنِ ، قال الأَزهريُّ : والقولُ في*! الوَرِيدينِ ما قَالَه أَبو الهَيْثَم ، ( ج *!أَوْرِدَةٌ *!ووُرُودٌ ) .
( و ) من المَجاز : ( عَشِيَّةٌ وَرْدَةٌ ) ، إِذا ( احْمَرَّ أُفُقُهَا ) عند غُرُوبِ الشمْسِ ، وكذالك عندَ طُلُوعِها ، وذالك علامةُ الجَدْبِ . وفي اللسان : لَيْلَةٌ وَرْدَةٌ : حَمراءُ الطَّرَفَيْنِ ، وذالك في الجَدْب .
( و ) من المَجاز : ( وَقَعَ في وَرْدَةٍ ) وكذا أَلقاه في وَرْدَةٍ ، أَي ( هَلَكَةٍ ) كوَرْطَةٍ ، والطاءُ أَعْلَى .
( وعَيْنُ الوَرْدَةِ . رَأْسُ عَيْنٍ ) .
( *!والأَوْرَادُ ) كَأَنَّه جَمْعُ وِرْد ( : ع ) عند حُنَيْنٍ ، قال :
رَكَضْنَ الخَيْلَ فِيهَا بَيْنَ بُسَ
إِلَى *!الأَوْرَادِ تَنْحِطُ بِالنِّهَابِ
____________________

(9/291)



( *!وَوَرْدٌ ، *!ووَرَّادٌ ، *!ووَرْدَانُ أَسماءٌ ) .
( وبَنَاتُ *!وَرْدَانَ : دَوَابُّ م ) أَي معرُوفَة ، وهي هاذه الخَنَافِسُ .
( *!وأَوْرَدَه ) : جَعَلَه يَرِدُ الماءَ ، وفي الصّحاح : *!وَرَدَ فلانٌ *!وُرُوداً : حضرَ ، *!وأَوْرَدَه غيرُه : ( أَحْضَرَهُ *!المَوْرِدَ ، كاستَوْرَدَه ) *!وتَوَرَّدَهُ ، الأَخير عن ابنِ سِيده .
( *!وتَوَرَّدَ : طَلَبَ الوِرْدَ ) ، كاسْتَوْرَدَ ، عن ابنِ سيده .
( و ) *!تَورَّدَتِ الخَيْلُ ( البَلْدَةَ : دَخَلَهَا قَلِيلاً ) قليلاً ، قِطْعَةً قِطْعَةً ، وهو مَجاز وهو غيرُ التَّوَرُّدِ بمعنَى الإِشرافِ دخَلَ أَو لم يَدْخُلْ ، وقد سَبَقَ فليسَ بِتَكرارٍ مع ما قَبلَه كما توَهَّمَه بَعْضٌ .
( *!وَرَّدَتِ الشَّجَرَةُ *!تَوْرِيداً : نَوَّرَتْ ) أَي خَرَجَ نَوْرُهَا ، قاله أَبو حَنيفةَ .
( و ) من المَجازِ : خَدٌّ *!مُوَرَّدٌ ، ويقال *!وَرَّدَت ( المَرْأَةُ ) إِذا ( حَمَّرَتْ خَدَّهَا ) وعالَجَتْه بِصِبْغِ القُطْنَةِ المَصْبُوغة .
( *!والوَارِدُ : السابِقُ ) وبه فسّر قوله تعالى : { فَأَرْسَلُواْ *!وَارِدَهُمْ } ( سورة يوسف ، الآية : 19 ) أَي سَابِقَهمْ .
( و ) الوارِد ( الشُّجَاعُ ) الجَرِىءُ المُتَقَدِّم في الأُمورِ ، قال الصاغانيُّ : يقال ذالك وفيه نَظَرٌ .
( و ) من المجاز : الوَارِدُ ( من الشَّعْرِ : الطويلُ المُسْتَرْسِ ) ، يُقَال شَعَرٌ *!وَارِدٌ أَي يَرِدُ الكَفَلَ بِطُولِه ، كما في الأَساس ، قال طَرَفَةُ :
وَعَلَى المَتْنَيْنِ مِنْهَا *!وَارِدٌ
حَسَنُ النَّبْتِ أَثِيثٌ مُسْبَكِرّ
والشَّعرُ مِن المَرْأَةِ يَرِدُ كَفَلَهَا .
( *!ووَارِدَةُ : د ) ، عن الصاغانيّ .
( *!ووَرْدَانُ ) ، بالفتح ( : وَادٍ ) ، وقيل : مَوْضِعٌ يُنْسَب إِليه الوادِي .
( و ) *!وَرْدَاُن ( مَوْلَى لِرسولِ الله صلى الله ) تعالى ( عَلَيه وسلَّمَ ) ، وقَعَ مِنْ عِذْقٍ فماَ في حَياته صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم ،
____________________

(9/292)


وكذَا *!وَرْدَانُ بن إِسماعِيل التَّمِيمِيُّ ، له وِفَادَةٌ ، *!ووَرْدَانُ بن مُخَرِّم التميميُّ العَنْبَرِيّ ، أَخو حَيْدَة ، لهما وِفَادَةٌ . *!ووَرْدَانُ الجِنِّيُّ له ذِكْرٌ في ليلةِ الجِنّ . ( و ) *!وَرْدَانُ ( مَوْلًى لعَمْرِو بن العاصِ . ولَهُ سوقُ *!وَرْدَانَ بمِصْرَ ) ، وهي قَرْيَةٌ عامِرةٌ الآنَ .
( *!وَوَرْدَانَةُ : ة ببُخَارَا ) ، كذا ضَبطه العِمْرَانِيُّ وَحَقَّقَه ، قال أَبو سعد : يُنْسَب إِليها إِدْرِيس بن عبد العَزِيز *!-الوَرْدَانِيّ ، يَروى عن عيسى بن موسى بن غُنْجَار ، وعنه ابنه أَبو عمرو .
( *!والوَرْدَانِيَّةُ : ة ) مَنْسُوبة إِلى رجُل اسمه وَرْدَان .
( *!والوَرْدِيَّةُ : مَقْبُرَةٌ بِبَغْدَادَ ) بعد بابِ أَبْرَز من الجانب الشرقيّ قَرِيبَة من قُرَى الظَّفَرِيَّة .
( *!وَوَرْدَةُ ) اسم ( أُمّ طَرَفَةَ ) بن العَبْد ( الشاعِرِ ) لهَا ذِكْرٌ ، قال طَرَفَةُ :
مَا يَنْظُرُونَ بِحَقِّ *!وَرْدَةَ فِيكُمُ
صَغُرَ البَنُونَ ورَهْطُ وَرْدَةَ غُيَّبُ
( *!ووَارِدَاتُ ) ، جمع *!وارِدَة ( : ع ) عن يَسارِ طَرِيقِ مَكَّةَ وأَنت قاصِدُهَا ، وقال السُّكَّريُّ : الرَّبائِعُ عن يَسارِ سَمِيرَاءَ ، *!ووَارِدَاتُ عن يَمِينِهَا سَمُرٌ كُلُّها وبذالك سُمِّيَتْ سَمِيرَاءَ .
ويَوْمُ*! وَارِدَاتٍ يَوْمٌ مَعروفٌ بين بَكْر وتَغْلِب قُتِلَ فيه بُجَيْر بن الحارث بن عُبَاد بنِ مُرَّة ، فقال مُهَلْهِل :
أَلَيْلَتَنَا بِذِي حُسُمٍ أَنِيرِي
وَإِنْ أَنْتِ انْقَضَيْتِ فَلاَ تَحُورِي
فإِنْ يَكُ بالذَّنَائِبِ طَالَ لَيْلِى
فَقَدْ أَبْكِي مِنَ اللَّيْلِ القَصِيرِ
فَإِنّي قَدْ تَرَكْتُ *!بِوَارِدَاتٍ
بُجعيْراً فِي دَمٍ مِثْلِ العَبِيرِ
هَتَكْتُ بِهِ بُيُوتَ بَنِي عُبَادٍ
وبَعْضُ الغَشْمِ أَشْفَى للصُّدُورِ
وقال ابنُ مُقْبِل :
ونَحْنُ القَائِدُونَ بِوَارِدَاتٍ
ضَبَابَ المَوْتِ حَتَّى يَنجَلِينَا
____________________

(9/293)



وقال امرُؤ القَيْس :
سَقَى *!وَارِدَاتٍ فالقَلِيبَ فَلعْلَعاً
مُلِثٌّ سَمِاكِيٌّ فهَضْبَةَ أَيْهَبَا
( و ) من المجاز : أَرْنَبَةٌ *!وارِدَةٌ ، إِذا كانَتْ مُقْبِلَةً على السَّبَلَة ، ويقال : ( فُلانٌ *!وَارِدُ الأَرْنَبَةِ ، أَي طَوِيلُهَا ) ، وكلُّ طَوِيلٍ وَارِدٌ .
( و ) قال الأَزهريُّ : ويقال : ( *!ايرَادَّ الفَرسُ ) *!يَوْرَادُّ عَلى قِياسِ ادْهَامَّ واكْمَاتَّ ( : صارَ وَرْداً ) ، و ( أَصلُهَا اوْرَادَّ ) بالواو ( صارَ ) ت الواوُ ( ياءً لكسْر ) ةِ ( ما قَبْلَها ) ، ذكَره أَئمَّة التَّصرِيف في الإِبدال .
( *!والمُسْتَوْرِدُ بنُ شَدَّاد ) بن عَمْرٍ و القُرَشيّ ( صَحَابِيٌّ ) نَزَلَ الكُوفَة ثم مِصْرَ ، روَى عنه جَماعَةٌ .
( ) وفَاتَه :
*!المُسْتَوْرِدُ بن حَبْلاَنَ العَبْدِيّ ، له ذِكْرٌ في حَدِيثٍ لأَبي أُمَامَة في الفِتَنِ .
وكذا المُسْتَوْرِدُ بن سَلاَمَة بن عَمْرِو بن حُسَيْلٍ الفِهْرِيّ ، قال ابنُ يُونُس : هو صَحَابِيٌّ شهِدَ فَتْحَ مِصْرَ ، واخْتَطَّ بِهَا ، تُوفِّيَ بالإِسْكَنْدَرِيَّة سنةَ خَمحسٍ وأَرْبَعِينَ ، روى عنه عَلِيٌّ بن رَبَاح وأَبو عبد الرحمامن الحبليّ .
وكذا المُسْتَوْرِدُ بن مِنْهَالِ بن قُنْفُذٍ القُضَاعِيّ ، له صُحْبَة ، وهاكذا نَسبَه الطّبريّ .
( *!والزُّمَاوَرْدُ ، بالضَّمّ ) ، وفي حوَاشِي الكَشَّافِ بالفتح ( : طَعَامٌ من البَيْضِ واللَّحْمِ ، مُعَرَّبٌ ) ومثلُه في شِفَاءِ الغَلِيل . ( والعَامَّةُ يقولون *!بَزْمَاوَرْدُ ) ، وهو الرِّقَاقُ المَلْفُوف باللَّحْمِ ، قال شيخُنَا : وفي كُتب الأَدب : هو طَعَام يُقَال له : لُقْمَةُ القَاضِي ، ولُقْمَةُ الخَلِيفَة ، ويُسَمَّى بخُرَاسَانَ نَوَالَه ، ويُسَمَّى نَرْجِسَ المائِدة وميسراً ومنهأً .
( ) ومما يستدرك عليه :
يقال : أَكْلُ الرُّطَبِ مَوْرِدَةٌ . أَي مَحَمَّة ، عن ثعلَب ، وقوله تعالى : { فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدّهَانِ } ( سورة الرحمن ، الآية : 37 ) قيل : كَلَوْنِ فَرَسٍ وَرْدَةٍ .
____________________

(9/294)



والوِرْد ، بالكسْر : الماءُ الذي *!يُورَدُ . والوِرْدُ : الإِبلُ *!الوارِدَة ، قال رُؤْبة :
لَوْ دَقَّ *!-وِرْدِي حَوْضَه لَمْ يَنْدِهِ
وأَنْشَدَ قول جريرٍ في الماءِ :
لا وِرْدَ لِلْقَوْمِ إِنْ لَمْ يَعْرِفُوا بَرَدَى
إِذَا تَكَشَّفَ عَنْ أَعْنَاقِهَا السَّدَفُ

تابع كتاب بَرَدَى : نَهْرُ دِمَشْق .
والوِرْد : العَطَشُ .
والمَوَارِدُ : المَنَاهِلُ .
ووَرَدَ مَوْرِداً ، أَي وُرُوداً .
والمَوْرِدَةُ : الطّرِيقُ إِلى الماءِ .
الوِرْدُ : وَقْتُ يَوْمِ الوِرْدِ بينَ الظَّمْأَيْنِ .
والوِرْدُ اسمٌ من وِرْدِ يَوْمِ الوِرْدِ ، ومَا وَرَدَ منْ جَمَاعَةِ الطَّيْرِ والإِبِل .
*!والوِرْدُ : خِلاَفُ الصَّدَرِ . ويقال : مَالَك *!-تَوَرَّدُني ، أَي تقدَّمَ عَلَيَّ .
*!والمُتَورِّدُ : هو المُتَقَدِّم على قِرْنِه الذي لا يَدْفَعُه شَيْءٌ ، ومنه قيل للأَسَد : *!مُتَوَرِّدٌ ، وبه فُشِّر قولُ طَرَفَة :
كَسِيدِ الغَضَى نَبَّهْتَه المُتَوَرِّدِ
والمُوْرِدَ المهْلِكَةُ جَمْعُهَا المَوَارِدِ ، وبه فُسّر حديث أَبي بكرٍ رضيَ الله عنه : أَخَذَ بِلسانِه وقال : هاذا الّذِي أَوْرَدَنهي المَوَارِدَ .
وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ الخَبَرَ : قَصَّة ، وهو مَجاز .
الوِرْدُ : الإِبلُ بِعَيْنِها .
الوِرْدُ : الجُزْءُ من اللَّيْلِ يكون على الرَّجُل يُصَلِّيه .
وشَفَاةٌ وَارِدَةٌ ، ولِثَةٌ وَارِدَةٌ ، أَي مُسْتَرْسِلَة ، وهو مَجازٌ ، والأَصل في ذالك أَن الأَنْفَ إِذا طَالَ يَصِلُ إِلى الماءِ إِذا شَرِبَ بِفِيه .
وشَجَرَةٌ وارِدَةُ الأَغْصانِ ، إِذا تَدلَّتْ أَغْصانُها ، وهو مَجاز ، وقال الراعي
____________________

(9/295)


يَصِف نَخْلاً أَو كَرْماً :
يُلْفَى نَوَاطِيرُه فِي كخلِّ مَرْقَبَةٍ
يَرْمُونَ عَنْ *!وَارِدِ الأَفْنَانِ مُنْهَصِرِ
أَي يَرْمُونَ الطَّيْرَ عنه .
ورجُلٌ مُنْتَفخُ *!الوَرِيدِ ، إِذا كانَ سَيِّءَ الخُلُقِ غَضوباً .
والوَارِدُ : الطريق ، قال لَبيدٌ :
ثُمَّ أَصْدَرْنَاهُمَا فِي وَارِد
صَادِرٍ وَهْمٍ صُوَاهُ كالمُثُلْ
يقول : أَصْدَرْنا بَعيرَيْنَا في طريقٍ صادِرٍ ، وكذالك المَوْرِدُ ، قال جرير :
أَميرُ المُؤمنينَ عَلَى صِرَاطٍ
إِذَا أَعْوَجَّ المَوارِدُ مُسْتَقِيمِ
ومن المجاز : *!وَرَدْتُ البَلَدَ ، وَوَرَدَ عَلَيَّ كِتَابٌ سَرَّني *!مَوْرِدُه .
وهو حَسنُ *!الإِيرادِ ، قالوا : أَوْرَد الشيءَ ، إِذا ذكَرَه .
وهو *!يَتَوَرَّدُ المَهَالِكَ .
ووَردَ عليه أَمْرٌ لَمْ يُطِقْهُ .
*!واسْتَوْرَدَ الضَّلاَلَةَ *!ووَرَدَهَا *!وأَوْرَدَه إِيّاهَا .
وبين الشاعرَينِ *!مُوَارَدَةٌ *!وتَوَارُدٌ ، ومنه تَوَارُدُ الخَاطِرِ على الخَاطِرِ .
( ورَجَع ) *!مُوَرَّدَ القَذَالِ : مَصْفُوعاً . كلّ ذالك في الأَساس .
ووَرْدٌ : بَطْنٌ من جَعْدَة .
*!والإِيرادُ من سَيْرِ الخَيْلِ : ما دُون الجَرْيِ .
*!-واسْتَوْرَدَنِي فُلانٌ بكذا : ائْتَمَنَنِي به . ووِرْدَةُ الضُّحَى : وِرْدُهَا .
وفي حديث الحَسن وابنِ سِيرينَ ( كانَا يَقْرآنَ مِن أَوَّله إِلى
____________________

(9/296)


آخِرِه ويَكْرهانِ الأَوْرَادَ ) .
معناه أَنهم كانوا قد أَحْدَثُوا أَن جَعَلُوا القرآنَ أَجزَاءً ، كُلُّ جُزْءٍ منها فيه سُوَرٌ مُخْتَلِفَةٌ على غَيْرِ التأْلِيفِ ، وجَعلُوا السُّورَةَ الطويلةَ مع أُخْرَى دُونَها في الطُّول ، ثم يَزيدونَ كذالك حتى يَتِمَّ الجُزْءُ ، كانِوا يُسَمُّونَهَا الأَوْرَادَ .
وسد : ( *!الوِسَادُ ) ، بالكسر ( : المُتَّكَأُ ) ، قاله ابنُ سيده ، وهو بِصيغةِ المَفْعُول ما يُتَّكَأُ عليه . وفي اللسان : *!الوِسَادُ : كلُّ ما يُوضَع تحْت الرأْسِ وإِن كان من تُرابٍ أَو حِجَارةٍ ، وقال عبدُ بنِي الحَسْحَاسِ :
فَبِتْنَا *!وِسَادَانَا إِلَى عَلَجَانَةٍ
وَحِقْفٍ تَهَادَاهُ الرِّيَاحُ تَهَادِيَا
( و ) الوِسَاد ( : المِخَدَّةُ ) ، بكسرا لميم كصِيغَةِ الآلَة : ما يُوضَع تَحْتَ الخَدِّ ، (*! كالوِسَادَةِ ) ، بالكَسْرِ ، قاله الجوهَرِيُّ ، ( ويُثَلَّثُ ) ، أَي فيهما ، كما نَقَلَه شُرَّاحُ الشَّمَائِل ، وأَنْكَرَه جَماعةٌ ، واقتَصَروا على الكَسْرِ في *!الوِسادَةِ ، وقالُوا : هو القياسُ في مِثْله ، كاللِّبَاس واللِّحَافِ والفِرَاشِ ونَحْوِها . والذي يَظْهَر من سِياقِ المُصنِّف أَن التثليث في الوسَادَة فقط ، وقد صَرَّحَ به الصاغانيُّ ، ونقَلَ فيها الفتْحَ والضَّمَّ ، وقال : لُغَتَانِ في الوِسَادَةِ ، بالكسر ، ( ج *!وُسُدٌ ) بضمّتين ، وبضمّ فسكون ، هاكذا ضُبِط بالوَجْهَيْنِ ، ( *!ووَسائِدُ ) ، وزاد صاحِبُ المصباح ووِسَادَات ، ( و ) قد ( *!تَوَسَّدَ ، *!ووَسَّدَ إِياهُ ) *!تَوْسِيداً *!فتَوَسَّدَ ، إِذا جَعَلَه تَحْتَ رأْسِه ، قال أَبو ذُؤَيْبٍ الهُذَليُّ :
فَكُنْتُ ذَنُوبَ البَئْرِ لَمَّا تَوَشَّلَتْ
وسُرْبِلْتُ أَكْفَانِي *!وَوُسِّدْتُ سَاعِدِي
( *!وأَوْسَدَ في السَّيْرِ : أَغَذَّ ) ، بالغَيْنِ والذال المعجمَتين ، أَي أَسْرَعَ .
( و ) *!أَوْسَدَ ( الكَلْبَ : أَغْرَاهُ بالصَّيْدِ ، كآسَدَه ) ، وقد تقدَّم .
( *!ووِسَادَةُ ) ، بالكسر : ( ع بطرِيقِ المَدِينَة ) ، على ساكِنها أَفضلُ الصلاة
____________________

(9/297)


والسلام ، ( مِن الشَّامِ ) في آخرِ جِبَال حَوْرَانَ ما بَيْن يرقع وقُرَاقِر ، مات به الفقيهُ يُوسفُ بن مَكِّيّ بن يُوسُف الحارثيّ الشافعيّ أَبو الحَجَّاج إِمام جامِع دِمَشق الدّمشقيّ ، وكان يسمع أَبا طالبٍ الزَّيْنَبِيّ وغَيْرَه ، وكانَتْ وفاتُه بهاذا الموضِع راجِعاً من الحَجِّ سنة 555 قاله ابنُ عساكِر . ( وذَاتُ الوَسائِد : ع بأَرْضِ نَجْدِ ) في بلاد تَمِيم ، قال مُتَمِّمُ بنُ نُوَبْرَةَ :
أَلَمْ تَرَ أَنِّي بَعْدَ قَيْسٍ ومَالِكٍ
وأَرْقَمَ غُيَّاظِ الذينِ أَكَايِدُ
وعَمْراً بِوَادِي مَنْعِجٍ إِذْ أُجِنُّهُ
ولَمْ أَنْسَ قَبْراً عِنْد ذَاتِ الوَسَائِد
( و ) في الحديث ( قولُه صلَّى الله عليه وسلَّمَ ) لِعَدِيّ بن حاتِم ( ( إِنَّ *!وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ ) ) ، وهُو من كِنَاياتِه البَلِيغَةِ صلَّى الله عَلَيْه وسلَّم ، قال ابنُ الأَثير : ( كِنَايَةٌ ) عَنْ كَثْرَةِ النَّوْمِ وهو مَظِنَّتُه ، ( لِأَنَّ مَنْ عَرَّضَ *!وِسَادَه ) ووَثَّرَه ( طابَ نَوْمُه ) وطَالَ ، أَراد إِن نَوْمَكَ إِذاً لَكَثِيرٌ . ( أَوْ كِنَايَةٌ عَنْ عِرَضِ قَفَاهُ وعِظَمِ رَأْسِه ، وذالك دَلِيلُ الغَبَاوَةِ ) ، أَلاَ تَرَى إِلى قَول طَرفَةَ :
أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الذِي تَعْرِفُونَه
خَشَاشُ كَرَأَسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ
وتَشْهَد له الرِّوايةُ الأُخْرَى ( قلْتُ يا رَسُولَ الله ، ما الخَيْطُ الأَبْيَضُ من الخَيْطِ الأَسْوَدِ ؛ أَهما الخَيْطانِ ؟ قال : إِنك لَعَرِيضُ القَفَا إِن أَبْصَرْتَ الخَيْطَيْنِ ) وقيل : أَراد أَن من تَوَسَّدَ الخَيْطَينِ المَكْنِيّ بهما عن الليلِ والنهارِ لَعرِيضُ *!الوِسَادِ . ( و ) كذالك ( قولُه ) صلّى الله عليه وسلَّم ( في شُرَيْ الحَضْرَمِيَ ) في خَبَرٍ مُرْسَلٍ ( ذُكرَ عند النبيِّ صلَّى الله عَلَيْه وسلَّم فقال ( ذَاكَ رَجخلٌ لا *!يَتَوَسَّدُ القُرْآنَ ) ) ، قال ابنُ الأَعْرَابيّ ( يَحْتَمِلُ كَوْنَه مَدْحاً ، أَي لا يَمْتَهِنُه ولا يَطْرَحُه ، بل يُجِلُّهُ
____________________

(9/298)


ويُعَظِّمُه ) ، أَي لا يَنَامُ عنه ولاكن يَتَهَجَّد به ، ولا يكون القُرآنُ *!مُتَوسَّداً معه ، بل هو يُدَاوِمُ قِرَاءَتَه ويُحَافِظ عليها لا كَمَنَ يَتهَاوَنُ به ويُخِلّ بالوَاجِبِ مِن تلاوَتِه . وضَرَبَ *!تَوسُّدَهُ مَثلاً للجمْعِ بينَ امْتِهَانِه والاطِّرَاح له ونِسْيَانِه ، ( و ) يَحْتَمِل كونَه ( ذَمًّا ، أَي لا يُكِبُّ علَى تِلاَوَتِه ) ، وإِذا نامَ لم يَكُنْ مَعه من القرآن شيءٌ مثل ( إِكْبَاب النائمِ عَلَى وِسَادِه ) ، فإِن كان حَمِدَهُ فالمَعْنى هو الأَوَّل ، وإِن كان ذَمَّه بالمَعْنى هو الآخِرَ ، قال أَبو منصور : وأَشبهُهُما أَنه أَثْنَى عليه وحَمِدَه ، وقد رُوِيَ في حديث آخَر ( مَنْ قَرَأَ ثَلاَثَ آيَات من القُرآنِ لم يَكُنْ *!مُتَوَسِّداً لِلْقُرْآنِ . ( ومِنْ الأَوَّلِ قولُه صلَّى الله عليه وسلَّمَ ) في حديثٍ آخَر ( ( لاَ *!تَوَسَّدُوا القُرْآنَ ) واتْلُوه حَقَّ تِلاَوَتِهِ ولاَ تَسْتَعْجِلُوا ثَوَابَهُ ، فإِنَّ لَهُ ثَوَاباً ) . ( ومن الثاني ) ما يُرْوَى ( أَنَّ رَجخلاً قال لأَبي الدَّرْدَاءِ ) رضي الله عنه : ( إِنّي أُرهيد أَن أَطْلُبَ العِلْمَ فأَخْشَى ) ، وفي بعض النسخ ، بالواو ، ( أَنْ أُضَيِّعَ . فقال : لأَنْ *!تَتَوَسَّدَ العِلْمَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَن *!تَتَوسَّدَ الجَهْلَ ) يقال : *!تَوَسَّدَ فُلانٌ ذرَاعَه ، إِذا نَامَ عليه وجَعلَه *!كالوِسَادَة له ، وقال الليث : يقال : *!وَسَّدَ فُلانٌ فُلاناً *!وسَادَةً ، *!وتَوَسَّدَ *!وِسَادَةً ، إِذا وَضَعَ رَأْسَه عليها ، وقد أَطالَ شُرَّاحُ البخاريّ في شَرْحِ الحَديثينِ ، ولَخَّصَه ابنُ الأَثير في النِّهَاية ، قال شيخُنَا : وما كان ممن الأَلفاظ والتَّراكيب مُحْتَمِلاً كهاذا التركيبِ يُسَمَّى مثلُه عند أَهل البديع الإِيهامَ والتَّوْرِيَةَ والمُوَارَبَةَ ، أَي المُخَاتَلَةَ كما في مُصَنَّفَاتِ البديع .
( ) ومما يستدرك عليه :
*!الإِسادَةُ لُغَة في *!الوِسَادَة ، كما قالوا في الوِشَاحِ إِشَاحٌ .
وفي الحديث ( إِذا *!وُسِّدَ الأَمْرُ ابلى غَيْرِ أَهْلِه فانْتَظِر السَّاعَةَ ) ، أَي أُسْهد وجُعِلَ في غَيْرِ أَهْلِهِ ، يَعنِي إِذَا سُوِّدَ وشُرِّف غيرُ المخسْتَحِقِّ للسِّيَادَةِ والشَّرَفِ . وقيل : إِذا وُضِعَتْ وِسَادَةُ المُلْكِ والأَمرِ والنَّهْيِ لغيرِ مُستحِقِّهِما ، ويكون ( إِلى ) بمعنى ( اللام ) .
____________________

(9/299)



*!والتَّوْسِيد : أَنْ تمدَّ الثلام طُولاً حَيْثُ تَبْلُغُه البَقَرُ .
ويقال لأَبْلَه : هو *!يَتَوَسَّدُ الهَمَّ .
وصد : ( *!الوَصِيدُ ) والأَصِيدُ لغَتَانِ مِثْل الوِكَاف والإِكاف ، نقله الفَرّاءُ عن يونس والأَخفش ، وهما ( : الفِنَاءُ ) ، والجَمْعُ *!وُصُدٌ *!ووَصَائِدُ ، ( و ) قيل : الوَصِيد ( : العَتَبةُ ) لِلْبَابِ ( و ) الوصيد ( بَيْتٌ كالحَظِيرةِ مِن الحِجَارَةِ ) يُتَّخَذُ ( في الجِبَالِ ، للمال ) أَي للغَنَمِ وغيرِهَا ،*! كالوَصِيدةِ ، يقال : غَنَمَهُم في *!الوصَائدِ .
( و ) *!الوَصيدُ ( : كَهْفُ أَصحَابِ الكَهْفِ ) في بَعْضِ الأَقْوَالِ ، وبالوُجُوهِ الثلاثَةِ فُسِّر قولُه تَعَالَى : { وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ *!بِالوَصِيدِ } ( سورة الكهف ، الآية : 18 ) كذا في البصائر للمصنّف ، فلا وَجْهَ لإِنكار شيخِنا عليه .
( و ) الوَصِيدُ أَيضاً ( : الجَبَلُ ) ، أَورَدَه المُصنِّف في البصائر .
( و ) الوَصِيدُ ( : النَّبَاتُ المُتقارِبُ الأُصولِ ) .
( و ) مِن المجاز الوَصِيدُ : ( الضَّيِّقُ ) ، *!كالمُوصَدِ عليه وقد *!أَوْصَدُوا على فُلانٍ : ضَيَّقُوا عليه وأَرْهَقُوه ، كما في الأَساس .
( و ) الوَصِيد ( : المُطْبَقُ ) ، كالوِصَادِ .
( و ) الوَصِيد ( : الذي يُخْتَنُ مَرَّتَيْنِ ) ، أَورَدَه المُصَنِّف في البصائر .
( و ) الوَصِيد ( : الحَظِيرةُ مِن الغِصَنَةِ ) ، بكسر الغين المعجمة وفتح الصاد المهملة ، جمع غُصْنٍ كما سَيَأْتِي ، هاكذا في سائرِ النُّسَخ ، وهو غَلَطٌ ، فإِن *!الأَصِيدَة *!والوَصِيدَة لا تكون إِلاَّ مِن الحِجَارَة ، والذي من الغِصَنَةِ تُسَمَّى الحَظِيرَة ، وقد بَيَّن هاذا الفَرْقَ ابنُ مَنظورٍ وغيرُه . ولمَّا رأَى
____________________

(9/300)


المُصَنِّف في عبارةِ الأَزْهريّ ( والحَظِيرَة مِن الغِصَنَةِ ) بعد قوله ( إِلاَّ أَنَّهَا من الحِجَارَة ) ظَنَّ أَنه مَعْطُوفٌ على ما قَبْلَه ، وليس كذالك فتأَمَّلْ .
( *!والوَصَدُ ، محرّكةً ) ، وضَبطَه الصاغَانيُّ بالفتح ، وهو الصَّوَابُ ( : النَّسْجُ . *!والوَصَّادُ : النَّسَّاجُ ) قال رؤبة :
مَا كَانَ تَحْبِيرُ اليَمَانِي البَرَّادْ
يَرْجُو وَإِنْ دَاخَلَ كُلُّ *!وَصَّادْ
نَسْجِي ونَسْجِي مُجْرَهِدُّ الجُدَّادْ
يقال : *!وَصَدَ النَسَّاجُ بَعْضَ الخَيْطِ في بَعْضٍ *!وَصْداً ، *!وَوَصَّدَه : أَدخَلَ اللّحْمَةَ في السَّدَى .
( *!والمُوَصَّد ، كمُعَظَّم : الخِدْرُ ) أَنشد ثَعلبٌ .
وَعُلِّقْتُ لَيْلَى وَهْيَ ذَاتُ *!مُوَصَّدٍ
وَلَمْ يَبْدُ لِلْأَتْرَابِ مِنْ ثَدْيِهَا حَجْمُ
( *!وأَوْصَدَ ) الرَّجُل ( : اتَّخَذَ حَظِيرَةً ) في الجَبَلِ لحِفْظِ المالِ ، ( *!كاسْتَوْصَدَ ) .
( و ) أَوْصَدَ ( الكَلْبَ وغَيْرَه ) بالصَّيْدِ ( : أَغرَاه ) *!كوَصَّدَه *!تَوْصِيداً .
( و ) أَوصَدَ ( البَابَ : ) أَطْبَقَه وأَغْلَقَه ، *!كَآصَدَه فهو *!مُوصَدٌ ، مثل أَوْجَع فهو مُوجَعٌ ، وفي حديثِ أَصحابه الغَارِ ( فَوَقَعَ الجَبَلُ عَلَى بابِ الكَهْفِ *!فأَوْصَدَه ) أَي سَدَّهُ ، من *!أَوْصَدْتُ البَابَ إِذا أَغْلَقْتَه . *!وأَوْصَدَ القِدْرَ : أَطْبَقَهَا ، والاسم منهما جَمِيعاً *!الوِصَادُ ، حكاه اللِّحيانيُّ . وقوله عز وجل : { إِنَّهَا عَلَيْهِم *!مُّؤْصَدَةٌ } ( سورة الهمزة ، الآية : 8 ) وقرىء *!مُوصَدَة ، بغير هَمْزٍ ، قال أَبو عُبَيْدة : *!آصَدْتُ *!وأَوْصَدْت ، إِذا أَطْبَقْت ، ومعنى *!مُؤْصَدة : مُطْبَقَةٌ عَليهم ، وفي البصائر : هَمَزَهَا أَبو عَمْرٍ و وحَمْزَةُ وخَلَفٌ وَحَفْصٌ واختلف على يَعقُوب ، والبَاقُون بغير هَمْزٍ .
( *!ووَصَدَ ، كوَعَد : ثَبَتَ ) ، وفي النوادر : *!وَصَدْت بالمكانِ أَصِدُ ، ووَتَدْتُ أَتِدُ ، إِذا ثَبَتُّ ، ويقال : *!وَصَدَ الشيءُ : وَصَبَ ، أَي ثَبَتَ ، فهو *!واصِدٌ ووَاصِبٌ ، ومثْلهُ الصَّيْهَدُ والصَّيْهَبُ
____________________

(9/301)


للحَرِّ الشديدِ ، ( وَ ) *!وَصَدَ بالمكان ( : أَقَامَ ) . وهو مأْخوذٌ من عِبَارَة النوادِرِ ، مِثْل وَطَدَ .
( *!والتَّوْصِيدُ : التَّحْذِيرُ ) ، يقال *!وَصَّدَ ، *!وأَوْصَدَه ، إِذا أَغْرَاهُ وحَذَّرَه .
( ) ومما يستدرك عليه :
*!الوَصْدَةُ مِن الرَّجُلِ : خُبْتَةُ سَرَاوِيلِه ، وأَنشد يعقوب :
ومُرْهَقٍ سَالَ إِمْتَاعاً بِوَصْدَتِه
لَمْ يَسْتَعِنْ وَحَوَامِي المَوحتِ تَغْشَاهُ
فسّرَه ابنُ سِيدَه بما تقدَّم وقال : مَعْنَى لم يَسْتَعِن ، أَي لَمْ يَحْلِقْ عَانَتُه .
وطد : ( *!وَطَدَ الشيْءَ *!يَطِدُه *!وَطْداً ) ، بفتح فسكون ، ( *!وطِدَةً ) ، كعِدَة ( فهو *!وَطِيدٌ *!وموْطُودٌ : أَثْبَتَه وثَقَّلَه ، *!كوَطَّدَه ) *!تَوْطِيداً ، ( *!فتَوَطَّدَ ) : ثَبَتَ ، وقال يَصِفُ قَوحماً بكثْرَةِ العَدَدِ :
وَهُمْ *!يَطِدُونَ الأَرْضَ لَوْلاَهُمُ ارْتَمَتْ
بِمَنْ فَوْقَها مِنْ ذِي بَيَانٍ وأَعْجَمَا
*!والواطِدُ : الثابِتُ : والطَّادِي مقْلُوبٌ منه ، وسيأْتي ، وأَنشد ابنُ دُرَيْد ، قال : وأَحْسَبه لِكَذَّابه بَنِي الحِرْمَازِ :
وأُسُّ مَجْدِ ثَابِتٌ *!وَطِيدُ
نَالَ السَّمَاءَ دِرْعُهَا المَدِيدُ
وقد *!اتَّطَدَ .
( و ) *!وَطَدَه ( إِليه : ضَمَّه ) ، ومنه حَدِيث البَرَاءِ بن مالِك ، قالَ يومَ اليَمَامَةِ لخالِدِ بن الوَلِيد ( *!-طِدْنِي إِليك ) أَي ضُمَّنِي إِليك واغْمِزْنِي . وعن أَبِي عَمْرٍ و : *!الوَطْدُ : غَمْزُك الشيْءَ إِلى الشيْءِ وإِثْبَاتُك إِيَّاه . وبه فسّر حَديث ابنِ مَسعودٍ ( أَن زِيَادَ بنَ عَدِيَ أَتَاهَ *!فوَطَدَه إِلى الأَرْضِ . وكان رَجُلاً مَجْبُولاً ، فقال عبدُ الله : اعْلُ عَنِّي . فقال : لا ، حَتّى تُخْبِرَني مَتَى يَهْلِكُ الرجلُ وهو يَعْلَم ، قال : إِذا كَانَ عليهِ إِمامٌ ، إِن أَطَاعَه أَكْفَرَه ، وإِن عَصاه قَتَلَه ) وقال ابنُ الأَثير : *!فوَطَدَه إِلى الأَرْضِ ، أَي غَمَزَه فِيها ، وأَثْبَتَه عليها ، ومَنَعَه من الحَرَكَةِ .
____________________

(9/302)



( و ) من المَجاز *!وَطَّدَ ( له ) عِنْدَه ( مَنْزِلَةً ) ، إِذا ( مَهَّدَها ) *!كوَطَدَهَا ، ( وَ ) *!وَطَّدَ ( الأَرْضَ : رَدَمَها ) ودَاسَها ( لِتَصْلُبَ ) وتَشْتَدَّ .
( و ) *!وَطَدَ ( الشَّيْءُ : دَامَ وثَبَتَ ) ، مثل وَصَدَ فهو *!واطِدٌ ووَاصِد ، ( و ) *!وَطَد الشيءُ *!وَطْداً : دَامَ و ( رَسَا . و ) قال الفراءُ : طَادَ ، إِذا ثَبَتَ ، ودَاطَ *!وَوَطَدَ ، إِذا حَمُقَ ، *!ووَطَدَ ، إِذا ( سَارَ ، ضِدٌّ ) . وبين سَارَ ورَسَاجِنَاسٌ كما لا يَخْفَى .
( و ) وَطَدَ ( لُغَةٌ في وَطِىءَ ومنه ) ما جاءَ ( في رِوَايَة : اللهمَّ اشْدُدْ *!وَطْدَتَك عَلَى مُضَرَ ) ) أَي وَطْأَتَك ، قاله شُرَّاح البُخَارِيّ ، ومنه أَيضاً حَدِيثُ الغَارِ ( فَوَقَع الجَبَلُ عَلَى الكَهْفِ *!فأَوْطَدَه ) أَي سَدَّه بُالهَدْمِ ، قال ابنُ الأَثِير : هاكَذَا رُوَيِ ، وإِنما يقال : *!وَطَدَه ، قال : ولعَلَّه لُغَةٌ ، وقد رُوِيَ : فأَوْصَدَه ، بالصاد ، وقد تَقَدَّم .
( *!والمِيطَدَةُ ) ، بالكسر ( خَشَبَةٌ *!يُوطَد بها أَسَاسُ بِنَاءٍ وغَيْرِه لِيَصْلُب ) ، وقد *!وَطَدَه ، إِذا ضَرَبَه *!بالمِيطَدَةِ ، وقيل : هي خَشَبَةٌ يُمْسَك بها المِثْقَبُ ، كما في اللسان .
( و ) من المَجاز ( *!الوَطَائِدُ : أَثَافِيُّ القِدْرِ ) ، كأَنَّه جَمْع *!وَطِيدَةٍ .
( و ) *!الوطائِدُ ، أَيضاً ( : قَوَاعِدُ البُنْيَانِ ) .
( *!والمُتَواطِدُ : الدائمُ الثابِتُ الذي بَعْضُه في إِثْرِ بَعْضٍ ) ، *!كالواطِدِ والطَّادِى . ( و ) من المَجاز : *!المُتَوَاطِد ( : الشَّدِيدُ ) ، عن أَبي عَمْرٍ و .
( ) ومما يستدرك عليه :
وله عِنْدَه وَطِيدَةٌ ، أَي مَنْزِلَةٌ ثابِتَةٌ ، عن يعقوب .
ومن المَجازِ يقال : *!وَطَّدَ الله للسُّلطانِ مُلْكَه وأَطَّدَهُ ، إِذا ثَبَّتَه .
وعِزٌّ *!مُوَطَّدٌ *!ومَوطُودٌ *!ووَاطِدٌ : ثابِتٌ .
*!ووطَائدُ المَسْجِد : أَساطِينُه . وفُلانٌ مِن وَطَائِدِ الإِسْلام . كما في الأَساس .
وعد : ( *!وعَدَه الأَمْرَ ) ، مُتَعَدِّياً بنفسه ، ( و )
____________________

(9/303)


*!وعَدَه ( بِهِ ) . مُتَعدِّياً بالباءِ وهو رأْيُ كَثيرٍ ، وقيل : الباء زائدةٌ ومَنَع جَماعَةٌ دُخُولَها مع الثلاثيِّ ، قالوا : وإِنما تكون مع الرُّباعيّ ، ( *!يَعِدُ *!عِدَةً ) ، بالكسر ، وهو القياس في كُلِّ مِثَالٍ ، ورُبَّمَا فُتِح كسَعَةٍ ، ( *!ووَعْداً ) ، وهو من المصادر المَجْموعة ، قالوا *!الوُعُودُ ، حكاها ابنُ جِنِّي ، وقوله تعالى : { مَتَى هَاذَا *!الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } ( سورة يونس ، الآية : 48 ) أَي إِنجاز هاذا الوَعْد ، أَرُونَا ذلك . وفي التهذيب : الوَعْدُ *!والعِدَةُ يَكُونَانِ مَصْدَراً واسْماً ، فأَمَّا *!العِدَةُ فتُجْمَع *!عِدَات ، *!والوَعْد لا يُجْمَع ، وقال الفراءُ *!وَعَدْتُ *!عِدَةً ، ويَحذِفون الهاءَ إِذا أَضَافُوا ، وأَنشد :
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فَانْجَرَدُوا
وأَخْلَفُوكَ *!عِدَى الأَمْرِ الذِي *!وَعَدُوا
وقال ابن الأَنبارِيّ وغيرُه : الفَرَّاءُ يقول : *!عِدَةٌ *!وعِدًى ، قال : ويُكْتَب بالياءِ . وفي الصّحاح *!والعِدَةُ : *!الوَعْدُ ، والهاءُ ، عِوَضٌ من الواو ، ويُجْمَع على *!عِدَاتٍ ، ولا يُجْمَع *!الوَعْدِ ، والنِّسْبَةُ إِلى *!عِدَةٍ *!عِدِىٌّ ، وإِلى زِنَةٍ زِنِيٌّ ، فلا تَرُدُّ الواوَ كما تَرُدُّهَا في شِيَةٍ . الفراءُ يقول *!-عِدَوِيٌّ وزِنَوِيٌّ كما يقال شِيَوِيٌّ . قلت : وقوله : ولا يُجْمَع ، أَي لكَوْنِه مَصدَراً ، والمصادِرُ لا تُجْمَع إِلاَّ ما شَذَّ ، كالأَشْغَالِ والحُلُومِ ، كما قاله سيبويهِ وغيرُه ، ( *!ومَوْعِداً *!ومَوْعِدَةً ) ، قال شيخُنَا : هو أَيضاً مِن المَقِيس في باب المِثَالِ ، فيقال فيه مَفْعِلَة بفتح الميم وكسر العين ، وما جَاءَ بالفَتْح فهو علِى خِلافِ القِياسِ كمَوْحَد ، وما مَعَه من الأَلفاظ التي جاءَ بها الجوهريُّ وذكَرَها ابنُ مالِكٍ وغيرُه من أَئمَّةِ الصرْفِ ، وهنا للجوهريِّ مباحثُ وقواعِدُ صَرْفِيَّة أَغفلَها المُصنِّفُ لعدَمِ إِلْمامه بذالك الفَنِّ . قلْتُ : وسَنَسُوقُ عِبَارَةَ الجَوْهَرِيِّ وسَببَ عُدولِ المُصَنِّف عنها قريباً . وفي لسان العرب : ويَكُون *!المَوْعِدُ مصدرَ *!وَعَدْتُه ، ويكون *!المَوْعِد
____________________

(9/304)


وَقْتاً *!لِلْعِدَةِ ، *!والمَوْعِدَةُ أَيضاً اسمٌ لِلْعِدَةِ *!والمِيعادُ لا يكون إِلاَّ وَقْتاً أَو مَوْضِعاً ، *!والوَعْدُ مصدَرٌ حَقيقيٌّ ، *!والعِدَة اسمٌ يُوضَع مَوضِع المَصْدَر . وكذالك *!المَوْعِدَةُ ، قال الله عزّ وجَلّ : { إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ } ( سورة التوبة ، الآية : 114 ) وفي الصّحاح : وكذالك المَوْعِدُ ، لأَن ما كَانَ فاءُ الفِعْل منه وَاراً أَو ياءً ثم سَقَطَتَا في المُسْتَقْبَلِ نحو يَعِدُ ويَزِنُ ويَهَبُ ويَضَعُ ويَئِلُ فإِن المَفْعِلُ منه مَكْسُورٌ في الاسمِ والمَصدرِ جميعاً ، ولا تُبَالِ أَمنصوباً كانَ يَفْعل منه أَو مَكْسوراً بْدَ أَن تكون الواوُ منه ذاهِبةً ، إِلاَّ أَحرُفاً جاءَتْ نَوَادِرَ ، قالوا : دَخَلُوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ ، وفلانٌ ابن مَوْرَقٍ ، ومَوْكَلٌ اسمُ رجُلٍ أَو مَوْضِعٍ ، ومَوْهَبٌ اسمُ رجُلٍ وَمَوْزَنٌ مَوْضِع ، هاذا سَمَاعٌ ، والقِيَاس فيه الكَسْرُ ، فإِن كانت الواوُ مِنْ يَفْعَلُ منه ثابِتَةً ، نحو يَوْجَل ويَوْجَعُ ويَوْسَنُ ففيه الوَجْهَان ، فإن أَردَت به المَكَانَ والاسمَ كَسَرْتَه وإِن أَردت به المَصْدَرَ نَصَبْتَه ، فقلُت مَوْجِلٌ ومَوحجَلٌ ( ومَوْجِعٌ ومَوْجَعٌ ) فإِن كان مع ذالك مُعْتَلَّ الآخِر فالمَفْعَل منه منصوبٌ ، ذهَبَتَ الواوُ في يَفْعل أَو ثَبَتَتْ ، كقولِك المَوْلعى والمَوْفَى والمَوْعَى ، من يَلِي ويَفِي ويَعِي ، قال الإِمام أَبو مُحَمَّد ابن بَرِّيَ : قوله في استثنائه : إِلاّ أَحْرُفاً جاءَتَ نَوَادِرَ ، قالوا : دَخَلُوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ . قال : مَوْحَد ليس من هاذا الباب ، وإِنما هو مَعْدُولٌ عن واحِدٍ ، فيمتَنِع من الصَّرْف للعَدْلِ والصِّفَةِ كأُحَادَ ، ومثلُه ، مَثْنَى وثُنَاءَ ومَثْلَث وثُلاَث ومَرْبَع ورُبَاع ، قال : وقال سيبويهِ : مَوْحعد فتَحوه لأَنّه ليس بمصْدَرٍ ولا مكانٍ ، وإِما هو مَعدولٌ عن واحِدٍ ، كما أَنّ عُمَرَ معدُولٌ عن عامِرٍ ، انتهى . قلت : ولمَّا كان كالأَمْرُ فيه ما ذَكَرَه ابنُ بَرِّيَ ، وأَن بَعْضَ ما استثْنَاهُ مُنَاقَشٌ فيه ومَرْدُودٌ عليه
____________________

(9/305)


لم يَلْتَفِتْ إِليه المُصنِّف ، وزَعَم شيخُنَا سامحه الله تعالى أَنه لجَهْلِه بالقَوَاعِد الصَّرْفِيَّة ، وهو تَحَامُلٌ منه عَجِيبٌ ، ( وَ*!مَوْعُوداً *!ومَوْعُودَةً ) ، قال ابنُ سِيدَه : هو من المصادر التي جاءَت على مَفْعُولٍ ومَفْعُولَةٍ كالمَحْلُوف والمَرْجُوعِ والمَصْدُوقَة والمَكْذُوبَةِ ، قال ابنُ جِنِّي : ومما جاءَ مِن المصادِر مجْمُوعاً مُعْمَلاً قولُهم :
*!مَوَاعِيدَ عُرْقُوبٍ أَخَاهُ بِيَثْرِبِ
قال شيخنا : ووُرُود مَفْعُولٍ مَصْدَراً من الثلاثي الجُمْهُورُ حَصَرُوه في السَّمَاعِ ، وَقَصْروه على الوارد ، وأَبو الخَطَّاب الأَخفشُ الكبيرُ في جَمَاعَة قاسُوه في الثُّلاثيِّ ، كما قاس الكل اسْمَ مَفعولٍ مَصْدَراً في غيرِ الثلاثي ، على ما عُرِف في الصَّرْف .
( و ) *!وَعَدَه ( خَيْراً وشَرًّ ) ، فَيُنْصَبَانِ على المفعوليَّة المُطلقَة ، وقيل : على إِسقَاطَ الجَار ، والصوابُ الأَوّل ، كما حَقَّقَه شيخُنَا ، وعبارَة الفَصِيح : وَعَدْت الرجُلَ خيراً وشَرًّا قال شُرَّاحُه . أَي مَنَّيْتُه بهما ، قال الله تعالى في الخيرِ .
{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } ( سورة الفتح ، الآية : 29 ) ومثلُه كَثِيرُ ، وقال في الشَّرِّ { قُلْ أَفَأُنَبّئُكُم بِشَرّ مّن ذالِكُمُ النَّارُ *!وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } ( سورة الحج ، الآية : 27 ) وأَنْشَدُوا :
إِذَا *!وَعَدَتْ شَرّاً أَتَى قَبْلَ وَقْتِهِ
وَإِنْ وَعَدَتْ خَيْراً أَرَاثَ وعَتَّمَا
قلت : وصَرَّح الزمخشريّ في الأَساس بأَن قولَهم وَعَدْتُه شَرًّا ، وكذا قول الله تعالى : { الشَّيْطَانُ *!يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ } ( سورة البقرة ، الآية : 268 )
____________________

(9/306)


من المَجازِ ، ( فَإِذا أُسْقِطَا ) أَي الخير والشَّرّ ( قِيلَ في الخَيْرِ *!وَعَدَ ) ، بلا أَلف ، ( وفي الشَّرِّ *!أَوْعَدَ ) ، بالأَلف ، قاله المُطرّز ، وحكاه القُتَيْبِيّ عن الفرَّاءه ، وقال اللَّبْليّ في شَرْح الفَصِيح : وهاذا هو المَشْهورُ عند أَئِمَّة اللغَةِ . وفي التهذيب : كلامُ العَرَب : *!وَعَدْتُ الرجُلَ خَيْراً ، ووعَدْتُه شَرًّا ، *!وأَوْعَدْتُه خَيْراً ، *!وأَوْعَدْتُه شَرًّا ، فإِذا لم يَذْكُرُوا الخَيْرَ قالُوا *!وَعَدْتُه ، ولم يُدْخِلُوا أَلِفاً ، وإِذا لم يَذْكروا الشرَّ قالُوا *!أَوْعَدْتُه ولم يُسْقِطُوا الأَلف ، وأَنْشَدَ لِعَامِرِ بنِ الطفَيْل :
وإِنِّي وَإِنْ *!أَوْعَدْتَه أَوْ *!وَعَدْتُهُ
لأَخْلِفُ *!إِيعَادِي وأُنْجِزُ *!مَوْعِدِي
( وقالوا : *!أَوْعَدَ الخَيْرَ ) ، حكاه ابنُ سِيدَه عن ابن الأَعرابِيِّ ، وهو نادِرٌ ، وأَنشد :
يَبْسُطُنهي مَرَّةً *!-ويُوعدُنِي
فَضْلاً طَريفاً إِلى أَيَادَيه
( و ) أَوْعَدَه ( بالشَّرِّ ) ، أَي إذا أَخَلوا الباءَ لم يكن إِلاَّ في الشَّرِّ ، كقولك : أَوْعَدْتُه بالضَّرْبِ ، وعبارةُ الفَصِيحِ : فإِذا أَدْخَلْت الباءَ قُلْتَ : أَوْعَدْتُه بِكَذا وكَذَا ، تَفْنِي مِن الوَعِيد ، قال شُرَّاحُه : معناه مِن الوَعِيد ، قال شُرَّاحُه : معناه أَنهم إِذا أَدْخَلوا الباءَ أَتَوْا بالأَلفِ مَعَهَا ، فقالوا ، أَوْعَدْتُه : بِكَذَا ، ولا تَدْخُلُ البَاءُ في وَعَدَ بغيرٍ أَلِفٍ ، فلا تَقُلْ وَعَدْتُه بِخَيْرٍ وبِشَر وعلى هذا القولِ أَكثَرُ أَهلِ اللغةِ ، قلت : وفي المحكم : وفي الخَيْرِ الوَعْدُ *!والعِدَةُ وفي الشرِّ *!الإِيعادُ *!والوَعِيدُ ، فإِذا قالوا*! أَوْعَدْتُه بالشرّ أَثبتُوا الأَلِفَ مع الباءِ ، وأَنْشَد لبعْضِ الرُّجَّازِ :
*!-أَوْعَدَنِي بِالسِّجْنِ والأَدَاهِمِ
رِجْلِي ورِجْلي شَئْنَةُ المَنَاسِمِ
قال الجوهري : تقديرُه *!-أَوْعَدَني بالسِّجْنِ ، *!وأَوْعَدَ رِجْلِي بالأَدَاهِم ، ورِجْلي شَئْنَةٌ ، أَي قَوِيَّة على القَيْدِ . قلت ، وحكَى ابنُ القُوطِيَّة ،
____________________

(9/307)


*!وَعَدْتُهُ خَيْراً وشَرًّا ، وبِخَيْر وبَشَرَ ، فعلى هذا لا تَخْتَصُّ الباءُ *!بأَوْعَدَ ، بل تكون مَعَهَا ومع وَعَدَ ، فتقول : *!أَوْعَدْته بِشرَ ، *!ووعَدْته بِخَيْرٍ ، لكن الأَكْثَر ما مَرَّ . وحكى قُطْرَب في كِتاب فَعَلْت وأَفعلْت : *!وَعَدْت الرَّجُلَ خَيْراً ، *!وأَوْعَدْتُه خيرا،و*!وعدته شَرًّا ، *!وأَوْعَدْتُه شَرًّا . ( *!والمِيعَادُ : وَقْتُه ومَوْضِعُه و ) كذا ( *!المُواعَدَةُ ) يكون وقتاً ومَوْضِعاً ، قال الجوهَرِيُّ ، وكذالك *!المَوْعِدُ ، أَي يكون وَقْتاً ومَوْضِعاً . وفي الأَساس : وهاذا الوَقْتُ والمَكَانُ *!مِيعَادُهم *!ومَوْعدُهُم .
( *!وتَوَاعَدُوا *!واتَّعَدُوا ) بمعنًى واحدٍ ، ( أَو الأُولَى في الخَيْرِ ، والثانِيَةُ في الشَّرِّ ) ، وهاذا الفَرْقُ هو المَشْهورُ الذي عليه الجُمهُورُ ، ففي اللّسَان : *!اتَّعَدْت الرَّجُلَ ، إِذا *!أَوْعَدْتَه ، قال الأَعْشَى :
فَإِنْ *!-تَتَّعِدْنِي *!أَتَّعِدْكَ بِمِثْلِهَا
وقال أَبو الهيثم : *!أَوْعَدْت الرجُلَ *!أُوعِدُه *!إِيعَاداً ، *!وتَوَعَّدْتُه *!تَوَعُّداً . *!واتَّعَدْت *!اتِّعَادا ، ( *!ووَاعَدَه الوَقْتَ والمَوْضِعَ ) وواعَدَه ( *!فَوَعَدَه : كَانَ أَكْثَرَ *!وَعْداً مِنه ) ، وقال أَبو مُعاذٍ :*! وَاعَدْتُ زَيْداً ، إِذ وَعَدَك *!وَوَعَدْتَه ، *!ووَعَدْتُ زَيْداً ، إِذا كان الوَعْدُ منك خاصَّةً .
( و ) من المَجاز ( فَرَسٌ *!وَاعِداً : يَعِدُكَ جَرْياً بعْدَ جَرْيٍ ) ، وعبارَةُ الأَساسِ : يَعِدُ الجَرْيَ . ( و ) من المَجاز أَيضاً ( سَحَابٌ ) واعِدٌ ، ( كأَنَّهُ وَعَدَ بالمَطَرِ ، و ) من المَجاز أَيضاً ( يَوْمٌ ) واعِدٌ : ( يَعِدُ بالحَرِّ ) وكذا عَامٌ واعِدٌ ، ( أَو ) يَوْمٌ واعِدٌ : *!يَعِدُك ( بالبَرْدِ أَوَّلُه ) ، ويقال : يَوْمُنَا يَعِدُ بَرْداً ، ويَوْمٌ *!واعِدٌ ، إِذا *!وَعَدَ أَوَّلُه بَحَرَ أَو بَرْدٍ ، كذا في اللسان .
( و ) من المَجاز أَيضاً : ( أَرْضٌ *!واعِدَةٌ : رُجِيَ خَيْرُهَا مِن النَّبْتِ ) ، قال الأَصمعيُّ : مَرَرْتُ بأَرْضِ بني فُلانٍ غِبَّ مَطَرٍ وَقَعَ بها فرأَيْتُهَا وَاعِدَةً ، إِذا رُجِيَ خَيْرُهَا وتَمَامُ نَبْتِها في أَوَّلِ
____________________

(9/308)


ما يَظْهَرُ النَّبْتُ ، قال سُوَيْدُ بن كُرَاع :
رَعَى غَيْرَ مَذْعُورٍ بِهِنَّ ورَاقَهُ
لُعَاعٌ تَهَادَاهُ الدَّكَادِكُ*! وَاعِدُ
( و ) اشتدّ ( *!الوَعِيدُ ) وهو ( التَّهْدِيد ) ، وقد أَوْعَدَه ، وقال يَعقُوبُ عن الفَرصاءِ : وفي الخَيْرِ *!الوَعْدُ *!والعِدَةُ ، وفي الشَّرّ *!الإِيعادُ *!والوَعِيدُ ، وحكاه أَيضاً صاحِبُ المُوعب ، قال : وقالوا : الجَنَّةُ لِمَن خَافَ وعيدَ الله ، كسروا الواو .
( و ) من المَجاز : الوَعِيدُ ( : هَدِيرُ الفَحْلِ ) إِذا هَمَّ أَن يَصُولَ . وفي الحديث ( دَخَلَ حَائِطاً مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ فإِذا فيه جَمَلاَنِ يَصْرِفَانِ *!ويُوعِدَانِ ) ، أَي يَهْدِرَانِ ، وقد *!أَوْعَدَ *!يُوعِدُ *!إِيعاداً .
( *!والتَّوَعُّد : التَّهْدُّد ، *!كالإِيعادِ ) ، وقد *!أَوْعَدَه *!وتَوَعَّدَهُ . وقال أَبو الهيثم : *!أَوْعَدْتُ الرجُلَ *!أَوعِدُه *!إِيعَاداً ، *!وتَوَعَّدْتُه *!تَوَعُّداً ، *!واتَّعَدْت *!اتِّعَاداً ، ونقلَ ابنُ مَنْظُورٍ عن الزَّجَّاجِ أَنَّ العَامَّة تُخْطِىءُ وتقول أَوْعَدَنِي فُلاَنٌ مَوْعِداً أَقِفُ عَلَيْهِ .
( *!والاتِّعَادُ : قَبُولُ *!العِدَةِ ، وأَصلُه الاوتِعَادُ ، قَلَبُوا الوَاوَ تَاءً وأَدْغَمُوا ، وناسٌ يَقُولون *!ائْتَعَد *!يَأْتَعِد ) *!ائْتِعَاداً ( فهو *!مُؤْتَعِدٌ ، بالهَمْز ) ، كما قالوا يَأْتَسِرُو في ائْتِسارِ الجَزُورِ ، قال ابنُ بَرِّيَ : صَوَابُه *!ايتَعَدَ ، *!يَاتَعِدُ ، فهو *!مُوتَعِدٌ ، من غير همزٍ ، وكذالك ايتَسَرَ ، يَاتَسِرُ ، فهو مُوتَسِرٌ ، بغير هَمْزٍ ، وكذلك ذَكَرَه سِيبويه ، وأَصْحَابُه يُعِلُّونَه على حَرَكَةِ ما قَبْلَ الحَرْفِ المُعْتَلِّ ، فيجعَلُونَه يَاءً إِن انْكَسَرَ مَا قَبْلَها ، وأَلِفاً إِن انفتح ما قَبلهَا ، وواوا إِن انضمّ ما قَبْلَها ، ( قال ) ولا يَجُوز بالهمز ، لأَنه لا أَصْلَ له في باب الوَعْد ، واليسْرِ ، وعلى ذالك نَصَّ سِيبويهِ وجميعُ النحويِّينَ البصرِيِّينَ ، كذا في اللسان .
( ) ومما يستدرك عليه :
*!المَوْعِدُ : العَهْدُ ، وبه فسّرَ مُجَاهِدٌ قولَه تعالى : { مَآ أَخْلَفْنَا *!مَوْعِدَكَ
____________________

(9/309)


بِمَلْكِنَا } ( سورة طه ، الآية : 87 ) وكذالك قوله : { 9 . 028 فاءَخلفتم موعدي } ( سورة طه ، الآية : 86 ) قال : عَهْدِي .
ويقال للدّابَّة والماشِيَةِ إِذا رُجِيَ خَيْرُهَا وإِقْبَالُها : واعِدٌ ، وهو مَجازٌ .
ويقال : هذا غُلامٌ تَعدُ مَخايِلُه كَرَماً ، وشِيَمُه تَعِدُ جَلَداً وصَرَامَةً ، وهو مَجَازٌ ، وقال بعضُهم : فُلان يَتَّعِدُ إِذا وَثِقَ بَعِدَتِك ، وقال :
إِنِّي ائْتَمَمْتُ أَبَا الصَّبَّاحِ *!-فَاتَّعِدِي
وَاسْتَبْشِرِي بِنَوَالٍ غَيْرِ مَنْزُورِ
{ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ } ( سورة البروج ، الآية : 2 ) يومِ القيامة ، كقوله تعالى : { مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } ( سورة الواقعة ، الآية : 50 ) وفي الأَمْثَال ( *!العِدَةُ عَطِيَّةٌ ) أَي تُعدُّ لَها أَو يَقْبُح إِخْلاَفُهَا كاسترِجَاعِ العَطِيَّة ، وقولهم ( *!وَعَدَه عِدَةَ الثُّرَيَّا بالقَمَرِ ) ، لأَنهما يَلْتَقِيَانِ في كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً ، قاله الميدانيُّ .
والطَّائِفَةُ *!الوَعيدِيَّةُ ، فِرْقَةٌ من الخَوَارِج أَفْرَطوا في الوَعِيدِ فقالوا بِخُلوده الفُسَّاق في النّار .

تابع كتاب تذييل .
قال الله تعالى : { 9 . 029 وذ *!واعدنا موسى أربعين ليلة } ( سورة البقرة ، الآية : 51 ) قرأَ أَبو عَمْرٍ و : وَعَدْنَا بغيرِ أَلفٍ ، وقرأَ ابنُ كَثِيرٍ ونَافِعٌ وابنُ عامِرٍ وعاصمٌ وحَمْزَةُ والكسَائيُّ : واعَدْنَا ، بالأَلف ، قال أَبو إِسحَاقَ ، اخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِن أَهلِ اللغةِ ( وإِذ *!وَعَدْنَا ) بغير أَلفٍ وقالوا : إِنما اخْتَرْنَا هذا لأَن *!المُوَاعَدَة إِنما تَكُونُ مِن الآدَمِيّينَ ، فاختارَوا ( *!وَعَدْنا ) وقالُوا : دليلنا قولُ الله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ *!وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقّ } ( سورة إبراهيم ، الآية : 22 ) وما أشبَهَه ، قال : وهذا الذي ذَكَرُوه ليس مِثْلَ هاذا . وأَمّا *!وَاعَدْنَا هذا فجيد ، لأن الطاعَةَ في القَبُولِ بمنزِلةِ *!المُوَاعَدَةِ فهو من الله وَعْدٌ ومِن مُوسى قبولُ واتِّبَاعٌ ، فَجَرَى مَجْرى *!المُواعَدَة ، وقد أَشارَ له في التهذيب والمُحكم ، ونُقَل مثلُ ذلك عن ثَعْلبٍ .
____________________

(9/310)



تكميل :
قالوا : إِذا وَعَدَ خَيْراً فلم يَفْعَلْه قالوا : أَخْلَفَ فُلانٌ ، وهو العَيْبُ الفاحِش ، وإِذا أَوْعَدَ ولم يَفْعَلْ فذلك عندهم العَفْوُ والكَرَمُ ، ولا يُسَمُّون هاذا خُلْفاً ، فإِن فَعَلَ فهو حَقُّه ، قال ثَقلبٌ : ما رَأَيْنَا أَحَداً إِلاَّ وقولُه إِن الله جلَّ وَعَلاَ إِذا وَعَدَ وَفَى وإِذا أَوْعَدَ عَفَا ، وله أَن يُعَذِّب . قاله المُطرّز في الياقُوت ، وحَكَى صاحبُ المُوعب عن أَبي عمرِو بنِ العَلاَءِ أَنه قال لعَمْرِو بن عُبَيْدٍ إِنّك جاهِلٌ بلُغةِ العَرَب ، إِنهم لا يععُدُّونَ العَافيَ مُخْلِفاً ، إِنما يَعُدُّون مَن وَعَدَ خَيْراً فلم يَفْعَلْ مُخْلِفاً ، ولا يَعُدُّونَ مَن وَعَدَ شَرًّا فعَفَا مُخْلفاً . أَمَا سَمِعْت قولَ الشاعرِ :
وَلاَ يَرْهَبُ المَوْلَى ولاَ العَبْدُ صَوْلَتِي
وَلاَ اخْتَتِي مِنْ صَوْلَةِ المُتَهَدِّدِ
وإِنِّي وإِنْ أَوْعَدْتُه أَوْ وَعَدْتُه
لَمُخْلِف إِيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي
وقد أَوْسَع فيه صاحبُ المُجْمل في رِسَالةٍ مُخْتَصَّةٍ بالفَرْق بين الوَعْد والوَعِيد ، فراجِعْهَا .
واختُلِف في حُكْم الوفاءِ *!بالوْعد ، هل هو واجِبٌ أَو سُنَّة ؟ أَقوالٌ . قال شيخُنَا : وأَكثرُ العلماءِ على وجوب الوفَاءِ بالوَعْدِ وتَحْرِيمِ الخَلْفِ فيه ، وكاَتْ العرَبُ تَستَعِيبه وتَسْتَقْبِحه ، وقالوا : إِخْلافُ الوَعْد من أَخلاق الوَغْد ، وقيل : الوَفَاءُ سُنَّة ، والإِخلاف مكروهٌ واستَشْكَلَه بعضُ العلماءِ ، وقال القاضي أَبو بكر بن العَرَبيّ بعد سَرْدِ كلامٍ : وخُلْفُ الوَعدِ كَذِبٌ نِفاقٌ ، وإِن قَلَّ فهو مَعْصِيَةٌ . وقد أَلَّف الحافِظُ السَّخَاوِيُّ في ذالك رِسَالَةً مستقلَّة سمَّاهَا ( الْتِمَاس السَّعْد في الوَفَاءِ بالوَعْد ) جمعَ فيها فأَوْعَى . وكذَا الفقيه أَحمد بن حَجَر المَكِّيّ أَلَمَّ على هاذا البَحْثِ في ( الزَّواجِرِ ) ، ونَقلَ احاصِلَ كلامِ السَّخاوِيّ بِرُمَّتِه ، فراجِعْه ، ثمّ قال شيخُنَا : وأَمَّا الأَخْلافُ في *!الإِيعاد الذي هو كَرَمٌ وعَفْوٌ فمُتَّفَقٌ على تَخَلُّفِه والتمدُّحِ بِترْكِه ، وإِنما اختَلَفوا في تَخَلُّفِ الوَعِيدِ بالنِّسْبَة إِليه تَعالَى ، فأَجَازَه جَمَاعَة
____________________

(9/311)


وقالُوا : هو من العَفْوِ والكَرَمِ اللائقِ به سُبْحَانَه . ومَنَعَه آخَرُونَ ، وقالوا : هو كَذِبٌ ومُخَالِفٌ لِقَوْلِه تَعالى : { مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ } ( سورة ق ، الآية : 29 ) وفيه نَسْخُ الخَبَره ، وغير ذالك ، وصُحِّح الأَوَّلُ وقد أَورَدَهَا مبْسُوطَةً أَبو المُعِين النَّفسيّ في التَّبْصِرَة . فراجِعْهَا ، والله أَعلَمُ .
وغد : ( *!الوَغْدُ : الأَحمقُ الضَّعِيفُ ) الخَفيفُ العقلْ ( الرَّذْلُ الدَّنِىءُ ) الخَسِيس ، ( أَو ) هو ( الضَّعِيفُ جِسْماً ، وقد *!وَغُدَ ، ككَرُمَ ، *!وَغَادَةً ) فهو *!وَغْدٌ .
( و ) الوَغْدُ ( : الصَّبِيُّ ) .
( و ) الوَغْدُ ( : خادِمُ القَوْمِ ) وقد *!وَغَدَهم *!يَغِدُهُم *!وَغْداً : خَدَمَهم ، وقيل : هو الذي يَخْدُم بِطَعَامِ بَطْنِه . كذا في الأَساس واللسان ، وفي شَرْحِ لامِيَّة الطغْرائِيّ عند قَوْله :
مَا كُنْتُ أُوثِرُ أَنْ يَمْتَدَّ بِي زَمَنِي
حَتَّى أَرَى دَوْلَةَ الأَوْغَادِ والسَّفَلِ
قال : الأَوْغَاد : جَمْعُ وَغْدٍ ، وهو الدِّنِىءُ الذي يَخْدُم بِطَعَامِ بَطْنِه . وقيل : هو الذي يأْكُلُ ويَحْمِل ، وأَمّا الوَغْلُ ، باللام ، فهو الضعيفُ الخَامِلُ الذي لا ذِكْرَ لَه ، ( ج *!أَوْغَادٌ *!وُغْدَانٌ ) بالضمّ وهاذه عن الصاغانيّ ، ( *!ووِغْدَانٌ ) بالكَسْر ، يقال : هو من أَوْغَادِ القَوْمِ *!ووُغْدَانِهم *!ووِغْدانِهم ، أَي من أَوذِلاَّئِم وضُعَفائهم .
( و ) *!الوَغْدُ ( : ثَمرُ البَاذِنجَانِ ) كالمَغْدِ ، وقد تقدَّم مِراراً أَن المُصنِّف لم يَذْكر الباذِنْجَان في مَوْضِعه ، كأَنّ لشُهْرَته ، وفيه تَأَمُّلٌ .
( و ) *!الوَغْدُ ( قِدْحٌ ) مِن سِهَام المَيْسِر ( لا نَصِيبَ له ) ، ومُقْتَضَى عِبَارَةِ الأَساس أَنه الأَصل وما عَدَاه مِن المعاني رَاجِعَةٌ إِليه ، كالدَّنِىءَ والخَسِيسِ والذَّلِيلَ والصَّبِيِّ .
( و ) من ذالك الوَغْدُ : ( العَبْدُ ) ، قال أَبو حاتمٍ : قلت لأُمِّ الهَيْثَمِ : أَوَ يُقَالُ للعَبْدِ : *!وَغْدٌ ؟ قالت : ومَن *!أَوْغَدُ منه .
____________________

(9/312)



( *!والمُوَاغَدَةُ : لُعْبَةٌ ) لهم ، نقله الصاغانيُّ ، يَفعَل فيها اللاعِبُ كفِعْلِ صاحِبه .
( و ) *!المُوَاغَدَةَ أَيضاً ( : أَنْ تَفْعَلَ كفِعْلِ صَاحِبِكَ ، و ) خَصَّ بعضُهم به السَّيْرَ ، وذالك أَن تَسيرَ مثْلَ سَيْرِ صاحِبك ، وهي ( المُجَارَاةُ ) والمُوَاضَخَةُ ، ( وقد تَكُون ) المُوَغَدَة ( لِنَاقَةٍ واحِدَةٍ ، لأَنَّ إِحْدَى يدَيْهَا ورِجْلَيْهَا *!تُوَاغِدُ الأُخْرَى ) ، *!ووَاغَدَت النَّاقَةُ الأُخْرَى : سارَتْ مِثْلَ سَيْرِهَا ، أَنشدَ ثعلَبٌ :
*!مُواَغِدٌ جَاءَ له ظَبَاظِبُ
وفد : ( *!وَفَدَ إِليه وعَلَيْهِ *!يَفِدُ *!وَفْداً ) ، بفتح فسكون ، ( *!ووُفُوداً ) ، بالضَّمّ ، ( *!ووِفَادَةً ) ، بالكسر ، ( *!وإِفَادَةً ) ، على البَدَلِ ( : قَدِمَ ) ، فهو *!وافِدٌ ، قال سِيبويهِ : وسمعناهم يُنْشِدُونَ بيت ابنِ مُقْبِلٍ .
إِلاَّ *!الإِفَادَةَ فَاسْتَوْلَتْ ورَكائِبُنَا
عِنْدَ الجَبَابِيرِ بِالْبَاسَاءِ والنِّعَمِ
كذا نَصّ المُحْكَمِ ، وقال الأَصْمَعِيُّ : وَفَدَ فُلاَنٌ *!يَفِدُ *!وِفَادَةً ، إِذَا خَرَج إِلى مَلِكٍ أَو أَميرٍ . ( و ) في الصّحاح والأَساس :*! وَفَدَ فُلانٌ علَى الأَمِيرِ ، أَي ( وَرَدَ ) رَسُولاً ، فهو *!وَافِدٌ ، وهاكذا أَورَدَه المُصَنِّففي البصائر ، ( *!وأَوْفَدَه علَيْه ) ، وهي بَقِيَّةُ عِبَارَةِ المُحْكَم ، ومثلُه في الأَساس ، ( و ) *!أَوْفَدَه ( إِلَيْه ) . من عبارة الجوهَرِيِّ ، ونَصُّها : *!وأَوْفَدْتُه أَنا إِلى الأَمِيرِ : أَرْسَلْتُه ، واقْتَصَرَ على هاذِه المُصَنِّفُ في البَصَائِر ، وأَوْرَدَه ابنُ سِيدَه أَيضاً بَعْدَ سِياقِ الكلامِ ، ( فَهُمْ *!وُفُودٌ ) ، بالضمِّ ، جَمْعُ *!وَافِدٍ ، ( *!ووَفْدٌ ) ، هو اسمٌ للجَمْعِ ، وقيل جمْع *!وافِدٍ ، كصَحْبٍ وصَاْبٍ ، ( *!وأَوْفَادٌ ) ، قال شيخُنَا : تَسَامَحُوا فيه لأَنه مُعْتَلُّ الأَوَّلِ ، ( *!ووُفَّدٌ ) ، كرُكَّع ، وزاد الزَّمخشريُّ فقال : *!ووُفَّادٌ .
( و ) من المَجاز ( *!الوَافِدُ ) هو ( : السابقُ من الإِبلِ ) ، وعليه اقتصرَ في اللسانِ ، وزاد غيرُه : ( والقَطَا ) ، وفي الأَساس : الطَّيْرِ ، قال : وهو الذي يتقَدَّم
____________________

(9/313)


( سائِرَها ) في السَّيْرِ والوُرُودِ .
( و ) من المَجازِ : *!الوافِد : هو ( المُرْتَفِع ) الناشِزُ ( مِن الحدِّ عند المَضْغِ ) . وفي البصائر : *!والوافِدَان في قَوْلِ الأَعْشَى :
رَأَتْ رَجُلاً غَائِبَ *!الوَافِدَيْنِ
مُخْتَلِفَ الخَلْقِ أَعْشَى ضَرِيرَا
هُمَا النَّاشِزَانِ مِن الخَدَّيْنِ عند المَضْغِ ، ( و ) من ذالك قولهم : ( مَنْ شَابَ غَاب *!وافِدَاهُ ) .
( *!ووافِدٌ : حَيٌّ ) من العَرَب .
( *!والإِيفادُ الإِشرَافُ ) على الشيْءِ ، وأَنشد في البصائر لِحُمَيْدِ بن ثَوحرٍ الهلاليِّ رضي الله عنه :
تَرَى العِلاَفِيَّ عَلَيْهَا *!مُوفِدَا
كَأَنَّ بُرْجاً فَوْقَهَا مَشَيَّدَا
أَي مُشْرفاً ، ويقال للفرسِ : ما أَحْسَنَ ما أَوْفَدَ حَارِكُه ، أَي أَشْرَفَ ، وهو مَجاز ، ( *!كالتَّوفُّدِ . و ) *!الإِيفادُ أَيضاً ( : الإِرْسالُ ) ، وقد *!أَوْفَده عليه وإِليه ، كما تقدَّم ، ( *!كالتَّوْفِيدِ ) ، يقال : وفَّدُه الأَمِيرُ إِلى الأَمِيرِ الذي فَوْقَه ، إِذا أَرْسَلَه .
( و ) *!الإِيفاد ( : رَفْعُ الرِّيمِ رَأْسَه ونَصْبُه أُذُنَيْهِ ) ، قال تَمِيمُ بن مُقْبِل :
تَرَاءَتْ لَنَا يَوْمَ السِّيَارِ بِفَاحِمٍ
وسُنَّةِ رِيمٍ خَافَ سَمْعاً *!فَأَوْفَدَا
( و ) *!الإِيفاد ( : الأَسراعُ ) ، وهو في شعر ابنِ أَحْمَر ( و ) من المجاز : الإِيفاد ( : الارْتِفَاعُ ) ، يقال : *!أَوْفَدَ الشيءُ ، إِذا ارتَفَعَ ، كما في الأَساس ، وفي اللسان أَوْفَدَ الشيءَ : رَفَعَه ، وأَوْفَدَ هو : ارتفع .
____________________

(9/314)



( *!والوَفْدُ : ذِرْوَةَ الحَبْلِ ) بالحاءِ المهملة وسْمون الموحَّدة ( من الرَّمْلِ المُشْرِفِ ) ، هاكذا في نُسْختنا ، ومثله في اللسان ، وفي بعض النُّسخ : ذِرْوَةَ الجَبَلِ ، ومن الرَّمْل : المُشْرِف .
( و ) من المجاز ( *!المُسْتَوْفِدُ : المُسْتَوْفِزَ ) ، يقال : فُلانٌ *!مُسْتَوْفدٌ في قِعْدَته ، أَي مُنْتَصِبٌ غيرُ مُطْمَئِنَ ، كمُسْتَوْفزِ ، وفي الأَسَاس : *!اسْتَوْفَد في قِعْدَتِه : ارْتَفَع وانْتَصَبَ ، ورأَيْتُه *!مُسْتَوْفِداً .
( وبَنُو وَفْدَانَ ) ، بالفَتْح ( : حَيٌّ ) من العرب ، أَنشد ابنُ الأَعْرَابِي :
إِنَّ بَنِي وَفْدَانَ قَوْمٌ شُكُّ
مِثْلُ النَّعَامِ والنَّعَامُ ضُكُّ
( *!والأَوْفَاد : قومٌ ) .
( و ) يقال ( هُمْ على *!أَوْفَادٍ ) ، أَي ( على سَفَرٍ ) قد أَشْخَصَنَا ، أَي أَقْلَقَنا ، كأَوْفَازٍ .
( ) ومما يستدرك عليه :
هو كثير الوِفَاءِ على المُلُوك . وما أَوْفَدَكَ عَلَيْنَا ، *!-واسْتَوْفَدَني ، وتَوَافَدْنَا عليه .
ومن المَجاز : الحَاجُّ وَفْدُ الله . وَبَيْنَا أَنا في ضِيقٍ إِذْ أَوْفَد الله عَلَيَّ بِرَجُلٍ فأَخْرَجَني منه . بمعنَى جاءَني به .
وَرَكَبُ *!مُوفِد : مُرْتَفِع ، وكذا سَنَامٌ مُوفِدٌ .
*!وتَوَفَّدت الإِبلُ والطَّيْرُ : تَسابَقَت ، كذا في اللسانِ ، وعِبَارة الأَساس : *!تَوَفَّدَت الأَوْعَالُ فوقَ الجَبَلِ : أَشْرَفَت . وفي التكملة : تَشَوَّفَتْ . وكلّ ذالك مَجَازٌ .
*!والأَوْفَاد : قَوْمٌ مِن العَربِ ، أَنْشَد ابنُ الأَعْرَابيّ :
فَلَوْ كُنْتُمْ مِنَّا أَخَذْتُمْ بِأَخْذِنَا
ولاكِنَّمَا *!الأَوْفَادُ أَسْفَلَ سَافِلِ
____________________

(9/315)



*!وَوَافِدُ بنُ سَلاَمَةَ ، رَوَى حَدِيثَه ضَمْرَةُ بن رَبِيعةَ .
ووافِدُ بنُ مُوسَى الذَّارِع ، يقال فيه بالقاف أَيضاف .
وأَبُو وَافِدٍ ، روى عنه عبدُ الجبَّار بن نافِعٍ الضَّبِّيّ ، ومحمّد بن يوسف بن وافِد ، وأَبو بكر يحيى بن عبد الرحمان بن وافِدٍ اللَّخْمِيّ قَاضِي قُرْطَبَةَ ، وأَبو المَرَجَّا سالِمُ بن ثِمَالِ بن عَفَّانَ بن وافِدٍ ، كذا في التبصير للحافظ .
تكميل :
قد تَكَرَّر لَفْظُ الوَفْدِ في الحديثِ ، وهم القَوْمُ يَجْتَمِعُون فَيَرِدُون البلادَ ، واحدُهُم وافدٌ ، وكاذلك يَقْصِدُونَ الأُمراءَ لِزيارَةٍ واسْتِرْفادٍ وانْتِجاعٍ وايرِ ذالك ، وفي الحديث ( وَفْدُ الله ثَلاَثَةٌ ) وفي حديث الشهيد ( ( فإِذا قُتلَ ) فهو وافِدٌ لِسَبْعِينَ يَشْعِدُ لهم . وقوله : ( أَجِيزُوا الوَفْدَ بِنَحْوِ ما كُنْتُ أُجِيزُهم ) . وقال النَّوَوِيُّ : الوَفْدُ : جَمَاعَةٌ مُخْتَارَةٌ للتقَدُّم في لِقَاءِ العُظماءِ . وقال الزّجَّاج في تَفْسِير قوله تعالى : { يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَانِ وَفْداً } ( سورة مريم ، الآية : 85 ) قيل الوَفْدُ : الرُّكْبَانُ المُكَرَّمُونَ . وفي تفسير ابنِ كَثِير ، ومنه أَخَذَ أَحَدُ الجَلالَيْنِ ، أَنَّ الوَفْدَ القَادِمُونَ رُكْبَاناً . وفي العِنَايَةِ للخَفَاجِيّ أَنَّ أَصْلَ الوُفودِ القُدُومُ على العظماءِ للعَطَايَا والاسْتِرْفَادِ . وفي شرْحهِ للشفاءِ أَثْنَاءَ إِعجازِ القرآنِ : أَصْلُ مَعْنَى الوَفْدِ الإِشْرَافُ . هاذه أَقوالهم ، وظاهرُ كلامِ المصنف كغيرِه من الأَئمَّةِ أَن *!الوَفْد *!والوُفُودَ هم القَوْمُ القادِمُون مُطلَقاً ، مُشاةً أَو رُكْبَاناً ، مُخْتَارِين للقاءِ العُظَماءِ أَوْلاَ ، كما هو ظاهِرٌ ، ويمكن أَن يقال إِن كلامَ النَّوَوِيّ وغيرِه استعمالٌ عُرْفِيٌّ ، وكلامَ المُصَنِّف وغيرِه استعمالٌ لُغَويّ ، والله أَعلم .

____________________

(9/316)


وقد : ( *!الوَقَدُ ، محرّكةً : النَّارُ ) نَفْسُها ، قاله ابنُ فارِس ، ومنه قولهم : ما أَعْظَمَ هاذا الوَقَدَ . ( و ) الوَقَدُ أَيضاً ( : *!اتِّقادُهَا ) ، أَي فهو مَصدر أَيضاً ، ( *!كالوَقْدِ ) ، بفتح فسكون ، ( *!والوُقودِ ) ، بالضم ، ( والوَقُودِ ) ، بالفتح ، الأَخير عن سِيبويه ، وفي البصائر : وهاذا شَاذٌّ ، والأَكثر أَن الضمَّ للمصدرِ والفَتْحَ للحَطَبِ . وقال الزّجَّاجُ : المَصْدَر مَضمومٌ ويجوز فيه الفَتْح ، وقد رَوَوا : *!وَقَدَتِ النَّارُ *!وَقُوداً ، مثل قَبِلَتْ الشيْءَ قَبُولاً ، وقد جاءَ في المصدر فَعُولٌ والباُ الضَّمُّ ، ( *!والقِدَةِ ) كالعِدَة ( *!والوَقَدَانِ ) ، مُحَرَّكة ، وزاد في الصّحاح : والوَقِيد . ( *!والتَّوَقُّدِ *!والاسْتِيقَادِ . والفِعْلُ ) وَقَدَ ، ( كوَعَدَ ) ، قال الجَوْهَرِيُّ : وَقَدَت النارُ *!تَقِدُ *!وُقُوداً ، بالضّمّ ، ( و ) قد ( *!أَوْقَدْتُهَا ) *!إِيقاداً . ( و ) في عبارة الليث : ( *!اسْتَوْقَدْتُها ) *!اسْتِيقاداً ، ( *!وتَوَقَّدْتُهَا ) ، وقد *!وَقَدَت هي *!وتَوَقَّدَت *!واتَّقَدَتْ *!واسْتَوْقَدَتْ ، أَي هاجَتْ ، *!وأَوْقَدَها هو *!ووَقَّدَهَا ، فهو لازِمٌ مُتعَدَ . وفي الأَساس *!أَوْقَدْتُهَا : رَفَعْتُها *!بالوَقُودِ .
( *!والوَقُودُ ، كصَبورٍ : الحَطَبُ ) ، قال الأَزهريُّ : قَولُه تعالى : { النَّارِ ذَاتِ *!الْوَقُودِ } ( سورة البروج ، الآية : 5 ) معناه ذات *!التَّوَقُّدِ ، فيكون مَصدَراً ، أَحْسَنُ من أَن يكون الوَقُودُ الحَطَبَ . قال يعقوبُ ، وقُرىءَ ذَاتُ الوُقُودِ ، وقال تَعَالَى : { *!وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } ( سورة البقرة ، الآية : 24 ) وقيل : كأَنّ *!الوَقُودَ اسمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ المصدَرِ ، وعن الليث : الوَقُودُ . ما تَرَى مِنْ لَهَبِها ، لأَنّه اسمٌ ، والوُقُود المَصْدَر ، وقال غيره : وكُلُّ ما *!أَوْقَدْتَ به فهو *!وَقُودٌ ، ( *!كالوِقَادِ ) ، بالكسر ، ( *!والوَقِيدِ . وقُرِىءَ بِهِنَّ ) ، يَعْنهي اللّغاتِ الثلاثة .
وفي البصائر : وقَرَأَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ( وأُولائك هُمْ *!وِقَادُ النَّارِ ) وقرأَ عُبَيْد بن عُمَيْرِ ، ( *!وَقِيدُهَا الناسُ والحِجَارَة ) وأَغْفَل الوُقودَ ، بالضمّ ، وقد قُرِىءع أَيضاً ( النَّارِ ذاتِ *!الوُقُودِ ) كما أَسْفَلْنَاه عن يَعْقُوب ، وعزَاها
____________________

(9/317)


في البصائرِ إِلى الحَسَن وأَبي رَجَاءِ العَطَارِدِيّ وزَيْدٍ النَّحويّ .
( *!والوَقَّادُ ، ككَتَّانٍ ) ، وفي بعض النُّسخ كشَدَّادٍ : الرجلُ ( الظَّرِيفُ الماضِي ) ، وهو مجاز ، ( *!كالمُتَوقِّدِ ) .
( و ) الكوْكبُ *!الوَقاد ( : المضىءَ ) .
( و ) *!الوَقَّادُ ( من القُلُوبِ : السَّرِيعُ *!التَّوَقُّد في النَّشَاطِ والمَضَاءِ الحَادُّ ) وهو مَجازٌ أَيضاً ، ومنهم من جَعَل الأَوّل مَجَازَ المَجَازِ . ( *!والوَقْدَةُ ) ، بفتح فسكون ( : أَشَدُّ الحَرِّ ) وهي عَشَرَةُ أَيّامغ أَو نِصْفُ شَهْرٍ .
ومن المَجازِ : طَبَخَتْهم *!وَقْدَةُ الصَّيْفِ .
ووَقَدَ الحَصَى .
( *!والوَقِيدَيَّةُ : جِنْسٌ من المعْزَى ) ضِخَامٌ حُمْرٌ ، قال جَرير :
وَلاَ شَهِدَتْنَا يَوْمَ جَيْشِ مُحَرِّقٍ
طُهَيَّةُ فُرْسَانُ *!الوَقِيدِيَّةِ الشُّقْرِ
والأَعْرَفُ الرُّقَيْدِيَّة .
( *!ووَاقِدٌ *!ووَقَّادُ *!ووَقْدَانُ ) ، كناصِر وشَدَّاد وسَحْبَانَ ( أَسماءٌ ) .
( و ) يقال : ( أَوْقَدْتُ للِصِّبَا نَاراً ، أَي تَرَكْتُهُ ) ووَدَّعْتُه ، قال الشاعر :
صَحَوْتُ *!وأَوْقَدْتُ لِلَّهْوِ نَارَا
وَردَّ عَلَيَّ الصِّبَا مَا اسْتَعَارَا
( و ) قال الأَزْهَريّ : وسمعْت بعض العرب يقول : ( أَبْعَدَ الله دَارَه ، *!وأَوْقَدَ نَاراً إِثْرَه ، أَي لا رَجَعَه ) الله ( ولا رَدَّه ) ، ورُوِيَ عنِ ابن الأَعْرَابيّ : أَبْعَدَه الله وأَسْحَقَه وأَوحقَدَ ناراً أَثَرَه ، قال : وقالت العُقَيْلِيّة : كان الرجلُ إِذا خفْنَا شَرَّه فتَحَوَّلَ عنّا *!أَوْقَدْنَا خَلْفَه ناراً . فقلت لها : ولمَ ذشلك ؟ قالت : لِتَتَحَوَّلَ ضَبُهُهمْ مَعَهم ، ) أَي شَرُّهُمْ .
( وزَيْدٌ *!ميقَادٌ : سَرِيعُ الوَرْيِ ) ويقال : *!وَقَدَتْ بك زِنَادِي ، وهو
____________________

(9/318)


دُعَاءٌ ، مثْل وَرِيَتْ : كذا في اللسان .
( وأَبو *!وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ الحارثُ بنُ عَرْفٍ ، صَحَابِيٌّ ) ، وقيل : عَوْف بن الحارث ، قيل : إِنه شهِد بَدْراً ونَزَل بمكَّة وتوفِّي بها سنة 68 . ( وابنُه وَاقِدٌ ) يقال : له صُحْبَة ، روَى له أَبو داوُود . ( و ) كذلك ( أَبو واقِدٍ الليثيِّ ) الصَّغير ( صالحُ بنُ مُحَمّد ) بن زائدةَ ، الذي روَى له الأَرْبععَة ، ( تَابعِيانِ ) ، ضعيفٌ مات بعد الأَربعين ( *!وواقِدُ بنُ أَبي مُسْلِم *!-الواقِدِيُّ ، مُحَدِّثٌ ) ، مَنْسُوب إِلى جَدضه ، وَاقِدٍ ، ووالدُه أَبو مُسْلِم قيل : هو مُحَمّد بن عُمَر بن وَاقِدٍ ، وكذا أَبو زَيْدٍ وَاقَدُ بنُ الخَلِيل الخَلِيليّ ، أَبوه مُؤَلّف الإِرشاد ، وابنه هاذا روَى عنه يحيى بن مَنْدَة .
( ) ومما يستدرك عليه :
*!المَوْقِد ، كمَجْلِس . مَوْضِع النارِ ، يقال : هاذا *!مَوْقِدُ النارِ *!ومُسْتَوْقَدُها .
ووَقَفْنَا *!بِالمِيقَدَةِ : مَحَل قريب من المَشْعَر الحَرَام ، كذا في الأَساس . *!وَتَوَقَّدَ الشيْءُ : تَلأْلأَ ، وهي *!الوَقَدَى ، قال :
مَا كَانَ أَسْقَى لِنَا جُودٍ عَلَى ظَمَإِ
مَاءٌ بِخَمْرٍ إِذَا نَاجُودُهَا بَرَدَا
مِن ابْنه مَامَة كَعْبٍ ثُمَّ عَيَّ بِهِ
رَوُّ المَنِيَّةِ إِلاص حَرَّةً *!وَقَدَا
وكُلُّ شيحءٍ يَتَلأْلأُ فهو *!يَقِدُ ، حتَّى الحافرُ إِذا تَلأْلأَ بِصِيصُه . ومن المَجاز : يقال للأَعْمَى : هو غائرُ *!الوَاقِدَيْنِ .
وأَبو وَاقِدٍ النُّمَيْريّ ، وأَبو وَاقِدٍ مَولَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم صحابيّانِ ، *!ووَاقدُ بن عبد الرحمان بن مُعَاذٍ ، ووَاقد أَبو عُمَرَ ، تابعيَّانِ ، وأَبو عبد الله محمّد بن عُمَر بن وَاقِدٍ *!-الوَاقِدِيّ الأَسْلَمِيّ مولَى بنِي سَهْمٍ ، تُكُلِّم فيه . وعبدُ الرحمان بن وَاقد الواقِدِيُّ الحُتَّلِيّ المُؤَدّب ، مُقْرِىءٌ .

____________________

(9/319)


وكد : (*! وَكَدَ ) بالمكانِ ( *!يَكِدُ *!وُكُوداً ) ، بالضمّ ، إِذا ( أَقَامَ ) به ، ( و ) يقال : وَكَدَ فلانٌ أَمْراً*! يَكِدُه *!وَكْداً ، إِذا ( قَصَدَهُ ) وطَلَبَهُ ، *!ووَكَدَ *!وَكْدَهُ : قَصَدَ : قَصَدَه وفَعَل مِثْلَ فِعْلِه . ( و ) وَكَدَ يَكِدُ وَكْداً ، أَي ( أَصَابَ ) .
( و ) *!وَكّدَ ( العَقْدَ ) والعَهْدع *!توكيدا ( أَوْثَقَه ، *!كأَكَّدهَ ) ، الهمزُ لغةٌ فيه ، ( و ) *!وَكَّدَ ( الرَّحْلَ : شَدَّه ) ، يقال فيه *!أَوْكَدْتُه *!إِيكاداً *!وأَكَّدْتُه ، وبالواو أَفصح .
( *!والوَكَائدُ : سُيورٌ يُشَدُّ بها ) الرَّحْلُ والسَّرْجُ ( جَمْعُ *!وِكَادٍ ) ، بالكسر ، ( *!وإِكَادٍ ) لُغَةٌ فيه ، كوِشاحٍ ، وقال ابنُ دُرَيْد : *!الوكائدُ : السُّيُورُ التي يُشَدُّ بها القَرَبُوسُ إِلى دَفَّتَيِ السَّرْجِ ، الواحِدُ *!وِكَادٌ *!وإِكادٌ .
( *!والوُكْدُ بالضمّ : السَّعْيُ والجُهْدُ ، و ) يقال : ( ما زَالَ ذالك وُكْدِي ، أَي فِعْلِي ) ودَأْبِي وقَصْدِي .
( و ) *!الوَكْدُ ، ( بالفتح : المُرَادُ والهَمُّ والقَصْدُ ) ، يقال : *!وَكَدَ فُلانٌ أَمْراً ، إِذا مَارَسَه وقَصَدَه ، قال الطِّرِمَّاحُ .
ونُبِّئْتُ أَنَّ القَيْنَ زَنَّى عَجُوزَهُ
قُفَيْرَةُ أُمَّ السَّوْءِ أَنْ لَمْ *!يَكِدْ *!-وَكْدِي
أَي أَنْ لم يَعْمَل عَمَلي ولم يَقْصِد قَصْدهي ولم يُغْنِ غَنَائِي .
( و ) *!وَكْدٌ ، ( بلا لاَمٍ : ) ع بينَ الحَرَمَيْنِ ( الشَّريفينِ ) ، أَو جُبَيْلٌ مُشْرِفٌ علَى خُلاَطَى مِن جِبالِ ( مَكَّةَ ) يَنْظُر إِلى جَمْرَةَ ، كذا في معجم البلدان .
( *!والتَّوْكِيدُ ) ، بالواو ، ( أَفصحُ من التَّأْكِيدِ ) ، بالهَمْزِ ، ويقال : *!وكَّدْتُ اليَمينَ ، والهَمْزُ في العَقْدِ أَجْوَدُ ، وتقول : إِذا عَقَدْتَ فَأَكِّدْ ، وإِذا حَلَفْتَ فَوَكِّدْ . وقال أَبو العبّاس . التَّوكيدُ دَخَل في الكلامِ لأُخْرَاجِ الشَّكِّ . وفي الأَعدادِ لإِحاطَة الأَجْزَاءِ . وقال الصاغانيّ : التوكيدُ دَخَل في الكَلاَمِ على وَجْهَيْنِ : تَكْرير صرِيح ، وغَيْر صَريحٍ ، فالصَّريحُ نحو قولِكَ : رأَيْت زَيْداً زَيْداً ، وغير
____________________

(9/320)


الصريح نحو قَولك ، فَعَلَ زَيْدٌ نَفْسُه وعَيْنُه ، والقَوْمُ أَنْفُسُهم وأَعيَانُهم ، والرّجُلانِ كِلاهُما ، والمرأَتانِ كِلْتَاهما ، والقوْمُ كُلُّهم ، والرّجالُ أَجْمَعُونَ ، والنِّسَاءُ جُمَعُ ، وجَدْوعى التوْكِيدِ أَنك إِذا كَرّرْتَ فقد قَرَّرْتع المُؤَكَّد ومَا عَلِقَ به في نَفْسِ السامِعِ ومَكَّنْتَه في قَلْبِه ، وأَمَطْتَ شُبْهَةً رُبَّمَا خَالَجتْه ، أَو تَوَهَّمْتَ غَفْلَةً وذَهَاباً عَمَّا أَنتَ بِصَددِه فأَزَلْتَه ، فإِنّ لِظَانَ أَنْ يَظُنَّ حِين قُلْتَ : فَعَلَ زَيْدٌ ، إِن إِسنادَ الفِعْلِ إِليه تَجُوُّزٌ أَو سَهْوٌ ، فإِذا قلتَ : كَلَّمني أَخُوك ، فيجوز أَن يكُونَ كَلَّمَك هو أَو أَمَر غُلامَه أَنْ يُكَلِّمَكَ ، فإِذا قلْتَ كلَّمَني أَخوك تَكْلِيماً . لم يَجُزْ أَن يَكُون المُكَلِّم لك إِلاّ هو .
( *!وتَوَكَّدَ ) الأَمْرُ ( وتَأَكَّدَ ، بمعنًى ) واحدٍ .
( *!والمُوَاكِدَةُ : الناقَةُ الدَائِبَةُ في السَّيْرِ ) .
( *!والمُتَوَكِّدُ : القائمُ المُسْتَعِدُّ للأَمْرِ ) ، يقال ظَلَّ مُتَوَكِّداً بأَمْرِ كذا ومُتَوكِّزاً ( ومُتَحَرِّكا ) أَي قائماً مُسْتَعدًّا . ( والمَيَاكِيدُ ، والتآكهيدُ *!والتَّواكِيد : السُّيُورُ التي يُشَدُّ بها القَرَبُوسُ ) إِلى دَفَّتَيِ السَّرْجع وقيل : هي المَيَاكِيدُ ولا تُسَمَّى التَّواكِيد ، وهي من الجُموع التي لا مُفْرَد لها
( ) وبقي عليه :
*!الوِكَادُ ، بالكسر : حَبْلٌ يُشَدُّ به البَقَرُ عند الحَلْبِ .
وفي حديث الحَسَن وذكَرَ طالِبَ العِلْم ( قَدْ *!أَوْكَدَتَاه يَدَاهُ وأَعْمَدتَاه رِجْلاَهُ ) أَوحكَدَتَاه : أَعْمَلَتاه .
ولد : ( *!الوَلَدُ ، محركةً ، و ) *!الوُلْد ، ( بالضمّ ) ، واحِدٌ ، مِثْل العَرَبِ والعُرْ والعَجَمِ والعُجْمِ ونحو ذالك قاله الزّجَّاج ، وأَنْشَدَ الفَرَّاءُ :
وَلَقَدْ رَأَيْتُ مَعَاشِراً
قَدْ ثَمَّرُوا مَالاً *!وَوُلْدَا
____________________

(9/321)



( و ) *!الوِلْد ، ب ( الكَسْرِ ) لُغَة ، ( و ) كذا ( الفتح ) مع السكون ، ( واحدٌ وجَمعٌ ) ، قال ابنُ سِيده : وهو يَقَع على الوَاحِد والجَمِيع والذَّكرِ والأُنْثَى ( وقد يُجْمَع ) أَي *!الوَلَدُ ، محركةً كما صَرَّح به غيرُ واحد ، ( على *!أَوْلاَدٍ ) ، كسَبَبٍ وأَسْبَابٍ ، ( ووِلْدَةٍ ) ، بالكسر ، ( *!وإِلْدَةٍ ) ، بِقَلْب الواوِ هَمزةً ، ( *!ووُلْدٍ ، بالضَّمِ ) ، وهاذَا الأَخيرُ نَقَلهُ ابنُ سِيدَهْ بِصيغَةِ التَّمْرِيض فقال : وقد يَجُوز أَن يَكُون *!الوُلْد جَمْعَ *!وَلَدٍ كوُثْنٍ ووَثَنٍ ، فإِن هاذَا مما يُكَسَّرُ على هاذا المِثَال ، لاعْتِقاب المِثَالَيْنِ عَلَى الكَلَمةِ ، ثم قَال : *!والوَلْدُ بالكَسْر *!كالوُلْدِ لُغَةٌ وليس بِجَمْعٍ ، لأَن فَعَلاً ليس مما يُكَسَّر على فِعْلٍ . وفي اللسان : *!والوِلْدَةُ جَمْعُ *!الأَوْلاَدِ ، قال رُؤْبَة .
سَمْطاً يُرَبِّي *!وِلْدَةً زَعَابِلاَ
قال الفَرَّاءُ : قرأَ إِيراهِيمُ : { مَالُهُ *!وَوَلَدُهُ } ( سورة نوح ، الآية : 21 ) وهو اخْتِيَار أَبي عَمْرٍ و وكذالك قَرأَ ابنُ كَثِيرٍ وحَمْزَةُ ، وروى خارِجةُ عن نافِعٍ : وَوُلْدُ . أَيضاً . وقرأَ ابنُ إِسحاقَ : مالُه وَوِلْدُه ، وقال : هما لغتانِ ، وُلْد ووِلْد ، ( و ) في التهذيب : ومن أَمثال العرب ، وفي الصحاح : من أَمثالِ بني أَسَدٍ ( ( *!وُلْدُكِ مَنْ دَمَّي عَقِبَيْكِ ) ) هاكذا مُحَرَّكة وكسر الكاف فيهما بناءً عَلَى أَنه خِطابٌ للأُنثى ، ( أَي مَنْ نُفِسْتِ به ) وصَيَّر عَقِبَيْكِ مُلَطَّخَيْنه بالدَّمِ ( فهو ابنُكِ ) حَقِيقةً لا مَن اتَّخَذْتِه وتَبَنَّيْتِه وهو مِن غَيرِك ، كذا في سائر النُّسخ ، والمضَبوط في نُسخ الصحاح وُلْدُكَ ، بالضّمّ وفَتح الكافِ ، قال شَيْخُنا : والتَّدْمِيَةُ للذَّكَر . على المَجَاز ، ثم أَنشدَ الجَوْهَرِيّ :
فَلَيْتَ فُلاَناً كَانَ فِي بَطْنه أُمِّهِ
وَلَيْتَ فُلاناً كَانَ وُلْدَ حِمَارِ
____________________

(9/322)



ثم قال : فهاذا واحِدٌ . قال : وقَيْسٌ تَجْعَل الوُلْدَ جَمْعاً والوَلَدَ وَاحِداً . وقال ابنُ السِّكّيت : يقال في *!الوَلَدِ *!الوِلْدُ *!والوُلْدُ ، قال : يكون *!الوُلْدُ واحداً وجَمْعاً ، قال : وقد يكون *!الوُلْدُ جمْعَ الوَلَدِ مثْل أَسَدٍ وأُسْدٍ .
( *!والوَلِيدُ : *!المَوْلُود ) حِين *!يُولَد ، فهو فَعِيلٌ بمعنى المفْعُولِ . وصَرِيحُ كَلاَمِه أَنه لا يُؤَنَّث ، وقال بَعْضُهم بل هو للذَّكَر دُونَ الأُنْثَى . ( و ) الوَلِيدُ ( : الضَّبِيُّ ) ما دَامَ صَغِيراً ، لِقُرْبِ عَهْدِه مِن *!الوِلاَدَة ، ولا يقال ذالك للكَبِيرِ ، لِبُعْدِ عَهْدِه مِنها ، وهاذا كما يقال : لَبَنٌ حَلِيبٌ وجُبْنٌ طَرِيٌّ ، للطَّرهيّ منهما دون الذي بَعُدَ عن الطَّرَاوَةِ ، كذا في المِصْبَاح : ( و ) *!الوَلِيد ( : العبْدُ ) ، وَقَيَّدَه بعضُهم بمن يُولَدُ في الرِّقّ ( وأُنْثاهما بهاءٍ ) *!وَلِيدَة ( ج *!الوَلائِدُ ) مَقِيسٌ مَشهور ، ( *!والوِلْدَانُ ) بالكَسْر جَمْع *!وَلِيدٍ ، كما أَن الأَول جمْع *!وَليدة كما في الأَساس . وفي التهذيب : *!والوَلِيد : *!المَوْلُود ( حين *!يُولَد ) والجَمْع *!ولْدَانٌ ، والاسمُ *!الوِلاَدَة *!والوُلُودِيَّة ، عن ابن الأَعرابيّ . قال ثعلبٌ : الأَصل *!الوَلِيدِيَّة ، كأَنَّه بَنَاهُ على لَفْظِ الوَلِيدِ ، وهي من المصادر التي لا أَفْعَال لَها ، والأُنْثَى *!وَلِيدَة ، والجَمْعُ *!وِلْدَانٌ *!ووَلائدُ . وفي الحَدِيث ( وَاقِيَةً كوَاقِيَةِ الوَلِيدِ ) هو الطِّفل ( فَيل بمعنَى مفعول ) ، أَي كِلاَءَةً وحِفْظاً كما يُحْفَظ الطِّفْلِ ، وقيل : أَرادَ *!بالوَلِيد مُوسَى ، عَلَى نَبِيِّنا ، وعَلَيْه الصَّلاَةُ والسلامُ . وفي الحديث ( الوَلِيدُ فِي الجَنَّةِ ) ، أَي الذي ماتَ وهو طِفْلٌ أَو سَقْطٌ ، قال : وقد تُطْلَقُ *!الوَلِيدَةُ على الجارِيَةِ والأَمَة وإِن كانَتْ كَبيرةً ، وفي الحديث ( تَصَدَّقَتْ أُمِّي عَلَيَّ *!بِوَلِيدَةٍ ) يعني جَارِيَةً . وفي الأَساس : من المَجازِ :
____________________

(9/323)


رأَيْتُ *!وَلِيداً *!ووَلِيدَةً ، غلاماً وجَارِيَةً السْتُوصِفَا قَبْلَ أَن يَحْتَلِمَا ، وفي النِّهَايَة والمُحكم والتهذيب : الوَلِيدَةُ : المَوْلُودَة بين العَرَبِ ، وغُلامٌ حين يُسْتَوْصَف قَبل أَنْ يَحْتَلِم ، والجَمْعُ وِلْدَانٌ *!ووِلْدَة ، ويقال للأَمةِ *!وَلِيدَةٌ وإِن كانَتْ مُسِنَّة ، قال أَبو الهَيْثَ : الوَلِيد : الشَّابُّ . *!والوَلائِدُ : الشَّوَابُّ منِ الجَوَارِي ، *!والوَلِيد : الخادمُ الشابُّ ، يُسَمَّى وَلِيداً مِن حِينِ يُولَد إِلى أَنْ يُبْلُغ ، قال : والخَادِمُ إِذا كَان شابًّا وَصِيفٌ ، والوَصِيفَةُ وَلِيدَةٌ ، وأَمْلَحُ الخَدَمِ الوُصَفَاءُ والوَصَائِفُ ، وخادِمُ أَهْلِ الجَنَّةِ *!وَلِيدٌ أَبَداً ، لا يَتَغَيَّر عن سِنِّه ، كذا في اللسان .
( وأُمُّ الوَلِيد ) كُنْيَة ( الدَّجَاجَة ) ، عن الصاغانيّ .
( ويقال ) في المثَل : ( أَمْرٌ ) ، وفي كتب الأَمْثَال : ( هُمْ في أَمْرٍ ( لاَ يُنَادَى *!وَلِيدُه ) ) ، يُضْرَب ( في الخَيْرِ والشَّرِّ ، أَي اشْتَغَلُوا به حَتَّى لَوْ مَدَّ الوَلِيد يَدَه إِلَى أَعَزِّ الأَشْيَاءِ لا يُنَادَى عليهِ زَجْراً ) ، أَي لَم يُزْجَر عَنْه لِكَثْرَةِ الشيْءِ عِنْدهم . قلت : فهو في مَوْضِعِ الكَثْرَةِ والسَّعَةِ ، وقال ابنُ السِّكّيت في قول مزَرِّدٍ الثَّعلَبِيّ :
تَبَرَّأْتُ مِنْ شَتْمِ الرِّجَالِ بِتَوْبةٍ
إِلَى الله مِنِّي لاَ يُنَادَى *!وَلِيدُهَا
قال : هاذا مَثَلٌ ضَرَبَه ، مَعْنَاه ، أَي لاَ أُرَاجَعُ ولا أُكَلَّم فيها ، كما لا يُكَلَّم الوَلِيدُ في الشيْءِ الذي يُضْرَب له فيه المَثَلُ ، وقال الأَصمعيّ وأَبو عُبَيْدَةَ في قولهم : هو أَمْرٌ لا يُنَادَى وَلِيدُه . قال أَحدُهما : أَيْ هو أَمْرٌ جَلِيلٌ شدِيدٌ لا يُنَادَى فيه الوَلِيدُ ، ولكن يُنَادَى فيه الجِلَّةُ ، وقال آخرُ : أَصلُه من الغَارَة ، أَي تَذْهَلُ الأُمُّ عنِ ابْنِها أَنْ تُنَادِيَه وتَضُمِّه ، ولاكِنَّهَا تَهْرُبُ عنه ، ويقال : أَصْلُه مِن جَرْيِ الخَيْلِ ، لأَن الفَرَسَ إِذَا كانَ جَوَاداً أَعْطَى منْ غَيْرِ أَن يُصاحَ به لاِسْتِزَادَته ، كما قال الناَّابِغَةُ الجَعْدِيُّ يَصِفُ فَرساً :
وَأَخْرَجَ مِنْ تَحْتِ العَجَاجَةِ صَدْرَهُ
وَهَزَّ اللِّجَامَ رَأْسُه فَتَصَلْصَلاَ
____________________

(9/324)



أَمَامَ هَوِىَ لا يُنَادَى وَلِيدُه
وشَدَ وَأَمْر بِالعِنَانِ لِيُرْسَلاَ
ثم قِيل ذالك لِكُلّ أَمْرٍ عَظيمٍ ولكُلِّ شَيْءٍ كثير ، قال ابنُ السّكّيت : ويقال : جاؤوا بطعامٍ لا يُنادَى وَليدُه . وفي الأَرْض عُشْبٌ لا يُنَادَى وَلِيدهُ ، أَي إِن كان الوَليدخ في ماشِيَةٍ لم يَضُرَّه أَيْنَ صَرَفَها لأَنها في عُشْب ، فلا يُقَالُ له اصْرِفْهَا إِلى مَوْضِعِ كذا ، لأَن الأَرْضَ كخلَّهَا مُخْصِبَةٌ ، وإِن كان طَعَامٌ أَو لَبَنٌ فمعناه أَنه لا يُبَالَى كيْفَ أَفْسَدَ فِيه ، ولا مَتَى شَرِبَ ، ولا في أَيِّ نَوَاحِيه أَهْوَى .

تابع كتاب ( *!وَوَلَدَت ) المرأَةُ ( *!تَلِدُ *!وِلاَداً *!ووِلاَدَةً ) ، بكسْرِهما ، وإِنما أَطْلَقَهما اعتماداً على الشُّهْرَةِ ، ولكن في المِصْباح أَن كَسْرَهما أَفْصَحُ مِن فَتْحِهما ، وهاذا يَدُلُّ على أَن الفتحَ قَوْلٌ فيهما ، ( *!وإِلاَدَةً ) ، أُبدِلتِ الواوُ همزةً ، وهو قِيَاسٌ عند جَمَاعَةٍ في الهَمْزَةِ المَكْسُورة ، كإِشَاحٍ وإِكافٍ ، قاله شيخُنَا ( *!وَلِدَةً *!ومَوْلِداً ) كعِدَةٍ ومَوْعِدٍ ، أَمَّا الأَوَّل فهو القياسُ في كُلِّ مِثَالٍ ، كما سبق ، وأَما الثاني فهو أَيضاً مَقِيسٌ في بابِ المِثَال ، وما جاءَ بالفَتْح فهو على خِلافِ القِياسِ كمَوْحَدٍ ، وقد سبق البَحْثُ فيه . ( و ) في المحكم : وَلَدَتْه أُمُّه وِلاَدَةً وإِلادَةً ، على البَدَلِ ، ف ( هي *!وَالِدٌ ) ، على النَّسب ، ( *!ووَالِدَةٌ ) ، على الفِعْلِ ، حكاه ثَعْلَبٌ في المَرْأَةِ ، وكُلّ حامِلٍ *!تَلِدُ ، ويقال لِأُمِّ الرجُلِ : هاذه *!والِدَةٌ ، ( و ) في الحديث ( فَأَعْطَى شَاةً *!وَالِداً ) ، قال الليث : ( شَاةٌ وَالِدٌ ) هي الحامِلُ ، وإِنها لَبَيِّنَةُ *!الوِلاَدِ . ومعنَى الحديثِ ، أَي عُرِفَ منها كَثْرَةُ النِّتَاجِ ، كما في النهاية . ومثل ذالك في الصحاح نَقْلاً عن ابنِ السِّكّيت ، وزاد في المصباح : *!والوِلاَدُ ، بغير هاءٍ ، يُسْتَعْمَل في الحَمْلِ ، ( و ) في اللسان : وشاةٌ ( *!وَالِدةٌ *!ووَلُودٌ ) ، الأَخير كصَبُورٍ ، ( ج *!وُلَّدٌ ) ، بضَمّ فتشديد ، كسُكَّر ، وهو المَقِيس في فاعِلٍ كرَاكعٍ ورُكَّع ، وهاكذا هو مضبوط عندنا في سائرِ النُّسخ ، ووُجِد في نُسخ الصحاح واللسان بضمّ فَسُكون ، ومثلُه
____________________

(9/325)


في أَكثرِ الدَّواوين ، قال شيخُنَا : وكلاهما ثابِتٌ . ( و ) قد ( *!وَلَّدْتُها *!تَولِيداً *!فأَوْلَدَتْ ) هي ( وهي *!مُولِدٌ ) كمُحْسِن ( من ) غَنمٍ ( *!مَوَالِيدَ *!وَمَوَالِدَ ) ، ويقال : *!وَلَّدَ الرجُلُ غَنَمَهُ *!تَوْلِيداً ، كما يقال : نَتَّجَ إِبلَه . وفي حديثِ لقيطٍ ( ما *!وَلَّدْتَ يا رَاعى ) ، يقال : *!وَلَّدْت الشَّاةَ *!تَوْلِيداً . إِذا حَضَرْت *!وِلادَتَها فَعَالَجْتها حَتَّى يَبِينَ الوَلَدُ مِنها ، وأَصحابُ الحَدِيث يقولون : مَا *!وَلَدَتْ . يَعْنُونَ الشَّاةَ ، والمحفوظُ بِتَشْدِيد اللامِ علَى الخِطَابِ للرَّاعِي ، ومنه حديثُ ( الأَعْمَى ) والأَبرص والأَقْرَ ( فَأُنْتِجَ هاذَانِ *!وَوَلَّدَ هَذَا ) وقال الأُمويّ : إِذا وَلَدَتِ الغَنَمُ بَعْضُها بعد بَعْضٍ قيل : قد *!وَلَّدْتُها الرُّجَيْلاءَ ، ممدودٌ ، *!ووَلَّدْتُها طَبَقاً وطَبَقَةً ، وقول الشاعر :
إِذَا مَا *!وَلَّدوا شَاةً تَنَادَوْا
أَجَدْيٌ تَحْتَ شَاتِك أَمْ غُلاَمُ
قال ابنُ الأَعْرَابيّ في قوله*! وَلَّدُوا شاةً : رَمَاهُم بأَنَّهُم يَأْتُونَ البَهَائمَ ، قال أَبو منصور : والعَرب تَقول : نَتَّج فلانٌ ناقَتعه إِذا وَلَدَت وَلَدَها ، وهو يَلِي ذالك مِنْهَا ، فهي مَنْتُوجَة ، والناتِج للإِبل بمنزلة القابِلَة للمرْأَةِ إِذا وَلَدتْ ، ويقال في الشاءِ : *!وَلَّدْنَاها ، أَي وَلِينا *!وِلاَدَتَها ، ويقال لِذَاواتِ الأَظلاف والشاءِ والبقرِ : *!وُلِّدت الشَّاةُ والبَقَرَةُ ، مضمومة الواوِ مَكْسُورة اللام مشدَّدَة ، ويقال أَيضاً وَضَعَتْ ، في موضع*! وُلِّدَت ، كذا في اللسان ، وبعضٌ من ذالك في البصائر والمِصباح والأَفعالِ لابن القَطَّاع .
( *!واللِّدَةُ ) ، بالكسرِ ( : التِّرْبُ ) ، وهو الذي *!يُولَد مَعَك في وَقْتٍ واحِد ، ( ج *!لِدَاتٌ ) ، وهو القياس في كُلّ كَلمة فيها هاءُ تأْنيثٍ ، كما جزم به النُّحَاةُ ، وحكَى الشاطِبيُّ عليه الإِجماعَ ، قاله شيخُنَا ، ( *!ولِدُونَ ) ، نقله الجوهريُّ وغيرُه ، قال أَبو حَيّان وغيرُه من شُرَّاح التَّسهيل : إِن مثْل هاذ الأَلفاظِ إِذا صارَتْ عَلَماً صحَّ جَمْعُهَا بالواو والنُّونِ ، وزعمَ بعضٌ أَن *!لِدَةً مِن لدى لا من
____________________

(9/326)


ولد ، وسيأْتي الكلامُ علي في المُعْتلّ إِن شاءَ الله تعالى ، قال الفرزدق :
رَأَيْنَ شُرُوخَهُنَّ مُؤَزَّرَاتٍ
وَشَرْخَ لِدِيَّ أَسْنَانَ الهِرَامِ
وفي الصحاح : *!ولِدَةُ الرَّجُلِ : تِرْبُه ، والهاءُ عِوَضٌ من الواو الذاهِبةِ من أَوَّلِه ، لأَنَّه من الوِلاَدَة ، وهما *!لِدَانِ ، ( والتَّصغيرُ *!وُلَيْدَاتٌ *!ووُلَيْدُونَ ) ، لأَنهم قالوا : إِن التصغيرَ والتَّكْسِيرَ يَرُدَّانِ الأَشياءَ إِلى أُصولها ، ( لا *!لُدَيَّاتٌ *!ولُدَيَّونَ ) ، نظراً إِلى ظاهِرِ اللفْظِ ( كما غَلِطَ فيه بعضُ الععربِ ) . وهاذا الذي غلَّطه هو الذي مَشى عليه الجوهريُّ وأَكثرُ أَئمَّةِ الصَّرْف ، وقالوا : مُرَاعَاةُ الأَصلِ ورَدُّه إِليه يُخْرِجه عن مَعْنَاه المُراد ، لأَن لِدَة إِذا صُغّر وُلَيْد يَبْقَى لا فَرْقَ بينه وبين تصغير وَلَدٍ ، كما لا يَخْفَى ، ووَجَّه سَعْدِي جلْبِى في حاشِيتِه أَنه شاذٌّ مُخَالِف للقِيَاسِ ، ومثلُه لا يُعَدُّ غَلَطاً ، وسيأْتي البحث في رخر الكتاب إِن شاءَ الله تعالى .
( و ) *!اللِّدَة ( : وَقْتُ الوِلاَدَةِ ، *!كالمَولِد *!والمِيلادِ ) ، أَما المَوْلد والمِيلاد فقد ذَكرَهما غيرُ واحدٍ من أَئمّةِ اللُّغَة ، وأَما اللِّدَة بمعناهما لا يَكَاد يُوجَد في الدواوينِ ، ولا نَقَلَه أَحَدٌ غيرُ المُصَنّف فينبغِي التَّحَرِّي والمُرَاجَعَة حَتَّى يَظْهَرَ مِن أَيْنَ مَأْخَذُه . ففي اللسانِ والمُحْكَم والتهذيبِ والأَساس : مَوْلِدُ الرَّجُلِ : وَقْتُ وِلاَدَتِه . ومَوْلِده : المَوْضِع الذي وُلِدَ فيه ، ومِيلادُ الرَّجُل : اسمُ الوَقْتِ الذي وُلِدَ فيه ، ومثله في الصحاح . وفي المِصْباح : المَوْلِد : المَوْضِع والوَقْتُ ، والمِيلادُ الوَقْتُ لا غَيْرُ .
( *!والمُوَلَّدَةُ : ) الجارية ( *!المَولُودةُ بين العرب ، *!كالوَلِيدة ) ، ومثله في المحكم ، وقال غيرُه : عَرَبِيَّةٌ مُوَلَّدَة ، ورجُلٌ مُوَلَّد ، إِذا كان عَرَبِيًّا غيرَ مَخْضٍ ، وقال ابنُ شُمَيل : المُوَلَّدَة : التي وُلِدَتْ بأَرْضٍ وليس بها إِلاَّ أَبُوها أَو أُمُّها . والتَّلِيدَةُ : التي أَبوهَا وأَهْلُ بَيْتِها وجَمِيعُ مَن هو بِسَبِيل منها بِأَرْضٍ وهي بأَرْضٍ أُخْرَى . قال : والقِنُّ من العَبيد التَّلهيدُ : الذي
____________________

(9/327)


*!وُلِدَ عندَك . وجارِيَةٌ *!مُوَلَّدَةٌ : *!تُولَد بين العَرَبِ وتَنْشَأُ مع أَولادهِم ويَغْذُونَا غِذَاءَ الوَلَدِ ويُعَلِّمونَها مِن الأَدَب مثْل ما يُعَلِّمون أَوْلادَهم ، وكذالك *!المُوَلَّد من العَبِيدِ والوَلِيدة : المَوْلُودَة بين العَرَبِ ، ومثلُه في الأَساس .
( و ) المُوَلَّدَة ( : المُحْدَثَة مِن كُلِّ شيْءٍ ، و ) منه *!المُوَلَّدُون ( من الشُّعراءِ ) ، وإِنما سُمُّوا بذالك ( لِحُدوثِهِم ) وقُرْبِ زَمَانِهم ، وهو مَجازٌ .
( و ) *!المولِّدة ( بِكَسرِ اللامِ : القابِلَةُ ) وفي حَدِيث مُسافعٍ ( حَدَّثَتْنِي امرأَةٌ مِنْ ( بنى ) سُلَيْم ( قالت : ) أَنَا *!وَلَّدْتُ عَامَّةَ أَهْلِ دِيارِنَا ) أَي كُنْتُ لهم قابِلَةً .
( *!والوُلُودِيَّةُ ) ، بالضَّم ( : الصِّغَرُ ) ، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ ، ( ويُفْتَح ) ، قال ثعلبٌ الأَصْل *!الوَلِيدِيَّة ، كأَنَّه بَنَاه على لفْظِ الوَلِيدِ ، وهي من المصادِر التي لا أَفْعَال لَها . وفي البصائر : يقال فعَل ذلك فِي *!ولُودِيَّتِه *!ووَلُودِيَّتِه ، أَي في صِغَره ، وفي اللّسَان : فَعلَ ذالك في *!وَلِيدِيَّتِه ، أَي في الحالة التي كان فيها وَلِيداً ، ( و ) قال ابن بُزُرْج : *!الوُلُودِيَّة ، أَيضاً ( : الجَفَاءُ ، وقِلَّةُ الرِّفْقِ ) والعِلْمِ بالأُمورِ ، وهي الأُمِّيَّة .
( *!والتَّوْلِيدُ : التَّرْبِيَةُ ، ومنه قولُ الله عَزَّ وجَلَّ لعيسى صلَّى الله عليه ) وعلى نَبِيِّنَا ( وسَلَّم : ( أَنْتَ نَبِيِّي وأَنا *!وَلَّدْتُك ) ، أَي رَبَّيْتُك ، فقالت النَّصارى ) وقد حَرَّفَتْه في الإِنجيل ( أَنت بُنَيِّي وأَنَا وَلَدْتُك ) ، وخَفَّفوه وجَعَلُوه له وَلَداً ، ( تَعَالى الله عن ذالك عُلُوًّا كَبِيراً ) ، هاكذا حكاه أَبو عمرٍ و عن ثَعْلَبٍ ، وأَورده المصَنِّف في البصائر .
( وبنو *!وِلاَدَةَ ) ، ككِتَابَة ( : بَطْنٌ ) من العَرَب .
( وسَمَّوْا *!وَلِيداً *!ووَلاَّداً ) ، الأَخير ككَتَّانٍ ، والمُسَمَّون *!بالوَلِيدِ ، من الصحابَة أَحَدَ عَشَرَ رَجُلاً ، راجعْه في التَّجْرِيد ، ومن التابِعِين ثَلاَثَةٌ وعِشْرُونَ رَجُلاً ، راجِعْه في الثِّقَات لابن حبَّان .
( و ) يقال : هاذه ( بَيِّنَةٌ *!مُوَلِّدَةٌ ) . إِذا كانتْ ( غَيْر مُحَقَّقةٍ ، و ) كذالك
____________________

(9/328)


قَوْلُهم : ( كِتَابٌ *!مُوَلَّد ) ، أَ ( مُفْتَعَلٌ ) ، وهو مَجازٌ ، وكذا قولُهم : كَلاَمٌ مُوَلَّدُ ، وحَدِيث مُوَلَّد ، أَي ليس من أَصْلِ لُغَتِهِم . وفي اللسان : إِذا اسْتَحْدَثُوه ولم يَكخنْ مِن كلامِهم فيما مَضَى . ( و ) قال ابنُ السِّكّيت : ويقال : ( ما أَدْرِي أَيّ وَلَدِ الرَّجُلِ هُوَ ، أَيْ أَيّ الناسِ ) هو ، وأَورده الجَوْهَرِيّ في الصحاح ، والمُصنِّف أَيضاً في البصائر هاكذا .
( ) ومما يستدرك عليه :
الوالد : الأَبُ ، والوَالِدَة : الأُمُّ ، وهما *!الوَالِدَانِ ، أَي تَغِليباً ، كما هو رَأْيُ الجوهرِيّ وغيرِه ، وكلامُ المُصَنِّف فيما تقَدَّم صَريحٌ في أَن الأُمَّ يقال لها الوَالِدُ ، بِغيرِ هَاءٍ ، على خِلافِ الأَصْلِ ، ووالِدَةٌ ، بالهاءِ على الأَصْل فَعَلَى قولِ المُصَنّف ، الوَالِدَانِ تَحْيقاً ووَلَدُ الرَّجُل وَلَدُه في مَعْنًى ، ووَلَدُه رَهْطُه في مَعْنًى ، وبه فُسِّر قولُه تَعالى : { مَالُهُ *!وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَاراً } ( سورة نوح ، الآية : 21 ) .
*!وتَوَالَدُوا ، أَي كَثُرُوا ووَلَدَ بَعْضُهُم بَعْضاً ، وكذا *!اتَّلَدُوا ، *!واسْتَوْلَد جَارِيَةً . وفي حديثِ الاستِعَاذَة ( ومِن شَرِّ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ) يَعْنِي إِبْلِيسَ والشَّيَاطِينَ ، هاكذا فُسِّر ، وفي البصائرِ : يَعْنِي آدَمَ وما وَلَدَ مِن صِدِّيقٍ ونَبِيَ وشَهِيدٍ ومُؤْمِن ، *!وتَوَلُّدُ الشَّيْءِ من الشيْءِ : حُصُوله بِسَببٍ من الأَسباب .
ورجُلٌ مُوَلَّد ، إِذا كان عَرَبِيًّا غيرَ مَحْضٍ .
والتَّلِيدُ مِن العَبِيد : الذي ولِد عِنْدَك .
*!والتَّلِيدَةُ مِن الجَوَارِي : هي التي تُولَد في مِلْكِ قَوْمٍ وعِنْدَهُم أَبَوَاهَا .
وفي الأَفعال لابن القطاع : أَوْلَد القَوحمُ : صارُوا في زَمَنِ الأَوْلاَد . وأَوْلَدَت الماشِيَةُ : حان أَن تَلِدَ .
ومن المَجاز : *!تَوَلَّدَتِ العَصَبِيَّةُ بَيْنَهُم .
وأَرْضُ البَلْقاءِ *!تَلِدُ الزَّعْفَرَانَ .
واللَّيَالِي حُبَالَى لَيْس يُدْرعى مَا *!يَلِدْنَ .
وصُحْبَةُ فُلانٍ *!وِلاَدَةٌ للخيرِ .
واستدرك شيخُنَا :
*!وَلاَّدَة بِنْت المُسْتَكْفِي الأَدِيبة الشاعِرَة .
____________________

(9/329)



قلت : والوَلِيدُ جَدُّ الحافِظ أَبي الحسن عليّ بن محمّد بن عليّ بن محمد بن داوود بن عبد الله البَزَّار البُخَارِيّ ، روَى عن أَبي العَبّاس المُسْتَغْفِرِيّ ، وعنه قُتَيْبة بن محمّد العُثْمَانيّ وغيرُه .
ووَلِيدُ أَبَاد : من قُرَى هَمَذَانَ ، نُسِب إِليها جَماعةٌ من المُحَدِّثِينَ .
ومد : ( *!الوَمَدُ ، مُحَرَّكَةً : الحَرُّ الشديدُ مع سُكُونِ الرِّيحِ ) ، قاله الكسائيُّ : وقيل : هو الحَرُّ أَيًّا كَانَ مَعَ سُكُونِ الرِّيحِ ، ( أَو ) الوَمَدُ ( : نَدًى يَجهىءُ في صَمِيم الحَرِّ مِنْ قِبَلِ البَحْرِ ) مع سُكون الريح ، قال أَبو منصور : وقد يَقُ الوَمَدُ أَيَّامَ الخَرِيفِ أَيضاً ، قال : وهو لَثْقٌ ونَدًى يَجىءُ مِن جِهَة البَحْرِ إِذَا ثَارَ بُخَارُه وهَبَّت به الرِّيحُ الصَّبَا فيقَعُ على ابلادِ المُتَاخِمَةِ له مِثْل نَدَى السمَّاءِ وهو يُؤْذِي الناسَ جِدًّا لِنَتْنِ رائحتِه ، يقال : ( لَيْلَةٌ *!وَمِدٌ ) ، بٍ ير هاءٍ ، ( *!ووَمِدَةٌ ) ، وهو الأَكْثَرُ ، وذاتُ وَمَدٍ ، الأَخير من الأَساس ، وقَد *!وَمِدَ اليَوْمُ *!وَمَداً ، فهو وَمِدٌ ، وأَكثَرُ ما يُقَال في الليلِ ، *!وَمِدَت الليلةُ *!تَوْمَدُ *!ومَداً ، وقال الرَّاعِي يصف امرأَةً :
كأَنَّ بَيْضَ نَعَامٍ في مَلاحِفِهَا
إِذَا اجْتَلاهُنَّ قَيْظاً لَيْلَةٌ وَمِدُ
( و ) الوَمَدُ ( : شِدَّةُ حَرِّ الليلِ ، كالوَمَدَةِ ، مُحَرَّكَةً ) فيهما وقد جاءَ في حَدِيث عُتْبَة بنِ غَزْوَانَ أَنه لَقِيَ المُشْركينَ في يَوْمِ وَمَدَةٍ وعِكَاكٍ ، قال الليثُ : *!الوَمَدَةُ تَجِىءُ في صَمِيمِ الحَرِّ مِن قِبَلِ البحْرِ حتى تَقَع على الناسِ لَيْلاً : ( و ) من المَجاز : الوَمَدُ ( : الغَضَبُ ، ) و ( فِعْلُ الكُلِّ ) وَمِدَ ، بالكسر ، ( كوَجِل ) ، يقال : *!وَمِدَ عليه *!وَمَداً . غَضِبَ وحَمِيَ ، كوَبِدَ ، وقد تقَدَّم ، وهو عليه*! وَمِدٌ : غَضْبَانُ .
( ) ومما يستدرك عليه :
وند : *!وَنْدَادُ ، بالفتح : من قُرَى الرَّيِّ ، وكُورَةٌ في جِبَالِ طَبَرِسْتَانَ نُسِبَتْ إِلى
____________________

(9/330)


هُرْمُز *!ووَنَنْدُونُ : من قُرَى بُخَارَا .
كلّ ذالك من المعجم .
وهد : ( *!الوَهْدَةُ : الأَرْضُ المُنُخَفِضَة ، *!كالوَهْدِ ) ، وأَحسنُ من ذالك قولُ غيرهِ : *!الوَهْدُ *!والوَهْدَةُ : المُطْمَئنُّ من الأَرْض ، والمكانُ المُنْخَفِض كأَنَّه حُفْرَةٌ ، *!والوَهْدُ يكون اسماً للحُفْرَةِ ( ج *!أَوْهُدٌ ) ، كَفَلْسٍ وأَفْلُسٍ ، ( *!ووِهَادٌ ) ، بالكسر ، ( *!ووُهْدَانٌ ) ، بالضَّم ، ووَقعَ في لسان العرب بدل وِهَادٍ وُهْدٌ بِضَمّ فسكون فليُنْظَر .
( و ) الوَهْدَةُ ( : الهُوَّةُ ) تكون ( في الأَرْضِ ) ، ومَكَانٌ *!وَهْدٌ ، وأَرْضٌ *!وَهْدَةٌ كذلك ، *!والوَهْدَةُ : النُّقْرَةُ المُنْتَقرَةُ فِي الأَرْضِ ، أَشّدّ دُخولاً في الأَرْض من الغائطِ ، وليس لها حَرْفٌ ، وعَرْضُها رُمْحَانِ وثَلاَثَةٌ ، لا تُنْبِت شَيْئاً .
( *!وأَوْهَدُ ، كأَحْمَدَ : يومُ الاثْنَيْنِ ) ، من الأَسْمَاءِ العَادِيَّة ، وعَدَّه كُرَاع فَوْعَلاً ، وقِيَاسُ قولِ سِيبوَيْهِ أَن تكون الهمزةُ فيه زائدةً ( ج *!أَوَاهِدُ ) .
( *!ووَهَّدَ الفِرَاشَ ) *!تَوْهِيداً ( : مَهَّدَه ، و ) من ذالك قَولُهم ( *!تَوَهَّدَ المرأَةَ ) إِذا ( جَامَعَهَا ) ، كأَنّه افْتَرَشَها ، وهو مَجاز .
( ) ومما يستدرك عليه :
الوَهْدَةُ هي الخُنْعُبَة ، والنّونَةُ عن ابنِ الأَعرابِيّ وقال الليث : الخُمْعُبَة : مَشَقُّ ما بينَ الشارِبَيْنِ بِحِيَالِ الوَتَرَةِ .
وفي الأَسَاس . بِتْنَا في *!وَهْدَةٍ .
*!وتَوَهَّدَ : تَسَفَّلَ .
وفي معجم ياقُوت : *!وَهْدٌ اسم موضعٍ في قولِ رَجُلٍ من فَزارَةَ :
أَيَا أَثْلَتَيْ *!وَهْدٍ سَقَى خَضِلُ النَّدَى
مَسِيلَ الرِّبا حَيْثُ انْحَنَى بِكُمَا *!الوَهْدُ ==

=============

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجلد{5} النهاية في غريب الحديث والأثر لمجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (المتوفى: 606هـ)

  5. مجلد{5} النهاية في غريب الحديث والأثر   لمجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري اب...